آخر 10 مشاركات
24 - سجن العمر - جيسيكا ستيل ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          2- أصابعنا التي تحترق -ليليان بيك -كنوز أحلام(حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          همس الجياد-قلوب زائرة(ج1 سلسلة عشق الجياد) للكاتبةالرائعة: مروة جمال *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          موضوع مخصص للطلبات و الاقتراحات و الآراء و الاستفسارات (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          أحزان نجمة ( تريش جنسن ) 446 ـ عدد جديد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          عشيقة الإيطالي (1) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          368 - رياح الماضي - بيني جوردان ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          ربما .. يوما ما * مميزة و مكتملة * (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قلوب خيالية( روايات ونوفيلات متعددة الفصول) > قلوب خيالية قصيرة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-07-19, 12:14 AM   #1

منارة***

? العضوٌ??? » 417339
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » منارة*** is on a distinguished road
Rewitysmile25 جليسة الحيوانات - من تأليفي


السلام عليكم.... لا أحب المقدمات الطويلة ولكن كنبذة عن القصة هي قصة خيالية تشوقية وسأنزل فصل في كل أسبوع أن شاء الله نظراً لظروف العمل

أقوم أيضاً بتنزيل نسخة مسموعة لها.....أول تجربة لي لهذا أتمنى أن تتفهموا الأخطاء

هذا هو الرابط:



************************************************** ****

وهنا أقدم لكم الفصل الأول

حدقت "ريما" أبنة التسعة أعوام في شاشة التلفاز وهي تتابع برنامج عن الحيوانات، أتسعت عينيها البريئتان رغماً عنها وهي تشاهد كيف تضرب القردة الأم رأس التمساح الضخم بقبضتها الصغيرة حتى يفلت طفلها من بين فكيه الضخمين وفعلاً أستطاعت سحبه والهرب به.

ألتفتت إلى أمها وسألت في فضول شديد:

- ألا يفترض أن تخاف القردة من التمساح وتهرب؟ ألا يفترض أنهم لا يفكرون؟

أبتسمت أمها وقالت:

- تتحول الأمهات إلى كائنات مختلفة حين يتعرض أولادهن للخطر.

لم تفهم "ريما" ما قالته أمها وعادت ببصرها إلى شاشة التلفاز وهذه المرة كانت هناك فيلة ضخمة تجذب أبنها الصغير أليها بينما الأخير يحاول الأقتراب من السيارة التي تصورهم في فضول واضح، كانت تجذبه وتخبئه بين أقدامها بينما هو يحاول الخروج واللعب.

هنا فكرت "ريما" بأن الفيلة الأم لا تبدوا كأنها حيوان، ففي عينيها ظهر القلق الشديد، وحركة خرطومها وهو يحتضن الصغير حتى لا يذهب إلى سيارة المصورين بدت أدمية.

بعد أن أنتهى البرنامج سألت والدتها:

- ما هو العمل الذي سيجعلني أتعامل مع الحيوانات؟

صمتت الأم للحظات وهي تصدر صوت همهمة قبل أن تقول:

- طبيبة بيطرية.

أشتعل الحماس في "ريما" وقالت:

- أذن سأصبح طبيبة بيطرية.

تنهدت الأم وقالت:

- وهل تعتقدين أنك ستتعاملين ما حيوانات عدا عن البقر والحمير؟

لم تفهم "ريما" لماذا قالتها والدتها وكأن هذا أمر سيء، فتعاملها مع أي نوع من الحيوانات سيكون أمر رائع، فهزت كتفها وأمسكت بجهاز التحكم وراحت تقلب في التلفاز باحثة عن برنامج أخر يتمحور حول الحيوانات ولاتزال فكرة أنهم بدوا كبشر يحمون أولادهم تدور في عقلها.

مرت أكثر من عشر سنوات بسرعة وصارت "ريما" الأن طالبة في الكلية التي حلمت بها، كلية الطب البيطري.

ولكن رغم دراستها وتعمقها في الكتب والعلم بشغف شديد ألا انها لم تستطع فهم اللغز الذي حيرها لأكثر من عقد من الزمان، ألا وهو كيف تبدوا تصرفات أمهات الحيوانات أدمية أحياناً وتبدوا طبيعية في معظم الأوقات.

فمثلاً في العادة تحمي الدجاجة صغارها عن طريق الأندفاع أتجاه العدو وتخويفه ولكن أحياناً قليلة جداً، تأخذهم تحت جناحيها كأنها تحاول ابقائهم بالقرب منها لأنها لو اندفعت نحو المهاجم قد يركضون في كل مكان ويخرجون عن السيطرة وبالتالي ينتهي بهم المطاف في فم الطرف الأخر.

تحدثت مع أساتذتها كثيراً حول هذا الموضوع ولكنهم جميعاً أجمعوا على أن هذه هي فطرة الحيوانات وأنهم كالبشر لكل منهم شخصيته وذكائه.

أجابتهم أقنعتها إلى حد كبير ولكن لايزال جزء منها لا يصدق ويؤمن أن هناك شيء أخر لا ينتبهون إليه.

في صباح أحد الأيام، بدأت "ريما" رحلتها إلى الجامعة، نعم رحلتها، فالطريق إلى هناك طويل ومزدحم وفي بعض الأحيان تضطر إلى سير مسافة طويلة على الجسر القريب من جامعتها بسبب قلة المواصلات مقارنة بعدد الركاب.

وهذا اليوم كان أحد تلك الأحيان، لم تجد "ريما" ما تركبه فبدأت بالسير على الجسر، تتأمل نهر النيل والبط المهاجر الذي يطفو عليه بدلال، مشهد أعتادت على رؤيته ولكنها لا تمل منه أبداً، وأحياناً تمعن النظر في المياه الضحلة قرب الضفاف عسى أن ترى بعض الأسماك الصغيرة وببعض الحظ الكبيرة منها.

ولكن هذه المرة رأت مشهد مختلف، ليس على النيل أو بداخله بل أمامها على الكوبري، شخص يحمل كيس قمامة أسود كبير، يرفعه للأعلى كأنه على أستعداد لألقائه في النيل.

هزت "ريما" رأسها في ضيق وأقتربت منه وقلبها ينبض غضباً وسألته:

- أنت لن تلقيه في النيل أليس كذلك؟

لم ينظر الرجل إليها وقال في برود:

- هذا ليس من شأنك.

وما أن أنهى عبارته حتى قذف الكيس وهو يقول:

- إلى اللقاء

في اللحظة التي طار الكيس فيها من يده سمعت "ريما" صوت عواء جرو صغير جاء من داخله، فأنتفض كيانها، وبتلقائية مدت يدها لتمسك به ولكن كان سقوطه أسرع منها، وهنا ومن دون تردد رفعت جسدها وأسندت قدمها على سور الجسر وقفزت منه إلى النيل خلف الكيس الذي قد يكون مجرد كيس قمامة.

شعرت بالرياح القوية تتخلل شعرها الطويل وهي تسقط قبل أن تخترق سطح الماء وتغوص إلى الأسفل، عدلت جسدها وسط الماء وراحت تنظر حولها باحثة عن الكيس حتى لمحته بالقرب منها يهبط ببطء.

حركت ذراعيها وسبحت بأتجاهه وهي تفكر:

( أمل أن يكون الكيس محكم الأغلاق ليحبس الهواء قليلاً في الداخل حتى أتمكن من أنقاذه)

كان تيار الماء قوياً ويسحبها للأسفل ولكنها قاومته بكل ما أوتيت من قوة، أقتربت منه شيئاً فشيئاً حتى صار على بعد ذراع، أبتسمت ودفعت جسدها إلى الأمام ولكنه لم يتحرك، أستغربت ونظرت إلى قدمها فوجدتها قد علقت في شيء ما يبدوا كأنه ألة قديمة صدئة.

( لم أنتبه إلى أنني قد وصلت إلى القاع، هذا المكان ليس عميقاً كما توقعت، علي تخليص نفسي)

جذبت قدمها بقوة لكنها لم تخرج وهنا بدأت تشعر بالحاجة الماسة إلى الهواء ففكرت:

( لا وقت لدي لهذا على أخراجه ودفعه للأعلى قبل أن ينقطع نفسي)

مدت ذراعها بيأس والكيس أمام عينيها مباشرة، بدأ صدرها يضغط عليها وشعرت برئتيها تنكمشان فأخرجت الهواء من فمها في آلم، ثم راحت تمد ذراعها أكثر فأكثر وهي تتمنى أن تصل إلى الكيس حتى لو أنفصل ذراعها.

أخيراً أمسكت بطرفه وسحبته وهي تقاوم الأعياء وبما بقي من قوتها قطعت الكيس، خرجت منه فقاقيع هواء كثيفة وظهر من خلفها جرو أسود صغير.

دهشت كثيراً لرؤيته ولكن لم يكن هناك وقت فأمسكت به ودفعته بكل ما بقى من قوتها إلى الأعلى على الرغم من ضغط الماء ثم شاهدته وهو يقاوم ويسبح صعوداً.

فرحت كثيراً وهي تتابعه، فعلى ما يبدوا انه جرو قوي يعلم ما عليه فعله لينجوا، يحرك قدميه الصغيرتين بأتجاه الضوء الذي خفط شيئاً فشيئاً حتى أسودت الدنيا أمامها.

(أنها النهاية)

- أيتها الفتاة الجديدة أستيقظي.

صوت سيدة بارد كالجليد تحدث إليها، ففتحت عينيها ببطء لترى امرأة تبدوا في الخمسينات تنظر إليها ومن حولها خلفية خضراء لم تستطع "ريما" تفسير ما هي في تلك اللحظة لأن نظرها كان مشوش، ولكنها شعرت بأن جسدها مستلقي على سرير من مادة ما لا تتعرف عليها .

أغمضت عينيها وفتحتهم مجدداً ثم سألت:

- ماذا حدث؟ هل أنا في المشفى؟

كانت عيناها تؤلمانها في هذه اللحظة، فوضعت يدها عليها وهنا سمعت صوت السيدة وهي تقول:

- أنتِ في أرض الجلساء "بيسيتيا" وأنتِ أيضاً جليسة حيوانات جديدة.

فتحت "ريما" عينيها مجدداً ولكن كانت لاتزال الرؤية مشوشة فسألت:

- ماذا؟

سمعتها تزفر الهواء من فمها وهي تقول:

- أنتِ جليسة صغار الحيوانات الأن.

لمست "ريما" أذنها وقالت:

- أنا أسفة ولكن يبدوا أن الماء قد دخل إلى أذني لهذا لا أسمع جيداً

قالت السيدة في أستنكار:

- لا أظن هذا يا عزيزتي فهذا ليس نفس الجسد الذي غرق.

لم تصدق "ريما" ما سمعته فسألت في قلق:

- ما معنى هذا؟

تنهدت السيدة وقالت:

- لن أطيل الشرح حتى لا نزعج من حولنا، بأختصار لقد فقدتِ الوعي في جسدك الأصلي ودخل دماغك في غيبوبة أبدية ونحن نقلنا وعيك إلى هذا الجسد الصغير لتساعدي صغار الحيوانات.

صمتت قليلاً قبل أن تكمل في شيء من التردد:

- هذا من حسن حظنا، فنحن لا نجد طبيبة بيطرية كل يوم.

لم تفهم ما قالته مجدداً، غيبوبة أبدية؟ هل حقاً ما يحدث الأن حقيقة؟

قامت من مكانها جالسة والتفتت حولها، تطلع على محيطها والذي لم يكن سوى قاعة كبيرة، جدرانها تلتف حول أرضها كأنهم داخل أنبوب، جميعها من الخشب تغطي بعضه النباتات الخضراء المتسلقة، بينما تناثرت أكوام من القش الأصفر هنا وهناك.

نقلت بصرها إلى السرير الذي تستلقي عليه فوجدته أحد تلك أكوام القش لهذا كان ملمسه غريباً.

في هذه اللحظة بدأ الأرتباك يتغلغل إلى قلبها ولكنها أخذت نفساً عميقاً وسألت:

- وكيف أعود؟

قامت السيدة التي ترتدي فستان أخضر طويل مصنوع من قماش ناعم كالحرير من على الكرسي الخشب حيث كانت تجلس وقالت في أستنكار:

- قلت لكِ غيبوبة أبدية أي أنكِ ستبقين هنا تعتنين بالحيوانات الصغيرة إلى أن يقرر والديك أزالة أجهزة الأنعاش عنك.




منارة*** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-19, 01:48 PM   #2

زفرات قلم
 
الصورة الرمزية زفرات قلم

? العضوٌ??? » 449277
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 63
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » زفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond reputeزفرات قلم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
افتراضي

بداية مشوقة جدا ماشاء الله

في انتظار التتمة

موفقة حبيبتي ..


زفرات قلم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-19, 02:20 PM   #3

م اسامة

? العضوٌ??? » 419458
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 147
?  نُقآطِيْ » م اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond reputeم اسامة has a reputation beyond repute
افتراضي

بداية مشوقة جدا ماشاء الله

م اسامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-19, 03:11 PM   #4

منارة***

? العضوٌ??? » 417339
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » منارة*** is on a distinguished road
افتراضي

شكرا لكم :")
إن شاء الله تعجبكم التكملة


منارة*** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-19, 01:30 AM   #5

منارة***

? العضوٌ??? » 417339
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » منارة*** is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني

يالها من كلمة قاسية أوقفت عقلها عن التفكير، فأن كانت حقاً في غيبوبة أبدية كما تقول تلك السيدة فإلى متى ستنتظر عائلتها متوسطة الحال قبل أن يخلعوا عنها أجهزة الأنعاش ويتركوها لقدرها المظلم؟

هنا قالت "ريما" وهي غاضبة على حالها:

- لن يفعلوا هذا لأنني سأستيقظ، فلا أحد يعلم المستقبل.

رمقتها السيدة بنظرة أستنكار غير مفهومة وهزت كتفها وهي تقول:

- سنرى حيال هذا.

ثم أستردت قائلة:

- هيا فلنذهب إلى غرفتكِ.

قامت "ريما" من على السرير وقلبها لايزال ينبض غضباً ولكن سرعان ما خمد بركانها حين خرجوا من المكان عبر باب خشبي إلى غابة مفتوحة، كل شيء ضخم، فروع الأشجار وأوراقها، الزهور، البراعم، منظر أخاذ ينسي المرء همومه.

نظرت إلى أسفل قدمها فأكتشفت أنهم يمشون فوق فرع شجرة عريض كالشارع، وهنا أنتبهت إلى أن حذائها مصنوع من الخشب، وقد زين ببعض الزهور الجافة، لا عجب من أنه لم يكن مريحاً، ثم نظرت إلى نفسها فوجدت أنها ترتدي فستاناً أخضر طويلاً مصنوع من خامة ناعمة ربما الحرير وعليه ثبتت بعض الزهور الصفراء المجففة.

مررت يدها على فستانها تتحسس نعومته وقالت:

- أشعر أنني في أرض الجنيات.

ولكنها لم تجد أي فرق بين شكل الجلساء وبين شكل البشر فهم لا يمتلكون أجنحة ولا أذان مختلفة، لا فرق نهائياً.
وأخيراً وصلوا إلى جذع شجرة ضخم مليء بثغرات تشبه النوافذ الصغيرة وعليه بعض الرسوم البدائية للحيوانات والطيور وهنا قالت السيدة:

- هذا هو المكان، مسكن الجليسات.

ثم تابعوا السير حتى دخلوا الجذع من تجويف كبير وفي الداخل رأت "ريما" قاعة صغيرة تناثرت فيها بعض المقاعد الخشبية الصغيرة هنا وهناك وتوجد في نهايتها سلالم خشبية صعدوها معاً حتى وصلوا إلى الدور الثالث وهنا مشوا بضع خطوات حتى وقفوا أمام باب خشبي مدهون باللون الأزرق الغامق وينتصفه رسمة للبدر.

أخرجت السيدة مفتاح من جيبها وقالت وهي تدخله في القفل المعلق أسفل مقبض الباب:

- هذه هي غرفتك، كانت المالكة القديمة تحب الرسم لهذا فعلت هذا بالباب وهي من فعلت هذا بجدار الجذع.

ثم أبتسمت وقالت في تهكم:

- ربما أرادت أن تترك أثر قبل أن تختفي تماماً.

لم تستطع "ريما" كبح غضبها وقالت:

- ألا ترين هذا قاسياً؟ مجدداً؟

رمقتها بنفس النظرة التي فعلتها من قبل ثم أمسكت بكف يدها ورفعتها إلى أعلى قبل أن تضع المفتاح فيه بعنف وهي تقول في ملل:

- قابليني غداً في الجذع المقابل لهذا الجذع وسأعطيكِ أول مهمة لكِ، ستقابلين بعض الحيوانات الصغيرة التي تحبيها كثيراً.

ثم مشت بعيداً في تفاخر، مشهد أستفذ "ريما" كثيراً، فدخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفها وهي تزفر الهواء من فمها عسى أن تهدأ قليلاً.

ألقت نظرة على الغرفة فلم تجد الكثير من الأشياء، سرير من القش، طاولة ومقعد وباب أخر يؤدي إلى الحمام، بدت مملة.

تنهدت "ريما" وقالت وهي تبتسم:

- على الأقل سأكون مع الحيوانات، لا أعلم ما علي فعله ولكن سأمضي معهم وقتي بدلاً من النوم في المشفى.
التفتت إلى الباب خلفها، ومدت يدها لتمسك بالمقبض لتخرج وتستكشف المكان ولكنها تراجعت وألقت نفسها على السرير، وقالت وهي تحدث نفسها:

- أشعر بالنعاس، ربما لم أعتد هذا الجسد بعد.

حدقت في سقف الغرفة الخشبي قبل أن تغلق عينيها وتهمس:

- ما الذي أقوله؟

ونامت حتى جاء صباح اليوم التالي، قامت بتثاقل من على السرير وبعد أن جهزت نفسها خرجت ومشت على فرع الشجرة العملاق وهي تتأمل الغابة الشاسعة من حولها بأعجاب على أمل أن تلمح أي حيوان بري.

فجأة قاطعها صوت مزعج يقول:

- لقد تأخرتِ

نظرت "ريما" إلى السيدة القاسية، نعم هذا هو أسمها الجديد، في حنق وقالت:

- أعتذر

هزت كتفها وقالت:

- هيا إلى الداخل، وأحفظي الطريق إلى مكتبي لأنك ستتلقين المهمات من عندي.

أومأت "ريما" برأسها وقالت:

- حسناً لا تقلقي.

بدأوا بالسير داخل الجذع الضخم وبعد دقائق وصلوا إلى قاعة خشبية عملاقة تتدلل من سقفها بعض النباتات المزهرة بورود بنفسجية اللون، صُفت فيها المكاتب الخشبية بعناية فائقة كما أنها مليئة بنوافذ صغيرة.

جلست السيدة القاسية على مقعد خلف أول مكتب قابلهم على ناحية اليمين وأخرجت من أحدى أدراجه ورقة صفراء بدت كأنها من الباردي، ربما لأنها مصنوعة بنفس الطريقة، وقالت في صوت يخلوا من المشاعر:

- هذه هي مهمتك الأولى ولكن قبل هذا سأشرح لكِ وظيفة الجليسة بأختصار، مهمتك هي الأعتناء بالحيوانات الصغيرة خصوصاً في الأوقات التي تبتعد الأم فيها عنهم، أحرصي ألا يبتعدوا كثيرا عن العش وكذلك أنتِ ولكن مسموح لكِ بالأبتعاد عن العش لأحضار الطعام في حالة تغيب الأم لفترة طويلة، ومسموح بالصيد، صغارك أهم من الصغار الأخرين، ستكون لكِ نفس خواص الأم، كالمخالب للدفاع عن الصغار وعن نفسك.

شعرت "ريما" بالقلق من هذه الجملة فهي ستلقى وحيدة في الغابة المتوحشة فقاطعتها متسائلة:

- ماذا لو ..

لم تستطع أكمال الجملة وقول أفترسها أحد الحيوانات ولكن يبدوا أن السيدة القاسية فهمتها فقالت:

- أذا فقدتي حياتك هنا، فأنها النهاية

سألتها "ريما":

- ولكن هذا ليس جسدي الأصلي؟

هزت السيدة رأسها وقالت:

- هذا ما يحدث، ربما بسبب الصدمة، على أي حال ستكون مهمتك الأولى مع صغار أحدى الدببة الأمريكية السوداء، الأم لا توليهم أهتماماً كبيراً لأنهم أول صغار لها لهذا نحتاج إلى جليسة لرعايتهم معها، لا أعتقد أنها ستكون مهمة صعبة.

أحست "ريما" بالمسئولية أتجاه الأشبال فتناست هول ما تمر به وقالت:

- نعم فالأشبال تبقى مع والدتها في الكهف أثناء فترة البيات الشتوي، على الرغم من أنهم لا يدخلون في هذا البيات، ثم يخرجون مع أمهم حين تكون أعمارهم بين الشهرين والثلاثة أشهر وعادة يكونون كبار بما فيه الكفاية لتسلق الأشجار.

أومأت السيدة برأسها وقالت:

- تماماً، الصغار يعتمدون على أنفسهم إلى حد ما لهذا قلت لكِ أن المهمة لن تكون صعبة، ستعتنين بهم في الغابة حتى قدوم الخريف أي بعد ستة أشهر من الأن.

تسارعت نبضات قلبها وقالت في تعجب:

- سأمكث في الغابة لمدة ستة أشهر.

نظرت إليها السيدة بأستنكار وقالت:

- ما الأمر؟ لقد قفزتِ خلف كلب إلى النهر.

شعرت بيدها ترتعش في مزيج من الحماس والتوتر قبل أن تقول وهي تحاول أن لا تظهر تلك الرعشة في صوتها:

- بل على العكس أنا متحمسة لهذه التجربة فلطالما أردت أن أحتضن شبل دب.

هزت السيدة رأسها وقالت:

- أنتِ فتاة غريبة، على اية حال، أترين هذا الباب خلفي، أخرجي منه إلى حيث مهمتك.

ذهبت "ريما" إلى الباب خلف السيدة والذي بدا كأي باب خشبي ثم فتحته فوجدت أمامها غابة خضراء لا نهاية لها وهنا سمعت صوت السيدة من خلفها وهي تقول:

- هذا هو المكان، سيختفي الباب بعد أن تعبريه وسيظهر مجدداً عند قدوم الخريف، حافظي على نفسك حتى هذا الحين فأنتِ جليسة مهمة لنا.

فهمت "ريما" أنها تقصد أن تبقى على قيد الحياة في هذه الغابة المليئة بالوحوش، ولكن أن كانت هذه هي حياتها الجديدة فعليها تقبلها وأستغلالها في أنقاذ الحيوانات التي تعشقها خاصة أن هلاكها دائماً ما يكون على يد ابناء جنسها.


منارة*** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-08-19, 07:24 PM   #6

منارة***

? العضوٌ??? » 417339
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » منارة*** is on a distinguished road
افتراضي

من دون مقدمات

الفصل الثالث

وطأت قدمها العشب الناعم المبلل بقطرات الندى وداعبت الرياح خصلات شعرها الطويل وهي تتأمل المكان حولها غير مصدقة أنها تقف الأن في وسط غابة في بلد لم تتخيل أنها ستقف على أرضها ولكن ياللأسف لن تستطيع زيارة مدينتها.

أختفى الباب خلفها ما أن خرج جسدها منه، وهنا شعرت بثقل في يديها فرفعتهما تنظر إليهما فأذا بهما قد تغطيا بفرو بني اللون ينتهي بمخالب صغيرة، بدت كأنها قفازات على شكل كف دب، ففزعت وتراجعت للخلف خطوة ثم قلبت كفيها فوجدتهم كما هم، موجودين في الأسفل، فحركت أصابعها بتلقائية للتطمئن عليهم.

تنفست الصعداء وقالت:

- أنه مثل غطاء للكف أو قفاز

ثم أنتبهت أن هناك شيء فوق رأسها، فرفعت يدها وتحسست فوق شعرها حتى أمسكت بشيء دائري ملمسه كالفرو.
قفزت في مكانها جزعاً وقالت:

- أنها أذان.

وهنا تذكرت أن السيدة أخبرتها أنها ستأخذ خواص الحيوانات التي سترعاها، فشعرت بنوع من الراحة النفسية ثم ألتفتت حولها تتأمل المحيط فوجدت أن حجم النباتات صار أصغر قليلاً ففهمت أن حجمها أصبح أكبر ربما في حجم دب بالغ يقف على قدميه الخلفيتين وهنا بدأت بالسير بحثاً عن الأشبال.

التقتت أذناها الجديدتين صوت خشخشة بين الأشجار فأقتربت بحذر من الصوت والقت بصرها من وسط أوراق النباتات القصيرة فرأت شبلين دببة صغيرين يلعبان معاً وحدهما.

شعرت بسعادة تغمرها وبدأت بأخذ خطوات هادئة بأتجاههم حتى أقتربت منهم مسافة صغيرة جداً فمدت لهما يديها.
رفع الشبلين رأسهما وشموا يدها قبل أن يلعقاها فلم تستطع منع نفسها من حمل أحدهم، كان حجمه كحجم كلب بالغ ذو جسد صغير بالنسبة إليها وفروهه ناعم بطريقة لا تصدق وجسده دافيء جداً مما جعلها ترغب بأحتضانه طوال اليوم.

في هذه اللحظة، سمعت صوت الأعشاب تتحرك خلفها فألتفتت في فزع فأذا بها تجد الدبة الأم أمامها، أنقبض قلبها وهي لا تعلم ما هي ردة فعل الأم أتجاهها ولكن الأخيرة مرت بجانبها دون أن توليها أي أهتمام.

تنفست "ريما" الصعداء وحركت بصرها إلى الأشبال فوجدتهم يركضون معاً في اتجاه معاكس عن أتجاه الأم فأدارت رأسها تنظر إلى الأم فوجدتها ماضية في طريقها غير عابئة بالأشبال فتمتمت:

- أنها حقاً لا تهتم بهم.

وحركت جسدها تركض بأتجاه الأشبال وحين وصلت إليهم حملت واحد والأخر أمسكته في أخر لحظة قبل أن يسقط من على أعلى جرف صغير، رغم أن المسافة للأسفل ليست كبيرة، يمكن لشخص بالغ أن يقفزها، ألا أنه كان من الممكن أن يؤذي السقوط الشبل.

زفرت الهواء من فمها في راحة وعادت بهم إلى الأم التي كانت تتناول بعض التوت البري من على الشجيرات الصغيرة.

أحست "ريما" بالجوع هي الأخرى فألتقتت بعض التوت الأحمر ووضعت واحدة في فمها تستطعمها فوجدتها حلوة المذاق على عكس ما توقعت، أكلت منها المزيد حتى أحست بالشبع وهو أمر أستغربت له كثيراُ فمنذ متى والأنسان يشبع من الفاكهة؟

(هل هذه أيضاً أحدى خواص جسد جليسة أطفال الحيوانات)

بعد هذا بدأت الأم تتابع سيرها إلى وجهة لا تعلمها "ريما" فقامت "ريما" بسياقة الأشبال خلفها وهي تحرص أن لا يبتعد أي منهم عنها وأخيراً وصلوا إلى نهر جاري وقفت الأم عند أحدى الضفاف والتي كانت مكونة من صخور رمادية دائرية صغيرة، تنظر إلى الماء في تركيز واضح قبل أن تلقف الأسماك وتتناولها.

تأملتها "ريما" وهي تفكر

( ربما سيكون هذا غدائي غداً ولكن سأشويهم أولاً لازلت أحتفط بأدميتي)

حل الليل سريعاً وزادت برودة الجو، شعرت "ريما" بقشعريرة تسري في جسدها فعقدت يديها وهي تضمهم إلى صدرها بقوة من شدة البرد ففستانها الحريري لا يشعرها بالدفء بتاتاً.

ألتفتت إلى الدببة فوجدتهم قد تكدسوا معاً وقد أغمضوا أعينهم، فأتجهت إليهم ووقفت خلف ظهر الأم المكورة حول أشبالها وبحذر شديد نزلت على ركبتيها وببطء دفست نفسها بجانبها تمتص دفئها، كانت ناعمة لدرجة لا تصدق أفضل من أي دمية محشوة على وجه الأرض.

مر وقت طويل لا تدري "ريما" مدته لأن التوتر قد أنساها عده ولكن على حسب تقديرها فأنهم في أواخر الصيف لأن الجو كان حار جداً والأن بدأت تشعر ببعض النسمات الباردة.

لم تواجه أي خطر حقيقي طوال هذه الفترة فالدب الأمريكي الأسود لا يملك الكثير من الأعداء والأم كانت دائما ما تخيف أي مفترس يحاول الأقتراب، أما عن الأشبال فقد كبروا بما فيه الكفاية ليبحثوا عن طعامهم بأنفسهم ويأخذوا حذرهم من الأخطار حولهم.

تأملتهم "ريما" وهم يجمعون بعض الحشائش الجافة ليساعدوا أمهم في بناء العش الجديد حيث سيكون بياتهم الشتوي والذي يبدأ من الخريف، فرحت كثيراً لرؤيتهم وهم يعتمدون على أنفسهم فمنذ عدة شهور كانوا أطفال صغار تائهين والأن هم كبار بما فيه الكفاية ليستغنوا عن أمهم.

تنهدت وقالت:

- سأشتاق إليكم، لقد سهلتم علي مهمتي بأعتمادكم على أنفسكم، يبدوا أن كلام السيدة القاسية كان صحيحاً، الأعتناء بالدببة السوداء مهمة سهلة تناسب الجلساء الجدد.

ثم نظرت إلى حال ثيابها التي صارت مترهلة ومليئة بالأوساخ رغم أنها كانت تستحم بها في النهر وقالت:

- سأسألها من أين أحصل على رداء جديد وربما حقيبة لأضع فيها ملابس أخرى المرة القادمة.

وأخيراً حل الخريف ودخلت الدببة إلى كهفها لتنام حتى الربيع فدخلت "ريما" خلفهم وأعتصرت الأشبال والدموع تنهمر من عينيها لأنها ستشتاق إليهم كثيراً ثم وضعت في كف كل واحد من الأشبال أسوار مصنوعة من الحبال بنية اللون معلق فيها دب خشبي غير متقن الصنع، عسى أن تقابلهم مجدداً فتعرفهم.

فجأة سمعت صوت السيدة القاسية في عقلها يقول:

- أحسنتِ يا فتاة، لقد ظهر الباب في جزع الشجرة العملاقة خارج الكهف، عودي إلى هنا من خلاله.

أنتفضت "ريما" في فزع من صوتها فهي لم تتوقع هذا نهائياً، لقد بدا صوتها كأنها تتحدث بجانبها.

(كيف هذا؟)

أعطت الأشبال حضن أخير وربتت على رؤوسهم قبل أن تخرج من الكهف، وفعلاً وجدت الشجرة العملاقة أمامها وفي أسفل جزعها الباب الخشبي الذي أتت من خلاله.

عبرت الباب وهي تتسائل أي حيوان هو التالي وفي أي بلد سيكون هذه المرة؟

نهاية الفصل الثالث

رابط الفيديو المسموع

https://youtu.be/JDvYuL-0XvM


منارة*** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-19, 03:23 PM   #7

منارة***

? العضوٌ??? » 417339
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » منارة*** is on a distinguished road
افتراضي

***كل سنة والجميع بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك ****

الفصل الرابع

وجدت "ريما" نفسها في القاعة الكبيرة حيث مكتب السيدة القاسية، اتجهت إليها وهي تمشي باستحياء من سوء حال لباسها متفادية النظر إلى عيون الاشخاص في المكان، إلى أن رفعت عينيها للحظة فانتبهت إلى أنه لا ينظر أليها أحد، ربما اعتادوا على هذا المنظر.

وصلت أخيراً إلى المكتب المنشود وقالت:

- مرحبا لقد عدت

لم تظهر السيدة أي اهتمام وقالت:

- احسنتِ

ثم اخرجت من درج مكتبها الخشبي حقيبة صغيرة مصنوعة من الخوص وأدخلت يدها تقبض شيئاً ما ثم اخرجتها ومدت قبضتها إلى "ريما" وهي تقول:

- خذي هذا هو مصروف معيشتك حتى المهمة القادمة.

مدت "ريما" يدها فأسقطت السيدة من قبضتها بضع عملات ذهبية اللون عليها، قربتهم "ريما" من عينيها تتأملهم فوجدتهم لا يختلفون كثيراً عن العملات التي تعرفها في حجمها و تبدوا كأنها من الذهب ولكن وزنها يدل على انها ليست كذلك، ونقشت عليها رسومات لزهور من جانب وفي الجانب الاخر صورة جانبية لوجه امرأة شابة، شعرها مموج وضع عليه تاج وذات ملامح دقيقة، ربما هي الحاكمة.

همت "ريما" لسؤالها عن هوية تلك المرأة ولكن السيدة كانت قد رحلت دون أن تنتبه، شعرت "ريما" بالغضب من هذا التصرف الغير لائق قبل أن تلتفت إلي سيدة أخرى تجلس خلف مكتب من ورائها وتسأل:

- هل يوجد سوق قريب من هنا.

لم ترفع السيدة رأسها وقالت ببرود:

- اسألي في الخارج

شعرت بدمائها تغلي وفتحت فمها لترد عليها بنفس اسلوبها السخيف ولكن سمعت احدهم يحدثها:

- أنا في طريقي إلى هناك، لنذهب معاً

لقد كان صوت شاب وهو أمر استغربت منه كثيراً فكل من حولها سيدات وفتيات لهذا لم تتوقع أن تسمع صوت ذو نغمة منخفضة هنا.

حركت بصرها إليه فوجدته يقف على مقربة منها، شاب ذو ملامح من شرق آسيا، الشعر الاسود المنسدل حتى جبهته، العيون ذات السحبة المميزة ولكنها لم تكن ضيقة بل واسعة وعميقة كالمحيط.
يرتدي زي من الجلد البني ربطت حوله الكثير من الاحزمة الجلدية السوداء، كونه من الجلد كان أمراً غريباً ولكن سرعان ما عبر الأمر من خلال رأسها.

حدقت فيه باستغراب وهو يقترب منها حتى مر بجانبها وهو يقول:

- اتبعيني.

خرج صوتها متوتراً وهي تقول:

- حسناً

كان الأمر محرجاً جداً فهو يبدوا أنيقاً بينما هي تبدوا كأن هناك قطيع ثيران ركض فوقها وتبعه سرب من البط، ولكن بعد مرور فترة من الصمت وهي تتبعه غلبها الفضول فسألت:

- هل أنت جليس حيوانات أيضاً؟

لم ينظر إليها وأكتفى بإيماءة صغيرة، غلبتها الدهشة فشهقت وهي تقول:

- لم أتوقع هذا بتاتاً.

بدأت خطوات سيره بالأسراع فجأة، فأحست "ريما" انها أخطأت فقالت وهي تلحق به:

- أعتذر لم أنتبه إلى كلامي.

تمتم قائلاً:

- لا بأس

ثم أشار إلى مكان ما وهو يقول:

- هذا هو السوق

حركت "ريما" نظرها إلى حيث يشير لترى أمامها أن أمتداد جزع الشجرة الذي يقفون فوقه قد ملىء بقواعد خشبية مستطيلة مصفوفة على الجانبين بعضها فوقه أدوات وأشياء والأخرى ملابس، لم يكن مكتظاً للدرجة والبائعين تبدوا عليهم البساطة.

سأل الشاب:

- هل تعلمين ما تحتاجين إليه؟

أستغربت كثيراً من سؤاله وردت قائلة:

- ملابس، حقيبة، حذاء فقط على ما أعتقد.

حدق الشاب فيها للحظة كأنه يفكر قبل أن يقول:

- كما توقعت أنتِ جديدة هنا.

ثم بدأ بالسير في السوق فتبعته "ريما" وهي لا تفهم المغزى من سؤاله حتى وصلوا إلى محل يبيع ما يبدوا كأنه عيدان لنبات البامبوا الأخضر مقطعة لتكون أصغر من طول ذراع وعريضة ويخرج من مقدمتها مستطيل بارز كأنه مكان الشرب.

أمسك الشاب بواحدة وقال:

- هذه تدعى بامبوا المياه ويمكن تخزين كمية كبيرة من الماء فيها، بكمية أكثر من حجمها، هي من أحدى تكنولوجيا الجلساء الأصلين، مهمة جداً، ستحتاجين إليها في الصحراء والبراري.

لم تفهم ما يصد بكلمة "جلساء أصلين" فسألت:

- ماذا تقصد بالجلساء الأصلين؟

لمحت في عينيه نظرة أستغراب قبل أن يقترب منها وهمس:

- تم أحضارنا هنا بعد أن فقدنا الوعي إليس كذلك؟ هم من وضعونا في هذه الأجساد، لقد أدخلونا إلى عالمهم ولكن قشرة فقط منه، فلم يرى أحداً منا قط أين يعيشون، ولكن أنا متأكد أنهم ينظرون إلينا بدونية وذلك واضح في كلام السيدات اللاتي يسلموننا المهمات.

بدا كلامه منطقياً بعض الشيء، فالسيدة المسئولة عنها هي السيدة القاسية، فقالت:

- أمر غريب فعلاً، لما يعاملوننا هكذا مع أننا نقوم على رعاية الحيوانات.

هز كتفه وقال:

- لا أعلم ولكن لا تثقى فيهن كثيراً.

أبتسمت وقالت:

- لا تقلق

تذكرت أمراً مهما فقالت:

- أنا أدعى "ريما" من مصر وأنت؟

أبتسم وقال:

- مصر؟ حيث الأهرامات، أنا "سوزوكي أكيرا" من اليابان.

اليابان؟ لم تتوقع أنها ستتحدث مع أحد من تلك الدولة البعيدة ولكن أسمه كان معقداً جداً بالنسبة إليها وربما كان هذا واضح على وجهها فقال قبل أن تسأل:

- ناديني ب"أكيرا"، هذا هو أسمي الأول فنحن في اليابان نذكر أسم العائلة أولاً ثم ثم أسمنا.

فكرت "ريما" أن أختلاف الثقافات أمر مثير ولكن كيف يتحدثون ويفهمون بعضهم البعض فسألته هذا ولكنه أجاب:

- أعتقد أنه من خصائص هذا الجسد.

أجابته كانت منطقية بالنسبة إليها.

أنتهى الحديث هنا وبدأوا بالشراء، لم يكن المبلغ كبيراً كما توقعت، فأكتفت بشراء ملابس جديدة وحقيبة ظهر وبعض الزجاجات الصغيرة لتضع فيها أدوية من الأعشاب الطبية التي ستصنعها لاحقاً وقبل كل هذا بامبوا المياه.

ودعته عند مدخل السكن وذهبت إلى غرفتها وما أن دخلتها حتى أكتشفت أنها مليئة بالغبار كأن لم يدخلها أحد منذ أن تركتها.

شعرت بالأحباط وقالت:

- لا توجد خدمة غرف هنا؟ أنا مرهقة.

دخلت إلى الحمام والذي كان للعجب مثل الذي تستخدمه في حياتها الأدمية، مقعد من الحجارة الرمادية متصل بماسورة وكذلك حوض رمادي تخرج المياه من صنبوره، أحضرت مقشة وراحت تكنس وتنظف الأتربة.

وأخيراً بدأت بلم التراب التي جمعته في جاروف صغير وهنا لمحت كتابة على الحائط من الأسفل، حروف لم تعهدها ولكنها فهمتها:

" هل نحن حقاً لا نفيق بسبب سكتة دماغية؟"


منارة*** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-19, 02:42 PM   #8

منارة***

? العضوٌ??? » 417339
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » منارة*** is on a distinguished road
افتراضي

كيف حالكم، أتمنى أن اجازة العيد كانت ممتعة

الفصل الخامس

"أستيقظي يا فتاة، وتعالي إلى مكتبي فوراً"

صوت دوى في رأس "ريما" وهي نائمة على السرير مما جعلها تقفز من عليه فزعة وقلبها ينبض بعنف قبل أن تدرك ماذا يحدث.

أمسكت بكتفها الذي يؤلمها من أثر السقوط وتمتمت:

- ما الذي تفعله تلك السيدة؟

جهزت نفسها على عجالة وأخذت المعدات التي أشترتها مؤخراً وأنطلقت حتى وصلت إلى مكتب السيدة القاسية.

قالت وهي تحاول التحكم في غضبها:

- ألا توجد طريقة أفضل لإيقاظي؟ كدت أن أصيب بسكتة قلبية.

لم ترفع السيدة عينيها وقالت:

- لا، ولديك مهمة.

شعرت "ريما" بجسدها يرتجف من العصبية التي تكتمها قبل أن تقول:

- ولكننا في الخريف وعادة لا تولد الحيوانات في هذا الوقت.

أبتسمت السيدة في تهكم وقالت:

- أيتها الحمقاء، هناك حيوانات تبقى صغاراً حتى سن العاشرة من عمرها.

فكرت "ريما" قليلاً قبل أن تقول:

- صحيح، كالفيل.

أصدرت السيدة صوت أستهزاء قبل أن تقول وهي تشير إلى باب خشبي خلفها:

- ستذهبين إلى قطيع من الفيلة لتهتمي بصغير أحدى الفيلة التي أصيبت بشدة بسبب مطاردة مع صيدين.

شعرت "ريما" بآلم في صدره وقالت:

- هؤلاء الحمقى، من الجيد أنها قد نجت

هزت السيدة رأسها في أسف وقالت:

- هي كانت محظوظة ولكن فقد القطيع نصف أعضائه ولهذا ستذهبين للمساعدة أنتِ والفتى الصامت.

سألتها في فضول:

- من؟

لوحت السيدة يدها بعصبية وقالت:

- توقفي عن الثرثرة وأذهبي، هلا فعلتي؟

شعرت "ريما" بالضيق من أسلوبها ولقد لا فائدة من محاولة أستخراج أي معلومة منها لهذا أتجهت بخطوات سريعة إلى الباب وعبرت من خلاله.

أول ما فعلته عند وصولها هو فحص نفسها وفعلاً لاحظت أختلافات في جسدها، فنصف ذراعيها قد تحول لونهما إلى الرمادي ومن الربع الأخير منهما خرجت أنياب مدببة من العاج كتلك التي يتميز بها الفيل ووحيد القرن جعلتاها تشعر بالأمان، ومن جانبي رأسها خرجت أذان كبيرة شبيهة بأذان الفيل لتساعدها على السمع بشكل أقوى.

أنتبهت أيضاً إلى أن المحيط حولها عبارة عن براري شبه خالية من الأشجار ومليئة بالأعشاب الطويلة والصخور.

(لابد أنها أفريقيا)

جالت هذه الخاطرة في بالها وهي تسير باحثة عن القطيع المنشود، خطواتها كانت بطيئة بعض الشيء فجسدها قد صار أثقل وأكبر وهو أمر لم يعجبها كثيراً.

بعد دقائق من السير وصلت إلى القطيع، لم يكن كبيراً وحين أقتربت لاحظت أن البعض منهم مجروح.
غمرها الحزن العميق وهمست:

- كيف فعلوا هذا بهم، كل هذا من أجل العاج والجلد؟ لا أعتقد أن الفيلة قد خلقت لتقتل وتؤخذ أسنانها.

وهنا وجدت فيل صغير يداعب أمه الراقضة بجانبه بخرطومه الصغير، أمه بدت مصابة بجروح هنا وهناك ففهمت "ريما" أنه العجل المنشود.

أقتربت "ريما" بهدوء من الأم الجريحة وتفحصتها في حزن قبل أن تخرج من حقيبتها قارورة زجاحية مليئة بمعجون أخضر، من حسن الحظ كان حجم القارورة وما بداخلها قد كبر مع كبر حجم "ريما" وكذلك كل شيء كانت تحمله.

أخذت "ريما" تضع ذلك المعجون والذي هو عبارة عن دواء قد صنعته مسبقاً من النباتات الطبية في "بيسيتيا" على جروحها، فأنتفضت الفيلة الأم في توتر ولكن "ريما" ربتت على رأسها وهدأتها.

فجأة جاء صوت من خلفها يقول:

- مرحباً

لم تجزع من الصوت فهي تعلم أنها من المفترض أن تقابل جليس حيوانات هنا فألتفتت لترى وجهه فأذا به "أكيرا" الشاب الياباني الذي قابلته من قبل، فأبتسمت وقالت:

- مرحباً، كيف حالك؟

كان يبدوا مثلها، ولكن الأنياب كانت أطول.

رد عليها:

- بخير، هل تحتاجين إلى مساعدة؟

شعرت بالسعادة من سؤاله، فالفيلة الأم ليست الوحيدة المصابة وعددهم كثير عليها ولهذا كانت تخشى أنها قد لا تستطيع وضع الدواء عليهم جميعاً قبل أن يبدأوا في التحرك.

أخرجت زجاجة أخرى من حقيبة ظهرها وناولتها أياه وقالت:

- نعم، من فضلك ضع هذا الدواء على جروحهم.

أومأ برأسه ثم راح يفعل ما قالته، وهنا بدا الأمر سحرياً بالنسبة إليها، فهي تتحدث مع أجنبي بطلاقة، تداوي فيلة وترعى أطفالهم، لديها أنياب تخرج من يديها، كلها أشياء لم تتخيل أنها ستحدث معها.

أنتهت من مداواة الفيلة جميعهم بسرعة بفضل مساعدة "أكيرا" ثم التفت كلاهما إلى العجول التي عليهم رعايتها، كان العجل الخاص بريما عمره أكبر من ثلاثة أشهر وبالتالي لا يحتاج إلى الأعتماد على أمه أعتماداً كاملاً، فهو في عمر يسمح له بتناول العشب وهذا ما فعلته "ريما"، أحضرت له بعض العشب الأخضر وجذور النباتات ووضعته امامه فتناولها كلها.

مرت عدة أيام والقطيع لم يكن يتحرك كثيراً نظراً لأصابته، تناولت "ريما" العديد من جذور النباتات نظراً لقلة الطعام في البراري ولكن كانت تتقبلها ربما بسبب أحدى خواص جسدها الجديد، أما بالنسبة لأكيرا فلقد كان هادئاً طوال الوقت.

في أحدى الليالي وبينما كانوا يشوون بعض الجذور على نار أستطاع "أكيرا" أن يشعلها، سألها فجأة:
- ما هو عملك؟ قبل أن تأتي إلى هنا.

أجابته:

- أنا أدرس....أقصد كنت أدرس الطب البيطري، ماذا عنك؟

أشرقت عيناه وقال:

- لهذا صنعتي تلك الأدوية.

ثم صمت قليلاً قبل أن يكمل:

- كنت عازف في فرقة مشهورة في بلدي.

كان هذا أخر ما تتوقعه، غمرتها الدهشة وهي تسأل:

- حقاً؟ أذا ماذا حدث.

وضعت يدها على فمها في ندم، فبالتأكيد هو لا يريد ذكر الحادثة التي تعرض لها مثلها فهي تشعر بقليل من الحرج منها، أن تحكي عن موقف يبدوا بطولياً ويبدوا أحمقاً أيضاً.

عض على شفتيه وبدا الحزن عليه قبل أن يقول:

- لا أعلم، أخر ما أتذكره أنني كنت في حفلة في الأستاد ثم فجأة بدأ الجمهور ينظر إلى الأعلى في قلق وفي اللحظة التي رفعت رأسي لأنظر إلى ما ينظرون إليه وجدت نفسي في "بيسيتيا".

شعرت "ريما" بالشفقة عليه وقالت:

- هل سقطت أحدى المعدات؟

أومأ برأسه وقال بينما النار تلمع في عينيه:

- غالباً.

لم تعرف ماذا تقول لتخفف عنه، هل تحكي له قصتها؟ ربما ستضحكه.

همت لتخبره بها ولكنه أنتفض واقفاً والقلق ظاهر في عينيه، وهنا ألتقتت أذنها صوت ما، فأغلقت عينيها في محاولة لتركز على ما هو هذا الصوت حتى تعرفت عليه.

لقد كان صوت محرك سيارة.


منارة*** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-19, 02:12 PM   #9

منارة***

? العضوٌ??? » 417339
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » منارة*** is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس

كتمت أنفاسها وهي تنصت إلى صوت السيارة، كان يقترب شيئاً فشيئاً فجالت في خاطرها أفكار وتسؤلات عدة، هل هم صيادين؟ ما الذي بأمكانها فعله لحماية القطيع؟ ماذا لو رأوها؟ كيف ستكون ردة فعلهم؟

هنا سمعت صوت "أكيرا" وهو يقول:

- لقد وصلوا إلينا

فزع قلبها وقبل أن تلتفت إليه كان ضوء ساطع قد أعمى بصرها، أغلقت عينيها بتلقائية ثم فتحتهم مجدداً فرأت أمامها سيارة ذات دفع رباعي وعليها حوالي ثلاثة أشخاص.

تجمدت في مكانها تفكر فيما يجب فعله وكان أول ما قفز إلى بالها هو حماية القطيع.

عادت بسرعة إلى العجل الذي تجالسه ويبدوا أن "أكيرا" قد أتخذ نفس القرار، وبدأ كلاهما بتحفيز الفيلة إلى التحرك عن طريق الصياح والدفع.

أستجابت الفيلة لهم وبدأت بالتحرك، وعلى ما يبدوا أن القائد قد أنتبه إلى الخطر فبدأ بالسير فتنفست الصعداء.

ألتفتت إلى عجلها فلم تجده، أنتفض قلبها في قفصه وراحت تبحث عنه بعينيها فأذا به في نهاية القطيع مع أمه بطيئة الحركة، ركضت "ريما" إليه، وراحت تحاول جذبه لوضعه في المنتصف حيث المكان الطبيعي للأطفال ولكن الأخير كان عنيداً.

في هذه اللحظة، ضربت الأنوار عيونها مجدداً، فتوقفت عن الحركة وقد ملأها الجزع، حركت عينيها إلى حيث تقف السيارة تستنبط هوية ركابها وهي تتوقع الأسوأ.

أنطفأت الأنوار فجأة، فظهر لها أن السيارة والتي كانت على مسافة ليست بقريبة كما كانت تتخيل، ولكنها بتلقائية بدأت بدفع العجل خلفها لتكون درعاً له وعينيها مثبتتان على السيارة.

ضيقت عينيها في محاولة لرؤية تفاصيل الركاب أكثر، كان هناك شخص ذو ملامح أفريقية ويرتدي زي عسكري ويحمل بندقية على ظهره وبجانبه أثنان ذوي ملامح أوروبية، يبدوان في الثلاثنيات من عمرهما، أحدهم يحمل كاميرة فيديو والأخر يفتح فمه في دهشة.

زفرت الهواء من فمها في أرتياح وهمست:
- انهم مجرد مصورين، قد أن أموت من الخوف.

وهنا أنتبهت إلى أمر مهم، هل يستطيعون رؤيتها؟

ألقت نظرة تفصحية في قلق على تعبيرات وجووهم ولكن لم تجد شيئاً مختلفاً عن الأندهاش الطبيعي التي أعتادت رؤيته في الأفلام الوثائقية التي كانت تشاهدها، فهزت كتفها بأستغراب وسحبت الصغير من خرطومه إلى منتصف القطيع وتبعته أمه.

أقترب "أكيرا" منها وسأل في قلق واضح:

- هل أنتِ بخير؟

أومأت برأسها وقالت:

- نعم لقد كانوا مجرد مصورين.

أبتسم وقال:

- جيد

لم تستطع منع نفسها من سؤاله:

- ولكن لم أستشعر منهم أي دهشة عن وجودي، هل نحن غير مرئين للبشر؟

بدا الأستغراب في عينيه وهو يسأل:

- ألم تخبرك "قاسية" عن هذا الأمر؟

رفعت حاجبها معبرة عن عدم فهمها فقال:

- الناس يروننا على أننا الحيوانات التي نرعاها، بمعنى أخر لقد رأك المصور كأنثى فيل تحاول حماية صغيرها.

بدا الأمر مدهشاً بالنسبة لها، أي نوع من السحر هو هذا؟ ولكن سرعان ما شعرت بالغضب من السيدة القاسية، كيف لها أن أن لا تخبرها عن تفصيلة مهمة كهذه؟ ولكن لحظة...

سألته:

- هل دعوتها بالقاسية؟

رفع كلتا حاجبيه قبل أن يقول:

- نعم هذا هو أسمها.

أنفجرت ضاحكة وهي تقول:

- حقاً؟ أنه يصفها تماماً.

لم يبدا أنه قد فهم ما تقول فقالت وهي تحاول كتم ضحكتها:

- "قاسية" باللغة العربية تعني أنها لا تملك رحمة في قلبها.

مرت ثانيتين قبل أن يبتسم ويهز رأسه معبراً عن فهمه فضحكت "ريما" مجدداً قبل أن يعود الغضب إليها وتتمتم:

- لكن لماذا لم تخبرني؟ بالتأكيد ستلومني وتقول أنني لم اسألها.

جاء الليل وافترشت النجوم السماء متزينة بالمجرات البعيدة، تأملتها "ريما" بأعين تتلألأ بينما تجلس على العشب الجاف بجانب الصغير الذي استغرق في نوم عميق.

فجأة، التقت أنفها رائحة دخان، فقامت فزعة تنظر حولها، فلمحت خيط دخان يتصاعد متموجاً من مكان قريب.

انتفض قلبها وهي تتسأل، من أشعل هذه النار، هي بالتأكيد نار مخيم، ولكن هل هم المصورون مجدداً أم الصيادين.

من دون مقدمات، سمعت صوت خشخشة قريب منها وراح يعلوا شيئاً فشيئاً، معلناً تقلص المسافة بينها وبين صاحبه.

دققت النظر في الظلام وهي متأهبة، فرأت خيال شخص، والذي لم يكن سوى "أكيرا".

تنفست الصعداء بينما هو ظهرت عليه ملامح القلق وهو يقول:

- أنه مخيم صيادون، لنبعد القطيع من هنا.

خرجت شهقة منها بتلقائية قبل أن تقول:

- حسناً

ولكن في ماذا سيفيد الهرب؟ أن عاشت الفيلة اليوم سيأتون خلفها غداً، وماذا لو استطاعوا النيل من صغيرها بعد أن تعود إلى "بيسيتيا"؟

أفكار قفزت إلى عقلها وهي تهب للهروب، أوقفتها في مكانها، جعلت تنفسها ثقيلاً، لكن ماذا ستفعل؟
قاطعها "أكيرا" بسؤاله:

- ما الأمر؟ لما توقفت؟

نظرت إلى عينيه وقالت:

- لا يمكنني السماح لهم بالبقاء هنا والصيد

عقد حاجبيه وقال:

- لا يوجد ما نستطيع فعله، هيا لنذهب.

لم يتحرك جسدها، فبالتأكيد هناك حل ما.

هنا ثقبت عينيه الحادتين عينيها وهو يسألها:

- هل ستهجمين عليهم وتقتليهم؟

شعرت بروحها تقفز بداخلها، فما الذي يمكنها فعله؟ هل تخيفهم باعتبارها فيل وتحطم مخيمهم؟ حينها سيسقطونها قتيلة ببنادقهم، هي لا تهتم لحياتها كثيراً ولكن ستترك الصغير وحيداً مع والدته المصابة والغير قادرة على أطعامه.

ما الذي يمكنها فعله أيضاً؟

(هجوم مفاجئ مع "أكيرا" وقتلهم)

هزت رأسها بعنف في محاولة لتنفيض تلك الفكرة الغريبة عنها والتي قفزت فجأة إلى عقلها.

هنا سمعت "أكيرا" وهو يقول:

- لنتحرك، فأمثالهم يتحركون في الظلام لتفادي الحراس.

(صحيح الحراس )

كيف لم تفكر في هذا الامر من قبل، غمرها الأمل وهي تقول:

- لدي فكرة.


__________________________________________

أتمنى أن أسمع منكم أنتقدات عن ما أحتاج إلى تحسينه أو ما يعحبكم


منارة*** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-08-19, 06:44 PM   #10

منارة***

? العضوٌ??? » 417339
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » منارة*** is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السابع

على عجالة، بدأت "ريما" بتجميع الأخشاب المتناثرة هنا وهناك، وخاصة تلك الشبيهة بالألواح ومعهم جمعت أيضاً الطويلة السميكة.

قالت وهي تلتقت لوح من على الأرض:

- كان مع المصورين حرس الغابة وأستطعت رؤية شعارهم لهذا أفكر في أن أرسم هذا الشعار على لوائح وأثبتها في المكان حيث يجول القطيع.

ألتقت "أكيرا" هو الأخر قطعة خشب وسأل:

- وما فائدة هذا؟

تنهدت وقالت:

- لا اعلم ولكنها ستحيرهم على الأقل، أمثال هؤلاء جبناء وحريصون للغاية، لهذا لن يخاطروا بالأقتراب من هنا.

صمتت قليلاً لكبت عصبيتها قبل أن تقول:

- ربما لا أستطيع أن أوقفهم من الصيد ولكن سأفعل ما أستطيع فعله لحماية قطيعي على الأقل.

هز "أكيرا" رأسه وقال:

- قد لا ننجح ولكننا سنحاول على الأقل.

أثناء البحث وجدت "ريما" بعض الحطب المحروق والذي خلفه أحد المخيمات فأخذته لتستخدمه في الكتابة على الألواح، فالخشب المحروق يتحول إلى ما يشبه الفحم ويترك أثر أسود عند حكه بجسم أخر.

أعطت القليل منه لأكيرا ولكنه قال وهو يأخذه منها:

- لن يصمد اللون على الخشب كثيراً

تجمدت "ريما" في مكانها بعد أن أدركت هذا وحاولت التفكير في حل ولكن لم يأتي شيء إلى عقلها، راحت تبحث حولها ولكن لم يأتي الحل إليها وهنا تمنت لو أنها تملك هاتفاً محمولاً لتبحث عن وسيلة عبر الأنترنت.

في هذه اللحظة، أخرج "أكيرا" سكيناً صغيراً من حقيبة ظهره، بدا يدوي الصنع خصوصاً أن نصله كان يبدوا من الحجارة المعوجة قليلاً، ثم أتجه إلى شجرة ذات أشواك بيضاء طويلة وقطع جزء منها فخرج سائل لزج.

ألتفت إلى "ريما" وقال:

- هذه شجرة "صافرة الشوك" وهي نوع من شجر الاكاسيا، يخرج منها سائل يستخدم في صنع الصمغ، بأمكاننا أستخدامه لتثبيت اللون على الخشب.

أنبهرت بمعلوماته وذكائه ولم تستطع منع نفسها من قول:

- اليابانيون مذهلون حقاً

ظهر الحرج عليه وهو يقول:

- شكراً، ليس إلى هذه الدرجة.

وفعلاً ومن دون أهدار المزيد من الوقت بدأوا بربط ألواح الخشب بأذرع خشبية ورسم شعار حرس الغابة الذي رأوه مسبقاً عليها بعد دهنها بالسائل اللزج، ثم بعد ذلك ثبتوها على الأرض في أماكن متفرقة حول المحيط التتي تتمشى فيه الفيلة، ولأن القطيع لايزال يملك الكثير من الجرحى فلم يكن محيط حركته كبيراً.

جاء الفجر لينهي ليل لم يذق فيه أحدهم النوم فبالكاد أنهوا عملهم مع أختفاء أخر نجمة هذا وبالأضافة إلى التوتر والقلق من مجيء الصيادين.

تثائبت وهي تكاد تفتح عينيها من الأرهاق بعد أن هدأ بالها قليلاً وقالت:

- أعتقد أننا نجحنا

حركت بصرها إلى "أكيرا" الذي يجلسه مع الصغير خاصته وأنتظرت رده ولكنه ظل محملقاً في السماء ساكناً لا يتحدث.

حدقت فيه قليلاً محاولة فهمه ولكن دون فائدة ففكرت:

( ربما هو مرهق أو غير مقتنع بأننا نجحنا)

ثم ألتفتت إلى صغيرها الذي كان نائما بعمق عند ركبتها وربتت على رأسه وهمست:

- كم اتمنى الذهاب والأبلاغ عنهم ولكن لا أستطيع تركك.

كما أنهم بالتأكيد لن يفهموها فهي الأن غالباً لا تتحدث بلغة يفهمها البشر.

هنا سألت "اكيرا":

- هل يفهمنا الناس؟

ألقى بجسده على العشب وأغلق عينيه قبل أن يقول:

- لم أجرب.

ثم وضع كفه على عينيه يغطيهما وقال بنبرة جادة:

- أعتقد أنه لولا فكرتك لكنت سحقت هؤلاء الصيادون.

لم تصدق كلامه فضحكت وقالت:

- لا مستحيل، لقد كنت تحثني على الهرب.

أصدر ضحكة تهكمية قبل أن يهمس:

- أنتِ لا تعرفينني.

لم تستطع فهم مقصده فأكتفت بالتحديق فيه قبل ان تستسلم للتعب وتلقي بنفسها على العشب لتحظى بالقليل من النوم قبل أن يتابع القطيع سيره.

دخلت في نوم خفيف، راودها حلم فيه، والديها واقفين أمام سرير في مكان يبدوا كأنه مستشفى، وعلى هذا السرير رأت نفسها نائمة.

دخل شخص لا تستطيع تميز تفاصيل وجهه وقال:

- لا فائدة من المتابعة عليكم تركها ترحل.

شهقت والدتتها وراحت تبكي بينما قال والدها:

- نعم، لا يجب أن نعذبها أكثر من هذا.

(لا أنتظروا، دعني حتى تشفى الأم على الأقل، لا أستطيع ترك الصغير، لا)

قامت من النوم فزعة على صوت صراخها، راحت تلتقط أنفاسها المتلاحقة، شهيق زفير، شهيق زفير، واضعة يدها على مكان قلبها الذي ينبض بسرعة، وشيئاً فشيئاً هدأت من روعها ولكن دموعها سالت على خدها فهي تشتاق إلى والديها ورؤيتهم في المنام زادتها أشتياقاً.

مسحت دموعها خوفاً من أن يكون "أكيرا" قد رأها والتفتت تبحث عنه لكنه لحسن الحظ لم يكن موجوداً، فأطلقت العنان لدموعها مجدداً وراحت تتسأل هل حقاً لن تراهم مجدداً، هل حقاً لن تعود من "بيسيتيا"؟

وهنا قفزت إلى ذهنها تلك العبارة التي كتبتها من سبقتها في المكوث في غرفتها.

" هل نحن حقاً لا نفيق بسبب سكتة دماغية؟"

وأيضاً قول "أكيرا" بأن لا تثق بالجلساء كثيراً وبالأضافة إلى معاملتهم القاسية لهم وتعاليهم عليها، هناك أمور كثيرة تجهلها ومن وسط تلك الخبايا قد تجد الخلاص.

فجأة أحست بشيء ثقيل يقذف على حجرها، فأنتفضت فزعة ونظرت إلى الأسفل فوجدته عجل الفيل الصغير الذي تعتني به قد أسند رأسه عليها وراح ينظر إلى عينيها مباشرة وتعبير وجهه بدا كأنه يتسأل أن كانت بخير.

أبتسمت وربتت على رأسه الخشن فرفع خرطومه وراح يداعبها قليلاً فضحكت وقالت:

- كم أنت رائع أيها الصغير.

مرت عدة شهور على عجالة وقد بدأ القطيع يعود نشيطاً وحتى أم الصغير الذي تعتني به "ريما" صارت في أفضل حال والتزق الصغير بها.

بالنسبة إلى "ريما" كان أمر رائعاً وحزيناً في نفس الوقت، فمن الرائع رؤية الأم والصغير معاً مجدداً ومن المحزن أن هذا يعني أنه لم يحتاج إليها وأنها ستعود قريباً.

في هذه اللحظة، أقترب منها الصغير وراح يمد خرطومه إلى الأعلى في اتجاه رأسها ولكنه لم يستطع الأمساك بها لأن "ريما" كبيرة الحجم بالنسبة إليه فهي في حجم والدته، فأنزلت رأسها له وهي تتسأل ماذا يريد وهنا قام الصغير بلف خرطومه حول رأسها وقربها من رأسه في حركة تدل على مدى حبه لها، فأمتلأ قلبها بالدفء وراحت تداعبه على راسه.

فجأة دوى صوت في رأسها:

- لقد ظهر الباب، حان وقت عودتك، أنتِ والفتى الصامت.

أنتفضت في مكانها فزعة وصاحت:

- لقد أفزعتيني، كما أن "أكيرا" ليس صامتاً إلى هذه الدرجة.

لم تسمع منها رد فتمتمت:

- حقاً لا أستطيع تحملها.

جاء صوت ضحكة خفيفة من خلفها فألتفتت إلى "أكيرا" وقالت والحزن قد غمرها:

- هيا بنا، لنقل لهم وداعاً.

أومأ برأسه وقال:

- أحاول أن لا أتعلق بالصغار ولكنني في كل مرة أفشل.

تفهمت قوله ولكن لم تجد ما ترد به فهزت رأسها أسفاً ثم أخرجت من حقيبتها أسورة مصنوعة من حبال القش وفي منتصفها كرة خشبية منحوطة يدوياً، ربطت السوار حول قدم الصغير الأمامية ثم ودعته والدموع تملأ عينيها.

بعدها عبرت من خلال الباب لتعود إلى "بيسيتيا" وإلى حجمها الطبيعي وذهنها مليئ بالتساؤلات حول ما يخبئه المستقبل.


منارة*** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جليسة الحيوانات، قصة، خيالية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:54 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.