21-07-17, 11:34 AM
| #391 | ||||||||||||
 
|  اقتباس:
إن شاء الله حبيبتي بيكون.. اقتباس:
هنن اتنيناتهن منهم وسيمين بس جذابين بس يا حسرة ما لاقيت صور هيك،غيث اتعمدت ما حطلها توقيع يمكن بعدين 😉😉😉😉😉 | ||||||||||||
|
|
21-07-17, 11:41 AM
| #392 | |||||||||||
| اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته صباح الورد حبيبتي الفصل بيكون اليوم لأنه بكرا خارجة وما بدي أحرمكم من الفصل أظن عبداية المسا هيك بزله ، غالب صحح تلك اللغبطة بالأسامي أو بيصححها بفصل اليوم لذا ما تقلقي.. نورت حبيبتي 😙😙😙 | |||||||||||
|
|
|
21-07-17, 11:43 AM
| #393 | |||||||||||
| اقتباس:
راح يكون حبيبتي عالمساء بس الساعة لسه مش عارفة بشوف الكاتبات يالي بينزلوا ومواعيدهن عشان ما اخد وقتهن وبنزل. | |||||||||||
|
|
|
21-07-17, 03:24 PM
| #397 | |||||||||||
| اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته منورة حبيبتي وسعيدة برأيك وان شاء الله بتنوريني لاخر فصل في الرواية وما تحرميني من تعليقاتك 😙😙😙😙 | |||||||||||
|
|
|
21-07-17, 03:28 PM
| #398 | ||||||||||
| مسا الخيرات حبوباتي... كيفكن أنا راح نزل هلا لأنه عالمسا هيك بتوقيت السعودية طبعا في بنوتات كتار الهن مواعيد لروايتهن فانا ما بدي اخد وقتهن أو أسرق قارئاتهن لهاد قررت نزل هلا خاصة انه انا ياللي ما احترمت توقيتي بس والله اسفة ومتل ما قلت بالسابق فصل الصيف ما بيعرف الواحد امتين راح يخرج او شو راح يعمل من هلا لبكرة ، المهم الفصل بينزل هلا واعذروني مشان اللبكة يالاي بعملها،، بحبكن ويااارب يعجبكم الفصل. | ||||||||||
|
|
|
21-07-17, 03:29 PM
| #399 | ||||||||||
| الفصل الخامس : غابت عن الأنظار.. أخذتها سيارة الأجرة وغابت بها لمكان ما،لايعلمه إلا الله،كأنها لم تكن معه قبل ثوان قليلة،كأنه لم يكلمها،لم يراقبها،ولم يضحك كثيرا على سخافة تصرفاتها الطفولية، لكن حقا أليس كل شيئ في الحياة يسير بتلك الطريقة،تأتي الأشياء وحتى الأشخاص ثم يرحلون فجأة،مُخلفين أوجاعا بعكسهم،لا ترحل ولا تموت بل لا تُنتسى حتى!! زفر بضيق ليعود أدراجه للنادي،لكن ليس لحجرته السابقة وإنما للحفلة،حيث كان لايزال الجميع مندمجا بالموسيقى الصاخبة،رباه كيف يتحملونها؟؟ تحرك يدفع الجميع من أمامه برفق كي لا يضايقهم وعيناه الحدتان تبحثان عن رفيقتها،وبالفعل سرعان ما وجدها تتمايل بنعومة وسط أخريات وكلهن كن يستمتعن بوقتهن كما بدا جليا على ملامحهن.. اقترب منها محتفظا بمسافة محترمة بين جسديهما وفي نفس الوقت تستطيع معها سماعه،ليسألها بصوت صارم وجاد : ''هل أستطيع أخذ دقائق من وقتك يا أنسة؟؟'' تبادلت النظرات بدهشة مع رفيقاتها لكنها انتهت بهز رأسها له موافقة، تقدمها باتجاه الخارج وقد استوعبت عيناه الحدتان كل ما فيها بمجرد نظرة واحدة فقط إليها.. لم تكن كصديقتها أبدا،أولا ملابسها،أي نعم محتشمة نوعا ما لكن فيها شيئ من التحرر،نظرات عينيها جريئة زيادة عن اللزوم ما أكد له أنها ليست بالبراءة التي رآها في العيون السوداء الساحرة التي فارقته قبل قليل رغما عنه، والأسوأ أنها تبعته وهو الغريب عنها بدون تردد أو حتى سابق معرفة،وإيضافة لكل هذا،الحديث الذي كانت تجريه صديقتها الهاربة عنها مع نفسها.. توقف فجأة ليعتلي العبوس محياه.. مالذي يفعله بحق الله،إنه لا يتصرف بذلك التهور والإنقياد الأعمى خلف مشاعره بالعادة،هو ذكي ولا يخطوا الخطوة الا بألف حساب،فما الأمر معه الأن،هل هو فضوله فقط أو شيئ أخر قد يفتح عليه أبواب جهنم؟؟ "بما أخدمك سيدي؟'' هز رأسه يخرجها من أفكارها وضياعها ليسألها مباشرة دون لف أو دوران : "صديقتك صاحبة العباءة السوداء،من تكون،هي ليست عضوة في النادي أليس كذلك؟'' ضاقت عيناها عليه لتجيبه باستنكار حاد : "هذا لا يمنع مرافقتها لي،هي صديقتي وأنا عضوة بالفعل.'' سارع للتأكيد لها شارحا وهو يتمسك بالشيئ الوحيد الذي قد يجعلها تخبره ربما بهويتها : "لم أقل أنه هناك مانع قط،ما قصدته هو أنني لم أراها سابقا هنا،وللأسف هي فقدت شيئا ما خاص بها،حاولت اللحاق بها لأعيده لها لكنها رحلت بسرعة.'' أعلنت بدهشة وعيناها تتسعان بصدمة واضحة : "(جوري) رحلت،لكن متى وكيف،تركتها عند عند البحر من دقائق قليلة فقط؟!!!" أكد لها بثقة وعيناه تتفحصانها باهتمام : "لقد غادرت في سيارة أجرة،لكن هل اسمها (جوري)؟؟'' أجابته بصوت شارد وبعقل بدا له مغيب،هل تستغرب رحيلها بمفردها فقط أو هناك شيئ ما تخفيه : "(جوري الكاسب)،لكن لبد وأنه هناك خطب ما لقد جاءت معي ورحيلها بمفردها هكذا دون أن تخبرني حتى لا....'' ولم يعد يصغي لها،لقد قالت(جوري الكاسب) وذلك وحده من شأنه أن يجعله يحس كمن تلقى ضربة مفاجئة..قاتلة بمطرقة حديدية على أم رأسه، (جوري الكاسب)..(جوري الكاسب) لا غيرها في نادي أسرته..نادي عشيرة (آل.سعدي) كيف ذلك..كيف تجرأت على أن تخطوا بقدميها الصغيرتين لأرضهم كيف..كيف؟؟ طوال حياتهم وهم يسلكون طرقات معاكسة..مختلفة فقط كي لايلتقوا يوما، ولسنوات..لسنوات كثيرة،نجح كل فرد من أفراد العشيرتين بالإبتعاد كليا عن الطرف الأخر،العداء بينهم مستمر وقوي، تصلهم تهديدات ويردون بمثلها،حتى أنهم وبموت (جلال الكاسب) مؤخرا،كانوا أول من تمت الإشارة لهم بأصابع الإتهام،وذلك كان متوقعا في الواقع،مع ذلك لم يهتموا،فقط كثفوا الحراسة على أفراد عشيرتهم في حالة أرادوا الرد بالمثل،ابنة عمته هي من كانت تهمهم وتجمعهم بهم،هي وهي فقط من كانوا يداومون على تقصي أخبارها،ومحاولة الإتصال بها،لكنهم كانوا متشبثين بها،ماهرين في حمايتها،ووضع الحدود عليها،ولحد تلك اللحظة لايزالون يبحثون عن شيئ ما..أي شيئ يعيدونها به لهم،لتكمل قدرها،وتحقق أمنية جده،أن تتزوج فردا من أفراد أسرتهم،وليس أي واحد وإنما أفضلهم وأقواهم هو..(ضياء الدين..آل.سعدي). تنهد بصوت مرتفع ليتحرك مبتعدا تاركا رفيقتها تناديه متسائلة عم خلفته تلك (الجوري) وراءها لكنه لم يلتف لها ما كان يريده اعترفت به ببساطة وشرود وذاك ما يؤكد له رأيه السابق فيها،لم تكن تستحق صداقة حفيدة من حفيدات إبليس ، لكن ليس ذلك هو المهم في تلك اللحظة وإنما رؤيته بالفعل بل لقاءه هو شخصيا بإحداهن ولم تكن للأسف تلك التي يتلهف لها كل فرد مه أفراد عائلته،بل أخرى تحمل نفس كنيتها وربما نفس تهورها وسخافة تصرفاتها.. عاد لمكانه السابق يريد الإختلاء بنفسه والتفكير بعمق أكثر،لكن الغرفة لم تكن خالية تمام،ابن عمه كان جالسا يتصفح شيئا ما على شاشة الحاسوب والذي ما إن شاهده حتى سأله عابسا وبشيئ من الحدة : "أين كنت،جدي أكد لي بأنك ستكون هنا.'' أجابه بتعب وهو يتهاوى على أقرب كرسي : "كنت هنا لكن حدث ما جعلني أغادر.'' سأله بسخرية مريرة : "حسناء أخرى لم تستطع مقاومة سحر (ضياء الدين آل.سعدي)الذي لا يقهر؟'' رمقه بنظرة باردة، هما في نفس العمر تقريبا،فقط فارق بضعة أشهر ميزته هو عنه وجعلته الحفيد الأكبر،تربيا معا،دخلا نفس المدارس وأكملا تعليمهما أيضا في الخارج معا،لا يستطيع أن يقول عنه صديقه،لكنه يحترمه ويثق به،كما أنه والأهم من كل ذلك يحمل دمائه،دماء (آل.سعدي)،لكن تصرفاته الاعقلانية أحيانا تجعله يتردد في مشاركته ومصارحته بكل شيئ، أشاح بنظراته عنه أخيرا ليجيبه بهدوء مصطنع : "لست مثلك يا ابن العم،أخر ما يهمني هو الحسنوات وأنت تعرف ذلك جيدا.'' "طبعا فأنت موعود بمن تفوقهن حسنا ونسبا،حفيدة (إبليس) بشحمها ولحمها''. تحدث بغل واضح، لكنه لم يهتم له ليس كما اهتم بوقع الإسم على مسامعه،سابقا وعندما كان يأتي نفس الإسم على لسان أحدهم،والذي يرتبط بابنة عمته بالعادة،كان يتجاهل الموضوع أو حتى يتعامل معه بهدوء نسبي وحتى لامبالي،لكن والأن والإسم ارتبط بأخرى صارت تملك وجها..صوتا وجسدا في خياله ها هو يجد صعوبة في تجاهل الأمر، هو لا يعرف(روان)،لم يرها يوما وجها لوجه،أي نعم لها صورة تزين بهو القصر خاصتهم رفقة والدتها،لكنها كانت مجرد طفلة،معالمها غير واضحة بعد،وليكون صادقا لم يهتم كثيرا بمعرفتها،ليس كما يفعل (رواد)،الذي كان يراقبها منذ وقت طويل..طويل.. مسد جبينه بتعب ليلحقه بتنهيدة عميقة جعلت ذلك الأخير يستأنف حديثه لكن باهتمام وجدية في تلك المرة : "مالأمر (ضياء)،هناك ما يشغلك حقا،أليس كذلك؟'' هز له رأسه موافقا ليتمتم بحيرة : "حفيدة (إبليس) كما قلت لتوك،لكن ليس ابنة عمتك بل أخرى،أخرى تملك نفس كنيتها،لقد كانت هنا في النادي.'' وقف ابن عمه بسرعة ليقترب منه وهو يتساءل بلهفة : "هل أنت واثق..متأكد أعني،لكن لماذا وما اسمها؟.'' أجابه بشرود : "لو كنت أعرف لماذا،لما وجدتني بهذه الحيرة،واسمها (جوري..جوري الكاسب)." علق بانتصار وعيناه تلمعان بطريقة لم تعجبه : "أعرفها إنها ابنة عمها الأصغر.'' الأن حصل على كامل اهتمامه،حدق فيه بلهفة لم يدركها،ليسأله بسرعة وحماس لم يكن ليخفى عن ابن عمه الداهية : ''مالذي تعرفه عنها،ولما جاءت للنادي،هل تأتي غالبا وهل سبق ورأيتها أو.....'' قاطعه بغمزة وقحة وصوت ماكر : "رويدك يا ابن العم،يبدو أن (جوري) الصغيرة اصطادتك بسنارتها من أول لقاء بينكما؟!!" اصطادته!! دارت الكلمة في عقله تاركة وقعا مرا بداخله،ثم من مثله،هل يتم اصطيادهم بتلك السهولة؟ حدجه بنظرة ساخرة،أراد بها تشتيت انتباهه عن ما يعتريه حقا،ليجيبه بحجة واهية كانت وليدة تلك اللحظة : "كأنك لا تعرف بأنني مرتبط بالفعل بابنة عمتك أيها الغبي،أنا أسأل عنها كي أتبين إن كان هناك طريقة ما نستفيد بها من وجودها هنا لنستعيد (روان).'' ما إن أنهى جملته،حتى اتسعت عيناه على أخرهما بدهشة واستغراب،هل هو من قال ذلك حقا،ثم منذ متى يتصرف أو يفكر هو بتلك الطريقة؟؟!!! يالله!! لقاءه بتلك الصغيرة بدأ يلعب بأفكاره وحواسه كما يبدوا.. تحدث (رواد) أخيرا،يأخذه من نفسه،والذي كما يبدو أعجبته الفكرة : ''أنت محق..محق تماما،هي صغيرة ومرحة ويسهل خداعها،كنت أراها أحيانا خلال مراقبتي(لروان)،سأحاول تقصي أخبارها أكثر،و من يدري قد توصلنا هي لما عجزنا عنه لسنوات ك......" شتم بصوت منخفض،غاضب من نفسه،لقد جعل (رواد) يضعها في باله، (رواد) دون غيره.. (رواد) الذي يتعامل مع النساء كما يُعامل أحذيته،يلبسهن لحين،ثم يعود فيرميهن،لكن هو لن يجرؤ على فعل نفس الشيئ بها،هي لديها عشيرة بأسرها تهتم لها،لكنها أيضا صغيرة..بريئة،وحتى مرحة ويسهل خداعها كما اعترف له بالفعل قبل ثوان قليلة فقط،والأسوأ اختيارها للأصدقاء،فتلك(الهند) مثلا،لم تعجبه،إنها لا تنفع أبدا كصديقة عامة ولها هي بالخصوص،وتلك مصيبة أخرى.. يالله!! كيف سيتصرف الأن؟؟ حدق فيه لثوان بغموض ليحاول أخيرا جعله يغير رأيه،لكن دون أن يظهر له اهتمامه بها،والا وكما العادة سيأخذ الأمر كتحد يجب أن يفوز به : "أنا سأتعامل معها(رواد)،أنت تابع مراقبة (روان)،وبما أنني من التقيت (بجوري) فأنا من سأحاول معها." "أنت؟!!.........'' تساءل باستخفاف وهو يتفرس فيه بقوة : "لقد عجزت حتى عن مراقبة خطيبتك بحجة أن ذلك يدعى تجسسا ولا أدري ماذا،والأن تريد فجأة التكفل بتلك الصغيرة؟'' مراقبة(روان) بدون علمها يعد تجسسا وحتى تدخلا في خصوصياتها،لكن (جوري)..(جوري)!! ما بها (جوري)ياعبقري زمانك؟. وقف بسرعة وهو يشتم بصوت منخفض..أجش.. لقد أدخل نفسه في ورطة حقيقية معها،من جهة لا يريدها أن تتأذى وذاك ما سيحصل لها بالفعل لو تركها بين يدي ابن عمه،ومن جهة أخرى لايريد هو التكفل بها،ليس مع كل ذلك التأثير الذي تملكه عليه،والأسوأ لو كان احتفظ بصمته منذ البداية لكان فكر بالأمر بروية بدون تدخل أحدٍ كابن عمه.. تبا لكل شيئ..عاد يشتم مغمغما.. عليه أن يتصرف وبسرعة،والا سيفقد ميزة الإختيار،استدار نحوه ليتمتم بخشونة لكن الثقة بعينيه كانت مقنعة جدا جدا : ''لا تقلق،أكون مقنعا جدا عندما أريد،حدسي يخبرني بأن دخولها لعريننا تم بدون إدراكٍ حقيقي منها،لقد تحدثت معي،تصرفت ببراءة مطلقة وهذا يجعلني أفكر بأنها لم تعرفني،بل لا تعرف حتى بأن المكان يعود لنا.'' "من ناحية الإقناع فأنت بالفعل تكون كذلك،وعلى فكرة عشيرة (ابليس) هم من جعلتني أتي إلى هنا أصلا للبحث عنك'' تساءل باهتمام : "مالأمر؟'' ''لقد علمت بأنهم يخططون لزواج "روان"مرة أخرى،جدك يكاد يجن ولقد طلب مني أن أخبرك بأن تتصرف.'' صرح بخشونة : "أتصرف،وكيف هذا؟'' أجابه بخبث وهو يربت على كتفه بتشجيع : "لا تقلق أنت ستتصرف بالتأكيد،لديك (جوري) وإن استطعت الوصول لها ستصل حتما (لروان)،وعندها يمكننا ضرب ضربتنا الكبرى،جدي سيكون فخورا بنا،وعائلة (آل.كاسب) ستهزم شر هزيمة،وكما أخذوا منا عمتي قديما غدرا،سنأخذ منهم نحن أيضا الكثير بل الكثير جدا أيضا.'' حدق فيه باستغراب، (رواد) دائما ما يأخذ الأمور بحساسية أكبر وأكثر منهم جميعا،كل شيئ لديه يتخذ منعطفا واحدا.. إما أبيض وإما أسود لا مجال للرمادي أبدا،ربما لهذا كلفه جده بتقصي أخبار حفيدته الأخرى،والحق يقال هو يقوم بعمله كما يجب،لديه عيون في كل مكان،لكن ما يقلقه،أنه لا يهتم كثيرا بالمحيطين به،ليس إن كانت مصلحته هو من ستتضرر.. (روان) كانت ولاتزال حلم كل فرد من فرد عائلة (آل.سعدي) ليس لحبهم فيها أو لها،بل وببساطة لرغبتهم الشديدة في الإنتقام،وبدخول فرد أخر منهم للعبة فقد تعقدت الامور اكثر فأكثر،وكل ذلك بسببه هو،الغبي أراد أن يكحلها فأعماها كما يقول المثل،وبالتالي أشرك تلك الصغيرة في شيئ كان وليدا اللحظة..والأن عليه أن يتصرف،بل عليه أن يدعوا ربه بأن تظل بعيدة ويقظة وحتى ذكية،كي لا تجرؤ أبدا..أبدا على العودة لذلك المكان والا فإنه سيضطر للتدخل وحينئذ وحدها ستكون الضحية هي وابنة عمها. (يتبع) | ||||||||||
|
|
|
21-07-17, 03:30 PM
| #400 | ||||||||||
| "(غيث)..(غيث)،افتحي الباب لبد وأن ضيف والدك قد وصل.'' زفرت بضيق لتتحرك باتجاه الباب،وما إن فتحته حتى تفاجأت به يستند على الجدار يحدق في شيئ ما أمامه،بدا شاردا..بعيدا،كأنه يتشارك مع المكان لاحظات مميزة أو حتى أنه واقع تحت سحر الغروب،وذلك لا يناسب لا شكله ولا حتى حجمه.. التفت نحوها أخيرا ليتمتم بصوت رجولي خشن : ''مساء الخير " كان قد غير ملابسه لبذلة أخرى بغاية الأناقة والترتيب،شعره بدا مسرحا ووجه نظيف حتى أنه شذب لحيته،باختصار مظهره كان أفضل من السابق،لكنه لايزال خشن الملامح وعديم الوسامة،أجابته أخيرا بفتور وهي تفتح الباب على مصرعيه : "مساء الخير..تفضل.'' لم يجبها ولم يستجب لترحيبها به،بل ظلت عيناه تجولان على ملامحها بتركيز أشعرها بالخجل والإحراج،تنحنحت بصوت مرتفع عله يتوقف عن التحديق فيها بتلك الطريقة لكنه ولدهشتها مد يده لها وهو يقول بصوت عميق : "وها نحن نلتقي مرة أخرى (سندريلا).'' احتدت نظراتها وقد نادها مجددا بذلك الإسم السخيف،لكنها وتجنبا لإثارة غضب والديها اللذان قد يظهران من خلفها في أية لحظة للترحيب به،تجاوبت مع حركته التقليدية،مدت يدها بدورها لتسلم عليه وهي تقول ببرود مُعرفة إياه على اسمها،فربما وعندما يعرفه يتخلى عن لقبه المضحك : ''أدعى الأنسة (غيث)." ما إن لامست راحته الخشنة..الكبيرة راحتها حتى أرادت سحبها،خاصة وأنه لم يكتفي بهز يدها فقط بل ضغط عليها بطريقة لم تعجبها،والأسوأ أنه لم يتركها رغم استعدادها هي لتفعل،عبست في وجهه وهي تنظر ليده نظرة ذات معنى لكن لا حياة لمن تنادي،ثم وكأنه يتعمد إغاظتها وإحراجها تمادى في وقاحته قائلا بنبرة كسولة وعيناه الحادتان بلونهما الرصاصي تتفرسان فيها بقوة مربكة : "إنه اسم غريب لأنثى جميلة،لكنه يناسبك مع ذلك.'' احمرت رغما عنها غضبا وحرجا،لتأمره بحدة وهي تحاول للمرة الثانية سحب يدها من قبضته : "هلا دخلت يا سيد وتركت يدي رجاءا." تمتم بنعومة ما كانت لتظنه يستطيعها خاصة مع نبرته الخشنة،وهو يرفع يدها لتصبح أمام ناظريه : "إنها يد رقيقة..ناعمة..يد أنثى بحق.'' ازدادت بشرتها التهابا وعيناها غضبا،ولبد وأنه لاحظ ذلك إذ سرعان ما أنزلها ليتحرك بالفعل لكن لا ليدخل بل ليصبح في مواجهتها مباشرة : "أنا (كاسر) على فكرة." تراجعت للخلف بسرعة عصبية،وقد حرر يدها أخيرا،لتلتوي شفاهه فيما يشبه ابتسامة صغيرة..ماكرة،قابلتها هي بنظرة غاضبة..حادة لتتقدمه للصالون،وما إن جلس حتى ركضت للخارج باتجاه غرفتها،ذاك ما كان ينقصها متحذلق بنظرات وقحة.. تنفست بصوت مرتفع..علها تهدئ بذلك نفسها،لقد جاءت للوادي في الأساس لتهدأ وترتاح وربما تنسى أو بالأحرى تتناسى ما ألمَّ بها لشيئ من الوقت قبل أن تعود للمواجهة،لكن وكما يبدو المشاكل والأحزان تلاحقانها بإصرار،ثم من كان يتوقع أن يموت العم (محمود) في تلك الفترة الوجيزة لا وأن تباع مزرعته أيضا لغرباء،تبا الأمر بغاية الصعوبة والألم؟؟ استلقت على سريرها تشعر بالملل والحسرة،أغمضت عينيها المنتفختين بسبب بكائها الكثير في تلك الصبيحة المشؤومة،وياليتها لم تفعل،إذ قفزت صورة (جاسر)بقسماته الوسيمة وضحكته الرائعة لتزيدها كربا وبؤسا، لماذا..لماذا كان عليه أن يتركها من أجل أخرى،إنها حتى لن تحبه بجنون كما تفعل هي،حسنا قد تفعل فهو في النهاية وسيم وحباب لكن..لكن.. ضربت جانبي السرير بغضب ويأس لتخرج هاتفها النقال،فالتطلب(هداية)هي تنجح دائما في إعادتها لأرض الواقع،وأيضا لتسألها عن جديدها ومن يدري قد يكون لديها أخبار لها،مثل ندم (جاسر) ورجوعه عن قراره،أو ربما سؤاله عنها وافتقاده لها على الأقل و....... يا لكِ من بلهاء..غبية (غيث)،كأنه كان سيفعل شيئا من ذلك القبيل،ثم وفرضا أنه ندم بالفعل ويريد مكالمتها،ألا يملك رقم هاتفها بالفعل؟؟ استوت جالسة وهي تتنهد،أمالها الكثيرة هي التي ستقتلها في النهاية. طلبت الرقم أخيرا،وهي تفكر بأنه يكفيها أن تثرثر معها قليلا عن أي شيئ حتى ولو كان عن الطقس،انتظرت لثوان قبل أن تسمع صوتها اللطيف .. "مساءك سعيد حبيبتي،كيف حالك؟'' أجابتها بهدوء مزيف : "حية وأنتِ،كيف والديك والعمل؟'' إجابتها جاءت سريعة وصادقة : "نشتاق إليك جدا خاصة أنا،مكانك الفارغ في الغرفة،يثير حزني،لكننا بخير والحمد لله.'' لا تدري إن كانت قد تجاهلت سؤالها الأخير متعمدة أو نسيته،لكنها طبعا ما كانت لتتركها تنجوا،عادت تطرحه بحذر : ''والعمل؟؟.'' ردت باختصار خيب أملها رغم كل شيئ : ''كالعادة (غيث)لا جديد،ماذا عنكِ هل والديك بخير،وكيف تقبلا أخبارك؟؟'' هزت كتفيها كأنها تراها لتتحرك باتجاه النافذة تراقب غروب الشمس بحزن : "أبي كان سعيدا أتصدقين هذا،اعترف أخيرا أنه لم يحبه أبدا.'' وافقته بحزم : "رجل حكيم." نادت اسمها بضيق : "هِداية". أكدت لها ببساطة : "إنها الحقيقة،لكن ماذا عن أمك؟'' "تكاد تموت من الحسرة،لقد كان عريسا ميثاليا،تعرفين أمي كانت تخطط لتتباهى به في القرية على أنه صهرها العتيد.'' وذلك مؤلم جدا لكنها لن تخبرها،والأسوأ أنها كانت تفكر بنفس الشيئ،حسنا لم تكن لتتباهى به بكل ما للكلمة من معنى لكنها كانت لتكون فخورة،سألتها (هداية)بنبرة رقيقة..مواسية كأنها تحس بما كان يعتريها في تلك اللحظة : "هل تلومك؟؟'' تنهدت بصوت مرتفع،لتعترف لها بيأس : ''بشدة لهذا أجد بأنك محقة بشأن رغبتي السابقة..الحمقاء في العودة والعيش هنا،كانت لتجعلني أجن بذكرها لاسمه طوال الوقت.'' سخرت منها بلطف : ''مسكينة أنت." ''جدا و(هداية)..........'' سكتت قليلا وهي لا تجرأ على التفوه بما ترغب به،أغمضت عينيها لتقول أخيرا بشجاعة مزيفة : "أخبريني هل ترينه،ألم يسأل عني؟.'' أنبتها برفق : ''(غيث)ما كان عليه اتفاقنا،انسيه حبيبتي انسيه''. اعترفت بعذاب وعيناها تعودان للمتلاء بالدموع : ''كأنني لا أحاول،لكنني لا أستطيع كلما أغمضت عيناي تقفز صورته لذهني.'' "أعلم بأن الموضوع برمته صعب لكنك قوية." لا إنها ليس كذلك بل ضعيفة..ضعيفة.. ''ألم..ألم يحاول الحديث معك قط؟'' ''ليقول ماذا بالضبط؟؟" ليسألك عني،ليعتذر،ليتوسلك التوسط له عندي،لكنها لم تجرؤ على التفوه بما تفكر فيه،(هداية) قد تقفز من الهاتف لتخنقها. شعرت بالقنوط يلفها،إنها لا تتوقف عن الأمل وذلك أسوأ من الإستسلام حتى،فتحت فمها لتجيبها،لكن صوت والدتها تعالى من الأسفل يطالبها بالإنضمام لهم،مما جعلها تقرر إنهاء المحادثة قائلة بجفاف : ''سأعيد الاتصال بك لاحقا (هداية)،أمي تناديني ربما العشاء أصبح جاهزا،سلمي على والديك واعتني بنفسك.'' "أنت أيضا عزيزتي أراك قريبا." وانتهى الإتصال دون أن تستفيد منه شيئا.. أعادت هاتفها النقال لجيبها لتتحرك نازلة الدرج باتجاه الصالون بخطوات متثاقلة،لكنها سرعان ما توقفت خلف الباب الموراب الذي يؤدي للصالون المتواضع حيث كان يجلس الجميع،بمن فيهم الغريب المتحذلق الذي كان يتحدث بوقار جعل والدها الذي لا يرضيه العجب يصغي له بانبهار،أعاد لها غضبها ونفورها من تواجده الغير مرغوب فيه داخل جدران منزلها. لقد أمضت صباحا حزينا بكت فيه جارهم الودود الذي رحل في صمت،كما رثت حصانه البائس الذي لن تراه بعد ذلك اليوم،وكانت لتفضل قضاء الأمسية برفقة والديها بمفردهم،بهدوء تام،تستمتع بأحاديثهم وحنانهم،وأيضا لتحصل على المواساة المطلوبة،لكن وعند مجيئ والدها على الغذاء أعلن ببساطة بأنه دعى جارهم للعشاء بعد أن رفض دعوته للغذاء بسبب رغبته في العودة للقرية للإهتمام بأمور الإصلاح والتعديل التي قد يقوم بها في مزرعته،وبقدر ما كانت تعرف بأن تلك هي تقاليدهم وعاداتهم بشأن الجيران وعابري السبيل الا أنها أرادت قتله. حسنا في البداية أخافها حتى الموت بظهوره في غرفة المعيشة بحالة مزرية،اعتقدته كل شيئ عاد المالك الجديد للمزرعة،ثم وبإحساس مفقود جعلها ترافقه لحظيرة الأبقار،رغم إشارتها لتعبها ورغبتها في الراحة والأن ها هو يفرض وجوده عليها بنظراته العابثة المستفزة التي ازدادت وضوحا وحرارة،وذاك ما كان ينقصها. جعدت أنفها وحركته قليلا بطريقة اعتادتها عندما تشعر بالغيظ الشديد لتفتح الباب أخيرا، تحركت للداخل وهي تحس بنظراته عليها،جلست بالقرب من والدتها التي سألتها هامسة : "مالأمر (غيث)،لما لم تأتي للجلوس معنا؟'' "لأنني غاضبة أمي وحزينة،لا أصدق أنكما استطعتما إخفاء موت العم (محمود)عني بهذه السهولة.'' وبختها بصوت منخفض،وهي ترمي بابتسامة مزيفة باتجاه الرجلين اللذين كانا يتحدثان عن إمكانية إنقاذ أشجار الليمون والبرتقال في المزرعة المجاورة : "خشينا عليك ثم كنا سنخبرك عندما تعودين، لكنك فاجأتنا بأخبارك الخاصة.'' ضربة موفقة،إنها لن تستسلم أبدا مسحت وجهها براحيتها بتعب واضح لتجيبها بعجز : ''أمي كم مرة سأخبرك فيها أنه هو من تركني، بأنني مصدومة..حزينة ولا أزال أحبه.'' رفعت إحدى حاجبيها باستخفاف،لتجيبها ببرود : "لو كنت كما تقولين لبقيت هناك لتحاربي من أجله،عودتك للوادي،والبكاء باستماتة لن تساعدك في شيئ كما تعلمين.'' حدقت فيها بدهشة وهي غير قادرة على تصديق ما تسمعه،ويبدو أن ذلك زادها حماسا إذ سرعان ما أضافت بنظرة شريرة مخططة : "إنه وسيم وناجح،والمرأة الذكية هي التي تحارب من أجل رجلها،أعلم بأنك تصغين لهراء ابنة عمك بالعادة والتي لبد وثرثرت كثيرا عن الكرامة والكبرياء،لكن ذلك لن يوصلك لشيئ،أنت جميلة ولديك أسلحتك الخاصة التي جذبته إليك في البداية،إذن استغليها.'' نظرت حولها بارتباك.. والدها باع القضية بسرعة،لكن والدتها لاتزال مصرة كما يبدو على جعله صهرها،إنه يستحق في الواقع،لكن هي هل تستطيع،وهل الوقت مناسب حقا لمثل ذلك الحديث؟ اقترحت بهدوء وبشيئ من التردد : ''لما لا نتحدث عن هذا بعد رحيل ضيفنا أمي،سأحب جدا..جدا معرفة وجهة نظرك.'' ربطت على ظهرها برضا واستحسان،لتهز لها رأسها موافقة، حسنا ذلك كان شيئا مثيرا،وربما في النهاية قد تنجح والدتها حيث فشلت هي،ابتسمت بأمل لكن ابتسامتها سرعان ما تجمدت على شفاهها عندما التقت نظراتها بنظرات الضيف الوقحة التي كانت تراقبها بإصرار أغضبها، رمته بنظرات باردة..مشمئزة من تصرفه اللأخلاقي لكنه لم يرمش حتى،أي جرأة يملكها الرجل؟. تدخل والدها أخيرا يسأله باهتمام بعد أن كان يتفحص أوراقا منحها له،ربما ليلهيه بها ريثما يحدق فيها هو بكل أريحة،حسنا خيالها جامح تعترف بذلك لكنه حقا..حقا بدأ يفقدها صبرها.. ''الحدود بين الأرضين واضحة جدا وعموما نحن لن نختلف وإن كنت مهتما حقا بإعادة المزرعة لسابق عهدها فسأرشدك لأفضل الفلاحين في القرية..والقرى المجاورة أيضا،أنا أعرفهم كلهم''. "كما أخبرتك يا عم (فؤاد)،المكان لأخي وأنا لا أقوم سوى بالإستفسار والتقصي،لن أستطيع شيئا بدون العودة له.'' تدخلت بدهشة تتأكد مما سمعته : ''ألست صاحب المزرعة؟" التفت لها وهو يقول بابتسامة متكاسلة : ''لازلت أفاوض لأحصل عليها." بدا كلامه عاديا نوعا ما لكن نظرات عينيه،أعطت له معنا مزدوجا لم يعجبها،أشاحت بنظراتها عنه وهي تتمتم لنفسها بحدة : "لنأمل فقط أن لا تفعل أبدا.'' استدارت باتجاهها والدتها لتسألها مستعلمة : "هل قلت شيئا؟'' تلعثمت بكلمات غير مفهومة،لينقذها دخول أم (عبد الكريم) التي أعلنت بأن العشاء جاهز،وقفت والدتها لتحلق بها ربما لتضع اللمسات الأخيرة على المائدة بينما تحدث والدها يسأله باهتمام : "هل تمانع إن احتفظت بالرسم التخطيطي لألقي عليه نظرة في الصباح،الأن عيناي متعبتان ولا أستطيع تفحصه جيدا؟''. "بالتأكيد لا،احتفظ به قدر ما تشاء.'' أجابه بامتنان : ''شكرا لك بني،سأذهب لأضعه في غرفة المكتب...........'' وقف وهو يتمايل بتعب،مما جعلها تقفز من مقعدها تريد الهرب برفقته لكنه سرعان ما أردف يأمرها : "أرشدي ضيفنا للمغاسل (غيث)،في حالة أراد غسل يديه.'' وافقه وهو يسارع للوقوف بدوره : ''كنت على وشك طلب ذلك.'' تبادل الإبتسام بمرح،في حين اكتفت هي برميه بنظرات قاتلة لتتقدمه بالفعل باتجاه المغاسل التي كانت تقع في الجهة الخلفية من الدرج،أشارت له على المكان لتقفل راجعة لكنه سرعان ما اعترض طريقها قائلا بمرح لم تستغه : "ليس بهذه السرعة (سندريلا)،أنتِ لا تتحدثين كثيرا كما لاحظت.'' أجابته ببرود وهي تنظر للجدار خلفه : ''لا شيئ لدينا مشترك نتحدث عنه.'' ''لا أوافقك الرأي أبدا.'' تحركت لليمين تريد تجاوزه لكنه فعل نفس الشيئ،وكادت تصطدم بجسده لولا سرعتها ورشاقة جسدها المثيرة للإعجاب،تراجعت للخلف وهي تصرخ به من بين أسنانها : ''لما لا تغرب عن وجهي،مالذي تريده مني؟." تأملها بعينيه الناعستين بلونهما الرصاصي المتألق،بل وأنه منحها ابتسامة دافئة،لسوء حظه لم تزد سوى من غضبها وسخطها عليه،والأسوأ أنه لم يبدو لها خائفا ولا حتى نادما،كان جريئا بطريقة لم يسبق لها أن رأتها : "لا أستطيع،لديك شيئ ما يخصني." تمتمت بدهشة وقد شد انتباهها باعترافه ذاك : "عفوا!!." عاد يقول بثقة مقنعة : "مذ رأيتك وأنا أشعر بأنكِ ملكي،وعلي الأن استعادتك.'' شهقت باستنكار،لتحاول مجددا الإبتعاد عنه وقد تسبب في إحراجها رغم كل شيئ،لكنه ما كان ليتركها تتجاوزه بتلك السهولة،سخرت منه بصوت جليدي : ''تغطى جيدا عندما تنام،تبدو لي أحلامك مبالغ جدا فيها." أكد لها بثقة لا تعرف من أين يأتي بها : ''تظنيني أحلم لكنني لا أفعل،أنا جاد تماما بشأنك.'' أعلمته بقسوة وعيناها لا ترمشان،ربما اعتاد إيقاع النساء في حباله بتلك الطريقة السمجة لكن ليس هي بالتأكيد : ''لا أظنك تحلم فقط بل أظنك مجنون،رجل أبله ومجنون هذا هو رأيي بك.'' ''ربما لكنني لا أستسلم بسهولة،أنا رجل صبور جدا عندما أرى ما يعجبني،وأنتِ منذ تقابلت طرقاتنا صدفة وأنت لا تفارقين خيالي.'' وبخته بحدة وعيناها تبحثان لها عن مخرج قبل ظهور أحد والديها أو حتى مساعدة والدتها الفضولية : ''الا تخجل،أنت في منزلي وبضيافة أهلي،كيف تخون ثقته هكذا؟؟'' صرح بهزة بسيطة من كتفيه : "أنا لا أفعل،نيتي جيدة وهذا هو المهم." أكدت له وهي تشمخ برأسها بترفع مقصود : "لكنني لست مهتمة،الا يخبرك هذا بشيئ؟'' أكد لها بتصميم مثير للإعجاب : ''فقط شيئ واحد،أن أحاول أكثر وأكثر.'' فعلا إنه شخص وقح وعديم التربية أيضا،لكن كيف لم تظهر عليه وقاحته تلك قبلا؟ ''أنا لا أفهم كيف أصبحت وقحا فجأة،كنت تبدو بريئا ومحترما في منزل العم محمود.'' سخر منها بلطف وعيناه تحتجزان عينيها بطريقة لم تستطع الفكاك منهما : "قبل أو بعد أن تتهميني بأنني لص و قاتل محترف.'' اعترضت بشدة،وهي تتذكر المحادثة التي جرت بينهما سابقا،حسا لقد خافت منه حقا،توقعته بالفعل لصا لكنها تذكر جيدا بأنها احتفظت بأفكارها تلك لنفسها،أليس كذلك؟. "أنا لم أقل ذلك أبدا.'' منحها نظرة حارة التهبت لها وجنتيها ليقول برقة مقصودة،تبا له من أين له كل تلك الجرأة : "عيناك الواسعتان أخبرتاني بذلك،وعموما حينها كنت مصدوما،لم أتوقع أبدا أن ألتقيك هنا من بين كل الأماكن.'' سألته بارتباك وإصراره بدأ يضعفها بطريقة غريبة : "أنت تتصرف كأنك تعرفني من قبل.'' لم يجبها ليس مباشرة على الأقل،غامت عيناه بمشاعر عاصفة جعلتها تجفل،وتتراجع للخلف بطريقة ألية،إنه رجل غريب،التقته فقط صباحا لكن وفي هذه الفترة القصيرة جدا وجد طريقه بسهولة لمنزلها،لأهلها ولها وها هو يواصل التقدم،فإلى أين يريد الوصول بحق الله،ومالذي يهدف له؟؟ "أنا كذلك (سندريلا)،أنا كذلك.'' لم يستطع إزاحة نظراته عنها،ليس بسبب جمالها النقي الخالي من كل زيف المدينة فقط،ولا حتى بسبب النار المستعرة بغضب أعمى في أعماقها السوداء الرائعة،إنما أيضا بسبب ذكرياته القديمة التي احتفظ بها في جزء عميق من ذاكرته،يخشى أن يصدق فيصدم للمرة الثانية،وفي نفس الوقت لا يريد الخسارة،ليس والقدر قد منحه بالفعل فرصة ثانية لينال كل ما أراده يوما،لقد مرت السنوات..سنوات كثيرة جدا،ظلَّها عفيفا يصون قلبه وجسده بانتظار الإشارة ليتقدم بحياته، (ملك)كانت هناك بانتظاره،جميلة،ذكية،مثقفة ،وكانت موعودة له،لكنه لم يستطع،قلبه لم يطاوعه ليس كما يفعل الأن وهو أمام تلك العاصفة التي لا يبدو بأنه يروق لها كثيرا بعكسه.. أليست الحياة غريبة وغير منصفة بحق،قريبته تريده بيأس وهو يريد أخرى بنفس اليأس،وتلك الأخرى تود لو يختفي من أمامها لغير رجعة،لكن حسنا ذلك لن يحصل،ليس وهو قد اتخذ قراره بالفعل،سيكون أنانيا كما لم يكن يوما،وقحا،جريئا،وحتى بدون أخلاق،فقط ليسعد قلبه الذي طال حداده،ولو كانت (السندريلا) خاصته قوية كما تبدو فهو بالتأكيد أقوى منها،وسيفعل كل شيئ ليقنعها بوجهة نظره التي لم ولن يتنازل عنها أبدا. منحها ابتسامة مطمئنة قبل أن يتنحى جانبا تاركا لها المجال أخيرا للهروب وذاك ما فعلته،لكن قبل أن تغيب تماما عن ناظريه،استطاع أن يوصل لها رسالة صامتة،لكنها أكثر من مفهومة،هو سيكون هناك دائما،يحوم حولها،لن يتركها أبدا ولن يبعده شيئ عنها،ليس بعد أن وجدها أخيرا.. كان طعام العشاء لذيذا جدا،والديها شخصين ودودين يسهل التعامل معهما بعكسها تماما،حاول مرات عدة إشراكها في حديثهم،لكنها كانت تكتفي بهز رأسها أو كتفيها بعدم اكتراث،بدت مصممة على تجنبه،ولسوء حظها كان هو أكثر تصميما.. هو لم يكن يوما جريئا ولا حتى وقحا كما لقبته،بل كان فقط مجرد رجل عادي..محترم وضع لنفسه حدودا معينة لم يتخطاها أبدا،حسنا لقد فعل مرة أو مرتين عندما كان أصغر سنا،لكن وبعد قصته الكئيبة خلال فترة دراسته اعتزل كل النساء،والتعود بنظره يغلب الحاجة.. ربما كان هجومه سريعا وغير متوقع خاصة وأنها كما يبدو لا تتذكر لقاءهما السابق،وبالطبع لا علم لها بما اختزنه دهورا في ذاكرته،لكنه ما كان ليخاطر بأن تنساه،احتاج أن يفعل شيئا يرسخ به ظهوره الحديث في حياتها،ربما رأته في تلك اللحظة عديم الحياء وحتى لا يطاق،لكنها ستفكر فيه،كما أنه لا يحتاج لتحبه كي يحصل على ما يريده،معظم البيوت في بلادهم لا تبنى على المشاعر بقدر ما تبنى على الرغبة في الإستقرار وإنجاب الأولاد،بالطبع لو وُجدت المشاعر سيكون ذلك أفضل لكن ليس الجميع محظوظين للأسف الشديد. إنها ابنة والديها الوحيدة،سيرغبان عاجلا أو أجلا في تأمين مستقبلها ورؤيتها سعيدة برفقة زوج وأولاد،وعائلته من أكبر العائلات في البلاد بأسرها،وحسنا هو أيضا سيكون عريسا لقطة كما يقال،ربما عليه الدخول لها من ذلك الباب،ولو حصل على رضا والديها سيتكفلان بمنحها له،وذاك أقصى ما يريده.. تراجع للخلف بكرسيه متخما،وقد أنهى طبق الحلا الذي كان إبداعا لم يذق مثله قط،ليعلق بصدق : "سلمت أيدي الطباخة خاصتك يا خالة،لم أذق طعاما بهذه الروعة والكمال قط.'' علق زوجها ضاحكا : "طباخة!!هل تتكلم من نيتك،زوجتي تقوم بكل شيئ بنفسها،أم(عبد الكريم)تساعدها فقط.'' كان عليه أن يتوقع شيئا كذلك،لكن هل جرح مشاعرها،هل عليه الإعتذار،إنهم أناس بسطاء جدا رغم اكتفائهم المادي الواضح،ابتسم بارتباك ليقول أخيرا بكياسة : ''أنت رجل محظوظ إذا يا عم (فؤاد)''. ابتسمت زوجته بزهو،لتشكره قائلة بمودة : "هذا لطف منك بني،لكن (غيث) دائما ما تخبرني بأن هناك مطاعم في المدينة يصنعون أشياء رائعة،بالتأكيد أنت أيضا ذقتها.'' رفعت وجهها الذي كان مدفونا في الطبق أمامها والذي كان لايزال ممتلئا بعكس طبقه،عيناها السودوين كظلام الليل ضاقتا على ملامحه المسترخية،إنها ليست معجبة به حقا وذلك مؤسف نظرا لما يخططه لها، افترت شفاهه عن ابتسامة صغيرة..مشاكسة ليقول باستفزاز واضح : "إذا لبد وقد أدركت هي أيضا كم أنها محظوظة بطبخك الرائع..اللذيذ،المطاعم قد تقدم بالفعل أشياء جيدة لكن لا شيئ يضاهي الطعام المحضر في المنزل.'' رمقته بنظرة غاضبة لتدافع عن نفسها بحدة،وقد نجح أخيرا في جعلها تخرج عن صمتها لتخاطبه : "بالفعل طعام أمي لا مثيل له أنا فقط قلت لها بأن هناك أخرين يجيدون الطبخ،وعموما أنت لن تقنعني بأنك لا تأكل سوى الطعام المحضر منزليا؟؟.'' ''ياليت لكنني العكس تماما في الواقع،دائما ما أجد نفسي في مطعم ما،محاط بالغرباء''. علقت بحلاوة وعيناها الأبنوسيتين،تلمعان بسخرية أحبها رغم أنه متأكد من أنها كانت تسعى لإحراجه : "أتقول بأن نساء عائلتك،والدتك مثلا وربما زوجتك لا يجدن الطبخ؟.'' أسدل أهدابه على عينيه يخفي بها المشاعر القوية التي انتابته بذكرها لتلك المرأة الجميلة..الرائعة التي أنجبته والتي رحلت مبكرا جدا،ليجيبها بهدوء : "أمي متوفية منذ سنوات عديدة جدا،وزوجة والدي ليست مولعة كثيرا بالمطبخ،أما الزوجة التي ذكرتها،فلا أملك واحدة للأسف،لازلت بانتظار نصيبي.'' أنهى جملته برفع عينيه نحوها يتفرس فيها بقوة وتصميم لتتعلقا رغما عنه بشفاهها الصغيرة..المكورة التي كانت تعض عليها بندم واضح،إنها رقيقة وحساسة رغم كل شيئ،وذكره لوفاة والدته الذي لم تكن تعرف عنه شيئا لبد وأشعرها بالأسف عليه،ربما يوما ما سيخبرها عنها وكيف رحلت،لكن في تلك اللحظة لايزال الوقت مبكر جدا، منحها ابتسامة صغيرة..غامضة لم تصل لرماد عينيه،بينما حدجها والديها بنظرات مؤنبة،لتقول والدتها برقة : "فاليغمدها الله برحمته بني،لبد وأن الأمر كان صعبا عليك.'' ''كان ذلك منذ زمن طويل،والحمد لله خالتي الأرملة التي أصبحت فيما بعد زوجة لوالدي كانت عونا كبيرا لنا.'' عادت تسأله بفضول : "هل أنتم عائلة كبيرة؟'' هز رأسه موافقا.. "أربع شقيقات من زواج والدي الأول،ثلاثتنا من زواجه الثاني،ولا شيئ من الأخير،لكن خالتي لديها إبنة،عاشت معنا منذ كانت في الثامنة من عمرها.'' رمته بنظرة ساخرة وقد اختفى تعاطفها السابق معه،ليسمعها تتمتم بشيئ ما لكنه لم يستطع سماعه للأسف، مسح يديه وفمه بالمنديل الأبيض الذي كان في حجره ليقرر أخير تغيير الموضوع والمغادرة،المنزل الذي اشتراه شقيقه لا يصلح لينام ليلته فيه لذا عليه العودة للقرية : "علي استئذانكم الأن،وبالطبع شكركم على هذه الأمسية الرائعة،لقد كانت بالفعل جد.....'' قاطعه والدها بحزم : "أنت تهيننا يا فتى،لاوجود للشكر بين الجيران،وأنت الأن أقرب جيراننا،ثم أليس الوقت مبكرا،أعني نحن أصحاب القرى ننام بالفعل في وقت مبكر نوعا ما،لكن أنتم أهالي المدن معتادون على السهر.'' ''العفو يا عم (فؤاد)،ثم أنا كنت سأحب البقاء لوقت أطول لكنني لا أريد أن أكون ضيفا ثقيلا،كما أنه علي العودة للقرية،المنزل في حالة يرثى لها،قد لا أستيقظ صباحا إن نمت فيه.'' هز رأسه بأسف واضح،ليعلق بشيئ من المرارة : ''كان علي تكهن ذلك،أولاد (محمود)رحمه الله،لم يكونوا مولعين بالمكان مثله." وافقه بقوة،وعيناه تستقران عليها رغما عنه : ''مع أنه من أجمل الأماكن التي رأيتها في حياتي كلها." ''فعلا بني فعلا............'' وافقه بهزة من رأسه،ليضيف مغيرا الموضوع وهو يقف ليشير لمنزله : ''المنزل لدينا كبير جدا كما ترى،فيه الكثير من الغرف التي لا يشغلها أحد وخالتك أم (غيث) سيسعدها تجهيز واحدة لك،لحين ترتيب الأمور في مزرعة شقيقك.'' يا للكرم الذي يتمتع به أهل الريف،لا تزال لديهم تلك الشهامة النادرة التي تجعلهم مميزين جدا عن غيرهم،وقف بدوره ليجيبه بامتنان صادق : ''لقد رتبت لذلك بالفعل،ستأتي السيدة التي كانت تعتني به قبلا غدا صباحا،لكن وبشأن دعوتك اللطيفة فلا بأس حقا،لا أريد إقلاق راحتكم،كما أن غرفة صغيرة في فندق القرية ستفي بالغرض لهذه الليلة على الأقل.'' ''لن أدعك تقود للقرية وقد أظلمت السماء،الأمطار تسببت بعدة حفر في الطريق وأنت غريب،ابقى الليلة وفي الغد افعل ما تشاء''. تساءل باهتمام : ''ألن أزعجكم حقا؟'' "لا بني أنت على الرحب والسعة،وكما قلت لك،المنزل كبير جدا.'' كان على وشك شكره عندما سمع صرير الكرسي خاصتها يتراجع للخلف بعنف،إن دل على شيئ فعلى عدم رضاها للدعوة التي تلقاها وقبلها،رمته بنظرات نارية قبل أن تبدأ بتنظيف المائدة وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة. أعلنت والدتها بمودة : ''سأجهز لك الغرفة بالقرب من المكتبة،لها حمامها الخاص وتطل على منظر جميل يشمل الوادي بأسره.'' "كما تشائين،عشتِ يا خالة.'' غادرت تنفذ ما قالته بينما حملت ابنتها الدفعة الأولى من الأطباق لتختفي في أحد الأبواب بسرعة غاضبة،لكنه مع ذلك لم يستطع إزاحة عينيه عن المكان الذي اختفت فيه، بالأمس فقط كان يلوم (غالب)على جرأته لكن و كما يبدو الأمر وراثي لديهما،إذ هاهو يسير على خطاه ناسيا أنه في منزلها وأمام عيني والدها الذي كان يراقبه باهتمام لم ينتبه له،إلى أن ربت على كتفه بقوة أجفلته ليأمره بخشونة وحاجباه الكثيفين معقودان بتساءل صامت لكن قوي : ''دعنا نغسل أيدينا حتى تنتهيا من التنظيف،وحينها يمكننا طلب كأسين من الشاي الأخضر اللذيذ،وربما تخبرني بعدها عن السبب الذي يجعلك تلاحق ابنتي بعينيك الملونتين هاتين''...................................... .................................................. .................................................. .................................................. .......... (يتبع) | ||||||||||
|
|
 |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
العرض العادي
