مصابيح في حنايا الروح (2) سلسلة طعم البيوت *مميزة و مكتملة *

[rontii]

مساءًا في منزل سلطان
دخلت و هي تدعي الغضب و توبخ نعمة قائلة : انتِ مفيش منك فايدة ... سلطان هيجراله حاجة من تحت راسك ... ده مكلمني النهاردة عشر مرات يأكد عليا أول ما أرجع من البلد أجي على هنا على طول عشان أساعدك .
قالت نعمة و هي تتوجع بصمت : يوه وأنا عملت ايه يعني قلت نتلم كلنا نتغدى سوا مش كفاية انتى واخواتك طول العيد عند بيت اهل اجوازكوا ... ما صدقت نعرف نتجمع ... و قلت لكريمة جارتنا تيجي نتعرف عليها ... بت غلبانة و مقطوعة من شجرة .
تخصرت الأخرى و قالت : يا نعمة اللي بتعمليه ده متعملوش واحدة بصحتها مش حامل و على وش ولادة .
انا حاسة أخرتك هتولدي و انتي قاعدة بتحشي حلة محشي .
ضحكت الأخرى بإنهاك واضح و قالت : لا مش للدرجة دي يعني ... و بعدين كله بوقته محدش بيجي قبل معاده .
اااه ...... خرجت الكلمة قبل أن تسيطر على لسانها و هي تمسد على ظهرها لتقترب حبيبة بقلق واضح و تقول : مالك!!! فيكى ايه!!! طمنيني!!!
قالت نعمة و هي تنحني للامام بألم : تقريبا من كتر الوقفة ضهري شد عليا ... خبط من الصبح مش عارفة ليه كده .
شهقت الأخرى و قالت : ألا تكوني بتولدي و انتى مش حاسة!!
قالت نعمة و هي تجلس على كرسي خشبي بجوار باب المطبخ : لا مش للدرجة دي يعني ... أنا بس هارتاح حبة و ابقى زي الفل .
طلعي بس الصواني من الفرن و وزعي السلطة في الاطباق و خلي سلطان يجي يشيل صنية الفخدة الضاني عشان تقيلة عليكي .
قالت بغضب : الله يهديكي و يصلح حالك يا نعمة ... ايه اللي انتِ عملاه ده كله .
قالت و حبات العرق تزداد على جبينها : كله من خير سلطان بألف هنا و شفا عليكو .
دخلت أم سلطان تتوكأ على عصاها و هي تقول بقلق : عاملة ايه يا نعمة؟؟
وقفت نعمة باحترام رغم تعبها : الحمد لله بخير يا ست الكل .
قالت الأخرى بخبرة و حنكة : شكلك هتولدي النهاردة يا نعمة و مسمعتيش الكلام .
ابتسمت بتعب و قالت : لسه الدكتورة من يومين قالتلي أسبوع كمان على الأقل .
قالت أم سلطان بعصبية : و هي الدكتورة تفهم أكتر مني يا نعمة ... لما أقولك هتولدي النهاردة يبقى تسمعي الكلام ... قومي نامي في سريرك و سيبي الحاجة لحبيبة و اخواتها زمانهم جايين .
لم تناقش أو تجادل فهي حقا متعبة للغاية و خصوصا مع هذا الألم المزعج في ظهرها ... إتجهت لحجرتها و تمددت بإنهاك على السرير .
بعد حوالي ساعة دخل عليها سلطان يقول بهدوء : نعنع عاملة ايه؟!!
إعتدلت جالسة و قالت : الحمد لله بخير بس ضهري واجعني أوي أنا قلت لما أنام هارتاح بس مفيش فايدة الخبط بيزيد .
قال بقلق : طيب قومي نروح المستشفى .
قالت بتأفف و رفض : يوه هو كل يوم و التاني نروح المستشفى ... شوية و هبقى تمام .
ثم استقامت واقفة و قالت : اخواتك و كريمة جم و لا لسه ؟
قال و هو يسندها : اه بره و الأكل جاهز ... هتقدري تقومي تاكلي معانا و لا أجيبلك طبقك هنا؟؟
قالت برفض : ليه اتكسحت مش هاعرف أعد أكل معاكو يعني!!
قال بصبر : بعد الشر عليكي ... هو الأكل هيبقى له طعم و انتِ مش معايا على السفرة .
ساعدها على القيام من نومها و خرجت معه للصالة و جلست بألم على احد كراسي الصالة .
اقتربت كريمة بإحراج لوجودها وسط ناس لا تعلم منهم إلا نعمة و سلطان ... لكن نعمة أصرت و ألحت في حضورها و توعدتها إذا لم تحضر ستأتي بنفسها لأخذها من منزلها فاضطرت للحضور ... جلست جوارها و هي تنظر لها بقلق و قالت : نعمة انتِ كويسة ... قوليلي حاسة بإيه!!
قالت نعمة : خبط شغال في ضهري من الصبح .
قالت كريمة : خبط مستمر و لا بيروح و يجي؟؟
أجابت : لا بيروح و يجي .
ألحت كريمة بالسؤال : كل قد ايه تقريبا؟؟
قالت و هي تقوم بصعوبه و تسحب معها كريمة إلى مائدة الطعام : ياختي انتى رايقة هو أنا هاركز و أمسك الساعة عشان أشوف بيخبط كل قد ايه .
فتحت كريمة فمها لتتكلم لكن نعمة سبقتها قائلة : يالا عشان الأكل هيبرد خليكي جمبي عشان أخد بالي منك شكلك هفتانه و تعبانه ... عايزكى تتغذي حلو .
ابتسمت كريمة لاهتمام نعمة الصادق و قالت : هاكل كويس بس على شرط نخلص و نطلع على المستشفى حد يطمنا عليكي .
جلست نعمة بمساعدة كريمة و هي تقول : ركزي في أكلك و بعدها يحلها ألف حلال .
بعد حوالي نصف ساعة دخلت نعمة المطبخ لتجد كل من حبيبة و اخوتها و معهن كريمة يقمن بإنهاء كل الاعمال من غسيل الاطباق لتغليف المتبقي و تنظيف المطبخ فقالت بتأفف : يوووه عليكو ما انا كنت الصبح هاصحى أخلص كل حاجة في ساعة زمن
ضحكت خديجة و قالت : انتِ ببطنك دي على الفجرية هتكوني ولدتي .
ردت رقية تشاغبها : عايزة تروحي تولدي و المطبخ مش نضيف ... عايزة الناس تقول عليكي ايه !!!
انفجرت حبيبة بالضحك و قالت : نعمة مهوسة نضافة هتقوم من البنج و تسأل الدكتور غسلت ايديك بالمية و الصابون كويس يا دكتور .
عوجت فمها و تخصرت ببطنها المنتفخة و هي تنظر لهن أثناء نوبة الضحك و قالت : بقى كده بتتمسخروا عليا طيب أنا بس أفوق و هتشوفوا هاعمل فيكو ايه !!
بعد دقيقة او اثنان شهقت نعمة و قالت بتعب و هي تسند على حبيبة : انا تعبانة اوي ... مش قادرة أسكت أكتر من كده ... بقاوح من الصبح بس الخبط في ضهري مش راضي يسكت ده عمال يزيد ... اااه مش قادرة اقف يا بنات الحقوني .
تركن ما بأيديهن و تحلقن حولها و قالت كريمة لحبيبة : روحي بلغي سلطان و هاتي عبايتها و شنطة الولادة .
أنا من بدري بقول هتولد من أول ما قالت خبط في ضهرها بيروح و يجي .
قالت نعمة و مقاومتها تنهار : يا ختي انتِ وهي هتفضلوا ترغوا و سايبني بصوّت .
خرجت حبيبة مهرولة تنفذ ما قالته كريمة بينما كريمة تحاول مساعدتها و رقية و خديجة حولها .
فقالت نعمة لكريمة برجاء : ما تولديني هنا ينوبك ثواب ... الدكتورة بتاعتي مسافرة و مش عايزة حد غيرها يجرب فيا .
قالت كريمة : انا ممرضة مش دكتورة و كمان هنا مفيش أدوات و لا تعقيم انا هاكون معاكي في المستشفى متخافيش .
دخل سلطان مهرولا و قال و هو يسحبها بهدوء : قلتلك شكلك تعبان و إنتِ عماله تقولي لأ ... ربنا يسترها يالا بسرعة أهو محمد معاه العربية هيودينا المستشفى بسرعة باذن الله .
قالت بهلع بدأ يتمكن منها : أوعى تسيبني يا سلطان ... متخليش أي حد يولدني ... اتأكد انها دكتورة ... و تكون بتفهم ... أه ضهري يا ناس ضهري هيموتني .
طمأنها سلطان و هما على درج المنزل : متخافيش يا نعنع مقدرش أسيبك يا بت ... أنا جمبك أهو و عيني عليكي فين ما تكوني .
بعد ربع ساعة مليئة بالصراخ و التوجع و إنفلات الأعصاب كانت نعمة بغرفة الكشف لتنقل بعدها مباشرة إلى غرفة الولادة .
بينما يقف بالخارج سلطان يستمع لصراخها ... بعد دقائق خرجت كريمة تطمئنه أنه مازال أمامها بعض الوقت و الولادة ستكون طبيعية بإذن الله .
دقائق أو ساعات لا يعلم كل ما يعلمه أن أعصابه أوشكت على الإنهيار و هو يستمع لصراخها المتواصل الذي لا يهدأ ... ليعم بعدها الصمت لعدة ثواني يليه صراخ من نوع أخر ... صراخ طفل صغير خرج للدنيا من ثواني معدودة ... كان صوته من أجمل ما سمع سلطان بحياته ... صوت أيقن أنه لن ينساه و لن ينسى تأثيره عليه مدى الحياة .
بعد دقائق خرجت كريمة تحمل الرضيع و هي تبتسم ببشاشة وتناوله لسلطان و تقول : ألف مبروك يا معلم ربنا يبارك فيه ... أذن في ودنه عشان أرجعه لمامته .
نظر له بانبهار و عيناه تلمع بالدموع و مشاعر متضاربة تجتاحه ... راحة ... خوف ... فرحة ... قلق ... سعادة لم و لن يشعر مثلها أبدا ... تناوله برهبة ... يخاف أن تقسو يداه على هذا المخلوق الهش الضعيف ... إقتربت شفتاه من أذن الرضيع ليقول الآذان و هو يستشعر كل حرف به و هو يتخيل الأيام القادمة لابنه و فلذة كبده و هو يرسم له خطواته و يتمنى له حياة مليئة بالطاعة و السعادة ... يتخيله رضيع يخطو أولى خطواته و تتلعثم حروفه بأولى كلماته .
يتخيله طفل بطريقه للمدرسة في أول يوم ... و بعدها بعدة سنوات يتخيله مراهق بأول عام بالجامعة و يذهب بخيلاته و هو يراه رجل ذو هيبة ببدلة سوداء و قميص أبيض ينظر له بفخر و هو يمسك عروسه ليبدأ حياة خاصة به ... ثم ... يتخيله يقف نفس وقفته ليستقبل أول ابنأه و أول احفاد أبيه .
ناول الطفل لكريمة لينحني فجأة و يسجد لله شكراً و لسانه لا يتوقف عن الحمد و الدعاء لولده بكل ما يحب و يرضى .

أما بالداخل و هي بين الوعي و اللا وعي تنظر حولها بتوهان تبحث عنه ... لا تستطيع الكلام ... تدور برأسها بإنهاك لعلها تلمحه ... تريد ان تسأل هذه الممرضة أو تلك التي تعدل جلستها لكن لسانها لا يقوى على الكلام ... تبحث وتبحث إلى أن وجدت كريمة تحمله ... لم تتبين ملامحه لكن تبينت إبتسامة كريمة الهادئة لتطمئن و يطمئن قلبها و تبتسم برضا و تحمد الله في داخلها ... تغمض عينها بسلام و هدوء و عدة دمعات تنحدر من جانب عينها فرحة و رضا لعطاء الله الذي ليس له حدود ... ثواني و كانت مستغرقة في نوم هادئ بعد المجهود الكبير الذي بذلته .

[rontii]

فجر خامس يوم العيد

تقف بشرفة منزلها بهدوء تتأمل ما حولها ... عدد قليل بدأ في الخروج للبحث عن الرزق و عدد أخر يخرج من مسجد الحي متجه لمنزله كي يستعد للذهاب إلى عمله .
قربت هاتفها منها و هي تسمع اغنية فيروز ...

نسم علينا الهوا من مفرق الوادي
يا هوا دخل الهوا خدني على بلادي
يا هوا يا هوا يللي طاير بالهوا
في منتورة طاقة و صورة خدني لعندن يا هوا
فزعانة يا قلبي أكبر بهالغربة ما تعرفني بلادي
خدني خدني خدني على بلادي
شو بنا شو بنا يا حبيبي شو بنا؟
كنت و كنا تضلو عنا و افترقنا شو بنا
و بعدا الشمس بتبكي عالباب و ما تحكي يحكي هوا بلادي
خدني خدني خدني على بلادي .

ابتسمت بسعادة و هي ترى سلطان امام المسجد و الرجال من حوله تبارك و تهنئ مجئ طفله الصغير ... لن تنسى الفرحة التي عمت السوق بالأمس بمجرد انتشار خبر ولادة نعمة ... فالمعلم سلطان له أيادي بيضاء على الجميع ... لم يحتاجه احد و خذله ... ساعد هذا بإيجاد عمل له و ساعد تلك في إكمال مصاريف زواجها و أخرى في تعليمها و أخر في تشطيب شقته للزواج و هذا في إنهاء محله الجديد و غيرهم كثيرون ... لهذا الجميع يتمنى له الخير و السعادة .

أخذتها أفكارها مرة أخرى و هي تتابع حركة الناس ... كل منهم و له حكاية ... له وجعه الخاص و له معركته التي يحارب بها يومياً ... و هي مثلهم لا تقل أو تزيد عنهم بشئ ... لها معركتها الخاصة و لكن الفرق بينها و بين من حولها أنها منغلقة على ذاتها ... من يراها لا يصدق كم الألم داخلها فلا هي تجيد الشكوى و لا ... هي تريد الشفقة ... هي فقط تريد الهدوء الداخلي و الخارجي ... تبعد عن الصخب الخارجي و تترفع عن القلق داخلها ... برغم عمرها الذي لم يتجاوز الخامسة و العشرون لكنها أدركت أن القلق و التفكير المستمر لن يغير شئ سوى إصابتها ببعض الأمراض المزمنة و يجعل ملامح وجهها من الهم و التفكير كعجوز تخطت الخامسة و الستون .
ليس برود منها أو عدم إحساس بمن حولها أو لا مبالاة بما تمر به و لكن إيمان بالله و توكل عليه ... إن كل ما يحدث لها يحدث لحكمة لا نعلمها ... إذن فلتفعل ما يجب فعله و تترك أمرها إلى الله .
و هل هناك راحة أو إطمئنان أكثر من التوكل على الله .
و هذه فلسفتها و قناعتها الخاصة التي لا يتفهمها البعض و يسخر منها البعض الأخر .

بعد بعض الوقت
نداء خافت ببحة لا تخطأها جعلتها تلتفت لتبتسم تلقائيًا وهي تقول : العسلية صاحية 9 الصبح ده يوم عيد والله .
إبتسمت الأخرى و هي تقبلها و تقول : قلت افتح المحل بدري و رشا هتيجي الضهرية تقف معايا أبقى اطلع أعمل لقمتين لفاندام .
قلبت عينيها بسخرية ضاحكة و قالت : فاندام و لقمتين قولي حلتين صنيتين عشان فاندام يشبع .
رفعت ابتسام كفها بوجهها و قالت : الله أكبر هتحسدي الراجل في وشي .
ضحكت الأخرى بانتعاش و قالت : الله أكبر من عيني و عين كل اللي شافكوا و لا صلاش على النبي .
ثم نظرت لساعتها و قالت : انا هاخلع بقى عشان اتأخرت .
نظرت لها ابتسام بتقييم بدأً من حذائها الرياضي و بنطالها الجينز الواسع ... الواسع جدا و قميص كاروهات أبيض في لبني و طرحة زرقاء مع وجه خالي من الزينه .
قالت بامتعاض : انتِ يا بت يا عاليا مش ناوية تسيبي دولاب اخوكي في حاله و تلبسي لبس بنات زينا .
ضحكت بسخرية و قالت : شوف مين اللي بيتكلم ده موضة القمصان الكاروهات انتى اللي مطلعاها في السوق ... انتِ قدوتي يا عسلية .
ضربتها على ذراعها و قالت : كنت واقفة على عربية شاي بتعامل مع أشكال شمال لازم البس كده... غير إن فاندام بيغير عليا .
لكن انتِ بتشتغلي في شركة محترمة و معاكي موظفين زي الفل و قلبك فاضي ... يبقى تلبسي حلو و تاخدي من عندي كام علبة مكياج و تظبطي حالك عشان يجيلك ابن الحلال اللي يستاهلك .
قالت بتفاجئ مصطنع : اخس عليكى ... انتى عايزة تبيعي بضاعتك و ملقتيش غيري تضحكي عليه .
ضيقت ابتسام عينها و قالت : عاليا الشويتين دول مش عليا أنا مربياكي على ايدي .
تأففت و قالت : انتى عارفة ان الحوار ده مش في دماغي ... وحتى لو فكرت ... موظفين الشركة دول مفيش حد منهم ينفع كل واحد مرسوم على التاني كأنه مدير عام المنطقة و هو أخره بيفطر فول من العربية اللي في ضهر الشركة .
قالت ابتسام بهدوء : و ليه يا عاليا شايلة الموضوع من دماغك .
نظرت عاليا للساعة و قالت : هتأخر يا ابتسام و النهاردة أول يوم بعد اجازة العيد و ممنوع التأخير ... أما ارجع نكمل كلامنا و غادرت سريعًا قبل أن تتمكن ابتسام من الرد عليها لكنها قالت بصوت عالي : هاشوفك بالليل عند نعمة عشان نبارك و نشوف النونو .
و اختفت عاليا وسط حركة النشاط التي بدأت تدب بالسوق .

[rontii]

بعد عدة أيام
يخرج من تحت إحدى السيارات بعد إصلاح العطل بها ليمسك بقطعة قماش سوداء من بقع الشحم و الزيت المتراكم عليها فيمسح يده بها و هو يفكر بكلام التوربيدو ... لا ينكر أهمية السوشيال ميديا لكن هل من الممكن أن تكون هذه خطوة على الطريق ...
من مكانه أبصر فاندام متجهه ناحيته ويقول بصوته الجهوري : إبن حلال يا نجم كويس اني لاقيتك .
مد يده يصافحه بدون إهتمام ليد الأخر المليئة بالشحم و رائحة البنزين و قال : بص يا نجم عشان الوقت بس ... من كام يوم مسكت شغلانه حلوة لفيلا في التجمع بس حاجة ايه أخر فخامة ... المهم كل كلامي في الأول كان مع المدام صاحبة الفيلا و امبارح بس جه صاحب الفيلا و أول ما شوفته عرفته بيطلع في التلفزيون أكيد تعرفه هادي الشريف الملحن المعروف ... قلت بس فرصة أكلمه عنك يمكن الحظ يضرب و يرضى يقابلك ...
كل هذا الوقت كان هشام يستمع بدون إهتمام حقيقي و هو يغسل يده من آثار الشحم إلى أن قال اسم هذا الملحن المعروف عنه اكتشاف المواهب. فالتفت له و هو يمسك فوطة نظيفة يجفف يده و قال بلهفة : هاه وبعدين ... عرفت تكلمه ... وافق يسمعني ... أخدت منه معاد !!!
ضحك فاندام و هو يخرج علبة السجائر و يشعل احدهم و يقول و هو يربت على كتفه : عيب عليك ده أنا فاندام يا نجم .
يوم الخميس مستنيك في الاستديو بتاعه الساعة 11 بالليل ... وضع يده في جيبه و أخرج كارت ناوله لهشام الذي قبض عليه بلهفة كأن فيه سر الحياة .
قال فاندام العنوان أهو و دي نمرة مديرة اعماله ... ماهي مطلعتش مراته طلعت اللي ماسكة مواعيده و شغله و كده يعني ... انت عارف الناس دي معندهاش وقت ... عقبالك يارب ... المهم اوعى تتأخر... روح في معادك حتى لو استنيت عشر ساعات ... المهم يسمع صوتك .
انقض عليه هشام غير مصدق و احتضنه بشدة و هو يقول : ربنا يكرمك يا حودة ... جميلك ده في رقبتي حتى لو معجبوش صوتي كفاية وقفتك معايا ... عمري ما هانسى وقفتك دي معايا .
ضحك الاخر و هو يبعده برفق و يقول : يا عم إبعد باظت الهيبة بتاعة فاندام في المنطقة .
ضحك الأخر بصوت عالي و قال : هو حد يقدر يجي جمب فاندام و هيبة فاندام ده يبقى بيلعب في عداد عمره .

[rontii]

الاسكندرية

تمسك هاتفها تقلب بالرسائل المتبادلة بينهم منذ أكثر من عامين ... دموعها تنهمر غير مصدقة أن كل شئ إنتهى بهذه البساطة ... حب استمر لعامين ... أحلام نسجتها بكل ثقة في كل مقابلة بينهما أو لقاء يجمعهما ... و فجأة تصطدم بأرض الواقع ... ينتهي الحب و تتحول الأحلام الى كوابيس و السبب ... حتى الأن لا تعلم السبب ... هل السبب هو و تخاذله و عدم استطاعته الفصل بين حياته الشخصية و حياة اخته ... ام بسبب اخته التي لم تجد غير طليق صديقتها لتحبه برغم معرفتها بطباعه و صفاته العصبية و العنيفة احيانا ... ام بسبب أخ نشأ و هو يرى أب ضعيف و أم مسيطرة فقرر أن يكون العكس وأن تكون له الكلمة العليا بكل شئ و من حقه فرض سيطرته بكل الطرق بالنقاش أو الشجار أو الضرب .
و بين هذا و ذاك تحطمت أحلامها لتصحو على واقع مرير .
تعالت شهقاتها و هي تقرأ محادثة تلو الأخرى .
هنا يعدها بمنزل الأحلام و هنا يؤكد لها بشهر عسل لم تسمع مثله في محيطها ... أما هذه فيشرح لها بالتفصيل الوان و أشكال أثاث منزلهما و محادثة بعد الأخرى بين وعد و تخطيط و كله انتهى بعد الكثير من المحاولات البائسة التي تنتهي بشجار أخر بين أخيها و أخته .
رفعت رأسها للاعلى و هي تقول بكل ألم داخلها : يااااااارب إعملي الخير يارب و قويني يارب .


احد البيوت بسوق الخضار

ينظر حوله برضا و هو يتفقد الشقة و يقف جواره مجاهد و مالك الشقة و قال : الشقة حلوة و مساحتها مناسبة أوضة ليا و أوضة لمالك ... بس عايز أعرف الإيجار ...
قاطعه مالك الشقة و قال : عيب يا بشمهندس كفاية إنك من طرف التوربيدو ... السعر اللي هو يقول عليه مش هاتكلم بعده .
نظر لمجاهد بإمتنان لوقوفه معه بكل خطوة ليسمعه يقول : ايه ده مالك هينقل القاهرة ... ليه حصل حاجة و لا ايه ؟!!
حرك أشرف رأسه مؤيدا و قال : جاله شغل أحسن هنا ... هو كمان محتاج يبعد شوية الفترة دي .
اومأ مجاهد متفهما موقف مالك الحرج فقد علم من وفاء عن علاقته باخت مجدي و رغبته بخطبتها التي تأثرت بعد زواج اخته بأخيها و أصبح مالك مشتت بين حبيبته و أخته ... قال موجهه كلامه لأشرف : كده السوق هينور بيكو انتو الأتنين ... ها قررت تنقل امتى ؟؟
نظر أشرف حوله و هو يتأمل بداية جديدة و قال : أول الأسبوع الجاي أحضر ورقي و هدومي و اجي و أبلغ مالك عشان يظبط أموره و يحصلني .
قال مجاهد : تمام كده و أنا باذن الله على ما تيجي أكون شوفت حوار الشغل ده .
قال أشرف بحرج : انا تعبتك معايا والله يا أستاذ مجاهد .
قال التورييدو مستنكرا : عيب الكلام ده يا باشمهندس أنت أخويا الصغير و متقلقش أكيد في يوم من الأيام هحتاج منك خدمة و لو منفذتهاش يبقى اتحمل اللي هيجرالك .
قال أخر جملة و هو مبتسم فجاء رد الأخر بسرعة : أنت تؤمرني يا أستاذ كفاية اللي عملته معايا و أنا في السجن .
ربت على كتفه و قال طب يالا عشان منعطلش الراجل اللي هناك ده أكتر من كده و تلحق طريقك في النور .

بعد نص ساعة كان أمام باب مكتب مجاهد يودعه على وعد بالعودة أول الأسبوع القادم و كان قد انتهى من إمضاء عقد الإيجار مع المالك ليقطع حواره مع مجاهد صوت ضاحك من مدخل البناية يقول : أنا عايزة نسبة يا توربيدو على الزباين اللي بجبهالك دي والله .
إبتسم التوربيدو وهو يخلع نظارة القراءة و يضعها بجيبه و يقول : يا عاليا من غير زباين أديكي اللي انتِ عيزاه كفاية إنك الوحيدة في السوق اللي بتنشري طاقة إيجابية .
بإنتهاء جملته كانت عاليا تقف أمامه بقميص رجالي بلون أخضر غامق واسع يصل لمنتصف الساق و بنطال من الجينز الأزرق و طرحة صفراء بخطوط بنفس لون القميص ... بشرة بيضاء ملامح عادية لكن بشوشة تبعث على الراحة و الهدوء .
إحمرت خجلا من نظرات أشرف الذي لم تكتشف وجوده إلا الآن فقالت تنسحب بهدوء :
طيب أنا هامشي و أجيلك وقت تاني تكون فاضي .
قال مجاهد ببساطته المعهودة : لا تعالي بشمهندس أشرف كان خلاص ماشي ... تعالي أعرفك على جاركو الجديد ... بشمهندس أشرف هيسكن في الشقة اللي قدام شقتكو و نظر لأشرف قائلا : الأنسة عاليا جارتك في السكن و إحتمال تكون زملتك بالشغل .
نظر أشرف له بعدم فهم فقال مجاهد : هافهمك بعدين
اومأ أشرف و نظر لها و قال بملامح منغلقة : تشرفنا يا أنسة ... ثم نظر لمجاهد و قال : الحق أمشي أنا عشان اركب في النور و كلها كام يوم و اجي و احتمال مالك يكون معايا .
قال مجاهد : السوق هينور بيكو ... توصل بالسلامة و طمني عليك .
إختفى أشرف من أمامهما و بعد دقائق كانا بغرفة مكتبه بعد أن طلب من مساعده إعداد كوبان من الشاي ... قال مجاهد بتساؤل : أخبار حازم ايه؟
تنهدت بتعب و قالت : مش عارفة ... المفروض بيتحسن ... بس زي ماهو برضو .
قال مجاهد بتعجب : ازاي زي ماهو و ازاي بيتحسن يا عاليا!!
قالت توضح : حازم رافض التفاعل و الإختلاط معانا الأول كان مش قادر .. مكسور .. مقهور .. كان محتاج علاج نفسي قبل ما يكون جسدي عشان يقدر يتكلم و يتعامل بطريقة طبيعية .
لكن دلوقتي هو قادر ... منقدرش نقول إنه نسي أو رجع زي الأول لكن قادر يندمج معانا و يتكلم و يتناقش لكن رافض ... نادر اوي لما بيخرج برة القوقعة اللي حاطط نفسه فيها ... و أنا تعبت اوي يا استاذ مجاهد محتاجة وجوده معايا ... محتاجة يقف كتفي بكتفه مش بس ماديا ... أبويا و أمي صحتهم مش زي الأول و أنا تعبت و أنا حاسة نفسي في طاحونة .
اومأ متفهما و قال بتفاؤل : طالما الدكتور طمنك إنه نفسيا دلوقتي أحسن يبقى متقلقيش ... الفترة الجاية كلنا هنكون معاه لحد ما يرجعلنا حازم بتاع زمان .
أنا اخترت أشرف بالذات يسكن جمبكو لانهم هيقدروا يفهموا بعض .
اتسعت عيناها و قالت : هو ... هو ظروفه نفس ظروف حازم .
حرك رأسه نافيا و قال : أشرف كان مسجون و طلع براءة بس بتهمة مختلفة و طبعا المعاملة مختلفة لاختلاف التهمة ... لكن يجمعهم السجن و الظلم و الوحدة ... صدقيني أنا متأكد إن الأيام الجاية هتفرق كتير مع حازم .
اومأت و قالت بأمل : يارب يا أستاذ .
ثم قامت واقفة و قالت أمشي أنا بقى عشان متأخرش عليهم .
تسأل مجاهد : أومال كنتي جاية ليه و نسبة ايه اللي عيزاها .
خبطت بباطن كفها على جبهتها و قالت : تصدق نسيت ... بص يا متر واحدة زميلتي عندها مشكلة كده و عايزة رأي قانوني و إدتها نمرتك و قلتلها محدش غيرك هيفيدها .
ابتسم و قال : انتِ وصاحبتك على راسي يا عليا .

[rontii]

وقف هشام برهبة على الجهة المقابلة للاستديو الخاص بالملحن المعروف و هو ينظر بساعته ... وصل قبل الموعد بنصف ساعة خوفا من اي حدث بالطريق ... أخذ عدة انفاس متلاحقة لشعوره بضيق في التنفس من الخوف ... نعم هو خائف مرتجف فهي فرصة لن تتكرر مرة أخرى يرتعب من ضياعها و عندها سيفقد الأمل ... فرأي ملحن مثل هادي الشريف بخبرته و تاريخه سيشكل علامه فارقة معه .
نظر لساعته و قرر خوض التجربة بعد أن توصل لقرار هام .... إنه حتى لو لم يعجب هذا الملحن بصوته لن يفقد الأمل بل سيحاول مرة وراء الأخرى للوصول لحلمه مهما كلفه الامر
دقائق و كان داخل الأستوديو و من الواضح أن الجميع منشغل بالتدريب على لحن جديد أو تسجيل أغنية جديدة فهو حتى الان لم يرى أحد غير بعض العازفين إما منصرفين أو مثله لم يحضروا إلا من دقائق .
بعد نصف ساعة وجد الجو هادئ توقفت حركة العازفين و إن حضر أحدهم لا يجرؤ على التحرك من غرفة الاستقبال .
فنهض للسكرتيرة و قال : هو حضرتك بلغتى الأستاذ إني هنا .
اومأت بألية بدون النظر له و هي منشغلة بالأوراق أمامها و قالت : دخلتله في الاستراحة و بلغته .
فقال مجادلا : طيب ممكن تفكريه تاني يمكن نسي .
ردت : لا طبعا مستحيل أدخل إلا في الاستراحة ... طالما بدأ تسجيل ممنوع اي حد يقطع الشغل .
نسقت الورق أمامها ثم نظرت له قائلة : اتفضل استريح و لما يخلص هابلغه تاني .
بعد انتظار أكثر من ساعة حانت اللحظة المنتظرة و تحرك هشام للداخل بثبات ظاهري و رعب داخلي ليقف أمام الملحن هادي الشريف اخيرا .
نظر له هادي و علامات الارهاق بادية على وجهه و قال : إتفضل يا هشام ... مش هشام برضو؟؟
اومأ بصمت فابتسم الأخر و قال : ايه يا راجل أنت مش جاي تغني و لا ايه !!! صوتك راح فين من أولها .
تنحنح و قال : لا ابدا بس رهبة الموقف مش أكتر .
ضحك هادي و قال : طب استريح و سمعني كده اي حاجة من صوتك .
استجمع شجاعته و هو يدعو الله أن يوفقه ليصدح صوته : ليالينا ليالينا و تاهت بينا تاهت ليالينا ليالينا و قلنا ........
اندمج هشام بالغناء و انفصل عن ما حوله ... تعالى صوته ناسيا كل ما حوله ... المكان و الزمان و الظروف ... فقط هو و موهبته الأثيره لم يشعر بنفسه إلا بعد إنتهاء الأغنية و هادي و من حوله بعض العاملين بالاستوديو يصفقون له و قال هادي : طب ما انت صوتك حلو أهو أومال كنت قلقان في الأول و افتكرت انك عايز تتشهر و خلاص .
قال بانشداه و عدم تصديق : بجد يا أستاذ صوتي عجبك .... يعني ممكن أغني و الناس تسمعني .
ابتسم هادي و قال : طبعا صوتك محتاج شغل عشان النفس و العُرب لكن دي بالتمرين و الشغل عليها هتبقى تمام المهم خامة الصوت و دي مبشرة بالخير ....
ما تسمعني كده اي حاحة شعبي .
تردد هشام للحظات ثم قال : بس أنا مش عايز بدايتي تبقى شعبي و الناس تحطني في المنطقة دي .
مط هادي شفتيه و قال : المغني الشاطر لازم يعرف يغني كل الألوان رومانسي ... شعبي ... موال ... و الملحن الشاطر هو اللي يعرف امكانيات المغني اللي معاه و يشتغل عليها .
اومأ الاخر و قال :
عم يا صاحب الجمال
ارحمني ده أنا ليلي طال
عندي سؤال على قد الحال
يعوض صبري اللي طال عم .... يا صاحب الجمال الجمال
و بعد انتهاءه من الاغنية ابتسم هادي و قال : بتشتغل يا هشام ؟!!
اومأ هشام و رد : اه انا ميكانيكي سيارات في ورشة عندنا في الحتة .
فسأل هادي مرة أخرى : و بتعرف تقرى و تكتب!!
رد سريعاً : اه طبعا انا دبلوم صنايع و في الإنجليزي مش وحش اوي اصلي غاوي افلام أجنبي فكنت بلقط منهم حبة كلام .
قال هادي : ممتاز ... ممتاز ... طيب من بكرة عايزك هنا يومياً من الساعة 10 اعتقد تكون الورشة قفلت و تفضل معايا لحد ما أخلص شغلي و هاقولك هنعمل ايه الفترة اللي جايه .
طبعا مقدرش من بكرة اطلعك تغني ... لازم أول ظهور ليك يكون قوي ... خدها قاعدة اللي يبدأ صح يكمل صح يبقى لازم تتدرب الأول كويس و خلال الكام شهر دول عندي حاجة على رمضان ممكن تناسب خامة صوتك ... كله معتمد على شغلك و التزامك .
قام هشام واقفا يكاد يطير فرحا غير مصدق أن الحظ أخيرا ابتسم له مد يده يسلم على هادي بحرارة : شكرا يا أستاذ ... ألف شكر ... مش عارف أشكرك ازاي انك ادتني الفرصة دي .
قال هادي بعملية : عايزك تكون قد المسؤلية .
أكد هشام بسعادة : طبعا يا أستاذ مش هتندم إن شاء الله .
استدار راحلا فسمع هادي يسأله : بتشرب سجاير يا هشام .
نفى الأخر سريعا : لا خالص لا سجاير و لا اي مكيفات من اي نوع كبيري كوباية شاي مع الفطار .
رد عادي : ممتاز ... ممتاز ... صوتك نعمة من ربنا لازم تحافظ عليها .
و هكذا انتهى اللقاء الذى سيترتب عليه الكثير و الكثير بالأيام القادمة .

بعد خروجه إلى الشارع تناول هاتفه ليجد عشرات المكالمات بعضها من زينه و الأخر من هدية .
إتصل بزينه التي اجابته سريعا تقول بلهفة : ها طمني عملت ايه .
ضحك ضحكة رنانة دوى صوتها عاليا للهدوء المحيط به فالساعة شارفت على الثالثة فجرا ثم قال : عجبه صوتي يا زينة ... و من بكرة هاروحله كل يوم اتدرب معاه لحد ما يلاقي فرصة يطلعني فيها .
صرخت زينه عاليا بفرحة و هي تتحرك بغير هدى بحجرتها بينما الأخر يقول : اعقلي يا مجنونة أبوكي و أمك هيصحوا و يبهدلونا .
قالت تلهث من فرط السعادة : أنا لو عليا أزغرط من هنا لأسبوع قدام ... إخيرا هتحقق حلمك و مصر كلها تسمعك .
قال الأخر بسعادة : أنا راضي بعشرة مليون بس مش لازم المية يسمعوني .
أجابته بثقة : لاء البلد كلها هتسمعك و تبقى أحسن مغني في مصر إن شاء الله .
ثم اضافت بمشاغبة : بس أوعى الشهرة تغيرك و البنات الحلوة تنسيك مين زينه .
رد ببال رائق و صوت هادئ : و أنا اقدر انسى زينة يا زينة
ثم تنحنح يصفي حنجرته و قال :

والله زينة والله تشتهيها العين
لولا خوفي من الله لاقطف الخديـــن
اللي نورهم خلى حر قلبي ظلة
والصحارى جنينه زينة والله زينة
زينة والله زينة

انطلقت ضحكتها سعيدة بالأغنية التي طالما يغنيها لها كي يصالحها أو يغازلها ثم قالت : بحبك اوي يا هشام و نفسي أشوفك أحسن واحد في الدنيا .
رد بوعد : أول فلوس هاقبضها من الغنى هاجبلك بيهم الشبكة ... أحلى شبكة لاحلى عروسة في مصر كلها .
نظر في هاتفه ثم قال في تأفف : هاقفل معاكي عشان المجنونة هدية كلمتني فوق الـ 20 مرة و عايز أطمنها .
قالت له : تمام يا حبي أشوفك بكرة بإذن الله... سلملي عليها .
أغلق مع حبيبته ليتصل بأخته المجنونة كما يلقبها دائما و قال : خير يا مجنونة ... ايه 20 مكالمة ... مش بتزهقي من الزن ... الله يكون في عون اللي هيتجوزك يا شيخة .
قالت بلهفة : طمني يا هشام عملت ايه عرفت تقابل هادي و لا ايه ؟
قال بصوت واثق مشاكس : عيب يا بنتي هو أنا اي حد ده خرج بنفسه يستقبلني من فرحته بيا .
قالت بتهكم : و ايه كمان يا عندليب ... قام عملك القهوة بنفسه و طلب لك ساندوتشين شاورما .
ضحك عاليا و قال : دايما تبوظي اللحظة يا هدية .
تأففت و قالت : قلنا بلاش هدية دي اسمي هيدي أو هايدي انسى هدية ده نهائي ... و إنجز و قولي عملت ايه .
قال بسعادة : قابلته يا بت و عجبه صوتي و هاروحله الفترة الجاية عشان اتمرن معاه .
قالت بفرحة : مبروك يا نجم ألف مبروك ... طب ايه كلمته عني و لا نسيت أختك حبيبتك !!!
قلب عينه بملل فهي تحلم مثله بالغناء و لا تعلم انه من المستحيل أن يوافق على هذا الجنون فهو ببساطة أناني ... متعصب ... شرقي بامتياز ... تقول ما تقول و لكنه يخاف عليها و لن يستطيع التواجد معاها دائما و الحفاظ عليها من وسط يعلم جيدا أن أغلبه فاسد ... هو بالنهاية رجل لن يضر سمعته شئ حتى لو اخطأ ... نحن بالنهاية في مجتمع ذكوري يبيح للرجل ما لا يبيحه للمرأة .
انتفض على صوتها الحانق من صمته و قالت : متشكرين يا عندليب شكلك نسيتني و مفكرتش إلا بنفسك ... أنا هاعرف اتصرف و أوصل زي ما أنت وصلت يا هشام .
و أغلقت الهاتف قبل سماع رده ... نظر لهاتفه و قال يحدث نفسه : المجنونة قلبت في ثواني ... فاكرة اني هاسيبها تخطي برة باب البيت .

[rontii]

يوم جديد في المستشفى الحكومي بالمنطقة
تجلس تهاني بتململ جوار أمها تحمد الله أن صالة الانتظار خالية إلا منهما ومريضة أخرى منشغلة بإطعام طفلها لحين الدخول للطبيب ... بينما أمها مستمرة بكلامها المزعج قائلة : أهو ده اللي خدناه من دماغك الناشفة ... الراجل رجعلك ندمان و اتأسف و قالك طلباتك و انتِ متكبرة مش عارفة على ايه .
و أبوكي و أخوكي مطوعينك على الجنان ده مفيش غير أختك اللي واقفة معايا ...
فكرك حد هيخبط بابك بعد الفضيحة اللي حصلت .
قالت تهاني من بين أسنانها : و الفضيحة دي كان مين سببها أنا و لا الحيوان اللي فرج عليا المنطقة كلها ... انتِ بتتكلمي عن الموضوع بكل سهولة لأنك مشفتيش اللي حصل .
قاطعتها : مشفتش بس البيوت ياما بتداري و الست الناصحة متدخلش حد بينها و بين جوزها .
ردت بخفوت غاضب : هو أنا اللي عرفت الناس كلها و لا هو اللي نزلني على السلالم مسحولة بعد ما ضربني على وشي بدل القلم عشرة و قطع شعري من كتر الشد فيه ... مش هو اللي جه رماني قدام باب عمارتكو و قال بعلو صوته بنتكو مش عايزها لأنها باعت نفسها قبل الجواز و أبنك اللي بتقولي واقف معايا يومها نزل بالمطوة بتاعته و بدل ما يفتح كرش الواطي بيها كان هيدبحني ... لولا فاندام و سلطان اللي وقفوا و حموني منه و قعدوا مع أبويا و كلموه بالعقل .
قالت أمها بمجادلة هامسة حتى لا يستمع لهما أحد : يا بنتي ماهو له حق أي راجل دمه حر مكانه أكيد هيعمل كده و هو كان ايه فهمه إنك مش زي باقي البنات و الموضوع عندك مش سهل كده .
وضعت يدها على رأسها تسأل الله الصبر فامها ستتسبب لها بنوبة قلبية من دفاعها المستميت عن المدعو طليقها ... فهي تربت على إن المرأة مكانها بيت زوجها مهما حدث بينهما ... و يجب إن تتحمل الزوجة في سبيل الحفاظ على بيتها .
قالت بعد ثواني من الصمت : بصي يا ماما عشان نقفل الحوار ده نهائي ... أنا لا يمكن أكمل مع واحد مد ايده عليا سواء عنده حق أو معندوش و لا يمكن أكمل مع واحد شك في أخلاقي و فضحني قدام الناس كلها ... حتى لو هاعد العمر كله من غير جواز .
استغفرت أمها و قالت بتعب : يا بنتي أنا خايفة عليكى كلمة مطلقة مش سهلة و الكل هيطمع فيكى ولو جالك حد شاري هيبقي طمعان إنك تتنازلي عن شقة و شبكة و مهر عشان مطلقة ... و بعدين ايه عرفك لو اتجوزتي تاني ميكنش عصبي و بيمد إيده ... كل الرجالة بتتعصب و كلهم وقت العصبية بيمدوا إيدهم .
نظرت لها بعدم تصديق و قالت : عمر ما أبويا مد إيده عليكى وعمر ما خالي ضرب مراته و لا حد من أعمامي سمعت إنه حتى هان مراته مش ضربها ... ليه عيزاني أرضى باللي انتِ مترضيش بيه عشان مبقاش مطلقة ... أعيش لوحدي أرحم من إني أعيش في بيت واحد بيهين فيا و يمد إيده عليا .
قالت أمها : ايوه بس .... وإنقطع حوارهم مع نداء الممرضة على اسم تهاني ليدخلوا للدكتور مدحت لمعالجة مريضته .
دخلت أمها و هي تجرها خلفها و سلمت على الدكتور مدحت قائلة : ازيك يا دكتور .
قال الأخر ببشاشة : اهلا اهلا يا حاجة إتفضلي ... ثم نظر لتهاني و قال : ازيك يا أنسة تهاني .
قالت أمها و هي تمصمص شفتيها : الواحد مش عارف والله مفروض يتقال لها ايه مدام و لا أنسة .
تفاجئ مدحت من كلامها بينما تلون وجهه تهاني بالحرج و قالت بهمس غاضب : ماما ايه الكلام ده .
حاول مدحت التدخل لرفع الحرج : أنسة طبعا يا حاجة و ست البنات و معاكو شهادة تثبت الكلام ده لو أي حد اتجرأ و قال غير كده .
إبتسمت تهاني بامتنان حرِج من كلام أمها لتسمعه يقول بعملية : خير يا حاجة بتشتكي من ايه !!
قالت بامتعاض : أنا الحمد لله زي الفل... هو احنا عمرنا روحنا لدكاترة إلا يوم الولادة ... مش زي بنات اليومين دول من أقل حاجة يلفو على دكاترة البلد كلها .
قال بمهادنة : الطب إتغير يا حاجة و دلوقتي بقى فيه أمراض مكانتش موجودة على أيامكو ... أيام الخير و البركة ... ثم نظر لتهاني و قال ببشاشة : خير يا أنسة تهاني بتشتكي من ايه .
فتحت فمها لترد لكن صوت أمها قاطعها و قالت : عندها نزيف يا دكتور من يوم اللي حصل و مغص في بطنها مستمر مش بيروح إلا بالمسكنات ... الأول قلتلها دي أكيد الدورة لكن لما طولت قلتلها لازم نروح و نفهم ايه اللي بيحصل ... لازم نطمن مش ناقصين مشاكل تاني ... لو رجعت لطليقها و كان فيه حاجة كده و لا كده هتبقى فضيحة مفيش قومة بعدها .
وضعت تهاني يديها على وجهها تريد أن تختفي من المكان فأمها تتعمد إحراجها و التقليل من شأنها أمام الدكتور مدحت برغم محاولته التعامل بطبيعية حتى لا يسبب لها الإحراج لكنها ترى نظرات الإستنكار في عينيه من حديث أمها المخجل .
نظر مدحت بإشفاق لتهاني مما تعانيه من كلمات غير مراعية من أقرب الناس لها و قال : قومي يا أنسة تهاني على السرير عشان نطمن .... و بعد دقائق و بعد عمل سونار قال حمدي بمهنية : الوضع مفيهوش أي حاجة تقلق ... و دي حبة تحاليل تعمليها عشان نطمن عليكى أكتر .
قالت أمها تسأل : خير يا دكتور شاكك في حاجة معينة ... أصلك كاتب كلام كتير شكلها تحاليل صعبة .
قال : لا أبدا عايزين نطمن إن مفيش أنميا لإن دي من أسباب النزيف... كمان التوتر العصبي و الإضطراب النفسي من أهم أسباب النزيف .
ثم نظر لتهاني التي لم تتكلم بكلمة واحدة منذ دخولها ... و كيف تتكلم بوجود أمها التي تقاطع أي محاولة منها للشرح و التعبير : أكيد الفترة اللي فاتت اتعرضتي لضغط عصبي جامد و ده عملك إضطراب في الهرمونات و برضو أكيد شهيتك للأكل اتأثرت و إحتمال كبير وجود أنميا ...
ثم تناول ورقة أخرى و خط بها بضعة كلمات ثم ناولها لها و قال : ده دوا يتاخد 3 مرات ب فى اليوم بعد الأكل هيوقف النزيف لحد ما تعملي التحاليل و تيجي ... هي مش هتاخد أكتر من يومين عشان تطلع و ربنا يطمنا عليكي بإذن الله .
قامت تهاني و أخذت من يده ورقة التحاليل و الأخرى الخاصة بالعلاج و هي تشكره بكلمات مبهمة غير مفهومة بينما أمها تقول : تعبناك يا دكتور يومين و نرجعلك إن شاء الله .
بينما تهاني تنعي سوء حظها بداية من امها و اختها حتى طليقها و تدعو الله ان يجبر كسرها ... فقلبها اصبح لا يحتمل المزيد من الخيبات.


انتهى
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

[rontii]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 36 ( الأعضاء 16 والزوار 20)
‏rontii, ‏همسات ملائكية, ‏عضوية مجانية (123456), ‏ام عبودي33, ‏mayna123+, ‏إلين 1988, ‏رانيا خالد, ‏amana 98, ‏Fairtulip, ‏زهرورة, ‏عمر أبوبكر, ‏miromaro, ‏لهفة مشاعر, ‏اللؤلؤة الوردية, ‏غروب الامل, ‏laila2019
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع

[زهرورة]

يااختاااي حد يناولني ساطور 🔪🔪 ولا 👟👟عشان اضرب الولية ام تهاني يخرب بيتها دي ام دي ترمي بنتها لكلب زي ده😤😤 مش عشان خايفة عليها لا هي خايفة على نفسها وعيلتها من كلام الناس استغفر الله ااعظيم اذا امها بتعمل كدة خلت ايه للناس الله يكون في عونك ياتهاني ياريت الدكتور مدحت يتجوزها ويخلصها من قرف اهلها😖😖 . .هشام اخيرا لاقى الي يسمعه وعجبهم وطبعا طاير من الفرح والبت زينة انهبلت وكانت حتزغرد بنص الليل 😂😂وهادية او هايدي زعلت كان نفسها هي كمان تغني بس هشام مش حيرضى ان اخته تغني قدام الناس ..ابتسام بطلتي الحبوب يابنت الهبلة😣😣 ياريت تتخلصي من الحبوب بدل مايشوفها حودة ويقلب ويرجع لحودة القديم 😠😠..علياء وعرفنا ان اخوها حازم مبيطلعش خايف يواجه الناس والطوربيدو قال لعلياء ان اشرف حيسكن جبنكم وهو ظروفه زي حازم وحيساعده ياترى ايه حكاية حازم وليه علياء بتلبس لبس رجالي خايفة من ايه ..😒😒نعمة ولدت لولولي💃💃💃 واخيرا جابت لسلطان كتكوت👶 وسلطان طاير من الفرح الف مبروووك يامعلم انت ونعنع يتربى في عزكو بس معرفناش سموه ايه🤔🤔 ..الفصل تحفة ودمك عسل يارورو ربنا يوفقك 😘😘

[اللؤلؤة الوردية]

حبيبتي يا روني الفصل تحفة
ابتسام عقلت الحمد لله وتركت المانع وبدأت تحمد ربها
نعمة ولدت والف مبروك بس معرفناش البيبي اسمو إيه؟
عليا بنت جدعة صحيح ياترى إيه مشكلتها غير أخوها؟
أشرف بدأ يستقر ويتحسن حاله وحيفيد حازم
تهاني أمها مصيبة خلي د. مدحت يتحرك وينقذها من أهلها لأنها تظلمت جدا
هشام وبداية الشهرة وأخته الهبلة عاوزة تشتغل زيه
الفصل ممتع وما شبعت منه💖💖💖

[Khawla s]

تسلم ايدك ياقمر فصل طويل ومليئ بالاحداث 😘😘♥♥
مبرووك لمزززي الغالي النونو يسعدلي سلطاني وحنيتو انا💋💋
تهاني احزنت عليها الواطي جوزها تنقطع ايدو وامها هاي الغبيه كيف بدها ترجع لطليقها بعد الي عمله قال شو عشان مطلقه 😒
بس حاسه ان الدكتور هيكون ليه دور مع تهاني
ابتسام اخيراً اقتنعتي يختي وسبتي الحبوب يلا لحقتي حالك من علقه حوده😂😂
هي البنت الي بالاسكندريه متشوقه اعرف قصتها
مالك واشرف جيران عاليا وشكلها رح تحلو😍😍
وعاليا هتتغير شخصيتها
والنجم بلش مشوار النجوميه والغناء انبسط له ولفرحته 😍
تسلم ايدك الف مره يارونتي 💖💖