12-06-19, 11:20 AM | #1 | ||||
| بعثرة كلمات لست ضعيفا يا أمي ... أنا يائس ، يائس من المستقبل ، يائس من الماضي الذي لا ينفك يلاحقني أينما حللت كوصمة عار متلازمة لي منذ الطفولة ، كنت أتوراى بعيدا عن الجميع في مخضعي كيلا استمع إلى انتقاداتهم الجارحة طيلة الوقت ، أخوتي أتخذوا مني أداة للتسلية والهزل ولا يفقهون أن كلماتهم كالنيران تتوقد داخل صدري ، ولا أستطيع الرد حتى ينفجروا ضاحكين مجددا . لم أكن ضعيفا ، كنت متألما من معاملاتكم ، من همزات الضيوف والجيران والأقارب ، من صديقاتك ذوات العقل المحدود اللاتي يقنعونك بأن عاهتي سيئة ، عاهتي شيطانية ولربما هو سحر من امرأة حاقدة عليك ! . ليس ذنبي أني خلقت واللعثمة ملازمة لكلماتي ...ليس ذنبي ولم تتفهمي ذلك الأمر . ما زلت أذكر سنتي الدراسية الأولى في الإبتدائية كيف انزويت خجلا من التحدث مع أحد زملائي كيلا ينالني ما ينالني في المنزل من استهزاء ، ظللت صامتا جالسا في آخر مقعد كالشريد ، حتى اقتربت المعلمة وصاحت بي ... ما اسمك : وقفت بارتباك أمامها ، بخوف استعمر جسدي الصغير والعيون معلقة علي ، حاولت نطق الحروف بشكل متزن ...ولكن ككل مرة ما خرج مجرد حروف ملعثمة مكررة . قطبت المعلمة حاجبيها وأعادت السؤال بصوت أعلى ليزداد خجلي والتأتأة ، اقتربت المعلمة بغضب واضح وصرخت : احكي بشكل آدمي يا غبي !! حينها تفجر غضبي بشكل اكبر لأتلعثم صارخا باكيا أمام ذهول التلاميذ قبل أن تتعالى ضحكاتهم على كلماتي .. فتشهق المعلمة بصدمة بعد معرفتها ما بي ...لكن بعد فوات الآوان ، أدركت حينها أن العالم لا يرحم ، لا يتقبل الاختلاف ، أن تكون مختلفا عن المجتمع يعني أنك منبوذ منهم ، محط سخرية أو شفقة أو اشمئزاز . لم يكن ما أعاني منه يستحق أن تفعلوا بي هذا لأجله ؟ ولم تكوني أنت مثقفة يا أمي ، لكنك حنونة ، حنونة مع الجميع إلا معي ! لأني مختلف حتما ، لم تعلميني المواجهة ولا الثقة بالنفس ، بل كنت تخجلين بي في كثير من الأوقات وتكتفين بكلمة (اصمت أنت ) وأصمت أنا يا أمي ، أصمت والسكاكين حرفيا تخترق صدري لقسوة معاملتك لي . كثيرا ما كنت أعود من المدرسة متعرضا للتنمر ، محتاجا لمن يحتويني ، كنت أحتاج فقط لأن أنغرس داخل صدرك كي تحميني منهم ...لكنك كذلك لم تحتوي ألمي ..ولم تحميني من أحد . Enas Mhanna... | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|