آخر 10 مشاركات
اعلان| حبوب الاجهاض للبيع في #الرياض# (0563940846) حبوب سايتوتك للبيع في #السعودية# (الكاتـب : دكتور تركي - )           »          عيشها صح| حبوب سايتوتك النهدي للبيع الرياض 0563940846 حبوب تنزيل الحمل للبيع في الريا (الكاتـب : دكتور تركي - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          1078 - أسيرة الماضي - شارلوت لامب - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          هام وحصري| سايتوتك الاصلي في الرياض 0563940846 للبيع (الكاتـب : دكتور تركي - )           »          مثبت2025| حبوب اجهاض للبيع في الرياض 0563940846 حبوب سايتوتك النهدي الاصلي في الرياض (الكاتـب : دكتور تركي - )           »          خصم 30%|حبوب اجهاض |الاصلية| في الرياض (0563940846) حبوب الاجهاض للبيع (الكاتـب : دكتور تركي - )           »          عاجل2026| سايتوتك |الاصلي| للبيع الرياض 0563940846 حبوب اجهاض المنزلي للبيع في الر (الكاتـب : دكتور تركي - )           »          صيدلية الرياض| حبوب اجهاض |بسرية تامة| في جدة 0563940846 حبوب سايتوتك 200 للبيع جدة (الكاتـب : دكتور تركي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree30Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-02-18, 02:41 AM   #291

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثالث






الحرمان قد يكون طريق العطاء ، لأنه ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك، وقد يكون المنع عين العطاء..... محمد راتب النابلسي.



مشاهد من الماضي ....

المشفى... القسم النفسي .

انتصب على مقعده ببدلته الأنيقة، عليها معطف يوازيها أناقة. يرمق طبيب النفوس بمقلتين رغم غوارهما لا ترتعد فيهما الحدة.
*الملاحظات* تدهور عضوي .... تماسك ظاهري .... لوم الذات.

)كيف حال صحتك؟؟)... هز رأسه وهو يلصق كفيه بأعلى ركبتيه، يقول ببسمة باردة...(الحمد لله ...أفضل مما يجب أن يكون عليه ...)... انتظر اسماعيل قليلا ثم تحدثت ...(لازلت هنا ....ظننتك ستيأس وتعود الى المدينة السياحية ...)... تلكأ كأنه يبحث عن رد لم يسعده ..(لم أجدها بعد ...لكنني لا أستطيع فقدان الأمل فيها هي الأخرى...)... حرك اسماعيل عويناته يتمعن في ملامح وجهه الشاحبة.

*الملاحظات* أمل زائف ... البحث عن صلة بالجذور ...

)ماذا ستفعل إن لم تجدها؟).... انبثقت الحيرة من قلب ملامحه، ثم هز كتفيه يرد بهدوء ...(لن أيأس ... سأظل أبحث عنها ...)... (لما هي بالذات دونا عن باقي عائلتك؟)... احتدت مقلتيه أكثر يجيب بجمود ...(هي عائلتي ...لا أحد منهم عائلتي ... هي لوحدها ...)... ضيق اسماعيل مقلتيه قليلا يقول بحذر ...(هل صدقتكَ حينها ؟؟)... على غير توقعه، لاح شبه بسمة حنين لماض أسود تلمع منه حبات نور نادرة ....(كانت صغيرة جدا ...أظن صغر سنها وبراءتها ما جعلها تصدقني ...في الوقت الذي تبرأت فيه مني باقي عائلتي.... أولهم والداي ...)... عادت القساوة تنقض على مقلتيه، عند ذكر والديه، فقال اسماعيل ... (لازلت على شعورك ...حتى بعد موتهما؟؟)... تنفس بصخب ثم قال ...(منحتهما مسامحتي قبل موتهما ...لكن مصابي يرافقني ...فلا يدعني أنسى من السبب...)...

*الملاحظات*... غضب عميق …بحث عن التعويض.

)لماذا ساعدت ذلك الفتى؟؟)... تجمدت ملامحه وكأنه فوجئ من تغير مسار الحديث ...(إذا توقعت عدم سؤالي عنه ...لما أخبرتني؟)... هز كتفيه بخفة يرد وهو على استقامة قعوده ...(توقعت سؤالك عنه حين أخبرتك من قبل ...)... ابتسم اسماعيل بعملية يقول ...(أغلب الأسئلة تتوه ردودها ...إن لم تُسْأل في وقتها المناسب ..)... بادله بسمته الرسمية يهز رأسه قائلا ...(رأيت فيه نفسي في مثل عمره ...ضائع بين الأزقة ...وكانوا ...)... صمت يشد على شفتيه بألم، فأكمل اسماعيل ...(انقذته من بين براثن الدعارة ؟!!)... اتسعت مقلتيه الغائرتين بشكل طفيف، ورطب شفتيه الجافتين والمبيضتين مرضا.
*الملاحظات*... نفس أعراض رد الفعل... عدم تجاوز الأمر رغم نكران آثاره.

)هل ترى فيه نفسك حقا ؟؟...هل كنت تتمنى منقذا مثلك ...يأتي في نفس تلك المرحلة ؟؟)... راقبه الرجل بسهو، وكأن الكلمات تتجسد أمامه على شكل سهام سامة موجهة الى أحشائه، ليقول بعد مدة ...(ربما ...أنا لم أفكر حينها ...شيئ ما جعلني أسرع إليه أنتزعه من بينهم ...وأهددهم بإبلاغ الشرطة إن لم يطلقوا سراحه...)... رفع إسماعيل وجهه يرمقه وهو يسأل ...(أين هو الآن؟ )... جعد دقنه مجيبا بهدوء ...(مكانه الطبيعي ...بين زملائه في المدرسة ...)... أمال رأسه قليلا يقول ...(كم سنه تقريبا ؟؟)... قطب يرد بحيرة ..(خمسة عشر سنة ..)... تحدث اسماعيل بحذر ... ...(ممممم... أليس في عمر شقيقتك التي تبحث عنها ؟؟!)... زفر بمشقة يمسك على صدره، فتضاعف شحوبه، ليقول اسماعيل وهو يسحب آلة المسجل من على المائدة بينهما ...(أظننا اكتفينا اليوم .... ما رأيك بأسبوع تفكر فيه جيدا ...وسأعيد السؤال بإذن الله ...)... تشنجت ملامحه بتهكم يرد ...(وما أدراك بأنني سأعيش لأسبوع؟؟)... ابتسم اسماعيل بدفيء يرد بثقة ...(لا أحد منا يضمن عمره .... كونك مريض لا يحرمك من امتيازات.... كما لا يمنحها لي لأنني بعافية.... كلانا على طريق الحياة بأقدارها المفاجئة .... وقد يكون عمري أقصر من عمرك ....وكلنا نسبح في آمالٍ نسأل خالقنا أن يحققها لنا ...)... رمقه باحترام وهو يستقيم كجندي متأهب، صافحه شاكرا، وحيَّاهُ منصرفا.
.........●●●●●●●●
رغم كل أناقته في بدلته ذات العلامة التجارية الفخمة، كفخامة المعطف عليها، إلا ان شحوب بشرته ونحول جسده حتى برزت عظام وجهه، تفضح مدى خطورة مرضه، وتعبه الشديد الذي يحاول إخفاءه بكبرياء، وهو يجلس باستقامة جذعه. يضع رجلا على أخرى تلتحمان ببعضهما من شدة نحولهما، وعلى قمة ركبتيه تستكين كفيه، باطن إحداهما على ظهر الأخرى.
)آسف دكتور... لا طاقة لي بالوقوف كي أصافحك ... ولا أظنك تريد مصافحتي .. والدليل ظاهر على محياك ...)... تمالك اسماعيل نفسه، واقترب منه يمد يده لمصافحته يرد بود...
)الصدمة على وجهي لأنني لم أتوقع استسلامك للمرض .... فأنت مقاتل شرس .... وقاتلت الحياة بضراوة وشجاعة ...)... رمقه بتأثر يخص به طبيب النفوس عن غيره، يجيب وهو يمسك بيده كلتا كفيه ....
)أنت قلتها يا دكتور... قاتلت الحياة ... معركتي الآن مع الموت ...ولا أحد ينتصر على الموت .... لا أحد ...)... رفع اسماعيل كفه الحرة، وربت على كفيه الدافئتين بلطف، فتركه الأول ليجلس بالقرب منه، تاركا المقعد البعيد الذي يجلس عليه عادة أمام المرضى ...
)كيف حالك يا مصطفى ؟)... ضم شفتيه كما ضم كفيه المرتعشتين يرد بحزن ...
)رائحة الموت تحيط بي يا دكتور ... ولا يهمني سوى أمرين أتنين...)... انتظره بصمت ليكمل، فاستطرد ...
)كيف سيكون لقائي بربي ؟!...وشقيقتي التي لم أجدها بعد ...)... أومأ بتفهم، ثم قال …
(أحسن الظن بالله.... ستجده عند ظنك به ... لم أكن متأكدا من عودتك حقيقة .... وكنت أنوي الاتصال بك ... ).. لازال على بسمته الحزينة يجيب ...
(لا أعلم لما عدت؟! .. لكن شيئ ما يربطني بهذا المشفى ... كما أنني لا استطيع الفراق عن هذا الجبل ..رغم كل ما عشته فيه من عذاب ... قررت أن أدفن تحت ترابه ... وقد أُوفّق وأجد شقيقتي قبل أن تفيض روحي الى بارئها ...)... هز إسماعيل رأسه يقول بهدوء....
(لا يهم لما عدت ...كما لا نعلم متى ستموت ... فرغم خطورة مرضك... ما قُدر لك من أيام لتعيشها .. ستعيشها لا أقل ولا أكثر ... وكذلك باقي البشر ... أما شقيقتك ....ادعي الله ليحفظها أينما كانت ... ).... عاجله قائلا بلهفة ...
(لم يمر يوما ...أو صلاة ... دون ان أدعوه ليحفظها .... )... بتر كلماته والوجع ظاهر على محياه، فأكمل إسماعيل بود ..
(ليس هذا فقط .. كيف حال ذلك الفتى ؟)... زم شفتيه بخفة، مفكرا لوهلة قبل أن يقول ...
(يجب أن يرى طبيبا نفسيا ... لا أظنني لحقته قبل أن تنال منه بعض من بشاعة الدنيا... لكنه ... سينجو.. بإذن الله ... سينجو..)... ابتسم إسماعيل، يهز رأسه موافقا، فاستطرد ...
(كنت أريد منك خدمة ... أتمنى ان لا ترُدني ...).... لفت انتباهه، يرد بصدق ...
(لو في استطاعتي ... لن أتأخر ....)... شكره ثم أكمل ...
(لقد تركت وصية ... ورتبت أموري... كما تعلم ...لدي اناس قريبين مني ... لكنهم لايزالون قاصرين ... من ضمنهم شقيقتي ... أن وجدتها أم لا ... مجلس الادارة للمجموعة .. ستبقى على عملها ... بعد موتي ... إلى أن يستلم بعض من القريبين مني ... مناصبهم ...حين يكملون العشرين من عمرهم ... ويستلمون حصصهم ... شكلت لجنة من أناس اثق بهم... ليتابعوا سير الأعمال... كل ثلاثة أشهر.. ثم يحضرون حين موعد تسليم الحصص لأصحابها ... وكنت اتمنى لو تنضم الى اللجنة... )... انتظره بترقب، تحول الى ارتياح حين اتسعت بسمة اسماعيل يرد بتأثر ...
(أنا اشكرك على ثقتك ....وطبعا ...يسعدني المشاركة في الخير الذي تفعله .... هذا طبعا إن لم يسبق أجلي أجلك ..... تقبل الله منك ... )...
(آمين ... يا رب ... بل أشكرك انت دكتور ... سأبعث لك بالأوراق مع المحامي ... غدا بإذن الله ... وتتفقان على الراتب ...)... قاطعه إسماعيل بعتاب ...
(لا يا مصطفى ...شرطي الوحيد هو لا مقابل .. سأفعل ذلك ...ل لله فقط ... )... حل عليهما الصمت بعد أن أومأ له بتفهم، فسأله إسماعيل بحذر ...
(هل سامحته يا مصطفى ؟؟... أقصد شقيقك ؟) ... رفع المعني رأسه مجفلا، لكنه قال بعد فترة من التفكير ...
(قد لا يصدقني أحد ... حتى نفسي قبل أن أمرض...).. تلكأ قليلا كأنه متردد، ثم استدرك وهو ينظر في عينيه بنبرة أرعدت قلب إسماعيل ...
(حين يكون المرء على شفا خطوة من الموت .... وهو على معرفة أكيدة بذلك ..... يسترخص كل شيئ في الدنيا .... حتى الظلم .... )... ارتفعت زاوية فمه بتهكم، يكمل ...
(ما كنت أحاول نسيانه طوال حياتي ... ولم أفلح ... أصبحت انساه منذ ان أضحى الموت قريبا ... قريبا جدا ... وقد سبق وأخبرتك بما يهمني الآن...).. تحدث إسماعيل سائلا ....
(هل هذا يعني أنك تصالحت مع نفسك ؟؟)... تحولت بسمته إلى الهدوء يجيبه بتلقائية ...
(كل ما أعرفه.... أنني لم أعد اذكر كل ما يتعلق بالدنيا .... حتى لا وقت لدي لأذكر شيئا آخر ... خارج نطاق هدفاي .... ).... غيّر إسماعيل الموضوع كليا، يسأل باسما ...
(انت لم تخبرني .. باسم شقيقتك من قبل ...)... غزى الحنين تقاسيم وجهه التعب، وهو يجيب بدفئ ....
(سُتْرَه آل منصور ..)...
.......

الحاضر ..... غرفة اسماعيل ....

وعى من شروده فحرك نظارته قبل أن ينتزعها، يزفر بحيرة. سحب الهاتف وركب رقما ليقول بعدها بلحظة ...
(مرحبا جارح ... كيف حالك؟؟... يجب أن نلتقي غدا ...أظنني تذكرت أمرا مهما .... مجرد استنتاج ... قد يصيب أو يخطئ .... نلتقي غدا بإذن الله .... إلى اللقاء...)....
شعر بحركة جواره، فالتفت إليها، ليجدها تبتسم له بدفئ، مشوب بقلق، ليقول متفهما ....
(كنت مع الصغار؟؟).... هزت رأسها وهي تجلس بجانبه، وتضع رأسها على صدره تقول بقلق ....
(ابراهيم يتعبني .... سلوكه يقلقني ... )... ابتسم يمسد على شعرها، يجيب ....
(لا تقلقي ... تعلمين أنه امر طبيعي ... في مثل ذلك السن ... ونحن سنقوِّم من سلوكه ...وبإذن الله .... ربي يصلحه لنا ... )... رفعت رأسها تنظر إليه، وهي تفضي بمخاوفها، وكأنها تفكر بصوت مسموع...
(هل تظن أننا قد نفشل في تربية أولادنا ؟؟... أو قد!!... أقصد ... يصبحون عكس ما نتمنى لهم؟؟)... فهم قصدها جيدا، فضمها إليه كي لا تلمح الخوف يعبر مقلتيه بصقيعه، في لمحة سريعة وهو يجيبها بثقة، جلبها من حسن ظنه بخالقه ...( الطفل ...يا حبيبتي ... من خصائصه أنه يتعلم بالفكرة ، يتعلم بالصورة... لا يستطيع الطفل أن يفرق بين المبدأ وبين الشخص ...ونحن ولله الحمد ... نوفر لهم قدوة حسنة ...في صلاحنا ...واعتناق المبادئ العقيدة الصحيحة .... على أمل ... أن يتخذونا قدوة ...لأنها أول أسس التربية ... )... قاطعته تقول بحزن ...
(لكن هذا لا يمنع ...أن هناك حالات شاذة عن القاعدة ...)... قبل أعلى رأسها يقول مؤكدا، بما تعلمه هي يقينا، لكنها تحتاج لمؤازرة واطمئنان ...

(أعلم حبيبتي ...لكننا سنفعل كل شيئ من أجلهم . .. التربية بالتلقين ، والتربية بالعقاب ، والتربية بالموعظة ... ...والله معنا ...لا تنسي ذلك أبدا ...ولن يخذل ظننا فيه ...ولا كل مجهوداتنا ... )... أمّنت على قوله، فران عليهما الصمت كل منهما يبتهل لربه في سره.

..............



المدينة السياحية .... بيت أهل نوران ....

بلعت ريقها، وهي تضم ملك إليها أقرب، وأقوى حتى أنّت الأخيرة بألم، وهي تراقب شحوب سحنة عمتها.
صخب تنفسها لم يسمح لها بتبين محتوى الحوار بينهم، بل كل ما تلمحه هي حركاتهم، بين بسمات والدها الودية، والمحرجة قليلا، ووالدتها التي حتما لا تصدق نفسها، إذ تهافت على ابنتها الباردة شباب كما تمنت، يريدون الزواج منها. وهو، ذلك الرجل، يبتسم بثقة، ويضع رجلا على أخرى في حلته الجذابة، يكمل بها لوحة نفاقه. هي وحدها فقط، تعلم حقيقة البشاعة الخفية بين ألوانها المبهرة. تلك النبرة الرزينة، والبسمة الواثقة، رغم كل السنين التي أكسبته هيبة مزيفة، بشعيرات فضية تخللت سواد شعره الذي بدأ بالزوال من على مقدمة رأسه. يبتسم لوالدها تارة ثم لوالدتها أخرى، ثم ها هو ينتقل بعينيه الذئبتين إليها، وها هي تلك اللمعة تنضح من مقلتيه، لا أحد يميزها سواها، إنه يخبرها بما تفكر به حالا، يخبرها بما كان بينهما، ارتفع القرف إلى أعلى حنجرتها، بعد أن هام عبر صدرها، **بينهما**... كيف ذلك؟؟، هي لم تكن طرفا، بل ترفض أن تكون طرفا من **بينهما**. الحقير يرمقها بجرأة لم يفهمها أحد من والديها، مشيرا إلى ماض يجمعهما. رغما عنها يجمعهما، وإن كانت الطرف المغصوب، وإن كانت الطرف الضعيف، فهي طرف من **بينهما**.
تنبهت حين انتقل إلى الصغيرة بين ذراعيها، وشفتيه تحركتا بحروف ما، فأرغمت نفسها كي تركز على كنهها ....
)الصغيرة جميلة مثلك ....إنها تشبهك كثيرا ....)... تثاقلت انفسها على عكس ما حدث معها سابقا، كما تثاقلت الأصوات من حولها، وهو يرمقها ويرمق الصغيرة بالتناوب، وفي لحظة.... استدارت وانطلقت دون كلمة واحدة، وكلما أضافت خطوة، أسرعت بالتي بعدها، قلبها يتسابق معها، بل يتجاوزها بمراحل. أقفلت الباب بالمفتاح، ثم استأنفت هرولتها الى السرير، ودون أن تزع عنها حذائها، سحبت طرف اللحاف، تندس تحته برفقة الصغيرة التي لم تتخلى عنها، تشد عليها بقوة.
حل الصمت وهي جالسة على ركبتيها، تطوق الصغيرة في حضنها، يلفهما اللحاف، حتى أنفاسهما لا تكاد تسمع.
)عمتي ؟!...)... لم تجبها، فأعادت الصغيرة ندائها، وهي تراقب جمود وجهها...
)عمتي رورو؟!) .. نظرت إليها أخيرا، فاستدركت بحيرة ...
)هل نلعب الغميضة ؟؟)... أطلقت سراح أنفاسها أخيرا، ثم نظرت حولها لتحدد زوايا الغرفة الصغيرة، فتشعر بشيء من
أمانها المفقود. لتعود إلى الصغيرة تقول بنبرة لاهثة ....
)ملك ...لا تقابلي ذلك الرجل مرة اخرى أبدا .... )... قطبت الصغيرة بريبة، وجهل، وهي تكمل بتحذير ساهم ...
)لا تتحدثي معه ...ذلك الرجل ... حين يأتي إلى هنا ... أدخلي غرفتك ...واقفلي الباب بالمفتاح... واختبئي تحت اللحاف ...او اسمعي....)... هزت ملك رأسها، وشفتيها الزهرتين مفغرتين بدهشة....
)نامي .... كلما جاء في زيارة للمنزل ... اذهبي للنوم... ولا تردي على أمي .. اذا بحثت عنك ....اتفقنا ...ها؟!)... لا زالت الطفلة تومئ إيجابا، فهزتها مؤكدة ....
)عديني ملك.... عديني ..أنت لن تقابليه ...ولن تجلسي على حجره... او حتى تسلمي عليه .... عديني ...)... شعرت الصغيرة بخوف من قسوة ملامحها، بالتزامن مع قوة ضمها، فتشنجت ملامحها الصفيرة تقول بخوف ....
)عمتي .... أنت تخيفينني ....)... شلت أطرافها، وهي ترمقها بمقلتين جاحظتين، ثم أطلقت سراحها على حين غفلة، ونهضت تقف على رجليها. ضمت ذراعيها تنكمش حول نفسها، والصغيرة على السرير، ترمقها بغرابة تقول ...
)عمتي .... ماذا بك ؟؟)... زفرت نوران بقوة، ثم عادت تجلس باعتدال على طرف السرير، وتستدير إليها ترد بتحذير ظهر أكثر تعقلا وكياسة عن هدرها السابق ...
)ذلك الرجل صديق أبي .. لا أريدك أن تقابليه مهما كان السبب ....حتى لو طلب منك أبي او امي ذلك .... فقط تحججي بأي شيئ... وبلغيني من هاتف البيت... اتفقنا؟!)... قامت الفتاة واقتربت منها تجيب بتلقائية، وحب تكنه لها ...
)حاضر عمتي ....أعدك ...)... ضمتها ومرغت وجهها في شعر ملك، تشم عبيرها، تستمد منه بعضا من السكون. مقلتيها تائهتين في السراب، فيما ينتظرها خيارين أحدهما علقم، والآخر سم قاتل.

…………………
..................................

مدينة الجبل

في مكان ما، بناية فخمة تُعد أبعد ما يكون عن بئر السواد، بواجهتها الراقية، وغلافها الأنيق، عليها أنوار براقة تخطف الأنظار، وتشعل من حماسة الألباب. بريق يجذب كل طامع وكل ذي نقص حكمة، يستجيب لحبة فتات تلوى الأخرى حتى يجد نفسه في ظلمة غائرة، لا يكاد يلمح فيها كفه إذا قلبها. فيعي على حقيقة صادمة أن المكان كله ببريقه الخاطف وأنواره البراقة، ليس سوى أعمق نقطة سحيقة من بئر السواد.
تحملها خطواتها المتمهلة، بتمايل مدروس، تعلمته مثيلاتها كطريق مرسوم للبراعة في عملها. أجل إنه عمل، هذا ما تنفك تقنع به نفسها، وغيرها يفعل. أوليس كل من يعلل لنفسه سوء خطيئته، يدعوها بالعمل؟!.
تلفتت حولها في ذلك البهو الكبير البارد، على اثر هواء زائف ككل ما يحتويه المكان من وهم. فلم تجد أحدا كالعادة، سوى رخام فاخر يواجهها من كل ناحية، البلاط،، الجدران.
واجهة منمقة، الفخ،، المصيدة. ابتسمت ساخرة مع الكلمات الأخيرة تسبح في خيالها المعلول، كحياتها السراب. مسدت على فستانها المعانق لقدها الرشيق، وهي تقترب من هدفها، ليستقبلها أحد من التابعين، من أفراد الظلمة، تعرفت عليه رأسا حتى دون لحيته وثوب التقوى، **ثوب الفخ**. كيف لا تعرفه وهو من ألقى بها داخل البئر، دون رحمة؟!، وكان هو المصيدة التي تلقفتها على حين غفلة. غفلة منها، وغفلة عنها. ابتسمت بتشفي وهي تلتقط سخطه، بما ينبئ أنه نال توبيخ صارم من.... اقشعرت أطرافها فكان دوره ليبتسم بلؤم وهو يقترب منها هامسا بفحيح.
)كنت حانقا بالفعل من غضبه ...لكن الآن.... بما أنه سيقابلك ... بشكل ما ....سعيد بإغضابي له ... سيكون حنونا معك..)... ثم ضحك بصخب انقطع، حين ردت عليه بحقد...
)يبدو أن ضحيتك هذه المرة ....قد فضح أمرها... وسارت كل المدينة تعرف حكايتها.... في نصف يوم فقط ... هل هذا ما أغضبه يا ترى؟!...).. تلكأت قليلا لتتمطط شفتيها المطليتين بعناية، فيما يشبه بسمة قبل أن تكمل، وهي تميل برأسها، لتميل معها خصلاتها الشقراء اللامعة....
)قرب تضحيته بأحد أتباعه ... في سبيل البئر؟!....)... احتدت ملاحه وهو يدنو منها، يعود لهمسه السابق وهو يرد ....
)هل تعلمين؟! ... مللت من الساقطات حولي.... كما مللت من الجثث الغائبة عن الوعي .... وبما أنك صرت محترفة ... فقد أحظى بفرصة أخرى معك ...وأنت بكامل وعيك ...)... جذت على أسنانها بحقد أسود، كسواد قلبها وقلبه، تجيب بغل ....
)أقسم إن اقتربت مني ....سأحرقك وأحرق البئر بمن فيه ....).. استقام واقفا يبتسم بتهكم، وهو يدس كفيه في جيبي بنطاله، قائلا باستخفاف .....
)أنت تحلمين ...ولا تنسي أنك...**بمن فيه**.....)... استقامت بشكل حاد، واقتربت منه حتى أوشك صدريهما ان يتلامسا، فبلع ريقه متأثرا بقربها، يتمعن في تقاسيم وجهها التي ظلت بشكل ما تتشبث ببراءة كانت تملكها، وفقدتها على يديه هو، وهذا ما يجعلهم يتمسكون بها، فهي بدورها تشكل فخا بارعا ببراءتها المزيفة. تمالك ارتعادها من الحقد، دون ان تخفي قرفها، الذي طفى على صفحة وجهها، حين جعدت جانب أنفها، تنطق من بين شفتيها المزمومتين بغل ....
)لا يغرنك عمق البئر .... فكل ما زاد عمقه .... سهل تفجيره ...بوووووووم!!)... تعلقت مقلتيه بثنايا شفتيها، ثم أظافرها المقلمة والمطلية، حين جمعتها وفتحتها إشارة إلى الانفجار، وهي تكمل بنفس النبرة الهامسة بين الحقد والتهكم.....
)حينها ... سيدمر سطحه ....ويدفن قعره .... والنار من تحته تتقد ...وتشتعل بحطبها .... وصدقني ....)... ابتعدت أخيرا عنه تضيف قبل ان تتركه، و تستأنف طريقها ...
)يسعدني أن أكون من ضمن حطبها ..... فقط ...لتحترق البئر بمن فيها ...يا .....دجال ...).... اقشعرت أطرافه، فبلل شفتيه وزفر يعدل من طرفي ياقته، ثم همس بعدها بلحظة وهو ينسحب ....
)مجنونة .... حتما مجنونة ....)....

دقت الباب قبل أن تخطو الى الداخل، حيث تناهت إلى أسماعها أنغام موسيقية من نوع الأوبرا، تنافس الغرفة في برودتها المزيفة كزيف صاحب البناية، فلاحت بسمة ساخرة على جانب ثغرها، حين لمحته على مقعده الضخم خلف مكتبه، كملك على عرشه بتلك الحواف الذهبية. إلى جواره أحد سواعده التي لا تعلم، هل تدعوها يمنة أم يسرة.
سكنت مكانها، وساعده يُشعل طرف مبرم التبغ الفخم، او ما يسمى بالسيجار. وضعه على المنفضة أمام المتظاهر بتذوق النغمات التي لا تعدو عن كونها صراخا يضيف لرأسها مزيدا من الصخب. رفع رأسه إليها فابتسم بمكر وهو يمر جوارها هامسا قبل ان يتجاوزها. ...
(أريد رؤيتك ....).... سلكت غصة مقرفة، وهي تتقدم خطوات إلى الأمام، قرب المكتب، تنتظره كي يعي من استمتاعه المزيف، وتلك الصرخات الناضحة من مكبرات الصوت تكاد تفقدها عقلها كلما زادت وعلت وتكاثرت، إلى أن رفعت كفها تمسد على أذنها، ليقرر النطق أخيرا يسأل دون ان يفتح مقلتيه او يرفع راسه من على مسند مقعده، كما سيجاره المستريح على المنفضة ......
(هل نجحت في مصادقتها ....أم لا ؟!).... ضمت شفتيها كما تشنجت ملامحها، ترد بتردد....
(لا ... أخبرتك ....هي لا تصادق العاهرات!! ....)... فتح مقلتيه على إثر احتداد آخر كلماتها، فمد كفه الى السيجار وحمله ليدسه بين شفتيه بطريقة لمحت زيفها هي الأخرى، فتهربت بمقلتيها تطلق سراح أنفاسها، ليقول بلؤم تجسدت بسمته على جانب ثغره .....
(لتستغلي نقطة ضعفها إذن ...)... حدجته بنظرة قاتله، تقبلها على رحب، وهو يكمل ....
(ألم تكوني يوما .... مثل تلك الفتيات اللاتي تسرع في مساعدتهن؟!)... ردت بحقد، وقد تهافتت مشاهد انتهاكها على خيالها...
(لما لا توقعوها في نفس الفخ؟! ......إن كنتم تريدونها بذلك اليأس؟!).... تراجعت بعد ما نطقت به، لكن لدهشتها لم يغضب، بل نفخ أنفاسا أحرق بها خلايا صدره، ليقول بغموض ...
(لا ..... أريدها ان تدخل البئر برجليها ....برغبتها ... وإن أفلحت في ذلك ..... حصلت على تذكرة خروجك منه ...أليس هذا ما تريدينه ؟!)... فغرت شفتيها بدهشة، لتتسع بسمته النكراء يضيف بخبث ....
(إن دخلت هي ....خرجت أنت...انصرفي !!).....
.....................

بعد أسبوع
....

المدينة السياحية .... مقر المجموعة ...**آل منصور**

أسرع في اثرها كي يوقفها لكنه لم يلحق بها، فتوقف يزفر بحنق يهمس بسخط ...
(تلك العنيدة ... يا إلهي.... كل ما أريده الحديث معها ...مر الأسبوع ولم أتمكن من رؤيتها مرة واحدة ....)... علا رنين هاتفه، فتنهد يرد ...
(أجل جارح ..... ماذا هناك؟!)... انصت لبرهة، ثم تحدث ...
(أخبرتك ...ما تفعله لن يأتي بنتيجة ...الدكتور اسماعيل محق في قوله ...أحد ما يخفيها ..... أنا وأنت نعرف من ؟؟)... صمت مجددا ليرد بعدها بقلق .....
(أجل ...الليلة ...وتلك الحمقاء ...تتهرب مني ...)... مسد على جبينه يقول مودعا ...
(أجل... كل شيئ بخير ...لكن يجب ان تعود قريبا... الى اللقاء...)... علا رنين هاتفه مجددا، فنظر إليه متنهدا بقلة حيلة يرد وهو يغادر إلى سيارته ....
(أمي ... مرحبا .... بلى ...أنا قادم ...)...
...........................


مدينة الجبل .....

منذ أن غادرت المشفى، وهي تشعر بغرابة وكأن احد ما يراقبها، أو يترصد بها. استعجلت من سيرها مانعة رأسها من التلفت، خوفا او شجاعة واهية، لا تدري. دق قلبها هلعا حينت عاد شعورها ذاك، فالتفتت رغما عنها ولم تجد غير ظلال الظلام، لتعود الى النظر حيث موطئ قدميها، تلعن المكان وبؤسها الذي يجبرها على البقاء فيه. ما إن تراءت لها البناية المتهالكة، حتى اطلقت ساقيها للريح.
اقفلت الباب بعنف واستندت عليه تتمالك انفاسها الفارة منها، لتجفل على نبرته العميقة .....
(ماذا بك ؟؟)... رفعت رأسها لا تزال تمسك صدرها، فبللت شفتيها وتجاوزته تجيب بجفاء...
(لا شيئ....)... شيعها بنظراته الغامضة، فقال مجددا....
(ألم تقرري بعد؟؟)... توقفت لتأخذ نفسا عميقا، ثم استدارت إليه تقول بحدة، فقد طفح بها كيل كل شيئ من حولها....
(اخبرتك من قبل ...لا اعلم !!... ما تسأل عنه لا أعرفه... يا إلهي... ألا تفهم؟!).... خفتت نبرتها التي تهدجت تبشر بغيث من غيومها السوداء، لعلها تسقي جفاف أحشائها، فتجمد مكانه يحبس أنفاسه، حين تغيرت نظراتها إلى حزن، وسقط قناع الجمود عن قسماتها لتتحول الى فتاة صغيرة، ضعيفة، وهنة، كانت طوال الوقت تدعي الشجاعة بردودها العنيفة، كأخرى تذكرها واشتاق إليها، حد الوجع، حد البكاء، حد الهروب منها، الهروب من لقائها الذي قد يضعفه، ويغريه باللجوء إلى الحضن الدافئ للعائلة الحقيقية، وهو لن يفعل، ليسامحه ربه وليسامحوه جميعا، لن يفعل حتى يستحق العيش بينهم بكرامة، ولا يكفي ما فعله، أجل لا يكفيه، وحين يعلمون، حينها فقط، إن حقق الهدف وعالج الأصل وأصلح الجذور، حينها حتما سيستحق العيش بينهم. رمش بجفنيه مرة واحدة بالتزامن مع حركة تكاد تلمح من رأسه، لينفض عنه وهن قلبه، وهي تتمالك نفسها عند أول الغيث، لتعيده حيث أتى، إن لم تتخلص من رطوبته كليا، تضيف ....
(ما تسأل عنه .... امضيت عمري ...مذ وعيت ...وانا أبحث عن أجوبة له .... هل تظن أنني سعيدة بحالي هذا؟!.... أنت لا تعلم شيئا ... أنت ....).... زفرت بإحباط، فهم بالرد لولا صراخ الشقيقين بسبب شجار جديد....
(ماذا فعلت لأبي... حتى لا يسأل عن غيابك؟؟... وحين أحدث امي اطلب منها ان تريحني من حمقك ..تخبرني انها وأبي ...قد ملا منك .... فلأتحمل مسؤوليتك ...علّني أصبح رجلا!!.... هل هذه خطة جديدة لتحويل حياتي الى جحيم؟؟...).... نفخت سترة وهي تعود للخلف خطوة بعيدا عن ذلك المارد الذي وقف بدوره مكانه دون حركة، بينما الاثنان قد وصلا قربهما غير مباليين بهما ...
(بلى ...كما أخبرَتك... لقد ملاّ مني ومن وجودي .....وأصبحا يُدَلِّلاّن عليّ لأتزوج .... هل تصدق هذا؟! ..... لم يترك أبي رجلا في الحي ...وحتى في بلدتنا الأصلية فوق الأربعين.... ولم يخبره عني..... طبعا انا العانس ...التي أكملت الأربعين... ولم ينظر إليها صنف ذكر لعين!!.... )... لهثت من فرط توترها، فمسدت سترة على جبينها تعبا، واحراجا أصابها والذي لم يغادرها بحدقتيه ...
(وماذا بيدي لأفعله أنا... حتى يبتلوني بك ؟!.... حالي لا يسر... ومسكني وضيع ... ولا أحد من صحبتي.... يصلح كزوج حتى لو كان أكبر مني .... )... اقتربت منه تنتفض حنقا، تتمتم بغضب حتى نطقتها صريحة ...
(لم!ا... مم!!.. افعل شيئا ... لا يهمني ... دبر لي زوجا من تحت الأرض... أنا مللت ..ولم أعد أطيق نظرة الناس المشفقة والشامتة ... ولا نظرة أهلي!!...)... قفزت حواجبهم مرة واحدة، بينما هي تكتف ذراعيها، تكمل بتصميم ....
(أنت اخي .... وأنا مسؤولة منك ....وسمعت الشيخ يقول في أحد الدروس ...على التلفزيون ... أن لا بأس في عرض الأب لابنته على الرجل الصالح.... ولا نص يحرم ذلك في الشرع... بل هي من السنن المهجورة .... )... مقلهم في اتساع، وهي تكمل مدافعة تحرك يديها في كل اتجاه...
(حتى انه ذكر في القرآن... لا احفظ الآية ...لكنني اذكر منها... أن صاحب مدين عرض ابنته على سيدنا موسى عليه السلام ... كما فعل عدة رجال من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام ...أبي فعل ذلك وفشل فيه ....وبقي أنت عليك المحاولة..)... صمتت فقال مروان بدهشة يشوبها التهكم ....
(الشرع يا سهر ؟!... الشيخ و السنن؟!.. منذ متى؟!)... جعدت أنفها بامتعاض، وهو يكمل ...
(ما آخر أخبار... المسلسل التركي يا سهر؟!...ذلك الذي انقضت خمس سنوات ولم ينقضي... لا ...بل الهندي ...الذي تتابعين إعادته كل الصباح ... فقط كي تنغصي علي نومي ... )... تخصر بيد واحدة، بينما يحك دقنه بأخرى مسترسلا، وهو يرمقها ساخرا ...
(والمنوعات بين الشرقي والغربي ...والشعبي حين تنوين إنقاص وزنك ...على حد قولك... فيجن جنونك في ما تسمينه رقص ..... آه نسيت ... والمسلسل الكوري!! .... هذا غير الإنتاج العربي ؟!...أين وجدت الوقت بين كل ذلك؟! ....لدروس الشرع؟!)... عبست في وجهه، وهو يقهقه مستدركا....
(أم أن دروس الشرع ...مقتصرة على عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح ....أين هذا الرجل الصالح يا سهر؟!. ...هنا؟!.. في بئر السواد ؟!... وا حسرتاه على حصيلة نسلك يا والدي ....ابن حشاش ... وابنة مجنونة ... فقدت عقلها عن آخره ...)... (مروان؟!)... هتفت زاجرة، فتلفت حوله قبل ان ينظر الى سترة، يقول بانفعال ...
)سترة أنت تساعدين الفتيات ... )... انتفضت تتخصر هي الأخرى بتأهب، ويونس مترقب، بينما مروان سحب شقيقته وأوقفها أمامها يكمل ....
)بحق كل مرة طلبت فيها مساعدة ....ولم أتأخر عنك .... ساعديها ... وأبعديها عني .... أنا رأسي يؤلمني ...ولم أجد حجرا واحدا ...أو حتى لفافة تبغ تعدل مزاجي ... فأنا مفلس ...).... قطبت سترة تقول بحنق ...
)وماذا سأفعل بها أنا ؟!).... دفع بشقيقته حتى أوشكت على الاصطدام بسترة، يقول بسخط ...
)لا علم لي ... تصرفي ... لطالما ساعدتِ فتيات ... ساعدي هذه ...اعتبريها من ضحايا المجتمع الظالم ....)... فقدت بقايا صبرها تهتف باهتياج ....
)من أخبرك أنني أعمل خطابة ؟!)... كتف يديه والآخر يقترب نحوهما بتأهب ...
)لقد كنت للكثيرات ....أم أنك نسيتِ ...أنني كنت العريس ...)... جعدت دقنها ترد ساخرة ....
)الحشيش والتبغ أتلفا دماغك عن آخره ... أين أي من تلك الفتيات اللاتي تزوجتهن؟؟!... فكر يا ذكي ...).. عبس مقطبا فشوح بيديه قبل أن يستدير هاربا من الموقف ...
)لا شأن لي .... جدي لها حلا ... أنا ذاهب كي أعدل مزاجي .... إن وجدت مالا ....)... شيعوه بنظرات غير مصدقة، وهو يفتح الباب ويجد أخرى كانت تهم بدقه، ليتراجع للخلف يهتف بصدمة من منظرها الرث .....
)رباب ...ماذا حدث لك ؟؟).... تقدمت نحو سترة تلقي بنفسها عليها وتنوح ....
)سترة ... هل رأيت ما فعلوه بي ؟؟... أنا لم اعد أطيق ... )... راقبوها بتمعن، وسترة تدفعها قليلا تسأل وهي تتفحص الكدمات على وجهها وعنقها، ملابسها مشققة من الجوانب، وحتى شالها مفقود...
)ماذا حدث يا رباب؟!... من فعل بك هذا ؟؟).... رمقتها بحقد عزوه لمن فعلوا بها ذلك تجيب....
)انت تعلمين من ... أنا لا أريد فعل ذلك مرة أخرى ...أرجوك ساعديني ...)... فتحت سترة فمها وأقفلته مرات عدة لا تعلم ماذا تقول، فاستدركت الأخرى متشبثة بها ...
)أنت وعدتني إن قررت التوبة بحق ...ستساعدينني ....)... هزت سترة رأسها مستسلمة، وضمتها مشفقة تحثها على المشي نحو غرفتها، فقالت سهر بريبة ...
)أليست هذه من العا.....)... (سهر اصمتي واتبعيني!! ...).. قاطعتها سترة زاجرة، فعبست تلتفت إلى شقيقها، الذي عبس اكثر منها وهو يشير لها كي تطيعها، فزفرت وهي تخطو من خلفهما.
)من تكون؟؟)... سأل يونس وهو يضيق مقلتيه ريبة، فأجاب مروان قبل أن ينصرف ....
)في أول معرفتي بها ...ظننتها من عاهرات البئر .... لكن بعد مدة ... ..لا أدري ... هناك شيئ ما غامض حولها.... لا أعرف .... لكن ما أنا متأكد منه ... أنها دائما تحوم حول سترة .....).... شد يونس على قبضتيه وقد أظلمت مقلتيه حقدا وكرها، شيئ ما آخر، أبى الاعتراف به.
…………………………

المشفى ..... القسم النفسي ....

مسد اسماعيل على أعلى أنفه وهو يحرك عويناته من مكانها، يرفض التخلي عن هدوء أعصابه، على عكس زوجته التي نطقت بشيء من العصبية....
)يا سيد عدنان .... ما تطلبه مستحيل ... ابنتك لا تزال تحت الملاحظة ....وبعيدة كليا عن موعد الخروج ... هذا غير ...ان التحقيق مستمر ...وينتظرون مني إذنا لتدلي بأقوالها ...)... انتفض من مكانه يقول برفض وتوتر ...
)لا داعي لذلك.... فنفسيتها معلولة كما تقولين ... وكل ما ستقوله لن يصدقوه أليس كذلك؟؟)... تناظرت وزوجها، ليربت على يدها مهدئا ثم نظر إلى الشاب الذي رافقه يجلس على المقعد المجاور لمن علما أنه عمه، يقول محاولا جس نبضه ....
)الفتاة في اسبوعها الأول من العلاج ... ولم تبدأ بعد بالاستجابة كليا .... وبعد محاولتها لإنهاء حياتها .. لا يمكن التكهن بردود أفعالها .... لكن حين نقرر أنها تستطيع ...الإدلاء بأقوالها.. فكل ما ستقوله ...سيكون صادق ...)... أومأ الشاب برزانة، وأمسك الرجل الأكبر منه سنا والمتوتر، كي يعود إلى جلوسه، قائلا ....
)أتفهم ذلك دكتور .... لكن العائلة مشغول بالها عنها ...ونريدها أن تعود الى البيت ... دون ان تنقطع عن علاجها .... تعلم ...حبسها في المشفى ... يضيف إلى الفضيحة... فضيحة أخرى....)... زفرت طائعة، وقال اسماعيل ما شغل باله منذ أن لمح ذلك الشاب برفقة الرجل .....
)هل اعرفك من قبل ....سيد جاسر..؟؟).. أومأ الشاب مقطبا بحيرة، بينما إسماعيل لم يجد وقتا للتفكير، حين رن هاتفه واستله من جيب سترته يجيب ...
)بلى ..أنا في مكتبي.... انتظرك ... حسنا ...)... أنهى المكالمة، واستقام واقفا يقول بصراحة لكن بنبرة مجاملة ....
)من فضلكما ... الموضوع ظاهر يا سيد عدنان .... ابنتك لن تخرج من هنا ... إلا بعد أن تستكمل علاجها ..... ولن يمنعها احد ... عن الإدلاء بأقوالها للشرطة ....)... صك الرجل على أسنانه بقوة، وغيض فهمّ بالهتاف لكن الشاب منعه يبتسم ببرود يرد عنه....
)مفهوم يا دكتور ...شكرا لك...)... وقفت طائعة هي الأخرى تنفخ بتعب، والرجلين يهمان بالمغادرة حين دخل شخص آخر وتوقفت الدنيا بهم جميعا.
……………….


المدينة السياحية .... منزل أهل نوران .

انضمت إلى المائدة اثناء العشاء مرغمة. سلمت على خالتها وابنتها وتجاهلت اسامة بعد ان منحته إماءة بسيطة، فقلدها محافظا على قناع مبتسم برسمية، خصوصا بعد مجموعة الوصايا من والدته دون ذكر مراقبة أخته وزوجها. وإن كانت *المجمد المتنقل* تهون عليه الأمر بتحملها نصف غرابة الأمر وبالتالي نصف مراقبتهم أيضا. اخفى بسمة جانبية وهو يلمح خالته تلفت نظرها بدفعة خفيفة من كوعها، وتشير لها كي تبتسم في وجوه الضيوف.
)كلي يا أختي... لست بحاجة لدعوة حبيبتي ...)... ابتسمت غالية بدفئ، ترد على اختها راجية ....
)الطعام لذيذ.... شكرا لك ...)... ضحكت أختها تجيب بمزاح، والباقي بين مراقب بتسلية، ومشفق و....غاضب ..
)كنت لأخبرك كما يفعل الناس في مثل هذه المواقف ...أن العروسة من طبخت ....لكنك أعلم بها ... )... ضحكت غالية وباقي العائلة، بينما نوران تكز على نواجدها غيضا، وهي مطرقة برأسها على طعامها.
)هل العروس مستحية؟)... قالتها نزيهة بتعمد متهكم، فرفعت رأسها بحدة، لتنظر إليها والدتها بقلق من ردها، الذي ألجمه رد خالتها تجيب ابنتها بنبرة ذات معنى ....
)ولما ستخجل ؟؟... نحن عائلة واحدة ...ونوران ابنتي قبل ان تكون ابنة اختي ....)... ظل أسامة مراقب كأنه ينتظر بركان سينفجر في أي لحظة، يشاركه في إحساسه زوج خالته وابنه الذي تدخل بنية مرحة، بعد أن أكملت غالية حديثها ...
)هي بالتأكيد عروس.... لكننا لم نسمع ردها بعد ....)... (احذري خالتي ...هناك منافس في الساحة ...)... التفتوا إليه جميعا، بمن فيهم نوران التي احتبست أنفاسها في صدرها، فرفع كفيه حرجا يبتسم ....
)يجب ان تخبروهم ...حتى لو كنتم سترفضون ... )... قطب أسامة ونظرت والدته إلى اختها باستفسار أجاب عليه زوجها....
)صديق لي ....خطبها لابنه ... لكننا أخبرناه عن أسامة ...)... زفرت غالية براحة، اختفت حين اكملت أختها بفخر لم تعلم كيف هز احشاء ابنتها برعب جلي....
)لكنه أصر ..... وقال إن هي رفضت ابن خالتها ...أنا أولى بها ...)...
*أنا أولى بها.... أنا أولى بها*... ظلت العبارة تدور في رأسها، وقد انسحبت الدماء من وجهها، لما لم يقل *ابني أولى بها*..أو حتى**عائلتي أولى بها**... لم تكن تنصت لعتاب خالتها لأختها، ولا مراقبة اسامة الغامضة، ولا حتى نظرات اللوم من أبيها نحو أمها التي تراجعت تتأسف وتتعذر لشقيقتها، كل ما كان يدور في رأسها جملة والدتها، علقت كقرص مضغوط قديم، أقسم على عدم رحمتها. **أنا اولى بها*... *أنا اولى بها*... فجأة انهالت عليها الصور المقززة، وتمادى بها العذاب أن اختفت صورتها وهي صغيرة، لتحل مكانها صورتها هي الآن، اختنقت باشمئزازها وفرار انفاسها ودون وعي انتفضت تقف هاتفة بلهاث ....
)أنا موافقة .....)... التفت حولها الأنظار المتفاجئة، فنظرت الى خالتها، ثم إلى أسامة تكمل بنفس اللهاث.
)أنا موافقة على الزواج .... ب ... بك ...أسامة... عن اذنكم لحظة ....).... خطت مبتعدة، واسامة يشيعها بنظرات لم تعد متشككة، بل واثقة.....ابنة خالته بها خطب ما، وخطب جلل. أجفل على زغرودة من فم خالته التي قامت تنقض على أختها، تمطرها بالقبل والتهاني، والأخيرة لم تقصر تبادلها نفس السرور.
وبينما أسامة يشارك العائلة تهنئة بعضهم البعض على النسب القريب، ببال مشغول بها وبكل ما هو قادم. كانت نوران تطلق العنان لشهقات بكائها وللمرة الأولى في حمام بيتهم الداخلي.
رفعت راسها إلى المرآة، ترمق انعكاسها المختلط بين الحمرة والشحوب، تهمس بحرقة ....
)العلقم .....أفضل من السم القاتل .....)....
…………………


مدينة الجبل ...... منزل آل عيسى ...

وضعت حق الكتاب أمامها، حين توجهت رواح إليها بالحديث ....
)ليست على طبيعتها ....).. تنهدت حق وقالت بإشفاق...
)إنها كذلك طوال الأسبوع.... أنا قلقة عليها...)... أسندت رواح دقنها على كف يدها، ترد بانزعاج ...
)لم تعد ترد علي مشاكساتي ... وحتى الصغار ... لا تستجيب لمرحهم ... ساهمة طوال الوقت.... )... أومأت حق بتفهم، لتتدخل الخالة شمة وهي تضع إناء الخضار على مائدة المطبخ حيث تجلسان......
)حذرتها من قبل ...أن تحمد ربها على عطيته .... لكنها جاحدة ...نحمد لله انه سافر فقط ...فماذا كانت لتفعل ...لو تركها بحق؟!).... ابتسمت رواح بحزن، بينا حق تقطب بحيرة، والمعنية تجلس في الحديقة الخلفية، على درجات سلم شرفة غرفتها.

في قرارة نفسها تنتظر مكالمته اليومية، نبرة صوته الدافئة، كلماته المطمئنة أن كل شيئ سيكون بخير.
اهتزاز قراراتها، ورغباتها، عنادها في تحديد مصير حياتهما، تخبط مشاعرها، تنهدت وهي ترفع رأسها إلى النجوم، شعورها نحو منصف ظاهر لا شك فيه، فقلبها ينبض باسمه، وانفاسها تتسارع ما إن تمتزج بعبير عطره، ولا تتخيل حياة تعيشها دون ان يكون فيها حاضرا ببسمته بين الخجل والمرح، دون دفئ حضوره، ونعومة أفكاره وتعابيره. ابتسمت تلقائيا حين دغدغ فؤادها بحسن ذكراه، لكن سريعا ما وئدت تلك البسمة، فتخبط أحاسيسها من منظومة الزواج ككل. تخشى حياة كالتي عاشها والدها مع زوجته وعشيقاته، حياة تزلزل الأرض من تحتها. تحتاج لرؤية أخيها، تحتاج لمن تتحدث معه عن ماض عاشته معه، يشاركها الألم والذكرى. يجب ان تتأكد، لا تعلم كيف؟! لكنها تحتاج لأخيها وبشدة، وبطريقة ما تتمنى أن ينهي حيرتها، هو فقط، بانضمامه إلى عائلتهما واحتوائهم له كما فعلوا معها، ستجد اخيرا السلام، وحينها قد تسلم مقاليدها وتستسلم لحب حياتها، كي تبني كيان لها تأمل أن لا ينهد فوق رأسها يوما ما.
شعرت باهتزاز هاتفها بين كفيها، فنظرت الى شاشته بشرود واجم، لتجيب أخيرا بنبرة فيها من الحزن ما بقي ...
)مرحبا....)... (ماذا بك تغريد ؟؟... لما أنت حزينة؟!)... تتسع بسمتها والدمعات تفر من مقلتيها متدحرجات على وجنتيها المكتنزتين ..
)وكيف علمت أنني حزينة؟!..).... أطلق نفسا عميقا، ينم عن تأثره ليرد بحزن انتقل إليه....
)كما علمت انك الآن تذرفين الدموع... بينما تبتسمين ...)... مسحت وجنتيها، تقول بمزاح تتهرب به منه.
)هل أصبحت كاهن ؟!).... أمالت رأسها على الهاتف، تسمح لنبرته بالتسلل الى جوفها باعثا بدفئه بين جنبات أحشائها....
)لا أحتاج للتكهن فيما يخصك تغريد .... أنا فقط أشعر بك ... هكذا ... صغيرتي ....)... حافظت على بسمتها الهادئة، دون رد، فاستدرك هو ببعض المرح ...
)لما لم تعبسي ..... وتنفي عنك الصغر ؟!)... عادت ترمق النجوم بوجوم، تقول ....
)لم أعد أريد ان أكبر منصف ... )... لاذ بالصمت كي يستدرج خبايا نفسها التي يحفظها أكثر منها، فاستطردت ....
)اكتشفت أنه من الجنون أن يتمنى المرء الكبر... الصغر رحمة ... وراحة .... وأنت!...... كنت محق ... لقد استعجلت الحياة ... وكبرت قبل الأوان.....)... سكنت دون أن تحيد بأنظارها عن النجوم، فقال هو....
)تلك سنة الحياة... الصغير يستعجل الحياة ليكبر ....والكبير يتمنى أن يعود صغيرا .... لكن أتدرين أين يكمن السر ؟!)... همهمت بنعومة، فأجابها وهو يضع كفه على قلبه، يرمق نفس النجوم، في مدينة أخرى بعيدة، من نافذة بيت والده....
)أن يكون المرء قانعا بما لديه ...سعيدا به .... )... قطبت تسأل بخفوت هامس ....
)كيف السبيل الى ذلك؟)... استشعرت زفراته قبل أن يجيب بنفس الهمس ...
)أغمضي عينيك ..)... (ماذا؟!)... قاطعته، فابتسم يعيد أمره ...
)أغمضي عينيك ....ثقي بي ..)... أسدلت جفنيها ووجهها الى السماء، تقول ...
)لقد فعلت .....)... لم تعلم أنه فعل مثلها، وهو يقول ....
)تخيلي حياتك ... وحيدة .... لا عائلة ... لا ابراهيم بحبه الأبوي وحمايته .... لا جد بحنانه وحمايته.... لا اسماعيل بتفهمه وحمايته ... ولا عيسى بمرحه وحمايته.... لا قرود صغار ...وامهاتهم ... حق بحكمتها واستيعابها الغريب لكل العائلة ..... طائعة بتعاملها العملي الصحيح .... وحتى رواح بشقاوتها معك ... تخيلي نفسك تستيقظين يوما ...من دون كل هؤلاء ... كيف ستشعرين ؟!...).... شدة على جفنيها كما تشد على هاتفها تجيب بنبرة تهدجت ببكاء حارق ....
)أعلم كيف ستكون.... الجحيم بعينه .... لقد كنت هناك ....واعلم كيف يكون جيدا ....) .... لهف قلبه عليها يهمس بشوق، بعشق ...
)صغيرتي ....)... لكنها استرسلت تفضي بعذابها كي يحمل عنها كما عودها، هو حبيب عمرها، حتى قبل ان تعرف ذلك ...
)هل تعلم ما هو ألعن من ذلك يا منصف ؟!).... علم انها لا تنظر جوابا، كان ينتظره هو على أحر من الجمر الملتهب.
)حياة ....لا تكون فيها أنت ..... لن استطيع عيشها ...لن أتحمل .....)... تنهد بفيض حرارة أحاسيسه، يجيب قاطعا لها ألف وعد ووعد ...
)مادام في صدري نفس... لن أحلم سوى بحياة تجمعني بك ... وأنت أعلم بذلك ...فماذا بك يا صغيرتي؟)... مسحت عن شفتيها الدموع بلسانها، فاختلطت ملوحتها بعذب لعابها. تفسر ....
)أخشى عليك من عنادي ...وتخبطي ...وطيشي .... لذا أدعو الله ان تراني دائما صغيرة... عديمة الخبرة والحكمة ... فتجد لكبريائك الحجة الدامغة ... فلا تتركني أبدا.... )... ضحك منصف من بين وجومه وحزنه، يقول .....
)اتفقنا إذن ... فأنا ايضا ...لا أريد لك النضوج ....فتفهمين حق قدرك ....وحينها قد لا ترضين بي ....)... تركت الصمت يعبر عن امتنانها، وحبه الذي يغوص في اعماقها، ليستدرك بوله.....
)إنها على طرف لساني يا صغيرة ... عبرت بها ... بكل فعل مجاز لي .... ولا استطيع النطق بها ...بل لا أريد ...إلا وأنت حلالي ... فلا أغلى عندي أخاف على فقدانه سواك ....)... هنا فتحت فمها ترد ببهجة ألمت بقلبها ...
)حقا؟!... ألم تقلها بعد؟!... غريب!!...فأنا أسمعها....في كل نظرة من زرقتيك ...ومن كل كلمة تخرج من بين شفتيك ....ومن كل خلجة تصدر عنك ...)... أقفل النافذة واستلقى على السرير، يرد بسرور تفشى على صفحة وجهه ...
)ماذا سأقول.... سوى ... الحمد لله ...)... ضحكت بشقاوة، تقول ...
)لكنك لم تخبرني ...عنك ...)... عض شفته بمكر، ثم قال بذكاء ...
)الصغار ... يتشاقون على احبتهم ... لذا أعلم أنني لا زلت في المنطقة الآمنة.....)... قامت من مكانها عائدة إلى غرفتها، تقول بامتنان ...
)منصف؟!)... (صغيرتي!!)... اقفلت باب الشرفة، واستلقت تكمل بحب ...
)شكرا لك ....)...تنهد مجددا ثم قال ....
)العفو .....يا صغيرة .... ).....
………………………….

المشفى .....

ترجل من سيارته مسرعا ليلتقي بالدكتور اسماعيل، يسأله معروفا مهما بالنسبة له، أسبوع وهو يبحث في كل مكان يتبع كل خيط، حتى انه عين مراقبين لذلك الحقير، بعد استنتاجات الدكتور، دون جدوى. المشكلة أنه لا يعلم عنها سوى كل ما يتعلق بطفولتها، حتى شكلها وهي طفلة يحفظه عن ظهر قلب، لكن لا شيئ وهي كبيرة في سن الخامس والعشرين، وهذا يقيد رسغيه، ويشعل النار في أحشائه. تنفس بسخط لا يريد الاعتراف لنفسه بما يشعره أكثر انفعالا، يتلفت كل حين، ويدق قلبه حينا آخر إذا مر جواره طيفا يعود به إلى الماضي. لقد تعب من كل شيئ ويريد الرحيل، لكنه في نفس الوقت قلبه البائس يشعره بقرب تحقيق الهدف. التفت يبحث عن الرواق لينعرج إليه، ومنه إلى مكتب رئيس القسم، ليدفع الباب الموارب بعد ان دق عليه بخفة.
رفع راسه باحثا عن الدكتور ويا ليته لم يفعل، إذ ان ما شعر به بعد ذلك، هو شلال من الماء البارد قد انسكب على راسه بصقيعه، ليتبعه جدار صلب ضرب جبهته، فترك عقله في حالة توقف لحظية، كانت رحمة لو طالت، لكن هيهات فاللذان أمامه وخصوصا أحدهما يعتبر مرآة تعريه من كل قناعاته بصلابتها، هكذا في ثانية او حتى أقل.
تقدم اسماعيل وقد غلب ظنه الذي استولى على عقله منذ ان دخل عليه الشاب، ليضرب فكره مقاربة أخرى لم يدرك انه نطقها بنبرة أعلى ...
(عدنا .... )... التفتوا اليه جميعا، والصدمة ظاهرة على وجوههم، ليكمل اسماعيل بتقرير مدهوش ...
(جارح عدنان.... جاسر عدنان... )... بلل الشاب شفتيه الجافتين، يهمس بسهو صادم ...
(جا...)... لم يكملها، إذ ان الجارح قد قاطعه يلتفت إلى الطبيب قائلا بنبرة باردة، جافة ....
(أريدك على انفراد دكتور ...لأنني سأرحل من هنا ... ).... تلكأ اسماعيل قليلا، ثم قال بغموض ...
(سبحان الله ... تلك الفتاة التي أنقذتها .. تكون ابنة عمك)... جحظت مقلتي جارح، وعمه يهتف بنفس الصدمة ...
(أنت من انقذها من الانتحار؟؟)... حل الصمت مجددا، وجارح يحرك شفتيه دون كلام، ليعيد جاسر حديثه بنبرة أعلى ...
(بلسم ....).. حدق إليه بنظرة نافذة، فابتسم بحزن يكمل ..
(بلى ...إنها بلسم يا .....شقيقي...)...
............................


بئر السواد ....

مالت نحوها تهمس بريبة، وهي ترمق المرأة صاحبة القطط، تنظر إليهن بنظرة مخيفة، بين كفيها قطة بنية ناعمة تمسد على فروتها، بينما التي تشبهها بحق، هي السوداء التي تقف بدورها متأهبة في وجوههن....
(ما بها هذه المرأة؟؟)... ردت سهر بخوف وقرف...
(لا أعلم ....إنها هكذا دائما .. ثم كيف لا تعرفينها ...فهي من نفس فصيلتك ...)... عبست رباب تحدجها بنظرة غاصبة ...
(وما هي فصيلتنا يا آنسة ...)... رفعت دقنها، ترد باستعلاء ...
(أنت تعلمين جيدا ...ما أقصده ...وطبعا أنا آنسة ....وسنواتي الأربعين ... شاهدات على ذلك ...فالعنوسة ...خير من .....)... زمت شفتيها تحركهما لكلا الاتجاهين فزفرت رباب، تهم بالرد حين قاطعهما سؤال العجوز ....
(من يشغلك؟... فرع البئر ...أم الواجهة؟)... تجمدت قسمات رباب واندفعت الدماء الى شرايينها، ترمقها بصدمة، فتدخلت سهر تستفسر ببلاهة ...
(ما هي الواجهة؟؟)... ابتسمت إشراق بسخرية، تر على سهر وهي ترمق رباب...
(إنه موضوع لا يعنيك يا سهر ...بكل سنواتك الأربعين....).... تشنجت ملامح سهر، بينما الأخرى تكمل بعد أن اطلقت سراح مقلتي المصدومة....
(ماذا تفعلين هنا ....على أي حال ؟؟)... هزت كتفيها بجهل، فقالت سترة التي جلبت صينية عشاء من الجانب الآخر للغرفة ....
(سترافقني لأيام يا خالة ...كلتاهما ....)... رمقتاها بحيرة، فقالت بنبرة متهكمة، وهي تدير وجه القطة تقرب انفها من خاصته تداعبه ....
(دائما ما تبحثين عن المشاكل ....منذ الصغر ... قالتها آمنة ...رحمها الله ...)... لمعت مقلتي سترة، فقالت تتهرب من حزنها....
(هيا ....إلى الطعام ...بسم الله ....)... اقتربن فقالت إشراق وهي تبتسم بنفس غموضها، دون أن تتحرك من مكانها....
(احملي نصيبي ليونس آل عيسى .....)... التفتت إليها سترة، وسهر تنطق ببلادة ....
(لا أصدق أن هذه المرأة... أنجبت ابنا لآل عيسى ...)... انتفضت حين ألقت عليها إشراق أحد قططها، السوداء خاصة، فصاحت سهر وهي تحاول الفكاك منها، لتنقض عليها سترة وترميها أرضا لكن بعد أن قامت بخدشها على رسغها...
(ابني ....يونس ...ابن يونس آل عيسى ....)... زمجرت بها بوحشية أرعبتهن، فردت سترة بمهادنة وهي تعيدها الى مكانها وتعيد إليها وعليها قططها ....
(بلى ... إنه ابن آل عيسى ... ابن يونس... والجميع يقر بشبهه الكبير بأبيه....)... ابتسمت لها كمجنونة تتقلب من حال إلى حال في لحظة، تجيبها وهي تربت على وجنتها، برقة غريبة ....
(حقا؟!... أليس كذلك؟!)... هزت سترة رأسها بتأكيد فاستدركت ...
(هيا ... احملي له الطعام ...إنه جائع ...أنا متأكدة ...)... استدارت برأسها، لتجد الفتاتين تنكمشان على نفسيهما خوفا، فأضافت بسخرية مشوبة بغرابة، وهي تعيد وجهها إليها...
(لا تخشي عليهما مني ... ولا عليّ منهما ....بل أخشي على نفسك منا جميعا ... هيا اذهبي ...)... قطبت بانزعاج، ها هي تلك الكلمات الغامضة مجددا، اعتدلت تحذرهن قبل أن تنصرف ....
(كلا طعامكما ....ولا تسببان فوضى... من الأفضل لو تلتزمان الصمت ... حتى أعود ...)... شرعتا في الطعام وسهر تهمس بخفوت ساخط ...
(ساحرة شمطاء!!....)... رمقتها رباب بنظرة زاجرة، وهي تفكر في سؤالها الذي لم يغادر بعد مركز تفكيرها، لتجفلا كلاهما على نبرة العجوز الهادئة تحمل بين طياتها تهديدا خطيرا، فنظرتا إليها ليجداها تداعب قطها البني، وكأنها تحدثه لا هما ....
(سترة حمقاء ...تظن نفسها ستصلح الكون .... لكن ما نراه نحن البشر بلاهة ..وجنون ... رب البشر ...يراه صلاح وتقوى ... وآه من صالح دخل تحت حمى ربه ... يجعل كيد كل عدو له ومتربص يعود في نحره ... ويدمره تدميرا ... وأنا سبق وشهدت على ذلك ...)... تلكأت وهي تلتفت إليهما بنظرة اقشعر لها جسديهما.....
(فالويل لأعدائك يا سترة .... الويل لهم ....)...
...................

أمام باب المشفى ......

ترك زوجته في السيارة، كي يودع الجارح قائلا بود ....
(آسف لأنني لم أربط الخيوط... كنت لأحذرك ...)... لم تفته تلك النظرة المتزعزعة، وهو يرد بجفاء لم يتعمده مع الطبيب، الذي نزل بحدقتيه إلى قفازي محاوره، يمسد عليهما كل لحظة، كأنه يتأكد أنهما في مكانهما.
(لا تتأسف يا دكتور... عائلتنا كبيرة ... ما كان لك لتعرفهم جميعا ...)... نظر إليه الطبيب، يخبره مستغلا العلاقة بينهما...
(إن أردت ... رشحت لك طبيبا ...أو طبيبة ...في مدينتك ... محترفين وبارعين في مجالهم ...)... ضم شفته للحظة، يرفع كفه إلى ياقة سترته، كأنه يشعر بالبرد، ثم قال يغير الموضوع ....
(ماذا عن ....بلسم ؟! ...أقصد ... يجب ان نعلم من فعل بها ذلك ؟؟).. توحشت مقلتيه مع آخر جملته، فقال اسماعيل بجدية ...
(اظن والداها يعلمان أكثر مما يفضيان به ...)... جعد أنفه باشمئزاز، يقول بتقرير....
(لن استغرب ذلك .... فكل ما يهمهم ...هي صورتهم وسمعتهم بين الناس .... حتى بين أفراد العائلة الواحدة ....لكنني لن أدع الأمر يمر سدى ... كل معتدي سيدفع الثمن غاليا ...).... ابتسم اسماعيل يقول بتحذير ...
(انتقاماتك من أجل غيرك كثرت يا جارح.... ماذا عن انتقامك أنت؟؟) ..... إنه يحاصره، كلاهما يفهمان ذلك، لكنه لن يكون الجارح إن لم يفلت منه بذكاء ...
(لقد نسيت ما أتيت من أجله ....).... تنبه له، يغض الطرف عن تهربه الواضح ....
(أتمنى أن ألتقي بصديقك الشرطي ... أظنه برتبة ضابط ممتاز ؟!..)... أومأ اسماعيل بحيرة، فأكد عليه ..
(نتائج المراقبة تنم عن شبهات كثيرة حوله ...لا أظن شيئا كهذا قد يفوت الأمن... لذا أريد التحدث معه ...قد يصل حديثنا معه إلى معلومات تفيدنا ...)... جعد اسماعيل دقنه يرد بتفهم ....
(أنت محق ... طارق بالفعل قد يساعدنا عن طريق ذلك الرجل ... فأنا طلبت منه البحث عن الفتاة... لكن لم أربطها بذلك الرجل يوما ....)... هز رأسه موافقا، ثم قال...
(شكرا لك ... تفضل لتغادر ...الوقت تأخر ..والدكتورة معك ...آسف لتأخيرك ...).. (حسنا لا داعي للأسف ... سأتصل بطارق وأعلمك .... اعتني بنفسك ...)... احتل مقعد السائق وراقب اسماعيل وهو يغادر برفقة زوجته بسيارتهما، فأطلق سراح زفرة طويلة وهو يتكئ على المقود، يسند عليه رأسه الذي يشعره به سينفجر من ضغط ما جُمع فيه.
فرت منه خيالاته إلى الماضي رغما عنه وقد حدث جل ما كان يخشاه، ليتهرب من كل ما شكل كوابيسه، واكتفى بذكرى طفولة غابرة مع فتاة صغيرة، كانت فردا مهما من حلقة لعبهم دوما كلما اجتمعت العائلة. ضحكاتها لا تزال عالقة في دهنه كأغلب ذكريات عائلته، فكيف ينسى، وأنى له أن ينسى. أجفل على طرقات متتالية على بلور النافذة المجاورة، فرفع رأسه ليجد فردا آخر كان له يوما ما الحياة بأكملها.
ظل يرمقه للحظات وكأنه ينتظر منه التلاشي فيصح ظنه أنه مجرد سراب، أو بكل بساطة ينتظر منه المغادرة، لكن الآخر كان مصرا، يشير له كي يفتح البلور. تنفس برتابة ثم ترجل مجددا يهتف بامتعاض ...
(ماذا تريد يا جاسر؟؟)... ابتسم المعني بحرج، يمسد على خلف عنقه، فعادت كل ذكرى تخصه، أم لم تغادر من الأساس، بل كان يتجاهلها بكل حقد تمكن من قلبه.
(آسف لكنني اشتقت إليك... إنها سنين يا جارح... أعوام طوال ... ألم تجعلك تنسى؟... ألم تشتق لأهلك... لوالدتك ... ولوالدك؟.... إنه مريض على فكرة ...ولا يتمنى سوى رؤيتك ... قد لا يتحرك بها بلسانه ... لكن مقلتيه تكاد تخرجان من محجريهما تأملا في وجهي ...وأنا أعلم انه يبحث عنك في ....)... هنا لم يصمت وقال بنبرة تلظت في كبد ...
(والدي ... ها؟!.. الذي طردني من البيت دون رحمة ... كأنني كلب وجده على ناصية الشارع .... ربما لو كنت كلبا كان ليشفق علي ...)...
عبس شقيقه يرد بوجوم ...
(انه أبي ...أنت اعلم به ...ثم إنه طردني أنا أيضا... هل تذكر ...)... ابتسم بسخرية قاسية يجيب ...
(بلى ...وكنت اذكى مني ... نفدت بجلدك .... وتركتني لكلاب الشوارع.... لقد نمت في مكب النفايات ...كي اختبئ منهم .... وكنت على وشك....)... قطع حديثه وقد شعر بالغثيان يصعد إلى حلقه، فتشكل الذنب على قسمات وجه شقيقيه يهم بالرد....
(جارح..)... قاطعه يهتف بغضب ...
(لا فائدة من الحديث .. فأرح نفسك ... بنيت نفسي بعيدا عنه ... ولا أظن غيابي يهمه في شيئ ....)... استدار ليعود إلى سيارته، فقال أخوه في محاولة أخرى ...
(إنه يعرف عنك كل شيئ .....)... تلكأت كفه على حافة باب السيارة، فاستدرك الآخر بأمل ...
(المرحوم مصطفى تواصل معه قبل مماته بمدة ... وكان يوافيه بكل الأخبار عنك .... قد يكون قاسيا وغير متفهم ...لكنه والد بعد كل شيئ....)... لحظات إضافية تجمدت فيها أطرافه، قبل أن يجلس على المقعد ويقفل الباب، ومن ثم ينطلق بسرعة، وشقيقه يومئ بحسرة وبحزن غائم لم يغادر صدره يوما، سكنه بذنب عظيم.
.............................


بئر السواد .....

كانت ستعود بصينية الطعام حين يئست من رده أو إيجاده، لتنتفض بخوف حين نطق من خلفها ....
(من أنتِ؟!)... التفتت تبحث عنه، لتلمح جسده يحتل احدى زوايا الحوش أو الفناء الواسع. يرمقها بنظرة مظلمة مضيقا مقلتيه بغضب. تقدمت نحوه تضح الصينية على الأرض وهي تجيب بحنق ....
(أرعبت قلبي ... وكف عن طرح نفس السؤال... أنا لا أعرف من أكون.... أنا فقط سترة ....)... شهقت حين طوق رسغها بكفه الضخمة، يمنعها من الاستقامة بجذعها، وحدق في مقلتيها الظاهرة تحت نور القمر الباهت، يحدثها بهدوء خطير ....
(في البداية جزمت بكونك عاهرة من بئر السواد ... حين وجدتك مع وال... إشراق ... وموقفي كان واضحا ... لكن بعدها ... أصبت بالحيرة ... بعملك في التنظيف ... وعدم رؤية رجال يحومون حولك .... لكن الليلة عدت أميل إلى ظني السابق ... فإن لم يكن هناك رجال ... هناك عاهرات تحمن حولك ... وأمن تعيشين فيه وسط الخراب .... فمن أنت يا سترة؟؟)... تكومت ملامح وجهها، وهي تسحب يدها من قيد كفه الضخمة، ترد بألم وسخط ...
(لا يهمك من أكون ... أطلق يدي.... أنت تؤلمني ...آآه ...)... أرخى اصابعه حول رسغها، فشعر بسائل لزج، ليقطب بريبة وهو يمسك يدها بكلتا كفيه متسائلا بقلق تفاجأ من كبر حجمه ..
(دم؟!.. من أين أتى؟!)... جذبت كفها تنفخ في الجرح الصغير، و تجيب بحنق منه ومما يجعلها تشعر به من تخبط وحيرة، ودقات قلب مسرعة، وكأن الرعب الذي تعيش فيه لا يكفي ...
(احدى قطط والدتك المتوحشة .....).... استقام واقفا يقول بانفعال ...
(يحب أن نذهب للمشفى ....حالا...)... كان دورها لتجعد جبينها، تسأل بدهشة ...
(مشفى؟!... إنه جرح صغير...)... اقترب منها ليهل عليها بطوله، يقول بحيرة ...
(هل سبق وخدشتك قطة؟! ....)... هزت رأسها سلبا، فقال وهو يتجاوزها ....
(إذن إن لم تحبي الرقود لأيام بسبب حمى خدش القطط !...فوافيني كي نذهب للمشفى! ... هناك يقدمون حقن واقية ... ).... رفعت رسغها تنظر إلى الجرح بسهو، وقد أصمت دقات قلبها أذنيها، فهتف يوقظها من سهوها ...
(تحركي!!)... اهتزت ثم فرت من أمامه، وهو يهمس بقلق حقيقي ...
(ماذا تفعلين يا أمي؟!... أنا لم أعد طفلا غرا ... كي لا افهم أنك تدفعين بالفتاة إلي دفعا .... ما هي خططك ؟؟.. وأين أجدك أيها الدرويش ؟؟)...
......................




منزل البروفيسور في مدينة الجبل ....

مشط شعرها بروية ثم مسد عليه بكفه يقول بحنو ...
(حبيبة البابا أكلت....واستحمت... وارتدت ثياب النوم .. ومشطت شعرها ...والآن الى النوم ....)... ضحكت بغنج، فقبل وجنتها الزهرية وحملها إلى سريرها الصغير، استلقت الصغيرة وجلس جوارها تارة يلمس وجهها، وأخرى يربت على رأسها، البسمة الحانية لا تغادر ثغره، وهو يقرأ لها أذكار النوم، وهي، صغيرته كأنها تشعر بتعلقه اليائس بها ترفع أصابعها الصغيرة كل حين وتبحث في معالم وجهه وحين يغزو النوم جفونها تتشبث بعنقه وتقرب جانب وجهه بلحيته حيث عشها الآمن، تحط عليه بجانب وجهها الصغير، فتنام قريرة العين، لينسى نفسه هناك حيث جنته، حتى تأتي صباح وتربت على كتفه كي يأوي إلى فراشه.
ترك باب غرفتها مواربا كالعادة، ثم ضم زوجته وخط برفقتها يلجان الغرفة المقابلة، يهمس كي لا يوقظ صغيرته ...
(لا زلت أنسى نفسي جوارها ... أظن أنني لن أتعود أبدا ...وسيظل وجودها يبهرني .... ويحملني على بساط السعادة الأبدية....)... ضحكت صباح وهي تضع قبلة صغيرة على جانب فكه تهمس بحب ....
(لا حرمها الله منك ...و لا حرمني منكما ... انتما سعادتي التي لم اظن يوما أنني سأحصل عليها..... )... التفت إليها يرمق وجهها بتلك النظرة التي تحيرها، كأنه يتأكد فيها عن قولها، غير مصدق حظه، ليغمز لها مشاكسا بقوله ...
(ما الذي جعلك تحبينني هكذا؟! ....لا علم لدي ... )... اندسا تحت الغطاء، ووضعت رأسها على صدره تجيب.
(وأنا لا زلت أستغرب كيف تحقر من قدرك ....يكفي أنك أنت البروفيسور ...)... ابتسمت حين شعرت باهتزاز صدره، ورفعت وجهها إليه لتتملّى في حسن ضحكته التي تنقص من سنوات عمره الكثير.
(لست سوى عجوز نزق ... يدّعي الهدوء بينما ليس هناك من هو أشد عصبية منه ... وفضولي مجنون ...).. عضت شفتها تراقبه، حتى صمت ثم لمعت مقلتيه يستدرك ....
(لكنني أحبك... لم أكن اعلم انني سأحمل هذا القدر من المشاعر لأحد ...كما أحمله لك ..ولصغيرتنا .... خصوصا وأنت تمنحينني نظرة الإغراء هذه ... فتدفع بعقلي إلى أفكار ... لم اتخيل نفسي سأفكر فيها يوما ..قبل أن أحبك .... وأتزوج بك .....).... قهقهت بصخب، وهي تمسد على لحيته، وهمت بقول شيئ ما، حين صدح رنين هاتفه لتقطب مثله تسأل بدل ذلك ...
(من سيحدثك في مثل هذا الوقت؟).... عاد لسخريته، يرد بتهكم ...
(إنها عشيقتي .... أخطأت التوقيت ...).. ضربت أعلى كتفه تعبس بطفولية، فسحبها يقبلها في نفس اللحظة التي داس فيه على زر الرد، واختار صيغة المكبر، ليوقفا قبلتهما دهشة، حين صدحت نبرة ذكورية تئن ألما تجسدت في كلمات رغم بساطتها ...
( أنا سأتزوج ... بعد أسبوع واحد.....)... رمقته صباح بقلق وحيرة فأومأ لها وابتعدت عنه بعد أن قبل رأسها بخفة، وقام بإلغاء خاصية المكبر، يجيب بحذر..
(حسنا ... مبارك لك ... من معي من فضلك؟).... أتاه الرد مفعما بالبؤس والوجع ....
.... أنا أشعر بنفسي تحت جبل ضخم يجثم على صدري وأنفاسي ... انه ألم رهيب ....لم اعد احتمل ...)... ألقى رأسه على الوسادة، يرمق السقف صامتا ينتظره ليكمل....
(أشعر بنفسي في غابة مظلمة .... كلها أشواك وحفر ... لا أكاد أخرج من واحدة ... حتى أقع في اخرى... أنا اختنق... أنا ....)... سكت فقال البروفيسور بنبرة هادئة حذرة ....
(الحياة كلها حفر... منا من يحذر منها فيظل يراقب موطئ قدمه فيتفادى بعضها .... الخطرة منها .... ومنا من يكون معصوب العينين ... فلا يرى أمامه ...ويظل يتخبط بينها .. )... كان على وشك اللعن حين ظن أنه خسر الغريب البائس، لكنه عاد يبتسم بظفر، والنبرة الحزينة تصله عبر الأثير متسائلة بضياع ....
(تلك العصابة .. هل يمكن نزعها عن العينين ؟!... وهل لتلك الحفر تأثير دائم على من وقع فيها؟؟)... تنهد يقول ....
(بلى يمكن ....فالإنسان يتعلم من المهد إلى اللحد .... والحفر قد تترك أثرا بليغا في النفس... إن فقط لم تتعالج منها ... وتعتزلها لمدة كافية لتنساها .....فمن نعمه سبحانه على الإنسان.. نعمة النسيان .... والفرق في النسيان مع عدم المعالجة ...والنسيان مع المعالجة الصحيحة ... كشفاء العظم على عِوجه .... وشفاءه وهو مثبت في مكانه الصحيح ... هل فهمت؟؟)... كان رده الصمت لبعض من الوقت، فانتظر بصبر يدعو الله أن لا يفقده ....
(ساعدني ...)... نطقها وحيدة منفردة، بليغة عن كل كلمة توسل قد يضيفها، فأسرع البروفيسور مجيبا ...
(بكل تأكيد ....هل ستخبرني باسمك ؟؟!)... أتاه الرد غامضا متباعدا ...
(وهل يهم ذلك؟!)..... جعد البروفيسور دقنه باستغراب يرد ...
(في الحقيقة لا ....انا فقط أحب أن أنادي من أحدثه باسمه ..لكن إن لم تشأ.... أنت حر ...)... وصلته زفرته العميقة، قبل ان يقول بشيء من السخرية ...
(بلا أسماء أفضل ..... أما أتعابك .... فقط أخبرني برقم حسابك ...وسأحولها إليه ...).... أصدر البروفيسور ضحكة تنم عن راحة صدره، يجيب بحذر لازال يلازمه مخافة فقدانه ....
(لا أسماء ...ولا أتعاب .... لأول مرة سأقدم علاجا عبر الهاتف لشخص مجهول ... وأنا مهتم بالنتائج أكثر منك ...فلنجعلها إذن صفقة .....أدعو الله أن تكون مربحة لكلينا ....).. شعر به يهدأ، ونبرته تتسم بالرزانة اكثر وهو يقول مودعا ....
(اتفقنا... إلى اللقاء .....)... أسرع البروفيسور بالقول ....
(بإذن الله متى ما طلبتني ...ستجدني .... )... نطق الرجل بكلمة شكر بالكاد التقطها البروفيسور الذي حط بهاتفه على المنضدة جواره، واستدار ليجد زوجته تبتسم له قائلة قبل ان تضمه إليها ....
(وتسأل لماذا أحبك ؟)... ابتسم بسهو في محدثه، سريعا ما وعى منه على عاصفة أخرى كانت تحتاج لكل تركيز من مراكز أحاسيسه الخاصة.... الخاصة جدا.
........ ..........

المشفى ..... قسم المستعجلات ....

تقدمها ليخفي شفتيه التين ضمهما كي يكبت ضحكة فرضت نفسها عليه. الفتاة القوية تخشى من الإبر، بينما هي تنكر، و تدعي الشجاعة الى ان لمحتها في يد الممرضة فتراجعت رغما عنها، تسأل بشحوب إن كان هناك دواء يشرب او يبلع بدلا من الحقن، لتستسلم لمصيرها بعد ان نفت الممرضة وجودا لأي دواء آخر في المشفى سوى الحقن.
كان قلبه على وشك الخروج من صدره، حين تدحرجت دمعة على خدها الأسمر، ومنع نفسه بمشقة عن رغبة ألحت عليه في ضمها. عند تلك الذكرى استولى الجمود على ملامحه القاسية غير متقبل لذلك الاحساس، مما جعله يطرح تساؤلا آخر حول صحة ظنه تجاه أفعال والدته .
استلم بعض الأوراق من الاستقبال، فطلب منها أن تملأهم، فاقتربت من الحاجز الرخامي ونظرت إلى الأوراق بنظرة مدهوشة، مريبة ليخبرها بتلقائية ....
(إنها ورقة بيانات .... يجب أن تكوني على علم بها ...فانت تعملين هنا...).. بلعت سترة ريقها تجيب بتوتر ...
(أنا انظف البلاط والحمامات فقط ...)... جعد جبينه وقد زحف الاحمرار على وجنتيها يطمس الشحوب الذي كان قبله، يسأل بحيرة ...
(هل تعملين هنا بشكل رسمي ؟)... رمقته بوجوم ثم أومأت نافية الأمر، فقال يونس بضجر يشير إلى الأوراق...
(تفضلي املئي الورقة ... لقد أوشك الليل على الانتصاف ....)... زاد تقطيبه، وهي تمسك القلم بشكل يوحي انه ربما تجهله، او انها لم تمسكه من قبل، تحوم به فوق الورقة بيد مرتعشة. ليقول بعد ان لمح حبات من العرق تتلألأ على جبينها ..
(هل أنتِ بخير؟؟..) حدقت به ببلاهة وقد نسيت كل ألم الحقنة وخوفها، فلم يكتسح جهازها العصبي سوى الاحراج وهي تنطق بنبرة خجلة ....
(أنا لا ..... لا ...)... حثها بنفاذ صبر من تمتمتها...
(أنت ماذا؟!).... ألقت بالقلم على السطح الرخامي، تهتف بنبرة باكية، وجدت لها مخرجا لتفيض بحمم أحشائها ....
(أنا ....أمية ....)......
.............


ادعوا الله لكم بكل خير تمنيتموه .... ليسعد به قلوبكم ... نلتقي بإذن الله الأسبوع القادم.... احبكم في الله .
استغفر الله العظيم واتوب اليه.


























التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 11-07-20 الساعة 01:00 PM
**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 03:31 AM   #292

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة payan مشاهدة المشاركة
الفصلين اجمل مما يكون لدرجه لسانى اتربط
منى انتى بالجد مبدددددعه جدا وفى الجزء دا تفوقتى على على نفسك
اغلب ابطال الجزء معطوبين
اسامه اعتدى عليه والده ي الهىمعقول فى ااباء عديمين ضميره ورحمه لدرجه دى
والدة بلسم بسبب جهلها ضيعت بنتها المصيبه ان كل همها ان الناس تقول علينا شنو
ي ريت نوران تجد الشجاعه وتلقن الحقير صديق والدها درس عسلى ولعلى تكون بدايه علاجها
ستره مالشئ الذى تبحث عنها ف بئر السواد
يونس اعتقد بدا يعجب بستره
الدرويش واشراق يحملو اسرار بئر السواد
لحكمه اسامه و جارح حضرو كلام البروفيسور لبلسم
الله يعينك منى الجزء دا صعب
بالتوفيق\
🌷🌷🌷🌷
صباح الخير حبيبتي
اسفة لانني تأخرت في الرد
شكرا لك حجم الكون ...
انا سعيدة برايك جدا جدا
واتمنى ان القادم ينال اعجابك اكثر
تحياتي 😍😍😍😍😍

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة chem.fatima مشاهدة المشاركة
فصل جميل ..... بدات الان توضح الشخصيات و علاقاتهم مع بعض
متى موعد الفصل القادم ؟
🌷🌷🌷
حبيبتي انت الاجمل
الفصل كل صباح احد باذن الله
تحياتي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجمة ساطعة مشاهدة المشاركة
مشكوره كثير ياعمري ساسلة جار عليها الزمن كانت رائعه بس سلسلة نساء صالحات بنسبه لي هي الاحلئ والاروع. انت كاتبة جدا رائعة وانا منتظره بفارغ الصبر لانتها الجزء الثالث مشكوره جدا جدا ولك مني احلئ واغلئ سلام من اليمن السعيد
🌷🌷🌷
الحمد لله
هذا يدل على تطور قلمي
وانا جدا فرحة برايك
ومرحبا بيك وباهل اليمن
وكل الأقطار العربية
يشرفني حضوركم
ويا رب القادم ينال اعجابك اكثر
تحياتي🌷🌷🌷🌷
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قارئة استثنائية مشاهدة المشاركة
تسجيل حضور جدددددددد مبكر 😁
🌷🌷🌷
مرحبا بيك يا قمري 😍😍


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 04:12 AM   #293

noor3eny
 
الصورة الرمزية noor3eny

? العضوٌ??? » 387369
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 248
?  نُقآطِيْ » noor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond reputenoor3eny has a reputation beyond repute
افتراضي

يالله ماتمنيييت يخلص الفصصصل ابدااااا
كل شخصية من ااشخصيات في الها سحر خاص فيها
هاد الجزء من الروايات القليلة يلي ماعم اقدر ااتوقع أيا شي منها
تمنيت لو ستنيتها تخلص واقراها كاملة لانو التشويق فيها موطبيعي

أبدعتي بهاد الجزء 💜بالنسبة الي حيكون نقطة تحول كبيرة بمسيرتك الكتابية 💜تسلم ايييدك مرة تاتية


noor3eny غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 06:44 AM   #294

هبة الله 4

? العضوٌ??? » 394064
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 789
?  نُقآطِيْ » هبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ستره من اجمل الشخصيات اللى حبتها ليكى او على مستوى الرويات كلها بوجه عام بتفكرنى ببنفسج

هبة الله 4 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 09:56 AM   #295

najla1982

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 305993
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,267
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » najla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
افتراضي

أصررت على قراءة الفصل رغم تعبي و مرض أولادي. ...رغم أنه فعلا حزين و القضية لا تعالج إلا بالألم إلا أنه رائع ...الطرح و الحروب النفسية للأبطال ...أغلبهم وضعوا المفتاح في باب الشفاء و اكيد التحسن قادم و كل على حسب ضيوفه. ..القفلة فعلا صادمة ...سلمت يداك

najla1982 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 10:10 AM   #296

دفء المشاعر3
 
الصورة الرمزية دفء المشاعر3

? العضوٌ??? » 416520
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 304
?  نُقآطِيْ » دفء المشاعر3 is on a distinguished road
افتراضي

بشوفي أنا بحب البروفيسور
جدا جدا جدا جدا


دفء المشاعر3 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 10:33 AM   #297

dalia22

? العضوٌ??? » 330969
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,183
?  نُقآطِيْ » dalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond reputedalia22 has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يمكن يكون علاج ستره فى المستشفى بدايه الجيط لمعرفه طريقها فصل رائع كالعاده الله يعطيكى العافيه

dalia22 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 10:55 AM   #298

yanayana

? العضوٌ??? » 415150
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » yanayana is on a distinguished road
افتراضي

صباح الخير ياقلبي الفصل كان بيجنن شو ما حكينا قليل عليكي ما في كلام بيوصف روعة هالفصل كنت مندمجة مع الأبطال لدرجة عنجد زعلت لما خلص الفصل ما تمنيتو يخلص
نوران شخصية بتحرق القلب أنو معقولة كمية هالعذاب اللي عاشيتو معقولة في أنسان توصل فيه الندالة لدرجة أنو يتعدا ع حرمة بيت رفيقو ومين بنت صغيرة عاشت كل عمرها بتعاني من العقد النفسي بسبو وهلق وصلت فيه ندالتو أنو يخطبا لأبنو بس ليضل يتحرش فيها هلق هية وافقت ع أسامة من الضغط الي عليها شو حتعمل لما تفيق من الصدمة وتعرف اللي عملتو شو حيصير وأسامة بيوجع القلب عنجد وأخيرا قرر يتعالج خطوة كتير منيحة هالثنائي كتير مأثر فيني كمية العذاب اللي عاشو هالانين مو طبيعي و ع أيد أقرب شخصين لازم يكونو ألن
يونس في بعقلو كتير تسؤلات عن هوية سترة محتار ما بيعرف شو حقيقتا هل هية إنسان منيحة عم تساعد غيرا ولا من بنات بئر السواد وأمو ليش عم تحطا بطريقو لشو بدا توصل بالأخير
سترة كمية الحقد اللي حواليها ما حتخليها بحلا عنجد نرعبت عليها بهالفصل لشو بدن يوصلو وليش حطو رباب بطريقو كتير خايفة عليها وانهيار بنهاية الفصل كان بوجع القلب
جارح بصراحة لهلق ما فهمت قصتو شو هالشغلة اللي عملا بتخلي أبوه يقلعو من البيت بس أكتر شي فاجئني أنو طلعت بلسم بنت عمو
ولا تغريد كتير زعلت عليها عايشة حالة من التخبط بين حبا لمنصف وخوفا أنو يكونو نسخة تانية لأبوها بس هوة حبو واضح لألها ولازم تكون عرفت درجة حبو لأها
البروفيسور عقد ماكنت حبو بالجزء التاني هلق حبيتو أكتر حنيتو ع بنتو وخوفو عليها ومساعتو لأسامة عنجد كبر بعيني كتير
تسلم أيدك يا قلبي فصل بياخد العقل


yanayana غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 11:25 AM   #299

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل مستوفي حقه بجد إنت راااااائعه يا مني
جميل قوي حب البروفيسور وصباح وتقديرها ليه وأخلي شئ انها بتقوله كده
وأيامه أخيرا قرر يساعد نفسه لكن بستر
ربنا يستر علي ستره من رباب ايلي مش عارفه أقول عليها ايه 😒مش معني إنك عاوزه تخرجي من الدمار تدمري غيرك وتكون الثمن
المفروض تكون عارفه الاحساس ده وتخاف علي غيرها منه
إشراق كلماتها صحيحه ميه في الميه وأتمني إن رباب تستوعبها
نوران خايفه علي بنت أخوها وده طبيعي ومش هيكون لبنت أخوها بس لا ديه بالنسبه للي طفل هيكون معرض لنفس الموقف
ياتري ايه ايلي حصل بين جارح ووالدها عشان كده طرده لان مهما كان مش الحل طرد الاولاد نتيجه لخطأهم لأنه أمر خطر جدا
تسلم ايدك منون


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 12:22 PM   #300

mona1987
 
الصورة الرمزية mona1987

? العضوٌ??? » 359939
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,088
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » mona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond reputemona1987 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
أحبب حبيبك هوناً ...... عسي أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض عدوك هوناً ...... عسي أن بكون حبيبك يوماً ما علي بن ابي طالب وتسأليني : ما الحب ؟! الحب : أن اكتفي بك ولا أ
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

هل تعملين هنا بشكل رسمي ؟)... رمقته بوجوم ثم أومأت نافية الأمر، فقال يونس بضجر يشير إلى الأوراق...
(تفضلي املئي الورقة ... لقد أوشك الليل على الانتصاف ....)... زاد تقطيبه، وهي تمسك القلم بشكل يوحي انه ربما تجهله، او انها لم تمسكه من قبل، تحوم به فوق الورقة بيد مرتعشة. ليقول بعد ان لمح حبات من العرق تتلألأ على جبينها ..
(هل أنتِ بخير؟؟..) حدقت به ببلاهة وقد نسيت كل ألم الحقنة وخوفها، فلم يكتسح جهازها العصبي سوى الاحراج وهي تنطق بنبرة خجلة ....
(أنا لا ..... لا ...)... حثها بنفاذ صبر من تمتمتها...
(أنت ماذا؟!).... ألقت بالقلم على السطح الرخامي، تهتف بنبرة باكية، وجدت لها مخرجا لتفيض بحمم أحشائها ....
(أنا ....أمية ....)......



سترة لا تقرأ ولا تكتب وهي امية وليست جاهلة فهي ترشدها فطرتها النقية لعمل الصواب .... ربما خربشة هذه القطة تكون سبب في يكتشف وجودها طبيب النفوس وسبحان مقدر الاقدار


mona1987 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.