آخر 10 مشاركات
دموع أسقطت حصون القصور "مكتملة" ... (الكاتـب : فيرونا العاشقه - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          قساوة الحب - أروع القصص والمغامرات** (الكاتـب : فرح - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          عاشق ليل لا ينتهى *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : malksaif - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          وَجْدّ (1) *مميزة** مكتملة* ... سلسة رُوحْ البَتلَاتْ (الكاتـب : البَتلَاتْ الموءوُدة - )           »          485 - قلب يحتضن الجراح - كارا كولتر ( عدد جديد ) (الكاتـب : Breathless - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          5 - الرجل السراب - جانيت ديلي - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : gasmin - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > قسم ارشيف الروايات المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-12-17, 10:08 AM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 علمني كيف أعيش القصص/ للكاتبة أوميت.






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية
علمني كيف أعيش القصص
للكاتبة أوميت.




قراءة ممتعة للجميع۔۔۔۔۔۔






التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-12-17 الساعة 11:28 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 10:09 AM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أقدم لكم

روايتي الأولى بعنوان

علمني كيف أعيش القصص.






التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-12-17 الساعة 11:29 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 10:21 AM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء الأول

.
.

تحكي بصوت حالم: لقد أصلح ربطة عنقه أو الأفيونكة منذ جلوسه تسعة عشر مرة، عشرون إذا حسبنا المرة التي حاول إصلاحها وقاطعه أبي، ومسح شعره ثمان مرات، وازدرد ريقه أكثر مما يمكنني إحصاؤه.
وسيم؟ نعم، أوسم رجل رأيته أو حتى تخيلته في أجمح خيالاتي، لا يمكن وصفه، خارج المعتاد، غريب .. وكم كنت أحب الغرابة!
فلوه : عميمه، امي تقول انك كذابه!
ممكن ما تقاطعيني؟
فلوه : طيب خلاص
كان حقيقه، وأمك غيورة وعميا بصر وبصيرة، انتبهي لا تلحقينها!
تغيرت جلسة عمتي وتحركت بعدم ارتياح، تعكر مزاجها من مقاطعة أختي، واختارت الصمت، حثثتها على الاكمال: معليك منها عميمه كملي
صدّت بوجهها عني وأطبقت شفتاها، وانعكس الغضب على وجنتيها اللاتي اصطبغن سريعًا باللون الأحمر
جاءت أمي وصرخت بنا: امشي انتي وياها
نهضنا مسرعتان أنا وأختي، قبلنا رأس عمتي وحملنا أغراضنا المبعثرة بفوضوية في الغرفة ولحقنا أمي.
قبضت أمي على ذراعي وعصرتها بقوة، فحبست ألمي وأنا ابحلق بهلع في عيني أمي الغاضبة، أمي: أنا ما قلت لك لا تجلسين تسمعين لخرافاتها؟ وساحبه فلوه معاك تبينها تشبع من الهلوسه؟ ما تتوبين انتي الا بالتأديب
ركبنا السيارة، وما كان مني إلا أني دعيت بكل دعاء يقيني تأديب أمي الليلة، ولكن يبدو أن صبر أمي اقصر من أن تنتظر وصولنا للمنزل، فصبت جم غضبها في السيارة، وجهت أمي حديثه لأبي: علم نازك ما تكلم أختك أو تجلس معها لأني تعبت منها
التفت والدي وبصوت ضعيف: لا تجلسين مع عمتك ولا تكلمينها
جحظت عينا أمي وتمتمت بغضب: هذا اللي قدرت عليه صح؟ الشرهه علي
فما كان من أبي إلا أن أطلق زفير وابتسامة تضامن لي، بدوري ربّت على كتفه.

الكثير من القصص والكثير من الهلوسة كما تصفها أمي، ولكن الشخص واحد.. ذو الشعر الذهبي!
والغريب أن عمتي تحكي القصص بالأعداد ولا تغفل عنها، فهناك عدد المرات التي شرب فيها كأس الماء، وأحيانًا أخرى عدد المرات التي ضحك فيها. وأعدادها دقيقة جدًا.
أحب أن أصدق قصصها، أحب أن أدعي أنها حقيقية وأن عمتي ليست مجنونة وكل ما تقوله قد حصل.. ولكن كل مره تبتلع فيها كبسولة من علاجاتها أتراجع عن كلامي، وكل مرة تخاطب نفسها وتضحك تسقط كل القصص.
ترجلنا من السيارة وعدوت مسرعة للدفتر الذي أدون فيه قصص عمتي، كتبت كل ما قالته وأنا ألهث، خفت أن انسى أصغر التفاصيل، لم تعيد عمتي أي من قصصها أبدًا، فالقصة الواحدة لا تقولها مرتان، جزء مني يشعر بحاجة ملحة لتدوين ما تقول، أشعر أن بالنهاية ستتضح الصورة لي، فما يدريني ربما بعد عشرة أعوام قد تصبح قصصها مفهومة.
: نازك تعالي تعشي
جلست على المائدة ورائحة الخضار المسلوقة تقتحم أنفي بعنوة، وصوت المذياع في الخلف أخبار لا يمكن لفتاة ذات العشر أعوام أن تفهمها، صهاينة، أمريكا، الأجنحة، أجنحة طيور؟ ممكن!
وهكذا تجلس عائلتي كل ليلة، أبي برقته، وأمي بغضبها على كل شيء واللاشيء، وفلوة تمص إبهامها كالعادة، وأنا ..
نازك


سماني أبي تيمًا بالشاعرة العراقية نازك الملائكة، يحكي أبي عن الورقة التي وجدها في الطريق للمستشفى، كان الهواء يتحكم بها ويحركها حول أبي، لحق بها بين الأحياء ناسيًا ولادة زوجته.. أو ربما متناسيًا!
ورقة صفراء ممزقة أطرافها كتب فيها ( في صدري الخفّاق قلب راعش ما زال صبا بالمفاتن مغرما ) وذُيلت الورقة باسم الشاعرة نازك الملائكة.
يقول أبي أنه لم يعرف من هي، ولكن طول طريقه للمستشفى وهو يفكر بها، وما أن قالوا له أنه رزق بصبية ارتعش قلبه وعصر الورقة بيده وقال الاسم الذي انتشر في المستشفى أسرع مما كان يظن، فمن كان يظن أن البدوي سليم سيسمي مولودته الأولى باسم كهذا؟ حتى وصل الاسم لمسامع أمي التي صرخت ولعنت والدي كثيرًا مما جعل أبي يتمسك بالاسم كما تمسك بالورقة الممزقة.

كان أبي قد اهتم بالأدب بعد مجيء صديقه الأردني (كمال) الذي جاء مع عائلته إلى القرية حاملاً كتب لا تعد ولا تحصى بحسب وصف أبي، علّم أبي القراءة مع مجموعة من ابناء القرية، وأعجب بفطانة أبي وسرعة تلقيه، فشاركه القصص والشعر وأصبحوا أصدقاء غارقين في الأوراق، لم يكن أبي قارئًا جيد، ولكن مستمع ممتاز وحافظ سريع، فما كان من صاحبه إلا أن يلقي عليه كل ما تحضنه يداه، فقرأ عليه الثلاثية لنجيب محفوظ، وغنى له بساط الريح الذي غناها أبي بدوره لأمي بلكنة بدوية أعجبتها ولكن اختارت الغضب لأنها خجلت أن تعبر بما شعرت به، عكس والدي الذي قال أنه أحب هذه الأغنية، وأعجبته تلك القصيدة، وكَرِه هذا الكتاب، ربما لهذا السبب أبي سعيد للغاية، فهو يقول ما يشعر به، عكس أمي التي حبست مشاعرها حتى خرجت منها على هيئة غضب!

استمرت علاقة أبي بصاحبه كمال حتى جاء اليوم الذي اضطروا فيه للرحيل وأخذ كل الأوراق التي سلبت قلب أبي، فاختار أبي الرحيل أيضًا، فالبادية لم تعد تحتوي شغفه بالقراءة، ولم تكن هناك قصائد تسد "جوعه" فغضب جدي غضبًا شديدًا، ونعت والدي بالطفولي والأحمق و"الحمار"!
لكن والدي انتشل أمي من الشمال واستقر بنجد تاركًا خلفه أب عجوز وأخت شقية.

قرأ أبي ما رغب بقراءته، وكانت الكتب على كثرتها وشمولها لم تشبع أبي بل ازداد شراهة، فأهمل أمي وكان ينام مع كتبه ويحضنها أكثر مما حضن أمي، حتى حملت بي بعد خمس سنوات من الزواج. وأنجبتني وحيدة في المستشفى لأنه كان مشغولاً باللحاق بورقة ممزقة بدلاً من لملمة خوفها وألمها.
فكبرت وأهداني أبي ورقة وقلم، وقال لي: انا قريت، وانتي بتكتبين ان شاء الله .



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 10:29 AM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الجزء الثاني بعنوان
"وجها العملة"






لا أعلم متى حدث هذا ولكنني استيقظت يومًا ووجدت أن جسدي قد تغير!

فذراعاي أصبحا أطول وأكثر خشونة، وإن أمعنت النظر وجدت شعيرات أشبه بالهدب تملأ ذراعي، وصوتي فيه نغمة غريبة لم أعتدها .. كذلك أمور أخجل منها، جعلتني أحني كتفاي للأمام عندما ينظر إلي أحد.

ومما زاد الطين بلّة هو فلوه عندما أطلقت ملاحظة أمام أبي قائلة: ليه يدك فيها شعر
وبكل سذاجة مررت يدها على ذراعي، فضربتها غاضبة ووجهي يذوب من الخجل، لم أقوَ أن أرفع رأسي لأرى أبي ولكن شعرت به يبحلق بي، فنهضت هاربة من الموقف الذي أرغمتني فلوه بالمرور به.

كنت أتمنى أن الملاحظات لا تقتصر إلا على فلوه، ولكن يبدو لي أن الجميع قد لاحظ! خصوصًا النساء اللاتي أشرن على أمي أنني كبرت وحجمي حجم "امرأة" ويجب أن ارتدي الحجاب.

فاليوم اجتمعنا في منزل جارتنا التي استضافت سيدة جاءت حديثًا من الشمال، تدعى (أم الوليد) كانت سيدة بمنتصف العمر، أكبر من أمي سنًا وأكثر أناقةً، كانت أعين النساء تدور حول ملابسها، كان يتضح عليها الثراء، ليس فقط الثراء بل كانت كما يصفون (حضريه)!

أم الوليد: لما قال لي زوجي اننا بنجي للرياض انبسطت لكن للاسف بيتنا ما خلص، مضطرين نسكن هنا

قالت أم سعد التي امتلأت غيرة: وليه يا وخيتي مضطرين؟ وش زين هالحاره شرحه وبيوتها شماليه
فغر فم أم الوليد وعرفت أنها لم تفهم ما تقوله أم سعد التي عبس وجهها فجأة، فجلست بجانبها وهمست: تقصد إن الحاره وسيعه ولطيفه وهواء النسيم يدخلها

نظرت إلي وابتسمت أجمل ابتسامه رأيتها، فكنت أظن سابقًا أن أحمر الشفاه الذي تلطخه النساء في حارتنا يجعل الأسنان صفراء، ولكن بالعكس فأسنانها بدت لي كحبات لؤلؤ مرتصة بجانب بعضها وتلمع بجاذبية لم تسبقها بها النساء.

كنت أمر بمرحلة غريبة، أتأرجح بين الطفولة والنضج، لا الأطفال يقبلوا أن ألعب معهم، ولا النساء يرنّني. حتى جاءت أم الوليد، التي أجلستني بجانبها معظم الوقت وخاطبتني كثيرًا

أم الوليد: تروحين للمدرسه؟

نازك: ايه، انا اللحين باولى متوسط

أم الوليد: ما شاء الله –سكتت قليلاً ثم قالت مترددة- يا ليت عندي بنت عارفه؟

لمحت أمي تغمز لي أن انهض ولكني التصقت بأم الوليد وتظاهرت أنني لا أراها: كلهم أولاد؟

أم الوليد بابتسامة: ايه ثلاث شباب –قالت بتنهيدة- اقصد أربعة

لم يفتني أنها اخطأت عدد ابناءها، أعني من قد ينسى ابنًا له؟ فاستنتجت أنها قد تكون غاضبة منه أو بعيدة عنه!

أم سعد بنقمة: تركتي جلسة الحريم وطقيتيها سوالف مع الورعه هه

أم الوليد بحذر: جلستكم حلوه وما ينمل منها، بس مضطرة امشي

نهضت مسرعه والتقطت عباءتها وأم سعد تردد: مضطره مضطرين اضطروا عايلة الاضطراطيه.
واطلقت ضحكة طويلة على نكتتها السمجه، فما كان من النساء إلا النظر لبعضهن بخجل من أسلوب أم سعد الذي أنفر أم الوليد، التي وإن انكرن رغبن بكسب احترامها.

جاء محمد ابن جارتنا الصغير وهو يلعق أصابعه: الحرمه الجديده تقول تبيك

فنظرت خلف محمد ووجدت أم الوليد تشير بيدها لي، ركضت لها وفي نصف الطريق تذكرت حجمي الذي ازداد مؤخرًا فمرّت صورتي في مخيلتي وأنا أركض وخففت السرعة حتى وصلت لها: ايوه ناديتيني

أم الوليد: ما عرفت اسمك

قلت بسرعه وفرح: نازك أنا نازك

أم الوليد بانبهار وتعجب لاسم بنت بدويه: نازك؟ الله ما أجمله!

قبلتني على خدي تاركه أثر أحمر الشفاه في خدي ولوحت بيدها مودعة وغادرت وأنا في مكاني بشعور أغرب من التغيرات التي حصلت لي.

هذه المرأة كانت مختلفة، شيءٌ ما يتعلق بها جعلها امرأة استثنائية، ما أكثر النساء اللاتي جئنا من كل مكان لحينا، لكن كنت متأكدة أنها ليست كالبقية، ولست أتحدث عن عقد اللؤلؤ الذي ترتديه والذي يبدو باهظ الثمن، ولا الخاتم الذي يلمع في خنصرها، كانت أكثر من شكل خارجي.

لا أخفي رغبتي أن أصبح مثلها، فبعد عودتنا للمنزل وعلى العشاء وجدت نفسي أكرر كلمتها بشكل مخيف
نازك: ابوي انا مضطره اغيب بكره عن المدرسه

أبي: ليه؟

نازك: مو مضطره اني اداوم

ألقت أمي الملعقة في وجهي فأطلقت صرخه: ايش هذا!! شفيك يمه!

أمي بنظرة حانقة: تكلمي زين

حينها استوعبت أن أمي وقعت بالغيرة أيضًا: ما فهمت ايش تقصدين؟ ايه صح ابوي اليوم شفنا جارتنا الجديده

أشارت أمي بملعقة أخرى فاخترت السكوت، ولكن أبي حثني على الحديث: عزمتوها ولا؟ ودي اعزم زوجها شوفوا يوم يناسبكم

ولكن أمي قامت من المائدة بغضب وذهبت للمطبخ واغلقت الباب خلفها، فزفر أبي بقلة حيلة، لكثرة غضب أمي بحاجه وبدون حاجه، سألني: صار شيء اليوم؟ قلت شيء غلط؟

نازك: لا .. بس يعني .. مدري مدري

ونهضت أنا ايضًا وهربت لغرفتي، فعادت أمي عندما تأكدت من عدم وجودي، وقالت: لا تعزمهم

أبي: بكل بساطه! ليه طيب؟

أمي: بلاك ما شفت اللي شفته اليوم، هذولا ناس فوق فوق

أبي بصبر، واحنا وين؟ بالقاع؟

أمي: انت مو فاهم، بيتنا موب من مقامهم، هذي يا دوب جلست معنا اليوم على سفرة سلطانه، يا تعففت من ذا يا تحلطمت على ذا حتى الاكل ما مدت يدها عليه يا كافي!

أبي: معليه، نقوم حنا بالواجب ونعزمهم وبعدين ما تدرين عن الناس يمكن محتميه عن الاكل يمكن تعبانه، التمسي العذر

بحلقت أمي بوجه أبي بغضب وتمتمت: هذي والله النشبه

لكن أبي اختار التجاهل وعاد لقراءة كتابه ويده الأخرى تضرب بالملعقة صحن الشوربه بعشوائية دون أن ينظر، فقربت أمي الصحن منه: ناظر وين تاكل واحترم عيشة ربي لا يحرمنا منها !







الوجه الآخر من العملة*


الرياض!

كم من قصة سمعتها عنها، كم من شخص حلم بالعيش فيها، كنت أعقد أحلامًا كثيرة سأحققها على أرضها، ولكن صابتني الخيبة أول ما وقعت قدمي أمام الحارة التي سنسكنها، بيوت صغيرة ومتهالكة واطفال أكثر من حبات الرمل ينتشرون في المكان، ورائحة سجائر رديئة، وعلب مشروبات غازية تدحرجها الرياح.

كانت جيوبي الأنفية قد امتلأت سلفًا بعدد لا يستهان به من البكتيريا والفيروسات، فخلعت القبعة التي ارتديتها ووضعتها على أنفي، ووجدت أعين الصغار تحوم حولي وهمسات حملها الهواء لي : شف شعره، شكله لبناني!

لبناني هه!


كان المنزل لا بأس به، أثاث أنيق ولكن جدران مهترئ بعض الشيء، اختارت عمتي الأثاث بعناية بالرغم من أن مكوثنا هنا لن يطول، فكان كل شيء ينطق بالفخامة والرقي، كما اعتدنا عليه.

وضعنا أمتعتنا في المنزل وانتشرنا نستكشف المكان بفضول، غرفتي في الطابق العلوي، لا يوجد فيها إلا نافذة واحدة يقابلها جدران يحجب عني الرؤية، وأنا الذي حلمي إطلالة على الشمس! لكن لا بأس .. فالمكوث هنا لن يطول.

وجدت أن غرف ابناء عمي أحجامها أكبر وإطلالات أهون من الجدار الذي ابتليت به، شعرت بأن عمتي تعمدت أن تختار لي اسوأ غرفة ولكن نفضت هذه الفكرة سريعًا، ونزلت للدور الأرضي لأساعد الجميع بالترتيب.

كان هناك الوليد وعمي يحركان طاولة الطعام فتساءلت: ليش حركتوها؟ مكانها كان مضبوط

الوليد: المادموزيل تبيها بالعرض مو بالطول

أبو الوليد وتنفسه يضيق: آسر ساعد وليد بالطاولة ظهري انكسر!

فحملت الطاولة مع الوليد وحركناها كما أرادت عمتي، وأكملنا حمل الأمتعة للغرف، ثم جاء الليل والكل رمى بجسده المرهق على الأسرة ونام، إلا أنا وجدتها فرصة لترتيب غرفتي كما اشاء، فوضعت كتبي في المكتب الخشبي، وحملت الكراسات وأدوات الرسم وأعدت صفها كما كانت في غرفتي في الشمال، حاولت أن أخلق جوًا يشبه الجو اذي اعتدت عليه ولكن الجدار يقفز في رأسي ويعكر مزاجي، فوقفت أمام النافذة أفكر بحل ولمحت ضوء خلف الجدار، رفعت عنقي لفوق محاولاً استراق النظر ومعرفة سر هذا الضوء.

سحبت كرسي المكتب ووضعته أمام النافذة وكنت على وشك أن أصعد فوقه حتى سمعت طرقات متكررة على الباب أفزعتني، فقلت: ادخل

دخل عمي بعين نصف مغلقة وشعر منكوش: شتسوي؟ ليه ما نمت؟

لم أملك إجابة منطقية، فقلت بتردد: ما حسيت بالوقت، اللحين بنام

ألقيت بجسدي على السرير ودثرت نفسي باللحاف، سمعت صوت غلق الباب، كنت سأنهض لولا أن دفء السرير ملأني بالنعاس فجأة، ولأني لم أستوعب مدى إرهاقي وتعبي إلا هذه اللحظة، فنمت وأنا أؤجل استكشاف الضوء لغد.






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 11:53 PM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 09-01-18, 11:28 PM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الجزء الثالث بعنوان
"مائدة ترقب"












استيقظت اليوم على صراخ وضجيج قادم من المطبخ، صوت أمي تؤنب أبي على شيء لم أفهمه، دخلت المطبخ وألقيت التحية على أبي الذي كان يضع راحة كفيه على وجهه ويتنفس ببطء.
لطالما شعرت أن أمي ستقتل أبي يومًا ما .. آمل لا!!


أبي: خلاص انتهى الموضوع

وحمل نفسه بثقل وخرج من الغرفة، فهمست لأمي: ايش صاير؟ شفيه ابوي؟
ضربت أمي الصحون بعضها ببعض وألقت بالملاعق والسكاكين وقالت: عزم جيرانا الليله، انا قايله له لا تعزمهم بس ما يفـ....

وأكملت تذمر ولكن عقلي طار في رأسي، جيراننا؟ هذا يعني أن أم الوليد (السيدة الجميلة) ستأتي؟ اقتربت من أمي ببطء وأنا اسحب أكبر قدرًا من الهواء لصدري، وقلت: يمه عادي احط من الحُمره حقتك الليله

نظرت إلى وأقسم أن رأسها انتفخ عشرات المرات فعلمت أنني سأصفع بالمقلاة أو ستقتلع عيوني، فاخترت الانسحاب ولحقت بي فلوه تلعق إبهامها كالعادة!



اخترت أن أبقى في غرفتي حتى تنتهي موجة غضب أمي، التي سارعت بترتيب المنزل وطهي ما يمكنها من الطعام، ووصفت أبي بجملة (يدربي راسه) لأنه قال لها: لا تكثرين طبخ الناس موب جايين من بيوتهم جوعانين

كانت هذه الجملة كفيلة بإشعال أمي التي لم تكن بحاجة لإشعال أصلاً، أنا أؤمن أنها ولدت وفي رأسها كرة نار تجعلها حانقة دائمًا ومليئة بالسلبية.

ولكن يبدو أن أبي يفهم طريقة التصرف مع أمي، فكان يتجاهل شتائمها وغضبها كأنه لا يسمعها أصلاً ويقول ما يريد ويكمل سيره حتى لو قذفته بأبشع الصفات، مما جعلني بمثل مرونة أبي، فكنت اسمع في المدرسة الكثير من النعوت والسخرية ولم أشعر يومًا بالحاجة للالتفات لها.

تذكرت هذا وأنا ارتدي الفستان الأبيض الذي أعارتني إياه ابنة خالتي، كبير وذو أكمام طويلة، ولم يكن لونه يناسبني، شعرت لوهلة أن أصوات الفتيات بالمدرسة ترن في أذني، يعايروني بلوني، وشعري الذي وصفوني به في المدرسة، فلكما مررت من جانب فصل اسمع (أم شويشه جت)!


ارتجفت أطرافي بغضب وخلعت الفستان، وارتديت آخر بلون الأزرق الغامق، لعل لون بشرتي لا يلفت الانتباه أكثر، ومشطت شعري بقسوة وكأنني أعاقب جينات أمي التي كسبتها بدل من جينات أبي ذو الشعر الناعم، استغفرت من غضبي على شكلي الذي لم أختره، وواسيت نفسي بمدح والدي لي دائمًا، وفرحتي بقدوم السيدة الجميلة.



سرحت شعر فلوة وكررت عليها التنبيهات المعتادة، لا تتحركي، لا تتكلمي، لا تتكلمي مرة أخرى للاحتياط!
فأختي مشهورة بقول الذي لا يليق بالوقت الذي لا يليق للأشخاص الذين لا يليقون، ومنذ أن بدأت بالنوم معي في نفس الغرفة وهي تسجل كل شيء أفعله وأقوله وتسرده في اليوم التالي لوالداي!


لاحقًا حاولت أن اسرق أحمر الشفاه من غرفة أمي ولكن شيئًا ما منعني، لا أدري إن كان خجلي أنني أرغب بأن أكبر، أو فكرة أنني سأسرق من أمي!









الجهة الأخرى


وحده الأحمق الذي لن يلاحظ الفرحة في وجه عمتي، التي مشطت المنزل حماسًا للذهاب لجارنا الذي دعانا لمأدبة العشاء، كانت الغربة قد مارست قسوتها على عمتي، ولو كانت فترة مكوثنا قصيرة إلا أن طبعها الاجتماعي وأسلوب حياتها السابق جعلاها تكره وجودها وحيدة وبدون مجتمع نسائي تلعب فيه دورها كالسيدة الأولى وصاحبة الذوق الرفيع.



كنت أنا وابناء عمومتي قعود على الأرائك وكلما مرّت أمهم أطلقوا تعليقًا ساخرًا وانفجروا ضحك، فكنت ابتسم واحبس ضحكتي حتى لا تغضب مني.

أم الوليد: بدال مزحكم الثقيل يا ليت تبدلون وتلبسون شي مرتب علشان شوي واحنا ماشين
قصي بسخرية: خمس دقايق بتكفينا شدعوه نلبس من اللحين؟! إلا أنت آسر يا ليت تبدا من اللحين وتمشط شعرك وتسرحه

وبدأ يمثل وكأنه فتاة تسرح شعرها فاندفعت عليه بوزني وتظاهرت أنني أخنقه، ضحكنا كثيرًا وحينما تراءى لي ظهر عمتي منصرفة قلت بهمس ساخر: على اساس بنقابل ناس تستاهل الترتيب، بدو ايش عرفهم

التفتت عمتي بعنف: ايش قلت؟؟


نهض الوليد وهو يهمس: يا ويلك!

اقتربت عمتي وانصرف الوليد يتبعه قصي وسامي بجانبي يتظاهر بعدم الانتباه.

قالت عمتي بابتسامة لاذعة: قلت لي بدو؟ وانت يا اللي جيت من قصور باريس ايش نصنفك؟

كنت أعرف بماذا ترمي فاحمر وجهي وابتلعت ردي، فأكملت بغضب: ان سمعتك تقول بدو ولا غيره ما راح تلوم الا نفسك

وألقت علي نظرة ثاقبة كأنها ارتطمت بي من شدتها، وغادرت تاركة خلفها تنهيدة انطلقت من صدر سامي الذي شعر بشرارتها وكأنها وجهت الحديث له

مد يد لي وهمس: ترا ما تقصد شي

دفعت بيده وانطلقت لغرفتي، وصفعت الباب خلفي



عشر دقائق وسمعت أبي (عمي) ينادي بالأسفل: يالله بنروح مع بعض بسرعه يا شباب
وعندما لم يسمع إجابة صعد السلم ونادى إخوتي وحين وصل إلي كنت مسبقًا قد رتبت جملة أعتذر فيها عن الحضور، وعذر مقنع يدفعني للجلوس وحدي في المنزل مع العاملة.

فتح عمي الباب وعندما رأى بجامتي وشعري يشير لكل الجهات كشر بوجهه: ليه ما لبست؟ بسرعه بنمشي اللحين

وأغلق الباب دون أن يسمع ما أردت قوله، فاخترت أن أرافقهم.


لبست قميص أبيض وربطت ربطة العنق وارتديت الكنزة الصوفية ذات اللون الأخضر ونزلت للطابق الأسفل وبيدي أحمل حذاء جلد أنيق، وبيدي الأخرى مشط!

سرحت شعري عند المرآة أمام المدخل، كان قد ازداد طوله مؤخرًا وبدأ يعجبني أكثر، فلم يكن لونه سابقًا يساعد على أية حال فقلت لما لا أطيله، مما دفع إخوتي للسخرية مني، ولكن بقرارة نفسي أعلم أنهم يغارون فحسب..








المائدة



أصلحت أمي المائدة أخيرًا وذهبت لتغير ملابسها فجلست أنا أمام السفرة وبدأت بالتدرب على الحديث وعلى المسكة الصحيحة للملعقة وفنجان الشاي، وتظاهرت أنني استمع لحديث شخص ما، اومأت برأسي قليلاً وضحكت برقة وأنا أغطي فمي بيدي، لكن قاطع طقوسي ظل يقف خلفي فالتفت بسرعة ووجدت أبي يقف مذهولاً مما رآه.

وجدت من الصعب شرح ما كنت أحاول فعله، حتى قال أبي: شتسوين؟ ما علينا الضيوف جو روحي افتحي الباب للضيفه


أطلقت ساقي للهواء ومجددًا تذكرت منظري فخففت سرعتي وأنا أردد: لا تركضين يا نازك لا تركضين.
فتحت الباب ووجدت أم الوليد تقف بطولها الفارع وعيونها قد مُطت بكحل أسود جعلني فضولية ما إن كان أحمر الشفاه لونه أحمر ليكمل ما بدأه الكحل الأسود؟

رفعت غطاء الوجه وقبلتني قبلتين، واحدة على خدي الأيمن وواحدة على خدي الأيسر فما كان مني إلا أن تذكرت قبلات نسوة الحارة التي تتصف بكثرتها وبأنفاس منقطعه!

قلت بصوت مبحوح: تفضلي حياك الله

وفعلاً دلفت المنزل بحذائها ذو الكعب، فترددت أن أطلب منها خلعه، ولكنها عادت أدراجها وسألت على استحياء: عادي ادخل بجزمتي ولا افصخها؟

نازك بسرعة: افصخيها .. لو سمحتي!


ابتسمت لي وشد انتباها شعري الذي اختار أن يعاند الجاذبية بعدما ركضت قبل قليل، فمدت يدها لتمسح عليها وسمعنا صوت أمي العالي الذي أفزعنا.

أمي: حياك الله يا هلا ومسهلا ليه يا نازك ما قلطتيها؟! ادخلي ادخلي فديتك عن البرد

ضيقت عيني بشك، فمن كان يرى أمي اليوم يكاد يجزم أنها ستقفل الأبواب دون أم الوليد.


دارت عينا أم الوليد في صالة جلوسنا، ودعوت الله في داخلي ألا تقول شيء قد ينهي مجاملة أمي، ولمحت أمي تنظر إليها بترقب وكأنها هي أيضًا تنتظر ما ستقوله.
حتى قالت أم الوليد






في مجلس الرجال

كانت غرفة صغيرة بإطار من الأرائك ذات اللون الأزرق ومزهرية ورد تزين الزاوية وطاولة خشب صغيرة يستلقي فوقها كتابان، ابتسمت ساخرًا: بدو مثقفين!

كان سليم لطيف جدًا واستقبلنا بحفاوة وخرج مسرعًا فتهامسا سامي وقصي، لكزت قصي بيدي وقلت: شفيكم؟

قال قصي بنفس الهمس: يسأل إذا عنده أولاد

فسألت بفضول: طيب عنده أولاد؟

رفع قصي أكتافه: مدري بس الظاهر لا

وكان هذا رأيي كذلك، وإلا كنا لنشاهد ابناءه.

كان عمي قد ارتدى ثوب وفوقه جاكيت يقيه البرد، وكذلك الوليد الذي بدأ يشبه عمي كثيرًا، أما أنا وقصي وسامي فاخترنا ملابس غير رسمية

عاد سليم وهو يحمل القهوة والشاي وبدأ بسكب القهوة لنا وهو يحيي بنا ويسأل عن اسماءنا ويجيب عمي نيابة عننا، خيّم بعض الصمت عندما قال عمي أنني بمثابة ابنه ولم يقل أي شيء بعده، رأيت التساؤل في وجه سليم ولكنه أخفاه بسرعة وقال بابتسامة: بتعجبكم الحاره، فيها ملعب كورة، وفيها طايره (لعبه)


أعُجبت بطريقته لتجاهل الغموض في إجابة عمي، وإن كانت الإجابة سهلة جدًا، كان من الممكن أن يقول ابن أخي. ولكن هذا سيجر معه سؤال آخر، مثلاً أين والده؟ ما الذي دفعه للبقاء معكم؟

فجأة دخل مع الباب طفلة مستديرة وبشعر قصير يشبه الصحن يلف رأسها، تمص إبهامها وفي عيناها دهشة من الغرباء في مجلس أبيها، ناداها سليم: تعالي فلوه، هذا بنتي آخر العنقود

أبو الوليد: ما شاء الله باسم الله عليها

قبلها والدي وحاول أن يسحب إبهامها ولكنها حشرته بفمها أكثر فضحكت ودارت تلك الأعين الصغيرة لي وبحلقت في وجهي باستكشاف.

أشرت لها أن تأتي لي وفعلاً اقتربت مني ومدت يدها كي اصافحها

فصافحتها وحاولت أن اقبل خدها ولكنها هربت قبل أن أصل، فاطلق الجميع ضحكات على رقبتي الممدودة في الهواء!





الترقب


أم الوليد: فنتج بس كلاسيك، شيء حلو فوق الوصف!

كانت أمي قد اتخذت وضعية الدفاع مسبقًا، وزادت الكلمات غير المفهومة الطين بلة، فقالت أمي: شتقولين انتي؟

ابتسمت أم الوليد بتفهم: الأثاث حلو أعجبني مره

تنفست أنا وأمي الصعداء، وجلسنا لنسكب لها القهوة.

كانت تتحرك بعدم الارتياح لجلوسها على الأرض، وتتظاهر بالأريحية تارة وتطلق مجاملات كثيرة وجدتها غير ضرورية، مما دفعني للانتباه لتوترها وخوفها.

كيف لإنسانة مثلها أن تخاف ألا تعجب الآخرين؟! تعجبت من هذا ورأيت أمي هي الأخرى تحاول إثارة الإعجاب باختلاق قصص وأمور لم تحصل كالورد الذي أعطاها إياه والدي في يوم زفافهما، والذي لم يحصل! والفستان الذي اشتراه له بمناسبة حملها بي كذلك لما يحصل!

بدت أمي يائسة جدًا وأحزنني هذا، لكن انتشلت نفسي بسرعه من هذه الدوامة وحاولت أن أفكر بشيء آخر، فوجدت نفسي أفكر بعمتي!

الله وحده أعلم ماذا تفعل الآن أو ماذا تثرثر به على مسامع العاملة التي تعتني بها في ظل غيابنا.


بعدما أحضرنا عمتي للرياض عاشت معنا فترة طويلة، كان حل مبدئي وقد ناسبنا جميعنا عدا أمي التي كانت تغضب من كلام عمتي وقصصها العجيبة، فحاولت إقناع والدي وأخبرته أنها ستفسدنا –أنا وفلوه- ولكن أبي تجاهلها كالمعتاد.

لاحقًا لاحظ والدي تصرفاتها فأخذ عمتي لطبيب نفسي الذي شخّص مرضها وأعطاها كبسولات تخفف من هذيانها، فكانت تهدأ لفترة وتعود أقوى مما سبق، تتحدث عن أمور مرعبة والكثير من القتل والدماء فصاحبتني الكوابيس وقتها واصابني من الخوف الذي منعني من مغادرة حضن أمي.

وقتها طفح كيل أمي ورجت والدي للمرة الأخيرة أن يخرج عمتي بأي ثمن كان، وفعل..
اشترى لها منزل صغير جدًأ يكاد يكون منزل! ثلاث غرفة ومطبخ ودورة مياه –أعزكم الله- كان سعره رخيص ولكن مسافته بعيدة، فاحضر أبي عاملة لتعتني بعمتي وتحرص على سلامتها.

وإن كنا في السابق بحال ميسور ولكن بعد تكاليف منزل عمتي وراتب العاملة أصبحنا بحال سيء.
فصرنا نقتصر حياتنا على كلمتين: المهم والضروري!



قطع تفكيري يد أم الوليد التي مسحت على خدي، وهي تقول: ايش في وجهك صار أحمر؟
تحسست خدّي براحة كفي وأدركت أنني قد أشفقت على حالتنا الآن!

امتدت سفرة العشاء وجلست أم الوليد وهي تتفحص اللحم والرز بملعقتها، وكل حركة تقوم بها جعلتني أنا وأمي في توتر وترقب.. حتى ألقت أم الوليد بالقنبلة: ما آكل لحم! انا نباتيه


أغمضت عيني باستسلام لما سيحدث بعد قليل والله وحده أعلم بالعواقب!

قالت أمي بتروي والدخان يتصاعد من رأسها وكأن النار القابعة في جمجمتها تأججت: أكلي رز

أم الوليد بضحكة: يا عمري ليتك ما تعبتي نفسك، بس أنا احب السلطة!

نفضت أمي ثوبها بقسوة ونهضت بسرعة تاركة أم الوليد متعجبة، ولكنها عادت إلى الوراء لتقول: الشرهه موب عليك علي انا اللي اكرمتك وتكلفت علشان مقامك ولا انتي موب كفو

وركضت للمطبخ وضربت الباب بقسوة ففزت أم الوليد وقالت بخوف وبسرعه: نازك انا شسويت؟
ولحقت بأمي وأخذت تطرق الباب بخفة وهي تهمس: أم نازك انا اسفه انا ما اقصد شي

كان وجهها بلون الدم، عجبًا لبياض سريع التلون!

نازك بحسره: أم الوليد ما كان قلتي اللي قلتيه! هذا عيب عيب

أم الوليد بندم وهي تضرب خدها بخجل: انا اصلاً مدري ايش قلت علشان تزعل

وعادت تضرب الباب وتقول: يا .... ايش اسم امك يا نازك؟!!
قلت: ساره

أم الوليد: يا ساره بس افتحي خلينا نتفاهم! والله مو قصدي شي بس انا فعلاً ما احب اللحم احب السلطات!

ضربت جبيني وسحبتها كي لا تزيد الطين بلة، فهي إن كانت تود إخماد غضب أمي فإنها صبت الزيت فوقه!









صحن العشاء يتوسط خمسة كؤوس لبن توزعت بيننا، وصحنان فاكهة وقوارير المشروب الغازي خلف سليم الذي رفض توزيعها على اعشاء بحجة أن لا تمتلأ بطوننا به ونحن لم نشبع، هه!

كنت أقضم اللحم باستمتاع وأنا اتخيل عمتي تزيحه لتأكل الرز، تبادلنا النظرات أنا وإخوتي وعرفت أنهم يفكرون مثلي.

لفتت نظري الفتاة المستديرة في حضن والدها وهو يعطيها لقمة حشرتها بفمها وأخذت تلوك اللحم مطولاً.

قال ابو الوليد: يا حليلها شكلها تحب تجلس معاك

سليم برحابة صدر: لا بس شقيه وما تخلي أمها تاكل براحتها


رفعت حاجبي بتعجب، كيف لبدوي مثل سليم أن يتحدث عن زوجته في مجلس الرجال، أو حتى يأخذ ابنته كي لا تزعج أمها.

يبدو أن كل شيء متوقع من هذا الرجل الفريد من نوعه، فكما يبدو لي أنه مثير للاهتمام !

فجأة سمعنا أصوات تتعالى وصوت طرق باب ووجه سليم الذي امتعض وتظاهر بعدم السماع، ففعلنا جميعنا مثله ولكن بانت ملامح القلق علينا، مهما يكن فهؤلاء الأشخاص غرباء ونحن لا ندري ما الذي حدث بالداخل!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:17 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.