آخر 10 مشاركات
23 - امرأة تحت الصفر - راشيل ليندساى ( إعادة تنزيل ) (تم تجديد الرابط ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          93- الشمس والظلال - آن هامبسون - ع.ق ( نسخه أصلية بتصوير جديد ) (الكاتـب : angel08 - )           »          مرت من هنا (2) * مميزة *,*مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          القليل من الحب (81) للكاتبة Joss Wood .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          أعاصير ملكية (57) للكاتبة: لوسى مونرو (الجزء الثاني من سلسلة العائلة الملكية) ×كاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قلوب خيالية( روايات ونوفيلات متعددة الفصول) > قلوب خيالية قصيرة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-07-19, 06:01 AM   #1

بيان321

? العضوٌ??? » 448711
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » بيان321 is on a distinguished road
New1 الاكسير السحري


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


هذي أول مرة أكتب فيه في هذا المنتدى، وحابة أشاركم روايتي المتواضعة.

أرجو أن تنال إعجابكم.




[fieldset=رواية]
الاكسير السحري[/fieldset]

[fieldset=- الوصف -]"لا زلت أتذكر ...
... أتذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله!
السماء صافية، وشجرة الدراق تلمع بين أشعة الشمس، تجلسين أنتِ تحتها مع كراسة الرسم.
وقتها فقط، خفق قلبي...
كنت أعلم حينها أن بيننا طريقًا طويلًا لنشقه معًا.
لكنني كنت أنانيًا!
أنا آسف!"
[/fieldset]

[fieldset=المقدمة]
القمر في تلك الليلة، ساطع حد الانفجار ، وكأنه يتحدى الظلام الحالك، لم يكن حينها أي نجوم، سماء سوداء فارغة تمامًا، غيوم داكنة تحوم في الأرجاء، وحده ذلك الضوء القمري أدخل القليل من التفاصيل إلى تلك الغرفة المهترئة، تتمدد طفلة صغيرة، بجانبها سيدة شابة رقيقة، تمسك بكأس يحمل بداخله سائل غريب، أخضر طحلبي، تخرج منه فقاعات الهواء، تتمدد تتمدد ثم تنفجر، بينما انعكاس تلك الفقاعات في عيني الطفلة، تحشر دموعها.

ناولتها السيدة الكأس، وهمست:

- اشربيه دفعة واحدة يا صغيرتي!

ابتعلت الفتاة بملئ ريقها، ثم شعرت بحرقة تدخل حلقها، عيناها كادتا تنفجران من انتفاخها، شرايينها بدأت بالبروز، وعنقها أخذ يضمحل، لتبرز أعصابها الزرقاء. كسر الصمت صوت تمزق داخل عنقها النحيل، تبعه صراخها، شق طبقات السماء، ثم ارتمت على السرير كالجثة الهامدة، وجهها شاحب ميت، وقطرات العرق تكاد تخنقها.

طبعت السيدة قبلة رقيقة على جبهة الطفلة، لتلسع وجهها بدموعها، وهمست:

- هذا من أجل مستقبلك يا صغيرتي! ...

ثم ربتت على رأسها، وقبلتها مجددًا:

- سامحيني يا صغيرتي!

[/fieldset]


- الفهرس -

- المجلد الأول:

* الفصل 1
* الفصل 2
* الفصل 3
* الفصل 4
* الفصل 5
* الفصل 6
* الفصل 7
* الفصل 8
* الفصل 9
* الفصل 10
* الفصل 11
* الفصل 12
* الفصل 13
* الفصل 14
* الفصل 15


-المجلد الثاني:

* الفصل 16
* الفصل 17
* الفصل 18
* الفصل 19
* الفصل 20
* الفصل 21
* الفصل 22
* الفصل 23
* الفصل 24
* الفصل 25
* الفصل 26


...




بيان321 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-19, 06:04 AM   #2

بيان321

? العضوٌ??? » 448711
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » بيان321 is on a distinguished road
New1 الفصل 1

الفصل الأول - دواء، وهزيمة

رفعت الأعلام، ونفخت الأبواق، ورش المواطنون الزهور على الجنود الذين يسيرون بفخر واعتزاز بين الحشود، أصوات التهاليل والتبريكات، والأطفال يرقصون في الأرجاء، ورجال مهندمون يضربون الطبول خلف الركب، يعلنون قدوم فارسهم المغوار بعد تحقيقه هذا الانتصار العظيم لبلاده.
فتح باب القلعة الضخم، حشد آخر من كبار الرجال، يصطفون في صفوف منظمة، ترسم ملامحهم علامات الرضا والانتصار.
نزل الفارس عن حصانه، وتقدم نحو المنصة، حيث يقف الملك وحاشيته، تعلو وجوههم ابتسامات رقيقة. انحنى الفارس على إحدى ركبتيه، وأسدل الملك سيفه، وقام بمباركته، ثم انتهت المراسم، واعتلا تصفيق الجميع كموجات بحر هائجة.
...
دخل غرفته، وخلع وشاحه، ورماه لخادمه، ثم ارتمى على الكرسي.
- هاته يا مارون! هاته!
فانحنى مارون، وهم مسرعًا، ثم عاد بكأس مملوء بسائل غريب، وقدمه لسيده.
- آه!
تنهد بعد أن فرغ من كأسه، وأردف:
- هذه الأشياء فعالة للغاية.
فعلق الخادم:
- انه بفضل أطباء القصر يا سيدي، فالملك اختار أفضل أطباء المملكة ليخدموا سموك.
- تخاريف تخاريف!
علق بلا مبالاة، ثم أعاد الكوب للخادم، وأشار له بيده، وقال:
- فلتتركني وحدي الآن.
- أمرك مولاي.
وهم مغادرًا، حينها استلقى بثقل جسده على الكرسي.
...
في دفيئة القصر، حيث تكتسي الجدران بأوراق الأشجار، وتصطبغ لون أشعة الشمس بخضارها، تجلس نورس تحت إحدى الأشجار، تحتمي بظلها، تبرم أوراق النباتات بخفة، وتلقيها في وعاء صغير، ثم تضغط عليها برفق بواسطة المطحنة، حتى تصبح كالرمل، تلقي بها في السلة المجاورة لها، حيث أصبحت شبه ممتلئة من هذا المسحوق.
- نورس!
أتى الصوت رقيقًا قريبًا، حين همت سيدة في مقتبل الأربعين، تمد يديها لتناولها نورس السلة، وتعطيها سلة جديدة فارغة. ابتسمت وقالت:
- هذه آخر سلة.
فهزت نورس رأسها، وتابعت عملها، حين همت السيدة تتجه نحو عملها مع سيدة أخرى كانت بانتظارها.
- بالرغم من فقدها لصوتها، إلا أنها تملك ذكاءً حادًا.
علقت السيدة الأخيرة، لتجيبها:
- أنتِ محقة سيدة مروة، فهي تعلمت الطب بالأعشاب منذ نعومة أظافرها، وكانت تتشرب المعلومات كالاسفنجة.
-آه، يا للمسكينة! لو أن والدتها لم تكن تعمل في القصر، لفتح لها المستقبل.
ونظرت نحوها نظرة خاطفة مليئة بالحزن والشفقة، ثم تابعت المسير.
...
بعد انتهاءها من العمل، توجهت نحو التلة لتتنفس الهواء كأي فتاة أخرى، وجلست تحت شجرة أعلى التلة، لتراقب الصبية والفتيات الصغيرات يلعبون ويلهون بمرح وسعادة، ترسم على كراستها الصغيرة البحيرة التي خلفهم، كقطعة زجاجية انعكست عليها أشعة الشمس، فانكسرت بألوان قوس المطر، من صفاء المكان، وهدوءه، تجلس شاردة البال، براحة وسكينة.
- ياه! منذ متى كانت البحيرة بهذا الجمال!
نظرت نورس نحو مصدر الصوت بفزع شديد، فهي لم تعتد على وجود أحدٍ في هذا المكان وفي هذه الساعة، إلا أنها ازدادت ذعرًا حين تبين لها أن صاحب هذا الصوت شاب يافع أمامها.
تابع حديثه كأنه لم يلاحظها:
- أشياء كثيرة تغيرت منذ عودتي.
ثم أشار للصبية، وقال بدهشة:
- أذكر أنهم كانوا ثلاثة!
ابتسم. بينما دخلت كلماته منجم دماغها للتحلله وتفككه، فتسمع صوت الحشائش، لتراه يجلس على مقربة منها ينظر نحوها، وسأل:
- وأنتِ أيتها الشابة! ماذا تفعل فتاة جميلة وحدها هنا؟
ارتبكت، فتحت فمها لتجيب، ثم تذكرت أنها لا تتكلم، فأزاحت رأسها باستياء.
أردف بلامبالاة:
- آه! انتِ ترسمين!
وأخذ يسحب لوحتها باهتمام:
- رسمك حقًا جيد!
تورد وجهها وأشرق، فنظر نحوها مجددًا وسأل:
- اعذريني يا آنسة، ولكن ..
ثم سحب كلماته، وفي تردد أخرج دفترًا صغيرًا، تراقبه في وجل، حتى زادها رعبًا ما كتب على الورقة، وكأن وابلًا من الرصاص ضرب قلبها، فأشاحت وجهها في ألم، حين أوقف دموعها تنهيدة ارتياح، واستلقى على العشب، ليستطرد قائلًا:
- هيه! هذا أفضل! لن أضطر لسماع ثرثرة مزعجة وأنا أتأمل وجهك الجميل.
ابتسمت بحياء، ثم عاد يتساءل:
- هل تجيدين الكتابة؟
فهزت رأسها بالنفي، حينها توسعت عيناه من الدهشة، ثم قال متعجبًا:
- ولكنكِ تجيدين الرسم!
أخذ يفكر لبضع ثوانٍ ثم ابتسم بانتصار، وقال:
- لا بأس، يمكنك أن تحادثيني بالرسم، فأنا أحب أن أنظر إلى لوحاتك.
لم تستطع إخفاء دهشتها، وأخذت تفكر بكلماته في شك وريبة، حين قاطعها نهوضه، وقال متسائلًا:
- هل ستكونين غدًا هنا؟
التمس ترددها، فابتسم، وقال:
- هذا يعني أجل.
فأشاحت وجهها لتخفي ابتسامة تلقائية، حين قال مودعًا:
- لتكن كراسة الرسم معك أيضًا.
وهم مغادرًا، تتبعه نظراتها، ثم أخذت تلمس خدها، وسرحت عيناها في عالم آخر.
...
وضعت كراستها على المكتب الخشبي الصغير، شردت قليلًا، حين أيقظها صوت والدتها المستلقية على السرير، وجهها شاحب، وهالات التعب واضحة أسفل عينيها.
- ناوليني الدواء يا نورس.
فهمت نحو الطاولة في منتصف الغرفة، عليها أصناف كثيرة من النباتات والكتب، وقوارير بأحجام مختلفة، وأدوات غريبة. أمسكت إحدى القوارير الصغيرة، رشت عليها بضع بتلات من زهور وردية، وتوجهت نحو سرير والدتها، وقدمتها لها.
- آه يا عزيزتي!
تنهدت الأم:
- لو تعلمين كم سيكون والدك فخورًا جدًا بك الآن.
ابتسمت نورس بخجل، وما ان فرغت الأم من شرب دواءها، حتى أعادته لها وقالت:
- تذكري أن تشربي دواءك يا عزيزتي.
امتعض وجه نورس قليلًا، لكن سرعان ما تمالكت نفسها، وأومأت بالإيجاب، وخرجت، بينما نظرت والدتها نحوها بحزن عميق، وكأن أسرار الكون في عينيها.
ذهبت نورس إلى المخزن، حيث النباتات في قوارير مملوءة بسوائل مختلفة، تخرج فقاعات باتجاه السطح ثم تختفي، أخذت تبحث في جميع الاتجاهات، حيث تجلس إحدى القوارير على طالولة منفردة، يدخل شعاع خفيف من أشعة الشمس على زجاجها، فتحت القارورة، وأخذت بضع بتلات، وضعتها على كوبها، ثم همت تغادر المكان في هدوء تام. نظرت يمينًا ويسارًا قبل أن تتحرك باتجاه الدفيئة، كان عليها أن تحذر من أن يلحظها أحد، أغلقت الباب بالمفتاح باحكام، وتوجهت نحو الدفيئة، قابلتها السيدة ذاتها، أخذت منها الكوب بحذر، وهمست:
- هل تأكدت من أن لا يراكِ أحد؟
فهزت رأسها، فابتسمت لها بلطف، وهمت نحو المعمل، حيث تبعتها نورس. المعمل كخلية النحل، الجميع مشغول، الجميع لديه أعمال يقوم بها، من العناية بدرجة حرارة الغرفة، إلى سقي النباتات، الجميع يرتدي الثوب الأبيض، والقفازات، لبست نورس ثوبها، وقفازاتها، وبدأت العمل مع السيدة في اعداد الأعشاب.
...
المبارزة على أوج اشتعالها بين الفارسين، وسط حلبة عملاقة، يحيطها مدرجات حجرية كبيرة يجلس عليها أصحاب الشأن، وعلى منصة عالية نسبية، تغطيها قبة من الذهب، يجلس الملك وحاشيته، يراقبون المبارزة في هدوء، تجلس الأميرة بجانب والدها يعتري وجهها الملل الشديد، حتى حضر دور فارسها المنتظر، لتعدل جلستها بلهفة، ولكن سرعان ما باغتتها نظرة والدها، لتتنحنح وتغير ملاحتها بعدم مبالاة.
بعد انتهاء المبارزة، وتحديد الفارس الفائز، ليتم إعادة ترتيب الرتب لكل فارس، يذهب كل فارس إلى خيمته ليخلع عن جسده الأدرع الثقيلة. حينها أخذ مارون يسير بين الخيم ليتفقد الأمور، فتظهر الأميرة أمامه.
- سمو الأميرة!
علق مندهشًا، فاقتربت منه بحذر، وأخذت تسحبه بعيدًا عن الخيم، وهمست:
- أخبرني، هل سيتم إقصاءه؟
- من؟
أخذ يتساءل:
- الفارس لوكاس؟
فأخفضت رأسها بخجل، حينها ابتسم، وقال مهدئًا:
- ليس على سمو الأميرة أن تقلق بهذه الأمور، فكل شيء سيكون على ما يرام.
عادت تنظر نحوه بعينين متقدتين، وسألت بحزم:
- هل سيتم إقصاءه؟
ارتبك من نظرتها، وأخذ ينظر بعيدًا يحك راسه بتوتر.
- حسنًا!
قال مترددًا:
- لن يتم إقصاءه بمعنى الإقصاء، لكن الفارس ليون سيأخذ مرتبته.
تنهدت بحزن، فحاول أن يفكر في كلمات لتريح بالها، فعاد يقول بمرح:
- لكن سمو الأميرة تعرف الفارس لوكاس جيدًا، اليس كذلك؟ سيعود ليستولي على المراتب الأخرى.
- هل أنت متأكدٌ من ذلك؟
فأومأ بالايجاب مبتسمًا، ما جعل ملامحها تسترخي، وترحل مطمئنة، يشرد في رحيلها، حين قفز صوت أحدهم من خلفه:
- ماذا؟ ألا زالت تسأل عنه؟
- ليون!
علق مارون باشمئزاز، ثم نظر إلى الفارس ليون، الذي بدا سعيدًا بنصره الجديد الذي حققه اليوم، فاردف مارون:
- بالتأكيد ستقلق عليه، فهو ابنها.
- هيه! هيه! الحياة الملكية معقدة.
- بالمناسبة يا ليون، إن اردت ان تحتفظ برأسك، فلا تغضب سمو الأميرة بتهورك هذا.
فحرك ليون عينيه بلامبالاة، فعلق مارون بصرامة:
- أنا جاد بهذا!
إلا أن أحدهم تقدم، وهمس في أذن مارون، ليعتذر ويهم بالانصراف.


...


بيان321 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-19, 09:49 PM   #3

بيان321

? العضوٌ??? » 448711
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » بيان321 is on a distinguished road
New1 الفصل 2

الفصل الثاني - حادث، ومن هذه السيدة؟



رمى دروعه لخادمه، وهم مسرعًا، حين نظر جميع الفرسان حوله نحوه بدهشة كبيرة.

- ترى ما الذي يجعل سموه على عجلة؟

أخذ البعض يتساءل، لكنهم لن يدركوا ذلك إلا حين يكون هناك من ينتظرك، فهو متلهف كل اللهفة بعد هذا اليوم الطويل الشاق إلى رؤيتها، لتنفخ في روحه الحياة من جديد، فما إن وجدها مكانها أسفل شجرة الدراق، ترسم النهر المنعكس بالوان قوس المطر، حتى عادت لقلبه السكينة، وتنهد بارتياح.

- اذًا أنتِ هنا!

علق ممازحًا:

- هل تريدين رؤيتي لتلك الدرجة؟

نظرت نحوه بصدمة، وما إن رأت وجهه الساخر، حتى أشاحت وجهها لتخفي بيدها ضحكة طفيفة، فابتسم ابتسامة عريضة لعفويتها، وجلس بقربها، حين أظهرت نحوه لوحتها، عليها صورة أرنب يجري، وخلفه خطوط ثم قلب، أخذ يحدق في اللوحة متمعنًا، في محاولة لفهم ما تقصده، فكر قليلًا، ثم آخذ يتساءل:

- هل تقصدين أنني آخذ خطوات سريعة باتجاهك؟

فأشاحت وجهها بحياء وزمت شفتيها بتوتر، فضحك بخفة، وقال بمرح:

- لا بأس، سأخفف سرعتي قليلًا.

ثم سألها بهدوء:

- هل يعجبك الأمر هكذا؟

اتجهت نظراتها نحوه ببطء، نظراتها الدائرية التي تبديها كالبلهاء، ووجنتيها التفاحتين، وهزة رأسها للإيجاب، جعله يضحك لاإراديًا. استلقى على الحشائش، وقال مشيرًا بيده:

- تابعي وكأني لست هنا، سأكون هادئًا.

ثم غطا وجهه بذراعيه، وأردف بمرح:

- هاه! أنظري! لن أرى حتى.

فابتسمت، وعادت لرسم لوحتها بهدوء، واستمرا على هذا الحال لبعض الوقت، حتى رفع نفسه بهدوء، وأخذ يتسلل خلفها لينظر إلى اللوحة، لكن أنفاسه لفحت جيدها، ما جعلها تستيقظ لوجوده، فأخفت اللوحة على صدرها، وابتعدت بجسدها عنه، لتجد وأن اللوحة لطخت ثوبها، لم يستطع أن يتمالك ضحكاته، فأخذ يضحك بلا توقف محاولًا إخفاء وجهه، وبقيت هي تنظر إلى حالها بحرج شديد.

أخذت تنظر إلى اللوحة بحزن، فسدت بعد هذه الأيام الطويلة، إلا أنها لاحظت يده تمد نحوها، فنظرت إليه، وقال بشيء من الندم:

- أنا آسف، هلا سمحتِ لي أن أعبر عن أسفي لافسادي لوحتك.

ترددت، أخذت تتنهد بعمق في محاولة لاتخاذ قرار عاجل، ثم استسلمت للأمر ووضعت يدها على يده ليساعدها على النهوض، وسحبها معه بهدوء ولا تزال يدها الصغيرة في كفه. اختبئ خلف حائط عتيق، نظر مليًا، ثم همس لها بان تسرع، عبرا الخيام المتروكة، ثم استند على حائط آخر، وهم يتفقد الطريق، بينما أخذت تتأمل الخيام بفضول شديد، استيقظت على سحبه لها، ثم توجه بها إلى مرج واسع مليء بالأزهار والأشجار المزهرة بألوان مختلفة، يتوسط تلك الجنة من الألوان طريق ترابي ضيق، أخذا يعبرا طريق الأشجار بينما تتأمل ذلك الجمال الآخاذ، تراقب العصافير الملونة التي تقفز من غصن إلى آخر، والنحل الذي يقفز من زهرة إلى زهرة، الفراشات الملونة منثورة في كل مكان، أشعة الشمس اللطيفة التي تداعب الأوراق، فتعكس على الطريق أضواء ملونة بلونها، وكأنها ستائر شفافة تحيط المكان.

سرحت نورس بجمال المكان، حتى أيقظها صوته معلنًا بأنهما وصلا المكان المنشود، كوخ كبير، يتوسط هذا المكان الملون، لوهلة تظنه بيت فاخر، إلا أن طرازه يحترم المكان الذي يقبع فيه، صعدا السلالم القلائل، ووقفا عند الشرفة الخشبية المطلة على المرج، فتح الباب، لتجد نفسها في قاعة خشبية فاخرة مؤثثة بطريقة عصرية من الخشب الفاخر.

توجه نحو منضدة في طرف الغرفة، أزاح المعدات الثقيلة عليه، حك رأسه بقلق، وقال باستحياء:

- المكان ليس مرتبًا بعد، ولكن يمكنك أن تجلسي هنا حتى أعود.

جلست في الفراغ الذي أفسح لها على المنضدة، وهي شاردة تنظر في المكان الذي تقف فيه الآن، أخذ ينظر نحو ما تنظر إليه في دهشة، ثم نظر إليها وابتسم، ثم قال:

- فلنبدل ملابسك الملطخة بالألوان أولاً.

نظرت إلى ثوبها، بالكاد تذكرت الأمر، إلا أنه وقبل أن تلاحظ الأمر صعد السلالم المتوجهة للطابق الثاني واختفى بسرعة. جلست بارتباك، وانكمشت، هواجس كثيرة تقلقها الآن، تفكر لوهلة بالهرب، حتى سمعت صوت ضحكة امرأة، لتنزل السلالم يتبعها هو.

- أوه! يا لها من فوضى عارمة.

كانت سيدة في الثلاثين من عمرها، ترتدي زي الخدم الملكي، يبدو أنها إحدى وصيفات أحد أفراد الحاشية الملكية، ما زاد انكماش نورس. اتجهت السيدة نحوها، وابتسمت:

- لا تقلقي يا عزيزتي، ساصلح لك ذلك.

ثم مدت يدها، وقالت بود:

- تعالي معي الآن لنجد لك ثوبًا آخر.

ترددت نورس كثيرًا، وأخذت الكثير من الوقت لتستوعب الأمر، حتى أتى صوته بحنان من عند السلالم، حيث يتكئ على حمايته:

- لا تقلقي، هي هنا لتساعدك.

أمسكت يدها بيد مرتجفة، وأخذتها نحو السلالم، واذا به ينزلها، حين أخذت تقول مداعبة:

- وأنت! إياك ان تتبعنا.

ابتسم، ولم يعلق، لكن وجه نورس غاص في حمرة الخجل، وطأطأت رأسها قدر المستطاع.

...

بدت السيدة منشغلة في تفحص الملابس داخل الخزانة الخشبية التي لا تختلف عن أثاث الغرفة، بينما جلست نورس على إحدى الكراسي الخشبية تتفقد المكان بصمت شديد، حين صرخت السيدة:

- آه! أعتقد أنه هذا يبدو مناسبًا.

أخذت تساعدها في خلع ثوبها الملطخ بالالوان، ومساعدتها على ارتداء الثوب الجديد، ثم سرحت لها شعرها، بينما نورس غارقة في تفكيرها.

"إن كان هذا المكان الذي يسكن فيه .. فلم يوجد ملابس امرأة؟"

هنا تكلمت السيدة:

- بالمناسبة، أنا لارا، أعمل وصيفة هنا، تعلمين المكان مليء بالعمل، ولا يجد المرء وقتًا للاهتمام بنفسه. آه يبدو أنك تعملين هنا أيضًا، لكنك لا ترتدين مثل ملابسنا، هل يا ترى أنت من الدفيئة؟

فنظرت كلتاهما في وجه الأخرى، وجرى صمت خاتق، حينها ضحكت لارا بخفة، وتابعت:

- هيه! سمعت أن الدفيئة كخلية النحل، لا أحد يعلم ما يخبؤه ذلك المكان من أسرار.

ثم شردت في خيالها، وتساءلت:

- أتطلع شوقًا لمعرفة ما يجري داخل ذلك المكان.

هنا ابتعلت نورس ريقها بتوتر، فضحكت لارا، وقالت بمرح:

- لا تهتمي كثيرًا، لن أسألك عن ذلك المكان.

ثم انتهت من تسريح شعرها، واتجهت نحو المرآة لتعطيها إياها وتنظر إلى نفسها، واستطردت:

- انظري، تبدين كأميرة.

ابتسمت نورس بشيء من الضيق، ثم أعادت لها المرآة، واتجهت نحو الباب، وما إن خرجت حتى رسمت على وجه السيدة ابتسامة رقيقة.

حين نزلت السلالم، لم تجد أحدًا، بل وجدت لوحة بيضاء نظيفة، وعدة الرسم على المنضدة، أخذت تحدق فيها بتساؤل شديد، حين وجدت ورقة بجانب إحدى الفرش، ابتسمت، بدت عدة خربشات طريفة، ثم نظرت نحو المعدات بتردد شديد.

"هل سيكون من الجيد أخذها معي؟"

ثم عادت تتساءل:

"لكنه سيكون من السيء أن أتركها هنا، أليس كذلك؟"

أغمضت عينيها، تنفست بعمق، وحملت اللوحة وعدة الرسم، وخرجت من المكان، ليخرج رأسه من خلف السلالم يتابعها بصمت وعلى محياه ابتسامة خافتة. نظرت نحو الكوخ تودعه، ثم همت مسرعة نحو الدفيئة، بالتأكيد هم يفتقدونها الآن.

...


بيان321 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-19, 09:52 PM   #4

بيان321

? العضوٌ??? » 448711
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » بيان321 is on a distinguished road
New1 الفصل 3

الفصل الثالث - ارتباك، ربما في حياته امرأة

أغلق الباب بسرعة، بعد أن تأكد ان لا أحد قريب من المكان، ثم سأل:

- اذًا؟ إلى ماذا توصلتِ؟

وضعت لارا يدها على ذقنها تفكر، ثم قالت:

- من زيها يمكن أن أقول انها من الدفيئة، ذلك المكان السري، لكن هناك احتمال أن تكون خادمة في إحدى مستودعات القصر.

- تقصدين مستودعات المعسكر.

- لا، ربما مستودع الغذاء.

شرد ممعنًا التفكير، ثم همس:

- هذا مستحيل.

فأمالت رأسها مستفهمة، وسألت:

- لماذا؟

أجاب:

- لو كان هذا صحيحًا، لكنت رأيتها كل يومين تقريبًا.

- آه!

ضربت جبهتها بخفة:

- أجل، صحيح.

ثم ابتسم، وقال:

- شكرًا لك سيدة لارا، اقدر مساعدتك.

فانحنت وهي ترفع ثوبها بمرح، وهتفت:

- على الرحب مولاي.

وانصرفت، تعلو وجهها ابتسامة مشرقة.

...

استقيظت نورس كعادتها، واتجهت نحو عملها في الدفيئة كالمعتاد، حين دخل على مسامعها حديث فتاتين.

- هل سمعتِ آخر الاشاعات؟

- عن ماذا؟ عن ماذا؟

- يقولون إن تصرفات صاحب السمو أصبحت غريبة مؤخرًا.

- حقًا؟! ولكن كيف؟

- سمعت من إحدى خادمات القصر أنه لم يعد يجتمع مع مجلس الفرسان الذهبي مؤخرًا، وبدلًا من ذلك فإنه يتسكع هنا وهناك.

وضعت الفتاة يدها على فمها وشهقت بدهشة:

- هل تظنين أنه يتجنب التعامل معهم بعد ترقية الفارس ليون؟

- من يدري؟

ورفعت يديها بلامبالاة:

- ربما في حياته امرأة.

تنهدت نورس بذعر، ونظرت نحو الفتاتين، اللتان نظرتا نحوها بدهشة، ثم تابعا طريقهما بلامبالاة، وعادت نورس إلى عملها بخلط المكونات في القدح وهي تفكر بالحكاية التي سمعتها قبل دقائق. لتقاطع شريط أفكارها السيدة مروة مجددًا.

- هل جهز الخليط يا نورس؟

فهزت رأسها، لتبتسم مروة، وقالت:

- اليوم أنتِ من سيشكل الكبسولات، فيبدو أن صحة والدتك متدهورة اليوم ولا تستطيع فعلها.

فزمت شفتيها، وهزت رأسها، فنظرت نحوها مروة بشفقة، قدمت لها القوالب البلاستيكية، ورحلت، لتباشر نورس بصب المحلول في القوالب بهدوء شديد، حين سمعت همسات أخرى من إحدى الجوانب.

- هل تراها ستترك ابنتها وحيدة هنا أيضًا؟

- لا أدري، فلا أحد يستطيع التواصل معها.

- لكنها الوحيدة التي تعرف الوصفة السرية لاستمرار جيش القصر، لا أعتقد أنهم سيرمونها خارجًا بعد رحيل والدتها.

- هيه! فتاة محظوظة، بالرغم من أنها بكماء إلا أن لها قيمة.

خرقت كلماتهن قلبها بالسهام، لكن ما باليد حيلة، فهذه الحقيقة. انتهت من صب المحلول، وهمت به نحو غرفة كبيرة مثلجة، عليها أرفف كثيرة مصفطة بانتظام تام، ويخرج من الجدران الزرقاء الجليدية بخار أزرق يلسع الوجه كلما لمسه، وضعت القوالب على أحد الأرفف الفارغة، وما إن همت بالخروج حتى وجدت الباب موصد، تنهدت بعمق وهي تفكر أنه ربما أوصد بسبب الحرارة، وعادت تحاول فتح الباب مجددًا، لكنه لم يتزحزح شبرًا واحدًا، أخذت تنظر حولها تفكر في شيء يمكن أن يصدر صوتًا لتلفت انتباه أحد، لكن المكان لا يحمل سوى تلك القوالب المهمة، ومن الصعب أن تطرق الباب، فهو مغطى بالثلج، فعادت تحاول فتح الباب مرة أخرى، إلا أن مقبض الباب سرعان ما تجمد، وأصبح من الصعب تحريكه. تراجعت قليلًا، واخذت تحاول أن تكسر الباب بكتفها، وبعد عدة محاولات التصقت بالباب، ولم تستطع أن تحرر نفسها، ثم أخذت تتجمد شيئًا فشيئًا، حتى سمعت ضحكات من الخارج، فأخذت تطرق الباب بيدها، إلا انه لم يخرج أي صوت مع هذا الجليد، وراحت تلك الاصوات تختفي بالتدريج دون أن يسمعها أحد، ثم أصبح المكان قارسًا، وبدأ لون جلدها يصبح أزرقًا، وأنفاسها تخرج بخارًا أزرق يتجمد من شدة البرد، ويسقط جليدًا متكسرًا، أغلقت عيناها اللتان أصبحت رموشها قاسية من الجليد الذي عليها، وأخذت تدعو أن تفتقدها السيدة مروة بشكل او بآخر وتنقذها، حينها سمعت صوتها تسأل عنها، وفي لحظات فتحت الباب، وخرجت معه نورس الملتصقة بالباب، ومع الحرارة تبخر الجليد وسقطت نورس على الأرض تسعل بشدة، أخذت بعض الفتيات بالضحك، حين همت السيدة مروة نحوها تسألها:

- هل انت بخير؟ هل يؤلمك شيء ما؟

لكن نورس لم تجبها، بل كانت منشغلة بسعالها الحاد، فغطتها السيدة بوشاح صوفي، وساعدتها على النهوض، وقالت بلطف:

- هيا! سآخذك لغرفتك.

خرجتا من الدفيئة بينما عيون حاقدة تتبعهما، وضحكات ساخرة تلاحقهما.

...

أجلستها على سريرها، وهي ترتعش من البرد بين يديها، ثم ذهبت لتضع ماء يغلي على الموقد، وأخذت تقول مطمئنة:

- لا عليكِ صغيرتي، أمور كهذه تحدث.

فأخفضت رأسها بحزن، وحين جهزت الشاي، قدمته لها، وقالت بلطف:

- تناولي الشاي، سيدفؤك.

فهزت رأسها، وحملت الشاي بين كفيها الصغيرتين، وأخذت تجرعه بهدوء، حينها قالت السيدة مروة:

- لا تقلقي يا عزيزتي، ارتاحي الآن، وسأذهب لأحل المسألة.

فهزت رأسها، وهمت السيدة مروة بالخروج، وهي تنظر نحوها بين الفينة والأخرى، وكأنها لا تريد مغادرتها إلا أنها مطرة، وما إن غادرت، حتى وضعت نورس الشاي على المنضدة القريبة من السرير، واستلقت على السرير ولفت جسدها المرتعش بالوشاح الصوفي.

...


بيان321 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-19, 09:55 PM   #5

بيان321

? العضوٌ??? » 448711
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » بيان321 is on a distinguished road
New1 الفصل 4

الفصل الرابع - أمر غريب في الدفيئة

عم الدفيئة توتر كبير، وفوضى عارمة، حين دخل ذلك الرجل الوسيم إلى المكان، بدا أنه يبحث عن شخص ما، إلا أن الفتيات ارتمين عليه كأنهن يرون رجلًا لأول مرة، ومنهن من اكتفى بالنظر إليه من بعيد، حتى أتت السيدة المسؤولة، كانت تبدو غاضبة جدًا، وأخذت تصرخ في العاملات بقسوة، حتى قابلت الشاب وجهًا لوجه، فأخذ يوجه نظراته بعيدًا، يصفر بلامبالاة وكأنه لم يفعل شيئًا.

- ما الذي يحضر أحد فرسان القصر إلى الدفيئة؟

سالته بلهجة صارمة، فتردد، وأخذ يحك رأسه، حينها تجرأت فتاة وقالت:

- بالتأكيد إنه امر مهم سيدتي.

- أنتِ اصمتي!

فتراجعت الفتاة بحرج، وخرجت ضحكات ساخرة طفيفة.

- عفوًا سيدتي.

علق بهدوء واحترام، لينقذ الموقف:

- أنا ابحث عن شخص ما، كان من المخطط أن أقابله اليوم.

نظرت نحوه بدهشة، ثم نظرت حولها وزمت شفتيها بقلق، ثم قالت بحزم وجدية:

- حسنًا اتبعني!

خرجت أصوات تشير إلى خيبة الأمل، وتبعها الفارس إلى خارج الدفيئة حيث تنفرد بغرفة زجاجية مزينة بالكثير من الأصص المزروعة. جلست على كرسي خشبي أمامه مكتب كبير من الخشب، وعليه معدات كثيرة، عدلت نظاراتها، وعقدت ذراعيها على المكتب، نظرت إليه ثم قالت:

- والآن، كيف اساعدك؟

كان الفارس في تلك الاثناء يتأمل المكان العجيب بإعجاب شديد، حتى ايقظه صوتها، فاعتدل في وقفته، وقال محاولًا إخراج حجة سريعة:

- همم! لا أعرف، خطط أن آخذ شيئًا من سيدة تعمل هنا، ولكن ... يبدو

قاطعته متنبهة:

- آه تقصد الدواء.

فابتسم ابتسامة بلهاء، وقال:

- أجل بالضبط.

بدا عليها القلق، ثم أخذت تبحث بين معداتها، وقالت:

- لكنه أمر غريب، لمَ يطلب صاحب الجلالة ارسال الدواء من فارس مباشرة.

فتنبه لشارته، حينها نزعها بسرعة دون أن تنتبه، واخفاها خلف ظهره، حينها نظرت نحوه من أسفل نظاراتها، فاستمر بالابتسام، وعلق بلامبالاة:

- من يدري كيف يفكر صاحب السمو؟

فزمت شفتيها وهزت رأسها، ثم قالت:

- ربما أنت محق.

ثم نهضت، واستطردت:

- على أية حال، ما دمت أتيت هنا من أجل الدواء بأمر من صاحب الجلالة، فليس باليد حيلة، سأطلب من .. آه

ثم ضربت جبهتها برقة مستذكرة، وأردفت:

- رباه! كلتاهما مريضتان اليوم.

ارتسمت على وجهه علامات القلق، حينها سأل بعفوية:

- مريضتان؟

فأجابت بلاوعي:

- أجل كلاهما، هذا الصباح علقت الابنة في الغرفة المثلجة الخاصة بتجميد الدواء .. آه يا لها من ورطة! هما الوحيدتان اللتان يملكان مفاتيح المخزن.

زادت كلماتها من قلقه، وشعر بقلبه يخرج من مكانه، لكنه تنفس بعمق يسيطر على مشاعره، ثم سال:

- وأين يمكن أن أجدها من فضلك؟

فكرت، ثم وكأن فكرة أتت ببالها، قالت:

- لا بأس ساذهب إليها بنفسي.

- آه ارجوك!

وجد نفسه يصرخ مستنجدًا بلاوعي، فنظرت نحوه بدهشة، حينها تنحنح، وعاد يقول:

- أعني أن لديك أعمال كثيرة اظن، لمَ لا أذهب إليهما بمفردي.

فابتسمت، وقالت بسعادة:

- أنت محق سيدي، أجل كيف لم تخطر ببالي هذه الفكرة.

فابتسم بانتصار، حينها أرشدته لغرفتها، وأعطته ورقة بتوقيعها لتسمح له بأخذ الدواء. حينها خرج محاولًا إبطاء سرعة مشيه حتى لا يبدو عليه التلهف والحماس. وحين وصل غرفتها، شعر بقلق شديد، خاصة حين استذكر كلام السيدة عن الفتاة التي حبست في الغرفة المثلجة، نظر من خلال النافذة، فلم يجد سوا منتضدة ممتلئة بالمعدات وهناك فتحة لباب، ثم جثة ما مغطى بوشاح من الصوف.

"رباه! اذًا هذا حقيقي!"

طرق الباب، ثم عض شفتيه بندم.

"ربما ليس علي أن أطرق الباب بهذه السرعة .. ماذا لو لم تكن هي؟"

وبعد دقائق، فتح الباب، طرق قلبه لدى رؤيتها، وتجمدت مكانها إثر رؤيته، كادت تغلق الباب في وجهه، لكنه وقف عائقًا على إغلاقها، وصرخ:

- انتظري!

مضى الوقت سريعًا، وهما واقفان يحدقان في بعضهما البعض في صمت تام، حينها نظرت نحو الممر، لتسحبه نحو الداخل وتغلق الباب بسرعة، تتكئ على الباب وتتنهد بارتياح، ينظر نحوها ويبتسم، ثم تحدق في الورقة التي يرفرف بها، فتتوسع عيناها الدائرتين أكثر، وتغطي شفتيها لتمنع شهقة دهشة كبيرة، ابتسم بانتصار واقترب منها، حاصرها بوضعه كفيه يستند على الباب، فأخفضت رأسها بخجل، ليهمس:

- اشتاقت لك شجرة الدراق، فقلت آتي إليكِ بنفسي.

فانكمشت، ثم اقترب برأسه ليلمس بجبهته جبهتها، فأحس بها باردة كالثلج، وأردف الهمس:

- سمعت أيضًا أنك مريضة، فأتيت لأعالجك.

ثم ابتسم حين شعر بجبهتها وقد أصبحت ساخنة كالنار، فابعد نفسه عنها وضحك، ثم التفت بعيدًا محاولًا تمالك نفسه، ثم نظر نحوها، وجدها منكمشة بالغطاء الصوفي، وجهها أحمر كالتفاح، بجانب الباب، تفتحه بيد مرتجفة، فابتسم، ثم قال بمرح:

- حاضر، حاضر.

وهم منصرفًا، لتترك يدها المرتجفة الباب، يطرقه الهواء، ثم رفعت يديها على وجنتيها المشتعلتين، وابتسمت ابتسامة عريضة تكشف عن أسنانها.

...


بيان321 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-07-19, 01:08 AM   #6

بيان321

? العضوٌ??? » 448711
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » بيان321 is on a distinguished road
New1 الفصل 5 - المرشح الخاسر

الفصل الخامس - المرشح الخاسر

- روهان!
أوقفه مناداتها وهو يسير عبر الممر المذهب، التفت اليها، وهي تركض نحوه.
- سمو الأميرة!
ما ان اقتربت منه، حتى تلفظت أنفاسها، واعترضت:
- رباه! كيف تنادني هكذا هنا؟! هل أنت أحمق؟
ابتسم، وأجاب ساخرًا:
- لا، أنا روهان!
ضربته بقبضتها، ثم ابتسمت، فسأل:
- أنت لم تأت لتسألي عنه مجددًا، أليس كذلك؟
تراجعت في استحياء، فنظر إليها في دهشة وضجر، حينها قالت:
- الواقع، أتيت لأتحدث كأختك هذه المرة.
- ما الأمر؟
- الاشاعات حول تجنبك لمجلس الفرسان الذهبي آخذ بالانتشار، لذا قلت أنه من واجبي أن أنبهك حول الأمر.
ابتسم بلطف، ثم ربت على رأسها، وقال بود:
- لا داعي للقلق يا عزيزتي، حتى يكون هناك حاجة لذلك، سأحضر بالتأكيد.
- لكنك تعلم بالأحداث الجديدة، أليس كذلك؟
بدا عليه الاستياء، لتتراجع وتقول مشجعة:
- تعرف! والدنا يعتمد عليك كثيرًا، وهذا كله لا ينبع إلا من ثقته بك.
نظر إلى عيناها البراقتين، لطالما تحدث الجميع عن عينا أخته الساحرتين، ولونهما الياقوتي الآخاذ، بدتا أمامه متلألأتين بوداعة، فابتسم لمسايرتها، إلا أن ذلك لم يغب عنها، فلطالما القلق والارتياب ما كان يحشو رأسها، وحين تحولت نظراتها إلى جادة قارصة، أخفض رأسه وهو يتنهد بالاستسلام، ثم رفع رأسه، وقال بلطف:
- هل يمكنني أن أتصرف كأخ أيضًا هذه المرة؟
فبدا على وجهها الاستفهام، وأردف:
- هلا خففت حمل رأسك قليلًا يا عزيزتي، سوف تكبرين بسرعة.
اتسعت عيناها من الصدمة، فربت على رأسها، وهم منصرفًا، تاركًا إياها في شرودها.
...
دخلت الوصيفة الشابة الغرفة، وهي تحمل قطع الملابس، واذا بها ترمي بها أرضًا، وتصرخ من الفزع:
- سيدتي!!
وتهم نحو سيدتها المخمورة على الطاولة، وجهها شاحب، ووجنتاها حمراوتان، وأمامها قارورتين فارغتين تماماً.
- رباه! سيدتي!
علقت الوصيفة متذمرة:
- عليكِ الالتزام بالجرعة المطلوبة! لم لا تستمعين إلينا؟!
لكنها أخذت تترنح كالسكارى، وتثرثر بكلمات مبهمة، ثم همت تقف إلا أن قدميها لم يستطيعا حملها، فأمسكت بها وصيفتها بسرعة.
- سيدتي!
- آه!
ثم أخذت بها إلى سريرها، وهمت تسكب لها الماء، إلا أنها نظرت إلى الكوب بعينيها شبه المفتوحتين، وأزاحت الكوب من أمامها.
- سيدتي!
أخذت تتوسل لها:
- ماذا سيحصل إن أخذت جرعة أكبر، هل تنوين الانتحار؟
- اصمتي!
خرج صوتها شبه نائم:
- أرسلي لي بابني.
- سيدتي!
عادت تتوسل لها:
- هل تريدين أن يقابلك سموه لوكاس وأنت بهذه الحالة؟
- لا يهم!
عادت تخرج صوتها الناعس بصعوبة، وهي تترنح:
- أرسلي لي به.
- آه!
تنهدت وصيفتها بنفاذ صبر وشفقة، لحسن حظها، أتى الطبيب مسرعاً وخلفه إحدى الوصيفات الأخريات.
أشرق وجه الوصيفة التي تبذل جهدها لمجاراة سيدتها، وهتفت:
- لارا، أيها الطبيب!
فأجابتها لارا:
- سمعت جلبة هنا، فقلت أن سموها فعلتها مجدداً.
- آه!
تنهد الطبيب وهو يفرد عدته:
- من حسن حظها أنها أدوية عشبية، وإلا لأصبحت في حالة يرثى لها.
- سيدي الطبيب!
أخذت تسأل الوصيفة الشابة:
- ماذا سنفعل الآن؟
بعد أن فحص نبضها، نظر إليهما، وقال:
- علينا إخبار جلالته أولاً، أقترح أن نمنعها من الدواء لفترة من الوقت.
- لكنها ستعود لحالتها السابقة!
علقت لارا، فنظر الطبيب إلى سمو الأميرة، التي تبتسم كالبلهاء، وقال برصانة:
- وهل حالتها الآن أفضل؟
فرفعت ذراعيها، وخرج صوتها ناعساً، وقالت ببلاهة:
- أحضروا لي ابني!
- مسكينة!
علقت الوصيفة الشابة تخاطب لارا:
- تظن أنه رضيع الآن!
فنظرت نحوها بدهشة وقالت بانفعال:
- أحقًا هذا؟!
- أجل، فبعد خسارته في المبارزة الأخيرة، وسحب لقبه الأخير، أصبحت تناديه كل ليلة.
بدا أن الطبيب يواجه موقفًا صعباً، فها هي تشد قميصه وتصرخ ببلاهة:
- قلت لكم أحضروه!
فهمت الوصيفة الشابة تهدئ من روعها:
- لا تقلقِ سموك، سنحضر لك إياه قريباً
- هل هذا صحيح؟
وفي ثوان، ارتمى جسدها على الفراش، وغطت في نوم عميق.
علقت لارا:
- علينا أن نحضر أنفسنا للأسوء الآن، فجلالته لن يصمت على هذا.
فبدا على ثلاثتهم الارتباك الشديد.
...
- حسناً، اصطفوا جميعاً
أخذت المسؤولة في الدفيئة تنادي:
- لدي أمرٌ مهم.
تجمعت جميع الفتيات حولها، حين أخذت تقول:
- القصر الملكي بحاجة إلى طبيبة أعشاب، لتشرف على نظام الأدوية الخاص بسمو الأميرة فينا.
حدثت جلبة كبيرة، وثرثرة من كل الاتجاهات، فأخذت تصفق ليهدأ الجميع:
- هدوء!!
فساد الصمت، فاستطردت:
- أعرف أن الجميع يتساءل حول هذا الأمر، ولكنهم بحاجة إلى فتاة ذكية تستطيع أن تساير سمو الأميرة، وفي نفس الوقت أن تعطيها أدويتها في الوقت المخصص لها بجرعاتها المطلوبة، لأن أحداً لم يستطع تنظيم ذلك لها حتى الآن، وهي خارج السيطرة.
- مسكينة!
- من هذا الذي يفعل ذلك؟
- القصر الملكي؟! هذا جنون!
- أنا لن أخاطر بنفسي لفعل ذلك!
- سمو الأميرة! هذا يعني أن الخطأ يفقدك حياتك، أليس كذلك؟
انزعجت المسؤولة من ردات فعلهن، وحاولت تمالك نفسها، حين بدأت الهمهمات تتجه نحو منحنى مختلف:
- لم لا ترسل نورس؟
- أجل صحيح؟
- ستخطئ ويقطعون رأسها. (ضحك)
- كفى!
صرخت المسؤولة!
فتنبه الجميع، حينها علقت:
- لا يمكنني إرسال نورس، فهي المسؤولة عن أدوية الفرسان، ولا أحد يمكن أن يأخذ مكانها.
فبدا على الجميع الاستياء. حينها نظرت إلى السيدة مروة، وقالت:
- ما رأيك يا سيدة مروة؟
بدا عليها الارتباك، حين قالت:
- آه! أجل أنت محقة!
رمقتها بنظرة ازدراء، ثم قالت بحزم:
- سنقيم مسابقة، والخاسرة هي من ستذهب إلى القصر.
هتف الجميع بدهشة:
- إييييييييييه!
فابتسمت بمكر وقالت بشيء من السخرية:
- لأنني أعرف بما تخططون إليه حين أقول الفائزة، سيتعمد الجميع الخسارة!
تفتحت عيون الجميع من الصدمة، حين أردفت:
- هكذا سيكون عليكن بذل جهد مضاعف لتحافظن على مكانكن في الترشيح.
أخذت أصوات الاعتراض تتعالى، حين أخذت تصفق بيديها:
- هدوووء!
فعم الصمت، وأردفت:
- لا أريد أي اعتراضات، لقد تقرر الأمر، ومع بداية الغد سأعلن اسماء المرشحات.
ثم صفقت مجددًا:
- هيا عودو جميعًا إلى أعمالكن.
وتفرق الجميع، وهالة الاستياء تعم المكان.
...
في مكتب الفارس روهان، يجلس هناك حيث يقوم بعمله، يساعده مساعده مارون، حين وقف فجأة وأخذ يسأله:
- بالمناسبة مارون!
فالتفت إليه الأخير، حيث يقوم بترتيب الكتب في مكانها، وعلى وجهه علامات الاستفهام:
- هل تعرف فتاة بكماء في خلية النحل؟
بدت عليه الدهشة، فسأل مستفسرًا:
- تقصد الدفيئة سيدي.
- أجل.
ثم تابعا عملهما، حين أخذ مارون يقول مستغربًا:
- من العجيب أن تسأل عن شخص كهذا، هل الفتاة تهمك مولاي؟
- آه! أنا فقط كنت أتسائل عن وجودها.
بدا على مارون التركيز، فقال موضحاً:
- على الأغلب هي من عائلة "لافرتين"، هذه العائلة تملك تاريخاً أسوداً، لكنها العائلة الوحيدة التي أعادت العائلة المالكة على قدميها من جديد أيام أولى خلافتها، رغم كون أفرادها يتوارثون دراسة طب الأعشاب وما شابه ذلك، إلا أنها من يحفظ سر ذلك الدواء الذي تشربه وقت الحروب.
ثم نظر مارون إلى السقف، وقال بصوت عميق:
- إنها حقًا خدمت العائلة المالكة لعدة سنوات، ولها نفوذ قوي جداً.
بدا روهان شارداً وهو منشغل بأوراق العمل، فنظر إليه مارون متعجباً، حين خرج صوت روهان غامضاً:
- أتقصد ذلك الدواء الذي يمنحنا القوة، وتشعر أنك لا تقهر!
- أجل سموك، بفضله يملك الفارس أضعاف قوته، مما يجعله لا يقهر.
- فهمت!
ثم نظر إليه، وسأل:
- إذاً ماذا بشأن تاريخهم الأسود، كيف تضع العائلة المالكة عائلة بهذه الخطورة إلى جانبها.
حك مارون رأسه ببلاهة، وقال متردداً:
- حسناً، ليس وكأنها تقوم بأعمال غير قانونية أو ما شابه.
ثم نظر إلى سيده بجدية، وقال بنبرة هادئة غامضة:
- لكن قوانين العائلة صارمة جداً في الداخل، لا يمكن لأحد أن يحيد عن مسارها.
- تقصد طب الأعشاب!
ثم خرج صوت مارون عميقًا بشكل مخيف:
- كما سمعت أنهم يسقون أطفالهم سماً يفجر حناجرهم، قبل أن يتعلموا وصفة الدواء السحري ذاك لكي يبقى قيد الكتمان.
توسعت عينا روهان من الذعر، وتجمد مكانه، شعر بشعر رأسه يرتجف من الرعب.
...
- عودة إلى الوراء -
القمر في تلك الليلة، ساطع حد الانفجار، وكأنه يتحدى الظلام الحالك، لم يكن حينها أي نجوم، سماء سوداء فارغة تمامًا، غيوم داكنة تحوم في الأرجاء، وحده ذلك الضوء القمري أدخل القليل من التفاصيل إلى تلك الغرفة المهترئة، تتمدد طفلة صغيرة، بجانبها سيدة شابة رقيقة، تمسك بكأس يحمل بداخله سائل غريب، أخضر طحلبي، تخرج منه فقاعات الهواء، تتمدد تتمدد ثم تنفجر، بينما انعكاس تلك الفقاعات في عيني الطفلة، تحشر دموعها.
ناولتها السيدة الكأس، وهمست:
- اشربيه دفعة واحدة يا صغيرتي!
ابتعلت الفتاة بملئ ريقها، ثم شعرت بحرقة تدخل حلقها، عيناها كادتا تنفجران من انتفاخها، شرايينها بدأت بالبروز، وعنقها أخذ يضمحل، لتبرز أعصابها الزرقاء. كسر الصمت صوت تمزق داخل عنقها النحيل، تبعه صراخها، شق طبقات السماء، ثم ارتمت على السرير كالجثة الهامدة، وجهها شاحب ميت، وقطرات العرق تكاد تخنقها.
طبعت السيدة قبلة رقيقة على جبهة الطفلة، لتلسع وجهها بدموعها، وهمست:
- هذا من أجل مستقبلك يا صغيرتي! ...
ثم ربتت على رأسها، وقبلتها مجددًا:
- سامحيني يا صغيرتي!
...


بيان321 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-19, 11:14 PM   #7

بيان321

? العضوٌ??? » 448711
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » بيان321 is on a distinguished road
New1 الفصل 6

الفصل السادس - مسكينات، ويا له من عار!

- الساحة الملكية نشيطة هذا الصباح.
علق أحد الفرسان، وهو في طريقه إلى ساحة التدريب، فأجابه رفيقه:
- سمعت أن القصر الملكي بحاجة إلى وصيفة جديدة للأميرة من خلية النحل.
فهتف بدهشة:
- ذلك المكان الخفي؟!
- أجل!
- إذاً سيكون مليئاً بالفتيات.
- يا رجل!
ثم أردف الفارس الثاني:
- هل نذهب ونلقي نظرة.
فنظر له الفارس الأول بشيء من الخبث، وقال بمكر:
- لمَ لا؟!
...
الساحة الملكية، منصة مربعة واسعة في إحدى أراضي القصر، يحيطها مدرج صخري ضحم من كل الجوانب، وكأنها ساحة حفرت لتكون جزءً من الأرض. بدا أن المسابقة بدأت بالفعل حين وصل الفارسان، فها هن يصطففن في صفوف مرتبة، بعضهن يركضن نحو الضلع المقابل، بعضهن وصلن بالفعل، وبعضهن يركضن عائدات، أصوات الفتيات الأخريات وهتافاتهن بدت غير واضحة مع اختلافها، والرئيسة تنظر نحو المدرجات بضيق شديد.
- رباه!
علقت الرئيسة بحنق:
- هل هم يملكون وقتاً إضافياَ؟
بعد انتهاء تحد الركض، وبدا التعب جلياً على وجوههن، أصبح عليهن التوجه للتحد التالي، اصطففن خلف مائدة طويلة، عليها معدات وأواني، ومكونات مختلفة، وأمام المائدة لمسافة بعيدة قليلاً دلو كبير. شرحت الرئيسة:
- والآن بعد أن مرنا أجسادكم، سيكون لديكم نصف ساعة لملئ هذا الدلو بدواء الزكام، أتوقع عدم وجود أخطاء في صناعته؛ فهو دواء سهل كما ترون.
نظرن نحو بعضهن في توتر، وعيناهن تقول لبعضها:
"دواء سهل!! هي بالتأكيد تريد منا الخسارة!"
أعلن الجرس بداية العد، أما الفرسان الذين انتهزوا الفرصة لمراقبة الوضع على المدرج لم يفهموا حقاً هذا الوضع الغريب. قال أحد الفرسان مستغرباً:
- يبدو أن الجميع مصمم على الفوز!
أجابه فارس آخر:
- لكن الأمر يبدو مستحيلاً، هل حقاً هذه مسابقة لطبيبات أعشاب.
- من يدري ماذا تفكر الرئيسة إلزابيل، فهي دائماً تحمل في دماغها أفكار مجنونة.
- مسكينات!
علق أحدهم:
- يبدو أنهن يمضين وقتاً عصبياً معها.
في تلك الأثناء انتهى التحد الثاني، وبقي تحد واحد لحسم الأمر، وكان عليهن التوجه إلى النهر، وهناك أيضاً وجدت مائدة على إحدى ضفافه، ولكن الدلو الكبير موجود على الضفة الأخرى هذه المرة، فهمت الفتيات المرشحات الأمر، وبدا عليهن الدهشة.
"هل حقاً سيمشين خلال النهر! هذا جنون!"
شرحت الرئيسة إلزابيل:
- ستملكون نصف ساعة لتعبئة الدلو في الضفة الأخرى بدواء الزكام.
- إييييييييييييييييه!!!
هتفن بصوت واحد، حينها علقت إلزابيل:
- ماذا؟ هل تريدون جميعاً التوجه للقصر؟
فتوجهن يصطففن خلف المائدة بانصياع تام، بينما نال التعب منهن نيله، فبالكاد امتلئ الدلو.
...
بدت الدفيئة منظمة على غير العادة، الجميع يقف في مكانه ليشكلو حلقة، بيما تقف المرشحات داخلها، وقفت الرئيسة داخل الحلقة أيضاً، بجانبها السيدو مروة وسيدة أخرى يحسبن النقاط ويتشاورن، بينهما شحنات من التوتر تعم المكان.
وقفت الرئيسة إلزابيل أخيراً، وأعلنت:
- والخاسرة التي ستتجه إلى القصر هي الحاصلة على أعلى النقاط ... الآنسة روزيت!
بدا الجميع مندهشاً، لم يكن أمراً يستدعي التصفيق من أجله، اعترضت إحداهن:
- لكن أليست الخاسرة هي من تملك أقل النقاط؟ ألا تبدو هي الفائزة؟
فاعترضت أخرى:
- أجل، أنت قلت الخاسرة سيدتي.
اقتحمت موجة من الاعتراضات، وأحدثت ضجة عارمة، فرفعت يدها اشارة الصمت، ليعم الهدوء، وقالت:
- قلت ذلك لتبذلو جهدكم، لكنني لم أوضح لقب الخاسرة لمن يعود.
عادت الثرثرة مجدداً، فصفقت وقالت بحزم:
- لا اعتراض، ستذهب الآنسة روزيت إلى القصر غداً صباحاً، فلتستعد وتجمع أغراضها.
ذهبت الرئيسة إلزابيل، وموجة الاعتراض حافلة في الدفيئة:
- ما هذا!
علقت إحداهن:
- من الواضح أنها تستخف بعقولنا.
فعلقت أخرى:
- أليس هذا واضحاً، هي أرادت الانسة روزيت في المقام الأول.
- أجل صحيح!
فعلقت أخرى معترضة:
- ما دام ذلك، لم كل هذا العناء.
- لقد كنا سخرية أمام الفرسان، هل رأيتن ذلك؟
- آه رباه لا تذكري ذلك حتى!
...
في ساحة الفرسان، اصطف بعض الفرسان في صف متتالي وهم يجلسون على ركبهم، بينما يسير خلفهم فارس ضخم الجثة يحمل سوطاً، يضربهم الواحد تلو الأخر، يقف الفارس روهان أمامهم بجانبه مجموعة من الشحصيات المسؤولة، وعلى وجهه الغضب والاستياء الشديد، بينما يقف الأخرين يترقبون بصمت شديد.
- يا له من عار!
علق روهان بشيء من الاستحقار:
- ألا يمكنكم ضبط غرائزكم.
بينما بقي الفارس الضخم يسير بينهم يضربهم بالسوط، حينها علق أحد الشخصيات التي بجانب روهان:
- كان من الأفضل طردهم صاحب السمو.
فعلق سيد آخر:
- لكنهم بالفعل يتلقون عقابهم، سموك هل يجب أن نطرد كلما حصلت مشكلة صغيرة كهذه؟
- مشكلة صغيرة!
علق آخر:
- إنها تتعلق بفخر الفارس، هل فخر الفارس مشكلة صغيرة بالنسبة إليك.
فخرج صوت أحد الفرسان متثاقلًا ضعيفاً:
- سموك!
فنظروا جميعًا إليه بدهشة:
- خالص إعتذاري، نعدك أنها لن تتكرر ثانية.
فعلق أحد الأسياد باستحقار:
- من قال لك أنها ستكون لديك فرصة ثانية!
- هذا يكفي!
علق روهان أخيراً:
- سنسحب من كل فارس منكم رتبتين، لديكم طريق طويل لتستعيدوا الثقة التي بيننا.
ثم أنهى الاجتماع بقوله:
- انتهى!
وهم مغادراً يرفرف خلفه وشاحه، وتفرق الجميع، ثم ترك الفرسان المعاقبون ليتم معالجة جروحهم.
...
يسير الاسياد الثلاثة داخل الممر، حين قال أحدهم:
- يبدو سموه متساهلاً هذه المرة.
فأجابه الآخر:
- هلى تظن ذلك لورد جون؟
- أجل، فالطرد كان الحل الأمثل لمثل هذه الحالة!
- أنا لا أظن ذلك!
علق الثالث، فتساءل اللورد جون مندهشًا:
- لا تظن ذلك لورد ماركوس؟
- أجل.
علق بوقار:
- فهو أخذ بعين الاعتبار الفضيحة التي ستصيب العائلة الملكية لو تركت القضية باهمال.
- تعني لورد ماركوس، أن سحب رتبتين هو الحل الأمثل!
- بأخذ اعتبار ما قاله اللورد جون، والفارس، فبرأيي هو الحل الأمثل لورد لين.
- أظن أن سموه نضج كثيراً.
علق اللورد لين:
- ألا تظن ذلك لورد جون؟
بدا اللورد جون غير موافقاً، لكنه تنهد مستسلماً، وقال بغموض:
- من يدري! أمامه طريق طويل ليثبت ذلك.
وهم مغادراً، حينها نظر اللورد لين نحو اللورد ماركوس متسائلاً، فأجابه الأخير وعيناها الحاقدتان لا تتوقف عن متابعة طريق رحيله:
- لا عليك، فهو يقف في صف الجانب الآخر.
...


بيان321 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-19, 11:16 PM   #8

بيان321

? العضوٌ??? » 448711
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » بيان321 is on a distinguished road
New1 الفصل 7

الفصل السابع - روزيت، جلبة

رافقت الآنسة روزيت السيدة لارا، وسارا من خلال الدهليز المفتوح، حين مر روهان من الجهة المقابلة، فانحنت كل منهما باحترام.
- لم يخبرني أحد عن وجود وصيفة جديدة لسمو الأميرة!
تساءل روهان، فأحنت السيدة لارا رأسها، وقالت بأدب:
- لم يرد جلالته أن يعطل أعمالك بهذه المسألة البسيطة صاحب السمو.
تمتم بانزعاج:
- يعطل؟!
ثم نظر إلى الآنسة روزيت، فتوترت، سألها:
- ومن هذه الآنسة؟
بدأت تتلعثم، حين تذكرت أن عليها أن تنحي وتقدم نفسها:
- أدعى رزيت بنتلنام صاحب السمو.
- فهمت!
فعلقت السيدة لارا:
- إنها طبيبة أعشاب، وبالتالي ستنظم جدول جرعات سمو الأميرة فلا ترتكب ذلك الخطأ ثانية.
- تقصدين أنها من خلية النحل!
- بالضبط.
ثم زمت شفتيها، بينما تنظر الآنسة روزيت نحوهما بجهل تام. حينها أنهى روهان حديثه:
- حسناً، شكراً لعملكما الشاق.
فانحنتا وشق طريقه بعيداً، حينها أخذت الآنسة روزيت تسأل:
- هل يطلقون العاملين في القصر على الدفيئة بخلية النحل.
فعلقت السيدة لارا بمرح:
- آه! ذلك لأنها تشبه خلية النحل.
ثم نظرت إليها مبتسمة:
- أليست كذلك؟
لكنها نظرت إليها بدهشة حين وجدت ملامحها الحزينة، وهمست:
- لكنه اسم لا يعجبني.
- هيه! هوني عليكِ، إنه ليس بغرض الاساءة.
- كما أن سموه بدا مستاءً من وجودي، يبدو أننا لا نحمل انطباعاً جيداً هنا.
- آه!
بدت أنها وضعت السيدة لارا في طريق مسدود، فضحكت، لتدهش روزيت بردة فعلها، وتنظر نحوها باستفهام، فأجابتها وهي تمسح دموعها:
- أنت ظريفة يا آنسة!
ثم هدأت، وقالت بلطف وهي تمسح آخر قطرة:
- لكنني أعتقد أن استنتاجاتكِ خاطئة!
...
خرجت روزيت نحو الحديقة في فترة استراحاتها، بدا أن الجو في الداخل صعب للتأقلم عليه، حين وجدت نورس نقوم بمعاينة إحدى النباتات، فهمت تركض نحوها والدموع تعتصر عيناها، وما إن رأتها، حتى قفزت عليها تعانقها.
- نورس!
بدت نورس متجمدةً مكانها، وعيناها المدورتان تحدقان بدهشة تجعلان منها أكثر بلاهة، ثم رفعت روزيت رأسها، فابتسمت لدى رؤيتها لوجه نورس الأبله، ثم ابتعدت عنها، ومسحت دموعها، بينما أخذت تنظر نورس إلى زي روزيت الجديد باعجاب، وحين لاحظت روزيت ذلك، رفعت ثوبها، وأخذت تدور، وهي تسأل:
- هل أعجبك؟
فهزت نورس رأسها، وهي تبتسم ابتسامة لطيفة، حينها همت روزيت نحوها، أمسكت بذراعها، وأخذتا يسيران نحو الحقول، وهي تقول:
- لن تصدقي ماذا حصل هناك! الأمر مروع!
بينما لم يكن لدى نورس اي خيار سوا أن تستمع، وانتهى بهما المطاف جالستين على الحشائش قرب النهر، حين أنهت روزيت كلامها:
- وفي النهاية وقفت رئيسة الخدم، واخذت تقول: آه وماذا تتوقعون من فتيات خلية النحل غير ذلك!
زفرت بغضب، ثم قالت بعصبية:
- من تظن نفسها تلك السيدة! على الأقل نحن خلية النحل نملك العلم، أما هي فلا تعرف سوا إلقاء الأوامر.
خرج صوت خفيف من نورس، التي كانت تضع يدها على وجهها وتضحك، حينها ابتسمت روزيت بحنان.
- بالمناسبة نورس!
علقت بشيء من الاثارة، فنظرت نورس نحوها باهتمام:
- رأيت صاحب السمو الذي يشاع بأنه سيكون ولي العهد القادم!
بدت على نورس الدهشة والاعجاب، حين أخذت روزيت تتلوى وتتأوه:
- آآه! لو رأيته! لا أصدق أنني حتى تكلمت معه آآه إني أذوب.
فابتسمت نورس ابتسامة عريضة كادت تتحول إلى ضحكة، حينها أمسكت روزيت بيديها فجاة، ونظرت إليها بعينيها اللامعتين بالنجوم:
- لن تصدقي، إنه أوسم مما يقال عنه، ولطيف جداً!
فأخفضت نورس رأسها، في محاولة لكبت ضحكتها، حينها تراجعت روزيت واحتضنت ذراعيها بانزعاج:
- رباه! نورس! اعتقدت أنك ستشجعيني!
لكن نورس أغشي عليها من شدة الضحك.
...
في غرفة الأميرة، المكان محمومٌ برائحة الكآبة، بينما تجلس الأميرة شاردة البال على منتضدة النافذة الداخلية، تقوم روزيت بتحضير الدواء بصمت شديد، يظهر عليها التوتر وعدم الراحة، تراقب سيدتها بين الحين والآخر.
- أنتِ!
أتاها صوت السيدة مفاجأً، فقفزت مكانها، حين أردفت:
- ما اسمك مرة أخرى؟
- رو .. روزيت سيدتي!
- آه!
تنهدت وعادت لسرحانها، ثم همست:
- ماذا ستكون ردة فعلك يا روزيت حين يسمح ابنك فلدة كبدك لأحد الشامتين أن يأخذ مكانه، بينما والدته تستعد لتمسك الحكم!
أخفضت روزيت رأسها عاجزة عن الكلام، بدا أن في صدر سمو الاميرة هموماً عميقة، حملت الكوب الذي يحمل الدواء، واتجهت نحوها، قدمته لها وابتسمت:
- ربما لديه أسبابه أيضاً صاحبة السمو، ربما فاته الحظ هذه المرة ويحتاج الدعم.
حدقت نحوها بدهشة، بدا أن ذلك لم يخطر ببالها، وأصبحت روزيت متوترة مما قالته للتو، فابتسمت الأميرة بلطف، جعلت وجهها يشرق من جديد، أخذت منها الكوب، همست:
- أنت محقة روزيت!
ثم رشفت الدواء دفعة واحدة، قدمته لها، وابتسمت:
- شكراً لك!
بدت روزيت كالبلهاء، لا تعي ما حصل فجأة، فاكتفت بالابتسام، انحنت وهي تأخذ الكوب، ثم خرجت.
...
دخلت السيدة لارا غرفة استراحة خادمات القصر، حين بدت صاخبة عاجة بأطراف الحديث، بدت مندهشة، فهي لم تسمع أي إشاعة مؤخراً ليبدو هذا الاهتمام، فهذا المشهد لا يتكرر إلا في حال وصول إشاعة إلى مسامعها.
- سيدة لارا!
همت وصيفة الأميرة الشابة نحوها، فتساءلت لارا:
- ماذا هناك راي؟ ما كل هذه الجلبة؟
- ألا تعرفين؟ الجميع يتحدث عن المبارزة بين سمو الأميرة وسمو الأمير لوكاس؟
- ماذا؟
صرخت بدهشة، فنظر الجميع نحوها وعم الصمت، فوضعت أنملتان على قمة أنفها بين عينيها وأغمضتهما، ثم قالت:
- آه لا تهتموا، كنت مندهشة بعض الشيء!
علقت إحدى الخادمات:
- هذا غريب! الإشاعات تصلك أولاً بأول سيدة لارا!
- ربما سهوت عن هذه.
فبدا على الجميع الدهشة، حين قالت لارا بعجل تخاطب راي:
- على أية حال، يجب أن نوقفها، فهي ليست على ما يرام.
- من قال ذلك!
أتى صوت إحدى الخادمات، فنظرت لارا نحوها، لتردف:
- منذ مجيء الفتاة تلك من خلية النحل، وسموها بصحة جيدة.
- آه!
ابتسمت لارا بشيء من الانكسار، ثم نظرت إلى راي، وقالت:
- على أية حال، علينا أن نكون حاضرات، وإلا تحول الأمر للأسوء.
لكن ما زاد دهشتها هو وجود الفارس روهان في ساحة القصر الداخلية، بينما ترتدي الأميرة لباس الفروسية الخاص بها، ويقف لوكاس أمامها يتصبب عرقاً.
- سموك!
أتت لارا مفزوعة باتجاه روهان، حين نظر نحوها ببراءة، وهمس:
- لا تقلقي، هكذا كان الأمر معي أيضاً!
وابتسم بلطف، لكنها بدت قلقة، ليقطع الصمت صوت تصادم السيوف ببعضها، فتغلق لارا فمها بكفيها من الذعر. توقف الضرب بالسيوف للحظة، وبدا أن التعب نال من لوكاس، حين صرخت به:
- لوكاس!
فرفع نظراته نحوها، بدت نظراته حانقة حازمة، حين همت نحوه تضربه بسيفها، ليصل صوت ضرب السيوف السماء، بينما يحاول لوكاس بكل جهد أن يقاوم دفعها. ابتعدت، ثم همت تضرب بسرعة، حتى جرحت كتفه، فشهت لارا من الخوف، لكن روهان بقي ساكناً.
ارتمى لوكاس على الأرض يلهث من التعب، اقتربت منه رمت سيفها بجانبه ففاجأه صوت اصطدامه، وقالت بحزم:
- لا تعتبر نفسك ابن هذه العائلة حتى تستعيد مرتبتك!
ثم صرخت:
- هل فهمت؟!
لمعت عيناه بدموع الألم، بينما توسعت اثر الصدمة، اتجهت الأميرة نحو روهان، ثم همست له:
- أتركه تحت رعايتك.
ثم همت مغادرة، بدت لارا مصعوقة، مندهشة، غير مصدقة لما يحدث، لكن روهان ابتسم بمكر، ثم قال لها مداعباً:
- هوني عليكِ سيدة لارا، أنت تعرفينها حين تغضب.
اتجه نحو لوكاس الجاثي على الأرض بلا حركة، فجثى نحوه، وأمسك بالسيف العالق في يده المرتجفة، وهمس بلطف:
- هيا! لننظف هذه الجلبة.
...


بيان321 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-19, 11:19 PM   #9

بيان321

? العضوٌ??? » 448711
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » بيان321 is on a distinguished road
New1 الفصل 8

الفصل الثامن - حسد، وهل الدوقة راضية؟

وضع سيفه على منصتها، ثم نظر إلى لوكاس الجالس بشرود تام، عرف ذلك من تكراره لتنظيف تلك المنطقة من السيف التي سبق ونظفها من قبل، أشعة الشمس تدخل بلطف من نافذة المخزن المعتم، لتتدفق على لوكاس بستائر ضوئية يتخللها غبار المكان كحبيبات ثلج ناصعة. بدا روهان محتاراً، ففتح فاه ليتكلم عدة مرات ثم تراجع، حتى خرج صوت لوكاس أخيراً:
- أعرف أنها تريد حمايتي، أود حقاً أن أصبح حسب توقعاتها ... لكن الأمر صعب للغاية!
ابتسم روهان بحزن، ثم قال بهدوء غامض:
- ضعف جسدك ليس ذنبك، إنه مرض منتشر بين العائلة المالكة بسبب انغلاقها.
- حتى لو قلت ذلك، يبقى كوني ضعيفاً أمراً محتوماً.
نظر لوكاس نحو روهان بعنين متقدتين صارمتين، تنهد روهان، وعاد ينظر إلى سيفه المعلق على المنصة، ثم قال:
- ولو كنت تملك جسداً قوياً فما المقدر لك أن تفعله؟
اتسعت عيناه بدهشة، بدا على روهان الحزن، فشعر لوكاس بالخزي كونه لمس وتراً حساساً، ظهر عليه القلق، همس لوكاس متراجعاً:
- أعتذر!
- رباه!
قالها بشيء من المرح:
- ستجعلني أبدو كالأحمق الآن.
فابتسم لوكاس، ثم ضحكا بود.
...
في غرفة كبيرة مبهرجة بإضاءة ناصعة، تتربع الغرفة طاولة دائرية كبيرة مرسوم عليها خريطة المملكة، يجلس جميع الفرسان القادة يتخللهم توتر ملحوظ، حتى وقف أحدهم وأمسك زمام البدء بالحديث:
- وضع المملكة ليس مستقراً بعد الحرب الأخيرة، ولكننا على مشارف حرب جديدة.
تنهد روهان، حين قال آخر:
- لا عجب في ذلك، فقوة المملكة وصمودها في الحرب قبل خمس سنوات زاد مطامع الممالك المجاورة.
- سنواجه جيش رامون، هو ثاني أقوى جيش بين الممالك الخمسة.
- لكن!
علق أحدهم ساخراً:
- باستعمالنا الاكسير السحري، لا داعي للخوف أليس كذلك؟
بدت عيونهم متألأة بالثقة، حين قاطعهم روهان منبهاً:
- لكننا استخدمناه في الحرب الأخيرة!
تنهد الجميع باستياء، حين قال أحدهم:
- صحيح! لم يمضِ الوقت المقدر بعد لتناول الجرعة التالية.
- الحرب ستشن في أي وقت، علينا أن نكون مستعدين!
- لم لا نثق بجيشنا هذه المرة، فهو جيش مخضرم في مجال الحروب.
- هذا يعد انتحاراً، هل نسيت الحالة الواهنة التي تمر بها العائلة المالكة؟!
كان روهان يستمع بانزعاج، حين أخذ أحدهم يقول مقترحاً:
- لمَ لا نسأل السيدة لافرتين شخصياً، ربما يمكن أن تعتبر هذه حالة خاصة.
بدأ القلق يرتسم على وجهه، حين أكملوا نقاشهم:
- أجل صحيح، ربما يمكنها أن تتدبر الأمر، هي بالفعل تتدبر الأمر على أية حال.
- أليس كذلك؟ حتى لو أثر ذلك على أجساد الفرسان قريباً بالتأكيد هي تملك ترياقاً.
ضرب روهان الطاولة بعصبية:
- أنتم!
صرخ بغضب:
- كيف تعتبرون أنفسكم قادة بوضعكم حياة فرسانكم على المحك لمجرد حرب تافهة!
صدم الجميع من ردة فعله، وتجمدوا بلا حراك، حين قال أحدهم متوتراً:
- لكن نظراً للظروفـ
قاطعه روهان بغضب:
- هل تقصد أن من مسؤولية السيدة أن تتحمل عبء علاج الأعراض الجانبية لأكثر من مئتي ألف فارس في وقت قياسي؟ هل تعتقد أن امرأة واحدة تملك تلك المعجرة لتنقذهم جميعاً، ستكون قتلت نصف جنودك بالفعل.
ثم أخفض رأسه محاولاً كبح مشاعره، وقبض يده بقوة:
- لا تغتر فقط بكونك تملك شيئاً يمنحك القوة بتلك السهولة.
ثم ضرب الطاولة ثانية، وصرخ:
- حاولوا أن تبذلوا جهوداً!!
بدا الجميع متجمداً صامتاً إثر الدهشة، حين علق أحدهم:
- لكن!
وابتسم بخبث:
- حين تقول ذلك أيها القائد روهان، فأنت تملك الأفضلية، أم أنا مخطئ؟
ثم نظر في وجه روهان وابتسم ابتسامة ماكرة كشفت عن أسنانه.
- ما الذي تقصده أيها القائد ليون؟
فرفع القائد ليون يديه بلا مبالاة، وقال:
- أعني من الناحية الجذرية، فجنودك يملكون الأفضلية من حيث القوة ويعتبر الاكسير لهم بمثابة تعزيز لا غير.
وضعه في الحافة، حين أخذت همسات القادة تخترق مسامعه، أصمتها بتنفسه العميق، واعتدال وقفته، ثم قال بهدوء:
- أتقول أن جنودي من يجب أن يكونوا بالمقدمة؟
ابتسم ليون مجدداً، وقال بمكر:
- يبدو أنك تفهم ما بين السطور بسرعة مولاي.
عض روهان أسنانه، حين قال أحد القادة:
- ماذا ستفعل سموك، أنت من اقترح تجنب الاكسير!
أخذ يعتصر أسنانه بغضب، بينما تعلو ذلك الثعلب ابتسامة المكر ذاتها بعينيه اللتان تلسعانه باحتقار، قبض على يده بشدة، تنهد ثم قال بهدوء:
- لكم ذلك ... سأكون أنا وجيشي في المقدمة.
بدا الجميع راضياً مرتاحاً، واعتلت ليون ابتسامة انتصار، حين أحرقته نظرة روهان العدوانية قبل أن يفك الاجتماع ويرحل كل في طريقه.
...
خرجوا من قاعة الاجتماع، بينما انقسم منهم إلى أزواج، وعلق أحدهم بقلق:
- الأمر لا يبدو على خير ما يرام، أن نتخلى عن الاكسير، أليست هذه مخاطرة.
فأجابه صديقه:
- لا أعرف ما الذي يفكر به سموه، لكن هل له الحق حقاً في قول ذلك؟
- إنه يملك جيشاً عظيماً، ليس بحاجة للاكسير، بالتأكيد سيكون واثقاً بنفسه.
ثم نظر إلى صديقه وتساءل طالبا التأييد:
- أليس كذلك قائد دان؟
- المشكلة تكمن في القائد ليون أيها القائد سيمون.
بدا القائد دان شارداً:
- المشكلة في تصرفات القائد ليون الطفولية!
ثم نظر إلى صديقه سيمون، بينما بدا الأخير مندهشاً لنظرات صديقه القلقة بشكل جاد:
- ما الذي يخطط له ذلك الفأر الأحمق بعد أخذه سلطة سموه لوكاس؟
- ما الذي تعتقده برأيك؟
- هل تظن أنه سيجر سموه روهان خلفه؟
شعت شرارة القلق بينهما، حين قال القائد دان بمرح:
- على أية حال، سموه ليس خصماً سهلاً.
فضحك سيمون بمرح، وهتف:
- معك حق!
...
على منصة عالية من ساحة التدريب، يقف روهان يراقب تدريب جنوده، لكنه شارد البال، يفكر بجد حول ما يمكنه فعله، حين قاطع شروده اقتراب أحدهم، لينظر باتجاهه، فيقف متجمداً مكانه، مصعوقاً بكل ما أوتيت الكلمة من معنى لدى رؤيتها، السيدة لافرتين بشخصها.
ابتسمت ابتسامة مشرقة رغم التعب الواضح على وجهها إثر المرض، اقتربت منه ووقفت تراقب الساحة بجانبه، بينما أخذ يراقبها باستنكار شديد.
- سيدة لافرتين...
علق متلعثماً:
- لم يكن ... عليكِ ..
- لا عليك!
قاطعته بصوتها الأموي الحنون، ثم هتفت بمرح:
- آه! يبدو أنهم يحملون عزيمة كبيرة مؤخراً.
بقي مشدوهاً لفترة، ثم ابتسم وارتخى جسده، ثم عاد يتكئ على حماية المنصة، وقال وهو يراقب الساحة:
- كل واحد منهم يملك غايته، لذلك يبذلون جهدهم ليصبحوا أقوى كل يوم.
- فهمت!
علقت برضى، ثم جرى صمت خانق، حينها نظر إليها من طرف عينه متردداً، وسأل:
- ما الذي أتى بالدوقة بنفسها إلى هنا؟
- آه!
نظرت إليه وابتسمت بوداعة:
- شعرت بأنني أحتاج لأتنفس القليل من الهواء.
بدت كذبة واضحة، فعلق بشيء من الاستنكار:
- فهمت!
ثم عادا ينظران إلى الساحة، بدا أن الجنود تبادلوا مع خصومهم، واشتد النزال بينهم، حين علقت السيدة لافرتين بمرح:
- آه! يبدون حقاً جيدين!
نظر إليها، بدت هائمة وهي تراقبهم، تتكئ بوجهها على يديها، تبتسم ابتسامة مشرقة تعطيها هالة من الجمال، بالرغم من الشحوب الواضح على وجهها، شعرها الداكن المصفف بطريقة أنيقة، ولون عيناها الدائريتين، لمعتها التي تومض كل حين وآخر، كادت تبدو له بهيئة ابنتها تماماً، لولا اختلاف تلك اللمعة في عينيها اللتان ما كانتا إلا لتدل على دهاءها، بينما لمعتا ابنتها فلم تكن إلا لتعطيعها الكثير من الوداعة.
" هم يجبرون أطفالهم على شرب سم يفجر حناجرهم قبل أن يتعلموا الوصفة للاكسير السحري"
تذكر كلمات مارون، حين أزاح وجهه بذعر، فخرج صوتها غامضاً بطريقة لطيفة:
- إن كان هناك أمر يزعجك فيمكنك مشاركتي صاحب السمو.
- آه!
علق بارتباك، وحك رأسه، ثم أخذ يتساءل:
- هل الدوقة راضية بما هي عليه الآن؟
نظرت نحوه بدهشة، لكن نظراته الجادة جعلتها تضحك بخفة، ثم عادت تنظر إلى الساحة تداعب أناملها ببعضها، حين قالت بشرود:
- لا يمكنني أن أقول أنني راضية تماماً، لكنني ضمنت لابنتي حياة جيدة قبل أن أتركها وحيدة، لذلك فهو كافٍ بالنسبة إلي.
شرد روهان في كلامها بعيداً، ثم أردفت:
- أعتقد أنه لو وُضعنا في ظروف مختلفة لكان الأمر أسهل..
ثم ابتسمت، وقالت بمرح:
- أليس كذلك سموك؟
أراد أن يجاريها بالابتسام، لكن وجه نورس ارتسم في ملامحها، فلم يستطع. دفعت نفسها عن حماية المنصة بنشاط، وقالت بمرحها المعتاد:
- والآن علي الذهاب.
ثم نظرت إليه وابتسمت:
- اعتني بنفسك مولاي، فأنا أضع عليك أمالاً كبيرة.
انحنت له باحترام، ابتسم، ثم غادرت بهدوء.
...


بيان321 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رواية، رومانسي، خيال، الاكسير السحري، حب، انتقام، جريمة، أرستقراطية، أرجوازية، أفضل الروايات

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:33 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.