آخر 10 مشاركات
ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-09-20, 12:12 AM   #1001

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي


الطيف الثالث عشر
======
*أحمر*
======
_أين كنتِ يا سمرا؟! كيف تتركينني في هذه المصيبة وحدي؟!
تهتف بها هبة بحدة عصبية وهي تستقبلها عقب عودتها من الخارج لتهتف يسرا بجزع:
_هل حدث شيئ؟!
_ما الذي تريدينه أن يحدث أكثر مما كان؟! خالي ربيع وإبراهيم وأولاد عمه في الحبس ولا ندري ما الذي يحدث..ولا متى سيخرجون !
تهز يسرا رأسها بعينين زائغتين وبوجه شاحب يجعل لهجة هبة ترق وهي تسألها :
_أين كنتِ؟!
ترفع إليها عينيها الضائعتين وهي لا تدري بماذا ترد ..
لقد كانت في بيت رفعت الصباحي!!
أجل ..كانت قد عادت إليه بعدما حدث هاربةً كأنها تتنصل من كل هذا !!
مالها وللشرطة ولإبراهيم هذا ؟!
ما يدريها ما فعله ولماذا ألقوا القبض عليه؟!!
هي لم تأتِ هنا لتحمل هماً ..هي جاءت ل..تلعب!!

لهذا وجدت نفسها دون وعي تعود لبيت رفعت الصباحي ..
تفتح خزانة ملابسها تشم ثيابها ..تستعيد عطر سطوتها القديم ..
تفتح خزانتها فتستخرج جواز سفرها الذي يمكنها من السفر لأي بلد تشاء ..
تناظر مجوهراتها القيمة ..
خاتم زواجها من حسام ..
خاتم زواجها من فهد ..
خاتم زواجها من فادي ..
فصوصها كلها كانت تلمع لها ببريق يكاد يسلب الأبصار إنما بعيني روحها كانت تراها كلها ..كلها باهتة ..
زائفة ..مثلها تماماً !!
هل تصف نفسها بالحماقة لو زعمت أنها تود مقايضتها كلها ب"ورقة نعناع"!!
ورقة نعناع واحدة خضراء تضيف المذاق لمشروبها فقط لأنها من يد تهتم لها ..لها هي ..سمرا أو يسرا ..لا تهم الأسماء إنما ..هي فقط ما يهم !!
هل تصف نفسها بالمزيد من الحماقة وهي ترى كوثر وقتها تدخل عليها ..
تنصحها أن تكف عن هذا العبث وتعود لحياتها فتصرخ فيها أن حياتها هذه لم تعد لها ..
أنها وجدت حياتها الحقيقية التي لا تريد عيش غيرها ..
تخرج لترى أمها فيزداد قلبها لوعة وهي تراها لا تزال على عهدها لا تذكرها ..ولا تذكر أي شيئ..
تعانقها بقوة وهي تشعر بحاجتها لهذا العناق ..
لكنه لم يعد يكفي ..لم يعد يكفي ..
هي تريد حياة !
تريد "ربيعاً" كهذا الذي منحه له رجلٌ بنفس الاسم ..
ربيعاً لا يسلمها لذبول "خريف" ولا يخونها بسيل "شتاء" ولا يخدعها بسحابة "صيف"!!

ربما لهذا عادت من جديد إلى هنا ..
بإرادتها ..
لا لتكمل لعبة ..بل لتستجدي حياة !!

_لا تريدين إخباري أين كنتِ ؟!
تنتزعها بها هبة من شرودها لتتنحنح بارتباك هاتفة بأقرب ما جال في خاطرها:
_كنت أحاول البحث عمن يمكن أن يساعدنا .
_وهل تعرفين أحداً؟!
تهتف بها هبة بتشكك فتهز رأسها بسرعة نافية :
_لا ..أبداً ..تعرفين أنني مقطوعة من شجرة كما يقولون ..أنا فقط حاولت الاستعانة بصاحب المحل الذي كنت أعمل فيه ..شقيقه محامٌ وقلت ..
_دعكِ من هذا ! أنا كلمت جنة وأخبرتها .. تعرفين جنة ؟! كانت زوجة حسن شقيق إبراهيم ..قالت أنهم لم يمكنوها من معرفة شيئ لكنها وعدتني أنها ستكلم زوجها فهو رجل ذو شأن ..ياربي! أمن دولة! سترك يارب! لا أتخيل أن يكون لإبراهيم دخل في شيئ من هذا ..وعمي ربيع كذلك ..لماذا تهور هكذا ؟! هذا ليس طبعه ..

تغيب يسرا عن بقية كلماتها و ذكر "جنة" يعيدها لخوف حقيقي ..
ماذا لو جاءت هنا ورأتها ؟!
ربما لو كانت تفكر بعقليتها القديمة لرأت في هذا المزيد من إثارة اللعبة ..
لكنها الآن تشعر برعب حقيقي ..
لم تعد لعبة ..لم تعد تريدها لعبة ..تريدها واقعاً تعيشه العمر كله !!

_سأصلي ركعتين قضاء حاجة لعل الله يفرج الكرب !
يعود لها إدراكها من جديد مع كلمات هبة التي امتزجت بدموعها وهي تستطرد بحرقة:
_خالي ربيع لن يتحمل "بهدلة"!

تدمع عينا يسرا وهي تراها تتحرك نحو الزاوية القريبة ثم تفرش سجادتها في مصلاها لتبدأ الصلاة فيخفق قلبها بهذا الشعور الذي لم تعرفه إلا هنا ..
وسط هؤلاء الناس ..
شعور بالسكينة ..بالأمان ..بعودة مسافر بعد طريق طويل لخيمة تؤويه !
افتقدت ربيع ..افتقدته كهذا "الوصف" الذي لم تعرفه في عمرها كله ..
افتقدته ك"أب"!

ربما لهذا تقرر المخاطرة وهي تدخل الغرفة لتغلق بابها خلفها بإحكام ثم تتناول هاتفها لتضع فيه شريحتها القديمة بتلك الأرقام التي تخصها ك"يسرا" ..
تتردد قليلاً وهي تبحث عن رقم بعينه ثم تحسم أمرها ..
ربيع وإبراهيم يستحقان مخاطرة كهذه مع كراهتها للعودة لأي شيئ يذكرها بماضيها ..
لكنها لن تسمح أن تتركهما أكثر من هذا ..
لهذا تجري الاتصال الذي تعود لها فيه نبرة دلالها الأرستقراطية بمزيج النفوذ القديم :
_"هاي أنكل" ..أنا بخير ..نعم ..نعم .."دادي"رحمه الله كنت أعز أصدقائه ..بالطبع .."مامي" بخير ..أنا فقط أريد منك خدمة وأعرف أنك لن تتأخر .
=======
_إلى أين تذهبين؟!
تسألها يسرا وهي ترى اندفاعها نحو باب الشقة بعد شروق الشمس لترد هبة بضيق عبر ملامحها البائسة :
_تعلمين أن رجال الشرطة قلبوا شقة خالي ربيع رأساً على عقب عندما كانوا يفتشونها ..سأذهب لتنظيفها لعله فأل حسن ..عساهم يعودون قريباٌ !
_قريباً ..قريباً جداً !
تقولها بيقين عبر ملامحها الشاردة وهي تشعر بعمق افتقادها للعجوز و ..ابنه !
لترمقها هبة بنظرة متفحصة فتتنحنح وهي تشير لصدرها هاتفة :
_قلبي يشعر!
تهز هبة رأسها وهي تتوجه نحو الباب لتفتحه فتلحق بها يسرا هاتفة بلهفة :
_كنت أفكر لو نفتح الفرن ..كي يعود مستر ربيع فيجدنا سددنا محله !
ترمقها هبة بنفس النظرة المتفحصة لتقول ببعض الاستنكار:
_هل هذا ما يشغلك حقاً؟! الفرن؟! نحن لا نعلم عنهم شيئاً !
_مستر ربيع روحه في هذا الفرن! صدقيني لن يسعده شيئ عند عودته كما سيسعده أن يراه يعمل في غيابه كما هو في حضوره .
تهتف بها يسرا بحماسة فتعاود هبة تفحصها للحظات قبل أن تقول باستسلام :
_معك حق ..المفاتيح الاحتياطية مع "عم ..." ..كوني معه ..هو يعرف ما الذي ينبغي عمله..

_لا تحملي هماً ..اطمئني ..سيعودون قريباً .
تهتف بها يسرا وهي تتركها لتهرول نحو الداخل فترتدي ثيابها التي اعتادت نزول العمل بها والتي لم تعد تضجرها كالسابق ..
تلف حجابها بإحكام حول وجهها ثم تخرج للفرن بالأسفل ..
تبحث عن الرجل الذي سمّته لها هبة والذي يعمل في الفرن فتجده لتنفذ ما عزمت عليه ..
يفتحون الفرن لتتخذ مكانها المعهود منفذةً مهامها بنشاط ..
مطمئنة ؟!

كثيراً ! فصديق أبيها الذي قصدته عبر الهاتف أخبرها أنه قد حل الأمر بوساطاته وأنه سيخرجهم جميعاً في أقرب وقت خاصةً وقد تبين عدم تورطهم فيما استدعوهم لأجله ..
"إرهابي" استقل السيارة مع إبراهيم ووجدوا بريده الالكتروني معه ..لكنهم تحققوا من عدم وجود علاقة بينهما .

_صباح الخير!
تهتف بها سندس وقد وقفت مع سامي على طاولة الفرن الخارجية كعهدها كل صباح ..
لكنها لم تطلب شيئاً ..فقط ملامحها كانت بائسة مثقلة بالهم تليق بقولها :
_لا أخبار عن "مستر ربيع"؟!!

لكن يسرا كعادتها لم تكن تميز في حضور سامي الصغير غيره ..لهذا مدت له ذراعيها لتحمله ..تعانقه بهذه القوة الحانية ..تشم رائحة شعره بما يشبه الهوس ..وصوتها يخفق بعاطفتها :

_افتقدتِه ؟! أنا أيضاً افتقدته جداً ..لكنني أشعر أنه سيكون وسطنا قريباً ..كلهم سيعودون قريباً .
تقولها وهي تطعم سامي لتنساب سندس في ثرثرتها المعهودة :
_لا أدري لماذا يلقون القبض على إبراهيم ؟! هل خلت البلد من اللصوص والفاسدين فلم يجدوا سوى هذا المسكين ؟! لا أتصور أنه محبوس الآن في زنزانة ضيقة كالتي نراها على شاشات التلفاز..لكنني أعرف أن أكثر عذابه لن يكون في تفكيره في حاله بل في أبيه ..وربما أنتِ!

_أنا؟!
تتمتم بها يسرا بذهول والخاطر يداعب نفس الوتر المنسي في قيثارة أنوثتها لتهتف لها سندس بحنكة :
_لا تظنينني صغيرة ..الحي كله يلاحظ تغير إبراهيم منذ جاء بكِ إلى هنا ..رأيتِ كيف اندفع بسرعة البرق نحو سائق تلك العربة الذي ضربكِ خطئاً بسوطه حتئ كاد يضربه ؟!من يقول إن هذا هو إبراهيم الحليم الهادئ الذي عرفناه ؟!!

تكتم يسرا ابتسامتها متصنعة العبوس وهي لاتزال تطعم سامي هاتفة:
_كفاكِ حماقة! هو شهم فحسب! لا تحمّلي الأمور فوق ما تحتمل.
لكن سندس تشير لها بسبابتها في إشارة للاقتراب عبر الطاولة بينهما فتتنهد يسرا وهي تقترب بوجهها منها لتهمس لها سندس بلهجة امرأة أريبة:
_اسمعي مني! الرجل يبدو كأنه وقع ولم يسمّ أحدهم عليه ! ادعي الله فقط أن يفك سجنه وبعدها لا تضيعيه من يدك ..ألف واحدة تتمناه وبصراحة ..أنا أولهم!

تكتم يسرا ضحكتها متصنعة المزيد من العبوس وهي تبتعد بوجهها لتهتف سندس بنفس النبرة المتذاكية وهي تمصمص شفتيها ثم تهز كتفيها:
_تبدين ساذجة و"على نياتك" ! اسمعي نصيحتي قبل أن يفوتك القطار!
_أي قطار؟! اذهبي يا "بنت"! الكشك مفتوح قد يسرقه أحدهم !
تهتف بها باستياء مصطنع فتحمل سندس شقيقها ثم تتحرك لتغادر ترمقهما يسرا بهذه النظرة الطويلة شاعرةً من جديد أنها هاهنا تحظى بميلاد آخر!!
ساذجة سندس!!
أي قطار هذا الذي تخشى أن يفوتها ؟!
لا تعلم أنها ركبته من قبل ثلاث مرات ليلقي بها كل مرة من نافذته قبل أن تصل محطتها ؟!!

تقضي ساعتين بعدها في عملها بالفرن والذي صارت تجد في مشقته متعة ..
عيناها تخونانها بين الفينة والأخرى لكرسي ربيع الخالي..
تراه بعين خيالها وقد جلس يراقبها بعينين اللتين تساوى نصيبهما من الذكاء والحنان ..
بابتسامته التي تبدو كأنها احتكرت أبوة العالم كله ..
وبجسده الممتلئ على قصره لكنها توقن أن في رحاب عناقه ألف ينبوع أمان !
تشعر بوخزة في صدرها إنما عزاؤها أنهم سيعودون قريباً وأنها أخيراً تمكنت من منحهم شيئاً حتى ولو لم يعلموا ..
أجل! لقند أوصت صديق والدها بكتمان علاقتها هي بالأمر وتعلم أنه لن يفشي سرها .

تنظر نحو شرفة بيت ربيع من مكانها فتجد هبة تنظفها لتخطر ببالها فكرة لم تقاومها ..

_ساعة واحدة ! أساعد هبة في تنظيف شقة مستر ربيع!

تهتف بها بنبرة استئذان لكبير العمال في الفرن ثم تغادره لتهرع نحو البيت الذي تدخله لأول مرة ..
أكثر أناقة من بيت هبة لكنه يحمل نفس الروح الدافئة ..

_لماذا جئتِ؟!
تهتف بها هبة على الباب الذي فتحته لها لترد يسرا بسرعة:
_كي أساعدك .
_أنا انتهيت!
تقولها هبة وهي تمسح عرق وجهها بينما تراقب يسرا تتفحص الشقة بنظرات فضولية لتردف :
_بقيت فقط غرفة إبراهيم ..لن أستطيع دخولها .
_لماذا؟!
تسألها يسرا بدهشة لترد هبة باستنكارها المتشدد :
_غرفة شاب أعزب! سأخجل من دخولها بالطبع !
_سأنظفها أنا! أنا لا أخجل !
تهتف بها يسرا بانطلاق متجاهلة نظرات هبة الساخطة لتلتفت نحوها متسائلة :
_أي واحدة ؟!
تشير لها هبة بكفها نحو غرفة إبراهيم فتتوجه نحوها هاتفة :
_اجلسي أنتِ واستريحي ..سأنظفها تماماً ..أريني فقط أين الأدوات !

تجلس هبة على أريكة قريبة تريح جسدها وهي تراقب ظهر يسرا وحركتها الدائبة ..
هل كانت تشعر أنها ستطلب تنظيف غرفة إبراهيم دون خجل ؟!
ربما !

وفي غرفته توجهت يسرا لتفتح النافذة فتتسع عيناها وهي تميز ورق "اللبلاب" الذي أحاط بها في منظر بديع ..
تتحسسه برقة ثم تنظف إفريز النافذة لتستند عليه بمرفقيها ..
النافذة كانت تطل على أرض فضاء عريضة رفعت فوقها لافتة تعلن ملكيتها لمستشار شهير ..
الاسم ليس غريباً عليها لعله أحد أصدقاء أبيها الراحل ..
لا بأس ..لا تريد أن تتذكر ..هي الآن سمرا ..سمرا فقط!

تتلمس إفريز النافذة بإحساس غريب وهي تفكر أنها الآن تقف مكانه ..ترى ما كان يشاهده ..فيجتاحها نفس الشعور "البِكر"الذي لم تعرفه من قبل ..
لقد ظنت نفسها أحبت فهد الصاوي يوماً لكنها الآن لا تجد مجالاً للمقارنة بين شعورها الأمس واليوم ..
شعورها بفهد كان يشبه رغبة تملكها لأي غرض تشتهيه ..
إنما شعورها الآن مختلف ..
قاهر أكثر ..عميقٌ أكثر ..دافئ أكثر ..
يكتسحها ..يبعثرها ..ثم يلملمها ..ليعيد تشكيلها من جديد ..
حبٌ كهذا لا ينعش القلب فحسب ..إنما يعيد صياغة العمر..يكتبه من جديد!

فهاهي ذي تشعر أنها سمرا حقاً ..
فتاة لم تجرب حظها في الزواج بعد ..
لاتزال تناظر حلم الحب خلف ستائر وردية ..
لم تلطخها بقع الماضي!!

تتنهد بعمق وهي تتناول فوطة قريبة لتنظف النافذة ثم لم تقاوم رغبتها في انتزاع ورقة من اللبلاب ..
قربتها من أنفها لتتشممها بعمق ولا تدري لماذا -رغم غرابة المقارنة- وجدت فيها عبق عناق ابنها .

دمعة حبيسة تتأرجح في غصون عينيها لكنها تكتمها بمهارة اعتادتها وهي تخفي الورقة في جيب تنورتها ..
تغلق النافذة ثم تعود لتتفحص الغرفة التي تشبه ذوق صاحبها ..
طلاؤها بلونه الأبيض الناصع الذي لا يعرف تحايل الألوان ..
إضاءتها قوية صريحة لا تدع مجالاً لضعف رؤية ..
سجادتها بهذه النقوش الاسلامية القديمة المميزة بأصالتها والتي فرشت مائلة بصورة ما خمنت أنها باتجاه القبلة حيث هذه الزاوية من الغرفة ..
مرآة علت طاولة رفيعة لم تحوِ من العطور سوى واحد هذا الذي تشممته بأنفها ..
أنفها الذي عرف أفخم العطور الرجالية وأغلاها لكن هذه الرائحة هنا لا تشبهها رائحة !
كأنها خلقت لتكون له وحده !!

تنظف كل هذا ثم تنظر للخارج تطمئن أنها بعيدة عن مجال رؤية هبة ..
قبل أن تفتح خزانة ملابسه بالمزيد من الفضول ..
تعيد الثياب التي تناثرت مكانها ثم تبتسم وهي تميز القميص الذي رأته به أول مرة ..
يالله!
من كان يخبرها أن المقام سينتهي بها هاهنا؟!
تتلمسه بأناملها بالمزيد من الاشتياق ونفس الشعور يكتسحها أكثر ..فتجد نفسها دون وعي تضمه لصدرها مغمضة عينيها الدامعتين ..
لم تعد لعبة ..
لم تعد لعبة ..بل حلماً !
حلماً أجمل من أن تتجاهله ..
وأكبر من أن تستحقه ..
وأروع من أن يتحقق!!

تطلق روحها في تنهيدة طويلة وهي تعيد القميص مكانه ..
ترتب مناماته وبقية ملابسه فتطويها لتضعها مكانها ..
تحمر وجنتاها بخجل طفيف وهي تميز بعض "حاجياته الخاصة "..
لم تفعل هذا يوماً بثياب أحدهم ..ربما ولا حتى بثيابها هي ..
كان لديها دوماً من يقوم بفعل هذا لها ..
الوحيد الذي فعلتها له كان ابنها!
ليلة كانت ذاهبة لولادته ..
لا تزال تذكر ملمس مناماته الناعمة المنمنمة بألوانها التي اختارتها له ..
كل حاجياته الصغيرة التي رصتها بنفسها وقتها رافضة أي مساعدة..
لماذا يحضرها الآن نفس الشعور ؟!
لماذا ؟!
وكيف يمكن أن يتشابه الإحساس هكذا رغم اختلاف الشخصين ؟!

تنتبه لفردة جورب واحدة وضعت على أحد الأرفف بحثت عن شبيهتها فلم تجدها ..
تتردد قليلاً ثم تختلس نظرة أخرى نحو الخارج قبل أن تختطفها بسرعة لتضعها في جيب تنورتها الآخر !

فردة جورب!
فردة جورب كتذكار!!
حالتك صارت صعبة حقاً!!
الخاطر الأخير يجتاحها بسخرية تتجاهلها !!
لقد جربت اقتناء أفخم التذكارات ومن دول عدة ..
لكنها هاهنا تريد تجربة تذكار أكثر بساطة ..أكثر حميمية وأكثر دفئاً!

تنتقل ببصرها نحو الفراش فتتحرك نحوه لتعيد ترتيب ملاءته ..ولم تكد تفعل حتى تعلقت عيناها بهذه النقوش الطفولية عليها لشخصية كارتونية شهيرة ..

_"تويتي"! تدري لماذا أختاره لك دوماً ؟! لأنه يشبهك باتساع عينيه ورسمة فمه ..أنا أعشقه ..إياك أن تكبر يوماً فتعترض على اختياراتي ..البس ما تشاء خارج البيت لكن داخل هذه الغرفة ابقَ "صغير قلبي" الذي لا يكبر عليه أبداً..أبداً يا "تويتي"!

تذكرها بصوتها وهي تخاطب ابنها ذات يوم بينما تلاعبه فوق فراشه متأملةً ملامحه التي ورثها عنها ..
_تظنينه يفهمك ؟!
بصوت فادي المتهكم تذكرها كما كان وقتها لترد وهي لا تزال تلاعب الصغير فتمد له سبابتها ليحتضنها براحته كاملة وهو يصدر هذه الأصوات الملائكية من فمه المنمنم كأنه ينصرها على أبيه فيؤكد له أنه يفهم ..
الذكرى تنقطع ..
تتشوش ..
تتلطخ ..
فيختفي لون "تويتي" الأصفر ويحل محله اللون الأحمر لمنامة طفل تلطخت بالدم !!

صرخة تدوي في أذنيها وحدها وهي تمد كفها نحو وجنتها عفوياً كأنما تستعيد الصفعة مع العبارة المزلزلة:
_قتلتِ ابنك يا مجرمة !

تشهق شهقة عالية وهي تستعيد شعورها بالزمان والمكان فتنتبه أن قبضتها تكور الملاءة التي عادت لفوضى مظهرها ..
تتلاحق أنفاسها لكنها تحاول تنظيمها وهي تعيد ترتيب الملاءة مكانها ..
ظفر ينكسر لكنها لم تبالِ ..لم تعد تبالي!

تنتبه لسلة قمامة صغيرة جوار الفراش قد انسكبت محتوياتها التي لم تزد على بضعة مناديل ورقية وورق فارغ لنوع بسكويت محلي شهير بالشيكولاتة ..
يبدو أنه يحبه !
"بيمبو"!

تتهجى الاسم بصعوبة ثم تبتسم وهي تحفظه في ذاكرتها بينما تستمر في التنظيف ..

عيناها تتوقفان أخيراً أمام مكتبه الذي قامت بتلميعه بسرعة لتصطدم بصورته مع شقيقه التوأم فوقه ..
الصورة لم تخز قلبها بشعورها بوجعه فحسب ..
بل بما يخصها هي ..
ترى هل ل"يسرا" ابنة رفعت الصباحي -المتورط في قتل المتظاهرين كما يزعمون- نصيب في قلب واحد كإبراهيم ؟!
ومالها هي ويسرا؟!
هي الآن سمرا !
ستعيش ما بقي لها من عمرها كسمرا ولن تسمح لأحدهم أن يسلبها هذه الحياة مهما كان الثمن !!

تنتبه لأحد أدراج المكتب وقد ظهرت عبره جلدة دفتر منعته أن ينغلق كاملاً فتفتحه لتستخرج الدفتر الذي لفت انتباهها عنوانه المكتوب بخط اليد ..

(بأي حرف تبدئين؟)

تبدأ في القراءة لتستنتج فحواه بحدسها ..
هي خواطره لحبيبة لا يعرف اسمها ..
عيونها تجري على السطور بسرعة فتشعر أنها لا تقرأها ..
بل تنحفر بروحها حفراً ..
رباه!!
لا تصدق أن إبراهيم المتحفظ الذي لا يكاد يرفع بصره إليها هو نفسه من كتب هذا الكلام !
لكن لما العجب؟!
قلبٌ نقي كهذا يبدو وكأنه يحتجز فيوضاً من الحب تنتظر الفرصة فقط كي تقهر سدودها وتغرق أرضاً يابسة كأرضها ..

حبيبتي (شين)
شروق حبك بلا غروب ..فياويلي من شمس متى سطعت لا تغيب .

حبيبتي (صاد)
صخرٌ تحطم عليه مركبي.. فوجدت في عينيك شراعي ورحلتي ومينائي .

حبيبتي(ضاد)
ضحىً عانقته على جبينك فنسيت بعده ظلمة الليل الطويل ..

حبيبتي (طاء)
طيرٌ بعينيك مسافر ..علمني كيف يبدأ موسم الهجرة وينتهي بين أهدابك ..فلا وطن قبلك ولا أرض بعدك .

حبيبتي(ظاء)
ظبيٌ ناداني سحره في بيدائك ..لأهيم عشقاً بعيون ليست كالعيون.

حبيبتي(عين)
عودٌ ومزمار وناي ..ولحنُ بين ذراعيك ابتدأ ..فارقصي على مسرح العمر كيف شئتِ ..مالي معكِ سوى الطرب .

حبيبتي(غين)
غيمة أنتِ ظللت صحراء يأسي ذات صبح..فأمطرت بوادي الحب نبقاً وريحاناً .

حبيبتي(فاء)
فيروز عينيك يمنح الضال الهوية ..فقيرٌ من خلا كفاه من كنوز غرامك .

حبيبتي(قاف)
قصيدة هلك شاعرها تيهاً في بيداء أشواقه ..فعشقها كل من سمعها من إنسٍ وجان ..وقاربٌ حمل الأحلام كلها مفتخراً ..فلم يعترضه موج كتمان .

حبيبتي(كاف)
كرمةٌ غفا في أحضانها القلب منتشياً ..فاسمحي لي أن أوقد في كهفك الآمن مشعلي لعلّي من برد غربتي أختبئ .

حبيبتي(لام)
ليلٌ هاجرت نجومه كلها عدا واحدة ..تبسمت غامزة بعينها لي فكانت أنتِ ..وكنت عاشقكِ ..وكنا معاً وسط عتمته الضيّ!

حبيبتي(ميم)
موجٌ أبيض الكفين داعب وجنتيّ ..وأرخى على شجوني سدوله ..فصرت شاطئه وصار بحري..اثنان للعين ظهرا واحداً !

حبيبتي(نون)
نارٌ شفاني لهيبها بعد طول السقم ..فلا يليق بعشق الشموس إلا قرابين قلوب بجحيم الغرام اكتوت !

حبيبتي(هاء)
همسٌ تعالى صخبه وسط جدران روح أظلمت ..فاخترع لها الشمس وأنبت بها القمر ..هديلٌ تمايلت حمائمه فكان للحب أجمل قدر .

حبيبتي(واو)
وترٌ بقيثارة سحرية ..لاعبته أنامل عاجية ..في ليلة صيف قمرية ..فمن يملّ من سماع صداه ؟!

حبيبتي(ياء)
...................

_أين ؟! أين ؟! أين ؟!
تهتف بها سراً وهي تقلب أوراق الدفتر بعصبية لكنها تصطدم بالأوراق الخالية ..
_لماذا؟! لماذا حرفي بالذات ؟! أردت لو أقرأه بعينيك !

تهمس بها دامعة العينين وهي تتعجب هذه الخيبة الرهيبة التي ملأتها وهي تجد كل الحروف عدا حرفها ..
فتفهمها كأنها شارة أن لا مكان لها في عالمه !!

الإحباط الذي يكسوها في هذه اللحظة يجعلها تغلق الدفتر لتهم بإعادته مكانه ..
لكن عينيها العنيدتين تعودان لتلتمعا بتصميم وهي ترفعه من جديد نحو وجهها لتخبط به برفق على وجنتها للحظات ..
قبل أن تفتح زرين من قميصها لتدس الدفتر في ثيابها ثم تعيد إغلاقه لتخرج من الغرفة بغنيمتها !
========
_"لا تحزن إن الله معنا" !
بصوته المفعم بإيمانه يقولها ربيع بنَصّها مقتبسةً من القرآن وهو يربت على ركبة إبراهيم في هذه الغرفة التي احتجزوا فيها ..
ليرد الأخير مطرق الرأس:
_ونعم بالله !

_أنت حقاً لا تعرف ذاك الفلسطيني جهاد الريحاني؟!
يسأله ربيع باهتمام قلق ليرد إبراهيم بنفس النبرة المنهكة بين ضيق وغضب:
_مجرد زبون! ولا أخفيك قولاً أنني أشعر أنه ليس متورطاً فيما يزعمونه ..صحيح أنني لم ألتقه سوى لدقائق لكنه بدا لي مسالماً ودوداً ..ثم إن "الإرهابي" لن يعطي بريده الالكتروني لسائق سيارة واعداً إياه بالمراسلة !

_سنخرج يا "مستر ربيع"؟! أم سنفني زهرة شبابنا هنا؟! يا "ميلة بخت عيالك" يا أم قيس ! راحوا في شربة ماء قبل أن يدخلوا "دنيا"!
يهتف بها قيس ببعض السخرية محاولاً تخفيف قلقهم ليرد ربيع بأقصى ما استطاعه من هدوء:
_سنخرج! سيفتشون شقتنا ولن يجدوا شيئاّ..تحرياتهم ستوصلهم لبراءة إبراهيم ..جنة الرشيدي كذلك لن تدخر جهداً في مساعدتنا ..وفي النهاية كلها أسباب ..يفعل الله ما يريد .

_بقيت مشكلة مقاومتنا لرجال الشرطة ! لماذا تهورت يا مستر ربيع؟!
يهتف بها عنتر وهو يخبط براحته المفرودة على رأسه بينما يسند ظهره بإرهاق على الحائط البارد ..
ليرد إبراهيم بحمية :
_لم يكن في وعيه ! قدّر الله وما شاء فعل !
يقولها ثم يلتفت لأبيه مردفاً بضيق لم تغادره نفحة حنانه :
_لا تثقل على نفسك ..هيا ..قم وصلّ بنا ركعتين لله عساه يفرج الكرب!

يهز له ربيع رأسه باستحسان فينهض إبراهيم مكانه ليمد له كفه مساعداً إياه في النهوض بدوره ..
يتقدم ربيع ليستقبل القبلة كما تراءى له ثم يشرع في الصلاة بخشوع ..
وفي صلاته كان إبراهيم يبث ربه لواعج قلبه التي يخفيها حتى عن أبيه كي لا يزيد همه ..

_يارب ..لا تسوءني في أبي ..لا تسوءني في أهلي ..
يدعوها كما اعتاد وقد همّ بأن يكملها ب(لا تسوءني في نفسي)..
لكنه يجدها تلح على خاطره ..
تفرض نفسها بين "أهله" و"نفسه"!!
سمرا!
الرامية القرمزية !!

فيردد بخشوع أكبر:
_يارب! بحق هذا الكرب الذي تقدر وحدك على تفريجه ..بحق أني أشهدك أني حفظت بصري وجسدي وقلبي عن الحرام ..اكتبها لي في الحلال .
لم يكد ينتهِ من دعائه ويرفع رأسه وقد انتهى من صلاته حتى اتسعت عيناه بدهشة وهي لا يدري لماذا الآن بالذات يذكرها في دعائه ..
يخصها هي بهذه الدعوة وهو الذي لم يفعلها أبداً من قبل!!
بل إنه منذ حبس هنا ولا يكاد يشغل باله بعد أبيه وأهله سواها هي ..
ماذا ستفعل دونه ؟!
ومن سيكون لها في وحدتها؟!
هل تمكنت من روحه إلى هذا الحد ؟!
ولماذا هي وحدها من بين كل نساء العالمين ؟!
والجواب يأتيه في ذكرى "عندليب أخرس" يتأرجح فوق غصون عينيها يعده إن تحرر صدحه بأعذب لحن !
=======
*أزرق*
=======
_تحتاجني ..وأحتاجك أكثر.
تهمس بها جنة بعمق عاطفة لم تتبدل طوال هذه السنوات وهي تميل على وجنتيه بقبلتين صباحيتين ..
فيغمغم فهد وهو يفتح عينيه بصعوبة بينما يضمها إليه :
_استيقظتِ قبلي وفتحتِ النافذة ؟! ماذا حدث لتنقلب الأدوار اليوم ؟!

تبتسم بدلال وهي تداعب خصلات شعره هامسة :
_هل أحتاج مناسبة لأدللك ؟!
يصدر همهمة مغوية وهو يشدد ضغط ذراعيه حولها ولايزال عاجزاً عن فتح عينيه لتمسد جفنيه بأناملها للحظات فيفتحهما أخيراً لتهمس أمام نجوم ليله الأسود:

_هل أخبرتك من قبل كم أحب رؤيتك عندما تستيقظ بين ذراعي؟! تحشرج صوتك الخشن من أثر نوم قضيته هانئاٌ جواري ؟! حتى شعث شعرك الناعم هذا والذي يستفز أناملي لمداعبته ؟! لمعة عينيك الفرِحة وأنت تبدأ يومك بي كما أبدأ يومي بك؟!

يضحك ضحكة رائقة وهو يبعدها ليعتدل مكانه ثم يعاود ضمها إليه هامساً أمام ساحرتيه البندقيتين:
_أنا لا أبدأ يومي بكِ..قوليها صحيحة ..أنا بدأت العمر كله بكِ !

تبتسم وهي تدلل ملامحه بشفتيها للحظات لكنه يرفع ذقنها نحوه هامساً بحنانه الخبير:
_أعرف وهج البندق عندما يسطع هكذا ! أخبريني ماذا تخفي الأستاذة .

تتسع ابتسامتها وهي ترفع أنامله لشفتيها تقبلها بامتنان ثم تقول برجاء:
_تعطيني الأمان ؟!
تتكدر ملامحه نوعاً وهو يشيح بوجهه للحظة قبل أن يعاود الالتفات نحوها بقوله:
_إبراهيم!
يقولها بلهجة هي أقرب للتقرير منها للسؤال فتهتف باندفاع:
_سيخرج اليوم من السجن!
يرتفع حاجباه بدهشة لتردف بانطلاق:
_لا أدري ماذا حدث ..لكن الموضوع بدا وكأنه انتهى فجأة كما بدأ فجأة ..حسام يؤكد أن الأمر يتعلق بوساطة قوية من جهة عليا !
_حسام أخبرك قبل أن يخبرني ؟! سأخرب بيته!
يهتف بها باستنكار متوعد لتهتف عاتبة :
_حسام الآن ليس صديقك ..حسام شريكي في القضية ..ليست قضية إبراهيم فحسب بل وقضية جهاد وزهرة كذلك !
ثم تزفر بضيق وهي ترفع وجهها لأعلى مردفة :
_ياربي! لا أصدق هذه الصدفة أن تجمع قضية واحدة كل هؤلاء الذين أعرفهم ..أكاد أقسم أن جهاد وزهرة بريئان من هذه التهمة !

تهتف بها ببؤس ليسألها متفحصاً :
_هل عرفتِ زهرة هذه جيداً ؟!
_بالطبع! صحيح أنني لم أمكث في أبو ظبي إلا بضعة أشهر لكن ..آه ...
تقطع عبارتها بآهة توجع وهي تشعر به يلكمها بخفة في ظهرها مع قوله :
_أخبرتك أنني سأبقى أضربك كلما تذكرت فعلتك هذه ..احتملي عقاب حماقاتك !
تبتسم رغماً عنها ثم تمنحه قبلة اعتذار خفيفة لتعود ملامحها لجديتها باستطرادها:
_هذه القضية أكبر مما نتصور ..أفضل ما فيها أنها وحدت جهودنا كلنا ..عاصي الرفاعي تدخل بعد وساطة ماسة لأجل عزيز الذي بعثوا في استجوابه بعد استضافته جهاد في بيته ..وأنا تطوعت مع حسام لأجل زهرة وإبراهيم .
_وأنا أيضاً فعلت ما بوسعي لأجلك أنتِ!
يهمس بها ببعض الخشونة وهو يلكزها بسبابته في صدغها لتهز له رأسها بامتنان ثم تقول راجية :
_أتمم صنيعك إذن ..ودعني أكون في استقبال عمي ربيع وإبراهيم اليوم عند خروجهما .
_لماذا؟! حدود علاقتك بهما تنتهي بكونك محامية وحسام سيؤدي هذا الدور على أكمل وجه !
يقولها عابساً لتهتف بنفس النبرة الراجية :
_لأجل عمي ربيع ! أرجوك يا فهد ! أنا أعلم أن وجودي معه اليوم -أنا بالذات- سيشكل معنى كبيراً لديه ..أرجوك ..الأمر إنساني هذه المرة وأعدك بعدها أن أحترم غيرتك وأعود لسابق اتفاقنا!

يرمقها بنظرة طويلة ضائقة للحظات ثم يسألها :
_ماذا ستفعلين بالضبط؟!
_سأنهي معهم إجراءات الخروج .
_فقط؟!
_ماذا تقصد ؟!
_ألا يفترض أن توصليهم للبيت كذلك ؟!
_بلى! أمر طبيعي !
تقولها بارتباك ليتحرك مغادراً الفراش فتلحق به لتقف قبالته هاتفة :
_ماذا هنا؟!
تقولها مشيرة لرأسه فتشتد ملامحه وهو يرد باقتضاب حاسم:
_سآتي معك!

تنفرج شفتاها عن آهة مستنكرة ليكرر كلماته بصرامة أكثر:
_كما سمعتِ ..سآتي معك!
_تأتي معي؟! تظنني طفلة سيصطحبها ولي أمرها في رحلة ؟! إنه عمل ! عمل يا فهد !
_ليس عملاً وأنتِ تعلمين هذا فلا تكابري! لو كان مجرد عمل لما طلبتِ توصيلهم للبيت .
_واجب! هو واجب إذن ! واجب نحو أناس جمعتني بهم عشرة طيبة ولم أرَ منهم سوى كل خير !
تهتف بها ملوحةً بكفيها في مكابرة ليرد بنفس الصرامة :
_مادام واجباً إذن نتشاركه !!

صمتٌ قصير يسودهما بعد تناطحهما المتحدي لتكون هي أول من تقطعه بقولها المنفعل:
_وجودك سيزيد الأمر سوءاً ..خاصة لإبراهيم ..عمي ربيع يتفهم الأمر لكن إبراهيم يتعامل معي وكأني خنت أخاه وبعت دمه !

يكز على أسنانه بقوة وهو يعتصر كتفيها بقبضتيه هاتفاً :
_وجودي سيضع الأمور في نصابها الصحيح كي يفهم كل واحد مكانه ..قد أبدو لك أنانياٌ متملكاً مستبداٌ لكنني لن أحتمل أن أكون بعيداً عن الصورة أتخيلك تواجهين شبيه حبيبك الراحل وحدك !

صوته يصل حد الصراخ في عبارته الأخيرة فتتقلص ملامحها لتبدو على وشك الصراخ كذلك ..

لكنها تتحكم في انفعالاتها مكتفيةً بهمسها:
_أنت تؤلمني!
تقولها مشيرةً لكفيه المعتصرين لكتفيها فيزيحهما ببطء وهو يرد بوجوم :
_وأنتِ كذلك!

تطرق برأسها بعدها فيمد أنامله لتتشابك بأناملها في حركة ذات مغزى تجعلها تعاود رفع عينيها إليه وسهامها البندقية تصيب قلبه :
_حسناً ..تعال معي .

يبقى وجهه على وجومه رغم حركة أنامله الحانية التي تشابكت بأناملها فتطلق زفرة قصيرة ثم تعود لعينيها نظرة مترددة فيمط شفتيه بتساؤل:
_ماذا أيضاً؟!
_أنت ساعدتني في موضوع إبراهيم ..ألا يمكنك مساعدتي بشأن جهاد وزهرة ؟!
تقولها برجاء ليهز رأسه بقوة هاتفاً :
_لا ! انسي! الموضوع أكبر من قدراتي وقدرات عاصي وبالتأكيد من قدراتك أنت وحسام ..لو كان جهاد هذا بريئاً بحق فهو يحتاج معجزة .
_أعرف أن أدلة كثيرة ضده لكن هذا هو ما يؤكد براءته ..مستحيل أن يكون بهذه السذاجة فيترك كل هذه الثغرات خلفه !
يهز كتفيه بقلة حيلة فتتنهد بحرارة وهي ترفع وجهها لأعلى قبل أن تسمع رنين هاتفها فتتحرك لتفتح الاتصال ..
تتسع عيناها للحظات وهي تسمع فحوى المكالمة فينعقد حاجباه بترقب وهو يتفحص وجهها الذي احمر بانفعاله ..
تغلق الاتصال أخيراً ثم تواجهه بقولها :
_لن تصدق !
_قولي يا آخرة صبري!
يهتف بها بضيق ليسطع وهج البندق في عينيها أكثر مع قولها بانفعال:
_تذكر قضيتي الأخيرة؟! تلك التي كانت ضد "الحوت"
"الكبير إياه والتي أجبروا فيها موكلي على أن يشهد زوراً على نفسه ثم قتلوه في السجن ؟!
يعقد حاجبيه بقلق تزايد مع تصاعد نبرة انفعالها :
_من قتله كان مسجوناً في قضية سلاح ..هرب من السجن بعدها فلم يعثروا له بعدها على أثر .
_وما علاقة هذا بنا؟!
يسألها بتوجس لترد بنفس الانفعال المتقد :
_اسمه ظل في بالي ولم أنسه أبداً ..المفاجأة أنه من ضمن الأسماء التي ورد ذكرها في قضية جهاد الريحاني ..يزعمون أنه تم رصد مقابلات سرية له معه ومع غيره ويؤكدون بذلك التهمة عليه ..تعرف ما الذي يعنيه هذا؟!
يزداد انعقاد حاجبيه القلق وهو يرد بتثاقل:
_أن جهاد هذا متورط فعلاٌ ..أو ..
يقطع عبارته دون أن يكملها فتفعل هي بحماس:
_أو أن جهاد بريئ والمجرم الحقيقي يلقي به كطعم زائف مستغلاً شكوك الشرطة حوله كي يبتعد بهم عن الوصول له هو ..المجرم الحقيقي الذي هو حلقة الوصل بين القضيتين ..لو حللنا واحدة فسنصل للأخرى .

_جنة!
يقولها محذراً بقلق وهو يشعر أن حماسها يوردها مواضع التهلكة من جديد فتمسك ذراعيه بقوة تهزهما هاتفة :
_أنت وعدتني! ستكون معي تحت أي ظرف !

يطلق زفرة مشتعلة وهو يرفع وجهه لأعلى فتهتف به :
_فهد !
_مصيبة فهد! انتِ مصيبة فهد وعمله الأسود !
يهتف بها بانفعال لم يخلُ من تهكم فتبتسم وهي تسمعه يردف بغيظ:
_لماذا لم تكوني امرأة عادية من هؤلاء "بنات الحلال" اللاتي يقضين أوقاتهن في أشغال التريكو والكروشيه والرسم والموسيقا ..أو حتى هؤلاء المهووسات بالموضة والتسوق ..لماذا أبتلى بكِ أنتِ بالذات ؟! امرأة لا تجد هوايتها إلا في تتبّع الخطر؟!

_الحق! تتبّع الحق وليس الخطر يا فهد !
تقولها مصححة وهي تبسط راحتها على صدره فيحيط رأسها بكفيه ليهزه بقوة ثم يلصق جبينه بجبينها هامساً:
_أحدهما سيقتلني يوماً : حبي لكِ أو خوفي عليكِ .
لكنها تمد ذراعيها لتحتضن خصره بكل قوتها ثم تهمس وقد اتحدت أنفاسهما كما كل ما فيهما الآن :
_ما بيننا لا يقتل ..ما بيننا حياة ..نسيت كلامك ؟!
ابتسامته تنافس قبلاته على شفتيها وأنامله تغوص بين خصلات شعرها الثرية ليهمس ساخراً عبر فيوض عاطفته :
_دوماً تغلبينني يا أستاذة ! كان يجب أن أعرف أن دلال الصباح ذاك تمهيد لكارثة !
======

*نيلي*
======

_ما الذي يحدث ؟! ما الذي يحدث ؟!
تهمس بها زهرة لنفسها بحرقة وهي تخبط رأسها في جدار زنزانتها ..
لا تستوعب هذا الجحيم الذي وجدت نفسها فيه فجأة منذ عادت لمصر ..
وجهاد ؟!
جهاد !!
لا تصدق هذا الذي يحكونه عنه !!
لا يعنيها في هذه اللحظة سوى أن تطمئن عليه هو ..
تماماً كما تثق في هذه اللحظة أنه شعوره هو الآخر خاصة وهو -حتماً- يحمل نفسه ذنبها !!
هو ..يحمل نفسه ذنبها بينما أبوها الذي هو من دمها عندما استدعته قوات الأمن تبرأ منها وزعم أنه طردها من بيته !!
بينما لا تزال أمها لا تعرف عنها شيئاً
لم تشعر يوماً أن الدنيا ضيقة في عينيها كما هي الآن !!

_يارب!
تهمس بها بحرارة عبر دموعها وهي ترفع وجهها للأعلى فتعاودها هذه الوخزة الحقيقية في صدرها ..
ولا تدري لماذا في هذه اللحظة اعتبرتها شارة بقرب موتها !!

وفي مكانه بزنزانته كان قلب جهاد يشاطرها العذاب رغم البعد ..
هو الآخر لا يفهم ما يحدث ..
يستعيد الأسئلة التي وجهوها إليه ..

_ما سبب زيارتك لمصر ؟!
_خطبة !
_ولماذا لم تفعل طوال هذه الأيام ؟!
_.....!
_ماذا كنت تفعل في المول؟!
_كنت مع خطيبتي .
_ولماذا غادرت بها بعدها لتغير هي محل إقامتها لذاك الفندق معك ؟!
_.....!
_ما سبب تواجدك قريباً من بعض المنشآت العسكرية ؟!
_صدفة !
_وما علاقتك بجماعة (...)؟!
_نتواصل عبر الانترنت.
_تقدم لهم معونات مادية .
_نعم..أعرف أنها منظمة خيرية تقدم دعماً لأهل بلدي من الفقراء!
_ولا تعرف أنها جماعة ذات نشاط مناهض للصهيونية ؟!
_مناهضة الصهيونية ليست نشاطاً ..إنها واجب ديني وقومي على كل مسلم وعربي .
_تعرف أن نشاطهم هذا غطاء لنشاط آخر سري تدعمه قوى إرهابية دولية ؟!
_لا!
_ما علاقتك بعملية تفجير المول التي لم تتم؟!
_لا علاقة !
_ما علاقتك ب"الكوبرا"؟!
_ما الكوبرا هذا ؟!
_ما علاقتك بهذه الأسماء (...،....،...)
_لا أعرفهم !
_هم يعرفونك ويشهدون أنك معهم .
_كذب!
_مصرّ على أقوالك ؟!
_نعم !

زفرة مشتعلة تغادر صدره وهو يعود ليخبط جبينه في جدار زنزانته الباردة ..
لقد تكتم عن الإجابة عن الأسئلة التي تخص حقيقة زهرة مع عائلتها ..
لم يستسغ فضح سرها ولو في موضع كهذا !!
لكن كل الظروف تكتلت ضده !!
الأبشع من كل هذا أنه لا يفهم !!
شعور طعنة الظهر المفاجئة هذه لا يوصف!!
زهرة ..!!
كيف تراه حالها ؟!
تراها تسيئ الظن به ؟!

يريح وجنته على الجدار البارد ..
وتريح هي وجنتها على جدار أشد برودة ..
يفرقهما واقع ..ويجمعهما حلم !!

حلم يرى فيه كل منهما صاحبه فيعدو نحو أحضانه ..
خلفهما شمس تجاهد كي تشرق ..
وبحر يزأر كي يُغرق ..
إنما بالقلب حلمٌ لا يُسرَق ولا يشنَق ولا يُحرق..
فهو بدربه في جهاد ..وهي بحبه في جهاد !
========
_دينا؟! هل تسمعينني؟!

لا يتوقع منها رداٌ وإن كان يتمناه بكل جوارحه !!
عيناه اللتان تجمد وجعهما تناظران جسدها المسجى فوق الفراش بألم ..
بضعة أيام مرت بها هنا في المشفى بعد الحادث الذي أصابها أمام بيته ولاتزال على هذا الحال ..
لا تكاد تفيق إلا بضع ثوانٍ تعود بعدها لغيبوبتها كأنها زاهدة في الحياة !!

_أنا قسوت عليكِ ليلتها ..أريتكِ ذاك الوجه الأسود الذي طالما حكيتُ لكِ عنه فلم تصدقيه ..أنا رجلٌ لا يغفر ..لا يغفر لغيره ..بل ولا يغفر لنفسه ..رجلٌ يعيش ليحترق حتى يفنى رماده ..علمتِ لماذا كنت أبعدك عني كما أفعل مع كل الناس؟! لأن كل من يقترب مني تناله لعنتي .

يهمس بها حسام بمنتهى الخفوت فلا يكاد صوته يغادر شفتيه إنما كل حرف كان يدوي في صدره كقذيفة !
خسارته لها ليست بهينة على رجل بتاريخه ..
رجل رأى فيها وجهاً أبيض نادراً وسط سواد وجوهه ..
والآن ناله -مثل بقيتها -السواد !!

_أفيقي يا دينا ..أفيقي وعودي للاستوديو ..لحياتك النظيفة التي اخترتها ..ربما لن أسامحك ..بل لن أسمح لنفسي أن أراكِ ..لكن لا تجعلي كل ما كان بيننا يروح سدى!!

يهمس بها بنفس البرود الذبيح الذي يغشاه دمع تحجر في عينيه ..
لتجتاحه ذكرى لقائه بها أول مرة..

ليلة عيد!!
أحضرها له أحد رفاق السوء ممن اعتاد صحبتهم لتقضي معه بضع ساعات..
رأى في ملامحها وقتها فتنة استثنائية لكنه لم يكن ينتوي أن يحيد عن مبدئه ..
(مرة واحدة لا تتكرر كي لا يقع في فخ التعلق)!

_تشربين؟!
_لا!
قالتها ساعتها حاسمة لتستجلب ابتسامة ساخرة على شفتيه فيتفحص ملامحها التي تصارعت عليها براءة طفولة مع إغواء مفترض لامرأة بوضعها ..
_لماذا؟! حرام؟!
سخريته الباردة لاتزال تصطدم بتماسكها الهش وهي تطرق بوجهها قائلة :
_لن يعجبك جوابي .
_جربي!
يهمس بها بصوته المغوي متعمداً إثارتها وهو يقترب أكثر ليرفع ذقنها نحوه فتدمع عيناها مناقضة ضحكة بدت شديدة التصنع:
_لا! لا! الليلة ستنقلب ل"غمّ" وتدعو على صاحبك الذي أحضرني لهنا ..ربما لو التقينا مرة أخرى عدا ليلة العيد أشاركك الشراب .

تقولها وهي تتفلت من بين أصابعه في دلال تعلمت نسج خيوطه منذ وجدت نفسها تنحدر لذاك الطريق ..
لكنها كانت تتعامل مع رجل استثنائي هذه المرة !
فهاهو ذا يعاود احتكار فكها بقبضته بقوة أكبر هذه المرة ليجبرها على النظر لعينيه الصقريتين ..
ويهدم هو أسوار عينيها ليقرأ نظراتها بخبرته ..
لم تبدُ له ك"فتاة ليل" عادية كهولاء اللاتي اعتاد مرافقتهن في أوقات كهذه ..
نظرة "عزيز قومٌ ذَلّ" كانت تتوج حدقتيها الذهبيتين !
ربما لهذا أصر على طلبه :
_أخبريني ..لماذا ليلة العيد بالذات ؟!
_ولا تعتبره فألاً سيئاً؟!
من جديد تغتصب ضحكة مصطنعة وهي تحاول التشبث بغلالة مهنتها ..
ليكتفي بانعقاد حاجبيه الصارم مشدداً ضغط قبضته على فكها ..
فتهز كتفيها لتقول بلامبالاة مفتعلة :
_كما تحب! هل يسرك لو تعلم أنني عندما أخرج من هنا سأتوجه لزيارة المقابر ..عادة لا أقطعها كل عيد ..ولا أحب أن أكون ثملة وقتها !

تنفرج شفتاه في دهشة حقيقية تتحول لابتسامة ساخرة وهو يحررها من قبضته ليتناول لفافة تبغ من الجوار فيشعلها ..
ينفث دخانها بقوة وهو يتفحص ملامحها صامتاً للحظات ..
فتعاود هز كتفيها لتهتف بالكلمة العامية الدارجة :
_"فصلتك"! أنت من سألت..ولا أظن أجر الليلة يشمل الشرب!

يعاود نفث دخان سيجارته ثم يعطيها ظهره ليتوجه نحو النافذة القريبة فيفتحها ليطلق بصره عبرها ..
_ماذا لو جعلت أجر الليلة يشمل الثرثرة ؟! تكلمي كما تريدين ..فلن نلتقي مرة أخرى .

_عما تريدني أن أتكلم ؟!
_لماذا سلكتِ هذا الطريق؟!
لايزال يعطيها ظهره فتقترب بنفس الضحكة المفتعلة :
_أنت مصرّ إذن؟!
يرمقها بنظرة جانبية تتسع معها ابتسامته الساخرة بمرارتها :
_أحب سماع حكايات الوجع ..بشرط أن تكون صادقة.
_وكيف ستتيقن من صدقي؟!
_جربي واكذبي ..وسأعرف!

النظرة الخطيرة في عينيه تلقي سهمها في صدرها فلا تقوى على افتعال ضحكة جديدة ..
فقط تطرق برأسها وهي تتحرك عفوياً لتخفي نفسها خلف ظهره فيعود ببصره للأمام متفهماً ..

_واثق أننا لن نلتقي ثانية ؟!
_نعم.
_لهذه الدرجة لم أعجبك ؟!
_لا علاقة للإعجاب بالأمر ..هي قاعدة عندي لا أغيرها !
_أنت غريب جداً ..هل هي مرتك الأولى في شأن كهذا ؟!
يطلق صوتاً ساخراً وهو يلتفت نحوها لتردف بارتباك:
_أنا فقط لم أتوقع ..لم يحدث من قبل أن سألني أحدهم عن ..

نظرته الخبيرة تسبر أغوارها فتقطع عبارتها وهي تزدرد ريقها بتوتر ..
تكتف ساعديها وهي تطرق برأسها فيعاود النظر للأمام نافثاً دخان سيجارته من جديد ..
_فرصة! اعتبريها فرصة للثرثرة ! من منا لا يرغب في البوح بكل ما بداخله لمن يسمع دون أن يحمل هم انكشاف ستره أمامه لو التقت الوجوه من جديد ؟!
_معك حق ..تبدو لي فرصة حقاً ..تعرف منذ متى لم أتحدث عن الأمر؟!
لم يسألها ولم تنتظر الجواب فقد انساب لسانها كأنها حقاً تنتهز الفرصة :
_أبداً! لم أتحدث عن الأمر أبداً ..قطعت الطريق ركضاً دون توقف كأني خشيت لو وقفت أن أقع !

يصمت كما وعدها فيتحرر بوحها :
_أنا جامعية ..كلية إعلام ..لا تعجب! كنت صورة ل"بنت الأصول" التي ترغب كل أم في تزويجها لابنها ..جميلة ..رقيقة ..توفي أبي وسافر شقيقي كي يرسل لنا المال الذي يكفينا ..تعرفت على أحدهم عبر الانترنت ..كان حبي الأول وخطئي الأول ..الكلام البريئ تحول لآخر أكثر جرأة ..ثم إلى صور تدرجت في بذاءتها حتى بلغت أقصاها ..تسألني لماذا لم أتوقف؟! حاولت أكثر من مرة لكنه كان يهددني أن يفضح ما بيننا لأخي ..إلى أن طلب مني لقاءه ذات يوم في شقته ..رفضت ففوجئت باتصال من أخي يخبرني أن أحدهم قد أرسل لهم ملفاً يخصني لكنه وجده فارغاً ..أجل! كما فهمت تماماً ..كانت رسالة تهديد استجبت لها مرغمة وأنا أدرك أن الملف في المرة القادمة لن يكون فارغاً ..وبدأت الحلقة ..الحلقة التي ما إن تبدأ لا تتوقف ..الخطوة التي يتبعها تزلج عبر منحدر بلا قاع ..لم يعد وحده بل انضمت صحبته ثم صحبة صحبته..كذلك أنا لم أعد وحدي ..انضمت إليّ شبيهاتي من الضحايا ..عالم غريب وجدتني داخله فجأة ..لو كان الأمر بيدي وقتها لرضيت بالفضيحة قرباناً كي أنجو بنفسي من كل تلك القذارة ..لكنني كنت أخاف ..أخاف على أمي وعلى أخي ..ربما بأكثر من خوفي منهما ..

تنهمر دموعها بعدها دون توقف لكنه لا يلتفت ..
بل ولا ينطق بكلمة كما وعدها ..
هل يبالغ لو زعم أنه قرأ حكايتها في عينيها قبل أن تسردها؟!
خبرته علمته كيف يميز حكايا كهذه في عيون صاحباتها !!
لكنها هي كانت تختلف ..
كانت لها هذه "الجذوة" المشتعلة تحت الرماد تنتظر من ينتبه لها فيعيد لها وهجها!
جذوة تنتظر انتفاضة ..صحوة ..ود لو يمنحها إياها !!

_لكن المحظور وقع! واحدة أرادت فضح أحدهم فدبرت له فخاً والفضيحة صارت قضية ..طعنة في صدري وفي ظهر أمي وأخي ..أمي سقطت ميتة لم تحتمل الصدمة ..وأخي هدد بقتلي ثم حكم عقله فتبرأ مني ..قضيت عقوبتي في السجن وخرجت فلم أجد أمامي سبيلاً آخر ..ربنا يقبل التوبة لكن الناس لا يقبلونها ..حاولت أن أعمل ..صدقني حاولت ..لكنني كنت أشعر كمن يحفر بحراً ..عرفت بعد فوات الأوان أنني قد خطوت الخطوة التي لا رجوع بعدها ..فاستسلمت لقدري .

تصمت لدقائق لكنه يمنحها فرصتها كاملة ..
ومن مثله يفهم كيف يطغى سواد الخطايا على كل الألوان؟!!

_سأخرج من هنا لأزور قبر أمي ..أفعلها كل عيد ..رغم علمي أنها لن تسامحني ..يقولون أن الموتى يتفاخرون بزيارة أقاربهم لهم لكنني أعرف أني عارها حية وميتة ..ومع هذا لا يمكنني منع نفسي من زيارتها كل عيد ..فقط كل عيد ..كي أمنح نفسي أنا شعور أنني عدت طفلة تتشبث بثوب أمها ..ثوب أمها الذي صار كفناً !

هنا يلتفت هو نحوها معلناً وصول قطار بوحها لمحطته الأخيرة ..
يراها تمسح دموعها بخزي وملامحها المصدومة لا تستوعب أنها حكت كل هذا ..
كأن شجاعتها كانت فقط في مواجهة ظهره !!

_اذهبي!
يقولها بصرامته التي حملت رفقاً غريباً في أذنيها ..
تعاطفاً لم ترد تصديقه وهي تهتف مدافعة :
_تضايقت؟! ألست أنت من طلب ..؟!
لكنه يقاطعها وهو يتجاوزها بخطواته قائلاً:
_احتفظي بالمال ..خففي عن ظهرك حمل هذه الليلة ربما تشعرين عند زيارتك المقابر أنك أفضل .

تتسع عيناها بصدمة ..
لم تصدق ما فهمته إلا عندما وجدته يناولها حاجياتها ثم يتحرك ليفتح لها باب الشقة في دعوة للخروج..

_واثق أننا لن نلتقي ثانية؟!
ورغم أن كل خلجة من خلجاته كانت تمنحها الجواب لكن حدساً بداخل كليهما كان يمنحهما شعوراً بالعكس ..

والتقيا !
بعد عام ..وربما أكثر ..!!
قضية تعاطي مخدرات ودعارة طلب منه نفس الصديق الذي جمعها به أول مرة أن يترافع فيها فكان رفضه المبدئي كعهده لمثل هذه القضايا ..لكنه عندما علم أنها هي وجد نفسه مدفوعاً بقوة غير مفهومة لمساعدتها ..
لانتشالها من بركة الوحل التي غرست قدميها فيها !!
طريق طويل بدأه معها بعدما منحته وعدها أنها ستغير طريقها ..
طريق منحها فيه "ظَهراً" ومنحته هي فيه "وجهاً"!!
ظهراً أسند ضعفها ..ووجهاً "نادراً أبيض" له أحب صورته في مراياها !
فلا يدري من منهما كان أكثر حاجة لصاحبه !!

_وهاهو ذا الوجه الأبيض اسودّ -كغيره-يا حسام ! ما الجديد؟!

يهمس بها بعذاب وأنينها الخافت في غيبوبتها ينتزعه من ذكرياته ليجلده بما يشبه السياط..

يغمض عينيه بقوة على صورتها التي تشوش حاضرها بذكراها وهو يسترخي بجسده المرهق فوق مقعده أكثر ..
منذ متى لم ينم ؟!
لا يهم ..
يبدو أن الفجر "العزيز" سيتأخر طويلاً هذه المرة ..

جفناه يتثاقلان أكثر وأكثر ..
كوابيسه المعتادة تعاود قذف الحطب فوق نيرانه لتشعلها أكثر ..
دعاء بعينها المفقودة ..
طيف وبيتها المحترق ..
سيارة عاصي تهوي من فوق المنحدر فيفقد بصره و..زوجته وطفله ..
وأخيراً ..دينا مضرجة بدمائها على قارعة الطريق ..
ومضة خلف ومضة يزداد معها لهيب النار ..
إنما ..
النيران تلتف فجأة لتتجمع في شعر طفلة !!
طفلة بثوب أبيض ذي زهور أرجوانية تقترب منه فاتحة ذراعيها ..
تعانقه فيشم في شعرها احتراق الحطب ..
لكنه يضمها إليه بكل قوته ..
من قال إنه لم يجرب شعور الأبوة؟!
هاهي ذي بين ذراعيه ..
طفلته ..
حبيبته..
ابنته !!
ترفع عينيها إليه فيميز زرقتهما القاتمة و...
حلقة الزعفران !!
هذه هي!!
تتوهج بإغراء لم يستطع مقاومته !!
الطفلة ما عادت طفلة !!
تكبر بين ذراعيه فجأة ولايزال شعرها يشتعل ..
عناقها يزداد حرارة ..
يبصر خلف ظهرها خنجراً يخفيه كفها..والغريب أنه يشعر بخنجر مشابه خلف ظهره بكفه هو الآخر ..
شفتاها قطعة من جنة ..وجحيم ..
لا يقاوم أن يقترب لينهل المزيد من مذاقهما ..
الخنجران يرتجفان في الكفين الغادرين ..
بينما الجسدان يتعانقان ..يلتحمان ..ينصهران ..يذوبان ..
هل سقط الخنجران ؟!
بل رأسه هو ما سقط على مسند الكرسي ليستيقظ أخيراً من نومه ..

_حلم ؟! كان حلماً؟!

يتمتم بها بذهول وهو يتحسس شفتيه لأول وهلة بأحد كفيه ..
كيف؟!
لا يزال يذكر مذاق شفتيها طازجاً هاهنا !!
يرفع الكف الآخر بنفس الذهول كأنه يبحث عن الخنجر !!

يطلق زفرة مشتعلة وهو يعود ببصره لجسد دينا الذي لايزال على وضعه قبل أن يخرج من الغرفة ليتوجه نحو النافذة في الرواق حيث يمكنه إشعال سيجارة ..
ديمة !!
لماذا هذا الحلم ؟! وما تأويله ؟!
لماذا اخترقته بهذه القوة ؟!
لماذا الآن بالذات ؟!
وماذا فيها كي تجذب رجلاً بتاريخه ؟!
ولماذا الآن يكاد يجن اشتياقاً لهذا العناق الذي رمته له في حلمه كأنه يساوي ما بقي من حياته ؟!
ماذا؟!
ماذا يا قذاف الحطب؟!
متى كانت آخر مرة اجتاحتك إحداهن بهذه الطريقة ؟!
تظن العمر يتسع للمزيد من القصص؟!

سؤاله ينتهي بجوابه وهو يغرس طرف سيجارته المشتعلة في معصمه بينما يكز على أسنانه بقوة كاتماً ألمه ..
بلل العرق على جبينه يناقض جفاف شفتيه المتشققتين ..
شعورٌ خفي بأنه مراقب يجعله يلتفت للخلف فجأة فتلتقي عيناه بهذا الرجل الذي تقدم نحوه بخطوات رتيبة ..
ولقاء النظرات الخطر ينبئ بكارثية المواجهة القادمة ..!!
======

*برتقالي*
======


_بل أنا ..أنقذت حياتي !

تتذكرها أمام مرآتها صباحاً فتجتاح شفتيها ابتسامة صارت تحمل اسمه وحده ..
لا تظنها ستنسى هذا اليوم ما عاشت!!
كيف في لحظة واحدة جربت مذاق الموت ثم الحياة!!
كيف كانت تصارع الموج غارقة لتجد أمانها فجأة بين ذراعيه !!
الغريب أنها لم تره بعدها طيلة اليومين السابقين لهما هنا على الجزيرة كأنه عاد يتجنبها مكتفياً باتصال هاتفي وحيد اطمأن فيه عليها بكلمات مقتضبة ..
أجل ..عاد يهرب واليوم موعد مغادرتهم ..
ماذا عساها تصنع ؟!
هل سيتراجع هذه الخطوة التي تقدمها في علاقتهما؟!
وهل ستسمح له هي بهذا ؟!
هو يحبها !
بل إنه تحدى خوفه لأجلها هي ..
لو لم يكن هذا هيام مغرم فماذا يكون ؟!
وهي تملك من الشجاعة ما يجعلها تعترف أنها كذلك ..تحبه!
فلماذا يضيع المزيد من العمر؟!

نظرة تصميم واثقة تلتمع في عينيها وأناملها تمتد لسلسلته ذات الصدفة البرتقالية أمامها ..
ترتديها وابتسامتها تتسع لتشعر أنها حقاً ازدادت جمالاً ..
تصفف شعرها لتسدله على كتفيها لكنها تتذكر شيئاً يجعلها ترفعه لتعقصه بتصفيفة ما تعطي مظهراً واهماً بقصره !!
تستعيد كل مرات لقائهما ..
تتذكر متى لمعت عيناه إعجاباً للون ثوب ..
فتختار هذا الأزرق المتألق عاري الكمين والذي تحلت ياقته بهذه النقوش البرتقالية التي ناسبت حزامه الرفيع بنفس اللون ..
الثوب كان منتفشاً بعد الخصر إلى ركبتيها بهذا التصميم الذي يلائم جسدها النحيل فقير الأنثوية ..
كذلك كان يلائم سمرة لونها فيمنحها رونقاً محبباً ..

صوت طرقات على الباب تميز فيها حضور مجد فتتسع ابتسامتها مع نظرة التصميم في عينيها وهي تتوجه نحو الباب لتفتحه ..
فتصفعها خيبتها وهي ترى مجد وحدها مع نزار ..

_شكلك رائع!
تهتف بها مجد بانبهار لتردف مشيرة لشكل شعر طيف القصير الخادع :
_صرتِ تشبهينني!

يضحك نزار بخفة وهو يقاوم تعليقاً ساخراً يريد إطلاقه فترمقه طيف بنظرة زاجرة تجعله يسألها بنبرته العابثة :
_لو أعجبتك الجزيرة يمكنك دعوة صديقتك المرة القادمة ؟!
_أي مرة قادمة ؟! وأي صديقة ؟!
تسأله بفظاظتها المعهودة ليتجاهل سؤالها الأول ويجيب الثاني:
_تلك التي اسمها على مسمّى ..حسناء!
يتبع الاسم بصفير إعجاب قصير وهو يحلق سبابته وإبهامه في وضع تقدير ..
لتهتف مجد ببراءة وهي ترفع رأسها نحوه :
_تلك الممرضة التي سألتها عن المثلجات في المشفى؟!

_"أروح لج فدوه"!
يهتف بها بالعبارة العامية العراقية الشهيرة يعني :روحي فداكِ وهو يميل على رأس مجد يقبله بحرارة لتطلق الصغيرة صيحة تذمر واهية مع هتافها :
_رأسي !
فيما تهتف له طيف بحدة :
_وما شأنك بها؟!
_تعجبني ! أخبريني يا طيف هل ..
_طيف!!! منذ متى تناديني باسمي مجرداً؟!
تهتف بها بنفس الحدة الفظة تقاطع بقية عبارته ليكتف ساعديه مع ارتفاع حاجبيه ونبرته العابثة التي كانت ذات مغزى:
_حلال على السندباد وحرامٌ عليّ مثلاً ؟!

نظرتها النارية تكاد تشعله في مكانه لكنها لا تنتزع منه سوى ضحكة عالية جعلتها تشيح بوجهها وقلبها ينتفض خجلاً ..وشوقاً !
افتقدته !!
افتقدته كأنها تركته من ألف عام !!
كأنها يوم كتب لها عمراً جديداً ذاك الصباح في البحر كتب لها معه أن يكون له ..فلا تمر ساعة ولا دقيقة ولا حتى ثانية دون أن تصطبغ باسمه!!
آه من هذا العشق الغريب الذي يكتسحها كطوفان !!
طوفان يجعلها تقسم أنها لم تجرب الحب حقاً من قبل !!
كأنها كان يجب أن تقترب من الشمس كي تدرك الفارق بين ضيائها وبين الشموع!!

_أين هو؟!

تسأله دون أن تنظر إليه فترد مجد بسرعة:
_بابا حزم حقائبنا وسبقنا إلى القارب ..هل حزمتِ حقائبك؟!
ترد بتشتت وشعورها أنه لا يزال يهرب منها يورثها المزيد من الخيبة ..والتحدي!!
لا ..لن تسمح له !!
ليس بعد ما كان !!

لهذا ما كادت تستقر فوق القارب الذي سيعيدهم من الجزيرة حتى بحثت عنه بعينيها لتجده واقفاً هناك وحده في الزاوية البعيدة للقارب يعطيها ظهره وقد بدا وكأن البحر قد اختطفه من جديد ..
تتردد قليلاً وهي تعض شفتها السفلى بخجل مستعيدة موقفهما الأخير ..
عناقه القوي لها الذي ذكرها -نوعاً ما- بعناق عاصي إنما مشتعلاً بلهفة عاشق هي خير من يدركها من فرط ما تمنتها ..
وتلك الكلمات التي لن تنساها أبداً ..
ربما لو كان قد قال لها أحبكِ) صراحةً لما أحدث فيها هذا الأثر المدوي!!
وبعد كل هذا يظنها ستتركه يهرب خلف أسواره من جديد ؟!
حاشاها!!

لهذا تتوجه نحوه بخطوات حاسمة لتتوقف جواره ..
لم يلتفت نحوها إنما جوارحه كلها فعلت!!
قلبه الذي ارتجف بأثر قربها ..
أنفه الذي صار يميز رائحتها ..
جسده الذي كانت خلاياه تستعيد مذاقها بين ذراعيه ..
وأخيراً عيناه اللتان تستجيبان لرجاءات روحه أخيراً فتناظرانها ..
لا ..لم تبدُ لكليهما مجرد نظرة ..
بل بدا وكأن كل منهما يعانق الكون كله في عيني صاحبه !!

_قصصتِ شعرك؟!
لم تكن أفضل عبارة تقال في موقف كهذا لكنها سمعت منه -دون كلام- كل ما يريد قوله ..
الجزع الضائق في نبرته المتفاجئة -كأنه فقد عزيزاً- يترك بصمته على جدار أنوثتها فتمتزج نظرتها العاشقة بتحدٍّ لذيذ
لهذا جاءت كلماتها مواربة :
_وما يعنيك؟! ظننتك تكره الشعر الطويل.

لم يمنحها رداً في كلمات ..إنما في خطوة !
خطوة واحدة لكنها بدت لها وكأنه احتواها كاملةً بين ذراعيه ..
فيزداد "سديم" عينيها لمعاناً وهي تتوقع خطوته التالية ..
ربما لأنها تمنتها ..تمنتها من كل قلبها ..
فهاهو ذا يمد أنامله ليحرر شعرها من عقصته في حركة لم تستطع وصفها ..ولن يمكنها أن تفعل!!
كأنه لم يحرر شعرها فحسب بل أطلق كل عرائس أنوثتها التي سجنتها كل هذه السنوات ..
كأنه "الغازي" الذي اقتحم الحصون فاستقبلته الحشود لا مقاومة إنما مرحبة !

_تدري عقاب من يتجرأ على مس شعري؟!

يالله!!
كيف يمكنه وصف صوتها في هذه اللحظة ؟!!
كيف يمكن أن تحمل ارتجافة صوت امرأة كل هذه القوة الغاشمة ؟!
كيف يمكن أن يرتدي الخجل قناع التحدي بهذا الجمال وبهذه الفتنة ؟!
كيف يمكن أن تشبهه كل هذا الحد ؟!
وتناقضه كل هذا الحد ؟!
وتجتاحه دون أي حد ؟!!

ربما لهذا تهاوت بعض قضبان عينيه لتبدو لها خلف ظلمتها شمسٌ عذراء ..بدت وكأنها ولدت الآن ..لها وحدها ..!

خطوة أخرى منه تحتكرها خلف أسوار مملكته أكثر ..
وصوته الآسر هو الآخر يجعل من كل حرف قنديلاً يضيئ ظلماتها تباعاً ..واحدة واحدة ..وهو يمنحها الجواب بنفسه :

_عقابه أن يفني عمره كله في سبيل ألا يُفرد هذا الشعر على كتفي رجل غيره !

هل يمكن للروح أن تترنح بينما الجسد ثابت ؟!
هذا ما كانت تشعر به الآن تماماً وهي تغمض عينيها للحظة ..لحظة واحدة تحاول بها استعادة توازنها ..
قبل أن تعاود فتحهما على اتساعهما كأنها تدخر هذه اللحظة لطريق العمر الطويل ..
تتسحر بحلاوة "تمرة"يبقى مذاقها في فمها مهما طال نهار الصوم !


لكنها تعود لتتذكر تباعده عنها طيلة اليومين السابقين ..

ولأنها ليست امرأة تقليدية ..ولأنه ليس رجلاً عادياً ..
لم يكن حوارهما طبيعياً على أي حال في موقف كهذا !!

_لماذا تهرب مني؟!
_ربما ..أهرب من نفسي ..من يحيى العراقي نفسه !

_ومَن يحيى العراقي هذا ؟!
سؤالها كان ليبدو غبياً في أي موقف سوى هذا ..
لكنه هاهنا هو أذكى سؤال كان يمكن أن تطمئن به قلبها ..
أن تخترق حواجز كتمانه التي يصر أن يبقيها بينهما ..
وجوابه يرد لها بضاعتها بمثلها ..:

_تعلمين ما عقاب من تنبش قبور ماضيّ؟!

لكنها لم تكن تملك -مثله- الجواب ..
لهذا زاغت عيناها بمزيج من خوف فطري رغم سيف التحدي الذي لوحت به نظراتها ..
ليشيح بوجهه من جديد نحو البحر القريب ليمنحها الإجابة بنفسه عبر شروده القاهر:
_أن تحترق -معي- بي!

_ليس كل الحريق هلاكاً! أما علموك أن قبساً من النار قد يحيي ظلمة الليل ؟!

صوتها يجتاحه من جديد بهذه القوة التي تبدو وكأنها لم تخلق لامرأة سواها ..
لا يدري متى التفت لها من جديد ..
لكنه غرق في عناق عينيها ..
صاحبة السديم دعته ..وهو -وسط لمعة فوضاه- داخ!
صوتها لا يزال يتراقص هذه الرقصة الرشيقة بين قوة ونعومة :
_أما آن ل"الفلامنجو" أن يريح ساقه المرفوعة ويقف على الاثنتين؟!

يبتسم ابتسامة شاحبة وهو لا يدري أيهما تقصد هي ب"الفلامنجو" هو أم هي؟!
لكن ..ما الفارق ..أو ليس هو توأمها ..وهي توأمه ؟!
ما أدق التشبيه !
طائر فلامنجو أجبروه أن يقف على ساق واحدة ويود لو يريحها ويقف بطبيعية على الاثنتين!!

يمد أنامله نحوها ببطء يدعوها لمصافحة بمذاق الوعد ..
فتدمع عيناها برهبة خفية وهي تناظر راحته المفرودة ..
كمن ينتظر توقيعاً على عقد ببيع العمر !
تعلم أنها لو فعلتها فلن تكون مجرد مصافحة ..بل ميثاق حياة أو موت!!
طيف الصالح لم تطفُ فوق سطح طموحها إلا عندما تجاهلت كل أطواق النجاة المزعومة وتشبثت بقوة ذراعيها في العوم فحسب ..
عاشت كل هذه السنوات تكافئ نفسها -وربما تعاقبها- باستغنائها عن بني آدم جميعهم ..
ألفت وحدتها حتى صارت وطنها وملجأها ..
لهذا كان للحظة كهذه رهبة خالصة في صدرها ..
ثانية تمر خلف ثانية وعيناها معلقتان بكفه الممدود ..
لم يتعجلها ..ولم يسحبه ..
كأنه كان واثقاً من قرارها ويمنحها فرصتها في منحه أخيراً بقوة تليق بها ..

تمد أناملها أخيراً فيتلقفها كفه بحرارة تكاد تصهرها مكانها ..
أصابعه تعد أصابعها عداً ..واحداً واحداً ..كأنه يغرس بينها بصمة أنامله ..
تتلكأ بين العُقَل ترسمها ..ثم تطوف حول خطوط راحتها في دوران بدا كأنه لن ينتهي ..
يشبكها بأصابعه أخيراٌ بقوة تكاد تؤلمها لولا ما أحسته مما خلفها ..
ثم يرفعها لشفتيه ببطء لكنه يتوقف على بُعد "قبلة"!!

ترفع عينيها الصارختين بعاطفتها نحوه لترى نظراته معلقة بسلسلته على جيدها ..
كأنه لم ينتبه لها سوى الآن !!
قضبان عينيه تزداد غلظة والظلمة خلفهما تزداد وحشة ..
لكنها كانت ترى قمرها المراوغ فيهما يداعبها من بعيد ..
يخبرها أن مهما ذبحوا حمائم الأمس ..فسيولد لأجلها غد جديد !

_احكِ لي ..عن يحيى العراقي ..قبل أن يصير السندباد !
تقولها بذات الصوت القوي ذي الارتجافة الآسرة ..
زفرة حارقة تغادر صدره وأنامله تزداد تشبثاً بكفها ..

_ليس الآن .
_متى؟!
تقولها وهي تسحب كفها منه بنظرة عاتبة ليطرق برأسه قليلاً ثم يقول بغموض اجتاحه ألمه :
_تعلمين أنني توقفت عن الكتابة ؟!
تبتسم رغماً عنها بغيظ وهي تذكر لقاءاتهما الأولى لتهتف بعفويتها الفظة :
_جيدٌ أنك توقفت قبل أن تنتشر أفكارك !

ابتسامته تعانق شبيهتها على شفتيها وعيناه ترسمان ملامحها التي بدت له في هذه اللحظة أشد جاذبية من أن يقاومها ..
يقترب أكثر وأنامله تمتد لشعرها ببطء من يتذوق حلاوة كأسه رشفة رشفة ..
من منابته عند جبينها وإلى أطرافه التي استقرت بحنو على راحته ..
يالله !!
كم يود الآن لو يتلمسها بشغف شفاه تشققت من خشونة الوجع وتتوق لهذه النعومة الواعدة !

_يوماً ما سأعود ..برواية عنك أنتِ .
_لا أريد رواية عني ..أريد رواية عنك أنت ..متى ستخبرني عن يحيى العراقي؟!
إلحاحها القوي يمتزج برجاء عزيز في عينيها ..
رجاء يود لو يستجيب له وليكن ما يكون ..
إنما ..!!

_ليس الآن .
_لماذا؟!
_لا أريد أن أكذب عليكِ ..أنت بالذات لا أريد أن أفعلها معكِ .
المرارة المشبعة بخزي ظلل حروفه تجعل عيناها تدمعان من جديد ..
فيكز على أسنانه بقوة مغمضاً عينيه بصوته القوي :
_إلا دموعك يا طيف! البكاء لا يليق بامرأة مثلك !

_افتح عينيك !
تهتف بها بقوتها المعهودة فيستجيب لها ثم تلوح بسبابتها في وجهه مردفة:
_تعرف كم مرة سقطت ثم قمت من عثرتي طوال هذه السنوات ؟! تعرف ما السر؟! أنني في كل مرة كنت أختار الأرض الثابتة التي أقف عليها ..هذه هي أهم قواعد طيف الصالح ..ولن أجعل لها استثناء.. حتى لأجلك أنت !

صوتها القوي يتهدج في كلماتها الأخيرة واشياً بمكانته لديها ..
فتنفرج شفتاه كأنه على وشك البوح بشيئ ما ..
لكنه يعاود إطباقهما بقوة مشيحاً بوجهه عنها ..
فتعطيه ظهرها لتتحرك مبتعدة تاركة للسندباد حرية الاختيار ..
إما أن يمضي في رحلته غير المتناهية ببحره ..
أو يلقي هلب سفينته فوق مرفئها فلا يبحر من جديد إلا وهي معه !
======
انتهى الفصل الثالث عشر


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 12:35 AM   #1002

فلونا علي

? العضوٌ??? » 473297
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 40
?  نُقآطِيْ » فلونا علي is on a distinguished road
افتراضي

فصل ممتع وشيق تسلم ايدك

فلونا علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 01:25 AM   #1003

MerasNihal
 
الصورة الرمزية MerasNihal

? العضوٌ??? » 410863
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 252
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » MerasNihal is on a distinguished road
افتراضي

عندما تعجز "الواااااو" عن إيفاءكِ وإعطائكِ حقك!
بسم الله مشاء الله، اللهم بارك.. لا حدود لإبداعك وروعة ودقة وصفك وسردك للمشاعر!
مبهورة أنا أمام كل مشاهد الفصل ده، كل مشهد أقوى وأروع من الثاني..
وصفك لمشهد يسرا تجسد أمامي حرفياً، حسيت نفسي جالسة أمامها وهي تتحدث عن صغيرها، عايزة ٱخدها بحضني وأطبطب عليها..
يمكن يسرا أكثر شخصية بالجزء ده تستحق فرصة تانية، ومع كل تخطبها وحيرتها وضعفها ده صعبانة عليا جداً، مستنية اليوم اللي هترجع فيه واثقة ومبسوطة من حياتها.🧡
عن جمال وروعة الثنائي "جنة وفهد" وعن روعة مشاعرهم وعلاقتهم، بحب دعم فهد لجنة مع خوفه ليها، وبحب دفاعها عن الحق، يمكن الأشخاص اللي زيها نادرين بس وجود شخص واحد بيدي الأمل في مستقبل نظيف.💙
"قذاف الحطب" حسام، اللي لفت نظري حلمه وبالضبط إحساسه بالأبوة تجاه ديمة!!
هل يعقل ده اللي هيكون سر العلاقة بيناتهم! أنا متحمسة جداً لمعالجتك حبكتهم..💙
وأخيراً مع الثنائي الأحب والأقرب لقلبي🧡🧡🧡🧡
طيف والسندباد🧡
صراحةً مش مطمنة لسرعة علاقتهم دي، لكن كلي ثقة في حبكتك ومعالجتك🧡
يبقى ماضي يحيى مثير للريبة بصراحة، مش قادرة اطمن ليه وحاسة أنه هيجرها (ويا ويلي مني)، مشهدهم اليوم كان جميل جداً مش قادرة أوصفه بالعاطفي أو الشاعري، حاساه مزيج من كل المشاهر الجميلة.🧡
نهايةً ربنا يبارك في قلمك وفي كل ما تكتبينه يا أستاذة.🧡
يعطيكِ ألف ألف عافية غاليتي 🧡😘


MerasNihal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 01:39 AM   #1004

zezo ali
 
الصورة الرمزية zezo ali

? العضوٌ??? » 400366
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 171
?  نُقآطِيْ » zezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond reputezezo ali has a reputation beyond repute
افتراضي

ايه الجمال ده فيه جمل في الفصل ده محتاجة تتبروز من حلاوتها

_عقابه أن يفني عمره كله في سبيل ألا يُفرد هذا الشعر على كتفي رجل غيره !
_ليس كل الحريق هلاكاً! أما علموك أن قبساً من النار قد يحيي ظلمة الليل ؟!
_يارب! بحق هذا الكرب الذي تقدر وحدك على تفريجه ..بحق أني أشهدك أني حفظت بصري وجسدي وقلبي عن الحرام ..اكتبها لي في الحلال .
ادام الله قلمك يا استاذة


zezo ali غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 01:49 AM   #1005

د. منى خلوى

? العضوٌ??? » 462962
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » د. منى خلوى is on a distinguished road
افتراضي

روعه روعه يا نرمين ربنا يحفظك

د. منى خلوى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 01:49 AM   #1006

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

ياربى على الجمال والروعه يادكتوره بجد فصل ممتع وشيق جدااا

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 02:08 AM   #1007

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع ربنا يستر على جهاد وزهرة😥

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 02:16 AM   #1008

المشاغبة

? العضوٌ??? » 406852
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 446
?  نُقآطِيْ » المشاغبة is on a distinguished road
افتراضي

الله يسعدك و يعطيك العافيه فصل بمنتهى الجمال و الروعة والابداع
لي عودة بإذن الله بريفيو يرضيك ❤️ 🥺


المشاغبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 02:36 AM   #1009

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فلونا علي مشاهدة المشاركة
فصل ممتع وشيق تسلم ايدك
تسلمي يا جميلة شكرا لتقديرك 😍


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 02:39 AM   #1010

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة merasnihal مشاهدة المشاركة
عندما تعجز "الواااااو" عن إيفاءكِ وإعطائكِ حقك!
بسم الله مشاء الله، اللهم بارك.. لا حدود لإبداعك وروعة ودقة وصفك وسردك للمشاعر!
مبهورة أنا أمام كل مشاهد الفصل ده، كل مشهد أقوى وأروع من الثاني..
وصفك لمشهد يسرا تجسد أمامي حرفياً، حسيت نفسي جالسة أمامها وهي تتحدث عن صغيرها، عايزة ٱخدها بحضني وأطبطب عليها..
يمكن يسرا أكثر شخصية بالجزء ده تستحق فرصة تانية، ومع كل تخطبها وحيرتها وضعفها ده صعبانة عليا جداً، مستنية اليوم اللي هترجع فيه واثقة ومبسوطة من حياتها.🧡
عن جمال وروعة الثنائي "جنة وفهد" وعن روعة مشاعرهم وعلاقتهم، بحب دعم فهد لجنة مع خوفه ليها، وبحب دفاعها عن الحق، يمكن الأشخاص اللي زيها نادرين بس وجود شخص واحد بيدي الأمل في مستقبل نظيف.💙
"قذاف الحطب" حسام، اللي لفت نظري حلمه وبالضبط إحساسه بالأبوة تجاه ديمة!!
هل يعقل ده اللي هيكون سر العلاقة بيناتهم! أنا متحمسة جداً لمعالجتك حبكتهم..💙
وأخيراً مع الثنائي الأحب والأقرب لقلبي🧡🧡🧡🧡
طيف والسندباد🧡
صراحةً مش مطمنة لسرعة علاقتهم دي، لكن كلي ثقة في حبكتك ومعالجتك🧡
يبقى ماضي يحيى مثير للريبة بصراحة، مش قادرة اطمن ليه وحاسة أنه هيجرها (ويا ويلي مني)، مشهدهم اليوم كان جميل جداً مش قادرة أوصفه بالعاطفي أو الشاعري، حاساه مزيج من كل المشاهر الجميلة.🧡
نهايةً ربنا يبارك في قلمك وفي كل ما تكتبينه يا أستاذة.🧡
يعطيكِ ألف ألف عافية غاليتي 🧡😘
حبيبتي الجميلة دايما تعليقاتك مميزة زيك يارب دايما عند حسن ظنك 💙


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:40 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.