آخر 10 مشاركات
413 - حبيبتي كاذبة - لين غراهام (الكاتـب : فرح - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          9 - الرحلة - آن ويل - ق .ع ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          83 - حائرة - فيوليت وينسبير - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          278 - لا أحد يريد الحب- ساندرا فيلد (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          158 - امرأة من زجاج - ساندرا فيلد(تم تجديد الرابط) (الكاتـب : فرح - )           »          أحبك.. دائماً وأبداً (30) للكاتبة الرائعة: مورا أسامة *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : مورا اسامة - )           »          معضلة في شمال الطائف * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : ظِل السحاب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree24Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-12-17, 02:35 PM   #631

قارئة استثنائية
 
الصورة الرمزية قارئة استثنائية

? العضوٌ??? » 377599
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 315
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » قارئة استثنائية is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
افتراضي ❤❤❤❤❤❤❤❤


❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

قارئة استثنائية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-12-17, 02:37 PM   #632

قارئة استثنائية
 
الصورة الرمزية قارئة استثنائية

? العضوٌ??? » 377599
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 315
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » قارئة استثنائية is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
افتراضي السلام عليكم

بانتضار الفصل التالي و بالتوفيق

قارئة استثنائية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 01:15 AM   #633

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قارئة استثنائية مشاهدة المشاركة
بانتضار الفصل التالي و بالتوفيق
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قارئة استثنائية مشاهدة المشاركة
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ebti مشاهدة المشاركة
ليلتك سعيدة... تصبيرة حلوة تسلمي عليها...

منصف وكلام ملغم يريد ايصال رسالة ل تغريد وبإن لديها عائلة كبيرة تحبها وان هذا البيت بيتها...

اما ماذا ينتظر منصف من تغريد وماذا ستعلمه انا بانتظاره...

اعتقد عيسى مكتشف اهتمام منصف ب تغريد ولانه يثق به فهو لن يتدخل الا بالتنبيه والتذكير...

بانتظار الفصل والمزيد من المشاهد تجمع بين الثلاثي القرد والناعم والجبلي...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امه الرحمن4 مشاهدة المشاركة
تصبيرة جميله ، ولكنها زادتنا شوقًا وعطشًا ..
منصف وصداقته الرائعة مع عيسى
وتفهمه لتقلبات تغريد ، ومحاولته الغير مباشرة في تصحيح سلوكيات عيسى مع تغريد قد باءت بالنجاح اخيرا
وكذلك دعمه لتغريد بطريقة خفيه وذكره لما يحيط بها الآن وما هو محروم منه
ذكر احتواء عائلة وغربة عن حبيب ذكرها بنفسها بالرغم من بيتها وبداية تأقلمها الا انها تشتاق اخيها بالتاكيد وهذا ما يوجعها بالرغم من الحب والاحتواء المحيط بها ولكنه كان اول من احاط بها وحماها وخاف عليها
لا أعلم كيف ستكتشف دواخلك يا منصف ومتى ستكتشفها فعلا وكيف ستتعامل اذا شعرت أنك فعلا بدأت تميل إليها ؟
هل ستشعر بأنك تخون أمانة صديقك ام ماذا ؟
سانتظر لاري تقلبات المشاعر واكتشاف الدواخل .

أنتظر جديدكِ يا جميلتي ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة basama مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
بجد روووووووووعة وفى انتظارك

🌷🌷🌷🌷آسفة لعدم الرد باكرا ....
لكنني كنت اجهز مفاجأة للقراء ...وهدية القارئة هبة عاطف ..
فكانت مفاجأة صعبة جدا لكن الحمد لله لحقت ..
واتمنى تنال اعجابكم ...
موعدنا باذن الله .... غدا في نفس التوقيت ....
أشكركن على الإهتمام.... والتعاليق ...قراتها كلها ...واسعدت قلبي
جدا ... كما هي العادة دائما ...لا امل منها بل ازيد تعلقا بها...
احبكن في لله ...

تحياتي لكن بكل خير 😍😍😍😍


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 01:58 AM   #634

payan
 
الصورة الرمزية payan

? العضوٌ??? » 384471
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 519
?  نُقآطِيْ » payan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond repute
افتراضي

لم افهم اى شئ من الفصل سوى طلب ياسين الزواج من حفصه
رواح وابراهيم وبراءة وطارق وزواج البروفسور وصباح فوتينا ف الحيط منى
فصل بكره شكلو حيكون كله قنابل


payan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 02:05 AM   #635

payan
 
الصورة الرمزية payan

? العضوٌ??? » 384471
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 519
?  نُقآطِيْ » payan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond reputepayan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mouna latifi مشاهدة المشاركة
[img]
[/img]





هديتك يا ام زياد😍😍😍

heba atefاوعي تيئسي ... هيدتك بتتوضب ...😉😉😉
وضيوفنا ... عيسى الجبلي واخته القردة🦍🦍و منصف الناعم 🤣🤣🤣🤣

زفر بضجر وهو يلقي بالهاتف على المائدة البلاستيكية، ينتظر صديقه الذي تركه لرؤية والدته مرة أخيرة قبل أن ينصرفا الى شقتهما. رفع راسه يتأمل البيت ذو الطابقين متجاهلا ذلك الشعور بالنقص، فقد انتهت الزيارة ولم يلمح طيفً لصاحبة خصلات كثيفة قصيرة سوداء تهتز مع كل حركة لها. نهر نفسه على لهفته لرؤيتها منذ ان أعلمه صديقه بزيارة عائلته. معللا لهفته تلك بطيشها الذي يثير فيه نزعة الطفولة. أجفل على خشخشة أغصان الأشجار، فبحث بعينيه عن المصدر، لتتسع بسمته التي ما فتئت أن تحولت الى مكر، وهو يقوم.
وقف تحت شجرة المندرين* ينتظرها بصبر حتى نزلت وفي يدها حبيتين من فاكهة المندرين، فقال ضاحكا ...
(يليق بك لقب ابن زعطوط ... فمن غير القرود تحب تسلق الاشجار؟...) .. استغرب من عدم ردها، ولا حتى النظر إليه، فلمح خيط السماعات، ودون تردد مد يده وسحبها من خيطها المتدلي. نشغت بشدة تمسك على صدرها ملقية بالفاكهة على الأرض، فضحك بصخب وهو يلتقط الحبتين قائلا ....
(اهدئي.... لقد حدثتك ولم تجيبيني ...)... عبست بغضب تصيح بنزق ...
(يا إلهي من أين تظهر كل لحظة؟؟... )... بسط كفه بالحبتين يرد بمرح ...
(من العدم ...)...أمسكتهما بحدة تهتف ...
(طبعا كي تزعجني ... ماذا تفعل هنا؟؟... ارحل ..هذا ليس بيتك ...)... ضم شفته السفلى يمنع ضحكة مجلجلة، ثم ادعى الحزن يقول بأسى ....
(أنت قاسية .... تعلمين انني بعيد عن والدي ... ولا اهل آخرين لي ... وتطردينني من بيتك ... طبعا فأنت لديك عائلة كبيرة ... يا لحظك السعيد .... على العموم انا آسف ... لن أعود مرة أخرى ....الى اللقاء ...)... استدار مطلقا العنان لبسمته الماكرة، يعد بشفتيه دون صوت ....
(واحد ....اثنان ... ثلا...)... (توقف!!)... اغمض مقلتيه بشدة، قبل أن يرتدي قناع الحزن، ويستدير إليها، ليتفاجأ بمقلتين لامعتين بكبرياء ترفضان البكاء....
(اسمع ... أنا ... لم اقصد ما فهمته ...أنا ... آسفة ..)... أضافت من دهشته الكثير يقترب منها، قائلا بلطف ....
(حقا؟؟... تعتذرين؟؟)... رفعت حاجبا تقول بامتعاض ...
(لا تجعلني أعيده... ثم لما انت هكذا ؟؟)... كان دوره ليرفع حاجبه بترقب، يسألها ...
(هكذا ....كيف؟).... أشارت إلى وجهه بكفها تلفها في دوائر وهمية....
(ناعم ....كالفتيات .... يجب أن تتعلم بعض الجفاء ... أليس عيسى صديقك تعلم منه شيئا ؟؟...)... ضم يديه الى صدره يقول باستفزاز ...
(و لما لا أتعلم منكِ ..... فأنت أرجل منه ... بتلك الخصلات القصيرة ...و سراويلك الضيقة... دون ذكر تسلق الأشجار...)... ظنها ستنفجر فيه، إلا أنها قررت الإكمال على دهشته منها، تهز كتفيها بخفة، وهي تتخطاه قائلة ...
(تعلم مني إذن .... يا ناعم ...)... التفت إليها مفغر الشفتين، يراقب كيف وقفت أمام عيسى تبتسم بخجل وتسأله عن حاله بتردد، ليرد عليها الآخر بدفيء أسعدها وجعل بسمتها الحلوة تمتد على شفتيها، وتنسحب ببهجة يسبقها سرورها.
أجفل على كف عيسى يقفل فمه المفغر، قائلا بعبوس مُدعى...
(كف عن البحلقة في أختي.... إلا لقنتك درسا ...)... تقوس حاجبيه يهتف بجدية ...
(الآن أصبحت أختك؟؟)... (وهل لديك شك؟؟)... سأل عيسى باستفزاز، فضحك منصف بتفاجؤ يرفع كلا كفيه مستسلما ...
(أبدا ... ولا حتى للحظة ...)... ابتسم عيسى بمرح، يتقدمه قائلا بحزم مزعوم ...
(هيا بنا لقد تأخر الوقت.... يا ...ناعم ..)... انفجر عيسى ضاحكا، فقفز منصف يجهز على كتفيه، يصيح بمرح معاتب ...
(أهااااا!! ... تتفقان علي أنت وأختك ... سترى يا جبلي ... أنت والقردة أختك ... ما يستطيع الناعم فعله .... )...

المندرين... البرتقال الصغير
يعطيى العافيه منو التصبيره رائعه


payan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 06:13 AM   #636

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

بسم الله الرحمان الرحيم
الفصل الثامن


الفصل الثامن مهدى للجميلة انجوانا الغائبة.... اتمنى ان تعود بالسلامة ... Heba Atef هديتك عند انتهاء هذا الفصل... و اتمنى رحابتك صدرك أن تتقبل مشاركة الهدية مع القارئات اللاتي سألنني نفس الهدية .... لذلك ضغطت على نفسي وجهزتها رغم التعب ... لا لشيئ آخر سوى لك ... وللقارئات العزيزات. تحياتي ...


[IMG][/IMG]




****قبل أسبوعين ****

****اليوم الأول ****

المشفى .... القسم النفسي ...

دق راس عكازه بالأرض قائلا بجدية، وهو ينظر إليها بتمعن...
)اسمعي يا صغيرة .... )... اتسعت مقلتيها حتى ظهرت تلك العروق الرقيقة الحمراء، على شكل أغصان شجرة في غمرة خريفها.
)أعلم انك ذكية ...بل داهية ... ففكري فيما سأقوله لك جيدا ... أنا طبيب نفسي محترف... بروفيسور ...يعني انني بارع في عملي ...وأعلم عن حالتك ما لا تعلمينه أنت... فانظري إلي واخبريني بصراحة .. هل تريدين استعادة حياتك؟؟)...
راقبته بتوجس ممتزج برفض وشك، فاقترب أكثر يردف بحزم صادق...
)لا تهربي وواجهي واقعك ... أنت قوية ... ولا تخشين أي شيئ ...فماذا استجد ؟؟)... لا رد سوى صمت، ونظرات ضائعة، فزفر بضجر يستقيم مستديرا عنها.
تجمدت خطوته حين أتاه صوتها الحاقد لأول مرة يفقد علو نبرته، ويتخلله بعض الحزن ...
)سأفقد وعي .... وأجد نفسي ضيعت كل شيئ من جديد)... التفت إليها يحدق بها بحذر، وهي تكمل بتحسر ...
)أنت لن تفهم أبدا ....معنى أن تفقد السيطرة على نفسك ... أحلامك... أهدافك ... تصرفاتك ... حياتك بالمجمل ..)... ألغى المسافة بينهما في ثانية، يقول بحزم ..
)بلى ...أفهم ... قد لا أكون المعني.. لكنني أفهم جيدا ...لأنني سبق وعايشت من كانت في مثل حالتك ....هل تريدين ان تعلمي الفرق بينكما؟؟)....
لمح بعض الاستجابة من ملامحها التي بدأت تفقد حدتها، حين خطى إليها الفضول باستحياء، فأكمل بمرارة ..
)أنت لديك فريق طبي وليس طبيب واحدا .. مستعدين لمساعدتك بكل ما لديهم من تجربة ومعرفة ..... أما هي ...فلم يكن لديها أحد ... سوى زوج وابن محبان ...لم يفهما ما بها ...حتى فقداها ...بعد ان تركت فيهما جروحا لا تلتئم ...).... صمتت بجبين مجعد، تمسك بطرفي الفراش، وظهرها يلتصق بمسند السرير الحديدي، فعاد يستقيم واقفا، وتوجه إلى الكرسي يسحبه إلى جوارها. جلس كعادته رجله المعطوبة على الصحيحة، يقول وهو يلهو برأس عكازه...
)لنعد إلى البداية .... متى أول مرة غبت فيها عن الوعي ؟؟)... تشنجت أطرافها، وغاصت ملامحها في الألم. تقبض على يديها بقوة، ترد بتردد..
)بعد موت عمي .... بأسبوع ....)... زم شفتيه بترقب، يومئ وهو يسأل مجددا ...
)الذي شنق نفسه؟؟)... لم تندهش من معرفته، تهز رأسها بوجوم، فأردف بحذر وهو يرفع عكازه يتفقده ..
)كيف اقنعت زوجك بعدم لمسك؟؟)... نظرت إليه تتنفس بحدة، وقد تغيرت قسماتها من الوجوم إلى القرف، فرفع رأسه إليها حين تأخر ردها، لتقول بتشفي ...
)لم يكن يعلم ....).... ابتسم البروفيسور بلؤم يقول ...
)كنت متأكد... هل تسمحين بإخباري كيف ؟؟.... فضولي سيقتلني ...)....جعدت دقنها وأعلى انفها ترد بنزق..
(أنت اكثر فضولا من ..*شَطُّوا*....)... قفز حاجبيه يسأل بدهشة .. (من؟؟)....
مططت شفتيها ترد بجفاء ..
)صاحبة أكبر فرن *تنورت* في المدينة.... الواجهة لمركز الأخبار المحلية...).. ضحك البروفيسور ببرود ساخر، ثم قال ..
)طريفة!!.... هل ستخبرينني؟؟)... رفعت حاجبا واحدا ترد بمكر ...
)لن أخبرك ....إسأل شيئا آخر ... )... أمال رأسه يكبت بسمة ظهرت على جانب ثغره، ورفع كفه يمسد على لحيته، قائلا ....
)ممممممم .... وما قصة الخطيب الأول؟؟)... تفاجأ من شفتيها المضمومتين تخفي بهما بسمة مرحة، وهي تجيب ....
)ذلك المتحذلق ... رفضته والتصق بي كالعلقة ... لأجد نفسي يوما خطيبة له ...).. اختفت البسمة وهي تكمل باشمئزاز ...
)وظن نفسه امتلكني .... لكنني لقنته درسا لن ينساه ما حيي ...ولا أظنه سينسى الكلمات التي قلتها للشاب الآخر.... تعمدت رؤيته لنا.. ..ورتبت لكل ذلك ....)..
تحدث البروفيسور بهدوء لا يشبه ما في صدره من حماس ...
)لما رفضته ؟؟... هل يمكنك إخباري؟؟)... أومأت ترد بعدائية ..
)شاب عابث ...لا يستحي .... ظل يطاردني لسنة كاملة.... يريد صحبتي ...وحين رفضت ... طلب ان يخطبني ... الجميع يظنون انه يعشقني ويريدني للزواج ... لكنني وحدي أعلم ان كل ما يريده حتى قبل أن يخبر صديقه خفية... ..هو قضاء حاجته من .... لكنه لم يعلم مع من علق !!).... صاح البروفيسور باسما بإعجاب ....
(فتاة جيدة !!....)... سرّه ارتياحها له بعد تشجيعها فاستدرك ...
(وماذا عن الخاتم؟؟)... سارعت بالرد تهتف ...
(لقد وعدتني بإحضاره ولم تفعل ....)... أمال وجهه كما رفع أحد حاجبيه، يقول بتهكم ..
(وأنت لم ترضي فضولي ...فيما أردت معرفته ....إذن نحن متعادلان ....)... نفخت بامتعاض، فابتسم بمكر يقول .....
(هل تريدين نفس الخاتم.... أم مشابه له ؟؟...)... رمقته باهتمام تفسر للحظة، خانها ذكاءها....
(المهم أن يكون كبيرا كفاية ...ويستجيب لأدنى لمحة نور ...).. ضيق مقلتيه لوهلة، قبل ان يهجم الإدراك على خلايا فكره يهتف بدهشة ...
(انعكاس النور في لمعانه يمنح المخ لديك تنبيها ...فيستيقظ .... هل هكذا كنت تستيقظين ؟؟؟).... عضت شفتها تحدق به عابسة، فرفع قدمه بروية يعيدها على الأرض، ليميل نحوها قائلا بتقرير .....
(كان يجب أن أفهم ...حين تحدثت عن شخصيتك الوهمية... أنت تعلمين بمصابك ...أليس كذلك؟؟)... احتد تنفسها كمن انكشف وهو يكمل بظفر ...
(طبعا ...فأنت كنت تستعدين للالتحاق بكلية الطب ... اللعنة!! كيف فاتني ذلك !!!)... رمقها بتساؤل مكون من كلمة ....
(الانترنت؟؟)... قطبت جبينها تومئ وتضيف بتلبك ...
(والكتب أيضا ...القديمة طبعا ... )... ظل على انحناءته يسأل بتوجس ...
(زوجك .... حبوب منومة؟؟... وكيف حصلت عليها ؟)... ضمت شفتيها تتهرب منه بمقلتيها، لتزيد من مفاجأته بالذنب يملأ قسماتها وهي تجيب بخجل ...
(أجل ...مع ...القليل ...من ).. جمعت بين طرفي سبابتها وابهامها، تكمل ...
(نوع من المخدر ... القليل فقط ...اقسم على ذلك...).. هتف بتأنيب...
(تقسمين على ذلك ....ماذا لو أصبح مدمنا؟؟)... عبست بغضب ترد باندفاع ...
(اخبرتك القليل فقط ....كي يشعر بنشوة فرح ...فيظن ...يظن ...انت تعلم ....ثم هو يستحق فلا تشعر بالشفقة عليه ...)... عاد يستند الى كرسيه، يمسد على لحيته مستفسرا بحذر، فهو لا يريد فرارها مجددا ...
(هل كان خائنا كما قلت؟؟).... حركت رأسها بوجوم ترد باشمئزاز ...
(لقد رفضته ...لأنه بدأ نفس بداية الأحمق السابق...رأيته أول مرة في عرس شقيقتي سمية ... فهو صديق زوجها....)... لمح البروفيسور مدى قرفها ولا يظنه موجه فقط لزوجها، وهي تكمل ...
(حاول التقرب مني ... لكنني تجاهلته فنظراته ظاهرة للعيان... ليواجهني مباشرة ...يطلب مني التعرف لأنه معجب بي .... طبعا رفضته لأنني لا أتحمل أمثاله ....واعلم ماذا يقصد جيدا ... بفترة التعارف تلك ...)...
صمتت، فرفع كفه يحركها في الهواء...(وماذا بعد؟؟)...
قلبت شفتها السفلى بحسرة، تجيب بحزن ....
(أبدا ... فقدت وعي ...وحين استرجعته ...كان قِراني قد عُقِد ...ولم يبقى سوى يومان على زفافي ...)... أومأ بغضب جارف يكبته داخل صدره، فلم يظهر منه سوى بسمة باردة، يسأل بجمود ...
(وكيف حصلت على الأدوية ؟؟)... ابتسمت ساخرة تجيب ...
(من فضلك ...أيها ال... بروفيسور ... أنت تهينني ..)... لا زال على بسمته الباردة مُقِرا بجفاء ...
(فعلا .... أنا أهينك .... وأعتذر عن ذلك .. وأظنك اكتشفت خيانته كما اكتشفت نية الأحمق الأول ...)... شع الدفئ في صدره حين انبثق الأمل في بؤبؤي مقلتيها، تقول ببسمة غيرت من ملامح وجهها التعب ...
(أنت تصدقني !!).... رغما عنه أسقط عن وجهه جميع التعابير المتوالية، لتبقى بسمة صادقة مشعة بالإشفاق يقول بحنو ..
(طبعا أصدقك ...وكيف سأعالجك إن لم أصدقك ؟؟.. .. أنا لست أهلك يا مريم ... درست لسنوات طوال ... أبحث عن كل معلومة صغيرة قبل الكبيرة ...وحضرت تجارب علاجية ..هنا وفي الخارج ...مع اطباء نفسين مبتدئين وكبار ... ..حتى انني حضرت مع المقرئين بنية الرقية ...وتجاوزت ذلك الى الدجالين ...فقط كي أجمع اكبر قدر ممكن من المعلومات ...وأفرز فيها ...الصحيح من الهراء ... وبفضل الله ..صرت ألمح الصواب قبل ان أتأكد منه ...لا انكر انني أخطئ في بعض الأحيان...فأنا بالنهاية بشر ...لكنني تعلمت وضع كل الافتراضات الممكنة والمعاكسة ...مع اتباع احساسي ....)... هزت رأسها تقول بتوسل ...
(هل أنت متأكد من إمكانية شفائي ؟؟... ما قرأته حين شككت في أمري.... لا يسر ..فعلمت ان لا أحد من عائلتي سيتفهمني ... ولا سيدفع ثمن معالجتي .. إلا والدي لكنه لا يملك ثمنه ... ).... وقف على رجليه يدس كفه الحرة في جيب بنطاله قائلا بتشجيع ...
(إن شاء الله هناك علاج .... ولو لم تسبقني الدكتورة طائعة . ...في دفع تكاليف المشفى ...لكنت فعلت ذلك ...فالدنيا لازلت بخير يا مريم ..)... ابتسمت بتأثر تهمس ...
(تلك الفتاة ... دائما طيبة القلب ..ونقية الروح ... لا افهم كيف تجاهلها والدها ...كل تلك الأعوام.... )... رمقها بترقب وهي تنظر اليه مستطردة بامتعاض واجم ...
(هل تعلم أنها كانت تذهب لرؤية والدها من بعيد؟؟ ... كل يوم خميس ... كانت لدينا حصة شاغرة بين الحصص صباحا ... استغربت تسللها من الاعدادية ... على غير عادتها ....فتبعتها يوما ...كانت تنزوي بعيدا بدراجتها أمام الثانوية .... تراقب والدها وهو يأتي لإحضار ابنته الأخرى.. )... تجمدت ملامح البروفيسور، وهي تكمل بنفس الامتعاض ...
(كانت تبكي ... وهي تراه يضم الأخرى بحب ويضاحكها ... فأتساءل ... كيف لرجل ان يكون بتلك الانانية ؟؟.... فوالدي مهما عانى من الفقر والجهل ... لم يتنكر لأحد من أبنائه ...ام لأن طائعة ابنة من زوجة أخرى ...الله أعلم ...)... تنحنح يلجم النار التي شبت في صدره، وتجاهل الأمر قائلا بهدوء ظاهري ...
(ارتاحي الآن... وسأحضر لك ...كتبا مناسبة لتقرئيها ...وخاتما مشابها للقديم .... اهم ركائز علاجك ...هي تشجيع شخصيتك الأصلية .... في الحفاظ على وعيها ... فحاولي التفكير في كل شيئ تحبينه أنت.... وإن شعرت بالشك يغزو صدرك بأنك ستفقدين كل شيئ مجددا ... تذكريني انا وطائعة .... بعد الله طبعا .... اعطيك عهدي وعهدها حتى إن لم تكن شاهدة الآن... لن نتركك مادام في صدرينا نفس .. ... هل فهمت يا مريم ؟؟...)....أومأت بانبهار تراقبه، وهو يكمل بحزم ...
(وذلك الأحمق... ستنفصلين عنه .... ولن تفعلي شيئا لا تريدينه بعد اليوم.... حتى ان استولت على وعيك الأخرى... سنعيدك بإذن الله ... اتفقنا؟؟)... أومأت له بأمل شع من مقلتيها التان وكأنهما ضجتا بالحياة من جديد، وهو يكمل حديثه قبل ان يستدعي الممرضة وينصرف ..
(كنت مقاتلة .... واريدك ان تبقي مقاتلة ...لكن في الاتجاه الصحيح ... ثقي بنفسك قبلنا ... وادعي الله التوفيق والشفاء... فهو لن يتركك ابدا .... سأذهب الآن .... وسأعود مساء لأطمئن عليك ....)....
...............................
[IMG][/IMG]

بعد نهاية الدوام.....

ظهرت من خلف الباب فابتسم لها، تقول برقة ...
(هلا غادرنا ؟؟)... هز رأسه وسحب حقيبته متوجها نحوها. مال على وجنتها وقبلها بخفة، فتأبطت ذراعه وهما مغادرين.
جعدت جبينها حين اتخذ طريقا غير وجهة منزل العائلة، فسألت بحيرة ...
(ألن نذهب إلى البيت ؟؟)... التفت إسماعيل يقول ببرود أرجف كلا قلبيهما ...
(لا ... اتفقنا على التحدث ... وما سأقوله .... له مكان محدد يجب ان اعود إليه...).. أومأت بريبة، وعادت تنظر امامها، تتأمل المكان الذي توقفت فيه السيارة.
ترجلا كلاهما وامسك يدها، يشير الى بناية على شكل قصر مبنية جدرانه من الرمل الأحمر، اهترأ جُلُّه. شهقت بخفوت من انبهارها، فتلك القصور تسمى في عرفهم ب *القصبة*، يسكنها أصحاب المال والنفوذ قديما، وأغلبها بقيت خالية من ساكنيها أو تحولت الى متاحف و مزارات.
سحب من جيب سترته مفتاحا كبيرا أثريا من المعدن الثقيل، ودسه في مكانه على البوابة الخشبية الخارجية.
خطت برفقته، تُمسك بكفه وتتفحص الصرح الخالي بوسعه الذي ينم عن فخامة كانت، وولّت، فلم يبقى منها سوى أطلال لم تجد حتى من يبكي عليها.
بلع الغصة في حلقه، ونظر إليها يستجدي بعضا من دفئها تنقذه من برودة المكان اللاحقة به أينما رحل، كما تلاحقه ذكرياته السوداء.
)هنا ولدت ...وكبرت ...الى أن ....)... شد على شفتيه، فلمست ذراعه تقول بحنو ...
)لا تتحدث إن كان ذلك سيتعبك ...)... راسه تابت كملامحه المنحوتة بجمود، لا يفضح توتره سوى ارتفاع وانخفاض صدره. رفعت يدها ترخي ربطة عنقه، فقال مستسلما لحركتها ...
)لا اعلم إن كان الحديث سيريحني ... لطالما آمنت بذلك وانا أطلبه من المرضى ... لكن ... البروفيسور على حق ... بيننا أنا وأنت... لا يجب أن تبقى هناك أقنعة.... تحول بيننا ...)... تركت الربطة بعد ان أرختها، وابقت كفيها على صدره، ترد بحزن ...
)أنا ... )... قاطعها يقول بألم ....
)أنا لا ألومك طائعة ...هناك آلام في حياتنا تترك أثرا يصعب محوه ..فنخفيه عن الجميع .... )... زفرت بوجوم، وهو يمسك ظهر كفيها مستطردا ...
)هذا البيت الواسع .... شهد على أحداث بين الفخر والفرح و السعادة....والحزن ...والموت ...والخزي ....)... تشكل الوجع بحرفية على وجهه، وهو يسترسل بلهفة، كما لو كان حجرا يثقل على ظهره، يتوق للتخلص منه.
)أنا مثلك طائعة ....لم احظى بأب يرعاني ... قد تكونين مفتقدة للأب...لكن على الأقل لم تفقدي احترامك له ...بل لازلت تتأملين التعويض منه يوما ما ....أما أنا...).. همت بسحب كفيها كي تمسك دراعيه، لكنه منعها يشد عليهما بقوة فوق صدره، وهو يكمل دون توقف ..
)أما أنا ... فقد فقدت فيه كل شيئ على مر الزمن .... القدوة ... الحب ...الحنان ... الاحترام.... الود .... وبعدما فعله في الآونة الأخيرة.... صرت أكرهه.... لقد اكتشفت أن رغم قساوته في الماضي ...والتي تَحَمَّل منها ابراهيم ما لم نكن لنستطيع تحمله ... ومع كل جرائمه من الخيانة ...والتهريب ... اكتشفت انني لم اكن أكرهه... على قدر ما كنت غاضبا منه ... ).. اتسعت مقلتيها حين لمحت اللمعة من تحت عويناته الطبية، ينهي حديثه بحقد اشتبك بالألم....
)أن يقسو الوالد على ولده ...أو حتى يضربه ...أمر ...وأن ينوي قتله والتخلص منه ... بسبب المال ...او لأي سبب لعين آخر ...هذا امر لحاله...لقد كرهته ...كرهته بشدة ...).. تحدثت بمهادنة تقول ...
)اهدئ اسماعيل .... من فضلك ... تعلم ان الإنسان فيه من غلبت عليه نزعة الشر ...كما هناك العكس ...وانت كنت محضوض بجدك ... كما كنت انا أيضا .... )... باغتها بنبرة يقطر منها الوجع كقسماته المتشنجة ...
)وهل كان ذلك كافيا يا طائعة ؟؟.... هل اكتفيت بذلك؟؟)... صمتت تتلفت بعينيها فشد على كفيها يحثها...
)أخبريني ...)... زمت شفتيها قبل ان تقول بحزن ...
)وضعي يختلف عنك إسماعيل... فأبي كان أمامي.... أراه وهو يمنح أبوته وحنانه لفتاة أخرى ...يخصها بكل شيئ حرمني منه ... لمجرد أنني لست شقيقتها ...)... قطب مسترجعا انتباهه، يرمقها بحيرة، فتسابقت الكلمات من فمها مع الدمعات من مقلتيها ...
)كنت أتسلل الى الثانوية التي تدرس فيها أختي ... بعد ان علمت كل شيئ من أمي وجدي ... فهي تكبرني بسنتين ... استغربت من اهمال والدي لي ...وانا أعيش معه في نفس المدينة ... حتى وإن كنت في حي على الضواحي ... فذهبت كي اراها ....علني افهم شيئا ما ....و كنت أبحث فيها عن الاختلاف بيننا ... كل مرة أراه يضمها ...أو يقبلها ..ثم يقف مراقب لها ببسمة حانية.. إلى أن تدخل ...كنت...)... صمتت فضم وجهها، يمسح دموعها بإبهاميه، يقول بلطف ...
)أنا آسف ...)... أومأت ودموعها لا تنحسر، تمسك بكفيه على وجهها ترد بنبرة متهدجة ...
)لا مجال للمقارنة بيننا اسماعيل... وجعك أكبر ... أنا ورغم كل شيئ ... لم يتعد الأمر إلى جرائم وطغيان ... لكن ... مهما كان الوضع .... يجب ان تتجاوزه ... لا تدعه يسلبك مستقبلك ...كما سلبك الماضي ....)... رفع رأسه الى السقف، يتنفس بعمق وتركها يبتعد خطوة، فراقبته وهي تمسح دموعها وتحاول تمالك نفسها. لا تصدق أنها أخبرته بما لم تتجرأ حتى على الاعتراف به بينها وبين نفسها. فالخزي ألجمها لا تعلم لما كانت تذهب كل مرة لتراقب والدها وأختها، وتعذب نفسها حتى أدمنت تلك المشاهد. وفي النهاية اكتشفت أن نفسها التواقة أضحت تجد في رؤيتهما، بعضاً من عزاءٍ تجهل كهنه.
رفع يده يشير الى البهو الكبير يقول بوجوم ...
)هناك ...كان يجلس بفخر ... جوار جدي ...وجده ... حولهم اعمامي ...و كبار رجال المدينة... كلهم يهابونه حتى اكثر من جده ووالده ...)... أشار الى رواق مهجور، لا تعلم الى أين يفضي، مستطردا ...
)وهناك .... كان ينهي شجاره مع امي ... حين يخرج من جناحهما ... وتتبعه كعادتها تبكي ... )... ثم أشار الى باب في آخر رواق آخر، يستدرك بامتعاض ...
)وهناك ... كان يسحب إبراهيم... يتجه به إلى الملحق ... كي يعاقبه ... خفية عنا ... بحجة انه البكر ..ومن سيتحمل المسؤولية معه ...ومن خلفه ...)... أسقط يده إلى جانبه، ثم نظر إليها يكمل ...
)حين قرر ابراهيم رحيلنا من هنا ... سُعدت بذلك ...وظننت أنني سأترك كل الذكريات بين جدرانه ... لكنها لاحقتني ..في صحوي قبل نومي ...)... بلل شفتيه بتمهل وهو يفكر في شيئ ما ثم قال ..
)أتعلمين .... أول مرة لم أرى فيها كابوسا من الماضي في احلامي ؟؟)... رمقته بتساؤل فاقترب منها حتى وقف أمامها، يستطرد بحنين للذكرى ...
)أول مرة ...قبلتك فيها ...)... زحف الاحمرار الى وجنتيها حياء، لكنها لم تفر منه ترمقه بذلك الضعف الذي تتسم به قربه ...
)تلك الليلة ... التي قضيتها جوار أمي ... أحاول استدراج أفكاري المعذبة كما كل ليلة ...إلا أنها كانت تفر من أخرى طغت بدفئها ... فنِمت وأنا افكر فيك ...وفي علاقتنا ... وحين استيقظت اكتشفت أن الكابوس اللعين لم يزر منامي ليلتها .... وكذلك الليالي التي تلتها ...).... أمالت رأسها ترمقه بتأثر ووله، فرفع كفه يربت على وجنتها يردف برقة ..
)قد أكون اتخذت خطوة الزواج بك ... مرغما ... وقد أكون غير متأكد من الفتاة التي اخترتها شريكة لي في البداية .... لكن .. الآن ... أنا واثق من اختياري... ومثلك اريد لزواجنا الدوام ...والنجاح .... حاضرا واضحا ... ليكون أساسا لمستقبل تابت .... لذلك احضرتك هنا ... كي تعلمي عني ما لم اخبر به احدا من قبل ... وكي تعلمي أي نوع من الآباء أنجبني ...)... أمسكت ظهر كفه على وجنتها ترد بحنو ...
)لا يهمني من انجبك اسماعيل ... بل ما يهمني ...من تكون عليه أنت ... وكل ما رأيته .... هو انسان ناضج واعي ... متحمل للمسؤولية .... حتى حين اخترتني ...من اجل عائلتك ... لم تظلمني ... بل تحملت مسؤوليتك كرجل ... ورغم الضغوط والشكوك ... حاولت السير بخطى متأنية ... كي تجتمع بي على أرض ثابتة ... وهذا ما جعلني اضعف قربك ..)... قطب منصت دون ان يترك وجهها، مستمتعا بدفيء بشرة وجنتها وراحة يدها.
)لم اكن يوما ضعيفة اسماعيل .... جدي رباني على القوة وتحمل المسؤولية ... كان يخشى موته وتركه لي وحيدة ... فعلمني كيف اعتمد على نفسي ....وأن لا أكون لقمة سائغة لأحد... علمني الخوف من الله ... الذي يحول بيننا وبين انفسنا ...ويطّلع على كل خلجة في دواخلنا... فأتقيه بيني وبين نفسي.... قبل علانيتي ... تسلحت بخوفي من الله... فلم اعد اخشى أحدا غيره ...لذا بعثني جدي للدراسة في العاصمة ...وكله ثقة بي ... ولم يعلم ان تلك الثقة زادتني ... قوة وثقة بنفسي ...).. ظهرت بسمة إعجاب على جانب ثغره، زحفت مع كلماتها التالية الى عقر مقلتيه، فاشتعلت بلهيب الحب الذي تأججت ناره في قلبه.
)وحين طلب مني أبي الزواج منك .... فكرت بعملية وسألته عنك ....لا اخفيك أنني ترددت للحظة... لكن ما أخبرنيه عنك جعلني اتخذ الخطوة لسببين ... أولهما انك رجل لا يُرفض ... تانيهما ولا انكر ابدا ...أنني وأخيرا وجدت طريقا أفتحه بيني وبين أبي... ومع ذلك ... انا لم اشعر بنفسي استسلم إلا ...قربك ... أحب تلك الطريقة التي تقف فيها جواري ... وتمسك بها يدي ... حاميا ...مدافعا .. احب ذلك وأريده ...)... ابتسم بمكر يقول ...
)هل اعتبر هذا اعترافا بالحب؟ ....دكتورة؟ ).... تصنعت العبوس، تقول بعتاب ...
)إن كففتَ عن مناداتي بدكتورة ...قد تحصل على واحد... فأنت زوجي ... ألست كذلك ....دكتور؟؟)... ضحك فأشرقت ملامحه كأن لم يكن واجما قبل قليل، وضم جانبي وجهها يقول بحب ...
)أنت محقة .... أنا زوجك ....وأنا ...أحبك يا ....طائعة ...)... اتسعت بسمتها بنفس بهجته، تربت على ظهر كفيه محمرة بشدة، تقول بوله ...
)وأنا ايضا احبك .... إسماعيل.... فهل يكفي حبنا هذا لنجتاز الماضي بكل مآسيه ؟... احتاج منك تأكيدا اسماعيل...)...
تفاجأت حين التقط شفتيها دون ان يفلت وجهها، فتشبثت بكتفيه، واستسلمت له تسلمه حصونها. تركها بعد برهة يلتقط أنفاسه المتلاحقة، يقول بلهاث ....
)سيكون .... بإذن الله سيكون أكثر من كافي .... حبيبتي )...
…………………….


****اليوم الثاني ****

صباحا ... المشفى ... القسم النفسي ....

أنهى جلسته مع مريم التي لم يطلها، يمنحها الوقت كي تستوعب حياتها الجديدة، فتكون اكثر تقبلا للعلاج، واكثر ثقة في من حولها. توجه الى رواق ما وتلصص لبرهة ثم عاد بنفس التسلل الى مكتب طائعة. دق على الباب المفتوح فرفعت رأسها عن الملف بين يديها تبتسم له برسمية. خطى اليها وهو يلمح تلك اللمعة التي تشع بها مقلتيها، شيئ ما تغير، تلك ليست طائعة التي التقى بها في فصله. فتاة صغيرة ذات قوة وكبرياء، وعينين تحملان من الحزن الكثير.
)كيف حال مريم ؟؟)... بادرت وهي تجمع الملف وتضعه أمامها على سطح المكتب، فرد عليها وهو يتخذ احد الكرسيين مجلسا له.
)أنا متفائل والحمد لله... سعدت بالهدايا... وتركتها تتفقد الكتب بحماس ....)... السرور ملأ نفسها تقول بفرح ...
)الحمد لله ... أنا سعيدة من أجلها... متى يمكنني رؤيتها؟)... ضم شفتيه يرمقها بتأمل، يقول ...
)أنت بالتأكيد سعيدة ...لكن السبب لا أظنها فقط مريم ..)... بلعت ريقها بتوتر، فاستطرد بحزن غلفه بالسخرية ...
)لطالما ظننت نفسي محترفا في عملي ....وأستحق لقب البروفيسور ...لكنني أمس ... أو لنقل قبل أمس ... اكتشفت أنك اكثر براعة مني ...دكتورة ..)... تجمدت تنظر إليه بترقب، وهو مسترسل ...
)لم استجب لطبيب قبلك ... حتى ممن يفوتونني خبرة ...وعلما ... إلى ان التقيت بك ... وبطريقة ما ... استجبت لك ... وأصبح البروفيسور مختار العَرَبي ... مريضا بين يدي طالبة ... لم تتخرج بعد ... والله شاهد علي ..لقد استغربت وحللت ...بطريقة تجعلني لا أعترف لك بأنك طبيبة بارعة ....)... أخذ نفسا عميقا و زفره بنفس العمق، ثم أكمل وهو يحدق بها ....
)لكنك برهنت ....على أنك فعلا ...طبيبة بارعة ... فقد علمت كل صغيرة وكبيرة عني .... في الوقت الذي أخفيت فيه عني أهم معلومة.... كانت لتساعدني في فهم كل ما ألم بك ... )... بللت شفتيها ترد بتردد...
)أنا ...بروفيسور...)...(لما أخفيت عني أمر اختك طائعة؟؟ ...)... قاطعها بشكل مباشر، فشهقت بخفة، ترمقه بارتباك ...
)هل رأيتهما معا ؟؟... هل تأكدت من عدم فقدانه للأبوة سوى معك ؟؟... هل تأكدت من انك الوحيدة بين ابنتيه التي حرمت منه ؟؟)... لمعت مقلتيها بدموع، متسمرة مكانها بصمت، وهو يكمل ببرود...
)كم مر عليك من السنين ...وانت تتلقين حبه ووده ... من خلال مراقبتك له يبثهما لأختك ؟؟.... بماذا شعرت حينها؟؟... بالألم؟... بالحسرة؟ ... بالغيرة؟... تحدثِي طائعة ...أنا أنتظر ...)... قامت تجيب بتوتر، وقد بدأ الأمر بالفعل يبهت في صدرها...
)من فضلك بروفيسور ...أنا ...لم أكن حينها مستعدة .. أنا ..)... استقام واقفا، وعدل من هندامه يقول بجدية..
)أجل .... كما استجبت لك ...كنت في انتظار شخص مناسب...كي تستجيبي له ...ومع تلك السعادة الظاهرة على وجهك ....والتي بالمناسبة رغم غضبي منك ...إلا أنها أسعدت قلبي الغبي .... تدل على إيجادك له أخيرا ... لقد سلمت حصونك لطبيب النفوس.... أستطيع رؤية ذلك ....)... ابتسمت له بحزن، فرفع رأسه بأنفة، يستطرد قبل ان ينصرف ...
)وأنا سعيد من اجلك ... لكنني غاضب منك ... لأنك جرحت كبرياء البروفيسور ... بعدما أكد له غروره اللعين ...أنه نجح في تعليمك الثقة بالناس ... اكتشف أنك لم تفعلي ... ولم تثقي به ... لهذا أنا غاضب منك .... ولا اعلم كيف ستجعلينني انسى ذلك !!.... الى اللقاء)...

………………………….
[IMG][/IMG]

مساء ..... الباب الداخلي الخلفي للمشفى ....

)انتظرتك أمس .... ولم تأتي ...)... لم تتفاجأ وهي تتخذ طريقها تسللا، وتوقفت تستدير إليه. أشار إلى الكرسي جواره يكمل ببسمة مدعية ..
)تفضلي .... شاركيني العصير ...إنه طازج .... مثل الذي شربته قبل امس ...)... ظلت مكانها تتلمس على طرحتها وتمسد على كنزتها السوداء، فاستدرك ...
)هل أنت في عجلة من أمرك؟؟؟... )... نطقت بسرعة وتوتر...
)في الحقيقة ....بلى ... أنا مستعجلة ...)... رفع إليها الكأس يقول ببراءة مدعية ...
)إذن اشربي.... واذهبي ...سيساعدك على الجري...)... أومأت بخفة، وتناولت الكأس ترتشف منه، فقال ....
)ستذهبين الى بيت أهلك؟..) ... أومأت من جديد، فتحدث ....
)لما اختفيت أمس؟؟).. ردت بتردد...
)لم ...أعمل أمس...)....(مممممم.. فهمت ....لما لا تحاولين اقناع أهلك؟؟.... بوجهة نظرك؟؟ ....أسلم لك من التسلل ليلا ...)... أكملت ما في الكأس مرة واحدة، لترد ببرود ...
)حاولت ...بكل الطرق .... لكنهم لا يفهمون ...)... (ماذا لا يفهمون؟؟)... أجفلت فمدت له بالكأس، تقول بنفس البرود....
)لا يفهمون مدى تعلقي بعملي .... ولن أتركه مهما حدث... شكرا لك ...الى اللقاء...)... رفع حاجبه مراقب إياها وهي تستدير بخطوات تتثاقل إلى أن توقفت. فقال بلؤم ...
)ما بك ممرضة فجر ؟؟؟..).... التفتت إليه تمسك بجانبي رأسها، تقول بتعب ....
)لا ..أعلم... أشعر براسي ثقيل ....)... أبعد المقعد جواره قليلا، يقول ....
)تعالي ...وارتاحي ... لن يضرك ذلك ...ويمكنك التسلل لاحقا ...)... ظلت مكانها تنظر إليه بتردد، قبل ان تقرر العودة والجلوس لبعض الوقت حتى تتمالك نفسها ...
)خذي واشربي بعض العصير... السوائل جد مهمة لجسد الإنسان... خصوصا من يقضي وقته في الجري ...والقفز)... لمحت بسمته المازحة، فأمسكت الكأس ترد بعبوس ...
)متحذلق !!).... لم يجبها يلهو بعكازه، قائلا بحذر ...
)هل تعرفين من أنا؟؟..... فانت ممرضة هنا في القسم ...)... ردت بجفاء ...
)أجل أنت البروفيسور العظيم ...ضيف رئيس القسم وزوجته... لا تهددني فأنا لا يهمني ...)... ضحك بصخب يرد بتهكم ...
)أنا متأكد ...اهدئي)... تلهت عنه بالكأس، فقال بعد لحظة صمت...
)إذن انت تعملين فقط بالليل ... لأنني لم ألمحك يوما بالنهار ..)... بلعت ريقها تجيب بتلجلج ...
)ن.... نعم ...أنا أخبرتك لما .... لذا أستبدل الدوام مع زميلاتي ...واعمل ليلا ..).. كبت ضحكة ماكرة من الهراء الذي تحكيه، فسايرها قائلا ...
)حسنا ... لما كل هذا التعلق بالعمل ؟؟... لدرجة التسلل والتخفي عن اهلك ...)... غامت مقلتيها بالوجوم تقول بحقد ….
)إنه من حقي أنا.... ).. صمتت فقال يحثها بحذر...
)من هو؟؟).. نظرت إليه تكمل بنفس الحقد ...
)العمل ...من حقي أنا ... لقد تعبت من اجل الوصول إليه... ولن أسمح لأحد بسلبه مني ...)... كان متأكدا أنها لا تقصد العمل، فأومأ لها يسأل بحيرة ....
)لماذا يرفضون عملك ؟؟).. ضمت شفتيها تسترخي على المقعد، ثم قالت ...
)لأنهم اختاروا لي عملا آخر ... يرون انه لائقا بي اكثر ..لا... بل يليق بمصالحهم .. ... جاهلين بحقيقة أنني سبق واخترت من هو لائق بي .... فرفضت وواجهتهم بشراسة ...وبكل طريقة قد تتخيلها ... )... صمتت تتنفس بحدة، فسأل يهز كتفيه بخفة ...
)و ماذا حدث؟؟)... قلبت شفتها السفلى بأسى، ونظرت إليه تقول بحزن ...
)العمل الذي حاربت من اجله ...خذلني ...ورفضني بنفسه... لكنني لم استسلم ...ولا زلت أحارب لأقنع الجميع ....)... قطب البروفيسور، يقول بريبة ...
(لو كان العمل خذلك بنفسه ... لما تتمسكين به؟؟).. شعر البروفيسور بحاله كمن يمشي على حبل توازن، قد يسقط عليه في اي لحظة. لكنه تأثر رغما عنه وهي ترمقه بألم، تجيبه بصدق ...
)لأنني متعلقة بالعمل... أحبه... ولا أستطيع العيش من دونه ... أشعر أنني إن تخليت عنه.... س .... س ...).. صمتت فحثها، ...(ماذا؟؟)....عضت شفتها وهي تذرف دمعة واحدة، فرت بقسوة من سجانها، تجيب بيأس غائر ...
(سأموت...)....
………………

****اليوم الثالت****

الجامعة ....

)لا تتعب نفسك ..... هي لن تذهب إلى الرحلة ...)... نطقت نجوى من بين أسنانها، فقال هيثم باستنكار ..
)لما لا ؟؟... إنها رحلة جامعية ... )... ضغطت على أسنانها بغل، ترد بحنق ...
)والدها لن يسمح ...لم يسبق لها أن ذهبت في رحلة مدرسية...)...
)ولهذا بالذات سأذهب يا نجوى..).. شهقت المعنية بخفوت، وهيثم يبتسم ببلاهة، يقول بتحفز ..
)مرحبا رواح .... سعيد جدا....لأنك سترافقيننا الى الرحلة ...).. ابتسمت بشر ترمق نجوى، تقول بدلع متعمد ..
)شكرا لك هيثم ... لكن نجوى ليست سعيدة مثلك... أليس كذلك نجوى ؟؟)... التفت هيثم الى الأخيرة، يقول بجهل لكل ما يحدث حوله ....
)لا ..أبدا... هيا تحدثي نجوى ...)... شدت على شفتيها تقول ببرود، وهي ترمي رواح بسهام قاتلة ...
)أنا؟؟ ...لما لا أكون سعيدة؟... أنا فقط استغربت كيف أقنعت أهلك !!.).. ابتسمت بتشفي تفسر ...
)طلبت من أخي ياسين ... إقناع أبي .. وقد فعل ... اخي حبيبي ..).... (من هذا حبيبك؟؟)... أجفلوا على نبرة منفعلة، تشي بمدى غضب صاحبها، فالتفتوا إليه ليتأكدوا من الحمرة المختلطة بالسمرة على وجهه، يرمق رواح بتهديد خطير ...
)ما بك عيسى ؟؟... إنها تعني أخاها ...الذي سمح لها بالانضمام الى الرحلة الجامعية ...).... قالها هيثم باستظراف، فرماه بنظرة ممتعضة كنبرته حين وجه لها الحديث ....
)وكيف أقنعت ح... اقصد أخاك ؟؟)... ضمت ذراعيها الى صدرها تجيب، وهي ترفع دقنها باستعلاء ....
)كما يفعل الناس ...طلبت منه ...ووافق ...فأنا لم اعد فتاة صغيرة...)... تجاوزته تكمل بهمس التقطه ...
)عرجاء ...)... أطرق برأسه يهمس لنفسه بوجوم ...
)يا ليتك بقيت عرجاء يا رواح .... يا ليتك عدت كما كنت ...)...
)ماذا تقول يا صاح ؟؟)... رفع وجهه ليجد صديقه الباسم، فقال بحزم ..
)تلك الرحلة التي اخبرتني عنها ...)... (ما بها ؟؟)... قطب منصف يسأل، فرد عليه عيسى بانزعاج ...
)سنذهب ....هيا لنشترك ...)..... ولا تنسى أننا سنزور منزل أهلي الليلة.
…………………….


المشفى ....القسم النفسي .....

) مريم ... تفضلي الخاتم.. هل اعجبك؟؟)... نظرت إليه بانبهار، ترتديه قائلة بسرور ...
)شكرا لك ...إنه جميل ....)... جلس على كرسيه بالقرب من السرير، يقول ....
)كيف حالك اليوم ؟؟).... لازالت تنظر الى الخاتم وهي ترد بتلقائية ...
)الحمد لله ... أفضل ...شكرا لك ...)... ألقى على الكتب جوارها نظرة قبل أن يتحدث من جديد ...
)كيف وجدت الكتب؟؟).... أبصرته بمقلتين تتقدان حماسة، وهي تجيب ....
)رائعة... لم استطع تركها للحظة ...لقد اشتقت الى الدراسة ...).... أومأ بتشجيع يقول ...
)الجامعة متوفرة الآن... يمكنك الالتحاق بها ...إن شئت ....)... وكأن اليأس تمكن منها تسأل بعدم يقين ....
)هل تظنني قادرة على ذلك ؟؟)... تعمد التهكم في نبرته يقول بمرح ...
)من فضلك مريم أنت تهينين نفسك ... أم علي تذكيرك بمسيرة كفاحك ؟!)... ابتسمت بخجل، فسأل رأسا ...
)إحكي لي عن خيانتك المزعومة ...).... تصلبت فجأة، فاستدرك بحزم ...
)لقد وعدتني ...واتفقنا .... أريد كل التفاصيل ...لا تغفلي شيئا ...).... توالت أنفاسها كي تلحق بقلبها في مضمار الخوف، ثم قالت ....
)نفس القصة سيدي ....).. تقوس حاجبي البروفيسور يهتف بسخرية ...
)ما هذه ال سيدي!؟... لولا تقبلك للخاتم لظننتك .... الشخصية الوهمية ... الجميع ينادونني بروفيسور ...مع انني بدأت أشك في استحقاقه ...)... قطبت بحيرة، فاستدرك مشيرا بكفه ...
)ناديني بروفيسور ...لا عليك أنت ... أكملي ...أكملي ...)... تنهدت تهدي بسهو ...
)أظنني مغناطيس لا يجذب سوى رجال حِقار*. ... )... تنبه إليها فأومأت تكمل باشمئزاز ...
)ظل يحوم حولي قبل الزواج.... ولم يمنعه الزواج من ذلك ..... لذا جمعت العصافير... عفوا ... أنا اتأسف للعصافير ... جمعت الغولان ... واوقعتهما في فخ واحد ...)... ضحك البروفيسور بصخب فابتسمت بخجل. تمالك نفسه وسوى ثنايا وهمية على سرواله يقول ....
)لما لم تخبري أحدا من عائلتك ؟؟.... يعني لما لم تلجئي لوالدك ..أو والدتك ...او حتى شقيقتيك ؟؟)... تحولت بسمتها الى سخرية تقول بمرار ...
)ماذا سيفعلان والداي ؟؟.... و انا اتخبط كل يوم بقرار مختلف ... والكل يعلم انني مجنونة او بالأحرى ممسوسة ...ويتكتمون على ذلك ... فكل ما أقوله لا يُأخذ بمحمل الجد ...أما شقيقتاي ... فقد اخبرت سمية ...الكبرى)... اقفلت فمها ترمق السراب بوجوم، فقال ...
)مريم ...!!)... رمته بنظرة خاطفة، تستدرك بوجوم ..
)هي الوحيدة التي أخبرتها... عن شقيق زوجها ... رغم برودة علاقتنا ... ولم تخيب توقعي ... اتهمتني بالسفالة ... واستمتاعي باهتمام الرجال ... وأنني من يجعلهم يحومون حولي ....)... هز رأسه بامتعاض، يستفسر ...
)لما علاقتكما باردة ؟؟).... زفرت بضجر ترد بتهكم ...
)لم تنسى أبدا أن زوجها ... أُعجب بي قبلها ...لكنه محترم ..الحق يقال ... احترم صدودي له ... ونسيت أمره ...حتى وجدته وعائلته في بيتنا ليطلب سمية ... طبعا انا أخبرتها بحسن نية ...لكنها ثارت ... ومن يومها وعلاقتنا باردة .. سمية طبعها قاس من الأساس....).. (مممممم! ... مفهوم ... وماذا حدث ليلة القبض عليك ؟؟).... ردت تفسر بجدية ...
)كلما استعدت وعي ...كنت اختلق الحجج ... كي أعود الى البلدة ... وابتعد عن ذلك الرجل المسمى زوجي .... فأنا رغم كرهي له ... كنت اخشى أذيته .... والمرة الأخيرة سافرت رغم غضبه .... مع ان الحقير خائن بائس ... لا يكلف نفسه حتى بمسح الرسائل الخليعة والصور من على هاتفه ...وحاسوبه ...طبعا فالغبية الأخرى ساذجة.... وتصدق كل شيئ....عدت الى هنا لأجد الآخر في وجهي ... يخبرني بتفهمه لهروبي من زوج خائن ...مؤكدا لي ما عرفته مسبقا ... وجلب لي صورا له برفقة الفتيات والخمر ...)... تكومت قسمات البروفيسور في قرف، يقول ...
)الندل ... وماذا فعلت ؟؟).... ضحكت بسخرية مريرة، تجيب ...
)طلب مني الانتقام من زوجي ... بسقيه من نفس كاس الخيانة ... هل تصدق؟؟).... وافقها ساخرا يكمل عنها ...
)وهو المضحي المغوار ....الذي سيساعدك في الإنتقام)... هزت راسها بيأس ساخر، تقول ...
)أخبرتك ...مغناطيس حِقار* ..سايرته في خطته التي ظنها ستبقى سرية .. ...وطلبت الشرطة ونحن نتعشى ......)... هز رأسه، واقترب من السرير بمقعده، يفسر بكلمات بسيطة ....
(إنه سحر الغموض .... أنت انسانة قوية ... و طبعا جميلة ... أضيفي على ذلك غموض مرضك .. تلك تركيبة سحرية جاذبة .... وأنا متأكد من وجود شباب آخرين محترمين ...طلبوك للزواج ....)... أمالت راسها إلى كلا الجانبين، ترد بامتعاض ..
)أجل ... )... نظر إليها مستفسرا ...
)وهذا يحتم علي طرح سؤال آخر .. لماذا ترفضين ؟؟)... صمتت، فاستدرك ...
)أنت كباقي الفتيات ...تتمنين الزواج وتأسيس أسرة لك ... فلماذا كنت ترفضين؟؟)... ظهر عليها التوتر جليا، وهي ترد بوجوم ...
)كل احلامي كانت تضيع ...وتتسرب مني كالسراب ...)... عض شفته السفلى تفكيرا، ثم قال بملامح خالية من التهكم...
)أنت وضعت خطة مستقبل لنفسك ... درست باجتهاد .. حتى أنك اقنعت والدك ... بقدرتك على العمل بجانب الدراسة ... في كلية الطب ... هل يا ترى لهذا علاقة ....برفضك للزواج ؟؟.... أم ...)... صمت يربت على دقنه مضيقا مقلتيه، وهي مفغرة فمها تتنفس بتوتر ...(أم ان هناك رجل معين ... مممممم! لنقل ...طبيب؟)... انتظرها بصبر، فقام يقول بمكر...
)لندع هذا السؤال فيما بعد... كي تفكري جيدا في الرد ....)...

*حِقار ...جمع حقير.
……………….

مساء .... منزل آل عيسى ...

التقطت حق كف الحاجة إيجة، تمسد عليها بحنان، وتحدث إبراهيم على الجانب الآخر لوالدته بحنو بعد ان تلقى اشارة استغاثة من شقيقه الجالس عند رجليها. ...
)أمي ... لقد مر وقت كثير على وجود زوجة إسماعيل في بيتنا .... وآن الأوان كي تلتقي بها ...)... جحظت مقلتيها ترمقهم بتوجس، وخوف شع من مقلتيها الفزعتين. فاستدرك ..
)من فضلك امي .. إنها لا تشبه من في بالك ... عافاها الله مما فيها هي الأخرى..)... اهتز صدرها بنشيج مكتوم وهمس كفحيح أفعى يتردد صداه في عقلها، بالتهديد بالقتل.
زفر اسماعيل بيأس فتدخلت حق بعد ان قبلت ظهر كفها، تقول برقة ...
)طائعة ...فتاة جيدة ... تريد التعرف عليك ... فهي الأخرى ليس لها والدة ... تتمنى أن تجد فيك أمها التي توفت .... أرجوك أمي.. امنحيها فرصة ... وامنحيها من حنانك ....)... سالت دموعها مدرارا، فهي لا ترفضها، لكنها فعلا خائفة، بل مرعوبة. أطرق اسماعيل براسه واجما، فانحنى ابراهيم يهمس لوالدته ...
)ابنك يحبها يا أمي ... انظري إليه مهموما ...بين رضاك وحبه لها... إنه امر صعب ...)... نظرت الى ابنها المطرق بحزن، فقررت بتصميم، تهمس لنفسها، ان سعادة ابنها أهم حتى من حياتها هي. كفكفت دموعها بكفها الصحيحة، وبسطتها إلى اسماعيل الذي رفع راسه حين شعر برجلها التي حركتها قربه. ابتسمت له بحزن، فقام إليها بلهفة يجلس مكان حق التي قامت تبتسم هي الأخرى بأمل. نظرت إليه بإشفاق، فقبل رأسها يقول بلطف ....
)لم أكن لأطلب منك لقاءها ...لو لم أكن متأكدا من مشاعري تجاهها ... صدقيني امي...)... هزت رأسها بإيجاب تربت على جانب وجهه، فاستدرك بأمل .....
)أنت موافقة؟؟)... عادت تومئ إيجابا، فابتسم يقبل رأسها مجددا، ويشير الى حق كي تدخلها.
كانت تزرع الرواق جيئة وذهابا بتوتر بلغ مداه في صدرها، حين أطلت عليها حق تبتسم لها قائلة ...
)هيا طائعة ... امي وافقت على رؤيتك ...)... فغرت شفتيها بدهشة، فربتت حق على ذراعها تقول بحنو ...
)هيا حبيبتي .... ولا تتحسسي من موقفها ... ستعاشرك وتحبك ... كما فعلت معي ... إنها ذات قلب طيب ... سمي الله وادخلي ...)...
أومأت لها ولإبراهيم الخارج لتوه بتوتر، ودخلت.
سحبها من يدها يهمس لها بمرح ...
)تعالي معي حق ... لقد اشتقت إليك.... وأريد سماع حبيبي من فمك ... فأنا لا اشبع منها أبدا ...)... احمرت تبتسم بهدوء وهي تقول بخفوت .. .
)ابراهيم ... سيسمعك أحد ...)... ضحك يضمها متجهين الى غرفتهما قائلا بعبث ...
)لا أظنني أسرق ...فلما أخجل!؟ ... ).
……..

تقدمت بتمهل وزوجها يحثها بنظراته المطمئنة....
)تعالي طائعة ... تقدمي ..)... أشار لها لتجلس بالقرب منهما، فقال لأمه التي تتفحصها بدقة ...
)أمي ... هذه طائعة ... زوجتي)... نطقها بنبرة عميقة، جعلت كلتا المرأتين يرميانه بنظرة متأثرة، قبل أن تقول طائعة بلطف وهي تستلم كفها وتقبل ظهره..
)كيف حالك أمي ؟... يسعدني موافقتك على لقائي .... شفاك الله وعفاك ....)... ابتسمت ورفعت كفها تربت على خدها، تفكر أن الله بها رحيم إذ عوض أبناءها بزوجات صالحات. أجل فهي تعلم في قرارة نفسها أن الفتاة أمامها ليست كأختها، وأن ابنها البارد قد وجد مصدر دفئه أخيرا.
........

[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]
زفر بضجر وهو يلقي بالهاتف على المائدة البلاستيكية، ينتظر صديقه الذي تركه لرؤية والدته مرة أخيرة قبل أن ينصرفا الى شقتهما. رفع راسه يتأمل البيت ذو الطابقين متجاهلا ذلك الشعور بالنقص، فقد انتهت الزيارة ولم يلمح طيفً لصاحبة خصلات كثيفة قصيرة سوداء تهتز مع كل حركة لها. نهر نفسه على لهفته لرؤيتها منذ ان أعلمه صديقه بزيارة عائلته. معللا لهفته تلك بطيشها الذي يثير فيه نزعة الطفولة. أجفل على خشخشة أغصان الأشجار، فبحث بعينيه عن المصدر، لتتسع بسمته التي ما فتئت أن تحولت الى مكر، وهو يقوم.
وقف تحت شجرة المندرين* ينتظرها بصبر حتى نزلت وفي يدها حبيتين من فاكهة المندرين، فقال ضاحكا ...
(يليق بك لقب ابن زعطوط ... فمن غير القرود تحب تسلق الاشجار؟...) .. استغرب من عدم ردها، ولا حتى النظر إليه، فلمح خيط السماعات، ودون تردد مد يده وسحبها من خيطها المتدلي. نشغت بشدة تمسك على صدرها ملقية بالفاكهة على الأرض، فضحك بصخب وهو يلتقط الحبتين قائلا ....
(اهدئي.... لقد حدثتك ولم تجيبيني ...)... عبست بغضب تصيح بنزق ...
(يا إلهي من أين تظهر كل لحظة؟؟... )... بسط كفه بالحبتين يرد بمرح ...
(من العدم ...)...أمسكتهما بحدة تهتف ...
(طبعا كي تزعجني ... ماذا تفعل هنا؟؟... ارحل ..هذا ليس بيتك ...)... ضم شفته السفلى يمنع ضحكة مجلجلة، ثم ادعى الحزن يقول بأسى ....
(أنت قاسية .... تعلمين انني بعيد عن والدي ... ولا اهل آخرين لي ... وتطردينني من بيتك ... طبعا فأنت لديك عائلة كبيرة ... يا لحظك السعيد .... على العموم انا آسف ... لن أعود مرة أخرى ....الى اللقاء ...)... استدار مطلقا العنان لبسمته الماكرة، يعد بشفتيه دون صوت ....
(واحد ....اثنان ... ثلا...)... (توقف!!)... اغمض مقلتيه بشدة، قبل أن يرتدي قناع الحزن، ويستدير إليها، ليتفاجأ بمقلتين لامعتين بكبرياء ترفضان البكاء....
(اسمع ... أنا ... لم اقصد ما فهمته ...أنا ... آسفة ..)... أضافت من دهشته الكثير يقترب منها، قائلا بلطف ....
(حقا؟؟... تعتذرين؟؟)... رفعت حاجبا تقول بامتعاض ...
(لا تجعلني أعيده... ثم لما انت هكذا ؟؟)... كان دوره ليرفع حاجبه بترقب، يسألها ...
(هكذا ....كيف؟).... أشارت إلى وجهه بكفها تلفها في دوائر وهمية....
(ناعم ....كالفتيات .... يجب أن تتعلم بعض الجفاء ... أليس عيسى صديقك تعلم منه شيئا ؟؟...)... ضم يديه الى صدره يقول باستفزاز ...
(و لما لا أتعلم منكِ ..... فأنتِ أرجل منه ... بتلك الخصلات القصيرة ...و سراويلك الضيقة... دون ذكر تسلق الأشجار...)... ظنها ستنفجر فيه، إلا أنها قررت الإكمال على دهشته منها، تهز كتفيها بخفة، وهي تتخطاه قائلة ...
(تعلم مني إذن .... يا ناعم ...)... التفت إليها مفغر الشفتين، يراقب كيف وقفت أمام عيسى تبتسم بخجل وتسأله عن حاله بتردد، ليرد عليها الآخر بدفيء أسعدها وجعل بسمتها الحلوة تمتد على شفتيها، وتنسحب ببهجة يسبقها سرورها.
أجفل على كف عيسى يقفل فمه المفغر، قائلا بعبوس مُدعى...
(كف عن البحلقة في أختي.... إلا لقنتك درسا ...)... تقوس حاجبيه يهتف بجدية ...
(الآن أصبحت أختك؟؟)... (وهل لديك شك؟؟)... سأل عيسى باستفزاز، فضحك منصف بتفاجؤ يرفع كلا كفيه مستسلما ...
(أبدا ... ولا حتى للحظة ...)... ابتسم عيسى بمرح، يتقدمه قائلا بحزم مزعوم ...
(هيا بنا لقد تأخر الوقت.... يا ...ناعم ..)... انفجر عيسى ضاحكا، فقفز منصف يجهز على كتفيه، يصيح بمرح معاتب ...
(أهااااا!! ... تتفقان علي أنت وأختك ... سترى يا جبلي ... أنت والقردة أختك ... ما يستطيع الناعم فعله .... )...

*المندرين ...له اساء عدة في اللغة العربية ك اليوسفي ....وهو البرتقال الصغير.
..............................


****اليوم الرابع ****

منزل الرزقي ...

دخلت غرفة ابنتها وجلست قربها على السرير، تقول بحنو وهي تمسد على وجهها ...
(براء ...هيا قومي حبيبتي .... إنها العاشرة ... لم أعهدك كسولة ...).... تنهدت ساحبة الغطاء تجيب بنبرة ناعسة...
(دعيني أنام أمي ...أحدهم أوصاني ...باستغلال عطلتي ...والراحة ...)... قطبت والدتها بحيرة، تتساءل ..
(من يكون؟)... تنهدت مجددا ولم تجبها، فعلا رنين هاتفها.
(أخبرتك ألاف المرات ...أبعدي الهاتف عن جسدك ...تأثيره مضر ...أين هو بحق الله؟؟)... نطقت والدتها بقلق تبحث عنه، فسحبته براء من تحت رجليها، تزفر بنزق كما أجابت ..
(من؟!!)... فتحت مقلتيها على وسعهما حين أتاها صوت طارق المتهكم....
(طفلة جيدة ... لكنني مضطر لقطع نومك العميق ... إذا اردت بيع سيارتك ... إلحقي بي على العنوان الذي سبق وبعته في رسالة ... سلام ..).. انتفضت من مكانها فأنّت بألم بسبب كتفها، لتهتف والدتها بدهشة ...
(ماذا حدث ؟؟.... تمهلي يا ابنتي ..ستؤذين نفسك ..)... تمالكت نفسها ودقات قلبها المسرعة، تمسد على كتفها قائلة بهدوء ظاهري ...
(إنها سيارتي ... سأذهب لأتفق مع المشتري ... سأستعد بسرعة ...).. (ألن تُفطري؟؟)... هتفت والدتها ليأتيها الرد من الحمام ....
(لا امي ... سأقابل عصام بعد ..ذلك ...من أجل العمل ..)... أومأت والدتها بيأس واستدارت عائدة إلى أشغالها.
.....

بعد نصف ساعة ...

أسرعت مترجلة من سيارة أجرة، إلى المحل الذي لمحت وقفته المهيبة أمامه. وما كادت تصل اليه حتى أشار الى ساعته يقول بنزق ....
(ليس لدي اليوم بطوله ... كي انتظر ...سمو الأميرة ...)... عبست في وجهه تمسد على شعرها، تجيب بنفس نزقه ...
(لقد أسرعت على قدر استطاعتي ...لم أجد الوقت حتى لتسريح شعري ...).. تأمل شعرها يرد بهمس ....
(إذن هو حرير أصلي..).. (ماذا قلت؟؟).... اجفل فقال بحنق ...(لا يهمني ... انت اخرتني عن عملي)... تخصرت بانفعال تعيد عليه جملته ...
(سآتيك على البراق ...في المرة المقبلة ....)... ابتسم بمرح فرض عليه نفسه، واشار لها كي تدخل، فتبعته بصمت. عرّفها على المشتري الذي امتنع عن المفاصلة خوفا من المفتش، وانهى كل شيئ يفر من نظراته القاتلة، فقالت براء بإعجاب....
(لم أكن لأحصل على هذا الثمن أبدا .... شكرا لك ... لما لا تعمل سمسار سيارات ؟؟)... حك أسفل دقنه يرميها بنظرات مستفزة، يقول بامتعاض ...
(سمسار!!... هيا من أمامي يا ابنة الرزقي ....قبل أن ارتكب جريمة ...بلباسك المستفز هذا ...)... نظرت إلي نفسها وعادت ترمقه بدهشة تسأل بريبة ...
(ما به لباسي يا حضرة المفتش ؟؟)... حدجها بنظرة جافة، يشير الى بنطالها الضيق وبلوزتها الزرقاء بالكاد تصل الى أعلى فخديها، تُفصل قدها المهلك لا نحيف ولا ممتلئ. جاذبة أنظار كل من يحمل صفة الذكورة، كالمشتري الذي أشعره برغبة في القتل بسبب نظراته المسروقة إليها.
(ألا تعلمين باختراع اسمه التنانير والفساتين ؟؟... أم ان ثقافتك محصورة على الجينز ؟؟).... قلبت شفتها السفلى بعبوس، وأظلمت زرقتيها، فأسرع تاركا إياها، يستدرك بنبرة ظاهرها الحنق وباطنها المرح ...
(سيبدأ جنون السنافر ...ولن أبقى لأتحمله ...).. تبعته تهتف بنزق ..
(توقف ... انا لن أعقب على ما قلته قبل قليل ... لكنني اطالبك بما توصلت به في التحقيق....)... فتح باب سيارته يشير الى المقعد ...
(اركبي ... ولا تسألي ما تعرفين انك لن تتلقي جوابا عنه ...).. رفعت دقنها بأنفة، تهتف باستعلاء ...
(لن أركب حتى تُجيبني ....)... رفع حاجبه، يقفل الباب بحدة، ثم دار حول السيارة. نظر إليها قائلا قبل ان يحتل مكانه وينطلق ....
(أنت حرة ...فأنا مشغول على أي حال... لكن إن تحرش بك احد ...لا تلومي سوى نفسك ...يا سنفوره....)...
انطلق متلافيا دخان سعلت على إثره، تقول بصدمة ...
(رحل المجنون.... )... عبست تزفر بغل، تستدرك بحنق ...
(سترى أيها التنين ...سأعرف كل شيئ بنفسي ...)... استدارت توقف سيارة أجرة، غير مدركة للذي يتبعها كظلها، يهاتف التنين في كل لحظة ليمده بتقرير تفصيلي عنها. أم أنها بالفعل مدركة.

.....................


مساءا .... الباب الخلفي الداخلي للمشفى ....

(اين كنتِ بالأمس؟؟)... زفرت وهي توقف خطواتها المستعجلة، ترد بضجر....
(ليس من شأنك ....وإذا سمحت انا في عجلة من أمري ...)... استأنفت خطواتها التي تجمدت حين غامر قائلا ...
(هل العمل.... تعنين به رجل ؟)... تنفست بحدة للحظات، قبل أن تستدير إليه ترمقه بريبة، وهو يستطرد بحذر ...
(أنت نزيلة هنا يا فجر.. ولست ممرضة ... أليس كذلك؟؟ ... فأنا لم أجد اسمك في لائحة الممرضين ....)... بللت شفتيها تفرك كفيها ببعضهما، وتنظر إليه بريبة ممزوجة بتوتر.
(اجلسي من فضلك ... أريد ان اسمعك ... فأنا لم ابحث عنك بين المرضى ...لأمر واحد فقط .... أنني أريد السماع منك انت ...)... تجمدت مكانها، فرفع كأسا بيده يستدرك ببهجة مزعومة ...
(احضرت لك عصير تفاح ....آسف لم أجد عصير برتقال طازج .... هل ستمنحين لي فرصة؟؟)... بلعت ريقها وتقدمت بخطوات متمهلة، ثم أمسكت بالكأس، وجلست.
التقط كأسه يرتشف منه ثم لغى بهدوء ....
(اذن هو رجل!! .... )... انتظرها بصبر، حتى أومأت بهزة رأس تكاد تلمح ....
(من اجله تتسللين من المشفى ؟!).... أومأت مجددا، فصمت لبهرة قبل ان يتحدث قائلا .....
(ما فهمته منك ... أن اهلك ...أرادوا تزويجك من آخر يناسبك ...أو يناسب مصالحهم ... لكنك رفضت ...وحاربت من أجله ...ليخذلك هو في النهاية .... هل هذا صحيح؟؟)... أفرغت محتوى الكأس في حنجرتها، مرة واحدة. ثم قالت بتردد...
(أجل ....)... ملأ كاسها وهو يقول ....
(هذا يعني انه لا يحبك ... فلما أنت متمسكة به ؟)... سرحت الى البعيد ترد بسهو حالم ...
(لأنه بطلي ....هو من انقذني من بين براثن ابن عمي الثعلب ...)... قطب البروفيسور متسائلا ...
(انقذك ؟؟.... هل حاول ابن عمك الاعتداء عليك؟؟)... قلبت شفتها تقول بامتعاض ...
(تقريبا ... ليس بالمعنى المعروف ...قد لا تفهم ...)... ابتسم لها مرفرفا رموشه ببراءة زائفة ...
(جربيني ....)... تلكأت قليلا ثم قالت بوجوم ...
(حين كنت في سن المراهقة ... تقرب مني مجيد ..ابن عمي ... فظننت نفسي أحبه ...لكونه الوحيد بين العديد من الشباب ...الملتفين حولي ... الذي يفهمني حتى قبل ان اتحدث ..... لذا كنت استجيب لمحاولاته ... للتقرب مني .... إلى أن التقيت به ... هو ... حدثتني باحترام ولباقة ... ولم يرمقني بنظرة مثل تلك النظرات التي يرمقونني بها الآخرين.... بل ابتسم لي باحترام ... ومنذ ذلك اليوم... اكتشفت أن مجيد يستغلني ... فكرهته .... أما هو ...)... ضيق مقلتيه مراقبا لها، وهي تكمل بنبرة تائهة في الأحلام....
(رجل بحق .... وسيم ...رزين ... رائع ..... بعيد كالحلم ... )... سحب شفته تحت فكه العلوي، في عادة يصاحبها تفكيره العميق، ثم قال باستخفاف بعد هزة كتف ....
)أنت محقة ... فما هذا الذي يميزك عن الفتيات ... ليجعل الشبان يلتفون حولك بتلك الطريقة ؟؟... وحتى ابن عمك المعتوه ... اظنه أراد استغلالك فقط ...)...شدت على الكأس تهتف باستعلاء غاضب ...
)هل جننت ؟؟.... هل تعلم من أنا ؟؟...)... رفع حاجبيه باستفسار، فأكملت قبل ان تبتر كلماتها بإجفال ...
)أنا ص..... أقصد .... أنا ابنة أُناس معروفين لهم وزنهم ..في المدينة ....).... عاد يهز كتفيه بخفة يرد بتهكم ...
)و إن يكن.... اذن قد يرغبونك فقط طمعا في مكانة اهلك ...)... عبست بحنق، وهي تهتف بنزق ...
)ليس هذا فقط ...بل انا جميلة ... وأنيقة ...)... قاطعها يكمل بسخرية وهو يشير إليها....
)لا أرى سوى ملامح شاحبة باهتة..... ومقلتين غائرتين بجفنين سفليين سوداوين ... وقوام يكاد يختفي بسبب النحافة ... وماذا؟؟... أنيقة !! ...من فضلك ...هل تسمين ملابس السارقين هذه ...التي تسللين بها كل ليلة أناقة ؟؟....)...
يلجم نفسه بمشقة عن الضحك، على ملامحها المصدومة، تلاه انتفاض من مكانها تتخصر بانفعال هاتفة ..
)أنت ... أنت .....أنت!!)... ابتسم بتهكم كما بدأ حديثه الذي انتهى بجدبة ....
)كُفّي عن التأتأة ...واسمعي ما يهمك .... أنت تفقدين نفسك من اجل وهم وسراب ...تماما كما كنت مع مجيد ذاك... انت تستحقين الأفضل... فإذا أردت العلاج ... فاستجمعي قواك ...واخبريني ... فالرثاء على النفس حقا لا يناسبك ....)... شُلت اطرافها، وهي ترمقه بصدمة، لا تعلم بأي رد فعل تجيب. فاستدرك بسخريته المعهودة وهو يشير الى مقلتيها .....
)أنصحك ببعض أكياس الشاي ...او الخيار... هكذا يقول أخصائي التجميل ...للتخلص من السواد والانتفاخ أسفل العينين ...).. لازال فمها ينفتح بدهشة، وهو يكمل بنبرة منخفضة، ويميل مغطيا فمه، كأنه يخصها بسره الخطير ...
)مع انني أعتبر كل ذلك هراء .... فالسبب الوحيد لذلك هو عدم الحصول على نوم عميق كافي ...ها؟؟... فهمتي ؟؟)... صاحب آخر كلماته بإشارة من أصابعه دلالة على تسللها، فزفرت بغل تهتف بنزق ...
)أنت عديم الذوق ... سأذهب ...)... أوقفها متسائلا بتلقائية مزعومة ...
)لا مشاريع قفز على الجدران حتى الليلة؟؟..... مممممم !!... خيبت ظني!... كنت أنوي مرافقتك ...كي أجرب مدى تحمل هذه الرجل المعطوبة ..)... زمت شفتيها ترفع رأسها بأنفة، تقول قبل أن تضرب الأرض برجليها منسحبة .....
)أشعر بالتعب ...أريد أن أنام ...)... شيعها بنظرة واجمة، يهمس لنفسه بحزم ....
)ماذا تفعل يا مختار؟؟ ... أنت تلعب بالنار...)... أمال رأسه قليلا ثم استطرد بسهو ...
)لا طالما احترقت في جحيمي... لا مشكلة ان احترقت قليلا من أجل الآخرين ...... على سبيل التغير... )....


انتهى الفصل الثامن.... والهدية يا هبة لك ولمن طلبها.... هو الفصل التاسع.... وأتمنى أن ينالا اعجابكم.... لأنني بالفعل تعبت عليهما.... تحياتي ...


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 06:37 AM   #637

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

بسم الله الرحمان الرحيم
الفصل التاسع


وأخيرا هديتك يا حبيبتي هبة ... وطبعا تشاركك فيها كل قارئة طلبته مني 😉😉😉... أتمنى ان تعجبكن هديتي ...






[IMG][/IMG]

التصاميم في الفصل الثامن و التاسع ... إهداء من الحبيبة Aurora


[IMG][/IMG]
****اليوم الخامس****

أمام المشفى .....

ترجلت من السيارة من خلفها جميع أفراد أسرة عمر الرزقي، فابتسمت رغم الوجوم الذي دك حصون شجاعتها.
تأبطت براء إحدى دراعيها، كما فعلت السيدة أمينة بدراعها الأخرى. والسيد عمر يشير لياسين الذي لم يلحظه في سيارته بعيدا سواه.
للحظة شعرت برجليها تخونانها، وهي تتذكر مع كل خطوة ضربة على أحد أطراف جسدها، أو إهانة في حقها. بلعت ريقها وقد انهالت على رأسها كل هتافاته المهددة وهمسه كفحيح افعى سامة.
تناظرت براء ووالدتها فيما بينهما، وخطواتها تثاقل حتى توقفت، لتقول الأولى برقة ...
)لنعد الى البيت ... لست مجبرة ...حبيبتي)... رمقتها والدتها بلوم تقول ....
)براء ... هي في حاجة لذلك ... ما إن تواجهه ...ستنسى أمره وكل ما يخصه ...)... تدخل السيد عمر قائلا بمهادنة، وهو متوجس من شحوب بشرتها ...
)يمكنك الاستراحة قليلا ...حتى تستعيدي انفاسك .. سأحضر لك ماءا)... هم بالانصراف فأوقفته تقول بنبرة متوترة ...
)لا ... شكرا لك .. انا بخير .... يجب علي فعل ذلك ... )... هزوا رؤوسهم مساندين وتقدموا معا بروية وصبر.
دمعت مقلتيه وهو يغوص بين سطور الآيات المباركة، يلتمس بين كلماتها الرحمة من مُنزلها الرحيم بعباده. يلوم نفسه عن بعده عنه سبحانه، وضياع أيامه في الضلال وبين براثن الشيطان. شهق بخفوت سامحا لدموعه بالنزول تغسل همومه و ذنوبه التي أثقلت على كاهله. ينشد سعة الصدر وانشراحه، من ضيقه وغمه. لكن كيف الطريق الى ذلك والله قد علق غفرانه بغفران المظلوم. فما بينه وبين عبده قائم على الرحمة والعفو بكرمه، وما بين العبد وأخيه قائم على المشاحة وشرط التسامح بينهما. اقفل القرآن الكريم وضمه الى صدره يهمس بلوعة ...
)يا رب .... لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..... يا رب ...)... دق باب غرفته فرفع رأسه غير عابئ بمسح الدموع الجاريات على خديه، لتتسع مقلتيه وترتعد أطرافه هامسا بصدمة ....
)حفصة ....)...
منذ أن وقفت على عتبة الغرفة، ولمحت رجلا، تراجعت تظنه شخصا آخر، لتقطب بتردد تتمعن في تفحصه. رجل هزيل ضعيف، هده المرض، حتى خف شعره وشحبت سحنة وجهه. متمسك بكتاب الله كخاشع لا يفارق جبينه الأرض من السجود. ينتحب بصمت والدموع كشلال على وجنتيه. هل هذا زوجها عزيز؟؟ أين تجبره وطغيانه ؟؟ أين بدنه الضخم الذي كان يتبجح به؟؟ أين صحته القوية التي كان يفتخر بها؟؟
)حفصة .... أرجوك)... أجفلت على توسله المثير للشفقة، وكفه منبسطة إليها، فتجمدت مكانها تنظر إلى وجهه تارة، ثم الى يده أخرى. همست براء الواقفة بجانبها تتأمل هي الأخرى الرجل المريض بصدمة، لم تكن تتوقعه ضعيفا لتلك الدرجة، حتى أنه أثار شفقتها.
)حفصة حبيبتي .... لا تتراجعي... إنه فصل في حياتك قد ولى ... أطلقي سراحه ...فإنه حتى لا يستحق عذابك لنفسك ... أنظري إليه....)... التفتت إلى براء فأومأت لها مشجعة، لتحرك رجليها تجاهه، وتبقى الأخرى مع والديها قرب الباب.
لا يصدق حظه، لا بل استجابة دعائه لربه، ها هي ذي أمامه كي يطلب السماح منها، أكثر واحدة ظلمها بين الناس. تنفس بمشقة يسلك الغصة في حلقه، ثم سأل بوهن ...
)كيف حالك يا حفصة؟؟)... لم تجد صوتها فصمتت ترمقه غير مصدقة لما تراه، وكأنها تبحث فيه عن الرجل الذي عرفته دائما.
)أنا .... أنا لا اعلم حتى ماذا أقول؟؟؟)... نطق عزيز بتوتر حَرِج، يكمل تحت نظراتها المترقبة ...
)منذ ان وعيت من غيبوبتي ...وأنا أتمنى رؤيتك ... وارسلت إليك...وجهزت ما سأقوله لك ... لكنني الآن... كل الحروف هربت من لساني .... أنا ...)...
)لكنني اعلم ماذا أريد قوله ....)... قاطعته بجفاء، فصمت يهز رأسه يحثها، وهي تستطرد بتصميم وعزم ...
)لقد كبرت في بيت لم أحصل فيه على ذرة احترام من الذي انجبني .... ولا حتى ذرة شفقة ... لكنني كنت اصبر ...أو تعودت وتربيت على الصبر ...وأنا كلي أمل في حياة أفضل يوما ما ... )... تلكأت بتردد، ثم اكملت ...
)وحين أتيت لخطبتي ...الله شاهد علي ...لقد سعد قلبي في صميمه ... وأنا أمني نفسي ... بالفرار من جحيم أهلي... لم أكن أعلم ...أنني سأدخل جحيما اكبر ... هل تعلم الفرق بين جحيمك ...وجحيم اهلي ؟؟).... تغضنت ملامحه في كرب عظيم، يتذكر كل ظلمه السابق، وهي تميل تجاهه قليلا تنطق بألم دون دمعة واحدة ....
) جحيم أهلي مهما كان ...يظل والدي... والصبر عليه بالأجر العظيم ... لكن أنت ... أشعرتني بالذل وهواني على نفسي ... وأنا عالقة في فخك ... مع رعب من فقد الإيمان بفرج قريب...... أتدري لما؟؟... لأنك كنت سكيرا ...و زانيا ...يا عزيز...لكن الله كان ولازال بي رحيما ... إذ بقيت كلمات عالقة في لساني مهما بلغ بي اليأس ....لا أيأس من قوتها .....أن حسبي الله ونعم الوكيل .... وانظر لنفسك ...لترى مدى قوته .... ومدى جبروته ...هو القوي والجبار بحق ... )...
بلع ريقه وانطلقت دموعه من جديد، تتسابق من جُحْريها، فأكملت تقول بامتعاض ...
)لا تظن أنني أشمت بك .... لا ... لقد أتيت هنا كي أواجهك ...أو بالأحرى أواجه ماضي معك ...ثم اتخطاك .... لكن اتعلم ماذا حدث حين وجدتك هكذا ؟؟).. رفع مقلتيه المحمرتين من البكاء والخزي، لتكمل ...
)فقدت رغبتي في أي انتقام أو حتى تخليص حق .... لأن الله سبق وانتقم لي ....ولا أفضل من انتقامه سبحانه .... أنا أسامحك يا عزيز ... منذ اليوم ..أنت مجرد ماض... سأمحوه من ذاكرتي ... ويوما ما ..بإذن الله .... لن أتذكر حتى اسمك يا عزيز ... سامحك الله وسامحني ... وداعا....)...
استدارت مغادرة، وقلبها يشرق بأمل وسعادة وليدة، تشعر بنفسها تتنفس الحياة بآمالها المبهجة. ابتسموا لها بفخر، فقالت بعزم ...
)هناك زيارة أخرى .... يجب علي القيام بها ...)... ابتسم السيد عمر وزوجته عالمين بقصدها، في حين هتفت براء بحيرة ...
)أي زيارة ؟؟)...تأبطت ذراعها الصحيحة، تجيب ....
)آن الأوان... كي أعرفكم على أهلي ..)...

انطلقت بسرعة، ما إن لمحتهم يغادرون، لتجده ينتحب بصمت. ربتت على رجليه من فوق الغطاء تقول بإشفاق ...
)اهدئ يا عزيز ... ألم تسامحك ؟؟... هل كان حديثها قاس؟؟).. نظر إليها بخجل، يرد بنبرة تهدجت بسبب البكاء...
)بل هي كما هي .... طيبة القلب ... نقية السريرة ... )... تجاهلت الألم في قلبها، تستفسر ...
)إذن ما بك ؟؟... يجب ان تسعد لحظك ... فقد سامحتك ... أليس هذا ما تريده؟؟).... أومأ متمالكا نفسه، ومسح دموعه الغزيرة، قائلا بألم ...
)أجل .... لقد نلت مرادي ... لكنني خائف من ربي ... أن لا يسامحني ويغفر لي ....)
………………..

القسم النفسي ....

سارعت بخطواتها عبر الرواق تهتف بتوسل ...
(بروفيسور ..... من فضلك توقف ...).. أمال راسه الى الخلف زافرا بضجر، ثم قال...
(لا تتوقعي مني النسيان بهذه السرعة .... )... نظرت طائعة إليه بعتاب، ترد بلطف ...
(لم اعهد منك سوى التفهم ....فماذا حدث لك؟ ....)... رقت نظراته للحظة قبل ان يستدرك نفسه، يقول بنزق ...
(جرحت كبريائي... هذا ما حدث..).... همت بالرد فأجفل كلاهما على صراخ ومشاجرة. أسرعا ليجدا الدكتور أمين مشتبك بالأيدي مع رجل ما يصيح بغضب...
(أريد ان أراها.... لا زالت زوجتي .... تلك المنحلة ...)... عاجله أمين بلكمة يرد بغضب ...
(.لقد طلبت الأمن... المريضة ممنوعة عنها الزيارة.... فغادر حالا ...)... توقف حين التفتا الى التي خرجت من غرفتها تقول بنبرة وهنة ...
(سامر ...أنا بريئة.... لا تصدقهم ...انا لم اخنك)...
بلع امين ريقه متجمدا مكانه، وقد لاحظ من منهما قد احتل جسدها، لكنه تحرك بسرعة حين هم الآخر بالهجوم عليها يهتف بغضب ...
(حقيرة كاذبة ... كيف فعلت ذلك؟؟... لقد فضحتني... وسأنتقم منك ...).. نحبت مريم بمرار، فصاح البروفيسور لأول مرة بغضب أفزع الجميع من ضمنهم طائعة، التي لم تراه في مثل تلك الحالة إلا مرة واحدة، حين تحدث عن والدته.
(الجميع سيصمت حالا.... إلا أقسم بالله ...سأقتل أحد ما ... أنتَ مثلا!! ...)....
حل الصمت على جميع من حضر بين الممرضات واثنين من فريق الأمن اللذان وصلا لتوهما، وامين المتحفز أمام الزوج المنفعل، ومريم التي لم تتوقف عن النحيب.
أسرعت إليها طائعة تضمها برقة، فلحق بها البروفيسور يقول بحزم ...
(انظري إلي مريم .... هيا!!)... رفعت راسها ترمقه بنظرات أليمة ضائعة، فاستدرك يشير إلى زوجها ...
(ذلك الرجل هو من خانك ....إنه زير نساء تافه ...)... نظروا إلى المعني الذي عاد الى الخلف بتردد، يرمقهم بعدائية، ومريم تحرك راسها إلى كلا الجانبين مرات عدة باستنكار، فاستطرد يسحب صورة من ملف كان بين يديه ...
(أنظري ... هل هذا هو؟؟)... أمسكت مريم بالصورة، تبحلق فيها بمقلتين جاحظتين غير مصدقة، والبروفيسور يكمل بجدية ...
(هيا مريم ...عودي الى غرفتك... )... أشار الى الممرضة، التي حثتها فاستسلمت لها بصمت، بعد أن سلمت الصورة لطائعة.
خطى الى سامر، وقال بتهديد مباشر ....
(لا تظن أنها وحيدة ... وستستغلها ... ارحل من هنا ...وانساها .. طلقها ...وعد لحياتك الماجنة ... )... هتف بحقد، وإن تخلله التوتر...
(لا أحد من حقه التدخل بيننا ..فهي زوجتي .. )... قاطعه البروفيسور بغضب، احمرت له مقلتيه يقول بنفس تهديده ...
(أنا .....أنا من حقي التدخل بينكما ....لأنني الطبيب المكلف بحالتها .. وسأواجهك في المحكمة.... وأطلقها منك في أول جلسة ... فلا تتحداني .. لأنني حينها لن اكتفي بتطليقها فقط ...بل سأستغل كل ثغرة قانونية ...كي أضعك خلف أسوار السجن .... فهي قد تزوجتك في غير وعيها .... وإن اثبتتُ أنك تعلم ....واستغليت حالتها.... ستسجن يا ذكي ... وما أكثرها هي ...الطرق الملتوية لإثبات ذلك ... )... انقطعت أنفاسه يتلفت متمعنا فيمن حوله، فاستدرك البروفيسور وهو يشير للحارسين ...
(سأنتظر إشعارا من المحكمة ... بأنك طلقتها ...فما اذكره انك بالفعل شرعت في قضية الطلاق.... غادر ... )... انسحب بقسمات تتميز من الغيض، وصفق البروفيسور هاتفا بنزق ..
(أتمنى ان يكون العرض ممتعا ... لكنه للأسف انتهى ...هيا ..كل الى عمله!!....)... انفض الجمع في لحظة، فتدخل أمين يسأل بريبة ....
(هل تظنه صدقك؟؟ ...)... (ماذا تفعل هنا؟)... عاجله البروفيسور، فارتبك امين يرد وهو يجيبه .....
(أ..... نا ...كنت ...أريد الاطمئنان عليها ...فلمحت ذلك الرجل يتسلل ...بعد ان سأل احد الممرضين عن غرفة مريم ... ).. (مممممم ...أحضر ذلك الممرض ... يجب أن يعاقب ... أما انت يا دكتور أمين ...)... غير نبرته الى التهكم يكمل...
(عد الى عملك.... وسأرتب للقاء بينكما ....وبحضوري .. الى اللقاء)... انصرف الدكتور أمين مقطب ومُحْرَجا، فقالت طائعة بدهشة ...
(من أين أحضرت الصور؟؟ ....هل لي برؤية الملف ؟؟)... ضم الملف الى صدره، يتصنع العبوس الطفولي قائلا بحنق مدعى ...
(لا ... اريد الاحتفاظ به لنفسي ...)... ضمت شفتيها بعتاب، فأعطاه لها مكملا بنزق حقيقي ...
(كان لابد من الاحتياط .... لذا قابلت الشاب شقيق زوج اختها ... وبكلمات كالتي سمعتها قبل لحظات ...اعطاني كل ما أردته ...وكنت أنوي مواجهة الشخصية الوهمية بها ...)... تركها متوجها إلى مكتب اسماعيل، فتبعته تقول ...
(وماذا عني ؟؟.. هل سامحتني؟)... توقف مستديرا إليها ينظر إليها للحظة قبل أن ينطق بجدية ....
(لم تقترفي ما اسامحك عليه .... فقط ... حاولي إيجاد حل مع والدك ...كي تكتمل سعادتك ...وربما ...).. أمال راسه تجاه مكتب زوجها، يكمل قبل ان يتخذ طريقا مختلفا ...
(طبيب النفوس يساعدك .... لقد جف حلقي ...سأذهب إلى المقهى قليلا ... سلااام ..)... ابتسمت تشيعه بنظرات حانية، حافظت عليها وهي تدق على باب مكتب زوجها.


....................................

بيت أهل حفصة .....

مالت عليها براء تهمس بدهشة....
(هل أنت متأكد من أن هذا والدك الذي حكيتِ عنه ؟؟)... ضيقت حفصة مقلتيها ترمي والدها بنظرات متشككة، وهي ترد بريبة ...
(آه يا براء .... الله اعلم ...ماذا خلف ذلك التمسكن ؟؟... أنا اعرف والدي جيدا.... هناك حلقة مفقودة ...)... عادت حفصة ترمق والدها بحيرة ساهمة، تفكر في تغيره المفاجئ وهو يستقبلها بحرارة يطلب منها السماح لما اقترفه في حقها، يتعلل بانخداعه من عزيز ومعاملته الطيبة له. كما اتسعت مقلتيها حين لمحت دمعتين اعتصرهما ليكمل على المشهد الدرامي وهو يسحب كفها يكاد يقبلها. ومنذ ذلك الوقت وهي جالسة في الصالون برفقته وأسرة الرزقي الذين هم ايضا لم يتقبلوا ذلك المشهد المبتذل.
(أشكرك سيد عمر ...لاعتنائك بابنتي كل هذا الوقت ... لن أنسى لك ذلك ما حييت ...)... مطط عمر شفتيه قبل ان يجيب بنبرة ذات معنى ...
(حفصة ابنة يتمناها أي أب في هذا العالم ...)... ابتسم له بسماجة، وانتفضت حفصة لتتجمع حولها الأنظار، فقالت بتوجس ...
(سأرى أمي في المطبخ لأساعدها ....)... هزوا رؤوسهم، وانصرفت دون أن تلقي على باقي شقتهم نظرة واحدة. اتكأت بجيدها على الفرن الحديدي، تراقب حركات والدتها المرتبكة، ثم قالت بريبة ...
(أمي ...ما باله أبي؟)... بللت شفتيها ترص كؤوس الشاي على الصينية، ثم ردت ...
(ماذا به ؟؟... إنه والدك )... اقتربت منها تقول بحزن ..
(أمي انظري إلي.... أنت حتى لم تضميني إليك حتى الآن... لقد كانت النظرة في عينيك حزنا من عودتي تغلب على الشوق .... يا إلهي امي ... انت باردة وهو يدعي الأبوة.... ماذا يجري؟؟)... وضعت إبريق الشاي ببعض من الحدة، ثم استدارت إليها تسحبها بين ذراعيها بقوة تشم رائحتها بلهفة، وقبل أن تفلتها وتنصرف الى الصالون بالشاي، همست بأسى ....
(يا ليتك لم تعودي ...)... تجمدت حفصة مكانها بصدمة، لتجفل على نبرة شقيقتها الاصغر منها بسنتين، تضمها بخوف وتقول ...
(إياك والعودة يا حفصة ...لا تصدقي أبي ... اذهبي ولا تعودي ... أرجوك حبيبتي ...).... قطبت حفصة بقلق تسألها وهي تربت على خدها بحنو ...
(ماذا حدث ...يا خديجة ... اخبريني ...لما تقولين هذا؟؟)... توترت الفتاة ترمقها بخوف، فشدت على ذراعيها تحثها، لتكمل بنبرة باكية ...
(لقد فقد عمله.... وفقد معه عقله .... يضربني و يضرب أمي ...وحتى اختنا الصغرى... أخرجنا من المدرسة... وبدا يبحث لي ولأمي عن عمل في البيوت ... إنه لا يتودد لك سوى طمعا ... لان هناك من أخبره انك تعملين في مصنع المرابط ...وليس هذا فقط ...)... لم تتفاجأ حفصة تنتظرها لتكمل حديثها الذي لم يتأخر ...
(يريد تزويجك ... بعد انتهاء العدة ... من رجل صديق له ... قرينه يا حفصة ... لا يكف عن التودد والتذلل له ...كونه غني .... اهربي يا حفصة ...انفذي بجلدك .... يكفي ما عانيت منه ...ومن طليقك البائس ....)... أغمضت حفصة مقلتيها للحظة، تحاول التنفس برتابة، أليس له حدود؟ ألا يشعر قلبه القاسي بأي عاطفة نحو فلذات أكباده؟
فتحت مقلتيها بتصميم تمسك ذراعي شقيقتها قائلة بغضب ...
(اسمعيني يا خديجة ... أنا لم أعد تلك الخانعة... أنا لا أخشى أبي ...ولا اخشى غيره ....إلا خالقي ... أخبري أمي بما سأقوله لك ...وأنصتي جيدا..)...

بعد لحظات ....
(هيا يا عمي عمر ...يجب أن نغادر ...)... نطقت حفصة بأدب، فقاموا بسرعة وكأنهم على جمر ينتظرون فقط الإشارة، وانتفض والدها يقول بتوتر...
(ابنتي .... ألن تعودي الى بيت والدك ؟؟... أرجوك ...).. ابتسمت بخيبة ترد بغير ما في قلبها ....
(سأعود أبي ... إن شاء الله ...سأعود ....)... صمت على مضض يشيعها بنظرات مضطربة، فودعت والدتها وقبلت شقيقتيها ورحلت.
سألها السيد عمر بجدية وهم في السيارة....
(ابنتي ...قلبي غير مرتاح لوالدك .... ماذا ستفعلين؟؟)... تنفست بعمق، قبل أن تقول بوجوم...
(سأخبركم في البيت .... وأخبركم ايضا بقراري ...)...
..............

****اليوم السادس ****
[IMG][/IMG]

منزل آل عيسى ....

ابتسمت بحب وهي تتأمل قسماته المسترخية، يغوص في نوم عميق. مالت بوجهها فوق وجنته وقبلته بخفة، فابتسم لتهمس باستحياء مبهج....
)إذن أنت تدعي النوم !!).... فتح مقلتيه وضمها يقربها منه، ويرد بنفس همسها ...
)ربما ... كي أمنح زوجتي الحبيبة فرصة لتأملي ... وتقبيلي ...)... احمرت تهم بالابتعاد عنه، لكنه شد عليها يكمل بمرح ...
)لكن التقبيل لا يكون هكذا يا زوجتي ....)... بللت شفتيها بخجل، فالتقطهما في قبلة ناعمة مليئة بالدفئ، ثم أفلت شفتيها دون أن يفلتها هي يقول بلهاث ...
)هكذا يكون التقبيل يا دكتورة طائعة ...)... أطلقت ضحكة رائقة، فراقبها منبهرا، ثم قالت...
)من الأفضل أن تقوم يا طبيب النفوس .... فالعائلة ملتفة حول مائدة الافطار.... )... تركها بخفة، وتحرك من مكانه يهم بالنهوض مجيب ...
)حالا ... هلا جهزت لي بدلة للعمل ؟؟... سأنتعش وأعود ...).. اتسعت بسمتها ترد بحماس لمعت به مقلتيها ...
)سأفعل.... بكل سرور...)... جهزت ملابسه، تتقافز دقات قلبها سعادة لم يسبق لها أن ذاقت مثلها. ورتبت السرير بينما هو يرتدي ثيابه، لتعود اليه حين تناول ربطة العنق، تعدلها له مستسلما لحركات يديها، محدقا بها بتأمل، إلى أن انهت لفها ومسدت على أعلى صدره فوق نسيج السترة تقول بفخر ...
)أنت جاهز ...)... التقط كفيها قبل ان تبعدهما، وقبل أحدهما يقول برقة ...
)سلمت يداك ...وعلى فكرة ... أنا أحب ثيابك ...واحب ذوقك ... )... قاومت خجلها تتصنع المرح وهي تقول ...
)هل هذا اعتراف بالحب يا زوجي الحبيب؟؟)... ضحك بصخب على غير عادته، فضمها يوجهها الى خارج غرفتهما يرد بمرح ...
(طبعا فأنت زوجتي أليس كذلك؟؟)...
كان الجميع ملتفين حول المائدة، حين دخل عليهم ابراهيم الذي انسحب قبلا ليجلب شيئا ما، مد به الى تغريد التي أمسكت بالعلبة مندهشة. فتحتها فصاحت بسرور تضمه ...
)شكرا أخي ...كيف علمت بهذا ؟؟)... رمى حق بنظرة خاطفة يجيب بمزاح ...
)العصفورة اخبرتني ... هل أعجبك؟؟)... تفحصت اللوحة الإلكترونية بانبهار ترد ...
)إنها رائعة .... شكرا لك اخي ...).. ابتسموا جميعا بتأثر، وربت الجد على ظهر حفيده بفخر وامتنان، فقال الأخير محذرا ....
)لكنني احذرك ...فقد وضعته في برنامج مراقبة ... فاستغليه في الفائدة ... ولا تدعيه يلهيك عن دراستك يا صغيرة ...)... عبست بحنق تقول ...
)أنا لست صغيرة...).. ضحك رابت على رأسها يقول بود ...
)لكنني أريدك ان تبقي الأميرة الصغيرة المدللة لآل عيسى...)... لمعت مقلتيها تأثرا، وبسمتها تملأ وجهها، الذي شع بنور البهجة والسرور.
……………………….
[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]

المشفى ...... القسم النفسي ....

ينظر اليهما البروفيسور باسما ببراءة زائفة، يستمتع بالتوتر السائد، وهو جالس على كرسيه بعيدا نوعا ما، رجله على أخرى ومرفق احدى يديه على ركبته يسند بها دقنه، والأخرى مثنية خلفها.
تجاهل الطبيب أمين دقات قلبه النافرة، يستعيد شخصيته العملية وهو يتفقد نبضها وجروح يديها. ابتسم لها بتوتر يريد التأكد من شخصيتها الواعية يقول بعملية ...
(هل تؤلمك ؟ ... لقد بدأت في الالتئام ...)... أومأت بخفة ترد بخفوت...
(الحمد لله.... ليس كثيرا...)... تابع فحصه غير متأكد إن كانت هي التي شغلت باله، قبل سنين كطيف مألوف زائر في غربته، لتعود بكل قوتها حين قابلها مجددا، وعلم بقصتها وحالتها. لم يعد يستطيع ابعادها عن تفكيره. بل وأصبحت هاجسا له يتمنى المساعدة في علاجها، غير متيقن من الأمر كله إن كان في صالحها قبل صالحه، لكن هناك شيئ ما يجذبه فيها، شيئ قوي الى درجة حرمانه من النوم مؤخرا، فلا يملأ احلامه سوى مقلتيها السوداء الواسعة، وابتسامتها الكاشفة عن أسنان كبيرة بيضاء.
(ماذا تذكرين قبل ان تفقدي وعيك ...أمس قبل العرض المبتذل لمن سيصبح طليقك؟؟؟ ...).. أجفل الدكتور أمين على نبرة البروفيسور القريبة، فاستغرب سهوه فلم يشعر به متى اقترب منهما. وانتبه إلى مريم التي قالت بتذمر ...
(سمعت صوة صياحه ...وفي الحقيقة كنت مترددة بين الخروج وتلقينه درسا ....وبين أن أدع أمره لك ...كما قلت ... ولقد اخترت الأخير... وحدث ما حدث ....ألم تخبرني أنها لن تعود ..إذا انا تشبثت بشخصيتي الحقيقية بقناعاتها؟! ...)... راقبها أمين بتحفز سار، حين تأكد من شخصيتها. والبروفيسور يقول بتهكم ...
(لأن الطاعة ليست من شيمك أبدا... وحين استسلمت لما طلبته منك ..في امر لم يوافق هواك .... هووووب)... أشار بيده بشكل مسرحي، يكمل ....
(تدخلت الأخرى في الخط ...وهذا يجب علينا الاحتراز منه مستقبلا ....وبشكل جيد... وسيقل تدخل الأخرى تدريجيا .. إلى أن تختفي ...بإذن الله ...)...
هزت رأسها، فقال بمكر يخفيه ...
(إذن انتما الاثنان سبق والتقيتما ...قبل سنين ؟؟)... رمقت مريم الطبيب بخجل غريب عليها، ولاذت بالصمت فقال البروفيسور بسخرية مازحة ...
(أنتِ والخجل ...مممممم ...سأشك في عودة الأخرى )... عبست ترميه بنظرات لائمة، والطبيب ينطق بمرح هو الآخر...
(أنت محق .... فالفتاة التي جلبوها من الثانوية تدعي الإغماء... لا تعرف الخجل ...أليس كذلك؟..).... تمعن البروفيسور في رد فعلها المتوتر، فتأكد من صحة فرضياته، ليقول متوجها بالحديث إلى الدكتور أمين ...
(هل تعلم أنها قُبلت في كلية الطب؟؟ ... لكن الظروف حالت بينها وبين إكمال دراستها هناك ... واكتفت بالمعهد ...)... اندهش امين ينظر إليها، ليجد الحسرة متمثلة على قسمات وجهها...
(حقا؟؟..... أنا آسف ... هل آلمك الأمر؟؟)... منحته نظرة متأثرة، تهز راسها مجيبة بوجوم ...
(جدا ... اسودت الدنيا في وجهي ... وشعرت بخسران كل شيئ ...)... رقت ملامحه إشفاقا، والبروفيسور تتسع بسمته الصامتة...
(لا ...ليس لهذه الدرجة ... لا مصيبة أعظم من الموت... وبما ان الروح لاتزال في صدر الإنسان.... فالأمل موجود ... ويمكنه فعل أي شيئ وينجح فيه...).. ابتسمت له بأمل، فابتسم بالمقابل يكمل بتشجيع ...
(المهم أن تُشفي ... ولا تفقدي الأمل أبدا ...)...

.......................
[IMG][/IMG]

مساء .... الباب الداخلي الخلفي للمشفى ....

)لقد بدأت أشعر باليأس من مجيئك ....)... تحدث البروفيسور وهو يلهو بعكازه، متجاهلا هيئتها الأنيقة في بدلتها المكونة من تنورة بنية الى وسط ساقيها، تحتها جزمة ذات رقبة عالية، وكنزة سوداء عليها سترة بنية كالتنورة.
رفعت يدها الي الشال حول رأسها تسويه، في عادة حين تتوتر، ثم خطت بروية حتى جلست على الكرسي ترمقه بصمت وكأنها تنتظر منه حديثا ما. صب لها كأس عصير وسلمه لها كعادته يقول ....
)لماذا لم تأتي بالأمس؟؟)... تنحنحت تجيب بتردد ظاهر على محياها المزين بزينة خفيفة، ونظراتها المشتتة…
)ل....لم... اكن متأكدة...)... قطب بحيرة متصنعة، يسأل ..
(من ماذا بالتحديد؟... تسللك أو نسيان أمر ذلك الرجل ؟؟)... ارتشفت من الكأس، ثم قالت بتردد...
)الاثنين ...)... (مممممم! ...جيد.... وماذا كان قرارك؟).. التفتت إليه مستفسرة، فاستطرد....
)بما أنك قررت المجيئ ...فهذا يعني أنك حزمت أمرك ..وقررت).. حل الصمت بثقله عليهما، وهو ينتظر بصبر يترقب. رفعت وجهها ترمقه باستنجاد تقول ...
)هل تستطيع فعلا مساعدتي ؟؟... أنت ...)... قاطعها بثقة، يرد ...
)بإذن الله استطيع ... لكن يجب ان تثقي بي ... فهل تستطيعين منحي ثقتك بالكامل ؟؟)... ضمت شفتيها تنظر إليه بسهو واجم، ثم قالت ...
)أجل ... سأفعل...).. ابتسم لها وسحب شريط دواء من جيبه، يقول بجدية ...
)سأجربك وأرى النتيجة .... اعتبريه امتحانا ... تناولي من هذا الدواء حبة في مثل هذا الوقت من كل ليلة ... مهما حدث... حتى اخبرك بالعكس ... اتفقنا؟؟)...
تناولت الشريط تومئ بتردد، فأعاد حديثه ...
)اتفقنا ؟؟... مهما حدث !!)... هزت رأسها مرات عدة، ثم قالت بعد لحظة صمت أخرى....
)ألم تلاحظ ...شيئا ما ؟؟).. قلب شفته السفلى بحيرة مدعية، يقول باستخفاف ...
)لا... ماذا سألاحظ؟؟).. عبست تضع الكأس أرضا، تجيب بجفاء ...
)لا ... لا تهتم ...)... قامت تنصرف بوجوم، فناداها يقول ...
)لا تنسي فجر ...إنه امتحان ...)... توقفت ترمقه بتوتر، تهم بإلقاء حديث ما، لكنها تراجعت تومئ وتجيب قبل ان تعود أدراجها...
)حسنا ... إلى اللقاء)....
اختفت فسمح لنفسه بالابتسامة، وما احزنها من بسمة.
…………………….

****اليوم السابع ****

مصنع المرابط ...

)ماذا تقول يا عمر؟؟)... نطقها ياسين منتفضا من على كرسيه، ليلتف حول مكتبه ويجلس أمام عمر الذي رد بوجوم ..
)كما أخبرتك ... اقسم لو بيدي ...كنت سجنته ... إنه عار على الآباء...)... تحدث ياسين بانفعال...
)وماذا ستفعل ؟؟... أقصد ... إنه والدها في النهاية ...)... أومأ السيد عمر يرد بحزن ...
)لقد اشفقت عليها ... تتحمل مالا تطيق ... هي مصرة على إيجاد شقة صغيرة ... وستعود من اجل شقيقتيها .... فهي لن تسمح بضياع مستقبلهما الدراسي ...او قد يتهور ويزوج خديجة لذلك الرجل ...حين يفشل مع حفصة ..).. هتف ياسين بغضب ...
)سألقنه درسا ان اقترب منها ...عمر ...حفصة لن يتزوجها سواي ... بإذن الله ستكون لي ...)... ابتسم عمر يرد بمكر ..
)عليك بالتحرك إذن.... فعدتها لم يبقى على انتهائها.. سوى يومين ... وهكذا سيصبح تدخلك في حياتها شرعي ... ومن حقك أيضا ..).. سهى عنه للحظة، قبل ان يجيب بتصميم ..
)سأخبر أبي ...وبعدها سأطلبها للزواج مباشرة ...).. اتسعت بسمة السيد عمر يربت على ركبته وهو قائم ....
)قرار جيد ...أدعو الله لك بالتوفيق ...)... أوقفه ياسين يقول بجدية ...
)بلغني باي شيئ طارئ عمر... من فضلك ...)... أجابه بصدق يطمئنه ...
)ألا افعل دائما؟... فقط استعجل ...فأنا اثق بك ...)...
……………………
[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]

بين جبال ●● الأعناق●●
زفر منصف يقول بتعب ...
)أخيرا وصلنا ... يا إلهي ...ما هذه الطرق؟)... تحدث عيسى يجيبه وهو يرمي التي تجلس بين المقاعد الخلفية مع صديقتها، وذلك ال ...هيثم من الجانب الآخر يليه نجوى التي يشعر بها سترتكب جريمة شنعاء.
)لذلك سُميت بالأعناق يا ذكي ... لأنها ضيقة وملتوية ...هيا قم ...النهر بين الجبال سينعش روحك ...)....ترجلوا من الحافلة، فتوجه رأسا حيث رواح، يتبعها هيثم يسألها بلطف ...
)هل تسمحين بالانضمام إلى طاولتي في المقهى؟؟ ..)... لم تكد ترد عليه، وقد بدأت تسأم من لحاقه بها أينما ذهبت، لكنها تصبر وتكمل في خطتها كلما لمحت الغل ينشر سواده على ملامح نجوى، حتى سبقها عيسى بنبرة جافة مهددة ...
)لا.... لن تسمح ... لأنها ستنضم الى طاولتي ... )... قطب هيثم يقول بحيرة ...
)لما انت غاضب؟! ...فلنجتمع كلنا حول مائدة واحدة ... اليس كذلك نجوى؟؟)... صمتت المعنية تشعر بنفسها ستنفجر في أية لحظة، فنطقت رواح ببسمة زائفة، وهي تسوي من سترة بدلتها الرياضية...
)لا عليك هيثم ....أينما تقعد ...سأنضم إليك..)... عض عيسى على نواجده غلا، وهيثم يشير لها كي تتقدمه، فهمس منصف الذي عاد إليهم يقطر وجهه من الماء ويرتعد بردا ...
)أشعر بالبرد ... وأنت كبركان على وشك الانفجار ...حالك ..كحال نجوى ...)... تجمد عيسى للحظة يفكر، قبل ان تتسع مقلتيه إدراكا، فيسحب منصف تجاه المقهى يبتسم بمكر حير صديقه بداية، لكن سرعان ما فهم عليه حين أسرع يسحب كرسيا لنجوى يقول لها بلطف ...
)تفضلي نجوى ...)... أطاعته مندهشة من تصرفه اللبق، والأخرى تتجاهل الأمر بمشقة، تبتسم لهيثم بدلال.
مرت وجبة الفطور بين ضحك هيثم ونظراته المعجبة لرواح المتمسكة بقناع البسمات، وتجهُّم عيسى يحاول التركيز مع نجوى الغير مصدقة لحظها، أما منصف فيراقب بامتعاض، ويتهرب من صديقة رواح التي من الظاهر وضعته كهدف تلتهي به في رحلتهم المملة تلك.
مسدت رواح على جبهتها بتعب من تسلق الجبل، فوقفت تلتقط أنفاسها، تلقي بنظرات مسروقة تجاه عيسى الذي نجح في خلق حديث مشترك مع نجوى، لتجفل على هيثم يحدثها بلطف..
)هل تعبتِ؟؟... يمكننا التوقف حتى ترتاحي ....).. عبست بملل ولم تجبه، فتدخلت نجوى بغبائها الدائم تقول بلؤم...
)هل اتعبت رجلك المسكينة يا رواح ؟؟...حذاري من ان تفقديها مرة أخرى....)... حل الوجوم عليها، فلعن عيسى في سره، وامتعض منصف يهمس لصاحبه ...
)أقسم انها السبب في كل ما يحدث مع رواح ....)... اقترب منها هيثم، يتفقد رجليها بجهل لكل ما يحدث حوله ...
)هل تؤلمك رجليك؟؟... اخبريني؟؟)... رفعت رواح حاجبها بشر، تقول بتمادي علِمته في قرارها الصارخ بالرحمة والحذر ...
)أجل ..تؤلمني جدا ...من فضلك هيثم ...أسندني ...)... شهقت نجوى بصدمة، وضحك منصف ببلاهة، حين تأهب عيسى يشير لهيثم محذرا ..
)لا تلمسها... احذرك ...)... تجمد هيثم مكانه لا يعلم ماذا يفعل، ورواح تتساءل بتلقائية متعمدة، تتدعي البراءة...
)لماذا .... رجلي تؤلمني..).. تنفس بحدة، وتلفت يبحث عن صديقتها وقال مشيرا لها ...
)يا آنسة ... من فضلك ...ساعديها..).. أمسكت بها صديقتها تهمس بمكر...
)أنتِ داهية...)... تقدمت برفقتها ترد عليها ببراءة الذئاب ...
)أنا ...لما ؟؟)... أومأت بيأس، والجميع من خلفهم كل في فكره يسبح.
وصولوا الى اعلى القمة، وكل اتخذ مكانا من اختياره كي يتأملوا الجبال من حولهم والنهر الازرق الجاري في الأسفل.
اسرعت نجوى بعد أن صبت الشاي الذي احضرته في حقيبتها، كي تمنح عيسى وصديقه نصيبهما متجاوزة دهشتها من لطافة الأول الغير مسبوقة، لتتجمد مكانها وهي تنصت لكلمات منصف المعاتبة لصديقه ...
)أعلم ان نجوى ليست بسهلة ... لكن استغلالك لها كي تثير غيرة رواح ... لا استسيغه ..).. نطق عيسى بغضب يجيبه ...
)بل كل هذا الوضع برمته ...لا أستسيغه ... ثم أنا اتحدث مع نجوى بشكل عادي .. ولم اتجاوز الحدود...كما كانت هي على وشك الفعل .. )... ثم اكمل يقلدها والأخرى لا ترى امامها من الحقد.
)من فضلك هيثم ..أسندني ...)... انطلقت ضحكات منصف، بينما عادت نجوى ادراجها والكأسين بين يديها. بحثت عنها لتجدها تضحك على نكتة ألقاها هيثم اللاحق بها كظلها، فالقت بما في يدها بغل قد فاض به صدرها تهمس بتوحش ....
)سأدفعك الثمن غاليا يا رواح ....ستتمنين العرج ولا تجديه ...)...
……………………………

عند نهاية الدوام .... المشفى ... القسم النفسي ...

حك جبهته بعد ان سلمها الملف، يقول بجدية ...
)سأغيب ليومين او ثلاثة.... أدعو الله ان لا تزيد على ذلك .. حذاري من أن تلتقي مريم بأحد ...في غيابي ... لا أهل...لا اصدقاء ... حراسة مشددة ... فهمتي ؟؟... لا تتصرفي من نفسك ...قبل الرجوع الي ...)... رمقته بدهشة، وهو يكمل بتفكه ...
)أعلم أنك بارعة ...وخدعت البروفيسور ... لكن ارجوك ليس هذه الحالة ... لو لم أكن مضطرا للسفر ...ما تركتها ..في بداية علاجها ... لقد اخبرتها وطمأنتها ... فتوخي الحذر ...).. تدخل زوجها الذي ربت على ظهرها يقول بدفاع ..
)لن تفسد شيئا ...وكما قلت ...هي بارعة ...)... رفع يديه يهتف بتهكم ساخر ...
)ألا يمكنكما مراعاة شعور العزاب ؟؟ ... فقلبي الوحيد البائس لا يتحمل...)... ضحكا بيأس، فسحب حقيبته اليدوية يكمل وهو يشير لهما بالتحية....
)من الأفضل أن تستعدا لإخباري عن ابنة المرابط.... بعدما أعود من سفري ..بإذن الله .... اعتنيا ببعضكما ... سلام ...)...
تناظرا فيما بينهما، فهزت طائعة كتفيها تقول باستسلام ...
)الله أعلم .... قد يجد لها حلا ... صدقني هو مدين لي بذلك ....).. أومأ لها بتفهم، يرد وهو يحثها على المغادرة ...
)سأسعد أكثر.. إن علمت بماهية هذا الدين ....)... ضحكت بخفوت وقالت بمزاح ...
)لا تنسى أن الفضول يقتل صاحبه ...يا طبيب النفوس).. أمال رأسه بخفة، فاستطردت ...
)لكنني سأخبرك ..).. قبض على كفها بحنو، يقول بلطف ...
)أنا متأكد من ذلك ..... )....
…………



****اليوم التاسع ****

مقر البلدية ...

اقتحم المكتب ومن خلفه الكاتبة تهتف بخوف ...
)سيد ابراهيم ...من فضلك ...)... رفع السيد العْرْبي كفه، مشيرا لها فخرجت، وتقدم ابراهيم يميل تجاهه، بعد ان حط بكفيه يهز سطح مكتبه، قائلا بنبرة مهددة خطرة ....
)أقسم برب العزة ...إن لم تسحب ملف شركتك الوهمية ... من مناقصة مشروع الماء ... سأنشر حبل وساختك في كل قناة اعلامية .... فأنت لم ترى وجهي البشع بعد يا ابن الدباغ ....)...
مسح العرق من على جبهته، يقول بنفاق ...
)لماذا انت غاضب هكذا يا سيد إبراهيم؟؟ ... تفضل لنتناقش ... أرجوك ...).. عاد يضرب على سطح المكتب، يهتف بغل....
)لا شيئ أناقشه مع امثالك ..... يا إلهي ...ألم يكفيك كل ما نهبته من أرضك وارض أجدادك ؟؟... إنهم أبناء ارضك من تسرق يا رجل ...ألا تستحي من مواجهتهم ببسماتك المنافقة ....وانت السبب في تعقيد حياتهم ؟؟)...
بلع الآخر ريقه، يرد بتلجلج ....
)سيد ابراهيم ... أنه مجرد سوء تفاهم ...أنا متأكد....)... احتدت نبرة ابراهيم يقاطعه بمقلتين محمرتين من الغضب...
)كف عن نفاقك ...فأنا اعلم بحقيقتك الوسخة ... أحذرك العْرْبي .... اسحب ملف الشركة الوهمية .... ولا تلم سوى نفسك ....إن لم تفعل.... فقد اعذر من انذر ...)..
ورحل كما دخل، ليسحب الآخر هاتفه يقول بحقد ...
)نفذ ... اجل ..في اقرب وقت .... ولا تطلقوا سراحه ... سوى بعد يومين او ثلاث ...لنتأكد فقط .. ... )...
………………….

منزل آل طالب ....

ارتشف الحاج عبد الله من كأسه الشاي بتمهل، ثم قال بهدوء على غير عادته ...
)ياسين .... انقضت نصف ساعة ... وهذا الحوار ...لا يفضي إلى باب واحد مفتوح ...كي نلج منه ....).. رفع حاجبه وهو يراقب تلفت ابنه، وارتباكه، كما تحريك ساعة يده كل لحظة. فاستدرك ...
)هل نويت الزواج أخيرا؟ ....).. شُلت أطرافه يحدق به، فكبت بسمة فرضت نفسها عليه يقول بظفر ...
)يوم المنى يا ولدي .... إلا أن توترك ...يجعلني أتساءل... عن مدى اقتناعك ...أم أنها شبيهة ابنة المرابط ؟؟..)... جعد ياسين جبينه معاتبا، فأكمل والده يهز كتفيه بخفة ..
)طبعا لا اقصد زوجة إسماعيل... فأولاد آل عيسى .... قُدرت لهم ...نساء صالحات... فهل أنت مثلهم يا ....ولدي؟؟ ...)... سارع يجيبه بثقة ولهفة ...
)هي فتاة صالحة يا أبي .... خلوقة ...وملتزمة ...لقد كانت صديقة حق الوحيدة ... )... ضيق الحاج مقلتيه لبرهة قبل ان يقول ...
)أشعر بحديث على لسانك غير منتهي ... قل ما لديك مرة ...واحدة.... فالمدينة بجبالها ووسعها صغيرة .... وبعون الله سأعرف كل صغيرة وكبيرة عنها ....لذا من الأفضل لو علمت منك أنت ...)...منحه نظرة توسل يسأل ...
)وهل سيشكل فرقا بالفعل يا أبي ؟؟)... ارتشف من الكأس مجددا، ثم قال بجدية ...
)سيفعل .... لطالما فعل ... فبدأ بالحديث ...يا ياسين )... تردد بداية، لكنه عزم أمره وانطلق في سرده لكل الاحداث عنها، بنبرة لا تخلوا من الدفاع والتحجج لصالحها طبعا. وسؤال واحد يشغل بال والده. من هذه الفتاة التي بسببها، أصبح ابنه رجلا يُعتمد عليه؟ بعد همه حول تفريطه في تربية الذكر الوحيد بين أبنائه. فقد منحه من الحرية الكثير وأرسله إلى العاصمة كي يدرس، فعاد على غير تحفظٍّ ذهب به، وكان ذلك أشد ما أثقل على قلبه. ان يكون فعل ما عاهد نفسه على عدم فعله، في موازاة تربيته لأبنائه الذكور كالإناث على حد سواء. فما أضاع الكثير من الشباب، سوى قولة، ""هو رجل لا يعيبه شيئ"" حتى يكبر ليكون اي شيئ غير الرجل. أجفل على سؤال ابنه القلق، فتنبه إليه ....
)ما رأيك أبي ؟؟).... نظر إليه لبرهة قبل ان يقول بغموض حير ياسين ...
)امنحني فرصة للتفكير... وإذا كانت من نصيبك ...فلا أحد سيحول بينكما ....)...
……………..

****اليوم العاشر ***

المشفى ..... القسم النفسي ...


يكاد لا يلمحها، وهو يفكر في جدية البروفيسور حول معالجتها، يجلس على المقعد بعيدا حتى عن سريرها.
مستغرب من حال قلبه الذي كان قد يئس من تأثره بفتاة مهما كانت، ليفعل مع أخت هذه التي أمامه، ويعود متسائلا في غرابة ما يسمى بالحب، أو القدر. فكيف شعر بالدفئ حتى قبل الحب تجاه فتاة، لم يشعر سوى بالجفاء بل والنفور تجاه من تشاركها نفس الدماء؟.
)لماذا لم تحبني ؟؟)... مهلا، كان هذا السؤال يطرح في رأسه، لكن لا، لقد سمعه، ليس بنبرته. رفع انظاره المجفلة الى الوحيدة برفقته في الغرفة. للحظة ظن نفسه يهدي، لولا انها بالفعل أعادت سؤالها وهي جامد مكانها.....
)لماذا لم تحبني ...كما أحببتك ؟؟... لقد فعلت كل شيئ ...كي أفوز بك ...فماذا كان ينقصني وتملكه هي؟؟)... ابتسم ببرود متجاوزا صدمته من نطقها، بعد جمودها لثلاثة شهور، حتى بدأ يصدق أنه مرض *التخشب* او *النوبة*. ...
)دعينا مما تملكه وتملكينه ... ولنتحدث في ما تُقرِّين به ... ما شعرتِ به تجاهي لم يكن حبا يا صباح ....)... ابتسمت ساخرة بوجوم، تقول ....
)نفس جوابك السابق .... فما هي حجتك ؟؟)... أقفل الملف يجيب بتفسير ...
)لأن وبكل بساطة .... من يحب لا يحقد ...).. قطبت بحيرة، فاكمل...
)المحب ...لا يؤدي حبيبه يا صباح ...وأنت كنت ستضعين حدا لحياتي .... ناهيك عن ما فعلته بأهلي ... أمي ...وابراهيم.. وحتى زوجته ....التي لا تمت لك بصلة ...)... بللت شفتيها تقول بدفاع واهي ...
)أنا لم اقصد اذيتكم ... كنت فقط أحاول الفوز بك ...)... أومأ باستنكار يجيب ببرود...
)حبك لي وهم ....خلقه عقلك ... وضخم منه كبرياءك المجروح ...بسبب رفضي لك ... فبررتِ كل وسيلة محرمة ..من أجل أنانيتك للحصول على غايتك ... وهذا خطأ يا صباح ...خطأ كنت وعائلتي ...سندفع ثمنه ... من أرواحنا ...وكنت ستتحولين الى مجرمة قاتلة ...فكيف لحبٍّ ان يحمل كل هذا السواد والظلم ؟؟ ... )... صمتت ترمقه بوجل، فقد عراها عن حقيقتها، وبدأت تنظر للأمر من عينٍ منطقية، عينٌ تتمنى رؤيته صاحبها بلهفة، لتقول بعد برهة ...
)وهل احبتك هي ؟؟)... طفت بسمة حلوة على ثغره أرخت ملامحه المتشنجة قبل قليل، فأتاها الجواب دون كلمات. لكنه قال بحيرة ....
)أنت تتساءلين ما الذي تملكه هي كي أحبها ؟... وهي تتساءل عما تملكينه أنت كي يحبك والدك ويمنحك ما حرمها منه؟ .... فهل لديك رد شافي يا صباح؟... )... تسمرت تفكر بسهو، وكأنه صدمها بسؤاله، فاستقام واقفا يقول بعملية ...
)تسعدني استجابتك أخيرا ... لكنني أُعْلِمك ...أنه سيتولى حالتك طبيب آخر.... محترف وبارع في عمله ...بروفيسور في الحقيقة ... استأذنك.. إلى اللقاء ...)... فغرت فمها تشيعه بنظرات ضائعة، وبسمة حالمة تهمس بسهو.... (البروفيسور ...)...
**التخشب...هي حالة يفقد معها الإنسان، بصورة مؤقتة القدرة علي الحركة الإرادية، ولا يُعدُّ الشخص الذي يعاني من التَّخشُّب مشلولاً إلا أنه ببساطة يفتقر إلى إرادة الحركة... وغالبًا ما يحدث التباس حالة التخشُّب بحالة النوبة، أي الافتقار المؤقت لحركة العضلات.
………………..


منزل الرزقي ....

استلقت على سريرها تقول بجدية ....
)عصام جهز نفسك ...سنذهب غدا ...)... صمتت قليلا، ثم ردت بنزق...
)يا إلهي ...انت جبان ....إنها فقط زيارة استطلاع لا غير ...)... انتفضت من على سريريها تقول بعبوس ...
)عصام ...سأذهب بك او من دونك ...وأنت تعرفني ...)... زمت شفتيها تكبت بسمة مكر، ثم قالت ...
)سأتصل بك ...إلى اللقاء...)...ألقت بالهاتف واستلقت تفكر بمن شغل عقلها ولا يغادره، ثم التقطت هاتفها تلعب بأزراره حتى ركبت رقمه، فضمت شفتيها الى الأمام تفكر. هل تهاتفه ام لا؟ سبقها اصبعها يدوس على زر الطلب، قبل ان يجد عقلها حجة صائبة. فجلست مربعة ساقيها، تتنفس بلهاث ودقات قلبها في سباق مهلك، تضاعفت سرعته مع نبرته الجافة المخالفة لما يدور في صدره من حرب شعواء تشنها على حصونه سنفورة زرقاء متهورة....
)ماذا تريدين؟؟)... نفخت ترد بتذمر ...
)أين ذوقك يا حضرة المفتش؟؟)... (منعدم ...هل تذكرين؟؟)... قلبت مقلتيها، تقول بضجر ....
)ألا تنسى ما أقوله؟؟)... (أبدا!!..)... (ماذا؟؟)... نطقت ببلاهة وقلبها الأبله منها يرج صدرها، فاستدرك نفسه يهتف ...
)ماذا تريدين؟؟.... انا مشغول )... جعدت دقنها بإحباط، ترد بحذر ...
(أريد رؤيتك غدا ...)... (لا .... لست متفرغا ...إلى اللقاء)... سارعت في النطق حانقة ..
)يا إلهي .... أنت ....أنت ..)... بترت حديثها، وأرخت كتفيها تنصت لضحكته المجلجلة، حتى قال بحيرة ...
)لا زلت على الخط ؟ ... ام قررت العفو عني ...)... زفرت مجددا، تقول بامتعاض ...
)إنه شيئ يخص القضية .... ولن أقوله على الهاتف ...)... صمت للحظة، حتى ظنت انه أنهى المكالمة، ثم أتاها رده الجدي ...
)حسنا غدا ...العاشرة صباحا بإذن الله .... تعالي إلى المركز ...سلام ..).. نظرت إلى الهاتف بصدمة، تقول بسهو...
)تنين متوحش ...)... اهتز الهاتف بين كفيها المرتعشتين، حين صرخ وكأنه سيخرج منه ...
)لقد سمعتك ...يا سنفورة!! ...)... نطقت بحنق تهتف ...
)حسبتك أقفلت الهاتف في وجهي ...)... أتته ضحكته الرائقة، ليقول بعدها ساخرا ...
)استأذنك يا سمو الأميرة ....سأقفل الهاتف .... أعجبك ؟؟...).. تأكدت من نهاية الاتصال، فضمت هاتفها تهمس بمرح وهي تتلاعب بحاجبيها ...
)يعجبني يا حضرة المفتش .... وهكذا سأضمن وجودك في المركز ...وانا أهرب من حارسك الذي تظنه خفي ...)...
…………..


***اليوم ..... المعلوم***

هكذا ابتدأ .....

[IMG][/IMG]

منزل آل عيسى ....

أنهى ارتداء ملابسه يرمقها بعتاب، وهي تتلفت بحرج من فعلتها على غير عادتها. فقال وهو يقف امامها ويرفع راسها برقة ...
)لماذا أطفأت هاتفي؟؟... لم تفعليها من قبل ...لقد تأخرت عن عملي ...)... لم تجبه تذرف الدموع فجأة، فضمها مندهشا يقول بقلق ...
)حق ...حبيبتي ...ما بك؟؟... هل تتألمين؟؟... تحدثي! ...)... تمالكت حزنها تستغفر، ثم قالت بحزن ...
)لقد رأيت كابوسا في منامي ... وأنا اخشى عليك ...أعلم ان القدر لا يرد ...لكنني اظل ادعو لله ...ألم يقل عليه الصلاة والسلام ... (لا يرد القضاء إلا الدعاء)... سأظل أدعو الى ان تعود ...سالما بإذن الله ..)... ضمها بقوة قبل ان يفلتها قائلا بمهادنة ....
)شششسش! .... حبيبتي ... أنت تعلمين أن من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله تعالى...؟؟... إذن لما الخوف على من هو في ذمة الله؟؟ ..... هيا ...استرخي...الله خير حافظ ..وهو ارحم الراحمين...).. ابتسمت له بحزن، ثم ضمته بقوة، فاستسلم لحضنها بصبر ورغبة منه ايضا، يسأل الله السلامة، متذكرا يوم حادث الجبل الأبيض.
……………


وهكذا انتهى .....


[IMG][/IMG]

المركز الامني ....

أمسكه من طرفي سترته، يهزه بغضب جارف ....
)كيف خدعتك؟... إنها فتاة قزمة بحق الله ...)... رد الآخر بخوف، يقول بخجل ...
)أقسم لك سيدي ...كما أخبرتك... دخلت الي صالون التجميل وانتظرتها ... الى ان مرت ساعات فشككت بالأمر.... وحين بحثت عنها داخل الصالون لم اجدها .... أنا آسف سيدي ... آس...)... هزه مرة أخرى يصيح بانفعال ....
)بماذا سينفعني أسفك ؟؟... بماذا!!... لقد اختفت لساعات ... ماذا اخبر والديها؟؟.... )... دق الباب فنفضه من يديه، وصاح بحنق ..
)ادخل!!.... )... دخل المساعد من خلفه إسماعيل، فنظر إليه طارق مقطبا من قسمات وجهه التي لا تفسر. اقترب منه بقلق يسأل بريبة ....
)ماذا هناك إسماعيل؟؟)... تشكل البرود مع الخوف عليهما غضب أسود، في لوحة منفردة لا يظن طارق أنه سينساها أبدا....
)ابراهيم .... مختفٍ منذ الصباح ...هاتفه مقفل ... بحثنا عنه ...ولم نجد له أثر ....).


أستغفر الله وأتوب إليه.....
وانتهى الفصل التاسع .... لا تنسوني من صالح دعائكم ... ونلتقي الاسبوع المقبل ...إن شاء الله وأراد ...



**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 08:22 AM   #638

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 49 ( الأعضاء 26 والزوار 23)
‏mouna latifi, ‏ام توتا, ‏rasha emade, ‏ايما ستون, ‏pearla, ‏جوري حسام, ‏الطاف ام ملك, ‏وردة الياسمين الحلوه, ‏الاميرة البيضاء, ‏نوسة صالح, ‏وردة شقى, ‏ام اسيل احمد, ‏zainab atta, ‏نغم الجهني, ‏مملكة الاوهام, ‏amana 98, ‏♡~ غلا ~♡, ‏Rofy totos, ‏مزوووووون, ‏sweet123, ‏Reemo.B, ‏AMIRA~, ‏Cecilia, ‏الجميله2, ‏رباب بدر, ‏بتالبراء


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 09:04 AM   #639

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 52 ( الأعضاء 22 والزوار 30)
‏mouna latifi, ‏Dentistoidissh, ‏أسماءالخطيب, ‏شيمو العاقلة, ‏fatma ahmad, ‏سوزان محمد احمد, ‏amandasherief, ‏روني زياد, ‏Meso antar, ‏خفوق انفاس, ‏Hadooshtash, ‏Angelin, ‏ام توتا, ‏rasha emade, ‏ايما ستون, ‏pearla, ‏جوري حسام, ‏الطاف ام ملك, ‏وردة الياسمين الحلوه, ‏الاميرة البيضاء, ‏نوسة صالح, ‏وردة شقى


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 10:01 AM   #640

ghada.samir

? العضوٌ??? » 363403
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 283
?  نُقآطِيْ » ghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond repute
افتراضي

واواوا فصلين سلمت يداكى 😘 😘

ghada.samir غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:47 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.