آخر 10 مشاركات
جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-06-22, 08:50 PM   #3761

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي


موعدنا بعد قليل باذن الله مع الجزء الثاني من خاتمة رواية من يعيد قوس قزح

نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-06-22, 09:04 PM   #3762

دانه عبد

? العضوٌ??? » 478587
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 513
?  نُقآطِيْ » دانه عبد is on a distinguished road
افتراضي

ألف مبروك يا دكتوره الختام 💚💚💚💚💚💚

دانه عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-06-22, 10:04 PM   #3763

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظار ملكة الالوان نيمو وابطال قوس قزح واحلى ختام

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-06-22, 10:48 PM   #3764

ماماسماح

? العضوٌ??? » 495260
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » ماماسماح is on a distinguished road
افتراضي

بالانتظار حبيبتي

ماماسماح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-06-22, 11:13 PM   #3765

maryam_el_abdallah
 
الصورة الرمزية maryam_el_abdallah

? العضوٌ??? » 458342
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 97
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond reputemaryam_el_abdallah has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رائعة وممتازة، أنا قارئة متطلبة لكن رواياتك أعجبتني من أول جملة.
استمري عزيزتي، أتمنى لك كل التوفيق.


maryam_el_abdallah غير متواجد حالياً  
التوقيع
والدنيا كلها لا تعادل راحة الفكر، واطمئنان النفس.
رد مع اقتباس
قديم 09-06-22, 11:29 PM   #3766

المشاغبة

? العضوٌ??? » 406852
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 446
?  نُقآطِيْ » المشاغبة is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 70 ( الأعضاء 19 والزوار 51)
‏المشاغبة, ‏redrose2014, ‏lovly amy, ‏زهراء ش, ‏maryam_el_abdallah, ‏rowdym, ‏hibba, ‏marwa2010, ‏نبيله محمد, ‏فاطمة توته, ‏Omsama, ‏jehan, ‏Msti, ‏SRA22, ‏ماماسماح, ‏إيناس, ‏اميرته العنود, ‏boosyzyad, ‏Ektimal yasine

منتظرين ي نيمو ❤️❤️❤️


المشاغبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-22, 01:10 AM   #3767

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني من الخاتمة...
********



*أخضر*
=====
_لم تطرديني هذه المرة!

تقولها عزة بصبر امتزج بالرضا وهي تدخل غرفة هيام في شقة الأخيرة والتي تحسست طرف فراشها بذراعها السليم ببطء بينما تشيح بوجهها عن شقيقتها كأنها لا تزال لا تتقبل حضورها..
أسابيع طويلة مضت وعزة مثابرة في الحضور رغم عنف هيام الذي أخذ في الفتور يوماً بعد يوم..
فالتقطت عزة طرف الخيط كما نصحها إيهاب لتأخذ دورها في الاقتراب.. في الاحتواء..
تماماً كما الآن وهي تتقدم من فراش شقيقتها لتجلس جوارها قائلة :
_أعددت لك صينية البطاطس كما تحبينها..رشة بسيطة من القرفة تعطيها الطعم المميز كما علمتِني في صغري.. تذكرين؟!

تدمع عينا هيام كأن الكلام مسّ جانباَ هشاَ في طبيعتها الصخرية لكن عزة كانت تفهم نقطة ضعف شقيقتها فيما يخص طفولتهما..
لهذا استمرت في الطرق على نفس الباب :
_أنتِ من جعلتني أحب الطهي.. في صغرنا كنت أراكِ كالساحرة.. تدخلين المطبخ بأشياء بسيطة في يدك ثم تشعلين النار فتخرجين بالطعام الشهي الذي أحبه.. تعلمين؟! بعد كل هذه السنوات.. وبعد شهرتي بمهارتي في الطبخ التي يحكون عنها لازلت لا أجد غضاضة أن أعترف.. أن طعامك وقتها كان ألذ طعام أكلته في حياتي.. لم ينافسه في قلبي مذاق أي أكل.

خيطان رفيعان من الدموع يسيلان فوق وجنتي هيام وهي تسمع شقيقتها تردف بحرارة أكبر :
_لازلت اذكر في صغرنا عندما كانت تشتد برودة الجو فتتركينني في الفراش لتركضي نحو الموقد تحضرين لي الفطائر الساخنة.. أو عندما كانت تشتد حرارته فتجمدين لي عصير الليمون لتقنعيني أنه نوع من المثلجات.. طالما كنتِ تجيدين الاعتناء بي..
ثم تصمت لحظة لتردف ببعض العتب الذي امتزج بامتنانها :
_في صغرنا.

هنا تلتفت نحوها هيام.. ملامحها تصرخ بغضب ظاهر لم يلبث أن استحال لحزن هادر أظلمت معه ملامحها تماماَ وجعل عزة تشعر بالإشفاق نحوها اكثر لتضم كفها بين راحتيها هي مردفة :
_لا ازال اذكر عندما كنت طفلة وكنت تصرين ان انام في حضنك.. في عز الحر.. اقول لك اني اختنق.. لكنك كنت تحتملين.. كنت اتضايق لكنني لم اكن ادرك وقتها انك كنت تحمينني.. حتي لو اختنقنا معا.. تماما كما فعلتِ حين تعمدتِ دفعي للزواج من راغب.. طالما كانت هذه طريقتك في التعبير عن حبك لي.. طالما رغبتِ في حمايتي حتى ولو آذيتِنا معاً.. تخونكِ الطريقة كثيراً لكن..

تصمت بعدها محاولة ابتلاع ما بقي من عتابها لتردف بما تظنه الآن الأهم :
_أنا شقيقتك.. مهما فرقت بيننا الأيام والظروف والمشاكل لن تتغير هذه الحقيقة أبداً.. أنتِ آذيتِني كثيراً.. ضربتِني من حيث لم أتوقع الضربة أبداً.. لكنني أثق أنك لم تكوني تريدين لي إلا الخير كما صوره لك عقلك.

هنا تنخرط هيام في البكاء فجأة بمشهد يدمي القلب وهي تضمها إليها بذراعها السليم.. لتشعث كلماتها كما بقية مشاعرها الآن :
_والله هو كذلك! هل شككتِ لحظة في هذا؟! (اليتيمتان)! هكذا كانوا يصفوننا انا وأنتِ عندما وجدت نفسي فجأة طفلة مسئولة عن طفلة! اضطررت أن أكبر كي تكبري أنتِ! كل ما كنت أتمناه أن تكوني في خير حال جواري..جواري.. جواري..
تكرر كلمتها الأخيرة مراراَ كأنها مربط الفرس لتبتعد بوجهها قليلاً ما يمكنها من التقاط نظرات عزة العاتبة رغم امتنانها فتردف بسخط امتزج بأسى نبراتها :
_لكن (الفرخ الصغير) الذي آويته هجر عشي اول ما قوي جناحه!

تتنهد عزة موقنة من عقم جدالها.. في ظروف أخرى ربما كانت لتحاول دحض حجتها لتواجهها بعيوبها لكن الآن لا مجال سوى لمؤازرتها في محنتها..
خاصة وهيام - التي بدت كأنها في كل يوم يمر تزداد يقيناَ بمصيبتها في فقد زوجها وعائلها الوحيد- تردف بين دموع حسرتها :
_أختك عادت مكسورة الجناح كيوم فقدنا أبوينا.. لكنني الآن محملة بوزر أكبر.. ثلاثة أولاد! يا ويلي! يا ويلي!

تهز عزة رأسها وهي تدرك كيف تفكر شقيقتها التي لا تزال تؤمن ان (ظل رجل أفضل من ظل الحائط).. ربما لهذا أفقدها حزنها قدرتها على تحريك ذراعها.. ولنفس السبب كانت تسعى بكل طاقتها لتزويجها هي وقد كانت ترى أن كل نجاحها لا يساوي شيئاَ دون (رجل)!

لكنها لم تجادلها كاظمة غيظها من جديد وهي تربت على كتفها قائلة :
_وزر ثقيل لكننا نحمله معك.. أنا وعمهم وجدتهم.. لن نتركك أبداً.

يرتجف جسد هيام بوهن وعيناها الدامعتان ترمقان عزة بنظرة راجية معتذرة.. ليأتي صوتها الخافت مكملاَ الصورة وهي تشير بعينيها نحو ذراعها الساكن الذي فقد قدرته على الحركة :
_تشمتين فيّ؟! هو ذنب زوجك السابق الذي عيرته ليلة زفافكما؟؟

فتتنهد عزة بحرارة وهي تتذكر ما تحكي عنه لكنها تتحاشى الحديث عن الأمر بقولها :
_ما عدت أريد عتاباَ ولا نبشاً في الماضي..أريد فقط ان اكون جوارك كما كنت طوال عمرك جواري.. حتى لو كنتِ أخطأتِ لا يزال في العمر متسع للغفران.

تتعانق الشقيقتان أخيرا وقد بدا وكأن القدر يمنحهما فرصة للتعافي من جروح الماضي..
تلوح منهما نظرة لأولاد هيام الذين وقفوا على الباب وقد علت وجوههم البائسة نظرة متعجبة من هذا الود الذي خيم أخيراً على الأختين..
فتفتح عزة لهم ذراعيها في دعوة لعناق..

_نديم.. مأمون.. أواب.. تعالوا..

تناديهم تباعاً فيتقدم الأوسط والأصغر فيما يبقى الأكبر نديم واقفاَ مكانه يرمقها بنظرة غريبة لم تفهمها..

تعانق شقيقيه بحنان ليأتيهم صوت نحنحة راغب المستأذنة من الخارج..
قبل أن يدخل ليسأل هيام عن حالها فترد باقتضاب عادت معه فظاظتها المعهودة..

_أحضرت لكم دراجات جديدة.. تعالوا معي لمدخل البيت كي نراها..

يهتف بها راغب بحنان مخاطباَ اولاد شقيقه ليهلل مأمون وأواب بفرحة وهما يركضان خلفه فيما تتثاقل خطوات نديم وهو يلحق بهم..
فترمقه عزة بنظرة مستغربة وهي تلاحظ أنه صار أكثر كآبة وأكثر عزلة..
_مسكين.. حمل الهم مبكراً..
تقولها لنفسها غافلة عن حال الصبي الذي وقف من بعيد يراقب عمه وهو يوزع الدراجات على أخويه بعينين مشتعلتين بالغضب وشفتين مكتويتين بالصمت..
_تعال يا نديم.. خذ دراجتك.
يهتف بها راغب بحنوّ وقد اختار له الدراجة الأكبر فيتقدم بخطوات بطيئة ليتناولها منه برأس مطرقة دون شكر..

_أعجبتك ؟! تراها جيدة أم أبدلها لك؟!
يسأله راغب باهتمام لكن الصبي يشيح بوجهه قائلاً بما بدا غامضاً :
_اسأل زوجتك.. هي دوماَ تعلم ما لا نعلمه.

يتعجب راغب غرابة رده لكنه يخبطه على رأسه بخفة قائلاَ بحنانه الخشن :
_تكلم جيداً يا ولد.. أعجبتك أم لا؟!

لكن رد فعل الصبي يأتي متطرفاً وهو يبتعد صارخاً بانفعال:
_لا تضربني! من كان له حق ضربي مات.

يتخشب راغب مكانه وقد راعته ردة فعل الصبي خاصة وكلماته تسكب الملح على جرح الصغيرين شقيقيه فتخبو فرحتهما بالدراجات..
وكذلك رُبى الصغيرة التي سالت دموعها بصمت وهي تراقب الموقف..
لكن راغب يتقدم ليشد بقبضتيه على كتفي نديم قائلاً بحزم رفيق:
_ألا ترتضيني أباً بعد أبيك؟! أتظنني أقسو عليك يوماً أو أقصر في حقك؟!

يبدو الصبي وكأنه يقاوم صراعاَ أكبر من سنوات عمره..
تتكدس الدموع في عينيه لكن الرجال لا يبكون كما علمته أمه.
يعتذر بخفوت وهو يطأطأ رأسه فيربت راغب على كتفه ثم يعانقه لكن الموقف لم ينتهِ عند هذا الحد..
ففي الليل وعندما نام الجميع كان الصبي يتسحب لمدخل البيت..
يفسد الدراجات كلها ويشوه طلاءها الأنيق..
تتلاحق أنفاسه وهو يشعر ببعض المتعة من فعلته التي لا يدري لماذا فعلها..
هل هي رغبته أن يتألم الجميع كما يتألم هو؟!
لماذا إذن لا يفضح السر ويعلن عما سمعه؟!
ربما هو شعوره أنه يخدعهم كما يخدعونه!
أنه - مع صغره - يعرف حقيقة لا يعرفها الكبار!
وربما هو خزيه من أن تنكشف حقيقة أبيه المجرم فيُعيّر بها!

يجلس قريباً ليعطي ظهره للجدار يراقب الدراجات التي أفسدها بنظرة منتشية لم تخلُ من الذنب..
يتصور شعورهم بالضيق عندما يرونها هكذا فينتفخ صدره بشعور السيطرة المهيمنة..
سيغضب العم راغب وتندهش زوجته ويتضايق مأمون ويصرخ أواب.. وتبكي رُبَى!

ينعقد حاجباه للخاطر الأخير..
إلا ربى!

وكأنما قفزت من خاطره!!
يشهق مندهشاً وهو يجد كف الصغيرة يربت على كتفه وبراءة عينيها الجميلتين تؤمنان خوفه :
_أنا رأيت ما فعلته.. لا تخف لن أخبر أحداً.. لكن.. لماذا فعلت هذا؟!

يشيح بوجهه دون رد فتردف ببراءة :
_لست غاضبة منك.. لو فقدت أبي مثلك أظنني سأفعل أشياء غريبة.

_لن تكوني مثلي أبداَ.
يقولها بأسى وهو يطرق بوجهه لكنها تربت من جديد على كتفه قائلة :
_ربما لن أكون مثلك.. لكنني لن أغضب منك أبداَ.
يرفع وجهه إليها بابتسامة شاحبة تنتقل إليها فتعاود همسها :
_ لا تفعل هذه الأشياء ثانية .. لا تليق بك أفعال السيئين.. أنا أحبك ولا أريد أن أخاف منك.

يهز رأسه لها فيما يشبه الوعد..
وعد بدا وكأنه بطول العمر كله!

ليهمس لها أخيراَ بنبرة آمرة :
_اصعدي الآن ونامي.. ولا تخرجي ليلاً من شقتكم ثانيةً لأي سبب.. مفهوم؟!

تطيعه بهزة من رأسها ثم تلوح له مودعة وهي تصعد لأعلى حتى تختفي عن ناظريه فيسبل جفنيه ببعض الندم..
غداً عندما يشرق الصباح سيكون اول ما يفعله أن يدعي المرض ويلزم الفراش كي يبعد الشكوك عن نفسه أنه من أفسد الدراجات.. لكنه سيفتح حصّالة نقوده حيث يدخر.. ليشتري لها لعبة تعوضها عن دراجتها التي أفسدها..
=======




في المطعم الذي التقاها فيه اول مرة والذي صار أيقونة خاصة في عمر حبهما يجلس إيهاب شارداً يراقب الطريق عبر النافذة الزجاجية العريضة للمكان..
لا زال يطمح كل مرة يأتي فيها هنا وحده أن يجدها صدفة..
وكأنما كان قدر حبهما أن تداعبه الصدف ويجلده التخطيط!
حبهما (فاجومي) مثله.. ومثل ما صارت هي!

يبتسم باشتياق وهو يتذكر لقاءه بها هنا منذ ما يزيد عن خمسة أشهر..
جلستها الغريبة أمامه كأقرب ما تكون لقلبه..
الحمقاء لا تزال لا تدرك كم تحبه..
لكنه هو يثق كما يفعل دوماَ أنها في حبه غارقة!
ومع هذا لا يبادرها بأي اتصال تاركاَ لها حرية اتخاذ قرارها بالوقت المناسب..

لماذا جاء اليوم بالذات وهو شديد التوتر بشأن إياد الذي سيحكم في قضيته - نهائياً- في صباح الغد؟!
هل ينقصه القلق؟!
لكن.. ربما كان هذا هو الجواب..
لا تزال جنيته - رغم غيابها - تمنحه السكينة!

صوت هاتفه يقاطع شروده فيبتسم برضا وهو يراقب الإشعارات الجديدة على مدونته (الفاجومي) التي عاد يكتب فيها خواطره والتي ازداد عدد متابعيها بعد عودته..
عودته لنفسه وروحه القديمة..

لا يدري لماذا رفع عينيه في هذه اللحظة بالذات نحو الباب..
هل رآها قلبه قبل عينيه؟!
قلبه الذي كان يخفق الآن بجنون وهو يراها تتجاهل الأنظار التي تسلطت عليها فور تعرفهم إليها لتتقدم نحوه..
مشيتها الواثقة بمظهرها شديد الأناقة تناقض هذه النظرة الخاصة جداً في عينيها..
نظرة طفلة تائهة تنتظر كفه هو بالذات كي يعبر بها الطريق!

لا يعرف أيهما بادر الآخر بمصافحة لكن ما كان يوقن به أن كليهما منح الآخر في "لحظة" دفئاً يكفي ليحميه برد "العمر" كله!

ينتظر جلستها أمامه - كعادتها- لكنها تقترب أكثر لتجلس.. جواره!

_أخيراً!

يهمس بها مغمض العينين محاولاً احتواء رجفة جسده في هذه اللحظة..
يطبق راحتيه على كفها بتشبث كأنها في هذه اللحظة أغلى كنوزه!

بينما تبتسم وهي تشعر أن داخلها فوضى لذيذة!
لم تفكر وهي تتخذ مجلسها اليوم جواره.. كأنها القت عن كتفيها عباءة أخرى من عباءات ترددها..

_أوحشتني.

تهمس بها حرة دون قيود وهي تعتدل في جلستها..
تسحب منه (كفاً) وتمنحه (أملاً)..

فيتنهد بحرارة وهو يراقب كفها الذي أعادته جوارها ليرمقها بنظرة عاتبة ناسبت قوله :
_خمسة أشهر يا (بخيلة)؟! مائة وخمسون يوماً؟! لم تفكري في واحد منها أن ترسلي لي حتى رسالة؟؟!

_مائة وسبعة وخمسون يوماَ..
تقولها مصححة باشتياق يشبه اشتياقه لتردف وعيناها معلقتان بحدقتيه :
_كتبت لك فيها ما يزيد عن ألف رسالة لكنني لم أرسلها..
_لماذا ؟!
كان هذا هو التساؤل المنطقي الذي يفترض ان يسأله..
لكن ليس وهو.. هو.. وهي.. هي!!
لهذا تغير الرد بما يناسب رجلاً يحفظ كل تفاصيلها :
_اعتبريها وصلت.. كلها!

يهمس بها بعاطفة واثقة فتدمع عيناها وهي تشعر أنها تود في هذه اللحظة لو..!

_تعرف ماذا أريد الآن؟!
تسأله بخجل احمرت له وجنتاها فيبتسم بهذه الطريقة التي طالما أحبتها منذ سنوات ليرد بجرأة واثقة :
_تعانقيني مثلاً؟!
تهز رأسها كأنها تتعجب قراءته أفكارها بهذا الوضوح لتشيح بوجهها دون رد..
فيضحك ضحكة قصيرة راضية ثم يتنهد قائلاً بأسف:
_أخاف أن أقول لك أنك تضيعين عمرينا معاً فتقولين أنني أضغط عليكِ.
_وأنا أخاف أن أظلمك واظلم نفسي من جديد..
تقولها وهي تشرد ببصرها نحو النافذة مردفة :
_لا أريد أن أعود إليك وأنا أشعر أنني ضعيفة وخاسرة.

يطلق زفرة ساخطة رغم تفهمه.. لكنه يتجاوز استياءه ليسألها باهتمام :
_لماذا جئتِ هنا اليوم؟!

_من حسن حظي كي أراك!
تقولها بعفوية تصيب سهمها في قلبه فيضحك هاتفاَ بغيظ :
_ولماذا تتركين الأمر للحظوظ؟! هل قصرت معك؟!.. ما علينا! أخبريني بصدق لماذا أتيتِ؟!
_محتارة في قرار ما!
تقولها بقلق فيهز رأسه منتظراَ سماع تفاصيلها لتردف :
_لم أكن اريد ان أخبرك.. كنت أريد أن آخذ القرار وحدي.. لكن.. عندما رأيتك الآن مصادفة أيقنت أنه قدري أن أجدك دوماَ جواري في كل مفترق طرق.. حتى دون تخطيط.

يصمت طويلاً دون رد فترفع عينيها إليه بترقب لتجد في عينيه لمعة آسرة خطفت من دقاتها.. دقة!

_تعرفين؟! أنتِ لذيذة جداً اليوم!

لم تكن أفضل عبارة غزل تقال في موقفهما هذا لكنه لم يقصد مغازلتها..
بل هذا بالضبط ما وقع في صدره وجرى على لسانه..
لكنه تنحنح ليتجاوز الأمر بقوله :
_قولي يا جنيتي.. ما الذي يحيرك؟!

_منذ فترة أتاني عرض لبرنامج جديد في قناة أخرى أكثر شهرة من قناتي القديمة يناسب مجال دراستي في علاقة التغذية بالأمراض.. لكن تلك القناة كانت تريد مني إعلانات لشركات مشكوك في مصادر تمويلها.. أظنك سمعت عن الشائعات بشأن (...)..
تقولها وهي تذكر له ما كان يعرفه مسبقاَ عن سوء سمعة تلك الشركات التي تحكي عنها..
فيرد بحسم :
_لا.. لا تنازلات.
تبتسم وهي تتذكر للمفارقة موقفاً مشابها في علاقتهما القديمة كان له فيها راي مختلف..
لتهز رأسها قائلة :
_هذا ما قلته وقتها بالضبط.. لو لم أفعل هذا فما تعلمت شيئاَ من أخطاء الماضي.

_إذن.. ما الجديد ؟!
_من فترة وأنا أعمل - بعد دراستي- على تركيب (مشروب) جديد بمكونات طبيعية خاصة للتخسيس.. نتائجه مبهرة ومضمونة ومع حملة دعاية مناسبة سيكون حديث الوسط الفترة القادمة.. عرض عليّ مدير قناة فضائية أن يتبنى تمويل حملة الدعاية بل والتصنيع مقابل عقد احتكار لبرنامج في قناته.. القناة نفسها جيدة لكنها ليست بحجم قناتي السابقة.. وأنا كنت أريد عودة قوية أنسى بها الفشل السابق.
تقولها بحيرة ليرد كأنه يغرس ثقته فيها :
_أنتِ من صنعتِ نجاح البرنامج السابق..وانتِ من يمكنها إنجاح ألف برنامج مهما اختلف المكان.

_تعرف أنني قلت هذه العبارة من قبل لمخرج برنامجي القديم؟!
تقولها بابتسامة ممتنة ليهز كتفيه بقوله المرح :
_وما الجديد؟! طوال عمرك تسرقين كلامي؟!

تضحك رافعة حاجبها باستنكار ليضحك بدوره ثم يقول بجدية :
_أري ان توافقي.. حجم القناة ليس عائقاً.. غداَ تكبرين وتكبر معك.. مشروعك مهم ويحتاج لتوثيق عاجل قبل أن يسبقك أحد للفكرة.

تهز رأسها باستحسان لتبتسم قائلة :
_شكرا.

_أنا ايضاَ أشكرك..قبل حضورك كنت أفكر أن (جنيتي لا تزال تمنحني السكينة حتى في غيابها).. مجرد وجودي في هذا المكان يخفف توتري.

كلماته تفضح قلقه الذي يحاول مداراته منذ بدأت الجلسة لتسأله بتوتر :
_ما الأمر؟! لا تبدو لي بخير!

_غداَ موعد جلسة إياد للحكم النهائي.
تتسع عيناها بارتياع مع رده لتهتف باستنكار :
_لماذا لم تخبرني والدتك؟! أنا أهاتفها أسبوعياً لأطمئن عليها.
_"خوخة" متكتمة كثيراَ علي هذا الأمر بالذات.. تشعر بالذنب لأنه وصل لهذه المرحلة بسببها..
يقولها بابتسامة شاحبة ليردف محاولا ابتلاع غصة حلقه :
_بسببنا.
تربت على كفه لتقول بلهفة :
_متى ستكون الجلسة؟! سآتيكم هناك.. لا.. لا..سامر عليكما صباحاَ لنذهب معاَ.

يهز رأسه معترضاَ بقوله :
_قدّري حساسية موقفك.. شهرتك تقيد وضعك.. أنت على وشك صنع بداية جديدة ولا تنقصك الشائعات والفضائح..
لكنها تقاطعه هاتفة باستنكار :
_ماذا تقول؟! والله لو انطبقت السماء على الأرض لا أترككم في موقف كهذا أبداً!

يطلق زفرة ساخطة وهو يهم بإقناعها من جديد لكنها تهتف بحسم وهي تشد على كفيه بقبضتيها :
_لا تتعب نفسك! على منهج (الفاجومي) صرت أعيش.. لا يعنيني كلام أحد مادمت أفعل ما يمليه عليّ قلبي.. هي حياتي أعيشها مرة واحدة بطريقتي مادمت أحتمل النتيجة وحدي.
=======


======
*أحمر*
======
يفتح الباب عقب عودته من عمله ليبحث عنها فيجدها واقفة في المطبخ تعد الطعام..
يضم ظهرها لصدره بقوة فتشهق متفاجئة بهتاف ضاحك :
_إبراهيم! لماذا عدت مبكراَ ؟!
_افتقدتك!
يقولها حارة مشبعة بعاطفته لكنها تستدير نحوه.. تشد أذنه برقة هاتفة بمكر :
_افتقدتني أم أنه موعد المباراة المنتظرة على التلفاز؟!

تفوح ضحكته بذنبه فتهز رأسها بأسف مصطنع قائلة بمبالغة :
_تكذب يا إبراهيم؟! تكذب؟!

لكنه يشدها لصدره بقوة هامساً في أذنيها :
_عندما أقول أنني افتقدتك في أي وقت فلست أبداَ بكاذب.. يشهد الله أنني أفتقدك حتى وأنت معي.. كأنني لا أروي عطشي منك أبداً.
تقبل ذقنه بدلال يليق بها وبهمسها :
_اعرف! اعرف جيداَ
يرفع حاجبه بمكر لتهز كتفيها بالمزيد من الدلال وهي تعاود الاستدارة نحو الموقد :
_لكن هذا لا يمنع أنني أحتاج سماعها منك كل وقت..بقيت خمس دقائق فقط على بدء المباراة.. بدل ملابسك.

_يبدو أنني لست وحدي من سيبدلها!
تلتفت نحوه باستغراب لتميز الكيس الصغير الذي جاء به والذي أخرج محتواه ليرفعه أمام عينيها قائلاً :
_هذه المباراة مهمة جداَ.. سأتفاءل لو شاهدتها معي وأنتِ ترتدين (فانلة الفريق)!

تنطلق منها عدة ضحكات رائقة وهي تداعبه قائلة :
_تدخل على زوجتك ب(فانلة) الفريق بعد يوم عمل طويل وتقول أنك افتقدتها؟! رحم الله زمن الرومنسية الجميل عندما كان الرجل يدخل على زوجته بثوب قصير أو قميص نوم.
_ألا أفعل هذا ؟!
يقولها باستنكار ليردف وهو يخلع عنها قميص منامتها بسرعة فائقة ليلبسها ما بيده وسط اعتراضاتها الواهنة هاتفاً :
_لكن لكل مقام مقال.. واليوم يوم مصيري في تاريخ الفريق.. هيا هيا بسرعة.. لو بدات المباراة دون ان ترتديه وخسرنا فستكونين أنت السبب!

تنطلق ضحكاتها وهي تري لهفته بينما يعدل لها ملابسها..
يقبل وجنتيها بحرارة قائلاً :
_راااائعة! هيا لنشاهد المباراة معاَ.
_والأكل ؟!
تهتف بها متذمرة لكنه يغلق الموقد ليشدها من كفها هاتفاَ :
_فيما بعد.. فيما بعد..

يشغل التلفاز ثم يجلس على الأريكة ليجذبها هي على ساقيه مريحاَ رأسها على كتفه فتضحك هاتفة باستنكار :
_ستشاهد المباراة هكذا؟!
_ششششش! ما ادراكِ انتِ عن اصول مشاهدة كرة القدم؟!
يغمزها بها بانفعال قبل ان تشغله الأحداث فيلتفت عنها نحو شاشة التلفاز مكتفياَ بضمته القوية لها..
تكتم ضحكتها وهي تتركه يشاهد المباراة بينما تكتفي هي بمشاهدته هو..
تتأمل وجهه بعشق جارف يزداد يوماَ بعد يوم..
تسعدها مشاركته هذه التفاصيل الصغيرة التي يعشقها كما صار هو يشاركها اهتماماتها..
ترى ملامحه تتشنج بعصبية مع انهماكه في المشاهدة فيرق له قلبها.. شاعرة بغيرة طفيفة من التفاته عنها..
تقبل وجنته برقة لتأخذ نفساً عميقاَ يحمل عبارتها التي صار يسمعها حتى قبل ان تقولها :
_أحب رائحتك.

يلتفت نحوها بتشتت ليلتقط شيئاً ما في نظراتها يجعله يسألها بترقب غامض:
_أعرف هذه اللمعة في عينيك.. هل تخفين عني شيئاً؟!
يتراقص حاجباها بمشاكسة وهي تخفي ضحكتها في كتفه فيهمّ بقول آخر لولا..

_جوووووول!

تنطلق صاخبة من التلفاز فيطلق صيحة مستنكرة وهو يقف ليوقفها معه هاتفاَ بانفعال :
_لا.. لا.. فوتتِ عليّ الهدف.
ضحكاتها المنطلقة تغيظه مع هتافها :
_المهم انه هدف لفريقك..فيهز كتفيها مردفاَ بغيظ:
_تعمدتِ هذا؟! تعمدت أن انشغل بك؟!
_بدلاً من ان تشكرني علي الفال الحسن؟! اسكت وإلا خلعت فانلة الفريق وارتديت لون الفريق المنافس!
تقولها وهي تمسك طرف الفانلة كأنها تهم بتنفيذ تهديدها فيقبل جبينها بسرعة هاتفاً :
_لا.. لا.. أنا آسف.. اجلسي نكمل المباراة يا وجه الخير!

تطلق ضحكة راضية وهي تستسلم لعودتهما لجلستهما..
تراقبه بالمزيد من الترقب وهي محتارة في اختيار الطريقة المناسبة لتخبره عن المفاجأة..
بعد المباراة!!
نعم.. عندما يفوز فريقه!!

_يارب!

تدعو بالفوز من قلبها وقد بدأت تتحمس مثله للمباراة وإن اختلفت النوايا..
لهذا ما كادت تنتهي المباراة بفوز فريقه ليصيح هو مهللاً وهو يقف بها ليقفز بفرحة طفولية تناقض جديته المعهودة حتى تنحنحت لتقول بتردد :
_كنت تسال عما أخفيه؟!
فيقبل وجنتيها بحرارة هاتفاً :
_قولي ما بدا لك!

_سامي..
_ماذا به؟!
يسألها بقلق لترد بابتسامة واسعة :
_يبدو أنه سيحظى بأخ قريباَ!
فيهز رأسه قائلاً بتغابٍ :
_ماذا ؟! كيف وأبواه ميتان ؟!

_إبراهيم! ألا تفهم حقاَ ؟!
تهتف بها باستنكار وهي تمسد بطنها فيضحك ضحكة عالية وهو يقرص وجنتها قبل أن يعانقها بقوة وهو يحملها..
يدور بها عدة دورات وكلاهما يشعر بفرحة لا يسعها الكون كله!

يجذبها قريباً حيث الكيس الذي كان قد عاد به.. والذي تنتبه هي الآن لما أخرجه منه..
قميص رضيع بلون سماوي!
تشهق بلهفة وهي تقلبه بين أناملها بلهفة قبل ان تضمه لصدرها هاتفة :
_كيف عرفت؟!
_أعرف منذ الصباح! سندس لا تبتل في فمها فولة!
_لكنني لم أخبرها! أنا حتى لم اخبر أبي كي تكون انت اول من يعلم!
فيطلق ضحكة قصيرة متهكمة :
_أول من يعلم! حبيبتي أنا كنت أخشى ونحن نشاهد المباراة ان نجد الخبر على شريط الأخبار السفلي.. هي رأت اختبار الحمل ذا الشرطتين الحمراوين منذ ثلاث ساعات تقريباَ.. احسبي أنتِ كم مخلوقاَ عرف من ساعتها بمعدل كلمة في الثانية!

تنطلق ضحكاتها وهي تسمع طرقات الباب بهتاف الحرافيش من الخارج :
_افتح يا أبا الولد.
_مبروك يا هيما.
_توأم بإذن الله.. واحد لك وواحد تتركه لنا نُربّه على طريقتنا!

_أرأيتِ ؟! وأنتِ المسكينة تظنين نفسك ستفاجئيني؟!
يشير بها لسبابته نحو الخارج قبل ان يلقي إليها عباءتها ونقابها لترتديهما فيتمكن هو من فتح الباب هاتفاً بصخب يخلو من ضيق حقيقي وقد احتلت الفرحة قلبه فلم تترك مكاناَ لسواه :
_كفى يا غجر! فضحتونا!

يتعالى صخبهم بالمزيد من المشاكسات لكنهم يسكتون جميعاَ عندما يصل ربيع الذي تركض نحوه يسرا لتعانقه بقوة هاتفة :
_بركة دعاك يا أبي!
_مبروك يا ابنتي.. مبروك يا إبراهيم.
يقولها العجوز بصوت متهدج فضح فرحته الغامرة وهو يضم ابنه إليه..
ليلحظ إبراهيم عينيه الدامعتين فيشاكسه بقوله :
_هكذا إذن؟! تبارك لها قبلي؟! يسرا هانم أكلت الجو؟!
تضحك يسرا وهي تتنعم بدفء الرجل الذي طالما تمنته أباَ لتقول بدلال :
_طبعاً! عندك اعتراض؟!

_مبروك يا حبيبتي!
تقولها هبة التي وصلت لتوها فتعانقها يسرا بقوة هاتفة بصوت يكاد يبكي من الفرحة :
_أظنك الآن استرحتِ من إلحاحي عليكِ في الدعاء.. الله استجاب.
لكن هبة تربت على رأسها قائلة بود :
_ومن قال إني سأكف عن الدعاء لك؟! دوماَ في دعائي حبيبتي.. دوماَ.

ينفض جمع الحرافيش بصخبهم المعهود ليدخل ربيع مع إبراهيم ويسرا وهبة..
ولم يكد يستقر في مجلسه حتى خاطب إبراهيم بقوله :
_محاكمة إياد ابن السيدة خديجة غداً.. سأذهب معهم لقاعة المحكمة.

تضطرب هبة مكانها فيما يتبادل إبراهيم مع يسرا نظرات ذات مغزى وقد كان قد صرح لها من قبل انه يشعر ان اهتمام ابيه بتلك المرأة يفوق مجرد زمالة عمل..
لكنه يتنحنح ليقول بهدوء :
_عندي مشوار عمل مهم غداً لن يمكنني تأجيله.. ولن أستطيع ان اتركك تذهب وحدك.
_ولماذا لا أذهب وحدي؟!
يقولها ربيع مكابراَ ليرد إبراهيم بقلق :
_أرجوك يا أبي لا تجادلني في هذا الأمر.. صحتك ليست على ما يرام هذه الأيام.. لا أرى ضرورة ملحة في ذهابك.
_وهل صرت أنت من يقرر الضرورات الملحة؟!
يقولها ربيع بضيق لتهتف يسرا بسرعة :
_أنا سأذهب مع ابي..سأوصله بنفسي ولن اتركه..
يتبادل ربيع وابنه نظرات ضائقة فتهتف يسرا بمرح وهي تغمز هبة خلسة :
_لا تفتعلا مشكلة في يوم كهذا.. الأمر لا يستحق.. هيا يا هبة كي نكمل إعداد الطعام كي نتناوله معاَ.

تقولها وهي تربت بأحد كفيها على كتف إبراهيم وبالآخر على كتف ربيع قبل أن تجذب هبة من كفها ناحية المطبخ..
ولم تكد تغلقه خلفها حتى همست مخاطبة هبة بمكر :
_اسمعي.. غداَ صباحاَ وبعدمغادرة إبراهيم لعمله سينتابني تعب مفاجئ..
_ماذا ؟!
تهتف بها هبة بدهشة فتطلق يسرا صيحة مكتومة وهي تقرص وجنتها مردفة بغيظ:
_لا تتغابي كإبراهيم! ساتعب فجأة تعب بسيط يليق بامرأة حامل.. ولن يجد ابي من يذهب معه للمحاكمة غيرك.. فهمتِ؟!
يرتفع حاجبا هبة باستنكار هامسة :
_سنكذب؟!
_لا.. ليس كذباَ.. أنا حقاَ أعاني من نوبات غثيان.. وعندما أقول أنني مريضة فلن اكون كاذبة.. لا تريدين الذهاب؟! لا تريدين معرفة الحكم؟! لا تريدين رؤيته؟!

تهز هبة رأسها نفياَ مع كل سؤال من الثلاث فتضحك يسرا بتهكم وهي تربت على وجنتها بخفة قائلة بمكر :
_من بنا الذي يكذب الآن؟!

تحمر وجنتا هبة بخجل بدا وكانه يتشعب من قلبها لخديها..
تود لو تصرخ بكل تعقل أنها لا تهتم.. لا شأن لها به..
حكايته انتهت لديها بمجرد ما عرفت ماضيه..
لكنها.. لا تستطيع!

_لست سهلة أبداَ! كان الله في عونك يا إبراهيم!

تقولها هبة بغيظ وهي تلكز يسرا في كتفها فتتأوه الأخيرة بمبالغة هاتفة بمرح :
_من الأن انتبهي لحركاتك معي.. أنا حامل ووضعي استثنائي!
تبتسم هبة رغماَ عنها وهي تشعر بفرحة صديقتها تكاد تنثر حولهما حقولاَ من ورد..
فلا تعرف هل تشكرها ام تلومها؟!

تقضي هبة ليلتها مؤرقة وهي تفكر جدياَ في عدم الذهاب..
لن تورط نفسها معه أكثر..
ستكتفي بالدعاء له!

ركعات طويلة من قيام الليل أدتها وهي تدعو له..
والغريب أنها ساعتها لم تكن تشعر بالخزي..
بل وكأنها فقط تستسلم لقدرٍ هو لها!

حتى إذا جاء الصباح لتنفذ يسرا خطتها بعد مغادرة إبراهيم وجدت هبة نفسها تقول كأنها مبرمجة :
_أنا سأذهب معك يا خالي.








======
في قاعة المحكمة يقف إياد خلف القضبان وهو يشعر بخوف فطري..
لكنه يشعر بنزار الذي بقي في مصر خصيصاَ لأجله..والذي ربت على كفه عبر القضبان بمؤازرة ليقول بمرح مصطنع :
_اجمد يا ولد! (السجن للجدعان)!
يبتسم له إياد وهو يتذكر كيف كان دور نزار في مساعدة عاصي الرفاعي للإيقاع بالكوبرا بعدما فقدت السلطات أثره.. وكيف أجاد أخوه تتبع فهمي عقب هروبه من المشفى رغم تعقيدات الأمر والاحتياطات التي اتخذها مجرم خبير مثله.. َ
ليقول إياد بامتنان :
_لن أنسى صنيعك ما حييت.
_هذا الكلام يقال للغرباء.. نحن أَخوان.
يقولها نزار بجدية نادرة على طبعه المرح ثم يتراجع مفسحاَ المجال لإيهاب وخديجة التي يشعر أنها لا تحبه.. ولا يلومها كثيراَ في هذا..

خديجة التي تقدمت لتشد بقبضتيها على كفي ابنها وهي تهمس له بيقين كاتمة دموعها وخفقات قلبها الملتاعة :
_أياَ ما كان الحكم.. نحن معك.
_المحامي مطمئن.. سيكون الحكم مخففاً بإذن الله.
يقولها إيهاب بهدوء لم يُخفِ قلقه وهو يمد كفه هو الآخر ليربت على كف اخيه..
فيبتسم إياد ابتسامة واهنة قائلاً:
_لا تخافا..صرت أعرف معنى السجن الحقيقي.. السجن الحقيقي الذي عشته طوال تلك السنوات دون قضبان.. لكن الآن.. الآن وأنا أشعر انكم معي.. كلكم معي.. أشعر أنني حر.. حر رغم وجود هذه القضبان..
ثم يأخذ نفساَ عميقاَ كأنه يستشعر حقاَ ما يقول :
_انا حر.. حر يا أمي.

تدمع عينا عزة بتأثر وهي تراقب الموقف من بعيد..
لم تكن وحدها من تأثرت بهذا اللقاء..
بل هذه التي جلست جوار ربيع.. ورغم أنها كانت تطرق برأسها طوال الوقت لكنها لم تستطع منع نفسها من النظر عند وصول خديجة إلى إياد.. ورغم أنها لم تسمع ما دار بينهما لكن قلبها النقي كان سعيداً لأجل (الطفل المحروم) الذي شهدت قصته من البداية..
لعلها تلمح هذه النظرة التي رأتها في عينيه من اول مرة..
(نظرة من يرغب لكنه يرى انه لا يستحق)

النظرة التي تغيرت الآن أخيراً لأخرى..
(نظرة من يرغب.. وسيسعى لينال ما يستحق.. لأنه يرى أنه يستحق)

_محكمة.

الصوت الهادر يلقي أثره المهيب في قلوب الجميع الذين لزموا مقاعدهم..
يطلب القاضي سماع الشهود فيكون حسام في المقدمة..
قبل أن تستكمل الجلسة أركانها..

يجلس حسام مكانه ليربت بشر على ركبته فيقول مطمئناً :
_لن يغفل القاضي ان إياد هو من ساعدنا في كشف طرف الخيط لحل ذراع ذاك التنظيم في مصر.. وبعد وفاة ذاك المجرم فهمي أظنهم سيأخذون وقتاَ طويلاً قبل ان يتمكنوا من دس ذراع جديد لهم هنا.
_وماذا عن رأس التنظيم الذي توصلتم إليه في المركز الطبي الذي يديره الصهاينة بغطاء كاذب في البلد العربي الذي أخبرتني به ؟!
يسأله حسام بترقب ليرد بشر بأسف :
_مجرد معلومة انقطع خيطها.. تعرف كيف تتجمد الأمور أحياناً فلا تصل لشيء.
ينعقد حاجبا حسام بغضب هادر ليرد بشر بحسم :
_سيبقون كعهدهم يخططون بدناءة.. وسنبقى كعهدنا نقاوم ببسالة.
_تعني أن الأمر سيتوقف هاهنا؟! هكذا فقط؟! لن ينالوا عقاباَ أولئك ال...؟!!
يطلق سبة بذيئة وسؤاله لا يحمل استنكاراً بقدر ما يحمل من غضب ليرد بشر بغضب مشابه شابته مرارة حقيقية :
_النهايات السعيدة بقتل الأشرار في الأفلام فقط يا صديقي..شرهم باقٍ لكن مقاومتنا أبقى.. قدرنا أن نبقى نحاربهم حتى قيام الساعة كما قال ربنا في كتابه.
يهز حسام رأسه محاولاً تمالك غضبه ليعتدل في جلسته وهو يرى القضاة يتشاورون في الحكم قبل أن يعلنوه..

_حكمت المحكمة حضورياَ على المتهم بالسجن ثلاث سنوات.

يرفع إياد رأسه بالحمد وهو يري الحكم أخف كثيراَ مما توقع..
بينما كتمت خديجة دموعها وهي تعود إليه قائلة بانفعال :
_ما أسرع ما ستمر المدة يا ابني! انتظرتك لسنوات لن يضيرني لو زادت قليلاً.. لعلي بعدها أعوضك.
يربت إيهاب على كتف امه وهو يبتسم لأخيه قائلاً :
_لا تخف لو افتقدتك فسأدخل إليك.. فعلتها من قبل!
يغمزه بها يذكّره ليبتسم إياد بدوره وهو يرى ربيع يتقدم منهم بملامح ودود..
هو يعرف ذاك الرجل..
زارته خديجة يوماَ معه في المشفى عندما أصيب إيهاب في حادث!
قالت له يومها انه كان زميلها في المدرسة..
تنجذب عيناه لتلك الفتاة مع العجوز..
تخلع نظارتها لتمسح عينيها كأنها تزيل بقايا دموعها فتسقط نظارتها لتنحني فتلتقطها بأنامل مرتجفة دون أن ترتديها كانما تخشى أن تبللها دموعها من جديد..
حجابها المتحفظ الساتر..أدبها الواضح..
هل بقيت فتيات بهذا الطراز في هذا الزمان؟!
يقولها لنفسه وهو يتذكر اأنها هي الأخرى كانت موجودة ذاك اليوم في المشفى بل هي من اخبرت خديجة بمرض العجوز..
ما الصلة القريبة التي تجعلهما يتواجدان اليوم؟!

يتوارى السؤال الأخير في ذهنه وهو يميز حمرة الخجل القانية التي خضبت وجه الفتاة ولا يجد داعياَ لها..
لعله ليس خجلاً.. لعلها فقط..

تنقطع أفكاره عندما ترفع هبة عينيها إليه في نظرة خاطفة لم تستغرق سوي ثانية فتشيح بوجهها في رد فعل مبالغ فيه كأنها فعلت جرماَ!
ربما هذا ما جعله ينتبه لرجفة يديها اللتين تشبكهما وصدرها يعلو ويهبط في انفعال..
لولا أنه يوقن انها لا تعرفه لظن أنها.. متأثرة لأجله!
لا يدري لماذا تركزت نظراته عليها بفضول بينما ترتدي نظارتها أخيراً لتغادر..
فتلتصق بعينيه صورة لعينين طيبتين خجولتين غامضتين تخفيان الكثير خلف زجاج نظارة سميك.
=======









*أخضر*
========
_أهلاً بكم أعزائي المشاهدين مع الحلقة الأولى من برنامجنا الجديد.. (عشها بلذّة.. مع عزة).

تقولها عزة بثقة شعت من داخلها لتمنح وجهها بريقاً خاصاَ توهج أمام الكاميرات وهي تستعرض (اللوجو) الجديد لبرنامجها..
بلونه الأخضر الذي تحبه لكن بتصميم جديد وبصورة جديدة لها..
وشاحها الأخضر الذي اعتادت ارتداءه عاد يزين كتفيها إنما بروح مختلفة هذه المرة..

_هذه المرة ليست فقط حلقة جديدة في برنامج جديد في قناة جديدة.. لكنها خطوتي الاولى لتجاوز أخطاء كثيرة فعلتها في الماضي.. يعني.. دعونا نقول إنها بداية جديدة في كل شيء.. معنا اليوم فقرات كثيرة لكن قبل ان نتلقى اتصالاتكم دعونا نبدأ ب.. هذا!

ضحكتها الرائقة تبدو صديقة للكاميرا وهي تتلقى شارات الاستحسان من فريق العمل خلف الكواليس فتزداد ثقتها وهي تبدأ البرنامج بالإعلان عن منتجها الجديد الذي نالت براءة اختراعه..
مشروب طبيعي للتخسيس.. بدأت في الإعلان عن مكوناته ومميزاته والفارق بينه وبين المنتجات الحالية في السوق..

_والآن نبدأ استقبال الاتصالات..

يختلج قلبها قليلاً وهي تشعر برهبة التواصل مع الجمهور من جديد بعد انقطاع..
وبعد معاناتها السابقة..
لكن الاتصالات تتوالى مبهجة ومرحبة بعودتها فتزداد انتعاشاَ وهي تقدم وصفاتها بمهارة لا تنقصها..
توشك الحلقة علي الانتهاء والمخرج يشير لها بإبهامه في رضا...
فتتوهج عيناها بالمزيد من الفخر لتتلقى الاتصال الأخير.. :

_هو ليس سؤالاً.. هو اعتراف.. أنا فخور بك.. فخور بك جداً.

تدمع عيناها وهي تميز صوته الحبيب رغم البيانات المختصرة التي ادلى بها للكنترول.. (الف.. هاء من القاهرة)

فتأخذ نفساَ عميقاً لتقول :

_السيد (الف.. هاء) من القاهرة.. أنا الفخورة بك.. ولولاك أنت ما كنت أنا هنا الآن!

يشير لها المخرج باستفهام ضاحك من خلف الكاميرات فتضحك بخجل.. لتردف مواجهة الكاميرا كأنها تراه هو خلفها :
_لا أعرف إن كان مناسباً أن أقولها الآن لكنني اشعر انني تأخرت في قولها كثيراً..
ثم تصمت لحظة لتقولها كما تشبهها الآن قوية.. دافئة.. حاسمة دون تردد :
_أحبك يا إيهاب.

تتلاشى صورة المخرج والكاميرات أمامها.. فلا تعود ترى سوى صورته هو..
صورة لم تعد تبالي بأناقتها او وسامتها..
بقدر ما يعنيها انها له هو..

_أحبك كما أنت.. بكل الميزات التي استطاع قلبي أن يحصيها.. وبكل العيوب التي أصر عقلي على الاعتراف بها.. أحبك وأنا أثق ألا أحد قادر علي ملء هذا الفراغ بين ضلوعي إلا أنت.. أحبك ولا يعنيني أن يسمعها غيرك.. لكن لعلي أقولها لك الآن في موضع كهذا لأنني أدين لك بفضل.. واعتذار..

لا يصلها رد لكنها تردف وهي تثق انه يسمعها :
_شكراً لأنك لم تمل من انتظار جنيتك كي تمنحك السكينة.. وآسفة لأنني تأخرت كثيراً في اللحاق بالقطار الوحيد الذي أثق انه سيوصلني لوجهتي.. أنت..

_إيهاب..

تقولها بحذر فلا يصلها رد لكنها تستجمع شجاعتها لتواجه الكاميرا مردفة :
_تتزوجني؟!

ينقطع الاتصال فتشعر بالحرج وهي تخرج أخيراَ من فورة مشاعرها لتصطدم بنظرات المخرج بين حرج وضيق..
ولمزات العاملين خلف الكاميرات فتشحب ملامحها وهي تشعر أنها أفسدت أول حلقات البرنامج بتهورها..
هل خدعها منهج (الفاجومي) هذه المرة؟!

لكنها تطلق صيحة خافتة وهي تراه يظهر أمامها!
يبدو وكأنه يستأذن المخرج الذي يضحك وهو يشير له بالدخول في الكادر فيندفع نحوها ليتناول كفيها في راحتيه فتسأله بتعجب :
_كيف وصلت بهذه السرعة؟!
_كنت.. أنتظرك.
عبارته تبدو مزدوجة المعنى فقد كان حقاَ خارج المبنى ينتظرها كي يفاجئها باحتفال بهذه الحلقة.. لكنها هي من فاجأته هذه المرة!


_والآن ماذا يفترض بي أن أرد على عرضك الكريم؟! أقول مثلاَ (فاجئتني! أعطني فرصة ان أفكر!)؟!

يقولها بمرحه الجذاب فتمتزج ضحكتها الخجلى بضحكته الواثقة وهو يقبل كفها قائلاً بحروف تقطر عشقاَ :
_شكراً لأنك دوماَ تدخرين لي أجمل مما أتمنى.. شكراً لأنك رددتِ إليّ روحي.
=======

كالقارب الورقي في يد طفل..
فُقدت لديكِ إرادتي!
ما عدت اعرف فاصلاً في هواكِ
ما بين عقلي وحماقتي!
لكن قلبي لازال يدرك أنني
وجدت معك سعادتي..
وبأن عرائس الأحلام بعدك
لن تفارق جنتي..

========
_من هنا كانت البداية.. لهذا كان يجب أن نقيم حفل زفافنا هنا.

تقولها عزة بعمق عاطفتها التي ما عادت تعرف ترددا وهي تجلس جواره في منصة عرس شديدة البساطة في القاعة الداخلية للمطعم الذي اعتادا اللقاء فيه..
فيبتسم وهو يشعر أنه يكاد يطير فرحاَ هذه المرة..
شتان بين هذا الحفل.. وسابقه!
هذا الحفل البسيط الذي اقتصر حضوره من ناحيته على خديجة وإياد الذي نال تصريحاً من السجن بالخروج استثنائياَ لحضور زفاف أخيه.. ومن ناحيتها هي علي هيام وأولادها وراغب ورؤى!
فقط!
وكأن كليهما صار زاهداً في المزيد من الشهرة والأضواء مكتفياً بصاحبه عمن سواه!

_مبروك.

يقولها إياد بعاطفة حقيقية صفت من شوائب الماضي وكيف لا؟!
وفي كل مرة يوسوس له شيطانه بما فعل إيهاب في الماضي يعود ليتذكر سيل اعترافاته على شرائط التسجيل فيدرك أنه طوال هذا العمر كان يتعذب مثله!
ربما كان هو الآخر أنانياً!
الآن فقط يفكر انه لو كان أحب ورد حقاِ لرضي لها بما رضي أخوه أن تعيش أيامها القليلة مع الرجل الذي اختارته!

يقف إيهاب ليعانقه فتبتسم خديجة من قلبها وهي تضمهما معاَ لصدرها..
لأول مرة تشعر أنها تسير في الاتجاه الصحيح.. وأن الوقت المناسب لإصلاح الخطإ لا يفوت أبداَ!

_هنأكما الله وجعلها زيجة العمر كله.

تقولها هيام بصوت مرتجف انكسر جبروته وهي تتقدم منهما شاعرة بالخزي من إيهاب وعائلته بعد فعلتها القديمة..
لكن إيهاب يبتسم لها بتسامح وهو يرد تهنئتها..
تعانق عزة بذراعها السليم لتهمس في أذنها بعاطفة صادقة وإن كانت ضلت طريقها يوماَ :
_أخيراً عشت ورأيتك سعيدة في كنف رجل يحبك وتحبينه!

تبتسم لها عزة وهي تقبل رأسها بينما يتقدم راغب ليصافح إيهاب في موقف غريب لولا أن كليهما يعرف حقيقة الماضي..
راغب الذي أصر أن يتصدر المشهد هذه المرة كي يعرف نسباء عزة أن لها من يدافع عن حقوقها وأنها ليست وحدها!

تنساب الموسيقا الناعمة حولهم فيدعوها إيهاب لرقصة تشبه رقصتهما ليلة زفافهما الأول..
لكن الفارق أن كليهما الآن كان يتشبث بصاحبه تشبثه بالحياة نفسها..
العيون تمنح من الوعود ما يساوي ألف عمر..
والشفاه الصامتة تكتفي بابتسامات الرضا..
والقلوب التي طالما كانت موصدة على ما فيها الآن تنفتح كل نوافذها لتعانق نسيم ليل منعش..
تنتهي الرقصة فيحملها ليدور بها عدة دورات كما كان في ليلة زفافهما الأولى لكنها هذه المرة تملك ما يكفيهما من الثقة لتستسلم له آمنة حتى يستقر بها على الأرض الصلبة من جديد!
=======




بيت جديد يضمهما لهما وحدهما اختارا معاَ كل شيء فيه..
وهذه الغرفة بالذات التي اختارها هو لها بتصميم عصري حديث يناسب ذوقها مع لمحات من اللون الأخضر أضفت بهجة أحبتها هي.. وأحبها هو لأجلها..

ينزع عنها حجابها برفق ليحل شعرها من رابطته تتخلله أنامله برفق ليقرب وجهها منه فتشيح بوجهها في خجل لكنه يهتف بمرح ليتجاوز بها الخجل كالمعتاد :
_لا يا حبيبتي.. ليس هذا وقت خجل وتمنع إطلاقاً! انا رجل سمعتي على المحك من المرة الأولى ولابد ان اتصرف! تهون عليكِ سمعتي؟!
تنفلت منها ضحكة عالية تذيب المزيد من السدود بينهما فيعاود تقريب وجهها منه هامساَ بجدية تامة هذه المرة وبابتسامة ناقضت دمعة حقيقية في عينيه :
_أظنني الرجل الوحيد في هذا العالم العاجز عن مغازلة امرأته.. كلما أردت أن أصف صورتك في عيني أجدني لا أجد وصفاً..ربما لأنك الأصل الذي يُقاس عليه أي تقليد.. الهواء الذي لا تحتاج كثير كلام لتصف كم تحتاجه كفاك أنك تختنق دونه.. وربما لأنني سلمت منذ عهد طويل أنك رفيقة الطريق.. المرأة الواحدة والوحيدة.. حواء التي خلقت لي وحدي.

فتبتسم وذراعاها يحيطان بعنقه هامسة بحرية انطلق معها بوحها :
_وأظنني الأنثى الوحيدة في هذا العالم الغنية عن غزل تقليدي.. كفاني أنظر لعينيك فأدرك أن اول دقات قلبك عندي وآخرها عندي.

يلصق جبينه بجبينها بهمهمة راضية وشفتاه تدللان ملامحها الحبيبة بما يليق..
لكنها تبعده برفق هامسة :
_أريد أن أتزين لك أولاً.

تلتمع عيناه بوهج خطير وهو يشعر بكلماتها البسيطة ترمم شرخاَ كبيراً طالما اتسع بينهما..
ابتسامة راضية تولد على شفتيه وهو يقبل جبينها ليغمزها هامساَ :
_أبهريني!
تضحك بخجل وهي تبتعد لتبدل ثيابها في الحمام القريب فيفعل المثل..
تحين منه نظرة لساقه الاصطناعية فيرتجف قلبه ببقايا من الهاجس القديم..
لكنه يتجاوزها بثقة رجل أدرك بالطريقة الصعبة كيف يكون كمال الرجولة الحقيقي..
وكيف تكون العاهة الحقيقية في الروح لا في الجسد!

يشعر بعطرها يداعب حواسه فيلتفت لتغيم عيناه بنظرة طالما اشتاقتها في عينيه هو بالذات..
يقترب أكثر لتعانق عيناه شكلها في قميصها الفستقي الذي احتضن جسدها بنعومة..
والذي طالما حلم أن ترتديه له هو!

كفاه يعانقان خصرها وهو يهمس لها بمكر امتزج بمرحه المعهود :
_ادخرت الكثير من الاعترافات (قليلة الأدب) لليلة كهذه.. لكن.. لا شيء بلا ثمن..
ثم يردف بغمزة لذيذة :
_قلت لك (في الابتزاز معنديش عزاز)!

تخفي ضحكتها في كتفه وهي تشعر بدوار مشاعرها في هذه اللحظة يدوخها بمذاق مسكر..
تتذكر أحلام يقظتها التي بقي هو رغم كل شيء بطلها الوحيد..
يكاد خجلها يذيبها لكنها تتذكر أنها مدينة له ب.. الحرية!
حرية أفعالها قبل أقوالها!
لهذا تطلق عاطفتها حرة في عطاء سخي ألهب حواسه وجعله يهمس لها بمزيج مرحه الماكر :
_حسناَ.. قبلنا اول دفعة! اسمعي يا ستي..

_أحب (ستي) هذه عندما تقولها أنت بالذات.. أشعر أنني صديقتك وحبيبتك وابنتك.
تهمس بها بالمزيد من العفوية اللذيذة فيضحك وهو يقرص وجنتها بخفة هامساَ :
_من فضلك التزمي ب(الدور).. إنه دور اعترافاتي انا!

تضحك وهي تعانق وجنتيه براحتيها فيتنهد ليهمس بحرارة :
_الاعتراف الأول.. لا أحب اللون الأخضر..
تطلق شهقة متفاجئة وهي تبتعد عنه بجسدها لكنه يعاود ضمها إليه مردفاً بعاطفة ذائبة :
_إلا عندما ترتدينه أنتِ! يبدو لي ساعتها كجنة تفتح ذراعيها وتتحداني أن أقاوم سحرها.

تتعالى خفقاتها بين عاطفة هادرة وفرحة حقيقية وهي تشعر حقاً كم كانت غبية!!
كيف ظنت يوماً أنه زاهد فيها؟!
كيف وهي تشعر الآن بحرارة عاطفته تكاد تلهبها مكانها!!

لكنها تجاوزت خجلها لتسأله بابتسامة متراقصة :
_والثاني..

يبتسم وهو يدفعها نحو مرآة الغرفة فيدير ظهرها لها.. يحضر لها مرآة أخرى صغيرة يضعها امام عينيها كي تتمكن من رؤية ظهرها بوضوح..
ترمقه بنظرة متعجبة فيشير نحو شامة بعينها في منتصف ظهرها تكاد تكون في موضع القلب تماماَ..
هذه التي أشار نحوها ليقول كمن اكتشف سراَ حربياَ :
_أي حرف هذا؟!

تتعجب سؤاله بل وتتعجب انها لم تنتبه لهذه الشامة في جسدها من قبل.. ربما لمكانها الغريب..
تقرب المرآة أكثر لتتسع عيناها وهي ترى ما أراد هو ان يجعلها تراه..
هل تتحول الشامة حقاَ في عينيها لشكل أول حروف اسمه بالإنجليزية؟!

_عندما رأيتها اول مرة تشبه أول حروف اسمي قرب قلبك تماماَ استبشرت أنك حقاً لي مهما طال فراقنا.. لهذا كنت أحب أن أترك عليها أثر شفتي لعلهما توصلان قلبي لقلبك.

يقرن قوله بفعله مع عناق دافئ يصهرهما معاَ حد الذوبان..
ليلة طويلة يقصرها لقاء عاشقين تخبطت دروبهما كثيراً حتى التقت في النهاية..
المزيد من الاعترافات التي طالما حلمت بمثلها فأتتها بأجمل مما تمنت..
والمزيد من عطايا عشقها التي طالما بخلت بها والآن تنهمر حوله كشموس صغيرة تفلتت من مجراتها لتسقط بين كفيه..
(الأخضر) الذي طالما ترنح بين جنون الأصفر وجُبن الأزرق..
الآن ينتفش منتعشاَ بحيوية الأصفر وسكينة الأزرق..
لتتحقق نبوءة.. وحلماَ.. وواقعاَ أجمل..
عاشق.. وجنية تمنحه السكينة.
=======


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-22, 01:54 AM   #3768

شيرين الفاتح

? العضوٌ??? » 473676
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 72
?  نُقآطِيْ » شيرين الفاتح is on a distinguished road
افتراضي

فصل راااااايق رايق.. جميل وحنين كده يطبطب ع القلب.. حبيبتي الجميله نرمين.. تسلم ايدك وتعبك 💗💋

شيرين الفاتح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-22, 01:57 AM   #3769

rasha shourub

? العضوٌ??? » 267348
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,873
?  نُقآطِيْ » rasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond repute
افتراضي

ايه الجمال ده كله يا نيرمين فعلا ابداع كل الثنائيات رائعة . ابن المجرم شكله هيطلع مجرم زيه . هيام وصفحة جديدة مع اختها ايهاب وجنيته اخيرا معا لقد هرمنا لهذه اللحظة . يسرا واتاحتها الفرصة لهبة انها ترى ايهاب . تسلم ايدك على الابداع

rasha shourub غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-22, 02:03 AM   #3770

ايمان ربيع

? العضوٌ??? » 490550
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 52
?  نُقآطِيْ » ايمان ربيع is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك على جمال الختام برائحة المسك

ايمان ربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:03 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.