آخر 10 مشاركات
مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          62 - قل كلمة واحدة - آن ميثر - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )           »          رهاني الرابح (90) للكاتبة: سارة كريفن ...كاملة... (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          الفرصة الأخيرة (95) للكاتبة: ميشيل كوندر ...كاملة... (الكاتـب : سما مصر - )           »          معذبتي الحمراء (151) للكاتبة: Kim Lawrence *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          88 - البحار الساخر - روبن دونالد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          عروس دراكون الهاربة(157)للكاتبة:Tara Pammi(ج3من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          عندما ينتهي الكذب - هيلين بيانشين - روايات ديانا** (الكاتـب : angel08 - )           »          1 - عودة الحبيب الضال - فلورا كيد - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree30Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-02-18, 02:44 AM   #111

ميمي 80

? العضوٌ??? » 406639
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » ميمي 80 is on a distinguished road
افتراضي


مبرووك حبيبتي موني روايتك الجديده 🌹🌹كنت منتظرة من يوم الاحد نزولها ربي يعطيكي الصحه والعافيه ولايحرمنا من كلامك الرائع والعبر والمواعظ من احداث رواياتك المميزة 😍ابطال جدد واحداث جديده منتظرين ع ناااااار❤ودمتي غاليه🌷

ميمي 80 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-02-18, 03:40 AM   #112

samiataha
 
الصورة الرمزية samiataha

? العضوٌ??? » 276342
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,340
?  نُقآطِيْ » samiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond reputesamiataha has a reputation beyond repute
افتراضي

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

samiataha غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-02-18, 11:41 AM   #113

تى تى بك

? العضوٌ??? » 132670
?  التسِجيلٌ » Jul 2010
? مشَارَ?اتْي » 593
?  نُقآطِيْ » تى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond reputeتى تى بك has a reputation beyond repute
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر
مشتوقه اعرف حكايه ستره
واشوف السنفوره عامله ايه مع التنين😂😂😂😂😂


تى تى بك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-02-18, 08:38 PM   #114

hanhan

? العضوٌ??? » 265766
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 268
?  نُقآطِيْ » hanhan is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

hanhan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-02-18, 10:07 PM   #115

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
Elk

يونس ال عيسي


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 03-02-18, 10:15 PM   #116

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

لا يعظم الذنب عندك عظمه تصدك عن حسن الظن بالله تعالى فإن من عرف ربه استصغر فى جنب كرمه ذنبه”
أحمد بن عطاء الله السكندري, الحكم العطائية


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 03-02-18, 10:19 PM   #117

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي



modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 08:11 AM   #118

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم ....

المقدمة ...

يسألونني عن بئر السواد، ما هو؟... وأين هو؟... وكيف هو؟.. فقلت تعالوا والتفوا من حولي، لأنني سأخبركم عن الدُّرر... دُررٌ ألقى بها الزمن في واد سحيق حين أغضبه جهل البشر، وتجاهُل بني البشر. ألقاها بحكمة من يعلم سر الدواهي، ودواخل النواهي، وأن الدنيا دوارة، فكان لها لتعود وتُظهر نفسها أن يا إنسان أنا خلفك، بل أمامك، وبين يديك.
تعلموا يا سادة كيف تسألون، ومتى تسألون؟!...
بئر السواد لا مكان له محدد وله من كل مكان نصيب. موقعه على الخريطة مفقود لكنه موجود، في الناس من رأى منه الكثير، وفيهم من حاباه الله بحفظه وستره، فلم يعلم منه سوى القليل، لكنه يظل يسمع عنه الكثير.
بئر السواد تفسير الآية من قول الستير الحق{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}... أجل، كل فساد على البر والبحر بما كسبت ايدي الناس، ظالمين كانوا أو مظلومين.
فلا تسألوا عن مكانه، لأنه في كل مكان، قرر فيه بنو البشر النسيان، نسيان أصلهم وغاية خلقهم، نسيان الحق، وتجاهل القدر المحتوم.
لكنني سأخبركم عن ماهيته، فلعلني أجد فيه المستور، وأفشي فيه سره المدفون. بئر السواد ظُلمةٌ وعتمة، تشكلت بيد شيطان ملعون، وجد في الأحشاء سُمٌّ منثور، فاتّخذه بَحْرَه المسجور*، ليعيث فيه وبه فسادا على الأرض.
أما كيف هو؟ .... فقلبي يرتعد من كل ذِكر لوصفه، ويتقلب في صدري همًّا من كل ضربة جديدة له، يحقق به نصره المزعوم على بني البشر. ولأنه ظُلْمة، فهو على كل ذي باطلة يُبنى، والباطل طرقه كثيرة ومتشعبة، وكل مرة على وجه مختلف يظهر، وببنية مغايرة يتشكل. بعكس الحق، طريقه واحد واضح، لذا تجد أهل الحق على قلب واحد مجتمعون، وأهل الباطل قلوبهم شتى، وإن كانوا تحت غيمة سواد يجتمعون.

*مسجور... يتقد.

(مشاهد من الماضي ....)...

يمسك يده مطبقا عليها بقوة، وهو يذرف الدموع بحرقة، يراقب ما تبقى من جسد كان، وهدّه المرض، ليصبح شبيها بهيكل عظمي، يتنفس بمشقة أعلمت من حوله، أنه ينازع.
ومن وسط سكراته يلتفت إلى الباكي جواره، يقول بهمس أتعبه الشقاء، والوجع ...
(جارح .... لا تبكِ .... إنها رحمة من ربي .. أن يأخذ روحي إليه... لقد تعبت من الدنيا وأوجاعها .... لو فقط وجدت شقيقتي .... كانت راحتي اكتملت ... لكنها أمانتك يا جارح ... فلا تخن الأمانة....)... قاطعه الفتى هاتفا، من بين شهقات بكائه المريرة، يتمسك به بيأس يدمي القلوب ...
(لا تمت أخي مصطفى .... أتوسل إليك... لا تتركني وحيدا في هذه الدنيا الظالمةِ أهلها.... لقد وعدتني بحمايتي ... وأنت لا تخلف وعودك أبدا.... لا تمت أرجوك ...)...
بلل شفتيه المبيضتين، ليزحف عليهما شبح بسمة، لا عنوان لها يجيب بعتاب ...
(محياي ومماتي ليس بيدي ... بل بيد المولى عز وجل ... تذكر ما علمتك إياه يا جارح ... لن يصيبك ظلم العباد.... إن التزمت بطريق رب العباد .... تذكر ذلك يا أخي .... إياك والنسيان ... أو اتباع ظنون الإنسان من وساوس شيطانه... إن فقدت الثقة بعدل الحق ... ضِعت وضاعت حياتك ... وستعود لتتنازعك كلاليب الدنيا ..... فتحيى في شقاء... وقد تفقد آخرتك كما قد تفقد دنياك ....)...
شهق بقوة، وجحظت مقلتيه، والجسد الضئيل أمامه ينتفض بروحه التي حان رحيلها بإذن خالقها، فانطلقت مطيعة مستجيبة دون حتى استئذان صاحبها، الذي حرك لسانه برغم ثقله إلا أنه أوصل للفتى حِس نطقه الخافت المتقطع....
(أمانتك سترة .... سترة ... أشهد أن لا إله إلا الله... وأن محمد رسول الله ... )....
بلع ريقه، ويديه ترتعش بردا كان مصدره كف الذي فارق الحياة أمامه، بلا حول من كلاهما ولا قوة، كما مقلهما الجاحظة، الأول فقد الحياة إلى الأبد، والثاني يبحلق بصدمة، تلته شهقة، لكن ليس من أثر البكاء، بل ليملأ رئتيه من الهواء، شاعرا بجدران الغرفة تطبق على صدره، كأن الدور قد حان عليه ليلفظ أنفاسه الأخيرة.
ترك يده بروية بعد أن قبلها، ثم همس له بسرعة قبل ان يعدو هاربا من ضيق المكان على نفسه بوسعه...
(أعدك أخي... عهدا أُشهد الله عليه .... أنني سأنفذ كل وصاياك ... ولن أسقط إحداها ما حييت .... رحمك الله يا أخي ....)....
....................



بعد سنتين ....

منزل آل عيسى ....

(شكرا لك سيدة طائعة.... لقد اخجلتني بكرمك ...)... ابتسمت لها بدفئ مشوب بعتاب تجيبها ....
(لا تقولي ذلك ... ولا تناديني بسيدة ...أنا بمثابة شقيقة لك ... لا تترددي في الرجوع الي ...في أي شأن يضنيك ...).. اتسعت بسمتها صاحبة ذلك الوجه الأسمر المليح، تقول وهي تحمل حقيبة فيها من الخير الكثير ...
(جزاك الله بكل خير... سي... أقصد دكتورة طائعة ... سلمي لي على الخالة شمة ... وباقي نساء العائلة الطيبات... أراك في المشفى بإذن الله ...).... أومأت لها طائعة بود، وراقبتها إلى أن استقلت سيارة الأجرة التي أصرت عليها ان تتخذها وسيلة نقل على حسابها، فعادت تبتسم حين لمحت من ينتظرها على الباب الداخلي، يقول بحب ...
(رحلت الفتاة؟؟)... هزت رأسها ترد برقة ...
(أجل ... أشفقت عليها من كثر ما عملت في العرس ... إنها فتاة مثابرة ...تربت على الشقاء ... )... مطط شفتيه بأسى، يقول وهو يضمها داخلين ....
(كنت لأوصلها بنفسي ... لو اخبرتني ... أنا لا أعرفها بتاتا ...فقليل ...ما ألاحظ عمال النظافة في المشفى ...)... ربتت على كتفه تفسر ...
(لديها عزة نفس قوية .. و لقد اخذت ما منحتها إياه بعد رجاء وتهديد بالحزن من موقفها ان رفضت ...لذا تجنبت أي أمر آخر يحرجها ... )... أومأ بتفهم، ثم ما لبث ان ابتسم بمرح يقول ...
(عيسى سيسافر في رحلة شهر عسل .... هل تصدقين؟؟.. .. )... ضحكت طائعة تجيب بنفس المرح ..
(الحمد لله .... لقد أصبح شهر العسل يتخلل تقاليدنا ... إنها من أفضل العادات العصرية .... )... رفع حاجبه راضيا، لما يخطط له ...
(لهذا قررت أن نهرب أنا وأنت في رحلة مشابهة ... لنذوق طعم ذلك العسل ....)... ضحكت مجددا وقد احمرت، تهتف ...
(وابراهيم .. ماذا نفعل بشأنه ؟؟)... شد على ذراعها يقول بدفئ....
(سنأخذه معنا ... فوجود الأطفال.. لا يمنع العسل من ان يُؤكل....)... رمقته بحب متبادل، تجيبه برقة ...
(فليكن إذن ...رحلة عسل تشمل اسرتنا الصغيرة ...)...
.................

بعد تلات سنوات ....

المدينة السياحية ..... مقر مجموعة آل منصور ...

ترجل إسماعيل من سيارته، أمام مقر المجموعة التي حمل أمانة متابعة أعمالها من بين أُناس لطالما اعترف لنفسه بحسن اختيار مصطفى لهم. لم تكد مقلتيه تشمل ضخامة المبنى حتى لمح الشاب في انتظاره على بابه الكبير.
أومأ له بتحية فمد له اسماعيل يده مصافحا، يقول بلطف ...
(هل تأخرت؟؟)... لم يأته سوى الصمت، ونظرات جامدة إلى كفه الممدودة، فضَيّق صاحب الكف عينيه بتفحص، ثم قال وهو يردها بتقبل صريح ....
(إذن .....هل نلحق بالاجتماع؟؟)... وكأن الشاب أجفل، يرمقه بسهو، ثم أشار له ليتقدمه ناطقا بنبرة صقيعية ...
(تفضل دكتور ... لقد انتظرتك بتعمد ... فهناك ما أود اخبارك به ...قبل ان ننضم إلى الاجتماع...)...
تابعه إسماعيل منصت وهو يقف أمام المصعد، ليلتفت على اثر استدراكه الجامد ...
(هل تمانع إن سلكنا الدرج ؟؟)... رفع كفه يحرك ربطة عنقه، وقد اسودت مقلتيه من تفحص اسماعيل بعملية تتسم بالغموض، ليتجاهل الاخير الأمر مجددا، يقول باسما برسمية ...
(طبعا لا مانع لدي .... تفضل ...وأخبرني بما تريده؟؟)... تنحنح وهما متوجهان إلى السلم، وبدأ حديثه بجدية وثبات ...
(إنهم أهل مصطفى آل منصور....)... التفت اليه اسماعيل متابعا حديثه، وهو يلاحظ مدى تكوم ملامح الشاب باشمئزاز واضح ...
(انهم يبحثون عن شتى الطرق... ليستولوا على حصة الآنسة سترة.... بعد أن حاولوا الطعن في كل وصاياه ... وحرماني ومن ترك لهم نصيب من ثروته ... وقد بائت كل محاولاتهم بالفشل .... رحمه الله أخي مصطفى ... سد كل ثغرة قانونية وشرعية ...والآن...)... توقف على باب الطابق المعني، يكمل بغضب ..
(يريدون الاستلاء على حصة الآنسة سترة... يدّعون موتها ... بما أننا.. لم نجد لها أثر بعد ...)...هز اسماعيل رأسه يرد بغموض ...
(لكنهم لا يستطيعون اثبات ذلك .... فهي مفقودة ..)... أطبق على فكيه حتى برزت عظمتي جانبيه، وأظلمت مقلتيه بسواد لمع بالحقد، كما نبرته الجامدة ...
(أتوا بشاهد ما .... وأظن أغلب اعضاء اللجنة... قد مالت الى حديث ذلك السمج ... وأنا سأقتله إن لمس حصة الآنسة سترة ..)... ابتسم اسماعيل بخفة، جعلت الآخر يسهو بظنونه، ليرفع الأول يده مشيرا له بالتقدم قائلا بهدوء ...
(لا تقلق .... تفضل وكل شيئ سيكون كما يريده المرحوم ...)... رمقه بتشكك، فاتسعت بسمته يحثه ...
(هيا يا جارح ... ).....
........

كانت تلك القاعة طويلة بما يكفي لتستوعب طاولة اجتماعات تضم أكثر من عشرين شخص، منهم من جلبه الواجب تجاه انسان حمله أمانه، ومنهم من جلبه الطمع، والباطل. ومنهم من جلبه أخذ حقه الذي لم يكن يتوقعه ولا في أشد أحلامه جموحا. حل الصمت ورئيس اللجنة المكلفة يستقيم واقفا، يقول برسمية ....
(بسم الله ... نفتتح اجتماع توزيع الحصص، وتطبيق آخر وصايا المرحوم ...مصطفى آل منصور ...نسأل الله له الرحمة والغفران. والتي أنا واللجنة المكلفة والمكونة من خيرة رجال عقلاء، نشهد على صحتها وغير قابلة للطعن او التكذيب....)
التفت جارح يرمق أناس بتشفي حاقد، رجل بالذات، لم يره قبل بداية تدربه في المجموعة التي دخلت تحت بند وصايا مصطفى له، فتعهد بتكريس حياته ليبقى اسمه ساطعا في عالم التجارة.
لكنه يعرفه من خلال مصطفى نفسه، يعرف بشاعة أحشائه، وظلمة بئره السحيق. أشد أنواع البشر عداوة لهم من صميم قلبه، يتمنى الجارح لو يقبض على رقبته فيلويها دون رحمة. فمثله مكانهم الجحيم برأيه، ومن يلومه، لا أحد سوى خالقه، يذكره بوجوب تجنب التَّأَلُّه حتى على أشد الناس إجراما، رفع كفه يحرك ربطة عنقه فلم يظهر من توتره سوى لمحة عبرت مقلتيه بسرعة خاطفة، اقتنصها العدو يبتسم له باستفزاز، فهمس بنبرة رقت حتى ارتعشت، نبرة لم يسمعها منه إلا ربه خالقه .. ...
(ربي أنت اعلم بكل شيئ .... ربي أنت اعلم بكل شيئ....)...
)أفراد العائلة ممن حظوا بحقوقهم الشرعية .... لا حق لهم اليوم .. لذا نسألهم سبب حضورهم... قبل أن نطلب منهم الانسحاب من الاجتماع....)... تدخل رجل آخر، يتحدث ببسمة تلمع بلؤم يشع من قسمات وجهه المنفرة ليس لشيء سوى قبول عُدِمه من خالقه، فأصبح محاطا بهالة ال... احذر ..لكل من يقابله.
)انا دْريسْ ملزوم .... محامي حاضر عن عائلة آل منصور .... ومعنا اثبات ..... بوفاة أحد أفراد عائلة آل منصور .... وعليه فإن نصيبها سيكون من حق ...باقي أفراد عائلتها ..شرعا وقانونا ...)... قبض جارح بين كفيه بقوة، كادت أن تفتك بعظامهما، كما جزّ على أسنانه، وهو يرمي المحامي بنظرات سامة لو كانت طالته، لأردته قتيلا، ولولا بسمة اسماعيل الساخرة برزانة و ثقة، كان لينقض عليه وعلى من يحضر عنهم، ويزهق أرواحهم العفنة جراء بشاعة قلوبهم.
)وما هي دلائلكم واثباتاتكم على موت المعنية ....سترة آل منصور؟؟)... سأل رئيس اللجنة، فقال السمج بنبرة أكثر سماجة، وهو يشير إلى رجلين لا يختلفان عنه ومن حرضه، مظهرا ولا نية ...
)جلبنا شاهدين بالغين ... يجزمان ...بموت الفتاة .. قبل عامين ...وحضرا دفنها أيضا...)... (لا أصدق... كل هذا هراء!!)... انتفض جارح غير قادر على متابعة المسرحية الهزلية، لينظر إلى اسماعيل الذي أومأ له بعتاب، يقول ...
)جارح ..... اهدئ واجلس .... وراقب)... تلك الثقة المنبعثة من صميم مقلتي طبيب النفوس، بعثت بهدوء وراحة غريبتين، تسللت عبر خلايا صدره، فعاد إلى مقعده ينتظر.
بينما تحدث رئيس اللجنة، بعد أن أومأ له اسماعيل هو الآخر ...
)الرد على حديثكم ... هو أن ترفعوا دعوى قضائية ...لتثبتوا وفاة المعنية .... سترة آل منصور ... وعلى إثر.... قرار المحكمة ...نتصرف ... لكن ...).. تلكأ قليلا قبل أن يكمل برسمية، لا تظهر كم المكر في نبرته الرزينة ....
)وجب على الأطراف المعنية، العلم بباقي وصية المرحوم مصطفى آل منصور ...)... خطف انتباههم وسال لعابهم، طمعا وتوجسا، فقد تبث لهم سابقا مدى براعة وأمانة من اختارهم المرحوم لتطبيق وصيته.
)سأقرأ لكم نص الوصية بلسان المرحوم ..... إذا تم اثبات وفاة شقيقتي سترة آل منصور ... فجميع نصيبها ... سيحول إلى جمعية***... لضحايا الاعتداء الجنسي والمُعَنّفين ...ليكون لها صدقة جارية ....أسأل الله القبول ....)... اتسعت بسمة جارح وهو يرمق انتفاض الرجل من مكانه، وكأنه لُدِغ من أفعى متوحشة، يهتف دون وعي ...
)ما هذا الهراء؟؟..... لا أحد سيقبل بذلك ... المحكمة لن تقبل بذلك ...).... جلس رئيس اللجنة على مقعده، يرد بكل هدوء، ورسمية ...
)بالفعل سيدي ... يمكنك اللجوء للمحكمة ... فلا أحد منا مستعجل بتحقيق أي من القرارات المترتبة على وفاة المعنية .... فقط إذا قمتم أنتم أو أي أحد آخر .. بإثبات وفاتها ...)... تنفس بحدة قبل أن يشير لهم جميعا، فقاموا يتبعونه يجرون أذيال الخيبة، ليتوقف حين صدحت نبرة جارح الشامتة، بينما يدخل شاب آخر تملأ تقاسيم وجهه السخرية .....
)كف عن طمعك ... وشقيقة أخي مصطفى لم تمت ...وبإذن الله ...سنجدها ....)... هم بالرد عليه، فالتفت الى الشاب الآخر يقول بسخط ....
)ماذا تفعل هنا أنت؟؟)... رد عليه ساخرا، وهو يكمل خطواته إلى طاولة الاجتماعات، بسرواله الفضفاض المنخفض نسبيا، وقميصه المهلهل، متخذا كرسيا له بين الباقي ...
)ألا تعلم؟؟.... عمي مصطفى رحمه الله .... ترك لي نصيبا من أملاكه ... تخيل أنت ذلك... عمي مصطفى رجل فريد من نوعه.... رحمه الله .... )... بلل الرجل شفتيه، يرمقهم بسهو مغيض، ليجفل على صوت رئيس اللجنة الجاد ...
)من فضلك غادر سيدي .... فحتى حضور ابنك ...أسامة آل منصور ...لا يشفع لك قانونيا ...بالحضور ....)... استدار مغادرا يضرب الأرض بعنف، بينما ابنه يهمس لجارح، وهو يغمزه بتهكم ....
)أنا وأنت ....سنصبح أصدقاء ...)... رماه بنظرة جامدة، فسأل بضحكة ساخرة ...
)ألست تكره أبي؟؟)... رد بحقد غير متردد...
)أجل ....أكرهه ...)... علت ضحكة أسامة حتى لفتت انتباه بعض من الملتفين حول الطاولة، ثم قال ....
)إذن سنكون أصدقاء ....صدقني )... رمقه جارح بريبة، دون أن يتخلى عن ملامحه الجامدة، بينما رئيس اللجنة يتحدث برسميته المعتادة ...
)انتبهوا من فضلكم.... سنسلم ... في يومه.... وفي شهره ... وفي سنته .... حقوقا سُنّت لأصحابها .... طبقا للوصية التي تركها ...المرحوم مصطفى آل منصور.... بشكل قانوني غير قابل للطعن .....)....
…………………..

الحاضر....

المدينة السياحية ..... فجرا....

منزل جارح .....

يتقلب على سريره كمن يتلوى من الألم، يغوص بين أمواج الماضي في مشاهد مختلطة تنمي هواجس العقل الباطني بوهم الواقع السالف المر. تنهد بوجع مؤرق، محرك أطرافه في كل جانب كمن يستنجد من الغرق، وفمه مفغر بهلع جف على إثره ويبس، ليأتيه الفرج حين صدح جرس بيته ناضحا، وينتفض من كوابيسه فزعا، يتصبب من العرق شلالات منهمرة عليه من جحيم مشاعره الهائمة في صحراء العذاب.
تنفس بحدة أنفاسا تلاحقت عليه تنهش صدره دون رحمة، وهو يجلس على سريره يتلفت حوله منتزعا عقله من جحيم الوهم، كي يعود به إلى حاضره الرحيم به، إن فقط سمح له بذلك. انطلق الجرس مجددا، فاستقام واقفا يعلم دون شك من سيكون، وفتح الباب بإهمال كما استدار عائدا بمقلتين نصف مغمضتين، يقول بضجر ....
)أنت مجنون ....)... سارع في مقاطعته وهو ينزع عنه سترة بدلته الأنيقة، فهيئته قد تغيرت كليا، إن كان سلوكه لم يتزحزح عن كونه بشاشة ظاهرية، ومزاح مهرج توفت روح مرحه، ولم يبقى منه سوى بهرجته الضائعة.
)أجل... وستطردني في الحال... أنت تقول ذلك دائما ... ولا أهون عليك ...فأنا صديقك اللدود ...)...
التفت اليه جارح يقول بنفس الضجر ...
)أكره والدك ...)... ضحك عاليا وهو يحل ربطة عنقه، يجيب بسخرية ....
)وأنا أكرهه ...وما الجديد ؟؟... اسمع ادخل لتنهي نومك ...وسأحضر لك الفطور حين تستيقظ ...)... كبت بسمته الماكرة، حين هتف جارح بحزم ساخط، أظهره كمارد غاضب في تلك الفانلَّة البيضاء، والسروال القصير البيتي.
(أقسم إن عتبت المطبخ ....لن أفتح لك باب هذا البيت أبدا ..وسأطردك بحق ...اذهب للغرفة التي لا أعرف... متى أو كيف استوليت عليها!! ... وابتعد عني في هذه اللحظة ...)... رفع كفيه باستسلام مزعوم، يقول ببراءة مدعاة ...
)أنت الخاسر أيها الجارح .... سأذهب للنوم ... أراك بعد ساعتين ...).... زفر جارح بحنق، تحول الى اشفاق ورأفة، حين لمح اسراع الآخر إلى الحمام، ثم استدار عائدا الى غرفته، ليتمدد على سريره وهو يتظاهر بالنوم كي لا يلاحظ تأخر صديقه في الحمام، عالما ....أجل ...عالما بعلته. فقد كان ليصل إلى مرحلة صديقه، لولا ظهور عم صديقه في حياته البائسة وانتشاله منها. التفت على شقه الأيسر يهمس بحزن.
)رحمك الله أخي مصطفى .... رحمك الله ...).


………………..



منزل .... أهل نوران ....صباحا ...

استقامت على الجانب ترمق مرآتها الطويلة، تتفقد لباسها المكون من بدلة نسائية واسعة نوعا ما، ثم همست بغير رضى ...
)لا ...إنها واسعة... يجب أن أضيقها قليلا... )... في رمشة عين أو أقل، رحلت عنها أنفاسها تتسارع فرارا من صدرها، في سباق مميت مع مشاهد تهجم على إدراكها، وبين مقاومتها ومحاولة التحكم في تنفسها، تاهت وانتفض قلبها بقوة، وهي ترفع رأسها الى زوايا غرفتها الضيقة التي تباعدت بشكل مخيف تتسع، وتتسع لتسرع الى سريرها، تجلس عليه وركبتيها من أسفلها، ساحبة لحافها السميك تلفه من حولها، وتغمض عينيها بقوة ضاغطة لحد الانفجار ...
)ليس هنا ...ليس هنا... ليس هنا....لم أعد صغيرة ... لم أعد صغيرة ....)... تنطق بهمس أشبه بهدر، على وشك التحول الى هستيريا، لولا دقات من كفين صغيرتين، أخرجتها من دوامتها الحارقة، فاستكانت مكانها تحت اللحاف بأطراف متجمدة.
شعرت بلمسة ناعمة رقيقة، تحمل في طياتها براءة الكون، وحنان العالم، كما نبرتها المرحة بعمق صادق...
)عمتي رورو.... هل تلعبين الغميضة كما العادة ؟؟)... فتحت نوران مقلتيها الواسعتين على حين غفلة، أجفلت الصغيرة التي غطت فمها بنفس المرح، تستطرد بضحكة ...
)لقد أخفتني ...واااااو ... إنها عينيك من جديد ...لونهما يلمع حين يكون بؤبؤهما واسع ...)... زحفت البسمة إلى شفتيها اليابستين خوفا، تتسع رويدا رويدا وهي ترمق ضحكات الصغيرة، لترمي اللحاف خلفها وتستقيم واقفة تُعَدل من هندامها، وقد عاد إليها وعيها كاملا، بينما الصغيرة ترمقها بانبهار تسترسل ...
)ثيابك جديدة ... إنها جميلة .... لماذا تشترين ثيابا جديدة كل مرة؟؟.... أين تضعينها ؟؟... فغرفتك صغيرة ...).. تقدمت نوران نحو منضدة الزينة، لتستدير حين سألت الصغيرة مجددا ...
)على فكرة عمتي نوران .... لماذا غرفتك صغيرة ؟؟... على عكس جميع غرف البيت .... !!).... تنفست برتابة، ثم انقضّت عليها برقة ولهو ليسا لها، ولا يعلم عنهما سوى الصغيرة تخبرها بمرح ....
)لأنني أحببت غرفة دميتك ....فطلبت من بابا ...غرفة شبيهة ... كي تحبيني أكثر من دميتك ...)... هتفت الصغيرة بسرور صادق ...
)لكنني بالفعل أحبك ... عمتي رورو.... كثيييييرااااا)... نطقتها بتمطيط مرح، وهي تطير في الهواء بين يدي نوران التي أجفلت على دقات باب غرفتها، ليختفي المرح ويحل محله الجمود. وضعت الفتاة التي تقبلت تغير عمتها بسلاسة من تعود، ثم استقامت بعمود فقرها وسحبت حقيبة يدها. فتحت الباب بعد أن دست رجليها في حذائها الأنيق، ليقابلها وجه والدتها الذي لا يختلف عن قسمات وجهها الجميلة.
)بنيتي ... الطعام جاهز ...)... رفعت دقنها ببرود، ترد وهي تتجاوزها ....
)لقد تأخرت عن العمل ....)... شيعتها والدتها بنظرات مستنكرة، قلقة قبل أن تعود إلى حفيدتها تنادي عليها بنبرة هادئة تتداري بها حسرتها ....
)ملك ...تعالي حبيبتي لتفطري ...)...
………….

المشفى ..... القسم النفسي ....

رفع صغيرته من على الأرض متنهدا بألم تجاهله، يهمس لها بحب من نوع خاص جدا، وهو يرمق مقلتيها الصغيرتين تلمعان بلون الشوكولا السائحة كلون جديلتيها التان جدلهما بنفسه، فيتلمسهما كل لحظة كأنه غير مصدق كرم الخالق في رزقه.
)نور عيناي ...مهجة قلبي ... أنت أجمل وأحلى فتاة في هذا الكون ... تذكري هذا جيدا ... أنت قوية ... صالحة .... وأنا أحبك جدا .... أكثر حتى من حياتي ....)...
)بروفيسور .... مرحبا بك ... سعيدة بقدومك ...)... نظر إلى المقبلة عليهما، تحمل في يدها حقيبتها، والأخرى ملفات وضعتها على سطح مكتبها وهي تردف مشيرة الى الصغيرة...
)لما أحضرتها إلى هنا؟؟... صباح ستفقد عقلها ...)... ضم صغيرته بتملك شديد، ينم عن مخاوف تمكنت منه، هو البروفيسور يحاول محاربتها كأشباح تُخل بتوازن استقرار أحاسيسه، وهو يجيب بتهكم ...
)لقد فقَدَتْه منذ زمن وانتهى الأمر... لم تأتي بشيء جديد ...)... أومأت بيأس، وهي تقترب منهما وتمد له بملف ما، قبل أن تمد يدها وتمسد على وجنة الصغيرة المبتسمة لها ببراءة طفولية محببة....
)هذا ملف الفتاة.... ستأتي بعد قليل ....)... لم يتلقفه منها، يشد على ضم صغيرته، ويقبل راسها قبلات عدة، ثم رد بضجر ...
)طائعة ... أخبرتك من قبل ... استعملي الحزم .... إنه حل جيد ...لأمور عدة ...)... رمقته بنظرة مشفقة ليست له، فشخر ساخرا يكمل وهو يرفع كف الصغيرة الى فمه يمنحها قبلات بين كلماته ....
)مممممم ... طائعة الحنونة .... لا تستطيع صدم المريضة ...أنت وقلبك الطيب ... لكن عزيزتي ... الصرامة مهمة لإنقاذ الحياة .... أحيانا لا يكفي الحنو والتفهم .... )... نطقت بتوسل ظاهر تقول ..
)من فضلك بروفيسور ... لقد حاولت معها ... لقرابة السنة ... أشعر بأنني سأخسرها ... معظم المغتصبات ...أو المعنّفات ...يستجبن للعلاج حتى بعد حين ... أما هذه ...فهي لازالت في مرحلة جلد الذات عالقة ... )....
)إذن واجهيها بذلك ...)... قاطعها البروفيسور بحزم، فضمت شفتيها اشفاقا، ليستدرك بسخط ...
)من المعروف أن لكل مظلوم ذنب في ظلمه .... مع أنه ليس حجة للظالم مهما حدث .... فالله لا يظلم مثقال ذرة ... لذا وجب على المظلوم مراجعة حساباته ....وعلى الظالم أن يُعَاقب ... واجهيها بأكثر شيئ تخشاه ...)... راقبته تفكر بسهو، والبروفيسور يسترسل دون أن يترك تدليله لصغيرته، التي تستجيب له بشغف يضاهي خاصته.
)آه من المجتمع ... يربي الفتاة بتزمت ...ويطلقون العنان للولد ... فيُنتج ...فتاة تعاني من الكبت النفسي ... تفعل أي شيئ كي تكسر القيود الوهمية ... بينما الولد يعيث فسادا بحجة أنه رجل ولا يعيبه أمر....)...
)ك.... بت ... نفسي ...)... نطقت الصغيرة وهي ترمق والدها بانبهار شديد، فارتخت ملامح الأخير، ورقت نظراته حتى لمعت بدموع حبيسة يقول لها برقة بالغة ...
)لا ...يا روحي ...أنت لن تعاني منه أبدا ... هل تعلمين لماذا؟ ...ها؟.. يا غزالتي الصغيرة!..)... ضحكت الصغيرة بين يديه، لا تفهم سوى أن والدها يخصها ببسمات وحركات مهتمة، كادت أن تُبْكي مراقبتهما ...
)لأنني سأشرح لك كل شيئ حبيبتي الصغيرة .... أجل ... أي أمر أمنعك عنه ... سأقدم لك حجج تقنعك ...حتى تتجنبيه أنت ... لن أقمع حرياتك بغير داعٍ ... بل سأفسر لك ... كيف هو حب الله لعبده.... ورحمته به ... ستفهمين حبيبتي ... ستفهين ... ).... ضمها إليه مجددا، وطائعة تحبس دموعها جبرا، تقول ...
)هل ستقابلها؟؟)... صمت بحيرة وهو ينظر الى ابنته بتردد، فاستطردت بمزاح ...
)أنت البروفيسور الذي لا يتأخر عن من يحتاجه ....)... انطلق لسانه بتهكمه المعتادة ....
)أنت وأختك السبب ....)... قفز حاجبي طائعة دهشة وهو يكمل متذمرا ...
)لقد سخرت حياتي لخدمة الناس .... ولم أكن أحلم بالزواج .. وطبعا ليس بطفل من صلبي ...والآن أنا ....أنا .... أنظري إليها بحق الله...إنها لذيذة كقطعة شوكولا ...وصغيرة ... صغيرة جدا ...وأنا قد تجاوزت الخمسين بكثير....هناك أمور كثيرة لأعلمها إياها ... فهل سأعيش إلى أن أعلمها كل شيئ؟؟ ...)... ردت عليه بحنو ..
)أطال الله في عمرك .....)... زفر وتنهد بتعب يقول ...
)أنا أخشى مفارقتها... بل لا أريد مفارقتها.... أرغب في استغلال كل لحظة بجوارها .... أعلم أنني مخطئ.... لكنني لا أتحكم في مشاعري نحو ابنتي ....انها قوية ...)... كانت طائعة قد قررت أن تتنازل عن إجباره في رؤية المريضة، ورق قلبها فهي تعلم مدى تعلق البروفيسور بصغيرته، وزوجته حتى ان أظهر تهكمات على تصرفات صباح المشابهة جدا بتصرفاته، لكنه نزع الملف من يدها، ومد لها بابنته بعد أن أشبعها قبلا متتالية، وسحب عكازه بسرعة قبل أن يعود عن قراره، يهتف ....
)سأعود بعد قليل بإذن الله ... لا تفارقيها مهما حدث ... أنا احذرك ...)

………………………..

مدينة الجبل ..... أمام بناية سجن الجبل .....

تحرك من السيارة حين لمح شقيقه يخرج بهيبته من باب بناية السجن، فابتسم بتأثر لهذا الرجل العظيم، والذي أثبت لهم على مر السنوات أنه والد لهم لا شقيق أكبر. كيف لا وقد ترك كل أعماله سواء في المصنع أو منصبه كبرلماني مسؤول، كي يستقبل أخاهم من والدهم والذي سُمي على اسم والدهم، يونس آل عيسى. تجعد جبينه حيرة حين اقترب منه وحيدا دون المَعْني، فعاجله بالسؤال في نفس اللحظة التي ترجل فيها شقيقهم الثالث طبيب النفوس. ...
(ماذا حدث؟؟.. أين هو؟؟)... هز كتفيه يقول باستغراب ...
(الله أعلم ... لقد خرج قبل وصولنا بنصف ساعة ....)... رفع كفه يمسد على جبينه، فقال عيسى بدهشة ...
(إلى أين ذهب ؟؟.... )... أومأ ابراهيم بقلة حيلة، بينما اسماعيل يقول بادراك ...
(كنت متوقعا لموقفه ... لأنه رفض كل زيارة منا ...بل وطلب من جدي ... أن يبلغنا عدم رغبته في رؤيتنا أبدا ... إنه يرى نفسه عار علينا ....من خلال حديث جدي عنه....)... حل الصمت عليهما للحظة، قبل أن يسأل عيسى بوجوم ...
(ماذا سنفعل الآن؟؟..... وماذا سنخبر تغريد؟.... سيجن جنونها بالتأكيد.... )... (سأبحث عنه ... طبعا ...)... قال ابراهيم فرد عيسى باستسلام وهو يستقل السيارة ...
(لا شأن لي.... أخبرا أختيكما المجنونة.... )... ابتسما يتبعانه إلى السيارة، بينما اسماعيل يقول....
(سنطلب من منصف... ليخبرها بطريقته..... )... مطط عيسى شفتيه بحنق يقول وهو يشعل المحرك....
(تلك الفتاة ستفقدني أعز أصدقائي بطيشها .. لا أعلم لما قبلت بالخطوبة إن كانت ستعلقه بتلك الطريقة ؟؟....).....
جعد ابراهيم دقنه بحيرة، بينما يقول اسماعيل يدافع عنها ...
(إنها آثار الماضي .... إن لم تمحى جميعها ...لن تعيش بسلام ....)... استسلم جميعهم لرهبة الصمت مُقِرّون بصدق قوله.
....................

المشفى ....القسم النفسي ....

دخل إلى مكتب الجلسات بتمهل، ثم وقف يتأملها مما سبب لها بعض الارتباك، وتنطق بتلجلج ...
)أعلم أنها يئست مني .... لذا بعثتك مكانها... )... حافظ على صمته، واقفا دون حراك، فقط ينظر إليها بتلك المقلتين التين فقدتا حدتهما المختلطة بسخرية مريرة، رغما عنه صار يتخللها الحب والحنان والكثير من الانبهار لفتاته الصغيرة.
)أنا لا أمل مني .... اتركوني لذنوبي ... أنا بائسة خاطئة ...أستحق كل ما حدث معي ...أتركوني لعقابي ... )...
)أنت محقة ...)... شهقت بهلع وجحظت مقلتيها، ترتعش أطرافها التي هو متأكد من حمرتها كحمرة كفيها الظاهرين منها، تفكرهما بشدة. خطى إليها ساحبا كرسيه في عادة لم يستطع التخلص منها، ثم جلس عليه أمامها لا يفرق بينهما سوى نصف متر، ينظر في عينيها مباشرة وهو يكمل بحزم ...
)أنت من تسبب لنفسك في ما حدث لك .... أعلم ذلك ...)... تنفست بحدة، ثم قالت بهذر ...
)أ....أجل ...أنا كنت أحسب نفسي قوية ... وأستطيع الدفاع عن نفسي.... لطالما نصحني أبي بالحجاب ولم أفعل ...وأخي نهرني عن التأخر خارجا ....ولم انصت إليه... بل كنت أسخر منه ... وأتشاجر معه ... )... اكتفى بهز رأسه تفهما، وهي تسترسل بسهو ....
)أنت لا تفهم .... أنا ...).. صمتت قليلا، فقال يحثها ...
)اشرحي إذن ...)... عضت شفتها بوجوم، وقد تدفقت الدموع من عينيها تكمل بحسرة مريرة ...
)لقد ... كانت ثانية واحدة ... لحظة بائسة وحيدة .... لو كنت تأخرت أو بكرت بثانية ... ما كنت خُطِفت ولا ......)... ضغطت على شفتيها، تنتحب بمرار ....
(كنت برفقة صديقتي ... لا تفارقني أبدا ... مع أننا مختلفتين .... لسانها لا ينفك يفارق الذكر ... ملتزمة ... كانت تجبرني على تلاوة الأذكار.... وأنا ...استهزئ منها ... وبها ... وفي تلك اللحظة ... وقعت منها حقيبة يدها ...فانحنت وتأخرت عني خطوة واحدة .... كي تخطفها من على الأرض... ثانية حدث فيها كل شيئ... وانتهى فيها كل شيئ ... في تلك اللحظة .. وقفت سيارة كبيرة وأحد ما سحبني وانطلقت السيارة ...).... رفعت أنظارها البائسة إليه تكمل بحرقة...
(صديقتي حفظها الله ....وأنا لا ...اعلم ذلك ... وأستحق ما حدث..... كانت لتُسحب هي الأخرى...فقد سمعتهم ... يتحسرون عليها .... فما كانوا ليجازفوا بالعودة إليها...أو انتظارها ... لحظة واحدة فارقة .... هل رأيت كم أنا بشعة؟؟ ...حزينة من أجل نجاة صديقتي .... )... مال تجاهها يلجم نفسه عن شفقته التي فرضت نفسها، يلعن الضعف الذي ألمّ به بسبب ابنته مهجة قلبه. شحذ طاقته وقال ....
(أكملي .... لا تصمتِ ... إلى أين وصلت بشاعتك ؟؟)... مسحت دموعها بعنف، تجيب بغضب، وهي تضرب على صدرها ....
(هل تمنيت لو انحنيت أساعدها؟؟...بلى ..هل تمنيت لو اخذوها معي ؟؟... أجل .... هل تمنيت لو أخذوها مكاني؟؟... بلى !....بلى! ....بلى! ...فعلت! ....فعلت! ... أنا بائسة !... سيئة !... أستحق كل ما حدث معي ....أستحقه ..)... شهقت بحدة لتكمل نحيبها، فقال البروفيسور بنبرة جامدة....
(أنت محقة .... لو كنتِ تحجبت ولازمت أذكارك ... وحصنت نفسك من كل سوء ... ولو كنتِ ...ولو كنتِ ..الخ ...الخ .... السؤال المهم هنا ...)... تسمرت ترمقه بانتباه، فاستدرك ...
(هل هذا يمنح المجرم حق التعدي عليك ؟؟.... هل ليس فقط التزامك ...بل فجورك لو كان .... يمنح الظالم حقا في ظلمك؟؟)... فغرت فمها تراقبه بدهشة، بينما هو يكمل ...
(أخبريني ...أنا انتظر جوابك ...ويهمني ...أن أعلم.... بما تشعرين به ...)...أغلقت فمها وحاولت فتحه مرات عدة، ثم نطقت بتردد...
(لا... حمممم ... لا ...)... أمال رأسه يحثها ....
(لم أسمعك جيدا .... )... انتظرها بصبر، حتى حاولت مجددا ...
(ححمممم.... لا ...)... مطط شفتيه بوجوم ثم قال ...
(نفسك لم تسمعك .... ارفعي صوتك ...فأنت على حق ...ارفعي صوتك كي تسمعك نفسكِ ...)... فتحت شفتيها تبحث عن جهد تصيح به، وهو يومئ لها بتشجيع حتى هتفت بغضب ...
(لا ... ليس من حقه ...طبعا لا!! ... )... (قوليها بعلو اكبر...وبثقة أكبر...)... صاحت بغضب حتى ارتعدت ...
(ليس من حقه!! ....الحقير!! ...مهما ظلمت نفسي ...ليس من حق احد محاسبتي غير خالقي ... ليس من حق حقير مجرم بائس!! ...أن يعتدي علي ...لا ...لا!!!).... ابتسم بغموض ثم قال ....
(وما هو حقك الآخر.... إن أخطأت ؟؟)... صمت تبحلق فيه مجددا، ليفسر أكثر ...
(ليس من حق أحد عقابك أو محاسبتك غير خالقك ... وما هو حقك الآخر بعد الخطأ ؟؟.... لها اسم اشتق من اسم لله بين أسمائه الحسنى ...)... فركت كفيها حتى ظنها ستدميهما، لتنطق بخفوت ....
(الت..... التوبة...).... نفخ البروفيسور يهتف بسخط ...
(ارفعي صوتك يا فتاة ... ما اسم الله ؟؟)... ردت بسرعة وثقة ...
(التواب ...)...(بلى ... التواب ...وهذا يعني انه يتوب على عباده ...فيندمون ويطلبون المغفرة... ليغفر لهم ...لأنه هو الغفور .... حتى انه يعفو عن عباده ... فيمحوا ذنوبهم كأنها لم تكن ...لأنه العفو ...)... لازالت شفتيها مُغفرة، ثم سألت بتشكك...
(حقا؟!).. أخذ نفسا طويلا، يرخي ظهره على مسند المقعد، وعكازه على ركبتيه، يقول ...
(كل الحق.... أنت انسان ... من حقك الخطأ... و التوبة ... وحين يكون هناك التمادي في خطأ ما مهما كان.. ... يقع عليه ظلما ... كي يعيده عن ظلمه هو لنفسه ... لكن هذا ليس حجة للظالم ...بل هي ضالة وعمى بصيرة كي يستعجل عقابه الأليم.. ..كما حدث مع خاطفيك ...الذين لقوا حتفهم في إطلاق النار مع الشرطة ...هل فهمتِ؟؟..)... بلعت ريقها تومئ بسهو مدهوش، وهو يسترسل ...
(إن كنت مقتنعة ... بأنك أذنبت ... فأنت تستحقين فرصة ..وأخرى ...واخرى ...كي تعيشي... بكامل حقوقك الإنسانية ... يجب أن تنفضي عنك الماضي ...وتعيشي الحاضر بشكل صحيح ... وتستبشرين بمستقبل مشرق....)... ترددت قبل ان تحرك شفتيها بحزن ...
(لكنني ... دُنِّستُ ... وأصبحت قذرة ... كيف ...س ...كيف؟؟)... تحدث وهو يوقف عكازه على الأرض...
(اسمعيني جيدا يا فتاة .... الماء في كوبه ...إن مزجته بمداد أسود ... حتى يصبح عكرا ... ثم تصبين عليه ماءا نقيا حتى يفيض ...ويفيض ... وأنت تستمرين في ملئه بماء نقي ... ستأتي عليه لحظة ويصبح نظيفا ... شفافا ...طاهرا ... وهذا الكوب بمائه ...هو قلبك ...وهذا ما يهم ...)... تلكأ يشير إلى جسدها ويستطرد...
(لا يديك ...ولا رجليك... ولا جسدك بكل أطرافه يهم ... بل هو قلبك فقط ... ما ينظر الله إليه .... وهذا يعني أنه ما يهم ... إن طهرته ... أصبحت كلك طاهرة... )... قطبت تلهث من فرط توترها، فاستقام واقفا يهم بالمغادرة مكملا بلطف ...
(الله بك رحيم ....فارحمي نفسك... ابحثي عن ما أخبرتك به ...واسمعي من كل ذي حكمة ... وفكري جيدا ... حتى نلتقي بعد يومين بإذن الله ... سأؤجل سفري من أجلك ...فحاولي يا فتاة ...حاولي من أجل نفسك ...كي لا تخسري دنياك ...وآخرتك ...وقبلهما نفسك .... ).....

.............

بئر السواد .....مساءا ....

أسرعت من خطواتها عبر الأزقة، وكأنها مطاردة من قبل الظلال السوداء، تلهج بالذكر مخافة الوحوش الضارية، رمت المقبرة بنظرة قلقة، تهمس في نفسها....
( (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية)،(اللهم اغفر لهم اللهم ارحمهم..).. تلكأت ثم أكملت بحسرة، وهي تلمح تلك الظلال السوداء تتسلل داخلة وخارجة تزعج النيام في رقادهم....
(ويخافون من الموتى ...والله إنه لا يخيف سوى جور الأحياء ... لكن الله موجود ... حي لا يموت....)... زادت من حث خطاها، حتى تراءت لها بناية مهترئة، فزفرت براحة تهمس مجددا وهي تسحب المفتاح ...
(اللهم لك الحمد والشكر ... سأصلي ركعتي شكر لك يا ربي ...)... لم تكد تنهي خطواتها حتى وجدت فتاة تكبرها تنتظرها بلهفة، استغربتها .....
(سترة.... لقد تأخرتِ ... )... قطبت المعنية تجيب بريبة، وهي تجوب الأبواب المسدودة بنظراتها المتفحصة ...
(ماذا هناك سهر ؟؟... وماذا تفعلين هنا؟؟)... حركت شفتيها إلى كلا الاتجاهين، ثم قالت بامتعاض ...
(أزور أخي مروان يا سترة ... فأنا لا آمن عليه وسط هذا الكم من العا..)... قاطعتها سترة تقول بسخط ....
(سهر !!... ماذا هناك؟؟).... تذكرت تقول بمكر ...
(من ذلك الرجل الذي دخل إلى غرفتك ؟؟)... جعدت جبينها تسأل بصدمة ....
(رجل ...في غرفتي أنا؟؟)... أومأت سهر بحماس، تقول بحالمية ....
(يا إلهي... إنه رجل ...طويل ...وعريض ...وسيم ..لولا تلك النظرة الاجرامية التي تشع من مقلتيه ...وكأنه على وشك الانفجار في أي لحظة ...)... ارتعد قلب سترة بخوف، فقالت وهي ترمق باب غرفتها بين الكثير من الأبواب حول مساحة غير مسقفه، بقلق ...
(أين شقيقك؟؟)... ابتسمت بفرح تمسك يدها، وتدفعها تجاه غرفتها، قائلة ....
(وأين سيكون ؟؟... في جحر ما مع حفنة المدمنين ... أو مع العا...).... حدجتها بنظرة زاجرة، فتراجعت تقول بتملق ظاهر ...
(أنا سأرافقك ...لا تخشي شيئا ... والعجوز في الغرفة مع قططها ... هيا بنا ....).. تبعتها مستسلمة، وهي تفكر في هوية الرجل الذي تجرأ ودخل غرفتها مع العجوز أم القطط، هل يا تراها عادت لعادتها القديمة؟! أم أنه أمر آخر؟!. دست المفتاح في القفل، ولم تكد تثبته، حتى انفتح الباب بحدة ليظهر من خلفه بطوله الفاره وحدة نظرته.
تسمرت مكانها بمقلتين متسعتين، تحدق به. حليق الرأس خفيف اللحية بوجه نحيف يرتسم عليه البؤس بأوجاعه....
(هل انتهيت من تفحصك ؟؟)... انتفضت مجفلة، فتدخلت سهر تقول بإعجاب....
(على رسلك يا رجل.... لقد أخفتها .... )... انتزع سواد نظراته من عليها، ووجهها إلى الأخرى يرد بغضب ...
(من الأفضل لكما أن تخافا ...)... هتفت سهر بتوتر بعد ان بلعت ريقها، بينما سترة لاتزال على جمودها ...
(لا تهددنا ...أنت في غرفتها ... هل تتعدى على أشيائها؟؟... سنطلب الشرطة ...)... رفع حاجبه الأسود باستفزاز يرد ...
(وما هي تهمتي يا ترى؟؟ ... العودة إلى مسكني ...الذي ولدت فيه ؟!)... لكزتها سهر على خاصرتها، فأجفلت من صدمتها، تنظر إليهما بالتناوب، ثم قالت بعد أن بللت شفتيها...
(م .... مسكنك ؟؟... لكنه مسكن الخالة... إشراق ...)... رفع زاوية فمه ساخرا ينطق بما جعلهما تتجمدان صدمة ....
(الخالة إشراق؟!... عشتُ وعايشت ... لتصبح شوشو.... خالة إشراق.... لا ضير ... الخالة إشراق تكون ...والدتي... وبالتالي...هذا مسكني .... فمن أنت ؟؟... وماذا تفعلين مع شو.... أقصد الخالة إشراق؟؟...)...
فغرت سترة فمها بعدم تصديق، ثم قالت بهمس ساهم، صادم له ...
(أنت ابنها .... أبن آل عيسى ... أنت يونس آل عيسى؟! ...)...
................

وقت متأخر من الليل... المقبرة ....

تتمسك بذراع والدتها، وقلبها ينتفض رعبا كنبرة صوتها وهي تهمس بخوف ...
(أمي ...أرجوك دعينا نعود ...أنا خائفة ... )... سحبتها تهتف مستنكرة ...
(كفي عن ازعاجي .... إنه لمصلحتك ...الشيخ قال ...يجب أن تقضي الليلة في المقبرة المفتوحة ... التي دفن فيها السحر ... كي يُبطل إلى الأبد.... فاسمعي مني ...واصمتِ ...) ... تلفتت بمقلتيها تفران منها نحو كل زاوية، تلمح ظلال تتسحب بخفة وسرعة كالأشباح، فتشد على ذراع والدتها تكاد تخلعه من مكانه.
قابلهما رجل وامرأتين، جذبتا الفتاة من جانب والدتها، وتوجهتا بها إلى مكان ما، فالتفتت ترمقها بتوسل، لترق مقلتي والدتها تقول بقلق ..
(يا شيخ.... )... قاطعها الدجال بسرعة، يتشدق مغلقا عينيه بتصوف مزيف، تماما كهندامه ولحيته الطويلة....
(لا تخافي عليها.... ستنام جوار ميت ...لن يقربها بسوء... )... هزت رأسها بتفهم، غير مدركة لتهورها الذي ألقى بفلذة كبدها في جحيم لا قرار له.
ضمت نفسها تحاول تثبيت أطرافها من الرعشة، وهي تتفقد الغرفة من حولها، لا تشبه أي قبر، بل غرفة عادية تحتوي على سرير حديدي مهمل. نظرت إلى كف احدى المرأتين تناولها حبة دواء ما، فرمقت مقلتيها باستفسار وتوجس ...
(انه المنوم ...كي لا تهلعي ... حين تنزلين إلى القبر...)... تلقفتها بكف مرتعد، وبلعتها دون ماء، ثم سحبتها الى السرير قبل ان تختفي.
تثاقلت مقلتيها كما أطراف جسدها، فتساءلت متى سينزلونها إلى القبر؟!. مسدت على جبينها ثم فركت مقلتيها حين اختلطت عليها الرؤيا وشعرت بالدوار يلف عقلها بغمامة العتمة، فاستلقت على السرير خوفا من الوقوع أرضا.
وبعد لحظة حدث كل شيئ تباعا، رجل ذو ملامح مألوفة، أجل إنه الدجال، يُهل عليها عاريا من ملابسه ومن لحيته، يهمس لها بكلمات سمعتها جيدا وحُفرت بسهام الغدر في فؤادها، دون أن تجد في نفسها قوة للرد أو المقاومة، وهو يستبيح حرمتها، ويعيث في أرجاء جسدها فسادا.
كانت تتألم لتقاوم وما كانت تحرك ساكنا!!
كانت تصرخ لتستنجد بأمها التي سلمتها لحتفها، او والدها الذي سافر في رحلة عمل، وما نطق لسانها بحرف!!
كانت تجاهد كي تتفادى أنفاسه التي مهما امتزجت بأغلى العطور، أو المسك تظل أنفاسا حارقة كريهة، وما انسلخ جسدها عن جموده، سوى بضع قطرات يتيمات تسللت من عمق بحريهما الغريقين!!
(لا أصدق حظي ...منذ أول مرة لمحتك فيها ....وأنت تسكنين خيالي ...وأحلامي...لقد صبرت على رغبتي فيك كثيرا ...وآن الأوان.... كي أحقق كل أحلامي الجامحة معك .... لك نصيب من اسمك ...يا فاتنة .... فأنت بالفعل ...بلسم ...)....

أغلقت مقلتيها باستسلام فُرض عليها.... وآخر ما اهتزت به احشائها .....أن .....
أجل ..... لقد ضعت ....وانتهى الأمر.
....................




وانتهت المقدمة...... أستغفر الله العظيم وأتوب اليه ... بإن الله الاسبوع القادم ... الفصل الاول.... تحياتي لكم .....

























التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 18-06-18 الساعة 11:57 AM
**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 08:34 AM   #119

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هبةالربيعي مشاهدة المشاركة
والله الاحد االلي راح افتقدت قلمك بشيئ صعب كل شوي اكول هسه تنزل جزء وابالاخير اكتشفت انتهت والان مفاجأة مذهله بحق بصراحه جارح ومروان وبلسم انمكن قرأتبين سطور اسمائ عابرةة ماتصورت تطرقيلهم اما منصف احلللا شخصيه يارب موفقه ومايحتاج نقول مبدعه لان انتي ابداااع بحق
😘😘😘تسلمي لي غاليتي ....شرفتيني ويسعدني حضورك كثير 😘😘

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاردينيا73 مشاهدة المشاركة
مساء الورد

منورة وحي الاعضاء حبيبتي ودوام التميز والتألق والابداع
😘😘النور لإلك حياتي .... 😘😘😘

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همسات ملائكية مشاهدة المشاركة
سأكون بأذن من قال كن فيكون
من المتابعين المتشوقين لهذي الدره الثالثه من درر ابداعج

موفقه غاليتي لانني وللامانه قرأت سابقاتها لكن في الوقت الضائع

ومالحقت ان اواكب وياكم بالردود بس عشت اجمل خيالاتي بين جدران الكلمات واسوار السطور

موفقه قلبي وان شاء الله تكون كتاباتج دائما على هذا النهج الجميل من اسلوب النصيحه المحببه والواعيه

امووواه
😘😘الشرف يكون من نصيبي بتحضورك حبيبتي ... وامين يا رب😘😘😘

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبيركك مشاهدة المشاركة
😘😘حبيبتي يا عبير شكرا لك.... 😘😘
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bambolina مشاهدة المشاركة
مبرووووووووووووك الف الف مبروك
ما بتتخيلي سعادتي حبيبتي وانا بشوف موضوع روايتك هلأ
متشوقة جدا والشخصيات صدمتني اغلبهم جداد ما عرفت منهم غير يونس وسترة
متشوقة جدا جدا للرواية
😘😘😘😘 حبيبتي .... اخجلتني بفيض كرمك .... شكرا على الريفيو الرائع ...واتمنى ينال الجزء التالت اعحابك كمان 😘😘😘

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشوق والحب مشاهدة المشاركة
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
🌷🌷🌷🌷🌷🌷
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sara13 مشاهدة المشاركة
مبروك على الجزء الثالث من الرواية الجميلة جدا شكرا على المجهود الرائع
😘😘😘الله يبارك في عمرك يا رب ...وانت الأروع...حبيبتي شرفايني 😘😘
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nourhan hassan مشاهدة المشاركة
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
😘😘ونعم بالله
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام رمانة مشاهدة المشاركة
الف مبروك الفصل الثالث موفقة ان شاء الله سعيدة جدا انك هتبدأي فيه ومتشوقة للشخصيات الجديدة
😘😘الله يبارك فيك .... تسلمي غاليتي 😘😘

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sandynor مشاهدة المشاركة
منى يا جميلة 😍😍

الف مبرووووك نزول الرواية .. انا باركتلك على الفيس بس لازم اباركلك هنا

يا رب تحقق كل النجاح اللى بتتمنيه واكتر

ربنا يرزقك بكل الخير حبى

انا اعلم ان السلسلة باجزائها الثلاث تحمل مواضيع هامة ومعانى جميلة .. لم اقرأهم الى الان ولكن بإذن الرحمن لابد ان احملهم واقراهم لانك قلم لا يُفوَت ابداعه

دمتى بخير جميلتى 💖💖💖
😘😘😘شكرا لك حبيبتي
شرفتيني بحضورك
يا رب تنال اعحابك 😘😘😘

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rasha shourub مشاهدة المشاركة
الف مبروك ان شاء الله رواية مميزة كسابقتيها بانتظارك باذن الله
😘😘ان شاء الله يا رب ...اسلمي حبيبتي 😘😘😘

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميمي 80 مشاهدة المشاركة
مبرووك حبيبتي موني روايتك الجديده 🌹🌹كنت منتظرة من يوم الاحد نزولها ربي يعطيكي الصحه والعافيه ولايحرمنا من كلامك الرائع والعبر والمواعظ من احداث رواياتك المميزة 😍ابطال جدد واحداث جديده منتظرين ع ناااااار❤ودمتي غاليه🌷
😘😘 حبيبتي
احاسيسك جميلة ...
شكرا لك 😘😘😘
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة samiataha مشاهدة المشاركة
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تى تى بك مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر
مشتوقه اعرف حكايه ستره
واشوف السنفوره عامله ايه مع التنين😂😂😂😂😂
😘😘😘حبيبتي
يا رب ينال اعحابك ...
دمت بود وشكرا لك
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hanhan مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
😘😘امين ... تسلمي غاليتي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
😘😘😘حبيبتي صبااااحك سعااادة ..... 😘😘😘


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 08:51 AM   #120

najla1982

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 305993
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,267
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » najla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
افتراضي

مبارك مرة ثانية يا منى ....يا رب تحققي كل أهدافك من روايتك. ...يبدو موضوع الاعتداءات و التحرشات الجنسية حاضر بقوة في هذه الرواية ...مع الاسف ما نراه و نعايشه هذه الأيام من زنا محارم و اعتداءات على الأطفال من من يمثل الأمان عادة من أهل أو مدرسين هو أمر غاية في البشاعة و سببه الأكبر غياب الوازع الديني إلى جانب الاستسلام للمخدرات و المسكرات ....
سترة موجودة تحت أعين طبيب النفوس و هو غافل عنها و الآن هي موجودة مع يونس المفتش عنه ...الدنيا حقا صغيرة
بلسم اتمنى يتواجد أحد و ينقدها من تجربة مؤلمة و مريرة....
جارح ما قصته مع مصطفى ؟ في انتظار الفصل القادم بكل شوق


najla1982 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:09 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.