آخر 10 مشاركات
254 - أين ضاعت إبتسامتى ؟ - كارول مورتيمر ( تصوير جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          251 - زائر الليل - كيم لورنس (الكاتـب : PEPOO - )           »          378 - جراح تنبض بالحب - ساره وود((تم إضافة نسخة واضحة جداااااااا)) (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          1051 - العروس الاسيرة - روزمارى كارتر - د.ن (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أغنية التمنيات -إيما دارسي - عبير الجديدة(عدد ممتاز) (الكاتـب : Just Faith - )           »          74 - زهرة النسيان - مارغريت بارغيتر (الكاتـب : فرح - )           »          أمِـير الأحْـلَام - فانيسَا غـرَانت - عَدَد ممتاز (الكاتـب : Topaz. - )           »          أيام البحر الأزرق - آن ويـــل -عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          اقوى من الحب - ازوكاوود - عبير الجديدة(عدد ممتاز) (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree11Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-06-16, 10:38 PM   #1

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 سراديب الخطيئة،بقلم/ خالدعبدالله ،سعودية (مكتملة)






بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

(( سراديب الخطيئة ))

بقلم/ خالدعبدالله



قراءة ممتعة للجميع ...

ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 28-06-16 الساعة 11:59 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-06-16, 06:45 AM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة إلى جميع أعضاء وزوار قهوتنا الجميلة
بعد غيبة طويلة عن كتابة الروايات، يسرني أن أعود لكم برواية بسيطة
أتمنى من الله أن تحوز على رضى ذائقتكـم العظيمة..


عنوان الروايــة: سراديب الخطيئة.
نوع الرواية: دراما/جريمة/تشويق.


*قبل سرد أحداث الرواية أود التنبيه لما يلي:

-أحداث الرواية عامة غير مرتبطة بدولة أو مجتمع محدد.
-موعد طرح فُصول الرواية، بنهاية كل أسبوع.
-أتقبل الانتقادات بصدر رحب.





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-06-16, 06:47 AM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رابط لتحميل الرواية

https://www.rewity.com/forum/t353017.html#post11387696


(1)

لم يَدُر بخلدي أن أُمسك يوماً بالقلم، وأتصرف ككاتب مشهور، يحتسي قهوته السوداء، ويعتصِر جُمجمته لأجل أن يستجلب ما بها من ذكريات، تُسعفه في تدوين مؤلفٍ يضم بين دفتيه سيرته الذاتية.
قلّبتُ بصفحات الذاكرة، ولم أجد بها غير نتنٍ يُزكِم الأنوف.. فمنذُ أن وعيت على الحياة، وقدماي عالقة بوحل الخَطِيئة، وهأنذا يوماً بعد يوم..
أغرق..
أغرق..
أغرق..
اَلِفتُ الجريمة منذُ نعومة أظفاري، ولا عجب في ذلك حيث نشأتُ وسط ظروف صعبة، دفعتني للسير قُدُماً في طريق الانحراف. ترعرعت بكنف عائلة كبيرة، تشكو الفقر المُدقع، وربُها أبٌ عربيد عاطل عن العمل، يصرفُ مُعظم الأموال التي تصلنا من الجمعيات الخيرية في شراء مُسكِر العرق، بدلاً من صرفها على إطعام عياله الجياع. الفقر، وانعدام الرقابة جعلتني كقطٍ شريد، يقضي معظم وقته بتمشيط شوارع حي الفيصلية، والذي يعتبر أبرز حاضنةٍ للمجرمين في البلد. شوارع حيّنا لا تتورع عن إلقام ثديها لصغار الأسنان، وانباتهم نباتاً سيئاً لتُفرّخ للمجتمع أفراداً غير أسوياء، من شدة جورهم، يحسبهم الناس مجرمين بالفطرة.
التّسكع في الطرقات، ومصادقة أَقذَاء الناس، قادتني للتوغل في سراديب الجريمة إلى أن غدا اسمي مألوفاً لدى الإصلاحيات وأقسام الشُرط، ووصل بي الحال لأن أكون أول مشتبه به -عند أفراد المباحث- في حال وقوع أي جناية بمنطقتنا. توزعت جرائمي بين السرقات، والسطو المسلح، وعمليات النصب والاحتيال، وولجت السجن مرات عديدة.. آخرها تم حبسي فيه لأربع سنوات، ولكن ذلك لم يردعني عن أفعالي الهوجاء، بل زادني تمرداً وكُرهاً في المجتمع، خصوصاً بعد أن نبذني أفراد عائلتي لكثرة المشاكل التي سببتها لهم. بعد خروجي من السجن، أسّست مع بعض الشُبان عصابة صغيرة كُنت رئيساً عليها. تمكنت عصابتنا من القيام بالعديد من العمليات الاحترافية، دون أن نترك خلفنا أي مُستمسكٍ يُديننا.
نَمَت تلك العصابة، وسطع نجمي بسماء الجريمة، مما جعلني محطَّ أنظار السيد غانم السبع (الذراع اليمنى للملياردير منصور الرجيب)، والذي اختارني من بين عشرات المجرمين ليمنحني شرف الانضمام إلى حاشية الشيخ منصور (على حد قوله). وجدت بعرض غانم فرصة سانحة لأختصر على نفسي صعود درجات عديدة بسُلّم الإجرام، كما أخذت بعين الاعتبار أن انضمامي لحاشية رجل غني، ذُو نفوذ وجاه، سيعطيني ظهراً قوياً أستند عليه، يكُفني مضايقات أفراد المباحث الذين يلاحقونني عند حدوث أي واقعة جنائية، لذا وافقت مباشرة على العرض.
التحقت بركب الملياردير منصور، وخلال فترة وجيزة تعلمت أن أكون آلة صماء، أنفذ الأوامر فقط، ولا يحق لي أن أسأل عن أي شيء. وتعلمت أيضاً أن أي خطأ يقع من أحد أفراد الحاشية (بقصد أو من دون قصد) سيدفع مهره غالياً، أدناه عاهة مستديمة، وأقصاه أن تُزهق روحه.
بدايتي في العمل كانت مُقتصرة على تلقي الأوامر من السيد غانم، وجُلها يقتضي قيامي بمهام دنيئة تحوم حول (الابتزاز، السرقة، الاحتيال)، وفي المقابل كُنت أحصل على أُجرة ضخمة. خلال سنة، نفذت عشرات المهام بنجاح باهر، واستطعت أن أكسب ثقة غانم أكثر فأكثر.
مع تنامي تلك الثقة، صار يُوكل لي مهاماً أصعب من السابق، وأكثر خِسّة ودناءة، وبالطبع كان العائد منها مُضاعفاً. منذُ أول يوم قررت فيه الانضمام إلى حاشية منصور، أو كما يُحب أن يُطلق عليه حاشيته وأعوانه لقب (الشيخ)، وضعت نُصب عينيّ أن أكون أحد أفراد بطانته المقربين. ظللت أعمل كادحاً لتحقيق هدفي، مُتخذاً من غانم دابة توصلني إليه.
في يوم الثلاثاء الموافق 20/2/2006 م (أي بعد مضي سنتين على عملي مع الشيخ)، لاحت في الأفق بوادر تحقيق هدفي، فعند الساعة الواحدة ظهراً، رنَّ هاتفي المحمول وكان المتصل غانم.
جاءني صوته هادراً، ونطق بكلام مُقتَضَب، مُغلفٍ بصيغة الأمر (كما هي عادته):
-حسن، الشيخ يطلب حضورك اليوم في قصره عند الساعة الخامسة.. لا تتأخر.
أقفل الخط بعد أن أتم جملته، وحينها تقافزت برأسي أسئلة عديدة:
لماذا يطلب الشيخ مقابلتي؟
هل أخطأت في أمر ما دون أن أدري؟
أم هل يريد مكافأتي على الخدمات التي قدمتها له؟
خلال فترة عملي لم يسبق لي أن التقيت بالشيخ، ولا أعرف شكله إلا من خلال صوره المنشورة في الصحف والمجلات، ومسألة استدعائه لشخصي، يُعد أمراً جللاً بالنسبة لي، مما تمخض عنه ذهولٌ تملكتني، ورعشة دبّت بأطرافي، ومعها بدأت حبات العرق تندلق من جبيني دون توقف.
مرت علي الساعات وكأنها سنوات ضوئية.
عند الساعة الرابعة عصراً، ارتديت أجمل لباس عندي، ثم أدرت مركبتي نحو قصر الشيخ منصور، والمُشيد فوق مرتفع جبلي بحي "الربيع" شمال المنطقة. بعد نصف ساعة صعدت المرتفع، وتتبعت طريقه المتعرج إلى أن لاحت لي أسوار القصر. كُلما اقتربت منه أكثر، زاد ذهولي من جمال شكله الأخاذ؛ فقد كانت جدرانه فارعة الطول، شديدة البياض، لها بريقٌ يُجهر العين، يُطوقها أشجارٌ مهذبة بأشكال هندسية رائعة. وقفت عند البوابة، وسُرعان ما تقاطر علي الحرس، وبِيد كل واحد منهم زمام كلب من نوع (الدوبرمان).
شعرت للحظات أني أمام بوابة معتقل سياسي.
بدأ الحرس بالتحقق من هويتي، وقاموا بعدها بتفتيشي بواسطة جهاز كاشف للمعادن، ثم تفرغوا لتفتيش السيارة عبر كلابهم الشرسة.
بعد عشر دقائق، تم السماح لي بولوج القصر، وكان في مقدمته حديقة غنّاء تطرب لها العين. أينما أُولي وجهي، أجد المسطحات الخضراء، والأزهار المُتفتحة التي تُبهر الرائي بطريقة تنسيقها الجذابة. شرعت رائحة الأرض الرطبة، والأزهار العابقة، بالتغلغل داخل مِنخريّ الصغيرين، ومعها انبسطت أسارير وجهي، وقلَّ ما بي من توتر. أوقفت سيارتي بالقٌرب من نافورة المياه القابعة بوسط الحديقة، ثم نزلت منها، وسِرت بخطوات ثقيلة، وكأني أنتعل حذاءً من حجر. تأملت بأسطول سيارات الشيخ، المركونة في الجهة الشمالية، ولم أعرف منها سوى (الروز رايز، البورش، المرسيدس)، ثم التفت على سيارتي وسخِرت من شكلها البائس. وقفت أمام باب القصر، وكان في استقبالي كبير الخدم (فلبيني الجنسية) يرتدي بزة سوداء أنيقة. تبسم بوجهي وتحدث معي باللغة الإنجليزية، ففغرت فمي دون أن أنطق بكلمة. فهم الخادم بأني لا أفقه الإنجليزية أبداً، فحاول الترحيب بي عبر كلمات عربية مُكسرة، ثم أدخلني جوف القصر لأزداد ذهولاً فوق ذهولي السابق، فكُل ما به يجذب العينين، دون أن يُعطيهما مجالاً لأن ترمشا للحظة.
مشيت بخطوات مُشتتة، تاركاً المجال لأنظاري بتنقيب كل شبر فيه.
كان رحباً من الداخل، جُدرانه وأرضيته من الرخام الطبيعي، وأثاثه ذو طابع كلاسيكي فخم. يضم في جنباته تُحفاً عديدة، ولوحات زيتية، تُشعرك وكأنك واقفٌ بصالة متحف عالمي.
-كأني في الجنة.
تلك العبارة كُنت أُرددها بداخلي، ومعها أزحت من فكري هدفي السابق بأن أكون أحد أفراد بطانة الشيخ، واستبدلته بهدف أعلى، وهو أن أُصبح ذراعه اليمنى، ليتسنى لي العيش في الجنة فترة أطول.
قادني الخادم إلى مكتب الشيخ، ثم تسمّرت منتصباً أمام بابه، والرهبة والارتباك تستوطنان أنحاء جسدي. قبل أن أطرق الباب، خرج -فجأة- من المكتب خالد (السكرتير الخاص للشيخ)، حاملاً بين يديه إضبارة مُتخمة بالأوراق. رمق وجهي بنظرة سريعة وقال:
-تفضل يا حسن، الشيخ بانتظارك.
ها هي أزفت ساعة رؤيته، وحان الموعد الذي كُنت أنتظره منذُ زمن.
ولجت مكتب الشيخ على مهل، أُنازع قلقاً يحاول أن يسيطر على جميع حواسي.
كانت الغرفة واسعة، تتناثر بجوانبها مقاعد جلدية فخمة، وبنهايتها مكتبٌ خشبي كبير، يجلس خلفه رجلٌ بدين، بثوبٍ ناصع البياض، ورأس محسور، يكشف عن جبهة عريضة، وشعر تساقطت مُقدمته. وجهه ممتلئ، وله أنفٌ حاد، نبت أسفله شاربٌ كثيف. سرت إلى الأمام ووقفت بالقرب من واجهة مكتبه، ثم استجمعت شجاعتي، وألقيت عليه السلام بصعوبة بالغة.
أجابني بصوتٍ أجش، دون أن يرفع رأسه عن أوراق كان ينظر فيها:
-اجلس يا حسن.
اقتعدت الكرسي، محاولاً استجماع أنفاسي، والسيطرة على وجيب قلبي. رفعت رأسي، وصرت أتبصر به وبملامحه الصارمة وهو يقرأ الأوراق. أحسست حينها بأني في حضرة ملك البلاد.
بعد دقيقة، رفع رأسه قليلاً، ثم تحدث مغمغماً:
-وصلتني أخبار عن قدراتك العالية، وجهودك المتميزة في العمل.
تحدثت بتردد:
-أأأ أنا في خدمتك يا شيخ منصور، وهدفي الأول رضاك عني.
وضع الأوراق التي كانت بيده على سطح المكتب، ثم أخرج سيجاراً كُوبياً من الدُرج، وأشعله عبر قداحة على شكل "بُرج إيفل". أخذ يمتص السيجارة بنهم شديد، ثم صار ينفث دخانها -بنشوة عارمة- إلى الأعلى:
-يُعجبني كثيراً الموظف المُتفاني في عمله..
سكت هُهنيهة، ثم استدرك قائلاً:
-نظراً لتميزك، سأكلفك بعملية تُهمني أنا شخصياً، ولا تحتمل الخطأ بتاتاً.
-أنا رهن إشارتك يا شيخ منصور.
-خلال الأيام القادمة سيتواصل معك غانم ليخبرك بتفاصيل العملية، ولكن إياك أن ترتكب أي خطأ بتنفيذها، وإلا سيكون عقابك عسيراً.
-طلباتك أوامر يا شيخ، واعتبر أن المهمة مُنجزة من الآن.
-حسناً يمكنك المغادرة.
هممت بالخروج، وعندما وصلت إلى الباب، نطق الشيخ بصوت مرتفع:
-لا تنسَ أن تمر على السكرتير، فلديه غرضٌ يخصك.
-أبشر يا شيخ.
توجهت إلى السكرتير، والذي بدوره أعطاني ظرفاً صغيراً:
-ما بداخل الظرف مكافأة لك من الشيخ.
خرجت سريعاً من القصر، ثم ركبت سيارتي، وقمت بفتح الظرف بكل شغف، ووجدت بداخله (50) ألف ريال.
ضحكت ملء شِدقيّ، ومن دون شعور، أخذت أحتضن المال وأقبله كما لو كان أحب أبنائي إليّ. زرعت تلك المكافأة إصراراً عظيماً بداخلي لأعمل بجد أكبر، وأكسب رضا الشيخ بكل وسيلة ممكنة. أثناء طريق عودتي، اِنصّب كامل تفكيري حول العملية التي تحدث عنها، وقلت لنفسي: طَلبُ الشيخ لمقابلتي، يدل على أن العملية مهمة بالنسبة له، وهذه فرصة علي استغلالها جيداً لأُريه قدراتي عن قُرب، وبذلك أقفز خطوات إلى الأمام نحو تحقيق هدفي.


تُرى ماذا سيفعل حسن بالمبلغ الذي حصل عليه؟
وما هي تفاصيل المهمة التي تحدث عنها الشيخ؟
هذا ما سنعرفه في الفصل الثاني من الرواية
تحياتي لكم.




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 29-06-16 الساعة 07:45 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-06-16, 06:50 AM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(2)

لِحاء المال بركته.
مكثتُ تلك الليلة بشقتي، أُفكر في وسيلة أصرف بها مال المكافأة. قفزت فكرة دنيئة فوق رتابة مُخيخي الصغير، مفادها يتمحور حول إقامة سهرة ماجنة بإحدى الشاليهات الفارهة.
كُنت أجد بارتكاب المعاصي لذة لا توصف، ولكن سُرعان ما تنجلي ليحل مكانها ضيق شديد، يجعلني أعود مرة أخرى لارتكاب معصية جديدة حتى أُزيح عن قلبي ما ران عليه من كدر. كان حالي وقتها كمن ينهل من ماء البحر طلباً بدفع الظمأ عن جسده.
دأبت على التجهيز للسهرة، ودعوت لها بعض أصحابي الأوباش. أنفقت على إقامتها قرابة (30) ألف ريال، جزءٌ منها ذهب ثمناً لاستئجار الشاليه، وجزءٌ آخر ذهب في ثمنٍ للمأكولات والمشروبات (بما فيها الخمور)، والباقي راح كثمن للتعاقد مع فرقة موسيقية، أحيت الليل عزفاً وطرباً، تراقص على أنغامها فتيات الليل لساعات طويلة.
انتهت السهرة مع بزوع أشعة الشمس.
غادر الجميع الشاليه بعد أن استنزفنا قِوانا باقتراف كمٍ لا بأس به من الرذائل. قُدت سيارتي برأس أثقله الشُرب والسهر، واتجهت صوب شقتي القابعة بحي الريان. شُربي للكحول، أفقدني القدرة على التركيز، وجرّاء ذلك اصطدمت بسيارة تقف عند إشارة المرور. قبل أن يخرج مالكها ليعاين الضرر الذي حلَّ بها، لُذت بالفرار قاطعاً الإشارة الضوئية، وبسرعة جنونية كي لا يتمكن من اللحاق بي، ولم أتوقف إلا أمام باب العمارة التي تقع بها شقتي. تعرضت مقدمة سيارتي لأضرار جسيمة، بلغت فاتورة إصلاحها قُرابة (20) ألف ريال.. أي أن جميع المال الذي حصلت عليه، غادرني سريعاً دون أن أستفيد منه!
بعد مرور يومين، وبينما أنا منكفئ على نفسي أقرأ الجريدة بالشقة، تنبهت على صوت رنين الهاتف. كان المتصل غانم، وطلب يومها مقابلتي في المساء بأحد المقاهي الراقية، للتحدث عن تفاصيل المهمة التي أخبرني بها الشيخ.
بعد فراغي من المكالمة، عُدت لاستكمال القراءة.
اعتاد معظم الناس على قراءة الجريدة من أولها، وهناك القليل ممن يفضلون قراءتها ابتداءً من الخلف، أما أنا فمن القلة القليلة ممن يحبون التنقل بين صفحاتها بعشوائية (كما أُدير حياتي تماماً). كُنت أقفز بعيني من صفحة إلى أخرى، متجنباً الأخبار الرسمية والمزعجة.
في الصفحة الأخيرة، استوقفني خبر يتحدث عن تبرع الشيخ منصور بمبلغ ثلاثة ملايين ريال لصالح جمعية مرضى السرطان بالعاصمة. ضحكت من الخبر، وتحدثت مع نفسي قائلاً: "لو لم أكن أعرفك على حقيقتك يا منصور، لأسميتك أمير الإنسانية".
تدحرج الوقت سريعاً واقترب موعد لقائي بغانم.
عندما دنت xxxxب الساعة من الثامنة مساءً، خرجت من الشقة قاصداً مقهى " Canova Tadolini"، ووصلت إليه قُبيل التاسعة بخمس دقائق. ركنت سيارتي المُستأجرة أمام واجهته الزجاجية، ثم دخلت المكان. اخترت طاولة مُنفردة في الركن، واقتعدت الكرسي منتظراً قدوم غانم. بعد قليل، دخل المقهى مُرتدياً ثوباً من الصوف الخالص، وغترة بيضاء كاللبن، حاملاً بيده اليسرى هاتفه المحمول، ويداعب بأصابع يُمناه خرزات مسبحته المصنوعة من العاج. أخذ يتلفت بوجهه العابس في كل الاتجاهات، وصار يرمق بوجوه الزبائن، فرفعت يدي ملوحاً له، وعندما انتبه، أقبل نحوي بخطوات بطيئة.
وقفت من على الكرسي وصافحته بوجهٍ تعلوه ابتسامة صفراء.
جلسنا معاً، ثم اشرت للجرسون، وجاء سريعاً حاملاً معه قائمة المشروبات. القينا نظرة عليها، واتفقنا على أن نطلب "قهوة تركية". سجل الجرسون الطلب، ثم غادرنا في الحال.
عندما التقينا، كان غانم كعادته، يتحدث بنبرة لا تخلو من التعالي وبجملٍ مباشرة. هندامه الجميل، وأسلوبه المُتخمر بالغطرسة، يُشعرني لمرات بالدونية. يتلذذ بين الفينة والأخرى باستفزازي، وما أن أنفر عنه، يعود ليطبطب على خاطري عبر كلماته المواربة، والتي حفظتها عن ظهر قلب.
بين ثنايا الأحاديث ألقى علي سؤالاً:
-كيف كانت سهرتك الحمراء قبل يومين؟
هطلت علي جيوش الدهشة دفعة واحدة بسبب سؤاله الغير متوقع، فموضوع السهرة لم أخبر به أحداً غريب، وكون غانم عرف بخبرها، فهذا يعني أنه يراقب تحركاتي بدقة متناهية. طرحه لذلك السؤال، كان رسالة مباشرة يريد أن يُوصل من خلالها بأني تحت سيطرته طوال الوقت.
حاولت أن أضبط مشاعري وأجبته بابتسامة:
-ما دمت عرفت بخبر السهرة، فلا بُد أنه وصلك كل ما دار بها، وتستطيع أن تحكم بنفسك كيف كانت.
ضحك بسخرية:
-أرى أنها كانت جميلة، ولم يُعكر صفوها سوى حادث وقع بشارع "الأعشى" عند الساعة السادسة صباحاً.
استمر غانم بسكب جُمله المُستفزة نحوي، وأوشك الغيظ حينها أن يفتك بي. تمكنت بمشقة من التحكم بأعصابي، وإمساك لساني عنه، مغبة أن ينزلق في ردود لا تُحمد عواقبها. لذا توزعت ردات فعلي بين صمت عميق، وابتسامة باردة.
عاد الجرسون حاملاً معه كوبَّي القهوة، ثم وضعهما بلباقة على الطاولة وغادر سريعاً.
أخذ غانم رشفة من الكوب، ثم قال:
-طلبت مقابلتك اليوم لأتحدث معك عن عملية جديدة تُهم الشيخ، ولم نجد أنسب منك للقيام بها.
أخرج غانم من جيبه صورة فوتوغرافية، ثم ألقى بها على سطح الطاولة، وتحدث بصوت تفوح من نبراته رائحة الأمر:
-أنظر للصورة.
أمعنت النظر بها أثناء ارتشافي القهوة.
كانت لشاب وسيم، يجلس على كرسي، ويرتدي بزة أنيقة تدل على أنه من عائلة ثرية.
قُلت مُستفسراً:
-من هذا؟
-اقلب الصورة لتعرف.
كُتب على ظهرها اسم الشاب بالكامل، وعنوان سكنه، ومكان عمله.
-وماذا تريدون أن أفعل به؟
قبل أن يُجيبني استدركت قائلاً:
-هل تريدون أن أسرقه؟ أم هل تريدون أن أحتال عليه؟
رد غانم بعد أن مسح جانب أنفه بأحد كفيه:
-لا لا.. هذه المرة نريد منك أن تقتله (لم يذكر كلمة "القتل" بشكل صريح، ولكنه عبَّر عنها من خلال تمرير يده على رقبته وكأنها شفرة سكين).
نطقت بصوت خفيض لا يكاد يُسمع:
-تريدون أن أقتله!!
-نعم.
تحدثت وأنا أهرش رأسي مُتعجباً:
-غريب!!
-ما الغريب؟
-لماذا اخترتني بالذات لتنفيذ هذه المهمة؟.. فلديك رجال قَتَله، قادرين على إزهاق روح هذا الشاب، وتقطيعه إرباً إرباً دون أن يجفل لهم قلب أو يرف لهم جفن!
-أعلم أنك تستخدم عقلك أكثر من عضلاتك، وأن عمليات القتل ليست من اختصاصك..
تحدثتُ بحماس:
-إذاً لماذا اخترتني؟
-لأن قتل هذا الشاب لا يتطلب عُنفاً وقوة، بل ذكاءً وخفة.
-هلاّ وضحت أكثر!!
-نُريد منك أن تراقبه، وتفكر في إيجاد خطة مناسبة لقتله بحيث تبدو الحادثة كأنها وفاة طبيعة.
-امممم فهمت الآن..
-إن تمكنت من تنفيذ العملية على أتم وجه، ستحصل على مبلغ (200) ألف ريال، وإن ارتكبت أي خطأ طفيف..
قاطعت غانم:
-سأتعرض لعقاب عسير.
ضحك باستهزاء، ثم صفق بيديه:
-برافو، ها أنت تحفظ الدرس جيداً.
انتهى اللقاء بعد أن طلبت من غانم مهلة لمراقبة الهدف، والبحث عن طريقة مناسبة لقتله، ووعدته بالاتصال عليه في الأيام القادمة.
كاد الفضول حينها أن يُمزق أحشائي.
كُنت أتمنى أن أعرف السبب الذي يجعل الشيخ يدفع أموالاً طائلة من أجل قتل شاب في مقتبل عمره، وبطريقة غير تقليدية. لكن للأسف اعتدنا على تنفيذ المهام المطلوبة دون أن يُسمح لنا أن نسأل عن الأهداف المنتظرة من ورائها.
من الغد، بدأت في مراقبة الشاب ومتابعة تحركاته خطوة بخطوة. بعد ثلاثة أسابيع، تمكنت من تدوين بعض الملاحظات، ثم وضعت تصوراً مبدئياً لكيفية التخلص منه بطريقة لا تدعو للريبة.
التقيت بغانم في مكان عام، وعرضت عليه الخطة وكانت وفق التالي:
"من خلال مراقبتي للشاب، لاحظت بأنه يحب قراءة الكتب، وفي كل أسبوع، يخصص لنفسه يوماً يخرج فيه لوحده إلى أحد المقاهي الراقية، يقرأ بفنائه كتاباً، ويحتسي كوباً من القهوة الأمريكية. بناءً على ذلك، فإن أفضل طريقة لقتل الشاب هي دس السُم بكوب قهوته دون أن ينتبه".
بعد أن استمع غانم للخطة تحدث بقوله:
-أنا لن أسألك عن كيفية دسك للسُم بكوب القهوة، لأني أعرف مدى خفية يديك، والتي تمكنك من فعل أي شيء دون أن يلاحظك أحد. لكن سأسألك عن طريقة القتل، فالأطباء.. ومن خلال فحص بسيط، سيكتشفون أن الشاب مات مسموماً، وهذا ما لا نريده…
قاطعت غانم:
-أعلم بأنكم تريدونه أن يموت بطريقة لا تدعو للشك..
-إذاً لماذا تريد تسميمه!!
-هل تعرف سائل الثاليوم؟
-…………
-سائل الثاليوم سُم خطير، يستخلص من عشبة بحرية نادرة، وميزته أنه كالماء؛ لا لون له، ولا طعم، ولا رائحة. بعد دخوله جسم الإنسان، يبدأ في العمل على مهل بتدمير أجهزته الداخلية وأهمها الدماغ حتى يقضي عليه خلال فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر.
-أفهم من كلامك أن هذا السم لا يترك أثراً في الجسم؟
-صحيح، والأطباء سيقررون بأن الوفاة طبيعية.
ضحك غانم ضحكة خافتة قبل أن يقول:
-خُطة محكمة. سأبلغ الشيخ وفي حال اقتناعه بها، سأخبرك لتبدأ بتنفيذها.
تحدثت مُتأففاً:
-قبل أن تخبره، هناك مشكلة صغيرة قد تعيق تنفيذ العملية.
-وماهي.
-سُم الثاليوم نادر في العالم، وقيمته مرتفعة بالإضافة إلى أن عملية تهريبه إلى هنا صعبة جداً.
رد غانم بتبرم:
-يبدو أنك إلى الآن لا تعرف من هو الشيخ منصور..
ثم نهض من مكانه وتحدث بنبرة فخر واضحة:
-الشيخ منصور باستطاعته أن يجلب أي شيء يريده، حتى وإن كان في أقاصي الأرض وبغضون ساعات.
انفض لقاؤنا، وبقيت منتظراً توجيهات غانم.
أُعجب الشيخ بالخطة التي رسمتها، ومباشرة أصدر أوامره لأعوانه للسعي بتوفير ذلك السم. خلال أسبوعين، وصلتني كمية بسيطة منه، وعندها بدأت في الاستعداد لتنفيذ المهمة المطلوبة.

هل سينجح حسن في تنفيذ خطته؟
هذا ما سنعرفه في الفصل الثالث من الرواية
تحياتي لكم.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-06-16, 06:51 AM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(3)

كان صوته ينخُر داخلي:
-أنت ولد سيء، ولا تُحسن فِعل شيء.
حينما كُنت صغيراً، تشبعت أُذناي بسماع تلك العبارة من لسان أبي. مضت السُنون، وتأكدت فعلاً من صحة نصفها الأول فقط، لأني -للأسف- خالفت نصفها الآخر بإتقاني فعل الأمور السيئة بشكل احترافي.
بإحدى مساءات شهر مارس، بقيت خارج أسوار مقهى " lenotre paris" مُنتظراً قدوم ضحيتي. خلال ربع ساعة، وصل الشاب المطلوب على متن سيارته المرسيدس، وتوقف بها أمام باب المقهى. ولج المكان بخطوات هادئة، فقمت مباشرة باللحاق به. اقتعد إحدى الطاولات المُنعزلة، وفي الحال فضلت الجلوس على الطاولة المقابلة له. حضر الجرسون وسجل طلبينا، ثم بقيت أنتظر عودته لأكمل تنفيذ الخطة. عاد الجرسون بالقهوة، وحينها قام الشاب بتحسس جيب بنطاله، وأخرج منه علبة سجائر وقدّاحة. أشعل سيجارة، ثم وضع القدّاحة على سطح الطاولة، وأخذ يُدخن تارة، ويشرب من القهوة تارة أخرى.
كُنت أتحين تلك الفرصة لأُنجز المهمة. أخرجت من جيبي علبة سجائر، سحبت منها واحدة وضعتها في فمي، ثم قمت من مكاني متجهاً إلى الشاب. عندما وقفت أمامه، طلبت بلباقة منه أن يُعيرني القدّاحة لأشعل سيجارتي، وحينما همَّ بذلك، دسست له السُم في كوب قهوته، بواسطة إبرة صغيرة، خبأتها بطريقة احترافية داخل علبة السجائر التي كانت بيدي. شكرته، ثم عُدت لمكاني، وصرت أرقبه وهو يشرب قهوته بلذة وابتسامة، وتذكرت حينها قول الشاعر: "رُب امرئ حتفه فيما تمناه".
بعد شهرين ونيف، نُشر بالجرائد خبر وفاة الشاب "ماجد" الابن البكر للكاتب الصحفي الشهير "عادل حمد"، إثر تعرضه لسكتة دماغية.
ماجد كان ضحية الشيخ، وكنت أنا الأداة التي استخدمها لقتله، والثمن عبارة عن (200) ألف ريال قبضتها من يد غانم في حديقة عامة بالحي الذي أسكنه.
عُدت راجلاً إلى الشقة، وخلال الطريق توهمت بأن جميع المارة ينظرون نحوي، وكأنهم يعلمون بأني قاتل ماجد. عند الساعة الخامسة عصراً، وبينما أنا مستلقٍ على السرير، مُشبكاً يدي تحت رأسي، فاتحاً باب خيالي على مصراعيه، أُفكر بالمبلغ الضخم الذي أصبح بحوزتي، محاولاً إيجاد طريقة للاستفادة منه، رنَّ فجأة جرس الشقة رنّات متتابعة.
نهضت من على السرير، وتوجهت إلى الباب:
-من الطارق؟
جاءني صوت خافت من خلف الباب:
-افتح يا حسن..
لم يكن صوته غريباً على مسامعي.
قُلت محدثاً نفسي: هذا الصوت أعرفه.. نعم أعرفه..
فتحت الباب، ووجدت أمامي شخصاً لم أره منذُ سنوات طويلة.
كأن جسده كان مُحنطاً.
هو نفسه.. لم تعبث السنوات بملامحه الهادئة، وظل محتفظاً بكل تفاصيله كما كان في آخر مرة رأيته فيها بحي الفيصلية. ها أنا أشاهد وجهه الضامر، وحاجبيه المقطبين، ونظرةُ الضعف التي نادراً ما تفارق عينيه.
ذلك الزائر كان شقيقي الأصغر "خالد" الذي لم أره منذُ ست سنوات، وتحديداً بعد أن طردني أبي من المنزل إثر خلاف عائلي حاد.
استقبلته مُرحباً، ولممته إلى صدري بحضنٍ بارد. أدخلته الشقة، ومكثنا بغرفة استقبال الضيوف.
بعد أن ضيفته، سألته قائلاً:
-كيف استطعت أن تعرف مكاني؟
أجابني بهدوء:
-من سأل ما ضاع.
-كيف حال أبي وأمي وبقية إخوتي؟
-لو كان حالهم يهمك لما قطعتهم.
اندلق لساني بذرف الاعتذارات:
-أنا لم أقطعكم طوعا. أبي هو من طردني من البيت، وتَذكر جيداً أني حاولت الرجوع أكثر من مرة، لكنه وقف أمامي كالجدار وحال بيني وبينكم.
-أبي لا يُلام على ذلك، ففي تلك الفترة سببت لنا مشاكل لا حصر لها.
وضعت فنجان القهوة على الطاولة وقلت بحماس:
-من أوصلني لتلك الحالة هو أبي وتربيته السيئة. أنسيت شربه للخمر؟ وكيف كان يدخل علينا البيت مُترنحاً بجسده، مُستلاً لسانه ليقذفنا بأقذر الألفاظ، أم نسيت ضربه المُبرح على أجسادنا الضعيفة!!
اشتد النقاش بيننا، وأصبحنا نتصارع بالكلمات حتى غدينا كديكين يتشاركان العيش بقنٍ واحد. طال الحديث دون أن يقتنع أحد منا برأي الآخر.
خطر ببالي أن أفض ذلك النقاش العقيم وقلت:
-أغلق هذا الموضوع، وأخبرني عن السبب الذي جعلك تبحث عني.
تصلب خالد في مكانه دون أن ينطق بكلمة، وبدأت الهواجس تموج داخله دون هوادة.
لكزته مع جانبه محاولاً حثه على الكلام:
-ما بالك وكأن لسانك أكله القط!
أجابني بصوت مُنكسر:
-أُمنا مريضة وحالتها حرجة.
أخبرني أن أمي مصابة بسرطان في الرئة، وعلاجها يتطلب إجراء عملية بأسرع وقت. السبب الذي قاد أخي للمجيء، هو عدم قدرتهم على دفع تكاليف العملية والبالغة (80) ألف ريال. لم أتوانى للحظة عن المساعدة، وطلبت من خالد المضي في إنهاء إجراءات العملية، وتعهدت له بدفع كافة تكاليفها.
رفض خالد طلبي مُتحجِجَاً بأنه لا يريد علاج أُمنا بأموال غير حلال. وبرغم محاولتي إقناعه بأني أعمل في وظيفة شريفة بشركة الشيخ منصور، وأن جميع أموالي مصادرها معلومة إلا أنه أصر على رأيه.
حاولت أن أجد حلاً مناسباً للمشكلة، واقترحت عليه أن أتواصل مع الشيخ كي يتوسط لنا عند المسؤولين بالمستشفى العسكري (أفضل مستشفى حكومي بالعاصمة) لقبول حالة أمي، وبذلك يكون علاجها على نفقة الدولة. وافق خالد على مضض، ثُم خرج من عندي بعد أن وعدته بالاتصال عليه.
كثفت من اتصالاتي بغانم من أجل أن يتواصل مع الشيخ، ليستخدم نفوذه وعلاقاته في إدخال أمي للمستشفى العسكري. بعد أسبوع حصلت على الموافقة أخيراً، وقمت مباشرة بالاتصال بخالد لأبشره بذلك:
-أُبشرك يا خالد.. تم قبول حالة أمي بالمستشفى العسكري.
أجابني بنبرة صوت حزينة، يخالطها نشيج:
-أمي ماتت اليوم..
فاجعة وفاة أمي، خلقت بداخلي ندماً وحسرة، ولكنها لم تستفز مدامعي على الهطول. حُزني كان نابعاً من شعوري بالتقصير معها، أكثر من كونه حزناً على فراقها.
منذُ أن كُنت صغيراً وأمي تصمني بالمُفسد، ودائماً ما تُحملني مسؤولية وقوع أي مشكلة في البيت. غالباً ما تأمرني بالخروج للعب في الشارع كي تتخلص مني، ومن الأذية التي كنت أسببها لها.
اِنتقلت مشاكساتي من حياض البيت، وتفرقت على شوارع الحي وسكانه. بكل يوم، يطرق باب بيتناً أحد الجيران، ليسكب شكواه بمسامع والِدايّ، فمنهم من شججت رأس ابنه بالحجارة، ومنهم من حطمت مصابيح سيارته، ومنهم من تسببت في نفوق دجاجه. كُنت أدفع ضريبة تلك الشكاوى غالياً، فغالباً ما يصُب والداي جام غضبهما على جسدي الناحل. يفضل أبي معاقبتي بالضرب، تارة عبر عقاله الثخين، وتارة عبر عصاً من الخيزران (ملفوفٌ بأعلاها شريط لاصق حتى لا تنزلق من يده أثناء الضرب). أما أمي، فتفضل حبسي بالحمّام لساعات طويلة.
بين تلك التقلبات المريرة، المتمثلة بالألم الجسدي الذي عانيته من ضرب أبي، والألم النفسي الذي عانيته من اضطهاد أمي، أصبحت أجد صعوبة بالغة في النوم. ما أن أغفو قليلاً حتى تتلقفني الكوابيس المزعجة، وسرعان ما أتقزمُ أمامها. يتراءى أمامي مخلوقات مخيفة، تحاول ملاحقتي والنيل مني، ومعها يتفصد العرق من جبيني، وأُحس بضيق عظيم جاثم على صدري، وغالباً ما تنتهي تلك الكوابيس بصرخة أُطلقها حين أصحو فزعاً، أو حين أشعر ببلل طافح يُغطي فراشي.
قسوة القلب، وانغماسه بارتكاب المعاصي.. كان كفيلاً بأن أتخلص من ذكرى وفاة أمي بسرعة، وعُدت بعدها لاستكمال جرائمي وكأن شيئاً لم يكن.
*****


بعد أن أتممت أربع سنوات، استنزفت أيامها في خدمة الشيخ وتنفيذ أوامره، حدث لي أمرٌ لم يكن بالحسبان. عُدت ذات مساء إلى شقتي، وما أن وضعت أقدامي بداخلها حتى تقاطر علي خمسة رجال من داخل الشقة، وقاموا بمهاجمتي، ثم سعوا بتقييدي على أحد الكراسي الموجودة في الصالة. بدت وجوههم غريبة، واستشفيت منها أنهم مجرمون متمرسون. قام رئيسهم بشتمي، ثم أشار بسبابته لواحد منهم، فعمد سريعاً بتوجيه عدة لكمات إلى بطني. بدأت أئن من الوجع، وصرخت قائلاً:
-ماذا تريدون يا كلاب!!
ضحكوا جميعاً، ثم قال رئيسهم بصوت غليظ:
-إن لم تكن مُطيعاً، سنصنع من لحمك مأدبة عشاء للكلاب.
عُدت مرة أخرى وقلت بصوت أقل حدة:
-من أنتم؟ وماذا تريدون مني؟
أجابني أضخمهم:
-يبدو أنه أصبح مطيعاً يا زعيم..
قال الرئيس وهو يُخرج مسدسه:
-ليس مهماً أن تعرف من نحن.. المهم أن تكون مطيعاً، وتنفذ أوامرنا أو ستفقد حياتك.
بعد حديث قصير مع رئيسهم، علمت بأنهم يعملون لحساب الشيخ وليد الخالد (العدو اللدود للشيخ منصور)، ويردون مني أن أعمل كجاسوس لهم عند الشيخ، وأقوم بنقل جميع أخباره إليهم من أجل الإطاحة به، والثمن كان عبارة عن ثلاثة ملايين ريال.
رفضت ذلك العرض، ومباشرة انهال علي اثنان منهم وأوسعاني ضرباً، ثم خاطبني رئيسهم بعد أن وضع فوهة مسدسه على رأسي:
-اِقبل العرض أو ستموت الآن.
كُنت أعلم يقيناً أن طريق الشر الذي سلكته منذُ سنوات، سيوصلني إلى نهاية مريعة. هأنذا يتم تخييري بين أمرين أحلاهما مُر. إن وافقت على عرضهم سيقتلني الشيخ منصور عاجلاً أم آجلاً، وإن رفضت سيقتلني ذلك المجرم بمسدسه.
تجمد الدم في عروقي، وبدأت رائحة العرق تنداح من أنحاء جسمي، وأصبح لساني ثقيلاً كالصخر.
صرخ رئيسهم بصوت حاد:
-سأعد إلى الخمسة وإن لم تنطق بالموافقة، سأفجر رأسك في الحال.

هل سيوافق حسن على طلبهم من أجل إنقاذ حياته؟
هذا ما سنعرفه في الفصل الرابع من الرواية
تحياتي لكم.


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-06-16, 06:53 AM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(4)

يبدو أن قرار قتلي قد نضُج برأسه.
عجز لساني عن الكلام من هول الموقف، وانتظرت حينها تطاير شظايا رأسي عبر ضغطة زناد من مسدسه.
ضغط الرئيس على الزناد ولكن رأسي ما زال سليماً في مكانه!!
نعم ما زلت حياً، فالمسدس كان فارغاً من الرصاص!!
بعد أن عشت دقائق تحت وطأة ضغط نفسي مريع، ضحك رئيسهم ببرود، ثم أخرج هاتفه المحمول واتصل بشخص ما وقال له:
-حسن نجح في الاختبار يا شيخ.
فقدت نصف عقلي جراء ذلك الضغط النفسي الرهيب، وكدت أن أفقد بقيته بسبب خُدعة المسدس، والجملة التي تفوه بها.
أنا نجحت في الاختبار!
عن أي اختبار يتحدث!
ما ذلك الكلام الفارغ!
بعز ذهولي، قرّب الرئيس هاتفه إلى أُذني، وقال: "هناك من يريد أن يتحدث معك".
-مبروك يا حسن لقد نجحت في الاختبار، وأثبت لي اليوم أنك شخص ثقه، لا تبيع وليّ نعمتك لأجل حُفنة من المال.
لم تُصدق أُذناي ما سمعت!!
تملكتني حالة من الدهشة، ثم استدركت ببطء شديد أن من كان يتحدث معي هو الشيخ منصور!، وأن الرجال الذين هاجموني، وجميع ما وقع عبارة عن تمثيلية، كتب أحداثها بنفسه لأجل أن يختبر أمانتي وولائي له قبل أن يقربني إليه.
انزاحت تلك الغُمة المُفزعة، تاركة بداخلي إحساساً بأني كائن معطوب، تنطلي عليه الخدع بسهولة. ظللت لسنوات، أبتدع الأفكار لأحتال على الناس، وجاء اليوم لأشرب فيه من نفس الكأس.
قام الرجال بحل وثاقي، والاعتذار عما بدر منهم. برغم مرارة الموقف إلا أنه نَكَت بقلبي فرحة لا توصف، لأن الشيخ تأكد من ولائي له، مما يعني بأني سأحظى بمعاملة خاصة وامتيازات جديدة، وهذا ما حدث فعلاً.
*****


أطلق علي الشيخ لقب "الشاطر حسن" لإعجابه بقدراتي، ولتميزي في تنفيذ المهام الموكلة لي بكل دقة وحرفية. لذا قربني إليه، وأصبحت كثيراً ما أتواجد معه بالأمكنة التي يحل بها. مكوثي الطويل بالقرب منه جعلني أعرف عنه أشياء لم أكن أتخيلها.
ابتدع الشيخ لنفسه وجهين كحال أوراق العملات، فأمام عائلته والمجتمع هو الأب الحنون، ورجل الأعمال الناجح، النقي، الكريم، نصير المحتاجين. وأمام حاشيته والمقربين منه هو الرجل المتسلط، المجرم، المنافق، المغرور، الذي لا يتوانى عن فعل أي شيء من أجل تحقيق مصالحه الشخصية. يضم بين فكيه لساناً بذيئاً لاَ صِنوَ له سوى أفعاله النتنة، ويحمل بين ترائبه قلباً أقسى من حجر الرحى، لا يدل مسلكاً للشفقة والرحمة. على الرغم من شدة فجوري، إلا أني حينما أقارن نفسي به أشعر كأني زاهد مُتعبد. شخصيته تحمل صفات غريبة، ومتناقضة في آن واحد. له كاريزما قوية، ويمشي شامخاً بخطوات ثابتة. يتكلّم أمام الجميع بما فيهم الأشخاص الغرباء بكل فخر وطلاقة، ويحرّك يديه كثيراً فلا يبدو جامداً متصلّباً. مزاجه حاد ومتقلب، ويصعب التكهن بِردات فعله عند حدوث أية موقف. جميع العاملين عنده، لا يستطيعون النظر إلى عينيه من شدة هيبته، ويكتفون بإنزال رؤوسهم نحو الأرض، ومحاولة السيطرة على الارتعاش الذي دبّ بأجسادهم. إن رضي على شخص، أعطاه أضعاف ما يستحقه، وإن سخط عليه، زلزل الأرض من تحته، وأذاقه العذاب بشتى صوره.
تتكون عائلة الشيخ من (3) أفراد. زوجته "سارة"، وابنه "ياسر"، وابنته "الجوهرة"، وجميعهم يسكنون بقصره الكائن في حي الربيع، ولا يعلمون شيئاً عن أفعاله المشبوهة. له أُمٌ مُسنه، تعيش معهم بالقصر، وهو بارٌ بها لدرجة لا توصف حتى أنه سمى ابنته على اسم أمه. يُحب الشيخ عائلته، ولا يسمح لأحد المساس بهم ولو بالكلام. حرص كثيراً على تعليمهم، فابنه ياسر خريج جامعة هارفارد العالمية، أما ابنته فلا زالت تدرس الطب بجامعة المعالي (أعرق جامعة في العاصمة).
*****


ثمة أمورٌ حقيرة تُدار من تحت الطاولة.
اكتشفت تلك الفترة أن هناك حياة أخرى لم أكن أعرفها، وأن ثمة أمور تقع تحت الستار أجهل تفاصيلها. يحدث داخل أسوار القصور الشاهقة، والمنتجعات الفارهة، والشركات الضخمة، أفعال قذرة، مُقززة، لا تمت للإنسانية بصلة. هناك تسقط التعاليم، والقيم، والأخلاق، ويصبح لكل شيء ثمن، والغلبة لمن يدفع أكثر.
اعتاد الشيخ بنهاية كل أسبوع على إقامة سهرة ماجنة بمنتجعه الضخم المسمى بالنورس. ذلك المكان أشبه ما يكون بأرض الأحلام، فهو مبني على مساحة تُقدر بعشرة آلاف كم²، ويُطل مباشرة على البحر. يضم المنتجع غُرفاً لا حصر لها، ووسائل عديدة للترفيه، منها: مسبح واسع، نادي للفروسية، ملعب للتنس، ملعب للغولف، صالة للبولينج، وقاعة للسينما.
أغلب المدعوين للسهرة من وجهاء المدينة، وأصحاب المناصب الكبيرة، ولمن تربطهم مصالح مشتركة مع الشيخ. داخل حياض المنتجع، تُباح المحرمات وتحرّم المباحات. شُرب الخمر، الرقص، الزنا، الشذوذ الجنسي، لعب القمار، أهون المنكرات التي تُفعل هناك، أما أعظمها، فهو ما يحدث بداخل غرفة الاجتماعات القابعة بآخر مبنى بالمنتجع. يلتف حول طاولة الاجتماعات جميع الشخصيات المهمة، ويرأسهم الشيخ منصور. في تلك الغرفة، تُعقد صفقات سوداء بملايين الريالات، تحوم معظمها حول بيع المخدرات، عمليات غسيل الأموال، الاتجار بالأسلحة، عمليات القتل والاغتيال، تهريب الذهب والألماس.
يُقدر عدد العاملين في المنتجع بالمئات، وينقسمون إلى عدة طبقات مختلفة. فهناك الطبقة الدنيا وهم: الخدم، الطهاة، السقاة، الحرس، ثم يأتي من بعدهم الطبقة الوسطى وهم: مديرو طاولات القمار، المغنون، القوادون، فتيات الليل. بعد ذلك تأتي الطبقة العليا وهم: المنضمون، متعهدو الحفلات، المدراء، البودي جاردات.
مخالطتي بالحضور، مكنتني من تكوين صداقات مع بعض الشخصيات الشهيرة في المجتمع، وعرفتني بأنهم عبارة عن نُسخ مُكررة من الشيخ لكن بجودة أقل. أنا لست ببعيد عنهم، ولا أزكي نفسي مطلقاً، ولكني -على الأقل- لا أُنافق مثلهم، وسفالتي ظاهرة للجميع من دون تورية.
من الشخصيات التي تعرفت عليها "علي أحمد جابر" الكاتب الصحفي بجريدة الصفوة، وصاحب الزاوية الأسبوعية (صوت المواطن). علي لا يعدو كونه مُرتزق، يبيع ضميره لمن يدفع أكثر. أشترى الشيخ قلمه قبل سنوات مضت، وأصبح يكتب ما يُمليه عليه تماماً. من يقرأ مقالاته، يظن بأنه رجلٌ صالح، يسعى لخدمة الوطن والمواطنين، ومن يشاهد أفعاله بالمنتجع، يمسك رأسه من هول الصدمة.
تعرفت كذلك على المحامي "عمر قاسم"، الذي يعمل كمستشار قانوني للشيخ. عمر محامي فاسد، متغطرس، يستغل خبرته القانونية بإيجاد ثغرات في النظام، تُمكنه من كسب القضايا التي يترافع عنها. يحب الظهور في التلفزيون وعلى صفحات الجرائد، وبسبب شغفه الزائد بالضجة الإعلامية، يحرص على قبول الترافع عن المتهمين بقضايا الرأي العام، ليمنح نفسه مزيداً من البروز والشهرة.
من الشخصيات العجيبة التي صادقتها، الشاعر المعروف "عيد بن مطلق". أغلب القصائد التي يكتبها عيد، يتحدث فيها عن عزة النفس، الفخر، الشجاعة، ويلقيها بأسلوبه الحماسي الشهير الذي عُرِف به. المضحك في الأمر أن ذلك الشاعر لا ينطبق عليه أي صفة من الصفات التي يمدح بها نفسه، فهو شاعر جبان، ذليل النفس، لا يكف عن تقبيل أيدي الشيوخ، ومدحهم بأبيات طويلة، من أجل أن يعطوه مبلغاً من المال، كما أنه يبيع بعض قصائده لمشاهير لا يفقهون شيئاً في الكتابة.
داخل المنتجع، تسلّل إلى قلبي شعور خفيّ، استحوذ على كافة مشاعري، ولم أستطع صده البته. وقعت في الحب وشراكه.. حيث تعلق قلبي بفتاة تعمل في قسم العلاقات العامة تُدعى مايا (لبنانية الجنسية). تميزت مايا عن قريناتها بأنها تجمع بين جمال الشكل وجمال الروح. كنت أعتبرها أميرة فاتنة، وكلما لمحتها مُقبلة نحوي قُلت بهمس: ها هو العيد أقبل.
كانت علاقتي بها أكثر من رائعة، وما أن أتحدث معها لدقائق معدودة، يُشع وجهي بهجة وسرور. تعلقي بها زاد يوماً بعد يوم، وحبها عشعش في حنايا روحي، وجعلني أنتظر لقياها بشغف كل أسبوع. التمست منها بوادر إعجاب بي، وفكرت حينها بإيجاد طريقة أستطيع من خلالها إيصال مشاعري لها.

كيف سيوصل حسن مشاعره لمايا؟
وهل هي تبادله نفس المشاعر؟
هذا ما سنعرفه في الفصل الخامس من الرواية
تحياتي لكم.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-06-16, 06:55 AM   #7

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(5)

لم أكن أعلم أن الحب لصٌ أيضاً، ووضيع أحياناً.
يتسلل قلوبنا بخفة، ويختلسنا من أزقة الحياة، ثم يُحلق بنا عالياً، وفجأة يذرنا مُعلقين بين السماء والأرض ويهرب.
بإحدى ليالي سهراتنا الصاخبة، بدأت أتنقل بعينيّ بين وجوه النساء، بحثاً عن وجه مايا بينهم. لم أجد لها أي أثر، وكأنها مُكعب سُكرٍ أُلقي به في كوب ماء ساخن. خرجت من القاعة، وشرعت بالبحث عنها في الممرات والغرف بقلب أُمٍ ثَكلى. قادتني قدماي لغرفة مُنعزلة بالدور الثاني، وما أن اقتربت منها حتى سمعت صوتاً خافتاً بدا لي أنه صوت مايا.
دعاني الفضول لأن أسير بِتؤدةٍ ورفق إلى أن وصلت الباب، ثم صَعَرت وجهي لليمين، وألصقت أُذني على سطحه، لأحاول أن أتأكد ما إذا كان الصوت الصادر من الغرفة يخص مايا.
صدق حدسي، وكانت هي صاحبة الصوت.
ظللت أسترق السمع، واستوقفتني جملة نطقت بها:
-بطارية هاتفي على وشك النفاذ، فأرجو أن تختصر كلامك.
تبيّن لي من الجملة أنها تتحدث إلى رجلٌ مجهول عبر هاتفها الخليوي. كان موقفاً غريباً، وتداعت بأسبابه أسئلة كثيرة بداخلي:
من هو الشخص الذي تتحدث معه مايا؟
ولماذا فضلت مهاتفته بمكان منزوٍ عن الحضور؟
كُنت أبحث عن إجابات توقف تدفق سيل الأسئلة برأسي، وقبل أن أتوصل لشيء، عادت مايا لتنطق بجملة أخرى. جملة حارقة، اشتعل على إثرها جسدي، وصرت كالمحموم أو كمن تنازعه روحه عند الخروج.
قالت:
-حسن أصبح كالخاتم في يدي، وقريباً ستسمع عنه أخباراً تسرك.
كدت أن أقع من طولي من هول ما سمعت، وبدأت الهواجس تتقاذفني يمنة ويسرة. لم أُصدق أن مايا اللطيفة، الحنونة، التي أحببتها بصدق، تتآمر مع الغير من أجل الإطاحة بي!!
أنهت مكالمتها، وبلمحة بصر، غادرتُ المكان حتى لا تعلم باكتشافي لمخططها الخبيث.
عُدت إلى الصالة بقلب أُضرمت به نار لا تنطفئ.
أخذت زجاجة خمر من البار، ثم توجهت إلى الحديقة وظللت أنهل من فمها مباشرة حتى صار جسدي –من شدة السُكر- يتمايل كأنه ساق سنبلة تتلاعب به الريح. كُنت أريد أن أهرب إلى عالم اللاوعي، محاولاً ابتلاع تلك الحقيقة المؤلمة ولو لساعات قليلة.
من الغد، بدأت أُفكر جدياً بالموقف.
في بادئ الأمر، تمنيت لو أني لم اتنصت عليها حتى لا أتعرض لصدمة عاطفية كما حدث لي تماماً، ولكن سرعان ما تلاشت الأمنية، وحمدت الله بأن قادتني أقدامي لتلك الغرفة، واستطعت أن أعلم نيتها مبكراً، لأحتاط منها قبل أن يقع الفأس بالرأس.
بعد تفكير عميق، فضلت التعاطي مع الموقف بحكمة وروية. عاهدت نفسي بأن أكون حذراً في تعاملي معها، وبنفس الوقت أحاول قدر المستطاع أن أبدو طبيعياً (كي لا تشك بشيء)، ثم أسعى لاحقاً في كشف خطتها الخبيثة، ومعرفة هوية الشخص الذي وزها للإيقاع بي.
توالت لقاءاتُنا، وتوسمت منها ملاطفة وتقرباً أكثر من ذي قبل. أحياناً تحاول أن تُهَيجَ مشاعري بكلماتها الناعمة التي تنثرها في الهواء بتغنج فاضح، وأحيانا تحاول إثارة غريزتي الجنسية من خلال ارتدائها لملابس خليعة، وإغوائي بحركات جسدها المصقول الذي يدفع حتى العِنِين للإيغال بالنظر إلى مفاتنها. سايرتها، وأوهمتها أني أُحبها بجنون، رغبة في الوصول لمبتغاي بسرعة. انطلت على المسكينة كلمات الحب التي تفوهت بها، وظنت أني وقعت بشراك فخها الذي نصبته لي.
بعد شهرين، ظللنا نتبادل فيه حباً مزيفاً لا طعم له. أصرت بآخر لقاء لنا على زيارتي في الشقة، وآنست من إلحاحها أنها تُدبر لي مكيدة عظيمة. وافقت على طلبها (بعد أن أضمرت بداخلي الحذر من جميع تصرفاتها)، واتفقنا على أن تزورني بمساء الغد.
جاءت الليلة الموعودة.
بينما أنا قابع بالشقة منتظراً قدومها، رن جرس الباب رنة واحدة. قُمت من مكاني وتوجهت إليه، ثم ألقيت نظرة من خلال عينه السحرية. رأيت مايا أمامي وهي بكامل أناقتها، تحمل على كتفها حقيبة سوداء. فتحت الباب، ودخلت تمشي بخطوات قصيرة:
-مساء النور يا حياتي.
-مساء الورد.
مكثنا معاً بإحدى الغرف، وصرنا نتجاذب أطراف الأحاديث أثناء شُربنا للقهوة. خلال الجلسة، لم ترتدع مايا عن إثارتي بشتى الطرق.
من دون مقدمات، وقفت فجأة وقالت:
-ما رأيك أن تُريني بقية الغرف؟
زادت شكوكي حولها حينما طلبت مني ذلك الطلب. بعد تفكير سريع قُلت:
-طلباتك أوامر يا جميلة.
تجولنا بأنحاء الشقة حتى وصلنا غرفة النوم (هي من طلبت أن تراها). دخلت مايا الغرفة بلهفة واضحة، وكأنها كانت تنتظر تلك الفرصة منذُ مدة طويلة. هناك، تجردت من بقايا حيائها، وأخذت مني قُبلة عابرة قبل أن تحتضنني.
همست بأُذني وهي تُشير إلى السرير:
-هنا، سنقضي مع بعضنا ليلة حمراء.. ليلة لن تفارق ذاكرتك أبداً.
ذُهلت من جُرئتها العارمة، والتي حَدَت بها لأن تطلب مني إقامة علاقة جنسية معها. اِنسلت من بين أحضاني، ثم توجهت إلى سرير، وصارت تقفز على مرتبته كطفلة في السابعة.
قالت وهي تضحك:
-يبدو أن السرير قوي، ويستطيع حمل جسدينا معاً.
أجبتها بطرافة:
-ها قد اختبرتِ قوة السرير، وحان الوقت لأن تختبري قوة مالكه.
استمرت مايا بسكب ضحكاتها المتتالية، ثم طلبت مني أن أدخل الحمّام (يقع بالجهة المقابلة لغرفة نومي) لأستحم، ريثما تلبس قميصاً مناسباً للسهرة، جلبته معها بحقيبتها.
اشتعل حدسي الإجرامي، ونبهني أنها ستعمد لفعل أمر ما بغرفة نومي أثناء تواجدي بالحمّام. دفعتني مع ظهري بكل أنوثة، طالبة مني الخروج من الغرفة. خرجت متجهاً للحمّام، وظلت ترقبني إلى أن دخلته. أغلقتُ الباب، ثم فتحت المروش حتى اُسمعها صوت الماء، وتظن أنني تحته بينما أنا جالسٌ على طرف البانيو. بعد دقائق، خرجت أمشي على أطراف أقدامي عائداً إلى الغرفة. فتحت بابها بسرعة لأجد مايا واقفة عند إحدى الصور المعلقة على الحائط، تحاول أن تضع على إطارها شيئاً ما. دبَّ الفزع بجسدها، ثم التفتت نحوي بارتباك شديد، وهي تحاول أن تخفي ذلك الشيء.
قالت بتردد:
-ل ل ل لماذا عدت سريعاً يا حسن.
تقدمت نحوها بهدوء:
-عُدت لأكشف ألاعيبكِ.
زاد ارتباكها، وبدأت حبات العرق تتقاطر من على جبينها:
-أأأ ألاعيب!!!
-عليكِ أن تفهمي بأن حسن ليس غبياً حتى تخدعه امرأة حقيرة مثلك.
-ما هذا الكلام يا حسن!!
-منذُ مدة وأنا أعلم بنواياك، ومثّلت عليك الحب لأكتشف خطتك الخبيثة. والآن دعيني أرى الشيء الذي تخفينه حتى ننهي فصول هذه التمثيلية المملة.
امتنعت مايا عن إظهاره، فلويت يدها وأخذته عنوه. كان ذلك الشيء عبارة عن "كاميرا فيديو صغيرة جداً".
تحدثت بصوت حاد:
-اممم كاميرا فيديو..
-………….
اقتربت منها ووجهت لها صفعة قوية:
-من هو الشخص الذي دفعك لتصوير علاقتنا الجنسية؟ وما الهدف الذي يسعى إليه؟
ارتَمَت جَاثِية على ركبتيها، ودخلت في نوبة بكاء شديدة.
تحدثت مُنفعلاً:
-هل تسعون لابتزازي من أجل الحصول على المال؟
-لا لا.. أرجوك ارحمني، فأنا ضحية مثلك..
قاطعتها:
-لستِ ضحية بل أنتِ حية. وفري دموعكِ.. فهي لن تجعلني أرحمك. هيا تحدثي قبل أن ينفذ صبري.
أجابت بصوت متقطع:
-لو تكلمت سوف يقتلني..
أخرجت من جيب بنطالي سكيناً حاداً، ثم شددت مايا مع شعرها، ووضعت السكين على رقبتها وقلت:
-إن لم تنطقي الآن، سأفصل رأسك عن جسدك.
-أرجوك توقف، سأتكلم..
تحت وطأة الضغط الرهيب الذي مارسته، اضطرت مايا لأن تعترف لي بكل شيء.


تُرى من هو الشخص الذي يريد الإطاحة بحسن؟
وما الهدف الذي يسعى إليه؟
هذا ما سنعرفه في الفصل السادس من الرواية
تحياتي لكم.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-06-16, 06:56 AM   #8

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(6)

صُراخها..
دموعها..
توسلاتها..
والعرق الذي تصبب من جسدها كله، لم يغير من جمالها قيد أُنملة، فهي تُجيد خلق الفتنة بأي حال كانت عليه. مسكت مايا من يدها وأجلستها على الكرسي. خشيت أن تشتَمّ من ذلك التصرف رائحة فتورٍ مني، فعدت لأصرخ بوجهها قائلاً:
-أخبريني بتفاصيل القصة كاملة، وإياكِ من الكذب.
مرت أكثر من دقيقة قبل أن يخنس صوت بُكائها. اعترفت أن "غانم" أغراها بمبلغ مالي كبير، نظير ايقاعي بحبها، ومن ثَم إغوائي لإقامة علاقة جنسية معها.
قُلت مُتعجبا:
-غانم!!
-نعم غانم.. وهو من أعطاني الكاميرا.
-وماذا يستفيد غانم من تصوير علاقتنا!!
قبل أن تجيبني قُلت:
-هل يريد ابتزازي؟ لا لا هذا مستحيل.. فغانم ليس أحمقاً حتى يقوم بذلك التصرف، فلو أخبرت الشيخ عنه، سيتعرض لعقاب عسير.
أجابت وهي تمسح دموعها بأطراف أصابعها:
-غانم لا يريد تصوير علاقتنا من أجل ابتزازك، بل حتى يتأكد أني أقمت علاقة جنسية معك.
-لم أفهم!!
-اشترط غانم أن أصور له العلاقة الجنسية حتى يتأكد بأني لا أكذب عليه، ويسلمني المبلغ الذي وعدني به..
قاطعتها بحدة:
-وماذا يستفيد من ذلك!!
قالت بتردد:
-ي ي يريد القضاء عليك.
أخذت الأمر على محمل الهزل، وضحَكتُ بسخرية:
-ما هذا الهُراء؟ كيف يقضي علي من خلال علاقة جنسية!! يبدو أنك تحاولين أن تمرري علي قصة كاذبة.
عادت مايا للبكاء، ثم قالت بأنفاسٍ متقطعة:
-أقسم لك أني لا أكذب. غانم يريد القضاء عليك، فأنا فأنا..
عادت مرة أخرى للبكاء، فصرخت بحماس:
-أنتِ ماذا!!!
-أنا مصابة بمرض "الإيدز"، وعندما تمارس الجنس معي، سوف تصاب بنفس المرض.. وعندها يضمن غانم موتك بعد فترة، وبطريقة لا تجعل الشيخ يشك بأي شيء.
-أأأيدززز!!
وقع عليّ كلامها كوقع النازلة، وأصابتني حالة لا تمت للواقع بأية صلة. أمسكت رأسي محاولاً تقبل الصدمة. بعد لحظات، جُن جنوني، وصرت أتصرف كالممسوس. تقدمت نحوها مسرعاً، ثم وجهات لها عدة صفعات، وبصقت عليها:
-أنتِ حقيرة.. سافلة.. لا تستحقين العيش..
تكومت على نفسها، وظلت تبكي وتصرخ محاولة صد صفعاتي.
تحدثتُ بصوت مرتفع:
-أخبريني، لماذا يريد غانم التخلص مني؟
قالت بصوت مُنكسر:
-لأنك أصبحت تُشكل خطراً عليه..
-ما هذا الكلام الفارغ!!
-الشيخ منصور معجب بك، وأصبح يعتمد عليك في إنجاز المهام بشكل واضح، وهذا ما أزعج غانم، فهو يخشى أن يأتي يوم ويعفيه الشيخ من منصبه ويضعك مكانه.
-لا أصدق!!
-حسن.. قد أكون حقيرة وسافلة كما قلت، ولكن أنا إنسانة لديها قلب..
بترت كلامها منفعلاً:
-أنتِ إنسانة!!
ثم ضحكت باستهزاء:
-أنتِ حتى الحيوانات لا تتشرف بأن تنتسبي لهم.
قالت بعد أن مررت لسانها على شفتيها المتيبسة:
-يجب أن تعلم يا حسن أني لم أقبل بعرض غانم من أجل نفسي، ولكن من أجل أمي المريضة بالقلب، فهي تحتاج لمبلغ كبير من أجل إجراء عملية صعبة.
-أخبري أُمكِ أن قلبها بخير، وأن ابنتها هي صاحبة القلب المريض.
-أرجوك يا حسن أن ترحمني، فأنا ضحية لغانم قبل أن تكون أنت ضحيته.
اقتعدت زاوية السرير، فيما ظلت مايا تبكي بحُرقة.
أخذت أفكر فيما حدث بزفرات ملتهبة، وكأن صدري انقلب فجأة إلى تنور. فورة الغضب، جعلتني أفكر بقتلها لأشفي غليلي. حينما بدأ الانفعال بالخفوت، قُلت لنفسي: "قتلُها لن يحل الموضوع، ولن يخلصني من غانم". خطر لي أن أخبر الشيخ بما حصل، ولكن خشيت أن يتملص غانم من الموضوع، أو أن مايا تُغير أقوالها لاحقا، فيكون وضعي حينها صعباً.
كاد رأسي أن ينطحن من كثرة التفكير..
بعد دقائق، توصلت لخطة محكمة، تأملت منها أن تخلصني من غانم إلى الأبد.
انتصبت قائماً وقلت:
-كفكفي دموعك واسمعيني جيداً.
-أرجوك لا تقتلني..
-إن كُنت تريدين الخروج سليمة من هنا، وبحقيبتكِ مبلغ (50) ألف ريال، فنفذي الخطة التي سأطلبها منك.
-هل تمازحني!!
صرخت بها:
-أنا لا أمزح مع الحقراء أمثالكِ. اسمعي كلامي جيداً، ونفذي ما أطلبه منك وإلا…
قاطعتني بصوت خافت:
-طلباتك أوامر..
-أولاً سأسجل بصوتكِ اعترافاً مفصلاً بالمكيدة التي دبرتِها مع غانم، واحتفظ به عندي من باب الاحتياط.
-و و و لكن..
صرخت:
-ثانياً أريد منكِ أن توصلي له بأن خطته نجحت، وأنكِ أقمتِ علاقتي معي.
-ل ل لن يصدقني دون تصوير.
-سنصور له فيلماً مُلفقاً، بطريقة تجعله يصدق أن هناك علاقة وقعت بيننا.
تركتُ مايا تفكر لدقيقة، ثم سألتها قائلاً:
-هل أنت موافقة؟
أومأت برأسها موافقة، وقالت بعدها:
-بشرط أن تضمن سلامتي.
-لكِ ذلك.
رمقتني بنظرات تعجب:
-كيف ستتصرف مع غانم؟
نطقتُ بصوت مرتفع:
-هذا ليس من شأنك.
بدأنا فعلياً بتنفيذ الخطة. سجلت اعترافاً بصوتها، ومن ثم صورنا مقطعاً صغيراً يوحي بأننا أقمنا علاقة جنسية.
قبل الواحدة صباحاً، همت مايا بالخروج من الشقة، حاملة معها الكاميرا. عندما وصلت الباب خاطبتها قائلاً:
-توقفي، هناك طلب أخير.
التفتت بوجه شاحب:
-ما هو؟
-أنا لا أثق بك، وما زال لدي شك فيما قلتيه لي.
-ماذا تقصد!!
-ربما كُنتِ تكذبين علي بخصوص غانم.
خشيت أن تكون القصة التي روتها لي غير صحيحة، لذا طلبت منها أن تتصل على غانم، وتشغل مُكبر الصوت، ثم تخبره أمامي بأنها أنجزت المهمة المطلوبة منها. ترددت في البداية، ثم قالت:
-حسن أنت تعرف غانم أكثر مني، فهو حذر جداً، ومن المستحيل أن يتحدث في الهاتف عن أي عملية مشبوهة.
-أعلم ذلك، وأعلم أيضاً أنه يستخدم شفرات معينة عندما يريد التحدث عن عملياته، لذا أريد منك أن تتحدثي معه بذلك الأسلوب.
في البداية ترددت في الاتصال عليه، ولكن بعد أن أصريت عليها وافقت. أخرجت هاتفها المحمول، واتصلت بغانم وقالت:
-كانت رحلتنا البحرية جميلة، وصدنا فيها سمكة كبيرة.
أجابها بعد أن أطلق ضحكة طويلة:
-رائع. غداً سأقابلك بمكاننا المعتاد لآخذ منكِ السمكة.
تيقنت حينها من صدق القصة. غادرت مايا بعد أن أعطيتها المبلغ الذي وعدتها به. توجهت إلى الصالة، ثم بقيت على الكرسي أدخن سيجارة خلف سيجارة. انتصبت فجأة، وانطلقت صوب غرفة النوم. وقفت أمام خزانة الملابس، وفتحت أحد أدراجها السفلية، ثم بقيت أبحث داخله.
بعد لحظات، وجدت غرضاً خبأته بطريقة يصعب اكتشافها. أمسكته بحماس وقلت:
-كُنت أعلم أني سأحتاجك في يوم ما.


ما هو الغرض الذي أخرجه حسن من الدُرج؟
هذا ما سنعرفه في الفصل السابع من الرواية
تحياتي لكم.


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-06-16, 07:00 AM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(7)

اعتادت أمي الاحتفاظ بجميع أغراضنا المستعملة. الملابس، الألعاب، الأجهزة الكهربائية، كانت تغص بها رفوف مخزننا الصغير.
لا زالت كلماتها غائرة بالذاكرة:
-الاحتياط واجب، وسيأتي اليوم الذي تحتاجون فيه لتلك الأغراض.
أخذت من أمي تلك الخصلة، وأصبحت احتاط لكل شيء.
أخرجت من الدُرج كيساً بلاستيكياً، فتحته بحماس. كان بداخله قنينة صغيرة محكمة الإغلاق، تضم في أحشائها سائلاً شفافاً. لم يكن ذلك السائل سوى كمية بسيطة من "مادة الثاليوم".
قبل سنوات، وتحديداً عندما طلبت من غانم أن يحضر لي سائل الثاليوم للقضاء على ماجد. أخبرته حينها أني أحتاج إلى كمية تقدر بـ (4) ملي. عندما وصلتني الكمية، استخدمت نصفها في تنفيذ العملية، وخبأت النصف الآخر عندي طوال تلك السنوات. مالم يعلمه أحد، أن الكمية المطلوبة لتسميم رجل واحد بِسُم الثاليوم، هي (2) ملي فقط. الاحتياط التام والتفكير بالمستقبل، كان السبب الذي قادني لطلب كمية زائدة منه. كنت أعلم أنه سيأتي يوم أحتاج فيه لذلك السم، ولكن لم يخطر على البال أني سأستخدمه للقضاء على "غانم". فكرة التخلص منه، لم تكن نابعة من حرصي على أخذ منصبه، بقدر ما هي دفاع عن النفس، وتطبيقاً للمثل الشعبي المتداول: أتغدى به، قبل أن يتعشى بي.
بعد يومين، التقيت بمايا، وأخبرتني أن غانم ابتلع الطعم، واقتنع بوقوع علاقة بيننا. قبل أن ينفض لقاؤنا، هددتها بأن تُمسك لسانها، وإلا سيكون الموت حليفها. بدأت بعدها في الاستعداد لتنفيذ خطتي للإطاحة بغانم.
خلال أسبوع، التقيت بغانم في إحدى سهرات الشيخ، وطلبت أن أتحدث معه على انفراد بموضوع مهم. حملت معي زجاجة خمر، واتجهنا معاً إلى إحدى الغرف البعيدة. أوهمته بأني أحب مايا، وأفكر بالزواج منها، وطلبت مشورته في ذلك.
بدت على ملامحه علامات دهشة مُفتعلة:
-حسن يحب مايا!!
سكت للحظات، ثم قال:
-ويريد أن يتزوجها!!
-ما المشكلة في ذلك؟
ابتسم نصف ابتسامة وقال:
-حسن أنا أعرفك جيداً. صدقني مايا لا تصلح زوجة لك..
قاطعته قائلاً:
-مايا فتاة جميلة ولطيفة، ولم أرَ منها أي مكروه.
-استمع لنصيحتي. لا تفكر بالارتباط من فتاة غاصت أقدامها بوحل الخطيئة. عندما تريد الزواج، فأختر فتاة من خارج عالمنا الإجرامي.
كُنت أضحك بداخلي من نصائح غانم.
سايرته في الكلام. بين ثنايا الأحاديث، فتحت زجاجة الخمر، وصببت له كأساً، وكالعادة دسست له السم على حين غرة، ودون أن ينتبه لي. لم أغادر المكان حتى تأكدت أنه احتسى السم مراراً. مع كل شربة أدخلها في فمه، شعرت بحبور يصعب وصفه.
امتد الزمن لأربعة أشهر. كنت أنتظر بأيامها، سماع خبر موته بلهفة وشوق.
بتاريخ 18/9/2008م، جاءني الخبر المنتظر. كان غانم يعمل بمكتبه في شركة الشيخ، ومن دون سابق إنذار، وقع من طوله أمام أنظار الموظفين.
دخل غانم في غيبوبة، وعلى إثرها، أمر الشيخ بنقله لمستشفى المواساة (أحد المستشفيات التي تعود ملكيتها للشيخ). أمر الأطباء بإدخاله لقسم العناية المركزة. كانت حالته حرجة، وكذلك كانت حالتي. خشيت أن يلعب الحظ معه، وينجو من الموت، فتحوم الشكوك حولي بأني وراء ما حدث له.
بذلك اليوم، أتذكر أن الشيخ اتصل شخصياً بمدير المستشفى، وأمره بتسخير كافة امكانياته الطبية من أجل إنقاذ حياته.
مرت أيام على دخوله للعناية المركزة. أعلن كبير الأطباء وفاة غانم، وأرجأ ذلك لأسباب طبيعية. كان هذا الخبر، أسعد خبر سمعته في حياتي. أخيراً جاء اليوم الذي تخلصت فيه من غصة علقت ببلعومي لفترة طويلة. على النقيض تماماً، تلقى الشيخ الخبر بانزعاج شديد. من الغد، أقام لغانم مأتم عزاء كبير، كما أنه تعهد بالاهتمام بعائلته، تقديراً للسنوات الطويلة التي قضاها في خدمته.
****


بعد شهرين من الحادثة، دعاني الشيخ منصور لمقابلته في شركته الكائنة ببرجه المسمى بالمنصورية. بذلك اليوم، كان في قمة سعادته، لأن اسمه تصدر صفحات مجلة فوربس (تُعنى المجلة بإحصاء ثروات الأفراد، ومراقبة نمو المؤسسات والشركات المالية حول العالم). تنشر المجلة قوائم عديدة في شتى المجالات، ومن أشهرها قائمة أغنى (100) شخص في العالم. لأول مرة يدخل اسم الشيخ منصور تلك القائمة، وبثروة تقدر بـ (20) مليار دولار أمريكي.
لازلت أتذكر فرحته حينما قال بصوته الغليظ:
-عندي استعداد لأن أدفع نصف ثروتي، من أجل أن أرى وجه وليد بعد أن يشاهد اسمي في المجلة (يقصد بوليد، الملياردير وليد الخالد منافسه بالسوق).
أجبته مُداهناً:
-لا شك أنه الآن يتقطع غيضاً.
قهقه مسروراً:
-يجب أن يعي المغفل، أن القمة لا تسع إلا لشخص واحد.
-وأنت كُفء لها يا شيخ.
سكت الشيخ قليلاً، ثم قال بهدوء:
-دعنا الآن نتحدث في العمل. هل تعلم لماذا طلبت مقابلتك اليوم؟
-لا.
بعد أن امتدح الشيخ قدراتي، وإخلاصي له، أخبرني أنه اختارني لأخلف غانم في العمل. لم تسعني الفرحة حينما انثالت كلماته لصوان أُذني. حاولت أن أتمالك نفسي قليلاً وقلت بحبور:
-أتشرف بخدمتك يا شيخ بأي منصب توليه لي.
وعدني حينها بحوافز ومغريات كثيرة، وخلال أسبوع واحد أوفى بجميع وعوده. وهب لي فيلا جديدة بأحد أرقى الأحياء في المنطقة، كما أعطاني مفاتيح سيارة من نوع مرسيدس. تحول راتبي الشهري الذي كنت أتقاضاه من (20.000) ريال إلى (60.000) ريال، من غير نسب العمولة والمكافآت.
بعد طول انتظار، تحقق حلمي الذي خططت له، منذُ بداية انضمامي لحاشية الشيخ. قبل أن أنغمس في العمل، أو في ملذات منصبي الجديد، كان علي أن أنهي مهمة خاصة.


ما هي المهمة التي يقصدها حسن؟
هذا ما سنعرفه في الفصل الثامن من الرواية
تحياتي لكم.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-06-16, 07:19 AM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(8)

دارت الأيام، وأصبحت الرجل الثاني بإمبراطورية الشيخ منصور. بيدي زمام الأمور، آمر وأنهى على أفراد حاشيته، دون أن يجرأ أحد على مناقشتي بشيء. بتلك الفترة، كان يجول بخاطري أمرين مهمين. الأول: التخلص من مايا بسرعة كي لا تفشي سري لأحد، فأخسر منصبي.. وربما حياتي أيضاً. الثاني: تعيين مساعد لي، يُعنى بالإشراف على تنفيذ العمليات المشبوهة. لم أكن أثق برجالات الشيخ لأسباب كثيرة، من أهمها، حقدهم الواضح تجاهي، لأن الشيخ فضلني عليهم، واختارني لأخلف غانم في منصبه. بعد تفكير عميق، قررت أن أمنح هذا المنصب لصديق قديم.
عزمت أن أعين "يوسف" أو كما كٌنا نلقبه بأبو شامة (لوجود شامة كبيرة أسفل عينه اليسرى) مساعداً لي. كان يوسف أحد أفراد عصابتي التي أسستها قبل انضمامي لحاشية الشيخ. كان ذكياً، محترفاً، والأهم من ذلك كله، مخلصٌ حد النخاع.
بنهار أحد الأيام، قُدت سيارتي الفاخرة قاصداً حي الفيصلية. ولجت شوارعها الضيقة، وبقيت أتأمل وجوه المارة، البيوت، الأشجار، والمتاجر الصغيرة. داهمتني جيوش الذكريات، وغرست سهامها بصدري، ثم مضت، تاركة الحنين يقرض قلبي بشدة. عندما وصلت الحارة التي يقطن بها يوسف، قفز –فجأة- أمام سيارتي مجموعة من الشبان، يحملون بأيديهم أسلحة بيضاء. تقدم رئيسهم نحو زجاج السيارة، وأمرني بفتحها. امتثلت لأمره، فصرخ حينها طالباً مني دفع مبلغ ألف ريال حتى يسمح لي بالمرور، أو ستتعرض سيارتي للتشويه.
كان ذلك الشخص معروفاً بالنسبة لي، واسمه "سالم". سالم من "فتوات الحارة" والجميع هناك، يخطبون وده، لأجل أن يتقوا شره.
لم يستطع سالم أن يتعرف على ملامحي، فمعالم الثراء غيرت من سنحتي كثيراً.
قلت بهدوء:
-كيف حالك يا سالم.
جحظت عيناه، ثم قال بتردد:
-ك ك كيف عرفت اسمي!!
نزعت نظارتي الشمسية قائلاً:
-دقق بوجهي، وإن تمكنت من التعرف علي، سأعطيك الألف التي تريدها.
زوى ما بين حاجبيه وهو يمعن النظر بملامحي، ثم نطق بحماس:
-صوتك ليس غريباً علي..
سكت للحظات، ثم تحدث بصوت مرتفع:
-أ أ أنت حسن نعم حسن.
ابتسمت نصف ابتسامة:
-أحسنت أنا حسن، ومبروك عليك الألف ريال.
-سامحني يا حسن على سوء تصرفي، فأنا لم أعرفك.
تحدثنا معاً بضع دقائق، كرر فيها سالم جملة واحدة:
-من أين لك هذا؟
أخبرته أني أصبحت رجل أعمال. بين ثنايا الكلام، سألته عن يوسف. أبلغني أنه يسكن بشقة مفروشة في نفس المنطقة. أخذت منه وصف المكان، ثم أعطيته الألف التي وعدته بها وغادرت سريعاً. بعد عشر دقائق، وصلت للعمارة المقصودة. ولجت المكان، ثم صعدت للدور الثاني، ووقفت أمام باب شقة يوسف. ضغطت على الجرس مرة واحدة، وانتظرت للحظات وما من مجيب. ضغطت عليه ثانية.. وثالثة دون أن أجد رداً. أوشكت على المغادرة، وقبل أن أُدير ظهري للباب، أتاني صوت جهوري من خلفه:
-من بالباب؟
-افتح يا يوسف.
تحرك مقبض الباب، ثم انفرج ببطء شديد، يسبقه صوت صريره المزعج. أطّل يوسف برأسه الصغير، وبشرته السمراء، وملامحه الدقيقة، وشعره المجعد. عندما وقعت عينه بعيني، صمت للحظات، ثم صرخ قائلاً:
-لا أصدق.. حسسسسن!!
-يبدو أن هيئتي الجديدة لم تنسك صديقك.
التقفته بالأحضان، ثم دخلنا الشقة. جلسنا معاً نتحدث، ونتذكر مع بعضنا مغامراتنا السابقة، ونختم كل قصة بضحكات مرتفعة. تعجب يوسف من سر الثراء الذي هطل علي فجأة، ولا زلت أذكر جملته التي دلقها متعجباً:
-يبدو أنك سرقت بنكاً!!
أجبته ممازحاً:
-بل عثرت على مغارة علي بابا.
أخبرت يوسف عن سبب ثرائي بحديث مقتضب. كلما ألقيت على مسامعه جملة، حدق بوجهي، وفغر فاه متعجباً. بنهاية الحديث، عرضت عليه أن يعمل معي، ووعدته براتب يصل لعشرة آلاف ريال. انتصب من مكانه بحماس بعد أن تهادى لمسامعة ذلك العرض، ثم قال:
-موافق.. موافق..
كرر تلك الكلمة بتسارع، فحماسه الزائد، وذهوله من العرض الغير متوقع، وأد معظم الكلمات في مخيلته، فلم يُسعفه لسانه لأن ينطق بكلمة أخرى. نهضت مغادراً الشقة بعد أن طلبت منه أن يزورني غداً بمكتبي في شركة الشيخ.
بصباح الغد، حضر يوسف باكراً إلى الشركة. وصل إلى مدخلها الرئيس، وبما أن وجهه غير مألوف لدى الحراس، فقد تم منعه من الدخول. اتصل بهاتفي منزعجاً جراء ذلك الموقف، فطلبت منه أن يعطي هاتفه لأحد الحراس. قام بذلك، وبجملة قصيرة ألقيتها بأُذن الحارس، دلف يوسف إلى الشركة بكل سهولة. في تمام التاسعة، دخل مكتبي بخطوات بطيئة. بدأ يجول ببصره أنحاء الغرفة الفسيحة، بوجه تعلو ملامحه علامات الانبهار. اقترب من مكتبي، وغفل عن باله أن يلقي السلام. كانت أول جملة دلقها على مسامعي:
-كيف وصلت لكل هذا العز؟
ابتسمت قائلاً:
-بجدي وتعبي.
جلس يوسف أمامي، وأبلغته أنه سيستلم عمله الجديد من اليوم. خلال ساعة، انهينا إجراءات تعيينه، ثم أخبرته بعدها أني سأكلفه بعملية سرية، إن تمكن من تنفيذها بدقة، سيحصل على مكافأة كبيرة. انطلقت منه شحنة اهتمام بتلك المهمة، وصار يسأل عن تفاصيلها بلهفة واضحة.
ما أشبه الليلة بالبارحة.
ألقيت على سطح المكتب صورة لمايا، كتبت خلفها بعض المعلومات المهمة عنها. طلبت من يوسف أن يجد لي طريقة للقضاء عليها، بطريقة لا تدعو للشك.


هل سيتمكن يوسف من القضاء على مايا بسهولة؟
هذا ما سنعرفه في الفصل العاشر من الرواية
تحياتي لكم.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:43 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.