آخر 10 مشاركات
أرواحٌ تائـهـة في غياهِبِ القَدَر (الكاتـب : الـميّادة - )           »          قَلْبٌ مُسْتَعَار *مميزه و مكتملة* (الكاتـب : فُتُوْن - )           »          نيكو (175) للكاتبة: Sarah Castille (الجزء الأول من سلسلة دمار وانتقام) كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          [تحميل] صاحب الظل الطويل للكاتبة / إيميلياأمل (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          يا [you] قل ما تشاء وامض(ـي) أنت لتبقى نبضات قلبك (الكاتـب : محمد العبادله - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-09-20, 09:49 PM   #1211

هبه شناوي

? العضوٌ??? » 474939
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 474
?  نُقآطِيْ » هبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond repute
افتراضي




هبه شناوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-20, 09:49 PM   #1212

هبه شناوي

? العضوٌ??? » 474939
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 474
?  نُقآطِيْ » هبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond repute
افتراضي



هبه شناوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-20, 09:50 PM   #1213

هبه شناوي

? العضوٌ??? » 474939
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 474
?  نُقآطِيْ » هبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond repute
افتراضي



هبه شناوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-20, 09:51 PM   #1214

هبه شناوي

? العضوٌ??? » 474939
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 474
?  نُقآطِيْ » هبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond repute
افتراضي



هبه شناوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-20, 10:31 PM   #1215

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي



نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 03:21 AM   #1216

Manelracha

? العضوٌ??? » 442702
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 56
?  نُقآطِيْ » Manelracha is on a distinguished road
Rewitysmile2

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نرمين نحمدالله مشاهدة المشاركة
الطيف الرابع عشر
=======
*أحمر*
======
_خالي ربيع خرج بالسلامة !!
هتاف هبة المنطلق بفرحتها يجتاح سمع يسرا وهي تقف في الفرن فيخفق قلبها بسعادة حقيقية وهتافات العمال من حولها بحمد الله تكاد تصم أذنيها ..

_سيعود ..سيعودان ..سيعودون !

تتمتم بها يسرا باشتياق تعجبت له في نفسها !!
اشتياق لربيع ..لابراهيم ..ولأولاد عمه ..كلهم..
كلهم افتقدتهم كأنما اختل توازن عالمها -الافتراضي- منذ رحلوا ..
لكن فرحتها يهزمها المزيد من هتاف هبة المنفعل:
_هم في طريقهم إلى هنا الآن ..جنة أخبرتني أنها ستوصلهم بنفسها مع زوجها .

تشحب ملامحها كثيراً وهي تتراجع خطوة لا إرادياً للخلف ..

_هاهم قد جاءوا !!

لم تدرِ من أين أتى الهتاف لكنها وجدت أثر قصفه في صدرها !!
تسمع الجلبة حولها فتميز لوهلة سيارة فخمة تقترب وقد كان هذا آخر ما وعته قبل أن تغلق عينيها بقوة ..
كالنعامة تدفن وجهها في الرمل كي لا ترى الخطر وكأن هذا كافياً كي لا يلحق بها هو!!
وبقدر لهفتها للقاء ربيع وإبراهيم لم تشعر بخطواتها وهي تركض ركضاً عكس خطوات الجميع نحو الأعلى ..
نحو شقة هبة تحتمي بغرفتها ..
بفراشها ..
بغطائها الذي رفعته فوقها تستمد منه حماية وعيناها الزائغتان تراقبان باب الغرفة برعب ..
ورغماً عنها تستعيد كل لحظة خوف عاشتها في حياتها ..
الشريط طويل ..طويل ..
يبدو بطول العمر !!

لكنها هذه المرة تملك هذا القبس من النور في صدرها ..
هذا الطيف الواعد من "قوس قزح" يتوهج ببطء وسط غيمات روحها ..
_يارب ! يارب!

تهمس بها بخشية لأول وهلة ونفس الرهبة تمنعها من رفع رأسها لأعلى كأنها تشعر أنها لا تستحقها أو كأنها تخشى أن تصيبها صاعقة ..
لكن قلبها يأنس لها رويداً رويداً فترددها تباعاً ثم ترفع رأسها للأعلى هامسة بين دموعها :
_أنت تحبني ..لو كنت لا تحبني لما أوجدت لي الطريق هنا ..لا أعرف بما أدعوك ..لا أحفظ شيئاً مما يقولونه ..لكن ..اغفر لي ما مضى ..ولا تحرمني هذا المكان الذي يقربني إليك ..يارب ..يارب ..

تكررها مرة خلف مرة وهي تشعر بالعجز ..
إنما -كذلك- بالقرب!!
مما وعته من كلام إبراهيم في الدرس ذاك اليوم أن الله يجيب المضطر إذا دعاه ..وهي الآن تشعر أنها في أشد لحظات حياتها خوفاً ..
ليس خوفاً من أن يفضح سرها فحسب ..
بل أن يجبروها أن تخرج من هنا ..
أن يخلعوا عنها عباءة "سمرا" التي لفتها بعد طول عري وبرد ..
ويعيدوها لثوب يسرا الذي لا يدفئ ولا يستر !

الدقائق تمر بها في عدوها كالساعات ولسانها يلهج بدعوات لا تنقطع بينما نظراتها المرتعبة لاتزال تراقب الباب بوجل ..

ولما طال انتظارها وجدت نفسها تغادر مكانها بتردد لتخطو نحو الخارج ..
تتحرك نحو سور السطح تراقب من أعلى لعلها تستكشف الوضع ..
دقات قلبها تتقافز بجنون وهي لا تدري أين ذهب الجميع ..
لكن عينيها تميزان سيارة فهد تبتعد ..
أخيراً!

_أتيناكِ نحن ما دمتِ لا تريدين رؤيتنا!

"الصوت الحبيب" خلفها يجعلها تلتفت نحوه بكل ذرة لهفة تحملها خلاياها ..
ثم لم تشعر بنفسها وهي تندفع نحوه لتلقي برأسها فوق صدره قبل أن تجهش في البكاء!!
لم تفكر وقتها في أي شيئ سوى حاجتها لهذا الذي تفعله !!
هذا الذي كادت تحرم منه منذ قليل !!
المفاجأة تلجمهم جميعاً لتمط هبة شفتيها باستياء ..
بينما يكاد قلب إبراهيم يقفز من بين ضلوعه وهو يراها بين ذراعي والده تبكي بهذه الحرقة ..
لقد كانت أول وجه يبحث عنه بين أهل الحي الذين تزاحموا للقائهم ..
طوال هذه الدقائق وهو يكاد يحترق إليها قلقاً ..وشوقاً !
هذا الذي تزيده وقفتها هذه اشتعالاً فلا يكاد يشعر بأنفاسه التي تلاحقت وهو يتصورها الآن بين ذراعيه هو ..!
يستغفر الله سراً وهو يطرق برأسه مشبكاً قبضتيه جواره فيما يشعر ربيع بالحرج وهو يبعدها ليتفرس في ملامحها الباكية فتنتبه أخيراً لما فعلته لتهتف بين دموعها بوهن لا تدعيه :
_آسفة ..لم أشعر بنفسي ..أنا افتقدتك جداً ..كنت ..

تعجز عن إكمال عبارتها وهي تشعر بالحماقة !!
أي جنون هذا دفعها لما فعلته ؟! بل أي حرمان ؟!

_الحضن ل"مستر ربيع" فقط ؟! أم لكل الذين كانوا مسجونين معه؟!

يهتف بها روميو متظارفاً فيضحك قيس ضحكة عالية متوقعاً رد فعل إبراهيم الذي لكم روميو في خاصرته بقوة جعلت الأخير يتأوه بمبالغة وهو يبتعد هاتفاً :
_يدٌ هذه أم مطرقة ؟! السجن لم يؤثر على صحتك ؟!

لكن ربيع يتجاهل حماقاتهم وهو يعاود تفرس ملامح يسرا التي كفكفت دمعها ليقول بحنانه الحذر:
_أخبروني أنك صاحبة فكرة فتح الفرن حتى في غيابي !
_فرحت بها ؟! أعجبتك ؟!
لهفتها المغالية تبدو له - بل لهم جميعاً- شديدة الطفولية ولو نظروا بداخل روحها لأبصروا حقاً طفلة ..
طفلة كبر جسدها وبقيت روحها على فقر احتياجها !
طفلة تريد نظرة فخر في عين أب تحترمه !

يبتسم لها بنفس النظرة الحذرة وهو يختلس نظرة نحو إبراهيم ..
رغم إطراقه ببصره كان يشعر أنه لا يرى في هذه الدنيا كلها الآن سواها !!
الدرويش خلع عباءة زهده ولامبالاته مستجيباً لنداءات هذه المرأة ..

_عودوا لشقتكم واستريحوا ..أنا نظفتها ..سمرا ساعدتني ..هي من نظفت غرفة إبراهيم .
تهتف بها هبة ليرفع إبراهيم بصره بلهفة لم يملكها نحو وجه يسرا التي كانت تناظره بنفس اللهفة ..
هي دخلت غرفته كما دخلت قلبه ..
وكلاهما كان مصادفة جبرية ..
فليت كل الصدف هكذا ..ليت كل الإجبار هكذا !!

ابتسامته "المنقوصة" تتراقص على شفتيه بلحن خاص هذه المرة ..
لحن وجد صداه في قلبها الذي تعلقت خفقاته بهذه الابتسامة ..
آه لو كان يمكنها الاحتفاظ بها مع ما سرقته من تذكاراته !!

_استريحوا حتى أعد الغداء .
تكمل بها هبة حديثها ليهتف ربيع بمرح :
_لا! لا أريد العودة للحبس بين أربعة جدران ..تعالوا نتناول غداءنا بالخارج .

_عاش مستر ربيع فاهم كل المواضيع!

يهتف بها عنتر ملوحاً بقبضته في حماس ليتبعه أخواه فيما تهتف هبة باعتراض:
_وما الداعي للمصاريف؟!
_اسكتي يا عدوة الفرحة ! الرجل يريد بعض المرح بعد حبستنا السوداء تلك ! وأنت تريديننا أن نخرج من طبيخ السجن لطبيخك !
يهتف بها قيس متهكماً بمرح لتهتف هبة باستنكار:
_تقارن طبيخي بأكل السجن؟!
_وأكل السجن يكسب! الحق يقال!
يهتف بها روميو مؤازراً أخاه وهو يبسط راحته في وجهها لتطلق يسرا ضحكة كتمتها بسرعة وهبة ترمقها بنظرة زاجرة ..

بينما يهتف ربيع بصرامة مصطنعة :
_أنا قلت كلمتي ..هيا بنا ..هبة وسمرا سيركبان معنا سيارة إبراهيم وأنتم الحقوا بنا .

_خذنا معك يا إبراهيم ..ضعنا حتى في حقيبة السيارة !
يهتف بها روميو وهو يشبك كفيه في وضع الرجاء ليدفعه إبراهيم براحته المفرودة التي ألصقها بوجهه هاتفاً بغلظة :
_ابتعد عن إبراهيم الآن بدلاً من أن يدهسك بالسيارة !

ضحكتها "الراقصة" تعاود بسط سلطانها على مسارح قلبه فلا يملك هذا الوجع اللذيذ الذي يجربه لأول مرة ..
ضحكة تعالت وتيرة عزفها طوال الدقائق التالية وهي تستقل معهم السيارة ودعابات ربيع المرحة تغشاهم ..حتى تتوقف السيارة أمام المكان الذي قرر ربيع تناول الغداء فيه ..


_مسمط ؟! سنأكل "سميط"؟!

تهتف بها يسرا بجهل ليضحك ربيع وهو يلتفت بوجهه نحوها هاتفاً:
_المسمط لا يبيع "سميط"!
_إذن ماذا يبيع؟!
جهلها يستجلب المزيد من الحذر لابتسامته :
_"كوارع،كرشة ،لحمة راس" سمعتِ عنها؟!

تتسع عيناها للحظة ثم تغمغم بارتباك:
_بالطبع ..بالطبع ..أحبها جداٌ !

_جيد ..هيا بنا! إنه أنظف وأشهر مسمط في مصر!

تجاهد باستماتة كي تخفي اشمئزازها وهي تدخل معهم لتستقر في كرسيها ..
لماذا قالت أنها تحبها ؟!
لماذا؟!
تراقب بهلع هذه القطع غريبة الشكل التي رصت في سائل ما ..
هل ستأكل هذا ؟!
تزم شفتيها بقوة كاتمة رغبتها في التقيؤ ..
لكن ربيع يقرب طبقها منها هاتفاً :
_كلي وادعي لعمك ربيع !

_أنا أدعو لك دون هذا !
تهتف بها بعفوية وهي تعود برأسها للخلف فيقول إبراهيم باهتمام :
_لو لم تكوني راغبة يمكننا إحضار طعام آخر لكِ !

_هي التي قالت أنها تحبه !
يقولها ربيع بنفس النبرة الحذرة التي اكتست بمرحه المعهود لترد يسرا بسرعة :
_أحبه بالطبع ..هات !

تشرع في تناوله بتردد لأول الأمر لتجبر نفسها على استساغة مذاقه ..
لم يكن بهذا السوء الذي يوحي به مظهره ..
وربما شهيتها كانت نابعة حقاً من هذه الصحبة ..
حنان ربيع ..
مرح الحرافيش..
طيبة هبة ..
وإبراهيم الذي جمع ماسبق كله !!
لم تره يوماً بهذا المرح كما هو الآن وهو يشاكس أبناء عمومته ..

_تعالوا نتراهن ..من منا يضحك إبراهيم ؟
_صعبة هذه !
يهتف بها قيس مخاطباً إبراهيم ليردف وهو يلوح بذراعيه في وضع كوميدي :
_مهندس أنجب بنتين ..أسمى الأولى لوجين والثانية log out

يمط إبراهيم شفتيه بسماجة فيهتف عنتر :
_دوري! ماذا تقول السلاحف عندما تقع في مصيبة ؟! يارب "نينجا" منها على خير!

تضحك يسرا بانطلاق وهي ترى فشلهم في انتزاع ضحكة إبراهيم ليهتف روميو :
_لن يضحكه غيري! اسمع هذه ! دكتور أسنان سرق حبسوه في "سجنال"!

_يا أحبائي خفة الظل هذه نعمة ..إذا لم تكن لديكم فلا تتظارفوا علينا !
يقولها إبراهيم مشاكساً فيلتفتون نحو هبة يدعونها للمشاركة لكنها ترد بخشونة :
_ماذا؟! تريدونني أن أقول نكتة ؟! هزلت!

_إذن قولي انت يا سمرا وأنا متطوع بالضحك للعام القادم !
يهتف بها قيس وهو يغمز بعينه بحركة مشاكسة ..

_لا! لا! لا أعرف ! أنا ثقيلة الظل جداً في هذا الشأن !
تقولها وهي تتذكر بعض النكات قليلة الحياء اللاتي كنّ يتندرن بها في النادي مع رفقتها الفاسدة فتغيم عيناها بسحابة داكنة ..
شتان بين ضحكتها الآن وضحكتها ذاك الوقت !

_أقول أنا ! والضحك إجباري!!
يهتف بها ربيع بمرحه الوقور فيصفقون صفقة جماعية ليرد ب-نكتة ما- انفجرت لها ضحكاتهم ..

_إبراهيم!
يهتف بها ربيع بعينين دامعتين ليلتفت نحوه إبراهيم الضاحك فيردف العجوز بصوت أرجفته لوعة أب:
_تعرف منذ متى لم أرك تضحك هكذا ؟!

تدمع عينا يسرا بتأثر وهي ترى إبراهيم يميل ليعانق أباه ثم يقبله في كتفه فيربت الأخير على ظهره !

تغمض عينيها بقوة على هذا المشهد كأنما تريد أن تدخره !
ضحكته !!
ضحكته تبدو لها شبيهة بهذا العالم الذي ينتمي إليه ..
عفوية ..دافئة ..صادقة ..
صادقة ..صادقة ..
الكلمة تهوي عليها بمطارق الذنب لكنها تتجاهلها ..
لماذا يدق قلبها بهذا الجنون ؟!
لماذا تشعر وكأن صورته الضاحكة هذه ستلتصق بحدقتيها طوال العمر ؟!
لماذا -للمرة الألف- تود لو تحشر نفسها حشراً بينه وبين عناق أبيه ؟!
والجواب الوحيد يفرض نفسه ..
هي ولدت من جديد هاهنا لتكون امرأة جديدة..
امرأة تعشق هذا الرجل وتتمنى أبا كأبيه وحياة كحياته ..
ولا يعنيها ماذا ستدفع في المقابل ..عمرها كله فداء!
======
في مطبخ شقة ربيع تقف يسرا دامعة العينين ..
ليس حزناً ..إنما أثر البصل!!

تنتهي مما تفعله ثم تفتح هاتفها خلسة لتتابع الفيديو الموضح لطريقة الطهي ..
لقد كذبت على هبة زاعمة أنها تجيد الطبخ ..
ماذا كانت لتخبرها والأخيرة تتعجب كونها كانت تسكن وحدها لسنوات ولا تعرف شيئاً كهذا ؟!
كما أنها أرادت أن يأكلوا جميعاً من صنع يدها !!
أرادت تجربة هذا الشعور وهي تقف في مطبخ شقة ربيع تطهو لهم الطعام ..

_أنجزي عملك بسرعة ..صلاة الجمعة أوشكت على الانتهاء ..عسى أن يعجبهم "البط بالبرتقال" الذي تحكين عنه هذا ..من أين أتيتِ بهذه البدعة ؟! نحن نسمع عن البط والرقاق ..البط والمحشي ..لكن بط بالبرتقال ! لا يهم مادام على ضمانتك ! المهم أن تسرعي!

تهتف بها هبة تتعجلها لتردف وهي تحمل طبقاً بلاستيكياً كبيراً :
_سأنشر الغسيل في الشرفة .

تهز يسرا رأسها بارتباك وهي تخفي الهاتف جانباً ريثما تبتعد ثم تعاود النظر فيه لتستكمل ما تفعله ..

تتناول البطة التي كانت قد قررت طهيها بعصير البرتقال -كما رأت في الفيديو- لكنها تنزلق من بين كفيها فتسقط بالطبق الزجاجي الحاوي لها ليختلط هشيم الزجاج بها !!

تقف مكانها مصدومة وهي تراقب الكارثة التي أحدثتها وقد سقطت زجاجة جوارها مع طبق الخضروات كذلك لتختلط كل هذه الفوضى على الأرض ..

_لا ! لا!
غضبٌ عنيف يحتاحها يتحول لبكاء هستيري وهي تضع كفيها في خصرها تراقب الوضع بيأس ..
_فاشلة ! فاشلة !!

تتمتم بها بقنوط وهي عاجزة عن منع دموعها ليصلها صوته بين حنان وجزع خلفها ..

_لماذا تبكين؟!

تلتفت نحوه بخزي ودموعها تغرق ملامحها الجميلة لكن إبراهيم يبتسم وهو ينحني ليجمع قطع الزجاج المكسور:
_لا بأس ..دعيني أنقذك من لسان مستر ربيع قبل أن يعود وننقذ ما يمكن إنقاذه .

_ماله لسان مستر ربيع؟! ليت الناس كلها مثله !
تهتف بها مدافعة بين دموعها وهي تهم بالانحناء لتساعده لكنه يهتف بصرامة :
_لا تنحني!

تعود لاستقامتها سريعاً وابتسامة عجيبة تخالط دموعها التي مسحتها بسرعة وهي تراه قد انتهى من جمع قطع الزجاج ليلقيها بعيداً بحرص ..
يتناول البطة ليتفحصها قائلاً:
_ترى ماذا أصابك يا بائسة؟!
ثم يردف دون أن ينظر إليها :
_أخبريني ما مصير الطيور المسكينة التي تقع في يدك !

تضحك رغماً عنها وهي تشعر بمرحه غريباً على طبيعته التي اعتادتها ..فتهتف بعفوية:
_ليس ذنبي والله ..هو انزلق من يدي..أنا ماهرة جداً في الطهي !

يصدر همهمة ماكرة وهو يشير بعينيه لهاتفها حيث لايزال فيديو الطهي يعمل ليقول بتهكم:
_واضح!

تشهق بخجل وهي توقف الفيديو هاتفة برجاء:
_لا تخبرهم ..أرجوك ..أنا أردت أن أطهو لكم الطعام بيدي اليوم !

_حسنا..سرك في بئر!

يقولها بنفس المرح وهو يغسل البطة من جديد تحت الصنبور شاعراً بوجودها هنا جواره يحيي به شعوراً لم يعرفه من قبل ..
كيف يخبرها أنها كلها فتنة ؟!!
دموعها فتنة ..ضحكتها فتنة ..
تلعثمها فتنة ..
وحتى وقوفها هكذا مشبعة برائحة البصل و"الخزي" فتنة ؟!
فما بالها بعبارتها (أردت أن أطهو لكم الطعام بيدي)؟!
فتنة ..فتنة ..فتنة !!!

_جيدٌ أنني لقيتك وحدك ..تسمح لي أن أهديك شيئاً بمناسبة عودتك بالسلامة؟!

تقولها بخجل تتعجبه في نفسها ..
ليس هو فحسب ..
بل كل هذه المشاعر التي تغشاها في حضرته كأنها مراهقة تتفتح براعم أنوثتها تحت شمس الحب لأول مرة !!

يلتفت نحوها بمزيج من رهبة ولهفة وهو يضع ما بيده جانباً بينما يراها تتناول علبة من البسكويت تناوله إياها :
_"بيمبو"! أليس هذا هو اسمه ؟!

ابتسامته المنقوصة تتحول لأخرى كاملة وهو يتناولها منها ليسألها بعينين لامعتين:
_كيف عرفتِ أنني أحبه ؟!
_عندما كنت أنظف غرفتك !

تهتف بها بالمزيد من التلعثم وهي تتعجب حالها من جديد !!
هل هذه يسرا الصباحي التي كانت تتيه دلالاً وكبراً في سيرها أمام الناس ..
الآن تخجل وتتلعثم؟!
ربما لأنها ..الآن تعشق!!

بينما يرتفع حاجباه هو بحنان وهو يتأمل العلبة في يده ليقول بشجن :
_كنا نحبه أنا وحسن ..بشكله القديم ذي الورقة الكرتونية سهلة الفتح أكثر من البلاستيكية التقليدية هذه ..كان كل واحد منا يشتري واحداً لكنه يصر أن يقتسمه مع الآخر ..هكذا عشنا حياتنا كلها متشاركيْن ..حتى روحنا تقاسمناها ..ربما لهذا ذهبت نصف روحي معه عندما ذهب .

تعود الدموع لعينيها وهي تشعر من جديد بالحاجز يرتفع بينهما ..
لكن ابتسامته التي وجدت "كمالها" أخيراً على ضفتي جبينها تبدو لها وكأنها تمد لها يداً تقيلها من عثرتها ..
ترفعها إليه ..وما أشد حاجتها لأن ترفع إليه !

_شكراً .
يقولها وهو يضم العلبة لصدره فتشعر لوهلة أنها تحسدها ..
تتلعثم حروفها من جديد وهي تشيح بوجهها قائلة :
_تمزح؟! من بنا يفترض أن يشكر الآخر ؟!

تلتمع عيناه بهذا الألَق الخاص الذي لم تره وإن كانت قد شعرت به ..
كهالة من نور طوقتها بحنوّ نافضةً عنها كل هواجسها ..
صوته الحنون بخشونته المحببة ومسحة المرح الجديدة التي تغزوه يعاود طرق أبواب أنوثتها:
_بهذه المناسبة ..كنت أريد أن أسألكِ سؤالاً .
تلتفت نحوه بترقب فيردف :
_دفتر ورقي كان في درج مكتبي ..رأيته ؟!

الرنة الماكرة في صوته لم تبد لها مهددة بقدر ما بدت لها بشقاوة طفولية بريئة ..
ربما لهذا هزت رأسها نفياً دون جواب وابتسامتها الخجول تصرخ بالكذب ..
فيمد يده في جيبه ليستخرج زراً بلاستيكياً رفعه أمام عينيها :
_وجدت هذا في الدرج حيث اختفى الدفتر .

تتسع ابتسامتها وهي تهز كتفيها قائلة :
_وما أدراك أنه لي؟!
_إنه زر قميصك الأحمر !
_لم أكن أعلم أن أزرار قميصي مميزة .
يخفق قلبها بجنون مع هذه السعادة الكاسحة التي تعبث بضلوعها في هذه اللحظة وردّه يصلها واضحاً دون مواربة :
_كل ما يعنيكِ مميز .

ترفع عينيها إليه تنهل من جدول نظراته العذب ما يكفيها ..
لو كان أحدهم قد أخبرها أن النظرات تسقي لما صدقته ..
وهاهي ذي الظمأى تشهد بعذوبة "السلسبيل" في عينيه !!

وأمامها كان الدرويش يرقب "العندليب الأخرس" في عينيها لايزال متردداً في التحليق فوق غصنه ..
ولايزال يتوق لسماع صدحه ..

_أريد دفتري !
يقولها بنفس الصوت الرجولي الخشن المكسو بمرحه الجديد ..
لتعاود هز كتفيها قائلة بدلال ماكر:
_من يدري؟! ربما لو كنت أكملت حروفه لما ضاع منك !

ضحكته القصيرة توازي سؤاله :
_إذن رأيته ؟! فاشلة أنتِ في الكذب!
كلماته ترده لحقيقة وضعها فتختفي ابتسامتها لتغيب ملامحها في خوف لم تملكه ..
خوف أساء هو تأويله ليردف :
_لا أتهمك ..فقط أسألك ..لماذا أخذته ؟!
تنهيدة حارقة تغادر صدرها فتقذف معها كل خوفها ..
لتعود لصوتها نبرة دلاله :
_لأقايضك على أن تكمل حروفه !
_هو حرف واحد ناقص!
يقولها متعجباً لتبتسم وعيناها تكملان ما لم يجسر لسانها على قوله :
_لا يليق بك أي نقصان !

ابتسامته حديثة الكمال تعانق شبيهتها فوق شفتيها بينما تردف بشرود :
_تعرف ؟! وددت لو كنت أملك دفتراً مشابهاً ..فقط باختلاف واحد .

عيناه تغيمان بنظرة متسائلة فتسبل جفنيها هامسة :
_أنا أعرف بأي حرف يبدأ!

همسها كان شديد الخفوت لكنه بدا في أذنيه كدوي قذيفة !!
شفتاه ترتجفان فيزدرد ريقه بارتباك وهو يود تصديق هذا الذي تصرخ به عيناها ..
_أي حرف؟!
سؤاله يختض بين شفتيه بنفس الفوضى التي تعيث فساداً بين ضلوعه ..
فتكاد وجنتاها تحترقان بخجلها وهي تطرق بوجهها هامسة :
_ألِف ..
ثم تصمت لحظة يهيأ إلى كليهما فيها أن الأرض قد كفت عن الدوران ..
لتردف قاطعة عليه سبيل الشك :
_مكسورة !

_أنهيتِ الطبخ؟!
تهتف بها هبة وقد دخلت لتوها قاطعة عليهما سحر اللحظة لتردف وقد انتبهت لوجود إبراهيم:
_متى عدت؟! أين خالي ربيع؟!

_في طريقه إلى هنا !
يقولها بارتباك لم يخلُ من ضيق فتنقل هبة بصرها بينهما بتوجس مخاطبة يسرا بقولها:
_طبختِ البطة ؟!

تشحب ملامح يسرا وهي ترمق إبراهيم بنظرة راجية ليهتف الأخير متداركاً الموقف:
_أنا طلبت منها أن تنتظر ..لم تكن لدي شهية للبط اليوم ..أبي كذلك صحته لا تسمح له بتناوله ..الأرانب أخف!

_أي شيئ! المهم أن تنجزيه بسرعة ! لو عاد الحرافيش ولم يجدوا طعاماً فلن يتأخروا عن التهامنا نحن ! المهم أن تطبخيها كما نعرفها ..كنتِ ستطبخين البط بالبرتقال فكيف ستطبخين الأرانب ؟! بالمانجو؟!
تهتف بها هبة وهي تتوجه نحو الثلاجة القريبة لتستخرج منها كيساً مجمداً منحتها إياه ..
لترمقه يسرا بنظرة بائسة قبل أن تتبادل مع إبراهيم نظرة ذات مغزى وكلاهما في نفس اللحظة ينظر لهاتفها "المنقذ" !!

ضحكة إبراهيم القصيرة بعدها تصيب هبة بالدهشة وهي لا تفهم ما يحدث ..
تنتبه لعلبة البسكويت التي يحملها فتهتف بلهفة:
_ابن حلال! أنا جائعة ويبدو أن الغداء سيتأخر .. هات واحداً!
لكنه يضم العلبة لصدره هاتفاً بارتباك:
_لا!
_غريب! لم أعهدك بخيلاً !
تقولها وهي تعاود نقل بصرها بينهما بريبة ليرد هو بسرعة :
_سيفسد شهيتك !
تكتم يسرا ضحكتها وهي تعطيه ظهرها فيكتفي بهذا القدر وهو يغادر المطبخ نحو غرفته ليغلق بابها خلفه ..
يتلمس العلبة بأنامله بشرود ثم يضعها في درج مكتبه مكان الدفتر "المفقود" ..
يأخذ نفساً عميقاً ثم يتهيأ لصلاة استخارة ينتهي بعدها لقراره ..
هذا الذي أبلغ به أباه ليلاً ..
_لا أريد أن أغضب الله فيها ..أنا ..أنا أريد الزواج من سمرا .
=======
*برتقالي*
=====
_سأتزوج !
تكتبها طيف على هاتفها لتطلق بعدها زفرة قوية وهي تستمر في الكتابة :
_سأتزوج يا عاصي ! لا أريد موافقتك ولا أحتاجها ..كما لا أريدك ولا أحتاجك ..سأتزوج وأنجب وتكون لي عائلة ..عائلة حقيقية تفخر بي ولا تعيرني ..عائلة لا تعنيها طيف الرفاعي ولا حتى طيف الصالح ..بل طيف فحسب !

تأخذ نفساً عميقاً وهي تترك الرسالة مكانها..
دون إرسال!

ثم تستدير نحو حاسوبها لتبحث عن حساب آخر ..
هذا الذي خطت له رسالتها الثانية :
_سأتزوج يا حسام ! رجلاً وسيماً مثلك وربما أكثر ..ثرياً مثلك وربما أكثر ..وجيهاً مثلك وربما أكثر ..يحبني مثلما كنت تزعم وربما أكثر ..غير أنه لن يتخلى عني مثلك ولا حتى أقل ! لا ..لم أنسَك وإلا ما كنت كتبت هذه الرسالة ..ربما نسيت حبك لكنني لم أنسَ جرحك ..لكنني في طريقي لفعلها ..وقتها سأوقن من كامل تعافيّ منك ..وليتك وقتها تكون أنت الآخر قد تعافيت مني !

تترك الرسالة كذلك معلقة دون إرسال ثم تنقل بصرها بين هاتفها وحاسوبها ..
الرسالتان ستبقيان معلقتين ..
لكنها سترسلهما يوماً ما ..
يوم تكون قادرة أن تكتب اسم "يحيى العراقي" صريحاً في كل منهما !!

تدمع عيناها بأسى فتغمضهما بقوة لتعاود هز رأسها بعنف ..
هي التي تبتعد عنه هذه المرة !
هي التي ترفض رؤيته وقد عادت لصومعتها الحامية بعد عودتهما من الجزيرة ..
طيف الصالح لن ترضى أن تهتز الأرض تحت قدميها حتى لو سحقت قلبها على نفس الأرض !
فليكاشفها كما كاشفته وإلا فليرحل ولا يعود !

غصة لاهبة تعتصر روحها قبل حلقها في هذه اللحظة لكن صوت رنين الجرس الصباحي المبهج ينقذها ..
مجد !
لا تزال طيفها الرائق من "قوس قزح" الذي لن يلطخه طين الأرض ولا برودة الجو ..بل يحتضنه صفو سماء !

تضع ما بيدها جانباً لتفتح الباب فتتسع عيناها بصدمة وهي تميز ملامحه الحبيبة ..
يختلج قلبها بجنون وهي تميز هذه الخصلة في شعره ..
هذه التي يتحدى بياضها سيل بُنيّته الناعمة ..
طالما تمنت في كل مرة تراه أن تمسها ..
والآن تبدو لها في ظروف الإضاءة أكثر لمعاناً ..أكثر جاذبية..أكثر تحدياً ..
قضبان عينيه يتهاوى بعضها فتتوه في هذا الفراغ الرهيب داخلهما ..
يبدو لها كحقل ورد تخشى على قدميها الحافيتين أشواكه !
شفتاه ترتجفان هذه الرجفة الخفيفة التي لا تميزها سوى عين متفحصة ..وعاشقة ..مثلها!
لكنها تتجاوز كل هذا بإرادة فولاذية لا تنقصها وهي تشيح بوجهها قائلة بفظاظتها المعهودة :
_أين مجد ؟!

_زعِلانة ؟!

صوته الخفيض يتجاهل سؤالها لأنه يعرف طريقه لشقوق قلبها مهما أوصدت الأبواب ..
خاصة وهو يقترب خطوة أخرى فتشعر برائحته تحتكر الكون حولها ..بل ..وداخلها ..

_أصالحك كما أصالح مجد ؟!
لم تقوَ على الإشاحة بوجهها أكثر مع كلماته هذه ..
سديم عينيها يبدو له في هذه اللحظة أكثر لمعاناً ..أقل فوضوية ..
كأن نجومه تكاثفت في نظرة ليست كأي نظرة ..
رجاء ليس بعده رجاء ..
وقوة ليس بعدها قوة !

لمعة عينيه المرحة تبدو لها مشاكسة حنون فتذكرها حقاً بنظرته لمجد ..
شقاوتهما الطفولية الآن تناقض بياض خصلتها الحبيبة في شعره ..
يالله ! كم وجهاً لهذا الرجل؟!

_لم أتناول قهوتي الصباحية ..يمكنكِ دعوتي لتناولها معك وسأقبل !

مشاكسته هذه المرة تحمل رجاء يليق بقوته المعهودة فتتراجع خطوة للخلف لتفسح له الطريق ..
تتردد قليلاً في ترك الباب مفتوحاً تكره أن توصل له -ولنفسها قبله - شعوراً بأنها لا تأمنه ..
لكنها تريد أن توصل له رسالتها كذلك (ستبقى غريباً ما لم تبُح!)

لهذا تبقي الباب مفتوحاً وهي تلحق به ..
تراه يجلس على الأريكة فتقول بخشونة :
_سأعد القهوة !

تقولها لتغادره نحو المطبخ القريب ..
لذة خفية تجتاحها وهي ترى نفسها تعد له شيئاً ..أي شيئ!
لذة يخالطها شيئ من الكبر القديم فتتوقف عما تفعله لتكتسي ملامحها بالعناد وهي تخرج له من جديد هاتفة بفظاظة :
_هل ستجلس هكذا مرتاحاً ك"سي السيد"بينما أعد لك القهوة؟! ..لو كنت تريدها يمكنك أن تشاركني إعداد...

تنقطع عبارتها وعيناها تتسعان بقوة بينما تميز لمعة الغضب في عينيه وحاسوبها المحمول الذي تركته مفتوحاً يرقد ببراءة مغيظة فوق ساقيه !

تباً لحماقتها!!
بل تباً لفضوله هو !!

ابتسامة ساخرة بمرارة ترتسم على شفتيها وهي تقترب أكثر لتقف على بعد خطوة واحدة منه ..
شراسة فتية تلتمع في عينيها وهي تتأكد من أنه قد رأى رسالتها لحسام ..
لكن رد فعلها يأتيه غريباً متفرداً مثلها !!
ها هي ذي تكتف ساعديها وهي تنظر إليه من علو لتقول بعنفوانها الذي خالطته سخرية واثقة:
_ماذا ؟! هل هو دوري لأرتجف رعباً وتتخبط ساقاي بينما أبرر لك ما تراه ؟! أم هو دورك لتشكّ فيّ وتثبت صحة نظريتك في النساء أنهن كلهن مخادعات كمن خانتك قبلي ؟!

لم تكد تنهي عبارتها حتى تأوهت بدهشة وهي ترى قبضته تحكم وثاقها حول معصمها تشدها نحوه لتسقط جواره على الأريكة ..
يزيح ما على ساقيه ويستدير نحوها ..
قبضته تكاد تشعل النار في جسدها كله ..
قضبان عينيه تبدو لها وكأنما هي جحيم مستعر ..
لكنها لا تظهر خوفاً بل يتوهج السديم في عينيها بهذه النظرة المتحدية ..
تختلج عضلة فكه واشية بانفعاله الجارف للحظات قبل أن يغمض عينيه بقوة دون أن يفلت معصمها من قبضته ..
ومضات تاريخه الأسود تعاود اكتساحه ..
الباب المغلق الذي يستند عليه ..
الصوت المألوف ..
زجاجة العطر التي سقطت من يده لتتهشم ..
حقيبة سفر مفتوحة ..
البحر ..
الموج ..
باقة التيوليب الأبيض تلقيها عروس ليست له ..
ولا يمكن أن تكون له !
البحر قد يخون والسماء قد تغدر والنسيم قد يبخل ..وحدها الرمال لا تبخل ..لا تبخل ولا تخون !
لماذا ذكرته ؟!
لماذا؟!


_اترك يدي واخرج !

تهتف بها بحدة مقاومة انفعالها الجارف في هذه اللحظة لكنه يعاود فتح عينيه من جديد ..
عاطفته الهادرة تزأر مع حروف لا تقل عنها قوة :
_لو كنت أشك لحظة أنك مخادعة لما كنت الآن هنا ..لما كنت أقف هكذا في هذا الجحيم الذي أصطلي بنيرانه ليل نهار ..ليتكِ تكونين خائنة ..بل ليتكِ تشبهين الأخريات ..ربما كنت وجدت باباٌ أخرج منه أو حتى نافذة أقفز منها تاركاٌ كل هذا خلفي ..لكن ما حيلتي وأنتِ ..أنتِ؟!

يرتجف صوته انفعالاً ..ويرتجف جسدها كلها تأثراً ..
الغريب أن كليهما لم ينطق بتصريح حب واحد ..
لكنه يبدو وكأنه بينهما ميثاق أغلظ من أن تحتويه كلمة ..
أعظم من أن تستوعبه نظرة ..
وأوضح من أن يُبحث له عن دليل !

تسبل أهدابها وهي تشعر بقبضته ترق حول معصمها ..
إبهامه يدور ببطء فوق عرقها النابض هناك فيهيأ إليها أن دماءهما قد امتزجت معاٌ ..
أنهما في هذه اللحظة أبداً ..أبداً لم يعودا اثنين ..
بل واحداً!

_الرسالة التي كتبتها لم تُرسل ! أنتِ كتبتها فقط لتحدثي نفسك بصوت عالٍ ..لتشعري حالكِ أن الخيط بيدك لو شئتِ أرخيته أو شددتِه ..لو شئتِ أرسلتِها تشفياً أو منعتِها ترفعاً ..

تتسع عيناها وهي تسمعها منه ثم تعود لتراقبه مبهوتة ..
فتلتوي شفتاه بابتسامة شاحبة وهو يقترب بوجهه منها أكثر مردفاً:
_توأم روحي أنتِ! فلا تعجبي من فهمي لك بهذه الصورة ..يتندرون كثيراً بذكائي لكنني معكِ لا أستخدم عقلي ..ولا حتى قلبي ..بل روحي ..روحي تهتدي دوماً بسهم بوصلتك دون خطأ .

صدرها يعلو ويهبط في انفعال وهي تشعر بأنفاسها تتلاحق ..
وهنٌ غريب يسري في عروقها وهي تود لو تستسلم له فتلقي برأسها على هذا الكتف تحتضن فوقه حناناً عاشت العمر تبحث عنه ..
لكن طبيعتها تعاندها فتبتعد بوجهها وسديم عينيها يتوهج بشهاب من نار:
_جميل! والأجمل أن يأتي يوم أفهمك فيه بهذا الوضوح الذي تزعمه !

زفرة حارقة تغادر صدره مع قوله :
_مصرّة ؟!
_لا..
تقولها حاسمة فيرفع حاجبيه بترقب لتردف وهي تنتزع معصمها من قبضته :
_لو لم تكن أنت مصراً كي تشاركني ماضيك فلا يعنيني حاضرك ولا غدك ..أظنني وضحت موقفي سابقاً .

الضيق الغاضب في وجهه يسدل ستاره بينهما فيقف مكانه لتقف بدورها قائلة :
_لو كنت تفهمني حقاً كما تزعم لأيقنت أنني لست امرأة ال"بيْن بيْن" ..لا تغريني طرق غامضة مهما بلغ جمالها ..أنا لم أدعُك يوماً للاقتراب مني ..لكنني سأدعوك للابتعاد عني لو أصررت على كتمانك.

عنفوانها الهائج يمتزج بوهن دمع عزيز في عينيها فيمنحها بعينيه هذه الجاذبية النادرة ..
بينما ترتفع قضبانه بنظرة عاتبة تجعلها تغمض عينيها لتردف بنبرة أكثر ارتجافاً :
_أريد أن أسمع! ..أحتاج أن أسمع !..أشتاق أن أسمع! ..أنا عشت كل هذا العمر أسد أذني ..تعرف هذا الشعور؟! أن تجبر نفسك أن تعيش عمرك مسدود الأذنين فاقداً لشغف الإنصات ؟! تخاف أن يخدش سمعك صوت تحبه أو حتى تكرهه ؟! يرضيك أو يوجعك ؟! تخاف مجرد أن تتأثر فتحتاج فتُخذَل؟! ما حاجتي فيك لو وجدتك أنت الآخر تسد أذني ؟!

ترتعد خلاياه بتأثر وكفاه يرتفعان ببطء ..
تشعر بهما يحيطان أذنيها فتفتح عينيها ليهمس هو بخفوت :
_أنا مثلك ! لكنني لم أسمعك يوماً بأذنيّ ! فاسمعيني كما سمعتك !

ولا تدري أي حدس جعلها ترفع كفيها هي الأخرى لتحيط بأذنيه ..
حركتها بطيئة ..مرتجفة ..ثم تزداد قوتها لتشبهها ..
كلاهما يبدو في هذه اللحظة صورة لصاحبه ..
وقد بدا كل منهما وكأنه يسد أذني الآخر فلا يسمع سوى صدى خفقات قلبه ..
يتوقف الزمن ..
يغيب المكان ..
تغمض العيون ..
تسكت الألسنة ..
وتصم الآذان ..
وحدها خفقات القلوب تعزف سمفونيتها ..
وهاهي ذي تسمع!!
تسمع أنين روحه ..شكوى ماضيه ..تردد حاضره ..وخوف غده ..
تسمع ألف "أحبك"..
وألف ألف "لا تتركيني" ..
وألف ألف ألف "لا تخذليني ..لا تخذليني حتى لو أنا فعلتُ "!

يفتحان عينيهما أخيراً فتراه يزيح كفيه عن أذنيها ..
أنامله تحتضن خصلة من خصلات شعرها ..
تتلمسها ببطء من منابتها وبطولها ..حتى يستقر طرفها على راحته ..
يدفن فيها أنفه فيتنشق عبقها بقوة ليرتجف جسدها كلها تأثراً ..خاصة وهو يهمس بخفوت:
_لا تعرفين كم أكره الشعر الطويل ..
ينعقد حاجباها ليردف وعيناه تدوخان في سديمها المغوي:
_ولا تعرفين كم أعشق شعرك !
تسبل جفنيها وهي تبتعد عنه بوجهها لتزيح كفيها عن أذنيه فيتنهد بحرارة قائلاً :
_سأخبركِ ! سأحكي لكِ كل ما تريدين معرفته .
ترتسم على شفتيها ابتسامة ظافرة لكنه يبتعد خطوة لينظر في ساعته مردفاً :
_إنما بالتأكيد ليس الآن ..نزار يتهمني بالتقصير في عملنا ويزعم أن لدينا مشاكل كثيرة ..ووعدته أن أسوي الكثير من الأمور اليوم .
تمط شفتيها بخيبة فيبتسم ابتسامته الساحرة وهو يغضن أنفه بحركة ما تثير ضحك مجد في العادة ..
وهكذا فعلت معها هي الآن !!

_ضحكتك ثاني أجمل شيئ فيكِ !
يهمس لها بها وعيناه تهدران بموج عاطفته لتهزم هي خجلها وتسأله بما بدا كفظاظة كان هو يدرك ما خلفها:
_وما هو أول أجمل شيئ؟!

عيناه تدوران فوق ملامحها كأنها ترسمها ثم تحيطانها كاملة فيشتعل جسدها بشعور غريب لم تعرفه من قبل ..
بينما تتسع ابتسامته وهو يبتعد خطوة أخرى بقوله :
_دعيها لوقت لاحق!

تطلق زفرة ساخطة تثير ضحكته فيعطيها ظهره وهو يهم بالانصراف ..
لكنه يعود لينحني نحو حاسوبها المحمول فيتناوله ليمسح رسالتها ..

_ماذا تفعل أنت ؟! ماذا تفعل ؟!

تهتف بها بسخط وهي تنتزعه منه ليهتف هو بجدية وهو يكزها بسبابته في صدغها ببعض العنف:
_لو كنتِ تريدين الاحتفاظ برأسك الجميل هذا فوق عنقك فلا تحدثي رجلاً غيري ولا حتى في خيالك !

تطلق صيحة مستنكرة تذكره بلقاءاتهما الأولى فيعارد وكزها في صدغها بحركة أعنف هذه المرة مردفاً :
_أنا مثلك! لا أكرر كلامي مرتين!

تكشيرتها تنقلب لشبه ابتسامة تبخل ببقيتها عليه لكنه يكتفي بها وهو يعاود الابتسام بقوله :
_وتذكري أنني دخلت بيتك وخرجت دون قهوة .."توديني البحر وترجعيني عطشان" ألا تقولونها هكذا في مصر؟!

تعجز عن كتم ابتسامتها هذه المرة فتودعه بها ليمنحها نظرة مطمئنة وهو يربت على شعرها- حبيبه- برفق قبل أن يغادر لتغلق هي الباب خلفه إنما برفق هذه المرة ..
تستند عليه بظهرها وعيناها تتحولان لنافورة قلوب كاملة !!

بينما استقل هو المصعد ليتأمل شكله في مرآته ..
عيناه تتفحصان ابتسامته ليفرد راحته على موضع خافقه هامساً:
_شكراً طيف ..لم أعرف ابتسامة كهذه من زمن!

يغادر المصعد والبناية ليتوجه نحو سيارته التي يتحرك بها نحو مقر شركته ..
ولم يكد يصل ليغادرها حتى فوجئ بالصوت الأنثوي خلفه :
_يحيى ! هذا أنت حقاً ؟!
========
يجهز حقيبته للسفر وهو يشعر أن هذه المرة مختلفة !
هو السندباد الذي اعتاد الترحال وتقبله قدراً ..
فلماذا هذه المرة يشعر أنه يجاهد قدميه كي تتحركا ..
ربما لأنه ود هذه المرة بالذات لو لا يرحل!

يراقب الحقيبة بنظرات غريبة ثم يهمس لنفسه بوجع:
_نسيت أهم شيئ يا يحيى! هذه بالذات لا تنسى!!

يتوجه نحو حقيبته القطيفية الأثيرة التي رصت فيها قواريره الزجاجية بصدفاتها الملونة ..فيفتحها ..
يتأمل هذه الفارغة التي خلت من صدفتها وقد منحها ل"صاحبتها" ..
يغمض عينيه بقوة على دمعة حملت صورتها ليهمس لنفسه من جديد :
_حان الوقت ..حان الوقت ..

يستحضر طيفها الفريد في خاطره ..سديم عينيها بفوضاه ولمعانه ..عنفوانها الذي ينضح منها كالمسك ..ومعنى "أحبك" الذي فاضت به كل خلاياها عدا لسانها ..

يتذكر سر غضبه عندما رأى رسالتها لحسام ..
الغافلة ظنته وقتها قد ساوره الشك فيها ولا تعلم أن ما أشعل صدره بحق هي كلمة "سأتزوج" التي كتبتها في رسالتها ..
تظنه سيتزوجها ؟!
تظن القصة بهذه البساطة الساذجة ؟!

_وعدتكِ أن أخبركِ ..وسأفعل ..لكن ليس وأنا أنظر في عينيك ..أنتِ قبلتِ أن تحترقي -معي-بي لكنني لن أبقى لأشاهد رمادك يمتزج برمادي ..لا أخاف عليكِ فمثلكِ عنقاء تجيد النهوض من تحت الرماد ..إنما أخاف على قلبٍ استودعتِني إياه وياويلي لو ضيعت وديعتك !

يقولها لنفسه مستحضراً طيفها ثم يفتح عينيه بعدها ليبتلع غصة حلقه وهو يغلق الحقيبة ليضعها في حقيبة سفره ثم يغلقها ..
_هل انتهيت؟!
صوت نزار خلفه يجعله يلتفت له ليومئ برأسه إيجاباً دون رد ..
فيتحرك نزار ليربت على كتفيه برفق قائلاً بنبرة مؤازرة :
_ما تفعله هو الصواب ! عملنا في خطر ويجب أن تتصرف ..لا لأجلنا فحسب بل لأجل مجد ..أعرف أن لقاءك بتلك المرأة قلب موازينك لكن لعله كان ضرورياً لتنقذ الموقف ..أعرف أنك ستجيد التصرف !

يهز له رأسه مطمئناً ليرد بنبرة متماسكة :
_سأهاتفك عندما أصل بغداد !

يعاود نزار التربيت على كتفه فيغمغم له برجاء :
_قبّل مجد عندما تستيقظ ..أخبرها أنني اضطررت للسفر ..اعتني بها حتى ألقاكما!

_لا تخشَ شيئاً !
_وطيف؟!
يتمتم بها بوجل ليتنهد نزار قائلاً :
_كما أوصيتني ..لا تقلق !

يتعانقان بعدها ليغادر يحيى شقته حاملاً حقيبته ..
يرمق باب شقة طيف المقابل بنظرة عميقة ثم يرتدي نظارته الشمسية ليستقل المصعد ..
و..يرحل !
=======
_أوف ! أوف! أوف!!

تتأفف بصوت عال وهي تخبط على سطح طاولتها بعنف قبل أن تتناول واحدة من سجائرها لتشعلها ..
تنفث دخانها مرة تلو مرة بعناد ..
كانت قد حاولت التقليل من عادتها في التدخين خاصة في حضوره منذ علمت عن تبرمه منه ..
لكنها الآن لا تملك التعبير عن غضبها وتمردها سوى بهذا !!

سافر!
هكذا دون مقدمات؟!
دون أن يخبرها ؟!
وبعدما وعدها بمشاركتها ماضيه ..وحياته ؟!

ربما لو كان واحداً آخر غيره لظنت به سوءاً ..
لكن هو !!
لماذا فعلها ؟!
لماذا ؟!

تدمع عيناها وهي تحاول التشاغل بهاتفها ..
حسناء هاتفتها منذ قليل ..
لا جديد عن زهرة وجهاد ..
خبر خانق!

مدير دار النشر ومكالمته ..
مبيعات كتبها تتراجع مع أزمة السوق الراهنة وهو يطلب منها عملاً جديداً ..
تلك الرواية غير الرومنسية التي وعدت فيها بتغيير جلدها ..
والتي بدأتها ولم تكملها ..
لا طاقة لديها ولا مزاج !
خبر خانق آخر!

تلقي هاتفها جانباً ثم تتناول حاسوبها المحمول ..
تتذكر جلسته هاهنا في نفس المكان يضعه مثلها الآن على ساقيه فتغمض عينيها بحنين ..
حنين كانت قد قتلته في روحها من زمن ..

_لماذا تفعل بي هذا ؟! ألم تقل أنك تفهمني لأني أشبهك ؟!

عتابها يخنقها بالمزيد من القلق فتنتابها فكرة ما ..
ترسل له رسالة من حسابها المزيف ك"ضياء" ..

_افتقدتك يا صديقي ..لم تحدثني منذ مدة .

تلتمع عيناها بترقب وهي تراقب رسالتها لدقائق طالت ..
إنما ..لا رد !!

تنفث آخر أنفاس سيجارتها لتطفئها بعنف ثم تنهض من مكانها تتلفت حولها بعجز ..
تسمع صوت المصعد من الخارج يتوقف فتهرع إلى باب شقتها تفتحه ..

_نزار!
تناديه وهي تتوجه نحوه بخطوات شبه راكضة ..
تنتبه لملامحه العابسة التي اختفى منها مرحه المعهود لتسأله بحدة :
_أين يحيى؟!
_ألم تخبركِ مجد ؟!
يقولها مراوغاً لتهتف بالمزيد من الحدة :
_أخبرتني أنه سافر ..وأنا أريد أن أعرف أين سافر ولماذا وكيف يفعلها دون أن يخبرني ؟!

لم تتحرج من سؤالها الأخير كأن حقها فيه لم يعد خافياً على أحد ..
فيطرق نزار برأسه ليقول باقتضاب موفياً بوصية صاحبه :
_طلب مني ألا أخبرك !

ينعقد حاجباها بغضب وشيطان وساوسها يلقيها لأسوأ الظنون لكنها تدحضها جميعاً وهي تتخصر لتهتف بقوتها المعهودة :
_طلب منك ألا تخبرني؟! حسناً ..اسمع ما عندي ..إذا كنتم تعتبرونني غريبة عنكم فأنا الأخرى سأعتبر نفسي كذلك..من اليوم لن أرى مجد ..سأقطع علاقتي بكم جميعاً..وتحمل أنت النتيجة !

يرفع وجهها إليه مصدوماً فتهتف بالمزيد من العناد :
_سمّها ما تشاء ! قسوة ..ابتزاز ..نذالة ..لا يعنيني ..الخيار لك .

تقولها لتعطيه ظهرها وتعود لشقتها وقلبها يخفق بجنون ..
تعلم أنها قد لا تقوى على فعل ما تهدد به ..
لكنها حيلتها الأخيرة ..
نزار هذا يبدو ضعيف الشخصية وسيستجيب لتهديدها !

_انتظري!

تبتسم بظفر للحظة ثم تستدير نحوه بملامح جامدة ليقترب منها بنفس الملامح العابسة قائلاً :
_من فضلك! ما فينا يكفينا ! لا تجبريني على الإفصاح ..تعلمين أن مجد شديدة التعلق بكِ خاصة في غياب يحيى ..لا ..
لكنها تقاطعه بقوة هاتفة بفظاظة :
_كم مرة أخبرتك أنني لا أكرر كلامي مرتين ..أخبرني عما "فيكم ويكفيكم" هذا أو اتركوني لشأني دون أي عوالق بيننا !

يبدو الصراع على ملامحه فتستدير من جديد كي تغلق الباب في وجهه لكنه يمسكه بقوة هاتفاً :
_يحيى سيقتلني لو شم خبراً أنني أخبرتك !

_لن أخبره!
تقولها بنفس الفظاظة التي خالطها شبح رجاء فيتردد قليلاً لتهتف بنفاد صبر:
_انطق! أخبرتك أن ما تقوله سيبقى سراً بيننا .

ينعقد حاجباه بانفعال وهو يخفض صوته قائلاً:
_نحن في ورطة ! أنا نبهته ليهتم بأمر الشركة لكنه لم يستمع لي ..الشركة مدينة بمبلغ كبير ولا يمكننا تغطيته ..لهذا سافر إلى بغداد كي يمكنه تدبير وسيلة .

_ولماذا لم يخبرني ؟!
تسأله بضيق فيطرق برأسه قائلاً:
_هناك جانب ناقص من الحقيقة لكن هذا لا يمكنني إخبارك به ..سيفعل هو بنفسه عندما يعود ..هو أخبرني أنه سيفعل.

_ومتى سيعود ؟!
_لا أعرف ..يبدو أن الأمور في بغداد لم تتيسر كما كان يأمل ..يماطل في الرد على اتصالاتي .

يقولها بقنوط ثم يغتصب ابتسامة باهتة ليردف:
_لا بأس ..نحن اعتدنا تقلبات السوق هذه ..يحيى سيجيد التصرف كالعادة ..لكنني أرجوكِ ألا تفارقي مجد هذه الأيام ..تعرفين كيف يكون حالها في غيابه .

تهز رأسها بتشتت وهي تشعر بالضيق ..
لهذا سافر دون أن يخبرها !!
المغرور منعته عزة نفسه من أن يعترف لها بضائقته المالية !!
وما هذا الجانب الناقص من الحقيقة الذي يرفض نزار الإفصاح عنه ؟!
هل يتعلق بماضيه الذي وعدها أن يكشفه لها ؟!

_كم هذا المبلغ؟!
تسأله باهتمام لتتسع عيناه بصدمة وهو يميز سبب سؤالها:
_فيما تفكرين؟! لا يمكنني الاقتراض منك بالطبع!
_لن يعلم !
تقولها مهادنة ليهتف بالمزيد من الاعتراض :
_ولو! سنتدبر الأمر ..كنت أعرف أنني سأندم على إخبارك .

يقولها وهو يبتعد برفض للفكرة لكنها تلحق به هاتفة :
_اسمعني! يحيى لن يعلم شيئاً ..سيكون هذا سراً بيننا ..لن أقف أتفرج وأنتما في ورطة !
يهز رأسه برفض فتردف بغيظ :
_هو أنقذ حياتي من الغرق ..اعتبرني أرد له الجميل .

يعاود هز رأسه برفض هاتفاً بينما يشير لرقبته :
_يمكنني أنا تقبل الأمر ببساطة ..لكن يحيى! يحيى سيقطع عنقي هذا لو علم عن الأمر .

_هل يحوي رأسك هذا مخاً وأذنين؟! قلت لك أنه لن يعلم!
فيرد لها فظاظتها بمثلها هاتفاً :
_أخبريني إذن يا صاحبة المخ والأذنين والرأس "الذكية".. ما شاء الله ..حتى لو أخذت منك المال من أين أخبره أنني قد حصلت عليه ؟! فتحت "الحصّالة" وأخذته من مصروفي؟!

يقولها بغيظ وهو يخبط أحد كفيه بالآخر فتزفر وهو ترفع رأسها لأعلى هاتفة :
_أستغفر الله العظيم! حقاً الغباء لا دين له !
ثم تعاود خفض بصرها نحوه مردفة :
_ظلمك من عينك مديراً لشركته !
_أنا شريكه !
يهتف بها باعتراض لتهتف بحدة :
_تصرف إذن يا سيادة المدير ..يا سيادة الشريك ..يا سيادة "الكازانوفا" الذي لا يترك "تنورة" تمر دون أن يسيل لعابه عليها ! تصرف وجِد حلاً !

_أنتِ فظيعة ! أعوذ بالله من لسانك هذا !
يهتف بها باستنكار لترمقه بنظرة زاجرة فيردف بضيق:
_انسي هذا الذي تحكين عنه ! أنا أثق أن يحيى سيتدبر الأمر !
يقولها ثم يتحرك ليفتح باب شقته ثم يلتفت نحوها هاتفاً بسماجة :
_تسمحين لي بفعلها هذه المرة ؟!
ترمقه بنظرة متسائلة عما يعنيه فيصفق الباب في وجهها بعنف لتشهق مكانها ثم تسبه سراً وهي تعود أدراجها لتصفق باب شقتها بعنف بدورها!!
يوماً ما ستنقضّ هذه البناية بسبب صفق هذيْن البابين!!
======
_لماذا لا ترد ؟! بدأت أشعر بالقلق حقاً !

تكتبها له ك"ضياء" بعد مرور يومين لم يصلها منه رد ..
القلق ينهش رأسها وهي تتذكر حالته عندما عاد من بغداد المرة السابقة ..
كان منطفئاً!!

_بابا يقول إن بغداد كالشمس ..تدفئنا من بعيد لكننا لو اقتربنا منها نحترق!


لماذا عدت تقترب لتحترق يا يحيى ؟!
لماذا ؟!

تزفر بقنوط وهي تتذكر اتفاقها السري الذي أبرمته مع نزار والذي كاد يزهق روحها فيه حتى أقنعته بأن تعطيه المبلغ المالي الذي يكفي شركتهم دون أن يخبر يحيى أنها صاحبته ..
بل شريك جديد يريد الانضمام لشركتهم ..
لا تعرف هل سيبتلع يحيى الكذبة أم سيكشفها ..
نزار الفاشل هذا سيقنعه ؟!


تشعل سيجارة تأخذ منها نفساً عميقاً وهي تغمض عينيها ..
تستعيد كل لحظة مرت بها معه ..
عناقه -الفريد- لها يوم أنقذها من الموت ..
لمسته لشعرها ..
قبلته لخصلاته المستريحة على راحة كفه ..
وصفه لها ..
(توأم روحي) !
كيف هي وقعها من رجل مثله ؟!

تتحسس صدفته على جيدها بهيام كأنها ترجوه عبر البعد أن يعود ..
تسمع صوت وصول إشعار على حاسوبها فتنتفض مكانها بلهفة وابتسامة تولد على شفتيها :
_اللهم صلّ على النبي! الصدفة هذه سرها باتع!

تتسع ابتسامتها وهي تميز رسالته على حسابها باسم ضياء ..
تبدو لها طويلة فتتأهب حواسها وهي تعد نفسها لبوْحه ..

_عزيزي ضياء ..افتقدتك ..أم أقول ..عزيزتي طيف ؟!

تشهق بصدمة وهي تتبين أول سطر من رسالته لتتسع ابتسامتها ..
الماكر كان يعرف ! كان يعرف!!

_تظنين نفسكِ ذكية ؟! عندما تريدين التخفي فلا تختاري اسم ابن أخيكِ المميز لتراسليني على البريد الاليكتروني الذي منحته أنا للحضور يوم الندوة ..لا تتظاهري بكونك رجلاً يحب الكرة ما دمتِ لا تفهمين شيئاً عنها ..لا تحاولي اللعب مع رجل عاش عمره كله في الخداع لتبدو له محاولتك مثيرة للضحك ..

تتجمد ابتسامتها وهي تشعر أن ثمة شيئاً ما خطأ !!
منذ متى يحدثها يحيى بهذا الأسلوب؟!
لتأتيها بقية كلماته كطعنة ..

_أشكرك على المبلغ الكبير الذي منحته بطيب خاطر وبنفس السذاجة لنزار ..هو جواري يبلغك تحياته ..تراكِ انتبهتِ أنه سافر مع مجد صبيحة اليوم؟!

صرخة خافتة تغادر حلقها وهي تلقي الحاسوب جانباً لتهرع نحو باب شقتها تفتحه ..
تطرق باب الشقة المقابل بعنف صارخة :
_افتح ..افتح ..أنتم هنا ..أنتم هنا ..افتحي يا مجد ..أنا طيف ..أنا طيف يا نزار افتح ..أنا طيف يا يحيى ..أنا طيف ..

دموعها تتكدس في عينيها مع صرخاتها لكنها لا تسقط ..
كأن الجرح هذه المرة أكبر من أن تريحه دموع ..
تطرق الباب بعنف مرة تلو مرة رافضة التصديق ..
فقط صرخاتها تعلو كالهذيان ..

_أنا طيف ..افتحوا ..أنا طيف ..أنا طيف ..أنا ..
تنقطع صرخاتها وهي تهز رأسها لتصمت فجأة ..

_أنا ..من أنا ؟! من أنا ؟!
_سيدتي! هل هناك خطب ما؟!

يهتف بها ناطور البناية خلفها بقلق وقد غادر المصعد لتركض نحوه صارخة :
_أين ذهبوا؟!
_لا أعرف ! السيد يحيى سافر منذ أيام ..والسيد نزار غادر صباحاً مع الطفلة وترك لي مفاتيح الشقة ..سمعته يقول لسائق سيارة الأجرة التي حملت حقائبهم فجراً أنه في طريقه للمطار .

شفتاها تنفرجان بذهول مصدوم لتتمتم كالمخابيل وهي تتلفت حولها :
_لا! لا! مستحيل! أنت تمزح معي! كلكم تمزحون؟! هو مقلب من مقالب نزار ..يريد أن يجعل مجد تضحك ..اضحكي يا مجد لكن أوقفوا هذه المهزلة .

يرمقها الرجل بنظرة متعاطفة وهو يراها لأول مرة على هذا الحال ..
فيقول بإشفاق:
_ليست مزحة يا سيدتي! هم غادروا الشقة فعلاً وتركوا مفاتيحها للمالك .

تهز رأسها برفض وهي تعود بخطوات مثقلة نحو شقتها ..
لا تدري هل أغلقت الباب أم تركته مفتوحاً ..
لا فارق!!
لن يسترها بعد الآن باب ..!
فضيحتها سيحكيها قلبه بدمه على رصيف الخذلان!!
رصيف الخذلان الذي عادت إليه بعد طول سكناها في قصور الاستغناء !!
فياويلها!
ياويلها!!

تعود لأريكتها لتتناول الحاسوب من جديد بأنامل مرتجفة ..
تكمل رسالته والطعنات تأتيها واحدة تلو الأخرى ..

_أجل! كما ظننتِ تماماً ! السندباد ليس أكثر من نصاب يجيد اختيار ضحاياه من الساذجات المعقدات أمثالك ..تظنين سكني أمامك كان مصادفة ؟! نشري لذاك الكتاب في نفس دار النشر خاصتك مصادفة ؟! عدو المرأة الذي ظهر فجأة في طريق عدوة الرجل مصادفة ؟! أعترف أن وجود مجد أفادني كثيراً ..خاصة لامرأة بتاريخك ..اقتحام قلعتك الحصينة لم يكن بالصعوبة التي تصورتِها ..الأمر فقط كان يحتاج لذكاء ..ولا أظنه ينقصني !!

أناملها تعتصر قماش الأريكة جوارها بقوة تكاد تمزقه ..
ألمٌ حقيقي في صدرها يجعلها تفقد قدرتها على التنفس الطبيعي للحظات ..
لاتزال الرسالة طويلة ..لكنها لا تجسر على قراءة المزيد ..
فقط بضع لحظات تستعيد بعض ثباتها ..
بضع لحظات ..

آهة تلو آهة تنفلت من بين شفتيها فتكتمها مغمضة العينين ..
الخسارة هذه المرة أكبر من أن تتجاهلها ..
وأقسى من أن تحتملها !!

_إلا دموعك يا طيف! البكاء لا يليق بمثلك !

تتذكرها بصوته فتفتح عينيها بشراسة ..
كان يكذب!
كان يكذب!!

صوت ضعيف داخلها يصرخ مكذباً فتدحضه وهي تعاود قراءة الرسالة :
_الممنوع مرغوب! هذه كانت ثغرتك ! تباعدي لم يكن يزيدك إلا فضولاً ..يقولون في المثل الشهير (الفضول قتل القط) وأنت لم تكوني سوى قطة شرسة تحتاج لمن يروضها..أظنكِ تدركين الآن كم كنت أضحك منكِ سراً وأنتِ تروين لي عن انتقامك من حسام ذاك ! تعلّمي إذن يا "ماكرة" كيف يكون التخطيط !

تعض شفتها بقوة تكاد تدميها وهي تتحسس صدفته على صدرها ..
كأنها تناشدها تكذيب كل هذا الذي يقال ..
لكنه يبدو وكأنه قد قرأ أفكارها ورسالته تعيد قذف سهامها :
_لا تعرفين أنتِ سر صدفاتي؟! تذكاراتي من كل النساء اللاتي خدعتهن قبلك ..أحتفظ بها دوماً لأضحك بيني وبين نفسي متباهياً بانتصاراتي ..كل امرأة لا تساوي لديّ أكثر من صدفة متسخة ألمعها ثم ألونها باللون الذي أختاره ..ثم أسجنها كتذكار في قارورة زجاجية ..هذا هو كل ما يبقى لي منها ..

_حقير ..حقير ..

تهمس بها وأناملها تشد السلسلة بعنف من عنقها فتدميه لكنها لا تشعر بألم مع طوفان الجرح الذي يكتسحها الآن بقسوة ..
تلقيها تحتها ثم تهوي فوقها بقدمها حتى تهشمها ..
تشعر ببقاياها المهشمة تخدش باطن قدمها لكنها تستمر في دعسها ..
قطرات من دمها تختلط بالبقايا المكسورة لكنها لا تبالي ..
لا تزال دموعها محبوسة في عينيها ..
ولا تزال تقرأ بقية رسالته :

_لا تغضبي كثيراً يا عزيزتي بشأن المبلغ الذي فقدتِه ! اعتبريه ثمن إنقاذي لحياتك ذاك اليوم ..تخيلي لو كان أصابكِ مكروه قبل أن أتم العملية كانت لتكون حسرتي كبيرة ..

_سافل! سافل!

تتمتم بها بألم وعيناها تجريان على ما بقي من رسالته كأنها تريد إنهاءها فقط لتغمد الخنجر الأخير في صدر هذا الحب :
_اسمعي نصيحة خبير مثلي في شأن التعافي بعد العلاقات الفاشلة ..في البداية ستبكين كثيراً ..تلعنينني كثيراً كثيراً ..تكتبين عن خيانة الرجال وسوء خصالهم ..ثم ستنسين الأمر رويداً رويداً ..لكن بالله عليكِ! لا تجعليني أشعر أن الأيام التي قضيتها معك ضاعت هدراّ! اعتني بنفسك ولا تسمحي لرجل بعدي بخداعك ..لا تحاولي تتبعي فلن تصلي لشيء مع محترف مثلي ..حتى هذا البريد الالكتروني لن يوصلك لشيئ ..فلا تستجيبي من جديد لسخافات الانتقام ورد الضربات ..خذيها كلمة مني وصدقيها ..يحيى العراقي تبخر من حياتك ولن تريه بعد اليوم أبداً !

تظل عيناها الجامدتان بدمعهما مسلطتين على الشاشة لساعة ..
ساعتين ..
ثلاث ..
وربما أكثر ..
تستعيد لحظاتهما معاً إنما هذه المرة تراها بعينيه ..
ساذجة ..
مخدوعة ..
مغفلة ..
طيف الصالح لم تكن سوى ..!!
لحظة !
من طيف هذه ؟!
من ؟!
من؟!
السؤال يتردد في ذهنها بقسوة والجواب الوحيد يفرض نفسه بنفسه فتهز رأسها له باستسلام ..
تمسح رسالته بحسم وقد حفظتها حرفاً حرفاٌ ..
ثم تنهض من مكانها لتتوجه نحو نافذتها المطلة على غرفة مجد ..
أو التي كانت !
تزيح ستارتها ..
أحقاً لن تراها من جديد؟!
أحقاً كل هذا كان مجرد سراب؟!
أحقاً كانت هي بهذه السذاجة وكان هو بهذه الحقارة ؟!
شعلة القسوة في عينيها تناقض الظلمة التي تقابلها من النافذة المغلقة قبالتها ..
شعلة لا تساوي شيئاً أمام هذا البركان الذي تفور حممه داخلها ..
لا بكاء ..لا حسرة ..لا ندم ..
ليست هي من تفعلها ..
ليس قبل أن تستعيد حقها ..
ها قد عرفت ماذا ستفعل!
=======
لما لقيتك كنت أعلم أن الحب ضعف...
والغدر سيفٌ لا يضل طريقه...
فكيف تحت مقصلة عشقك تركت عنقي يتكسر؟!
وكيف اعتنق الحب من عاش عمراً به يكفر؟!
(برتقالي...طيف)

=======

فليشهد العمر أني ما اخترت الطريق ...
وليشهد البحر أني ما اخترت الغرق...
ولتشهدي يا -توأم الروح- أني ...
قد عشت -مثلك- بلهيب ماضٍ أحترق...
بالوزر موصوم...فلتغفري ..
لو عصفت الريح فما ذنب الورق؟!
(يحيى)
======
انتهى الفصل الرابع عشر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حقيقي قلبي انفطر ودموعي فاضت ..الوجع قاتل انك تنجرح من اقرب الناس لك ....برافو عليكي مبهرة دايما وخيالك ماله حدود .. موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


Manelracha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 06:43 AM   #1217

ام يوساب

? العضوٌ??? » 472166
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 120
?  نُقآطِيْ » ام يوساب is on a distinguished road
افتراضي

آ آ آ آ آ آ ه 😵😵ازاى يحي كدة ازاى

ام يوساب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 07:22 AM   #1218

amira_adel

? العضوٌ??? » 271425
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 254
?  نُقآطِيْ » amira_adel is on a distinguished road
افتراضي

عن متعة القراءة التانية لمشاهد طيف و يحيى 🧡

ما شاء الله يا نيمو.. الحبكة مش عادية.. القراءة التانية بعد ما عرفنا حقيقة يحيي غير القراءة الأولى تماما.. نفس الجمل بمذاق تاني خالص.. في جمل بمعنيين المعني البسيط الظاهري و المعني الحقيقي الكامل..

اللي حسييته ان يحيي كان صادق جدا في حبه لطيف و صادق جدا في نصبه عليها.. كان طول الوقت بيتعامل انه لازم يكمل في خدعته معاها.. برغم انه متأكد انها مختلفة.. برغم انها كسبت احترامه.. برغم انها فرقت مع مجد و معترف بكده.. برغم حبه ليها .. الا انه كان مكمل و كأن خداعه ليها شىء مسلم بيه و ضروري يكمل.. و كأن ثقته في النساء قبل كده وزر عليه بيكفر عنه .. مزيج غريب بين إخلاص في المشاعر و اتقان و عزم علي الخداع
هل دي عقدة نفسية بطريقة ما!
في القراءة التانية كمان حسيت يحيي شايف في علاقة طيف بمجد صورة الام زي ما شافت فيه صورة الاب مش بس صورة الحبيبة.. و بجرحه لطيف جرح فيها صورة الام و الحبيبة
الفصول فيها دلائل كتير عدم ادراكنا ليها وقتها معناه انك تفوفتي علي نفسك
و حقيقي حقيقي النجاح يليق بكِ 💙💙💙


amira_adel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 02:24 PM   #1219

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة manelracha مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حقيقي قلبي انفطر ودموعي فاضت ..الوجع قاتل انك تنجرح من اقرب الناس لك ....برافو عليكي مبهرة دايما وخيالك ماله حدود .. موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سعيدة جدا برأيك حبيبتي واتمنى بقية الأحداث تعجبك 💙


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 02:27 PM   #1220

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amira_adel مشاهدة المشاركة
عن متعة القراءة التانية لمشاهد طيف و يحيى 🧡

ما شاء الله يا نيمو.. الحبكة مش عادية.. القراءة التانية بعد ما عرفنا حقيقة يحيي غير القراءة الأولى تماما.. نفس الجمل بمذاق تاني خالص.. في جمل بمعنيين المعني البسيط الظاهري و المعني الحقيقي الكامل..

اللي حسييته ان يحيي كان صادق جدا في حبه لطيف و صادق جدا في نصبه عليها.. كان طول الوقت بيتعامل انه لازم يكمل في خدعته معاها.. برغم انه متأكد انها مختلفة.. برغم انها كسبت احترامه.. برغم انها فرقت مع مجد و معترف بكده.. برغم حبه ليها .. الا انه كان مكمل و كأن خداعه ليها شىء مسلم بيه و ضروري يكمل.. و كأن ثقته في النساء قبل كده وزر عليه بيكفر عنه .. مزيج غريب بين إخلاص في المشاعر و اتقان و عزم علي الخداع
هل دي عقدة نفسية بطريقة ما!
في القراءة التانية كمان حسيت يحيي شايف في علاقة طيف بمجد صورة الام زي ما شافت فيه صورة الاب مش بس صورة الحبيبة.. و بجرحه لطيف جرح فيها صورة الام و الحبيبة
الفصول فيها دلائل كتير عدم ادراكنا ليها وقتها معناه انك تفوفتي علي نفسك
و حقيقي حقيقي النجاح يليق بكِ 💙💙💙
حبيبتي يا ميرا 💙
لما الحقيقة تبان هنفهم ان صراع يحيى كان اقوى من طيف
يمكن لانه كان بيكتم انما هي كانت بتبوح ..
لما النقط هتتحط ع الحروف وترجعي لقراءة المرة الثالثة ممكن تفهمي يحيى اكتر كمان ..
سعيدة وفخورة بقارئة واعية زيك


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.