آخر 10 مشاركات
[تحميل] زينه هي الموت والمنعوت والنجوى بقلم/black widow(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          لا ترحلي - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::اسراء علي(Moonlight) - كاملة+رابط (الكاتـب : بحر الجراح - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          تحميل روايات جديده 2012 txt على جوالك موسوعه متكامله من الروايات (الكاتـب : MRAMY - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          1- لمن يسهر القمر- روايات أحلام القديمة- آن هامبسون (كتابة /كاملة)* (الكاتـب : جين اوستين333 - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          طوق من جمر الجحيم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : samar hemdan - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > مكتبات روايتي > منتدى الـروايــات والمسرحـيات الـعـالـمـيـة > منتدى باربرا كارتلاند

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-09-17, 11:36 AM   #11

بلا عنوان

نجم روايتي ومشرفةسابقةونجم مسابقة الرد الأول

 
الصورة الرمزية بلا عنوان

? العضوٌ??? » 231
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 30,617
?  نُقآطِيْ » بلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond repute
افتراضي


~ الفصل الرابع ~


وفي الصباح بدأ الاكتئاب على ماغارا فسألتها ثيولا:
- ما بك؟ هل حدث شئ لاتريدين اخباري به؟
فأجابت المرأة:
- إننا قلقون نوعا ما يا انسة فهناك شائعات تقول بأن جنود الملك ينوون مهاجمة المدينة ، ولكنك تعرفين كلام الناس.
سألتها ثيولا بسرعة:
- ألم يقل الجنرال شيئا؟
- لم يقل شيئا يا أنسة ، وهذا ما يجعلني أظن أن الناس يقولون ذلك لشدة خوفهم.
وسكتت قليلا ثم عادت تقول:
- هناك كثيرون في المدينة يقولون إن اللايدي كاثرين كانت هي الأميرة القادمة من وراء البحار والتي كانت ستجلب معها السلام والازدهار.
فسألتها ثيولا:
- أتعنين ما كان قال لهم رئيس وزرائهم؟
فأجابت:
- نعم هذا ما كان قيل لنا.
ارتدت ثيولا ملابسها ثم ذهبت إلى غرفة الجلوس وهي تتساءل عما إذا كان الجنرال يدرك صعوبة أن يكون المرء سجين منزل بينما الشمس في الخارج دافئة والزهور رائعة الجمال.
تاقت إلى التجوال في الحديقة لأن تشعر بالتحرر في جو السلطة الذي سود جناح الملكة ووجوه آل هابسبورغ الذين كانت واثقة من أنهم ينظرون إليها بعدم رضا.
ولابد أن الوقت كان قرابة الظهر عندما سمعت نقرا على بابها، وإ ظنت أن ماغارا آتية بصينية الغذاء أجابت قائلة دون أن تدير رأسها:
- ادخلي.
وشعرت بشخص يدخل وعندما لم تسمع صوت ماغارا تتكلم نظرت حولها فتملكتها الدهشة وهي ترى أنه الجنرال.
قال بعد لحظة:
- أحب أن أتحدث إليك يا آنسة وارين.
قال ذلك بصوت رصين جاد جعلها تتوجس خفية مما سيقول، ساد صمت شعرت ثيولا منه أنه كان يختار كلماته بعناية. ثم قال:
- إني أعرض عليك أمرا يا أنسة وارين قد تجدينه غاية في الغرابة ولكن هل تصدقين إذا أنا قلت أنني أقدمه بحسن نية تامة وإخلاص في ما سأشرحه لك؟
ورفعت بصرها إلى وجهه ولم تفهم التعبير الذي بدا في عينيه وهو ينظر إليها.
وابتدأ يقول:
- الوضع هو أن قوات الملك بامرة الضباط النمساويين ينوون مهاجمة العاصمة زانتوس.
فسألته:
- وهل عددهم يكفي لذلك؟
أجابها:
- إن الجيش الشعبي اكبر عددا ولكننا بحاجة ماسة إلى السلاح إن بنادقنا قديمة الطراز كما أننا لا نملك أسلحة ثقيلة.
وانزعج وهو يتابع قائلا:
- هذا بينما جيش الملك مجهز بأحدث المعدات.
فشبكت ثيولا يديها ببعضهما دون أن تتكلم بينما تابع الجنرال قائلا:
- وإذ أعلم جيدا ما سيقومون به من دمار فأنا لااستطيع أن اسمح لهم بالقتال في شوارع زانتوس وما سينتج عن ذلك من موت ا(روايتي) لكثير من المدنيين وخاصة النساء والأطفال.
فسألته:
- وماذا بإمكانك أن تصنع إذا؟
- إنني انوي أن اعترض سبيل قوات الملك قبل أن يصلوا إلى المدينة وهذا يعني إذا كنا سنفاجئهم أن جيشنا يجب أن يغادر في هذه اللحظة.
فسألته:
- ولكن أليس من الجنون أن تواجهوهم في الجبال؟
فقال الجنرال بابتسامة باهتة:
- لقد سبق وفكرت في هذا يا أنسة وراين ولحسن الحظ هناك عدد كبير من القرى الجبلية حول الطريق الوحيدة بيننا وبين اليونان.
- هل تعني أنكم ستكمنون لهم؟
- هذا ما ارجو أن أتمكن من القيام به وهو بصراحة الخيار الوحيد الذي أمامنا.
وسكت لحظة ثم تابع قائلا:
- لقد كنت صيحا معك يا انسة وارين إذ اكشف لك عن خططنا والتي يجب أن تبقى طبعا في سرية تامة عليك الا تتحدثي عنها حتى إلى خادمتك.
فقالت بسرعة:
- لن أدعك أبدا تفقد ثقتك بي.
فقال:
- لقد وثقت بك كما لم أثق بأي شخص أخر وذلك لأن ما انوي القيام به يعنيك أنت بشكل مباشر.
فهتفت تقول:
- يعنيني انا ؟
- إن مايصعب علي يا انسة وارين هو أن أعرف ما علي أن أفعله بك.
ثم حول نظراته عنها وهو يتابع قائلا:
- إن ما حدث الليلة الماضية هو شئ يؤسف له للغاية ولكنه شئ يحدث باستمرار كما لابد تعلمين حين نكون في حالة حرب.
فشعرت ثيولا بالرعب وهي تتصور ما انتابها من رعب وهلع وهي ترى ذلك الجندي المتهور يقترب منها وكيف انقذها الجنرال منه بقتله.
وتابع الجنرال يقول:
- إن الرجل الذي هاجمك كان من أصل الباني والالبانيون خصوصا أولئك الذين يعيشون في الجبال هم صنف عصبي ومتهور الطبع.
فسألته بصوت خافت:
- وهل هناك كثيرون مثله في جيشك؟
فأجاب الجنرال:
- إنني أشكر رحظي لكل من يتبعني من الرجال.. مهما كان حالهم ومهما كان عدم تحضرهم.
- يمكنني أن اتفهم ذلك.
فقال:
- إذا فبإمكانك أن تدركي مبلغ الصعوبة التي تواجهني في اختيار الحرس الملائم لك هنا، وأنا لا أريد ان أخيفك في أن أحدثك عما يمكن أن يقوم به جنود الملك المرتزقة إذا نحن هومنا في النهاية.
لم يكن ثمة حاجة به إلى الاسهاب فيما يقول فلطالما قرأت عن أعمال السلب والنهب وانتهاك الخصوصيات وبقية الأعمال المشينة التي كان يقوم بها جيش نابليون في البرتغال والبلاد الأخرى من أوروبا التي غزاها الفرنسيون.
وشعرت ثيولا بنفسها ترتجف وهي تقول:
- أرجوك ضعني في مكان.. أمن.
فأجابها:
- ذلك ما أريد أن أقوم به ولكن هناك طريقة واحدة مؤكدة تمنع أي رجل من الجيش الكافوني من اعتراض طريقك.
- وماهي تلك؟
- هي في أن تنتمي إلي.
كان الجنرال يتكلم بالانجليزية ولكن ثيولا اندهشت وكأنها تشعر بأنه لا يمكن أن يعني حقا ما يقوله.
لكنه أضاف يقول بسرعة وكأنه خشي من أن تسئ فهم ما يقول:
- إنني أقترح يا أنسة وارين أن نعقد زواجا صوريا وبصفتك زوجتي ستكونين في أمان تماما كما أسير أنا أمنا في شوارع المدينة، واثقا من أنه لن يغدر بي أحد.
فتمتمت بصوت خافت:
- زوجتك؟
فقال:
- بالاسم فقط إنه سيكون زواجا صوريا بحيث يمكنني فسخه تبعا للقانون الكافوني وذلك حالما يستتب السلام.
وسكت لحظة ثم تابع يقول:
- ويمكنك عند ذلك ان تعودي إلى بلادك يا أنسة وارين وهذا أفضل لك من أن تكوني زوجة رجل ثائر متمرد.
ثم أخذ يتمشى في الغرفة وهو يقول:

- إن المسألة مسألة وقت، فلو كان لدينا المزيد من الوقت لأمكنني القيام بترتيب أخر ولكنه الان الحل الوحيد الذي يمكنني تقديمه رغم مافي ذلك من حرج لك.
فقالت وقد تملكها الجمود:
- اظن ... يا جنرال أن لديك سببا أخر ... يدفعك إلى أن تطلب مني أن أكون زوجتك.
فتوقف الجنرال عن السير ونظر إليها بحدة:
- هل لديك ميزة الجلاء البصري يا أنسة وارين؟ ام أنك سبق وسمعت شيئا؟
- أخبرتني ماغارا بأن القلق يتملك الناس لأنهم يعتقدون بأن الأميرة التي ستأتيهم كما أخبرهم رئيس الوزراء من وراء البحار هي كاترين وان وجودها سيلجب لهم الرفاهية والسلام.
فقال الجنرال:
- لقد كان رئيس الوزراء بالغ الدهاء في كلامه إن كل تاريخنا هو مؤسس يا آنسية وارين على الخرافات والأساطير.
فقالت ثيولا:
- إنني لست أميرة. وتذكرت بأن كاثرين قد سبق وقالت نفس الشئ.
أجاب الجنرال:
- إن رئيس الوزراء حرف الاصل اليوناني ليناسب غرضه.
وخيل إليها في هذه اللحظة وكأن أباها يكلمها ويخبرها بما عليها أن تفعل ويساعد لأنه يتفهم أكثر من اي شخص مقدار حاجة الكافونيين إلى ذلك.
فقالت بعد أن سحبت نفسا عميقا:
- إنني سأفعل.. ما تريد يا جنرال ولكن ... بشرط واحد.
فسألها:
- وما هو؟
- هو ان أرافقكم عندما تغادرون المدينة.
رأت الدهشة على وجهه وإذ خيل إليها أنه موشك على الرفض سارعت تقول:
- لا استطيع احتمال البقاء هنا وحدي متسائلة عما يحدث محاولة التكهن بمن عسى أن ينتصر جيشك أم جيش الملك.
وبعد لحظة قال الجنرال:
- إنني أقبل هذا الشرط وسأتدبر أن يكون الزواج بين افراد الشعب إن هذا سيسر الناس، ويثقون باليمن والبشائر التي تحملينها إلى بلادنا.
- ارجو أن اتمكن من ... ذلك.
فقال:
- ارى أن الرجال تزداد شجاعتهم في القتال إذا كانت قلوبهم عامرة بالاطمئنان أكثر مما هي عامرة بالطمع.
فقالت بسرعة:
- وهذا ما عليك أن توفره لهم.
- وهذا ما انويه بمساعدتك لي.
نهضت ثيولا وهي تقول :
- إني أريد أن اساعدك.
لم يجب وإنما نظر إليها ثم قال فجأة:
- دعيني أكرر يا أنسة وارين أن بإمكانك الثقة بي فزواجنا لن يعدو أن يكون صوريا وأنا أشكرك من أعماق قلبي لتفهمك مبلغ ضرورته.
وعندما انتهى من حديثه اتجه نحو الباب مغادرا الغرفة دون أن ينظر خلفه عند ذلك فقط رفعت ثيولا يديها إلى وجهها وهي ترتجف.
لقد بدا كل شئ أمامها بعيدا عن التصديق أو لعله جزء من حلم! ومع ذلك فقد كانت تعلم ان كل ما قاله الجنرال كان مبنيا على المنطق.
كانت قد رأت الجموع يحملون صور كاثرين فاستغربت في ذلك الحين مبلغ ما يعنيه ذلك لهم، ذلك انها كانت فطنة بالغة من رئيس الوزراء (روايتي) أن يضمن نجاح زفاف الملك شعبيا وذلك بربط عروسه بقصة قديمة صدقها كل كافوني كما رأت ثيولا.
ورغم انهم كانوا على استعداد لاتباع أليكسيوس فازيلاس حيثما يقودهم فلا بد ان يكون هناك دوما البعض خصوصا من النساء ممن يتساءلون عما إذا كانت أمالهم بالسلام والسعادة قد ذهبت مع كاثرين.
وحدثت نفسها قائلة:
- يجب أن يرتاحوا لي يجب أن يكونوا واثقين من أنني سأحاول مساعدتهم قدر استطاعتي.
وفكرت ثيولا بانهم سيجدون تحت حكم الجنرال فازيلاس كل السعادة والأمان ولكنها ارتجفت وهي تتذكر أن جيش الملك كان مسلحا بالمدافع والبنادق الحديثة.
وكانت ما تزال واقفة في غرفة الجلوس تفكر فيما حدث عندما فتح الباب وظهرت منه ماغارا راكظة نحوها وهي تهتف قائلة:
- أصحيح هذا يا أنسة؟ هل صحيح انك ستتزوجين الجنرال هذا المساء؟
فأجابت ثيولا: نعم هذا صحيح.
- لا أستطيع تصديق ذلك يا آنسة ولكنها أخبار رائعة، انها ما أتمناه لك بالضبط.
فسألتها ثيولا:
- وكيف علمت بذلك؟
- لقد أخبرني الجنرال بنفسه بذلك، وأظنه الان قد ذهب إلى الساحة ليخبر الناس إن هذا سيسعدهم جدا انهم يحبون حفلات الأعراس وقد ابتدأت بعض النساء يشكين من حرمانهم من التفرج على عرس الملك الذي ألغي.
قالت ثيولا:
- ماغارا ليس لدي ما ألبس.
فرددت ما غارا قولها بدهشة:
- ليس لديك ما تلبسيه؟ ولكن الخزانة مليئة بالثياب وهناك ثوب زفاف بالغ الجمال.
فهتفت ثيولا:
- أه بالطبع ثياب كاثرين.
كانت قد نسيت أن ثياب كاثرين ما زالت هناك ولم يخطر لها قط أن بإمكانها أن ترتديها.
وقالت متشككة:
- أظنها بقياسي.
كانت تتكلم وهي تتساءل عما عسى أن تقوله زوجة خالها إذا هي علمت بأنها ترتدي ثوب زفاف ابنتها لتزف إلى أحد الثوار.
وتذكرت كذلك كلمات خالها عندما قال لها بأنه لن يمنحها اذنا منه لكي تتزوج وأن عليها الا تهتم برجل أو تسمح لرجل بالاهتمام بها.
ولكنها فكرت في أن الأمر الان مختلف فالجنرال غير مهتم بها كأمرأة وإنما فقط لأنها تساعد على زرع الاطمئنان والثقة بين أفراد جيشه ما يجعلهم يحاربون بشجاعة وبسالة.
وفكرت في قوله بأن من السهل ابطال الزواج إذا هو انتصر في الحرب ولكنها ما لبثت أن اقنعت نفسها بعدم الاهتمام بمثل هذه التفاصيل حاليا.
قالت:
- دعينا ننظر إلى ثوب الزفاف يا ماغارا.
ودخلتا إلى غرفة النوم حيث أخرجت ماغارا ثوب الزفاف من الخزانة كان بالغ الروعة بتطريزه وزينته.
قالت ماغارا:
- أرى أنه واسع عليك عند الخصر يا أنسه ولكن بإمكاني تغييره بسهولة.
كان في الحقيقة أحد أجمل الأثواب التي رأتها ثيولا في حياتها وكانت كما كانت والدة كاثرين قد قالت بأنه كلف مبلغا باهظا.
كان مصنوعا من قماش الكريب الأبيض اللون وقد زينت تنورته من الأمام بالتول الأبيض الذي جمع إلى الخلف لينزل بعد ذلك كالشلال مشكلا ذيلا للثوب كما كان على قفا الثوب من أسفل عقدة عريضة من قماش الساتان وكذلك أحاط التول بأعلى ياقة الثوب.
وتبعا لتعليمات كاثرين كانت الخائطة قد ااضفت إليه ياقات من الساتان المطرز بالماس.
وقد أسبغ ذلك على الثوب لمعانا وترفا بالغين ولكن ثيولا وهي تنظر إليه شعرت بأنه غير ملائم لشخصيتها.
فقالت:
- سأكون شاكرة لك جدا يا ماغارا إذا أنت أزلت من الثوب كل الأزهار والشرائط.
فاعترضت المرأة قائلة:
- ولكنها جميلة جدا يا أنسة.
فقالت ثيولا:
- إنها بالغة التكلف.
فقالت ماغارا:
- سأفعل ما تريدين ولكن هذا أمر مؤسف.
فلم تنصت ثيولا إليها فقد كانت تخرج من احد الأدراج النقاب الشفاف الثقيل الذي كانت كاثرين قد أحضرته معها لتضعه يوم عرسها.
وكان من المفترض تثبيته في مكانه بإكليل من الماس كانت زوجة خالها قد أعارته لابنتها في اخر لحظة.
ولكن كاثرين لم تأخذه معها ولابد أنها نسيته ولكن ثيولا على كل حال كانت تعلم أنه لن يلائمها حيث أنه ثمين جدا وثقيل الوزن.
وكذلك لم يعجبها النقاب الشفاف رغم جمال تخاريجه إذ شعرت بأنه بالغ الفخامة فقالت للمرأة:
- لدي فكرة يا ماغارا.
ثم جذبت الدرج الذي عند أسفل الخزانة حيث كانت والدة كاثرين والتي كانت تحب الاقتصاد قد وضعت ضمن أمتعة كاثرين عدة لفائف من القماش يمكنها به أن تصلح الثوب إذا أصابه تلف.
وكانت قد قالت لها :
- عليك يا ثيولا إذا تمزق ذيل احد اثواب كاثرين أو توسخت أن تخيطي ذيلا جديدا عدة مرات وذلك قبل اهتراء الثوب.
- نعم يا زوجة خالي.
فقالت زوجة خالها بحدة:
- يمكنك أن تخيطي جيدا إذا أنت رغبت في ذلك وأنا سأوصي كاثرين بأن تنتبه إلى أنك ستقومين بهذه المهمة حالما تدعو الحاجة إليها.
ثم ارتها لفائف القماش وهي تعيد عليها تعليماتها عدة مرات ببالغ الدقة والعناية التي ستتوخاها في القيام بذلك. وهكذا أخرجت ثيولا من الدرج لفافة من التول ووضعهتا على الفراش بجانب الثوب.
وعندما ارتدت ثوب الزفاف والذي كانت ماغارا قد حولتها لها لم تكد تعرف نفسها في المرآة، إن الثوب قد جعلها بعد رفع الازهار والشرائط والزينات غير الضرورية منه قد جعلها تبدو صغيرة بالغة البراءة والنقاء.
وبدلا من النقاب الثقيل علمت ماغارا كيف تصنع نقابا أخر من التول تم تثبيته بأكليل بسيط من زهور البرتقال التي كانت ثيولا قد أزالت منها الحبوب الماسية.
وقالت ماغارا مأخوذة وذلك عندما اتمت ثيولا ارتداء الثوب:
- لشد ما تبدين رائعة الجمال.
عندما أخبروها بأن الجنرال ينتظرها سارت ببطء في الممر الطويل وهي تسمع للمرة الأولى في حياتها حفيف ذيل الثوب الحريري المنسحب خلفها.
وصلت إلى السلم الرئيسي وعندما وضعت يدها على الدرابزين رأت الجنرال ينتظرها في اسفل الردهة.
كان يرتدي البزة العسكرية الخضراء للجيش الكافوني ولكن سترته الأن كانت مزينة بالشرائط الذهبية والشريطة الحمراء معلقة على جانبه، وأخذ يتابع ثيولا بنظره أثناء هبوطها السلام وعندما وصلت إليه ونظرت إلى عينيه رأت فيهما ما كانت ترجوه من تعبير والذي كان مختلفا جدا عن ذلك الاحتقار الذي كان قد نظر إليها به ذات مرة.
قال:
- إنك تبدين كما توقعتك أن تكوني بالضبط.




بلا عنوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-17, 11:38 AM   #12

بلا عنوان

نجم روايتي ومشرفةسابقةونجم مسابقة الرد الأول

 
الصورة الرمزية بلا عنوان

? العضوٌ??? » 231
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 30,617
?  نُقآطِيْ » بلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond repute
افتراضي

كانت تحميل بيدها باقة صغيرة من الورود البيضاء كانت ماغارا قد ناولتها لها في اخر لحظة ورأت ثيولا عربة مفتوحة تنتظرهما أمام باب القصر وكانت مزينة بالأزهار وكذلك حول لجمها.
سارت بهما العربية ببطء في الطريق الواسع الطويل الذي يقود إلى الساحة وعندما وصلا إليها رأتها ثيولا محتشدة بالجموع كما كان الأمر حين وصول كاثرين ولكن ثمة شئ مختلف الأن لم تستطع تفسير ذلك الاختلاف في البداية فقد كانت الهتافات الان تتصاعد من القلب وكانت الابتسامات تعلو الوجوه.
نزلت من العربة ورأت في سوط الساحة منصة كان عليها محافظا المدينة مرتديا عباءة حمراء كانت تفصل العربة عن المنصة مسافة قصيرة فرشت بسجادة حمراء وما أن أقدم الجنرال مع ثيولا حتى صفق الناس الذين كانو يحفون بهما على الجانبين بسعادة وقوة.
ومضت لحظة لم تكد ثيولا تصدق ما يحدث وما لبثت أن أدركت الفرق بين هتافات الفرح التي تسمعها الان وبين تلك الهتافات التي كانت لدى وصول كاثرين. لقد كانت الأصوات الان تحمل احتراما لم يكون هناك من قبل.
وصلا إلى المنصة لأول مرة منذ تركا القصر تشعر ثيولا بالخوف والرهبة كان من الفطنة بحيث أدرك ما تشعر بيه لأنه التفت إليها وهو يقول:
- إنك تمنحين شعبي الأمل والأمان.
وكان صوته من الخفوت بحيث لم يسمعه سواها ولمن يكن ثمة أجدر من تلك الكلمات يمحو خوفها هذا لانها لم تعد الان تفكر في نفسها بل بالشعب.وقفا أمام محافظ المدينة فحياهما بخطبة قصيرة باللغة الكافونية مخبرا الجنرال بمشاعر الشعب نحوه وتطلعهم إليه قائدا ومحررا كما كانت أسرته لمئات السنين وكيف أن قلوب الجميع معه الان في اسعد يوم في حياته هذا وطيلة الوقت الذي استغرقه خطابه ران على ذلك الحشد الضخم من الناس صمت عميق.
قال المحافظ لأليكسيوس فازيلاس:
- نريد توقيعك يا جنرال.
فقال الجنرال:
- كنت أظننا سننهي الأمر أمامك يا حضرة المحافظ.
فأجاب المحافظ:
- إن لدي خبرا رائعا لك عندما أعلنت أنا هذا الصباح بأنني سأزوجكما جاءت رسالة تقول بأن رجل الدين قد عاد إلى المدينة اي إنكما ستتزوجان رمسيا كما أظنك ترغب ورجل الدين في انتظارك الأن.
وشعرت ثيولا بأن اليكسيوس فازيلاس قد استحال إلى حجر بينما هي نفسها وجدت التنفس صعبا عليها.
ثم وبحركة بطيئة وضع الجنرال توقيعه في سجل الزواج الصوري كما اضافت ثيولا توقيعها بأصابع جامدة.
واستدار المحافظ نحو الجموع الصامتة وقال:
- أولادي إن إليكسيوس فازيلاس الذي عاد ليحكمنا والذي تزوج الان تبعا لقانون كافونيا، سيعود فيتزوج رسميا والعريس والعروسه سيتوجهان الان إلى حيث رجل الدين ليقوم بإتمام المراسيم.
وتصاعدت هتافات الابتهاج التي كادت تبلغ اراض بعيدة وإذ بثيولا الواقفة امام الجنرام تجد نفسها متجهة نحو الجهة الثانية من المنصة سائرة على السجادة التي كانت ممتدة إلى عتبة المبنى الذي يتواجد فيه رجل الدين إلى الطرف الأخر من الساحة.
أثنا سيرهما والناس واقفة على الجانبين قال الجنرال:
- أرجو منك المعذرة فليست هذه خطتي التي وضعت ولكن ليس بإمكاني التصرف حاليا.
فقالت:
- ليس بإمكانك ذلك طبعا.
سارا ببطء ووقار بين الجموع المهللة الهاتفة إلى أن وصلا إلى المبنى حيث كان بانتظارهما مجموعة من رجال الدين وعندما ناولت باقة الورود إلى أولئك الذين كانوا يؤدون الهتافات خلعت كذلك قفازيها.
كانت مراسيم الزواج رائعة وجعلتها اللغة اليونانية التي كانوا يتكلمون بها تفكر في أبيها متشوقه إلى حضوره وضع الجنرال خاتم الزواج في اصبعها ثم عادا يسيران في الممر الذي كانت أشعة الشمس تتدفق إليه من خلال الباب الغربي.
انطلقا بالعربة واخذت الزهور تنهال عليهما وعندما وصلا إلى فناء القصر الملكي كان هناك هدوء نسبي ولأول مرة منذ زواجهما أدارت ثيولا وجهها إلى الجنرال ورأته ينظر إليها وفي عينيه معنى لم تستطع تفسيره ثم قال بصوت عميق:
- اقسم لك أنه لم يكن لدي فكرة عن أن رجل الدين سيعود إلى زانتوس ليعقد زواجنا.
وكانا قد وصلا إلى درجات القصر قبل ان تستطيع ثيولا أجابته كان المستخدمون متجمعين وقد بدوا مختلفين جدا عن أولئك الضيوف المتأنقين الذين كانوا في انتظار كاثرين ولكن لم يكون المشاهد ليخفى ععليه الاخلاص الذي بدا في تهانيهم التي كانت تخرج من أعماق قلوبهم.
وكان الجنرال يجيبهم:
- شكرا شكرا.
واقبلت عدة نساء ليمسكن يد ثيولا وهي تصعد الدرجات وأخريات كن يرفعن ذيل ثوبها وعندما وصلا إلى الردهة استدار الجنرال إليها قائلا:
- أعلم أنك تدركين ما أمامي من مشاغل جمة علي القيام بها قبل مغادرتنا المدينة ، هل ستكونين مستعدة الساعة الثامنة؟ وإلى أن يحين ذلك الوقت أرى أن تأخذي قسطا من الراحة.
- نعم بالطبع.
غادر بعد لحظة فتابعت هي صعود الدرج بمفردها وليس بجانبها سوى ماغارا.
**********
عندما غادرا المدينة لم يكن الظلام قد أرخى سدوله بعد ولكن الشمس كانت تتوارى خلف شفق قرمزي وذهبي خلف الجبال وبكت النساء وهن يودعن ازواجهن وابناءهن ولم يتحرك الجنود بشكل صفوف منتظمة كما كان النمساويون يفعلون وإنمكا كانوا يتحدثون مع بعضهم البعض دون كلفة.
كان الجنرال على صهوة حصانة وثيولا بجانبه وكذلك عدد من الضباط الفرسان ولكن الغالبية كانو يسيرون على أقدامهم مع جنودهم ويتبادلون معهم الأحاديث على قدم المساواة.
وفكرت ثيولا في مبلغ التناقض بينهم وبين الضباط النمساويين الأقرب إلى الوقاحة والانعزالية.
كانت ترتدي ثوب ركوب من أثواب ركوب كاثرين إذ كان ثوبها عتيقا مهترئا ما يجعلها تشعر بالخزي به أمام الناس ولكنها كانت تعلم انها إذا أرادت ان تكون مثالا ليس للشعب بل للجيش ايضا فعليها أن تؤدي دورها كما يجب.
لاحظت أنها عند ظهورها كان الجنود ينظرون إليها بإعجاب ولكن بمزيج من الاحترام وأدركت أن مظهرها كان حسب ما يرغبون.
لم تكن واثقة من شعور الجنرال إذ لم يجد وقتا يتحدث فيه إليها وكان مشغولا بإعطاء الأوامر والتعليمات حتى أخر لحظة.
علمت ان المدينة قد اخذت تمتلئ بالناس كما أخذ السكان يزدادون ساعة بع أخرى وعندما رحلا كانت الساحة التي تزوجا فيها قد امتلأت بقطعان الأغنام والبقر والماعز.
وساور ثيولا شعور بأن الجنرال كان محرجا نوعا ما بالنسبة لما حديث وكان ما يزال لا يدري كيف يتصرف في هذا الامر وسألت نفسها كيف يمكننا ان نتحرر من زواجنا في ظروف كهذه؟
وتساءلت عما إذا كان هذا الأمر يقلقه في هذه اللحظة التي يجب ألا يفكر فيها بسوى القتال الذي أمامهم ضد قوات الملك.
أرخى الظلام سدوله بسرعة حالما غابت الشمس ولكن القمر في السماء كان في منتصفه وسرعان ما أخذت النجوم تتألق فوق أعالي الجبال.
أخذت برودة الجو في الازدياد فسرت ثيولا وهي تلتف بالعبارة المبطنة بجلد الغنم التي أصرات ماغارا عليها بأن تضعها على سرج جوادها لتكون جاهزة عن الحاجة إليها.
وعندما توقفوا عند سفح الجبل تقدم ضابط نحوها ليحل العباءة من سرج جوادها وبينما كان يقوم بهذا تملكها السرور والدهشة إذ عرفت فيه الكابتن بيتلوس. فهتفت به:
- إنك معنا؟ ما أشد سروري بذلك.
فاجاب باسما:
- وهل يمكنني ان أكون في اي مكان اخر؟
- لقد كنت أتحين فرصة لاتحدث فيها إليك منذ وجودي في زانتوس.
- كنت مشغولا جدا بالعمل لأجل الجنرال.
- وهل كنت على اتصال به طوال وجودك في القصر؟
0 لقد اقنعني إليكسيوس فازيلاس بأن بإمكاني خدمته بشكل أفضل بوجودي هناك.
- هذا صحيح.
ناولها العباءة لتضعها على كتفيها وعندما انتهى من ذلك أقبل إليه جندي وقال :
- إن الجنرال يريد أن يتحدث إليك يا حضرة الميجور.
فهتفت ثيولا:
- ميجور؟
فقال لها:
- نعم فقد ترقيت وأحب أن أخبرك بأنني اعتبر هذا استحقاقا لي لما تحملته طوال السنوات الأخيرة.
وابتسم بعد أن قال ذلك ثم تركها مبتعدا بينما جلست هي تنتظر الأمر بمتابعة الرحيل وبعد ساعة من السير وجدت ثيولا نفسها في كهف يقع في منتصف الطريق إلى قمة الجبل.
كانت تفوح في ذلك الكهف رائحة خفيفة لحيوان بري ولكن كان نظيفا وقد فرشت أرضه بالرمال.
وأدركت أنه يمكنها أن تطل منها على الطريق اسفل والذي يلتف خلال الوادي وهو الوادي الذي لابد ان يمر منه جيش الملك عند قدومه غلى زانتوس.
وعلى طول الطريق في الجبال تلك كانت هناك كهوف ومضائق وصخور حادة وفجوات عميقة حيث يمكن للرجل أن يختبئ دون ان يشعر بوجوده احد.
كان الكهف الذي وضعت فيه واسعا وقد كسا جندي أرضه ببطانية لكي تستطيع الجلوس عليها كما وضع أخرى عند الجدار المقابل من الكهف.
فسألته ثيولا:
- هل ذاك لأجل الجنرال؟
- نعم يا سيدتي.
ثم وضع منظارا مقربا وعدة أشياء أخرى على تلك البطانية ثم حياها وانصرف تاركا ثيولا بمفردها. جلست على البطانية تنتظر، لم يكن الليل قد انتصف بعد وكانت تعلم أن من غير الممكن أن تستطيع النوم وهي بهذا القدر من الخوف مما قد يأتي به الصباح.
كانت واثقة من ان الجنرال كان يستوثق من وجود رجاله في مواقعهم في الناحية الأخرى من الوادي ولم تتوقع حضوره الكهف مطلقا.
ولكن حوالي الساعة الثانية حين لم يعد القمر متوسطا قبة السماء إذا به يظهر فجأة. سألها:
- هل انت بخير؟
- كنت قلقة لأجلك.
فقال وهو يجلس على البطانية :
- لقد قمت بكل ما بإمكاني القيام به كل رجالنا في مواقعهم ومن الخطأ أن يتنقل الرجال هنا وهناك الأن إذ قد يكون الأعداء قدر ارسلوا كشافة لاستكشاف مواقعنا.
- هذا يبدو معقولا.
فقال:
- لدي شئ لك.
- ما هو؟
- إنه مسدس أظن عليك أن تكوني مسلحة هل تحسنين الرماية؟
- نعم لقد كنت استخدم مسدسا من النوع القديم كان ابي قد ورثه عن جده وذلك على هدف في الحديقة.
- أرجو ألا تضطري لاستعمال هذا ولكن إذا ساءت الأمور من الحكمة أن لديك واحد.
وناوله إلى ثيولا وهو يتكلم فأخذته وهي تفكر بهدوء في أنه إذا ساءت الأمور حسب تعبيره فقد تستعمل هذا المسدس لاطلاق النار على نفسها.
وقال الجنرال محذرا:
- إنه محشو.
- سأكون حذرة جدا.
ووضعته بجانبها على البطانية.
فقال :
- أرى أن تنامي ثيولا وهذا ما أنوي أنا ان أفعله فغدا سيكون يوما صعبا دون شك.
أجابت ثيولا:
- نعم لابد لك من النوم إن كل شئ يعتمد عليك كما تعلم جيدا.
فقال:
- فكرت في هذا اثناء زواجنا اليوم.
وسكت لحظة ثم عاد يقول:
- لا حاجة بي للقول كم كن رائعة وكم كان من المهم بالنسبة إلى الشعب ان يصدق بأنك اقبلت لمساعدتهم في أخطر لحظة في حياتهم.
- أشكرك.
- تصبحين على خير يا ثيولا.
كانت تريد أن تطلب منه ألا ينام وأن يستمر في الحديث معها كان ثمة الكثير تريد معرفته والكثير تريد سماعه لكنها ما لبثت أن أدركت ان من المهم جدا بالنسبة إليه أن يرتاح.
لقد كان يعمل طوال النهار فإذا استطاع الان أن ينام فترة قصيرة فسيكون مستعدا لقيادة جيشه في هذه اللحظة التي صح قوله فيها بأنها أخطر لحظة في حياتهم.
وأخذت ثيولا تتمنى وترجو أن يكتب له النصر كانت تعلم ان الجنرال ينام الأن بسلام ودون أحلام، انتبهت فجأة إلى حركة خافتة في الخارج ظنت أنها لا بد صادرة عن حيوان يتحرك بين الصخور وساورها الخوف من أن تكون افعى ولم تصدق عينيها حين رأت رأس رجل كان يتحرك تحت الكهف مباشرة وحين نظرت إلى أسفل أدركت أنه كان يتحرك ببطء شديد خلال بعض الصخور صاعدا شيئا فشيئا ليصبح في مستوى باب الكهف.
خطر في بالها أنه قد يكون جنديا قد أحضر إلى الجنرال رسالة ولا يريد ان يراه كشافة الأعداء وتساءلت عما إذا كان عليها أن توقظ الجنرال لكي تخبره بأن ثمة رجلا يريده وبينما كانت ما تزال مترددة في ذلك إذ بالرجل يرفع نفسه إلى أعلى فترى في يده خنجرا طويلا مرهفا.
كان يلمع في ضوء القمر وعندما وقع بصرها عليه أدركت أن هذا الرجل ليس موفدا بل مهاجما غادرا.
وبحركة سريعة مدت يدها إلى المسدس الذي كان الجنرال قد سلمها أياه ورفع الرجل نفسه مرة أخرى فأصبح عند فتحة الكهف ما جعل ثيولا ترى الخنجر وقد رفعه بيده اطلقت النار فتردد صدى الطلقة في انحاء الكهف وعندها هب الجنرال جالسا.
كان المهاجم يتهاوى إلى الخلف متدحرجا ببطء ومعه عدد من الأحجار إلى جانب الجبل وسألها الجنرال:
- ما الذي حدث؟ ولماذا أطلقت النار؟
وإذا به يرى داخل الكهف الخنجر وقد استقر على حافة الصخرة التي كان الرجل يتمسك بها ولم تكن ثيولا بحاجة إلى الايضاح وذلك الخنجر يلتمع بالشر في ضوء القمر.
نزل الجنرال إلى حيث كان الرجل ملقى إلى جانب الجبل وسمعت الجنود يتحدثون إليه.
جلست ترتجف ومع أن قتل الرجل لم يخلف في نفسها مشاعر الهلع التي كانت تتوقعها فقد كان شعورها منتفصلا عن ذاتها بشكل ما وكأنه حدث خارج نفسها.
عاد الجنرال وعندما دخل الكهف التقط مسدس ثيولا من حيث كانت ألقت به ثم أخذ يعيد حشوه. ثم قال بهدوء:
- لقد انقذت حياتي.
فسألته:
- من كان ... ذلك ... الرجل؟
أجابها باختصار:
- كان من جواسيس جيش الملك.
سألته خائفة:
- اتظن اهم الأن يعلمون بمكانك؟
فأجاب:
- أشك في ذلك ان الرجل رأنا حين وصولنا، وبدلا من أن يعود لاخبار قاعدته العسكرية كما كان عليه أن يفعل فكر في قتلي لكي يفوز بالجائزة التي كانت وضعت ثمنا لرأسي.
- إذا فما زال بإمكانك ان تفاجئهم.
- أرجو ذلك ، ومرة أخرى أشكرك.


بلا عنوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-17, 11:41 AM   #13

بلا عنوان

نجم روايتي ومشرفةسابقةونجم مسابقة الرد الأول

 
الصورة الرمزية بلا عنوان

? العضوٌ??? » 231
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 30,617
?  نُقآطِيْ » بلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond repute
افتراضي


~ الفصل الخامس ~



كانت ثيولا تعلم ان الجنرال لم يكن نائما، لم يكن يتكلم وكان بالغ الهدوء ومع هذا كانت تشعر أنه مستيقظ فكرت انه ربما كان ينصت ليرى ما إذا كان صوت الطلقة التي قتلت بها مهاجمه قد نبهت قوات العدو، لكنها مالبثت ان اقنعت نفسها بأن صوت الطلقة ذاك لا يمكن ان يكون وصل إلى مدى بعيد وإذا كان هنالك جاسوس واحد فليس هناك سبب للظن بأن اي شخص ما عدا جنودهم قد سمعه.
ولكن كان بإمكانها ان تتفهم مدى انزعاج الجنرال وقلقله خوفا من ان تفسد خطته. ارادت أن تتحدث إليه أرادته ان يطمئنها إلى انها قامت بالعمل الصواب.
لقد قتلت رجلا لم يكن بإمكانها القيام بغير هذا وكانت واثقة من ان الجنرال كان على صواب حين قال إن الجاسوس لابد رأهما حين وصولهما فسعى إلى ان يفوز بالمكأفة التي كان الملك قدمها ثمنا للقبض عليه حيا او ميتا.
كانت ثيولا تعلم انه لو كان نجح في قتل الجنرال لفلشت الثورة وعاد الملك ليعامل الشعب بقسوة أشد مما كان يعاملهم بها في الماضي.
الأن وقد علمت مقدار العنف الذي اتصف به حكم الملك فرديناند بدا من المستغرب أن يبقى على الحكم طوال تلك المدة. ولكنه كان من الحكمة بحيث عرف كيف يحمي نفسه وأصدقاءه النمساويين بالأسلحة التي بامكانها أن تخمد اي تمرد حال ظهوره.
والرجال العزل من السلام مهما كانت نفوسهم ثائرة يصبحون عاجزين امام الأسلحة الحربية الحديثة.
استطاعت ثيولا أن تدرك أن الأمر قد استغرق سنوات قبل أن يتأكد إليكسيوس فازيلاس من أنه اصبح في النهاية من القوة بحيث يستطيع ان يتحدى قوة النمساويين الهائلة.
أخذت تفكر في أنه لابد هناك طريقة لفسخ هذا الزواج عند ذلك سألت نفسها وماذا سيحدث لك؟
ولم تحتمل التفكير في البديل الوحيد الذي لا مناص منه لحياتها إذا هي تركت كافونيا فحاولت أن تركز أفكارها على وضعهما الحالي.
واستدارت مرة أخرى تنظر إلى خارج الكهف حيث كانت الجبال تواجهها كان القمر يتألق على القمم المكسوة بالثلوج ما جعل المشهد بالغ الجمال.
ولابد أنها غفت قليلا وإذا بها تسمع حركة الجنرال فأدركت أن الفجر قريب البزوغ خيل إليها أن ثمة ضوءا خافتا في ناحية الشرق كما أن النجوم لم تكن تبدو بتالقها المعتاد.
سألته هامسة:
- ما الذي ستفعله؟
كانت هذه الكلمات أول ما نطقت به بعد ان شكرها مجددا لانقاذها حياته.
فأجاب:
- سأذهب للتأكد من ان كل شخص على استعدا.
- اتظنهم سيأتون .. مبكرين؟
- اتصور أنهم سيبدأون مسيرتهم عند الفجر فهذا ما كنت سأفعله أنا لو كنت في مكانهم.
سألته وقد بدت الرجفة في صوتها:
- هل سيكونون.. كثيري .. العدد؟
أجاب الجنرال:
- إني لست خائفا من كثرة عددهم وإنما من مدافعهم فإذا كانوا يملكون كما سمعت مدافع طويلة المدى فإن علينا ان نسكتهم قبل ان يقصفوا مدينة زانتوس.
وشعرت ثيولا بالحزن كانت تعلم ا المدينة لم تكن مبنية بحيث تقاوم قصف القنابل وحيث ان الناس تحتشد فيها كان يجعل الامر اسوأ.
وإذ لم تستطع أن تفهم سر سياسته تلك لم تجد مناصا من أن تسأله:
- لماذا ادخلت إلى المدينة كل أولئك الناس؟ ألا يجعل هذا عدد الضحايا والمصابين أكثر عددا؟
وأدركت أن الجنرال ينظر غليها بحدة من خلال الظلام وكأنما أدهشه سؤالها. ثم أجابها:
- إذا مرت قوات الملك من هذا الوادي (روايتي) واستولت فيه على موضع قدم فسترسل عصابات لقتل الفلاحين في قراهم ثم احضار قطعان مواشيهم فالجيوش دوما جائعة ولا أظن الملك قد وجد مخزونات ضخمة من المواد الغذائية بانتظاره عند الحدود.
فقالت ثيولا:
- هذا صحيح لقد فهمت الان.
- من غير العادي أن تهتم إمرأة بتحركات الجيوش.
- إن ما يهمني فقط هو جيشك ولكنني اكره ما سيتعرض له الناس من آلام في هذه المعركة مهما كان ولاؤهم.
- وهذا ما يجعلني أعتقد بأننا إذ نهاجم قوت العدو هنا فسيكون بإمكاننا إذا نحن انتصرنا ان ننقذ كثيرين من الآلام.
فقالت بهدوء:
- كنت طوال الليل ادعو لك بالنصر وأظنك فعلت ذلك أنت ايضا.
ولكن هذا الكلام كان سهلا عليها وهو مجرد ظل في نهاية الكهف. أجابها:
- إنني اعتقد من ان دعاءك سيستجاب هل لي أن اخبرك مرة أخرى بمبلغ شكري لك ليس فقط لانقاذك حياتي وإنما أيضا لشجاعتك في القدوم معنا.
- اظن الحقيقة هي أنني لم أكن شجاعة بما فيه الكفاية لاتخلف عنكم.
- ليست هذه هي الطريقة التي تنظر فيها اكثر النساء بها إلى هذا الوضع.
سألته مترددة:
- أتظن رجالك .. مسرورين لوجودي .. معكم؟
- أظن ان كل رجل سيقاتل كما لم يقاتل من قبل واثقا من أعماق قلبه بأننا سننتصر.
كان الجنرال يتكلم والإخلاص ينبض في صوته فأجابته ثيولا بعد لحظة:
- اشكرك .. لاخبارك لي بذلك.
فقال:
- عندما رأيتك على صهوة الجواد معنا أمس بدوت مثل جان دارك متبعة الهام الاصوات التي كانت تسمعها والتي بعثت الشجاعة في الفرنسيين الذين كانت عزائمهم قد تراخت.
فقالت:
- هذا ما أريد القيام به ولكنني خائفة من ان .. أفشل.
فسألها:
- لماذا هذا الخوف في حين أنك حتى هذه اللحظة كنت في منتهى الروعة؟ كان بإمكانك أن ترفضي عندما عرضت عليك الزواج، ولم أحلم بأنك سترافقينني إلى الجبهة الأمامية للقتال.
ونهض الجنرال أثناء كلامه فأدركت ثيولا الأن أن أول خيوط الفجر قد زحفت نحو السماء وذلك أثناء تبادلهما الحديث.
ونهضت هي أيضا لتقف بجانبه وتنظر إلى الجبال على جانبي الوادي.
لم تكن هناك حركة تلحظ لقد بدا المكان مهجورا كليا ومع هذا كان مئات من الرجال ينتظرون هناك جاهزي السلاح على استعداد لأن يقتلوا أو يقتلوا في سبيل المستقبل.
سألته:
- هل من الضروري أن .... تذهب الأن؟
فقال بلهجة السيطرة :
- عليك أن تبقي هنا هناك رجلان على جانبي مدخل الكهف بإمكاني أن أئتمنهما على حياتي وإذا ساءت الأمور يمكنك ان تضعي ثقتك فيهما في اخذك إلى مكان امن.
كانت ثيولا تعلم تماما ما يعنيه بقوله ( إذا ساءت الأمور) أنه معنى اذا هو قتل.
شعرت بوخزة في قلبها وإذا بها تتقدم بحركة عفوية فتقف بقربه وهي تقول له :
- هل ستكون حذرا؟ عدني بذلك وبعدم تعرض نفسك للمخاطر.
فلم يجب وبعد لحظة تابعت تقول:
- عليك أن تعلم أن كل شئ سيفشل من دونك إن مستقبل كافونيا بأسره يعتمد على بقائك حيا.
سألها:
- هل يهمك أمرنا في هذه البلاد الصغيرة التي لا أهمية لها؟
- طبعا انني الان جزء منكم ولهذا ارجوك.. ارجوك أن تكون حذرا.
وشعرت لحظة بضعف في ساقيها أوشكت فيها أن تسقط إلى الأرض جلست على البطانية دون وعي منها إنها تدرك الان بأنها تحبه كما أنها لم تعرف قط من قبل ولم تتصور أن الحب هو بهذا الشكل.
دوما كانت تفكر في أنه شعور دافئ سعيد مريح تماما كالحب الذي كانت تراه بين أمها وأبيها وتمتمت هامسة إني احبه .. احبه.
إنها تعلم الان بانها لا بد احبته منذ خلصها من ذلك الجندي فشعرت عند ذلك الأمن والحماية معه.
كان شيئا لم تعرفه منذ وفاة والديها هذا الشعور بالأمن وعدم الخوف حتى بعد كل ما عانته والرعب الذي أثاره في نفسها ذلك الجندي الطائش قد أدركت أيضا رغم عدم تمكنها من تفسيره لنفسها بأن إليكسيوس فازيلاس يعني بالنسبة إليها شيئا خاصا جدا.. شيئا يختلف (بلاعنوان) عن كل ما سبق و واجهته في حياتها من قبل.
إنه الحب وسألت نفسها لماذا لم تعرف ذلك من قبل كان هو الحب الذي جعلها تشتاق إلى قربه والتحدث إليه كان هو الحب رغم عدم وجود فكرة لديها عنه من قبل الذي جعلها تقبل عرضه للزواج.
كان قد قال إن هذا الزواج لحمايتها وإذا رجعت بأفكارها إلى الوراء تأكدت من أنها كانت ستخاف وتتلكأ في الاستجابة لو أن اقتراح الزواج هذا قد عرضه عليها اي رجل أخر.
ولكنها استجابت إلى إليكسيوس فازيلاس بكل جوارحها وقامت بكل ما أرادها أن تفعله ذلك لأنها كانت تحبه.
وحدثت نفسها قائلة:
- لقد انقذت حياته لقد انقذته لم يكن ذلك لأجل كافونيا فقط بل لأنه إذا كان مات كنت سأموت أنا ايضا من الحزن.
وسمعت ضجة مفاجئة فرفعت رأسها لترى ظلام الليل يتلاشى والنجوم قد اختفت كان الفجر ينتشر الان من وراء الجبال وفي الناحية الاخرى من الوادي كانت القمم قد تحولت من اللون الفضي الذي كان ضوء القمر قد اسبغه عليها إلى ألوان متنوعة يخطف سناها الأبصار.
كانت الضجة التي كانت ثيولا قد سمعتها تتصاعد من الوادي فنظرت إلى اسفل حيث كان الطريق الملتف واضحا تماما الان.
لم تكن قد لاحظت في الليلة السابقة وجود جدول مائي يجري بجانبه وكان صخريا وغير عميق في هذا الوقت من السنة ولكنه في الشتاء كان يرتفع بسبب الشلالات التي كانت تصب فيه من قمم الجبال الثلجية.
كان الطريق خالية ولا شئ يمكن رؤيته ومع هذا كانت الضجة تتصاعد ما جعل ثيولا تدرك وقد تملكتها رجفة الخوف بأنها ضجة مشية عسكرية.
كانت تعلم بأن كل رجل تحت قيادة إليكسيوس فازيلاس قد سمع كما سمعت اقتراب العدو فجهزوا اسلحتهم في انتظار الامر باطلاق النار.
وكانت تعلم أن هذا الأمر يعطيه الجنرال وتمنت لو تعرف أين هو لتتمكن من رؤيته.
لابد أنه بعد كلامها معه لن يجازف او يعرض نفسه للخطر يجب أن يفهم بأنه يمكنه أن يساعد شعبه فقط ببقائه حذرا ليبقى حيا، ذلك أنه إذا مات فسيبقون دون قائد.
وأخذت تحدث نفسها بذعر يجب أن يحاذر على نفسه يجب عليه ذلك ، لقد كانت توسلت إليه من قبل بأن يحاذر على نفسه ولكنها الان بعد ان اعترفت لنفسها بانها تحبه اصبح التفكير في أنه في خطر يشكل لها عذابا هائلا.
ربما ستصيببه رصاصة طائشة وربما سيصاب في المعركة بشكل مباشر حيث أن كل جندي في جيش الملك كان يعلم مثلها بأنه إذا قتل إليكسيوس فازيلاس فستنتهي الثورة.
كان صوت وقع الأقدام الثقيلة الذي كان قادما من جنوب الوادي يعلو ورأث ثيولا أوائل الجنود وقد أصبحوا في مرأى النظر.
كان ضوء النهار ينتشر شيئا فشيئا فرأت ضابطا على صهوة جواده يحيط به اثنان من حرس الملك وقد تألقت خوذتاهما اللتان ذكرتاها بجنود الاغريق القدماء في أشعة الشمس.
وجاء خلفهم سلاح المدفعية صفا طويلا ثقيلا هي التي كانت تخيف إليكسيوس فازيلاس والتي كانت ثيولا تعلم أن بإمكانها أن تقصف زانتوس وتحيلها انقاضا.
كان كل مدفع منها يجره أربعة بغال وعندما أخذ الصف يتقدم ببطء في الطريق رأت انها ثمانية، ثمانية مدافع ثقيلة كان طاقم كل منها يسير خلفها ستة رجال لكل منها.
خلف المدافع جاء المزيد من الضباط في ستراتهم الحمراء يقودون رجالا يسيرون بخطوات عسكرية في شكل منتظم رائع يختلف جدا عن تلك الحشود العفوية الودود التي كانت تحت قيادة إليكسيوس فازيلاس.
كان من غير الممكن بالنسبة إلى ثيولا ان ترى من تلك المسافة البعيد ة بنادقهم بوضوح ، ولكنها كانت واثقة من أنها أحدث طراز من البنادق السريعة الطلقات (روايتي) وفكرت بيأس في تلك المدافع الأثرية التي رأت رجالهم ينقلونها .
وحدثت نفسها وقد تملكها القلق كيف بإمكاننا أن ننتصر على مثل تلك الاسلحة المنيعة؟ وشبكت يديها ببعضهما وهي تشعر بأنه لم يعد أمام جيش الشعب سوى الإيمان والدعاء الان.
كان الضابط قائد المدفعية قد اصبح في منتصف طريق الوادي ومازال خلفه جنود لم يدخلوا الوادي بعد. ورأت أنه لا بد هناك المئات منهم وتصورت أن عددا كبيرا من المرتزقة لم يتوقعه الجنرال لابد التحقوا مؤخرا بقوات الملك إذا لم يكونوا من كافونيا فمن اليونان.
واستمروا سائرين على الارض بخطوات منتظمة بينما المدافع تقرقع فوق الطريق الصخرية وكان الجنود ينهرون البغال احيانا وعدا ذلك إلى الخطوات العسكرية كان السكون يعم الانحاء.
لم تكن هناك أوامر حادة ولا ارتفاع في الاصوات كانت هناك فقط قرقعة العجلات واصوات حوافر الخيل والخطوات العسكرية، كان الجو الذي يحدثه كل هذا رهيبا غامضا.. مفزعا يا لوفرة عددهم ويا لانتظام افواجهم المحكمة الدقيقة الخالية من اي خطأ.
كان هناك الجنود النظاميون كما كان هناك جنود تدربوا خصيصا للقتل وتملكت ثيولا فكرة أنه لم يكن بينهم كثيرون من الكافونيين رغم أنها بالطبع لم تكن واثقة تماما من ذلك ، كان الجنرال قد قال بأن معظم الجيش الكافوني قد انضم إليه وتيقنت من وجود الكثير من الجنود النظاميين بين أولئك الكامنين في جانبي الوادي.
ولكن كان هناك أيضا عدد كبير من المواطنين العاديين والذين كانو مجرد اتباع لإليكسيوس فازيلاس لم يتلقوا أي تدريب عسكري ما عدا القليل الذي تمكن من اعطائهم اياه، وكان من المحتمل أن يشعروا بأن قوات الملك ستكتسحهم.
وحدثت نفسها لشد ما أنا خائفة وتساءلت عما إذا كان من المحتمل أن يلقي أولئك الرجال الكامنون خف الصخور وفي الكهوف والأغوار باسلحتهم ثم يولو هاربين مفضلين ذلك على المجازفة بحياتهم، ولكنها لم تستطع أن تصدق بأنهم قد يتخلون عن قائدهم، وخصوصا إذا كان ذلك القائد هو إليكسيوس فازيلاس.
ولكن من يضمن تصرف الرجل غير المدرب قليل التجارب إذا جاءت اللحظة التي عليه ان يخاطر بالشئ الثمين الوحيد الذي يملكه .... وهو حياته؟
كانت ترى الضابط قائد المدفعية وقد اقترب من نهاية الوادي كما أنه أصبح بامكانها أن ترى أن اخر قوات الملك قد ظهرت وبدا تحتها طابور طويل من الجنود يتحركون بدقة وخطوات منتظمة وقد ملأوا طريق الوادي بأجمعه.
كان منظر كل ذلك بالغ الرهبة حقا وفكرت بفزع في أنه لولا الكافونيون المختبئون ربما كان إليكسيوس فازيلاس غير أيه.
ربما تراه قدر قرر أن الوضع ميئوس منه وربما لم يشا أن يجازف بحياة أفراد شعبه مفضلا الاستسلام للملك، وما أن ارتجفت لهذه الفكرة حتى سمعت فجأة صوت طلق ناري.
دوى الطلق وما ان تردد صداه في الجبال مرة بعد مرة حتى سقط قائدهم من على جواده بينما انطلق الحصان بعيدا دون أن يصيبه اذى وكانت هذه اشارة لبدء اطلاق النار من جانبي الوادي أخذ رجال إليكسيوس فازيلاس يطلقون النار من مكانهم خلف الصخور من الكهفو من الاغوار من الفجوات.
وتخلخل النظام الدقيق للجنود اسفل وهم يتراكضون هنا وهناك يلتمسون ملجأ من الرصاص المنهمر عليهم أما البغال التي كانت تجر المدافع فهي يفقط التي تابعت السير في الطريق مسرعة خطاها أو تتخبط في سيرها هنا وهناك بعنف مذعورة من صوت اطلاق النار.


بلا عنوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-17, 11:42 AM   #14

بلا عنوان

نجم روايتي ومشرفةسابقةونجم مسابقة الرد الأول

 
الصورة الرمزية بلا عنوان

? العضوٌ??? » 231
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 30,617
?  نُقآطِيْ » بلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond repute
افتراضي

ورد عليهم الجنود الان بطلقات متفرقة ولكنها كانت طلقات قليلة العدد كان الضجيج يصم الأذان ليس فقط من دوي طلقات البنادق ولكن كذلك من تردد صداقها في الوادي، كانت كل طلقة يتردد صداها مرة بعد مرة في الكهوف وبين الجبال ويتعاظم دويها حتى يكاد يخترق الاذان.
اصبح الأن جنود الملك جميعا ما بين قتيل على الارض أو جاثم خلف الصخور حتى إذا قضى الرصاص على عدد هائل منهم أخذوا بالهرب. كان رجال المدفعية هم الذين هربوا أولا حيث أنه لم تكن لديهم أسلحة شخصية وما أن اخذوا يشقون طريقهم بعنف متراجعين حتى انضم إليهم اخرون وهم يلقون باسلحتهم التي كانت تعيق هربهم حتى ان البعض منهم خلعوا ستراتهم لكي يستطيعوا الركض بسرعة أكبر.
حدث كل شئ بسرعة جعلت من الصعب ادراك ما حدث بالضبط ذلك ان رجال المدفعية كانوا هم البادئين بالانهزام بشكل يدعوا إلى الرثاء، لقد هرب الرجال بعد ان ملأهم الرعب ناسين كل شي ما عدا البحث عن ملجا يقيهم أم الذين تخلفوا عنهم فلم يكونوا يطلقون النار لانهم كانوا امواتا.
ورأت ثيولا عدة ضباط يحاولون ان يوقفوا تيار التراجع هذا ولكن دون فائدة فأولئك الذين ما زالوا على جيادهم قد هربوا بعيدا أما الآخرون فقد ركضوا خلفهم بكل ما يستطيعونه من سرعة عند ذلك رات ثيولا مقاتليهم يخرجون من مكانهم ثم ينحدرون نحو الوادي.
لقد رأت الجنرال يلقي بأوامره فيسارع الرجال إلى طاعته واصواتهم تتصاعد بالهتاف، كانت اصواتهم تعلو بهتافات انتصارهم الساحق وتدفقت الدموع من عينيها للراحة الغامرة التي شعرت بها بعد ذلك الخوف الذي عانته حتى لم تعد تستطيع أن ترى شيئا.
**********
مضى وقت طويل قبل ان ياتي إليها الميجور بيتلوس ليخبرها بأنه سيصحبها إلى حيث ينتظرها الجنرال، رأت السعادة تبدو عليه بكل معانيها رغم أن بزته الأنيقة كان يعلوها التراب وكان على خده خدش طويل وفي إحدى يديه إصبع ينزف.
هتفت تسأله:
- هل أنت مصاب؟
فأجاب:
- الذنب في ذلك ذنبي فقد كنت في لهفتي أنزل من الجبل مسرعا لكي اصل إلى الطريق.
فقالت:
- لقد انتصرنا.
قال وعيناه تتألقان:
- كان انتصارا رائعا ومن سوى الجنرال يمكنه أن يحقق مثل هذا؟
فسألته:
- هل وقعت بيننا اصابات كثيرة؟
فأجاب:
- لقد جرح بعض الرجال أما الذين قتلوا كان ذلك بسبب تعريض أنفسهم دون ضرورة.
وتنهد ثم عاد يقول:
- الجنرال وحده كان بإمكانه ان يخطط ليس لهزيمة العدو فقط وإنما ايضا لجعل رجالنا يضبطون أعصابهم فلا يطلقون النار إلا في اللحظة الأخيرة.
ضحك وهو يتابع:
- لم يكن الأمر سهلا فأولئك الجنود غير المدربين كانوا بشوق لاطلاق النار ولم نستطع ضبطهم إلا لأنهم خائقين من عصيانهم للجنرال.
كانت ثيولا قد وضعت قبعتها على رأسها ووقفت تنتظر وهي تنفض الرمال عن تنورتها وتمد يدها المكسوة بالقفاز إلى الميجور بيتلوس لكي يساعدها على النزول من الجبل.
قال:
- إنك تحيرينني يا سيدتي وذلك إذ تبدين بالغة الأناقة والنظافة وأنا واثق من ان رجالنا سيعتقدون أن انتصارهم كان بسبب اصلك.
فقالت:
- إنني مسرورة جدا لوجودي هنا ، أظن كنت سأجن لو أنه كان علي أن انتظر في زانتوس فلا أعلم ما الذي يحدث.
إذا كانت هي مسرورة لوجودها مع القوات المحاربة فلا شك أنهم كانوا يشعرون بالفخر وهي تنزل من الجبل لوجودها معهم. كانت غالبية الرجال مجتمعة حول المدافع ينظرون إليها باحترام مدركين انهم إذ غنموا من الجيش الملك اهم اسلحته المنيعة فقد تأكدوا من انه لم تعد لديه إمكانية الرد بالثأر، وكان رجال أخرون يجمعون البنادق التي كان ألقى بها الجيش المنسحب بينما غيرهم يعتنى بجرحى العدو محاولين اراحتهم قدر الامكان.
وسمعت الجنرال يقول:
- أخبروهم بأننا سنرسل إليهم عربات تحملهم إلى زانتوس حيث سيعالجهم الطبيب.
وعندما نزلت ثيولا اخر منحدر قبل ان تصل إلى الطريق التفت الجنود ورأوها وسرعان ما تصاعد الهتاف بشكل عفوي ومن الاعماق ما جعل الدموع تنحدر من عينيها ، وعندما أدرك الجنرال سبب هتافهم استدار نحو ثيولا والميجور بيتلوس ولكن لم يستطع الوصول إليهما.
وتملكها الخجل لتكريمهم هذا لها ولم تملك إلا أن تشكرهم بلغتهم وهي تبتسم لهم ، وتزاحم الجميع حولها لتكريمها، وعندما شعرت بأنها ربما تعيقهم عن تلقي أوامر الجنرال نظرت نحوه فرأته يراقبها وقد بدت في عينيه نظرة غريبة ولم تستطع أن تفهم ما إذا كان مسرورا ام متضايقا، ولكن بعد لحظة قادها الميجور بيتلوس إلى جوادها حيث جلست على صهوته، وهو يقول:
- انهم يحبونك ويحترمونك أرجو ان يعجبك ان تكوني محبوبة إلى هذا الحد يا سيدتي.
شعرت بأنه يحاول أن يخفف من خوفها فابتسمت له ولكن كان من الصعب عليها ان تتكلم نظرا لتاثرها البالغ بتصرفات الجنود ، وبعد ان أعطى الجنرال بعض الأوامر أشار إلى ثيولا بأن تتقدم إلى جانبه ثما سارا معا أمام طابور طويل من الرجال والمدافع في طريق العودة إلى زانتوس.
كانت تعلم ان هذا عرض متعمد للقوة لكي يمنح أهالي المدينة الثقة وايضا لكي يمنحهم فرصة الهتاف للرجال الذين انقذوهم من الدماء على أيدي يقوات الملك.
أثناء سيرهما كانت هي تنظر إليه متمنية ان يتحدث إليها ولكن لم يكون ثمة فرصة لأحاديث خاصة في الوقت الذي كان ثمة من يوجه إليه سؤالا في كل لحظة أو ان يوجه أمرا يستلزم رجوعه على طول الصف من رجاله لكي يتحدث إلى أحد الضباط الذين كانوا يراقبون تقدم المدفعية.
وقبل ان يصلوا إلى زانتوس بوقت طويل أدركت ثيولا أن بشائر النصر قد سبقتهم إلى المدينة فقد رأوا حشودا من الناس خارجين لملاقاتهم كما كانت الاعلام تخفق فوق البيوت وكانت هتافات الاستبشار والتشجيع وإلقاء الزهور والبهجة العارمة التي تملكت الناس كل ذلك قد فاق كل ما كانت ثيولا تتصوره.
وعندما وصلا إلى الساحة العامة اخذ الاولاد يلقون الازهار امام جواديهما كما كان الناس يصيحون بكلمات الترحيب بينما دموع السعادة كانت تغسل وجنات النساء المسنات.
كل ذلك جعل من الصعب عليها وعلى الجنرال التقدم حيث أن جواديهما لم يستطيعا أن يخترقا تلك الحشود بسبب النساء الكثيرات اللاتي كن يحاولن وضع الزهور بين ذراعيها.
كان من غير الممكن أن تقبل كل ما كانوا يعطونها بينما تمسك اللجام فتسقط الزهور إلى الأرض ولكن لتحتل مكانها زهور أخرى بكميات وافرة.
وبدا لثيولا ان وصولهما إلى القصر استغرق ساعات وحتى عند ذاك زحفت الحشود التي كانت تتبعهما إلى الساحة متدافعين ولم يتوقفوا الا عند الدرجات الصاعدة (بلاعنوان) إلى الباب الأمامي، ترجل الجنرال وعندما أخذ الميجور بيتلوس والذي كان خلفهما يساعد ثيولا على النزول إلى الارض مد يده يمسك بيدها يرتقي معها الدرجات وعندما وصل إلى اعلى السلم استدار يواجه الجموع على مد نظرها كانت هناك حشود لا نهاية لها تملأ ساحة القصر والشارع العريض الذي يصل إلى الساحة العامة ومتسلقة الجدران والأشجار صائحين هاتفين هازجين بأهازيج النصر.
اخذت ثيولا تلوح لهم بيدها إلى أن شعرت بالألم في ذراعها وعند ذلك استدار الجنرال واتجه بها إلى داخل القصر ، وقال لها:
- لابد انك تشعرين بالتعب الشديد اذهبي إلى غرفتك وخذي قسطا من الراحة وسأتدبر أمر ارسال بعض الطعام لك حالا.
كانت هذه أول كلمات يوجهها إليها منذ تركها عند الفجر قبل بدء القتال، ولكن قبل أن تجيبه كان قد اشاح بوجهه عنها مبتعدا وسرعان ما كان محاطا بالضباط الذين كانوا يطلبون منه التعليمات.
صعدت إلى الطابق الأعلى وهي ترى نفسها متعبة حقا رغم ما كان يتملكها من الفرح والبهجة بما حدث، كانت ماغارا في انتظارها وما أن مدت ثيولا يديها إليها لتحتضنها حتى قالت والدموع تنهمر من عينيها :
- لقد انتصرنا يا سيدتي إننا احرار.
فقالت ثيولا:
- نعم لقد انتصرنا ولكنني يا ماغارا أشعر بالقذارة في جسمي بعد نومي طوال الليل في ملابسي أريد ان اغتسل ثم ان أنام فترة.
- لابد لك من ذلك سيدتي لأن في انتظارك الكثير من العمل.
كانت في الواقع تعبة جدا بحيث اغتسلت بسرعة وعندما ذهبت نحو الفراش استسلمت للرقاد على الفور.
**********
استيقظت ثيولا شاعرة بكل ذلك التعب قد محي وزال ليحل مكانه الانتعاش والنشاط والتأهب، ضغطت على الجرس بجانب فراشها فظهرت ماغارا على الفور وهي تقول:
- لقد كنت اتساءل لتوي عما اذا كان علي أن أوقظك سيدتي، هل تعلم أن الوقت قد حان لتبديل ثيابك لتناول العشاء؟
فهتفت ثيولا بذعر:
- اتراني تأخرت في النوم إلى هذا الحد؟ كيف أمكنني النوم هذا الوقت الطويل بينما أمامي الكثير مما أريد أن أعمله، والكثير مما أحب سماعه.
فقالت ماغارا:
- مازالت الحشود في الخارج تطلبك وكذلك أرغم الجنرال على الخروج إليهم والتلويح لهم عدة مرات، وقد رفض أن يدعنا نوقظك.
- لا بد أنه متعب هو ايضا.
فضحكت ماغارا وهي تقول:
- لا أظن ذلك يا سيدتي فالجنرال معروف عنه بأنه لا يتعب، ألم يخبرك أحد بذلك؟
- كلا لم يخبرني احد.
- ذات يوم كان يقوم بزيارة لشعبيه بين الجبال وجد صبيا صغيرا هو ابن راع كان قد سقط في فجوة عميقة فأصيبت ساقه ولولا أن اكتشفه الجنرال لكان مات، وحيث أن أقرب طبيب كان يبعد أميالا كثيرة فقد حمله وسار به ثلاث أيام بلياليها إلى أن وصل به إلى الطبيب.
- ما أعجب هذا.
فابتسمت ماغارا:
- إن الجنرال شخص عجيب حقا فهو ليس كأي رجل أخر يا سيدتي تماما كما أنك لست كأي امرأة أخرى.
- عليك ألا تقولي هذا فأنا عادية تماما.
- ليس ثمة في كافونيا من يصدق ذلك بعد ما رأوك أمس.
فقالت ثيولا:
- لست أنا الذي أتيتهم بالنصر بل الجنرال.
فقالت ماغارا:
- والجنرال أيضا ولكنني سمعت أنه لولا انقاذك لحياته لما جاءنا النصر وما كنا لنحتفل به الأن.
نظرت إليها ثيولا بدهشة:
- وكيف علمت ذلك؟
- لقد أخبرنا بذلك الجنرال نفسه، عندما وقف على درجات باب القصر الأمامي عند عصر هذا اليوم وأخذ الجميع يهتفون له أخبرهم بأن الفضل لك في إنقاذه من طعنة خنجر.
لم تجب ثيولا لقد ادهشها أن يخبرهم الجنرال بما حدث ذلك أن شرح الواقعة لهم ربما تجعلهم يرونه ليس كما يجب أن يكون عليه من اليقظة مما جعل العدو يصل إليه ليطعنه بالخنجر ولكنه مع هذا أراد أن يخبرهم بما حدث ليظهرها أمامهم بطلة ويعزز موقعها في نفوسهم.
ولم تستطع أن تمنع نفسها من التفكير في امكان أن يكون الجنرال يهتم بها بشكل خاص ولو قليلا.
ولم تجرؤ على التفكير ولو بينها وبين نفسها في أنه قد يكون محبا لها.
حدثت نفسها قائلة:
- إني أحبه ولكن يجب ألا يعلم هو ذلك إذا لم يكن يحبني.
فقد كانت ترى أنه إذا كان يحبها حقا لتحدث إليها على الأقل قبل أن تبدأ رحلة العودة إلى زانتوس، كانت تتمنى لو كان قال لها شيئا وهما سائران أمام الجنود وعندما واجها الحشود الهاتفة.
ولكن كان باستطاعته بكل تأكيد أن يصعد معها اللم ليقول لها ولو كلمة قبل أن تنام ، وسألتها ماغارا عما إذا كانت تريد شيئا تأكله أو تشربه ولكنها كانت عازمة على الانتظار إلى أن يحين وقت العشاء أملة أن تتناول العشاء مع الجنرال بمفردهما.
لقد أصبحت الأن من اللهفة لرؤيته إلى درجة لم تكن لديها سوى فكرة واحدة وهي أن ترتدي ثيابها بسرعة لتكون مستعدة إذا هو ارسل بطلبها أو جاء إليها.
سألت:
- ماذا سألبس يا ماغارا؟
- لقد جعلت كل الثياب بقياسك يا سيدتي.
- وكيف أمكنك القيام بذلك؟
- لقد اشتغلت بها الليل بطوله سيدتي.
- اه ماغارا ما هذه السخافة؟ لابد انك تعبت جدا.
- وكيف استطيع النوم وأنا أفكر في انك ربما في خطر؟
فقالت ثيولا وقد تملكها التأثر:
- كان عليك أن تفكري في أنني سأكون في أمان مع الجنرال.
- ربما كنت في أمان معه يا سيدتي ولكنه ما كان سينجو من الخطر لولاك.
وفكرت ثيولا أن هذا صحيح فلو انها لم تكن مستيقظة أو لو انها كانت نائمة مثله دون ان تنظر إلى الوادي لكان بإمكان المهاجم أن يدخل عليهما الكهف دون أن ينتبه إليه اي منهما.
قالت ماغارا:
- ان الناس تتساءل متى سيكون التتويج؟
فهتفت:
- التتويج؟
- إن إليكسيوس فازيلاس هو الوريث الشرعي للسلطة فقد حكم والده مدة خمسة عشرة عاما كما حكم جده مدة عشرين عاما.
وسكتت وعندما رأت اهتمام ثيولا بكلامها تابعت تبقول:
- لم تكن البلاد في تلك الايام موحدة تماما مثلها الان وكان هناك أمراء يطالبون بأراض واسعة ولدى كل منهم امارته.
- وماذا حدث لهم؟
- أكثرهم ثاروا ضد الملك فرديناند عندما جاء إلى السلطة فاختلف مصيرهم بين القتل في المعارك وبين النفي.
فسألتها ثيولا:
- ألم يبق أحد منهم؟
- لا أحد ذو أهمية وهكذا سيصبح إليكسيوس فازيلاس ملك كافونيا بأجمعها.
فحبست ثيولا أنفاسها وقد أدركت أنه من السخافة أن تفكر لحظة في أنها قد تصبح ملكة إن كاثرين هي التي يسرها الأبهة والتارج ولكن ثيولا كانت تعلم بأنها ليست الحياة التي تحبها فهي في الواقع لا يلائمها هذا النوع من الحياة.
ولأول مرة تتذكر أن إليكسيوس فازيلاس لا يعرف شيئا عنها ماعدا انها ابنة أخت سبتيموس، لقد كان خالها قد قال لها ان عليها الا تتزوج ابدا بسبب العار الذي ألحقته أمها بالأسرة وذلك بمزجها دمها النبيل بدم رجل من العامة.
أترى إليكسيوس فازيلاس سيرى في ذلك عارا؟ فهو أمير ... وهو من النبلاء ، لم يسبق لثيولا أن فكرت فيه من هذه الناحية من قبل فقد كانت دوما تتذكر مظهره عندما خرج من ذلك البيت المقفل بزي الفلاحين وذلك لكي يحمل الطفلة المصابة بين ذراعيه، كما أن بزته العسكرية هي دوما من دون زينة ما عدا أوسمته التي علقها على صدره أثناء عقد الزواج ومع هذا فقد كان من أسرة مالكة ربما هي أقدم من اسرة الملك فرديناند.
حدثت نفسها بأن عليها أن تخبره عن وضعها بالنسبة إلى أمها وشعرت لذلك بنفور من تصرفها هذا إذ كانت تخاف من ردة فعله.
وفي هذه الأثناء كانت ماغارا ما زالت في انتظار اختيارها ثوبا لتلبسه كان في الخزانة العديد من الأثواب وكلها رائعة الجمال وتختلف عن كل ثوب ارتدته في حياتها. وفجأة شعرت بالخجل والمذلة والخزي من نفسها تقريبا ، كيف يمكنها هي التي قال عنها خالها أنها مثل أية خادمة أن تكون في قصر ملكي وترتدي ثياب ابنة خالها ثم تغش أمير كافونيا الوارث موهمة أياه بأنها ذات شأن.
وحدثت نفسها وهي تشعر بالتعاسة ربما لو كان علم منذ البداية أنني لست من يظنها لما كان عرض علي الزواج حتى ولو كان زواجا صوريا، وسألت نفسها:
- ماذا بإمكاني أن أفعل؟
فقد كانت تدرك أن صمتها يزيد الأمور سوءا إذ عاجلا أم آجلا سيكتشف إليكسيوس فازيلاس حقيقتها.
لقد كانت واثقة من أنه إذا لم يخبره أحد عن ذلك (روايتي) فإن خالها إذا هو سمع بزواجهما سيجعل الأمور في غاية السوء بالنسبة إليها وارتجفت خوفا وهي تفكر في أنه سيعترض على زواجهما ، وحدثت نفسها بأن هذا وحده يصلح مبررا لإليكسيوس فازيلاس لكي يفسخ زواجهما. وهتفت ماغارا:
- عليك أن ترتدي ثيابك الأن.
فقطعت بذلك أفكار ثيولا التي انتبهت إلى أنها واقفة منذ فترة طويلة تحدق في ثياب كاثرين وهي لا تفكر سوى في مشكلتها. فسألتها:
- أيها ترينه الأنسب يا ماغارا؟
فقالت ماغارا:
- لقد ارتديت أمس ثوبا أبيض يا سيدتي فبدوت أميرة أما الليلة فأظن ان عليك أن تبدي كإمرأة لأجل زوجك.
فلم تجب ثيولا بينما أخرجت ماغارا من الخزانة ثوبا ذا لون وردي فاتح ولأنها كانت قلقلة لم تكد تنظر إلى المرأة عندما كانت ماغارا تمشط لها شعرها ثم تزينه بباقة صغيره.، وكانت على وشك الانتهاء عندما سمعت طرق على الباب.
ذهبت ماغارا لتفتحه ثم عادت إلى الغرفة وهي تقول بصوت بان فيه خيبة الأمل:
- الجنرال يرسل إليك تحياته يا سيدتي ولكنه مشغول جدا عن تناول العشاء معك هذا المساء وبدلا من ذلك ارسل عشاءك إلى هنا.
وفكرت ثيولا في أن هذا ما كان عليها ان تتوقعه بعدما لم يعد بحاجة إلى خدماتها، وكانت ماغارا ما تزال تتكلم:
- يقول الجنرال انه سيزورك فيما بعد هذا المساء.
كان صوتها فاترا وقد خمد التالق في عينيها ، لقد انتهت المعركة بما يتعلق بها وهي الان واثقة من أنها هزمت.


بلا عنوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-17, 11:43 AM   #15

بلا عنوان

نجم روايتي ومشرفةسابقةونجم مسابقة الرد الأول

 
الصورة الرمزية بلا عنوان

? العضوٌ??? » 231
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 30,617
?  نُقآطِيْ » بلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond repute
افتراضي

~ الفصل السادس ~



قالت ماغارا عندما جاءت لرفع الأطباق عن المائدة التي كانت ثيولا قد تناولت عشاءها عليها :
- انك لم تأكلي شيئا يا سيدتي.
فأجابت ثيولا:
- إني لست جائعة.
فقالت ماغارا:
- بل لابد أنك جائعة، فأنت لم تأكلي أمس إلا قليلا ولا شئ إطلاقا اثناء الليل وبعد أن وصلت من الجبال واحضرت انا لك شيئا من الطعام كنت مستغرقة في النوم بحيث لم أشأ أن أوقظك.
فعادت ثيولا تقول:
- إني لست جائعة .
كانت تعلم انه شعورها بالتوجس والتعاسة ما جعلها تشعر وكأن حلقها قد ضاق حتى أصبح من الصعب عليها أن تبتلع شيئا ونهضت عن المائدة متجهة إلى النافذة، لقد كانت شعرت ذات يوم بالإنقباض والضيق في هذا القصر ، ورأت حدائقه المتكلفة كئيبة باهتة الجمال ولكنها الان لا تتمنى شيئا أكثر من ان تستمر في العيش هنا .. أن تكون قريبة من إليكسيوس فازيلاس، إن تكون معه حين يخطط لمستقبل كافونيا.
وسمعت ماغارا تترك الغرفة ولكنها لم تستدر في وقفتها، ففي الخارج كانت الشمس تغيب بكامل الروعة والجمال ومع هذا فقد بدت في عيني ثيولا مظلمة إنه ذلك الظلام الكامن في قلبها.
فكرت وقلد تملكها الياس في أنها تحبه .. تحبه .... ولكنها لن تعني بالنسبة إليه سوى ... زوجة بالاسم فقط.
وكان التفكير في أنه قد يكون غارقا في حب ابنة عمه الأميرة اثينا والتي كانت ماغارا قد حدثتها عنها مرة، كان هذا التفكير بمثابة طعنة خنجر تصيب قلبها ، ما شكلها تلك الأميرة؟ أهي جميلة جدا؟ هل من الممكن أن تكون مثله الأعلى في النساء حيث أن ثيولا لن تكون كذلك أبدا؟
وراحت تتعذب وهي تتصور أن الأميرة ذات ملامح إغريقية مثل إليكسيوس فازيلاس نفسه، بإمكانها أن تفهم كم كان سهلا عليه أن يستبدلها في اذهان الناس بكاثرين التي كان رئيس الوزراء قد اعلن عنها لكن في ثوب عرسها لا بد أنها أظهرت في أعين عامة الشعب كل حنينهم.
وأخذت تفكر في أن كل ذلك لم يكن سوى مشهد مسرحي متقن أما ما كانت تشعر به في اعماقها عند ذاك وعندما كانت تدعو في الكهف للجنرال بالنصر، فيبدو أن كل ذلك قد بهت وتلاشى إن ما يتملكها الأن هو شعور بالفتور والانكماش ، شعور فتاة لا شأن لها.. فتاة كانت زوجة خالها قد وصفتها بأنها ( لا تميز عن الخادمة إلا قليلا).
وتوارت الشمس وانتشر الشفق الشاعري بينما بدت الظلال مليئة بالاسرار، ولكن ثيولا لم تكن ترى أمامها سوى وجه إليكسيوس فازيلاس، ما الذي كان يفكر فيه؟ ماذا كان شعوره؟ إنه سيبقى دوما بالنسبة إليها لغزا غامضا... رجلا لن تفهمه أبدا.
سمعت قرعا قويا على الباب فاستدارت وقلبها يخفق خوفا وقد وجدت من الصعب عليها التكهن بمن عسى ان يجئ إليها، تكلمت باللغة الكافونية ففتح البا ودخل الجنرال وعند ذلك و يا للعجب إذا بها ترى جنديين يتبعانه.
دخلا الغرفة ثم اتخذا وقفة الإنتباه كحارسين يؤديان واجبهما ولكن في داخل غرفة الجلوس بدلا من الممر خارجها، حدقت ثيولا فيهما وقد تملكها الحرج ثم رفعت ناظريها إلى الجنرال متسائلة، فتقدم الجنرال قليلا نحوها ثم وقف جامدا في منتصف الغرفة وقد بدا على ملامحه تعبير لم تستطع فهمه ، ثم قال لها بالإنجليزية:
- أريد أن أتحدث إليك.
فأجابت:
- لقد كنت ... في انتظارك ... ولكن لم هذان الجنديان هنا؟
فقال:
- لقد أحضرتهما لكي تشعري بالأمان.
فسألته بذهول:
- الأمان؟ وممن؟
فأجاب:
- مني انا
ولم تستطع أن تستوعب ماقاله بينما تابع هو كلامه:
- لقد أسأت استغلال ثقتك بي الليلة الماضية ولهذا اريد أن اتأكد اليوم من عدم حدوث ذلك مرة أخرى.
- أنا لا .. أفهم.
فأجاب:
- بل اظنك تفهمين أما ما سأقوله الان فلن يستغرق وقتا طويلا.
وفجأة أدركت ما يعنيه كان يشير إلى أنه كان رقيقا محبا معها قبل ان يغادر الكهف وإذ شعرت لتصرفه هذا بمنتهى الحزن ما أوشكت معه على البكاء قالت بسرعة:
- اخرج هذين الجنديين إنني لن اتحدث إليك ماداما في داخل الغرفة.
ولكن الجنرال بقى على جموده وهو يسألها:
- أترين من الحكمة أن تطلبي هذا؟
وإذ خشيت أن تكشف عيناها عما في نفسها اشاحت بوجهها وسارت نحوالنافذة وعادت تقول:
- اخرجهما .... من هنا.
وكان صوتها يرتجف وهي تتابع قائلة:
- إني اعتبر وجودهما هو ... إهانة لي.
- لم أقصد أن يكون الأمر كذلك.
وصرف الجنرال الجنديين وسمعتهما ثيولا يخرجان أخذت تنظر إلى شفق الغروب في يالخارج شاعرة وكأن الحديقة الهادئة تتوارى بعيدا نحو المستقبل المجهول والذي كان يملؤها التفكير فيه بالرعب. وسمعته يقول:
- لقد جئت لأخبرك بأنني علمت بأن سفينة انكليزية راسية في ميناء كيفيا وستكون ثمة عربة بانتظارك في خلال ساعة لكي تأخذك إليها.
وشعرت ثيولا للحظة بان الشلل قد تملكها وبأها لن تستطيع الحركة مرة أخرى ثم وببطء استدارت تواجهه.
لم تكن قد رأته قط من قبل بمثل هذا التجهم والحزم فرددت قائلة:
- سفينة؟
- سفينة إنجليزية ربما كانت ذاهبة إلى أثينا حيث يمكنك الالتحاق بخالك وابنته، أما إذا كانت ذاهبة إلى انجلترا مباشرة فستوصلك إلى منزلك بسلام.
وشعرت ثيولا بأن من الصعب عليها أن تفهم هذا الذي تسمع ، كانت تعلم بأنه لا يهتم بها ولكنها لم تستطع أن تصدق أنه سيعمل على التخلص منها بظرف ساعة فقط.
وقفت تحدق فيه وكما تمر جميع احداث حياة الشخص المشرف على الغرق امام عينيه هكذا رأت ثيولا المستقبل الذي ينتظرها في انجلترا كآبة قصر خالها ، حياة الخدمة الدائمة ، وكل ذلك محاط على الدوام بجو من الكراهية والعداء كان احتمالها لذلك من قبل في غاية الصعوبة أما الان وهي تترك قلبها خلفها في كافونيا فقد اصبح ذلك بالغ الصعوبة.
كانت تتصور بشكل غامض بأنه سيكون من الصعب عليها أن تعيش مع حبها عالمة بأن إليكسيوس فازيلاس لا يحبها ولكن العيش في انجلترا بعيدا عنه سيكون في منتهى الصعوبة وهي تعلم أنها لن تراه بعد ذلك أبدا.
وسمعته يقول بصوت كأنه قادم من مسافة بعيدة:
- يجب أن اشكرك لكل ما قدمت به لأجل كافونيا ولكنني واثق من انني على صواب في إعادتك إلى بلادك وأهلك.
فقالت بصوت متهدج:
- كنت اظن .... اننا .. متزوجان؟
فأجاب:
- يمكنني التصرف بالنسبة إلى زواجنا صوريا أما بالنسبة إلى الزواج الديني الرسمي فانا واثق من اننا سنستطيع فسخه وإن كان سيتطلب بعض الوقت وذلك بحجة انك اضررت إلى الزواج دون سابق تفكير اواستعداد.
فكرت وقد تملكها اليأس في أنه سبق وفكر في كل شئ، وقالت:
- أرجوك ... دعني أبقى هنا.
وخيل إليها انه جمد في مكانه قبل أن يجيب قائلا:
- عليك ان تدركي أن ذلك غير ممكن.
- ولكن لماذا؟ إنني لن ... اسبب اي ازعاج ، إنني لن أطلب منك.. شيئا، ولكن ربما .. بإمكاني أن أعمل بين افراد الشعب.
قال بلهجة خشنة:
- هذا ليس رأيا عمليا.
فقالت بانفعال:
- يمكنني إلى أن يصبح لديكم مستشفى ان اعتنى بالمرضى وخاصة الأولاد منهم.
- الافضل لك ان تعودي إلى الحياة التي اعتدتها ذلك انه ليس لديك فكرة عن المصاعب والأخطار التي قد يحملها المستقبل لهذه البلاد.
- إنني لست خائفة.. فقد رافقتك إلى الجبال.. الليلة الماضية.
- كانت هذه شجاعة خارقة منك ولكن ربما لن يكون الحظ حليفننا في المرة القادمة.
فسألته:
- المرة القادمة؟ وهل من المحتمل أن يعود الملك لمهاجتمنا مرة اخرى؟ ان لديك مدافعهم وانا لا استطيع انا اصدق ان جنوده القليلون الذين بقوا احياء يمكنهم الان ان يشكلوا تهديدا لجيشك.
فأجاب وكأنه يتكلم مرغما :
- لم أكن أفكر في قوات الملك أن هناك مصاعب أخرى.
- أخبرني ... عما هي.
- لا فائدة من هذا الحديث هذا إلى أن الوقت يمر ان عليك أن تحزمي متاعك كما ان الطريق إلى كيفيا يستغرق ساعتين.
فقالت باكتئاب:
- ولكن الوقت متأخر في الليل .. لمثل هذا السفر البعيد.
فقال:
- سارسل معك فصيلة من الجنود الفرسان وسيكون على رأسهم الميجور بيتلوس.
فلم تجب ثيولا وبعد لحظة عاد هو يقول:
- إنني سأودعك طبعا قبل سفرك.
وتحول نحو الباب ليخرج فصرخت بضعف:
- لا استطيع.. الذهاب ارجوك.. دعني ابقى إن بإمكاني ان.. افعل الكثير..هنا.
- كلا.
وتردد صدى هذه الكلمة في انحاء الغرفة بخشونة وعنف.
- لقد قلت لك انني لن ... اسبب أي ازعاج.. لك، فأنا لن أطلب حتى ان اسكن في القصر إذا لم تكن تريدني.. ولكن دعني فقط أبقى في كافونيا.
- كلا.
وشعرت ثيولا وكأن سيطرتها على نفسها قد اخذت بالانهيار وشعرت بالدموع تخنقها ورأت إليكسيوس فازيلاس يسير نحو الباب فتملكها شعور وحشي بأنه سيخرج من حياتها وسيخرج معه الضياء ما سيجعلها تعيش في ظلام.
- أريد أن ... أطلب منك .. شيئا.
كان صوتها لا يكاد يتجاوز الهمس حتى انها خافت ان لا يكون سمعها.
- وما هو؟
ولم تستطع ان تصدق بأنثمة سؤالا يحتوى على كل هذا البرود والخشونة وعدم المبالاة كسؤاله هذا لها. ولكنها أجابته قائلة:
- لكي يكون لدي ... شئ.. احتفظ به كذكرى.. هل لك .. ان تعطني صورتك؟
خيل إليها لحظه انه موشك على الرفض، كانت مساحة الغرفة باجمعها تفصل بينهما وعندما التفت إليها كان من المستحيل حيث ان عينيها كانتا مغرورقتين بالدموع ان ترى التعبير الذي بدا على ملامحه.
وببطء شديد خطوة خطوة عاد متجها نحوها. سألها:
- لماذا تطلبين مني رسما لصورتي؟
كان في صوته نبرة غريبة لم تكن فيه من قبل ووقف على بعد خطوتين منها، حاولت ان تنظر إليه ولكن بدلا من ذلك رفعت وجهها إليها وهي تقول بصوت لم تكد تسمعه هي نفسها:
- ارجوك.. ارجوك.
وعندما لم يتحرك ظنت بأنه سينبذها وإذا به يتحرك فجأة ويمسك بيدها وهو يقول:
- تعالي.
وتملكتها الدهشة وهي ترى نفسها تسير بجانبه ، خرجا متجاوزين الجنديين كان الان يسيران بسرعة لم تكد معها تحتفظ بمجاراته في خطواته في ذلك الممر نحو السلم الرئيسي.
وصلا إلى الباب الأمامي وعندما مر من خلاله وقف الجنود وقفة الانتباه ، هبط الدرجات إلى حيث كان ثمة عربة مفتوحة ساعدها على الصعود ثم أمر السائق بالسير فانطلقت العربة بينما جلست ثيولا مستندة إلى الخلف وقد سادها الارتباك ما الذي كان يحدث؟ لماذا يتصرف بهذا الشكل؟ وهل سيرسلها حقا إلى السفينة كما هي دون ان تغير ملابسها ودون أمتعة؟
أرادت أن تسأله عما يحدث ولكن الدموع كانت تكاد تخنقها وكل شئ يسبح امام عينيها، كانت تعلم أنه برفضه طلبها هذا قد اوصد باب الامل في وجهها وفكرت في أنه ليس ثمة ما يمكنها عمله أكثر من ذلك، فقد توسلت إليه أن يسمح لها بالبقاء ففشلت هاهو ذا يطردها الأن ولم يعد لديها ما تقوله أو تطلبه منه، وقفت بهما العربة فجأة فرأت ثيولا انهما يقفان خارج فيلا بيضاء كان يحيط بالفيلا اشجار السرو، وكانت تبدو في غاية الجمال بانعكاس حمرة الشفق عليها.
ركض خادم يفتح باب العربة لهما فخرج الجنرال منها ثم أمسك بيد ثيولا يساعدها على النزول، جرها إلى داخل المنزل لترى ردهة بيضاء الجدران ينيرها أضواء خافتة كانت تنبعث من مصابيح مرمرية، جرها إلى غرفة الجلوس ومازال صامتا وكان للغرفة نوافذ مستطيلة تطل على حديقة.
وكان هناك أيضا اضواء خافتة كما كانت الغرفة توحي بانطباع البرودة، ولكن لم يكن لدى ثيولا وقت للنظر حولها فقد كانت عيناها تستديران بالرغم عنها إلى الرجل الذي كان إلى جانبها. وبعد لحظات قالت:
- لماذا احضرتني إلى هنا... وأين نحن؟
أرادت أن تقول له إني احبك احبك لقد نسيت كل شئ حتى تعاستها حتى خوفها من المستقبل.
وسألها:
- لماذا طلبت مني ذلك؟
وهمست:
- لأنني أحبك.. ارجوك.. دعني ابقى في .. كافونيا.
فسألها:
- وهل ظننت حقا أنني سأتمكن من رؤيتك ترحلين؟
- ولكنك كنت .. تطردني.
- فعلت ذلك فقط لأنني خيبت ظنك بي.
- لا ... أفهم.
- عندما تزوجتك كنت أعلم ان تجنبي من الاقتراب منك سيكون صعبا علي.
فسألته غير مصدقة:
- وهل كنت ... تحبني حتى قبل .. أن نتزوج؟
- لقد احببتك منذ أول لحظة رأيتك فيها.
- ولكنك نظرت إلي في ذلك الحين باحتقار.
- كان ذلك فقط لأنني قرنتك مع أولئك الناس الذين بصحبتهم ولكن ذلك لم يمنعني من التفكير في انك اجمل فتاة رايتها في حياتي.
فصخت:
- هذا لا يمكن أن يكون.. صحيحا.
وتذكرت ماكان عليه مظهرها من حقارة وكآبة في ثوب السفر القبيح ذاك الذي كانت زوجة خالها قد اختارته لها.
وتابع إليكسيوس قوله:
- لقد أدركت أثناء حملنا لتلك الطفلة المصابة انذاك أن شيئا غريبا قد حدث لي لم يكن السبب هو جمالك فقط ولكنه أيضا ذلك الاتصال الفكري العميق الذي حدث بيننا وعندما هربت من الجنود كنت أعلم أنه لا بد لي من رؤيتك مرة أخرى.
فسألته:
- ألم تكن تتوقع... أن تجدني مختلفة عنهم.. في القصر؟
- لقد تملكني الذهول ولكن سروري بذلك غطى على كل شعور آخر حتى البهجة من تمكننا في النهاية من القيام بثورة على النمساويين.
- لم أظن قط .. لم احلم قط بأنك... قد تكون احببتني.
- وها أنت تعلمين ذلك الان.
كانت البلابل تشدو في الحديقة ومن خلال النافذة كانت ثيولا ترى القمر الذي كان يضئ الوادي في الليلة الماضية.
- هل تحبيني كثيرا؟
فهمست:
- ان حبي لك ... لا تستطيع وصفه الكلمات ولكنني خائفة.
- مم تخافين؟
- من انني احلم .. وانني سأستيقظ فأرى انك غير موجود هنا.
فقال يطمئنها:
- اعدك بأن ذلك لن يحدث انك زوجتي يا ثيولا ولن يفرق بيننا سوى الموت.
- وهل تحبني .. حقا؟
فأجاب :
- إن الكلمات لتعجز عن وصف مقدار حبي لك. فأنت كل ما كنت تمنيته في حيادتي دون أن أجده انك المثل الاعلى الذي كان يحتل قلبي على الدوام والذي كنت قد ابتدأت اعتقد بأنه ليس سوى تخيلات.
قالت:
- يجب ألا تقول مثل هذا الكلام إن ذلك يجعلني اشعر كما شعرت عندما اخذ الجنود بعد النصر يهنئوني والنساء يرمينني بالورود وهو أنني لا أستحق كل هذا.
فقال:
- بل تستحقين.
- ما الذي يجعلك واثقا من ذلك؟
- لأننا تعارفنا ليس بالرؤيا فقط بل بقلوبنا يا حبيبتي.
- وكيف كان بمكانك .. ان .. تطردني؟
كان صوتها مازال ينضح بالألم بالرغم من إدراكها الان انها اصبحت له ، قال:
- لقد كنت أشعر بالخزي لتصرفي ذلك فقد ظننت انني لابد اثرت فيك صدمة واشمئزازا وكان الاصلاح الوحيد لخطئي ذلك هو ارسالك إلى موطنك.
فابتدأت بالقول:
- ليس لي .. موطن.. في انجلترا.
وتذكرت وهي تتكلم انها لم تخبره بعد عن ابيها وفي الواقع كان هناك الكثير مما عليهما أن يقوله الواحد للاخر والكثير من الايضاحات.
وقاطعها بقوله:
- احبك إلى درجة لا استطيع وصفها وإلى حد يجعلني لا استطيع ان افكر في واجباتي نحو كافونيا وذلك في الوقت الذي افكر فيه بك.
**********
قال لها في اليوم التالي:
- لشد ما تبدين جميلة في الصباح يا حبيبتي.
- هل ستتركني؟
- علي أن اذهب إلى العمل يا غاليتي هذا مايقوله الرجال في مثل هذه اللحظة، وذلك في جميع أنحاء العالم.
- ولماذا لم توظقني عندما نهضت؟
- لقد كنت نائمة كم أريد أن أبقى معك ولكن إذا لم اتركك الأن فإن الشعب سيظن ان حاكمهم الجديد هو رجل كسول.
وسكت برهة ثم تابع يقول:
- لو كان الأمر لي لبقيت هنا طوال اليوم ولكن يجب علي أن اختار حكومة جديدة وأعين كثيرا من الرجال في مواقع المسؤولية. وأشاح عنها مرغما.
ثم عاد واقترب قائلا:
- ويا ليتك تعلمين ما اشعر به من أسف لتركي لك ن ولكن حالما أوجد نوعا من النظام في البلاد سنذهب في رحلة طويلة أريد ان اخذك إلى كوخي في الجبال حيث كنت أعيش طوال السنوات الماضية، إنه مكان بدائي تماما.
فهتفت:
- وهذا ما أحبه.. أريد أن اكون معك هل يمكننا حقا أن نذهب إلى هناك؟
- حالما يمكنني ذلك يا زوجتي الصغيرة.
واتجه إلى الباب فسألته :
- متى سأرراك؟
أجاب:
- عند الغذاء حتى اكثر الرجال انشغالا لا بدله من فترة يرتاح فيها في وسط النهار.
وابتسم ثم غادر البيت، تنهدت ثيولا بسعادة بالغة ثم أدارت وجهها نحو النافذة، وكانت قد علمت أثناء الليل أين هما بالضبط فقط كانت هذه الفيلا ملكا لأسرة نيشياس بيتلوس وعندما نفي اليكسيوس وامه من البلاد جمعت هذه الأسرة كل نفائس أسرة فازيلاس واختزنته في منزلها هذا.
وكان والد نيشياس بيتلوس قد انقذ حياة الملك فرديناند عند بداية قدومه إلى كافونيا وذلك عندما ألقى أحد المتمردين قنبلة على عربته فتلقفها الكولونيل بيتلوس وألقى بها في الطريق قبل أن تنفجر.
وكان الملك فرديناد شاكرا له هذا إلى درجة كبيرة وعندما طرد من القصر كل الضباط والموظفين الكبار من الكافونيين بقي الكولونيل بيتلوس وابنه متمتعين بامتيازات كانت ممنوعة عن غيرهم من الكافونيين.
وعلى كل حال فقد دب الذعر في أسرة بيتلوس من تصرفات الملك عندما امتلك الحكم وبعد عدة سنوات استقال الكولونيل بيتلوس معتذرا بكبر السن ولكن ابنه بقي في مكتب القصر بناء على إصرار من إليكسيوس فازيلاس الذي كان قد عاد إلى البلاد سرا، والذي كان يرى ان بقاءه في القصر هو افل طريقة لمساعدة كافونيا، لقد قال اليكسيوس لفيولا:
- غدا سأريك الكثير من نفائس أسرتي والتي توارثتها على مدى أجيال.
- لشد ما أحب رؤيتها.
- لولا شهامة أصدقائي لدمرت بأجمعها.
- هل ستكافئ الميجور بيتلوس؟
- أنوي أن اسلمه مهمة في تدريب الجيش صحيح انه صغير السن بالنسبة إلى هذا المركز الهام ولكنني أعلم أن بإمكاني الإتكال عليه ومع إنني أرجو ألا تتعرض كافونيا إلى حرب أخرى بعد الأن، فإن علينا ان نبقى دوما قادرين على الدفاع عن انفسنا.
فقالت:
- لا يمكنني احتمال فكرة تعرضك مرة أخرى إلى الخطر.
- الخطر الوحيد حاليا هو أنني ساحبك إلى درجة تشعرك بالملل مني.
فهمست:
- هذا لن يحدث ابدا كل ما اريده هو ان اكون معك.
- سنكون معا كل يوم.
- هنا؟
- نعم فهنا سيكون بيتنا.
فسألته:
- الهذا السبب احضرتني إلى هنا هذه الليلة؟ لم استطع أن افهم السبب الذي جعلك تحضرني من القصر.
فقال:
- اتظنين انه كان بإمكاني أن اعيش معك في ذلك المكان الذي شيد بدموع واحزان شعبي؟ انني مصمم على ألا نسكن هناك ابدا.
- وأنا افضل كثيرا البقاء... هنا.
- لقد وضع آل بيتلوس هذا المنزل تحت تصرفي إلى ان استطيع بناء منزل لنفسي أو ربما من الافضل أن اشتريه منهم.
- متى سيتم تتويجك ملكا؟ وكان صوتها وهي تلقي بهذا السؤال يشوبه القلق فقد كانت فكرة أن يصبح إليكسيوس بهذا المركز الرفيع كانت تشعرها بالخوف.
- لن يحدث هذا.
- لن يحدث؟
- كلا ، فأنا أظن ان كافونيا قاست ما فيه الكفاية من قسوة الملكة إننا سنصبح جمهورية مستقلة.
- ولكن.. ماذا ستصبح أنت؟
- سأصبح الرئيس وسأكون ديموقراطيا إلى أقصى حد وهذا كما اظن هو المرغوب فيه في العالم هذه الأيام.
وسكت لحظة ثم عاد يقول:
- أتحزنين من ألا تصبحي ملكة يا عزيزتي؟
- أريد فقط ان اكون زوجتك.
- كما أنت الآن وكما ستبقين دوما.
سألته:
- ماذا ستفعل بالقصر؟
- سنحول جناحا منه إلى مستشفى إلى ان يصبح بإمكاني بناء مستشفى أما الجناح الأخر فسيتحول إلى مكاتب وأما المركزي منه فسنخصصه لاستقبال الضيوف القادمين من البلاد الأخرى وكذلك للاحتفال بالمناسبات المختلفة.
وفي الصباح بينما كانت جالسة في غرفتها تفكر سمعت قرعا على الباب ثم دخلت ماغارا وهي تسألها:
- هل أنت مستيقظة سيدتي.
فابتسمت ثيولا:
- إنني مستيقظة يا ماغارا وفي منتهى السعادة.
- هذا مافكرت فيه يا سيدتي علمت أن الجنرال قد احضرك إلى هنا.
فقالت ثيولا وهي تنظر حولها في الغرفة:
- المكان هنا جميل جدا ومختلف عن القصر.
كانت الغرفة بيضاء تماما وكذلك كان السرير ولم يكن فوقه كلة سميكة مثل أسرة القصر ولكن بدلا من صور فرس البحر المحفورة على الخشب من ناحية الرأس كانت هناك زخارف فضية.
كانت ثيولا واثقة من ان ذلك كان من صنع محلي إذ كانت الأبسطة التي تغطي أرضية الغرفة بيضاء اللون هي الاخرى ومزينة بصور ملونة (بلاعنوان) كانت قد رأت مثلها في صور إغريقية قديمة، أما الستائر فكانت محاكة باليد وبألوان متألقة وكانت الغرف تبدو منسجمة مع الحديقة المليئة بالأزهار والتي كانت تبدو من خلال النوافذ المفتوحة، وكذا شذا الورود والزنابق يفعم الجو، وبينما كانت ثيولا ترتدي ثيابها كانت ماغارا تخبرها بأنها قد أعدت لها طعام الافطار على الشرفة التي تنفذ إلى غرفة الجلوس.
وقالت ثيولا:
- أرجو أن تكوني قد أحضرت إلي ثوبا لأرتديه.
- أحضرت لك احد اجمل اثوابك يا سيدتي وسأحضر لك بقية ملابسك فيما بعد إذ لم يكن لدي وقت هذا الصباح لاطلب عربة.
- ما أشد سروري بالعيش هنا.
فأجابت المرأة:
- إنه صغير جدا بالنسبة إلى القصر ولكن من السهل إدارته كما أن الخدم سيسرهم جدا ان يخدموك.
وشعرت ثيولا وهي تجلس في الشرفة تحت المظلة بأن ما من سعادة تفوق سعادتها، كان كل ما تريده هو أن تكون مع إليكسيوس ان تعتني به ان تعلم ان الواحد منهما للاخر وانها لم تعد وحيدة بعد الآن.
فكرت في أن عليها أن تساعده في كل السبل فإن ثمة الكثير مما تستطيع عمله لأجل نساء كافونيا وللأطفال أيضا.
وفكرت في أنه حالما يسمح لها إليكسيوس فستخرج لزيارة تلك الطفلة الصغيرة التي كانت اصيبت في ساقها كما أنها ستسأل عما حدث للاطفال الذين كانوا في القصر.
كانت واثقة من ان امهاتهم لابد جئن لاخذهم ولكن عليها ان تعلم ما إذا كانت جروحهم قد شفيت أم انها ما زالات بحاجة إلى رعاية طبية.
وفكرت تقول:
- لابد ان اكون مسؤولة عن كل هذه الامور فإن إليكسيوس سيكون مشغولا جدا بأمور اكثر أهمية بحيث يجب ألا يهتم بأمور أقل أهمية.
وعندما انهت طعامها اخذت تتمشى في الحديقة التي وجدتها أجمل كثيرا من حدائق القصر المتكلفة ، كانت هناك زهور الأضاليا بألوانها المتألقة والزنابق وزهور الأوركيد من كل حجم ولون والكثير منها قد نبت وحشيا، وكانت هناك (روايتي) حديقة مائية تحتوي على شلال صغير ينحدر فوق صخور اصطناعية وفي حوض النافورة كانت هناك سمكات ذهبية تسبيح تحت أوراق الزنابق المائية الخضراء.
لقد انتصف النهار تقريبا ولابد ان عودة اليكسيوس بات قريبا ، ماذا لو انها كانت أرغمت على طاعته وبدلا من ان تكون هنا الان كانت على ظهر سفينة انجليزية مبحرة إلى أثينا لتجد خالها وابنته كاثرين في انتظارها؟
وارتجفت لهذه الفكرة ولكنها مالبثت ان حدثت نفسها بأنه لم يعد هناك ما تخافه لن يكون أبدا ما تخافه بعد الان فهي زوجة إليكسيوس.
وعادت إلى غرفة الجلوس البيضاء ذات الجو البارد المنعش ، كانت هناك صور على الجدران لم تكن قد وجدت بعد فرصة للتأمل فيها .. ولكنها كانت تعلم انها لا بد ان تكون جميلة جدا لأنها كانت لأسرة اليكسيوس وقررت ان تتفحص جيدا واحدة منها وحين اتجهت نحوها إذا بالباب يفتح واحد الخدم يقول باللغة الكافونية:
- هنا سيد يريد أن يراك يا سيدتي.
فاستدارت ثيولا ثم جمدت مكانها كان القادم هو خالها سبتيموس وقد تبعته كاثرين.



بلا عنوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-17, 11:49 AM   #16

بلا عنوان

نجم روايتي ومشرفةسابقةونجم مسابقة الرد الأول

 
الصورة الرمزية بلا عنوان

? العضوٌ??? » 231
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 30,617
?  نُقآطِيْ » بلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond repute
افتراضي

~ الفصل السابع ~




وقفت ثيولا في مكانها جامدة لا تتحرك، فقال خالها:
- أه، أهذه أنت يا ثيولا؟
فقالت ثيولا بصوت متهدج:
- لم أتوقع رؤيتك.. يا خالي.
بدالها مسيطرا ما جعلها تشعر مرة أخرى بقوة كراهيته لها والتي يبدو أنها كانت تنبعث منه كذبذبات شريرة. فقال خالها:
- هذا صحيح ولكنني الأن في طريقي إلى انجلترا وقد جئنا أنا وكاثررين لاخذك.
فهتفت:
- لاخذي؟
- نعم فنحن متجهان الان إلى ميناء كيفيا حيث هناك سفينة انجليزية ستاخذنا امنين هيا اسرعي واستعدي ليس لدينا وقت نضيعه.
كانت كاثرين قد دخلت خلفه فاخذت تنظر حولها وإلى هذه اللحظة لم تكن قد ألقت نظرة على ثيولا، وصرخت الان تقول:
- هذا ثوبي ترتدينه، كيف تجرؤوين على ارتداء ثيابي؟ اخلعيه حالا هل تسمعين؟
وتقدمت نحو ثيولا التي كانت على كل حال تنظر إلى خالها وهي تقول:
- إن... إن لدي ما أقوله لك ياخالي.
فسألها بحدة:
- وماهو؟
- إني ... إني متزوجة.
وكانت دهشته لا حد لها، حدق إليها وكأنه لا يصدق أذنيه ثم سألها:
- متزوجة من؟ وكيف تزوجت في هذا الوقت القصير الذي تركناك فيه؟
- إنني زوجة .... الجنرال فازيلاس.
وبدا للحظة وكأن خالها لم يستطع أن يستوعب ما قالته، ثم انطلق صوته في انحاء الغرفة هادرا:
-فازيلاس؟ المتمرد؟ الرجل الذي طرد الملك وأغرق البلاد بالدم؟ لا بد أنك جننت.
فلم تجب ثيولا كانت ترتجف فقط وقد استقرت عيناها على وجه خالها، وقال بحقد:
- أظنه أرغمك على ذلك رغم استغرابي لعرضه الزواج عليك وعلى كل حال فالزواج غير قانوني فأنت تعلمين أنك في سنك هذا لا يمكنك الزواج من دون إذن الوصي عليك، وهذا كما سبق وقلت لك من قبل لن أمنحك إياه مطلقا هيااستعدي ودعي الأمر لي، إننا سنغادر إلى انجلترا فورا.
- إني .. إني لاأستطيع الذهاب معك.
وكان صوتها يرتجف رغم انها حاولت أن تتكلم بشجاعة.
فقال خالها:
- بل ستفعلين ما أقوله لك إلا إذا كنت تريدينني أن أستعمل معك طريقة أخرى لارغامك على ذلك.
وعادت كاثرين تصرخ:
- إنها مرتدية ثوبي يا أبي وكذلك تستعمل أشيائي، عاقبها فليس لها الحق في ذلك.
- ستنال ثيولا عقابها عندما نرحل من هنا إفهمي هذا، كما أننا إذا أردنا أن نصل إلى كييفا فعلينا أن نغادر حالا. وأخرج ساعته ينظر فيها ثم تابع قائلا:
- أمامك عشرون دقيقة للاستعداد.
فتدخلت كاثرين قائلة:
- وكذلك أريدك أن تحرزمي أمتعتي أيضا جميعها ولا تنس يا أبي أن إكليل أمي الماسي ما زال هنا.
فأجاب:
- لم أنس هذا.
وأعاد ساعته إلى جيبه وإذا به يرى ثيولا لم تتحرك فسألها:
- هل ترفضين القيام بما أطلبه منك يا ثيولا؟
كان يتكلم بهدوء بالغ فأدركت أن وراء هذا الهدوء المصطنع يكمن الغضب.
- إنني ... إنني يجب أن أبقى مع ... زوجي.
وإ كانت ترتجف فقد خرجت الكلمات من فمها مهتزة ورفع يده فتجمعت لتلقي إحدى صفعاته على جانب وجهها والتي طالما تلقتها منه من قبل، وفي هذه اللحظة فتح الباب دخل الميجور بيتلوس فانزل سبتيموس ذراعه وقال الميجور بلطف بالغ:
- ما أجمل أن أراك يا سيدي مرة أخرى.
فسأل:
- هذا بيتلوس أليس كذلك؟
- نعم يا سيد سبتيموس لعلك تذكر أنني كنت مسافرا معكم في السفينة التي كانت احضرتكم إلى كييفا.
فقال سبتيموس بجفاء:
- أذكر ذلك رغم أني لا أفهم سبب بقائك هنا.
فأجاب الميجور بيتلوس:
- كل شئ سيتضح إذا رافقتماني سيادتك وسيادة اللايدي كاثرين إلى القصر إن لدي عربة في الخارج.
فأجاب:
- لدينا عربتنا.
- هذا صحيح.
فقال الميجور بيتلوس وفي صوته نبرة مسيطرة:
- فهل لسيادتك أن تأتي معي إذا؟
- أظن الوقت لا يكاد يكفي.
ونظر مرة أخرى إلى ثيولا وقال:
- وأنت إفعلي ما قلته لك فإذا لم تكوني عند رجوعنا على استعداد فتوقعي مني أسوأ الأمور.
وشرع باللحاق بالميجور بيتلوس ولكن كاثرين استدارت إليها قائلة:
- إخلعي ثوبي حالا كيف تجرؤين على سرقة ملابسي.
وسكتت ثم عادت تقول ونبرة من الحقد الهائل في صوتها :
- اعلمي بأنني سأطلب من أمي ايضا عقابك وليس من أبي فقط وسيكون عقابك أليما لتصرفك هذا.
واندفعت خارجة من الغرفة دون أن تنتنظر جواب ثيولا، وما أن اختفى اثرها بثوب ركوبها الاصفر حتى رفعت ثيولا يديها إلى عينيها .
كيف كان لها أن تتصور لحظة أن سعادتها يمكن أن تدم وأن بامكانها أن تبقى في كافونيا زوجة لإليكسوس كان عليها أن تعلم أن هذا الزواج لم يكن سوى بهجة زائلة.
وهاهي ذي الآن عليها أن تواجه الواقع وهي تعلم جيدا نوع عقاب خالها لها لما يراه سوء تصرف منها.
فكم عانت من قبل من مذلة وعذاب وهو يجلدها بسوطه ولكنها الان ترى أنها لم تعد تحتمل ذلك لا لشئ إلا لأنها ذاقت طعم السعادة الحقيقية، ولكن أسوأ من تلقيها للعقاب ، أسوأ من التعاسة والظلام الذي ينتظرها في انجلترا كان التفكير في أنها ستفارق اليكسيوس.
توقعت أيضا أنه سيغتنم الفرصة فيخبر أليكسيوس عن أبيها وأمها وذلك لكي يحمله على الاعتقاد بأنها ليست الزوجة المناسبة لأي رجل.
فقد كانت تعلم مقدار قسوة خالها عندما يريد أن يحقق هدفا له ، ومع أنها كانت تعتقد أن أليكسيوس سيقف إلى جانبها فلن يكون في استطاعته الوقوف ضد ما يمكن أن يمارسه خالها في انجلترا من سلطة ونفوذ.
لقد كانت واثقة من أنه لن يتردد في استخدام أي سلاح لديه في الاضرار بها.
كان كل ذلك نتيجة حقد شخصي، ذلك انه لم ينس قط ما كانت أخته قد جلبت من عار حسب رأيه إلى شرف الاسرة، وكانت ثيولا تشعر أنها في كل مرة ينظر فيها إليها كانت تثير في نفسه الرغبة في الانتقام مما كان يعتبره غدرا من أبيها.
وهتفت في أعماقها:
- أه يا أبي .. أبي ليتك كنت موجودا لتنقذني.
وإذ أدركت أن الوقت يمر بسرعة ذهبت إلى غرفة النوم تبحث عن ماغارا، ولكنها عادت فتذكرت أن الخادمة الان في القصر ، فتحت الخزانة فلم تجد فيها سوى الثوب الوردي الذي كانت ارتدته في الليلة الماضية وروب كاثرين الابيض ذي الكمين الواسعين.
لقد كانت واثقة من أن خالها حيث أنه الان في القصر لا بد طلب إعداد حقائب كاثرين وأن هذا ما كانت ماغارا تقوم به حاليا وعندما يصبح كل شئ جاهزا للسفر ستحضر إليها دون شك ثيابها التافهة الكئيبة اللون والطراز والتي كانت زوجة خالها قد اختارتها لها لترتديها بصفتها وصيفة لابنتها.\وكانت ثيولا ترى أن هذه الثياب ترمز إلى البشاعة والقسوة اللتين لم يبق لها سواهما بقية حياتها.
ذلك أه إذا كانت أمها قد أثارت اشمئزاز خالها بزواجها من أبيها فقد فعلت ثيولا الشئ نفسه إذ أنها بزواجها دون إذن منه قد اقترفت هي ايضا في عينيه الجريمة النكراء التي تستحق لأجلها الشتائم والاهانات اليومية بقية حياتهأ.
وقالت تحدث نفسها بصوت عال:
- لا استطيع احتمال ذلك.
ذلك أن لا معنى لمتابعة الحياة دون أليكسيوس وتذكرت الليلة قبل الماضية عندما أعطاها أليكسيوس المسدس في الكهف وما كانت فكرت فيه من أنه إذا قتل فعليها ان تموت معه هي ايضا.
لقد كانت واثقة رغم انه لم يقل ذلك صراحة ان ذلك ما كان يفكر فيه لأنه كان يعلم جيدا ما سيكون مصيرها فيما لو انتصرت قوات الملك، واخذت تهمس لنفسها:
- إني جبانة جبانة.
كان السكون يسود الغرفة حيث كانت ولكن اضطرابها النفسي جعلها تبدو وكأن ضوضاء أسلحة حربية تملا جوها.
شعرت وكأن ذلك يمزقها أشتاتا، كان قسم من عقلها يحدثها بأن عليها أن تعيش مهما كان عليها أن تتألم أو تصبر، والقسم الثاني يحدثها بأن الموت هو النهاية المفضلة لحياة مليئة بالتعاسة والإذلال، ونهضت تقرع الجرس وبدا أن وقتا طويلا قد مر قبل ان تسمع طرقا على الباب.
- هل قرعت الجرس يا سيدتي؟
دان هذا دينوس الخادم الكبير السن الذي كان قد سبق وأحضر لها طعام الافطار إلى الشرفة.
فأجابت :
- نعم أريدك أن تحضر لي ... مسدسا.
- مسدس يا سيدتي؟
- لا بد أن يكون ثمة واحد في هذه الفيلا.
- أنا لست واثقا يا سيدتي ولكنني سأبحث.
- شكرا لك يا دينوس.
ورأت الدهشة في وجهه ولكنه كان من التهذيب بحيث لم يكن لناقش امرا وجه إليه.
غادر الغرفة ومرة أخرى عادت ثيولا تنتظر وهي تتساءل عما إذا كان بإمكانها أن تقول لإليكسيوس وداعا.
وربما عندما يشي بها خالها لأليكسيوس مخبرا إياه بالحقيقة عن ماضي أمها سيشعر بأن من الأفضل له أن يتخلص منها، كان التفكير في حبهما الذي لن يعود يغرق نفسها بالعذاب وصرخت من أعماق قلبها:
- إني أحبه .. أه لشد ما أحبه.
وطرق الباب وظهر دينوس حاملا في يده مسدسا وهو يقول:
- هذا هو الوحيد الذي وجدته.
فأجابت:
- هذا يكفي شكرا.
اخذته منه وهي تراه قديم الطراز وأثقل بكثير من ذلك الذي كان أليكسيوس قد أعطاه لها في الكهف وقال دينوس:
- هل هناك شئ آخر يا سيدتي؟
- ليس الأن ، شكرا.
غادر دينوس الغرفة بينما جلست ثيولا ممسكة المسدس في يدها ، إنها تشعر الان ببرودة المعدن على أصابعها وأخذت تتساءل عما إذا كان لديها الشجاعة لإطلاق رصاصة منه على نفسها، لقد كانت رأت صورة مرة لرجل يحاول الانتحار وذلك بتصويب فوهة المسدس إلى جبينه ولكنها فكرت في أنها لن تحتمل أن يتهشم وجهها مما يجعل أخر انطباع لأليكسيوس عنها هو الدمامة ، وقالت لنفسها:
- إذا أنا صوبته إلى قلبي فساموت...
وألقت نظرة على الساعة ورأت أنه قد مضى على مغادرة خالها عشرون دقيقة.
ولكنها أدركت ان من الصعب على ماغارا أن تكون قد حزمت كل امتعة كاثرين في هذا الوقت القصير حتى ولو ساعدتها في ذلك خادمات القصر فسيأخذ حزم تلك الثياب الجميلة ضعي هذا الوقت كما أن هناك ايضا الاحذية وحقائب اليد والمظلات والقبعات وغير ذلك مما يملأ صناديق عديدة كانت قد ملأت قمرة خاصة بها في السفينة وساءلت ثيولا نفسها:
- ما الذي انتظره؟ عندما يعودان لاخذي وكنت أنا ما أزال حية فسيمنعاني من .. قتل نفسي.
وعادت تنظر إلى المسدس وقد أدركت أن ما تنوي القيام به هو خطيئة كما أدركت أنه عمل جبان سيجعل أليكسيوس الذي كان قد وصفها بالشجاعة سيجعله يحتقرها لضعفها هذا عند ذلك تدفقت الدموع من عينيها وخيل إليها أنها تسمع صوت شخص قادم فأمسكت المسدس بيدها بسرعة وسمعت صوت الباب يفتح فاغمضت عينيها وحاولت جذب زناد المسدس ولكنه استعصى عليها أكثر مما توقعت وسمعت صرخة مفاجئة بينما يد قوية تنتزع المسدس من يدها وصرخ إليكسيوس بها:
- ما الذي تفعليه؟ ما الذي تقومين به؟
فشهقت ثيولا ثم انفجرت باكية وهي تقول وشهقاتها تتوالى:
- إنهما سأخذانني معهما إن علي أن أتركك لا فائدة دعني أموت لا يمكنني أن اعيش من دونك ودون .. حبينا.
كانت كلماتها متنافرة تقريبا ثم سمعته يقول بصوت عميق قد ملأه التأثر:
- كيف تكونين بهذه الحماقة؟ هل تصورت حقا أنني سأدعك ترحلين يا زوجتي؟
- لقد قال خالي .. إن زواجنا غير قانوني .. لأنه لم يمنحنا موافقته.
- لقد أعطى خالك الإذن بالزواج.
فتملكت الدهشة ثيولا وحملقت فيه وقد اختفت الدموع من عينيها وهمست:
- وهل هذا.. صحيح؟
- صحيح تماما ولكن كيف يمكنك أن تفكري في الاقدام على عمل اثم .. قاس بهذا الشكل .. فتقتلي نفسك بينما تعلمين أنك لي؟
فقالت متلعثمة:
- ظننت أنك ... لم تعد ترديني.
فقال بعنف:
- كيف تجرؤين على الشك في حبي؟ هل تريدين أن تعرفي ماحدث يا زوجتي؟
وقبل أن تجيبه هتف قائلا:
- لماذا بذلك ثوبك؟ لماذا ترتدين هذا الثوب؟
قالت :
- أمرتني كاثرين بأن أخلع كل ثيابها التي أرتديها.
كان من الصعب عليها أن تتكلم أو أن تتذكر شيئا عدا ما قاله من أنه لن يتركها.
نظر إليها باسما، فعادت تقول:
- أرجوك أن تخبرني عما حدث.
فقال أمرا:
- أخبريني أولا أنك تحبينني.
- إنني أحبك بشكل ساحق قاهر .. جعلني أرفض العودة إلى انجلترا مع خالي.
- هذا شئ لن يحدث أبدا كما أننا أنا وأنت لن تقع أعيننا عليه مرة أخرى.
- وهل رحل؟
- إنه في طريقه إلى كييفا.
كان في صوته نبرة سرور وهو يقول هذا، فقالت:
- أخبرني ... أخبرني كيف استطعت ذلك.
- كل ذلك كان بفضل الميجور بيتلوس فقد علم أن خالك وابنته قد جاءا وهما يسألان عنك وعندما أرشدوهما إليك في الفيلا أخبرني بيتلوس عن تصرفات خالك وعن معاملته لك في السفينة، لو كنت حاكما قليل الخبرة لألقيت بيه في زنزانة وأذقته نوع معاملته لك.
فسألته:
- وماذا فعلت إذا؟
- جهزت بالاشتراك مع بيتلوس الذي أخبرني أن خالك شخص متعجرف مستبد لا يحترم إلا مظاهر الفخامة والسلطة جهزت مشهدا خاصا للتأثير عليه.

- ما الذي فعلته؟
- جعله بيتلوس ينتظر في غرفة الجلوس وعندما أصبحت جاهزا قال لخالك ولكاثرين إن الأمير أليكسيوس حاكم كافونيا سيسمح لسيادتكما برؤيته الأن.
وأطلق إليكسيوس ضحكة قصيرة ثم تابع يقول:
- قال بيتلوس أن خالك أجفل لدى سماعه هذا ولكن قبل ان يجد وقتا يتمالك فيه نفسه قاده مع اللايدي كاثرين إلى غرفة جلوس الملك.
- وكيف كنت تنتظرهما؟
- كنت أنتظرهما وقد غطيت صدري بالأوسمة وأكثرها أوسمة أبي وأظن بعضا منها قد خلفها الملك وراءه.
وقهقه ضاحكا ثم تابع قائلا:
- أؤكد لك أن منظري بدا في غاية الأهمية وقد وضعت على صدري كل ما وجدته من أوشحة وأوسمة ثم أعلن بيتلوس حضورهما بقوله :
- السيد سبتيموس بورن ومعه اللايدي كاثرين بورن.
- وكنت أنا أوقع بعض الأوراق فتعمدت أن أدعهما ينتظران عدة ثوان قبل ان أنهض لتحيتهما، وكان عليهما أن يجتازا الغرفة الفسيحة قبل ان يصلا إلى مكتبي.
وتذكرت ثيولا مبلغ ما بدت عليه غرفة جلوس الملك تلك من هيبة وفخامة رائعتين عندما رأتها ليلة اندلاع الثورة.
سألته:
- ماذا حدث.. عند ذاك؟
- لقد سألني خالك بصوت مختلف جدا عما أظنه كان ينوي مخاطبتي به سالني عما إذا كان ما قلته أنت له صحيحا وأننا عقدنا نوعا من الزواج الصوري فقلت له:
- إنه ليس زواجا صوريا يا سيد سبتيموس وإنما تزوجنا رسميا .
فقال خالك:
- إن الزواج غير قانوني من دون ترخيص منه فأجبته أنه كان من المستحيل الحصول على مثل هذا الترخيص بالنسبة للأحداث، فسكت قليلا ثم قال:
- إنك تدعو نفسك أميرا فهل لي أن أسألك عما إذا كنت ورثت هذا اللقب حقا؟
فنظرت إليه وكأنني اعتبر ذلك السؤال إهانة لي.
فقالبسرعة:
- لقد ككنت اتساءل في الواقع عما إذا كنت من أقارب الملك الكسندر الخامس ملك كافونيا والذي أعلم أنه من أسرة فازيلاس.
فقلت له:
- أرى أن سيادتك مطلع على تاريخنا إن الملك الكسندر الخامس هو ابي والملك الكسندر الرابع هو جدي.
فأجابني صائحا:
- لم يكن لدي فكرة عن ذلك. لم تكن لدي فكرة أبدا.
فقلت بحدة:
- وهكذا ترى بأنني كنت على حق في استلام كافوينا وتخليص بلادي من الأجانب الذين أخذوا مكاني لمدة اثنتي عشرة سنة.
فتمتمت ثيولا:
- لابد أن خالي قد ذهل.
- لقد بقى لحظة مصعوقا لا يتكلم، ثم قال:
- إنك لا تعلم الحقيقة عن ابنة أختي إنني أعتبر من واجبي أن اخبرك بأنها غير مناسبة لأن تكون زوجة لأي رجل.
فصخرت ثيولا بذعر، وقالت:
- لقد كنت أنوي.. أن أخبرك.. إنني أقسم على ذلك ولكن لم يسمح لي الوقت.
فقال بعدم اكتراث:
- ليس هذا مهما.
فحدقت فيه وكأنها لا تصدق ما سمعت، فقال:
- طبعا هذا ليس مهما وفي الواقع عندما اخبرني خالك بما كان حدث منذ وقت طويل قلت له:
- إنه من المؤسف ألا يكون والدك حيا، وإلا لطلبت منه المساعدة في إنشاء جامعة في كافونيا.
فقالت:
- ألا يهمك أن ... لا يكون أبي من طبقة النبلاء؟
فابتسم لها قائلا:
- وكيف لي ألا أعجب بأبيك وأقدره يا زوجتي العزيزة.
فتنهدت ثيولا من الأعماق بينما تابع هو يقول:
- لقد صعق خالك إلى درجة لم يستطع معها الكلام فاغتنمت الفرصة وقلت لابنة خالك هل لي أن أفهم يا لايدي كاثرين أنك لا تنوين الزواج من الملك فرديناند.
فأجابت:
- بأن ملكا من دون عرش ولا يجد مكانا يأويه هو ليس بالمطمح.
- كلا طبعا معك حق.
ولهذا أنا عائدة إلى انجلترا ولكنني أريد أن أستعيد الاكليل الماسي الذي هو لامي وملابسي التي هي جهازي.
فقال لها:
- إن أول طلب لك هو سهل تماما يا لايدي كاثرين.
ثم ناديت أحد الضباط فأحضر لي الاكليل في صندوق مخملي والذي كان محفوظا بأمان في غرفة الملابس. فهتفت اللايد كاثرين:
- كم أنا مسرورة باستعادته.
فقالت ثيولا:
- أنا واثقة من انها كانت تظن أنه لابد سرق.
فابتسم إليكسيوس قائلا:
- إننا لا نسرق شيئا في كافونيا عدا القلوب.
فهسمت:
- وقد سرقت.. قلبي.
فأخذ يحدق في عينيها فقالت بجهد:
- حدثني عن ... البقية.
- بعد ذلك أخذت في مساومة خالك.
فهتفت ثيولا بدهشة:
- مساومته؟
فقال:
- بالنسبة إلى ملابسك يا غاليتي إنني أحبك كما أنت الان ولكن يخيل إلي أنك سترتبكين إذا كان هذا كل ما لديك لتلبسي.
فقالت:
- ماذا تعني بقولك.. أنك ساومت خالي؟
- لقد أفهمت خالك وطبعا ابنته بأن هذه الملابس صنعت خصيصا لجو كافونيا فقط وقلت لهما إن اللايدي كاثرين عندما تعود إلى انجلترا ربما ستختار زوجا من أمراء السويد، النرويج، الدانمارك، بروسيا وفي كل الأحوال ستكون الثياب التي أحضرتها إلى القصر هنا ستكون غير مناسبة لأجواء تلك البلاد الباردة فسألني خالك عما عسى أن اقترحه في هذا الشأن فأخبرته بأنني سأشتريها منه.
فصرخت ثيولا:
- كيف.. استطعت ذلك؟
- لقد كان بيتلوس أخبرني أن خالك رجل بخيل جشع تماما، فشعرت حيث أنه لم يعد هناك زواج ملكي بأن خالك لا شك نادم على كل ما انفقه على جهاز ابنته من مال .
فسألته غير مصدقة:
- وقد اشتريتها أنت منه.. لأجلي؟
- أظن أن خالك كان راضيا جدا عن اتفاقنا ذاك.
- ولكن ماذا قالت كاثرين؟
- لقد اصرت على أن تأخذ معها عدة أثواب لكي ترتديها في السفينة قبل وصولهما إلى مارسيليا.
- وهل وافقت أنت على ذلك؟
- طبعا، لقد ارسلت بطلب ماغارا ثم أخبرتها ما عليها أن تحزمه لها.
- وهل استغرق ذلك وقتا طويلا؟
- كلا وحالما أصبحت الحقيبة جاهزة وضعت في عربة خالك ومن ثم انطلقا مغادرين بأقصى سرعة نحو كييفا.
فتنهدت ثيولا بارتياح ثم قالت:
- لا أحب أن أفكر في انك.. انفقت كل تلك النقود لأجلي، فأنا أعلم كم كان جهاز كاثرين غاليا.
- ربما يريحك أن تعلمي بأنني علمت بأن متعهدا فنيا جاء إلى القصر بأمل أن يشتري كل صور اجداد آل هانسبورغ ليك يبيعها في فيينا.
فهتفت ثيولا:
- أه إنني مسرورة لاستطاعتك التخلص منها .
- هذا صحيح فأنا لا أريد أبدا أن أرى وجوههم بعد الأن.
فتمتمت:
- اتساءل عما عسى أن تكون ماغارا قد حزمت لكاترين من اثواب.
كانت تأمل في ألا يكون ثوب زفافها قد ذهب مع ابنة خالها فقد كانت تريد أن تحتفظ به طوال حياتها.
فقال:
- سأطلعك على سر غير لقد تلكمت مع ماغارا باللغة الكافونية وطبعا لم يستطع خالك ولا الفتاة التي كانت تتوقع ذات يوم أن تكون ملكة هذه البلاد أن يفهما الأوامر التي كنت ألقيتها إليها.
- وماذا كانت تلك الأوامر؟
- لقد قلت لماغارا أن تحزم ملابسك التي كنت أحضرتها معك من انجلترا.. أن تحزنها هي وحدها دون ملابس أخرى.
فشهقت ثيولا ونظرت إليه غير مصدقة:
- هل أعطيت كاثرين ثيابي.. أنا؟ أه أليكسيوس كيف استطعت التصرف بهذا الشكل؟
فقال بلهجة جادة:
- يمكنها أن تضع حين ترتديها إكليل الجواهر على رأسها.
وفجأة انتبهت إلى الناحية الهزلية من هذا وحاولت أن تتصور ثورة كاثرين عندما تفتح الحقيبة بعد إبحار السفينة لتجد تلك الملابس القبيحة القماش والطراز من الصوف والباتيستا وملابس السفر الرخيصة التي كانت زوجة خالها قد اختارتها لها متعمدة لكي تجعلها تبدو غير جميلة.
وضحك أليكسيوس فضحكت هي أيضا، قال لها:
- هل تعلمين يا عروسي الصغيرة أنني لم أسمعك تضحكين من قبل؟ يجب عليك أن تضحكي على الدوام.
- أسفة لذلك.. ولكنه كان برغمي.
- إن الكافونيين يضحكون كثيرا عندما يكونون سعداء وهم يحبون المزاح وما فعلته هو نموذج من المزاح الكافوني.
فشهقت قائلة:
- كم هو مضحك هذا ، أه يا أليكسيوس.. هل رحلا حقا؟
- نعم لقد رحلا والان حدثيني عن مبلغ اسفك لعدم ثقتك بي كيف أمكنك أن تتصوري لحظة أنني بعد أن أصبحت زوجتي سأفرط بك وأدعك ترحلين؟
فهسمت:
- أه سامحني.. سامحني أرجوك.
- ساسامحك بشرط أن تعديني بألا تعودي إلى القيام بمثل هذا العمل مرة أخرى.
- كان يتحدث بجد كلي فاحمر وجه ثيولا خجلا وقالت:
- انا شديدة الاسف .. وأعدك بذلك.
- لحسن الحظ كان دينوس العجوز عاقلا تماما إذ أفرغ المسدس من رصاصاته.
فسألته:
- ألم يكن المسدس محشوا؟
- لم يكن محشوا يا زوجتي الصغيرة وهذه فرحة كافونية أخرى.
فضحكت ثيولا وهي ترتجف، كانت ما تزال غير مصدقة بأن الكابوس قد مر وانتهى ، وأن الظلام قد تبدد لتعود مرة أخرى إلى النور الذي بدأ يحيط بحياتهما على الدوام.
قالت له بلهفة:
- كم أحبك أرجوك أن تعلمني ألا أكون غبية أو خائفة.
فاجاب:
- سأعلمك أن تثقي بي وان تتذكري أنني لا أستسلم ابدا فأنا الغازي على الدوام.
فهسمت تقول:
- علينا ان نغزو كافونيا.. بالحب.
- سنقوم بذلك معا... أنا و أنت.
- وهذا ما .. أريده.

*** تمت ***



قراءة ممتعة للجميع

وكل عام وأنتم بخير


بلا عنوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-17, 01:13 AM   #17

سايج@
 
الصورة الرمزية سايج@

? العضوٌ??? » 386322
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,442
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سايج@ is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك carton
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
DON'T let the past hold you back you're missing the good stuff
افتراضي

شكررررررررررا

سايج@ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-17, 01:14 AM   #18

سايج@
 
الصورة الرمزية سايج@

? العضوٌ??? » 386322
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,442
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سايج@ is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك carton
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
DON'T let the past hold you back you're missing the good stuff
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

سايج@ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-17, 02:41 AM   #19

سايج@
 
الصورة الرمزية سايج@

? العضوٌ??? » 386322
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,442
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سايج@ is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك carton
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
DON'T let the past hold you back you're missing the good stuff
افتراضي

شكررررراعلي الروايه

سايج@ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-09-17, 01:01 AM   #20

سايج@
 
الصورة الرمزية سايج@

? العضوٌ??? » 386322
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,442
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سايج@ is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك carton
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
DON'T let the past hold you back you're missing the good stuff
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

سايج@ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:36 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.