آخر 10 مشاركات
خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          للقلب رأي أخر-قلوب أحلام زائرة-لدرة القلم::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          المز الغامض بسلامته - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة Nor BLack *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          246 - عروس تنتظر الدموع - جانيل دينسون (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          يوميات العبّادي .. * مميزة * (الكاتـب : العبادي - )           »          304 - عندما يخطيء القلب - ريبيكا ونترز (الكاتـب : عنووود - )           »          [تحميل] من عقب يُتمها صرت أبوها،للكاتبة/ حروف خرساء "سعودية" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-01-18, 04:57 PM   #1

يسرى

نجم روايتي و كاتبة فى قصر الكتابة الخيالية

 
الصورة الرمزية يسرى

? العضوٌ??? » 88476
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 458
?  نُقآطِيْ » يسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond repute
افتراضي محامية.... عاطلة عن العمل *مميزة ومكتملة*








أن تحصل على وظيفة هو حلم يرواد المرء منذ الأزل


فأهم سؤوال هو: ماذا تريد أن تصبح عندام تكبر؟

قد أكون طيار
لِم ليس مهندسا
أو محاميا
ربما معلما
بل رئيسا


وليس هنالك ما يضاهي وظيفة أحلامك روعة سوى أن تعثر عليها
أن تعيش تفاصيلها
وأن تنهل من مغامراتها

إلا أن تلك الوظيفة قد تتحول من حلم إلى كابوس

محامية.... عاطلة عن العمل



يتبع .......





التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 10-03-18 الساعة 11:44 AM
يسرى غير متواجد حالياً  
التوقيع



رد مع اقتباس
قديم 27-01-18, 04:58 PM   #2

يسرى

نجم روايتي و كاتبة فى قصر الكتابة الخيالية

 
الصورة الرمزية يسرى

? العضوٌ??? » 88476
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 458
?  نُقآطِيْ » يسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond repute
افتراضي

نقطة وسطر جديد.

اليوم هو أول يوم في صفحة كتابها الجديدة، صحيح أن هذه الجملة مبتذلة بقدر ما استعملت في المسلسلات والافلام المصرية أم السورية أم حتى الأجنبية، وهي نفسها لم تكن تظن يوما أنها حقا ستلجأ إلى استخدامها خارج الكتب والروايات، بل إن تبدأ في استعمالها معبرة عن مرحلة عبرتها إلى التالية لها، أخيرا نجحت في تكرار هذه الجملة لنفسها، كم مر عليها من الوقت؟ إنها لم تعد حتى قادرة على التذكر، اختلطت الأمور عليها بفوضوية سرمدية لا يحدها الكون، كل ما كانت تراه هو كوارث متلاحقة متتابعة ككرة مرقطة بالأسود وثمانِ وأربعين قدما تركلها.

رام الله لم تبدو يوما أسوء في نظرها مثل ما بدت اليوم، طالما قالت أنها واحدة من أسوء المدن على وجه الأرض، اكتظاظ مثير للأعصاب، ازعاج لا ينتهي كي يبدأ، جوٌ كان يفترض به أن يكون باردا رشيقا انقلب لحار بدين، سماء اكتست بالكلاحة بدلا من زرقتها الطبيعية، وأشجار لم يتبقى منها إلا زهيرات تستجدي الرحمة والعطف من ماري الشوارع والأرصفة، تستصرخ البشر حبا بالله أبقوا علي.

لقد باتت المدينة تزداد تشوها مع كل يوم يمر، لقد ولدت فيها وعاشت حياتها كاملة هنا إلا أنها لم تحبها يوما، فلا روح ولا حياة تنبض في شوارع اسمنتية قذرة مزدحمة، ورغم أنها منذ الأزل تقول انها تريد أن تعيش في قراها وسط الخضرة والجبال إلا أنها تدرك حق الإدراك أن ذلك ليس سوى حجة تقولها وتكررها كالبيغاء، فمن سابع المستحيلات أن تتمكن من التأقلم مع مكان آخر، أو مع أشخاص آخرين، فرام الله بقاطنيها الوافدين من أرجاء فلسطين كافة إن صح القول تشكل علبة كعك لا تشبه واحدة أختها، ولا تلقي بالا إليها، ولا يهمها رأسها من قدميها، ورغم أن أهل البلد -كما يطلقون على أنفسهم وهي طبعا من ضمنهم مفتخرة باللقب رغم أنها مجرد دخيلة كما غيرها وان اختلفت الأسباب وتنوعت- يعشقون تمييز أنفسهم عن أهل القرى بكونهم أكثر تحضرا، ولا يدسون أنوفهم فيما لا يعنيهم إلا أن الحقيقة الصارخة هي عكس ذلك تماما وإن كانت أقل حدة من القرى، فأهل رام الله يهوون النميمة ويعشقون انتقاد غيرهم ويتلذذون بمراقبة من حولهم وتقديم تقارير كاملة عن بعضهم البعض، أما لمن تقدم هذه التقارير فهي أيضا تقدم لبعضهم البعض.

في الواقع هي تعيد وتكرر أنها لا تحب رام الله ولكنها عاجزة عن مفارقتها، هل يعود هذا لمزاجها المتقلب؟ في الحق هو عائد لشخصيتها المركبة بطريقة خاطئة، فهي تريد ولا تريد ثم لا تدري أهي فعلا تريد، ولكن الأمر المؤكد لها رغم تناقضها هي أنها تحب وتكره رام الله، فكل شيء لديه وجهين، وشتاء رام الله بلا ريب رائع ومغر لا تقدر على مقاومته، إلا أن الأمر لم يتوقف هنا يوما، فالرغبة اليتيمة المغروسة عميقا داخل جوارحها وهي العثور على عمل دائم لم يجد له يوما مستقرا خارج شوارع رام الله الأربع الرئيسية، رام الله هي قلب فلسطين الاقتصادي! العاصمة المؤقتة لفلسطين!، الكثير من الصفات تطلق على هذه الشوارع والأحياء الصغيرة المزدحمة إلا أنها باتت تدرك في نهاية المطاف أن هذا التمسك لا يبدو أنه سيؤتي ثمره النهائية، أجل رام الله القلب الاقتصادي والسياسي لفلسطين، ولكنه قلب مريض بحاجة لعملية زراعة جديدة علها تبعث الحياة في عروقه المتجمدة والمتيبسة جراء ممارسات صاحبه غير الصحية وغير السوية.

عندما أغلقت صفحة الأشهر الست مدلهمة السواد الماضية أدركت أنها قد تأخرت كثيرا في اتخاذ هذا القرار، ولكن الحقيقة هي أنها هي من كانت تؤخر إغلاق تلك الصفحة، لماذا؟ لأنها كانت دوما تحتفظ بقليل من الأمل ملقية بثقلها عليه كاملا، كانت تريد أن تبقي نظرها معلقا بالقسم الممتلئ من الكأس بظمأ فاحش لتذوق تلك المياه السحرية عل وعسى أن تتمكن يوما من الوصول إلى الراحة المنشودة والأحلام المعلقة في الضفة العليا من خزانة حياتها المبعثرة، صحيح أنها ليست بتلك الفتاة المتدينة والمتمسكة بحذافير الدين كما يمليها المجتمع لا كما يمليها الله عليها إلا أنها تحتفظ بجزء صغير يربطها مباشرة مع الله، تضع ثقتها فيه وتعلق آمالاها عليه وتلقي بحملها نحوه، تفعل كل هذا محاولة أن تظل متمسكة بالقشة النحيلة لتمنعها من الغرق في مستنقع الأوحال المحيط بها.

فهذه لم تكن أول مرة تجد نفسها غارقة تتقاذفها أمواج المحيط السوداء من منطقة لأخرى، فقد جربت هذه الدوامة خلال السنة المنصرمة لخمسة أشهر إضافية، من الواضح أنه لا بد لها من العودة إلى هذا اليم الأسود ما بين الفنية والأخرى كي تحاول شحذ قواها مرة إضافية، إلا أن النتيجة بقيت هي ذاتها، فما الذي تمكنت من فعله خلال تلك السنة غير الظهرو بمظهر الحمقاء الكبيرة، لقد استعملت ما تبقى لها من أموال في حسابها لتفح مكتبا خاصا بها، قالت أنه قد حان الوقت أخير للمحامية التي بداخلها أن تخرج إلى العلن، وما أفضل من ذلك عدا مكتب متوهج تضعين عنوانه على بطاقة عملك الشخصية، ولكن هل حصلت على الفائدة المرجوة؟، إنها حتى الآن تندم على قرارها خوض تلك التجربة المريرة، فليست رام الله هي مدينة التجارب، لقد ألقت بما يقارب الاثني عشر ألف شيقل فقط إيجار مكتب لم تستعد منهم شيقل واحد، كل ما تسببت به هو نقصان حسابها البنكي وارتفاع حساب صاحب العمارة البنكي، ففي رام الله لن تجد مكتبا إيجاره يقل على أربعمائة دولار شهريا، ولمهنة كالمحاماة تحتاج إلى ان يبزغ اسمك فيها لوقت وصبر وجهد ليس من السهولة أن تستمر على ذلك الايجار الخيالي، بل إن المحامين الشبان هذه الأيام لا يتورعون عن سلوك دربين، إما أن يشترك ما بين الاثنين والأربعة في المكتب الواحد بهدف سد أجرته، أو أن يعملوا من المنزل، وهو كما تطلق عليه هي بالتحديد مكتب أمي وأبي، وهو الخيار الذي استقرت عليه أخيرا بعد أن تمكنت من إنهاء الفقرة السابقة.

لقد قال لها الكثيرون بعد أن افتتحت ذلك المكتب أنها خطوة رائعة ومهمة جدا وأن قلة هم الذين يجرؤون على اتخاذها، وأنها فعلا تستحق المديح على اتخاذها هذا القرار في وقت مبكر من حياتها العملية، وبينما كانت ترد عليهم واثقة من ذاتها بابتسامة رائعة كانت تضحك ساخرة من نفسها بعد أن تغلق الباب خلفهم، فهي حقا خطوة مهمة وكبيرة، ولكنها لم تختر للأسف الوقت المناسب للقيام بها، فكل ما كان معها هو ثمن أجرة المكتب وفقط، حبا بالجحيم كيف ظنت لبرهة أن مجرد جلوسك في مكتب سيجذب الموكلين إليك جذبا، إنك بحاجة إلى أن يكون لك موكلون قبل أن يكون لك مكتب، وهي لم تكن جاهزة لخطوة بهذا الحجم ذاك الوقت، ولكنها كما يبدو لم تكن تمتلك حتى الخبرة في المجال الذي يتوجب عليها أن تعمل فيه، لقد كانت غلطة كبيرة، غلطة ما يزال الندم ينهشها لأجلها حتى التو واللحظة، تجربة قررت أنها لن تفكر يوما في إعادتها، فهل هي مستعدة لتفتح مكتبا ولو بإيجار مئة دولار شهريا؟، بالقطع لا.

لقد بات يومها يبدأ بروتين مختلف تماماً عن البارحة وذلك في تمام السابعة، فسابقا لم تكن تفكر أن تصحو قبل التاسعة صباحا، وأحيانا كان النوم يسرقها حتى العاشرة على الرغم من أن لا شيء كان ينتظرها كي تفعله على كل حال، فهي تنهض لتشرب كأسا من النسكافيه الصباحي، تقلب في هاتفها، الأخبار، بريدها الالكتروني، تطلع على صفحة الفيسبوك وتويتر وانستغرام، تنهي هذه الجولة لتبدأ بجولة تنظيف المنزل اليومية المعتادة والتي لا تستغرقها أكثر من ساعة، تختصر منها قدر استطاعتها وفي كل مرة تسمع تأنيب أمها لتجاهلها جزءا من العمل تبتسم مؤكدة لها أنها قد نسيت وأنها ستقوم به غدا، ويأتي الغد لتتجاهله متعمدة، أحيانا كانت تقوم بما تجاهلته ربما مرة في الأسبوع أو في الأسبوعين فقط لتوفر على نفسها الاستماع إلى محاضرات والدتها المتتالية عن النظافة والترتيب وعما ستفعل عندما تتزوج مستقبلا وتكون منزلها الخاص، محاضرة مملة سئمت من سماعها ولكن أمها تمتلك صبر أيوب دون أن تحيد عن هدفها، إنها تستمر بإعادة الحديث في القضية والموضوع حتى تتمكن من الحصول على مرادها، حتى أنها أقسمت أحيانا أنها لو امتلكت طول روح أمها لما كانت هذه هي حالتها.

إلا أن الاستيقاظ مكبرا كان جزءا من محاولاتها المستميتة للتمسك بجزء من الحياة الطبيعية التي يتوجب على فتاة بعمر السابعة والعشرين أن تحياها، تلك الحياة التي تغص بالحركة والانتقال من مكان لآخر خصوصا لمحامية تفيض طاقة وحيوية ورغبة، أن تنتقل من محكمة إلى أخرى، من دائرة التنفيذ إلى دائرة الأراضي، من الأرشيف في الطابق السادس بمحكمة رام الله إلى محكمة الصلح في الطابق الثالث، من وزارة المالية إلى وزارة العدل، ومن الشرطة إلى النيابة، هكذا كان يفترض بحياة محامية أن تكون، ولكن جل ما كانت تفعله هو أن تبدأ يومها بعد أن تحظى العصافير بوجبتها الصباحية وتعود إلى العش مطعمة فراخها.

ولكن عوضا عن تلك الحياة الطبيعية كانت تحيى حياة أخرى يمكن وصفها بالحياة الطبيعية أيضا، ولكن الأولى خاصة بتلك الفتاة الناجحة المثابرة التي تسعى بجهد هنا وهناك في محاولات مستميتة وهو ما كان يجب أن تكونه، أما الثانية فهي الحياة الطبيعية التي لا تعيشها هي وحدها فقط، بل إن الآلاف غيرها يعيشون هذه الحياة ذاتها، والكثيرون من معارفها وخريجي فوجها الجامعي يخوضون هذه الحياة المزرية، بل إن من تبعها بات يفكر في أن دوره على عتبة هذه الحياة قد آن أوانه، شبان وشابات, لا فرق بات في رام الله، فلا الفتاة ستجد عملا ولا الشاب سيجد عملا، محامين ومحاميات حديثوا العهد حصلوا على مزاولاتهم منذ سنتين أو ثلاث كحد أدنى، منهم من يعمل لدى محامٍ كبير يحصل على الفتات من خلفه، منهم من يحاول أن يعمل وحده بهدف الحصول على الفتات من موكليه، والجزء الآخر يود لو يلقي بالبطاقة البيضاء في اقرب سلة قمامة ويحصل على وظيفة ثابتة مريحة في بنك أو مؤسسة، إلا أن هذا الحلم وهو الذي يراود الأغلب ليس بتلك السهولة بمكان، وهو ما يدفعهم ليصطفوا على الدور إلى أمامها وخلفها متقدمين نحو تلك الحياة، حياتها تلك مثلهم كانت حياة حركة وركض وبحث أيضا، ولكن حركة وركض بين صفحات مواقع التوظيف واعلانات الوظائف على صفحات مواقع الانترنت ومواقع التواصل الاجتماع وصفحات الجرائد، وبحث عن واسطة ما علها تنجح في الحصول على تلك الوظيفة التي عثرت عليها بعد طول عناء.

أجل، لم يكن الأمر بالنسبة لها مسألة بسيطة وهي تدرك أنه ليس كذلك بالنسبة للكثيرين غيرها، بل على العكس من ذلك تماما، فعندما يتعلق الأمر بالاستقلال المادي والمالي تغدو الأمور أكثر أهمية بمليون مرة مما يمكن لأي شخص أن يفكر، إذ عندما تمتلك مصدر داخل أيا كان تمتلك زمام نفسك، وتغدو حاكم روحك وعقلك، وتصبح قادرا على التصرف كما تشاء دون حسيب أو رقيب، وعلى الأقل بالنسبة لها فامتلاك مصدر الدخل هذا يعني استقلالا ومستقبلا، أن تملك بين يديك ما يمكن أن تنفقه على نفسك دون أن تطلب ذلك من أحد هو متعة لا تعادلها متعة، وحرية لا يقدر أحد على سحبها من بين ذراعيك، إلا أنها في الوقت ذاتها باتت تغدو لها يوما بعد يوما أكثر بعدا عن إمكانية تحولها إلى حقيقة على أرض الواقع.

أحب الآخرون أم كرهوا المجنون فقط هو من يظن المال كمالا لا ضرورة، ولا يتلعق الأمر بالشخص، أكان رجلا أم امرأة، شابة أم شابا، فتاة أم فتى، لا بد أن تكون تلك الأوراق الساحرة متواجدة بين يديه، وبالنسبة لها كان ذلك أمرا يعلو فوق أي اهتمام آخر، فالشيء الوحيد الذي شغل بالها طوال الأشهر الكئيبة الماضية كان العثور على وظيفة ما، العثور على وظيفة تدر عليها دخلا، الكثيرون وجهوا إليها صفات ظنوا أنها ذم بحقها، فهي مادية، لا تدري لم ظن أولئك أن هذا سيكون شتيمة بحقها، بل إنها لم تفهم يوما لم كانوا يبرئون أنفسهم من هذه الصفة ويلقونها عن كاهلهم بقرف واشمئزاز كمن يطرد بعوضة تحوم حوله، حبا بالسماء، إن كل إنسي على هذه الأرض يفكر بالنقود أولا وأخيرا، يفكر كيف سيحصل المال، كيف سينفق المال، ممن سيستدين المال، لمن سيسدد المال، يحتاج المال ليأكل، ليشرب، ليتحرك، ليستمتع، ليسافر، ليكسو بدنه، والفرق الوحيد بينها وبينهم هو أنها تبحث عن المال لأجل نفسها فيما يبحثون هم عن المال لأجل أهلهم أو أولادهم أو أزواجهم، لذا هل يعقل أنها فعلا مذنبة بهذا؟، طالما هزت كتفيها بلا اكتراث متجاهلة هذه الكلمات عندما توجه إليها، بل إنها طالما ابتسمت بثقة مستمتعة، فهل لا تعتبر هذه إهانة، بل إنها مديح ينعش روحها.

الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لها كان الحصول على وظيفة، ولكن هل كان ذلك بهذه السهولة في رام الله؟، إن كل ناشئ وباحث عن عمل في هذه المدينة سيقول لك لا، بل إن كل باحث عن عمل في فلسطين من شرقها إلى غربها وشمالها إلى جنوبها سيقول لك لا، فأن تعثر على مصباح علاء الدين لهو أسهل من العثور على وظيفة في فلسطين، والطريقة الوحيدة التي تمكنك من الوصول إلى وظيفة أحلامك كما يصفها الكثير من الحالمين هي الواسطة والمحسوبية، إن كنت تريد النجاح فقبل أن تبحث عن الوظيفة ابحث عن واسطة، ابحث عن شخص متنفذ يساعدك في الوصول إلى ذلك المنصب، ولا يتوقف الأمر على الوظيفة الحكومية، بل إن هذا يشمل كل نوع، الوظيفة العامة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني الحقوقية منها والقانونية، كل هذا يحتاج إلى ما يشتهر فلسطينيا باسم فيتامين و، الفيتامين الخارق للطبيعة والذي يمكنه أن يحول الأحلام إلى حقائق على أرض الواقع، وهي في الواقع حاولت كثيرا البحث والتعثر بهذا الفيتامين ولكنها لم تنجح في ذلك، ستكذب إن قالت أنها تلك المحامية الملتزمة بالقانون، فلا أحد في رام الله بأسرها يلتزم بالقانون أساسا حتى تلتزم هي بها، والواسطة أجل هي من جرائم الفساد ولكن حبا بالسماء من ذا الذي يهتم بهذه التفاصيل الصغيرة!.

أجل، لقد بحثت عن الواسطة طويلا، ولكنها للأسفل لم توفق في الوصول إلى واحدة لأسباب عديدة، فهي تكره التعامل مع الناس في المقام الأول، وليس من السهولة عليها أن تذهب لتطلب من شخص ما أن يساعدها في الحصول على وظيفة ما، أهو الخجل؟ ليس بالمعنى المتعارف عليه بين الناس على الأقل، ففكرة الطلب بحد ذاتها تصيبها باشمئزاز لا حدود له، إذ لم بحق الجحيم يتوجب عليها أن تذهب لتستجدي التعاطف من الآخرين للحصول على وظيفة قد تتمكن من الحصول عليها دون تلك المسرحية السخيفة بأكملها، أما من الجهة الثانية فهي لا تمتلك تلك الصلات من الأساس كي تحاول التعويل عليها، ومثلها هكذا الكثيرون، زهور مغمضة في ريعان شبابها، شبان قادرون لو وفرت لهم الفرصة أن يحطموا الصخور بأيديهم العارية، طالما فكرت بهذه الحقيقة وهي تستمع صباح كل يوم إلى الأغنية الخاصة ببرنامج سمة بدن على الصبح، فإحدى جمل الأغنية تقول أنا مش عاطل أنا عاطل عن العمل، خريج مش هامل أنا، بايدي بهد أعلى جبل، كلمات بسيطة ولكنها تغوص في أعماق لا قرار لها، طوال الأشهر الست جلست تستمع للنغمة خمسة أيام في الأسبوع معيدة إياها مرارا وتكرارا ومقلبة كل حرف منها محللة إياها ودارسة حيثياته، فهذه الكلمات تشكل صرخة في وجه صناع القرار بأن توقفوا عن إضاعة قوة شابة يمكنها إعادة بناء البلد من جديد، توقفوا عن ترهيل الشبان وتحطيم معنوياتهم، توقفوا عن تكسير الأحلام وسحقها تحت البساطير دون شفقة أو رحمة.

كلمات فضفاضة واسعة تحدثت بها مع نفسها ومع غيرها من الشبان من أمثالها، فالعديد من رفيقاتها ورفاقها كانوا وما زالوا يمرون بتلك الحالة المأساوية التي لا حد يوضع لها، وهم نفسهم من تراهم في كل امتحان وظيفي كتابي كان أم شفهي يتعلق بوظيفة ما، فجميعهم محامون أو هذا على الأقل ما تقوله بطاقات المزاولة بيضاء اللون التي حصلوا عليها، وهؤلاء الذين لم يعثروا على مكان لهم داخل المحاكم يلاحقون بظمأ أي اعلان وظيفي، وهم نفسهم دوما في كل امتحان، وبقدرة قادر هم نفسهم أيضا من يوظف غيرهم ويضطرون أن يعيدوا الكرة من جديد في الاعلان القادم ليتلاقوا في القاعة مرة أخرى ويخوضوا الامتحان من جديد ليفشلوا ويعيدوا الكرة ثانية وثالثة ورابعة دون كلل أو ملل.

فاض الماء بين يديها منهمرا من صنبور المياه وهي تغسل وجهها تماما كما فاض الكيل بها في نهاية المطاف، فحتى الأمل يمتلك حدودا يتوقف عندها ويعجز عن تخطيها، يصطدم بحواجز تحدها السماء، ويغدو من المستحيل أمامه ان يفكر حتى بالطرق عليها، أحيانا ينتهي الأمل بثانية واحدة تحمل في داخلها انفجارات لا نهاية لها، وقد بلغ بها المطاف نهاية الطريق بعد ست أشهر من المحاولات العبثية والمناوشات غير المجدية التي لم توصلها إلى أي طريق، ولكن ما أبقى على جزء من عقلها بدل أن يتبخر هو الآخر خلف أملها هو أنها لم تلعب دور الضحية، فصحيح أنها ندبت حظها ولعنت كل مسؤول وصاحب قرار في رام الله إلا أن ما كانت تعلمه أنها ليست فاشلة، فهي لم تحصل على الوظائف التي تقدمت لها كونها غير مؤهلة، بل لكون هناك من يحفظها لغير المؤهلين، إنها تعرف تمام المعرفة أنها قادرة على النجاح في أي عمل حين تقبض بيديها عليه، ولا يهمها رأي أولئك المنافقين الذين يقابلون وهم يعلمون أنهم لن يختاروا أحدا من هؤلاء، ففي رام الله لا يوظف أحد على الخبرة والقدرة، بل على المعرفة والصلة والعلاقة، ولهذا لا يغدو لقرارهم تلك الأهمية التي ستقيدها وتربطها إلى مقعد الاحباط، إلا أنه لا بد أحيانا من أن تفجر الخزان حتى تتمكن من ملئه مرة ثانية، وكم كان مريحا أن تنفجر دفعة واحدة دون أي مقدمات، حيث صبت تلك الهجمة في وجه والديها، وما تزال تتذكر حتى الآن ما قاله لها والدها مين قلك بدي تشتغلي أصلا، لقد كان حانقا لأجلها، غاضبا لأجلها، ساخطا على الآخرين لأجلها، ولكنه في ذات الوقت عاجز عن مد العون إليها.

أنهت ارتداء ملابسها الرسمية بالأسود والأبيض محاولة الالتزام بقرار النقابة فيما يخص الزي الرسمي للمحاميات داخل المحاكم رغم أن حجابها ألقى بالقرار خلف ظهره وهي تقف منسقة ملبسها أمام المرآة، إنها لا تختلف عن الكثيرين ممن يشبهونها داخل رام الله، فهي مضطربة المزاج متضاربة الشخصية، متناقضة في كثير من الصفات التي لا يدرك كنها أحد، تظهر قوية ولكنها ترتدي زي الضعف إن راق لها، تريد المال ولكنها لا تريد أن تعمل في المقابل، فما المانع من مليون دولار توضع على الطاولة أمامها مع بطاقة معايدة عليها، حلم جميل ولكنه غبي، تريد أن تصنع لنفسها اسما وشهرة في العالم ولكنها لا تريد أن تبذل الجهد لأجل ذلك، تريده بالطريقة السهلة على الرغم من معرفتها أن هذا لن يحدث، تريد أن تصحو مبكرا كل يوم ولكنها تمقت فكرة مغادرة السرير، تريد سيارة خاصة ولكنها لا تريد الحصول على رخصة قيادة، بحر من التناقضات، أمواج من المتضادات التي تتقاذفها في يم هائج متنافر، ولكن في وسط هذه السلبيات العديدة التي لا ترى نهاية لها ما تزال تمتلك صفة واحدة جيدة تبقيها على قيد الحياة حتى اليوم، إنها ما تزال متمسكة بالأمل الذي توقف عن حدودها البعيدة، ما يزال حتى اليوم سلاحا تعجز عن رميه، فإن ألقته ستلقي ما تبقى من روح وعقل فيها.

أنهت آخر استعدادتها، فاليوم هو أول يوم بعد اتخاذها القرار الحاسم، أجل إنها متمردة دون قدرة، مترددة بشكل كبير، متناقضة لا يمكنها أن ترسو على بر أمان، لا تملك طريقا جليا لتسير فيه، منعزلة، منطوية، تكره البشر والتعامل معهم، تحلم بأكثر مما يمكن لها أن تحقق، طموحات عالية وإمكانيات مخفضة، تمتلك العديد من الصفات السيئة التي لا يمكن أن تنتهي منها إن بدأت بتعدادها، ولكنها في مقابل ذلك تمتلك شيئا مهما تمكنت من الوصول إليه وإن وصلته متأخرة، لقد تمكنت أخيرا من التوقف وإعادة ترتيب أولوياتها، لم تعد تلك الوظيفة الخيالية هدفا، لقد تمكنت من إزالة الغمام عن عينيها، ونهضت طاوية صفحة واضعة النقطة في آخرها وفاتحة سطرا جديدا في الصفحة التالية.

ولكن لا تظنن أن تلك الصفحة هي الصفحة المشرقة التي ستأتيك بالذهب والعزجد محمولا على أطباق ألماس، كلا للأسف، كان بودها هذا في الحقيقة، أن تفتح عينيها لتجد مليون دولار موضوعين على السرير الفارغ الموجود في غرفتها، ولكن ذلك يظل حلم يقظة طالما داعب خيالها طوال سنوات، بل إن تلك الصفحة تمثلت في العودة من جديد إلى ذلك المكان الذي لا يملك أي محامٍ بدا من العودة إليه ثانية عندما تغلق شتى الأبواب في وجهه، محكمة رام الله الموقرة، لقد عادت لأنها لم تجد شيئا آخر لا حبا بها، قرارها الأخير كان أنه يكفي دورانا خلف أحلام وظيفية مستحيلة، يكفي ركضا خلف سراب لا يبدو أنه قد يتحول لواقع يوما ما، كان لا بد من اختيار طريق للسير به نهاية المطاف، لم يكن من المنطق أن تظل معلقة بين الأرض والسماء بخيوط عنكبوتية واهنة تهددها بالسقوط في الهاوية أي لحظة وفي الوقت ذاتها تقبض عليها بشراسة أسد حصل على غذائه للتو، القدرة على الخروج من هاوية والدخول إلى هاوية اخرى هو بحد ذاته يحتاج لقوة هائلة، فأن تقرر أنك لا تريد ذلك الجحيم المزعج لأن لونه برتقالي فاقع يؤذي البصر، ولكنك في المقابل ستختار ذلك الجحيم ذو اللون الاحمر الهادئ، هو بحد ذاته انجاز يجب أن تكافئ نفسك عليه، والمكافأة التي حصلت عليها جراء وصولها إلى صراط الحياة كان نومها بهدوء وراحة بال، لا يمكنها القول أنها واثقة أي الجحيمين أفضل ولكنها على الأقل ستتوقف عن مقارنة كل منهما بالآخر، ستنتهي من قضية أنا أريد هذا ولكن أريد ذلك، والوظيفة جيدة ولكن الحصول عليها صعب، المحكمة افضل ولكن عملها متعب، جائزتها للمرحلة الراهنة هو الدوس على هذه المقارنات والمقاربات، فهي قد تركت حجيما ورائها وقررت أنه قد حان الوقت للخوض في الجحيم التالي.

وتلك ليست بالقضية الهينة، صحيح أن من حولها يظن أنكِ كمحامية سيكون من السهل بالنسبة لكِ الحصول على عمل وكسب المال، فلا أكثر من المشاكل داخل رام الله، ولا أكثر تكوما من أعداد الشيكات الراجعة كل يوم والكومبيالات التي لم تسدد وتجاهل اصحابها حتى الرد على هواتف مدينيهم، وهل هناك من ينكر أنه لا يمر يوم إلا ويتضارب اثنين مع بعضهما، كل هذه مشاكل تزيد وترتفع يوما بعد يوم، لا أحد ينكر، ولكن المشكلة لا تكمن في تلقيها لتلك المشاكل أو الشيكات وغيرها، بل إن المشكلة تكمن فيما يتلو ذلك، فقد حصلت على الشيك اليوم ولكنك لن تحصل على أتعاب عملك عليه إلا بعد أن تبدأ تحصيل قيمته وحتى تتمكن من ذلك سيكون عليك أن تضيع على اقل تقدير ست إلى سبع أشهر في ألمرحلة الأولى داخل دائرة التبليغات ودائرة التنفيذ، هذا إن لم يصل الأمر بك إلى سنة كاملة، وهي كما غيرها عرفت هذه الحقيقة منذ أول شهر لها داخل المحكمة، الحكمة الدارجة في المحاكم هي أن المحامي المتدرب سيكتشف حقيقة المحكمة بتفاصيلها الدقيقة وكوارثها المخبئة بعد ست أشهر، ولكنها تعلمت تلك المصائب خلال أول ستة أيام.

إنها ما تزال إلى اليوم تذكر ما تبادلته مع أحاديث مع زملائها في الجامعة، طلاب ماجستير لم ينهوا تدريبهم بعد، ففي العادة بات المحامي المتدرب يجمع ما بين فترة التدريب وما بين الحصول على درجة الماجستير، إلا أنها لم تفعل هذا لأنها خلال فترة تدريبها لم يكن بوسعها تحمل تكاليف الماجستير الهائلة، وقد نجحت في تحصيل مبلغ جيد بطريقة لم تكن ممتعة إن أمكنها القول، ولذلك السبب فهي أكبر عمرا بثلاث أو أربع سنوات من أغلب الموجودين رفقتها في مساقات الجامعة، وهذا كان السبب الأساسي في مقارنتها المستمرة لرغبة وأمل هؤلاء الشبان التي كانت هي نفسها واحدة منهم خلال فترة تدريبها مع الواقع العلقمي الذي شاهدته بعد أن تجاوزت مرحلة الأحلام الوردية، فهي لم تكن تختلف كثيرا عنهم، لقد كانت تأمل أنها ستجد وظيفة رائعة بعد تخرجها، أو أنها على الأقل ستعمل ويدر عليها دخل ممتاز في المحكمة، ولكنها بدلا من ذلك تخبطت ما بين هذا وذاك دون أن تعرف ما تريده بالتحديد، أهي تريد وظيفة؟ أم تريد المحكمة؟ أم تريد الاثنين، لقد مرت عليها أوقات حاولت أن تحظى بالخيارين معا ولكنها فشلت بالطبع في تحقيق ذلك، وحتى خلال تلك المحاولات اليائسة كان جليا مدى تخبطها، فمختلف الوظائف التي حصلت عليها كانت مؤقتة لفترة ست أشهر أو أقل، وهذا كان يضع عبئا إضافيا عليها، فما الذي سيحدث بعد أن ينتهي العقد، لقد غابت بسبب فترة طويلة عن المحكمة وقطعت صلتها بها، ولكن لا يمكنها ان تظل جالسة منتظرة العمل التالي، وهكذا كانت ترجع إلى المحكمة غريبة تماما، والعودة لم تكن دوما محمودة في عالم محاكم رام الله.

أولئك الفتية جميعا متلفهون لإنهاء التدريب، متشوقون لانهاء درجة الماجستير، راغبون في التقدم إلى اعلانات الوظائف التي يرونها إما على موقع جوبس أو على موقع ديوان الموظفين العام، إنها ما تزال تذكر المحادثات، ليست القضية أنها تريد أن تبث سموما محبطة إلى عقولهم، ولكن ما تعلمته هي أنه من الأفضل أن تعرف الحقيقة منذ البداية حتى لا تضيع الكثير من وقتك عبثيا بلا جدوى، فلو أنها كانت تدرك أن الحصول على وظيفة هو أمر مستحيل دون واسطة ثقيلة في رام الله لما كانت غادرت المحاكم في المقام الأول، ولظلت داخل ذلك المبنى ذو الطوابق الستة طوال السنتين الضائعتين بلا فائدة، الأمل بالمستقبل جميل ولكن السير الأعمى فيه كما فعلت هي كارثي، وفي ظل وضع وظيفي واقتصادي مأساوي كل ما سيستفيده المرء هو ضياع ما تبقى من طاقة له، وانهيار ما بقي له من روح معنوية، إحدى زميلاتها تركت فرصة وظيفية تضيع من بين يديها لأنها تريد فقط أن تستكمل فترة تدريبها، تلك الصغيرة اللطيفة لقد تلقت لوما وتقريعا من جميع المحيطين بها، فهل يعقل أن يترك أحد فرصة ذهبية كهذه تنسل من أصابعه لغايات تدريب نقابة المحامين!؟، قد يقول البعض أجل ما المشكلة، فالتدريب أهم والعمل سيأتي لاحقا، والبعض الآخر يقول بالقطع لا فالتدريب يمكن أن تخوضه في أي وقت وتنهيه، ولكن قدوم فرصة وظيفية لك هو أمر لا يحدث سوى مرة واحدة في العمر، وهكذا تختلف الآراء ما بين مؤيد ومعارض، والمضحك في الأمر أن المعارض يتحول ببطء إلى مؤيد مع مرور الوقت وادراكه للخدعة التي وقع ضحية لها.

التفتت مبتعدة عن المرآة بعد إلقائها نظرة ثانية على نفسها نحو طاولة مكتبها البيضاء خلفها حيث استقر ملف أزرق من البلاستيك المقوى، صحيح أنه اليوم الأول إلا أن النظرة يجب أن تكون متواضعة فيما يتعلق بالقرار التي اتخذته، فعلى الرغم من أنها قد حسمت رأيها إلا أنها ليست واثقة بما سيعود هذا عليها في نهاية المطاف، فهل سيعود عليها بالمال؟، ربما، لا يمكنها أن تنكر أن المردود المالي سيوجد، ولكنه لن يكون في القريب العاجل، إذ أنها بحاجة إلى خوض طريق طويل ملتو داخل أروقة المحاكم حتى تتمكن من تحريك الملفات التي اتفقت مع محامٍ من معارفها على أن تعمل بها، فهي ستمسك هذه الملفات من أول نقطة وحتى آخر نقطة، وحصتها من الأموال ستحظى بها بعد أن تبدأ بتحصيل الحقوق المرتبة على هذه الملفات، وهذا بحد ذاته يعني أن عليها أن تتحلى بالصبر، مهمة ليست سهلة، مهمة قد لا يكون مردودها مؤكدا، مهمة ستحتاج إلى أن تعطي واضعا نصب عينيك أنك قد لا تحصل على أي مردود، هل سيعود عليها بالاسم والمكانة؟، ربما، فالاسم ينتقل دون تكلفة أو حساب، من شفة إلى أخرى، ولكن ذلك ليس سوى اشباع نفسي لغرور وعجرفة من فتاة تريد أن تكون معروفة مشهورة، إنها تبعد هذه الكلمات بلا ريب عن مسامع من حولها ولكنها لا تخجل من قولها بينها وبين ذاتها، فهناك داخل تلك المساحة الصغيرة لا مجال للكذب والافتراء، فلا أحد هناك لتجمل صورتها أمامه، ولا أحد لتتلون لأجله، بل إن هذه هي المساحة الوحيدة التي تلقي بكل أقنعتها عن وجهها وتخلع عباءاتها عن كتفيها لتقف عارية كما خلقت مواجهة نفسها الحقيقية، تخبر نفسها أنها جبانة وأنها مغرورة وأنها غبية وأنها لا تفقه شيئا وأنها ليست سوى نملة صغيرة في قرية ضخمة.

بعد أن اتخذت قرارها النهائي بدأت السعي نحو العمل، فهي في واقع الأمر لم تملك في جعبتها سوى قضيتين يتيمتين لا تملك غيرهما، وهذا حذا بها إلى ضرورة العثور على مورد يمكن لها من خلاله محاولة بدء الحياة من جديد، وقد بدأت العمل مع ثلاث محامين زملاء عرفتهم خلال وجودها في ردهات محكمة رام الله، كيف قدموا تلك القضايا العديدة لها كي تعمل بها؟ الأمر أكثر بساطة مما يمكن لأحد أن يعتقد، فحتى لو كان المحامون زملاء لها تحترمهم، إلا أنهم في نهاية المطاف يشكلون نموذجا للصورة النمطية التي تلتصق بالمحامين في الوسط العام، فهو مجرد مماطل يعشق قبض المال ومن ثم تجاهل موكله حتى يصل به الأمر إلى إغلاق هاتفه وترك موكله يتخبط في الظلمات دون أن يتعب نفسه بالرد عليه، ومع مرور الوقت وبحكم العادة يغدو المحامي مجردا من عقدة الذنب تجاه موكله بل ويصبح من الغريب أن يلقي باللوم على ذاته، ويقوده المطاف نهاية لإلقاء اللوم على موكله وتبرئة نفسه، حتى هي مرت بهذه الحالة أثناء تنقلاتها المستمرة في المحكمة، فهذا ليس بالأمر الغريب أو العجيب داخل مجتمع المحامين في الوقت الراهن، وما يساعد في تفشي هذه الظاهرة وتراكمها هو الوضع القانوني السيء الذي يفتح المجال أمام العاملين، فالمحامي يلقي باللوم على المحكمة بأجهزتها وقضاتها وموظفيها ونيابتها، وفي المقابل يلوم القاضي المحامي، وتلوم النيابة القاضي والمحامي، وهلم جرا في دائرة مفرغة لا نهاية لها.

صحيح انها تعتبر المماطلة نوعا من أساليب العمل داخل المحاكم الفلسطينية خاصة داخل رام الله، وهي ذاتها تلجؤ إلى استعماله ما بين الفنية والأخرى إن احتاجت إليه، ولكنه لم يكن يوما أسلوبا رسميا لها بعكس عدد ممن تعرفهم بالشخص، فمعظم المحامين يكومون القضايا في أرففهم دون الالتفات إليها، حيث يكتفون بتسجيل الملف أيا كان نوعه داخل قلم المحكمة ومن ثم يلقون بأوراقه إن كان له أوراق عندهم أساسا في أقرب رف أو خزانة في مكتبهم، وبالنسبة لها فمن الجلي أن هذا بزغ لمصلحتها في نهاية المطاف، فهناك تلك الجملة المشهورة التي تعشقها، رزق الهبل على المجانين.

أنهت ترتيب الأوراق في ملفها وتناولته إلى جوار دفتر ملاحظات أزرق متوسط الحجم حصلت عليه من زوج شقيقتها قبل أسبوعين واستدارت لتخرج من الغرفة مقلبة جدولها اليوم في عقلها، سيكون أمامها تقديم ثلاث طلبات في دائرة التنفيذ ومن ثم لديها سلسة مراجعة مع دائرة التبليغات، ورغم أنها ليست مغرمة بالمحكمة إلا أن هتين الدائرتين هما أسوء قسمين داخلها، تكره أن تقر بهذا ولكن إن لم تفعل ذلك لن تكون أكثر من خرقاء تكذب على نفسها قبل غيرها، أجل الوضع العملي داخل المحاكم مزر بشكل صارخ، ونصف المشاكل المغروسة داخل المحكمة ترجع إلى ذلك المكتب المغروس في الطابق الرابع، والملفات التي عليها أن تراجعها صدرت تبليغاتها قبل شهر وحتى الآن لا حياة لمن تنادي، وهي تعرف أن مراجعتها هذه لا جدوى منها ولكن لا بد من العودة للاستفسار ثانية وثالثة ورابعة حتى يأتيها الفرج من أحد المحضرين.

هل يرجع الأمر إلى حقيقة أنها تريد العمل بذاته؟ ليس حقا، فالشيء الذي تريده هو أن تشعر بأنها ما تزال على قيد الحياة، أنها ما تزال جزء من المجتمع البشري، فبعيدا عن عالم لا تمد له بصلة، عن عالم النساء المقرف الذي لا تجد له سبيلا، ذلك العالم السخيف الذي تحياه نساء رام الله تحديدا، فخارجها تكون المرأة مقيدة بمواضيعها الغبية بالنميمة والثرثرة عن غيرها، ولكن في رام الله تحديدا فهن إلى جوار ذلك يتباهين بمستويات خيالية، يتبجحن بالرقي والتحضر الوهمي الذي يلففن أنفسهن به مستعليات على غيرهن، يزهين بالمطاعم الغالية ويلففن أنفسهن بالعباءات المترفة ما يزيد قبحهن قبحا، لقد رغبت بالابتعاد عن جلساته الفارغة من المعنى والمضمون عدا الكراهية والمقت والغيرة والحسد والقيل والقال والنميمة والنميمة والنميمة، ستكررها ملايين المرات، فحقا نساء رام الله خصوصا أولئك اللواتي يعملن داخل المنزل بحاجة إلى حل من اثنين، إما أن يعدمن أو أن يعاد تأهيلهن من جديد، وهذا هو العالم الذي كان لا بد لها أن تهرب منه قبل أن تسجن فيه إلى الأبد، فهي لم تكن يوما جزء منه ولا تريد قطعا ان تكون إحدى قطعه، ولكن ألا يقول المثل أن من عاشر القوم أربعين يوما بات منهم؟!.

لقد كان ذلك الجحيم الذي قررت أنه قد حان الوقت للخطو داخله هو القشة التي تعلقت بها، حبل النجاة الذي تلقفته ونشبت فيه أسنانها قبل أظافرها فلا يمكن لها أن تستمر في العوم داخل ذلك العالم النسائي المزيف والمزور والتافه، فذلك سيكون رسميا إعلان وفاتها الحياتية، صحيح أنها تعرف حق المعرفة ألا شيء حقيقي سيأتيها من ورائه، فلا المال مؤكد ولا الشهرة مضمونة، ولكنه الحل الوحيد لتحافظ على ما تبقى من عقل لها.

-أمي إني خارجة
ألقت بجملتها هذه بأعلى صوت لها دالفة عبر الباب خارجي دون أن تنتظر ردا تاركة والدتها تغلي القهوة الصباحية لوالدها، وبهدوء قابضة على الملفات سارت قاطعة المسافة ما بين المنزل والشارع الفرعي، فصيفا أم شتاء طالما كره أفراد العائلة كافة هذا الشارع المزعج، فهو ليس بالمسافة القصيرة حتى الشارع الرئيسي، وأرضه المفروشة حصى وترابا مكروهة في الفصول الأربعة، وهناك أوقات قليلة تستمتع بالسير فيه وترك أفكارها تتقاذفها يمنة ويسارا، كل ما كان يلهو في عقلها وهي تقطع تلك المسافة ببطء أسفل شمس الصباح الرقيقة كان شعورا بالفراغ ينمو في داخلها، كثير من الأوقات كانت تنتابها تلك المشاعر السلبية وتعشش فيها كفرخ أفعى ترفض الخروج مصممة على تسميم حياتها، إنه ذلك الشعور المقرف بأنها لا تمثل شيئا حقيقياً، وأنها لا تساوي حتى حبة تراب فارغة ملقاة بلا هدف في فراغ العالم، كثير ما راودتها تلك الأفكار المقرفة خصوصا داخل المواصلات العامة أو خلال قطعها لهذا الطريق، حين تحس بذاتها ضئيلة، صغيرة، بلا وزن ولا قيمة، يجثم ذلك السؤال القذر على رأسها، فما الذي فعلته في حياتها؟، ما الذي حققته خلال تلك السنوات السبع والعشرين المنصرمة؟، ما الذي تركته خلفها؟، ما حققت بحق الجحيم؟، هذه الأسئلة التي تشعرها بصغرها وعدم جدواها جثمت على صدرها كوحش كاسر، فهل هي حقا ذات قيمة أو فائدة؟ ما الذي فعلته في حياتها لتفتخر به؟ ليس شرطا أن تفتخر ولكنها على الأقل تريد أن تشعر بوجودها، أن تحس بأن لحياتها مغزى أو معنى، بأنها ليست موجودة فقط كي تأكل وتعيش، إنه شعور سيء، شعور لا يبعدك كثير عن الحيوانات، بل إن تلك لديها ما يشغلها في بعض الأحيان، وفي الآونة الأخيرة. باتت نوبات التفكير تلك تنهشها ككلب مسعور، فهي تأتي ولا تذهب، تجثم وتظل هناك بلا أمل بالمغادرة، تظل تخبرها انها مجرد عدد ضمن سبع مليارات، وليست القضية هي أنها فقط واحدة بل هي واحدة دون إنجاز يذكر، أحيانا تواسي ذاتها بأنها ليست الوحيدة على هذه الشاكلة، فالكثيرون والكثيرات غيرها مثلها تماما، يشعرون بالفراغ ويحسون بأنهم لا شيء داخل هذا العالم الضخم، أجل، ففي النهاية لا عمل ولا أمل ولا مستقبل.

ما الذي ينتظرها في الغد؟، سؤال أرق أيامها قبل لياليها، وأبقاها جالسة سارحة لساعات طويلة لا تفكر سوى بمستقبل لا مستقبل فيه، تطرح على نفسها العديد، فماذا سيحل بها يعد سنوات؟، في ستتجاوز الثلاثين عن قريب ورغم ذلك فهي بلا شيء، لم تحقق شيء ولم تفعل شيئا، بل إن كل ما فعلته كان إضاعة الوقت في الركض خلف أحلام لا جدوى من خلفها، تريد أن تغدو روائية، حلم رقيق تحاول أن تتمسك به رغم علمها انه لا فائدة منه ولا إمكانية هناك لتحقيقه، تريد أن تكون باحثة ولكن ما الجدوى من مجموعة من الأبحاث تنشر هنا وهناك دون أن يلقي أحد بالا لها، تريد أن تكون محامية ناجحة ولكن في قلب دوامة مهنية غير متوازنة يحصل فيها المحامون الكبار على قمة الكوم ويلقى بالفتات لأمثالها، فهي وغيرها الآلاف من المحامين خصوصا الإناث مجرد أرقام تسجل لدفع الرسوم، وبعد كل هذا يأتيها ذلك السؤال ساخطا ساخرا، ما الذي فعلته في حياتك أيتها الخرقاء؟.

قطعت الشارع لتقف عند زاوية المنعطف آخذة نفسا عميقا مالئة به رئتيها في محاولة لنفث تلك السموم من داخلها وتنقية عقلها، رفعت بصرها نحو اول الشارع منتظرة بزوغ إحدى سيارات الخط العمومي الموصل لرام الله بلونها الأصفر الفاقع، ذلك اللون الذي طالما كرهته وتساءلت كيف يمكن لشقيقتها أن ترتديه بابتسامة واسعة، انحنت نحو اسفل بنطالها نافضة إياه من الغبار الذي علق به جراء ذلك الشارع الترابي الذي قطعته لتوها محاولة إعادة نفسها إلى الحياة، فهي تعرف أن النهار ما زال أمامها طويلاً لتعاود تلك النوبات زيارتها مرة ثانية، فهي متى أتت لن تغادر، وستظل طول اليوم تدور في تلك الدوامة بلا أمل في النجاة، والأوقات النادرة التي تنتزع ذاتها من براثن الحقيقة وتلقي بنفسها من جديد نحو الكذبة التي تحاول العيش فيها هي نادرة وعن قريب ستنقرض بلا عودة.

-صباح الخير
ألقت التحية الصباحية بنبرة منخفضة مع جلوسها على المقعد واغلاقها باب السيارة خلفها حيث تناهى لسمعها رد السائق عليها واحتكاك الإطارات بالشارع معاودة السيارة الانطلاق من جديد عبر الشوارع الكارثية للمنطقة، فإن كنت ترغب بأن تصاب في ارتجاج دماغي وأن تخض تماما كعلبة اللبن قبل فتحها ففقط اجلس في السيارة واستمتع برحلة فوق شوارع مكسرة ومحطمة ومملوءة بالحفر والمطبات التي تجعلك ممزوجة بسرعة خيالية للسائقين تود لو أنك تقطع المسافة بأسرها سيرا على القدمين، بدلا من شعور الغثيان الذي ينتابك وانت تحس بأحشائك على وشك القفز خارجة من فمك مع هبوطك بعد ذلك المطب، هذا صيفا، أما شتاء فعليك أن تكون دوما جاهزا الاستحمام بالمياه العفنة التي تملأ الشوارع، وهي تعرف ذلك الشعور المقرف جيدا، فكم من مرة وجدت نفسها مبللة من قمة رأسها إلى إخمص قدميها جراء سائق يحلق بطائرته لا يقود سيارته، أجل فثلاث أرباع شوارع إحياء رام الله والبيرة على حد سواء بحاجة لإعادة تأهيل، وعندما تتحدث عن إعادة التأهيل فهذا يعني هدم المدينة بأكملها وإعادة بنائها من نقطة الصفر، فعندما تقف في الساعة الثامنة صباحا أو الواحدة ظهرا ستكتشف أن تلك الشوارع على وشك أن تكفر بروادها وتصرخ بهم أن توقفوا وارحموني، فالازدحام المروري في قلب رام الله وشارع نابلس هو أمر لا يتقبله عقل، لا سيما أن الشارع تخول لموقف سيارات مع أنه لا يحتمل المشاة!، ولا يشكل الشارع الرئيسي المودي إلى المحكمة أي فرق، فهناك حدث ولا حرج عن الاختناق بين عشرات السيارات التي تمر في شارع لا يتجاوز عرضه بضع أمتار، سيارات الشرطة وسيارات المحامين وسيارات الأجرة والسيارات الخاصة، وفوق هذا كله مئات من المواطنين والمحامين ومكاتب الخدمات والمحلات التجارية، أما ما هو أفظع فهو استقرار مدرسة إلى جوار المحكمة! وعندما تحل الساعة الثانية فهي تفضل أن تكون في الدار الآخرة على أن تكون في ذلك الشارع الصغير الذي يتحول إلى سوق يختلط فيه الحابل بالنابل.

توقفت السيارة على الجهة المقابلة للمحكمة ليفتح الرجل الجالس إلى جوارها الباب ونزلت تتبعه هي واثنين آخرين من الركاب، أخذت نفسا عميقا مقلبة بنظرها إلى المحكمة أمامها، ما زالت الحشود قليلة فالساعة لم تتجاوز بعد الثامنة والنصف، وهي في الواقع تفضل إنهاء عملها باكرا، ففي دائرة تنفيذ محكمة رام الله إما أن تنتهي باكرا أو أن تظل مسمرا هناك بين حشود المحامين الذين سيتوافدون خلال النصف ساعة القادمة، عبرت الشارع نحو الجهة المقابلة مخرجة شريحتها الإلكترونية من حقيبتها ودالفة إلى المكتب الأول، فالاضطرار إلى طباعة ما تريده لدى هذه المكاتب المنتشرة حول المحكمة كالنمل حول قطعة سكر هو أحد مساوئ عدم امتلاك المحامي لمكتب فعلي، فهو مجبر على طباعة طلباته المفاجئة هنا أو تجهيز أوراقه مسبقا ومن ثم طباعتها هنا، وهذه ليست بالرحلة الممتعة لأي محام، بل ولا حتى للمواطن، وقد كادت أو في النهاية ستفقد صوابها جراء هذا العمل الروتيني، وهناك سببين أساسيين لهذا، الأول انك لن تضمن بقاء شريحتك على حالها بعد أن تدخل إلى أحد تلك الحواسيب المغمورة بشتى أنواع الفايروسات الإلكترونية، ما يعني أنك لن تجد الملف الذي تريد طباعته وستضطر إلى البحث عنه داخل الشريحة، أن كنت موفقا ستجده والا فاستعد لعملية أكثر تعقيدا، وهذه هي السيئة الثانية، إنهم لصوص، فلتطبع ورقة عن شريحتك ستدفع بأقل تقدير من 2 شيقل إلى 3 شواقل وذلك حسب مزاج صاحب المكتب، أما إن قطعت بك السبل وأردت كتابة طلبك عندهم فعلى الأقل ستخسر 10 شواقل بالحد الأدنى، وهذا يعني أنك تحتاج لميزانية ضخمة فقط لأجل هذا!، وفي النهاية ستضطر لدفعها من جيبك الخاص وذلك لأن أتعابك ستدفع عندما تحصل المبالغ النقدية من ملفات التنفيذ خاصتك، وإن كانت لديك خبرة أسبوع واحد في دائرة تنفيذ رام الله ستعلم أن هذا قد يأخذ سنوات حتى يتم، وحتى ذلك الوقت فهي تضطر في ملفاتها الخاصة ان تدفع هذه المبالغ من مصروفها الذي تأخذه من والدها!؛ أليست هذه هي قمة السخرية وحضيض ذاك الذي تدعوه مسيرتها المهنية؟.

أمسكت الأوراق مستعيدة شريحتها لتبدأ رحلة المحكمة، شقت طريقها عبر البوابة الزرقاء التي بدأت الجموع بالتوافد إليها، فهي تشكل محطة انتظار لا أوضح منها، حيث يقف المواطنون منتظرين بعضهم تارة أو مترقبين وصول محاميهم تارة أخرى، على الوجوه المتناثرة حولها يمكنها أن ترى العديد من الملامح والمشاعر، فهناك من يدخل هذا المكان للمرة الأولى، تراه حائرا مرتبكا وخائفا، فهذا ما تزال صورة القانون الصارم والعقوبات الرادعة وأهمية دور القانون في حفظ الحقوق ومعاقبة المنتهك -والتي ربما سمعها من برنامج تلفازي و إذاعي أو قرأها في مقال على الفيسبوك- وهذه الصورة البراقة المتوجهة تدفع به ليشعر بالرهبة وهو في ذلك المكان الذي يحق فيه الحق، فما تزال ماثلة أمامه مطرقة الفاضي وجبته السوداء وشعره المستعار الأبيض، أجل انه ما زال داخل أحد الأفلام المصرية أو المسلسلات الأمريكية.

أما البعض الآخر فهو أشبه ما يكون بأحد ساكني هذا المبنى ذو الطوابق الستة وملحقاته، فتراه واقفا يدخن سيجارة بيسراه فيما تقبض يمناه على كوب القهوة الكرتوني الذي ابتاعه من الكافتيريا التي تقبع داخل المحكمة بطعمها السيء وخفتها البخيلة، صحيح انها تكره القهوة وتمقتها إلا أنها تعرف جيدا انها لا يمكن أن تكون جيدة بالنظر إلى النسكافيه الكارثي الذي يصنع داخل تلك الكافتيريا،هؤلاء يعرفون خفايا المحكمة وتفصيلاتها، فهم يمتلكون على الأقل بضع عشرات من الملفات، ما بين الحقوق والجزاء والتنفيذ، تشاهدهم داخل المبنى بشكل يومي، وهؤلاء يدركون جيدا حقيقة هذه المحكمة التي دخلوا إليها، فهي مجرد مكان لقتل الوقت وإضاعة المال، هؤلاء هم تلك الفئة التي ما بات لكلام المحامين المعسول أثرا عليهم، فهم يعرفون جيدا كيف تسير الأمور هنا، يدركون أن أغلب من يدخل هذا المعترك لا يخرج سليما معافى قبل سنوات عديدة، وهذه المعرفة دفعت باللامبالاة لتخيم على تقاطيع وجوههم.

وهناك ذلك القسم الذي ترى اليأس والاستسلام في تجاعيدهم وتخبرك تلك التموجات عن راية ألقيت منذ زمن، فهم يحضرون لهذا المكان لا لتحصيل حق بل لإزجاء وقت بأمنية وصلاة للتخلص من هذا المستنقع الذي غاصوا فيه، فهم لم يعد يريدون أن يحصلوا على حقوقهم التي مر عليها زمن سحيق، بل إنهم يبغون فقط أن ينتهي هذا الكابوس مرة وإلى الأبد.

ومنهم من لا يمكن إلا أن تلاحظه، فابتساماتهم واسعة مبتهجة لا تدري لها إلا سببا واحداً، فهم يأتون هنا للنيل من خصومهم، والسبب الوحيد الذي يدفعهم كي يخطوا داخل المحكمة بابتسامة هي إدراكهم أنهم لن يحصلوا على حقوقهم ولكنهم سيسومون خصومهم سوء العذاب.

عبرت الباب الجانبي للمدخل الرئيسي للمبنى والمخصص للمحامين صاعدة صف الدرجات الأولين والذين لم يتواجد عليهم الكثير بعد، فبعد نصف ساعة من الآن سيبدو هذا الدرج أشبه بطريق نمل صاعدة ونازلة في عرض لا يتجاوز المترين، طالما كانت النوادر الخاصة بسلم المحكمة تبدأ من كونها رياضة مخصصة للمحامين، فبالوضع العادي للمحامي عليه عادة أن يصعد هذا الدرج من ثلاث مرات إلى خمس يوميا، وهذا بحد ذاته يعتبر رياضة مجانية يقوم محاموا رام الله بها دون أن يدفعوا اشتراكا شهريا ولا حتى شيقل واحد، وهي نفسها طالما وضعت هذه الحجة أمام والدتها خلال مشاحناتهما اليومية حول وزنها الزائد حسب رأي أمها، وهذا ما يشكل نقطة سلبية إضافية لهذا المبنى المتهالك الذي باتت أمنية المجتمع القانوني كاملا في رام الله أن يتم تغييره، فالشيء الوحيد الذي ينفع هذا المبنى العجوز لأجله هو أن يسوى بالأرض وتبنى بدلا منه حديقة اطفال.

-صباح الخير، أريد ترسيم هذه الطلبات أمجد
تحدثت مع موظف الصندوق مادة له الطلبات الثلاث الخاصة بها عبر الشباك الزجاجي الذي يفصله عن المراجعين، مدت الأوراق له من خلال الثقب أسفل الزجاج لتراقبه يملأ قسيمة الرسوم البيضاء والتي تنعكس كتابتها على الورقة الحمراء أسفلها، لقد حاولت مرة خلال جدال مع إحدى رفيقاتها أن تحسبا حقيقة العمل الرسوم الذي تؤخذ في هذه الحجرة الصغيرة، فمنذ أن تفتح أبوابها صباحا في الثامنة وحتى تغلق لن تجد دقيقة واحدة يفرغ فيها الصندوق، وهو ما يدفعها لتكون هنا قبل الثامنة والنصف حتى تضمن أنها لن تظل هنا حتى نهاية اليوم، خصوصا في تلك الأيام التي تشمل دفع مخالفات السير، آوه، إذن ذلك النهار بأكمله يجلب ثروة لا تنضب إلى المحاكم، فعلى أقل رسم هنا تدفع 5 شواقل، وإن أردت أن تحسب كم رسما يدفع على الطلبات المنوعة للمحامين، أو حلف اليمين الذي يقوم به شتى المواطنين والمحامين، أو رسوم الدعاوي وغيرها العديد مما لا يعد ولا يحصى، كل تلك النقود التي تدخل الخزينة وتنتهي فيما لا تعلمه سوى السماء تاركة المبنى في حالته المتهالكة تلك.

تناولت الأوراق مع الوصول من أمجد مادة النقود إليه متمتمة ببضع كلمات شكر قبل أن تستدير مغادرة الباب مع دخول مجموعة من المحامين إلى الصندوق محملين بالأوراق، فيما كان في الانتظار رجلين آخرين، عادت لتسلك طريقها خلال السلم بخطوات سريعة خارجة من المبنى بلمح البصر، فإن كانت تريد أن تنهي عملها في دائرة التنفيذ قبل أن يحل المساء عليها يتوجب عليها أن تكون هنالك خلال دقيقة أو دقيقتين، فداخل هذه المباني جميعها يستقر كابوس المحكمة الحقيقي داخل تلك القاعة المتوسطة الحجم، والتي لم تلبث رفوفها تزداد يوما بعد يوم، فأجل هنالك قاعدتين داخل دائرة تنفيذ محكمة رام الله، إما أن تصل مبكرا وتنتهي مبكرا أو تصل متأخرا وتنتهي متأخرا، وفي كلتا الحالتين ستغادر دون أن تنهي نصف عملك، وذلك لمجموعة من الأسباب المتنوعة، فإما أن ملفك ضائع، أو أن ملفك غير موجود على الرف مكانه، أو أنه في مكان ما داخل ذلك القسم المعقد الملتوي بدء من القاضي مرورا بقسم التصوير وانتهاءً بقسم الأرشيف، وهي المهمة التي لا تتسغرق سوى أسبوعين إلى شهرين في بعض الأحيان، دخلت عبر الباب الأسود مديرة نظرها حولها حيث المثاعد المتناثرة وأكواب القهوة المرمية هنا وهنالك والمحامين مصطفين أمام النوافذ الخاصة بمكاتب الموظفين، تقدمت نحو النوافذ ملقية ببصرها خلفها، مكاتب اصطفت عليها الحواسيب شبه المفتوحة، مجموعة عديدة من الأوراق المتناثرة هنا وهنالك، أقلام مرمية، ملفات مكومة فوق بعضها، بكلمتين بسيطتين، فوضى عارمة، والأهم من ذلك كله لا موظفين، وضعت دفترها والأوراق التي يفترض بها أن تضعها داخل ملفاتها على حافة المساند الخشبية أسفل النوافذ الزجاجية مراقبة المكان أمامها، فهنا يبدء الجحيم الأرضي لعديد من المحامين، وبالنسبة لها هي فهو الدور السابع من الجحيم، ليس لأنها فقط تقف هنا لساعتين كاملتين دون أن تحظى بأي نتيجة في نهاية المطاف، بل لأن قصتها هذه هي ما يمر به كل محامٍ في فلسطين، وبالتأكيد ليس فقط في رام الله، فبداية ستنتظر حتى التاسعة حين يتكرم موظفي الدائرة ببدء دوامهم واستقبال طلباتهم، ثم تبدأ المعركة الحقيقية في اقتناص كل محامٍ لفرصة الحصول على ملفاته قبل غيره، والمشكلة أنها لا تعرف أي موظف يحضر الملفات، فكل واحد منهم يلقي بالمهة على عاتق غيره، وفي غرفة تضج بما يربو على المئة محامٍ لن تكون تلك لحظة يحلم بها طلاب كلية الحقوق عند تخرجهم.

قطعت ورقة صغيرة من دفتر ملاحظاتها لتخط عليها أرقام الملفات الثلاث التي تأمل أن تجدها على الرف مكانها وتلك التعليقات التي تسمعها يوميا من المحامين داخل هذه القاعة، فإلى يسارها وقف ثلاث محامين يدهنون ويشربون القهوة متجاهلين حقيقة أن التدخلين داخل المحكمة ممنوع، ولكن إلى الجحيم، ما يهم من القانون إن كان حاموه يخترقونه، حركت الهواء أمامها بيمناها محاولة إزاحة الدخان من أمام وجهها متابعة التعليقات باهتمام دون أن ترفع عينيها عن الأوراق، فثلاثتهم يتذمرون بسخط حول تكدس موظفي الدائرة في غرفة الأرشيف
-ما الذي يفعلونه هنالك بحق الجحيم؟
- ألا يمكنهم أن يباشروا بعملهم؟
-سحقا إنها على وشك أن تصبح التاسعة؟
-ما الذي كنت تتوقعه يا صديقي؟، إنهم لا يفعلون شيئا عدا الثرثرة هناك؟، هذا ما نحصل عليه
-أتعلم أنني يوميا ومنذ أسبوعين كاملين أحاول العثور على ملفي؟، وما الذي أحصل عليه؟ لا شيء، ملفك ليس هنا أستاذ، أين هو إذن؟ لا أعرف، إذن من يعرف بحق الجحيم
-بالتأكيد ليس الموظفين يا صديقي!، لا بد أن تدور في الدائرة كلها لشهر على الأقل قبل أن تعثر على الملف، وذلك لأن موظفا واحدا قد ألقى به دون اكتراث في مكان ما، إحدى المرات استغرقني الأمر شهرا كاملا للعثور على ملفي، وفي نهاية المطاف كل ما عثرت عليه كان بقايا ملف ملقى به تحت كومة ما دون أن يطلع القاضي عليه حتى، وكل هذا لأجل موظف واحد لا يرغب بالعمل
-فلتحل اللعنة على هذه المحكمة بما فيها، أتمنى لو أن زلزالا يضربها ليزيلها من على وجه الأرض

لم تكن هذه الكلمات جديدة على مسامعها، بل هي مصائب واجهتها يوميا خلال البطالة المقنعة التي تمارسها تحت غطاء تلك البطاقة البيضاء وروبها الأسود.



*****************
يسرى حسونة



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 02-03-18 الساعة 04:41 PM
يسرى غير متواجد حالياً  
التوقيع



رد مع اقتباس
قديم 30-01-18, 12:10 AM   #3

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

صورة النمطية التي تلتصق بالمحامين في الوسط العام، فهو مجرد مماطل يعشق قبض المال ومن ثم تجاهل موكله حتى يصل به الأمر إلى إغلاق هاتفه وترك موكله يتخبط في الظلمات دون أن يتعب نفسه بالرد عليه، ومع مرور الوقت وبحكم العادة يغدو المحامي مجردا من عقدة الذنب تجاه موكله بل ويصبح من الغريب أن يلقي باللوم على ذاته، ويقوده المطاف نهاية لإلقاء اللوم على موكله وتبرئة نفسه، حتى هي مرت بهذه الحالة أثناء تنقلاتها المستمرة في المحكمة، فهذا ليس بالأمر الغريب أو العجيب داخل مجتمع المحامين في الوقت الراهن، وما يساعد في تفشي هذه الظاهرة وتراكمها هو الوضع القانوني السيء الذي يفتح المجال أمام العاملين، فالمحامي يلقي باللوم على المحكمة بأجهزتها وقضاتها وموظفيها ونيابتها، وفي المقابل يلوم القاضي المحامي، وتلوم النيابة القاضي والمحامي، وهلم جرا في دائرة مفرغة لا نهاية لها.

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 30-01-18, 12:13 AM   #4

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميلة جدا واسلوبك حلو تناولتي السلبيات والاحباطات والكفاح والمعانة في سبيل الحلم ام الوظيفة وهذا مايميز حالنا جميعا كعرب وليس رام الله فقط سعيدة بقراءة قصتك ومنتظرة المزيييييييييييييييد وفقك الله ويسر احوالنا جميعا


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 22-02-18, 08:39 PM   #5

Asma-

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاء وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Asma-

? العضوٌ??? » 294445
?  التسِجيلٌ » Apr 2013
? مشَارَ?اتْي » 4,916
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Asma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond reputeAsma- has a reputation beyond repute
?? ??? ~
قد لا يكون الوطن أرضاً .. فقد يكون قلباً .. أو قلماً .. أو أرواح قريبة منا .
افتراضي

اذا كان مؤسسة العداله لا تستطيع ضبط
سير الامور فيها
كان ما تعانيه محاميتك في القصه اقل ايلاما
قصتك القت الضوء بتكثافه مميزه جدا على موضوع
لاول مره اقرا عنه
احسنتي فعلا احسنتي اعجبتني جد


Asma- غير متواجد حالياً  
التوقيع


بسم الله الرحمن الرحيم
" فأن تولوا فقل حسبي الله ربي لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم"


من يتعذر انه لا يوجد وقت لقراءة القرأن
أجعل هذه العباره نصب عينيك :
ما زاحم القران شيء إلا باركه
د أحمد عيسى
رد مع اقتباس
قديم 10-03-18, 11:47 AM   #6

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

تم تمييز القصة وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها وتميز طرحها

الف مبروك وكل الموفقية نتمناها لك

الغلاف اهداء من اشراف وحي الاعضاء بتصميمي (كاردينيا73)



كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 10-03-18, 12:22 PM   #7

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 11-03-18, 04:51 PM   #8

sam2001
 
الصورة الرمزية sam2001

? العضوٌ??? » 165263
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,479
?  نُقآطِيْ » sam2001 is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

sam2001 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-18, 09:32 PM   #9

يسرى

نجم روايتي و كاتبة فى قصر الكتابة الخيالية

 
الصورة الرمزية يسرى

? العضوٌ??? » 88476
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 458
?  نُقآطِيْ » يسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاردينيا73 مشاهدة المشاركة
تم تمييز القصة وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها وتميز طرحها

الف مبروك وكل الموفقية نتمناها لك

الغلاف اهداء من اشراف وحي الاعضاء بتصميمي (كاردينيا73)

شكرا جزيلا عزيزتي
إن من دواعي سروري أن أرى قصتي وقد نالت رضى الجميع

وأقدر جهود الجميع بلا استثناء


يسرى غير متواجد حالياً  
التوقيع



رد مع اقتباس
قديم 18-03-18, 09:33 PM   #10

يسرى

نجم روايتي و كاتبة فى قصر الكتابة الخيالية

 
الصورة الرمزية يسرى

? العضوٌ??? » 88476
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 458
?  نُقآطِيْ » يسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond reputeيسرى has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة asma- مشاهدة المشاركة
اذا كان مؤسسة العداله لا تستطيع ضبط
سير الامور فيها
كان ما تعانيه محاميتك في القصه اقل ايلاما
قصتك القت الضوء بتكثافه مميزه جدا على موضوع
لاول مره اقرا عنه
احسنتي فعلا احسنتي اعجبتني جد
أهلا عزيزتي
تسرني أن قصتي أعجبتك

وأتمنى فعلا مثلك لو أن محاميتي قد لاقت مصاعب اقل مما شاهدته أنا على الأقل


يسرى غير متواجد حالياً  
التوقيع



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:53 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.