شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f394/)
-   -   دُميتي.. لا تعبثي بأعواد الحب (4)*مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (https://www.rewity.com/forum/t363302.html)

princess sara 07-08-18 08:57 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 184 ( الأعضاء 86 والزوار 98) ‏princess sara, ‏الجميله2, ‏pepoo2, ‏غرام العيون, ‏Bushra18, ‏yasser20, ‏KoToK, ‏bassma rg, ‏الاوهام, ‏ألين ♡, ‏ست عمها, ‏بلسم جروح, ‏ابنة العرب, ‏نور أنور, ‏احلام حازم, ‏nouhailanouha, ‏زالاتان, ‏Maro na, ‏سهام منصور, ‏Lamiaa farh, ‏Alice laith, ‏طاوووسه, ‏اسماء رحمه, ‏دعاء 99, ‏redrose2014, ‏وردة لولو, ‏hope galem, ‏نيو ستار, ‏بوران شعبان, ‏نطنيش !, ‏ALana, ‏القيثار الحزين, ‏alaaahmedmohamed, ‏eng miroo, ‏Sebar, ‏سنديان, ‏hassanaa, ‏هاجر بدر, ‏roro.rona, ‏شوشو 1234, ‏deegoo, ‏weaam93, ‏وردة-, ‏amoula90, ‏هدير خلف, ‏بيبوبن, ‏lahn, ‏shereen.kasem, ‏nabilahamdy, ‏شموخي اسطورة, ‏احلام bella, ‏روح القلوب, ‏eeme75, ‏helda zw, ‏شقحه بنت سالم, ‏Maya2014, ‏نور محمد, ‏myryam, ‏ToOoOmy, ‏جرحي العاري, ‏سيادة قحطان, ‏..swan.., ‏nona amien, ‏amalkh, ‏samah.aridj, ‏حكايا الروح, ‏littlebee, ‏الوفى طبعي الوفى, ‏مورا فيكتور, ‏هيرو01, ‏هوبا جاد, ‏نوف بنت ابوها, ‏Ghada R, ‏ياسمين نور, ‏emantosk, ‏beeboo_050, ‏زهرورة, ‏مهرة..!, ‏طوطه, ‏Berro_87, ‏حواءآدم, ‏Anareem, ‏الأسيرة بأفكارها, ‏romiakoke, ‏Barbitou, ‏فديت الشامة

الجميله2 07-08-18 08:59 PM

تسجيل حضور مسائي

princess sara 07-08-18 09:04 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 212 ( الأعضاء 104 والزوار 108) ‏princess sara, ‏التوحيد, ‏الأسيرة بأفكارها, ‏العمق الدافئ, ‏Kawtarallaoui, ‏مشاعل 1991, ‏eng miroo, ‏سهام منصور, ‏الاوهام, ‏yasser20, ‏doaa eladawy, ‏weaam93, ‏lolo75, ‏محمد محمد 55, ‏شيماء عبده, ‏Hager Haleem, ‏فديت الشامة, ‏kholod1, ‏rasha emade, ‏nadia1996, ‏لبنى أحمد, ‏بينكـ, ‏yassminaa, ‏rashid07, ‏hedoq, ‏الجميله2, ‏زهوري الحلوة, ‏Better, ‏Dada ahmed, ‏pepoo2, ‏Bushra18, ‏KoToK, ‏bassma rg, ‏ألين ♡, ‏ست عمها, ‏بلسم جروح, ‏ابنة العرب, ‏نور أنور, ‏احلام حازم, ‏nouhailanouha, ‏زالاتان, ‏Maro na, ‏Lamiaa farh, ‏Alice laith, ‏طاوووسه, ‏اسماء رحمه, ‏دعاء 99, ‏redrose2014, ‏وردة لولو, ‏hope galem, ‏نيو ستار, ‏بوران شعبان, ‏نطنيش !, ‏ALana, ‏القيثار الحزين, ‏alaaahmedmohamed, ‏Sebar, ‏سنديان, ‏هاجر بدر, ‏roro.rona, ‏شوشو 1234, ‏deegoo, ‏وردة-, ‏amoula90, ‏هدير خلف, ‏بيبوبن, ‏shereen.kasem, ‏nabilahamdy, ‏شموخي اسطورة, ‏احلام bella, ‏روح القلوب, ‏eeme75, ‏helda zw, ‏شقحه بنت سالم, ‏Maya2014, ‏نور محمد, ‏myryam, ‏ToOoOmy, ‏جرحي العاري, ‏سيادة قحطان, ‏..swan.., ‏nona amien, ‏amalkh, ‏samah.aridj, ‏حكايا الروح, ‏littlebee, ‏الوفى طبعي الوفى, ‏مورا فيكتور, ‏هيرو01, ‏هوبا جاد, ‏نوف بنت ابوها, ‏Ghada R, ‏ياسمين نور, ‏emantosk, ‏beeboo_050, ‏زهرورة, ‏مهرة..!, ‏طوطه, ‏Berro_87, ‏حواءآدم, ‏Anareem, ‏romiakoke

كاردينيا الغوازي 07-08-18 09:04 PM

مساء الورد على عيونكم ... الفصل اليوم صعب ومحتاج قلب قوي وتركيز ... انتظر تعليقاتكم عليه بفارغ الصبر...





الفصل التاسع عشر

تواصل رباب جهودها لتجذب نظر زوجها بعيدا عن اختها رقية .. فتلهيه وتشغل نفسها في ذات الوقت وهي تثرثر حول ديكور المطعم الذي يعكس اجواء الصيادين عامة وانواع السمك النهري المشهور ، فتدقق النظر باهتمام حقيقي على الصور المعلقة على الجدران والتي تمثل الصيادين في زمن ماض من القرن التاسع عشر وهم يجوبون بقوارب خشبية نهر دجلة الذي يشق العاصمة الى نصفين ..

و صور اخرى تمثل الاهوار في جنوب الوطن بطبيعتها الخلابة التاريخية وحياة الناس البسطاء فيها وبيوت القصب التي يبنونها بايديهم عائمين بها فوق الماء ...! انها جزر من القرى العائمة والممرات المائية المذهلة وسط طبيعة ساحرة من خلق العلي القدير ...

وقد نجحت ايما نجاح في إلهاء عبد الرحمن وهو يطالع وجهها بفرح يملأ قلبه ...

مال نحوها وهو يهمس قرب اذنها " هل تحبين ان نذهب يوماً الى هناك ؟"

التفتت اليه وعيناها العسليتان تبرقان بالحماسة فتقول دون تردد " اجل .. اجل .. اريد حقاً الذهاب .. لقد وعدنا والدي ان يأخذنا اليها يوماً .. لكن.. الموت عاجله قبل ان يوفي بوعده .. "

تنظر في عيني عبد الرحمن وتدمع عيناها قليلا لكنها تبتسم وهي تتذكر تلك الشقاوة الحلوة في نظرات والدها العطار وهو يغمز لهن عندما يعدهن بمغامرة او رحلة ..

فجأة تشعر رباب انها ..تسامح والدها ...

تسامحه على كل شيء ...!

ربما تسامحه لانها سعيدة مع عبد الرحمن وسعادتها هذه تجعلها تنظر بنضوج اكبر لما حصل في الماضي ... وتقيم بعين الرفق الامور ببعد جديد اكثر وضوحا ومرونة ...

تعترف انها طيلة تلك السنوات لم تستطع بل لم تحاول مسامحة والدها واختارت الانكماش مع الآمها ومشاعرها المشحونة المتراكمة عبر السنوات وبعيدا عن الجميع .. بعيدا حتى عن اقرب الناس اليها .. امها واخواتها البنات..

لقد كانت غاضبة منه .. غاضبة جدا ... خذلانه لقواريره كان ضربة اوجعت صباها ..

ما زالت تنظر لعيني زوجها اللتين تحبهما وهي تشعر بالحنين دون ان تشوبها الغصة المألوفة التي كانت تنتابها نحو ابيها ...

قال عبد الرحمن بخفوت رقيق مشاكس

" لاجل العيون الحلوة هذه انا من سيأخذك للاهوار .. مكتوب علي ان أحققها لك يا قرفة .. امممم .. الا استحق كلمة شكر خاصة منك ؟!"

تضحك متوردة لشقاوته بينما يأتيهما صوت رعد وهي يتصنع الفضول المشاكس " بماذا تتهامسان انتما الاثنان ؟ ها ؟ قولا لي .."

يلتفت اليه عبد الرحمن ويرد على مشاكسته قائلا " لقد اصبحت نسخة رديئة من مغرفة الحي وانت تحشر انفك فيما لا يخصك ... عشرتك له اثرت بك سلبا .. يجب ان نجد لك حلا قبل ان تستفحل الحالة ونضطر لرميك خارج الحي .. "

يعبس رعد وهو يدعي الحنق بينما يمرر نظراته لرقية التي تجلس قبالته تبتسم بغموض وكأنها مشغولة البال ثم يقول

" من الذي سيرميني ؟!.. انا محمي يومياً بدعوات كثيرات تنفخها نحوي الحاجة سوسو وهي جالسة في عقر دار الصائغ ... من مصلحتك ان تعاملني باحترام يا ولد.. "

تضحك كلا من حبيبة ورقية ويشاركهما يحيى الضحك وتعلو فوق ضحكاتهم جميعا ضحكة رباب الرنانة التي تثير غيظ عبد الرحمن باستمرار فيقرصها في فخذها من تحت المائدة لتتوقف بينما يواصل مشاكسته مع صديقه فيرد عليه مهددا " كم مرة حذرتك من التمادي معها ..؟ حذيفة سيدفنك حيا قريبا جدا .. خاصة ان اخبرته انك علمتها على تطبيق الواتس اب واصبحت تتراسل معها من وراء ظهورنا .."

يرفع رعد سبابته في وجه صديقه وهو يقول

" وليكن في معلوماتكم جميعا انا في طريقي لاقنعها ان تفتح حسابا على الفيسبوك .. وأروني عندها كيف ستمنعونني عنها ..."

ضحكات من القلب تنطلق من افواههم جميعا حتى سالت دموع رباب على وجهها من شدة الضحك ...

ووسط الضحكات تلتقي عينا رقية بعيني رعد فتبذل جهدا خارقا لتبدو له رائقة منتعشة وهادئة الاعصاب ...

لم تزح عينيها بعيدا في تحد سري بينهما فيسبل رعد اهدابه والابتسامة تتعلق بشفتيه وكأنه غير مكترث بكل البهجة التي يشيعها من حوله .. فتشعر رقية للحظة انه ... انعزل عنهم جميعا .. انه .. انه ... وحيد ...!

يدها لا شعوريا تحركت لصدرها وكأنها تشعر بغصة خانقة ...

كان الامر اقوى منها ودون ان تفكر وقفت على قدميها وهي تزيح الكرسي للخلف وتقول

" عن اذنكم .."

ثم تحركت لتترك المائدة دون ان ينتبه لاضطرابها احد ..

لكن عينا رعد لاحقتاها وهو يميل برأسه قليلا الى الجانب فيناظرها من فوق كتفه الايسر حتى غابت في الممر المؤدي للحمام ..

كان شيء داخله لا يفهمه .. شيء يدفعه ان يبحث عن وجودها حوله ... ثم اراد ان يعيد نظراته للجمع الذين يجالسهم عندما التقطت عيناه هيئة مألوفة لديه لشاب تحرك من احدى زوايا المطعم وقد سار للتو في نفس الممر المؤدي للحمام وكانه يلحق بخطواته المتعجلة خطوات رقية الرشيقة...




يتبع ...

كاردينيا الغوازي 07-08-18 09:08 PM

كانت ستفتح باب الحمام لتدخل عندما اوقفتها تحية بنبرة ساخرة أتتها من الجانب

" مرحبا ..."

التفتت رقية الى يسارها فترى من الذي ألقى تحيته وعلى وجهه ابتسامة وقحة فتعبس وهي تستدير بكليتها اليه تواجهه وهي تتساءل ببعض العجب " حارث ؟! ماذا تفعل هنا ؟"

فيرد بتفاخر متعمد وكأنه يأمل ان يثير غيرتها " انا مع زوجتي اتناول الغداء... "

ترمقه رقية بنظرة مستهينة ساخرة من فوق الى تحت ثم تقول وهي تلتفت لترفع يدها نحو عتلة باب الحمام تريد فتحها

" هنيئا لزوجتك بك وبالغداء .. "

فيوقفها ثانية وهو يقول بوقاحة

" وهنئيا لقلبك .. سقوطه .."

عقل رقية اخذ يعمل سريعاً لتدرك الى ماذا يرمي بكلامه السفيه هذا .. لا بد أنه كان يراقبها في المطعم وهي لم تشعر به ..

اللعنة .. ماذا يجري لها لتفضح نفسها هكذا؟!

تنظر في عينيه وتعرف ما يدور برأسه ..

لكنها لا تمنحه الفرصة لترفع حاجبيها وتقول بمراوغة مدعية الملل " هل اخبرتك يوما انك لا تجيد إلقاء النكت ؟!"

فيغمز بسماجة وهو ينغزها بالقول المبطن

" ربما لست خفيف الظل كبعض الناس الذي يحبون جذب الانظار بالغناء والرقص في المطاعم لكني مؤكد خبير بحالتك عندما تقعين في الغرام يا ... خلطة سحرية .. ام هل تراك نسيتِ ؟! "

قلبها يخفق بعنف رغم ارادتها لكنها تواصل ارتداء قناع السيطرة والبرود والسخرية قائلة بحركة اشمئزاز من شفتيها " لحسن الحظ الحمام للنساء فقط .. عن اذنك احتاج التقيؤ وانا استعيد بعض ذكريات الماضي التعيس.. "

وضعت يدها بالفعل على عتلة الباب ليعاجلها بالقول ينغزها بمزيد من الدبابيس

" بالمناسبة .. كل اخبارك ومغامراتك في الجامعة تصلني .. "

تعقد حاجبيها وهي تسأله باستغراب هذه المرة

" مغامراتي ؟!"

وقبل ان يرد حارث جاء من خلفه مباشرة صوت ساخر بنبرة غامضة " دوماً لم تعجبني احاديث رواق الحمامات في المطاعم.. يجعلني اشم رائحة نتنة .."

لاول مرة يواجه رعد صعوبة كهذه في ضبط انفعالاته ليبدو بظاهر مختلف عما يبطنه..

لقد تعلم عبر السنوات الماضية في الغربة كيف يُظهر ما يريده فقط ويطمر الباقي عميقاً فلا يصله أحد على الاطلاق .. لكنه الآن .. غاضب ... وغضبه غير مألوف له.. ويكاد يفلت منه ليخرج هادرا للعلن.. !

غاضب لانه بعد ان لمح حارث وتعرف عليه لم يتحكم بنفسه لاكثر من دقيقتين ليستأذن بعدها ويغادر المائدة ..

غاضب لان خطاه كانت تقوده بتعجل لا يريده حتى يلحق برقية ويعرف ماذا يريد منها.. حبيبها السابق !

غاضب لانه كلمتيّ (حبيبها السابق) لم تعد تزعجه فقط وانما تحرقه بشعور فتّاك لم يختبره يوماً ولا يريد ان يختبره !...

غاضب لانه لم يسمع من حوار هذا الاحمق الابله امامه مع رقية الا في جملته الاخيرة

(" بالمناسبة .. كل اخبارك ومغامراتك في الجامعة تصلني .. ")

وجملته هذه تثير فيه امواجا وامواجا من الغضب ولا يفكر الا ببطحه ارضا ولكمه على وجهه حتى تضيع ملامحه ...

مدّ حارث كفه وهو يبدو عليه بعض الارتباك قائلا بابتسامة سخيفة

" مرحباً .. انا حارث ..كنت زميلا مقربا لرقية.. رأيتك تجلس معها ومع العائلة على مائدة واحدة قبل قليل .."

بدا حاجبا رعد اكثر حدة وهو ينظر لكف حارث الممدود ثم تمتم بنبرة ساخرة حملت حدة واضحة " آآآ .. نعم .. العائلة .. "

لم يمد رعد يده ليصافح يد حارث بل رفع نظراته مباشرة لوجه حارث وتحديدا لاثر ندبة صغيرة في جبينه تكاد تختفي تماما ليقول بابتسامة مستفزة " من اين تحصلت على هذه الندبة في جبينك .. تعجبني حقاً .."

اتسعت عينا حارث قليلا بينما يلتفت لرقية بحقد فيراها تبتسم بوقاحة واستمتاع فيكز على اسنانه ويقول بانسحاب " عن اذنكما .. زوجتي بانتظاري .."

ترمش رقية بعينيها في حركة انثوية مسرحية مضحكة قائلة بابتسامة واسعة

" تحياتي لزوجتك المصون .."

فيزم شفتيه ليرد عليها ببعض الرعونة التي افلتت منه " وتحياتي للدكتور سامان .. سمعت انك لا تفارقينه في الجامعة خاصة بعد ان دعمك في التعيين .."

لولا ارادتها القوية لتلاشت ابتسامتها من التلميح الحقير الذي أطلقه كرصاصة طائشة..

نظراتها تحركت سريعاً ورغماً عنها نحو رعد فتراه بوجه لا تعابير فيه فقط يحدق فيهما معا بصمت وفم مطبق ...

اخيرا قال رعد بصوت خطير لم تعتده منه رقية " ارحل لزوجتك يا ... حارث ... ستقلق عليك حتماً إن تأخرت اكثر .. هنا .."

اتسعت عينا رقية بينما تزغرد مشاعرها فرحاً وهي تلمس التهديد المبطن الذي ألقاه رعد في وجه حارث ...

انسحب حارث سريعا لكن حقده لم ينسحب ..

تتوتر قبضتان الى جانبيه وهو يعود مخذولا الى مائدة زوجته التي لا يطيقها...

لكن الخذلان ليس الا حطبا لنار الحقد...

بقي رعد ورقية متواجهين في صمت للحظات قصيرة قبل ان يسأل رعد بهدوء

" من الدكتور سامان ؟"

كانت تائهة ! بل دائخة .. رأسها يدور وقلبها يدور وكلها تدور حول نفسها ..

ما هذا الشعور اللذيذ الذي يكتسحها للمرة الاولى في حياتها ؟ هل الحب يفعل كل هذا ؟!

تبتلع ريقها وهي تخفض نظراتها تدعي اللامبالاة الساخرة وهي ترد بوقاحة " ألم تسمع ما قاله حارث ؟ انه الشخص الذي لا افارقه ابدا في الجامعة .. "

لم تسمع صوته يرد بينما تحدق هي في حذائها الصيفي الابيض واظافر قدميها المصبوغة بلون لؤلؤي جذاب ...

رغماً عنها اخذت تتململ بتوتر وعندها فقط تكلم رعد ليعود لاسلوبه الساخر المعتاد منه " لماذا انت متوترة هكذا ؟ لا تقولي ان الوقوف على هذا الكعب العالي بات يتعبك "

رفعت وجهها اليه بتحد وشموخ لتقول بنفس الوقاحة والجرأة " بل لاني اريد دخول الحمام منذ عشر دقائق وهذا السفيه كان يوقفني ليثرثر بخيلاء عن نفسه وزوجته المصون وهو ينفش ريشه .."

ثم ترمش له كما فعلت مع حارث من قبل لكنها تبتسم ابتسامة واسعة مختلفة لتشوح بيدها وتضيف " عن اذنك يا دجال .. وشكرا لانك لعبت دور (الفارس) .. رغم انك لا تجيده كثيرا .."

فيتساءل هازئا وهو يستدير بجسده " وهل كنت تريدين ان ابطحه ارضا مثلا ؟!"

فترد رقية بخذلان انثوي رومانسي وهي تراه يبتعد " هذا اقل تصرف متوقع من (الفارس) في احلام الفتيات .. لكنك فاشل .."

يضحك بلا مبالاة وهو يواصل الابتعاد مدندنا بالاغنية الشعبية ذاتها التي كان يتراقص عليها قبل قليل ...

تفتح رقية باب الحمام اخيرا وهي تتنهد بمزيد من الاحباط .. تحاول ان تضع الامور في نصابها ولا تعرف كيف ..

هل يغار ام لا ؟ هل يشعر بشيء نحوها ام لا ؟ هل احبطها ؟ ام ... لا ؟!

هل ستقتل حارث يوما؟! مؤكد.. نعم !

وهذه المرة ستحشر كعب حذائها في انفه الكبير ليموت اختناقاً ..

فجأة هزتها فكرة او ربما معرفة ...

رعد أتى خلفها .. أتى لاجلها .. لا بد انه رآى حارث يأتي في إثرها وقرر اللحاق بهما ..

لقد كان يراقبها ! واتى ليحميها ..

لم يأتِ صدفة الى الممر .. وقد عاد من حيث أتى حالما اطمأن لرحيل حارث ودخولها الحمام بأمان..

تهلل وجهها واتسعت ابتسامتها المنعكسة في المرآة الصغيرة ، بل وأخذت رقية تتراقص هناك وتهز كتفيها وتميل برأسها يمينا وشمالا وتفرقع باصبعيها مطلقة اصوات الانتصار والفرح ...

تكلم نفسها بانتصار " لقد نجحتِ ايتها الخلطة السحرية .. لقد أتى خلفك .. أتى خلفك .. هذا يعني انه يهتم .. يهتم.. يهتم.."

تواصل تراقصها وتهليلها الخافت حتى لايسمعها احد ويظنها مجنونة ترقص في الحمام !







يجلس رعد على كرسيه بينما يوبخه عبد الرحمن ببعض الحنق " لماذا دفعت الحساب كله .. لم نتفق على هذا .."

يتبسم رعد ويقول " انا صاحب الدعوة فلا تحشر انفك وتصدع رأسي .."

يناظره عبد الرحمن ببعض الاستغراب ثم يسأله بصوت خافت " تبدو متوترا او منزعجاً .. هل حصل شيء ؟"

يهز رعد رأسه بلا مبالاة ثم يلتقط كأس الماء البارد امامه ليشربه كله دفعة واحدة ..

مشاعر كثيرة توتره .. لا يعرف كيف يفصح عنها حتى لنفسه ! لم يعد يعرف ما تمثله له رقية العطار ... لم يعد يعرف ما تثيره في نفسه هذه الدمية بانفها الكبير وكعبها العالي .. ولماذا يهتم هكذا بكلام ذاك الشاب السخيف عنها ؟ لا بد انه اراد الانتقام منها وهو يلمح بخسة الى اسم (الدكتور سامان) ...اللعنة ! لماذا يهتم من الاساس بكل هذا ؟! لماذا يغضبه الامر اشد الغضب ؟!






يتبع ...

كاردينيا الغوازي 07-08-18 09:09 PM

بيت يحيى وحبيبة .. بعد ساعة





دخل يحيى البيت حاملا ابنته الصغيرة النائمة على كتفه ليأخذها الى غرفتها وسريرها بينما تخلع حبيبة حذائها بتعب وتتحرك بحملها الثقيل المرهق الى غرفة النوم وهي تفك عقدة شعرها ...

تمددت على السرير بملابسها واغمضت عينيها والتعب يمتد لكل جزء من جسدها ..

يبدأ الطفل بحركات لولبية حماسية في بطنها فتكاد تبكي إرهاقا ..

تهمس له وهي تضع يدها فوق بطنها " اهدأ يا صغير .. اهدأ اتوسل اليك .. اريد النوم لساعة واحدة فقط .."

شعرت بدخول زوجها ثم اقترابه الهادئ المريح من سريرهما ليجلس قربها ويداعب بطنها بكفه قائلا " استرخي .. استرخي حبيبتي.."

تطيعه وهي مغمضة العينين وتشعر باصابعه تمر فوق جسدها في تدليك مريح يخفف عنها الكثير من اوجاع العضلات التي باتت تعاني منها الاسبوعين الاخيرين ...

وبينما هي تسترخي تماما له يبدا معها يحيى حوارا جديا غير متوقع

" اخبريني حبيبة .. الى اي مدى كنتما انت واسيا مدركتين للعطب العميق الحاصل مع اختيكما الصغيرتين بعد زواج والدكما بزوجة ثانية ..؟"

فتحت حبيبة عينيها وهي تحدق بوجه زوجها المشرف فوقها فتبدي دهشة شديدة وهي تسأله " ما الذي جعلك تفكر بهذا الآن ؟!"

فيرد يحيى وهو يواصل تدليكه لجسد زوجته

" بعض الامور التي الاحظها على رقية .. عدا ما حصل مع رباب قبلها ورفضها الزواج بعبد الرحمن .."

تعقد حبيبة حاجبيها وتتساءل " هل تظن ان رقية لديها عقدة من نوع ما كرباب ؟ لكني اراها مختلفة جدا .. "

يتوقف يحيى عما يفعله من تدليك ليركز بكلامه ويقول شارحاً " مؤكد مختلفة .. لا وجه للمقارنة بينهما .. لكن الاثنتين تأثرتا بعمق وقد كانتا بعمر صغير وحساس .. وكانت النتيحة ان رباب تقوقعت داخل نفسها وكتمت الآمها فلم تنطق حتى بالـ(آه) لكنها اصبحت منطوية بمشاعرها كانثى بل وترفضها وهذا كان سبب معاناتها مع عبد الرحمن وهي ترفضه .. "

صمت لحظة بينما تنتظر حبيبة باهتمام ليكمل يحيى قائلا باسهاب خاص

" اما رقية فردة فعلها انها اقصت اي شيء مؤلم لم تحتمل مواجهته .. ابقت الجزء الوردي من الحكاية لتكون ايجابية ومنفتحة للحياة بما يناسب شخصيتها وتجاهلت الجزء الحالك واستخدمته فقط ليمدها بالقوة وحتى القسوة ان استدعت الامور.. كل هذه الوقاحة والجرأة منها هي نوع من حماية الذات .. تريد ان تبدو .. بل.. تريد ان تكون قوية .. اقوى من اي موقف تواجهه.. اقوى من العاطفة .. اقوى من الضعف الانثوي .. اقوى من الحياة نفسها... لذلك تصر ان تحمي نفسها بنفسها ولا تعترف بالاخطاء بل تواجهها بصلف وعناد .."

تتحرك حبيبة من رقدتها فتعتدل جالسة على السرير ويحيى عفوياً يساعدها ويرتب الوسادات خلف ظهرها ثم تقول " ربما لم أفكر يوماً بهذا العمق نحوهما الا مؤخرا .. لا ادري هل هو اهمال مني ام لاننا نظن الصغار اقل عرضة للاذى من المواقف السيئة.. "

تسرح حبيبة لسنوات مضت وحال اختيها الصغيرتين يوم وفاة والدهن ..

لعام كامل ظلت رباب ترفض الاختلاط بأهل الحي وحضور المناسبات .. بينما رقية كانت تريد الخروج والاندماج وكأن شيئا لم يحصل!

ثم تذكرت هوس رقية تحديدا بسماع قصة والديهما وكيف ألتقيا لاول مرة واحبا بعضهما وزواجهما ..

لقد كانت تلح دوماً على امهن ان تعيد سرد نفس الحكاية على مسامعها .. دون ملل!

جاءها صوت زوجها قائلا برفق " كان يجب ان تعرضوا الصغيرتين على اختصاصي ."

فترد حبيبة ببعض العبوس

" انت تعرف يا يحيى ليس لدينا متخصصين جيدين هنا .. هذه الامور لم تأخذ اهميتها كما في بلاد الغرب .."

صمت يحيى بينما تغرق حبيبة في الماضي..

تتذكر تلك الايام بنظرة مختلفة ..

تعترف لذاتها ببعض الخزي انها كانت انانية ولم تشعر الا بغضبها من والدها وكيف خذلهن .. لقد نسيت في زحام الغضب والخذلان ان لديها اختين صغيرتين تحتاجان لمن يطمئنهما.. لمن يسألهما عن شعورهما .. لمن يساعدهما لتعبّرا عن دواخلهما المتخبطة وصدمتهما المفجوعة..

لقد اخطأت ! اخطأت بانانية وحمق ...






يتبع ...

كاردينيا الغوازي 07-08-18 09:10 PM

بعد ايام ... الثلاثون من شعبان ... عصرا

بيت الصائغ



يشرب رضا من قهوته وهو يكتم ضحكته بينما يسمع امه بدرية تسخر من امه سعاد قائلة " ما اخبار الـ (واتس اب) اليوم يا حاجة سوسو ؟ اضيئي عقولنا بانوار المعرفة .. هل ارسل لك ذاك المحتال صورا جديدة له وهو ينشر الغسيل في بيت سعدون؟"

تركز سعاد النظر وهي تقرب الشاشة من وجهها لتصبح الرؤيا اوضح ..

فتضيف بدرية ضاحكة من حالتها " البسي نظارتك يا عجوز ..."

لكن الحاجة سعاد تشوح بيدها وهي تقول بلا تركيز " لا ادري اين وضعتها .."

وفجأة تضحك سعاد من قلبها ثم تقول بين ضحكاتها

" هذا الفتى خفيف الظل بشكل لا يوصف .. كل نكاته تجعلني ابكي من شدة الضحك.."

تضرب بدرية كفا بكف وتلتفت لرضا وتقول

" امك جُنّت يا ابا جعفر .. هذا الفتى أكل عقلها .. او ما تبقى منه .. عوضنا على الله !"

يهتز كتفي رضا وهو يضحك بصوته الرجولي بينما ترتفع ضحكات الحاجة سعاد من جديد وهي تبدو في عالم اخر بعيدا عن رفيقتها التي توبخها ..

ترفع بدرية عينيها للسقف قائلة بشكوى مضحكة " لم يكن ينقصنا يا رب الا ان تراهق العجوز في اخر عمرها .. هل اجرها من شعرها الاشيب ام ادفعها لتقع عن الكرسي واكسر عظامها الهشة.. "

يمسكها رضا الضاحك من ذراعها ويقول لها

" دعيها أماه .. انها تستمتع بوقتها معه .. "

تضحك بدرية اخيرا وهي تميل اليه وتقبل لحيته ثم تتكلم بجدية هذه المرة تاركة المزاح جانباً لتقول

" يا ابا جعفر اريد ان اكلمك عن البستان الذي ورثته عن ابي رحمه الله .. انت تعرفه .. ذاك البستان في ناحية (...) على اطراف العاصمة.. "

فيرد رضا متسائلا " نعم اعرفه بالتأكيد .. ما به؟ هل هناك مشاكل لا سمح الله ..؟"

تشرح له بدرية قائلة " الفلاحون هناك يشتكون من بعض الامور واخوك عبد الله ليس لديه الوقت ليذهب الى هناك .. "

يتبسم رضا بحنو وامه بدرية تذكر ولدها عبد الله كأخ له .. هي احدى النعم التي أكرمه الله بها ان يكون له اخوة واخوات في الرضاعة ...

يسألها برقة ولد بار بأمه " هل تريدين مني الذهاب لارى شكواهم أماه ؟"

تربت على ساقه وهي تقول بامتنان " لا اريد ان اثقل عليك بنيّ .. لا ينقصك الا انا ومشاكلي لتحملها فوق كتفيك.. كل ما اريده منك أن تتصل بهم وتنظر ماذا يحتاجون.. "

ثم ترقق نظراتها وهي تضيف " ابو عبد الله لم يعد طويل البال كالسابق واخاف ان يثير سخطهم أكثر بكلام يصدر منه.."

فجأة هتفت الحاجة سعاد وكأنها طفلة مبتهجة " رعد يقول .. دعونا نذهب لنفطر اول ايام رمضان في بستانك يا بدرية .."

ينفجر رضا ضاحكاً بينما تهتف بدرية بعبوس وهي تدعي الحنق " الله اكبر ! ومتى علم بوجود البستان ؟!"

فترد سعاد بفخر وهي تلوح بهاتفها النقال

" انا اخبرته الآن ..."

تواصل بدرية دور التوبيخ والحنق قائلة

" حسبي الله عليك من امرأة فتانة .."

تعبس سعاد وترد باستهجان " انا فتانة؟! ام انت البخيلة ؟!"

ترفع بدرية حاجبها وتميل لرفيقتها تضيف مزيدا من التوبيخ " يا امرأة راعي شيبتك .. "

ترفع الحاجة سعاد يدها لتمررها على شعرها الاشيب وهي تقول بترفع مضحك " شيبتي سأصبغها بالحناء من جديد .. رعد سيشتري لي حناء جديدة من السوق الكبير "

تلتفت بدرية لرضا وتقول بتعابير جدية

" امك خلعت رداء الحياء يا ابا الرجال .."

بوجهه الضاحك يناظر امه ويناغشها بصوت أجش عميق " يا حاجة سعاد هل تحاولين اثارة غيرتي عليك ؟"

ترتبك الحاجة سعاد لكنها تحنق وهي ترمق بدرية بغيظ وكأنها تلومها لترد على ولدها البكر بالقول " وماذا فعلت انا يا رضا ؟! الا يحق لي وضع الحناء ؟"

لترد بدرية مشاكسة اياها بالقول

" لم تفعليها منذ وفاة زوجك .."

تشوح سعاد بكفها الممتلئ وهي تقول " لقد مرت عشر سنوات .. والحزن في القلب .."

لم تحتمل بدرية لتضحك وهي تقول لرضا

" ألم أقل لك جنت المرأة على كبر .."

فترد عليها سعاد بغيظ متزايد

" انت هي المجنونة يا امرأة .."

تحرك بدرية حاجبيها صعودا ونزولا لتغيظها اكثر بالقول " بل انتِ .. رحم الله الحاج عقيل نسي ان يربيكِ قبل ان يرتحل الى ربه.. وعلق برقبتي هذه المهمة العويصة .."

فاض كيل سعاد من مشاكسة رفيقتها وكالعادة عندما تحشرها في الزاوية تطالبها الرحيل " بدرية .. خذي قهوتك وبستانك وعودي لبيتك .. انا سأجد بستانا بنفسي لنفطر فيه .. الفتى محروم منذ سنوات يا قلبي عليه .."

يكمل رضا قهوته وهو يضحك بخفة بينما تلتقط بدرية فنجان قهوتها هي الاخرى لترتشف منها غير مبالية بغضب سعاد بل تنغزها بالقول " سلم الله قلبك الرقيق وقلب المحروووووم .. "

هتفت بها حانقة " بدرية !"

فترد لها بدرية بنفس النبرة وهي تضحك

" سعاد !"

يتدخل رضا ليفصل بين اميّه قائلا " حسن .. سيكون تغييرا حلوا ان نذهب للبستان نفطر هناك وايضا نرى شكوى الفلاحين بانفسنا.. ويمكن ان ندعو خطيب شذرة ايضا ليحضر معنا .. ما رأيكما ؟"

هتفت سعاد بفرح غامر " سلم لي الفم الذي ينطق بالذهب يا حبيب اميّك .. مضى زمن طويل لم اخرج فيه .."

ثم حولت مباشرة كل تركيزها لتكتب بتعثر في هاتفها النقال وهي تكاد تدخل بكل وجهها عبر الشاشة الصغيرة ..

تعاود بدرية نغزها وهي تقول " الآن اصبح الفتى حبيب أميّه ؟! كان الغيظ والغيرة تقتلك كلما ناداني (اماه) ! اكتبي.. اكتبي يا حاجة سوسو وراجعي املاء كلماتك لا تفضحينا.. اكتبي وابلغي المحروم اخر الاخبار .."



يتبع ...

كاردينيا الغوازي 07-08-18 09:11 PM

بيت العطار



دخلت شذرة غرفة خالتها ابتهال وهي تقاوم ترددها .. منذ ثلاثة ايام تفكر بمصارحتها بكل شيء فلم تعد تطيق ما يحصل ..

لا يمكن ان يكون الزواج بهذا الشكل !

لقد انتظرت اي فرصة لتختلي بالخالة ابتهال فاستغلت ان رقية اليوم على غير العادة أصرت على شطف المرآب بنفسها ...

اخذت نفساً وأطلقته بهدوء وهي تجلس على الارض قرب الخالة ابتهال التي تحب احيانا قراءة القران بعد اداء صلاة العصر ..

اغلقت الخالة ابتهال القران ووضعته مكانه على الحامل الخشبي المزخرف بينما تبتسم لشذرة وتسألها بتحبب " بماذا تريد ان تكلمني العروس وهي مرتبكة هكذا ؟"

الدفء العفوي في صوت الخالة جعل شذرة تتشجع وتسترخي قليلا لتسارع الى القول قبل ان تتراجع خجلا " خالتي اريد ان اكلمك بأمر هام يخص مصعب .."

تقلق الخالة ابتهال وهي تنظر لوجه شذرة المتوتر لترد عليها بالقول " خيراً يا ابنتي .."

وخلال ربع ساعة كانت شذرة تسرد دون انقطاع كل ما يحصل بينها وبين خطيبها منذ ارتبطت به ..

كل شكوكه .. كل كلامه المبطن .. وتلميحاته التي تعتبرها شذرة مهينة لها ..

اخبرتها عن اسلوبه القاسي احيانا عندما لا يعجبه شيئا تفعله .. او حتى تصرف عفوي منها.. كما حصل البارحة عندما أصرت امه ان تاتي بنفسها مع مصعب لتأخذ شذرة الى بيتهم كي تمضي بعض الوقت معهم وتشاركهم الغداء وقد دعت ايضا ولديها الاخرين وزوجتيهما ..

لا تعرف شذرة سبب الذي حصل حتى اللحظة..! لكن مؤكد هناك سبب لكل افعال مصعب العجيبة ..

كانوا قد أنهوا الغداء للتو ويتناولون الحلويات وقد أخذت شذرة تتكلم مع اخيه الاصغر حيدر حول العمل بالمدرسة وحتى زوجته أفنان شاركت في الحوار رغم ان شذرة لم تعجبها أفنان كثيرا وقد بدت مغرورة بعض الشيء بجمالها الا انها لم تفعل ما يضايقها شخصيا .. لكن فجأة هبّ مصعب على قدميه وسط الحوار وهتف بشذرة في حدة وهو يرمقها بنظرات مخيفة قائلا ان عليه ايصالها للبيت في التو واللحظة..!

الجو كله توتر بشكل غريب وساد الصمت بينما سارعت ام مصعب لتهرول حتى ترتدي ملابس الخروج كي ترافقهما في طريق العودة..

لم تشعر شذرة انها صمتت وسرحت بكل ما حصل بالامس من جديد .. لقد كان الامر غريبا للغاية والاغرب ان مصعب تغير حاله حالما ركبوا جميعا السيارة فعاد مسترخيا ولو بشكل ظاهري ويمزح معها ومع امه !

أخرجها صوت الخالة ابتهال من صمتها ذاك وهي تقول " اسمعيني يا شذرة .. انت غالية علي وكأبنة لي .. وسأنصحك بما كنت سأنصح به احدى بناتي .. اصبري عليه أكثر.. ربما لم تعتادي اسلوبه بالكلام وقد تكتشفين لاحقا انك كنتِ تفهمينه بشكل خاطئ .. تحصل كثيرا صدقيني يا ابنتي.. "

تطلعت اليها شذرة واشفقت عليها للحظة ..

انها من الجيل القديم الذي يؤثر الصبر على الزوج كما لا تحب فسخ خطبة عقدت ..

انها تفهمها وتتفهم قلقها .. ربما الخالة ابتهال لا تستطيع ان تحبها كحبها لبناتها الاربعة لكنها واثقة ان لو احدى بناتها مرت بنفس الوضع كانت ستنصحها المثل دون ريب..

ثم اضافت الخالة ابتهال بجدية وكأنها تطمئنها " ولا تقلقي .. نحن ما زلنا على البر .. من الآن وحتى عيد الفطر ادرسي الوضع اكثر واذا شعرتِ انك لا تريدين اتمام الامر .. اخبريني وعندها سنتصرف بما يريحك .."

تمتمت شذرة بالشكر وهي تطرق قليلا بتفكير داخلي ..

لقد باتت تشعر انها كبرت كثيرا وتغيرت شخصيتها مذ تقدم مصعب لخطبتها .. تشعر انها باتت اكثر واقعية وصبراً وتفهما للحياة ..

سألتها ابتهال فجأة " كيف امه معك ؟"

ترد شذرة بصدق " انها امرأة طيبة للغاية .. تتصل بي كل يوم وتعاملني بمحبة كبيرة وكأني ابنتها.."

تتمتم ابتهال ببعض الارتياح " الحمد لله .. والده ايضا رجل طيب ودمث الاخلاق .. "

تعلق شذرة قائلة " لم اكلمه كثيرا لكنه يبدو طيبا وهادئ الطباع.. اخواه ايضا لطيفان وبسيطان.. "

" اجل لاحظت انهما بسيطان عندما لبينا دعوة ام مصعب ... لكن زوجة الاصغر ..ما اسمها ؟ أفنان اليس كذلك ؟ اظنها مغرورة بعض الشيء على عكس زوجة الاكبر .. "

فتهز شذرة رأسها موافقة وهي تقول " نعم .. لم انسجم تماما مع أفنان .. ربما لانها ابنة خالتهم ومدللة كما فهمت من والدة مصعب.."

عندها قالت الخالة ابتهال ناصحة " لا عليك منها ولا تتداخلي معها كثيرا .. ما دامت امه طيبة معك فهذا اهم شيء لانك ستعاشرينها هي بشكل يومي ويهمني ان تكوني مرتاحة معها .."

لكن شذرة اعترضت بالقول " لكني سأتزوجه هو خالتي وليس امه ولا عائلته .. هو من سأعاشره حقا .. لا اعلم كيف سأحتمل اسلوبه المعقد الغامض المتشكك .. لقد وصل به .. الحال .. ان يسألني عن حارس المدرسة ومدى علاقتي به !"

اتسعت عينا الخالة ابتهال قليلا وهي تتساءل بدهشة " الحارس ؟! ذاك الرجل كبير بالسن وليس من عمرك ولا مقامك ليغار منه .. ماذا جرى لمصعب ؟!"

قالت شذرة بقلق حقيقي " لا اظنها الغيرة خالتي .. هناك امر ما في مصعب يخيفني احيانا .. طبعه صعب .. صعب جدا .."

تنهدت الخالة ابتهال وهي تقول " لا حول ولا قوة الا بالله .. مع هذا نتروى صغيرتي ولا نتعجل .. كما قلت لك ربما مجرد اختلاف في الطباع واسلوب الكلام .. اصبري وفكري جيدا قبل ان تتخذي قرارك .."

نظرت اليها شذرة وشعرت بالذنب لانها تحملها هذا الهم .. ابتسمت لها ومالت لتقبل خدها وهي تقول " حاضر خالتي ... لا تقلقي .. لن اتعجل شيئا ابدا .."

ثم وقفت شذرة على قدميها لتغادر الغرفة والخالة ابتهال تدعو لها بالخير ..
توجهت شذرة ناحية الدرج وبينما ترتقي درجات السلم انتابها احساس بالراحة ..





يتبع ...

كاردينيا الغوازي 07-08-18 09:12 PM

في الشارع ...



ببلوزة قديمة منذ ايام الثانوية وببنطال (الاحباط) الذي ترتديه عندما تكون بمزاج سيء كانت تقف رقية بباب المرآب ترش الماء من الخرطوم وهي تعقد حاجبيها بضيق ..

وجهها خال من اي مساحيق وشعرها مرفوع كذيل حصان قصير بينما عيناها تدوران بسرية خاصة بحثاً يائسا عن اي وجود لـ...ـه...

لقد اختفى .. تبخر .. وكأنه لا يسكن البيت المجاور .. الحائط للحائط !

منذ يوم المطعم وهي لم تره ولا تفهم كيف يفعلها ويخرج ويدخل دون ان تقع عليه عيناها..

كانت قد قررت ان لا تذهب لدار الازياء مرة اخرى حتى لا تبدو وكأنها ترمي نفسها في طريقه خاصة مع ملاحظات رباب المزعجة..

لكن غيابه طال كثيرا وحدس كئيب كريه يخبرها انه يتعمد الابتعاد عن طريقها..

" مرحبا يا صغيرة ..."

جاءتها التحية المغيظة ضمنياً في توقيت صعب حقاً.. رفعت رقية نظراتها من الارض ناحية السيارة الانيقة التي توقفت قبالتها للتو لترى وجه رجل اربعيني وهو يبتسم ابتسامة متصنعة ومنفرة بطريقة غريبة ..!

ولانه اغاظها بكلمة (صغيرة) فردت عليه وهي تتصنع دور المراهقة (كما يعتقدها هو) قائلة باسلوب سمج سخيف" مرحبا عمووو .."

لم يهتم بسماجتها المتصنعة وقد بدا محدد الهدف وهو يسأل باسلوب لطيف لم تحبه ايضا منه " ابحث عن بيت الصائغ يا حلوة .. عن عبد الرحمن الصائغ تحديدا .. هلا ارشدتني ؟ "

نزعة شريرة داخلها ارادت ان ترسله لعنوان خاطئ لكنها بمزاج سيء حقاً ولا تريد الا الدخول للبيت بعد كل هذا الاحباط الذي تواجهه ..

رفعت سبابتها وهي ترد مشيرة للجهة المقابلة لها " انه هذا البيت قبالتنا .. لكنك لن تجده .. لقد خرج قبل قليل مع زوجته .."

يغمزها الرجل فاشعرها بمزيد من النفور التلقائي ثم يقول " لا بأس انا اريد في الواقع صديقه .. رعد العبيدي .."

تغير مزاج رقية كلياً وقد تنبهت كل حواسها ولمعت عيناها بتحفز تلقائي وهي تتساءل

" انت تعرف رعد ايضا؟"

يبدو ان الرجل فسر ردة فعلها انها اهتمام مراهقة فضحك قليلا ثم رد عليها " نعم انا .. على معرفة قديمة وطيدة برعد وجئته بزيارة و... رسالة .."

شيء ما تغير في صوته عندما ذكر كلمة (رسالة).. في لحظة واحدة قررت رقية ما ستفعل .. قالت بابتسامة شقية " رعد لم يعد يسكن ببيت الصائغ يا عمو .. لقد انتقل هناك الى البيت المجاور لبيتنا .. بيت العم سعدون القاضي .."

يتبع الرجل اشارتها الجديدة بنظراته الغريبة ثم تكتسي الجدية وجهه وهو يتحرك بسيارة قليلا ويلوح لها بيده قائلا" شكرا .."

راقبته رقية وهو يوقف السيارة امام بيت العم سعدون بينما تسارع لتدخل للبيت ومعها خرطوم الماء فتغلق الصنبور وتتجه بخفة القطط ناحية الجدار الفاصل بين بيت العطار وبيت القاضي ..











بيت سعدون القاضي.. المطبخ..





يبتسم رعد وهو يرسل الرد للحاجة سوسو ومعها صورة من العصير الطبيعي الذي يصنعه بنفسه بينما العم سعدون يبدو نزقا متذمرا غير راض كعادته وهو يقول " قلت لك لا احب عصير المشمش.. هل فقدت عقلك لتشتري عشرة كيلوغرامات منه كي تصنع منه العصير فقط ؟! "

يضع رعد الهاتف جانبا ليعود لما يصنع وهو يقول بفخر " الحاجة سعاد هي من نصحتني به وعلمتني طريقتها لاصنعه .. سنضعه بالمجمد ونستخدمه طوال شهر رمضان.. انه مفيد للصيام وسيفيدك ان تشرب منه الليلة .. سيمنع عنك العطش غدا.."

يتأفف العم سعدون بينما يميل اليه رعد ويضيف بصوت مغيظ خافت وكأنه يشاركه سراً " و... سيسهل الامور يا عم .. صدقني لن تعاني الامساك في الحمام بعد اليوم .. "

يشهق العم سعدون باستهجان وحرج فيهدر بغضب " ايا قليل الادب والحياء .. ! ثم من قال لك اني اعاني.. الامساك ؟! "

يغمض رعد عينيه ويضع يده على صدره ويرد بنفس الخفوت " لا تخف يا عم .. لن اخبر احدا .. فأنا .. ماذا يقال بالامثال .. امممم .. آآه تذكرت .. انا ستر وقِدْر عليك .."

يدفعه العم سعدون بعيدا عنه وهو يوبخه بالقول الحانق " المثل هو (ستر وغطاء) يا فصيح ! هذا ما اخذناه من عشرة بلاد الغرب .. ضياع للاخلاق واللغة .."

يرن جرس الباب فيقطع هذه المشادات المألوفة بينهما ليتحرك العم سعدون وهو يقول بتذمر " ساذهب لافتح الباب بدل ان افقد اعصابي معك .. لا اعلم لماذا بتَّ لا تغادر البيت هكذا وتزعجني على الدوام بتصرفاتك ..؟!"

يضحك رعد وهو يغيظه اكثر قائلا " وماذا افعل وانا لم أعد اقوى على فراقك لحظة واحدة ... انت لا تقاوم ..."

فيضحك اكثر وهو يسمع العم سعدون يشكو لله مصيبته !

يركز رعد بما يفعل بينما ترن في اذنيه كلمات العم سعدون الغاضبة ..

(بتَّ لا تغادر البيت )

نعم .. لم يعد يغادر البيت ... او الاصح .. يقلل من مغادرة البيت وقد اصبح يجيد اختيار الوقت المناسب حتى .. لا يراها ..

شعور يسيطر عليه انه لا يريد رؤية رقية .. لا يريد الكلام معها .. لا يريد ان ....

أن ماذا ؟! هل يهرب ؟! هل حقا بات يهرب منها ومن المشاعر الغريبة التي تثيرها فيه ؟!

ام انه يشعر بالغضب منها وربما من نفسه ؟!

مشاعره نحوها مشتتة جدا وقوية جدا في ذات الوقت .. وبنفس القوة والتشتت داخله يرفض هذه المشاعر ايا كانت ..

داخله.. يسخر منه.. ومن سخافة ما ينتابه ..

داخله... يحاول تذكيره بشيء مألوف ما لكن رعد يغض الطرف ويختار تجاهل كل هذا دفعة واحدة ..

قطع عليه افكاره المتخبطة صوت العم سعدون وهو يقول بنبرة ارتياب " هناك رجل غير مريح في الباب يسأل عنك .. يبدو مختالا فخورا بسيارته الفارهة واناقة ملبسه المبالغ فيها وتلك الاسورة الذهبية في معصمه لم تعجبني على الاطلاق .. متباه متبجح .. اذهب وكلمه .. لكن لا تدعه للدخول فأنا لا احب الغرباء في بيتي .. خاصة عندما يكونون غرباء مريبين مثل هذا الرجل.."

يشعر رعد بالدهشة ثم يخطر بباله انه ربما يكون عمه فيتساءل برجفة قلب " هل هو كبير بالسن ؟! ألم يقل اسمه ؟"

فيرد سعدون وهو يعقد حاجبيه بتفكير بوليسي " لا .. ليس كبيرا بالسن ولم يذكر اسمه .. قال يريد مفاجأتك ! لكني سأعرف بطريقتي من يكون واعلمه درسا كيف لا يعرف عن نفسه امامي .. رجل قليل الادب والاحترام مثل صاحبه .. "

يرتاح رعد قليلا فيتقدم من العم سعدون قائلا بابتسامة عريضة مستفزة " لكنك تحب صاحبه لا تنكر .."

بنظرة تهديد يرد العم سعدون " اذهب يا فتى قبل ان اسكب العصير الماسخ هذا فوق رأسك .."

يضحك رعد وهو يغسل يديه ثم يخرج للزائر الغريب وهو واثق اشد الثقة ان العم سعدون سيوجه كل ادوات المراقبة التي يملكها نحو الزائر ليستكشف من يكون ..





بينما يسير رعد في المرآب الصغير لبيت العم سعدون متوجهاً ناحية البوابة اخذت ابتسامته تتلاشى شيئا فشيئا وهو يقترب اكثر ويتعرف على سحنة كريهة يعرفها جيدا .. يعرفها حد التقزز !

عيناه عبّرتا عن صدمته اللحظية لكنه كان سريع التصرف وهو يخرج عبر البوابة ليمنع الزائر الدخول وهو يسأل بصوت حاد خافت

" وميض ! ما الذي اتى بك هنا ؟"

فيرد وميض بتفكه كريه وهو يستند بجسده على مقدمة سيارته الحديثة قائلا

" ساقاي !"

الماضي كله عاد .. صدره يجيش صارخا بكل ذاك الماضي القذر وكأنه السم الزعاف .. خرجت الكلمات من فم رعد وكأنها سيتقيأ " ماذا تريد ؟"

يستفزه وميض بالقول " لماذا تخفض صوتك هكذا ؟! هل انت .. خائف ؟"

انفاس رعد تهدر بعنف وهو يعيد السؤال بنفس الخفوت الحاد " ماذا ... تريد ؟"

عينا رعد في عيني وميض فيرى فيها كل معاني العُهر ! اجل .. ليس هناك وصف لهذا الرجل غير العُهر ..

قال وميض بتشدق مع نبرة تهديد خافت بشع

" سعيد ان نبدأ بشكل مباشر .. باختصار ... جملة واحدة اقولها لك.. ابتعد عن غيداء..."

انفجر رعد ضاحكاً بقسوة ...

لم يكن يعرف ان هناك شخصان يناضلان ليسمعا هذا الحوار الخافت ..

العم سعدون من جهة المطبخ ورقية من جهة الجدار الفاصل في اخر الزاوية ..

لتكون ضحكة رعد اول ما يصل مسامعهما بوضوح .. شحكة جعلت جلد رقية يقشعر !

لقد باتت تعرف عن يقين الآن ان هذا الرجل لم يأتِ لرعد بخير .. ثم جاءها صوت رعد واضحاً اخيرا وهو يرد بنبرة لم تسمعها في صوته سابقا " اضحكتني ! .. جديا... اضحكتني .."

فيأتي صوت الرجل خافتا مرة اخرى لكن بشكل مسموع لرقية

" وانا جديا اقول لك يا رعد .. ابتعد عنها .. انا اعرف اختي اكثر مما تظنه هي .. انها تتلاعب مع عبد السلام من وراء ظهري .."

تتسارع نبضات رقية وعقلها يلتقط اشارات ومعان من كل اتجاه بينما يتخلى رعد عن حذره بالصوت الخافت وهو يرد على الرجل باشمئزاز واضح " وما علاقتي انا بالوضع المقرف لك انت واختك ؟!"

لتكتم رقية شهقتها وهي تسمع اجابة الرجل واضحة صريحة مفجعة " لانها تفعل كل هذا... لاجلك انت ..."

صدرها يعلو ويهبط بقوة وهي ملتصقة بالزاوية تسمع المزيد من الكلام المفجع

" حذاري يا رعد .. المرة السابقة جعلتك تهجر البلد لعشر سنوات .. هذه المرة لن ارحمك .. وسأجعل السجن مهجرك الجديد ربما لعشرين سنة قادمة.."

فيرد رعد بعنف هذه المرة " اضرب راسك باقرب حائط يا وميض وخذ رأس اختك معك .. انتما مجرد حثالة بشرية مررت بها في حياتي .."

فيضحك الرجل المسمى وميض ثم يقول بنبرة مستفزة وحقيرة " تؤ تؤ تؤ .. صوتك ارتفع وارى العجوز يتلصص بيأس علينا ... هل تظنه سمع هذا الحوار الشيق ؟ "

تتقبض يدا رعد وكم يود لو ينهال ضربا جنونيا بوميض لولا لمحة عقل منعته ..

وكأن وميض ادرك ان رعد على وشك ان يفقد اعصابه فآثر الانسحاب وقد أدى المهمة واوصل الرسالة وجهاً لوجه ..

فيرفع يده بتحية ثم يقول " رمضان كريم.."

ويتحرك ليعود الى سيارته بخطوات متماهلة مستفزة ثم ينطلق بها تاركاً رعد يقف مكانه عند بوابة المرآب والعنف يعصف به..

بينما رقية قريبة منه جدا دون ان يشعر بها .. لا يفصل بينهما الا جدار ..

رقية التي ما زالت تلتصق بالزاوية هناك تحاول فهم واستيعاب كل ما سمعته للتو .. فهمه ثم ايجاد رابط ليجمع هذه الخطوط الاشبه بمتاهة ليس لها اول ولا آخر ..

ووسط هذه المتاهة التي تعيشها يطغى عليها شعور عنيف انها تريد حماية رعد من مجهول مخيف..

مجهول اشبه بوحش قبيح يتربص به ...








يتبع ...

كاردينيا الغوازي 07-08-18 09:14 PM

الحي الصناعي .. مع مغيب الشمس



يسير خليل بين الناس في السوق الشعبي للحي الفقير وهو يتثاءب تكاد تغلبه حاجته للنوم بعد نهار طويل حار متعب في العمل..

لكنه يقاوم النعاس فلا يريد ان ينام باكرا الليلة ...

يتطلع للسماء الصافية التي بدأت تميل للحمرة يبحث عن هلال رمضان الذي لا بد سيظهر واضحا في السماء عندما تظلم ...

لون السماء اخذ يميل لزرقة بنفسجية وقد اختلط الازرق بحمرة الغروب ..

هذا هو لون... عينيها ...

عيناه ذابلتان من التعب وهو يتطلع للون (عينيها) المنعكس في السماء .. لم يتبق له من حلمه بشذرة الا ظلال عينيها البنفسجية ..

يخفض نظراته لينظر حوله يتطلع للناس الذي ينتمي اليهم وينتمون اليه ... يجولون الاسواق بحركة أكثر كثافة بكثير عن المعتاد يبحثون عن ارخص البضائع تحضرا لشهر رمضان...

ليلة اشراقة رمضان يجب ان تأخذ حقها من التسوق حتى مع الفقراء ..

يقترب خليل من بائع مثلجات بسيط الحال .. رجل عجوز يبيع المثلجات في الحي في نفس هذه الزاوية ومنذ سنوات طويلة ..

لا يعرف حتى اسمه لكنه يستطيع ان يصف تفاصيل عربته بدقة !

دوماً ركز بالعربة اكثر من الرجل ..

غريبة ذاكرة الانسان عندما تلتقط تفاصيل مشهد دون اخرى ..

كانت هذه العربة مصدر بهجته في طفولته حين يعود والده للبيت وينقده ليخرج راكضا كي ينال لذة مذاق الشيكولاته في فمه ..

حتى اخته خلود اعتادت على شرائها له ..

بحنين لذاك الاب الطيب قال خليل للرجل العجوز " مرحبا ياعم .. هلا اعطيتني مثلجات بطعم الـشـ.."

قاطعه العجوز باسما وهو يمد يده داخل عربته المثلجة قائلا " الشيكولاته .. انت لا تحب غيرها .."

تطلع خليل للمثلجات وهو يأخذها من يد العجوز .. هذه المثلجات هي الشيء الوحيد الذي تشاركه مع شذرة .. الصلة الوحيدة التي ربطته بها هي تشاركهما بنفس الذائقة ...

تذكرها وهي تلتهمها بشهية وتلطخ انفها الصغير بها ... محا الصورة مباشرة من ذهنه..

لا يحق له بهذا .. لا يحق ان يفكر بها هكذا خاصة وقد باتت على ذمة رجل آخر ..ليس اخلاقيا ولا منصفاً لأي طرف ان يظل يدور في فلكها هكذا ..

بملامح رجولية هادئة قال خليل للعجوز وهو يمد اليه النقود " شكرا .. رمضان كريم .."

يأخذ العجوز منه المال فيلثم الزرق بفمه شكرا لله ثم يضعها في جيبه ويرد على خليل بالقول " الله اكرم بني ... الله اكرم .."

اوشك خليل ان يتحرك مبتعدا عندما اخذ العجوز يتمتم بكلمات شعرية لم يسمعها خليل من قبل

" تبسم في وجه الهلال انه محبة لله يضيءُ ويضحكُ..


تبسم واطلب الاماني لعل الخالق بعين الرحمة يرأفُ ويحققُ .."


نظر خليل باستغراب للعجوز الذي تبسم في وجهه وأضاف

" تبسم يا بني.. فربما الليلة ليلتك .."

ودون ان يشعر شقت ثغر خليل ابتسامة وهو يرفع رأسه يطالع السماء وعندها رآى الهلال الرقيق.. يتبسم مضيئا ..








يتبع بتكملة الفصل في الصفحة التالية وهذا رابطها https://www.rewity.com/forum/t363302...l#post13519801...


الساعة الآن 07:19 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.