آخر 10 مشاركات
وإني قتيلكِ ياحائرة (4) *مميزة ومكتملة *.. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رواية أسمعُ عواء الهوى (الكاتـب : روز علي - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree24Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-01-18, 04:26 AM   #881

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله الرحمان الرحيم
الفصل الأخير ..(ليس هناك خاتمة ..لان السلسلة لم تنتهي بعد )

نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا"... الامام الشافعي





تحمله عاصفة مظلمة، والضباب يغلفه عن ما حوله. تاركا المشفى من خلفه، وعقله يضج بكلمات، لا... لم تكن كلمات، بل سهام مطعمة بسم قوي يشعر بنفاذه عبر شرايينه، فيسقيه الوجع حنظلا تغلي به دمائه، ألم ...ألم لا يطاق، أمسك برأسه من شدة الوجع وتلك الكلمات لا تكف عن بث سمها ...
(دللت ابنتك وأفسدتها ... ظلمت الأخرى وحرمتها من حقها... أنت ظالم ... كانت تراقبك من بعيد ....تراقب حبك وعطفك عن الأخرى ... كيف استطعت فعل ذلك؟؟)...
أستند على سيارته ورفع يده يفتح أول زرين من قميصه، يأخذ انفاسا متتالية، لم يستطع الرد عليه، وماذا سيقول؟ إن كانت جلدات ضميره صارت تتعاظم مع مرور الوقت، وألمها يكبر ويوجع عن كل سابق. لذلك اكتفى بالصمت حتى أنهى الرجل ما لديه، ثم قام يجر خزيه بصمت، يفر من اشباح لم يعلم أنها تتقدمه، فقد تنامت داخله تتغدى على التجاهل والأنانية حتى أضحت وحشا كبيرا على وشك بلعه. رفع رأسه الى السماء وقد لمعت مقلتيه، يزفر بعمق وحرارة ما يجيش في أحشائه من نيران، ليتذكر اكثر ما اثر فيه واستفحل بقلبه وأثار كل عاطفة راقدة...
) (أن الفتاة الصغيرة ... توقفت عن النمو ....تنتظر سكاكر والدها ... مع قبلة حانية على الخد ... وضمة الى الصدر .....).. تلفت بمقلتيه في كل اتجاه، ثم مسح على وجهه، ليسحب الهاتف من جيب سرواله، ويطلب رقما ما ..
)مرحبا... أين أنت؟؟... في المشفى... حسنا أنا خارجه ...سأعود... أريد رؤيتك ... حسنا ...أنا قادم ...)...
لمح تجعيده جبينها، فاقترب منها يمسك يدها، هامسا ...
)هل أنت بخير؟؟)... ربتت على قبضته، تبتسم له بتوتر...
)انه أبي .... لا أعلم نبرة صوته متغيرة ... على العموم هو خارج المشفى ...ويريد رؤيتي)... نظر إليها قائلا بلطف ...
)أنا مضطر لتركك ...لدي مريض لا استطيع التنصل من مقابلته ..... لا تدعي أي أمر يزعجك ...اتفقنا؟؟)... فغرت شفتيها عن بسمة سعيدة، فمال عليها يقتنص تلك الشفتين في قبلة، استجابت لها بحب، وهمس قبل ان ينصرف ...
)أراك لاحقا ... أحبك)... (وأنا ... أحبك)... نطقتها بسرعة فانصرف تصحبه بسمته البلهاء، التي نسيها على ثغره، حتى تجمدت، حين صَدْمَتِهِ من حالة المريض. رغم كل أناقته في بدلته ذات العلامة التجارية الفخمة، كفخامة المعطف عليها، إلا ان شحوب بشرته ونحول جسده حتى برزت عظام وجهه، تفضح مدى خطورة مرضه، وتعبه الشديد الذي يحاول إخفاءه بكبرياء، وهو يجلس باستقامة جذعه. يضع رجلا على أخرى تلتحمان ببعضهما من شدة نحولهما، وعلى قمة ركبتيه تستكين كفيه، باطن إحداهما على ظهر الأخرى.
)آسف دكتور... لا طاقة لي بالوقوف كي أصافحك ... ولا أظنك تريد مصافحتي .. والدليل ظاهر على محياك ...)... تمالك اسماعيل نفسه، واقترب منه يمد يده لمصافحته يرد بود...
)الصدمة على وجهي لأنني لم أتوقع استسلامك للمرض .... فأنت مقاتل شرس .... وقاتلت الحياة بضراوة وشجاعة ...)... رمقه بتأثر يخص به طبيب النفوس عن غيره، يجيب وهو يمسك بيده كلتا كفيه ....
)أنت قلتها يا دكتور... قاتلت الحياة ... معركتي الآن مع الموت ...ولا أحد ينتصر على الموت .... لا أحد ...)... رفع اسماعيل كفه الحرة، وربت على كفيه الدافئتين بلطف، فتركه الأول ليجلس بالقرب منه، تاركا المقعد البعيد الذي يجلس عليه عادة أمام المرضى ...
)كيف حالك يا مصطفى ؟)... ضم شفتيه كما ضم كفيه المرتعشتين يرد بحزن ...
)رائحة الموت تحيط بي يا دكتور ... ولا يهمني سوى أمرين أتنين...)... انتظره بصمت ليكمل، فاستطرد ...
)كيف سيكون لقائي بربي ؟!...وشقيقتي التي لم أجدها بعد ...)... أومأ بتفهم، ثم قال …
(أحسن الظن بالله.... ستجده عند ظنك به ... لم أكن متأكدا من عودتك حقيقة .... وكنت أنوي الاتصال بك ... ).. لازال على بسمته الحزينة يجيب ...
(لا أعلم لما عدت؟! .. لكن شيئ ما يربطني بهذا المشفى ... كما أنني لا استطيع الفراق عن هذا الجبل ..رغم كل ما عشته فيه من عذاب ... قررت أن أدفن تحت ترابه ... وقد أُوفّق وأجد شقيقتي قبل أن تفيض روحي الى بارئها ...)... هز إسماعيل رأسه يقول بهدوء....
(لا يهم لما عدت ...كما لا نعلم متى ستموت ... فرغم خطورة مرضك... ما قُدر لك من أيام لتعيشها .. ستعيشها لا أقل ولا أكثر ... وكذلك باقي البشر ... أما شقيقتك ....ادعي الله ليحفظها أينما كانت ... ).... عاجله قائلا بلهفة ...
(لم يمر يوما ...أو صلاة ... دون ان أدعوه ليحفظها .... )... بتر كلماته والوجع ظاهر على محياه، فأكمل إسماعيل بود ..
(ليس هذا فقط .. كيف حال ذلك الفتى ؟)... زم شفتيه بخفة، مفكرا لوهلة قبل أن يقول ...
(يجب أن يرى طبيبا نفسيا ... لا أظنني لحقته قبل أن تنال منه بعض من بشاعة الدنيا... لكنه ... سينجو.. بإذن الله ... سينجو..)... ابتسم إسماعيل، يهز رأسه موافقا، فاستطرد ...
(كنت أريد منك خدمة ... أتمنى ان لا ترُدني ...).... لفت انتباهه، يرد بصدق ...
(لو في استطاعتي ... لن أتأخر ....)... شكره ثم أكمل ...
(لقد تركت وصية ... ورتبت أموري... كما تعلم ...لدي اناس قريبين مني ... لكنهم لايزالون قاصرين ... من ضمنهم شقيقتي ... أن وجدتها أم لا ... مجلس الادارة للمجموعة .. ستبقى على عملها ... بعد موتي ... إلى أن يستلم بعض من القريبين مني ... مناصبهم ...حين يكملون العشرون من عمرهم ... ويستلمون حصصهم ... شكلت لجنة من أناس اثق بهم... ليتابعوا سير الأعمال... كل ثلاثة أشهر.. ثم يحضرون حين موعد تسليم الحصص لأصحابها ... وكنت اتمنى لو تنضم الى اللجنة... )... انتظره بترقب، تحول الى ارتياح حين اتسعت بسمة اسماعيل يرد بتأثر ...
(أنا اشكرك على ثقتك ....وطبعا ...يسعدني المشاركة في الخير الذي تفعله .... هذا طبعا إن لم يسبق أجلي أجلك ..... تقبل الله منك ... )...
(آمين ... يا رب ... بل أشكرك انت دكتور ... سأبعث لك بالأوراق مع المحامي ... غدا بإذن الله ... وتتفقان على الراتب ...)... قاطعه إسماعيل بعتاب ...
(لا يا مصطفى ...شرطي الوحيد هو لا مقابل .. سأفعل ذلك ...ل لله فقط ... )... حل عليهما الصمت بعد أن أومأ له بتفهم، فسأله إسماعيل بحذر ...
(هل سامحته يا مصطفى ؟؟... أقصد شقيقك ؟) ... رفع المعني رأسه مجفلا، لكنه قال بعد فترة من التفكير ...
(قد لا يصدقني أحد ... حتى نفسي قبل أن أمرض...).. تلكأ قليلا كأنه متردد، ثم استدرك وهو ينظر في عينيه بنبرة أرعدت قلب إسماعيل ...
(حين يكون المرء على شفا خطوة من الموت .... وهو على معرفة أكيدة بذلك ..... يسترخص كل شيئ في الدنيا .... حتى الظلم .... )... ارتفعت زاوية فمه بتهكم، يكمل ...
(ما كنت أحاول نسيانه طوال حياتي ... ولم أفلح ... أصبحت انساه منذ ان أضحى الموت قريبا ... قريبا جدا ... وقد سبق وأخبرتك بما يهمني الآن...).. تحدث إسماعيل سائلا ....
(هل هذا يعني أنك تصالحت مع نفسك ؟؟)... تحولت بسمته إلى الهدوء يجيبه بتلقائية ...
(كل ما أعرفه.... أنني لم أعد اذكر كل ما يتعلق بالدنيا .... حتى لا وقت لدي لأذكر شيئا آخر ... خارج نطاق هدفاي .... ).... غيّر إسماعيل الموضوع كليا، يسأل باسما ...
(انت لم تخبرني .. باسم شقيقتك من قبل ...)... غزى الحنين تقاسيم وجهه التعب، وهو يجيب بدفئ ....
(سُتْرَه آل منصور ..)...
.......


مكتب طائعة... في نفس اللحظات ....

لم تجلس خلف مكتبها، تنتظر أبيها بقلق ازداد، حين لمحته مقبلا عليها، بوجه شاحب. أسرعت إليه تهتف دون ان تجرؤ على لمسه...
(هل انت بخير؟؟... ما بك؟)... تجمد مكانه يحدق بها، فقطبت بحيرة من سكونه الذي استمر للحظات حتى شهقت بصدمة وهي تلمح دمعة تتدحرج فارة من أسرها تتبعها أخرى وأخرى، وحين همت بفتح فمها، سحبها بين ذراعيه يضمها بقوة يائسة. شُلّت أطرافها، ذراعيها الى جانبيها، وهي على صدره، تتساءل ما خطبها!، ألم يكن حلمها الأوحد أن يضمها والدها، فلما تقف جامدة وهو يطبق عليها، تكاد تنقطع أنفاسها؟! ...
(سامحيني .... أنا! ... أنت! ... سامحيني يا بنتي ... أنا ظالم ... )... بلعت ريقها وهمساته المريرة تنفذ إلى قلبها، فرفعت كفيها بتردد إلى أن أمسكت جانبي ظهره، وحركت وجهها إلى أسفل عنقه تحاول شم رائحته كما كانت تفعل مع جديها، فتتساءل إن كانت رائحة والدها مثلهما.
(أعلم أنني لا أستحق غفرانك ... كيف احصل عليه ؟!... ولم أنله من والدتك؟! ...ولن أناله أبدا ... )... رفعت وجهها من على رقبته، تقول بحنو...
(لكن أمي لم تحقد عليك ...)... منعها من البعد، وأعادها على صدره يطوقها بقوة، يجيب بنبرة تهدجت ..
(لطالما كانت طيبة القلب ..لكنها تبقى انثى ...حتى إن أخفت عنك ألمها... فهذا لا يعني أنه لم يوجد .. أنا ظلمتها ... بل ظلمتكما معا... غرتني الدنيا بفِتنها ... ونسيت ما ينتظرني من حساب .... فلم أكن عادلا معكما ... لا شيئ يبرر أنانيتي ... لا شيئ ... مهما عللت ...وحاجَجْت ... أبقى ظالما لك ولوالدتك ..)... تكومت ملامح وجهها، في إشفاق وكونها في حضنه تشعر بدفئه الحاني، أضعف قلبها أكثر وأجج أحاسيسها فقالت بلطف ...
(أبي ... أنا لا أحمل عليك ...من فضلك هون عليك ...)... أبعدها قليلا، يبحث في ملامحها عن اليقين فيما نطقت به ...
(هل أنتِ متأكدة؟؟... لقد ندمت أشد الندم بعد أن وثقتي بي ...وأطعتني دون تردد... لكنني لم أعرف كيف أتقرب منك ...آلاف من الحواجز حالت بيني وبينك ... حواجز أنا من بينيتها عبر الزمن ... فلم أدري كيف أهدمها ... )... انسلت من بين ذراعيه بخفة، تجيب بحزن ...
(لن أكذب عليك أبي ... لقد آلمني هجرانك لي ... وسؤالا واحدا ... يدور في خلدي ... ما الذي ينقصني كي تحرمني منك ؟!... وكل من حولك يشهد بصلاحك ...)... رمقها بتوسل أوجع قلبها، فزفرت تستدرك بأسف ...
(لكنني أصبحت أفضل مؤخرا ... وكنت اكتفي بوجودك في حياتي مهما يكن .. .. لو فقط ...)... صمتت فاقترب منها، يمسك كفيها متسائلا ...
(ماذا بنيتي ؟؟.. تحدثي ...)... ردت بتوتر وخجل...
(لماذا طلبت مني الزواج من رجل ... علمت بأنه ... أنه ...اعني... صباح)... رفع كفه إلى شفتيها ليسكتها قائلا بدفاع ...
(أسمعيني طائعة ... أنا حين فكرت في أبناء آل عيسى ... لم يكن فقط من أجل المنصب ...لا ... بل لأنهم على تربية صالحة ... ومن صلب هذا الجبل ... فقررت كأي والد يحب بناته .... ويكترث لمصلحتهن ... في مصاهرتهم ...... وسعيت الى تزويج ابراهيم من صباح... ... واسماعيل منك ....لكنني أجلت امركِ .... بسبب ما فعلته في الماضي ..وعدم تأكدي من موقفك ... )... فغرت شفتيها مبحلقة بتشكك، فشد على كفيها مؤكدا ...
(أقسم على ذلك ... كما فكرت في مصلحة صباح وسعيت لزواجٍ يناسبها ... فكرت فيك ايضا واخترت لك نسبا مثلها ... لكنني كنت اتريث لأنني لم أكن على يقين من موافقتك ... وحين تهورت صباح ورفضت ابراهيم .. ... كنت متأكدا.. ان آل عيسى ... لن يقبلوا بها مهما حدث ... ولو كان لدي شك واحد ... أن اسماعيل يبادلها او حتى منحها بصيص أمل.. ما كنت ورطتك يا بنتي ... من فضلك صدقيني ....)... أمالت رأسها تبتسم له بحزن، وأمل يقاتل كي ينبثق من أحشائها، وهو يكمل دون أن يفلت كفيها ...
(أستحق كل ما قد تظنينه بي ... لكن أنا طلبت منك الزواج من إسماعيل... لأنه مناسب لك ...وأنت ستكتشفين ذلك ... وستنعمين بحياة مستقرة بإذن الله .... مع رجل بحق ... )... لم تشعر بنفسها تبتسم بحب لمع في مقلتيها، فأكمل بحنو ...
)أو لعلك ... تأكدتِ فعلا ....).. احمرت خجلا، فاتسعت بسمته أملا، يقول وهو يربت على خدها ...
)هل سيشفع لي ابن آل عيسى ... عند قلبك ... كي يحنو على عجوز خاطئ ... )... رفعت يده وقبلتها ترد بلهفة، وقلبها يئن ألما من أجله، لم تستطع رؤية وجعه ودموعه طعنتها في قلبها....
)أبي ... أرجوك ...لا تقل ذلك مجددا .. أنت أبي ... والجميع يخطئ ... وأحمد لله ... أنك أخيرا بجانبي ... )... قبل رأسها وقال بتأثر ...
)رحم الله من رباك ... من حظك أنني لم أكن أنا ... لكنتِ انتهيت مثل صباح ... ذنبي الآخر...)... لازالت متشبثة بيده، لا تدري ماذا تقول سوى ...
)لا تقلق أبي ... البروفيسور بارع في عمله ... وسيعالجها إن شاء الله ... ستشفى ...)... هز رأسه بتفهم، يفكر ثم قال بتردد...
)اذا كان كما قلتِ ... فيجب علي احضار سكاكر)... قطبت بحيرة، فأكمل مُحرجا ...
)لقد قال ... قبلة على الخد وضمة الى الصدر ...وسكاكر ... لم أفكر في السكاكر ...لكن إذا كنت تحبينها ...سأحضرها ...)... ما لبثت ان فهمت قصده، حتى اصدرت ضحكة رنانة، أدهشت والدها وزوجها الذي عاد لتوه، يقول باسما بانبهار ...
)ما الذي يضحك لهذه الدرجة ؟؟).. استدارا إليه، ليجيبه الحاج زكريا سعيدا بسعادة ابنته ...
)يبدو أن البروفيسور كما تقولون ...بارع في عمله بالفعل)... تمالكت طائعة نفسها، وزوجها يقف جوارها، تفسر له وهي تلمح اشتعال مقلتيه ....
)البروفيسور ...أخبر أبي ..أنني في حاجة الى قبلة على الخد منه وضمة على الصدر ... مع السكاكر ...وأبي يتساءل ..إن كنت احب السكاكر ؟)... عادت تضحك بمرح، فابتسم اسماعيل وقد فهم فحوى الحوار السابق، يقول بتهكم ....
)أظن يا حاج ...أن طائعة قد كبرت عن السكاكر ..)..
)من قال ذلك؟؟)... قاطعته تستنكر بعبوس طفولي أدهشه، بينما والدها يبتسم بسرور حقيقي، مطمئنا على سير علاقتها بزوجها، من خلال تفاهمهما الظاهر في تعاملهما السّلس ...
)طبعا احب السكاكر ... ولعلمك ...جدي احمد... لازال يعطينها كلما التقينا ... )... بلل شفتيه يرمقها بغموض أخجلها، فنطق والدها يشعر بصدره يتخلص من ذنب أثقل عليه ...
)لا عليك بنيتي ... سأحضر لك ...كل أنواع السكاكر... فأنا أنوي زيارتك ...مرة كل صباح ومساء ... واضمك الى صدري .... ولا أظنني سأكتفي... )... ودعهما وانصرف على وعد بلقاء قريب، فسحبها زوجها يضمها، على حين غفلة منها، يقفل الباب خلف ظهرها هامسا بنبرة لائمة ...
)إذن والدك ... سيجلب لك السكاكر ...ويضمك صباح مساء ... ألم يشعر بالذنب ... إلا حين أصبحت زوجتي ؟؟...).. وضعت كفيها على صدره، تنصت اليه بينما تحولت نبرته الى توعد مازح ...
)أظن أن الوقت قد حان ...للبروفيسور كي يعود إلى دياره ...يكفي ما أحدثه من أضرار...).. سايرته ترد بمرح وهي تمسد على سترته ....
)وما هي هذه الأضرار يا طبيب النفوس؟؟)... ضيق مقلتيه وهو يجيب ...
)ألا يكفي أنني أتحمل مشاركته في قلبك ... كي يضيف شخصا آخر ...يزاحمني في الأحضان والقبل على الخد ...).. ضحكت باستمتاع، فأشعلت نار العشق في قلبه...
)يا إلهي اسماعيل ... أنت لم تكن هكذا أبدا...)... اقترب بوجهه منها يهمس بتساؤل عابث ...
)وكيف كنت يا ترى؟؟)... شهقت بخفة تأثرا من قربه، فقالت بتوتر ...
)كنت رزينا ... باردا ... طبيب نفوس ..)... اقترب اكثر حتى لفحتها انفاسه الدافئة، يهمس بوله...
)واشتعل قلب طبيب النفوس ... لتنصهر أحشائه ... ويذوب الجليد عن صدره .... فأصبح يغار من والدٍ ...يريد تعويض ابنته عن سنين حرمانها منه ... من يا ترى فعلت به هذا؟؟)... توقفت عن التنفس، وهي تتمتم جوار شفتيه ...
)م...ن؟؟)... وكان آخر ما نطق به، قبل ان يلتقط شفتيها في قبلة عميقة، عبرا فيها عن ما يجيش في قلبيهما كلٌّ تُجاه الآخر.
)حبيبة قلبه ... طائعة .....)....
………………..


بعد شهر ....

انطلق بسيارته، وانطلق المذياع معه ليصدح صوتها ذو النبرة السعيدة في سيارته، وتتسع بسمته بفخر وبهجة عالما أنه السبب في تلك السعادة التي تنضح بها نبرة صوتها.
)وهنا يُقفل ملف العْرْبي ... رئيس مجلس البلدية سابقا ...ونزيل سجن الجبل حاليا .... فليتعظ كل من يحاول ... إذاء البشر ... أيها المجرمون احذروا ... القائمين على القانون وتحقيق العدالة في المرصاد ....).. ضحك طارق وهو يذكر يوم ذهب ووالديه لخطبتها، ليتفاجأ بفتاة تختلف كليا عن التي يعرفها، فتاة خجلة تحمر حياء منه ومن أهله. لكن والدته سريعا ما استدرجتها للحديث بنفس السرعة التي تآلفتا فيها لتشكلا كما توقع حلفا.
لم ينتهي شجاره معها كلما التقيا، يستفزها فتجيبه ويحتد حوارهما، حتى توشك على الانسحاب حنقا، فيرمي لها كلمة لا يظنها غزلا لكنها صادقة خارجة من قلبه لها وحدها، فتعود الحمرة لتزين خديها وتستكين كقطة ناعمة، لينتعش صدره حياةً وبهجة. لقد صدق صديقه الصدوق ابراهيم، ويشعر بالحماسة لباقي حياته معها ويرى فيهما والديه المحبان بطريقتهما الخاصة.
)حانت نهاية حلقة اليوم ... أعلمكم سيداتي آنساتي سادتي ... انني سأغيب عنكم لشهرين بإذن الله ... بمناسبة زواجي ... سأشتاق إليكم .... وبهذه المناسبة ...أنتم مدعون إلى حفل زفافي ... فمرحبا بكم ...يوم** ...أسعد الله اوقاتكم بكل خير ... وإلى لقاء متجدد بإذن الله.... في برنامجكم **موضوع للنقاش **... من إذاعة ... قلب الجبل .... معكم ... براء الرزقي ....).... هتف طارق بيأس ....
)المجنونة قامت بدعوة جميع أهل الجبل.... وما جاوره ممن يسمع البرنامج ..... سنفوره مجنونة..... )... أوقف سيارته أمام المركز، يكمل باسما بهمس ....
)سنفورتي أنا ... المجنونة ...)...
………………

منزل ....آل طالب ....مساءا ...

تُمطط ميمونة شفتيها وهي تتوسط النسوة مستقبلات العروس واهلها، كما اقتضت العادة. فمالت عليها رواح تهمس بتوعد أصبح يطغى مؤخرا على أغلب حواراتها مع والدتها.
)اضحكي أمي .... فإن وصل الخبر إلى أبي ... لن يعجبه الأمر)... ردت عليها من بين فكيها حانقة ....
)ومن سيخبره ؟؟)... منحتها رواح نظرة ساخرة، قبل ان تلتفت الى العروس تسحبها من حق التي سبقتها لتبارك لها، وتضمها مباركة هي الأخرى....
)أنا ....)... عبست ميمونه، غير مصدقة مدى تغير رواح في معاملتها، بعد انهيارها المخزي أمام النسوة، لم تعد كما كانت، بل أصبحت تنهرها عن اغلب أفعالها، وتهددها بوالدها طوال الوقت. حتى زواج ياسين الذي تراه مخطئا في اختياره، لم تستطع الاعتراض عليه، وقد حذرها زوجها شخصيا من التدخل. سلمت على العروس ببرود عبرت به عن رفضها، لتجد رواح تنظر إليها بتوعد، جعلها تزغرد فارة من أنظارها وتدعو النسوة كي يدخلن إلى بيت آل طالب. ارتفعت دقات قلب حفصة، غير مصدقة بأن حلمها في الاقتران برجل كياسين قد تحقق، وقد أصبحت فعلا في بيته وعلى ذمته. أشارت لها حق تدلها على غرفة زوجها التي أصبحت غرفتها كذلك، فابتسمت لها بسرور، سعيدة بموقفها منذ ان علمت أول مرة بأمر زواجها من شقيقها، لتضمها إليها بحب وتعبر عن مدى سعادتها أن وجدت شخصا يناسبها كشقيقها.
)هذه غرفتكما ... استريحي حبيبتي ... لابد وأنك متعبة )... ربتت حفصة على دراع حق بلطف، تجيب ممتنة ...
)شكرا لك حق ... لكنك أنت المتعبة ... لا تجهدي نفسك ... أنت حامل ...).. هزت رأسها ترد بصدق ...
)لا بأس ... سأطمئن على سير الامور... بعدها أذهب للنوم ...لا طاقة لي بالسهر... عن اذنك حبيبتي ... ومبارك عليك مرة أخرى ...)...
…………

الحديقة الأمامية للبيت ...
)ما زلت تنتظر ؟)... التفت إليه عيسى يجيب بتبرم....
)ابتعد عني منصف ...لا طاقة لي ... بمزاحك الآن....)...
هم منصف بالرد المازح، فربت عليه بدل ذلك يلفت انتباهه، قبل ان يبتعد ....
)حظك نازل اليك من السماء ... لا تفسد فرصتك... بالتوفيق يا صديقي)... استدار مستغربا ليلمحها خارجة تبحث عن شيئ ما. تجمد مكانه يتأملها بقفطانها الأسود المطرز، لقد اشتاق إليها بشدة، وروحه تهفو إليها، تلك الفتاة أوقعته في شباك هواها وانتهى الأمر. أجفل على زفراتها حنقا من عدم تحقيق هدفها في إيجاد ما تبحث عنها، فنطق اسمها قبل ان تعود من حيث أتت ....
)رواح!!)... توقفت خطوتها، تلتفت بسرعة لتتيقن من سمعها، فتنطلق دقات قلبها في سباق مميت، ماذا يحدث لها؟ فكرت، لما كل تلك اللهفة لرؤيته؟، بل لما كان الوحيد المحتل لفكرها طوال مدة عقابها؟، فلم تشكل الجامعة لديها اهمية كما شكلها غيابه عن ناظرها هو؟. حتى أنها قررت العودة لزيارة بيت عائلته لولا خوفها وخجلها من والدها، فهي بعد حديث نجوى لا تتوقع ما قد يفكر فيه.
تنبهت إلى قربه منها، فتلفتت حولها بخوف كما نطقت ...
)م.... مرحبا ...ع ....عيسى ... م... ماذا؟).... صمتت تمنح صدرها بعضً من أنفاسه الضائعة، فرد باسما بدفئ، يتذوق بسمعه، اسمه من بين شفتيها ...
)كيف حالك رواح؟؟... الجامعة من دونك خلاء مظلم ...)... ضمت ذراعيها إلى صدرها، تخشى الوقوع من شدة توترها، تتهرب منه بمقلتيها ووجنتيها قد احمرتا بشدة، دون ان تستطيع الإتيان بأي رد فعل لا حركي ولا حرفي. ازدادت دقات قلبه في العدو، وهو يرمق توترها الفاضح لتأثرها بما يقوله فأضاف متشجعا ...
)اشتقت إليك رواح ... حاولت رؤيتك ... لكنني لم أنجح في ذلك ...وأنت تختبئين في بيت أهلك... لما لم تدافعي عن نفسك رواح ...كي تعودي للجامعة؟)... قطعت صمتها مندفعة تعبر عن ندمها، وهي ترى مدى تراجعه عن فخره يعترف لها بحقيقة مشاعره. فقد راجعت نفسها حين انجلت غمامة الانتقام والغرور، لتجد أن الحمق استفحل بعقلها إلى درجة تجاهل حب حياتها وهو يحاول التقرب منها، والاعتذار عن ما اقترفه في لحظة طيش وصدمة، فالجميع يخطئ. ألم تفعل هي؟...
)ولماذا أدافع؟... لقد أخطأت... واستسلمت لعقابي .... يكفي أنني لم أُحرم من دراستي ... سأحضر الامتحانات ...وهذا هو المهم ...)... ابتسم لها فشهقت بخفوت، تطرق برأسها ليعترف مستغلا الفرصة ...
)رواح انظري إلي...)... رفعت رأسها بخجل، فاستدرك بصدق ....
)هل سامحتني على خطئي في حقك ؟؟)... بلعت ريقها، ثم قالت بتردد...
)وهل سامحتني أنت على تهوري ؟؟)... اتسعت بسمته يجيب بمزاح ...
)اعترف أنني في وقت ما كنت على وشك قتلك ...وقتل ذلك السمج هيثم ...ونجوى معكما .... لكن لا ... ليس هناك ما اسامحك عليه ... لكل منا عقده الخاصة ... تتأجج في قلوبنا... فتدفعنا الى التهور .... المهم في الأمر... هو التراجع في الوقت المناسب ... )... اومأت بتفهم ثم قالت بتلعثم ...
(إذن ...لم يعد هناك ما اسامحك عليه ...أنت ايضا ...)... أسعدت قلبه، فعلم أن الوقت قد حان، ويجب عليه التصرف، ليربطها به ...
)رواح .... امنحيني بعضا من الوقت ...)... رمقته مقطبة بحيرة، فأكمل بتصميم ...
)أنا احبك رواح....)... احتد تنفسها، وهمت بالفرار منه، لكنه منعها يسد عليها الطريق مكملا ...
)لا أريد زوجة غيرك ... لكنني لا زلت ادرس ...كل ما اطلبه وعدا منك ... كلمة واحدة... تريح قلبي الملتاع يا رواح ... )... فغرت شفتيها تشعر بحلقها جف، وقلبها سيتوقف من شدة هدره، لتنزل صدمة على راسها حين قاطعهما ابراهيم ينادي على شقيقه بغضب هادر ...
)عيسى!!)... التفتا إليه مجفلين، فأسرعت رواح في الانسحاب، بينما الآخر تجمد مكانه ينصت لشقيقه الذي اقترب منه يستطرد بجفاء ...
)ماذا تفعل عيسى...هل جننت؟)... أجابه بانفعال ...
)لم اخطئ ... فأنا أحبها بالفعل ...)... رفع ابراهيم أحد حاجبيه، يقول بتوعد ....
)وهل نسيئ الى سمعة من نحب .... يا قيس؟؟)... زفر عيسى يرد بوجوم ...
)لا تتهكم اخي ... كنت فقط أحاول ربطها بي ... فانا لست اهلا بالزواج بعد... وقد يزوجونها في اي وقت قريب ...)... ضيق ابراهيم مقلتيه بغموض، ثم اقترب منه يربت على كتفه قائلا بجدية....
)و ما يمنعك عن الزواج يا أخي؟؟)... أطرق برأسه يرد بخجل ...
)أنا لم اعمل بعد... ولم أقدم للعائلة شيئا... كما فعلت انت وإسماعيل... أو حتى... )... صمت فحثه ابراهيم مندهشا من موقف شقيقه الأصغر، الذي لم يعد صغيرا....
)أكمل عيسى ... أو حتى ماذا؟...)... نظر إليه يكمل بألم ...
)من انقذ حياتك أخي ... وضحى بحريته ... في سبيل ذلك ... أما انا ... فلست سوى عبئ عليك ...).. ضمه إليه يقاطعه بحنو ...
)لا تقل ذلك أبدا ... لم تكن يوما عبئا ... بل شقيقي... وأكثر من ذلك ...أبني ... هل سمعت؟).. أبعده قليلا يستطرد مؤكدا ...
) أجبني هل سمعت ؟)... هز رأسه يومئ بتأثر، فأكمل ابراهيم ....
)لا انكر شوقي لانضمامك إلي في المصنع كي تكون لي سند...ولتستلم مني المسؤوليات كاملة يوما ما.... لكن لا تنسى ان لك حصة ... في كل أملاك آل عيسى ... خالصة من حقك ... أما زواجك... فيمكننا حل الموضوع بما يناسب حيرتك ...)... رمقه بلهفة، فابتسم ابراهيم يكمل بمرح ..
)سنخطبها لك ... ونؤجل الزواج الى ان تتخرج ...)... رفرف السرور على محياه يسأل بترقب ...
)وهل تظن الحاج عبد الله سيقبل ؟؟)... سحبه منصرفين يقول بثقة ...
)إن شاء الله سيوافق ... ولجدك طرقه الخاصة ...سيفرح كثيرا بهذا الخبر ...هيا ... يا قيس ..)... (ابراهيم!!)... هتف عيسى بعتاب، فضحك المعني بسعادة ملئت قلبه المحب ...
………

غرفة ياسين ....
تنفس بعمق وهو يفتح باب غرفته، بعد ان تأكد من انصراف جميع الضيوف، واقفا الى جانب أبيه لم يتركه للحظة. بحثت عيناه عنها بتلقائية، ليلمحها مستكينة على السرير بقفطانها الأبيض، وكأنها خيال لا واقع، لقد اصبحت له أخيرا، لا يكاد يصدق نفسه، يحسبه حلما قد يستيقظ منه، في أي لحظة. اقترب منها وجلس جوارها يتأملها. ملامح وجهها مرتخية، كشالها المفتوح دون ان يزال كليا من على راسها. مد يده يسحبه بروية، فانتفضت مجفلة ليرفع كفيه باسما باعتذار ...
)آسف ...ظننتك نائمة ...)... عضت شفتها حياء، دون أن تتحدث، فاستدرك ....
)مبارك علينا يا حفصة..... أنا سعيد ... بزواجي منك ... )... ابتسمت بحياء تجيب بخفوت ....
)بارك الله علينا... وجمعنا في خير ..)... تمتم ياسين بآمين ثم قال يتفحص المكان حوله ...
)هل نصلي ركعتين نبدأ بهما حياتنا ...وندعوه ليبارك ارتباطنا؟؟)... أومأت بسرور، وأسرعت تسحب سجادتي الصلاة، صلى بها وتلى الدعاء، ثم غاب في الحمام يغير ثيابه، ليعود إليها ويجدها بنفس قفطانها. جلس بالقرب منها على السرير يسأل بلطف ...
)ألن تغيري ثيابك ؟؟)... (ها؟!)... نطقت ببلاهة، فقد نسيت نفسها في خضم تفكيرها بما سيحدث، بينما تنهال عليها ذكريات مريرة، فتندلع حرب شعواء في أحشائها بين خوف مسيطر ودفاع عن حبيب مختلف، وعدها بالتفهم والحب والحنان. لاحظ شحوب بشرتها، فتفهم وضعها، وخوفها.
استلقى في مكانه، ومد كفه إليها يقول برقة ...
)لا مشكلة ... إن كنت متعبة ...لا تغيريه ... تعالي .. كي ترتاحي ...)... أومأت مستجيبة له فقال بحذر ...
)أنزعي طرحتك حفصة كي تسترخي اكثر ... )... رفعت كفها بتمهل وتردد، وأرخت الشال حول راسها ثم نزعته كليا ، لتنسدل خصلاتها السوداء. كتم تنهيدة حارة، وهو يسحبها فوق صدره، يمسد على خصلاتها هامسا بحنو ...
)لا تخافي مني حفصة ...لقد تعهدت لك ... بحمايتك ... والمحافظة عليك ... لن أسمح لنفسي أو لأي شخص آخر أن يؤذيك ..)... ابتسمت والراحة تتسلل الى أحشائها، واستكانت على صدره تتنفس من عبق عطره الرجولي، فأضحى كل شيئ من حولها كالحلم، وهي ترى نفسها تستجيب لكل حركة منه، كالمسحورة لتتلقى أول قبلة حقيقية شعرت بها من صميم قلبها، قبلة غاصت بهما إلى أعماق دواخلهما، وما تلاها كانت رحلة تشاركانها بسلاسة، وتناغم لم تتوقعه، بل لم تعرف عن وجوده قبلا، فما كان ذلك الذي عاشته قبله زواجا، ولا كان ما رأته من ذلك الرجل سابقا عشرة. ارتفعت معه الى أعلى السموات، فحلقت هنالك تحملها الغيوم على ريشها الناعم الحريري. لتنعم بأحاسيس تكتشفها لأول مرة، ومعه هو حبيبها ياسين. رفع وجهها يقبل أرنبة أنفها، غير مصدق لما حدث لتو، فهمس من فرط سعادة قلبه ...
)حفصة ... أنت عذراء ؟!...).. تراكمت عليها مشاعرها الجياشة بالعاطفة، فبكت بنحيب خافت هز أحشائه، فضمها إليه يهدئها ويسأل بهلع ...
)ششش ...أنا آسف .... هل آذيتك ...حفصة انا )... تمالكت شهقاتها، ترد بإشفاق، فهي لا تريده ان يُدين نفسه، بعد كل ما منحها من سعادة ...
)لا... أنت لم تؤذني ... فقط لا تذكر الماضي ...لا اريده ان يفسد علينا حاضرنا معا ... من فضلك ياسين ...)... دنى من وجهها بوجهه، يجيب بعشق خالص لها ...
)لا ماضي ولا حاضر ...ولا مستقبل بإذن الله الا معك ...حبيبتي ... ).. ابتسمت له بخجل، فمسح دموعها برقة، يستدرك….
)اخبرتك أنني احبك مرات عدة ولم اسمعها منك ولا مرة ...).. خبأت وجهها في صدره، فضحك بسعادة انطلقت من قلبه الذي لم يخيبه، يقول بمرح ...
(لست مستعجلا ... لكنني سأنتزع منك اعترافا ...يوما ما ...لا بد وان أفعل....)... ضمت نفسها إليه أكثر، فطوقها بشدة يحمد ربه سرا على فيض كرمه عليه.
……..

بعد يومين ...

المشفى .... قسم الأمراض الباطنية....

ضمت وجهها مطرقة برأسها، كمن يحمل هما أثقل ظهره. تتنازعها الأحاسيس بين شوق لرجل علمت أنها وقعت في المحظور حين احبته، وبين عقل يجلدها بسياط العقاب، واللوم من أجل عذاب نست أمره، بسبب من؟ رجل شبيه بمن أذاقها الألم بشتى أنواعه. رفعت وجهها الى السقف تتنفس بعمق وهي تهمس لنفسها بعتاب ...
(أفيقي يا سناء ... ليس فيه ما يناسبك ... سيغادر وتنسينه مع مُضي الزمن ... )... أومأت بتصميم خَبى ما إن أتتها نبرته المعاتبة ....
(ألن تودعيني يا سناء؟؟)... استدارت بسرعة آلمت عنقها، فرفعت كفها تمسدها وهي تستقيم على رجليها.
تقدم إليها بخطى متمهلة وقد أصبح يسترجع صحته بتروي، كما أخبره الطبيب، وأوصاه بمراقبة طعامه، جودته وصحته.
(انتظرتك ... حتى فقدت الأمل من مجيئك ... وأتيت إليك أنا ...)... بلعت ريقها ثم رفعت دقنها تجيب بكبرياء، قبل ان تستدير عنه ..
(حمدا لله على سلامتك... أدعو الله أن لا تعود الى هنا مرة اخرى ... اعتني بصحتك جيدا ... ولا تنسى الرقية .. والصلاة ...لا تترك أبدا قراءة القران ...وأدعية التحصين ... وداعا ...)... ابتسم بحزن واقترب اكثر، فشهقت حين اكتشفت مدى قربه وهو يقول ....
(هذا فقط ؟!... )... عضت شفتها، وقليها يتوثب ينشد الحرية من سجنه، ليأوي الى صاحبه. لكنها ضغطت على نفسها واستدارت إليه تجيب بتوتر من قربه ...
(م... ماذا تريد يا عزيز؟؟)... أطرق برأسه قليلا يرتب كلماته التي نسقها في عقله قبل أن يأتي إليها، بل قبل يومين او اكثر، فشتان بين من كان يتعامل معهن من فتيات جريئات، أو حتى حفصة النقيضة تماما عنهن، تختلف عن هذه الانثى أمامه، تجمع بين الحزم والحنان، بين القوة والرأفة، مزيج مختلف نادر، استولى على قلبه فلم يعد يريد غيرها.
(أريد الكثير يا سناء ...).. ارتعدت بشكل حرفي، فبسطت يدها من خلفها إلى حافة الطاولة كي تستند اليها، تخفي ضعفها الذي تمكن منها، بسبب نبرة صوته اليائسة المتوسلة ..
(وذلك الكثير يجتمع في مرأة واحدة... هي أنت يا سناء...).. أطلقت سراح أنفاسها وعاجلته تدافع بشراسة ...
(عزيز!!.... لست عاهرة ... ولا حتى قديسة .... ولا شيئ يجمع بيننا ....)... توقع اندفاعها، فأسرع هو الآخر يفسر....
(أول الأمر... أنا أقصد الزواج لا غيره .... أما ما يجمعنا فهو كثير يا سناء .... وإن أردت نكران ذلك .... إفعلي لكن وأنت تنظرين في عيني .....)... تلفتت تفر منه وهي تعود إلى الخلف، كي تبتعد عن حصاره، فأضاف محذرا بحزن ...
(لا تهربي يا سناء ... ما شعرت به تجاهك أمر جديد ومختلف ...وعميق .... لا استطيع تجاهله ...).. لا تريد لقلبها الضعف، ستندم بشدة.....
(ارحل يا عزيز من فضلك ...)... تحدث بعد تردد يقول بحذر....
(لقد سمعت كل حديثك ... حين كنت عاجزا عن النطق.... وأعرف كل مخاوفك ...)....اتسعت مقلتيها دهشة، فهتفت بمرار..
(لن أعيد خطئي يا عزيز.... ).... طعنته في قلبه فقال بحسرة يشير إلى نفسه ....
(أنظري إلي.... لقد تعلمت الدرس بأصعب الطرق ... كيف سأنسى وأعود إلى ما كنت عليه؟؟)... ضغطت على أعصابها لتُظهر القسوة مجيبة بحدة ....
(ستعود يا عزيز ...إنه طبعك الذي نشأت عليه ....جزء من تكوينك ....وما إن تجد في نفسك القوة .. ستعود ...وأنا أخذت كفايتي من العذاب ... لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين...)..... زفر أنفاسا متتالية كي يطفئ النار في جوفه، انها محقة، هو نفسه يخشى على نفسه، من فشله في التغير وخسرانه لآخرته ودنياه. تهدلت كتفاه بحزن وبؤس يُقِر .....
(إذن دُلّيني على الحل ...)... نظرت إليه مقطبة بحيرة، فاستدرك ...
(أنا أيضا أخشى على نفسي من نفسي ...ولا اريد العودة الى ما كنت عليه .... لكنك قلتها انه طبع ... يصعب تغيره ...ولا يستحيل ... فدُلّيني على علاج ... او حل ... أو أي شيئ ...أفعله ... فقط لا ترفضي قربي منك... لم أعهد فيك الضعف او الاستسلام ....لطالما كنت مقاتلة شرسة ...لا تفقدين الأمل حتى في مسحور سلم الجميع بهلاكه ...).... شعرت بنفسها مستنزفة، فهوت على الكرسي تتنفس بحدة، وانتظرها بصبر، كمن ينتظر حكما من فم قاض العدل. تزاحمت الأفكار بين عقلها وقلبها، فقالت ما اهتدت به حينها من حكمة ...
(ستفعل اي شيئ يا عزيز ؟؟)... اقترب منها مؤكدا بتصميم ...
(جربيني يا سناء)... نظرت إليه تقول بجدية ...
(سنقصد أطباء النفس ... لهم قسم خاص هنا ... أنا وأنت... سنعرض عليهم مشاكلنا ...ومخاوفنا ... وإن كنا نصلح للزواج أم لا ....)... ضيق مقلتيه بعدم تأكد فأضافت بحزم ...
(لن أجبرك على شيئ .... أنت حر في قرارك ... لكنني أبدا لن أقبل بك ...إن لم أكن مقتنعة تماما بارتباطنا ...)... ابتسم لها يومئ باستسلام ...
(وأنا موافق ... سأبدل جهدي كي أقنع نفسي قبلك ...بتغيري ...).... تسللت البسمة المتأملة الى ثغرها، ترمقه بتأثر ورجاء في مستقبل تعيش فيه السعادة والاستقرار.
...........


القسم النفسي .....

خرجت من سيارة الأجرة تبتسم بفرح، فالبروفيسور عاد خصيصا من مدينته كي يحضر معها آخر جلسة رسمية في المشفى، ثم ليعود بها الى حيث ستدرس، وقد دبر لها المسكن في بيت للطالبات وسجلها بمعهد التمريض الخاص. كما وعدها بمتابعة حالتها كي يطمئن على سير العلاج على المدى الطويل. استقبلتها طائعة ببهجة مضاعفة، فسألتها بحيرة ...
)أنت سعيدة جدا طائعة ... ماذا هناك؟؟).... ضحكت بخفوت ترد بمرح ....
)سأخبرك وتكونين أو واحدة ... زوجي بنفسه لم يعلم بعد...)... مالت عليها تهمس بخجل ..
)أنا حامل .... تأكدت هذا الصباح ....تصوري لم ألاحظ ذلك ... بسبب العمل والانشغال ....حتى أبدت ممرضة ملاحظة ما بسبب تعبي والدوار ....)... ضمتها مريم تبارك لها بسرور صادق ...
)مبارك عليك حبيبتي ... تستحقين كل السعادة ...)... (الحمد لله .... العقبى لك ... رزقك الله بالذرية الصالحة ...)...
)آمين ...)... لم تكن تلك مريم التي نطقتها، فقد سبقها الدكتور أمين الذي يبدو عليه العلم بقدومها، فتسلل الى القسم كي يلتقي بها. تحدثت طائعة بمرح تقول وهي تنسحب من مكتبها..
)حسنا مريم ...سأستدعي البروفيسور فهو في جولة تفقدية ...او لنقل فضولية ...).. ابتسمت مريم بخجل تتلفت حولها لاهية عنه، لم تتعود على تلك المشاعر بعد، فتتلبك أمامه هو لوحده. لا احد غيره يصيبها بالارتباك والتوتر.
)كيف حالك مريم؟؟)... نطقها بشوق، فردت بلهفة ...
)الحمد لله ... لم أعد أغيب عن الوعي ... وأموري مع عائلتي في استقرار...).... هز رأسه يرمقها بحنو، يقول ...
)الحمد لله ... لطالما علمت انك قوية ... ولن تستسلمي .. )... بللت شفتيها حياء، ففتنت قلبه وضخمته بالمشاعر لينطق دون تفكير ...
)مريم ... هل سترحلين بالفعل مع البروفيسور؟).. أجابته وهي تعتدل في جلوسها، وتسوي ثنايا وهمية في تنورتها ...
(أجل ... أخبرتك من قبل ... سألتحق بمعهد التمريض بإذن الله ...).. لم يكن ليتردد بعد ان سمحت له الفرصة يقول بجدية، وهو يستشعر مدى الحزن والوجوم الذي حل على قلبه من مجرد تصور رحيلها، وعدم مشاركتها له هواء الجبل ...
)مريم ... أنا كنت أريد مفاتحتك في موضوع مهم .... وأود معرفة ردك قبل سفرك...).. قبضت على كفيها كي لا يظهر ارتعاشهما تنتظر، وهي تومئ، فأكمل ...
)أريد الزواج منك يا مريم ... فهل تقبلين بي ؟؟)... قلبها كان يخبرها، وتوقعت طلبه هذا من خلال لهفته لرؤيتها كل ما أتت من اجل جلساتها، لكنها ظلت تنهره عن احلامه المستحيلة، لتقف الآن على حافة خيارين كلاهما لا يقل اهمية عن الآخر. طال صمتها فبدأ اليأس يزحف الى أحشائه، و الندم على تسرعه، ليجفل كلاهما على البروفيسور يقاطعها قائلا بحزم ...
)مريم ....لا تهربي ... على ماذا اتفقنا ؟؟....)... رمشت بجفنيها، ثم قالت ....
)يجب أن أكون واضحة ...مع كل من يهمني أمرهم ...ويؤثر علي احساسهم تجاهي ...)... ابتسما كلاهما والأمل عاد لينفجر في صدر الدكتور امين، وهي تكمل بجدية تخصه بها ...
)أنا طبعا ...أقبل الزواج بك ...دكتور أمين ...لكنني أريد لحلمي الآخر أن يكتمل.... كي أشعر أنني أليق بك ..وبمكانتك .... ).... هم بالرد وقلبه ينبض في مكانه يعلن النصر، لكنها أوقفته تنهي حديثها بصدق ...
)هذا ليس فقط من أجلك ... بل من اجلي ... لا أريد ترك ثغرات لنفسي كي يلعب فيها الشيطان .... حين أتخرج كممرضة بإذن الله ...وأتبت جدارتي ... سأتصالح مع نفسي.... وقد حققت لها كل ما كان من حقها وحرمت منه .... فهل انت مستعد للانتظار؟؟....).... لا زال على بسمته، بينما مقلتيه تشع فخرا وإعجاب، ليتدخل البروفيسور قائلا بمكر ...
)مممممم... مريم لازالت في العدة ... حين تنهيها ... اطلبها من أهلها... ولتكن خطبة ... وخذا الأمور بروية ...)... فغرت مريم شفتيها تفكيرا، فقال الدكتور بلهفة يحاول اقناعها ...
)ما رايك مريم ؟؟... انا موافق جدا ... ومن يدري؟.. قد اقنعك بالزواج مني ...قبل تخرجك ...ففي النهاية أنا لن أمنعك من تحقيق احلامك... بل سأساندك بكل ما استطيع ...).. لمعت مقلتي مريم بالسعادة والحب، ثم أومأت بخجل، بينما البروفيسور يقول ضاحكا وهو ينسحب....
)على بركة الله ...مبارك لكما ... استعدي يا مريم .... غدا بإذن الله ... سابعت لك سيارة أجرة.. كي تُقلك الى المطار ... استأذنكما لدي عمل مهم ... يجب اتمامه قبل الرحيل ...)...
……………




مساء ....منزل إل عيسى ....

كانت العائلة مجتمعة في الحديقة الأمامية، تستعد لحضور حفل زفاف المفتش طارق وبراء، حين انضم إليهم اسماعيل بعد مكالمة هاتفية قلبت مزاجه، فسالته طائعة بقلق...
)ماذا حدث؟؟)... نظر إليها يقول بأسف، وحزن ..
)أحد مرضاي ... مصطفى آل منصور ...توفي اليوم ...)... ربتت على ذراعه تهمس بمواساه ...
)رحمه الله ...أجرك الله حبيبي ...)... هز راسه متمتا بالرحمة، فارتفع رنين الجرس. أسرعت تغريد تفتح الباب لتجد رجلا تعرفت عليه، ومن خلفه فتاة لم ترها من قبل ....
)مرحبا يا صغيرة ... أين اهل البيت ؟؟)... عبست في وجهه ترد باندفاع ...
)لست صغيرة ... وهم مجتمعون في الحديقة ...تفضل)... ضحك البروفيسور وهو يشير للفتاة كي تتقدمه، قائلا بمرح ...
)اوووه ...بل صغيرة جدا .... لا تتسرعي يا صغيرة... تكفيك سرعة تعاقب الزمن ... )... قطبت بجهل، بينما هو يلقي السلام على أفراد العائلة الذين استقاموا واقفين بتأهب، والحاجة إيجة على كرسيها النقال تئن خوفا وقلقا، فاقترب منها ولديها يقفان كل منهما الى جانب ويربتون على كتفيها. وكان أول من نطق، إسماعيل بهدوء زائف ...
)عليكم السلام بروفيسور ...ماذا تفعل صباح هنا ؟؟)... نظر البروفيسور الى الحاجة، فتقدم نحوها يقول بلطف ...
)سيدة إيجة ... هل تذكرينني؟؟ ... فلقد التقينا مرة واحدة... من قبل ..)... هزت رأسها ومقلتيها في اتساع، فابتسم لها مستطرد ...
)الآنسة صباح ... تود الاعتذار منك ... وطلب السماح ...ومن سائر أفراد عائلتك... )... نقل أنظاره إليهم جميعا، فظلوا على صمتهم باستثناء اسماعيل الذي انحنى تجاه والدته يقول برقة ...
)إن كنت رافضة... أطلب منها المغادرة أمي ... لا تضغطي على نفسك ...)... رمقه البروفيسور بسخرية، وحركت الحاجة رأسها تشير لصباح المتسمرة مكانها بترقب، كأنها تمثال جامد. فقال البروفيسور ...
)تقدمي صباح ...هذه فرصتك ..كي تنسي الماضي ...وتبدئي حياة جديدة ...خالية من الظلم ....)... حركت قدميها بمشقة، وجلست القرفصاء أمام الحاجة.
كم لزمها من وقت كي تستطيع مواجهة أخطائها أخيرا، لكنها عازمة على الشفاء من علاتها، ولا يمكن ذلك إلا بتحصيل الغفران من المظلومين. لم تكد تبدأ حديثها حتى تهدج صوتها ونزلت دموعها مدرارا، دموعا من شدة صدقها، فاجأت الجميع...
)خالة إيجة ... لن أقدم لك تبريرات ولا حجج.... لأنني لا أملكها .... ما فعلته كان فظيعا ... وليس له تبرير... لذا سأطلب منك الغفران.... حتى إن اقتضى الأمر التوسل لك ... أنا في عذاب أليم ... امنحيني السكينة بغفرانك ...بل جميعكم... سامحوني ... حتى عذر مرضي لا يشفع لي .... لذا لن استعمله لأستذرّ عواطفكم .... فقط اعلموا انني بالفعل أردت يوما الانتماء الى عائلتكم ...) ... منحت اسماعيل نظرة بطرف مقلتيها، قبل أن تعود الى الحاجة المراقبة بصدمة، فهي بالفعل سلّمت بجنون الفتاة، خصوصا اثناء زياراتها الليلية، ومن طريقة حديثها الغير متوازن.
)من فضلك يا خالة ... لن تري وجهي بعد اليوم ...أعدك ... فقط سامحيني ...)... ذرفت الحاجة إيجة الدموع، وهي ترفع كفها وتربت على رأسها دليلا على مسامحتها، معترفة بداخلها أن ما خشيته أكثر هو أذية أبنائها، وبعد أن زال الخطر عليهم لم تعد تكترث، فهي قد تعبت من الأحقاد والغم، تريد العيش مع أولادها وأحفادها القادمين بسعادة فيما تبقى من عمرها.
)هل هذا يعني ...أنك سامحتني؟؟)... أومأت موافقة، فابتسمت صباح بأمل، وتلقفت كفيها تقبلهما بسرور، جعل الشقيقين يتراجعا عن موقفهما، بينما الحج يبتسم براحة، والفتيات تدمع مقلهن.
)شكرا لك يا خالة ... أشكرك ... الحمد لله ...الحمد لله )... نظرت إليهم بعد ان استقامت واقفة، ثم اقتربت من حق تقول بخجل وتوجس ...
)لا ادري إن كنت ستمنحينني غفرانك ...حين تعلمين أنني .. دفعتك من على الدرج بتعمد ...)... هتف ابراهيم بغضب وهو يسرع الى زوجته يضمها...
)ماذا؟؟)... تراجعت صباح خطوة الى الخلف بهلع، والبروفيسور يهم بالتدخل، لكن حق سبقته وهي تضغط على ذراع زوجها كي يهدأ، وتقول بحكمة ورُقي ....
)أنت لم تتعمدي ذلك ... أنا متأكدة... كنت مريضة ... والله لن يحاسبك على ما اقترفته وأنت فاقدة لمنطق تفكيرك ... فمن انا كي أحاسبك؟؟... الله لطيف خبير... وغفور رحيم ...هوني عليك ...).. نطق البروفيسور بإعجاب لم يتحكم في كتمه ...
)احسنت يا فتاة ... هنيئا لكم يا أبناء آل عيسى ... بنساء واعيات ...صالحات ... )... انتشرت البسمات كالعدوى، باستثناء صباح التي طلبت اليقين ...
)هل سامحتموني ؟؟... ).... تحدث الحاج إبراهيم يقول عنهم بحنو ...
)أريحي قلبك بنيتي .... لقد حصلت على مرادك ... واسأل الله ان يتمم علاجك بخير ... وتسعدي في حياتك ...)... ابتسمت أخيرا، تمسح دموعها فأشار لها البروفيسور كي يغادرا، لكنها طلبت منه الانتظار، وخطت إلى طائعة.
توترت المعنية فوجدت زوجها الى جانبها، يضم كفها داخل قبضته. والأخرى تبتسم بحزن وهي ترمق حميته تجاهها ...
)مرحبا ....)... صمتت فقالت طائعة بترقب ...
)مرحبا بك ..)... هزت رأسها وهي تضم ذراعيها إلى صدرها، تستدرك بتردد...
)لا اعلم كيف أقول هذا ؟؟.. أنا أريد التعرف عليك... في الحقيقة ...قبلا كنت أكرهك... واعتبرتك سارقة لما هو لي ...لكن ... اكتشفت أنني السارقة الوحيدة بيننا...)... قطبت ترمقها باستغراب، وهي تكمل ...
)أتمنى ان نتعرف على بعضنا... ... أنت اختي الوحيدة ... وحتى لا أعرف معنى لهذا ...لكنني أرغب بالتعرف عليه ... فما رأيك؟؟)... تشكلت البسمة على ثغرها، ترد بلطف ...
)طبعا يسعدني ذلك ... والأخوة شيئ رائع ... ولا يكون دائما برابط الدم ... صدقيني ....).. أرسلت نظرة امتنان ودفئ للبروفيسور، المتابع للموقف، فبادلها بنظرة أخرى تعني ....أن لقد تعادلنا .

..................


في وقت لاحق من الليل .... فندق ** زهرة الجبل**...

رفع رأسه الى سقف المصعد، يصفر بعبث، وهو يدس كفيه في جيبي سروال بدلته السوداء الأنيقة، يتجاهل عبوسها الطفولي المصاحب لزفرات حانقة، يكاد تنفلت منه ضحكات عالية، لكنه اكتفى بكل ما فعله بها ولا يريد دفعها إلى الحافة. فُتح باب المصعد، فتقدمته بعنف تضرب الأرض بكعب حذائها الأبيض كبياض فستان زفافها الحريري. ابتسم بمكر وهو يفتح باب غرفتهما، لا تعلم كم تعجبه في هيئتها تلك بفستانها الملاصق لمنحنياتها، تتخصر بغل أضاف إلى جمال قسماتها الصغيرة لذة أشعلت فتيل رغباته الدفينة. خطى الى داخل الغرفة حين لمح تسمرها في مكانها، انتظرها حتى نفد صبره وعاد إليها يسأل بحيرة ....
(ماذا تنتظرين يا براء؟؟... أوشك الفجر على الانبلاج يا ابنة الرزقي ....)... ضغط على شفتيه غير متنازل على جمود ملامح وجهه، وكل ما يشتهيه هو الضحك حتى تظهر نواجده، من منظرها وهي تحمر وتخضر حنقا، تهتف بانفعال ...
(وهل سأدخل هكذا .... على قدماي؟؟)... قطب بحيرة حقيقية، يرد باستغراب...
(لا افهمك؟... وكيف يدخل الناس الى الغرف؟؟).... أطلقت نفسا طويلا حتى حسبها ستنقضي من غلها، ومسدت على جبينها تقول بنبرة تعمدت ان يسمعها ...
(يا ربي ماذا فعلت في نفسي؟؟..... وماذا ينتظرني بعد؟؟)... مطط شفتيه يهتف بتهكم ....
(فات الأوان على الندم ... كما ترين ... لقد تزوجنا وانتهى الأمر... وليس بيدنا حيلة ...سوى مجابهة المجهول الذي ينتظرنا معا ....)... قلبت مقلتيها وقد اشتاطت أعصابها، تقول بغضب ...
(يا الله يا طارق .... هذا كثير علي ... أنظر.. )... رفع حاجبه مركزا، فأكملت تشير إليه ثم إلي نفسها، وكأنها تُعلم طفلا صغيرا ....
(من المفترض أن يحمل العريس عروسه ... ليلة زفافهما إلى غرفتهما ...)... زم شفتيه إلى الأمام، يضيق عينيه بتفكير، ثم قال بتفلسف ....
(من قال هذا؟؟)... قفز حاجبيها دهشة، كما أجابت ...
(وهل يهمك الجواب؟؟)... هز كتفيه بخفة يجيب ...
(أكيد .... إن كان عالما جليلا ... أو فيلسوفا عظيما ... أو ...)... قاطعته بعدم تصديق تقول ...
(وإن لم يكن أي من هذا؟! ...وأنا طلبت منك فقط !!...).... ابتسم ببراءة مزعومة يرد....
(سأفعل .... لكن.. هذه ليست غرفتنا .... وهذا خطأك أنت ... لا أعلم ما السر في اصرارك على قضاء الليلة هنا ... وغرفتي في بيتنا أكبر وأوسع.... لعلمك فقط ...)... ضربت رجليها بالأرض تهتف وهي على وشك البكاء...
(يكفي ...لم اعد أريد منك شيئا ... أخبرتك من قبل ...انا لست من الجبل... وتقاليدنا مختلفة... ومع هذا فعلت كل تقاليدكم إكراما لوالديك .... وأنت ... انت جعلتني مصدر سخرية لكل صديقاتي واهلي ... كل مرة اتوسل فيها اليك ..كي تتنازل وتقوم بتقليد من تقاليدنا ...).... اقترب منها يقول بحنق وقد نسي تماما أين هما ...
)وهل تسمين الاستعراضات التي قمت بها الى جوارك .... تقاليد ؟.. يا ظالمة ... سبع ساعات ....وأنا اغير من زي لآخر ...لم تتركي زيا رسميا ... لأي مدينة على الصعيد الوطني ... وتجاوزت ذلك إلى الهندي و الغربي ..... لقد كنت فُرجة... للناس فاقدا هيبتي ... وأنا الذي لم يتقبل الاستعراضات العسكرية ويتنصل منها ...بأي سبب .... تجبرني سنفوره صغيرة ... على الجلوس فوق الطيفور... والتلويح للناس... وكأنني ملك يجامل رعيته ....)... عضت شفتها السفلى غيضا، تحدجه بنظرات غاضبة متبادلة، ليجفلا الاثنين على نبرة رسمية بلمحة قلق...
)عفوا سيدي ...هل من مشكلة؟؟)... ضمت ذراعيها إلى صدرها، لا تتنازل عن عبوسها، فقال بامتعاض متهكم...
)أبدا... الرواق نال إعجابنا ...فتمهلت والسيدة حرمي ... لنتأمل حُسن بهائه ... )... تنحنح العامل بحرج، فنفخت براء تهم بالدخول مستسلمة، لكنه أوقفها، ثم أشار للعامل ...
)انتظري!! ... وأنت انصرف لو سمحت ...سندخل غرفتنا حالا ...)...اختفى العامل في رمشة عين، ونظرت إليه ساخطة، لتشهق بشدة حين حملها بخفة، كأنها لا تزن شيئا، ودخل بها إلى غرفتهما.
)ماذا الآن؟؟... اضعك ام أن هناك وقتا محددا؟!...).. كانت على وشك الرد بحنق، لكنها حولته الى مكر تجيب بدلال ....
)يقولون... كل رجل على حسب قوة تحمله ....)... عاد يرفع احد حاجبيه، يرد ساخرا ...
)سيمر اليوم بأكمله... ونحن هكذا ...فأنت بوزن الريشة ... ).. ابتسمت له بصدق تقول، وهي تتشبث بعنقه .. ...
)شكرا لك ...).. بلع ريقه متأملا ثغرها الباسم، يسأل بريبة ..
)شكرا على ماذا؟؟)... (لأنك غازلتني)... ردت، فقطب جبينه حيرة، يقول...
)كيف ذلك ؟؟)... جعدت دقنها يأسا تفسر ...
)قلت عني رشيقة ... شكرا لك ..)... صمت للحظة يفكر، ثم قال باستغراب ...
)لقد قلت وزن الريشة ... وأنت)... لمح تحول نظراتها الى التوحش، فابتسم بمرح مفتعل يستدرك ...
)أنت رشيقة ... طبعا رشيقة ... لكن بالله عليك ... ألغي هذا التقليد ... الفجر سيؤذن بعد ساعتين لا أكثر ...وأنا لم أغب عن صلاة فجرٍ .. منذ الصغر ... ولن ابدأ زواجي ..بالغياب عن الصلاة .... أنه فأل شؤم علينا ...).. هزت رأسها موافقة، فوضعها عل الأرض. حل عليهما الصمت ليشملهما التوتر، فقالت بخجل زحف إليها رغما عنها ...
)ألن تغير ثيابك؟؟)... لم يجبها وسأل بدل ذلك ...
)هل أنتِ على وضوء ؟؟)... هتفت حين تذكرت وهي تضرب على جبينها .. ..
)أجل... الصلاة كدت أنساها... لقد اوصتني أمي بذلك ..).. بحث بعينيه عن سجادة نظيفة، يغمغم بتهكم ...
)فيها الخير..)... (ماذا قلت؟؟)... ابتسم بظفر حين وجدها، يقول بجذل ...
)حماتي ... فيها الخير)... أومأت بلا معنى، وسحبت عباءة مفتوحة من حقيبتها، لتضعها فوق فستانها، ثم صلى بها.
أنهيا الصلاة، ثم اقترب منها فعادت إلى الخلف خطوة، ورمقها بدهشة من فعلتها، لتتهرب قائلة بتوتر ..
)ألن تغير ثيابك ؟؟)... ابتسم يقول بمزاح وهو يضع كفه على راسها من فوق طرحتها البيضاء...
)مالك انت وثيابي؟..)... احمرت أكثر، فاتسعت بسمته وهو يتلو الدعاء، ثم قال ....
)انتِ ايضا لم تغيري فستانك...)... شبكت كفيها، تتلعثم بحروفها ...
)ا.... جل... س.. أغير... ال...ف)... ضحك يضيف الى توترها الذي نال اعجابه كما يعجبه حنقها، انه فعلا يحبها في كل حالاتها ...
)ما بك ؟؟... لو لم أكن أعرفك حق المعرفة... لقلت انك تموتين خوفا ...ورعبا ...).. عادت للعبوس بسبب سخريته، تهتف بحمق ...
)لست خائفة...).. تحداها وقد وجد إليها المسلك ...
)بلى ...و ترتجفين خوفا ...)... (لست خائفة... قلت لك! ..)... استجابت لتحديه مستنكرة، فقال بتصميم ...
)برهني على ذلك ...).. ضمت بين حاجبيها، وهي تمسد على فستانها، مستفسرة ...
)كيف؟؟)... (اقتربي)... أشار إلى المسافة بينهما، فخطت إليه تلجم توترها، وخوفها من القادم. وقفت أمامه تطرق برأسها، فقال مجددا ...
)ارفعي رأسك ...)... رفعته بكبرياء، تنظر إليه بتصميم، فمال إليها مسحورا بنظرة عينيها التي برزت زرقتهما بفعل تحديدهما بالكحل. وحين لم يفصله عن شفتيها، سوى انشات قليلة، شهقت بتأثر، فهمت بالفرار منه، إلا أنه كان اسرع منها، ينقض عليها مطبقا على كتفيها بقبضتيه القوتين، فقالت بتوجس ...
)ماذا تفعل ؟؟)... اقترب من وجهها يجيب بسؤال ...
)وماذا يفعل المتزوجون؟؟)... شهقت مرة أخرى، وانتفضت تحاول الفكاك منه، إلا أنه شل حركاتها يهتف بضجر ...
)اتبتِ كي أقبلك يا فتاة ... الليلة ستنقضي ... ونحن نتجادل بلا فائدة ...).. لم تستسلم تهتف منفعلة ...
)لماذا تتحسر على الليلة ؟؟... فلتنتهي ... هناك الغد .... وبعده... وبعده.... بإذن الله ...).. حملها مرة أخرى، و وضعها على السرير، ثم نزع سترته و مقلتيها تتسع صدمة تتمتم ..
)م .... ذا... ت... فعل ؟؟)... بدا بفتح قميصه يرد بتهكم ...
)ها انا ذا انزع ثيابي ... الم تسأليني مرتين ؟؟).. فتح قميصه بإهمال، ثم استلقى جوارها، ومد يديه كي ينزع طرحتها، استنكرت مجددا، فقال بجدية ...
)براء ... نحن تزوجنا ...فسلمي بذلك ...أفضل لك .... لن نقضي الليلة في مصارعة للديوك ... )... أمال رأسه متراجعا عن حديثه يصحح، والأخرى تراقبه بصدمة، وهو يرمي الطرحة جانبا ويمسد خصلات شعرها بعبث ...
)حسنا .. إنه نوع من المصارعة .. لكن حتما ... ليست للديوك ....)...(ماذا تقول؟؟)... قاطعت هدره بدهشة، فأمسك وجهها بين كفيه يجيب وهو يهل عليها ...
)ماذا تريدين براء؟؟.. مغازلة؟؟... حسنا ... أنت جميلة جدا في فستانك الأبيض هذا ..)... استكانت ومقلتيها لا تزالان في اتساع تراقبانه بحب شع منهما، وهو يكمل ...
)كأميرة بحق.... وعينيك ... تلك الزرقة تشع بألوان... على درجات حسب مزاجك ... وأنا ... أنا ...)... لفحته انفاسها الدافئة، فالتقط شفتيها في قبلة محمومة، قطعتها تسأل بغباء ...
)أنت ماذا؟؟)... مطط شفتيه بامتعاض يرد .....
)لن تسهليها علي ...أليس كذلك ؟؟)... ضحكت بغنج أجّج النار في احشائه، وهي تدلل عليه ...
)أبدا ... مستحيل)... ضحك معها، فقال قبل ان يغيبها معه في لعبة كانت كل شيئ، سوى المصارعة .
)أحبك يا سنفورتي ...)....
بعد مدة ....ضمها يلهثان، من فرط المشاعر المتأججة، فقال بمزاح ....
)لقد اخبرتك ..بحبي ولم تفعلي ... نقطة لصالحي ...يا جبانة ...)... كانت تلك حدودها، لكن لن تكون براء، ان هي استسلمت له، لذا دست وجهها في صدره وهتفت بشجاعة ...
)أحبك يا تنيني ... وأنا لست جبانة)... جلجلت ضحكته حتى رفعت رأسها تراقبه بانبهار، وأجفلت على غمزته يسأل بعبث لم تعهده منه ...
)ما رأيك بالمصارعة ؟؟)... اختفت تحت اللحاف، فضحك مجددا يستطرد ….
)أخبرتك ...جبانة...)... نطقت من تحت اللحاف بعند وتحدي ...
)لست جبانة ... وأنت.... لا تخجل ...)... انضم إليها يضمها إليه، وكله امل في مستقبل مشتعل، يضج بالحياة... معها... هي ... سنفورته.
……………….

صباح اليوم التالي .... في المطار ....

رفع كفه يشير لمريم، التي أسرعت تجر حقيبتها تهتف مستفسرة ...
)هل تأخرت؟؟)... هز رأسه سلبا، ولمح صباح تركض نحوه هي الأخرى تقول بقلق ...
)ظننت انني لن ألحق بك ...).. مسد على لحيته ثم قال لمريم ..
)الباب الثاني على يمينك ... ادخلي هناك وانتظريني ...)... أومأت قبل ان تبتعد، فقال البروفيسور ...
)ماذا هناك صباح؟ ...لقد تحدثنا أمس.... وأخبرتك.. لا يمكنني الزواج منك ...وليس لعيب فيك ...بل في أنا)...
اقتربت منه تقول بتردد، والجرح ظاهر في نظرتها الخائبة ...
)لا اصدقك ... هل هناك امرأة أخرى؟ ...فقط أخبرني...)... زفر بتعب، وهو يمسد على رأس عكازه، ثم قال ...
)ليس هناك أي امرأة أخرى .... ولن تكون ...من فضلك صباح ...أنا لن اخبرك بأكثر من هذا ...)... مسدت خلف عنقها بتوتر، ثم قالت بتوسل ...
)كيف سأعيش من دونك ؟... أنا اشعر بالخواء كلما غادرت المدينة ..)... دغدغت قلبه هو يعلم أنها صادقة، فلم يعد تعلقا إنما تأثرا بشخص تفهّمها وتعامل معها بحرفية. ليقول بحرج غلفه بمرح ...
)سأغتر يا صباح ... من يسمعك سيحسبني وسيما ...)... لم تستجب لتهربه، تتطلعُ إليه بحزن ممزوج بخيبة وبؤس. تنهد ثم قال بحنو ...
)صباح ... أنت فتاة جميلة ... شابة صغيرة ... لا تضيعي أيام حياتك ...تلهثين خلف السراب ...ستجدين الحب الحقيقي .. وتسعدين ... فلا أكون إلا ماض ... يختلط بالوهم ...)... نطقت بنبرة متهدجة ..
)ماذا لو كنت أنت ... الحب الحقيقي؟؟... كيف تعرف أن ما أشعر به نحوك ليس صادقا؟؟)... زفر باستسلام وقد حاصرته في الزاوية، ثم قال بعد تفكير ...
)سنبرم اتفاقا ... حاولي عيش حياتك ....ونسياني .... وإن لم تفلحي في ذلك بعد سنة أو اثنتين.... سأخبرك بكل شيئ ...وأترك لك الخيار ...)... برق الأمل بسناه في بنيتيها الغامقة، تقول بلهفة واضحة ...
)أنا موافقة ... لكن عاهدني ...).. ابتسم بصدق، يقول بتصميم ...
)أعدك بذلك ..... اعتني بنفسك ...وبعلاجك ...)...


بعد ...... أربعة أشهر ....

الجامعة .....

بسط ذراعيه يتنهد بتعب، دون ان تغفل مقلتيه السوداوين عن بحثهما المستمر، ليباغته صديقه بمرح ....
)كيف كان الامتحان؟؟)... رد عليه بامتعاض...
)طلاسم .... لكن لا بأس ..أظنني سأفلح ..).... ضحك منصف، فلاحظ بحثه ليقول بمكر ...
)لن تتحدث معك ... والدها كان واضحا ... فلا تفسد الأمر... بحبك يا قيس على رأي شقيقك...)... زفر بضجر، يُقر بصدق صديقه، فالحاج وافق على الخطوبة على مضض، بشرط أن لا يحاول لقاءها إلى ان يتزوج بها، لأنه حسب رأيه لا داعي لتأجيل الزواج لأسبابه، التي يعتبرها الحاج عبد الله غير مقنعة. فما الذي سيمنعه عن الدراسة والعمل بعد زواجه؟!، وهو يستطيع الباءة رغم عدم تخرجه بعد، فلما الانتظار؟!. لكنه أصر على موقفه، وبمساعدة من جده وياسين، ودفعة من ابراهيم وافق غير مقتنع البتة.
أجفل على نبرة منصف الجدية يقول ....
)إنها هناك ...مع أختها ....).. مطط شفتيه بتهكم يلتفت إليه، ويرد بسخط ...
)وبماذا سيفيدني إن لم أستطع لقاءها ؟؟.... الحمد لله ...أنها تأتي فقط للامتحانات...)... قاطعه منصف وهو يسحبه بحزم يهتف ...
)أنت مرغم على ذلك ... هما في مأزق أسرع.....)...
قبل لحظات ....

انتظرت قرب باب قاعة الامتحانات تنتظر حق، بعد أن خرجت من قاعتها، تفر من الأعين الفضولية، وكأنها لم تكن هنا قبلا من أجل الامتحانات السابقة، لكنها افلحت في الفرار من سموم نجوى وحتى هيثم الذي لمحت بحثه عنها، اختبأت منه حتى أنهت امتحانها، لا تعلم لما. تنشد نسيان خطئها فلا تريد حتى ما يذكرها به. وفي المقابل قلبها الولهان انشغل بالبحث عن وجه آخر سكنه حتى النخاع.
)انظروا من هنا... يختبئ كالجرذ المرعوب!! ....)... تنفست رواح بعمق، ثم استجلبت كل ذرة تعقل لديها، واستدارت إليها تقول بجفاء ...
)ابتعدي عني نجوى ...)... ابتسمت ساخرة، تقول بحقد ..
)لقد فعلت سابقا ..وانت من لاحقتني ...)... (بلى ...ودفعت الثمن غاليا ...فهمت ...وداعا ...)... ردت بعبوس، فقالت نجوى دون ان تتحرك من مكانها ...
)لا ...الثمن الغالي حقا ... لو كنت عدت لعاهتك ...او حتى فقدت إحدى قدميك ...)... شهقت رواح بصدمة، في نفس اللحظة التي خرجت فيها حق شاحبة تمسح عن وجهها العرق، وتربت على بطنها المنتفخة بألم لم يلحظه أحد...
(هل أنت من تسبب بوقوعي؟؟)... اتسعت بسمة نجوى المتشفية وهي تتخصر، فاستطردت رواح بعدم تصديق ...
)لقد فكرت في ذلك ... و لم أصدق نفسي ... لكنك بذلك التوحش بالفعل ...يا إلهي ...ألا تخشين من العقاب؟؟)... ردت بحقد دون ان يرف لها جفن ...
)ومن سيبلغهم ؟؟... أنت؟؟... لا شاهد لديك ....)... (أنا سمعتك....)... أجفلهن هيثم يهتف بغضب، فاقتربت حق من رواح تسأل بخفوت، وعدم تركيز، بينما الأول يستدرك ...
)لقد تماديت يا نجوى.... ويجب أن تُعاقبي ..)... تجمدت نجوى في مكانها، يبدو أنها لم تحسب حسابا لابن عمها، فقالت راوح قبل ان تسحب التي يزيد شحوبها مع كل لحظة تمر ...
)لن أبلغ أحد... الله كفيل بك ...هو من سينتقم لي منك ...يا نجوى)... انسحبت وأختها، فتبعهما هيثم يهتف بدهشة ...
)هل ستتنازلين عن حقك ؟؟)... توقفت تستدير إليه، وهم غافلين عن التي تشجنت ملامح وجهها، تهمس بوجع ...
)رواح ؟!)... (انتظري حق .... ماذا تريدني أن افعل يا هيثم ؟؟... لقد اكتفيت من الانتقام والكره .... لم يعد يهمني ....)... صمت هيثم، فتدخلت نجوى تقول بسخط ...
)كفّ عن التدلل لها يا هيثم ... واحذرك من الوشاية بي ... سأخبرهم بحبك العظيم لها ... لا أظن خطيبها سيقبل بذلك ؟؟)..
)و ما الذي لن يقبل به خطيبها؟؟)... باغتهم عيسى من خلفه منصف الذي ينظر الى حق بتمعن قلق، لتشهق رواح خوفا من تفاقم المشكلة، خصوصا ونجوى تكمل بتشفي ...
)أن يلاحق شابا آخر خطيبته .. الى درجة ان يتهم قريبته بجريمة.... لمجرد تملقها ....)... انحنت حق غير قادرة على مجاراة حوارهم، تمسك على ظهرها وبطنها، غافلين عنها باستثناء منصف الذي بدأ بالتقرب نحوها.
همت رواح بالدفاع عن نفسها، لكن عيسى كان سبّاقا يهتف بحنق ...
)هيثم من الأفضل لك ان تلجم قريبتك ....لأنك حتى لو كرهتها ...لن يعجبك ما سأفعله بها ...فكن رجلا واسحبها الى بيت أهلها... واخبر والدها.. ان يعيد تربيتها ...)... كان دور نجوى لتشهق بحدة، في نفس الوقت الذي امسكها هيثم بقوة آلمتها، يجرها بعنف، بينما يهتف بغضب ...
)أنت محق .... وأنا رجل ..رغما عنك ...وعنها ...)...
)سيدة حق ... هل أنت بخير؟؟)... التفتا كلاهما مجفلين من نظراتهما المتبادلة، على سؤال منصف، لتنتفض رواح تمسك بأختها وتهتف بقلق ...
)حق ...حبيبتي ....ما بك؟؟)... تأوهت بضعف، تقول...
)يبدو انني على وشك الولادة... ).... نظرت رواح الى عيسى بخوف تستنجد به، فقال قبل ان يركض ...
)سأحضر السيارة ... منصف اتصل بإبراهيم ...وأنا سأتصل بإسماعيل ...كي يستقبلنا في المشفى....)...

المشفى ..... بعد ساعات ....

اجتمعت العائلة منتظرين في أحد اروقة قسم الولادة، فاقترب عيسى من رواح يهمس برقة ...
)لا تبكي... ستكون بخير ...ان شاء الله )... مسحت دموعها ترد بقلق ...
)لقد تأخرت كثيرا ...أنا خائفة ....).. (لقد سمعت الخالة شمة تخبر الجميع أن الولادة البكرية ... عادة ما تأخذ وقت طويلا ... فلا تخافي ....)... اومأت بتفهم، وانتفضت حين سمعت نحنحة والدها المهل عليهم، فأسرعت تقبل يده وتخبره بما حدث، ليربت على رأسها ويرمق عيسى بنظرات شاكرة بحزم، جعله يطرق برأسه ويبتعد عن مجال نظره.
جاء الفرج وخرجت الممرضة إليهم، تحمل الرضيع تبشرهم...
)مبارك عليكم .... إنه صبي جميل ...أصلحه الله ... )... ناولته لإبراهيم الذي أسرع اليها يسأل بلهفة ...
)وزوجتي.. كيف حالها؟؟... )... طمأنته فشكرها، وقدم لها إكرامية، ثم نظر إلى المخلوق الصغير بين يديه بمقلتين لامعتين من التوتر والحماس، التفوا حوله حتى الحاج عبد الله، يقول بحزمه الذي تخلله بعض السرور، ينفلت منه رغم عنه ..
)سمي الله ..وأذن في أذنيه ...يا ابراهيم ...ماذا تنتظر؟؟).... أطاعه ثم سلمه لجده، قائلا ....
)تفضل جدي ... أذن له أنت أيضا.....)... ملأت البسمة وجهه، وهو يتلقفه بحذر ويحمد الله على عطيته.
مالت طائعة على زوجها تهمس بمرح، حين سلمه الحاج ابراهيم للحاج عبد الله ...
)يبدو أننا سننتظر طويلا ...حتى نحصل على فرصة ...لرؤية الصغير ...).. ضحك يضم كتفيها، قائلا بنفس الهمس ....
)أنا بالفعل انتظر ... ولقد مرت خمسة اشهر .. ولم يبقى سوى أربع... ونستقبل صغيرا يخصنا وحدنا ...)... منحته نظرة تشع سعادة، لم تخفى عن من حولها.

شعرت بدفئ على جبينها، ففتحت مقلتيها بتعب، لتقابلها نظرات زوجها القلقة يسألها برقة ...
)كيف تشعرين حبيبتي؟... كان يجب ان أصدق حدسي صباحا... كنت تعبة ..لكن ظننته من الدراسة .. والامتحانات....)... ابتسمت بتعب تجيب بخفوت ...
)الحمد لله.... أنا بخير... أين هو الصغير؟)... ضحك وهو يمرر كفه على وجنتيها يرد بمرح ...
)لا اعتقد أنك سترينه قريبا ... إنه يتنقل من حضن لآخر... سيفسدونه لا محالة ...)... اتسعت بسمتها وجفنيها يثقلان، حتى غفت، فقبل جبينها بحنو يحمد الله على سلامتها.
………………..

بعد أسبوع.... منزل ...آل عيسى ....

امتلأ بيت آل عيسى بالمهنئين طوال الأسبوع كما ذبحت الذبائح في سبيل الله وفُرقت على المحتاجين حمدا لله على نعمه، واثنان منها للعقيقة سنة مؤكدة عن الرسول صلى ألله عليه وسلم، في اليوم السابع الذي نُظم فيه حفل السبوع، ودُعي اليه جميع الأقارب والجيران والأحباب.
ارتمى على مقعد في الحديقة الخلفية يستريح لوهلة، قبل أن يعود إلى مساعدة باقي الشباب في خدمة الضيوف من الرجال. ليلفت انتباهه ضحكات خافتة تعرف عليها قبل ان يتتبعها، ليجد صاحبتها تجلس أسفل الدرج الخلفي لشرفة غرفتها، وعلى رجليها لفة علم راسا من فيها.
تسمر مكانه يتأمل طفوليتها وهي تضاحك الرضيع ببسمات غاصت بقلبه، وحركات تتعمدها كي تلفت انتباه الصغير، ليقرر النطق أخيرا بعد ان شعر بصدره يضيق بدقات قلبه ...
)هل تعلم والدته أنه معك؟؟)... أجفلت تشهق، فضحك يومئ بيأس يكمل . ...
)يا إلهي.... لقد سرقته...).. عبست ترد بسخط ....
)أنا عمته ... ولست سارقته .... والدته كانت نائمة ... ففكرت في إلهائه قليلا ....كي ترتاح....)... اقترب منها ينظر الى الصغير الشهي بجماله الفطري، يقول بمرح ...
)لقد أصبحت بالفعل عمة ....)... اتسعت بسمتها تؤكد على حديثه بسرور...
)اجل ...أنا لا أصدق ... انظر اليه ... إنه صغير جدا ... بريء ...و....)... لم تجد الكلمة فأكمل عنها، بغموض ...
)شهي ... براءته... تمنحك الأمل... وحب الحياة ... وعيشها بكل شعور وعاطفة جميلة ...)... قطبت بحيرة، انقلبت الى مكر ترد وهي تقوم منصرفة ...
)ما هذه التشبيهات الغريبة ؟؟.... الناعمة !!... لكن ماذا انتظر من شاب اسمه منصف؟؟)... ويا لغرابتها لم يجبها، يشيعها بنفس نظراته الغامضة، كبسمته يهمس بعد أن اختفت من امامه ...
)لم تفهمي لأنك صغيرة .... لكنك ستفعلين يوما ما ....يا صغيرتي ......)

مساء ..... غرفة ابراهيم ....

دخل الى غرفته يجر قدميه تعبا، ليجد حق جالسة على السرير تراقب رضيعها المستلقي أمامها وتبكي بحرقة.
اسرع إليها هلعا يهتف وهو يتفقد الصغير...
)ماذا هناك حق؟؟...ماذا به محمد ؟؟)... أجفلت فردت ببكاء ...
)إنه بخير ابراهيم ...حفظه الله من كل شر ...)... تنفس الصعداء يهوي جالسا قربها ثم سأل بقلق....
)إذن ما بك ؟؟... لماذا تبكين؟؟)... رفعت إليه مقلتيها المحمرة بكاء تجيب بصدق ...
)أنا سأفسد محمد ... ولن يتربى جيدا ...)... قطب زوجها بحيرة، يسأل مجددا ...
)لماذا يا حق ؟؟... أنا لا افهمك ...)... بللت شفتيها تقول وهي تمسك كفه برقة، وكأنها تشكو له همها ...
)أنا أحبه جدا ... واضعف كل مرة انظر إليه.... لن استطيع ان أعامله ...كما عاملتني أمي ميمونة ... ولا كما تعامل الأمهات أبنائهن ....)... أسدل ابراهيم جفنيه وقد فهم قصدها، ثم قال بهدوء ....
)حبيبتي .... آسف لما سأقوله لك ...لكن معاملة زوجة أبيك لك ... ليست مثالا يحتذى به ... بل هي نسخة سيئة عن الأم...).... قاطعته مستنكرة...
)لكن كل الأمهات صارمات مع ابنائهن .... ألم ترى الخالة شمة ... وأمي إيجة ؟!....)... رقت مقلتيه لبراءة حبيبته يضمها إليه مفسرا...
)حبيبتي ...الخالة شمة ...نعمة الأم هي ... تعامل بصرامة ...حين يخطئ الابن ...وتعلمه القواعد ... لكنها تحمل حنان العالم كله في قلبها ... حين كنت صغيرا ...كانت تضمني اكثر من امي... ولولا أنها تستحي مني الآن... لكانت فعلتها كما تفعل مع عيسى ...وأبنائها من صلبها .... وأمي أيضا... حنونة علينا بل ودللت عيسى كثيرا.... وكان لتدخل الخالة شمة وجدي في تربيتنا الدور الكبير بعد الله ...في تقويم سلوكنا .... )... نظرت إليه بحيرة حقيقية، فضم وجهها يضيف بحنان ....
)أنت ستكونين أحلى واحن أم ..... بإذن الله ... فطرتك السليمة ... وايمانك وتمسكك بالله ... سيرشدك إلى الطريق السوي ...كي تربي أبناءنا تربية حسنة ...... رزقنا لله ذرية صالحة ....امنحيهم كل الحب الذي تشعرين به .... ولا تنسيني أنا أيضا....).. ابتسم في آخر حديثه، فبادلته البسمة تقول بخجل ...
)انت الأصل...... حبيبي)... تنهد ابراهيم يسحبها على صدره ويستلقي على ظهره، يجيب بسرور ...
)آآه .... يا حق ...لا حرمني الله منك أبدا ... وأدام الله علينا نعمه سبحانه .....)...
………………….

بعد .... سنتين ....


المشفى.....
دقت عليها باب مكتبها، فاستدارت إليها تبتسم قائلة بلطف ....
)ادخلي ... من فضلك ... )... دخلت فتاة في السابع عشر من عمرها، سمراء كلون القمح، مليحة الملامح تبتسم بحلاوة، وهي تمسك أدوات التنظيف، تقول برسمية ...
)صباح الخير دكتورة طائعة... لا اريد ازعاجك ...يمكنني العودة بعد قليل ...).. حملت طائعة حقيبة يدها، ترد وهي تدس في جيب بلوزة الفتاة، إكرامية...
)سأنصرف يا حلوة .... شكرا لك ...)... أوقفتها تسأل باحترام تكنه لها ...
)كيف حال صغيرك ابراهيم؟؟)... اتسعت بسمتها، وهي تربت على رأسها...
)يتعبني جدا ... ويثير جنون محمد الهادئ ... ابن عمه...)... سارعت ترفع كفيها الصغيرتين، تدعو بصدق ...
)حفظهما الله واصلحهما ...يا رب ...)...أمنت طائعة على دعوتها، ثم قالت قبل ان تغادر ...
)هل تعرفين مكان بيت آل عيسى ؟)... أومأت بتأكيد، فقالت ...
)تعالي بعد نهاية عملك .... أنت مدعوة لعرس عيسى آل عيسى ...)... أجابتها ممتنة تقول بسرور ...
)إن شاء الله لدكتورة... شكرا لك ....)...
……………..

مكتب اسماعيل ....

يجلس أمامه على أحد كرسيي الضيوف، والبروفيسور على الآخر، يرمقه بترقب، فقال ...
)إذن ستتزوج من صباح ؟؟)... أجابه بتفكه ...
)أصبحت طائعة ثرثارة جدا ... لم تكن كذلك قبل زواجها ...صدقني ....)... (لا أحد منا بقي على حاله بعد زواجنا... وأنت لم تجبني ...)...
ضحك البروفيسور يرد بمرح ...
)لا أعرف... سألتقي بها بعد قليل ... وسنرى ... لقد أتيت إلى هنا مباشرة ...كي أسلم عليك وعلى طائعة .. وأخبركم انني سألبي الدعوة ...بإذن الله .... فقد اشتقت إلى ابراهيم جدا ...وحتى ابن اخيك ...محمد ... لي نظرة في الناس ...وذلك الصبي ...مختلف .... مختلف جدا ... حفظهما الله ...)...
هز راسه يؤمن، فأكمل البروفيسور بمكر ...
)هذا لا يعني انني أقلل من شأن ابنك.. فهو أيضا ذو شخصية خاصة به ...)... امال إسماعيل رأسه يرد بنفس مرح محدثه..
)لا يزالان صغيران ... والإنسان يتغير على مدى مراحل عمره ....).. جادله البروفيسور بحكمة ...
)لكن أساس الشخصية يظهر منذ الصغر ... خصوصا إن كان الطفل ...يحظى بوسط صحي ...مستقر ... وعائلتكم ما شاء الله ... بيئة صحية ...)... هز اسماعيل رأسه بفخر، فقال البروفيسور يجيب بعضا من الاسئلة التي تلوح له في مقلتيه كل مرة يلتقيان فيها ...
)هل تعلم يا إسماعيل؟؟... لما لفتت طائعة انتباهي ...من بين المئات الذين أدرس لهم .... كل سنة ؟؟...)... لفت هو انتباهه ولمعت مقلتيه بفضول، لتتسع بسمة البروفيسور يكمل بلطف.....
)هذا هو الشيء الوحيد الذي لم اخبر به زوجتك .... أن اسمها ...كان على اسم والدتي ..... طائعة).... غلف اسماعيل نظراته المشفقة بالرسمية، فهم بالحديث لتقاطعهما وهي تلج المكتب تهتف ببهجة ...
)وهي الآن أصبحت تعلم .... كيف حالك بروفيسور؟)... استقام واقفا يرد بسرور حقيقي ...
)بخير... كيف حالك أنت؟ ... مع الصغير .. ومع والدك وأختك؟ ...)... ردت بنبرة ممتنة.....
)بخير الحمد لله ...).... أكمل عنها إسماعيل يدعي السخط، وهو يضم كتفيها ...
)والدها لا يزال يضمها مرة كل مساء وصباح .... والباقي ..يضمها فيه ابراهيم الصغير .... )... قفز حاجبي البروفيسور يرد ساخرا ...
)وأنت يا مسكين تقلصت حصتك ...)... احمرت طائعة بحياء، وإسماعيل يومئ ضاحكا، فاستدرك ...
)لدي حل جيد ... أعطي إبراهيم لجده زكريا... واخطف أنت زوجتك ...لتبقى لك حصة الأسد....)... رمقتهما بعتاب، وإسماعيل يجيب ....
)لقد كان بالفعل يأخذه الى والده ...ولا يعود به ....حتى نهاية دوامنا ... لكن...).. صمت ممتعضا، فأكملت طائعة بحزن ..
)تشاجرت معه زوجته ....فهي لا تطيقني ...فكيف ستطيق ابني؟؟ ... وأبي هددها بالطلاق ... وكاد يفعلها .... لو لم نتدخل ...لذا اتفقت معه ومع جدي احمد .... على ان يأتيا لزيارته في بيتنا ... ونتجنب المشاكل ...)...... زفر البروفيسور بدهشة ثم سأل بغموض ...
)وما كان موقف صباح؟ ...)... ابتسما كلاهما ترد هي ...
)تشاجرت مع أمها ... وغضبت جدا ...لما فعلته ... لقد تغيرت ... بالفعل ...واتمنى ان تمنحا نفسيكما فرصة ... قد تسعدا مع بعضكما ...)... ضم شفتيه ثم قال منسحبا ...
)أراكما الليلة .... بإذن الله ...)... غادر فهمس اسماعيل بريبة ...
)لم اقتنع بعد ..)... قبلته على وجنته تقول بتفاؤل ...
)احسن الظن بالله .... صدقت حق ...)...
…………..

في مطعم ما .....

منذ ان التقت به وهي تبتسم ببلاهة، لا تصدق أنها أخيرا استطاعت إقناعه، بما لم يفعل احد من قبل ...
)ماذا ستشربين؟؟).... بللت شفتيها تقول بفرح ...
)أي عصير لا يهم ...)... طلب العصير لكلاهما، ثم وضع كفيه على سطح المائدة بينهما، يقول بهدوء ...
)إذن أنت مصرة يا صباح .... لا أخفيك من الأمر شيئا ...لقد تفاجأت ...ولم أظن أن أحدا ما ...سيحبني لهذه الدرجة ... لكن لا تزال هناك عقبة .. أجّلت الحديث عنها ... ما استطعت .. أملا في ان تنسيني ... وتعيشي حياتك ...لكن الحب غريب بالفعل ....)... رفعت كفيها هي الأخرى تضعهما على المائدة، تجيب بحب...
)اخبرتك مشاعري حقيقية .... ولم انسى امرك يوما واحدا... ونبرة صوتك ....تملأ عقلي وخيالي ... كل يوم بل كل لحظة ... حتى في بعدك ...)... لقد نجحت في تحريك مشاعره، هو
الذي وأدها برغبته، وسخّر نفسه لفعل الخير ومعالجة الناس. لكنه يخشى أن تتراجع بعد ان تسمع منه، أجل شق أناني داخله يخشى من تراجعها. هو الذي دفعها لتبتعد بكل طريقة ممكنه، لكنها حاربته لكي تصل إليه، وقد نجحت ...
)أمي كانت مريضة بالفصام ...ظهر بعد زواجها بسبب ضغط تعرضت له من اهل والدي ...وهي كانت قد تعرضت لأذى آخر في صغرها....من زوج والدتها.. )... تحدث بسرعة، خوفا من جبنه وتراجعه هو، فاطرقت السمع بتركيز وهو يكمل بوجوم ...
)كان أشد أنواعه خطورة ...وسوء ... حيث تسمع أصواتا داخل رأسها... وتتوهم أمورا لا منطقية .... ثم تتحول الى شخصيات مختلفة ... منها ... الصارمة ...والحنونة ... والجريئة ... والمجرمة ...)... بلعت شهقتها ، فهي قد تلقت من أختها تحذيرا دون أن تحكي لها عن كل شيئ، لكنها أعطتها لمحة بعد أن طلبت منها المساعدة كي تتقرب منه.
)شخصيتها المجرمة ...آذتني جدا ....وآذت والدي الذي أحبها بشدة ...لكن بسبب أهله ... اضطر لتطليقها .... وأنا كنت مجرد طفل ... وبعد تفاصيل كثيرة .. لا تهمك ... قتلت نفسها ...)... صمت قليلا ثم أضاف بألم طفى على ملامحه...
)حين استعادت وعيها ... قررت انهاء حياتها قبل ان تغيب مجددا ... وتناولت سُما قاتلا ...)... رقت نظراتها، وقد اخذتها به رأفة وبوالدته، وهو يكمل مدافعا عن ذكراها ...
)كنت متأكدا من أن بها خطب ما ... رغم صغري ... فقد كانت تتغير ..وذكرياتها ومواقفها في فوضى عارمة ... وحين تكون هي ...تضمني إليها وتبكي ... تبكي فقط ...)... نطقت أخيرا تقول برقة ...
)رحمها الله .... لكن يجب ان تعيش حياتك ...ولا تدفن نفسك ...هي لن ترضى بذلك ...)... بلع ريقه ثم قال ...
)أنت لا تفهمين صباح .... لقد تسببت لي بأذى كبير ...وعميق في نفسي ... منها ... منها ...)... تلكأ قليلا ثم أكمل بإصرار...
)العجز الجنسي ...).. لم تتحكم في شهقتها، وهو يكمل بمرار ...
)لقد تعالجت ...وتحسنت كثيرا ... حين قابلت طائعة ... لكن ذلك الجانب لم أكثرت له ...لأنني ومنذ زمن ...قررت عدم الزواج ... لأسباب كثيرة ...منها أنني نذرت نفسي للطب النفسي ... كي أساعد أمثال امي ...وأمثالي ... اما السبب الأساسي... أنني عشت خائفا من ان أصاب بالفصام .... فأعذب أسرتي ...لذا عزفت عن الزواج... فلم اكثرت لعجزي .. بالعكس فقد كان سندا لي ...)... ألجمت الصدمة فمها، فأضاف بحزن ...
)أنت حرة يا صباح ...صرت تعلمين كل شيئ ... إن كان حبك لي كبيرا ... وقررت الارتباط بي ...سأكمل العلاج ...).... قاطعته تسأل..
)بدأت في العلاج ؟؟)... أومأ، فقالت مندهشة ...
)لن اكذب عليك ...لقد صدمتني قصة حياتك ... )...
)اعلم ... ولك كل الحرية في التراجع...)... ضغط على نفسه كي يجنبها الإحراج، لكن الدهشة كانت من نصيبه، حين قالت بمرح ساخر....
)لن تتخلص مني بتلك السهولة .... بروفيسور ...)... قطب يسأل بعدم يقين ...
)ماذا تقصدين ؟؟)... ضحكت تهتف بغنج، جعله يهز رأسه بيأس ..
)سأتزوجك بروفيسور ...أقسم ...سأفعل ...)... . (مجنونة أنت يا صباح ...اقسم انك .... مجنونة )...
……………..

مساء .....منزل آل عيسى ....

غرفة عيسى ....

لمحها تبحث عن امر ما في الحقيبة، فتنحنح لترفع رأسها مجفلة، اقترب منها يقول ..
)عن ماذا تبحثين؟؟)... حكت طرف دقنها تجيب بتهرب ...
)إنها الحقيبة التي جلبتها معي اليوم... لذا لم أرتب ما فيها بعد....)... هز رأسه بتفهم، فنداها يقول بمكر ...
)رواح ؟!)... رفعت رأسها فأكمل ...
)هل هذا وقت توضيب ملابس ؟؟)... بحلقت فيه ساهمة، فابتسم لتقفل فمها تتنبه لغفلتها، تقول بتوتر ....
)لقد صلينا معا... يمكنك النوم ..لترتاح ... سأكمل التوضيب... لا أريد للنسوة غدا ... ان يجدن الغرفة في فوضى ...)... كتم ضحكته يقول بمرح ...
)سأساعدك ...)... ضمت الحقيبة الى صدرها، تقول بفزع ...
)لا..!!!)... عقد حاجبيه الكثين ريبة، فعللت بتلجلج ...
)أقصد .... كما قلت ... لا داعي لترتيب الأغراض الآن....)... أقفلتها ودفعت بها، الى جانب الدولاب ثم وقفت أمامه تشير إلى السرير....
)هيا ...اذهب الى النوم ...)... أشار الى لباسها، يقول بتفكه ..
)ستنامين بقفطانك؟؟)... منحت الحقيبة نظرة خاطفة، ثم خطت الى الدولاب وسحبت منامة وغابت في الحمام للحظة. خرجت فوجدته مستلقيا ينتظرها، أعادت القفطان الى الدولاب ثم استلقت جواره بروية وتمهل، ليستدير إليها يهمس بحب .....
)أخيرا يا رواح ... لقد تحقق حلمنا ... واجتمعنا تحت سقف واحد... انا سعيد يا رواح ...)... تبسمت بحياء، تتهرب منه بأنظارها، فأمسك بوجهها يسأل برقة ...
)ألست سعيدة يا رواح؟؟).. هزت رأسها بإيجاب، والخجل يكاد يفتك بها، فابتسم بمكر يستدرك..
)تلك الأشياء في حقيبتك ...اريد رؤيتها عليك كلها ... )... شهقت بصدمة، فبلع شهقتها في قبلة محمومة، طالت حتى تحولت الى عاطفة قوية تبادلها برقة وتفاهم، يضعان بها أولى ركائز حياتهما القادمة.
………………
المطبخ ......

)لقد انتهيت يا خالة ...).. ألقت الخالة بالمنشفة تهتف بتعب ...
)الحمد لله انتهيتا... شكرا لك يا ابنتي ... الجميع تركني وسط فوضى عارمة ... لقد تعبن ولم يستطعن إكمال توضيب المطبخ ... ولولاك ...لاستسلمت ... شكرا لك ...)... ربتت على كتف المرأة الحنون، تقول بلطف ...
)لا داعي للشكر يا خالة ...إنه واجبي ...أحب الدكتورة طائعة ...إنها سيدة طيبة ... وكريمة).. (من ذكر اسمي؟؟... ذكره الله في عِلِّيِّين؟؟)... قاطعتهما المعنية، تحمل بعض المناشف بين يديها، وتستطرد ...
)لقد اكملت وحق ...توضيب الصالونين ... وتغريد ساعدت جهاد في توضيب الملحق الرجالي... انتهينا... وسنكون بإذن الله ...مستعدين لنستقبل ضيوف الغد ...)... ابتسمت شمة تهوي فوق أحد كراسي طاولة المطبخ، بينما الفتاة تقول بخجل ..
)و أنا سأغادر ....)... هتفت طائعة برفض ...
)في هذا الوقت من الليل؟! ... أبدا... اتصلي بأهلك ... وابلغيهم أنك ستقضين ما تبقى من الليلة هنا ... ستنامين الى جانب الخالة .... وجهاد ...فلا تقلقي ...)... أومأت مستسلمة، والمرارة تتشكل على وجهها، فتدخلت شمة تقول ببشاشة ....
)لم أسألك عن اسمك يا ابنتي ... )... اعتذرت طائعة تلبي نداء زوجها، تقول ..
)خالة شمة ... اهتمي بها من فضلك ... وإن لزمكما شيئ انا في غرفتي ...)... انسحبت تجيب اسماعيل الذي اعاد نداء اسمها، فقال وهو يسحبها الى غرفتهما ...
)ما الذي أخرك ؟؟.... انت تعبة ... ويجب أن ترتاحي ...)... تأبطت ذراعه تقول بوهن ...
)أنت محق ... كنت فقط اطمئن على الفتاة ....من المشفى ... واوصيت الخالة عليها....)... نظر إليها يسأل بتلقائية ...
)من ؟؟)... لترد بضجر ...
)أنت لا تعرفها ... إنها احدى فتيات التنظيف في المشفى ... لاتزال صغيرة ... في السابع عشر على أقصى تقدير ... قمت بدعوتها ... فعلِقت في المطبخ مع الخالة.. لذا طلبت منها المبيت ...)... أومأ بعدم اكتراث ودخلا الى غرفتهما ...بينما الخالة تعيد سؤالها بعد أن صحبتها الى احدى غرف الضيوف...
)لم تخبريني يا ابنتي ....ما اسمك ؟؟)... استلقت مكانها وسحبت الغطاء الى نصف جسدها، ترد بلطف ...
)إسمي ....سُتْرة ....)...
………………………

تمت بحمد الله ...

استغفر الله واتوب اليه .....
عزيزتي القارئة.. ان اوصلتك كلمة من هذه الرواية الى بعضٍ من السكينة .. فقد تحقق هدفي ...فلا تنسيني من صالح دعائك.... الى اللقاء الاسبوع القادم باذن الله .... في نفس الموعد ... مع غلاف .. وتواقيع الشخصيات *فقط* ... من الجزء التالت .... من سلسلة نساء صالحات ... **السّتْرُ من الحق** ...في نفس الوقت ... أن امد الله في عمري ... السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته.


























noor elhuda and Abeer flower like this.

**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 21-01-18, 06:50 AM   #882

najla1982

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 305993
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,267
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » najla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
افتراضي

روعة يا منى ....من أكثر الروايات و السلاسل التي تمس النفوس و ترقق القلب و تحي الضمير و تشحذ الفكر و بالطبع تمتع الخيال....سلمت يداك و جعلها الله و سابقاتها في ميزان حسناتك ...شكرا لك

najla1982 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-01-18, 06:55 AM   #883

**sweet girl**
alkap ~
 
الصورة الرمزية **sweet girl**

? العضوٌ??? » 68402
?  التسِجيلٌ » Dec 2008
? مشَارَ?اتْي » 745
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » **sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لن يسعفني تاثري بقلمك الراقي المبدع الواعي بوصف مدي روعة كتابتك مشكوووووورة كتيييير حبيبتي وان شاء الله متابعة معاكي

**sweet girl** غير متواجد حالياً  
التوقيع
الكلمة الطيبة مثل الريح الطيب .... تترك اثر في النفس ... وتعطر صاحبها بحسن الخلق

رد مع اقتباس
قديم 21-01-18, 07:26 AM   #884

Malak assl

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وقاصة وقلم مشارك في منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات ونجمة كلاكيت ثاني مرة و راوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية Malak assl

? العضوٌ??? » 387951
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,870
?  نُقآطِيْ » Malak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond repute
افتراضي

ياااا على حلاوة الكلام ..
عشت احلى المشاعر مع كل للشخوص
بارك الله في قلمك


Malak assl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-18, 07:47 AM   #885

شموخي ثمن صمتي

? العضوٌ??? » 179150
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,118
?  نُقآطِيْ » شموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

شموخي ثمن صمتي غير متواجد حالياً  
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
رد مع اقتباس
قديم 21-01-18, 09:38 AM   #886

hadj rymas

? العضوٌ??? » 356792
?  التسِجيلٌ » Nov 2015
? مشَارَ?اتْي » 726
?  نُقآطِيْ » hadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond reputehadj rymas has a reputation beyond repute
افتراضي

ستر الله علينا وعليكم نهاية رائعة وفقكي الله وبانتظار الجديد

hadj rymas غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-18, 09:50 AM   #887

ندى المطر

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377861
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,332
?  نُقآطِيْ » ندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond repute
افتراضي

مبروك نهاية الجزء الثاني من السلسلة
امتعتينا وافدتينا.. بارك الله لك في ما تخطه يدك

الفكره التي وصلتني من هذا الجزء .. ( احسنوا الظن بالله) .. لا يأتينا من الله الا كل خير
فنعم بالله ربا عالما باحوالنا..


ندى المطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-18, 10:25 AM   #888

HaDoSh_HudHud

نجم روايتي ولؤلؤة بحر الورق

 
الصورة الرمزية HaDoSh_HudHud

? العضوٌ??? » 354827
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,206
?  نُقآطِيْ » HaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond reputeHaDoSh_HudHud has a reputation beyond repute
افتراضي

لا توجد كلمات كافية توفيكِ حقكِ حبيبتي روايتك من احب الروايات الى قلبي وهي الاولى التي اتابعها من بدايتها الى نهايتها فكلما حاولت التوقف والانتظار لحين نهايتها يدفعني شوقي وفضولي لها

فصل اكثر من رائع زكريا وافصاحه عن مشاعره الى طائعة بكاءه وترجيه المسامحة دفع عيناي للبكاء كرهته طوال الفتره السابقة لذا حمدا لله انه تغير
اسماعيل طبيب النفوس من يصدق ان طبيبنا البارد سيكون عاطفيا هكذا لا يستطيع السيطرة على غيرته تغير من الصفر الى 180 درجة وتغيره جعلني احبه فقد اصبح رومانسياً 😁

طارق وبراء لهما طعم خاص بهما فمواقفهما وشجارهما المتواصل اعطى للروايه طعم اخر من يصدق ان كتلة الجليد سينطق أخيرا بكلمة احبك عرف المجنون كيف يجعل براء تنطقها فهي لن تستسلم يوما لأي تحدي شجارهما في ليلة الزفاف كان ممتعا

حفصه وياسين أخيرا تزوجا حفصه تستحق كل خير فقد لاقت من الدنيا ما لاقت اولها والدها من ظلمها بتزويجها عزيز وعزيز الذي أراها اياما سوداء طيلة فترة الزواج والان تزوجت من اراده قلبها واكتملت فرحة ياسين بعذريتها الله يستر من ميمونة وافعالها القادمة بحقهما فهذه المرأة لا أظنها ستتوقف يوماً عن ايذاء من حولها سواء بأفعالها او لسانها

عزيز يستحق فرصة ثانية وفرصته تتمثل بسناء مرضه ضعفه وانهزامة رقاده في سرير المشفى كل هذا جعله يتمعن في اخطائه ويدرك ان الله قادر على اخذ حق من ظلمهم خوف سناء من تجربة جديدة قد تعيد لها ماظيها المؤلم وخوف عزيز من ان يرجع لطبعه واتخاذهما خطوه لأصلاح الأمور وجعلها في نصابها عسى ان يكون الاطباء النفسيين قادرين على منحهم فرصة السعادة

حبيبة قلبي مريم أخيرا تحررت من شخصيتها الضعيفه وسيطرت على حياتها وعادت لعائلتها مرفوعة الرأس اكمالها لدراستها وتمسكها بهدفها سيعطيها قوة كافية للبقاء صامدة بوجه مرضها اما عن امين فياليت هذا الابله لا يفرط بها

نجوى افعى سامة لا اعرف متى ستتوقف عن بث سمومها في حياة رواح وكأنها خلقت فقط لتنغص عليها حياتها اجعليها تتوفى وخلصينا منها الله وحده يعلم ما ستفعله في الجزء القادم فلا اظن انها ستتوقف عن حقارتها
تستحق ما قاله عيسى عن كونها تحتاج لاعادة تربيه فلو تربت جيدا ما كان لها عين لتقف وتعلن انها من كانت سببا في وقوع رواح
واخيرا اعترف عيسى ورواح بخطأهما وطلبا المسامحه فهذا أفضل من اضاعة عمرهما في الاحقاد زواجهما اكمل لي فرحتي ب ال عيسى 😍

حق وما ادراك ما حق انسانه متمسكة بالله تحمده دائماً ولا تسيء الظن خوفها على طفلها وبكاءها قلقها من كيفيه تربيته اوجع قلبي عليها خاصتا انها أخذت ميمونه كقدوة لها في التربيه بالنسبة لي هذه المرأة لا تمت للأمومه بصله وكأن حق لا تعرف ان طيبة قلبها واخلاقها وايمانها جميعها عوامل ستكون سببا رائعا في تربية طفلها ابراهيم دائما ما يكون الدواء الشافي لاوجاعها واحزانها بدءت اغار منها لحصولها على هكذا رجل لما لا يكثر هذا النوع من الرجال في عصرنا وكأن اغلب نساء المجتمع لم تقرر الا انجاب اشباه الرجال

حفصه 😍احببتها اخيرا فلطالما كانت بالنسبة لي كالشوكة في الخاصره طلب السماح من ال عيسى وبالاخص والده ابراهيم كنت واثقه انها من كانت تهدد المسكينه حتى بعد دخولها المشفى رغبتها بالتعرف على شقيقتها واعتذارها لحق عن دفعها كلها امور فعلتها لاجل فرصة ثانيه تستحقها بجداره بعد كل ما فعلته في سبيل علاجها واخيرا وليس اخرا حبها لبروفيسوري العزيز فالرجل اعتبره من حقي 😝تمسكها بمشاعرها تجاهه وقدرتها على اذابة الجليد حول قلبه
قلبي المني على حاله اوجاعه الامه بسبب والدته ثم صدمة عجزه من كان يتخيل ان من يعالج الناس بصبر وحكمة عانى هكذا لو انها تخلت عنه لطالبت بشنقها فالرجل يستحق السعاده بعد كل هذا العمر من الوجع

ختامك للروايه بسر الجزء الثالث ستره ال منصور اشعل في فضولي لو تعلمين كم ارغب الان بمعرفه ما دورها ومن سيكون نصيبها هل هو شقيقهم المحبوس تساؤلات وتساؤلات لن تنتهي لكن اعلم انك ستجيبين عنها كل اسبوع لتفاجأينا بأسرار تزيدنا شوقا لأبداعك

عسى ان تكون كل نصائحك في روايتك وكل كلمة طيبه في ميزان حسناتك
دمتي بود حبيبتي اتطلع شوقا للأسبوع القادم 😘


HaDoSh_HudHud غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-18, 12:09 PM   #889

Alaa saad

? العضوٌ??? » 415631
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 72
?  نُقآطِيْ » Alaa saad is on a distinguished road
افتراضي

الف مبرووك على نهايه الرواية الروايه اكثر من رائعه والكلمات لا توفيك حقك صراحه كلماتك واسلوبك تخليكى تعيشي بجو تانى من السكينه والروحانيه الروايه مليانه بمعانى رائعه تستحق التدبر فيها مش عارفه اعبرلك عن اد ايه الروايه عجبتنى منتظرة الجزء القادم ع نار وان شاء الله اتابعه معاكى من الاول دمتى مبدعه

Alaa saad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-18, 12:31 PM   #890

مملكة الاوهام

? العضوٌ??? » 380569
?  التسِجيلٌ » Aug 2016
? مشَارَ?اتْي » 399
?  نُقآطِيْ » مملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond reputeمملكة الاوهام has a reputation beyond repute
افتراضي

تحفة بجد تسلم ايدك من جمال حكاياتك مش عايزاها تخلص ابدا لكن للاسف لازم تنتهى الحكاية بجد تسلم ايدك وربنا يكرمك ويجازيكى خير على اللى بتكتبيه بجد بنستفيد منه كتير ومستنينك الاسبوع الفادم على نار علشان نعرف حكاية ستر اخت مصطفى

مملكة الاوهام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:17 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.