آخر 10 مشاركات
حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          398 - لن تسامح - داي لوكلير (الكاتـب : سيرينا - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رواية الورده العاشقه " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : sapphire - )           »          أنثى من ضوء القمر **مميزة ** (( كاملة )) (الكاتـب : هالة القمر - )           »          أنات في قلوب مقيدة (1) .. سلسلة قلوب مقيدة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree829Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-03-19, 08:28 PM   #731

ورود المحبه

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية ورود المحبه

? العضوٌ??? » 398864
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,135
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » ورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond reputeورود المحبه has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
افتراضي


ولا يهمك غاليتي أخذي راحتك وربي يكتبلك الخير


shezo likes this.

ورود المحبه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-19, 11:11 PM   #732

زمردة عابد

كاتبة في منتدى قصصمن وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية زمردة عابد

? العضوٌ??? » 433039
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 637
?  مُ?إني » 💜💜
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » زمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond reputeزمردة عابد has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وكلّ مَا يأْتِي مِن الله جَمِيل فَالحمْدُ لله دائما -------------------------------------------- ايتًها الّصامتة .. مسَاء الخَير لعَيْنيكِ ، ليديكِ ، لشعْركِ المبعْثر ، لكنزتك المُضْحكة ، لأنامِلك ، لقلمك ... ---------------------------------------
افتراضي

لو عليا اغني اغنية وردة
"وحشوني .. وحشوني .. وحشوني .."
لان وحشني فعلا جلال وشمس
لكن انقطاع النت ما فرقني عنهم اولا ، ثم انشغالي بروايتي الجديدة
لكني مع ذلك لم انساهم ، وها انا اعود لاستكمال قصتهم
قصتهم التي آلمت قلبي حتى اصابه اليأس ان يعودا معا مجددا

فصلين كانا ما في انتظاري
وفصلين عاينت فيها الاوجاع اولا ، بما حدث لجلال ، ثم قلة حيلة شمس ، ثم بكاء الام على حال ابنائها ...
و شعرت بالغضب ، من تيم وما آل اليه حاله من انانية ، وحزنت عليه بعد ان كنت اشفق عليه ، حزنت انه قتل كل شيء لاجل شمس حتى اخيه
شعرت بالغضب من الام بل وكرهتها ، ولم اعطي بالا لمبرراتها
لاعود فأحزن بشدة على رحيلها ، حزن استمر. واستمر مع يأسي الذي يزداد بان يصل اي حد لبر الحياة
ثم السعادة
سعادة حقيقة في النهاية باجتماع شمس وجلال
وافاقة تيم اخيرا لحياته اولا قبل اي احد
حياة سيبنيها من جديد مع من تحبه حقا وهنا احببته مجددا بعدما ظننت انني حقا كرهته للابد

فصلين استمتعت بكل تفصيلة فيهم ، وشعرت بمختلف المشاعر فيهم اشكرك كثيرا عليهم ياسمينة
واعتذر حقا لتأخري عليك

سلمت يمناك مرارا جميلتي على ترنيمة حب تملكت قلوبها
وبانتظار نهايتها بفارغ الصبر

لك ودي وقبلاتي ❤
دمتي بخير عزيزتي 🌹🌹

shezo likes this.

زمردة عابد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-03-19, 09:48 PM   #733

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

مسااااء الورد والياسمين على اصحاب القلوب الحلوووة.💕
shezo likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-03-19, 10:02 PM   #734

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأسيرة بأفكارها مشاهدة المشاركة
مساءك سعادة سميتي...
شكرا لإعلامنا جميلتي....
ويسر الله جميع أمورك وسهلها ياسمينتي وخذي كل وقتك...
دمتم بأمان الله وحفظه...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عشقي بيتي مشاهدة المشاركة
ولووووو براحتهاحبيبتي ام رائد على اقل من مهلهااهم شي ان شمس رجعت لجلال هههههههه اذامانقدرظروف كاتبتناالمتألقات يعني مانستحق نقرألهن كتاباتهن الرائعه والمبدعه وموفقه حبيبتي ام رائد وسميه الغاليه احنامنتظرين على احر من الجمر
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44 مشاهدة المشاركة
ولايهمها مقدرين ظروفها عشوقة

وشكرا لكى لتنبيهنا

وبانتظار الفصل باى وقت


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ورود المحبه مشاهدة المشاركة
ولا يهمك غاليتي أخذي راحتك وربي يكتبلك الخير




يسعدلي ايامكم وحياتكم حبيباااتي.....ويسلموووا على تفهمكم
وبإذن الله الفصل الاخير واطول فصل مع الخاتمة بينزل هذا الاسبوع وبأحداث ماتوقعتوها لحد هذه اللحظة

لأني ياسمينه ....ملكة التراجيديا زي ماقالت حبيبتي سيمو
والاحداث لسه جااااية..
وزي ماقلتلكم....باقي تكة بسيطة ونوصل للنهاية

القاكم على خير بإذن الله

shezo likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-03-19, 10:39 AM   #735

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الوفاء مشاهدة المشاركة

بارتات راااائعـــة
سلمــت أناملـــ? ياسمينة
طبعا دموعـي لازم تنزل بكل فصل

تيم في مواقف أعماه حبه لشمس
وغلبت عليه أنانيته
لدرجة صارت تصرفاته وكلامه جارح
ولم يعد يفرق بين الصح والخطأ
لكن تدارك نفسه قبل أن يصبح
مثل والده
واقتنع أن ما له نصيب في شمس
قلبها ملك لشقيقه اللي يحبها بجنون
فكان أفضل حل أن يطلقها
ضحى بقلبه وهو أصلا إعتاد على التضحية
من أجل شمس منذ الأحداث
اللي تلت خبر وفاة جلال
المهم بالأخير استسلم وانسحب من حياتهم

وها هي شمسك يا جلال
ستشرق وتضيء حياتك

بانتظار النهاية
..

صباحك مسرات وخير أميرتي ...
إن شاء الله ماتنزل دموعك مع الخاتمة ،وتكون الابتسامة مرسومة على وجهك وقلبك الجميل...
وبانتظارك بإذن الله مع الاحداث الاخيرة والنهاية ...
يسلموا أميرتي..
ودمت بحفظ الرحمن🌹

shezo likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-03-19, 10:42 AM   #736

عشق الياسمين

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقاصّة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء،حارسةوكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب وقلم مميزبالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية عشق الياسمين

? العضوٌ??? » 420989
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,922
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » عشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond reputeعشق الياسمين has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ڤيولييت مشاهدة المشاركة
لو عليا اغني اغنية وردة
"وحشوني .. وحشوني .. وحشوني .."
لان وحشني فعلا جلال وشمس
لكن انقطاع النت ما فرقني عنهم اولا ، ثم انشغالي بروايتي الجديدة
لكني مع ذلك لم انساهم ، وها انا اعود لاستكمال قصتهم
قصتهم التي آلمت قلبي حتى اصابه اليأس ان يعودا معا مجددا

فصلين كانا ما في انتظاري
وفصلين عاينت فيها الاوجاع اولا ، بما حدث لجلال ، ثم قلة حيلة شمس ، ثم بكاء الام على حال ابنائها ...
و شعرت بالغضب ، من تيم وما آل اليه حاله من انانية ، وحزنت عليه بعد ان كنت اشفق عليه ، حزنت انه قتل كل شيء لاجل شمس حتى اخيه
شعرت بالغضب من الام بل وكرهتها ، ولم اعطي بالا لمبرراتها
لاعود فأحزن بشدة على رحيلها ، حزن استمر. واستمر مع يأسي الذي يزداد بان يصل اي حد لبر الحياة
ثم السعادة
سعادة حقيقة في النهاية باجتماع شمس وجلال
وافاقة تيم اخيرا لحياته اولا قبل اي احد
حياة سيبنيها من جديد مع من تحبه حقا وهنا احببته مجددا بعدما ظننت انني حقا كرهته للابد

فصلين استمتعت بكل تفصيلة فيهم ، وشعرت بمختلف المشاعر فيهم اشكرك كثيرا عليهم ياسمينة
واعتذر حقا لتأخري عليك

سلمت يمناك مرارا جميلتي على ترنيمة حب تملكت قلوبها
وبانتظار نهايتها بفارغ الصبر

لك ودي وقبلاتي ❤
دمتي بخير عزيزتي 🌹🌹
وإنت كمان وحشتيني جدااااااا غاليتي..
ومبرووووك الرواية الجديدة ،بس لاتنسينا من الدعوات ..حابة بإذن الله أتابع من البداية...
وحبايب ألبي جلال وشمس وتيم ...مستحيل تكرهوهم ...لأن قلوبهم محبة وإن كانوا في بعض الاوقات ضيعوا طريقهم...
يسلموووا حبيبتي...
ومنتظراك بإذن الله

shezo likes this.

عشق الياسمين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-03-19, 07:07 AM   #737

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


shezo likes this.

الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً  
التوقيع


"كن متفائلاً ولا تدع لليأس طريقاً إلى قلبك.."




رد مع اقتباس
قديم 11-03-19, 05:37 PM   #738

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr

مساء الرقة والهمسات الناعمة، الكلمات الدافئة والقلوب الطيبة
شوفتوني وانا كيووووت وطيوبة هههههه
الصبح استلمت الفصل الأخير الدسم المشتعل القاااااااااااتل وووووووو والخاتمة وخصوصا المشهد الأخير
لا تضربوا ما قريتهم ما قريتهم مثلي مثلكم قاعدة على نار...
طيب مين فيكم مستعد لجرعة مضاااااعفة يعني فصلين بكل المشاعر والانفعالات
ما بدكم الفصلين ماشي أنا رايحة اهو كنت راح اكسب فيكم اجر ونزلهم المساء بس شكلكم مستغنيين عنهم
فتكم بعافية راح استمتع بيهم وحددددددي

shezo likes this.

سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-03-19, 07:29 PM   #739

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
Elk

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمية سيمو مشاهدة المشاركة
مساء الرقة والهمسات الناعمة، الكلمات الدافئة والقلوب الطيبة
شوفتوني وانا كيووووت وطيوبة هههههه
الصبح استلمت الفصل الأخير الدسم المشتعل القاااااااااااتل وووووووو والخاتمة وخصوصا المشهد الأخير
لا تضربوا ما قريتهم ما قريتهم مثلي مثلكم قاعدة على نار...
طيب مين فيكم مستعد لجرعة مضاااااعفة يعني فصلين بكل المشاعر والانفعالات
ما بدكم الفصلين ماشي أنا رايحة اهو كنت راح اكسب فيكم اجر ونزلهم المساء بس شكلكم مستغنيين عنهم
فتكم بعافية راح استمتع بيهم وحددددددي

مساء الجمال والرقة سميتي...
مرحى أنا متحمسة لهما كثييييييرا....
لا لا ،لا تذهبي أنا أريد معرفة ما سيحدث...
وفي الانتظااار بشووووق....
تحياتي وودي وقبلاتي لك...
😘😘😘

shezo likes this.

الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً  
التوقيع


"كن متفائلاً ولا تدع لليأس طريقاً إلى قلبك.."




رد مع اقتباس
قديم 11-03-19, 08:52 PM   #740

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"الفصل الاخير.. من ترنيمة الفجر ......فجر تتعالى ترانيمه بين قلبين لعاشقين طال ليلهما الأليم .
فهل هذا هو فجرهم المنتظر ؟؟
وبداية حياة مشرقة بحبهما ؟؟
أم أن الفجر ............لن يكون من نصيب قلبيهما ؟؟؟
أحداث أخيرة بين قلوب عشاقنا الغارقة بمشاعر الحب والألم والأمل فعيشوا معهم بإحساسكم وقلوبكم لآخر لحن "

* الفصل الأخير*

**************
ينابيع من النور تتدفق وتفيض على قلبي لتغرقني بأجمل حياة
طالما تمنيتها وناجيت أرواحها حتى غدت الآن حقيقة أمامي ..
شمس .......حبيبتي....بروحها وكيانها واقفة أمامي تنظر لي ببتسامة مشرقة لأيام حالمة أراها في بريق عينيها الناعستين ...
تقترب مني بخطوات متباطئة وتنظر لي ...وتضم يديها لصدرها.....تمسك بقلادتي التي أهديتها لها وهي تبتسم لي وتهمس:
" لم ...استطع...!!
لم استطع.....!!
شمس لم تستطع أن تنسى حبك ياجلال،شمس لم تستطع ان تنساك ولم تستطع حتى خلع قلادتك.....
أنا لم انساك يوما ياجلال....وقلبي لم يعشق أحد سواك "
الخفقات في داخلي تنبض بقوة وتتسابق مهرولة شوقا إليها ،تصرخ بجنووون ووتنادي حتى صرخت عيناي بخوف وهي تراها تنحني نحوي وتمسك بي لتثبت لي أنما أراه ليس ضربا من جنون قد تملكني ..
" شمس ظلت تهمس بحبك في كل فجر أشرق عليها بدونك ...
شمسك تشتاق إليك وإلى سمائها.....لتشرق عليها بحبك.. "

انها حقيقة !!
وحقيقة تتأجج بمشاعرها أمامي وتهمس لي بنبضاتها قبل حروفها ،فحاولت لملمة خلايا جسدي المبعثرة وسحب أنفاس قد تعينني على الحركة والوقوف امامها وهي مازالت توصل زلزلتي :
" حاولت أن أعيش.....وأن استسلم لقدري معه ،لكني لم استطع ،ولم يقبله قلبي ياجلال "
وهوت تلك الحقيقة مندفعة ...محترقة على صدري لتزيد من زلزلتي ، بل ثوران قلبي المتدفق بمشاعره وهي تبوح لي بحبها الأبدي:
"أنا أحبك ياجلال .....أحبك.....أحبك "
فانسابت كل المشاعرة متدفقة من قلبي لجنون أحضانها ولهيب انفاسها المرتجفة والمتنازعة باعترافاتها ..فوجدت جسدي يستسلم لها وذراعي تتحركان متلهفة لاحتضانها بقوة حتى تغوص بين اضلاعه وتسكن في أحشائه وترى قلبي الخفاق بعشقها كيف قد أضناه الفراق ،لكن صوتا حارقا شديد الألم انتفض صارخا بعقلي وروحي :

((أنا لاأستطيع أن أتخلى عن شمس.....!!
لاأستطيع.....أنا لااستطيع ذلك...
واعترف لك بحقيقتي التي تدركها انت أكثر مني...
بأني كنت أنانيا....ومازلت أنانيا ..وسأظل كذلك..
انا أحببت امراءة قلبها لك ياأخي.....
أحببتها.....أحببتها كما لم أحب أحدا من قبل ،ولااتخيل ان تكون حياتي بدونها وبدون نور ...وفجر وجلال....
..أرني صدق كلامك......وارحل...
كن قويا واستعد عافيتك وارحل....ارحل وعش بعيدا وانساها.....وهي ستنساك...وسنعيش بسعادة معا..)

((أنت هو الخائن ....ياجلال !
انت هو الخائن...........وأنا لن اقف مستسلما لك وأنت تقترب من زوجتي ....................!!!
هي زوجتي انا ....!!")

(وإن .......كنت صادقا في تضحيتك ......وإن كنت فعلا أخي الذي اعرفه..................فغادر ....غادر واخرج من حياتنا )

( سامحاني.....ولاتنسيا أنكما أخوة......لاتنسيا أنكما أخوة.. ......أخوة......أخوة....أخوة !!!)

فانتفض جسدي محترقا موجوعا بسوط الذكريات وآخر الكلمات التي جعلتني ابتعد عن أحضانها كابحا فيضانا كان سيحطم آخر شيء يربطني بأخي ويزيد شمس حطاما والما ..
"ابتعدي عني !!!"

أبعدتها عن جسدي بكلتا يدي وصدري مازال ينتفض بقوة متزلزلا بالمشاعر التي تتصارع في داخله مابين شوق ونار....وحنين وفراق...واشتياق ووداع ..!!!
أبعدتها عني وقلبي وعقلي قد اختار ......واختار النار رغم الألم والفراق رغم قرب اللقاء ..والوداع رغم المرار....
فحبيبتي الحارقة بحبي ماهي الا زوجةلأخي،اخي الذي طلبها مني.........وأنا لن أنسى ذلك......لن انساه كمافي تلك اللحظة ...ولن أحرمك منها ياتيم.....ولن أخونك ياتيم كمافعلت بي......لن أنسى أننا أخوة ياأمي.....لن أنسى .وسأختارك للمرة الثانية ياأخي ...
لن أغرق معك يا جنتي في عشقنا ....ولن اختار قلبنا....
وسأختار نيران الهوى ولوعة الفراق...
وهنا..........هنا سأنهي عشق جلال في قلبك كما بدأته ...
والفجر الذي شهد على حبنا سيشهد مجددا على فراقنا وللمرة اﻻخيرة...
لأجلك ياتيم......لأجلك.....ولأجل الحب الذي كان بيننا ياشمس لن اسمح لك بطوال عذابك معي في حب مستحيل له اللقاء ....
دام أن اخي بيننا .....ودام أن العذاب مصيرنا ..
نعم .....أنه الفراق !!
*********************
ودعتهم وودعت آخر شعاع أمل لي في حياتي بينهم ، تركت حبي وأطفالي وكل أحلامي معها وغادرت القرية منتزعا لروحي منها ،ولم أكن أتوقع يوما أن يقتلني فراقها كما اشعر الان ...
قلبي محطم مهشم تدوس عليه الذكريات وحرقة الفراق ،ودعتهم وتركلت روحي معهم ،وأنا الان سأرحل مسافرا في طريق لاأدرك نهايته ...!!
"وداعًا يا شمس.....وداعاً ياحبيبة القلب اﻻسير...وداعا ياحورية القمر الحزين .....وداعا ياأحلامي وحياتي الجميلة "
الليل قد انجلى ،والفجر قد أبلج بنوره السماوي ،وعيناي تحاولان مقاومته وعدم معانقته ونسيانه....وأصوات الحياة أخذت تحاصر طريقي الطويل ...
لكن نور الشمس قد انبثقت من مشرقها وسطعت عاليا مبتسمة متلألأ من خلف الجبال البعيدة ،والحياة من داخلها قد تفجرت بقوة لتذكرني بها وبأجمل فجر رأيته في وجهه..
-" تبدين اليوم مشرقة وأجمل من الشمس بذاتها...ولابد من أنها تغار الآن ولن تشرق بوجودك."
-" حقا......وبهذا الشكل ؟!!
مستحيل......
فمازالت آثار الكحل ترتسم على عيني بسوادها "
-"إنه أول فجر أراك تضحكين فيه لي منذ أن تزوجنا ،بل منذ عرفتك
وابتسامتك جميلة .....ساحرة... كشمس الربيع ..... تشرق ببطء وتتسلل بدفئها وحبها الى القلوب.."))

فتبسم قلبي بسعادة لذكرى من ودعتها و ذلك الفجر الأول والأخير ،وتجمعت الدموع الحارقة لآخر مرة تنحدر على وجهي مع سطوع اشعة الشمس التي عانقتني حتى حاصرتني وأجبرتني على خفض نظري عنها مع تعالي صوت قوي ارتفع من حولي لينذر بوجود سيارة اخرى أمامي تطير مسرعة نحوي فحاولت تفاديها متسع العينين رغم ضوء الشمس الذي لم يفارقني وانحرفت مبتعدا من طريق السيارة الاخرى ومحاولا السيطرة على سيارتي التي انحرفت بل انجرفت محطمة السياج باتجاه الهاوية ...فتسقط بي وتهوي في الهواء ...كما تهوي بي الذكريات عاليا بين أيامها وسنونها .....ثم تصتدم بالارض لتتحطم بي في تقلباتها وأنا اشعر بجسدي يدور ويتهاوى ضاربا بكل ماحوله وكل جزء في يتهشم كما تتهشم الحجارة .... حتى استقرت وتوقفت ..... !!!
حاولت فتح عيني المثقلة بالدماء ...ولم استطع ..........لم استطع فتحها ...فقط مجرد مساحة ضيقة ماسمحت به عيناي لرؤيته... وكل مااستطعت رؤيته .. هو....حطام ملىء بالدماء وقطع اخترقت جسدي وشظايا الزجاج المهشم يدميني ،وكل أضلع صدري قد اطبقت علي حتى اختنقت أنفاسي مع نور الشمس الذي مازال يتتبعني بصوتها الحاني الذي ودعتني به :
" وداعا ياتيم....وداعا يا رفيقي الغالي .....!!"
فحاولت تحريك يدي المرتجفة ألما وهي مثخنة بالجراح الدامية نحوها....
نحو من مازالت تعانقني وتهمس لي باشراقة جديدة ..
"شمس !!!"
**********************
" جلال. ....!!!"
عينان مشتتان خائفتان صارتا تبرقان بالألم ،ويد مرتجفة ترتفع نحوي ثم تعود خاوية لتنقبض على صدرها لمى رأته من صد وهجر تصرخ به عيناي وقلبي .
فاعتصرت حبي وقلبي وعشقنا في داخلي ودفنته في غيابات القلب وأنا أهتف بحدة مع جنوني المتعالي من داخلي لتفهم وتقتنع وتعود إليه حتى وإن تألمت وإن قتلت حبي في قلبها :
"ماالذي تفعلينه هناااا ؟؟؟
ماالذي تفعلينه ؟؟؟ "
تراجعت بخطواتها قليلا ربما من حرقة صراخي واهتزت عيناها كما شفاهها التي تتحرك بارتجاف :
" جلال .....أنا......أنا..... وتيم ....!!"
فصرخت فيها مقاطعا لها بنار المصير المحتوم التي تنتظرنا وطوفان الغضب والقسوة يسيطران على عيني المحترقتين بالألم لمى سأفعله بقلبي قبل قلبها :
" انت وتيم عليكم أن تنسيا وجودي....
وانت بالذات .....انت بالذات ياشمس عليك أن تنسي بأني عدت لحياتك ....وانه من الممكن أن نعود لحياتنا ونعيشها كما الماضي "
فاهتزت معالم وجهها باتساع عينيها و ببتسامة مترددة غير قابلة لمى اقتلها به قالت :
"لا ياجلال......أنت لاتعرف !!"
فأكملت مابدأته به بحدة :
" أنت اسمعيني .....أنا أحبك.....واعترف بذلك....لكن لقاؤنا مستحيل .......مستحيل أن نعود كما كنا......حتى لو افترقت انت وتيم......وحتى لو قررت تركه لأجلي ياشمس ، فمستحيل ان نعود لبعضنا !!!"
جفلت بألم وابتعدت اكثر ورأسها يتحرك يُمنة ويسرة في صدمة... كأنها تنفض ما تظنه وهما وهو نار وحقيقة وعذاب يموت به قلبي وقلبها، فأكملت جنوني صارخا وممسكا بيديها بقوة قبل أن أضعف لمرأى تلك الدموع التي أخذت تتجمع في مقلتيها :
" مستحيل ياشمس....مستحيل....
لأن مابيننا لايمكنه أن يختفي ولا أن يمحيه الزمن ...مابيننا هو أخي ...وطفل منه ،وأنا لن أستطيع نسيان ذلك حتى لو بلغ حبي لك ... عنان السماء......لن أستطيع..."
فهمست بارتجاف متعالي مع دموعها التي اخذت تتناثر وهي تبعد يديها عن كفي وتمسك برأسها وتصم مسامعها وتعتصر عينيها :
" لا...لا...لاتقولها....لاتقتلني ....لاتفعلها
أنت....تكذب ياجلال .......أنت تكذب ...تكذب ....."
تفطر قلبي النازف من ألمها وتناثرت دمائه مع دموعها ،بينما جرعة اخرى من الألم تنتظرها، مخرجا اياها من حشايا قلبي المتنازع بها :
"بلى......أنا لاأكذب....جلال عبد القادر مستحيل أن ينسى أن حبيبته قد لمسها رجل آخر سواه ....
مستحيل أن ينسى بأنها قد نامت في أحضان رجل سواه...."
-"توقف...توقف ...توقف !!!
فزدت جرعة الألم وأنا اقترب أكثر وأمسك بيديها مجددا وأهزها بعنف لتراني مجبرة وتستقبل بهمس حارق آخر خناجري الدامية و المستلة من قلبي مع كل أوجاعه النازفة :

"جلال..........جلال مستحيل .....أن ينسى بأن شمس ...قد سكنت في سرير رجل سواه......وذال الرجل ماهو ........الا اخاه...تيم!!"
لن استطيع..... ان انسى ذلك ياشمس....لن استطيع أن أنسى الخيانة...... حتى وان عرفت بأنه كان بالأكراه......!!!"

فتحطمت عيناها من شدة اتساعهما والالم الذي يقفز متفجرا منهما كالدماء المهدورة وهي تصرخ اخيرا مبتعدة عني ومحررة نفسها مني وربما من عشقي :
"لااا.....مستحيل ..... يكفي......يكفي.....توقف!!!!"
وانهارت بكل مافيها من جروح وأحزان شاهقة بدموعها وصارخة بالألم بصوت طغى على ترانيم الحياة من حولنا ،وجعل كل القوة التي اصطنعتها امامها تخور في لحظات وأنا أكمل جريمتي الاخيرة في حقها والدموع تحترق بغليان في قلبي وتحت أجفاني وأنا اقول مجهدا ...محطما ......لايرغب بالحياة :
-"لا ...لن اتوقف.....ولن اصمت.ياشمس...فأنت يجب ان تدركي الحقيقة التي تتجاهلينها......
جلال عبد القادر رغم حبه لك .....لن يستطيع ان ينسى...
لأني بشر ياشمس ......بشر....ولأنني .....لأنني لست تيم !!!
لست تيم .....ولن أتمنى العودة لامرأه كانت في يوما ما ....ملك لرجل سواي....."

فانتفضت واندفعت نحوي بكل بحرها العاصف تضرب صدري بكلتا يديها الضعيفتين وامواج دموعها تواري الوان الحياة في عينيها وتغرقها ...صارخة امامي ...متهدجة بألمها ..ممطرة اياي بأمواجها المنكسرة على صدري:
"مستحيل ياجلال .....مستحيل أن تكون...هذه الحقيقة...مستحيل....
انت تفعل هذا من أجل أخاك.....مستحيل ....مستحيل...أنت تكذب....نعم تكذب"
فتركتها تضرب صدري وتفجر ألمها .... تحترق بأنفاسها وشهقاتها ووشاحها الذي قد انسدل عن شعرها والبرق والمطر والرعد وكل مشاعر الوجع والألم تصرخ في ملامحها وهي تنظر الي وتغرق في حرقتها مع آخر كلماتي المتصدعة من حنايا القلب وانا أمسك بيديها وأبعدها عني :
"للأسف......هذه هي الحقيقه.....وعليك ان تدركيها جيدا....
حتى لو آلمتك......حتى لو جرحتك.....ولو تعذبتي...
جلال ليس مثل تيم ........ليس مثل تيم ..!!
واعلمي أن مجيئي اليكم في تلك الليلة....عندما اتيت لمنزلنا واحتضنتني بحبك واشواقك ماكان إلا لأجل وداعك واخبارك بالحقيقة قبل أن أرحل .....
وليس لأني أريد العودة لك !!
فعودي إليه والى اطفالك وارضي بحياتك لأنه...... لاحياة لك مع غيره.....ومعي انا بالذات...!!!
هذا القلب قد قرر أن ينساك ....وينسى عشقه الحارق له لأنه اصبح مستحيلا....
سأنساك وسأرحل.....سأعيش حياتي .......وسأتزوج بأمراءة اخرى تكون ملكا لي ........لوحدي فقط ياشمس...
سأتزوج........ وأبقى واقاوم ....فعودي اليه لأجل أطفالك ولاتخسريهم .......وتخسري اخر شيء جميل في حياتك...
هل فهمتي.....هل سمعتي....
عودي لتيم ....وانسي وجودي في حياتك واعتبريني..............................م جرد ذكرى !!! "

ثم تركت يديها لتنساب مع دمعاتها ومع حبها لي وعشقها وآخر فصول الوجع بيننا لأبتعد عنها خطواتي المنهزمة وبجسدي وبقلبي المحترق واتجاوزها وهي جامدة ،وا سمح لدموعي ان تعلن ضعفها وغضبها وألمها مما فعلته بقلبها وبقلبي وتحفر في وجهي وقلبي سراديبا من الألم مع اشعة الشمس التي ترتفع لتغمر وجهي صارخة بي ومعاتبة الما لن ينتسى وجعه و لن ينبرأ سقامه .....فصرخ قلبي سرا لها مناجيا للشمس باسمها وبحبها وبقسمها حتى آخر نفس فيه :
"قسما... بمن خلق الكون في علا والشمس في سمائه وهذا القلب في ظلماته أن لن تكون لي إمراءة سواك ياشمسي...
ولن أعشق سواك ياحبيبتي......
بل تحرم علي نساء الأرض من بعدك....والحب من بعد فرقاك يافجري .....
فوداعا ياحبيبتي......وداعا "
اقسمت بجوارحي وبكل ذرة تكورت في جسدي وتحطمت وتفتت نارا وألما وانا أسمع أنينها وانهيارها المحروق..
فجررت قدماي مبتعدا وصوت ألمها عاد يتعالى وهي تتعذب وتنتزع الروح بخناجري صارخة :
"لااااااا........لا.....ياجلال...� �ا...
انت لست كتيم ياجلال....لست كتيم ..
تيم مستحيل أن يقتلني.....مستحيل أن يقتل شمس..
تيم تركني لأجل أن أحيى .......وأنت قتلتني ......انت قتلت هذا القلب ياجلال...قتلته..
شمس تبكي ياتيم......شمس لم تشرق....شمس لن تبتسم ابدا كما قلت.......
توقف يا قلبي.......توقف....آه ياقلبي
آآآآآآآآآآآآآآآآه " !!!"
**********************
"آااااااااااااه يا قلبي....
أخبرني ....ماالذي حدث بيننا...؟؟
أخبرني..... لمى صار يكرهنا...؟؟؟
ولمى خان وعودنا...؟؟
وصار عشقه يؤلمنا....؟؟
آااااااااااااه ياقلبي.....
حبيبك ......لايريدنا...
وللموت ..... قد سلمنا ....
فابكي ياقلبي.....ابكي
ابكي حبيبا......... قد هجرنا ..
وابكي بصمت.... ولاتشتكي..
فوجعك ..............قد صار قدرنا

******************
صوت سقوط مدوي كان اقوى على قلبي من تلك الكلمات المتنازعة بالألم.....
التفت ببطء وتوجس وقطرات الدم في داخلي تنسحب مجتمعة من كل عروق في جسدي وتصب فجأة في قلبي لتندفع فجأة متفجرة في كل مكان في هذا العالم ومن عيني المتفجرتين بالدموع المهلوعة أنا ارى شمس ....حبيبة القلب ......
مرمية على نفس الأرض التي جمعتنا في ربيع عمرنا
واحيتنا....
لكن....
هذه المرة كانت حبيبتي
منهارة بدموعها ...منقطعة الانفاس و بلا حراك !!
فانتفض جسمي كلّه فجأة... و الخفقات التي كانت تهرول في قلبي بألم صارتْ تركض مهلوعة.. بأقصى سرعة حتى
تعثر قلبي الراكض و انزلق أرضا بعنف... جراء مااراه امامي...!!!
كنتُ مذهولا ...والدموع قد تحجرت .... لا أعرف و لا أدرك ما يحصل أمامي...
"شمس !!!"
صرخت ُ فزعا... و أنا ألتقطها بين ذراعي فجأة و أضمها إلي وأنظر لها بضياع وبقلب منشطر لنصفين وهي بين يدي كقطعة من القماش المزرقة , كورقة خريف مصفرة فارقت شجرتها
أشعر بجسدها يتهاوى بين ذراعي منفلتا مع شعرها و انفاسها التي لم اعد اشعر بها و...........ويداها التي ارتخت حتى هوت ارضا ...
فأمسكت يدها برجفة ...وضغطت
عليها بقوة وقلت بهمس مقطوع انفاسه :
"ش...مس.....اجي...بيني "
لكنها لم تجب ولم تحرك شفاهها المزرقة... ولم تفتح عينيها , فحضنتها بقوة وقلت بصوت مخنوق مرتجف كما اوصالي :
"لا يا شمس..... لا تفعليها بي ... شمس أرجوك "
ثم صرخت منفلتا بخوفي وانفعالي :
" شمس....... ما بك ... شمس أجيبيني
أجيبيني يا شمس... ..أرجوكِ... "

و أنا أهزها بعنف محاولا إيقاظها... لكنها... بدت كالميتة....
تزلزل قلبي تحت قدمي بجنون وخوف مرتاعا و صرختُ مذهولا:
" لا ياالهي.....لالا... .."
و أنا مستمر في هزّها بعنف دون جدوى...ودون وعي مني
أحتضنتها بقوة ودسستها بين ضلوعي أترجاها أن تجيب أن تنظر إلي ....
ودون فائدة , أبعدتها عن حضني أتلمس يديها ووجهها ... كل شيء بدى شاحبا بلا حياة ... فضغطت بيدي على قلبها بقوة ولم أشعر بأي نبض،فجمعت ماتبقى من قواي المنهارة التي جعلتني أغمض عيني بشدة وألم ومررت أصابعي ببطء على عنقها فأحسست بنبض ضعيف جدا اعاد لي جزء من أنفاسي ،وفي خضم هلعي التمعت القلادة الساكنة في جيدها متلألأة تذكرني بعشقها ووفائها لي وكلمات امي..
(صدقني لم أدرك أني أقتلهم إلا عندما رأيتها... عندما كانت تنظر من نافذتها للفجر الذي يبزغ وهي تمسك بقلادتها ..وتهمس باسمك.....)
فاعتصرت دموعي وألمي ثم نهضت بها كالمجنون للسيارة وغادرت بسرعة جنونية للمستشفى وجسدها يترامى على يدي التي تقودان بهلع حتى وصلت المستشفى ونزلت احملها بين ذراعاي وأركض بها الممرات
صارخا بكل صوتي " ممرضااااات ....ليأتي أي أحد منكم "
خرجت اثنتان تركضان نحوي لأخذها وادخالها للطوارئ ..فوضعتها على احدى السرائر الفارغة واقترب طبيب منها واخذوا يفحصوها وهي بلا حراك وأنا واقف بارتجاف احاول لملمة كل خلية متبعثرة في جسدي وقلبي المنشطر حتى هتف الطبيب عاليا :
" انقلوها حالا للعناية المركزة، انها تعاني من أزمة قلبيه !!!"
فأحضروا سريراً ووضعوها فيه وركضوا بها جهة المصعد وأنا جامد في مكاني ارى شمس وهي تختفي مع تلك الكلمات الاخيرة التي نطق بها الطبيب تصفعني مع هتاف احداهن.!!
"تعاني من أزمة قلبيه.....ازمة قلبيه....أزمة قلبيه !!"
-"دكتور ....هذه المريضة تتبع الدكتور صادق منصور وهي مريضته..."
-"استدعوه اذا على وجه السرعة !!!"

فتحركت قدماي بجسدي بلا وعي خلفهم وكل حواسي لاتشعر إلا بجسدها الذي مازال منهارا متنازع الانفاس على صدري حتى وصلت لغرفة العناية المركزة ......
فادخلوها وتركوني خارجا وحيدا بلا روح ...
فاستندت بجسدي المحطم على الجدار وتهاويت أرضا بأنفاسي ودموعي وانا اعتصر قلبي المقتول بالألم واصرخ به محررا إياه من سجنه الذي لم ينتهي :
"سامحيني ياشمس...سامحيني ياحبيبتي...انت ...أنت ظللت وفية لي ولحبي رغم كل عذابك وأنا...انا لم استطع الوفاء لك وارجاعك زوجة لي....لم استطع ...لم استطع ......لأنك ......كنت حبيبة وزوجة لأخي...
لأخي الوحيد......الذي قتلني بحبه لك...
اقسم لك لو أني....لو أني عدت ووجدتك زوجة لرجل غيره.... لأنتزعتك منه انتزاعا وأعدتك الى أحضاني ،بل وقتلته إن رفضوا ذلك....
لكن.......لكن ......كان ذاك أخي !!!
كان زوجك أخي........أخي ياحبيبتي....
وأنا لم أستطع.....لم استطع انتزاعك منه ولاانتزع الحياة منه...
وقتلتك مجددا .....ورفضتك مجددا .....وأنا أقتل قلبي معك........وانهي حياتي معك.....لأجله.......لأجل أن تعودي اليه ...... ياترنيمة فجري....
كان علي أن ارفضك......واقتل حبي في قلبك لتنسيني وتعيشين معه ، لكن ليس لتموتي...
لاتموتي ياشمس....لاترحلي.....لاتجعلي مني قاتلا لك...لاتفعليها بي......لاتحرميني حتى ......حتى من الاحساس بوجودك في الحياة ...
أرجوكِ......
أرجوك َياالهي.....لاتاخذها......لاتح� �مني منها ...اتوسل اليك.....خذ حياتي بدلا عنها وارحمني انا...ارحمني ولاتفجع قلبي برحيلها...ارجوك... "
**************
تلقيت اتصالا عاجلا في الصباح الباكر يحمل فاجعة لقلوبنا ،مما جعلني انتفض واذهب الى المستشفى مع ريم وحالة من الالم والهلع تعترينا ،وكان اتصال من أحدهم ومن رقم تيم اخبرنا فيه وللأسف بالفاجعة المريرة !!!
حاولت الاتصال بجلال وبشمس لكني لم استطع ذلك ،ولاأحد يجيب ،لهذا ربما اتصل الرجل برقمي انا....!
وصلنا الى المستشفى ودعاؤنا يسبقنا وعرفنا بأنهم قد أدخلوا تيم الى غرفة العمليات مباشرة وعرفت بعد استعلامي من الطوارئ بأن حالته كانت حرجة وبين الحياة والموت !!
ريم دخلت في دوامة من البكاء والنحيب على تيم ،أما أنا فظللت أجوب الممر ذهابا ومجيئا مفلوق الهامة والفؤاد واستمر في اتصالاتي حتى توقفت خطواتي أمام مارأته عيناي متسعة مذهولة ...
"جلال !!"
كان جالسا على الأرض بل منهارا منزويا يحتضن ساقيه ورأسه بقوة والضياع والألم هي حالته ..
"ياالهي....لابد بأنه قد عرف بحادثة تيم "
اسرعت نحوه وهتفت باسمه مرارا لكنه لم يجبني ولم ينتبه لوجدي بجواره ....فقط نظراته معانقتان للارض!!
هززته من كتفيه بقوة حتى رفع رأسه و التفت اخيرا نحوي بوجه مصفر منعدمة الحياة فيه وعيناه كليلة عاصفة ممطرة لايرى فيها شيء سوى ألم السماء !!
"جلال .......صديقي ...تماسك وكن قويا . "
فظلت عيناه الغارقتان بالألم على حالها من الضياع فقلت بأسى يتملك صدري :
" هذا هو قدره ،ولا نملك بأيدينا سوى الدعاء ..فهذا اكثر مايحتاجه تيم الآن !!!"
فاتسعت عيناه بقوة وبرقت كالصاعقة بقوة و بخوف مع ملامح وجهه التي اضطربت وتكهربت ثم همست شفتاه بارتجاف واختناق:
"ت.....تيم !!!
قلت.......تيم ؟!!!!!!!"
لم أفهم سبب اضطرابه وامتقاع وجهه اكثر ،وكأنه....وكأنه لايعرف بحادث أخيه ،أو ربما ....الصدمة قد أثرت عليه ...!!
فنهضت من جواره بارتباك وقلت له :
"ألم تعرف بما حدث ؟؟"
فنهض مستندا الى الجدار يحاول الوقوف متهالكا بكلماته :
"ماالذي .....حدث ؟؟"
وقبل أن أتكلم كانت ريم قد رأته وأسرعت نحوه مندفعة الى صدره بنحيبها وشهقاتها حتی ترنح بجسده للخلف :
" جلال .....تيم يموت ياأخي ....تيم يموت "
فهمس بارتجاف وعيناه نحوي تستنجدان بي مع كل الدموع التي تلتهب في عينيه :
-"ماذا ؟!!
-"للأسف ......لقد احضروه الى هنا بين الحياة والموت ،بعد ان انحرفت سيارته وسقطت في الوادي كما يقولون "
أبعدها عن صدره ببطء والموت المحقق على وجهه وصار يتحرك نحوي هاتفا بذهول وعيناه تنفطران دما ودموعا:
"انا...... لاافهم
مروان .....قل شيئا .....تكلم أنا لاافهم شيئا .....لا افهم "
فتأكدت بمالايقبل الشك أنه لايعرف الخبر ...تبادلنا النظرات المحتارة والمحترقة انا وريم في عجز عن قول شيء حتى جثت ريم ارضا تضرب بيديها صدرها ونحيبها يعلوا باسم تيم فقلت له :
"للأسف شقيقك تيم ....تعرض لحادث مريع في طريقه الى المدينة .....وهو الان في غرفة العمليات ياجلال ...ولانعرف شيئا عنه سوى أنه وصل الى هنا......وفي حالة خطرة !"

وكأن الزمن توقف به عند هذه اللحظات، بل معالم الحياة انسحبت من صدره ...وكأنه .....كأنه مات واقفا بيننا منعدم الانفاس والحواس ...لاشيء فيه يتحرك سوى.....سوى الدموع التي تجري من عيون اهتزتا باضطراب بيننا...أو بالأصح بين غرفة العمليات وبين غرفة العناية المركزة ..
لحظة...!!
إن لم يكن جلال يعلم بحادثة تيم ،فلمى هو موجود ؟
ومن هو المريض الذي ينتظره في العناية ؟؟
لحظات مريرة ......وهواجس مرعبة تملكتنا حتى انفتح باب العناية وخرج منه طبيبا بادلنا النظرات يسأل عن مرافق المريضة شمس أحمد الجابر وهو غير قادر على الكلام...
بينما نهضت ريم مصدومة صارخة بألم في جلال والطبيب معا :
"مابها شمس؟؟؟ ولمى هي في العناية ؟؟
هل توقف قلبها....؟؟
تكلم...؟؟
قل شيئا ..؟؟
ايها الطبيب؟؟
ماالذي حصل ياجلال ؟؟؟"
فتنهد الطبيب بضيق وقال " للأسف ....أزمة قلبية حاده ونحن .....نحاول إنقاذها "
ثم هز رأسه وقال بيأس " لكن في مثل حالتها نحن لانستطيع فعل شيء سوى باﻻدوية ....وأنا حذرتكم سابقا أنه يجب تجنيبها اي ضغوط نفسية قد تسبب لها اي اضطرابات في قلبها.... "
كنت اشعر باني اری جلال ميتا...نعم ميت الحواس بدموع حية وهويستمع لما يقوله الطبيب، وماأخفيناه عنه !!!
" انكسار القلب قد يكون مميتا في مثل هذه الحالات ،وقلبها لحد
الان لايستجيب للأدوية ...والمسألة كلها بيد الله .... "

***************
عتمة مفاجئة غشت عيناي و الشلل ألم بأعصابي... وكأنني جثة ستنهار لولا أن أحدهم قد أسندني...
أنا كنت أراها......كنت أراها تمسك على صدرها ...واستمريت بقتلها!!
دائما ماكنت أرى ألمها ولم أكن أفهمه....!!
دائما ماكنت أجرحها وهي تموت بصمت وأمامي !!
هراء........أوهام........مستحيل !!
مستحيل.......مستحيل ....مستحيل
وضعت يدي على رأسي وصداع مهوول يفتته .. وكأن أحد الشرايين قد انفجر في رأسي من هول ما تلقيته
مروان يهذي ببعض جمل مواسية لم أسمع منها شيئا..
وريم تولول ببكاء يزيد رأسي جنونا....وأنا أشعر بأحشائي تتمزق مرارة...والدماء تتقاذب كالحمم في جسدي... فأنا لا أصدق أن هذا قد حصل... وأن شمس الحبيبة... مهجة قلبي و الروح التي تحركني... تنازع الموت وحيدة في غرفة باردة وانا السبب في قتلها....
وأخي.....اخي ......يخضع لعملية وربما عدة عمليات مستسلما للموت؟؟
مستحيل......مستحيل ياالهي
التفتُ إليهم و قلتُ صارخا متشبثا بالوهم مستنجدا بأحد ليرحمني :
"مروان ....مروان....أخبرني أنه كابوس ....اخبرني بأني مازالت هناك في الكوخ..........نائم بعيد عنكم .....وان شمس لم تأت ...ولم اقتلها ...اخبرني أني واهم مجنون....وان اخي لا يصارع الموت ايضا....اخبرني....تكلم..ارجووك .....قل بأني مجنون وأني فقدت عقلي....فلن اهتم صدقني.....ارجوووك!!!!"
فقال ربما مواسيا لي او مصدوما ...متألما :
" تماسك ياجلال. ....لأجل أطفالك "
اطفالي ....فجر ...نور....وذاك الصغير ...!!
لم أتمالك نفسي من ذكرهم و تأوهتُ صارخا بالأم... ثم أمسكت بمروان لأفجر الدماء الملتهبة بالأسى في رأسي وقلبي :
"لمى لم تخبروني عن مرضها ؟؟
ولمى تيم لم يفعل ؟؟
لمى تركتموني اقتلها بلارحمة ؟؟
ولمى هو هناك ؟؟ ولمى يصارع الموت ؟؟
اجيبوني....ارحموني...
تيم لايمكنه ان يموت.....لايمكنه ان يرحل بهذه السهولة ،أنا اصبحت قاتلا .....وهو يريد أن يرحل ...ويتركهم لي..
انا اصبحت مجرما......أصبحت مجرما .....بل كلكم مجرمون....."
جنّ جنوني.. و تصرّفتْ بشكل أقرب للهستيريا... نعتت الجميع بالوحوش و الأوغاد...وهم يحاولون الاقتراب مني والامساك بي ليحاولون تهدئتي ...
" ابتعدوا عنّي... ... ابتعدوا ....أخرجوا تيم من هناك.. لا أريد أحداً معه... انتم تريدون قتله .....اعيدوا شمس ألي...اعيدوا اخي....
اعيدوا حياتي...
أنا أكرهكم جميعاً.....اكرهكم..."
و ابتعدت من بين أيديهم واتجهت نحو غرفة العمليات اضرب الباب بيدي وبكل قوة واصرخ بجنون ويأس وهم يحاولون تهدئتي :
"لاتمت ياتيم.....لاترحل...لاتكن جبانا وترحل.....
شمس تموت ياتيم ....شمس تموت ....وانا من قتلتها ...أنا من قتلتها.....قتلت قلبي لأجلك ....ولأجل اطفالي ...... فلا ترحل ...
لاتكن أنانيا وترحل يا تيم.......
لاتتركني انت الأخر.....
تييييييييييم !!"

ثم انهارت قواي فجأة...
بعد كل ذلك الجنون... و الهذيان...والألم الذي تفجر في رأسي ... صمت فجأة و لم أعد أستطيع الكلام...ولاالتنفس ...ولاحتى الحراك .. فجسدي ينهار ببطء على الباب ...وعينا تحملقُ فيه وهو لاينفتح .....وأخي لايجيبني .....والأذرع اخذت تمسك بي والدموع الحزينة... تسيل منهم راحلة مجيبة لجنوني حتى تهاويت أرضا في عجز عن فعل شيء سوى الانتظار للعبة قدر أخرى ..!!

***************
لدى رؤيتي الحالة المهولة لأخي أصابني انهيار لا يضاهيه انهيار... و تفاقمتْ شكوكي بأنهه قد جن فعلا.. لا قدّر الله... و بنبرةٍ منهارة باكية متوسلة ٍ صرخت في الجميع من ممرضات وأطباء ليوقفوا جنون اخي قبل أن يحصل له شيء..
حاولوا الامساك به وتهدئته وهو قد امسك بمروان ثم دفعه ليسرع الى غرفة العمليات في جنون هستيري بصدمته والمه ..يطالب بخروج تيم.. حتى انهار اخيرا وجثى ارضا ساكنا بلا حراك ..
وكأن طاقتة استهلكت جميعها حتى المخزونة منها...ولم يتحرك من مكانه رغم مرور خمس ساعات على ماحدث ...
حاولت الحديث معه لكنه بداْ غارقة في بئر مظلم من الأحزن
فابتعدت عنه وبقيت مع مرون أبكي ألمي وقهري من حالنا ،فتيم لم يخرج بعد من غرفة العمليات ولم يأتي احد لطمئنتنا ...وكل مانسأل أحد يقولوا بأن الأمر بيد الله...
اما شمس فظلت على حالها ...غائبة عن الوعي وعن الحياة بأكملها....يصارع قلبها الموت بين أجهزة مرعبة ...

"سمعت بماحدث من أهالي القرية ،قلوبنا كلها معكم"

صوت حاني يقترب مننا ويتخلل مسامعنا فرفعنا وجهينا نحوه...
الشيخ محمود !!!!
لقد كان الشيخ محمود امام القرية وشيخ مسجدنا !!!
نهض مروان نحوه محتضنا له ومتبادلا معه عبارات المواساة فقال الشيخ محمود وهو يجلس بجواره :
"واين جلال ؟؟
أليس معكم ؟؟؟"
فأشار اليه وهو على حاله من السكون المخيف،فتمتم محوقلا مستغفرا على حاله وحالنا ثم قال:
" لاحول ولاقوة الا بالله.....ماراه جلال وماتحمله منذ عودته بل ربما منذ رحيله منذ سنوات لا تتحمله جبال ...ولاتطيقها....فكيف به وهو بقلب بشر...... كان الله بعونه "
فقال مروان :
" معك حق ياشيخي ...لم تتوقف صدماته حتى الان ،ولانعلم ماالذي ينتظره وينتظرنا !!، لكن اعذرني في كلمتي هذه ....ماسبب مجيئك الى هنا ؟؟"
فتنهد الشيح والمسبحة تدور بين يديه قائلا:
"أتيت لأوصل أمانة سلمها لي تيم البارحة وطلب مني أن اسلمها ليد جلال بنفسه..."
عند هذه الكلمات نهضت مفزوعة مهلوعة والدموع عادت تتجمع في عيني مهددة بالسقوط...
-"أمانة !!
أية أمانة تركها أخي عندك ياشيخي ؟؟!"
-" هذا الظرف الذي في يدي ،سلمه لي بعد أن وقع على أوراق
طلاق زوجته شمس !!
وطلب مني تسليمها صباحا مع اوراق طلاقها وله شخصيا لأنه كان سيسافر .."

صُعِقتُ !! وانتفضت أطرافي .....لا ! مستحيل !
طلاق ؟؟ تيم ؟؟ سفر .....أو كلا ! كلا !
كدتُ أهتف ( كلا ) بانفعال... لكنني رفعتُ يدي إلى فمي أكتم الصرخة... قهرا...
مروان أحس بمعاناتي و حاول تشجيعي و تهوين الأمر...
فقال له مروان مشككا:
" تقول ... طلاق ؟ "
رد مؤكدا :
" نعم.....وطلاقا بائنا لارجعة فيه "
أغمضتُ عيني و تأوهتُ من أثر الصدمة... و قلبي فاقد السيطرة على ضرباته... و لما لاحظ الشيخ حالتنا سألنا بتعاطف :
" ألم تعرفوا بالأمر ؟ "
فرددتُ و أنا غير واعية ٍ لما أقول:
" لا......لم نعرف "
قال :
" لاحول ولاقوة الا بالله،لقد حاولت منعه لكنه اخبرني بانه قد طلقها وجها لوجه وانه اتي الي فقط ليثبت طلاقه قبل ان يسافر.. "
فانهمرت الدموع بلا حسبان وعلت الشهقات المكتومة مني مندفنة على صدر مروان بأسى، والأمور باتت تتوضح وتتصل حلقاتها ...فتيم طلقها....طلقها اخيرا وحررها ..وهي ذهبت لجلال ، ومن حالتها وحالته اصبحت مدركة بأنه رفضها وللمرة الثانية ......
وتيم سافر بقلب محروق هوى به الى وادي الموت
آاااااه ياالهي..
****************
غرقت في الألم بعيدا وحيدا عن عالمي حتى استقر عقلي وقلبي في قعر مظلم لانهاية له...
قعر اشبه بالوادي السحيق المظلم الصامت ...لاشيء فيه سوى الذكريات ...والذكريات المؤلمة منذ أن تركتهم ..
وكلما حاولت الخروج جاهدا منه سحبتني ذكرى اخرى اليه لتستمر في تعذيبي وجلدي بالألم والندم ، حتى سمعت صوتا آخرا دافئا يريح القلوب ويمسك بيدي ويحاول انتشالي من قعر الظلمات....
"بسم الله عليك يابني ...جلال...هل تسمعني ؟؟
وحد الله يابني ، ولن يحدث لهم الا ماهو مكتوب "
ففتحت عيني بصعوبة وكأني خرجت من وسط البحار متلاحق الانفاس متعرق الجسد ومتسع العيني نحوه ...
كان منحني نحوي ممسكا بكتفي بهيبته وبوقاره وهو يحادثني ..
" عم محمود !!"
-" نعم عمك محمود ....والذي لايرغب أن يراك بهذا الشكل..
هيا انهض ....انهض وقف بجوارهما حتى اخر لحظة ...كما كنت وكماعهدناك يابني ومايحدث معك الان هو قضاء وقدر وعليك أن تتقبله ..وانما الصبر عند الصدمة الاولى يابني"
فتنهدت بحرقة وهمست :
" ونعم بالله ،صدقني كل مابت اتمناه الان.... هو نجاتهما ......نجاتهما فقط .."
فقال لي وهو يمد لي بظرف بني مغلق :
" أسال الله لهما السلامة والنجاة يابني .....تفضل هذا لك.....سلمه لي تيم البارحة ،وطلب مني أن أسلمك إياه ...خذه وتسلم اخر شيء طلب تيم تنفيذه مني قبل سفره "
استنفرت حواسي واحتدت نظراتي نحو مايشيح به أمامي ثم امتدت يدي بخوف وتوجس مما يحمله ،فأكمل كلامه :
" أنا سلمتك الأمانة يابني لذا سأغادر ،لكن كن على يقين بأن الله رحيم عادل ولا يرضى بالظلم مهما طال "
ثم غادر من أمامي وبقيت للحظات وحيدا مع آخر شيء اعطاني إياه تيم ...
لحظات كانت أشد برودة على قلبي من برودة المكان....وكأنني....وكأنني أستلم .......وصية أخي الأخيرة ..
فتحت الظرف بعيون فزعة وأصابع ترتجف وهي تخرج الأوراق التي فيها....
ففتحت الورقة الأولى والتي ماأن وقع ناظري عليها حتى انحبست أنفاسي وازداد قلبي انشطارا !
بل كل ذرة من كياني تناثرت على حروفها مبعثرة كل حواسي منها ..
(وثيقة طلاق)!!!!
طلاق.......طلاق....طلاق...!!!
مستحيل !!
تيم طلق شمس !!!
اتّسعت عيناي رويدا رويدا احاول فهم جنون مااراه وعندها وخلال لحظة قاسية ضربت رأسي كلماتها ولكن هذه المرّة... بوضوح أشدّ
فامتثلت أمامي عينا شمس وهي ترتجف دامعة ترغب أن تصرخ بالحقيقة:
(" جلال....أنا ....وتيم .....؟؟؟
تيم تركني لأجل أن أحيى......وانت قتلتني )
شلال حار ينسدل من اجفاني ويمنعني من أن ارى الحقيقة التي جهلتها....فاعتصرت عيناي وفتحت الورقة الثانية وكانت ...رسالة طويلة منه !!
سحبت أنفاسا عميقه متقطعة لتعين قلبي على الاحتمال امام ماسأتلقاه في هذه اللحظة :
(((جلال .....ولااستطيع أن اقول لك اخي جلال ، فأنا أعرف أني قد انهيت كل روابطي بك يوم واجهتك وأهدرت دمك............واخترت شمس وحبها..
أكتب لك هذه الرسالة وأنا أستعد لأغادر القرية وحياتها وشمس وكل شيء يربطني بها......سأغادر وأنا اعترف لك بكل حرقة وألم....
فاسمع مني اعترافي لآخر مرة ...
كان هنالك فتا عابثا عنيدا يكره سلطة العادات والاعراف وتحكم الناس بحياته حتى وإن كان اقرب من الناس إليه....
دائما ما كان يعاقب ،ويلاقي نصيبه من العقاب واللوم لرفضه لهم ودائما ماكان يزداد عتوا ونفورا....حتى اتى اليوم الذي حميتني فيه بجسدك أمام أبي وتلقيت العقاب عني ...شيء ما تحرك في داخلي.....احساس بالأمان...والثقة ..والحب....لم اجده حتى عند امي ...التي طالما كانت ضعيفة امام ابي...
فانطلقت بحرية غير ابه بشيء لأن في داخلي يقين بأنك ستحميني حتى وإن تألمت بدلا عني ....وأصبحت انانيا بدون أن أدرك...!!
لكن ذلك الأناني أحبك ياجلال ....أحبك بصدق ..واعتبرك اباه واخاه ورفيقه الوحيد...وكان مستعدا لأن يرد كل ديونك بجسده وروحه.....ووقرر أن يكون ظلك الذي يحميك كما تحميه.
واتى اليوم الذي ظننت بأني سأرد فيه ولو جزءا بسيطا...يوم فارقتنا ووعهدت الي بأمانتك وحياتك كلها....
واقسم لك بالله الذي لاتحب أن احلف لك الا به ...أني طالما حاولت حمايتها وصون امانتك حتى بعد وفاتك......وكم من الظلم والقهر لاقيناه وأنا احاول حمايتها...
حتى اتى اليوم الذي استسلمت شمس واستسلمت معها..... لظلمهم وقهرهم ......في ليلة لم يشهدها عذابها احد سوانا....
واقسم لك بأني وفي تلك الليلة تمنيت قتل نفسي ألف مرة...وتمنيت الارض أن تبتلعني حيا........حالي كحالها...
ولو كنت آمنتني على مال الأرض لعدت وامانتك موجودة ،لكن كانت امانتك امراءة....وليست كأي امراءة!!
امرأءة رغم كل ألمها وحزنها وجنون عشقها لك ،إلا أن براءة قلبها استطاعت أن تهدم كل حصون قلبي التي بنيتها أمامها......
امراءة رأيتها ملاكا بقلبها...وبإحساسها....وبوفائ� �ا لحبيبها...ولكم قاومت ذلك الاحساس ورفضته بعنف حتى اتت تلك اللحظة التي ظننت فيها بأني سأفقدها.............
يوم كانت تسلم نفسها للموت لتلقاك...كان قلبي يستسلم لحبه المستحيل ....
ورغم هذا اكتفيت بالصمت ...وكنت مستعدا لأن اظل كذلك لسنوات اخرى.. لكن الامنيات والاوهام ظلت تبني لها قصورا في قلبي...بل وجعلتني اشتري خاتما حبسته في قصر امنياتي طويلا ولم اتجرأ يوما على اهدائه لها...وبقي حبيسا حتى عدت انت !!
واخذت كل قصوري تنهار في قلبي ...خصوصا بعد أن عرفت أن الشرع يعيدها ويعيد احلامي وحبي الخفي لك....
واتت المعجزة ورفضتها وظننت بان احلامي عادت لي وعدت لبناء القصور والاحتفاظ باسراري.....ولولا فضحك لمشاعري امامها ماقررت امتلاك قلبها لآخر نفس...
كان حبا غريبا...لايتمنى الا قلبها ولايفهم اي لغة اخرى ...حب تمنى امتلاك قلبها البريء الذي ظل مخلصا لك ولآخر لحظة جمعتني بها حتى أنكسر ....!!
نعم فحبيبتك لم تحتمل فراقك ولا ظلمهم ولا الخيانة وانكسر قلبها واصبح مهددا بالرحيل...
ورغم هذا قاومت حبكما ...وقاومت .....واعتبرتك سببا لألمها وعذاب قلبها ...وحطمت اخر شيء بيني وبينك لأجلها ...لأجل الاأراها تبكي.....أو تتألم......
ولأجل أن اعطي قلبي فرصة معها..
وفي خضم حبي لها نسيت ألمها ووجعها ...وقررت تحرير احلامي وذلك الخاتم ومصارحتها برغبتي في حياة قادمة معها...لكنها رفضت !!
رفضت واختارتك انت رغم كل شيء....
الحب والاحلام والانانية التي اغرقت نفسي فيها جعلتني انساك وانسى اخوتي بك،وانسى كل وعودي لها بل جعلتني اتحول لصورة مصغرة عن ابي....و أنسى ان شمس مريضه بقلبها !!
وأن شفاء قلبها المنكسر هو بقربك....وبقلبك.....وبحبك انت...
شمس لم تكن يوما لي ياجلال....ولم يكن قلبها ينبض لي....ولا حتى همسات حبها لي...
حتى ذلك الفجر لم يكن لي......ولاحتى ترانيمه !!
كلها كانت ملكك يا جلال !!
انا طلقتها ياجلال.....طلقتها ليس لأجلك ولا
لأجل أخوتنا ...واعترف بذلك ....أنا طلقتها لأجلها ....لأجل قلبها .........لكي لااظلمها اكثر مما ظلمتها.....ولأني لاأريدها ان تموت امامي وبسببي وهي تتمنى رجلا اخر لتموت على صدره.
طلقتها لأني لاأريد أن أكون نسخة عن أبي واظلمكما معا.....
انا طلقتها لأجلها.......لأجل أن تحيى معك ....وسأرحل بعيدا...بعيدا ... حيث لاتجدونني فيه....تركت لك شمسك وحياتك واطفالك ....حتى ابني....وهدمت كل قصوري الوهمية في قلبي....
و لايمكنني أن أطلب منك حتى أن تسامحني لأني أعرف أنك أصبحت تكرهني...بل ربما اعلنت انك وحيد بلا اخ تربطك الحياة به...
لكني اطلب مني أن تعيد الحياة والابتسامة لشمس....
وأن.....أن لاتحمل طفلي جلال ذنوب أباه وجرائره......
وتذكر فقط طفولتنا قبل أن نغرق في هذه الحياة....
وإليك خاتمك الذي تخليت عنه بسببي ...اتيت به من هناك لأعيده لك.....
الوداع ياجلال.... .. الوداع
تيم....)

اختنقت انفاسي وعيناي بدموع تنهار بضعف وقهر يحرق قلبي وانا اطوي رسالته واخرج ماتبقى في الظرف ..
خاتما فضيا ومعه.......معه...صورة قديمة لنا..... لطفل في العاشرة من عمره يحمل فوق ظهره طفل أصغر منه وهما في حديقة منزلهما القديمة والابتسامة لاتفارق براءة وجههما!!
فخرجت الأهات مع الدموع مستعرة بأوجاعي وحرقتي واستسلامي اضم الخاتم والصورة بكلتا يدي ثم انهض بصعوبة نحوها....نحو من يرفضون أن يدخلوني لأراها ولو لمرة أخيرة ...لأخبرها بأن تيم هنا.....بجوارها .....يموت معها ...
وترك لي رسالة حارقة ...
مودعا لي ...
لأموت خلفه....
لكن الباب الاخر انفتح وخرج منهم من يحملون خبر الحياة او الموت لأخي...واندفع نحوه من استطاع الحراك...أما أنا فجمدت مكاني بألمي استقبل اشارة الاسى والألم من اعينهم وهم يهزون برأسهم باستسلام ويتمتمون بانكسار:
" فعلنا كل مابوسعنا لكن للأسف......!!! "

للأسف....!!
يقولون للأسف....!!..
يعتذرون.....يعتذرون......ونحيب يعلوا ......بل صراخ اعمى قلبي ومسامعي وجعلني اهرب بلا روح ولاحياة...جسد خاوي فقد كل شيء في لحظة ولم يبقى له سوى ماسقط من كفه من ذكريات وارتمى على الارض بكل احزانه مودعا ....
خاتما.........وصورة قديمة ...!!!
خرجت من ذاك المستشفى بلا وعي ،أجر قدماي مبتعدا عنه قبل أن أفقد بقية عقلي عند عتباته , خرجت أتخبط بالناس بغير هدى ولم
أركب حتى سيارتي ولم أدرك ماحولي....وكل ما أحاول فعله هو التذكر والتوجع والغرق في بحر من الالم....
كيف أمحوا ماحدث وامحوا هذا الفجر بل هذا اليوم من حياتي...؟؟
كيف امحوا ماحدث لتيم ورسالته وكلماته ؟؟؟
وكيف امحوا عينيها وهي تترجى الحب من عيني ؟؟؟
كيف أنسى ابتسامتها المشرقة وهي تقول ( شمس مازالت تنتظرك يا جلال )
وكيف أمحو صرخاتها وهي تصرخ بقلبها لترحل ؟؟
كيف....؟؟؟
كيف ؟؟؟؟؟
كيف.......؟؟؟
مشيت وتخبطت بخطواتي في الشوارع حتى وصلت بي قدماي لعتبة مسجد كبير يناديني ، فدخلته دون أدنى تردد أو تفكير وجلست في
أحد الزوايا أخفي وجهي في ذراعي متكأ بها على
ركبتي المنصوبة أمامي جالساً على الأرض لتنزل دموعي تبكي عينيها وهمساتها الأخيرة التي قتلتها بقسوتي ,ولأجل أخي...اخي الذي يصارع الموت مثلها...
وكأن كلاهما قد سئما الحياة...!
لما ظهرت في حياتهم ؟؟؟
ولمى اعدتني اليهم ياألهي ؟؟
ألأقتلهم بيدي ......وادفنهما معا....كما دفنت أمي
هل هذه هي النهاية لعشقنا ياشمس ؟؟؟
أهذه هي النهاية ياتيم....؟؟
كنت تعلمين بأمر مرضك والجميع يعلم...
وتركوني أقتلك ياشمس بلا رحمة ،نعم....انا قتلتك ...والقاتل لاحياة ولانجاة له ...
صوت آذان يصدح في المسجد ،صوت يتخلل قلبي ويكوي جراحه ليداويها ....صوت يخبرني بأن الله فوق كل شيء !!
فرفعت رأسي عاليا مستسلما له..اناجي من خلقني بدموعي وكل مواجعي ثم
طأطأت برأسي ودموعي لأسجد وتسقط على سجادة المسجد وكأنها ترويها من ألمي وأطلقت مايحترق في صدري من أسى ملتهب وأنا أناجي بدمع مدرار
" يااااارب...... يامن أنت الله....الرحمن الرحيم ...ياملك ياقدوس....ياسلام يامهمين...ياعزيز ياجبار ....ياااااااالله
لاتحرمني منهما.....لاتفجع قلبي بموتهم......وارحمني...
لاتأخذهما كما أخذتهم مني.....ارحم ضعفي وجنوني وألمي بين يديك...
ارجوك.....اتوسل اليك....اسلم نفسي اليك وانت اعلم بحالي وبألمي ...فانظر الي بعين رحمتك .....ولا تبتليني اكثر...
فعبدك الضغيف قلبه لم يعد يحتمل المزيد ...ارحمني أو خذني معهم ولاتدعني اتعذب اكثر.....ياااارب "

********..........********
"كل نهاية......... تترك في حياتنا فراغ كبير ، ومع الوقت نتعود أن نعيشها كيفما تكون ...
أو ربما نحاول أن نعيشها لتمر بنا الايام وتنتهي بنا ....
كيفما تشاء ...."

********..............**********
(" بعد مرور اكثر من سنة ونصف ")

" فجر .....رويد توقفا عن اللعب حتى ولو لدقيقة واحدة،ياالهي ....حتى وانتما صائمين لاتهدأ ابدا "
-"امي ...فجر هو من بدأ "
-"لاتصدقيه يااعمتي.....هو من خسر اللعبة ولذالك تضايق وانهاها...ضعيف ولايقبل الخسارة "
-"أرأيت ياأمي كيف يقول لي ؟؟"
زفرت باستغفار وانا اغسل يدي واتجه نحوهما وهما يقفان عند باب المطبخ كلا منهما يعطي ظهره للآخر وقلت :
" ربما يكون اليوم آخر يوم من رمضان ، ومن الأفضل أن تذهبا لاستغلال ساعاته الاخيرة وقراءة القرآن هيا......هيا...وإلا فلن تحصلا على العيدية مني "
فنظر كلاهما للآخر ثم ابتسما لبعضهما معتذرين وغادرا ،فعدت الى ماكنت مشغولة به من تجهيز الافطار فاقتربت مني نور وقالت بكل لطف :
" عمتي ...اخبريني هل استطعت أن الفها جيدا ؟؟"
التفت نحوها وهي تريني معجنات السمبوسة التي طوتها جيدا فقبلتها على رأسها وقلت :
" بل اتقنتها ياصغيرتي....بقي الان أن نضعها في الفرن "
فابتسمت بسعادة مع تعالي صوت رهف وهي تقترب منا:
" امي....انا احبها مقليه....ارجوك ارجوك....فأنت قلت ان هذا اخر يوم في رمضان "
فأجبتها :
" قلت انه قد....وليس اكيد ..ثم بالفرن صحية اكثر "
فوكزت رهف نور في ذراعها لتساندها فابتسمت نور وقالت :
" ارجوك عمتي ....انا ايضا احبها مقليه "
فهززت لها رأسي باستجابة لطلبها وهمست لها :
" حسنا ياقلب عمتك وروحها....سنأكلها مقليه "
فلوت رهف شفتيها بامتعاض وقالت :
"لان نور تمنت انت نفذت ....احيانا اشعر بأنها هي ابنتك ولست انا "
قلت مضيقة عيني وبمكر :
" حسنا اذا ...لقد غيرت رأيي"
'"لالالالا.....انا ابنتك .....المهم ان توافقي "
فضحكت منها ومن غيرتها،ثم طلبت منهما ان يبدأ بتجهيز سفرة الافطار وانا سأكمل العمل هنا...
وحقا ....كم احب هذا الطفلة ....فهي من روح شمس وقلبها .،بل وكأنها هيا....!
"امممممم......مااشهى هذه الروائح ، حقا سأشتاق لك يارمضان"
كان هذا صوت مروان الذي تسلل هو الاخر للمطبخ يفتح الاواني ،فضربته بخفة وبالملعقة الخشبية على يده وقلت :
" لاتفتح الاواني حتى لاتبرد.."
فاقترب مني ببطء حتى أصبح أمامي واقترب ليهمس في اذني :
" وماذا ايضا ؟؟
الاترغبين بشيء آخر حبيبتي؟؟
فاتسعت عيني بخجل من نظراته الجريئة ، ورفعت الملعقة عاليا وقلت بارتباك :
" لم يأذن المغرب بعد ،فابتعد عني مسافة خمسة امتار "
فضحك مقهقا وقال مبتعدا :
" اتخافين ان تضعفي امامي ياح.... يبتي ؟؟:
فقلت له بغضب :
" لست انا من تضعف ياغبي، لكن اخاف عليك انت "
فضحك مجددا وقال وهو يمسك بالملعقة :
"حسنا.....حسنا...... كنت امازحك، ثم رمضان انتهى وولى ولن تفلتي من يدي........ وفي اي وقت "
-"مروووووان !!"
-"حسنا ...حسنا...اخبريني بماذا اساعدك قبل ان استعد للمغرب ؟"
فقلت بانزعاج وانا اضع الزيت في المقلاة :
"لا....شيء...خذ الاواني فقط"
فحمل جزءا منها ثم هم بالخروج فقلت له مستدركة :
" هل سيأتي جلال على الافطار كما قلت لي ؟؟"
قال ملتفتا نحوي :
" انه يعتذر لك ويقول ان لدي عمل لم ينتهي حتى الان ،لكنه يعدك بأن العيد كله لك "
فصمت لثوان فقال :
"لاتنزعجي ياعزيزتي.....ودع جلال يتصرف كيفما شاء "
فقلت له بانزعاج ويأس تملكني :
"الى متى ...؟؟؟
الى متى سيظل هكذا ؟؟؟ متى سأراه سعيدا بحق في حياته؟؟؟ "
فقال لي وهو يعود مقتربا مني :
" ماخسره جلال صعب ان ينساه بهذه السهولة ، فدع الزمن يداويه...هيا....اين ذهبت اللمعة والقوة التي كانت في عينيك ام انك استسلمت لي وترغبين بقبلة مني ؟؟؟
"مرووووووان "
فضحك مبتعدا عني بينما عدت لأضع معجنات السمبوسة في الزيت واضيع في ذكرياتي الى قبل عام ..
(" ماالذي ستفعله الان في حياتك ياجلال ؟؟
-لاشيء....سأحاول أن أعيش لأجل من عدت اليهم...لأجل فجر ونور...وحتى جلال الصغير ...سأدفن نفسي في هذه الحياة ...سأعمل ....وسأعمل ....وأعمل حتى اتعب وارحل عن هذه الحياة مادمت قد خسرتها )
-"عمتي ....ستنحرق السمبوسه "
خرجت من شرودي على صوت نور التي نبهتني ثم نفضت الذكريات عني واخرجت ماكان في الزيت ....وأكملت مافي يدي متجاهلة اي ذكرى قد تحيطني بالكآبة...
واجتمعنا على سفرة الافطار انا ومروان والاطفال ...الجميع يجلس بهدوء ويدعوا حتى ارتفع صوت الاذان فأخذ الاطفال يتهافتون على التمر والماء بجنون ...فابتسم مروان قائلا
" دائما اقول لكم ،لن يهرب الطعام من امامكم "
أما مفضلتي نور فأكتفت بحبة من التمر تأكلها بهدوء ...آاااه كم احب هذه الفتاة ....
فالتفت نحوي وقالت :
" ألن يأتي أبي ليفطر معنا ؟؟"
فصمت قليلا ونظرت لمروان الذي قال لها :
"سيفطر مع العمال ياصغيرتي لكنه سيأتي إن اعلنوا ان غدا العيد.."
فتركت التمرة التي قضمتها بضيق ثم همست ناظرة لفجر :
" ظننت أن أبي سيأتي ليفطر معنا "
فرد فجر بعد أن وضع كوب الماء على الطاولة :
" لاتحزني .... فأبي قد وعدني بأنه سيأتي ليشعل معنا الالعاب النارية في المساء ".
فقال رويد مغيضا له :
" ان كان غدا هو العيد ؟؟
رد فجر :
-"بلى ....غدا هو العيد...انا متاكد من ذلك"
-"لا...اغدا اخر يوم من رمضان.."
فقال مروان...
"اهدأ وهيا الى الصلاة وسنعرف بعد صلاة العشاء متى سيكون العيد ...هيا .......هيااااا"

********************

انتهينا من صلاة العشاء ،والجميع ينتظر الاعلان عن العيد أو اتمام الصيام ....والأطفال يتأهبون بسعادة وهم يجوبون القرية يحملون معهم المفرقعات النارية وينتظرون الاشارة الاولى للعيد.......وهاهو الخبر قد انتشر في القرية ...واولى الالعاب النارية قد أضاءت في السماء ..
"غدا......هو العيد..."
صرخ الاطفال بفرحة متعالية واخذوا يرددوا الاهازيج الخاصة بالعيد وكل منهم يعود لمنزله ليبدأ الاحتفال الكبير بليلة العيد....
فعدت الى البيت معهم وبدأت انا وريم بتجهيز السطح والكتل النارية التي سنشعلها على السطح بينما فجر ونور ينتظران بشوق مجيء جلال ....
أتتسألون عما حدث معه قبل اكثر من عام....؟؟
بل اكثر من عام ونصف مر على ذلك اليوم الذي فجع قلوبنا وادماها....
يوم نزل كالصاعقة على قلوبنا واحرق أمالنا بحياة سعيدة لجلال ...
شمس وتيم معا وفي نفس الوقت ونفس المكان....!!!
جلال اختفى لساعات ..وبقيت أنا وريم بجوارهما ننتظر رحمة الله أن تحل على قلوبنا...

ساعات طويلة مشبعة بالدعاء والرجاء والتوسل ...وعندما عاد
جلال للمشفى سمحوا له برؤية شمس واعلمه الطبيب أن حالتها قد تحسنت وأنها نجت من تلك الازمة وإن كان قلبها قد تضرر لذلك...
أما تيم فكانت حالة صعبة جدا رغم محاولاتهم .....نزيف في الدماغ ادخله في غيبوبة ودامت لأكثر من شهرين، شهرين قضاه جلال بجواره ولم يفارقه يوما واحدا...
وعندما تعافت شمس واعلمناها بحال تيم ،ذهبت الى غرفته لتراه لكنها اكتفت بالبقاء بعيدة عنه وعن جلال و النظر لهما عن بعد... والدعاء لتيم.... ...
وعندما استعاد تيم وعيه وخرج من الغيبوبة عادت جزءا من الحياة لقلب جلال وقلوبنا....
حياته ونجاته كانت معجزة احيت قلوبنا ..
دموع وفرح وسعادة تبخرت من فرطها على وجوهنا ، حتى شمس اتت لزيارته والسعادة في محياها ولأول مرة منذ مرضت..
اما جلال عندما علم بمجيئها خرج من المستشفى وبقي في الحديقة معي ليراها عن بعد....وبصمت محترق .... راضيا بخسارتها دام أن الله قد انجاهما معا وتجاوزا الخطر الذي كان يحدق بهما...
ظل تيم في المستشفى بين جروحه لشهر آخر، وبعدها رحل مجددا ،لكن هذه المرة رحل بعد أن ودعنا ورافقناه حتى المطار .....رحل رغم كل محاولاتنا لثنيه عن قراره، لكنه كان مصر على ذلك...وخصوصا بعد ان عرف بما حدث بين جلال وشمس وكيف انتهت بهم العلاقة ...!!
وكم كان وداعا حارقا حضرته مع ريم وجلال والصغار...
عناق طويل ودموع ساخنه ثم ابتسامة وداع اهداها في الاخير لجلال بعد أن قال له ...
" لن انسى ابدا مافعلته لأجلي ياجلال ، ولن انسى ماحييت بأنك قد كسرت قلبك للمرة الثانية ولأجلي....ربما هذا قتلك وقتل حبكما لكنه.....أشعرني بأني لست وحيدا ولم اخسر الجميع...وبأنه مازال لدي أخ سيجيبني عندما أتألم ...وسيكون بجواري إن سقطت وتعثرت أرضا....
لن انسى أبدا ،ولن انسى ان الله منحني فرصة اخرى لأعيش أو احاول أن اعيش .....باحثا عن السعادة الحقيقة ...يا......................اخي "
وانتهت تلك الكلمات بعناق حميمي اخوي طويل صهر قلوبنا وغادر تيم مع آخر كلماته...
" لاتيأس ...ولاتستسلم ...فشمس تحبك...وقلبها ملك لك يااخي "

وانطوت صفحة تيم بمغادرته للبلاد ،وقراره ببدأ حياة جديدة لاوجود لشمس فيها...
اما جلال وشمس....فألمهما ومعاناتهما لم تتوقف ، بل زادة حدة واشتعالا وبالذات من قلب شمس الذي اختار الفراق والهجران لجلال بعد مافعله بها..
وحقيقة ....لااحد يدرك ماهو الذي حدث بينهما او ماهو الكلام الذي قاله جلال لشمس حتى تحطم قلبها واصبح متحجرا على جلال ...لااحد يعرف..!!.
فقط .....جلال رفضها ورفض وجودها معه...
وهاهي شمس قد رفضت وجود جلال وكل محاولاته للاعتذار والتقرب منها ...
وآخر لقاء كان بينهما كان حارقا بكل ماللكملة من معنى ....وربما قد يحكي لكم أحد عماحدث بينهما ..
لأني لن استطيع أن اصف لكم حدة النيران التي اشتعلت في قلوبهما .......ولم اعد اعرف إن كان هنالك فجر سيشهدانه معا وبكل حب ...أم أن ماحدث كان النهاية ...!!
جلال الان يسكن في منزل صغير بطرف القرية ...وحيدا يدفن نفسه في أعماله ولاحياة له الا عندما يكون مع أطفاله ...يذهب إليهم ليراهم وربما يحظى برؤية شمسه ويحظى بنظرة تحيي قلبه ....ثم يعود ليبقى وحيدا مع ذكرياتها..

*****************
طبق من الارز والشعيرية وقطعة من الدجاج وحبات من التمر وكأس من الماء كل ماكان على الطاولة ، ولأن اطفالي ليسوا معي لم استطع تناول طعامي واكتفيت بالتمر والماء...
أكان عليهم تركي والذهاب الى بيت عمتهم ؟؟
لابأس ...فهم هنالك سيحتفلون بليلة العيد أما هنا فماذا كنت ستفعلين لهم ياشمس ؟؟
نهضت بتنهد لأرفع الاطباق بلارغبة في تناول اي شيء واخذتها للمطبخ ..
وبدأت ارتب المطبخ وانظفه ، فأعمالي لن تنتهي هذه الليلة بسهولة إن كان غدا هو العيد ...
"أمي....أمي....هيا...هيا...ألي� � أن العب "
التفت نحو صغيري الذي كان يشد طرف ثوبي طالبا مني الانتهاء والذهاب للعلب معه بعد أن سمع صوت الالعاب النارية ...
"ياالهي...لابد ان غدا هو العيد ...فصوت الالعاب النارية اخذ يرتفع.."
جففت يدي ثم امسكت بيده واخذته الى غرفته والبسته معطفا صغيرا ووشاحا مع غطاء للشعر لتغطي رأسه حتى لايصاب بالبرد ،ثم اتجهت معه لسطح المنزل لنكتفي بمشاهد الالعاب النارية...
فأنا اخاف الاقتراب منها فكيف باشعالها ...!!
وحده .....جلال من كان يشعلها لي...نعم جلال
توقفي.......توقفي ياشمس عن تذكره فهو قد خرج من حياتك وقلبك...توقفي..
رفعت طفلي وحملته الى صدري....ليستطيع مشاهدة النيران جيدا والالعاب التي صارت تضيء السماء ولاتنتهي من كل بيت ...عدا ذلك المنزل الكبير!!!!
وكم كان يظل مشتعلا في الماضي ولاتتوقف فيه الالعاب النارية الا متأخرا ...
لكنه الان اصبح مهجورا مظلما خاويا من أي وجود بعد أن تركته ...
وكان هذا اول شيء اقوم به بعد ان تعافيت وتخرجت من المستشفى...
عدت للمنزل وجمعت كل اغراضي فيه بل الاشياء التي اتيت بها من بيت والدي قبل سنوات ، ولم آخذ معي أي شي قد يذكرني بجلال أو تيم...!!
حتى الحلي والمجهورات والثياب....كل شيء....كل شيء ....تركته ....
وتركت خلفي كل الالام ....والمواجع والظلم الذي عشته في ذلك المنزل .....تركته بعد أن ودعته غرفة ....غرفة... بل ودعت كل زواية وكل ركن...وكل حجر بكيت عليه....
ودعته بعد قضاء اكثر من عشر سنوات فيه وخرجت منه بثلاثة اطفال وقلب محطم لم يعد ينبض لأحد...
اغلقت باب البيت الكبير على كل ذكرياته واصواته والحياة التي عشتها بدموعي وابتساماتي واقسمت الأ أعود اليه ...وان انساهم واعيش حياتي لوحدي مع اطفالي من منحني الله فرصة اخرى لأعيش معهم فقط.....
اغلقته وسلمت مفتاحه اخيرا الى ريم.....سلمتها مع خاتم زواجي من جلال والذي رافقني طوال احدى عشر عاما ولم يخرج الا مع حبي الذي انتهى ... وأخذت اولى خطواتي في هذه الحياة وحيدة مع اطفالي في محاولة ان ابتسم للحياة كما وعدت تيم...
وهاانا ابتسم ياتيم...رغم الوحدة....ورغم العيون المنكسرة ...والقلب المحطم ...مازلت ابتسم....
فهل انت تبتسم الان ؟؟
وهل تحتفل بالعيد وحيدا مثلنا ؟؟
أم انك استطعت ان تعيش حياتك بدوننا ؟؟

"امي....امي....الالعاب دميلة "
ابتسمت بسعادة بل ضحكت بسعادة لنطق طفلي للحروف بشكل عجيب ، ثم قلت له وانا اقرص وجنتيه بحب :
"نعم ....انها جميلة جدا ...لكنها ليست كجمال كلماتك ياصغيري "
وظللنا بضعا من الوقت نتفرج حتى ازداد الالعاب النارية اشتداداومن الجهة التي يقطن فيها مروان ،فأدركت انهم قد بدأوا الاحتفال..
لابد من ان فجر ونور سعداء بوجودهم معهم ومع ابيهم ..
فقط انا وصغيري هنا والذكريات التي قد اخذت تسحبني الى باطنها..الى الايام التي كنت فيها زوجة لجلال...وفي اول عيد قضيناه معا
((امي....اين شمس ؟؟
لن اشعل الالعاب النارية بدون وجودها ...
-مازالت في المطبخ حتى الان يابني .
-ماذا تفعل في المطبخ الى الان ؟؟؟....شمس...شمس تعالي هيا.
-جلال....توقف ارجوك....انت تعرف بأني اخاف الاقتراب منها أو محاولة اشعالها...
- تعالي الى احضاني وابقي بقربي ولن تخافي ابدا ...
- اخجل قليلا فأمك بجوارنا .....
-"وهل نحن نرتكب جريمة ؟؟
أنت زوجتي وحبيبتي...والان نظري ا كيف ستنطلق هذه ...إنها خصيصا لك ...
واحد ....اثنان ....ثلاثه...
وارتفعت القنبلة النارية عاليا وتفجرت لترتسم عليها قلوب في السماء مضيئة تعلوا وتضيء بحبنا ثم علا صراخه المجنون وهو يصرخ معها.
"احبك ياشمس........احبك ياحبيبتييييييييي"
-ماالذي تفعله يامجنون ..؟؟؟
-نعم انا مجنون....ولتشهد كل القرية أن جلال عبد القادر هو مجنون شمس أحمد الجابر ....
-انت مجنون فعلا...........ولذا احبك ))

تنهدت بعمق نافضة الذكريات من امامي مع صوت جلال الذي يحتد امامي،ويقتل كل ذكرى جميلة تتراء لي ...

((أنا أحبك.....واعترف بذلك..لكن مستحيل.....مستحيل أن نعود كما كنا......حتى لو افترقت انت وتيم......
جلال عبد القادر مستحيل أن ينسى أن حبيبته قد لمسها رجل آخر سواه ....
مستحيل أن ينسى بأنها قد نامت في أحضان رجل سواه....
جلال عبد القادر رغم حبه لك .....لن يستطيع ان ينسى...
لأني بشر ياشمس ......)))

-"امي.....امي... "
اعتصرت عيناي وقلبي وكل الاوجاع التي تراودني بذكره ونظرت لصغيري الذي كان يشير الى السماء بيده الصغيرة...
وعندما التفت نحوها رأيت الالعاب النارية تتشكل في السماء على شكل قلوب .. !!
نفس ماكان يفعل بالماضي ....
لكن الان لم اعد اشعر بنفس السعادة ياجلال،ولم تعد نبضات قلبي تتفجر وتعلو معها ...
فأنت قد حطمت حبي لك يا جلال....بل حطمت قلبي وكل المشاعر الجميلة التي كنت أكنها لك ....كلها تحطمت...وانتهت..
حتى وان كنت فعلت هذا لاجل أخيك فأنا لااستطيع أن اسامحك ،ولاستطيع اأن صدق أي كلام تقولها لي ....
أنت.....قد قتلت اجمل ماكان بيننا...
وانا لم اعد اشعر بقلبي ولا بنبضاته ...ولم اعد استطع حتى ان اهمس باسمك..
اخفضت نظراتي بألم ثم انزلت صغيري عن صدري ونزلنا الى غرفتنا ...
ذهب صغيري يلعب متجولا في البيت ، وأنا شعرت بالانهاك فجأة وبأن مخزون الطاقة عندي قد نفذ مما تذكرته...
فممدت جسدي على السرير واصوات الالعاب مازال يدوي من حولي ويضيء الغرفة المظلمة ،ولأول مرة اتمنى ان تتوقف وتسكت للأبد .لتسكت الذكريات عن مراودتي..
التفت بوجهي للجهة الاخرى كي لاارى ضوئها فترآء لي آخر لقاء بتيم عندما زارني الى بيتي قبل رحيله .واقفا ينظر لي وانا ازرع الزهور بيدي وبجوار البيت....
( -كيف حالك ياشمس ؟؟
تبدين بخير وبأفضل حال ..
- الحمدلله ....كما ترى...احاول أن اعيش مجددا وابتسم للحياة ...
- وانا ايضا أحاول أن اعيش ......وقررت ذلك مسبقا ...ولذا اتيت لأودعك انت وطفلي...
-هل حقا سترحل ؟؟؟
- نعم وطائرتي بعد خمس ساعات من الان ...
-" اذا.....اتمتى لك السعادة أينما كنت ، فأنت حقا تستحقها...
-حقا اتيت لأسمع هذه الكلمات ولأقول لك ما يجول في صدري..
عرفت بأنك مازلت على رأيك من رفضك لجلال،ربما انا بالذات لايحق لي ان اتدخل بينكما ،لكن يجب عليك ان تسمعي ماسأقوله لك...
ربما عاداتهم المقيته هي مافرقتك عن جلال لكن انا ايضا من فرقت بينك وبين جلال ، وجعلت لقاؤكما شبه مستحيل....ليس باخفائي للحقيقة ولابإبعادك عنه....لا...
لكن .....بحبي لك.......او بالأصح لكوني بالذات اخ لجلال وأحببتك!
اعرف انك اكثر واحدة انجرحت بيننا ويحق لك ان تكرهينا وتكرهي كل الرجال ايضا من بعدنا، ولكن وبعد كل ماحدث ....ادركت ان ما حدث بيننا كان لسبب ما ..ربما لاادرك السبب الذي قد يريحك أنت لكن بالنسبة لي فأن قد أدركت تماما انه لولا طلاقي لك ورحيلي في تلك الليلة وذلك الحادث الذي نجوت منه بمعجزة .. ...ومافعله جلال معك برفضه لك لمى ادركت الحقيقة الوحيدة والصادقة...
أن جلال قد فعل كل شيء لأجلي...!!
طلاقه لك ....ثم رفضه لك كان كله لأجلي....لأجل اخوتنا....
وانت لاتعرفين كم غير هذا بداخلي وكم أثر في قلبي وحياتي وتفكيري ..فبعد ان عزمت السفر بقلب منكسر وبروح رجل مهزوم وحيد قد خسر كل شيء....سأرحل وانا اعرف بأن اخي لم ولن يتخلى عني حتى بعدما أذيته وجرحته...
سأرحل وانا اعرف بأن مازال لدي اسرة ستذكرني وتدعوا لي....
وسأظل اشتاق لهم واحاول ان أعيش حياة جديدة ببعدهم...
تيم اختار شمس على اخوته بجلال ،ثم قرر قتل قلبه لتعيش شمس بسعادة وبدونه ....
وجلال اختار تيم ورفض حبه لشمس ،وقتل قلبه وقلبها ليعيش تيم بسعادة معها...
وفي كلا الامرين كان هنالك تضحيه ،لكن تضحية جلال كانت الاقوى والاشد أثرا على نفسي ...
ارجوك.....امنحي نفسك فرصة أخيرة معه فجلال رغم كل شيء يحبك ولم ولن يعشق امراءة سواك...
وحاولي ان تنسي كل كلمة جرحك بها لأني متأكد بأنه كان متعمدا ليجرحك ويجعلك تنسينه...
واستفتي قلبك للمرة الاخيرة
وستجدين بأنه مازال يحبه ويهمس بحبه وان كان بصمت !!.

قلت لك كل مافي صدري واتمنى صدقا ومن كل قلبي ان اسمع اخبارا تسعدني وتطمئنني عليكم جميعا...لاني قررت ان اعيش الحياة التي منحني الله اياها مجددا بنجاتي من ذلك الحادث ، ولن أوفر جهدي لأعيشها تحت رضاه وسأبحث عن سعادتي وسأجدها بالتأكيد...
فلاتحرمي نفسك وقلبك السعادة مع جلال .......))

استعرت الاهات من قلبي وأنا أمسك بقلبي الذي يحترق بتذكرهم..
ربما.....جلال قد ضحى بي لأجلك ياتيم....لكنه ضحى بي بطريقة قاسية .....مؤلمة .....جرح قلبي بلا رحمة ولا حتى احسان....اصابه في فؤاده......وفي الصميم .....وجلدني بالشيء الذي كنت اخافه...
انا لم استطع أن اصدقه ياتيم ....ولن استطع مسامحته وتصديق كلامه وحبه بعد ماحدث..
هنيأ لكما بأخوتكما .......
وهنيئا لي بقدري ....
كل عام وانت منكسرة ياشمس ...
كل عام وانت ............. تعيس ياقدري
*****************
" كل عام وانت بخير سيد جلال "
رفعت وجهي عن الاوراق والفواتير المتناثرة امامي على المكتب ثم قلت للعامل زافرا بتعبي ومستندا بظهري على الكرسي :,
"اذا ....اعلنوا ان غدا هو العيد ؟"
-"نعم ، والجميع بدأ بالأحتفال ، الا تسمع صوت الالعاب النارية التي بدأت تعلوا بصخب في السماء "
ابتسمت له قائلا:
" لم انتبه لها....
ثم مددت يدي وفتحت درج مكتبي واخرجت له ظرفا به مبلغا ماليا وقلت له :
"تفضل.....هذا لأجلك ...و كل عام وانت بخير "
فارتسمت السعادةفي وجهه وهو يهمس فرحا :
" لقد وزعت للجميع منذ ايام ... وهاانت تغدق علي مجددا
قلت له :
"هذا لأجل ابنائك ....هيا اذهب واسعدهم بالعيد "
"انت حقا رجلا طيب فليسعدك الله كما تسعد من حولك.."
ثم خرج ودعائه لاينقطع لي ، فنهضت تاركا المكتب وخرجت لاستنشق بعض الهواء العليل ...وأردد دعائه ...
فليسعدك الله كما تسعد من حولك !!
للأسف ...أنا والسعادة دروبنا مختلفة ...ومن أحببتها كنت سبب ألمها ..
تنهدت بعمق والالعاب النارية تضيء السماء كما النيران الصغيرة التي بدأت تشتعل على اسطح المنازل...ورغم مرور السنوات فمازالت هذه القرية محافظة على عاداتها بحلوها ومرها ،والجميع يحتفل بالعيد والنيران تشتعل في كل بيت..
آه....نسيت ...لقد وعدت فجر ونور ان نحتفل معا ...علي ان اذهب قبل أن أتاخر عليهما ويغضبان...
فانطلقت بالسيارة نحو بيت مروان وماان وصلت حتى تعالى صوت الاطفال من السطح مرحبين بي ...
لحظات وانفتح الباب ليندفع منه الصغار وهم يتسألون عن الالعاب النارية التي وعدتهم بها فقلت لهم مدعيا النسيان :
" تبا لقد نسيت ان اشتريها "
فهتفوا باعتراض
-"ابيييييي......
لا يا خالي.......لاتقل ذلك.."
فابتسمت لانزعاجهم ثم قلت وانا اخرجها من الكرسي الخلفي ..
"وهل من الممكن ان انسى مايسعد قلوبكم ، لقد احضرت لكم افضل انواع الالعاب وخصيصا من المدينه ...هيا هيا هيا..."
فهتف الصغار بسعادة وانطلقوا ليصعدوا الى السطح وانا معهم ورايت مروان وريم وهم يجهزون الكتل التي ستحترق على اطراف جدران السطح ....
" تأخرت ياجلال هيا ".
-"ليس كثيرا...انتما اكملا عملكما وانا سأثبت االالعاب جيدا "
واخذ كلا منا يجهز مافي يده والاطفال يحومون سعادة من حولنا حتى انتهينا...
"انا انتهيت ياجلال فماذا عنك "
فقال فجر ...
"وابي كذلك انتهي....هيا ياعمي اشعل النيران .."
فأشعل مروان الشعلة التي في يده ثم اخذ يشعل جميع الكتل التي صنعها ووضعها على السطح ليصبح مضيئا وجميلا..كما بقية بيوت القرية ،واتجه نوي واعطاني الشعلة وقال..
"دورك ياجلال ...سم بالله واطلقها..."
فاخذتها وسميت الله والكل يحبس انفاسه ليشاهد اكبر انفجارات نارية في القرية ...

"واحد ....اثنان ......ثلاثة........الان..."
وانطلقت الالعاب النارية تباعا لتتفجر بأصواتها والوانها المضيئة في السماء بأشكال جميلة ومفرحة رسمت سماءا ضاحكا جميلا للقرية رغم ليله ...ورغم اصوات الاطفال الذين يتصارخون بسعادة ..
مازالت الالعاب تنطلق من كل مكان والضحكات تعلوا والنيران تشتعل وتضي ء البيوت بينما انا اتجهت لأضيء أكبر متفجرة جعلتها الأخيرة فاقتربت ريم وهمست :
" وهذه بالتأكيد لشمس "
فقلت لها ببتسامة بائسة :
" رغم اني اعرف انها لن تهتم، وربما لن تراها لكني لن انسى أن اشعل واحدة وخصيصا لها..."
فصدرت منها تنهيدة حارقة جعلتني ابتسم لتهدأ ثم هتفت بمرح مصطنع :
" .والان.....استعدوا لأقوى واحدة والتي ستنطلق باثنتي عشر متفجرة من داخلها .....واحد...اثنان...ثلاثه....ثم اشعلتها لتنطلق عاليا بألوان السعادة التي اشتاق لها مع شمس ...انطلقت ترسم رسالات معينة مليئة بالحب والأماني والأسف ...و لاادرك ان كانت تراها الان ...
اشتقت لك ياشمس......اشتقت لك ياحبيبتي...
اشتقت لدفء عينيك ....وعشقهما ...والحب الذي يتلألأ في داخلهما....
اشتقت لابتسامتك .....ولألحان همسك المبحوحة..
اشتقت لك ولأيامي معك.....ولكل الأحلام التي نسجناها معا...
عيد آخر ...وسنة اخرى وعيد آخر بدون وجودك ...
فمتى ستسامحيني..؟؟
ومتى سأرى العشق والحب في عينيك يتوهج مجددا ؟؟
"انها أجمل واحدة ياأبي !!"
-"نعم ...انها الاجمل والاقوى ، ولأحب شخص على قلبي "
فقال فجر متسائلا :
" أنا أم نور؟؟"
فابتسمت له وانا اعبث بشعره ثم قلت :
" كلاكما روح منها "
وتركنا السطح والمنزل واتجهت بسيارتي لأعيدهما الى المنزل ...
اوقفت السيارة بالقرب من بيتها، وترجل الصغيران مودعين لي بينما بقيت أنا اراقب الباب الذي انفتح بعد طرقه ولم أرها...!!
لم استطع حتى أن ألمح طيفها ،واهنئ عينيي بها حتى في ليلة العيد وإن كان عن بعد....
وحتى ان رأيتها ياجلال فهي لن تنظر اليك ولن تسمح لك بأن تغرق في أمواج عينيها وتتنعم برؤيتهما...
نزلت من السيارة بيأس يتملكني مع مرور الايام ،واخذت امشي بجسدي بعيدا عنها والاختناق يداهمني ،اشعر بشيء جاثم على صدري بعدم رؤيتها ، بل باقترابي من هذا المكان وتذكر ماحدث ...
إنه الكوخ !!
أو بالأصح ماكان كوخا هنا ، وماكان ذكرى لمولد حبنا ....!!
فهو لم يتبقى منه أي أثر بعد أن احرقته حبيبتي !!
واصبحت تسكنه مجموعة من الزهور والورد قد زرعتها شمس بدلا عنه....!!
وكأنها تضع الزهور على حبنا المدفون ...!!
ظللت واقفا بجسد اتعبته نيران الجفاء والحنين وحطم قلبه الحسرة والندم ،ثم اغمضت عيني لاغرق مجبرا بصمت لذكراها التي ترائت لي بطعنات قوية تداهمني كلما أتذكر آخر لقاء جمعني بها :
حيث كان الوقت فجرا وألسنة الدخان ترتفع عاليا من فوق منزل شمس ،فطار عقلي وأسرعت مهلوع الفؤاد نحوها اسابق الريح والقدر الذي قد يصيبها بأذى هي واطفالي،لكن ماوجدته امامي لحظة وصولي جعل مني جثة تحترق وانا ارى النيران قد أخذت تلتهم كوخنا الذي يشتعل أمام شمس الواقفة أمامه بكيانها وجسدها وشعرها الطويل الذي يتناثر حولها...وهي تضحك بلا اهتمام ...ثم تختفي ضحكاتها رويدا ...رويدا حتى تحولت الى أنين وألم يحترق مع حبنا ...
ألسنة من النيران ترتفع وترتفع عاليا في السماء المشرقة بفجرها وكل الذكريات التي عشناها فيه وأنا قد اصبحت عاجزا عن فعل شيء ، فأنا احترق معه ...ومعها...احترق بكل وجودي وذكرياتي التي قد احترقت وتبعثرت ذراتها المحترقة في الهواء واصبحت هشيما و دخانا اسودا تغشى الشمس وكل حلامنا ، ولم استطع الحركة الا عندما رأيت احد الاعمدة الخشبية المحترقة تتهاوى نحو شمس والتي لم تكن مدركة لمى يحدث !!
فأسرعت وسحبتها نحوي بقوة حتى ارتمت على احضاني بقوة ...
فتلاقت الأعين المحترقة والضائعة بألمها وجنونها ودموعها ثم في لحظات انتفضت عيناها فزعة مبتعدة عن احضاني وموجهة صفعة على وجهي حارقة بقدر النار التي تشتعل في قلبها منذ آخر لقاء بيننا ......!!!
"إياك أن تكرر هذا مجددا ...اياك !!!
حتى وإن رأيتني أموت أمامك....لاتتجرأ على لمسي أو الاقتراب مني ....!!"
طعنة قوية بل طعنات تلقيتها في صدري من غضبها المحترق بدموعها وهي تدفعني بعيدا عنها وتصرخ في بكل وجعها ودموعها المتناثرة :
" ابتعد عني ، وعن حياتي ، ولاتفكر ولو مجرد فكرة بأن تقترب مني وتريني وجهك...!!
شمس بنت احمد الجابر لاتحبك ولاتحتاج حبك...ولاتحتاج احدا من حولها....شمس تكرهك ياجلال ....تكرهك .....وتكره كل ذكرى جمعتها بك ...
حاولت التحدث ...الاقتراب منها ...تهدئتها ....كي لايتألم قلبها......كي لاتصرخ ....لاتبكي .....لكن عبثا.....فهي كانت تنفر اكثر وتزداد اشتعالا واتقادا وكأنها قد قررت احراق كل شيء بيننا
الان !!
" ابتعد عنيييي...!!
شمس لاتريدك...... ...وتكره كل ماضيها معك......وهذا الفجر ....وهذا السماء وكل شيء يذكرني بك ....اكره ذكرياتي وأيامها ....اكرهها واتمنى أن تختفي من حياتي ومن قلبي للأبد ....!!!
كانت ملمح وجهها مقتولة بالألم و انفاسها متصارعة في صدرها .... وصوتها متألما . وكلامها متهدج متقدا بلهيب النيران والدموع التي سحبتني الى دوامتها واخذت تحرقني بلار حمة
"خذ "
هتفت شمس بحرقة دموعها ... وهي ترمي باتجاهي بشيء ما... يرتطم بصدري... ثم يقع ارضا أمام رجليّ...
أردت أن أنظر إلى ذلك الشيء... لكن عيناي رفضتا الانفكاك عن شمس...
وإذا بها تهتف:
" احتفظ بها انت ، فهي لم تعني لي شيئا ،وأنا لم أعد أريدها في حياتي....أبدا !! "
وبسرعة اختفت شمس!!
لكن عينيّ ظلتا تحملقان في المكان الذي كانت تقف فيه... ..وفي النار التي لم تهدأ .....
ربما تفتشان عن ذكرياتنا المحترقة ...اوربما تحاول استيعاب ماحدث ...
وانتبهت من ذهولي على حركة الناس من حولي وهم يحاولون اطفاء النار في الكوخ ....قبل ان تنتشر بجنونها ...
بينما أنا قد طأطأت رأسي ونظرت... فهل تعلمون ماذا رأيت؟؟
القلادة !!"))

استعرت الاهات في صدري فتركت المكان وعدت أدراجي بسيارتي قافلا وحيدا الى بيت مظلم مقفر لاأحد يسكنه سواي ،دخلت غرفتي ورميت جسدي المنهك على سرير بارد وعلقت نظراتي بسقفه انظر إليه .....إلى الماضي الجميل والأليم ...
ثم حركت يدي الى جيب معطفي بل الى محفظتي الساكنة بقرب قلبي وفتحتها لأخرج مايسكن في داخلها...
قلادة الشمس الذهبيبة ...!!
امسكتها بين يدي ، ورفعتها في الهواء لتتأرجح أمامي وتلمع في وسط الظلام ثم ضممتها لصدري بدفء واشتياق وانا اهمس لها بحبي...
" أحبك ياشمس.....!!
أحبك ياجنوني........وسأظل انتظرك حتى آخر العمر "

وظللت على حالي من التيه والضياع حتى باغتني النوم ،ولم اصحوا إلا فجرا والصلاة تقام فنهضت متثاقلا ثم اتجهت للحمام واغتسلت للعيد ....لبست ثيابا كانت قد اهدتها لي ريم ثم توجهت لأخرج لكني تذكرت أمرا مهما ...فعدت أدراجي ووجدت القلادة على السرير فحملتها وقبضت عليها في يدي وأنا أهمس لها بكل اشتياق وحب :
" كل عام...... وانت بخير ياحبيبتي
........أحبك..... "

****************
تكبيرات العيد تعلوا في الاجواء والناس اخذت تتوافد بحلتها الجديدة للذهاب الى المسجد، بهجة العيد تعلوا ملامحهم وتزينها ، حتى الجبال والوديان ..اكتست حلة جديدة في هذا الصباح....
عداك ايتها الشمس !!
مازلت كما أنت صيفية... شتويته....خريفية....لم يزر الربيع قلبك..
" كل عام وانت بخير أمي.....كل عام وانت بخير امي "
التفت نحو صغاري مبتسمة لهم وهم قد أصبحوا على اهبة الاستعداد بثيابهم الجديدة وابتساماتهم العريضة وقلت لهم :
" وانتم بخير وبصحة وسعادة يابهجة قلبي "
فأخذ كل واحد منهم يسلم علي ويقبلني بسعادة ثم قالوا :
" هيا.....اعطنا عيديتنا "
-" هل من الضروري ان تحصلوا عليها الان ؟؟"
-"امييييي"
-" حسنا...حسنا....الان ستحصلون على اكبر عيديه مني "
واتجهت لأخرج المال الذي جهزته لهم واعطيت كل واحد نصيبه حتى جلال الصغير اخذ نصيبه...
بعدها غادر فجر واخيه لينتظران جلال في الخارج ويذهبان لصلاة العيد ....!!
وبقيت انا ونور في البيت نكمل الترتيبات فيه ،ورغبة اخذت تلح علي لارى الصغار إن كانوا قد ذهبوا ام لا...لكن وئدت هذه الرغبة حتى لاتلتقي عيناي به منذ الصباح ...
بعدها بساعات اقبلت ريم مع ابنتها رهف ...تبادلنا التحيات والتهاني وجلسنا نتحادث عن العيد وعن الاطفال وعن سعادتهم في ليلة البارحة وعن أشياء كثيرة حتى ذكرت اسم جلال !!
" أما آن لك أن تصفحي عن جلال ياشمس ؟؟"
ارتجافة خفيفية تسللت ليدي الممسكة بكأس العصير ،فتركته ثم أرخيت كفي محاولة تجاهل ماقالت فأمسكت بيدي وأردفت:
"في السابق لم اشأ أن أتحدث معك بسبب مرضك وجرحك الذي كان ينزف من جلال، لكن الان اظن أن عليكم أن تعيشوا حياتكم و مامضى قد انتهى و لايبقى الا الحاضر والمستقبل"
فابتسمت بقلة حيلة وقلت:
"لم يعد لي طاقة بهذه الحياة ياعزيزتي !
لم أعد أملك الرغبة فيها، أشعر أن قلبي لم يعد قادرا على الحب..فقط أعيش لأجلهم ولا أعرف الى متى ؟!"
فقالت :
" لاتقولي مثل هذا الكلام ، أنت مازلت صغيرة "
فصمت ولم اجبها فأكملت :
" على الأقل أخبريني بمافعله جلال معك حتى كسر قلبك بهذا الشكل "
فهمست في سري متذكرة ماحدث وغصة تنغرس في قلبي من ذكراه ..
ماذا فعل ؟؟؟
ذهبت إليه فجرا مع كل أحلامي متناسية ألمي ومخفية دموع فراق على رفيق ضحى بحبه لأجلي ....ذهبت ببتسامة مشرقة لأراه وأرتوي من شغف عيناه وارتمي لأحضانه ليصطحبني معه إلى اي مكان في هذا العالم ....ليكون وطني ......وملجأي ....وأماني ..وقلبي الذي انكسر بدونه....
ذهبت إليه وكلي أمل لأن أعيش الحياة التي حرمونا منها ....وفي اللحظة التي رآني فيها وتعانقت عيناه معي رميت كل ثقل وألم تلك السنون على صدره المتجمد المشتعل بمشاعري... ورغبتي في البقاء معه هو... أينما كان..وبأي حال ...
احتضنته بقوة غير آبهة بأي شيء.... لم أكن لآبه بالألم الذي يحاصرني .... ولاطعناته المحتدة ....ولاالماضي بعذابه ما دمت مع حبيبي...... لم يهمني شيء ....ولاأي شيء... ... مقابل أن أظل برفقة حبيبي..
جلال...
أنعم بأحضانه وأحظى برؤيته... وأستسقي من فيض عشقه وحنانه وحبه في كل فجر طالما غمرني به منذ تلك اللحظة....
لكن .........لكن مارأيته ....وما سمعته......وما رماني به جلال من سهام مشتعلة ........كانت .....كانت.....قاتلة لكل آمالي وأحلامي..
ضربات متتالية كانت تندفع على صدري ومن جلال وبجنون
ولأول مرة ..ضربات تدميه وتصدعه.....تهتك مابه من حب ...وذكريات...ومشاعر جمعتني به.
تصرخ به لتقتل كل مافيه من أمل وحب...وحياة
تخنق أنفاسه...وتدوس على نبضاته ....بل تحاول انتزاع القلب البائس من مكانه ،فأمسكت به صارخة بحدة مايؤلمه متذكرة كلمات تيم التي طالما كان يرددها...
"مستحيل جلال أن ينسى خيانتنا .......مستحيل أن ينسى أنك كنت في يوما ما زوجة لي ولو بالاكراه...ولن ينسى وجود طفل بيننا "
حتى صرخت الآهات متعالية من حدة الضربات الساحبة لأنفاسي ودموع تيم وحبه ووداعه الحارق لي ....وكل صفعات جلال وضرباته وطعناته...واعلنت استسلامها للموت..
وليت الموت أخذني ....ليته اخذني...
وتسألين مافعل ؟؟
لاشيء.......لاشيء........فقط قتل قلبي .....وتركني أعيش بلا قلب ...!!

-"شمس....لمى صمت ؟؟ لمى لاتجيبيني؟؟
ماذا قال لك جلال ؟؟"
ابتسمت لها بتنهيدة عميقة لمى لاحظت شرودي وصمتي وأجبتها :
" لاشيء.... لم يفعل شيء ....وافضل شيء تفعلينه له ولي أن تزوجيه بفتاة تناسبه وتجعله يعيش !"
فهتفت منفعلة :
" أزوجه ؟؟!!
مستحيل !! لاأحد يستطيع على تزويجه وهو متعلق بك بهذا الشكل الجنوني ،ولولا رؤيته للأطفال لكان جن حتما .....ثم لاأنكر بأن مروان قد عرض عليه الامر أكثر من مرة وانتهت بشجار كبير بينهما "
فزفرت بضيق وقلت:
" دعينا من الحديث عنه ، اخبريني عن تيم ...كيف حاله ؟؟"
فسحبت يدها باستسلام وهمست بعد أن أخذت كأس العصير وترتشف منه:
" إنه بخير ، ارسل لنا رسالة منذ ايام وهنأنا بالعيد وارسل صورا عديدة له وهو في عمله وفي بيته الجديد....على الاقل هو يحاول أن يعيش ، ليس مثلكما ياشمس !"
فنهضت بانزعاج وتحركت باتجاه الباب لأخرج للفناء فأنا أشعر بالاختناق وانعدام الهواء من حولي ، فسمعت خطواتها وهي تتوقف حولي ثم تقول :
" أسألي نور واطلبي منها أن تخبرك عن حال جلال في تلك الايام وكيف بقي بجواركما ....منهارا داعيا وراجيا لايرغب الا بنجاتكما...وانت بالذات انت ......
رأيته يبكي بجوارك كالطفل الصغير وهو ممسك بيدك ويهمس لك لتجيبيه وتقاومي الالم وتعيشي حتى وإن كرهته ، ولم يفارقك الا عندما استعدت وعيك "
تأوهت بألم وانا لاأتذكر سوى استيقاظي على صوت طنين الأجهزة وانا انظر بضياع وبعينين نصف مفتوحتين لمن يمسك بيدي ودموعه على وجهه ،وماأن أغمضت عيني ثم فتحتهما حتى اختفى ورأيت الواقفين حولي أتنقل بينهم بنظري وأحداً وأحداً , رجل يبدوا طبيبا.......وريم ودموعها واطفالي ..ولم أره بعد بل اعتبرت مارأيته كان وهما تحت تأثير المرض..
فأردفت بعد صمتي :
" أنت أيضا رفضت طلب الطلاق من تيم حتى لاتكسري قلبه وجلال فعل معك نفس الشيء ،ولأجل أخيه ...لأجل تيم ياشمس "

فأجبت بصوت ممتزج بالأسى والرجاء معا :
" لأجلي ياريم ،لأجلي ... توقفي عن ذكر أي شيء يخص أخاك،فقلبي لم يعد يتحمل حتى ذكر اسمه ، ولايمكن لحياة أخرى أن تجمعني به "
فسمعت همس اعتذارها ووقع خطواتها المبتعدة ثم صوت نور وهي تهتف :
" أبي !!"
******************
انتهيت من صلاة العيد وذهبت مع فجر وجلال الصغير لزيارة قبر والدي والدعاء لهم....بعدها تجولنا في القرية وزرنا بعضا منهم ثم عدنا للبيت ، أقصد أعدت فجر للبيت وفي داخلي رغبة قوية تتمنى أن ترى وليف قلبها للحظة وتحيى بها لأيام قادمة ..
وتحققت رغبتي الخفية ورأيت شمس خارجا تنظر لنور ورهف مخفضة العينين وتصدح بكل ألم زرعته بقلبها في ذلك اليوم :
"" لأجلي ياريم ،لأجلي ... توقفي عن ذكر أي شيء يخص أخاك،فقلبي لم يعد يتحمل حتى ذكر اسمه ، ولايمكن لحياة أخرى أن تجمعني به ""

فتلقى قلبي طعنة صهرته من فرط الألم الذي أحسست به وأنا أسمع ماقالته ، فأنا أ شعر بأني قد تلاشيت من قلبها واختفيت مع كل يوم يمر علينا...
وبقيت جامدا للحظات حتى اقبلت نور هاتفة باسمي لتكسر صمتنا وترتمي في احضاني وتسلم علي وانا احاول ان الملم خلايا جسدي المنصهرة وأشكل بها انسانا فولاذيا لا يتأثر بما سيلاقاه منها إن هي اكتشفت وجوده بجوارها...
" أبي.......عام سعيد ،وكل عام وانت بخير"
همسات وضحكات بين الاطفال تتعالى أمامي لكن أقوى صوت سمعته هو صوتها الذي تخلل قلبي ووجداني ..
" تعال ياصغيري الى البيت ...هيا .. !!"
إنها هي....شمس ....حبيبتي وروح هذا القلب الذي قرعت فيه طبول الحرب والحب في كل قطرة دم تسري في عروقي...
أول مرة منذ احرقت فيه ذكرياتنا اراها بهذا القرب مني ويجمعنا مكان واحد !!!
دائما ماكنت اراها عن بعد واطمئن قلبي عليها بأنها بخير حتى ولو لم أكن بقربها ...
وهاهي الان تمسك بيد صغيرها وتلتفت وتتحرك بخطواتها لتغادر وانا كالتمثال الحجري لاشيء في يتحرك سوى بقية انفاس تحاول ان تتحرر من سجنها ....
فانطلقت حروفي متحررة اخيرا :
" وكل عام وانت بخير ...ياشمس "
توقفت حركتها معي بل ربما أنفاسها انحبست مع انقباضة كفها وهي تمسك يد صغيرها وترد ببرود وبلا حياةعلى تحيتي فقط لأجل أطفالنا :
"وأنت كذلك "
فاقتربت منها واكملت ارتجافة همساتي النابعة من قلبي الملوع بعشقه محطما كل الحواجز التي صارت بيننا :
" اشتقت.....لك "
فالتفتت نحوي فجأة... والغضب يجتاحها... ... وأصابعها تضطرب وأنفاسها تتلاحق..لكن ماهمني انا شيء!!
فحبيبتي اخيرا منحنتني نظرة من عينيها وان كانت نظرات قارسة باردة عاصفة شتوية تنذر بنيران اشد واعتى على قلبي .
لحظات مرت ببريق وعناق لايفهمه احد.......ارسل لها نظرات اعتذار وتوسل ورجاء فتستقبلني بحدة وغضب والم ..ثم التفت بوجهها لتغادر وتدخل المنزل ..
فبقيت جامدا تصفعني خيبات الامل والحسرة والندامة بخسارتي لها حتى احسست بيد صغيرة تمسك ذراعي وصوت يحادثني :
"أبي...أرجوك تناول الغداء معنا اليوم ، اليوم فقط ياأبي ...إنه العيد وأرغب أن تبقى معنا ولو ليوم واحد"
فالتفت لفجر وهو يقف بجواري ويتشبث بيدي متوسلا بقائي معهم ثم هربت بعيني عنه الى البعيد لأشتت الألم الذي يعتصر قلبي ويرغب أن ينضح من عيني ،فتقابلت بعيون ريم المتاثرة لحالي والتي طالما شهدت عذابي ...
تنهدت بأنفاس قوية تعينني على الكلام مع ابني الذي تحترق طفولته بسببي وانحنيت نحوه ممسكا بكتفيه الصغيرتين وأقول له بابتسامة :
" لايمكن....لايمكن ذلك،لايمكن أن اجتمع مع والدتك في مكان واحد "
"لماذا ؟؟"
لماذا ؟؟؟؟سؤال بسيط بريء من طفلي لكن إجابته تعني ألف إجابة مؤلمة على قلبي فاكتفيت بإجابة واحدة كانت هي الاقرب والاوضح بالنسبة لعمره :
" لأنها.......ليست زوجتي "
فنظر الي بنظرات حزينة ثم قال :
" لمى لاتتزوجا اذن ؟؟
لمى لاتعيش معنا ؟؟؟أليس عمي تيم قد طلقها ورحل ؟؟
فلمى لا تتزوجا اذن ؟؟"
اتسعت عيني بإندهاش يعتصره الألم والانكسار ونهضت مبتعدا عنه عاجزا عن قول شيء او ربما اخفي مرارة العلقم التي أغتص بها الان ، فسمعت ريم تقول له مشفقة بحالي :
" هما لايستطيعان ذلك لأن والدتك مازالت متعبة ، وسماعها لمثل هذا الكلام قد يزيد ألمها وأنت تعرف أنها مريضة ، فأدخل الان إليها وابقى معها ومع أخوتك...هيا بطلي ...هيا "
فانصاع فجر لها منكسر الخاطر وغادر بينما اقتربت ريم مني واضعة يدها على ذراعي وقالت لي في محاولة للتخفيف عني :
" لاتحزن ياأخي ، ولاتيأس مادمت تحبها وسيأتي يوما تسامحك فيه .."
وقبل أن أهمس بقلبي الموجوع تناهى لمسمعي صوت شمس الغاضب والمحتد :
" إياك أن تكرر ماقلته له يافجر !!، وذاك أباك متى ماشئت أذهب اليه واذا شئت فلتذهب الان معه ، أما أن تطلب منه أن يأتي ليعيش معنا فهذا مستحيل....
هل فهمت ؟؟؟
أنا لن اسمح لك بذلك....أتفهم !!!"
تصدع قلبي وتناثر أرضا من صوت غضبها المحموم والمحترق والذي تفجر بصغيري فجر ،وذنبه أنه سأل بكل براءة ووجد الاجابة منها بكل حرقة... فتمنيت أن تبتلعني الارض في لحظتها وأختفي من الوجود لعل وجعها يستكين وجروحها تشفى......
ومرت ايام من العيد بيننا ولم أذهب لرؤية الأطفال ،واكتفيت برؤيتهم في منزل ريم ....
وفي ليلة انطلقت بسيارتي على عجل بعد ان وردني اتصال مفاجئ من فجر يخبرني فيه ان اخاه جلال مريض جدا وان والدته قد اخذته بنفسها لمستوصف القرية ولوحدها...و في هذه الساعة المتأخرة من الليل !!
ولولا ان فجر خالف اوامرها واتصل بي لمى كنت عرفت بالامر...
كم اصبحت قاسية وعنيدة ياشمس.... !!
اوقفت السيارة وخرجت منها متسع الخطوات ،وماان دخلت حتى رأيت شمس تجلس بجوار صغيرها الذي يتوسط السرير والمحلول الوريدي متصلا بذراعه الصغيره..
" كيف حاله الان ياشمس ؟"
فالتفتت نحوي فجأة... وإذا بالهلع يجتاحها ويحول وجهها إلى صحراء من الصفار... وأصابعها تضطرب وأنفاسها تتلاحق...
"هل أفزعتك؟؟ أنا آسف "
قلت ذلك محاولا تهدئة روعها غير أن يدها انقبضت بشدة ثم أبعدت عينيها عني بتجاهل تام لوجودي جعلني اغتص في مكاني حتى سمعت صوت الطبيب من خلفي :
" اهلا بك سيد جلال "
التفت نحوه مادا يدي نحوه لأسلم عليه واسأله :
" اهلا بك....اخبريني كيف حال الصغير؟"
-" لديه التهاب شديد في اللوزتين وهذا سبب الحمى الشديدة التي افزعت السيدة شمس ...لاتقلق ...ماان ينتهي المحلول حتى يتحسن قليلا وبعدها تستطيعون المغادرة، لكن لاتنسوا استخدموا الدواء له كما وصفت ....عن اذنكم"
وتركنا لوحدنا بعد ان استأذن ،وبقيت مع شمس التي تعطيني ظهرها بصمت ...
دخلت الغرفة وتقدمت بخطواتي حتى اصبحت بجوار الصغير ...امسكت بيده وتأملته وهو يئن مستسلما للحمى فهمست لها :
" انه ابن اخي كما هو ابنك ياشمس ،وتيم اوصاني به !!!"
فزفرت بضيق ثم اجابت بحدة :
" توقف عن منادتي باسمي المجرد ،ولست بحاجة لوجودك بجواري "
ثم نهضت مبتعدة عني وخرجت من الغرفة لتتركني اتلوى بقسوتها وهجرانها لوحدي ...
وبعد ساعة سمح الطبيب بمغادرتنا ،فحملت شمس الصغير وخرجت وعندما اتجهت لافتح باب السيارة نظرت لها وقلت :
"تفضلي"
فنظرت إلي نظرة غريبة ثم نزلت الدرجات وغيرت اتجاه خطواتها لتذهب مشيا ...!!
فتركت السيارة مستغربا من تصرف شمس وأقبلت إليها وقلت:
"ماذا ستفعلين؟؟"
فقالت دون أن تنظر إلي:
" سأعود الى المنزل .....ولوحدي "
عندها شعرت بطعنة قوية تخترق صدري وماأكثر مابت أتلقاه ولااعرف متى ستكون النهاية...
اقتربت منها وقلت متألما:
"لماذا تفعلين ذلك...؟؟
إنها الحادية عشر ........والجو أصبح باردا "
فالتفتت إلي وأجابت حانقة:
"وهل تنتظر مني أن أركب السيارة معك أنت ...وبمفردي...وفي هذا الوقت ؟"
وكانت هذه الطعنة أشد من سابقتها... وهمت شمس بمواصلة مسيرها فتداركتها مسرعا ومعيقا طريقها :
" مستحيل ان ادعك تذهبين لوحدك"
فاحتدت نظراتها نحوي هاتفة :
" ابتعد عن طريقي "
فلم اتحرك ولم اتزحزح وهي على عنادها تحمل صغيرها على كتفها حتى اقبل الطبيب الذي يبدوا انه قد سمعنا وهو يتجه لسيارته ليغادر :
" عفوا سيدة شمس ،لكن لايمكنك ان تعودي بالطفل مشيا وفي هذه الساعة المتأخرة وبهذا الجو البارد ، فحتما ستزيد حالته سوءا "
فوقفت برهة مترددة... ومر تيار قوي من الهواء ارتعدت له فرائصنا... فقلت:
"هيا فالريح تشتد"فأردف الطبيب قائلا:
" اذا كنت ترفضين الذهاب مع السيد جلال فسأوصلك انا في طريقي !!!"
عند تلك الكلمات تفجر الالم بضربة تلقاها عقلي وصدري وتلوت بها احشائي مما جعل جرس الانذار يصرخ في متفجرا بحدة من عيني وانا انظر للطبيب بحدة ...
كيف يتجرأ على ان يقول ذلك الكلام ؟!!!
بينما فهمت شمس حرج الموقف و همست بارتباك :
" لا..لا لاداعي....شكرا لك...سأذهب معه "
وما كان منها إلا أن سارت على مضض وركبت السيارة كارهة ..فهممت ان اتجه للطبيب واجعله يدفع ثمن تجرأه لكنه نظر الي وهمس وكأنه يعتذر ثم عاد للمستوصف ففهمت انه كان متعمدا قول ذلك ليجعل شمس تقتنع وتركب معي ..
ربما كان الأسى صارخا بأعلى صوته على وجهي للحد الذي جعلني اقف طويلا قبل ان ننطلق ..
كان قلبي كالبركان يغلي من فرط ألمه بينما شمس صامتة مشيحة بوجهها للعالم الآخر غير ابهة بشيء ، فأوقفت السيارة فجأة وقد اخذت قراري ..
نزلت منها واتجهت بقوة نحو بابها وفتحته وهي تنظر لي باستنكار ودهشه فقلت بحدة :
" انزلي ....علينا ان نتحدث "
ضيقت عينيها وملامح الامبالاة على وجهها ولم تتحرك فثارت ثورتي وهتفت فيها ضاغطا على اعصابي التي ستنفرط مني :
" قلت.....علينا ان ...نتحدث "
فردت ببرود وهي تنظر للامام :
" وانا لارغبة لي في الحديث معك، لذا واصل طريقك أو اتركني لاواصل طريقي مع ابني "
فامسكت بيدها بقوة واخرجتها عنوة وانا اهتف والغضب قد انفجر :
" بلى سنتحدث وان كان بالاجبار "
واغلقت الباب ودفعتها عليه فحاولت الهرب فرفعت ذراعي محاصرا لها وقلت :
" الى متى ...؟ الى متى ستستمرين بالهرب مني ؟؟"
فدفعتني بكلتها يديها وهتفت بحدة ونظرها مصوب نحوي بشرار:
"هل جننت ؟؟ ابتعد عني"
فصرخت مطبقا حصاري وهي تحاول الفكاك مني ....صرخت بقهري المتراكم في قلبي منذ اكثر من سنة ،بل منذ اليوم الذي رمت فيه قلادتي :
" نعم جننت.....وفقدت عقلي وصوابي...وقريبا سأصرخ في القرية بجنوني وبسببك ...!!!"
-"اتركني... لا تلمسني.. لا أريد سماعك.. ابتعد"
هتفت بجنون:
" لن ابتعد ولن اتحرك ، والليلة يجب ان ننهي مابيننا "
فصرخت مبعدة ذراعي :
" مابيننا قد انتهي !!"
-"لا لم ينتهي ياشمس، ولايمكن ان ينتهي ...لان مافي قلوبنا اكبر من كل غضبك وجرحك "
فصرخت وهي تحرقني بوابل من السهام المحترقة من صدرها :
"بلى انتهى... ومات في مكانه ...مات مقتولا...وانت من قتلته
ياجلال ....انت من قتلته...
انت من طلب مني الابتعاد عن حياتك وان انساك ....
انت من قلت انك لن تستطيع الحياة معي ولن تستطيع النسيان ..
انت ياجلال ، ولست انا.....لست أنا !!"
فبقيت على حالي وحصاري استقبل سهام المها المحترقة وهي تتلفت براسها وتشتت عينيها بعيدا عني أو ربما تشتت الدموع التي ترغب بالانهيار معها ،لكنها عجزت وانهارت دموعها وهي تعود لتنظر الي وتواصل حرقي بألمها :
"انا.......انا ....مازلت احفظ كل كلمة قلتها لي في ذلك الفجر...
ومستحيل ان انساه......مستحيل.....لأنه قد حفر بقلبي وازال حبك من داخلي بل احرقه بكلماتك.....
اتريد ان تسمعها....؟؟ اتريد أن اكررها لك ؟
((جلال عبد القادر مستحيل أن ينسى أن حبيبته قد لمسها رجل آخر سواه ....
مستحيل أن ينسى بأنها قد نامت في أحضان رجل سواه...."
"جلال.......مستحيل .....أن ينسى بأن شمس ...قد سكنت في سرير رجل سواه..
وماهو ........الا اخاه...تيم!!"
لن استطيع..... ان انسى ذلك ياشمس....لن استطيع أن أنسى الخيانة .....حتى وان عرفت بأنه كان بالأكراه......!!!
واعلمي أن مجيئي اليكم في تلك الليلة....عندما اتيت لمنزلنا واحتضنتني بحبك واشواقك ماكان إلا لأجل وداعك واخبارك بالحقيقة قبل أن أرحل .....
وليس لأني أريد العودة لك !!
للأسف......هذه هي الحقيقه.....وعليك ان تدركيها جيدا....
حتى لو آلمتك......حتى لو جرحتك.....ولو تعذبتي...
جلال ليس مثل تيم .......
فعودي إليه والى اطفالك وارضي بحياتك لأنه...... لاحياة لك مع غيره.....ومعي انا بالذات...!!!

هذا القلب قد قرر أن ينساك ....وينسى عشقه الحارق له لأنه اصبح مستحيلا....
سأنساك وسأرحل.....سأعيش حياتي .......وسأتزوج بأمراءة اخرى تكون ملكا لي ........لوحدي فقط ياشمس...
سأتزوج........ وأبقى واقاوم لأجل اطفالي.....فعودي اليه لأجل أطفالك ولاتخسريهم .......وتخسري اخر شيء جميل في حياتك.."))
أليست هذه هي كلماتك ياجلال ؟؟
أليست هذه هي كلماتك ؟؟ اليست هذه هي الخناجر التي قتلتني وقتلت حبي بها ؟؟ اليست هذه هي نيرانك التي اشعلتها في داخلي لتحرقني في كل لحظة وفي كل ثانية أتذكرها ؟؟؟
أليس كذلك...؟؟
اجبني ...!!
لمى صمت الان ؟؟؟"

الدموع تصرخ قبل حروفها والالم المحترق على وجهها يصرخ بي وأنا جامد....مصدوم ....محترق بلهيبها وكلماتها التي لم تنسى منها حرفا ....!!
فبقيت صاكتا بحرقتي انتظر ان تنهي مابداخلها علها ترتاح من ألمه ،فدفعتني بقوة واكملت مايشتعل في داخلها مع شلال الدموع المتدفق من عينيها :
" لمى تصمت ؟؟ ولمى تريدني ؟؟
ألست انا هي تلك المرأة الملوثة والتي قد لمسها رجل سواك ؟؟
ألست أنا هي تلك الخائنة التي سكنت في سرير اخاك...ونامت في احضانه .....وانجبت منه طفلا ؟؟
فماالذي تغير ؟؟
اخبرني ماالذي تغير حتى اصبحت تطاردني وترغب بي ..اخبرني...أخبرني ؟؟"
فأمسكت بيديها وقلبي يعتصر بألم لأجلها وهمست لها بصوت مختنق بالألم لمى فعلته بها :
" كنت مضطرا .....كنت مضطرا لأجله .....لقد فعلت ذلك من أجل أخي.. من أجل تيم.....كيف كان علي ان اتصرف معك وصوته كان يحرق مسمعي قبل قلبي...؟؟
كيف كان علي ان اتصرف وهو يطلب مني ان اتخلى عنك ويخبرني بأنه لايستطيع تركك ؟؟
كيف كنت ساتصرف امام وصية امي الاخيرة؟؟
كيف......كيف؟؟؟!!"
فابتسمت بدموعها وهي تهز برأسها بيأس وقنوط فأكملت وضعفي يهوي امامها مستسلما راغبا في صفحها على الاقل :
" اقسم لك أني....اني كنت اموت معك في كل كلمة قتلتك بها ...وكنت انتزع تلك الخناجر من قلبي لينزف قلبي...ويصرخ ألما قبلك....اقسم لك.
منذ اللحظة الاولى التي عرفت فيها بخبر زواجك عرفت انهم اجبروك ،لكني لم استطع تجاهل انهم زوجك من اخي ....وان اخي اصبح عاشقا لك..... عشت في صراع مرير وجنون طويل بين عقلي وقلبي ...بين أخي وحبيبتي ...ودائما ماكنت اسقط صريع جنوني وألمي...
أقسم لك....أن كل كلمة قلتها لك ....لم تكن حقيقية .....ولم اقصد بها الا ان تنسيني .....أنا لايمكنني ان انظر لامراءة سواك ولايمكن أن انساك...
ولايهمني الماضي في شيء ....لايهمني ....صدقيني لايهمني ..
أنت بالنسبة لي تلك الشمس الطاهرة التي أعشق نورها وبرائتها..
فسامحينني يا شمس ..... سامحيني ...وانسي ماحدث ، ودعينا نعيش معا .....نداوي جروحنا معا ........وننسى ...لأجلي ....لأجل جلال .....
أرجوك .. ماذا أفعل حتى تصفحين عني..؟ أخبريني ماذا أفعل؟؟ فأنا قد تعذبت بما يكفي... وأريد أن ننسى ....وأن نستعيد حياتنا وسعادتنا التي حرمنا منها ...."

فشهقت بآهاتها المتنازعة من صدرها المحترق وهي تسحب يديها وتقبض بكفها على صدرها وتقول مختنقة باكية :
"وانا ايضا....اريد أن انسى!!
اريد ان انسى كل شيء صار معي ....منذ تركتني.....منذ ...ذلك الذي اليوم الذي ودعتني فيه لتذهب الى الحرب.. لكني لااستطيع ان انسى !!
كل ليلة اغمض فيها عيني واقول بأن غدا سيكون اجمل ...لكني كلما اغمض عيني اتذكر كل ماحدث....ولااستطيع ان انسى....
كل شيء في داخلي يذكرني بالذي حدث معي...وبتلك الليلة التي لاتدرك .....كيف عشتها مع تيم .....ومازلت اعيش ألمها لحظة ....لحظة
-" .لاتقولي شيئا ....لاتتذكري....ارجوك "
-" كل لحظة كانت تمر علي كنت اجلد فيها نفسي بزواجي من أخيك وكنت أحرق قلبي بخيانتي لك حتى ضعف قلبي واستكان للألم.....أنا....انا لم استطع ان اعش لحظة بدون ان اتذكرك واتذكر خيانتي لك.....حتى هذا الطفل الذي هو قطعة من روحي ....كنت ارفض وجوده في احشائي واتمنى رحيله لكني كنت مضطرة ....مضطرة لاجل اخوته..."
-"يكفي ياشمس...ارجوك يكفي "

-" وعندما عدت قتلت نفسي الف مرة وانا اراك تحترق بمافعلناه...وقررت ان اموت وارتاح ....لكني لم استطع.....وتيم منعني من ذلك...
واعادني اليك..........وانا ......انا....ذهبت اليك ببقية امل وحياة لتحتويني ...وتحتوي ألمي وقهري وتجعلني انسى.......كل ألمي .....ألمي الذي عشته منذ تركتني .......فقتلتني بألم أكبر من ألمهم ....ألم احيى كل الجروح القديمة واثارها ياجلال ...انت....قتلتني..قتلتني ياجلال .....قتلتني "
وانهارت ارضا تبكي وتنتحب بقوة امامي وانا عاجز عن احتواء المها الذي ينزف في هذا الليل الساكن :
" انا اتمنى ان انسى.....واعيش من جديد ...وانسى كل الذي حدث .....واتمنى ان ارتاح...
اريد ان اعيش مثل كل الناس ....وانسى جراحي ..
اريد ان اثق بالناس مجددا.....واريد ان اثق برجل ....رجل لايتركني في منتصف الطريق......مهما فعلت ...ومهما عملت....لايتركني ولايتخلى عني ابدا....
ومهما كانت الظروف .....لايتخلى عني ابدا.....لايتخلى عني."
فجثوت امامها وامسكت بيديها ودموعي تقسم لها قبل حروفي :
"لن اتخلى عنك ولن أتركك أبدا ...اقسم لك.....فتوقفي ياشمس ...توقفي ..فأنا...... لااستحقك....ولااستحق ألم دموعك هذه......ولااستحق حتى حبك ....
انا لااستحقك ياشمس.....ولن اطلب منك شيئا بعد الان .....ولن اطلب منك حتى ان تحبيبني.....
فقط........سامحيني.....سامحي هذا الرجل الذي قتل حبيبته لأجل أخاه......سامحيني ياشمس.....سامحيني "
فنظرت لي من خلف شلال دموعها المنحدرة من عينيها ثم اغمضتمها معتصرة المها وتتأوه بنارها وهي تسحب يديها من بين يدي وتنهض مترنحة بجسدها ...لتفتح باب السيارة ثم تدخل اليها بشهقاتها المكتومة وأنينها وهي تحمل طفلها الى صدرها تضمه وتشهق بأنفاسها التي ترتجف متقطعة ومنهزمة بسببي ...
فأغلقت الباب خلفها وأنا انزف آخر دموع الحسرة على فقدان حبيبتي وعلى مافعلته بها ،ثم دست على المي وقهري لأكون قادرا على مواصلة طريقنا
طريق الحياة الذي سأعيشه بجوارها .....
بصمت الموتى...
ووحشة المقابر .....
وماان وصلنا حتى نزلت حاملة صغيرها ومتجهة لتفتح الباب...تفتح حقيبتها بيد واحدة وهي وتبحث بارتجاف وانفاسها مازالت تتهدج بألم ثم تخرجه وتفتح الباب وتدخل منه وأنا أراها عن بعد ،فنظرت نحوي بعمق واثار الدموع مازالت تتلألأ في عينيها وهي تقول :
" سامحتك !!
سامحتك .....ياجلال ...ومنذ زمن ..فأنت في الاول والأخير تبقى
والدا لفجر ونور "

فابتسمت ببقايا ضعفي وبتأرجح بين السعادة والألم ثم همست لها :
" وهذا......................يكفيني "

******************
"وهذا يكفيني "
كانت هذه آخر كلمات قالها لي جلال وهو يبتسم لي ثم غادر !!
وتركني لأنزف بقية ألمي وأوجاعي وذكرياتي بجوار أطفالي وأنا أحتضنهم بقوة واشكي لهم ألمي ببكاء محموم مخنوق لايسمعه أحد سوى خالقي....
بكيت وبكيت حتى أعيتني الدموع والألم وجعلتني استكين للنوم ..
وأيام مرت بيننا وهو ومن وقتها لم يحاول ان يفتح الموضوع مجددا...
بل صارت علاقتنا هادئة وبلا اي توتر....يلتقي بالأطفال ويذهب بي ثم يعيدهم ....
اراه ويراني ولغتنا الوحيدة هي الصمت !!
والان هو جالس معنا يشرب فنجانا من القهوة بعد أن طلب محادثتنا :
" أردت ان اخبركم بأني لن استطيع أن اتي اليكم هذه الأيام وربما في الايام القادمة "
فسأله فجر :
" لماذا ياأبي؟؟ "
فقال وهو يبتسم له :
" لأني مضطر ان أسافر إلى المدينة "
رد بعبوس :
" اذا خذني معك ياأبي "
-"لااستطيع ،لأني سأذهب في عمل "
ثم نظر نحوي وقال :
" انتهت إجازتي العسكرية التي طلبتها منذ سنة "
ظللت صامته لاأشعر بشيء سوى التعب والانهاك فأكمل :
" لقد أرسلوا في طلبي وخصوصا بعدما تم إعادة هيكلة الجيش، وعلي أن أسافر غدا "
فهتفت نور وهي تمسك بيده :
" ستتركنا ياأبي ؟؟"
نظر مرة اخرى نحوي وكأنه ينتظر مني أن أتحدث ولمى لم يجد سوى الصمت مني قال لهم مبتسما :
" لاتقلقي ، لقد وعدت ألا أترككم أبدا ....أنا فقط سأذهب لتقديم استقالتي !!
نعم....هذه المرة سأذهب لتقديم استقالتي وبشكل نهائي سأطلب إعفائي من الخدمة العسكرية وسأعود الى هنا وأدير أعمال والدي وأبقي معكم ياأبنائي..... "
عيناه عالقتان في عيني وهو يقول كلماته ويزيدها تأكيدا :
" أنا لن اضيع يوما واحدا أعيشه بدونكم "
ثم التفت بوجهه نحو فجر وجلال الصغير وأردف :
" لكن علي أن أبقى هنالك حتى تقبل استقالتي ، وبعدها سأعود إليكم ، فهل أصبح الأمر واضحا ؟؟"
فابتسم الاطفال برضا حتى صغيري الذي تحرك رافعا يديه الصغيرتين ليحتضنه جلال ويرفعه الى صدره...
فابتسمت بقلة حيلة وقلت بلا مبالاة :
" هذا قرارك انت ، واتمنى الا يأتي يوم وتندم عليه "
ثم نهضت وتركته معهم ، بل ذهبت الى غرفتي وظللت واقفة على النافذة اتأمل جلال وهو يغادر بسيارته بعد ان اخبرهم بأنه سيأتي صباحا ليراهم قبل أن يسافر ...
غادر وأنا أتعجب لحالة قلبي الذي لم يعد يشعر بشيء حتى الألم، هل تحجر لهذا الحد ؟؟
أم فعلا مات الحب في داخلي ؟؟
جلال سيترك العسكرية ... العالم الذي كان يعشقه ويأتي ليعيش حياته في القرية ومع اطفاله الذين يعيشون بعيدا عنه ...!!
وأنا كقطعة ثلج لاتشعر بشيء في قلبها ، ولم يعد يهمها شيء ..
صار هذا القلب ينبض بهدوء وبانتظام .....ليعيش فقط ....فقط بلا احساس أو مشاعر حب...ولم يعد يهتم لسفر جلال ولالذهابه..
هنيئا لك ياشمس .....هنيئا..
أخيرا تخلصت من حب جلال وعشقه....
هنيئا لك.....لقد نجحت أخيرا ..

**********************
صليت الفجر جماعة في المسجد ثم عدت الى البيت عازما السفر ، باكرا...أرتديت بدلتي العسكرية التي أرسلت لي منذ أيام مع الطلب من قبل القائد....
ارتديتها وأنا أودعها في نفس الوقت ، فانا قد أخذت قراري على ترك هذا العالم لأجلهم..
انا لن اتخلى عنكم بعد الان.....اقسم لكم.....
ومهما كانت الظروف...
لن اتخلى عنك ياشمس....... ولن اتخلى عن صغاري ...حتى وإن ظللت بعيدا فلن اتخلى عنكم الا بموتي ...
اغلقت البيت وانطلقت متوكلا نحوهم لأراهم قبل أن أسافر ووصلت والشمس قد بدأت تفرد جناحيها من عمق الليل المظلم ..طرقت الباب عدة طرقات ثم انفتح ببطء ورأيت شمس تظهر من خلفه كما تسطع الشمس في هذه اللحظة...
نظرت نحوي بنظرات مبهمة طويلة لم افهمه فقلت لها :
" اعذريني لأني ازعجتك ، أتيت لآراهم كما اخبرتهم "
فصمتت قليلا ثم همست :
" حسنا ، سأخبرهم "
وغابت عني وفي قلبي لمحة سرور لأني حضيت برؤية وجهها قبل سفري ...
اقبل فجر ونور واحتضانني ونظرات الدهشة تكسوا ملامحهما ، فهما لأول مرة يرياني بالزي العسكري...
احتضنتهما بعمق ثم قلت لفجر مودعا قبل ذهابي :
" أتصل بعمك مروان اذا احتجت لأي شيء في غيابي ، وسأحاول ألا أتأخر عليكم..."
ثم نظرت لنور وقلت لها :
" انتبهي لوالدتك ولاتنسي دوائها وذكريها به دائما "
ثم قبلت جبينهما مردفا :
"انتبها لشقيقكما وكونا عاقلين ولاتتعبا والدتكما "
وطلبت منهما ان يدخلا واتجهت لأغادر لكن بدلا من أن اعود لسيارتي ساقتني قدماي الى حيث يهوى القلب ...
الى بقايا حبنا وقلوبنا .....الى الزهور المتفتحة بدلا عنها وبقيت واقفا امامها وكأني أوصيها بحبيبتي حتى أعود....
أخبرها......ان تسعد قلبها عوضا عني .....وتنسيها بألوانها ألوان عذابي لها......... فأشرقي يازهور حبنا بقلب حبيبتي .....وامسحي......دمعة من الاحزان ....تنحني ..
من جروح عاشق.........لا تنتهي.......
ثم أخرجت القلادة من مسكنها وضممتها بيدي بقوة وأنا ارفع عيناي معانقا فجري وصادحا بكل ترانيم قلبي ..
" سأظل عاشقا لك ....يا ترنيمة فجري "
*****************
فجر جديد....ويوم آخر يشرق عليك ياشمس....
والحياة تتعالى من حولك ، وأنت كما أنت ........ميتة غائبة الاحساس عنهم....أسيرة لماضي أثاره ستظل باقيه محفورة في داخلك ....وحيدة قلبها يرفض أن يخفق لأحد......غارقة بغيبوبة لانهاية لها...
صوت الحياة تداعبك ككل يوم ،بل طرقات الباب من تناديك في هذا الفجر..... .لابد من انه جلال واتى ليرى الاطفال...
فاتجهت لأفتح الباب بلا اهتمام ،وماأن فتحته حتى......حتى رأيت الماضي واقف ماثلا أمامي بكل
ملامحه ووجوده وأثره...
كان نفسه......... جلال..... واقفا بزيه العسكري المتكامل كما في ذلك اليوم ...وتلك اللحظات...!!
إنه هو....بذاته وكيانه ...يهمس لي مطالبا بأبنائه ليراهم.....ليودعهم .....
فتحركت من أمامه هاربة من امواج الماضي التي تسحبني نحوها لأغرق في بحرها...
تركته مع اطفاله وحياته وبقيت لوحدي في غرفتي انظر اليهم من النافذة وهو يبتسم لهم ويودعهم ...
فحضرتني ذكرى تلك اللحظة المريرة، وجلال يودع اطفاله ويودعنا ليذهب الى القتال...
نفس المنظر يترآء لي ...ونفس اللوحة ترتسم أمامي ...ونفس الماضي يتكرر أمام عيني... ....
فأسندت جسدي للجدار ،انزوي به واضم ساقي لصدري وأغمض عيني بإرهاق وربما خوفا وهربا من ذلك المشهد الذي يتماثل حتى في مخيلتي ....
" سأرحل ياحبيبتي ....سأرحل بعيدا عنكم ، لكنك ستظلين بقلبي ولن تفارقيه لحظة واحدة......سأناديك في كل يوم ...وسأهمس بحبك مع كل فجر يشرق على قلبي العاشق لك وأنت بعيدة عنه...
ستظلين أنت .....شمس ...وحبيبتي ....وجنتي وحياتي الاولى والاخيرة ..
وجلال سيظل عاشقا لك ....مترنما باسمك ...ياترنيمة فجري "
فتحت عيني باتساع وأنفاس متصاعدة...وقبضت بقوة على قلبي الذي عاد ينتفض بجنون.....يتألم ويصارع ويحاول انقاذ نفسه من الماضي الذي يغرقه بذكرياته.. ...أشعر بأنه قلبي سينخلع من بين اضلعي والذكريات تتراقص ءمامي .
..وأنا أحادث نفسي وقلبي ليهدأ ولايخاف .
" مجرد ذكريات......مجرد ذكريات ياقلبي.....ماضي وانتهى ...ولن يعود...
جلال تركك.....وهجر حبك ....ونقض كل وعوده.
هيا ..ياقلبي
هيا......لاتخف.....ولاتتألم.....ل اتعاني....ولاتتفجر مجددا
فأنت حر طليق..... حر كسرت قيوده .....وتحررت من عشقه الظالم لك .."
-"أمي........ماذا بك ؟؟
لمى تبكين ؟؟؟ هل أنت بخير ؟؟؟"
احدهم يحادثني.....يمسك بي....يهزني ...اسمع صوته والصورة غارقة ضبابية......انها نور......نور...
تقول بأني أبكي....؟!!!..
أنا أبكي....؟؟!
لمن .....ولأجل من؟؟؟
فنطق لساني بلا وعي والالم يحاصرني ويزيد من اختناقي بارتجاف وهذيان :
"مستحيل......مستحيل !!!
مستحيل .....أنا لاأبكيك ياجلال ....ولاابكي فراقك ....ولاحتى ذكراك...
فاذهب.....اذهب ........ واتركني.....ليرتاح قلبي ....فااﻻم لا يبقى للأبد...
أذهب ..............فسأعيش الحياة والحب بدونك...
اذهب........اذهب.....اذهب "
فهمست نور:
-" أمي..... .لقد ذهب أبي فعلا ، وقال بأنه سيعود قر يبا "
فاعتلاني الجنون وبلغ حده مع آخر كلماتها ومع أمواج المشاعر المتصارعة في قلبي وانا اهتف بها :
" لن يعود......لن يعود ......جلال لن يعود ..."
ثم نهضت بنفسي أمسك قلبي تارة ورأسي تارة اخرى....ولاارى سوى لحظة الوداع الاخيرة فأهتف بجنون وبلا وعي :
" لاتذهب.....لاتذهب ياجلال....لاتذهب...
لاتتركني....لاتودعني مجددا ....لاتقتلني بفراقك....فقلبي يتألم مجددا ....ويصرخ باسمك ....ويناديك....فهل تسمعه ..؟؟
هل تسمعه ؟؟
هل تشعر بجنونه ...؟؟
جلال .....جلاااااال "

*****************
اتجهت الى السيارة مغادرا ومتوجها في طريقي في اللحظة التي تعالى صوتها من حولي وهي تهتف باسمي ...
"جلال "
فتوقفت خطواتي بجمود احاول أن امحوا ماسمعته ..فهذا هو الجنون بعينه....!!
مستحيل شمس أن تناديني ..وبهذه النبرة !!
إنه وهم ...وهم ياجلال ....وهم اصطنعته ياقلبي .....فتحرك قبل ان تبتلعك ارضك بأوهامك وهذيانك ....
فواصلت مسيري وتناهى صوتها مجددا مع خفقان متسارع لقلبي الذي اجبرني على تصديق وهمي والالتفات نحوه....
أو ربما نحوها..!!
نحو من اندفعت لصدري بجسدها ودموعها وشعرها وكل جنونها نحوي تمطرني بمشاعر مضطربة وضربات من يديها على صدري المنفلق بذهول لايفهم مايحدث ولاحالها وسبب ألمها.
"لاتذهب ......لاتذهب....لاتتركني مجددا.... مجنون ...قاسي معدوم القلب والاحساس .....تريد السفر مجددا والذهاب اليهم.....تريد تركي مجددا غير مهتم بمن ستتركهم خلفك أيها الاناني الغبي المعتوه ... .لاتعد اليهم .......لاتتركني ...سيمسكون بك...سيأسرونك.....سيعذبونك ويحرموني منك .....ستأخذك الحرب اليها ولن أراك.... ."
حاولت ان استوعب الكم الهائل من الجنون المحترق بي... فجمّدني الذهول حتّى عن استيعاب ما أسمعه... لا أدري إن كان هذا ما قالته بالفعل أو إن كانت شمس هي التي تتكلّم الآن... أنا لن أؤكد لكم بسماعي شيء... إن أذنيّ فقدتا حاسة السمع و دماغي فقد القدرة على الفهم و قلبي جن من هول شدة النبضات التي تندفع منه ،وكلما استطعت فعله هو محاولة الامساك بيديها و تهدئتها :
" اهدئي....اهدئي ياشمس ،الحرب انتهت ، ولايوجد قتال ، وأنا سأذهب لأقدم استقالتي فقط وأعود "
فهتفت والخوف والذعر يكسوا ملامح وجهها :
" كذب وخداع......انت كاذب ...ومخادع...أنت تكذب علي ولن تعود ...لن تعود وستتركني وحيدة بين أيديهم ليقتلوني مجددا ......ويعذبوا قلبي ......ويحرقوني."

فقلتُ منفعلا مذعورا :
"" شمس.، ماالذي يحدث لك ؟
لاشيء من هذا سيحدث، لاشيء....ولن اتركك أبدا ...فأهدئي ياعزيزتي أرجوك "
ضرباتها كانتْ ضعيفة قويّة... مواسية و طاعنة... غاضبة و خائفة... في آن واحد...حتى يداي عجزت عن ايقافها من الارتجافة التي سرت في جسدي وأنا ارى جنونها الحتمي :

-"بلى سيحدث.....وستتركني...وسيزوجون ي بأخيك...كلهم سيقتلوني ولن يرحموني ........وانت ايضا ستقتلني معهم ...انت ايضا ستقتلتني وترحل معهم .....ويبقى قلبي يتألم ...بل هو يموت....يموت ولايرحمني ....آه ياقلبي ....آاااااه "
تصدع قلبي وانفصمتْ مفاصلي من هذيانها ومن الاهات التي خرجت من بين اضلعها محترقة كما سمعتها منها سابقا قبل أن تسقط أمامي ،فاحتضنتها بقوة وبخوف وأغرقتها في صدري وبين أضلعي ونياط قلبي تتمزق ألما وجنونا من أن قلبها قد يتوقف ...
" فداك قلبي وروحي ياشمس ....أنا لن اتركك ولن أفارقك أبدا فأوقفي هذا الألم ...أوقفيه .....أوقفيه قبل قبل أن يتوقف قلبي معه....لن أرحل ...اقسم لك....لن أدعك معهم...ولن يعذبوك وانا معك ياحبيبتي "

وكأن قلبها الآن تفجرت سدوده على صدري وهي تستسلم منتحبة باكية تشهق بآااااهات محترقة منتزعة من قلبها على صدري المتزلزل بأنفاسها وبهمساتها الاخيرة وجسدها يثقل على صدري..
" آه ياألهي......آاااااه ..."
فانهارت دموعي معها وجسدي الذي جثى معها على الارض ...ثم أمسكت بوجهها بلطف براحتي وهمست لها فزعا أحاول لملمة جنوننا :
" انظري الي.....انظري...انا هنا ....بجوارك..ولن اسافر...ولن أودعك مرة اخرى....جلال هنا...أمامك...ولن يرحل "

فأخذتْ تنظر إلي من بين دموعها الساقطةّ و في عينيها خوفٌ و اتهامٌ... و عتابٌ قاسٍ... و أنظر إليها و في عينيّ رجاءٌ و توسّلٌ و هلعٌ كبير... كانت أعيننا قريبةً من بعضها ما جعل النظرات تصطدم ببعضها بشدّة...
فقلتُ و أنا أرى كلّ المعاني في عينيها... و أشعر بها تحدّق بي بقوّة :
"جلال لن يتركك ياشمس....فجلال يحبك....ولن يتخلى عنك هذه المرة مهما كانت الظروف "
فأغمضت عينيها بقوة معتصرة طوفان الدموع وسنوات الالم والفراق ثم تنظر لي وهي تهمس بتهدج يحرق القلوب :
" اقسم .......أقسم على ذلك.....أقسم أنك لن تتركني....ولن تدعني وحيدة "
فاعتصرتها بكل مشاعري المنهزمة وانا اغلفها مجددا بين اضلعي لتغوص وتصل لقلبي الملوع باشتياقه لها:
" اقسم لك.....اقسم لك بمن خلق هذا القلب النابض بحبك بأني لن اتركك ولن اتخلى عنك.....ولن اعشق امراءة سواك ياحبيبتي ...."
فشعرت أخيرا بيديها المنسدلتين وهما يتحركان ببطء ثم...ثم يحيطان بجسدي لتبادلني نفس الاحضان والمشاعر والألم ...فصرخ قلبي وجروحي و كياني قائلا لها بحرقة عشقي وأملي :
" لاتتركيني.....
وطني جبينكِ.....فاسمعيني...
لاتتركيني ......خلف السياج كعشبةٍ برية..
كيمامة ٍمهجورة..
لاتتركيني ......قمراً تعيسًا.
كوكباً متسولا بين الغصون ..
لاتتركيني حراً بحزني...
واحبسيني بيدٍ تصب الشمس فوق كوع سجوني...
وتعوّدي أن تحرقيني ...
إن كنت لي.. شغفاً بأحجاري بزيتوني ...
بشباكي..... بطيني...
وطني جبينكِ.......
لاتتركيني......
لاتتركيني"

"محمود درويش"
************
نهاية الفصل الثاني عشر

shezo likes this.

سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:11 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.