آخر 10 مشاركات
عروس من الخيال (75) للكاتبة: آنا ديبالو (الجزء 2 من سلسلة عرسان أرستقراطيين) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          62 - قل كلمة واحدة - آن ميثر - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )           »          رهاني الرابح (90) للكاتبة: سارة كريفن ...كاملة... (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          الفرصة الأخيرة (95) للكاتبة: ميشيل كوندر ...كاملة... (الكاتـب : سما مصر - )           »          معذبتي الحمراء (151) للكاتبة: Kim Lawrence *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          88 - البحار الساخر - روبن دونالد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          عروس دراكون الهاربة(157)للكاتبة:Tara Pammi(ج3من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          عندما ينتهي الكذب - هيلين بيانشين - روايات ديانا** (الكاتـب : angel08 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-06-18, 03:03 AM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 من المشروب الذي يشربه الشخص تستطيع أن تحدد هويته. / للكاتبة r.t.2002 مكتملة






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية
من المشروب الذي يشربه الشخص تستطيع أن تحدد هويته.
للكاتبة r.t.2002




قراءة ممتعة للجميع....


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 11-07-18 الساعة 12:16 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-06-18, 03:06 AM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف احوالكم ؟

أنشاء الله تكونوا بخير

أنا الكاتبة :r.t.

كتبت رواية الأولى بس ما كملتها لاسبابي الخاص وهذا الرواية الثانية
ان شاء الله تتفاعلوا معي

الأول: ما اسمح ولا احلل لمن ينقل الرواية ولا يذكر اسمي وهو : R.t..
ثانياً: تنزيل البارت مرتين في الاسبوع.

ثالثاً: عدد البارتات 6 تقريباً.

رابعاً : كل عااام وانتم بخير , رمضان كريم ينعاد علينا وعليكم بكل صحة وعافية .والله يتقبل منا منكم جميع الاعمال الصالحة و كل سنه وانتم بـــــخـــــير.

خامساً :بلا كثرة كلام
لــ نبدأ







التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-06-18 الساعة 10:25 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-06-18, 03:07 AM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

رابط لتحميل الرواية

https://www.rewity.com/forum/t420408.html#post13520383




بسم الله الرحمن الرحيم

************
البارت الأول

***********

حارس جهنم

مدينة الظلام

عملية سم البوتيولزم

*********************

يفارق رجل الاعمال الثري الحياة نتيجة تناوله جرعة من السم القاتل وتكون تلك هي العملية الأولى التي يعمل عليها حارس

جهنم "أمير الوكيل "على حلها بعد أن وصل إلى مدينة الظلام .

إنه بافعل أمام إخبار حقيقي لا يتحمل الفشل.

فمن الذي و ضع السم للرجل؟

وهل سيتمكن المقدم " أمير الوكيل" من تجاوزة احزانه ومعرفة القاتل ؟

وما هو السر الذي تخفية الحرباء خلق ملامحها الجميلة ؟

****************************
كلها تساؤلات ستعرف إجابتها مع البارتات من رواية حارس جهنم.

********************
في اللحظة التي غرقت بها (حنين)في النهر تغير كل شيء داخل (أمير الوكيل)للمرة الثانية خلال فترة قصيرةمن حياتة ،

فرحيل زوجته و ابنته كان نقطة تحول وخطأ فارقاً ..لم يستطيع أبداً العودة إلى الشخص الذي كان عليه من قبله،ثم جاء

فشله في إنقاذ تلك الفتاه الصغيرة (حنين) وسقوطها من فوق لجسر لتلقى حتفها غرقاً أمامه و امام أبيها و امام الكثير

من سكان المدينة..لُيرسب ذلك الحدث داخل أعماقه ألماً لم يتمكن أبداً من تجاوزة رغم محاولاته العميقة بالتمسك ظاهرياً.

ولن يتمكن .

فها هو يفق أمام المغسلة في الحمام الصغير بشقته الجديدة ليحلق ذقنة ،وما أن نظر إلى نفسه في المرآة حتى تمتم قائلاً:

-لن أغفر لك ، وكذلك لن تفعل تلك الصغيرة ولن يفعل أي أحد.

ثم خفض بصرة إلى الأسفل ، وكأنه يفر من لوم نفسه له ومن نظرته المعاتبة ظنو وضع رأسة تحت الماء المنهمر من

الصنبور ؛متمنياً لو أن هناك ثقباً في أم رأسه بين خصلات شعره الأصهب ليتسرب منه هذا الماء البارد ،فيتمكن من

غسل زوايا عقله وتنظيفها جيداً من الأفكار المجنونه التي تقفز داخلها ، ومن نوبات الصداع التي تطعنة بلا رحمة

جاعلة من ممارسة الأمور حياته العادية أمراً في غاية الصعوبة .

فاليوم هو اليوم الثالث على التولي الذي يعجز فيه (حارس جهنم أمير الوكيل) عن النوم لأكثرمن ساعة واحدة،

وبالرغم من ذلك لم يظهر على ملامحه المنحوته من الرخام الصلب أي أثر للتعب أو الإرهاق، وكل ما في الأمر هو

أنه قرر عدم الذهاب في هذا الصباح لممارسة العدو ين أشجار الحديقة العامة من طرف المدينة بالقرب من مكان

سكنة بل سيتوجه مباشرة إلى مكتبة في إدارة البحث الجنائي .

وهناك سيكون عليه القيام بأمر في غاية الأهمية وهو (محاربة الملل) الذي اختاره لنفسه طواعية فراراً من ضجيج

العمل في العاصمة .

*********************

أخذت (نورا )تقطع المسافة في مكتبها بين النافذة والصورة العملقة على الجدار المقابل لها جيئة وذهاباً ،

وكأنها تفكر بشيءٍ مهم يشغل بالها و يمنعها من الجلوس بهدوء حتى فاجأها (أيان)بقوله بعد أن طرق الباب

ودخل عليها حيث هي :

-تبدين كمن تخطط لعملية إرهابية.

فتوقفت عن اسير وشبكت يديها أمام صدرها ، ثم تقدمت خطوتين ناحيته لتصبح في مواجهته، وقالت وهي

تهز إصبع كفها الأيسر بتوتر:

-لماذا ملف عملية (سم البوتيولزم) بالتحديد ؟

فسألها (أيان):

-ما الذي تقصدينه؟

فأجابته وقد توجهت ناحية النافذة ، وأخذت تمر بأصبعها بين خصلات شعرها الأشقر القصير:

-المقدم(أمير) طلب مني ملفات جميع القضايا التي لم تُغلق في المكتب رسمياً خلال الفترة الأخيرة ،

ثم بعد ذلك أعادهم جميعًا واحتفظ لديه بملف عملية (سُم البوتيولزم)هل تذكرها؟

هز(أيان) رأسة بالموافقة وقال:

-بالطبع أذكر هذه العملية ، وأذكر أيضاً تلك المرأة الغريبة الأطوار،فأنا توليت أمر مراقبتها

لفترة أثناء التحقيقات و أعتقد كان اسمها(نانسي حبيب).

وقبل أن يُكمل كلامه ؛ وجدها تتجه مباشرة ناحيةباب المكتب وهي تقول:

-سأذهب إليه لأتحدث معه.

************

كان (أمير) غارقاً وسط الكثير من الأوراق و الصور المبعثرة على سطح مكتبة حين سمع طرقات

على الباب ،وبالطبع كان مصدرها (نورا) التي دخلت بحماسها الشديد وحركتها الطفولية بالرغم

من فستانها الأخضر الأنيق ،وألقت عليه التحية وجلست أمامه وهي تبتسم بينما هو ينظر إليها بدهشة

من طريقتها العفوية في التعامل ،فأشارت إلى كم الأوراق التي أمامه وسألته:

-هل كلها تخص (عملية سُم البوتيولزم)؟

تبادلا نظرات الصادمة ،هي تنظر إليه بترقب و تنتظر منه أن يجيب عن سؤالها بينما هو ينظر إليها

باستغراب، ويحاول سبر أغوارها من ملامحها واكتشاف ما يوجد داخل هذا الجسد النحيل والملامح

الأنثوية من قدرات وانفعالات وأفكار فهما سيتشار كان العمل سوياً في هذا المكان لفترة من الزمن قد تطول.

ثم وقفت (نورا) وعدلت من وضع ملابسها بعد أن جلست لأقل من نصف دقيقة ، وقالت وهي تُغادر

الغرفة :

-سوداء وبدون سكر ،أليس كذلك؟

ورحلت قبل أن يجيبها عن سؤال الأول الخاص بالملفات التي أمامه ،ولا عن سؤال الثاني بالمواقفة على

الطريقة التي يُفضل بها قهوته.

فتمتم (أمير) بصوت منخفض:

- لا بد أنها مجنونة.

**************

تولى (أيان) قيادة سيارته بهدوء في طريقة إلى المستشفى الحكومي بوسط المدينة حيث ورد إلى

مكتب البحث الجنائي بلاغاً بوصول شخص مصاب بالكثير من الكدمات المتفرقة و الجروح القطيعة في

أجزاء متعددة من جسده ،وفي العادة يتولى مكتب شرطة المدية مثل هذه الأمور لذا سألته

(نورا)التي كانت تجلس بجواره في السيارة :

-لماذا قاموا باستدعائنا؟

فأجابها:

-لا أعلم حتى الآن ولكن ربما يتعلق الأمر بشيءٍ أكبر من مجرد مشاجرة ، وعلى أي حال فسنعرف

التفاصيل بعد قليل .

فاستدركت هي محولة دفة الحديث :

-يبدو أنه بالفعل سيفتح تحقيقاً جديداً في عملية (سُم البوتيولزم )، وهذا يجعلني أشعر بالإثارة

الشديدة .

ولما لم يجبها (أيان) ؛صمتت للحظاتٍ ثم عادت لتسأله :

-هل تتوقع أنه سيصل إلى شيءٍ لم نتمكن نحن من الوصول إليه؟

وللمرة الثانية لم يجبها فأكملت :

-إن فعل غهو بحق يستحق لقبه(أمير جهنم)،أليس كذلك؟

وهذه المرة أجابها قائلاً ، وهو يقف بسيارته أمام مدخلالمستشفى :

-هيا بنا.

وما أن غادر حتى قال بصوتٍ تعمد أن يجعله مسموعًا :

-تبًّا للنساء.

****************

زوجة شابة تفقد فجأة زوجها الغني ،والذي يكبرها بحوالي ثلاثين عامًا ،وعلى حسب تقرير الطبيب الشرعي

تبين أنه مات مسمومًا ، وأشارت التحريات في حينها ألى شقيقه المصاب بمرضٍ نفسي منذ ولادته نتيجة

(الضمور الدماغي ) مما جعله يعاني من أحد أنواع الفصام الخطير .

ودون أي دليل مادي لم يتمكن أحد من إثبات التهمة على الشقيق الأصغر كما أن الشبهات حامت كثيراً

حول الزوجة الشابة و المستفيدة الأولى من موت الرجل حيث أنها ورثت ثروة طائلة بعد زواج

لم يدم الأكثر من أشهر قليلة ،قضا العروسان أغلبها في التجول حول العالم والسفر من بلد إلى آخر .

كان هذا هو ملخص القضية التي أخذ (أمير) يفكر بكامل تفاصيلها ،وهو في الطريقه إلى مطعمٍ صغير

يطل على ضفة النهر ليتناول غداءه هناك وحيدًا بعد أن أوصى الكثيرون بجودته،وليحظى بعد ذلك بالجلوس

في الهواء الطلق بحرية للتفكير بعمق والبحث عن مدخل يمكنه من إعادة فتح القضية من جديد والتوغل في

أحداثها ،فربما يجد شيئًا بسيطًا قد غاب عن كل من قبله ،وهو حتى هذه اللحظة يجهل السبب الذي يجعله

مدعوعًا رغمًا عنه للبحث عن سر مقتل ذلك الرجل الثري .

********************

نظر النقيب (أيان ) إلى الشاب المغظى نصف وجهه بالشاش والضمادات البيضاء والممدد على سريره

في المستشفى بلا أية قدرة على تحريك أطرافه المصابة بأكثر من جرح وبالعديد من الكدمات ،والذي

بالرغم من كل الالام التي يشعر بها إلا أنه كان في غاية الحظ إذ لم يصب بكسر مضاعف أو طعنة

عميقة ربما سلبته حياته.

وقبل أن يهم (أيان) بسؤال الشاب عن اسمه؛قالت (نورا)للطبيب الذي يقف معهما في منتصف الغرفة

مستفسرة:

-هل من الممكن أن نحصل منه على بعض المعلومات الأولية؟

زما أن سمح لهما الطبيب بذلك محددًا المدة بما لا يزيد عن الربع الساعة؛ كانت الأسئلة كالتالي:

-ماهو أسمك؟ وماذا تعمل؟ وأين تسكن؟

-من الذين تسببوا لك في كل هذا الأذى ؟ ولماذا؟

-أين اعتدوا عليك؟ وماذا كانت ردة فعلك؟

-هل يوجد شهود على ما تقوله؟

-هل أنت جاد فيما تقول ؟ بمعنى هل حقًّا هددوك بقتل زوجتك وطفلك الصغير ؟

وانصرف الشرطيان بعدما طلبا وجود حراسة خارج غرفة الرجل المعتدى علية ، وقد سجلا ما

يلزممهما من بياناتٍ و أسماءٍ وعناوين.

*******************

-أقصر الطرق و أقلها ضياعًا للوقت عي طرق المباشرة.

هكذا قال(أمير) لنفسه وهو يدفع الحساب في المطعم مغادرًا مكانه بسرعة إلى وجهة يعرفها جيدًا .

إلى منزل (نانسي حبيب)أو لنقل قصرها الفخم القابع في أرقى أحيائ المدينة، وكانت الساعة حينها

تقترب من السادسة والنصف مساءً.

****************

وبعد لحظات من رنين الجرس؛فتحت الباب سيدة ذات بشرة سمراء داكنة ،وهي ترتدي زيًّا يشير بأنها تعمل في المنزل

كخادمة ،وكانت ترتسم على شفتيها ابتسامة يبدو أنها لا تنزعها عن وجهها إلا عند ما يحين وقت النوم ، وانحنت تلك

السيدة قليلًا ورحبت بالمقدم(أمير) ودعته للدخول وهي تتحدث بلغةٍ إنجليزية .

فدخل (أمير) بالفعل ،وبينما هو يقطع المسافة الطويلة من باب القصر وحتى المكان الذي من المفترض أن يجلس به؛

أخذ يتأمل كل ما حوله في ذهول .. فقد كانت الأناقةحد البذح و الفخامة حد الترف هما سمتا المكان.

فالتحف و التماثيل الرخمية في كل زوايا البيت و اللوحات الزيتية الأثرية تكسو مساحات كبيرة من الجدران

المطلية باللون الذهبي ، وحتى السجاد الذي يدوس عليه بقدميه بلا شك تبلغ قيمته ثروة لا يملكها أغلب سكان المدينة.

-أنا أبدو كـ (أليس) وهذا البيت يبدو و كأنه بلاد العجائب.

هكذا قال (أمير) وهو يجلس على الأريكة الوثيرة و المريحة جدًّا ؛منتظرًا حضور صاحبة كل هذه
الأشياء و التي من

الظاهر أنها تعمدت أن تتأخر لعدة دقائق كي تمنحة الفرصة للمزيد من الدهشة إلا أن ملامح

(أمير)الجامدة لم

تتحرك بها عضلة واحدة خاصة بعد أن فاجأه من الخلف صوت أنثوي يقول :

***********
>> انتهاء البارت الاول <<

**************
أن شاء الله اعجبكم ؟






التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 08-08-18 الساعة 12:38 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-06-18, 02:42 AM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم

كيف الاحوال؟

ان شاء الله تــــــكــــ بخير ـــونوا

*************
ما اطول عليكم

لــ نبدأ في البارت اليوم

*************
بسم الله الرحمن الرحيم

**************
البارت الثاني

*************

-أنا أبدو كـ (أليس) وهذا البيت يبدو و كأنه بلاد العجائب.

هكذا قال (أمير) وهو يجلس على الأريكة الوثيرة و المريحة جدًّا ؛منتظرًا حضور صاحبة كل هذه الأشياء و التي من

الظاهر أنها تعمدت أن تتأخر لعدة دقائق كي تمنحة الفرصة للمزيد من الدهشة إلا أن ملامح (أمير)الجامدة لم

تتحرك بها عضلة واحدة خاصة بعد أن فاجأه من الخلف صوت أنثوي يقول :

-هذه الخادمة غبية جدًّا، فكيف لم تقدم لك أي شيء لتشربة حتى الآن يا سيادة المقدم؟

التفت (أمير) ناحية مصدر الصوت وهو يقوم، فوجد سيدة متوسط الطول، جميلة الملامح ،عينيها عسليتي اللون ،

وشعرها الكستنائي يتخطى بالكاد كتفيها ، وتتمتع بأنوثة طاغية ،وكانت ترتدي فستانًا أسودًا طويلًا ، ولكنه مفتوحًا

من الجانب الأيمن حتى ما فوق ركبتها بقليل ، فمد يده مصافحًا وهو يقول :

-بل أنا من فضلت تأجيل تناول أي شيء حتى نتشاركه سويًّا.

ثم عاد للجلوس حيث كان وهو يكمل:

-كيف حالك يا سيدة (نانسي) وأشكركِ على تلبية طلبي بلقائكِ الليلة.

فابتسمت برزانة ، وجلست على الكرسي المقابل له واضعة ساقًا على الأخرى مما كشف عن مساحة كبيرة من

فخذها عبر الفستان المشقوف ، وقالت:

-على الرحب والسعة ،ولكن كيف يمكنني أن أخدمك؟

كان سؤال مباشرًا و صريحًا مما جعل (أمير) يقول مانحًا نفسه بعض الوقت كي يتأمل تلك المرأة ، ويدرس انفعالاتها

البسيطة ، فهي بلا شك ليست بالسيدة السهلة المراس :

-أريد كوبًا من قهوة لو أمكن، سوداء وخالية من السكر ومعها كوبًا من الماء البارد .

فنادت (نانسي)على الخادمة ، وطلبت منها القهوة التي أرادها (أمير) وطلبت لنفسها كوبًا من (اليانسون) البارد.

*******************

توجها المحققان (أيان)و (نورا) بصحبة قوة من رجال الشرطة إلى 35 شارع التعاون حيث يوجد محل (البقالة)الصغير

الخاص بالشاب (وفيق) الذي أوسعه الإخوة الثلاثة ـــ أصحاب المطعم المجاور له ـــ ضربًا ، وذلك ضمن الكثير

من التجاوزات في حقه على مدار أسابيع طويلة ؛بغية إجباره على بيع محله لهم كي يضمونخ إلى مطعمهم .

وفي الطريق قال (أيان):

-بالرغم من السنوات الطويلة التي قضيتها في العمل الشرطة إلا أن عقلي لا يزال عاجزًا عن فهم فلفسة الشر لدى البشر ،

ومن أين لهم تلك القدرة الشيطانية على ألحاق الضرر بشخصٍ آخر بمنتهى التحدي و التبجح ، ودونما أدنى مقدار

من الرحمة لدرجة قد تصل إلى القتل؟

لم تجبة (نورا) في لحظتها ، ولكنها فعلت بعد لحظات حيث قالت:

-القتل، نعم هناك من لا يتردد في قتل شخصً آخر من أجل سببً تافة جدًّا كما حدث في (عملية سُم البوتيولزم) فالرجل

المسكين فقد حياته دون حتى أن يعرف أحد ما هو السبب.

فنظر إليها( أيان) مستغربًا من تحويلها دفة الحوار إلى اتجاهٍ آخر، ولكنها أسرعت و سألته:

-هل تظن أن (أمير) قد ذهب لمقابلتها؟ أقصد (نانسي)

ولكن (أيان)فضل عدم الخوض في نقاشٍ يخص تلك القضية ،فهو على يقين من أن الأيام القادمة ستحمل معها الكثير

من المفاجآت ،فبحكم معرفة الشخصية اللصيقة (أمير) يكاد أن يجزم بذلك .

******************

-"تلك المرأة ذات الشعر الكستنائي القصير ليست أبدًأ بالفريسة السهلة"

هكذا قال(أمير) بينه وبين نفسه ، وهو يتحرك بسيارته من أمام الحديقة الواسعة المحيطة بمنزل السيدة (نانسي).

ثم أخذ يكمل في ذهنه تحليله لتلك الشخصية التي ستكون هدفه في المرحلة القريبة المقبلة .

"إنها سريعة التغير و التحرك باندفاع إلى الأمام ممسكة بزمام المبادرة دائمًا مهما كان الشخص الذي يقف في مواجهتها،

ولها قدرة فريدة على التلون و التنقل بين أطوارٍ مختلفة حتى تجد أكثر قناعًا يمكن أن يوفر لها الحماية و السيطرة

فتتمسك به و ترتديه ، كما أنها بلا شك ذكية جامحة جريئة ، وتمتلك الكثير من الأحلام و الخطط المجنونة لمستقبلها

وبالرغم من أنها شخصية ملولة إلا أنها تمتلك الصبر الكافي لتنفيذ أي شيء قد خطر على بالها مهما كلفها الأمر ،فهي

ليست من النوع الذي يتراجع عما يريد ،وأخيرًا فهي تخفي ـــ خلف قناع الأنثى الفاتنة الحزينة على فقدها لزوجها

الحبيب ـــ الكثير من الأسرار التي ستحميها بشراسة ربما حتى النفس الأخير.

هذه هي (نانسي حبيب) التي التقى بها المقدم (أمير)الليلة لمدة نصف ساعة تقريبًا إلى أن تحججت بأنها مرتبطة بموعدٍ

على العشاء ،وذلك عندما حاول أن يفتح معها موضوع وفاة زوجها ،وطلبت منه تأجيل النقاش إلى يوم آخر ،فترك لها

رقم هاتفة وترك لها حرية تحديد اليوم و الوقت المناسبين ،وغادر دون أي معلومة أكثر من عبارات الترحيب ،وأنها ليست

في الأصل من سكان هذه المدينة بلهي وُلدت و نشأت و ترعرعت في مدينة ساحلية في الجنوب تبعد مسيرة ساعة بالسيارة

عن هذه المدينة.

وما أن انتهى (أمير) من تحليل شخصية تلك المرأة حتى قال بسخرية ، وهو على بعد أمتار قليلة من مبنى

البحث الجنائي:

-من الذي لدية القدرة على شرب (اليانسون)البارد، وكأنها طفلة صغيرة على وشك النوم ،وليست سيدة ناضجة تجلس

بصحبة رجل شرطة يحقق معها في قضية وفاة زوجها مسمومًا.

*************

في غرفة لا يوجد بها سوى طاولة مربعة و كرسيان يجلس رجل ضخم الجسد على أحدهما ؛ دخل (أمير) وسحب الكرسي

الثاني وجلس عليه وهو ينظر شزرًا إلى الرجل الذي كان يبتسم بسخرية ،ثم قال له و الرود يكسو ملامحه :

-أرى أنك تتعامل مع الأمر، وكأننا وسط لعبة ستنتهي عما قريب.

فأعاد الرجل الضخم جسدة إلى الخلف على الكرسي الذي يجلس عليه، ورفع ذراعيه المكبلتين بالحديد و وضعهما

فوق رأسه، ثم تثاءب بملل وقال بنبراتٍ ساخرة:

-كم الساعة الآن ؛لا بد أنها تجاوزت الحادية عشرة ليلًا .

وقبل أن يكمل قائلًا:

-إنه موعد نومي.

دخلت المحققة (نورا)إلى الغرفة و أغلقت الباب خلفها، فقال (أمير)بمنتهى الثقة :

-سيد (بدر)أنت متهم بالتعدي بالضرب على السيد (وفيق) وتهديده بالقتل هو و أسرته، فما هي أقوالك بخصوص تلك التهم؟

فأعاد الرجل ذراعيه إلى الأسفل واضعًا إياهما على الطاولة ،ومال بجسده إلى الأمام مقربًا وجهه بشدة من وجه (أمير)

ثم قال له بتحدٍ ، وهويضغط على مخارج الحروف:

-وأين الدليل؟ هل تظن أن أحدًا مهما كان ،من الممكن أن يشهد ضدي أنا أو ضد إخوتي؟

وفي تلك اللحظة شهقت (نورا) مما فعله (أمير) وتراجعت خطوة إلى الخلف بذعر عندما وجدته يضرب الرجل بمنتهى

القوة بمقدمة رأسه في وجهه مما جعل الد م ينفجر من أنفه بغزارة ،فصرخ الرجل وهو يضع يديه على وجهه :

-أيها الحقير ، لقد حطمت أنفي.

ثم تأمل يديه الملطختين بالكثير من الدماء ،وعاد ليقول بصوتٍ عالٍ مرة أخرى:

-هل تظن أنني سأتركك تفلت بفعلتك تلك ، أقسم أنني سأقاضيك.

فنظر إليه (أمير) وهو يقوم مغادرًا كرسيه و الغرفة :

-وما هو الدليل ؟ هل تظن أنها من الممكن أن تشهد ضدي ؟

وأشار إلى (نورا) ثم وجه إليها الكلام ، وملامحه تحتفظ بالبرود الذي يميزها طوال الوقت :

-خذي هذا المجنون على الطبيب كي يتفحص أنفه وحذار من أن يصدم وجهه بالحائط مرة أخرى.

فنظرت إليه بتعجب وهو يخطو إلى الخارج ، ثم التفتت إلى الرجل الذي كان لا يزال يتلوى من الألم وقالت له :

-لا أدري هل أنت سيئ الحظ جدًّا أم أنك أغبى رجل في العالم حتى يُوقعك قدرك العثر بين يدي (حارس جهنم).

ثم ابتسمت وهي تسوقه أمامها وأكملت :

-لا أنصحك بأن تكرر هذا الأمور مرة أخرى إن كنت تريد أن تحتفظ بحاسة الشم عندك.

وتحولت ابتسامتها إلى ضحكة بينما الرجل يُخرج من فمه أصواتًا تعبر عن وجٍعٍ شديد.

***********

-(تسمم البوتيوليزم) كما نُطلق عليه نحن الأطباء بالإنجليزية أو بالعربية نسميه (التسمم السُّجقّي).

كانت تلك هي افتتاحية كلمات الدكتور (شاكر)الطبيب الشرعي الذي تولى كتابة التقرير عن حالة (رشيد) زوج

(نانسي) الذي تبين في نهاية التحقيقات أنه مات مسمومًا بهذا النوع من التسمم الذي أطلق عليه الطبيب

اسم(التسمم السجقي).

ثم رفع الدكتور (شاكر)نظارته البية من على عينيه ، و وضعها أمامه على المكتب بجوار الملف الخاص بالقضية ،والذي

كان يستعين منه ببعض المعلومات و أكمل مخاطبًا (أمير) الجالس أمامه ، وهو يرتدي قميصًا أسودًا به ثلاثة أخطوط

برتقالية بنفس لون شعره النناري المشتعل :

-هو مرض شللي تسممي غير شائع ،ولكنه قاتل ينتج عن (البوتكس) وهو بروتين يُفرز في مناخ لا هوائي بواسطة

نوع من أنواع البكتيريا الذي لا ترغب بالتأكيد في سماع اسمه المعقد ،و يؤثر هذا البروتين السام على العضلات

الإردية الخاضعة للأعصاب القحفي ،ويؤدي أيضًا إلى خللفي سيطرة الوظائف المستقلة للجسم.

وبالطبع ظهرت على (أمير) إشارات عدم الفهم ، فأخذ الدكتور يحاول تبسيط شرحه أكثر دون استخدام مصطلحات

طبية وقال:

-يدخل (التوكسين )أو السُم إلى جسم الإنسان بإحدى الطرق الثلاثة التالية :

عن طريق استعمار البكتيريا للجهاز الهضمي للأطفال أو البالغين .

عن طريق تلوث الأغذية بــ ( التوكسين).

عن طريق تلوث أي جرح بهذا النوع من البكتيريا .

وتؤدي كل الحالات إلى شلل يبدأ عادة في عضلات الوجه ، ثم ينتشر إلى الأطراف و يؤدي في الحالات الشديدة إلى

شللٍ في عضلات التنفس و يسبب الاختناق .

وقبل أن يكمل الرجل كلامه ؛قاطعه (أمير) بأدب قائلًا :

-هل ن الممكن أن ننتقل إلى الحديث بالتحديد عن حالة السيد (رشيد)؟

فهز الدكتور رأسه بالموافقة وقال:

-حسنًا .

ثم أعاد ارتداء نظارته الطبية ،وتراجع في مقعده ليضع ساقًا على ساق ،و أكمل بطريقة استعراضة و كأنه مدرس

يتحدث إلى تلميذ البليد :

-وصل (رشيد) إلى المستشفى وكانت حالته متأخرة ،فجميع أعصاب وجهه مصابة بالشلل ،وخاصة تلك المسؤولة

عن التحكم في حركة العينين ، وكذلك العضلات المسؤولة عن المضغ والبلع ،وحتى عضلات الصدر و الحجاب

الحاجز كلها في حالة شللٍ تام ، ومن ثم عندما لفحصهفي المرة الأولى ؛وجدته متدلي الأجفان وفاقدًا لتعابير الوجه

وغير قادر على الكلام مع ضيق في الصدر وصعوبة بالغة في التنفس .

فسأله (أمير):

-وهل كانت زوجته معه ؟

أجاب الدكتور :

-نعم كانت بصحبته ،ومنها أخذت التاريخ المرضي،فالرجل لم يكن بإمكانه الكلام حينها ،وعندما سألتها أجابتني

بأنه كان في رحلة عمل خارج البلاد ثم عاد دون أن يخبرها ليعد لها مفاجأة بينما كانت هي في رحلة بحرية ،

فتناول الطعام مع أخيه المصاب بالفصام ،وعندما عادت وجدته يشعر بالتعب وطلب منها الذهاب للنوم ،وفي الصباح

تقول أنه قد تحسن ولكن بعد مرور عدة أيام ؛ساءت حالته من جديد فأتت به إلى المستشفى .

هكذا قالت في البداية .

وقبل أن يعود (شاكر)إلى استطراده عن القضية؛فوجئ بـ (أمير) يقوم ليستأذن منه قائلًا:

-عذرًا يا سيدي ،لنكتفي بهذا القدر اليوم، فأنا مرتبط بالكثير من الأمور الآن كما أنني أريد الاطلاع على بعض الملفات

المتعلقة بالقضية قبل أن نلتقي مرة أخرى قريبًا .

****************

في المبنى البحث الجنائي ؛أخذ (أيان )يسير بخطواتٍ سريعة وفي يده مظروف أصفر اللون ، وكان يتوجه مباشرة

ناحية مكتب (أمير)وعلى ملامحه الجدية الكاملة لدرجة أنه تجاهل (نورا)التي اعترضا طريقه ،وكأنه لا يراها حتى

وصل إلى غايته ، فدخل المكتب و أغلق الباب خلفه بينما ظلت (نورا) تنظر إليه بتعجب مستغربة من تصرفه ،

وتوقعت بينها وبين نفسها بأن الأمر لا بد خطير ،ولكن يا ترى ما الذي يحدث هنا في المكتب البحث الجنائي وهي

لا تعرفه حتى الآن ؟

وأما في الداخل فقد جلس (أيان )مباشرة ،و وضع الظرف الأصفر أمام (أمير)الذي قال له :

-نعم لقد عرفت بالأمر منذ الصباح ،فقد تحدثوا معي من المكتب الرئيسي بالعاصمة ، وأنا من رشحتك لتولى

تلك العملية .

ثم أصبحت نبراته أكثر جدية وهو يكمل :

-أنا على ثقة تامة بقدرت ،ولكن يجب عليك توخي الحذر ،وعد إلينا سالمًا.

وانصرف (أيان).

*********************

على مائدة مستديرة في أحد المقاهي القريبة من منزله؛ جلس (أمير) وهو يفكر بالخطوة التالية التي يجب أن يتخذها

في تلك القضية التي أعاد فتح ملفاتها فعليًّا ، وبينما هو في منتصف زحمة التكهنات ؛فوجئ بمن يسحب الكرسي المقابل

له ويجلس عليه مبتسمًا وهو يقول :

-كيف حالك ياسيادة المقدم؟

*******************
انتهاء البارت الثاني

****************

سؤال البارت //من هو الشخص الذي جلس مع (أمير) ؟

//توقعاتكم//


للكاتبة : R.t.2002




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-18, 12:05 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم

كيف الحال؟

ان شاء الله تكونوا بالف خير وخير

لــ نبدأ في بارت الاسبوع



بسم الله الرحمن الرحيم

**********

البارت الثالث

**********
على مائدة مستديرة في أحد المقاهي القريبة من منزله؛ جلس (أمير) وهو يفكر بالخطوة التالية التي يجب أن يتخذها

في تلك القضية التي أعاد فتح ملفاتها فعليًّا ، وبينما هو في منتصف زحمة التكهنات ؛فوجئ بمن يسحب الكرسي المقابل

له ويجلس عليه مبتسمًا وهو يقول :

-كيف حالك ياسيادة المقدم؟

كانت (نورا) التي أجابها بأنه بخير ،فأردفت قائلة :

-كنت أمر بالجوار ،فوجدت سيارتك بالخارج ، وبالطبع لم أكن الأجعل هذه الفرصة تفوتني ،فهل تسمح لي؟

فهز رأسه بالمواقفة ، وهنا ارتشفت هي رشفتها الأولى من فنجان القهوة الذي كانت تحملة بيدها وقالت:

-في المرة الأولى التي رأيتها فيها ؛شعرت أنها تكذب ، ولكن للحقيقة كانت تكذب بمنتهى الصدق ، فهي

بارعة جدًّا .

فسألها مستفسرًا :

-من تقصدين؟

فأجابته:

-(نانسي حبيب).

لم يتفوه (أمير)بكلمة ،وتعمد أن يفسح لتلك الشرطية المجال ،وهو على يقين من أن فضولها و شغفها وكذلك طموحها

للأفضل ،كل ذلك سيجعلها تتحدث بكل ما تعرفه دون أن يطلب منها ذلك ،وبالفعل استرسلت (نورا)قائلة :

-جاءنا الاستدعاء من المستشفى العام يقولون به أن هناك شبهة جنائية في وفاة رجلٍ ستيني من أكبر تجار المدينة ،

وأكثرهم ثراء،وهو المدعو (رشيد نور)، وحين توجهت إلى هناك مع (أيان) كنا نظن بأن القصية لن تعدو كونها تحقيقًا

عاديًّا سينتهي بين ليلةٍ و ضحاها ،وأن الأطباء كعاداتهم يتصرفون بحرصٍ بالغ لمجرد أن الرجل شخصية عامة بحكم

ثروته الطائلة .

ثم توقفت للحظات من أجل رشفة القهوة الثانية ، وبعدها أكملت :

-كان الرجل قد مات منذ ساعاتٍ قليلة ،فالتقيت بالدكتور المسؤول عن علاجه بالمستشفى ،ومن بعده قابلت الطبيب

الشرعي ،وكلاهما اكدا بنسبةٍ كبيرة أن سبب الوفاة هو (تسمم البوتيوليزم)أو (التسمم السجقي)ةوبالطبع كانت الجثة

ستذهب إلى التشريح و أخذ العينات النسيجية و عينات من بقايا المعدة للتأكيد التام ، وكانت هذه هي البداية وبعدها

كان لزامًا عليَّ أن ألتقي بها وجهًا لوجه، وبالفعل بعد ثلاثة أيام من الوفاة؛ ذهبت إلى منزلها الذي لم أرَ مثيلًا له بحياتي.

وبعد ضحكة طفولية ، وأكملت :

-شعرت عندما دخلته، و كأنني في إحدى قصص الخيال الأسطورسة ،فالفخامة و الأناقة لا يمكن وصفها ،وكأن كل

زاوية هي قطعة من الجنة ولا أُنكر أنه استلزمني حينها أكثر من عشر دقائق كي أتمالك نفسي وأيضًا كي تصل الأرملة

الحزينة من الأعلى لتستقبلتني، وكانت ترتدي فستانًا أسودًا أنيقًا ،وتضع على رأيسها قبعة سوداء يتدلى منها دانتيل

شفاف بنفس اللون الأسود الذي يغطي أغلب جسدها، و تسبقها رائحة عطرٍ نفاذة.

وحان موعد الرشفة الثالثة، ومعها توجهت (نورا) بسؤالٍ مفاجئ إلى (أمير):

-هل التقيت بها؟

وجاءتها الإجابة مقتضبة جدًّا ، وبلا أية تفاصيل :

-نعم.

وصاحبت إجابته نظرة معناها:

-هيا أكملي حديثك.

فعادت (نورا)للسرد مرة أخرى:

وكانت المعلومات الأساسية التي خرجت بها من هذا اللقاء هي :

# أن (راشيد) قبل وفاته مباشرة كان في رحلة عمل لمدة عدة أيام خارج المدينة.

# خلال تلك الفترة ؛ جاءت السيدة (رهف) صديقة (نانسي) المقربة للإقامة معها لمدة ثلاثة أيام ، فهي جارتها وصديقتها

من وقت الطفولة، ولم تلتق بها منذ تزوجت وتركت مدينتها الساحلية إلى هذه المدينة مع زوجها .

# بعد أن رحلت صديقتها ؛ذهبت (نانسي)إلى رحلةٍ بحرية في نفس اليوم الذي عاد فيه زوجها إلى المنزل من سفره

مريضًا ،فهي تقول أنه لم يخبرها بموعد عودته الذي أراده أن يكون مفاجأة .

# وعندما عادت السيدة (نانسي)إلى البيت ؛وجدت زوجها في حالة إعياءٍ شديد، وتقول أنه رفض الذهاب إلى المستشفى

وعزا الأمر إلى المجهود و الإرهاق في العمل وفضل الخلود للنوم، وفي الصباح تحسن الرجل شيئًا ما إلا أنه لم يستعد

كامل عافيته، وظل ملازمًا المنزل لعدة أيام قبل أن تسوء حالته أكثير و أكثر مما جعلها تذهب به إلى المستشفى

وهو في حالةٍ متدهورة .

# عندما أردت الحديث مع الخادمة التي بالمنزل؛ أخبرتني (نانسي) أنها طردتها هي و زوجها الذي يعمل كسائق ،

وذلك على إثر مشاجرة دبت بينها وبين صديقتها (رهف) وقالت (نانسي) أنها استبدلتها بواحدةٍ أخرى أجنبية، وعندما

ذهبت إلى الخادمة في منزلها؛ أخبرتني بنفس القصة تقريبًا واكنها قالت أن السيدة (رهف)عي من افتعلت تلك المشادة و أنها

أهانتها وتعمدت أن تسبها مما جعل الأمور تتطور في النهاية، وقالت بأنها غير آسفة لتركها المكان ، فالسيدة (نانسي)

امرأة رغم هدوءها الظاهري إلا أنها متطلبة بشكلٍ مبالغ به، وهي تستغل زوجها الذي يكبرها بالكثير من السنوات ماديًّا.

# و أخيرًا (سامح) الشقيق الأصغر لـ (رشيد) وهو على حسب ملفه الطبي مصاب بنوعٍ من أنواع الفصام الذي يجعله

فاقدًا للسيطرة على تصرفاته، وهو يقيم في نفس المنزل، ولكن في طابقٍ معزول وذلك بعد أن اتهمته (نانسي) فيما بعد

بأنه كان يتحرش بها جنسيًّا، وبالطبع لم يكن لأحد أن يلقي عليه باللوم نظرًا لحالته العقلية، وقالت أنها أخبرت زوجها قبل

وفاته بالأمر.

ولأول مرة يقاطعها (أمير) مستفسرًا :

-وكيف وضعت التحريات (سامح) وهو بهذه الحالة في موقف المشتبه به؟

فأجابته بسرعة، وهي تمر بأصبعها خلال خصلات شعرها الأشقر القصير قبل أن ترتشف آخر ما تبقي في الكوب قهوتها:

-يجب أن تلتقي وجهًا لوجه معه كي تفهم الأمر، وكذلك عليك التدث مع الطبيب المشرف على علاده، فهذا الرجل يُشكل

لغزًا في القضية وعلى أي حال (نانسي) هي من قدمته لنا كمشتبه به محتمل في قضية موت زوجها مسمومًا، و بالفعل

كانت في غرفته آثار للسم المستخدم، ولكن في النهاية الأمر وجد القاضي الرجل ـــ حسب شهادة الأطباء ـــ فاقدًا الأهلية،

و أنه لا يمكن الحكم على تصرفاته كما أنه في واقع الأمر لا يوجد دليل مباشر يلصق به التهمة، فقد يكون أي شخص هو من

خبأ السم في غرفته حتى (نانسي) نفسها ربما هي من فعلت ذلك.

وأخيرًا أزاحت كوب القهوة الفارغ من أمامها، ونظرت بعمقٍ في عينّي (أمير) و سألته بمنتهى الثقة :

-ها أنت كباقي البشر يمكنك الضحك؟ أو حتى مجرد الابتسام؟

فأجابها وهو يقوم من على كرسيه مغادرًا :

-لا .

ثم أكمل معطيًا لها ظهره :

-أنا لستُ كباقي البشر .

**************

دخل (أمير) إلى الغرفة الصغيرة داخل المستشفى بعد أن طرق بابها ،فوجد (وفيق) يجلس على طرف السرير، ويبدو أن

حالته قد تحسنت بالرغم من الضامدات التي لا تزال تغطي أجزاءً كثيرة من وجهه المتورم، وما أن رآه حتى ألتقي

عليه التحية وتوجه للجلوس على الكرسي المواجه له قال:

-يبدو أنك تبلي حسنًا .

ثم أكمل مداعبًا دون أن يبتسم أو تتغير ملامح وجه :

-و إن كان شكلك يوحي بأن قطارًا مسرعًا قد صدمك وجهًا لوجه.

قال (وفيق) :

- كانوا ثلاثة وكنت أنا وحيدًا، كما أنهم استخدموا السكاكين و العصى الحديدية، وضربني فجأة دون أية مقدمات،

ولكن أقسم ...

وقبل أن يكمل قاطعه (أمير):

-لا داعي للمزيد، فالمدينة بها الكثير من الرجال شرطة الذين يمكنهم حمايتك وحماية كل من يسكنون بها بالقانون.

ثم أكمل باقتضاب ،وهو يدير وجهه ناحية النافذة :

-أو يغيره.

وبعد لحظاتٍ من الصمت ؛عاد ليكمل:

-يقول الطبيب في الخارج أنه يمكنك مغادرة المستشفى في الصباح، و أنا هنا كي أطلب منك أن تمارس حياتك بشكلٍ

طبيعي دون خوف أو قلق ،ولكن مع قليل من الحذر وكن على يقين بأنني شخصيًا أتولى أمر (بدر) وأخويه، ولن يتمكن

أحدهم من المساس بك أو بأحد أفراد أسرتك .

وبعد جملة (أشكرك كثيرًا يا سيادة المقدم) التي قالها (وفيق) ؛غادر (أمير) الغرفة مغلقًا بابها خلفه .

************

رن هاتف (نورا) ليشق صوته سكون الغرفة التي تنام بها، فاستيقظت من نومها مفزوعة، وما أن رأت أن المتصل هو

(أمير) حتى نظرت إلى الساعة قبل أن تجيبه، فوجدتها الخامسة فجرًا أي قبل موعد استيقاظها بساعة تقريبًا ، فاعتدلت

في السرير و سعلت مرتين كي تطرد العاس من نبرات صوتها ،و أجابت بطريقةٍ توحي و كأنها لم تكن نائمة:

-مرحبًا يا سيادة المقدم، هل أنت بخير ؟

وجاءها صوت(أمير) وهو في كمل النشاط يقول:

-أعرف أن الوقت لا يزال مبكرًا، ولكن أخبريني هل يمكن أن نلتقي قبل الذهاب إلى المكتب في المستشفى الذي يوجد

بها (سامح) شقيق السيد (رشيد) ؟

فأجابته دون تردد ،وهي ترفع الغظاء من على جسدها، وتهم بمغادرة السرير:

-بالطبع كما تريد .

وشعرت من داخها بسعادة لأنه أراد طوعًا أن يشركها معه في إعادة التحقيق بالقضية ، وأكملت بسرعة قبل أن ينهي

المكالمة :

- حسنًا سأمر عليك ونذهب سويًا.

ولكنه قاطعها قائلًا:

-بل دعينا نلتقي هناك بعد ساعة تقريبًا .

و اغلق الخط ،فأسرعت لتبدل ملابسها وهي تشعر بالحماس يسري في عروقها ،وتمتمت بصوتٍ منحفض:

-يبدو أن الإثارة على وشك أن تبدأ.

*************

على الكرسي خشبي في الطرف الغربي من حديقة مستشفى الأمراض النفسية بالمدينة، والشمس بالكاد تنهي معركتها

مع الظلام لتبسط سيطرتها على عنان السماء؛ كان هناك رجل في أوائل الأربعينات من العمر يجلس وحيدًا ورأسه يتجه ناحية

اليمين حيث شجرة عملاقة تحاول أن تقنع القِلة القليلة الباقية من أوراقها برفض كل عروض الخريف المغرية بالرحيل.

وكان نظر (سامح) مثبتًا على طائر صغير يقف فوق أحد أعصان الشجرة ،و اخذ يهز رأسه بنفس الطريقة التي يفعل بها العصفور،

بينما يسيل من طرف فمه قطرات من لعابه لم يكلف نفسه عناء مسحها؛تاركًا إياها تسقط على كتفه مكونه بقعة مبتلة على

قميصه من جهة كفه الأيمن، وخلاف حركة رأسه كانت كل أطرافه في حالة ثباتٍ تام و سكون.

وهنا تقدم (أمير) بهدوء ومعه (نورا) إلى حيث الكرسي الخشبي، ووقفا أمام (سامح) الذي بدا عليه أنه لم ينتبه لوجودهما

أو ربما لم يكترث له، وحتى عندما قالت (نورا) :

-صباح الخير يا سيد (سامح).

لم يجبها بل لم يحول نظره ناحيتها ليعرف من هي، وبعد لحظات من الصمت؛ توجه (أمير) ناحية الشجرة وهز غصنها الذي كان

يقف عليه العصفور ،فطار مبتعدًا وهنا تحول (سامح) إلى شخص آخر تمامًا، فخلع رداء الصمت و السكينة و انتفض من

على الكرسي ،وهو يصرخ بكلماتٍ غير مفهومة و توجه بسرعة ناحية الشجرة؛ رافعًا قبضته للأعلى حيث يقف (أمير)

وكأنه يريد أن يلكمه، ولكن الأخير تحرك خطوة ناحية اليسار متفاديًا كف (سامح) ثم أمسك بذراعه بإحكام ليمنعه من

الحركة، و إن كان قد نجح في ذلك إلا أن الصراخ والكلمات غير مترابطة قد استمرت، فأخذ يقول:

-سماء زرقاء،طار صديقي ، سوف تأكله الحرباء كما فعلت مع (رشيد).

فاقتربت منه (نورا) و أخذت تربت على كتفه وهي تقول:

-لقد ذهب صديقك كي يتناول فطوره، وسوف يعود بعد قليل.

فنظر إليها (سامح) وهو يهز رأسه ويميله بوتيرة و احدة ناحية اليمين بعنف مماجعل الكثير من اللعاب السائل من زوايا

فمه يتناثر حتى أصابت بعض قطراته وجه (أمير) الذي كان لا يزال ممسكًا بذراعي الرجل كي لا يقوم بأي حركاتٍ

مفاجئة، وعادت (نورا) لتقول له :

-منذ متى وأنت تصادق ذلك العصفور يا (سامح) ؟

صمت (سامح) وبعد قليل سكن جسده، فتحول نظره ناحية (أمير) و كأنه يطلب منه أن يحرره منبين قبضتيه، وبالفعل تركه (أمير)

فعاد بخطواتٍ بطيئة إلى كرسيه وعيناه تبحثان في السماءعن أثر للعصفور، ثم أشار بسبابته ناحية (نورا) وتمتم بصوت

منخفض :

-أنتِ هي ،لا بد أنكِ أنتِ هي أنتِ الحرباء.

ثم أخذ يضحك بصوتٍ مرتفع، وبهستيرية بعكس الطريقة التي كان يتحدث بها، وفجأة عاد إلى الصمته من جديد، و أخذ

يهز رأسه بنفس الطريقة.

فنظرت (نورا) إلى (أمير) الذي كان يأمل (سامح) ويتفحص ملابسه الخالية من التناسق، وإن كانت نظيفة إلى حدٍ ما ربما لأن

اليوم ما زال في البدايته، وحذاءه المتروك بدون رباط، وملامحه الوسيمة بالرغم من آثار المرض البادية عليه، فشعره

أسسود اللون ناعم ولكن غير مصفف بينما كانت عيناه البنيتان يطل منهما براءة لم تلوثهما الحياة بعد .

فتيقن (أمير)ىوهو يجلس بجوار (سامح) أن هذا الشخص هو طفل على هيئة رجل . لذا مد يده في جيبه و أخرج قطعه

كبيرة من الشوكولا، وقال له برفقٍ وحنان :

-عندما يعود صديقك بعد قليل؛ يمكنك أن تقتسم معه هذه .

وأعطاه قطعة الشوكولا،فأخذها منه (سامح) ودسها بسرعةٍ في جيبه، وهو يتلفت حوله ويقول بنراتٍ ملئة بالسخرية :

-بالطيع أنت تظن أنني مجنون.

ثم ضحك بتهكم، وهو يتحسس جيبه و أكمل قائلًا :

-و ستتعامل معي من هذا المنطلق، ولكن الواقع أنكم جميعًا مجانين، وتخافون من مواجهة الحقيقة لأن تفكير كم قاصر .

فرد عليه (أمير) و قال:

-بالعكس أنا ارى أنك في غاية العقل، فهذا العالم المليء بالبشاعة لا يستحق أبدًا أن نؤمن به.

تراجعت (نورا) للخلف؛ تاركة المجال للرجلين كي يتحدثا و منتظرة اللحظة المناسبة لكي تتدخل في الحوار، و

تأملت ملامح (سامح) وهو يقول:

-هل أنت هنا كي تعيدني إلى السجن؟

فقال (أمير) بسرعة :

-أنت لم تكن أبدًا في السجن.

فأجابه:

-بل كنت .

ثم عاد ليهز رأسة مرة أخرى بعد أن كان قد توقف لقليل من الوقت، وقام من مكانه و أكمل :

-البيت سجن، غرفتي سجن لا صديق هناك، لا (رشيد)، لا عصفور، كلهم ماتوا.

ثم وقعت عيناه على (نورا) فبدا عليه العصبية، و أشار إليها بسبابته و قال:

-أنتِ هي، لا بد أنكِ أنتِ هي، أنتِ الحرباء.

نفس الجملة التي قلها من قبل بل وكررها بعد ذلك مرة ثانية وثالثة، وزادت حركة رأسة اللا إرادية، وبدا عليه الاضطراب

الشديد مما جعل (أمير) يقوم بتصرفٍ غريب لم يكن ليخطر على بال (نورا) نهائيًّا، فقد قام من مكانه فجأة و أخرج من

جيبه الخلفي أصفادًا حديدية وضعها في يديها، وهو يصرخ بها قائلًا :

-يجب أن تنالي جزاءك أيتها الحرباء.

ثم أشار لها بالذهاب بعيدًا، و تركته لمدة ساعة كاملة مع (سامح) يتحدثان بينما هي لم تتمكن من سماع ما كان يدور بينهما.

***********

لم ترفع (نورا) نظرها للحظة عن وجه (أمير) الذي أخذ يقود السيارته بثبات، وهي تنتظر منه أن يحكي لها عما دار بينه

وبين (سامح) بينما كانت هي مقيدة بالأصفاد وتقف بعيدًا، ولكنه التزم الصمت في حين طلت من ملامحه الجليدية نظرة

تول أنه يفكر بألف شيء في هذه اللحظة، وعندما خاب ظنها لم تستطيع أن تقاوم فضولها الأنثوي فسألته :

-بماذا أخبرك ذلك الرجل؟

فأخذ (أمير) نفسًا عميقًا، ثم قال بمنتهى الهدوء:

-سوف أقلك إلى المكتب بينما سأذهب لمقابلة الطبيب النفسي المشرف على علاج هذا الشخص الغريب الأطوار.

*************

-مرحبًا يا سيدة المقدم، مرحبًا بك في المستشفى وفي مدينتنا الصغيرة الهادئة .

هكذا رحب الطببيب بـ (أمير) وهو يسير بجواره في الممر الرئيسي بالقسم الإداري الملحق بمستشفى الأمراض

العقلية, فكان رد (أمير) عليه أن شكره على وقته الذي سيخصصه له لمناقشة حالة (سامح) الذي يخضع لإشرافه

الشخصي, فأكمل الرجل قائلًا:

-لحظات ونصل إلى مكتبي وسوف أشرح لك الأمر برمته .

وخلال تلك اللحظات أخذ (أمير) يتفقد بطرف عينه الطبيب السمين ذا البطن الممتد أمامه و الرأس الخالي تمامًا

من الشعر بالرغم من أنه لم يكن على أقصي تقدير يتجاوز الخمسين من عمره لدرجة أنه كان يلهث بشدة,

وخو يبذل مجهودًا مضاعفًا أثناء سيره.

و أخيرًا وصلا إلى غرفةٍ متوسطة المساحة؛ في منتصفها مكتب معدني على سطحه الكثير من الأوراق و

الملفات المبعثرة و الغير مرتبة, وكوب ممتلئ حتى نصفه ببقايا الشاي البارد, ومنفضة سجائر بها عدد من

الأعقاب المطفأة, وكانت الغرفة بصورة عامة غير منظمة أو نظيفة, فطبقات من الأتربة تغطي الأرفف و الطاوله

وحتى الكرسي الذي من المفترض أن يجلس (أمير) عليه إلا أنه لا حظ كل ذلك ولاحظ أكثر الرائحة الخانفة التي

تملأ المكان, وكأن هذه الغرفة لم يدخلها هواء جديد منذ أشهر, وقبل أي تعقيب من (أمير) قال الطبيب وهو يناوله منديلًا

ورقيًّا:

-يمكنك أن تنظف الكرسي من الغبار قبل أن تجلس,و أعتذر على تلك الفوضى, فأنا لا أسمح أبدًا لأي شخص كائنًا

من كان بالدخول إلى مكتبي أو لمس أية ورقة هنا, فسرية المرضى الذين يخضعون لإشرافي الطبي أمر لا أتهاون

فيه أبدًا.

أزاح (أمير) الغبار من فوق الكرسي الجلدي, وجلس على وهو حريص على عدم مس أي شيء كي لا تتسخ ملابسه

بينما توجه الطبيب إلى أحد الأرفف ,و أخذ من عليه ملفًا أحمر اللون, ثم عاد إلى المكتب وجلس في مواجهة (أمير)

وقبل أن ينطق بحرف؛ أخرج سيجارة من جيبه و أشعلها ونفث الكثير من الدخان في سقف الغرفة ,ثم سعل مرتين و بدأ

في الحديث وهو يقلب بيده في الأوراق الموجودة داخل الملف :

-حسنًا لنبدأ من البداية.

ثم وجه نظره مباشرة في عينيّ (أمير) و انطلق يقول:

-الفصام أو (سكيزوفرينيا) هو اضطراب نفسي يتسم بسلوكٍ اجتماعي غير طبيعي, وفشل في تمييز الواقع, ولا داعي للخوض

في أسبابه, فما يهمنا أكثر في هذا الوضع هو أعراضه و التي من أهمها...

ثم صمت للحظاتٍ كي يسترعي انتباه (أمير) و أكمل قائلًا:

-الأوهام وتشتت الفكر,والهلوسة السمعية, و أحيانًا البصرية, وكذلك انخفاض المشاركة الاجتماعية, والتعبير العاطفي,

وانعدام الإرادة, وعادة ما يكون لدى المصابين بالفصام مشاكل نفسية أخرى مثل القلق و الأكتئاب, وأحيانًا يكون

لديهم نزعة عدائية قد تؤدي إلى العنف.

شعر (أمير) أن الوصف الطبي الدقيق للمرض على صفته العامة لن يفيده كثيرًا لذا أراد أن يكون الحديث بالتحديد عن

قضيه التي يعمل عليها . لذا قال للطبيب :

-وماذا عن حالة (سامح) ؟

فأجابه الرجل قائلًا , وهو يلتقط أنفاسه بسرعة, وكأن جسده الضخم قد أنهكه الحديد :

-(سامح) حالة فريدة من نوعها, فهو يُظهر الكثير من علامات الاستشفاء ما أن ينتظم على العلاج الدوائي, ولكن

أيضًا على الجانب الآخر يمر بانتكاسات خطيرة تجعل منه رجلًا خارج السيطرة, وهنا نصل إلى نقطة المهمة التي

نحوم حولها منذ بداية الحوار.

ثم قام الرجل بصعوبة من على الكرسي , وتوجه ناحية رف في آخر الغرفة عليه عدد من عُلب العصير, و أحضر واحدة

له وناول الأخرى لــ (أمير) و أكمل قائلًا وهو يقف أمامه :

-نعم من ناحية العقلية يستطيع (سامح) أن يُدبر عملية قتل أخيه الأكبر (رشيد) فهو قادر على الحصول على السم بطريقةٍ ما,

وبإمكانه أن يحتال على شقيقه ويدسه له في الطعام خلسة .

ثم تجرع كل ما بعلبة العصيرعلى مرة واحدة, وجلس على كرسيه و أكمل بينما (أمير) يتابع ما يقوله باهتمامٍ شديد :

-نعم يمكنه التخطيط لتلك الجريمة, هذا احتمال قائم ,ونعم أيضًا يمكن أن يدفعه أحدهم للقيام بقتل شقيقه مستغلًا حالته

الصحية, وهذا أحتمال آخر قائم ,ولاحتمال الأخير هو أن يكون الرجللا ناقة له ولا جمل في قضية, وبالنسبة للسم

الذي بغرفته, فيمكن لأي شخص بمنتهى السهولة أن يضعه هناك.

ثم حاول الططبيب جاهدًا أن يضع ساقًا غلى الأخرى كي يُكب كلامه أهمية بالغة وهو يقول:

-كل ذلك يعتمد على شيءٍ واحد فقط.

ولكنه فشل في فعل ما يريد نظرًا لوزنه الزائد, فابتسم بتهكم وقال عندما سأله (أمير):

-ما هو هذا الشيء يا سيدي؟

-إنه حالة المريض في الفترة الأخيرة التي تسبق وفاة (رشيد).

فهز (أمير) رأسه وكأنه يطلب المزيد من المعلومات ,فأكمل الطبيب قائلًا:

-والمشكلة أن (سامح) انقطع عن زيارة المستشفى لأسابيع طويلة قبل أن يصدمنا جميعًا خبر وفاة شقيقة.

فعاد (أمير) ليسأل الطبيب, وهو يعتمد أن يمنحه شعورًا بأنه الميطر على مجريات الحديث بما يمتلكه من معلوماتٍ طبية عن القضية :

-حسنًا يا سيدي, أنت تقول أن مريضك كان بإمكانه التتحايل ودس السم لشقيقه كي يقتله, ولكن ماهو السبب من وجهة نظرك؟

ثم أردف قبل ظان يجيبه الطبيب :

-أقصد لماذا الآن بالتحديد؟ هذا طبعًا على فرض أنه هو من فعل ذلك, وعلى فرض أن (رشيد) لم يتناول السم عرضيًّا في وجبةٍ فاسدة مثلًا .

وحان وقت الطبيب لينطق من جديد في الحديث:

-بالطبع من الممكن أن يكون الرجل قد تناول السم في وجبة معلبة فاسدة, ويمكن أيضًا أن يكون شخص ما هو من دسه له, وعلى فرض أن

الفاعل هو (سامح) فالدافع بلا شك سيكون تغير الوضع العام .

ثم غير نبرات صوته ليتحدث بطريقة الواثق من نفسه والعالم بخفايا الأمور :

-أعني بكلامي ظهور العنصر النسائي, فعندما تقع الكارثة فتش عن المرأة .

وبالطبع فهم (أمير) ما الذي يعنيه الطبيب بكلامه, ولكنه بالرغم من ذلك سأله :

-هل يمكنك أن توضح أكثر؟

فقال :

-الوجود المفاجئ للزوجة, الأنثى الشابة الجميلة ربما يكون قد الموازين في البيت الخالي من الأحداث, فيمكنك اعتبار أن (نانسي) هي الشرارة

التي سرعت من تفاعل عنصر كيميائي كان خاملًا لسنواتٍ طويلة .

ثم حان وقت الصمت الذي لم يطل حتى قال الطبيب, وهو يبتسم بزهو :

-إنها الحجر الذي حرك البحيرة الراكدة .

**********

أخذت (نورا) تتحدث في الهاتف الموضوع أمامها على المكتب بلهفةٍ صادقة وهي تقول :

-كيف حالك ؟ نحن هنا نفتقدك كثيرًا يا (أيان) ؟

وعلى الطرف الآخر؛ أجابها هو :

-أنا بخير و أفتقدكم جمميعًا, ولكني أخشى أنني لن أعود في القريب العاجل .

فقاطعته بفضول :

-لماذا؟ وماهي تلك العملية التي رشحك لها (أمير)؟

فضحك (أيان) وقال:

-لن تتغيري أبدًا, وبالطبع أنا أيضًا لن أتغير فلا تتوقعي مني أن أخبرك بأي تفاصيل الآن سوى أنها عمليةكبيرة, وتتطلب مني العمل متخفيًا لفترة

من الزمن كي نوقع بزمرة من الأشرار.

وبادلته هي الضحكة وقالت :

-حسنًا أنت تُفوِت الكثير من الأحداث المثيرة هنا, وعندما تعود لن أُخبرك بأي شيء مهما كانت المغريات.

وقبل أن يأتيها ردًّا منه؛ وجدت باب مكتبها يُفتح بقوة و (أمير) يقف أمامها و يسألها بغضب :

*************

أنتهاء البارت

*************


رايكم بــ شخصيات






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-18, 12:05 PM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم

كيف الحال؟

ان شاء الله تكونوا بالف خير وخير

لــ نبدأ في بارت الاسبوع



بسم الله الرحمن الرحيم

**********

البارت الثالث

**********
على مائدة مستديرة في أحد المقاهي القريبة من منزله؛ جلس (أمير) وهو يفكر بالخطوة التالية التي يجب أن يتخذها

في تلك القضية التي أعاد فتح ملفاتها فعليًّا ، وبينما هو في منتصف زحمة التكهنات ؛فوجئ بمن يسحب الكرسي المقابل

له ويجلس عليه مبتسمًا وهو يقول :

-كيف حالك ياسيادة المقدم؟

كانت (نورا) التي أجابها بأنه بخير ،فأردفت قائلة :

-كنت أمر بالجوار ،فوجدت سيارتك بالخارج ، وبالطبع لم أكن الأجعل هذه الفرصة تفوتني ،فهل تسمح لي؟

فهز رأسه بالمواقفة ، وهنا ارتشفت هي رشفتها الأولى من فنجان القهوة الذي كانت تحملة بيدها وقالت:

-في المرة الأولى التي رأيتها فيها ؛شعرت أنها تكذب ، ولكن للحقيقة كانت تكذب بمنتهى الصدق ، فهي

بارعة جدًّا .

فسألها مستفسرًا :

-من تقصدين؟

فأجابته:

-(نانسي حبيب).

لم يتفوه (أمير)بكلمة ،وتعمد أن يفسح لتلك الشرطية المجال ،وهو على يقين من أن فضولها و شغفها وكذلك طموحها

للأفضل ،كل ذلك سيجعلها تتحدث بكل ما تعرفه دون أن يطلب منها ذلك ،وبالفعل استرسلت (نورا)قائلة :

-جاءنا الاستدعاء من المستشفى العام يقولون به أن هناك شبهة جنائية في وفاة رجلٍ ستيني من أكبر تجار المدينة ،

وأكثرهم ثراء،وهو المدعو (رشيد نور)، وحين توجهت إلى هناك مع (أيان) كنا نظن بأن القصية لن تعدو كونها تحقيقًا

عاديًّا سينتهي بين ليلةٍ و ضحاها ،وأن الأطباء كعاداتهم يتصرفون بحرصٍ بالغ لمجرد أن الرجل شخصية عامة بحكم

ثروته الطائلة .

ثم توقفت للحظات من أجل رشفة القهوة الثانية ، وبعدها أكملت :

-كان الرجل قد مات منذ ساعاتٍ قليلة ،فالتقيت بالدكتور المسؤول عن علاجه بالمستشفى ،ومن بعده قابلت الطبيب

الشرعي ،وكلاهما اكدا بنسبةٍ كبيرة أن سبب الوفاة هو (تسمم البوتيوليزم)أو (التسمم السجقي)ةوبالطبع كانت الجثة

ستذهب إلى التشريح و أخذ العينات النسيجية و عينات من بقايا المعدة للتأكيد التام ، وكانت هذه هي البداية وبعدها

كان لزامًا عليَّ أن ألتقي بها وجهًا لوجه، وبالفعل بعد ثلاثة أيام من الوفاة؛ ذهبت إلى منزلها الذي لم أرَ مثيلًا له بحياتي.

وبعد ضحكة طفولية ، وأكملت :

-شعرت عندما دخلته، و كأنني في إحدى قصص الخيال الأسطورسة ،فالفخامة و الأناقة لا يمكن وصفها ،وكأن كل

زاوية هي قطعة من الجنة ولا أُنكر أنه استلزمني حينها أكثر من عشر دقائق كي أتمالك نفسي وأيضًا كي تصل الأرملة

الحزينة من الأعلى لتستقبلتني، وكانت ترتدي فستانًا أسودًا أنيقًا ،وتضع على رأيسها قبعة سوداء يتدلى منها دانتيل

شفاف بنفس اللون الأسود الذي يغطي أغلب جسدها، و تسبقها رائحة عطرٍ نفاذة.

وحان موعد الرشفة الثالثة، ومعها توجهت (نورا) بسؤالٍ مفاجئ إلى (أمير):

-هل التقيت بها؟

وجاءتها الإجابة مقتضبة جدًّا ، وبلا أية تفاصيل :

-نعم.

وصاحبت إجابته نظرة معناها:

-هيا أكملي حديثك.

فعادت (نورا)للسرد مرة أخرى:

وكانت المعلومات الأساسية التي خرجت بها من هذا اللقاء هي :

# أن (راشيد) قبل وفاته مباشرة كان في رحلة عمل لمدة عدة أيام خارج المدينة.

# خلال تلك الفترة ؛ جاءت السيدة (رهف) صديقة (نانسي) المقربة للإقامة معها لمدة ثلاثة أيام ، فهي جارتها وصديقتها

من وقت الطفولة، ولم تلتق بها منذ تزوجت وتركت مدينتها الساحلية إلى هذه المدينة مع زوجها .

# بعد أن رحلت صديقتها ؛ذهبت (نانسي)إلى رحلةٍ بحرية في نفس اليوم الذي عاد فيه زوجها إلى المنزل من سفره

مريضًا ،فهي تقول أنه لم يخبرها بموعد عودته الذي أراده أن يكون مفاجأة .

# وعندما عادت السيدة (نانسي)إلى البيت ؛وجدت زوجها في حالة إعياءٍ شديد، وتقول أنه رفض الذهاب إلى المستشفى

وعزا الأمر إلى المجهود و الإرهاق في العمل وفضل الخلود للنوم، وفي الصباح تحسن الرجل شيئًا ما إلا أنه لم يستعد

كامل عافيته، وظل ملازمًا المنزل لعدة أيام قبل أن تسوء حالته أكثير و أكثر مما جعلها تذهب به إلى المستشفى

وهو في حالةٍ متدهورة .

# عندما أردت الحديث مع الخادمة التي بالمنزل؛ أخبرتني (نانسي) أنها طردتها هي و زوجها الذي يعمل كسائق ،

وذلك على إثر مشاجرة دبت بينها وبين صديقتها (رهف) وقالت (نانسي) أنها استبدلتها بواحدةٍ أخرى أجنبية، وعندما

ذهبت إلى الخادمة في منزلها؛ أخبرتني بنفس القصة تقريبًا واكنها قالت أن السيدة (رهف)عي من افتعلت تلك المشادة و أنها

أهانتها وتعمدت أن تسبها مما جعل الأمور تتطور في النهاية، وقالت بأنها غير آسفة لتركها المكان ، فالسيدة (نانسي)

امرأة رغم هدوءها الظاهري إلا أنها متطلبة بشكلٍ مبالغ به، وهي تستغل زوجها الذي يكبرها بالكثير من السنوات ماديًّا.

# و أخيرًا (سامح) الشقيق الأصغر لـ (رشيد) وهو على حسب ملفه الطبي مصاب بنوعٍ من أنواع الفصام الذي يجعله

فاقدًا للسيطرة على تصرفاته، وهو يقيم في نفس المنزل، ولكن في طابقٍ معزول وذلك بعد أن اتهمته (نانسي) فيما بعد

بأنه كان يتحرش بها جنسيًّا، وبالطبع لم يكن لأحد أن يلقي عليه باللوم نظرًا لحالته العقلية، وقالت أنها أخبرت زوجها قبل

وفاته بالأمر.

ولأول مرة يقاطعها (أمير) مستفسرًا :

-وكيف وضعت التحريات (سامح) وهو بهذه الحالة في موقف المشتبه به؟

فأجابته بسرعة، وهي تمر بأصبعها خلال خصلات شعرها الأشقر القصير قبل أن ترتشف آخر ما تبقي في الكوب قهوتها:

-يجب أن تلتقي وجهًا لوجه معه كي تفهم الأمر، وكذلك عليك التدث مع الطبيب المشرف على علاده، فهذا الرجل يُشكل

لغزًا في القضية وعلى أي حال (نانسي) هي من قدمته لنا كمشتبه به محتمل في قضية موت زوجها مسمومًا، و بالفعل

كانت في غرفته آثار للسم المستخدم، ولكن في النهاية الأمر وجد القاضي الرجل ـــ حسب شهادة الأطباء ـــ فاقدًا الأهلية،

و أنه لا يمكن الحكم على تصرفاته كما أنه في واقع الأمر لا يوجد دليل مباشر يلصق به التهمة، فقد يكون أي شخص هو من

خبأ السم في غرفته حتى (نانسي) نفسها ربما هي من فعلت ذلك.

وأخيرًا أزاحت كوب القهوة الفارغ من أمامها، ونظرت بعمقٍ في عينّي (أمير) و سألته بمنتهى الثقة :

-ها أنت كباقي البشر يمكنك الضحك؟ أو حتى مجرد الابتسام؟

فأجابها وهو يقوم من على كرسيه مغادرًا :

-لا .

ثم أكمل معطيًا لها ظهره :

-أنا لستُ كباقي البشر .

**************

دخل (أمير) إلى الغرفة الصغيرة داخل المستشفى بعد أن طرق بابها ،فوجد (وفيق) يجلس على طرف السرير، ويبدو أن

حالته قد تحسنت بالرغم من الضامدات التي لا تزال تغطي أجزاءً كثيرة من وجهه المتورم، وما أن رآه حتى ألتقي

عليه التحية وتوجه للجلوس على الكرسي المواجه له قال:

-يبدو أنك تبلي حسنًا .

ثم أكمل مداعبًا دون أن يبتسم أو تتغير ملامح وجه :

-و إن كان شكلك يوحي بأن قطارًا مسرعًا قد صدمك وجهًا لوجه.

قال (وفيق) :

- كانوا ثلاثة وكنت أنا وحيدًا، كما أنهم استخدموا السكاكين و العصى الحديدية، وضربني فجأة دون أية مقدمات،

ولكن أقسم ...

وقبل أن يكمل قاطعه (أمير):

-لا داعي للمزيد، فالمدينة بها الكثير من الرجال شرطة الذين يمكنهم حمايتك وحماية كل من يسكنون بها بالقانون.

ثم أكمل باقتضاب ،وهو يدير وجهه ناحية النافذة :

-أو يغيره.

وبعد لحظاتٍ من الصمت ؛عاد ليكمل:

-يقول الطبيب في الخارج أنه يمكنك مغادرة المستشفى في الصباح، و أنا هنا كي أطلب منك أن تمارس حياتك بشكلٍ

طبيعي دون خوف أو قلق ،ولكن مع قليل من الحذر وكن على يقين بأنني شخصيًا أتولى أمر (بدر) وأخويه، ولن يتمكن

أحدهم من المساس بك أو بأحد أفراد أسرتك .

وبعد جملة (أشكرك كثيرًا يا سيادة المقدم) التي قالها (وفيق) ؛غادر (أمير) الغرفة مغلقًا بابها خلفه .

************

رن هاتف (نورا) ليشق صوته سكون الغرفة التي تنام بها، فاستيقظت من نومها مفزوعة، وما أن رأت أن المتصل هو

(أمير) حتى نظرت إلى الساعة قبل أن تجيبه، فوجدتها الخامسة فجرًا أي قبل موعد استيقاظها بساعة تقريبًا ، فاعتدلت

في السرير و سعلت مرتين كي تطرد العاس من نبرات صوتها ،و أجابت بطريقةٍ توحي و كأنها لم تكن نائمة:

-مرحبًا يا سيادة المقدم، هل أنت بخير ؟

وجاءها صوت(أمير) وهو في كمل النشاط يقول:

-أعرف أن الوقت لا يزال مبكرًا، ولكن أخبريني هل يمكن أن نلتقي قبل الذهاب إلى المكتب في المستشفى الذي يوجد

بها (سامح) شقيق السيد (رشيد) ؟

فأجابته دون تردد ،وهي ترفع الغظاء من على جسدها، وتهم بمغادرة السرير:

-بالطبع كما تريد .

وشعرت من داخها بسعادة لأنه أراد طوعًا أن يشركها معه في إعادة التحقيق بالقضية ، وأكملت بسرعة قبل أن ينهي

المكالمة :

- حسنًا سأمر عليك ونذهب سويًا.

ولكنه قاطعها قائلًا:

-بل دعينا نلتقي هناك بعد ساعة تقريبًا .

و اغلق الخط ،فأسرعت لتبدل ملابسها وهي تشعر بالحماس يسري في عروقها ،وتمتمت بصوتٍ منحفض:

-يبدو أن الإثارة على وشك أن تبدأ.

*************

على الكرسي خشبي في الطرف الغربي من حديقة مستشفى الأمراض النفسية بالمدينة، والشمس بالكاد تنهي معركتها

مع الظلام لتبسط سيطرتها على عنان السماء؛ كان هناك رجل في أوائل الأربعينات من العمر يجلس وحيدًا ورأسه يتجه ناحية

اليمين حيث شجرة عملاقة تحاول أن تقنع القِلة القليلة الباقية من أوراقها برفض كل عروض الخريف المغرية بالرحيل.

وكان نظر (سامح) مثبتًا على طائر صغير يقف فوق أحد أعصان الشجرة ،و اخذ يهز رأسه بنفس الطريقة التي يفعل بها العصفور،

بينما يسيل من طرف فمه قطرات من لعابه لم يكلف نفسه عناء مسحها؛تاركًا إياها تسقط على كتفه مكونه بقعة مبتلة على

قميصه من جهة كفه الأيمن، وخلاف حركة رأسه كانت كل أطرافه في حالة ثباتٍ تام و سكون.

وهنا تقدم (أمير) بهدوء ومعه (نورا) إلى حيث الكرسي الخشبي، ووقفا أمام (سامح) الذي بدا عليه أنه لم ينتبه لوجودهما

أو ربما لم يكترث له، وحتى عندما قالت (نورا) :

-صباح الخير يا سيد (سامح).

لم يجبها بل لم يحول نظره ناحيتها ليعرف من هي، وبعد لحظات من الصمت؛ توجه (أمير) ناحية الشجرة وهز غصنها الذي كان

يقف عليه العصفور ،فطار مبتعدًا وهنا تحول (سامح) إلى شخص آخر تمامًا، فخلع رداء الصمت و السكينة و انتفض من

على الكرسي ،وهو يصرخ بكلماتٍ غير مفهومة و توجه بسرعة ناحية الشجرة؛ رافعًا قبضته للأعلى حيث يقف (أمير)

وكأنه يريد أن يلكمه، ولكن الأخير تحرك خطوة ناحية اليسار متفاديًا كف (سامح) ثم أمسك بذراعه بإحكام ليمنعه من

الحركة، و إن كان قد نجح في ذلك إلا أن الصراخ والكلمات غير مترابطة قد استمرت، فأخذ يقول:

-سماء زرقاء،طار صديقي ، سوف تأكله الحرباء كما فعلت مع (رشيد).

فاقتربت منه (نورا) و أخذت تربت على كتفه وهي تقول:

-لقد ذهب صديقك كي يتناول فطوره، وسوف يعود بعد قليل.

فنظر إليها (سامح) وهو يهز رأسه ويميله بوتيرة و احدة ناحية اليمين بعنف مماجعل الكثير من اللعاب السائل من زوايا

فمه يتناثر حتى أصابت بعض قطراته وجه (أمير) الذي كان لا يزال ممسكًا بذراعي الرجل كي لا يقوم بأي حركاتٍ

مفاجئة، وعادت (نورا) لتقول له :

-منذ متى وأنت تصادق ذلك العصفور يا (سامح) ؟

صمت (سامح) وبعد قليل سكن جسده، فتحول نظره ناحية (أمير) و كأنه يطلب منه أن يحرره منبين قبضتيه، وبالفعل تركه (أمير)

فعاد بخطواتٍ بطيئة إلى كرسيه وعيناه تبحثان في السماءعن أثر للعصفور، ثم أشار بسبابته ناحية (نورا) وتمتم بصوت

منخفض :

-أنتِ هي ،لا بد أنكِ أنتِ هي أنتِ الحرباء.

ثم أخذ يضحك بصوتٍ مرتفع، وبهستيرية بعكس الطريقة التي كان يتحدث بها، وفجأة عاد إلى الصمته من جديد، و أخذ

يهز رأسه بنفس الطريقة.

فنظرت (نورا) إلى (أمير) الذي كان يأمل (سامح) ويتفحص ملابسه الخالية من التناسق، وإن كانت نظيفة إلى حدٍ ما ربما لأن

اليوم ما زال في البدايته، وحذاءه المتروك بدون رباط، وملامحه الوسيمة بالرغم من آثار المرض البادية عليه، فشعره

أسسود اللون ناعم ولكن غير مصفف بينما كانت عيناه البنيتان يطل منهما براءة لم تلوثهما الحياة بعد .

فتيقن (أمير)ىوهو يجلس بجوار (سامح) أن هذا الشخص هو طفل على هيئة رجل . لذا مد يده في جيبه و أخرج قطعه

كبيرة من الشوكولا، وقال له برفقٍ وحنان :

-عندما يعود صديقك بعد قليل؛ يمكنك أن تقتسم معه هذه .

وأعطاه قطعة الشوكولا،فأخذها منه (سامح) ودسها بسرعةٍ في جيبه، وهو يتلفت حوله ويقول بنراتٍ ملئة بالسخرية :

-بالطيع أنت تظن أنني مجنون.

ثم ضحك بتهكم، وهو يتحسس جيبه و أكمل قائلًا :

-و ستتعامل معي من هذا المنطلق، ولكن الواقع أنكم جميعًا مجانين، وتخافون من مواجهة الحقيقة لأن تفكير كم قاصر .

فرد عليه (أمير) و قال:

-بالعكس أنا ارى أنك في غاية العقل، فهذا العالم المليء بالبشاعة لا يستحق أبدًا أن نؤمن به.

تراجعت (نورا) للخلف؛ تاركة المجال للرجلين كي يتحدثا و منتظرة اللحظة المناسبة لكي تتدخل في الحوار، و

تأملت ملامح (سامح) وهو يقول:

-هل أنت هنا كي تعيدني إلى السجن؟

فقال (أمير) بسرعة :

-أنت لم تكن أبدًا في السجن.

فأجابه:

-بل كنت .

ثم عاد ليهز رأسة مرة أخرى بعد أن كان قد توقف لقليل من الوقت، وقام من مكانه و أكمل :

-البيت سجن، غرفتي سجن لا صديق هناك، لا (رشيد)، لا عصفور، كلهم ماتوا.

ثم وقعت عيناه على (نورا) فبدا عليه العصبية، و أشار إليها بسبابته و قال:

-أنتِ هي، لا بد أنكِ أنتِ هي، أنتِ الحرباء.

نفس الجملة التي قلها من قبل بل وكررها بعد ذلك مرة ثانية وثالثة، وزادت حركة رأسة اللا إرادية، وبدا عليه الاضطراب

الشديد مما جعل (أمير) يقوم بتصرفٍ غريب لم يكن ليخطر على بال (نورا) نهائيًّا، فقد قام من مكانه فجأة و أخرج من

جيبه الخلفي أصفادًا حديدية وضعها في يديها، وهو يصرخ بها قائلًا :

-يجب أن تنالي جزاءك أيتها الحرباء.

ثم أشار لها بالذهاب بعيدًا، و تركته لمدة ساعة كاملة مع (سامح) يتحدثان بينما هي لم تتمكن من سماع ما كان يدور بينهما.

***********

لم ترفع (نورا) نظرها للحظة عن وجه (أمير) الذي أخذ يقود السيارته بثبات، وهي تنتظر منه أن يحكي لها عما دار بينه

وبين (سامح) بينما كانت هي مقيدة بالأصفاد وتقف بعيدًا، ولكنه التزم الصمت في حين طلت من ملامحه الجليدية نظرة

تول أنه يفكر بألف شيء في هذه اللحظة، وعندما خاب ظنها لم تستطيع أن تقاوم فضولها الأنثوي فسألته :

-بماذا أخبرك ذلك الرجل؟

فأخذ (أمير) نفسًا عميقًا، ثم قال بمنتهى الهدوء:

-سوف أقلك إلى المكتب بينما سأذهب لمقابلة الطبيب النفسي المشرف على علاج هذا الشخص الغريب الأطوار.

*************

-مرحبًا يا سيدة المقدم، مرحبًا بك في المستشفى وفي مدينتنا الصغيرة الهادئة .

هكذا رحب الطببيب بـ (أمير) وهو يسير بجواره في الممر الرئيسي بالقسم الإداري الملحق بمستشفى الأمراض

العقلية, فكان رد (أمير) عليه أن شكره على وقته الذي سيخصصه له لمناقشة حالة (سامح) الذي يخضع لإشرافه

الشخصي, فأكمل الرجل قائلًا:

-لحظات ونصل إلى مكتبي وسوف أشرح لك الأمر برمته .

وخلال تلك اللحظات أخذ (أمير) يتفقد بطرف عينه الطبيب السمين ذا البطن الممتد أمامه و الرأس الخالي تمامًا

من الشعر بالرغم من أنه لم يكن على أقصي تقدير يتجاوز الخمسين من عمره لدرجة أنه كان يلهث بشدة,

وخو يبذل مجهودًا مضاعفًا أثناء سيره.

و أخيرًا وصلا إلى غرفةٍ متوسطة المساحة؛ في منتصفها مكتب معدني على سطحه الكثير من الأوراق و

الملفات المبعثرة و الغير مرتبة, وكوب ممتلئ حتى نصفه ببقايا الشاي البارد, ومنفضة سجائر بها عدد من

الأعقاب المطفأة, وكانت الغرفة بصورة عامة غير منظمة أو نظيفة, فطبقات من الأتربة تغطي الأرفف و الطاوله

وحتى الكرسي الذي من المفترض أن يجلس (أمير) عليه إلا أنه لا حظ كل ذلك ولاحظ أكثر الرائحة الخانفة التي

تملأ المكان, وكأن هذه الغرفة لم يدخلها هواء جديد منذ أشهر, وقبل أي تعقيب من (أمير) قال الطبيب وهو يناوله منديلًا

ورقيًّا:

-يمكنك أن تنظف الكرسي من الغبار قبل أن تجلس,و أعتذر على تلك الفوضى, فأنا لا أسمح أبدًا لأي شخص كائنًا

من كان بالدخول إلى مكتبي أو لمس أية ورقة هنا, فسرية المرضى الذين يخضعون لإشرافي الطبي أمر لا أتهاون

فيه أبدًا.

أزاح (أمير) الغبار من فوق الكرسي الجلدي, وجلس على وهو حريص على عدم مس أي شيء كي لا تتسخ ملابسه

بينما توجه الطبيب إلى أحد الأرفف ,و أخذ من عليه ملفًا أحمر اللون, ثم عاد إلى المكتب وجلس في مواجهة (أمير)

وقبل أن ينطق بحرف؛ أخرج سيجارة من جيبه و أشعلها ونفث الكثير من الدخان في سقف الغرفة ,ثم سعل مرتين و بدأ

في الحديث وهو يقلب بيده في الأوراق الموجودة داخل الملف :

-حسنًا لنبدأ من البداية.

ثم وجه نظره مباشرة في عينيّ (أمير) و انطلق يقول:

-الفصام أو (سكيزوفرينيا) هو اضطراب نفسي يتسم بسلوكٍ اجتماعي غير طبيعي, وفشل في تمييز الواقع, ولا داعي للخوض

في أسبابه, فما يهمنا أكثر في هذا الوضع هو أعراضه و التي من أهمها...

ثم صمت للحظاتٍ كي يسترعي انتباه (أمير) و أكمل قائلًا:

-الأوهام وتشتت الفكر,والهلوسة السمعية, و أحيانًا البصرية, وكذلك انخفاض المشاركة الاجتماعية, والتعبير العاطفي,

وانعدام الإرادة, وعادة ما يكون لدى المصابين بالفصام مشاكل نفسية أخرى مثل القلق و الأكتئاب, وأحيانًا يكون

لديهم نزعة عدائية قد تؤدي إلى العنف.

شعر (أمير) أن الوصف الطبي الدقيق للمرض على صفته العامة لن يفيده كثيرًا لذا أراد أن يكون الحديث بالتحديد عن

قضيه التي يعمل عليها . لذا قال للطبيب :

-وماذا عن حالة (سامح) ؟

فأجابه الرجل قائلًا , وهو يلتقط أنفاسه بسرعة, وكأن جسده الضخم قد أنهكه الحديد :

-(سامح) حالة فريدة من نوعها, فهو يُظهر الكثير من علامات الاستشفاء ما أن ينتظم على العلاج الدوائي, ولكن

أيضًا على الجانب الآخر يمر بانتكاسات خطيرة تجعل منه رجلًا خارج السيطرة, وهنا نصل إلى نقطة المهمة التي

نحوم حولها منذ بداية الحوار.

ثم قام الرجل بصعوبة من على الكرسي , وتوجه ناحية رف في آخر الغرفة عليه عدد من عُلب العصير, و أحضر واحدة

له وناول الأخرى لــ (أمير) و أكمل قائلًا وهو يقف أمامه :

-نعم من ناحية العقلية يستطيع (سامح) أن يُدبر عملية قتل أخيه الأكبر (رشيد) فهو قادر على الحصول على السم بطريقةٍ ما,

وبإمكانه أن يحتال على شقيقه ويدسه له في الطعام خلسة .

ثم تجرع كل ما بعلبة العصيرعلى مرة واحدة, وجلس على كرسيه و أكمل بينما (أمير) يتابع ما يقوله باهتمامٍ شديد :

-نعم يمكنه التخطيط لتلك الجريمة, هذا احتمال قائم ,ونعم أيضًا يمكن أن يدفعه أحدهم للقيام بقتل شقيقه مستغلًا حالته

الصحية, وهذا أحتمال آخر قائم ,ولاحتمال الأخير هو أن يكون الرجللا ناقة له ولا جمل في قضية, وبالنسبة للسم

الذي بغرفته, فيمكن لأي شخص بمنتهى السهولة أن يضعه هناك.

ثم حاول الططبيب جاهدًا أن يضع ساقًا غلى الأخرى كي يُكب كلامه أهمية بالغة وهو يقول:

-كل ذلك يعتمد على شيءٍ واحد فقط.

ولكنه فشل في فعل ما يريد نظرًا لوزنه الزائد, فابتسم بتهكم وقال عندما سأله (أمير):

-ما هو هذا الشيء يا سيدي؟

-إنه حالة المريض في الفترة الأخيرة التي تسبق وفاة (رشيد).

فهز (أمير) رأسه وكأنه يطلب المزيد من المعلومات ,فأكمل الطبيب قائلًا:

-والمشكلة أن (سامح) انقطع عن زيارة المستشفى لأسابيع طويلة قبل أن يصدمنا جميعًا خبر وفاة شقيقة.

فعاد (أمير) ليسأل الطبيب, وهو يعتمد أن يمنحه شعورًا بأنه الميطر على مجريات الحديث بما يمتلكه من معلوماتٍ طبية عن القضية :

-حسنًا يا سيدي, أنت تقول أن مريضك كان بإمكانه التتحايل ودس السم لشقيقه كي يقتله, ولكن ماهو السبب من وجهة نظرك؟

ثم أردف قبل ظان يجيبه الطبيب :

-أقصد لماذا الآن بالتحديد؟ هذا طبعًا على فرض أنه هو من فعل ذلك, وعلى فرض أن (رشيد) لم يتناول السم عرضيًّا في وجبةٍ فاسدة مثلًا .

وحان وقت الطبيب لينطق من جديد في الحديث:

-بالطبع من الممكن أن يكون الرجل قد تناول السم في وجبة معلبة فاسدة, ويمكن أيضًا أن يكون شخص ما هو من دسه له, وعلى فرض أن

الفاعل هو (سامح) فالدافع بلا شك سيكون تغير الوضع العام .

ثم غير نبرات صوته ليتحدث بطريقة الواثق من نفسه والعالم بخفايا الأمور :

-أعني بكلامي ظهور العنصر النسائي, فعندما تقع الكارثة فتش عن المرأة .

وبالطبع فهم (أمير) ما الذي يعنيه الطبيب بكلامه, ولكنه بالرغم من ذلك سأله :

-هل يمكنك أن توضح أكثر؟

فقال :

-الوجود المفاجئ للزوجة, الأنثى الشابة الجميلة ربما يكون قد الموازين في البيت الخالي من الأحداث, فيمكنك اعتبار أن (نانسي) هي الشرارة

التي سرعت من تفاعل عنصر كيميائي كان خاملًا لسنواتٍ طويلة .

ثم حان وقت الصمت الذي لم يطل حتى قال الطبيب, وهو يبتسم بزهو :

-إنها الحجر الذي حرك البحيرة الراكدة .

**********

أخذت (نورا) تتحدث في الهاتف الموضوع أمامها على المكتب بلهفةٍ صادقة وهي تقول :

-كيف حالك ؟ نحن هنا نفتقدك كثيرًا يا (أيان) ؟

وعلى الطرف الآخر؛ أجابها هو :

-أنا بخير و أفتقدكم جمميعًا, ولكني أخشى أنني لن أعود في القريب العاجل .

فقاطعته بفضول :

-لماذا؟ وماهي تلك العملية التي رشحك لها (أمير)؟

فضحك (أيان) وقال:

-لن تتغيري أبدًا, وبالطبع أنا أيضًا لن أتغير فلا تتوقعي مني أن أخبرك بأي تفاصيل الآن سوى أنها عمليةكبيرة, وتتطلب مني العمل متخفيًا لفترة

من الزمن كي نوقع بزمرة من الأشرار.

وبادلته هي الضحكة وقالت :

-حسنًا أنت تُفوِت الكثير من الأحداث المثيرة هنا, وعندما تعود لن أُخبرك بأي شيء مهما كانت المغريات.

وقبل أن يأتيها ردًّا منه؛ وجدت باب مكتبها يُفتح بقوة و (أمير) يقف أمامها و يسألها بغضب :

*************

أنتهاء البارت

*************


رايكم بــ شخصيات






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-06-18, 01:54 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

//


السلام عليكم

وكل عام وانتم بخير

سابدا في بارت الاسبوع واتأخر في البارت التي بعده

كونوا بخير

لـــ نبدأ في بارت الاسبوع



أخذت (نورا) تتحدث في الهاتف الموضوع أمامها على المكتب بلهفةٍ صادقة وهي تقول :

-كيف حالك ؟ نحن هنا نفتقدك كثيرًا يا (أيان) ؟

وعلى الطرف الآخر؛ أجابها هو :

-أنا بخير و أفتقدكم جمميعًا, ولكني أخشى أنني لن أعود في القريب العاجل .

فقاطعته بفضول :

-لماذا؟ وماهي تلك العملية التي رشحك لها (أمير)؟

فضحك (أيان) وقال:

-لن تتغيري أبدًا, وبالطبع أنا أيضًا لن أتغير فلا تتوقعي مني أن أخبرك بأي تفاصيل الآن سوى أنها عمليةكبيرة, وتتطلب مني العمل متخفيًا لفترة

من الزمن كي نوقع بزمرة من الأشرار.

وبادلته هي الضحكة وقالت :

-حسنًا أنت تُفوِت الكثير من الأحداث المثيرة هنا, وعندما تعود لن أُخبرك بأي شيء مهما كانت المغريات.

وقبل أن يأتيها ردًّا منه؛ وجدت باب مكتبها يُفتح بقوة و (أمير) يقف أمامها و يسألها بغضب :

-من أمر بإطلاق سراح (بدر) ؟

فأغلقت الهاتف دون أي كلمة إضافية مع (أيان) و انتفضت وافقة, وقالت بنبرات متلعثمة :

-وكيل النائب العام هو من فعل ذلك بعد عرض القضية عليه, وتقديم (بدر) لتعهد بعدم التعرض لــ (وفيق) مرة أخرى خاصة بعد امتناع الجميع عن

الشهادة ضده أو ضد شقيقيه.

فقال (أمير) وهو يغادر مكتبها, ويغلق الباب خلفه بعنف :

-حسنًا أخبري وكيل النائب العام بأن يستعد لينقذ زوجة (وفيق) وطفلته الصغيرة من هؤلاء الذئاب .

**********

طوال الطريق وهو يقود سيارته لم يستطع (أمير) أبدًا أن يمحو عن مخيلته النظرة الأخيرة التي لمحها في عينيّ الطفلة (حنين) وهي تسقط في

النهر بعد أن ألقاها (منصور) من فوق الجسر بينما صوت أبيها وهو يصرخ باسمها بمنتهى الخوف و العجز؛ يتردد في أذنيه .

وليفر من تلك الذكرى المؤلمة التي تتكرر بتطابق مذهل في هذه اللحظة؛ أمسك بجهاز الإرسال الخاص برجال الشرطة و تحدث به :

-هل من تطوراتٍ جديدة في موقع الجريمة ؟

وجاءه الرد منضابط الاتصال :

-لا يا سيدي, الوضع على ماهو عليه, و إن كان زوج الضحية في حالة هياجٍ شديد, ويحاول بشتى الطُرق العودة إلى شقته لينقذ زوجته و ابنته.

فقال (أمير) بلهجةٍ آمرة :

-امنعوه تمامًا حتى لو اقتضى الأمر تقييده, وراقبوا المكان من جميع الجهات, ولا يقم أحدكم بأي تصرف و أنا سأصل بعد سبع دقائق تقريبًا.

وأنهى الاتصال وزاد من سرعة سيارته إلى حيث يسكن (وفيق).

*********

وما أن وصلت (نورا) إلى المكان حتى وجدت الكثير من رجال الشرطة وسياراتهم وهم على أهبة الاستعداد, ووجدت (أمير) قد سبقها بدقائق

قليلة ويقف مع (وفيق) الذي كان يقول وهو يكاد أن يبكي من الخوف على أسرته:

-ما أن فتحت باب الشقة حتى فوجئت بــ (بدر) ومعه شقيقيه, فلم أعرف ما الذي يجب أن أفعله حتى وجدته يبتسم ويمد يده ليصافحني, ثم قال

أنه هما كي يعتذر لي عما حدث و أنه يرغب في طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة بحكم أننا جيران في محل العمل.

كان الرجال يتحدث بسرعةٍ شديدة حتى أن بعض الكلمات كانت غير واضحة, فهو لا يريد أن يضيع الوقت في الحديث بينما زوجته و ابنته تحت

رحمة ثلاثة رجال لا يعرفون معنى الرحمة . لذا أكمل بنفس الطريقة دون أن يقاطعه (أمير) الذي يقف أمامه بينما وقفت (نورا) في الخلف منه:

وبالفعل رحبت بما قاله و أخبرته أنني سأتغاضى عن كل ما حدث, وتوقعت أنهم سيرحلون بعد ذلك ولكن (بدر) طلب أن يدخل ليتحدث معي لعدة

دقائق , فقبلت واستقبلتهم في بيتي وبعد جمل الترحيب العادية؛ وجدته يُخرج من جيبه دفتر شيكاته ويُوقع على أحدهم ويمده لي وهو يقول أكتب

الرقم الذي تريده في مقابل التنازل عن المحل, ومن تلك اللحظة بدأت الأمور تتوتر فقد طلبت منه أن يمنحني مهلة للتفكير ولكنه أصر أن ننهي الأمر

الآن وقال أنه سيعطيني الرقم الذي سأطلبه مهما كان , فعدت لأطلب منه بضعة أيام للتفكير ولكنه انقلب فجأة إلى وحش في منتهى الشراسة وقال

وهو يهددني بأن الشيء الوحيد الذي يجب أن أُفكر به هو سلامة زوجتي و ابنتي, وهنا لم أتمالك نفسي وتذكرت كل ما فعلوه بي فطلبت منهم مغادرة

بيتي فورًا وحاولت أن أدفعهم بالقوة للخروج, وكانت تلك هي غلطتي, فحينها تجمعوا حولي و أخذوا يلكيلون لي اللكمات و أخرج أحدهم مسدسًا

من ثيابه ؛وضعه على رأسي ثم ألقوا بالقوة خارج البيت بينما زوجتي وابنتي لا تزالان في الداخل, فأسرعت بالاتصال بالشرطة.

ثم أخذ نفسا عميقًا , و أنتهى كلامه قائلًا :

-هذا كل ما حدث.

فربت (أمير) على كتفيه وقال :

-لا تقلق ستكون الأمور بخير .

وبعدها حول نظره إلى أحد رجال الشرطة الواقفين بجواره وقال له :

-احرص على أن يكون السيد (وفيق) بأمان بعيدًا عن هنا.

وأسرع بالتحرك ناحية مدخل البناية التي بها شقة (وفيق) غير مبالٍ بصرخاته الغاضبة و المطالبة بالمشاركة في إنقاذ زوجته وابنته.

ولم تُضع (نورا) ثانية واحدة, وتبعت (أمير) وهي تُخرج مسدسها من جرابه حول خصرها دون أن تتفوه بحرفٍ واحد مكتفية بما تقوله دقات

قلبها بمنتهى الصخب.

*********

نزلت (نانسي) من على الدرج الرخامي الذي يتوسط بهو قصرها الفخم, وهي ترتدي فستانًا كحلي اللون في منتصفه رسمة لزهرة عباد شماس, وبدت

في غاية الأناقة وهي تسير بزهوٍ حتى وصلت إلى حيث مقعدها المفضل بالشرفة المطلة على الحديقة الملحقة بالقصر, فجلست و أطلقت السراح

لعينيها كي تتجولان بحرية في السماء الشاسعة مستمتعة بمشاهدة أسراب الطيور التي تحلق في هذا النهار المائل إلى البرودة.

وبعد لحظات من الشرود؛ أمسكت هاتفها المحمول و أجرت مكالمة, فخرج صوتها ونبراته مليئة بالاشتياق:

-كيف حالك ؟ أنا أفتقدك بجنون يا حبيبي .

ومن عينيها أطلت نظرات الحب الحقيقي.

*********

على مدخل البناية التي بها شقة (وفيق) تقدم (أمير) إلى الداخل ومعه عدد كبير من رجال الشرطة المدججين بالسلاح, وبالقرب منه كانت (نورا)

لا ترفع ناظريها من على وجهه؛ منتظرة منه الأمر بالبدء في عملية تحرير الزوجة المحتجزة وطفلتها الصغيرة.

ووسط كل هذا الجو المليء بالتوتر والمشحون بالقلق؛ كان يبدو على (أمير) من الخارج التماسك التام و كأنه في طريقه ليقرأ جريدة الصباح, فلم

تهتز خلية واحدة من خلياته ولم يظهر على ملامحه ما يدل على البركان الذي يثور في أعماق روحه, فهو لم ينجح أبدًا في إبعاد صورة الفتاة

(حنين) ـــ وهي على بعد لحظات من الموت ـــ عن مخيلته.

وبمنتهى الثقة ؛ وجه كلامه للضابط الأقدم رتبة ممن حوله :

-في أي طابق تقع الشقة؟

فأجابه بسرعة:

-الثالث يا سيدي .

فعاد ليسأله:

-هل حاولتم التواصل مع (بدر) أو أحد من أشقائه ؟

وكان الرد وهم على عتبات الدرج الصاعد إلى الأعلى :

-طرقنا الباب أكثر من مرة لكن دون جدوى, ولكن بالطبع تصلنا أصوات طلب النجدة بين الحين و الآخر.

وعاد الصمت لا يشقه سوى صوت الخطوات الثقيلة على درجات السلم, وما أن وصل الجميع إلى حيث غايتهم؛ تلفت (أمير) من حوله فوجد

أن هناك بالطابق أربع شقق؛ كل شقتين على جانب.

وقبل أن يأل قال له الضابط الذي كان يتحدث معه في الأسفل وهو يشير إلى إحد الشقق التي أمامها حراسة مشددة:

-تلك هي.

فتجاهل (أمير) الباب الذي يقف أمامه أربعة من الضباط, وذهب إلى باب الشقة الملاصقه لها وقال بصيغة الاستفهام:

-بالطبع أخليتم الطابق؟

فأجابه نفس الضابط :

-أخلينا المبنى بأكمله يا سيدي .

فأشار (أمير) إلى الشقة المجاورة لشقة (وفيق) وقال :

-افتحوها بحرصٍ وهدوء.

**********

وقف (أمير) على سور الشرفة المطلة على الشارع الرئيسي على بعد ثلاثة طوابق من الأرض, و الملاصقة تقريبًا لشرفة غرفة النوم الرئيسية

في منزل (وفيق) .

وأخذ يحاول أن يتوازن وهو يسير بحرص حتى وصل إلى حافة الشرفة حيث المسافة الفاصلة بين الشرفتين تتجاوز المتر بقليل, وعليه أن يقفز

إلى هناك مخاطرًا بحياته وهو على يقين من أن السقوط من هذا الارتفاع سيكون قاتلًا بلا أدنى شك.

ودون لحظة واحدة من التردد؛ قفز قاصدًا طرف الشرفة الآخر .

ولكن ما أن وصل طرف قدمه إلى حيث يريد حتى اختل توازنه, وهنا لمح الأرض من تحته وهو في طريقة ليسقط.

**********

بدأت (نورا) في الطرق بشدة على الباب الأمامي للشقة التي يحتجز بها (بدر) وشقيقاه المرأة وابنتها ثم بدأت في الحديث :

-يمكن أن ينتهى كل شيء هنا في لحظات ويعود الجميع إلى بيوتهم سالمين إن فتحت هذا الباب و ألقيت سلاحك وتركتنا ندخل دون مقاومة .

ولم يأتها أي رد من الداخل, فعادت لتقول وكل من حولها من الضباط يراقبونها وهم على أهبة الاستعداد:

-أرجو ألا تجعل الأمور تخرج عن السيطرة يا (بدر) فأنت تخاطر بحياتك من أجل شيء لا يستحق.

وكما المرة الأولى لم يُجبها سوى الصمت, فقالت من جديد:

-(وفيق) على استعداد للتفاوض بشأن المحل الذي تريد أن تشتريه منه, وسيقبل بالعرض في مقابل أن تطلق سراح زوجته وابنته.

وهنا سمعت صوتًا تعرفه جيدًا؛ إنه صوت (بدر) يقول وهو يصرخ :

-هيا مارسي ألاعيبك في مكان آخر أيتها الشرطية البغيضة .

فقالت له من فورها بنبراتٍ هادئة :

-أنا أعرف أن الأمور تطورت ضد رغبتك, فأنت لم تكن تخطط لكل هذا و أعرف أيضًا أن انفعال (وفيق) كان السبب وراء فقدانك لأعصابك,

ولكن من الحكمة ألا تزيد الطين بلة.

وهنا لم يجبها (بدر) فقالت بصوتٍ مرتفع:

-الوضع يختلف تمامًا إن فتحت أنت هذا الباب طواعية عنه إن كسرنا نحن واقتحمنا المكان .

ثم نظرت في ساعتها و أشارت إلى أحد الضباط بما معناه أن يذهب ليتفقد الشرفة حيث كان (أمير) بيه وبين الموت ثوانٍ قليلة بعد أن اختل توازنه .

*********

هناك من يتشبث بالحياة وهناك من تتشبث به الحياة وتمنحه الفرصة تلو الأخرى ليبقى على قيدها, وفي هذا اليوم تشبثت الحياة بتلابيب (أمير)

فبعد أن اختل توازنه وكاد أن يسقط من على ارتفاع ثلاثة طوابق؛ تمكن من الإمساك بالسور في اللحظة الأخيرة وبدأت دقات قلبه تتسارع وهو

يلهث بشدة محاولًا السيطرة على انقباضات عضلات ساعديه كي يتمكن من رفع جسده إلى الأعلى داخل الشرفة, وبالفعل مرت اللحظات وكأنها

دهر, وهو يبذل كل طاقته ليلحق بالمركبة الأخيرة من القطار العائد إلى الحياة.

وبعد أن فعلها؛ قفز إلى الداخل ثم عدل من هندام ملابسة وبيديه أزاح الغبار من على شعره الأصهب الناري, ثم اختلس النظر من الزجاج الفصل بين

ما بداخل المنزل وما بخارجه ووجد الغرفة خالية .

مما شجعه على الدخول دون أن يُعطي (نورا) إشارة البدء في اقتحام المكان.

وجد (أمير) نفسه داخل غرفة النوم الرئيسية, وكان أثاثها بالرغم من بساطته إلا أنه منتقى بعناية و الغرفة نفسها في غاية النظافة, فتحرك

بحرصٍ شديد في الداخل حتى وصل إلى الباب الذي يفتح على ردهة طويلة تنتهي بالصالة التي يوجد بها الرجال الثلاثة والسيدة زوجة (وفيق) وابنته.

و وصل إلى مسامعه هذاالحوار:

-لقد انتهى أمرنا هنا, يجب أن نفكر في حل سريع.

-لو أن هذا الحقير قبل بالمال, ولم يرفض العرض ما كنا في هذا الموقف.

-بل لو أن (بدر) لم يفقد صوابه كعادته ما كنا في هذا الموقف.

-والآن نسيت كل ما فعلته من أجلك أنت بالذات و أجلنا جميعًا لتلقى باللوم عليَّ .

-أرجوك يا سيدي, لن تستفيد شيئًا إن ألحقت بنا الأذى, أتوسل إليك أن تطلق سراحي أنا وابنتي.

-أخرسي. لا أريد أن أسمع صوتك.

-أقسم لك أنني سأكلم الشرطة, و أخبرهم بأنكم كنتم ضيوفًا عندي بالمنزل و أنه لم يحدث أي شيء يخالف القانون.

-يجب أن نفكر بحكمة يا (بدر) كي نخرج من هنا إلى بيوتنا وليس إلى السجن.

-لا أريد أن يتكلم أحدكم .

كان هذا هو كل ما وصل إلى مسامع (أمير) وبالطبع دون أن يرى أطراف الحديث لذا لم يكن هناك بد من الخطوة التالية وهي الحصول على موقع

أفضل للمشاهدة البصرية كي يتمكن من تقييم الموقف جيدًا.

***********

أمام باب الشقة من الخارج؛ نظرت (نورا) بتوتر إلى ساعتها ثم تحسست جهاز الاستقبال الصغير الموضوع في أذنها, وكأنها تتأكد من أنه يعمل

في انتظار إشارة من رئيسها بالعمل الذي تسلل إلى الداخل حيث موقع الحدث, وبعد كل ذلك زفرت ما بصدرها من هواء ثم تلفتت من حولها

متفحصة جميع الوجوه المحيطة بها وهي تتصنع الثبات و الثقة, وآخر ما فعلته هو أن شدت بقبضتها عى مسدسها طالبة منه ألا يخذلها.

********

قرار (أمير) بالتسلل عبر الردهة الواصلة بين غرف النوم و الحمام وبين الصالة التي يوجد بها الهدف لم يكن بالقرار السهل, فأقل حركة ستكشف

عن وجوده داخل الشقة وهذا الأمر بحد ذاته قد يكلف أسرة (وفيق) حياتها.

ولكن اختار المخاطرة دون تردد.

ومع أول خطوة له خارج غرفة النوم خانه الحظ, فقد لمحته زوجة (وفبيق) ولشدة دهشتها أطالت النظر إليه وكان نتيجة ذلك أن فعل نفس الشيء

الرجل الذي يقف خلفها, وكما رأته المرأة رآه الرجل وشعر (أمير) بأنه ارتكب خطأً لن يُغفر, فالبركان سيثور وينشر الحمم في المكان بعد

لحظات, فقرب جهاز الإرسال من فمه وهو يتراجع إلى الخلف داخل الغرفة مرة أخرى, ولكنه في اللحظة الأخيرة لمح الرجل يتحرك من

مكانه في اتجاهه.

وبدأت دقات قلب (أمير الوكيل حارس جهنم) في الخفقان بشدة, فلم يكن لديه أدنى استعداد أن تفقد ضحية أخرى حياتها بسببه هو, وبعد أن أصبح

في منتصف الغرفة لم يكن لديه سوى خيارين اثنين فقط, فإما أن يُسرع إلى الشرفة ويعود أدراجه إلى ارج الشقة أو أن ينتظر الرجل القادم

وما ستسفر عنه المواجهة الدامية.

ومرة أخرى قرر أن يُخاطر و ينتظر.

***********

أنتهاء البارت

***********

بتمنى تتفاعلوا معي


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-18, 10:43 AM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





السلام عليكم

كيف الاحوال؟
أن شاء الله كونوا بألف خير وخير

سنبدأ في بارت الاسبوع

وهو البارت الخامس

*** وبدأت البارتات الاخيرة ***

قربيًأ سنتهي الرواية

ما اطول عليكم سأبدأ في البارت الاسبوع





********
بسم الله الرحمن الرحيم

البارت الخامس

*********

-سيد (بدر) الوقت المتاح لديك شارف على النفاد ويبدو أنك لا تعي تبعات ما تفعله, فعقوبة احتجاز رهائن قد تصل إلى السجن المؤبد,

وهذا إن لم يُصب أحد بسوء نتيجة أي تصرف طائش لذا على الأقل أخرج لنا الطفلة الصغيرة, فتلك المسكينة لا ذنب لها أبدًا.

هكذا قالت (نورا) بنبرات من بدأ صبره ينفد, وبعد أقل من دقيقة جاءها الرد من الداخل, ولم يكن (بدر) الذي يتحدث بل زوجة (وفيق):

-نحن بخير, لاتقلقي يا سيدتي و أرجو أن تطمئني زوجي.

ثم بعد ذلك تحدث (بدر) قائلًا:

-لا أريد الذهاب إلى السجن, وأنا على يقين أنه بمجرد أن أفتح هذا الباب ستلقون القبض علينا وتضعوننا في زنزانة قذرة حتى نتعفن.

فقالت له (نورا) :

-بل لو فتحت أنت هذا الباب طواعية ستكون الأمور بخير صدقني, ولن أكذب عليك و أقول أننا سنترككم تذهبون إلى بيوتكم مباشرة, ولكن

بلا أدنى شك سيكون موقفكم أفضل بكثير أن حدثت محاكمة, وأنا على يقين من أن السيد (وفيق) سيقدر لك إطلاق سراح زوجته وابنته سالمين, وربما

يتنازل عن حقه التقاضي في مقابل تعهد منكم بعدم التعرض له, وربما أيضًل يقرر بيع المحل لكم كي تنتهي جميع المشاكل.

وكان الرد عليها عبارة عن طرقات عنيفة على الباب من الداخل وصراخ (بدر) وهو في قمة الغضب:

-لا تتعاملي نعي و كأنني غر ساذج, هل فهمتِ؟

********

-استمري في الحديث مع هذا الوغد, ولكن كونوا جميعًا على أتم استعداد عندما أخبركِ, فواحد من شقيقيه رآني و أنا أغادر الغرفة وهو في طريقه

إلى حيث أختبئ الآن, فانتظري إشارتي و ليتوخى الجميع الحذر الشديد.

هكذا قال (أمير) وهو يعتصر مقبض مسدسه الفضي اللون بيديه, ويقف في منتصف غرفة النوم منتظرًا ما سيحدث بعد لحظاتٍ قليلة وعيناه مثبتتان

على باب الغرفة الذي وجده في هذه اللحظة يُفتح برفقٍ وببطءٍ شديد, فأخذت دقات قلبه تتسارع بينما قام بحبس أنفاسه وسبابته تلامس الزناد كي

تعطي الأمر للرصاصة باختراق هدفها بمنتهى الدقة.

الزمن ليس مجرد دقائق أو ثواني أو حتى سنوات فلا توجد وحدة حقيقية يمكنها أن تنجح في قياس الوقت بدقةإلا إذا قمنا بتثبيت الظروف المحيطة

بكل من ينظرون في ساعاتهم ليحتسبوا الوقت المتبقي على حدث ما.

مرت اللحظات على (أمير) وكأنها دهر, حتى أن قطرة عرق وُلدت على جبين الرجل الجلدي الملامح, الناري الشعر, والذي لا يمكن أن تبوح

ملامحه بما يدور داخل أعماقه من مشاعر, و أخيرًا وجد أمامه رجلًا يبدو أنه في العشرينات من عمره وما أن دخل الرجل الغرفة حتى

فوجئ (أمير) مما فعله, فقد كان على وشك أن يطلق عليه رصاصة تستقر في منتصف جبهته, ولكن الرجل رفع يديه إلى الأعلى ما أن تخطى

الباب, وبأ يتحدث بهمسٍ وبصوتٍ لا يكاد يُسمع:

-سيدي كل ما حدث هنا لم نكن نُخطط له, ولكنن الأمور تطورت وخرجت عن السيطرة فجأة. فشقيقي لا يمكنه التحكم في ردود أفعاله حين

يغضب أبدًا, ولكن يمكنني أن أحل هذا الموقف بسلام إن عاهدتني بأن لا نصاب بأذى ثلاثتتنا.

فهز (أمير) رأسه وخفض مسدسه بحرص, وقال بنفس البنرات الخافتة:

-أستطيع أن أتعهد لك أنت بذلك, وربما أيضًا لشقيقك الثالث, ولكن (بدر) لا بد من أن ينال جزاءه حتى يتعلم الدرس في المستقبل.

فتراجع الرجل خطوة للوراء, وكأنه يهم بمغادرة الغرفة وقال:

-في هذه الحالة لن أتخلى عن أخي وليكن مايكون.

وقبل أن يمر عبر الباب قال:

-يمكنني أن أُحضر لك السيدة و الطفلة إلى هنا حالًا في مقابل كلمة منك, و أنا أعرف أنك لن تنقض عهدك.

ونظر إلى (أمير) نظرة من ينتظر الإجابة بينما الأخير؛ وجد نفسه في حيرة من أمره ولكنه للمرة الثالثة في أقل من خمس دقائق؛ يتخذ قرارًا

حاسمًا فقال:

-حسنًا أعدك أنني سأفعل ما بوسعي مهما كلفني الأمر, ولكن هيا أحضرهما إلى هنا بسرعة.

فقال له الرجل, وهو يختفي في الردهة:

-سأجعلهما تتحججان بالرغبة في دخول الحمام.

وعاد (أمير) إلى الانتظار الذي لا يحبه, فهو لا يكره أكثر من الوقوع تحت مقصلة الوقت, ولكنه أسرع في محادثة (نورا) وطلب منها إرسال

عدد من فرق الإنقاذ, ومعهم سلم إلى شرفة الشقة المجاورة التي قفز هو منها منذ قليل.

ولم تكن قد مرت الدقيقة التي تعادل خمس ساعات حتى فتح باب الغرفة مرة أخرى, وطلت منه سيددة جميلة وطفلة صغيرة ترتجف من الخوف.

**********

حملت (نورا) كوب قهوتها الساخنة, واتجهت إلى مكتبها وعلى شفتيها ابتسامة طفولية ناعمة, فهذا الصباح مميز جدًا بالنسبة لها, فبالأمس شاركت

(حارس جهنم) في عملية تحرير رهائن و إنقاذ أم وطفلتها من قبضة عصابة خطرة أو هكذا ظلت تُصور لنفسها ما حدث كي تُشبع رغبتها في تغيير الملل الشديد الذي

تعاني منه في هذه المدينة الصغيرة الهادئة.

وبالفعل اخذت تسير بفخرٍ وزهوٍ وسط الممر الذي يمتلئ برجال الشرطة, وعنما مرت بجوار مكتب (أمير) ترددت قليلًا قبل أن تحسم أمرها,

وتطرق على الباب مرة واحدة ثم تفتحة وتدخل ملقية تحية الصباح على الرجل الذي كان منهمكًا في كتابة شيءٍ ما بتركيزٍ شديد.

فنظر إليها (أمير) وحياها ثم دعاها للجلوس, ففعلت وهي تبتسم وتقول :

-لقد كان الأمر في غاية الحماس بالأمس.

فقال لها:

-هذا لأنه حالفنا الحظ وتمكنا من الوصول إلى النهاية دون أي خسائر, ولكن لو سارت العملية في مسارٍ مختلف لتغير إحساسك عما هو عليه الآن.

ثم حول نظره عنها إلى الأوراق التي أمامه وقال:

-إنه مجرد حظ لا أكثر.

ثم قام من على كرسيه, وتوجه ناحية النافذة حيث الأفق الشاسع والسماء الممتدة على مرمى البصر وقال:

-أريد زيارة السيدة (نانسي) مرة أخرى و أنتِ معي, ولكن قبل أن نفعل ذلك سنذهب إلى منزل الخادمة التي كانت تعمل عندها.

تمالكت (نورا) نفسها بصعوبة, و إن كان كل ما بها يريدها أن تقفز بجنون وتصفق بفرحٍ كالأطفال وسط مدينة الألعاب.

لذا تحكمت بنبرات صوتها وهي تقول :

-أنا على أتم استعداد.

***********

داخل منزل بسيط يبدو على كل ما بداخلة الفقر؛ جلس (أمير) وبجواره (نورا) على أريكة, وفي المقابل لهما جلست سيدة يوحي شكلها بأنها

في الخمسين من العمر, وثيابها تدل على ضيق ذات اليد, وجلس ملاصًا لها زوجها الذي بدأ في الكلام قائلًا :

-مرحبًا يا سيادة المحقق .

وبعد ذلك رحب بــ (نورا) فردا عليه التحية ثم دخل (أمير) مباشرة في الموضوع:

-سيدة (انتصار) لقد كنتِ قريبة من السيد (رشيد) طوال ثلاث سنوات تقريبًا, فأنت وزوجك كنتما تعملان لدى الرجل في منزله بل

و تقيمان أغلب الوقت هناك لذا أنا هنا لأعرف منك عدة أمور.

ولكن المرأة لم تمنحه الفرصة كي يكمل ما يريد أن يقوله, وبأت في الكلام و كأنها شلال من المياة المنهمرة :

-كانت الأمور تسير على خير ما يرام لفترة طويلة حتى ظهرت تلك المرأة في حياتنا, أقصد في حياة السيد (رشيد) وعندها تبدل كلشيء في

المنزل, فقد بدأت تسيطر على الرجل تدريجيًّا وبسرعة و كأنه طفل مسلوب الإرادة, وأخذت تجعله يلبي جميع رغباتها مهما كانت تكلفتها, وباختصارٍ

شديد كنت تستغله ماديًّا و معنويًّا, فدمرت علاقته بأخيه الأصغير ومنعته من الاختلاط بأقاربه ومعارفه بل حتى أنها جعلته يهمل عمله وشركاته

ليقضيا كامل الوقت في السفر من بلدٍ إلى أخرى,ثم أو غرت صدره من ناحيتي ومن ناحية زوجي, وكما اتهمت السيد (سامح) زورًا بأنه

يتحرش بها؛ اتهمتنا بالسرقة مما جعل السيد (رشيد) يغضب منا دون أن يمنحنا أية فرصة للنقاش, و أخيرًا حدث ما زاد الطين بلة, وهو ظهور

تلك المرأة الشريرة المدعوة (رهف) صديقة (نانسي).

كانت (انتصار) تتحدث بسرعة وغضب, ولكنعند هذه النقطة بالذات من الحوار؛ صمتت للحظات ثم أخذت نفسًا عميقًا وقبل أن تُكمل حديثها؛

لمح (أمير) في عينيها نظرة غريبة لا تفسير لها عندما قالت :

-إن كنت تريدد الحقيقة, فأنا لم أحزن على وفاة السيد (رشيد) فهو ربما يستحق ذلك لأنه ظلمني انا وزوجي.

وهنا تدخل زوجها بسرعة في الحديث وقال:

-لا تكترث لكلامها يا سيدي فهي تتحدث بغضب, فالسيد (رشيد) ارتضي بأن تطردنا زوجته شر طرد بعد أن ادعت صديقتها على

زوجتي, وافتعلت مشاجرة لا داعي لها و أهانتها بشدة, وكان موفقه السلبي صدمة قوية لي و لزوجتي, وذلك لمكانته الكبيرة بالنسبة لنا.

وقرر (أمير) الكلام بعد أن اكتفى بما سمعه :

-بالطبع أنا أُقدر موقفكما و أشعر بمدى الظلم الذي تعرضتما له, ولكنني سأوجه سؤالًا واحدًا فقط لكِ يا سيدتي.

ثم نظر إلى (انتصار) بحدة, وقال وهو يضغط على حروفه بينما (نورا) تتوقع السؤال الذي سيطرحه عليها:

-لو أن السيد (رشيد) مات مقتولًا, فمن تتوقعين أنه القاتل؟

فأجابته ونفس النظرة تولد في عينها مرة أخرى:

-الجميع يمكن أن يكونوا قد قتلوه, أي احد منهم يمكنه فعل ذلك.

********

السماء الملبدة بالغيوم تشبه امرأة على وشك البكاء, هكذا كان (أمير) يقول لنفسه دائمًا في الأسابيع الأخيرة من كل خريف عندما

تفقد الأشجار غطاءها الأخضر, وتجد نفسها مجبرة على مواجهة برد الشتاء الزاحف بخبثٍ وهي عارية, وبعكس الكثير من الناس

كان هو يحب شكل السماء وهي حبلى بالمطر, ولكن يكرهها جدًّا عندما تمطر بالفعل.

وأخذ ينقر بسبابته على مقود السيارة التي يشق بها الطريق الساحلى السريع الرابط بين المدينة التي انتقل مؤخرًا للعيش بها وبين مدن

الجنوب, وهو يختلس كل بضع دقائق الظر إلى الأعلى متمنيًا من أعماق قلبه ألا تمطر الدنيا قريبًا.

وأخذ عقله يعمل بضعف السرعة العالية التي يقود بها.

هذا الرجل (رشيد) الذي كان لغزًا طوال حياته أصبحت وفاته لغزًا أكبر,فالرجل قد شغل الكثير من تفكير الناس في هذه المدينه

الصغيرة التي يقود سيارته مبتعدًا عنها في تلك اللحظة, وتساءل الكثيرون عن مصدر ثروته السريع, وهل حقًّا العمل في السوق الأوراق

النقدية ومجال (السمسرة) و الصفقات الخاطفة يمكن أن يجعل صاحبه يحصل على كل تلك الثروة, وفي مثل هذه الفترة القصيرة من

الزمن والتي لم تتجاوز العشر سنوات ؟

ثم تحول القصر الذي بناه متعمدًا إبراز الترف و البذخ الشديدين عليه إلى مزار و حكاية يتحاكى بها الجميع من كبيرهم إلى صغيرهم.

كما أن حياته الشخصية نفسها طالها الكثير من اللغط حول أسباب إحجامه عن الزواج بالرغم من تخطيه الخمسين ورغبته في عدم

الاختلاط بالناس إلا في أضيق الحدود, و أخيرًا تحدثوا أيضًا عن حالة شقيقه الذهنية و العقلية.

وكعادة المجتمعات الصغيرة؛ بدأ الناس في نسخ الأساطير و القصص و الحكايات عن الرجل, وعن كل ما يخص الطريقة التي يعيش بها لدرجة أن (أمير) سمع بنفسه

من شخصٍ طاعن في السن يقول عن (رشيد) بأنه الحفيد التاسع لــ (دراكولا) و أنه كجده مصاص دماء ولديه قدرات خارقة مثل

الطيران والمشي فوق الماء, وأقسم بأن الرجل لم تتغير ملامحه منذ كان هو في سن الطفولة أي منذ سبعين عامًا.

-تبًّا للثراء الفاحش, إنها لعنة المال.

هكذا قال (أمير) لنفسه بعدما شرد للحظات أثناء قيادته في كل تلك الأفكار التي تخص حياة (رشيد) ثم شعر بأن عليه أن ينتقل بأفكاره

إلى ما يخص وفاته, فهذا هو الأهم الآن .

هل كانت وفاة هذا الرجل طبيعة أم أن هناك شبهة جنائية ؟

هل حقًّا وضع له أحدهم السم بغرض قتله ؟

ولو أنه بالفعل تم تسميمه, فمن الذي فعلها ؟

فهل قتله شقيقه في إحدى نوبات جنونه ؟

أم أن الزوجة الشابة هي من قتلته طمعًا في الثروة الطائلة التي سترثها ؟

أم أن (انتصار) الخادمة الغاضبة و زوجها هما من دبرا للأمر ونفذاه انتقامًا لطردهما من العمل في البيت ؟

أو ربما يكن من فعلها هو أحد خصومه في مجال العمل ؟

عند هذه النقطة بالذات؛ أمسك بهاتفه المحمول ليتحدث مع (نورا) قائلًا :

-أرجو أن تجمعي لي كافة المعلومات المتعلقة بوضع السيد (رشيد) المادي في الأشهر الأخيرة قبل وفاته, وما إن كان هناك من سيستفيد

من إقصائه عن مجال العمل أو ربما عن الحياة بأكملها .

وبعد تلك المكالمة القصيرة لم يتبقَ له سوى التفكير بالمكان الذي هو في طريقه إليه.

(رهف) صديقة الطفولة و الزائرة الغامضة التي حلت ضيفة على (نانسي) لمدة ثلاثة أيام, ثم رحلت قبل عودة (رشيد) من السفر بيومٍ كامل, وقد

فكر (أمير) أن تلك المرأة ربما لديها أي شيء ولو بسيط يمكنها أن تضيفه, فهي شاهد عيان على أحداثٍ مهمة كحادثه طرد الخادمة (انتصار)

و زوجها, وكذلك حادثه تحرش (سامح) شقيق (رشيد) للمرة الثالثة بالسيدة (نانسي) كما تدعي الأخيرة.

لذا من وجهة نظر (أمير) فإن هذه الزيارة تعتبر في غاية الأهمية, ولقد تعجب كثيرًا من عدم قيام أي أحد من رجال الشرطة أو مكتب التحقيقات الجنائية بالحديث مع

تلك السيدة .

*******

رائحة البحر هي أروع ما يمكن أن يحصل عليه أي شخص, في الصباح الباكر كانت تلك هي قناعة (أمير) الخاصة ولذا ما أن وصل

إلى منزل (رهف) القريب جدًّا من البحر؛ فضَّل أن يبقى لدقائق أمام سيارته في مواجهة الشاطئ ليدخن سيجارته الأولى لهذا اليوم, فهو

لا يزال ملتزمًا بقانون الثلاث سجائر باليوم بعد أن كان يدخن بشراهة لسنواتٍ طويلة .

رائحة البحر ...

صوت الأمواج ...

الطيور البيضاء التي تحلق عن قُربٍ في السماء ...

الغيوم المكدسة على مرمى البصر ...

كل تلك الأشياء مع الإثارة التي يشعر بها (أمير) قبل أن يدخل إلى المنزل المكون من ثلاثة طوابق؛ جعلته يقول بصوتٍ منخفض

بينه وبين نفسه :

- هذا اليوم في غاية الروعة .

ثم فرك كفيه ببعضهما البعض, وعدل من هندامه وتوجه ناحية هدفه.

*******

-أنا المحقق (أمير الوكيل) ضابط بإدارة البحث الجنائي .

**********
أنتهاء البارت الخامس
**********
سؤال الرواية
1/ من تتوقعون قاتل السيد (رشيد)؟
2/ هل (حارس جهنم أميل الوكيل ) سيتمكن من كشف هويته القاتل أو لا؟

*********
أتمنى تجيبوا عن الاسأله

********
نلتقى في البارت السادس أن شاء الله
********

للكاتب / r.t.2002



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-18, 08:41 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




السلام عليكم

كيف الاحوال؟
أن شاء الله كونوا بألف خير وخير

ما اطول عليكم
سنبدأ في بارت الاسبوع


**********

بسم الله الرحمن الرحيم

البارت السادس قبل الأخير

**********

-أنا المحقق (أمير الوكيل) ضابط بإدارة البحث الجنائي .

هكذا قال (أمير) للرجل الذي فتح له الباب الشقة وهو يمد له يده ليسلم عليه, وطلب منه الدخول لبعض الوقت للتحدث مع السيدة (رهف)

فدعاه الرجل إلى فنجان قهوة بعد أن عرفه بنفسه على أنه (فارون) شقيق (رهف) الأكبر, وأنه يعمل كطبيب بيطري بإحدى مزارع

الحيونات بالمدينة.

وجلس الرجلان على كرسيين متقابلين, وكل منهما ينظر إلى الآخر ليستكشف ما بداخله حتى قال (فارون) :

-(رهف) تركت المنزل بل المدينة بأكملها منذ أشهر طويلة ربما سبعة أو ثمانية أشهر لم أعد أتذكر بالتحديد, ولكن حدث هذا بعد وفاة

زوج (نانسي) بفترة قليلة ورحيلها من المدينة.

ثم تنهد بصوتٍ مسموع وقام من على كرسيه, وذهب إلى المكتب في طرف الصالة على أحد رفوفها صورة متوسطة الحجم إطار فضي

اللون, فقام (أمير) وتبعه إلى حيث يقف, ونظر مثله إلى الصورة وحينها قال (فارون) :

-هذه آخر صورة جمعتنا نحن الثلاثة قبل أن يفترق كل واحد منا إلى عالمٍ مختلف يبعد كثيرًا عن الآخر بعد أن كنا قد قضينا كل ما مر من

حياتنا سويًّا .

نظر (أمير) إلى الصورة و وجد بها (فارون) يقف بالمنتصف, وتتعلق بذراعه الأيسر (نانسي) التي يعرفها من زيارته لها بينما خمن أن

الفتاة الأخرى ذات العيون الزرقاء و الشعر الأشقر القصير جدًّا, واتي تقف عن يمينه هي (رهف).

فسأله (أمير) مقاطعًا :

-يبدو أنه كانت تجمعكم علاقة قوة من نوعٍ خاص .

تعمد (أمير) أن يسأل هذا السؤال وهو يقصد لو أن (فارون) هو من تجمعه بــ (نانسي) تلك العلاقة قبل أن تتزوج, ويبدو أن الرجل

فهم ما يقصده (أمير) فعاد إلى كرسيه وقال :

-كانت (رهف) لا تستطيع أن تبتعد عن (نانسي) لساعاتٍ قليلة, وكذلك كانت (رهف) هي صديقة (نانسي) الوحيدة, وأصبحت العلاقة

أقوى بعد وفاة والدتها المريضة من أربع سنوات, وأنا كنت أعتبر (نانسي) شقيقتي الصغرى, فهي مستشارتي الخاصة وكاتمة أسراري.

وضحك بعد تلك الجملة الأخيرة, ثم طأطأ برأسه إلى الأسفل للحظات قبل ان يكمل قائلًا:

-ثم كان قرار (نانسي) المفاجئ بالزواج السريع من ذلك الثري العجوز و تركنا وترك المدينة بكل من فيها والعيش هناك, وحينها تحدثنا

كثيرًا وحاولتُ مرارًا أن أثنيها عن هذا القرار الغبي وقلت لها أنها كمن تبيع جسدها مقابل المال, وقد تطور الأمر إلى مشاجرة كبيرة

فلم أتمالك نفسي وقتها وصفعتها على وجهها بقوة, فتركت البيت وهي تبكي ولم أرها منذ تلك الليلة,واستمررت في متابعة أخبارها

عن طريق (رهف) التي أصبحت كمن أصابها عدوى المال, وكنت على يقين من أن أمرًا ما على وشك الحدوث وبالفعل لم يمضِ الكثير

من الوقت حتى حزمت هي الأخرى حقائبها, وقالت لي أنها حصلت على وظيفةٍ رائعة بالعاصمة ستؤمن لها راتبًا ضخمًا ومستقبلًا

مضمونًا.

وحان وقت الصمت, فرشف (أمير) القليل من قهوته الساخنة بينما اكتفى (فارون) ببعض الماء وكأنه يرطب به شفتيه؛ تاركًا كوب

(اليانسون) الذي أعده لنفسه دون أن يمسه.

فاحترم (أمير) صمت الرجل وذكرياته وهو على يقين من داخله بأنه غارق حتى أذنيه في عشق (نانسي) وأن زواجها المفاجئ كان صدمة

له لم يتمكن أبدًا من تجاوزها, ويبدو أنه لن يفعل حتى وقت طويل.

ومرت دقائق؛ أنهى بهم (أمير) فنجان قهوته, ثم قال بهدوء :

-ألم تعد (رهف) مرة أخرى منذ أن رحلت؟

فأجابه الرجل:

-بلى فعلت, لقد زارتني بعد رحيلها ثلاث مرات لم تتعدَ أي مرة منهن الساعة أو الساعة والنصف, فبمجرد أن نتحدث قليلًا في بعض

الأمور السطحية وما أن أحاول معرفة أي تفاصيل عن حياتها حتى تحمل حقيبة يدها الباهظة الثمن, وترحل زكأنها تفر مني.

فسأله (أمير) سؤالًا مباشرًا:

-من أين عرفت بوفاة زوج السيدة ( نانسي) ؟

فأجاب (فارون) :

-من (رهف) .

فسأله مرة أخرى:

-هل كنت تعلم أنها زارت (نانسي) لمدة ثلاثة أيام مباشرة قبل وفاة زوجها.

فهز رأسه بالموافق, ثم قال ونبراته مليئة بالأسى:

-نعم كنت أعلم .

وأردف بصوتٍ منخفض:

-وعندما ذهبت لأقدم لها واجب العزاء؛ رفضت استقبالي في منزلها, لقد نسيت كل السنوات التي قضيناها سويًّا في سعادة مقابل

موقفٍ واحد فقط, فقدت به أعصابي من أجل أن أقدم لها النصح.

ثم تجرع كوب مشروبه الذي برد, وقال جملة اعتراضية وهو يقف ليصافح (أمير) معلنًا أن الزيارة قد انتهت:

-تلك عادة أخرى سيئة ورثتها عن أبي مع طيبة القلب و التصرف بغباء .

*******

في طريق العودة إلى بيته؛ أخذ (أمير) يفكر في كل ما دار بينه وبين (فارون) شقيق (رهف) و وجده رجلًا تفضحة مشاعره, فهو

لا يمكنه أبدًا السيطرة على انفعالاته و إخفاء ما يدور بين خلجات قلبه لذا سأل نفسه بصوتٍ مسموع:

-هل أنت يا سيد (فارون) مشتبه به جديد أم أنك ضحية أخرى؟

ثم بعد أن صمت للحظات وكأنه يبحث عن إجابة لسؤاله؛ طرح سؤالًا آخرًا وهو يمد يده إلى مسجل السيارة ليطلق العنان للحنٍ

موسيقي كلاسيكي يحبه:

-أين يمكنني العثور على السيدة الغامضة (رهف)؟

ثم هز رأسه بعد أن قرر إغلاق كل الأبواب في وجه ملايين التساؤلات التي تحول حول رأسه كخلية نحلٍ لا تتوقف عن الطنين, وقال

وهو يستسلم لنغمات اللحن الدافئة:

-يبدو أنني أضيع الكثير من الوقت هدرًا.

******

"يبدو أنني أضيع الكثير من الوقت هدرًا "

ظلت هذه العبارة تشغل بال (أمير) طوال الخمسة أيام التالية دون أي أحداث جديدة تكاد أن تذكر سوى ما قدمته له (نورا) بخصوص

وضع السيد ( رشيد) المادي و خصوصه الذين سيستفيدون من إقصائه عن مجال العمل, وان هناك بالفعل الكثير من المنافسة بين

شركته وشركة أخرى يمتلكها أحد رجل الأعمال المقربين من الحكومة, تلك الشركة مقرها بالعاصمة وكان الصراع على أشده

في الفترة الأخيرة بين (رشيد) وبين السيد (مصطفى السقا) مالك الشركة الأخرى بل حتى أنالسفرة الأخيرة التي سافرها (رشيد)

قبل وفاته مباشرة كانت تتعلق بأمرٍ يريد حسمه قبل أن يسبقه إليه منافسه (مصطفى).

كانت تلك المعلومات الجديدة التي وصلت إلى (أمير) ولكن شعوره بأنه يطارد ما يشبه السراب و يختلق قضية من العدم لمجرد أن

يملأ وقت فراغه القاتل في تلك المدينه الصغيرة المملة الذي جعله يفتح ملف هذه العملية مرة أخرى دون سبب منطقي لذا مد يده

وأمسك بجهاز التحكم في التلفاز, وأخذ يلقب في القنوات محاولًا أن يشغل نفسه بأي شيء حتى يشعر بالنعاس, ثم تمدد على الأريكة

االتي كان يجلس عليها فيبدو أنه قرر أن ينام في مكانه.

ثم قال وهو يتثاءب :

-تبًّا لماذا أفعل بنفسي كل هذا, والرجل قد يكون فقد حياته بسبب وجبة طعامٍ فاسدة كما جاء في التقرير الطبيب الشرعي؟!

وبالرغم من التلفاز الذي يعمل دون ان يتابعه؛ أغمض (أمير) عينيه محاولًاالنوم, وو على يقين من أنه لن يتمكن من ذلك بالرغم من

تأخر الوقت, فأمسك بهاتفه المحمول فجأة ليحدث (نورا) دون أن يدرك تأخر الوقت, وقال بإحراج عندما وجد نبرات صوتها مليئة بالنعاس:

-كم الساعة الآن ؟

فأجابته بعد لحظات وهي تتعجب:

-إنها الثالثة والنصف فجرًا.

فقال بنبراتٍ تدل على أنه يهم بإنهاء المكالمة:

-حسنًا أشكركِ.

فقالت متعجبة:

-هل كنت تتصل فقط يا سيدي لتسأل عن الوقت؟

لم يجد (أمير)ما يقوله, فهو في موقفٍ لا يحسد عليه لذا مرت لحظات من الصمت قبل أن يقول:

-غدًا, أقصد اليوم عندما تصلين المكتب أريد منكِ أن تحددي لي موعدًا مع ذلك المدعو (مصطفى)وأريدكِ أيضًا أن تتحدثي مع مكتبنا

الرئيسي في العاصمة للحصول على كافة المعلومات التي تتعلق بتلك المرأة (رهف)فأنا أريد أن أعرف أينتقيم؟ وأين تعمل؟

فتساءلت (نورا):

-من هي (رهف)؟

فأجابها:

-صديقة (نانسي).

فقالت له:

-حسنًا يا سيدي, كما تريد.

وقبل أن يغلق الخط قال:

-أنا حقًّا آسف جدًّا على الاتصال في مثل هذا الوقت المتأخر.

وانتهت المكالمة.

ولم يتمكن (أمير) من النوم وكذلك (نورا).

******

-لم نجد أي معلوماتٍ عن (رهف) في قاعدة بيانات الإدارة بالعاصمة, فلا رخصة قيادة, ولا مخالفات مرورية, ولا عنوان سكن, ولا

استخدام لبطاقات الائتمان, ولا ملفات طبية.

هكذا قالت (نورا) قبل أن تلقي التحية على (أمير) عندما دخلت مكتبه في الصباح وعلى وجهها آثار الإرهاق وعدم النوم, فنظر إليها وقال:

-هذا غريب جدًّا ولا يعني سوى أحد الأمرين, فإما أنها تكذب أو أن (فارون) شقيقها هو من يكذب.

فجلست (نورا) وبدا عليها أنها مترددة بين قول شيءٍ ما أو التزام الصمت, فهز (أمير) رأسه وقال:

-هيا, هيا قولي ما عندكِ.

فابتسمت وقالت:

-أريد أن أقول شيئًا ما, ولكنني أخشى أن تسيء فهمي.

فلم يسألها وإن مان أشار إليها بيده بما معناه كلي آذان صاغية, فقالت وهي تحسس كلماتها و تنتقي أحرفها:

-أنت من اخترت العمل هنا وجئت إلى مدينتنا طواعية, فلماذا تثور على طريقة العيش بها و أنت تعرف كم القدر الذي تحتويه من راتابةٍ

ومللٍ وتكرارٍ للأحداث؟

فقال (أمير)دون تردد:

-أنتِ تظنين بأنني أعدت البحث في عملية (سم البوتيولزم) كي أكسر الملل؟

فهزت رأسها بالموافقة, قفام من على كرسيه وقال:

-أنتِ على خطأ تام, ويومًا ما ستنضجين كشرطية وستعرفين معنى كلمة (الحدث) الذي يجب أن يمتلكه المحقق الناجح, وصدقيني ستثبت

لكِ الأيام صدق كلامي.

ثم ضرب على المكتب برفقٍ, وقال ونفس الجمود على وجهه :

-وحينها ستتعلمين الدرس الأول من (حارس جهنم).

فابتسمت وقالت بجدية :

-(مصطفى) الذي طلبت لقاءه في رحلة سفرٍ خارج البلاد وسيعود منها بعد ثلاثة أيام, وحينها سنذهب لزيارته في مكتبه.

-حسنًا أشكرك.

بهذه الجملة حاول (أمير) إنهاء الحوار مع (نورا) كي تفهم أنه يريد البقاء بمفرده في مكتبه, ولكنها سألته:

-أنت لم تحكِ لي عما دار بينك وبين (سامح) شقيق (رشيد) في المستشفى.

حول (أمير) نظرة ناحية النافذة ثم قال:

-الحرباء سوف تأكنا واحدًا تلو الآخر.

فتعجبت (نورا) مما قاله, فأكمل هو :

-ظل يردد هذه الجملة مرات عديدة كلما سألته عن (رشيد) بينما كان جسده ينتفض وتتوتر جميع عضلاته إذا ذكرت له اسم (نانسي), ولكن

هل أخبرك أمرًا؟

فقالت :

-بالتأكيد.

فأعاد نظره إلى عينيها مباشرة وقال:

-هذا الرجل ليس مجنونًا, وأنا على يقين من أن ما فعله أمامنا مبالغ فيه.

فقالت (نورا) وهي تهم بالوقوف لتغادر :

-كلهم يا سيدي, يقومون بأمورٍ مبالغ فيها ولا أحد منهم يتصرف على فطرته وخاسة (نانسي).

فقال (أمير) :

-سنذهب لزيارتها الليلة, ولكن أريد منكِ أن تقومي بأمرٍ ما.

*********

أمام المرآة وقف (نورا) يحلق ذقنه النابت قليلًا بينما تفكيره منصب على ما يجب أن يقوله عندما يلتقي (نانسي) هذا المساء, فهو

لن يترك لها أي مجال للمراوغة بل سيضيق عليها الخناق و إن اقتضى الأمر أن يستخدم أكثر الأساليب هجومًا وعدائية.

*********

أمام المرآة وقفت (نورا) لتضع اللمسات النهائية على أحمر شفتيها بينما تفكيرها منصب على الأمر الذي طلب منها (أمير) أن تقوم به.

-أريدكِ أن ترتدي أكثر فساتينك رقة و أناقة, وكأنك مدعوة إلى موعدٍ هام في حفلٍ فاخر, وليس مجرد إجراء تحقيق يخص جريمة قتلٍ محتملة.

وبالفعل ها هي قد انتقت فستانًا أسود اللون قصيرًا إلى ما فوق الركبتين بقليل, ومطرزًا بالكثير من حبات اللؤلؤ الفضي اللامع, وتركت

شعرها الأشقر القصير يأخذ اتجاهاتٍ مختلفة, وتعمدت أن تختار لشفتيها أحمر شفاه فاقع اللون مع مكياج خفيف للوجه, وأخيرًا عدد لا

بأس به من رشاد عطرها (الشانيل) المفضل, ثم قالت بينما وبين نفسها:

-ستجن أمي إن رأتني و أنا أخرج هكذا.

ثم ضحكت و أكملت:

-وأعتقد أن هذا الرجل الجليدي سيجن هو الآخر.

وقبل أن تذهب لتأخذ حقيبة يدها من أحد أرفف خزانتها؛ قالت بصوتٍ مسموع:

-لماذا طلب مني هذا الطلب الجنوني ؟

********

-لماذا طلبت منها هذا الطلب الجنوني ؟

هكذا تساءل (أمير) وهو يقوم بإحكام رابطة عنقة الرمادية اللون, والتي تتماشي تمامًا مع البدلة الرسمية الأنيقة التي ارتداها, ومن

داخله يتمنى أن تفلح تلك الحيلة في أن تشتت انتباه (نانسي) بعض الشيء وتجعل تفكيرها منشغلَا بأمرٍ آخر وحينها ربما يزل لسانها بأمرٍ

ما, فالنساء لا يمكنهن أبدًا كبح جماح غيرتهن من بعضهن البعض.

وحتى هو وضع الكثير من عطر (شانيل) هذا المساء.

وكانت صدفة رائعة.

********

-لا ليست صدفة أبدًا أن ترتدي مثلي اللون الأسود ثم تضع كما وضعت أنا عطر (شانيل).

هكذا قالت (نورا) وهي تضحك, فأجابها (أمير) الذي كان يجلس بجوارها في سيارتها وهي تقود:

-إن لم تكن صدفة, فأنتِ تقدصين أنني أكثر المحققين نجاحًا في العالم, فقد توقعت كل ما سوف ترتدينه.

ولكنها غيرت الموضوع تمامًا, وسألته بجديه:

-ولكن لماذا طلبت مني ذلك؟

فأجابها على سؤلها بسؤال:

-ما هو أكثر مالفت نظرك بــ (نانسي) في المرة الأولى التي التقيت بها فيها؟

فأجابت (نورا) دون لحظة واحدة من التردد:

-ذلك الخلخان الذهبي الذي كانت تلفه حول كاحل قدمها, وكان في طرفة مفتاح صغير به فص من الياقوت الأحمر.

كاد (أمير) أن يضحك, ولكنه لم يفعل وقال:

-تبًّا للنساء.

ثم أردف:

-هل فهمتِ لماذا طلبت منك أن تكوني في غاية الأناقة الليلة؟

**********

أنتهاء البارت السادس

نقف هنا ونكمل في ما بعد
********

نلتقى في البارت السابع والأخير أن شاء الله

********

للكاتب / r.t.2002





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-07-18, 12:15 AM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف الاحوال؟
أن شاء الله كونوا بألف خير وخير

*********
عندي حماس لأنها الرواية

*********
ما أطوال واتركم في البارت السابع والأخير
**********


البارت السابع والاخير
بسم الله الرحمن الرحيم



-ما هو أكثر مالفت نظرك بــ (نانسي) في المرة الأولى التي التقيت بها فيها؟

فأجابت (نورا) دون لحظة واحدة من التردد:

-ذلك الخلخان الذهبي الذي كانت تلفه حول كاحل قدمها, وكان في طرفة مفتاح صغير به فص من الياقوت الأحمر.

كاد (أمير) أن يضحك, ولكنه لم يفعل وقال:

-تبًّا للنساء.

ثم أردف:

-هل فهمتِ لماذا طلبت منك أن تكوني في غاية الأناقة الليلة؟

********

للمرة الثانية ها هو (أمير) أمام القصر الشديد الفخامة, ونفس الخادمة السمراء البشرة تفتح له الباب, وتحييه بابتسامتها التمثيلية المتقنه,

فأفسح المجال لــ (نورا) كي تدخل أولًا, ففعلت ورئحة عطرها تسبقها بينما تبعها هو و أنظار تلك الخادمة لا تفارقهما.

كان صوت طقطقة الكعب العالي الذي ترتديه (نورا) يملأ صالة المنزل الشاسعة, وكأنه صوت طلقات مدفع رشاش حتى وصلت إلى

أريكةٍ وثيرة, فجلست عليها ووضعت ساقًا على ساق, ولشدة دهشتها وجدت (أمير) يقترب منها ويجلس بجوارها على نفس الأريكة, ويضع

مثلها تمامًا ساقة اليمنى على اليسرى, فنظرت إليه وابتسمت ثم نظرت إلى الخادمة وقالت لها:

-قهوة سوداء بدون سكر.

وأشارت لها بإصبعيها؛السبابة والوسطى, أي أنها تريد كوبين لها ولــ (أمير) الذي مال برأسه ناحيتها وقال:

-منذ متى وأنتِ تشربين قهوتك سوداء وبدون سكر؟

فأجابته وهي ترفع رأسها بمنتهى الكبرياء ما أن لمحت (نانسي) قادمة من الطرف البعيد للصالة:

-من المشروب الذي يشربه الشخص تستطيع أن تحدد هويته.

ثم خضت صوتها إلى أقصى درجة, وقالت له بالهمس:

-عطرك الشانيل يتوغل داخلي.

فتجاهل ما قالته وقام ليرحب بــ (نانسي) التي وصلت إليهما بشعرها الكستنائي الذي بالكاد يتخطى كتفيها, وعينيها العسلينين الجميلتين,

وكانت ترتدي الجينز وقميصَا أصفر اللون, ومدت يدها لتسلم عليه بينما سلمت (نورا) عليها وهي على نفس وضعها جالسة تضع ساقًا

على الأخرى مما أصابها بالدهشة, فلم تستطع (نانسي) أن ترفع عينيها عنها حتى قال (أمير):

-سيدة (نانسي) شكرًا على استقبالك لنا الليلة في منزلك.

وقبل أن تجيب (نانسي) بحرفٍ واحد؛ قالت (نورا) وهي تبدل وضع ساقيها, فالتي بالأعلى جعلتها بالأسفل:

-منذ عدة أيام ذهبنا لزيارة السيد (فارون) في منزله, فهل ما زلتِ تذكرينه؟

وبدا على (نانسي) الارتباك الشديد لدرجة أنه تطلبمنها أن تقول جميلة:

-بالطبع أذكره, وكيف أنساه !

ثلاث مرات كي تنطقها بالطريقة الصحيحة.

وهنا قرر (أمير) أن يترك المجال لرفيقته الحسناء كي تبدأ في تضييق الخناق بلا رحمة على (نانسي) وسينتظر هو حتى تحين اللحظة

المناسبة ليوجه لها الضربة القاضية دون تردد بينما قال لنفسه دون صوت:

-تبًّا للنساء .

وبعد لحظات من التقاط الأنفاس؛ وصلت الخادمة ومعه (صينية) عليها كوبي القهوة, فأمسكت (نورا) بكوبها ورشفت منه أول رشفة,

ثم نظرت إلى (أمير) وقالت:

-أنت على حق يا سيدي, فطعمها هكذا أروع بكثير.

هنا قالت (نانسي) التي كانت تجلس على الكرسي المواجه لهما:

-أرى أن هناك تطورات سريعة تحدث في مكتب التحقيقات الجنائية.

فتصنعت (نورا) الضحك, وقالت تعقيبًا على جملتها:

-نعم, نعم الكثير من التطورات و أولها هو اقترابنا من كشف سر وفاة زوجك الراحل.

وهنا تغيرت ملامح (نانسي) وأصبحت في غاية القسوة مما جعل (أمير) يتذكر على الفور كلمات (سامح) عن الحرباء.

ثم سمعها تقول,وهي تبتسم بثقة:

-لقد أغلقت المحكمة القضية, وأنا على يقين بأن (رشيد) قد قضى نحبة قضاءً وقدرًا.

فأسرعت (نورا) لتقول:

-ولكنكِ اتهمتِ (سامح) بأنه دس السم لشقيقه.

فقاطعتها (نانسي) قائلة:

-أنا قلت ما لديَّ من معلومات, ولا ذنب لي إن قادت التحقيقات إلى وضعه كمشتبه به, كما أنهم وجدوا آثارالسم بغرفته.

وهنا حان الوقت ليتدخل (أمير) الذي قال:

-أين (رهف) يا سيدة (نانسي) ؟

ومرة أخرى زاد ارتباك المرأة وهي تقول:

-من أين لي أن أعرف؟ ألم تقولا ممنذ قليل أنكما ذهبتما لزيارتها؟

فهز رأسه بالموافقة وقال:

-ولكن (فارون) هو من استقبلنا و أخيبرنا بأنه لا يعلم أي شيء عن شقيقته التي هي صديقتك المقربة منذ الطفولة.

فقالت (نانسي) وهي تقف وعيد ترتيب خصلات شعرها القصير جدًّا بيدها:

-إذا كان شقيقها لا يعرف أين هي, فكيف لي أن أعرف مكانها؟ ثم من المفترض أنكم مكتب التحقيقات الجنائية, فأنتم من عليه

الإجابة عن هذا السؤال وليس أنا .

فهمت (نورا) أن تتحدث إلا أن (نانسي) أشارت لها بيدها, وقالت بحدة وهي تدير لهما ظهرها:

-لقد أنتهى اللقاء.

ثم ابتعدت عدة خطوات, وعادت لتقول دون أن تلتفت لهما:

-وليكن في علمكما, فأنا أخطط للسفر قريبًا لفترة قد تطول,هذا إن لم يكن لديكما أو لدى مكتب التحقيقات أي مانع بالطبع.

ثم ضحكت كالحرباء.

********

بنف ملابسها الأنيقة؛ جلست (نورا) في أحد المطاعم الراقية بالمدينة لتتناول العشاء مع (أمير) بعد أن وجه إليها الدعوة ما أن خطا أولى

خطواتهما خارج منزل (نانسي) حيث قال :

-أنتِ تستحقين الدعوة على العشاء لأنكِ أثرت غضبها بهذا الشكل.

فضحكت (نورا) وقالت:

-حسنًا أنا بارعة جدًّا في إثارة غضب كل الناس لذا كن حذر, فهذا سيكلفك ثروة طائلة.

وفي المطعم قال (أمير):

-ما زلنا ندور في حلقةٍ مفرغة وما زال الجميع مشتبه بهم.

(نانسي) الزوجة الشرسة.

(سامح) الشقيقق الذي يدعي الجنون.

(انتصار) الخادمة الغاضبة وزوجها الناقم.

وحتى (فارون) العاشق المخذول, وربما أيضًا السيدة (رهف) الراغبة في الثراء السريع كصديقتها.

فأردفت (نورا) قائلة وهي تبتسم:

-وربما ترغب في إضافة (مصطفى) المنافس في العمل عندما تلتقي به بعد أيامٍ قليلة.

وطال النقاش بخصوص نصورات كل واحد منهما عن وفاة (رشيد) وما هو السيناريو المتوقع للأمر حتى فجأة قال (أمير) بعد أكثر

من ساعة من الحوار, وبعد أن انتهيا من تناول العشاء:

-دعينا نتحدث عن أي أمرٍ لا يخص تلك العملية.

وقبل أن تجيبه هي؛ تقدم من طاولتهما النادل يسأل:

-هل تريدان بعض الحلوى أو المشروبات؟

فابتسمت له (نورا)وقالت:

-أنا أريد قهوة سوداء بدون سكر.

فحول نظره إلى (أمير) وسأله:

-وأنت يا سيدي, هل ترغب في تناول أي شيء؟

فقطب (أمير) جبينه, وقال لــ (نورا) بمنتهى الجدية:

-بماذا أجبتني عندما سألتك عن سبب شربك للقهوة على الطريقة التي أفضلها أنا؟

فأجابته باستغراب بينما ظل النادل بمكانه ينظرإليهما:

-لقد قلت لك حيها (من المشروب الذي يشربه الشخص تستطيع أن تحدد هويته).

فوضع يده فيجيبه وأخرج الكثيرمن المال دون أن يعده, وقام منتفضًا من مكانه وهو يقول لها :

-هيا بنا بمنتهى السرعة.

وتحرك مغادرًا المكان بينما كانت هي تلحق به ببطء بسبب الكعب العالي الذي ترتديه.

*******

أخذ (أمير) يقود سيارة (نورا) بسرعة في حين جلست هي بجواره تسأله:

-ما الذي حدث ؟ أخبرني إلى أين سنذهب ؟

فقال متمتمًا :

-من المشروب الذي يشربه الشخص تستطيع أن تحدد هويته , كيف لم ألحظ هذا منذ الباية؟

واستمر في القيادة لفترة طويلة بينما صمتت هي لأنها على يقين بأنه لن يقول لها أي شيء الآن,

ولكن خيب ظنها إذ وجدته يقول:

-لقد أخبرتني من قبل أنك تعيشين مع أمك بالبيت لذا قولي لها بأنك ربما لن تتمكني من العودة

إلى المنزل الليلة .

وشعرت (نورا) بالدهشة, ولكنها لم تناقشه وأخذت تتأمل النجوم المتلألئة في السماء الحالكة

تمامًا كحبات اللؤلؤ المتناثرة على فستانها الأسود.

********

-نحن في الطريق الساحلي الجنوبي.

قالت (نورا) تلك الجملة الاعتراضية بعد نصف ساعة من القيادة بصمت, فقال لها (أمير):

-دقائق قليلة, وستعرفين كل شيء.

وبالفعل دقائق قليلة, وتوقف بالسيارة أمام منزل مكون من ثلاث طوابق بالقرب من البحر, وغادرا بسرعة إلى حيث الباب الذي أخذ

(أمير) يطرق عليه بشدة وبطريقةٍ متواصلة, فنظرت (نورا) إليه مستغلابة ما يفعله, فقد كانت الساعة قد تجاوزت منتصف

الليل بكثير.

وأخيرًأ فتح رجل الباب وعلى ملامحه الكثير من الخوف والذعر, فسلم عليه (أمير) ثم نظر إلى (نورا) وقال لها:

-الدكتور (فارون) شقيق (رهف).

ثم دخل إلى البيت دون أن يدعوه الرجل إلى الدخول وتبعته (نورا) التي وصلت بفضولها إلى أقصى الدرجات, وأخيرًا دخل (فارون)

خلفها وأغلق الباب, ثم قال بغضب:

-ما الذي يحدث هنا يا سيادة المحقق ؟

فتجاهل (أمير) ما سمعه, وأسرع ناحية الصورة التي كان (فارون) يقف في منتصفها بين امرأتين وسأله :

-أيهما هي شقيقتك (رهف)؟

فتعجب الرجل من السؤال بينما برقت عينا (نورا) وكأنها على وشك أن تفهم ما الذي يقصدة (أمير) وبعد تبادل النظرات ذات المعاني

المتضاربة بين ثلاثتهما لم يجد (فارون) بدًّا من أن يتقدم إلى حيث يقف (أمير) ممسكًا بالبرواز والصورة داخله, ثم أشار إلى إحدى

السيدتين, وقال هذه هي .

فقال له (أمير) على الفور, وهو يمسك بذراعه برفق:

-هيا بنا الآن فورًا.

فسأله الرجل وهو يرتجف :

-إلى أين؟

فأجابه (أمير) :

-ستعرف لاحقًا.

فسحب الرجل ذراعه وقال :

-حسنًا, دعني أبدل ملابسي على الأقل.

*******

النصف ساعة التي تسبق يزوغ الفجر هي أكثر أوقات اليوم ازدحامًا بالأحداث بعكس ما يتخيل الناس بأنها في غاية الهدوء, فبها

يحتضر الليل وبها يلملم القمر خيوط ضوئهليرحل, والنجوم تستعد للنوم بينما الشمس تبدأ في أيقاد نيرانها لتنشر الدفء والنور.

الكثير من الأمور تحدث, ولكن بصمت ومن هذه الأمور أن تثاءبت (نورا) وهيتغادر سيارتها برفقة (أمير) ومعهما الدكتور (فارون) متجهين

ثلاثتهم إلى مدخل القصر حيث تسكن (نانسي) وقال كل واحد منهم جميلة ليست لها أية علاقة بالأخرى.

-أنا لم أنم منذ يومين.

هذا ما قالته (نورا) في حين تساءل (فارون) قائلًا:

-أليس هذا هو منزل (نانسي)؟

وجاء دور (أمير) الذي قال :

-سنغير اسم العملية في الأوراق الرسمية إلى (عملية الحرباء).

وبدأ من جديد الطرف العنيف المتواصل على باب المنزل حتى فتحته لهم نفس الخادمة, ودون أي عبارات غير مجدية قالت (نورا) بحسم:

-هيا أحضري لنا سيدتك على وجه السرعة.

*******

ومرت الدقائق طويلة وثقيلة, والصمت هو سيد المواقف إلى أن سمع الجميع صوت خطواتٍ تهبط ثلاثتهم أنظارهم وكانت (نانسي)

هي القادمة.

فتحرك (فارون) ناحيتها بعفوية وهو يقول:

-كيف حالكِ يا عزيزتي ؟ ولماذا لم تتصلي بي منذ فترة ؟ وما الذي تفعلينه هنا يا (رهف)؟

********

ضحكت (نورا) من قلبها عندما دخلت متأخرة إلى المكتب البحث الجنائي, فوجدت (أمير) ينظر إليها وهو يقف على الباب مكتبه وبيده

كوب القهوة الخاصة به, فرفعه إلى الأعلى وكأنه يدعوها إلى مشاركته فيه.

وبالفعل تقدمت نحوه, ودخلا المكتب وكانت هب البادئة بالكلام:

-هذا يعني أنني من قمت بحل هذه القضية, أليس كذلك؟

فأجابها (أمير) وهو يهز رأسه بالموافقة:

-بكل تأكيد.

فقالت له:

-والآن أريد أن أعرف منك, متى بدأت تشك بالأمر؟

فجلس (أمير) على كرسيه, وبدأ في الكلم بثقةٍ شديدة:

-منذ اللحظة الأولى التي قرأت بها عنوان ملف القضية (عملية سم البوتيولزم) و وجدت أن القضية لم تحل وأنه ثم اعتبار موت الضحية

طبيعيًّا مجازًا, وكنت في هذا التوقيت أريد أن أشغل نفسي بأي شيء كي أتقبل حياتي الجديدة هنا بالمدينة, فتعمقت في قراءة أوراق القضية

ومعرفة تفاصيلها ثم حان وقت مقابلة أبطالها, وكان من الطبيعي أن أبدأ بالزوجة وبالفعل ذهبت لزيارة (نانسي) وتعرفت عليها, وكانت

أول ملاحظة عابرة أنها تحب أن تشرب (اليانسن) البارد.

وهنا ضحكت (نورا) وردد نفس عبارتها التي قالتها بالأمس :

-من المشروب الذي يشربه الشخص تستطيع أن تحدد هويته.

فنظر إليها (أمير) بامتنان ثم أكمل:

-وبعد ذلك قابلت بقية أبطال القضية واحدًا تلو الآخر حتى ذهبت لزيارة (فارون) مصادفة بحثًا عن (رهف) التي لم يكلف أحد نفسه عناء

محاولة الحديث معها, وحينها لاحظت أيضًا أنه يشرب (اليانسون) البارد, وفي نهاية اللقاء قال لي أنها إحدى العادات السيئة

التي تعلمها من أبيه, ولكنني لم أربط بين الواقعتين ربما بسبب تفكيري في الأحداث الكبيرة مع أنني على يقين بأن حل كل قضية يمكن

في التفاصيل الصغيرة.

ثم سألها:

-هل اعترفت؟

فأجابته (نورا):

-نعم وبالتفصيل, لقد كانت الغيرة الشديدة هي محركها الأول وبحثها عن الثراء السريع لذا ما أن وجدت ( رهف) أن صديقتها (نانسي)

قد تغيرت حياتها إلى الأفضل من الناحية المادية حتى خططت لقتلها هي وزوجها والحصول على أموالها, وذلك عندما ذهبت لزيارتها عدة

مرات, وفي المرة الأخيرة افتعلت مشاجرة مع الخادمة (انتصار) وجعلت (نانسي) تطردها ثم توجهت مع صديقتها إلى رحلةٍ

بحرية, وهناك ألقت بها من على القارب بعد أن وضعت لها المخدر في العصير, وانتظرت حتى عاد (رشيد) من السفر و وضعت له السم

في طعام العشاء بعد أن أوهمته بأن (نانسي) ذهبت لتحضر له هدية, وانتظرت حتى تدهورت حالته ثم أخذته إلى المستشفى, وانتحلت

شخصية زوجته وهي على يقين من أحد لن يتمكن من اكتشاف الأمر خاصة بعد أن طردت (انتصار) وزرجها, ولكن العادات التي لا يمكن

التخلي عنها, فكوب من (اليانسون) البارد أسقط الحرباء في قبضة العدالة.

فعلقت (نورا) قائلة:

-الغريب في الأمر أنها لم تكلف نفسها عناء تغيير ملامحها لتصبح أكثر شبهًا بــ (نانسي) فكان على الأقل بإمكانها أن تقص شعرها نفس

القصة, وتغير لونه وتضع على عينيها عدسات زرقاء.

فقال (أمير) وهو يشعل سيجارته الأولى لهذا الصباح:

-إنه الغرور المفرط, ولذلك أطلق عليها (سامح) اسم الحرباء لأنها غيرت شخصيتها, وأنا لم أكن أعي ما يقصده بذلك.

ويبدو أن (نورا) قد لمحت شبح ابتسامة على وجه (أمير) ولكن عندما دققت النظر أكثر تأكدت أنه لم يكن يفعل.

***********

تمت



********
والحمدالله حمدًا طيبًا وصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله علية وسلم

كيف لقيتوا الرواية ????
ان شاء الله عجبتكم

********

تحياتي لكمـ الكاتبة /// r.t.2002






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:11 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.