آخر 10 مشاركات
روايه بين مد وجزر بقلم ... إيمان مارش (الكاتـب : الاسود المغرمه - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          قيدك الماسي (7) -رواية غربية- للكاتبة المبدعة: Shekinia [مميزة]*كاملة &الروابط* (الكاتـب : shekinia - )           »          عــــادتْ مِنْ المـــــاضيِّ ! (1) * مميزة ومكتملة *.. سلسلة حدود الغُفران (الكاتـب : البارونة - )           »          لن..أغفر لك! (48) للكاتبة heba45 ×كــــاملهـ× مميزة (الكاتـب : heba45 - )           »          398 - لن تسامح - داي لوكلير (الكاتـب : سيرينا - )           »          297 - في البال أمنية - داي لوكلير ( اعادة تنزيل ) (الكاتـب : حنا - )           »          أهواكِ يا جرحي *مميزة & مكتمله* (الكاتـب : زهرة نيسان 84 - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree137Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-09-19, 09:55 PM   #231

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الرابع


اذا قطعوا مودتهم بالله وبدين الله.... والله يأكل العرب بعضهم بعضا ويأكل الغرب ما تبقى أن تبقى.... الدكتور عمر عبد الكافي.


*منزل الجدة جوهرة *

)لماذا أنت ساهمة؟)
)ها؟)
ردت تقوى ببلادة لحظية فتبسمت جدتها وهي تقرب منها كأس الشاي الذي صبته تخبرها بحنو.
)ما الذي استحوذ على عقلك؟... أو لنقل من؟)
رمتها بنظرة ماكرة فرت منها تقوى، ترتشف من كوبها فتتنهد الجدة بينما تلقي نظرة عبر باب غرفتها التي لم تتغير بأثاثها القديم وإن كان لايزال محافظا على قوته وحتى رائحته العطرة، سرير بقاعدة منخفضة من خشب العرعار، ثلاث صناديق من نفس خامة الخشب، متفاوتة الحجم بنقوش موحدة وطاولة عالية بثلاث قوائم عليها مرآة صغيرة بإطار فضي اللون وفي القسم الثاني من الغرفة حيث تستقران بهدوء، أريكتين ذواتا قاعدتين من الطوب مبلطة بزليج أزرق على شكل مربعات صغيرة، عليهما سجاد تقليدي سميك ووسائد مطرزة بأشكال هندسية مزينة بخرز لامع صغير، من صنع صاحبة الغرفة.
)على فكرة! هناك من تقدم وطلب يدك للزواج....)
نظرت إليها تقوى بصدمة فغامت مقلتا الجدة بحزن مشفق وهي تستدرك.
)هذا طبيعي يا ابنتي ومن سنن الحياة.... ويجب أن تفكري بجدية في الارتباط فأنت تكبرين ولا تصغرين... وبما أن الله أرسل لك رزقك يجب عليك التوكل عليه واستخارته ... )
بللت شفتيها واضعة الكأس فوق سطح طاولة صغيرة دائرية، تجيب بتلعثم.
)أعلم...حمم! ...من؟ أقصد كيف هي أخلاقه و..)
قاطعتها، ترد عليها بنظرة ذات معنى.
)شاب يحافظ على فروضه وفي المسجد.. مشهود له بخلقه الحسن وأنا من بين الشاهدين ... ابن أصل ووالديه أناس صالحين....لا سبب فيه لترديه حتى أنه حسن المظهر أكثر من جرير...)
أضافت آخر جملة بمكر احمرت له الأخرى فتهربت، تسأل بنفس الارتباك بينما تفرك طرفي كمي قميصها بين كفيها.
)من هو؟)
التوت شفتيها ببسمة مرحة وعينيها لا تغادرهما نظرة الاشفاق، تجيب.
)حفيد شقيق جدك رحمه الله...صلاح الذي غادر للعمل في الشمال بعد تخرجه ...مناسب لك كي تغادري البلدة فلا يحزنك جرير بأي اعتراض يصدر من جانبه...)
أشفقت عليها وهي ترمق انحصارها في الزاوية كفأر وقع في مصيدة لا فكاك له منها فظل يتخبط فيها بجنون.
(والدي يعلم عنه؟)
هزت رأسها نافية.
)لا... سلفتي فاتحتني في الأمر مترددة بسبب ما يعرفه الجميع عن أمرك وجرير....تريدك لحفيدها وقررت تجربة حظها.... وأنا لن أخبر والديك حتى تمنحينني موافقتك... وقرارك بأنك أقفلت باب جرير نهائيا...)
تتعمد ذكر اسمه وحشره في كل جملة، تتأكد من يقين ما تراه واضحا في عيني حفيدتها، لكن الحياة لا تنتظر أحدا، كما لا تمنح كل شيء.
)فكري يا تقوى ... الشاب لا يُرفض...)
هزت تقوى رأسها بلا معنى، تنصت لجدتها دون ان تنظر إليها فعليا، فتربت الأخيرة على كفها لتلفت انتباهها.
(صارحيني يا ابنتي.... قلبك يميل لجرير؟)
لوت عنقها نحو الأسفل فبسطت جدتها ذراعها ترفعه من دقنها، تستدرك بلطف علها تبدد خجلها.
(ماذا لو لم يتغير؟... إلى متى ستنتظرين؟ أم أنك ستستلمين في النهاية وتوافقين على ما ترفضينه؟... )
فتحت فمها بالقول المرتبك.
(جدتي أنا...)
صمتت متوترة فتبسمت لها ترتبت على كفها، تشجعها لتكمل بحزن.
(فقط أريد الانتظار حاليا... لست مستعدة لخطوة الزواج بعد!)
أسدلت الجدة جوهرة جفنيها تفهما تفسر عنها.
(لست مستعدة للاقتران بغيره! ونفسك راضية بالانتظار؟)
هزت تقوى رأسها موافقة لتتنهد الجدة بأسى قبل أن تشرد الى البعيد مجددا تسترسل.
(لا بأس ... لننتظر بعد ... يقولون قلب المؤمن دليله... وقلبي يشعرني بقرب غيث انتظرناه طويلا ... )
قطبت تقوى متفحصة ملامح جدتها الساهمة في نقطة وهمية وكأنها لا تعنيها بحديثها.
(قضينا سنوات طوال نتوسل الله الغيث للأرض الجافة .... والبهائم المشتاقة لرحمة الله ... ولم نستسلم ولم نيأس من روح الله ... رياح عطرة أشم عبيرها بين الحين والآخر فيرتعش قلبي بأمل كبير في رب أكبر ....)
(جدتي؟)
لم تجفل بل حادت بمقلتيها نحوها مستفسرة فسألت مستغربة.
(ما علاقة الغيث وجفاف الوادي ... بما نتحدث فيه؟)
تبسمت بهدوء، ترد بحكمة.
(كله واحد يا ابنتي... ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا... فالأوان مهما بعد حينه سيدنو ... لابد وبأمر الله سيدنو ...)
رمشت تقوى بجهل تلاه قلق حين استرسلت الجدة بحديثها الغامض.
(أدعو الله أن يطيل عمري لأشهد بداية الغيث كما شهدت بداية القحط... بعدها لا يهمني إن لحقت بالأحباب ...الى جوار المولى الرحمن...)
(جدتي بارك الله في عمرك...)
ضحكت الجدة جوهرة من مرأى حفيدتها المتشبثة بها بطفولية تذكرها بها وهي صغيرة فرفعت كفها تضم خدها بحنو تخبرها.
(الأجل حق لابد سنلاقيه يا ابنتي ..)
لمعت مقلتا تقوى بدموع وشيكة بينما تقاطعها بحزن.
(أعلم.. لكن فقط لا تذكري الموت...)
ضمتها كلها هذه المرة وهي ترد عليها بنفس ضحكاتها المرحة.
(الموت مخلوق مقهور مثلنا يا ابنتي... جميعنا مقهورين بأقدار الله... فلا تخشي الموت واخشي خالقك وخالق الموت...)
بكت تقوى بصمت، ترمقها بلهفة وكأنها تفتقدها حقا فمدت جدتها أناملها تمسح لها دموعها بحنو، تعاتبها.
(ماذا تبكين يا بنتي؟ ....قدر محتوم! ... أم أجل معلوم!... أم ربما تبكين الفراق؟... لكن لا شيء مكتوب له الخلود إلا الله حتى الفراق بعد الممات..... لابد لنا من موعد نلقى فيه الأحبة بإذن الواحد الديان...)
قبلت رأسها ثم أنهت حديثها.
(كوني فطِنَة ... وابكي ما يستحق البكاء... ولا تذرفي دمعة في غير مكانها...)
تنفست تقوى بعمق، تمسح على وجهها وتدبرت أمر بسمة لم تشعر بها لكنها على الأقل أقنعت بها جدتها التي رافقتها إلى باب الدار تودعها.
لم تعلم إذا كان ما هوى بقلبها من كئابة بسبب سيرة الفقد التي رغم تسليمها لأقدار الله تخشاها وتمقتها بقلب يعذبها برقته وتأثره،
أم ربما هي سيرة فقد آخر وإن حدث سيكون على قيد الحياة.
شهقت تملأ صدرها بالهواء بينما تعبر طرقات حفظتها عن ظهر قلب يرشدها في غياب عقل ساهم، يفكر في من فرض نفسه عليها طوال سنوات حياتها حتى زرع لنفسه مكانا عميقا داخل كيانها بأكمله سواء أحبت ذلك أم كرهت ولماذا تكره ما نشأت عليه؟ حبه الذي يجوب الحقول يعلنه بين الناس فعلا لا يحتاج معه الى قول، كبرت عليه واعتادت عليه في غفلة عن عقلها وحكمتها اللذان ظهرا فجأة في وجهها بحائط صلب هز قلبها برضّة واقع قوية أيقظته من هوى عشقه.
تنهدت بينما تميل برأسها، نظراتها تشرد بين الأحجار الرمادية المتراصة أمامها، تتساءل إن كانت حقا تستطيع بتر صفحة جرير من كتاب حياتها؟
لكن مهلا أهي مجرد صفحة واحدة؟ بل صفحات خُطت بمداد الزمن عبر السنون المتراكمة في مجلد الذكريات وإذا جَسَرت لتقرر محوه من حياتها سيكون عليها محو ما فات من عمرها كله! فأي ذكرى لها منذ الصغر ليس لجرير مكان فيها؟
أي حكاية تُحكى عنها دون حضورٍ لجرار الحقول فيها؟
أي فخ هذا الذي علقت به؟
وأي إصرار هذا الذي أرادها به حتى غرس نفسه وسط قلبها كإحدى أشجاره التي راعاها حق رعايتها وأحاطها باهتمامه الساحر لتنمو وتزهر دون أن تغفل عن مد جذورها أعماق أعماق أرضه الرحبة!
(يا إلهي ماذا أفعل؟)
همست بقلة حيلة بعد أن وصلت لنتيجة واضحة لا لبس فيها، لا مكان لرجل آخر في كيانها كله وليس فقط قلبها!
لكن يبقى الخالق المالك للقلب قبل الساكن فيه، والملجأ الذي ستلوذ به من نفسها ومن كيانها ومن سنوات حياتها السالفة والقادمة.
(يا رب ... يا رب!)
أعادت الهمس بنداء يعني التوسل، الرجاء، الأمل، حسن الظن وصدق الإيمان بكمال قدرته.
وهناك سلمت أمرها لله كعهدها واستسلمت متوكلة على الذي لا يخفى عنه شيء لتهدأ دقات القلب وينجلي الضيق.
فأي هم بعد ذكر فارج الهم؟
وأي غم بعد التسليم لكاشف الغم!
ما إن فتحت باب منزلهم الخارجي حتى تناهى إلى سمعها صوت والدتها العصبي فطارت كل أفكارها مركزة على حيرتها نحو حال أمها، تعبر عتبة الباب الداخلي بينما تلمحها تصيح أمام مدخل غرفتها وشقيقتها.
(لماذا لا تنصتين وتطيعين أمري في التو والحال!... تهوين تعب قلبي يا عاصية!)
(أمي! ماذا حدث؟)
ظهرت شقيقتها التي أسرعت تقف بمحاذاتها ووالدتها تهتف بعصبية.
(طلبت منها أن تغسل المواعين وتوظب المطبخ قبل نصف ساعة ولم تتحرك من على كرسيها الى الآن...)
همت بالقول لكنها عاجلتها، تكمل بحنق.
(وأنت أيضا تأخرتِ... ما هذه الفوضى!... تحسبان نفسيكما كبرتما علي وتفعلان ما تشاءانه رغم أنفي!... لا والله لن يكون! إن لم تستقيمي أنت وهي أعرف جيدا كيف اعيد تربيتكما!)
ارتفعا حاجبا تقوى وطرفت بنظراتها الذاهلة دوما في المواقف المشابهة نحو شقيقتها وعادت تستفسر من والدتها.
(ماذا حدث يا أمي لكل هذا الغضب؟... أخبرتك أنني سأغيب ساعتين وها أنا ذا عدت قبل انقضائهما... أما صفاء فقد طلبتُ منك أن تدعيها تركز على مشروعها وأنا سأفعل أي شيء تطلبينه بعد عودتي!)
تأففت بصخب وأمسكت بتلابيب عباءتها، ترد بسخط.
(أصبحت مجنونة الآن أيضا أليس كذلك؟...)
فغرت تقوى شفتيها وصفاء تتوارى خلفها في نفس اللحظة التي دخل فيها الحاج محمد، يلقي السلام بملامح تعبر عن عدم راضاه.
(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... ماذا بك يا صفية؟)
انطلقت نحوه تشكو بطفولية أثارت ضحكاتهما رغما عنهما فيخفيانها خوفا من رد فعل تعلمانه جيدا ولا طاقة لهما به.
(ابنتاك يا محمد... تنعتانني بالجنون ... بعد أن ربيت وكبرت ورعيت ... أصبحت مجنونة أصرخ بلا سبب...)
نظرا إليهما، يُسِرهما الحنو ويرجوهما التفهم بصمت، يرد بتأنيب مزعوم بينما يضم كتفيها يسحبها نحو غرفة الجلوس.
(ألا تستحيان؟ إنها والدتكما ... لي حساب آخر معكما لاحقا... تعالي يا صفية ... لتريحي قدميك وتحكي لي ما فعلتاه بك...)
خطت تقوى نحو المطبخ حتى قبل أن تغير ملابسها، تسأل التي لحقت بها بنبرة أقرب لتقرير واقع.
(الخالة نوال كانت هنا؟)
استلت مئزرة عصرية من على علاقة مثبتة بالحائط وعقدت حزاميها خلف ظهرها لتبدأ بغسل المواعين.
(أجل منذ ان خرجتِ ولم تغادر إلا قبل ربع ساعة...)
ردت صفاء وهي تستند على الحاجز الرخامي الأسود فهمست تقوى بوجوم.
(يا مغيث!)
أنهت الكؤوس والتقطت براد الشاي تفتح غطائه لتفرغه من مخلفات الشاي والنعناع في نفس اللحظة التي كانت صفاء تسترسل في حديثها قبل أن تتجمدا كلاهما.
(وأزيدك ...هي من تطوعت لتجهز الشاي فلا تزعجانني لأهتم بما أدرسه .... لم أشرب منه كما لم أستطع منع أمي من ذلك.. وبالتأكيد!)
تمسكت تقوى ببراد الشاي وبحثت في المخلفات بيدها الحرة، تتأكد مما لمحته قبل أن تلقي به في المغسلة ببعض الحدة وصفاء تستدرك باشمئزاز.
(حتما لن ألمس ذلك!)
زفرت تقوى، ممسدة على جبينها، تغمض مقلتيها بتعب، شقيقتها ترمقها بحذر بينما تبادرها بنفس الحديث كل مرة.
(أخبري أمي...)
لترفع وجهها إليها، مشيرة إلى باب المطبخ ساخرة بمرارة.
(بلى... اذهبي وأخبريها يا أمي لقد شربت لتوك شاي بأظافر بشرية ... من فضلك أمي لا تكترثي للأمر وتجاهلي مرضك بالوسواس .... ولا تفكري لمن تعود تلك الأظافر حي أو ميت!)
ألقت آخر كلماتها ببعض الحدة مخفضة من نبرة صوتها، فضمت صفاء شفتيها قليلا، تقول بعدها ببعض المرح الذي فرض نفسه بينهما في تلك اللحظة.
(وكأن ذلك يشكل فرقا!)
قطبت تقوى ترمقها باستفسار صامت، ففسرت باسمة بتهكم.
(الأظافر إن كانت لميت أو حي... وكأن ذلك سيشكل فرقا حين تعلم أمي بشأنها....)
حدقت بها جامدة للحظة قبل أن تنفجر تقوى مقهقهة دون رغبة حقيقية في الضحك، فتشاركها صفاء بترقب للحظة التي ستختفي فيها قهقهتها كما بدأت ولقد حدث فجأة، تتلفظ بوجوم.
(الأمر ليس مضحكا بالمرة...)
هزت صفاء رأسها مؤكدة تستفسر منها بقلق.
(هل نخبر أبي هذه المرة أيضا!)
استدارت نحو المغسلة، تفرغ بعضا من السائل المعقم داخل البراد بينما تجيبها بانزعاج.
(سيحزن فقط... لأنه لن يستطيع فعل شيء ... فزوج الخالة لا محل له من الإعراب وحتما لن يورط نفسه في جدال عقيم مع امرأة..... أستغفر الله العظيم...)
همست بأسى،تستطرد.
(اجمعي هذا في كيس بلاستيكي وأنا سأحضر!)
(لا ...)
قاطعتها صفاء، تهتف بقرف.
(لن ألمس ذلك الشيء ولن أقربه حتى...)
تخصرت تقوى، ترميها بنظرات مستاءة فهزت كتفيها تفسر بخوف.
(أنت أفضل مني في تلك الأمور... إنها تخيفني! ... أجمعيه أنتِ... وأنا سأجهز لك الماء مع وريقات شجر السدر السبع...)
أومأت موافقة وجمعت المخلفات بما فيها في كيس وضعته جانبا حتى تتفرغ له كي تقرا عليه آيات السحر، لم يعد الأمر يخيفها على قدر ما يغضبها، تؤمن يقينا بانعدام سلطة أحد على غيره سوى بإذن الله ومشيئته لكنهم بشر ولابد لهم من نقط ضعف تكون في غفلة فيستغلها الشياطين، بفضل الله لا تدوم لكنها تجعلهم دائما متيقظين ومداومين على التحصين والوقاية وحين تتكاسل النفس يبدأ القلق بسحب بساط الهدوء والسكون من حياتهم.
.................

ما إن فتحت الباب الذي كان مواربا دون علمها حتى هتفت بتعب بائس بينما تمسك بابنها لتدخله.
(خرجت مجددا يا علوان.... هداك الله يا بني وأعاد إليك صوابك...)
ثم رفعت أنظارها الغائرة عنوان التعب والإرهاق، ترمق بهما الواقفين أمامها منتظرين.
(شكرا لكما على إحضاره...)
لم يجيباها فاستدركت مرتبكة بقلق.
(هل تعدى عليكما أو أتلف شيئا ما؟... أعذراه فكما تريان...)
(كيف حالك يا خال حليمة ؟.... لم أرك منذ مدة.... لكني كنت أرى علوان يوميا....)
طرف بمقلتيه نحو علوان الذي شرع بما يَلُمّه خلف والدته يلتف على نفسه وكأنه يطارد شيئا ما ثم عاد لينظر إلى السيدة المحدقة بهما بقلق وجهل مما يريدانه فيطمئنها مشفقا.
(علوان لم يفعل شيء يا خالة... لمحته في الشارع فأحضرته إليك ... كيف حال الخال عبد الله ؟)
تنفست براحة وشدت على عقدة طرفي طرحتها أسفل عنقها، تجيب بلطف خرج رغما عنها جافا بحكم العادة.
(الحمد لله.... أشكرك على إحضار ابني ... مع السلامة..)
همت بإغلاق الباب لكنه منعها بدفعة خفيفة من يده، يرمقها بملامح لا تعبير محدد فيها، عكس مؤنس الباسم بسخرية، فاستدركت مقطبة جبينها المتجعد عبوسا.
(ماذا هناك؟)
تنحنح جرير يخلي حنجرته، يجيبها بينما يتفحص هيئتها المزرية بسبب بقايا الصوف الكثيرة العالقة بملابسها البسيطة جدا.
(نريد التحدث إليك قليلا لو سمحت... وأيضا نزور الخال عبد الله.... لم أره منذ زمن... فقررنا أنا ومؤنس زيارته...)
تغضنت ملامحها بتفكير مريب قبل أن تسحب الباب تشير لهما ليدخلا وتتأكد من غلق الباب بالمفتاح تحسبا لتسلل ابنها مجددا.
لم يفت لا جرير ولا مؤنس عتاقة الجدران من حولهما ولا بساطة الحال بالمقارنة مع التطورات التي شملت أغلب بيوت الوادي، حتى أن بيت عائلة عبد الله كما هو بجدرانه الطينية ونوافذه الضيقة رغم رحابة المساحة ووسعها، لذا تناظرا فيما بينهما وكأنهما يتقاسمان فكرا واحدا، كيف لعبد الله سليل أحد أعرق عائلات الوادي أن ينتهي به الحال بين جدران طينية يعاني العوز والفقر؟
(تفضلا !)
ولجا غرفة بنفس الجدران الطينية على أرضها سجادة طويلة سميكة وفي طرفها سجادة أخرى مثنية عليها بطانية لحسن الحظ من النوع العصري المزدوج حيث يستقر جسد السيد عبد الله الهزيل وكأن الحياة امتصت منه ولم يبقى فيها سوى الرمق الأخير.
هوى جرير على ركبتيه، يبحلق في وجه الرجل النحيل بل وكأنه مومياء، جلد فوق عظم وبشفتين شاحبتين مفغرتين بالكاد كدلالة وحيدة على حياته بتنفسه الرتيب.
بلع ريقه وقد حلق خياله في سماء الماضي بذكريات منها السار ومنها الأليم وبين كل ذلك حضور للرجل أمامه قبل أن يخرج منها هو الآخر بما لم يفهمه حينها كما استعصى عليه الكثير من الأمور ليستوعبها بعقله الصغير.
رجال ثلاث من بينهم هذا الغائب عن الوعي، يشكلون مثلث لغز كبير في حياته، لطالما فر منه ومن هول ما ذاقه من ويلات بسببه في الصغر.
الجميع يظنه جرار الحقول القوي، صاحب العضلات الفولاذ الذي يصعب عليه الانهزام، لا يعلمون أن داخل هذا الضخم بعضلاته وطوله وعرضه، طفل صغير بائس لا يزال يرتعد خوفا مما عاشه من لحظات حفرت أثرها العميق داخل أحشائه وكلما فكر في البحث خلف شتات أحجار رقعته لينظمها، شيء ما عميق يردعه ويدفع به بعيدا، ليتوه بين الحقول، هناك فقط يجد أمانه، راحته واستقرار كيانه، على الأقل في السنوات الكثيرة الماضية لكن ومنذ سنة وتحديدا حين أصبح علوان يهرب من بيتهم ليتوه بين حقول الوادي فيلمح ضياعه بين الفينة والأخرى، بدأ الأمر يكدر عليه صفو حياته هو، لماذا؟ لم يتجرأ على الرد! لأنه حين يدنو أوان الأجوبة سيكون عليه تحدي طفله الخائف المرعوب، ليجمع باقي أحجار رقعته!
(جرير!)
أجفل بقوة وإن كان همس مؤنس خافت ولطيف فأدار رأسه إليه مستفسرا ليشير إلى السيدة التي جلست قرب زوجها في الجهة المقابلة، ترمقهما بعبوس متحفز.
أجلى حنجرته ليسألها بارتباك واضح على وجهه المتشنج.
(كيف حاله؟)
علم غباء ما نطق به ما إن غادر حنجرته لينعكس على وجه المرأة الساخر بمرار، ترد ببرود.
(كما ترى! هذا حاله منذ سنوات...)
حرك رأسه بلا معنى ومؤنس يتدخل بما يفيدهما، متجاهلا توتر ابن عمه الغير معتاد.
(ماذا قال الأطباء يا خالة؟)
رمقته وكأنه كائن فضائي، تجيبه على اي حال.
(قبل أن يلقوا به خارج مشافيهم ... قالوا أنهم لم يجدوا سببا واحدا طبيا لغيابه عن الوعي وأن الأمر لا شك نفسي ...)
(هل رآه طبيب نفسي؟)
ارتفعا حاجبيها بقوة، تهتف بسخط.
(وهل فقدت عقلي لأدخل زوجي بيدي إلى مشفى المجانين؟... لا وآلله لن يحدث في حياتي ولا ابني علوان الذي حجزوه فعلا لمدة لولا فضل الله ثم طيبة رجل قريب لي سهل خروجه من هناك...)
صمت جرير ضاغطا على شفتيه بقوة ومؤنس يعقب على قولها بعتاب خفي.
(لكن يا خالة... ماذا لو كانوا محقين والخال عبد الله في حاجة إلى علاج نفسي بالفعل؟... وعلوان أيضأ؟...)
تعمق التغضن بين أخاديد وجهها العابس، تدافع بشراسة.
(لن أتركهما هناك فلا تتعب نفسك... وعلى أي حال قريبي أخبرني بأن الطبيب المباشر لعلوان في تلك المدة التي قضاها في المشفى أصابته حيرة غريبة نحوه ولم يجد تفسيرا لحالته ولا تشخيصا مناسبا ... لا أفهم في تلك الأمور لكن الخلاصة أنهم عجزوا وأنا رضيت بقدري وحمدت ربي عليه...)
ظللهم الصمت بغيمته القاتمة قبل أن يتدخل جرير قائلا بتردد ليس من شيمه.
(ماذا عن الرقية؟...)
نظرت إليه تلتقط ما يقوله ثم زفرت تجيب بغم.
(أحضرت الشيخ سالم ليقرأ عليه مرات عدة...دون جدوى... على الأقل زوجي غائب عن الوعي... ساكن سكون الأموات.. أما علوان فما إن يلمح الشيخ حتى يبدأ بالانتفاضة والصراخ كما لا يفعل عادة... إلى أن يئست وتوقفت عن ذلك أيضا... لاقتنع بأنه قدري ويجب أن أستسلم له...).
مطط مؤنس شفتيه بينما جرير يستدير إليه قبل أن يعود إليها.
(لماذا لم تطلبي من الفقيه عبد العليم... أو من ابنه محسن؟... أو حتى الجدة جوهرة... لها تجربة جيدة في الحجامة واستغلال الأعشاب النافعة؟)
تلجلج البؤبؤيين داخل مقلتيها قبل ان ترد بنزق، تلوح بكفيها انزعاجا.
(لا أريد شيئا من أحد هنا في الوادي... كل ما أريده العيش في سلام وأمان... ثم لا أحد منهم يسأل عن الآخر... انشغلوا بحيواتهم ولا يتذكرون غيرهم...)
منحها جرير نظرة من خلال عينيه الضيقتين بحيرة فنهضت منتفضة، تستدرك بنفس النزق.
(لدي عمل كثير... ولقد تأخرت عن تجهيز ما يلزمني اليوم من الصوف بسببكما... ولن أخفي استغرابي من زيارتكما فلا أحد يفعل ومنذ زمن... )
استقاما معا يشعران بالريبة أكثر من الإحراج وتقدماها ليغادرا لكن جرير توقف قبل أن يعبر عتبة المخرج، يخبرها بتصميم.
(سنعود يا خالة حليمة.... إن شاء الله لن ننقطع عنك... وأي مساعدة أنا!)
كانت قد أغلقت الباب في وجههما فضحك مؤنس على ملامح جرير المتبلدة بصدمة.
(موقفها واضح يا ابن العم...).
زفر المعني في نفس اللحظة التي ارتفع فيها أذان الظهر ليخبر مؤنس بينما يتسلق جراره.
(لقد تأخرت... سأعود للحقول...)
رفع مؤنس رأسه إليه، يسأله نفس السؤال السمج كل فترة وأخرى.
(ألن تذهب إلى المسجد أولا؟... الظهر يؤذن كما تسمع...)
انطلق هدير المحرك وجرير، يجيبه بعبوس.
(سأصلي في حقلي ...فلقد تأخرت...)
ثم رمقه ساخرا، يكمل.
(احرص أنت على صلوات اليوم لأنك سترافقني إلى صلاة العشاء....)
(ماذا؟)
نطق ببلاهة فتبسم ببرود، يفسر.
(هناك من وافق الخواجي في أن يحصد أرضه... وهذا يعني شقاق جديد... وشجار آخر في المسجد كما العادة بعد العشاء... لذا يجب أن نكون هناك...)
(تكون!... أنت تكون هناك... أنا ما دخلي؟)
جعد ملامحه يرد عليه باستعلاء متعمد.
(تو تو تو... لم أعرفك قليل الأصل هكذا... إنها بلدتك يا رجل)
(قليل الأصل والفصل أيضا... فقط دعني وشأني...)
هتف مؤنس بامتعاض فهز كتفيه، يهتف آمرا قبل أن ينطلق.
(جهز نفسك يا مؤنس... سترافقني الليلة.. أراك حينها ان شاء الله)
ابتعد الجرار وارتفعت كف مؤنس يحك بها خلف رأسه، هامسا بقلة حيلة.
(اللعنة!)
............

تسلل من المسجد دون أن يقابل محسن ولا نبيه الذي لمحه بين المصلين في الصف الأول، لا يشعر برغبة في لقاء أحد ولا التحدث مع أحد، يريد الانزواء بنفسه في أي مكان بعيد، ينفرد بأفكاره ليرتبها مجددا.
التقط نظرات وبسمات من هنا وهناك نحوه كالعادة.
كلما مر من مكان ما لا يكون عبوره عادي أو مستورا، دائما ما يلفت الأنظار كقطعة ماس متلألئة، تجذب عين الجميع مهما اختلفت نياتهم نحوها.
لا ينكر انبهاره بذلك في مرحلة متقدمة من عمره لكنه سرعان ما تعلم أن الحسن الذي خُلق به، نقمة أكبر من نعمة وفتنة أكبر من هبة، لينقلب من حالة الانبهار الى الانزعاج حد النزق في فترة بداياته الجامعية حيث أضحى يقاوم أنواعا مختلفة من النفوس السوية منها والمريضة فلم يعد الأمر مبهرا أو محبب وكم كان التدرب على التعايش بل ورفع جدار عالي صلب في وجه الفتن صعبا وشاقا.
لمح البقال يفتح أبوابه بعد عودته من الصلاة فانعطف نحوه متنهدا ليقتني شيئا ما يسد جوعه فلن يعود إلى بيت أهله اللحظة على الأقل.
(مرحبا يوسف كيف حالك يا ولدي؟)
بادره البقال ببشاشته المعهودة والتي انعكست على وجهه ببسمة هادئة، يجيبه بود.
(الحمد لله يا خال... وأنت كيف حالك؟)
اتسعت الفجوة بين شفتيه لينكشف صف الأسنان الأمامي حيث لا وجود الاثنتين بينما يجيبه بلطف.
(نحمد الله ونشكره يا بني.... تفضل واطلب ما شئت...)
هز يوسف رأسه وصدره ينشرح لملامح ونبرة الرجل الذي لا يختلف هندامه عن أغلب رجال الوادي، جلباب أبيض وعمامة صفراء.
لاحظ انتظاره فتفقد البضائع، مشيرا لمجموعة من الوجبات الخفيفة، بسكويت وعصير فواكه.
(تقدمي يا ابنتي لما تقفين عندك؟)
هتف البقال، فاستدار يوسف تلقائيا خلفه ليلمح فتاة تقف بتردد تخفي نصف وجهها بأحد طرفي وشاحها لملتف حول رأسها وعنقها وبشكل ما تذكر كلمات من هذر مؤنس *تلك الفتاة التي تغطي وجهها بطرف الطرحة*.
تراجعت تطرق برأسها خجلا فوعى على تحديقه بها ليبتلع ريقه حرجا ويعود برأسه الى البقال ينقده ما ابتاعه ويتلقفه بين يديه فيستدير مغادرا دون أن يفوته ابتعادها عن طريقه، مستمرة في إطراق رأسها.
تجاهل رغبته العميقة في النظر إليها مرة أخيرة لكن حديث البقال الذي وجهه إليها دفعه مرغما ليطيع نفسه.
(تفضلي يا ابنة فقيهنا وشقيقة إمامنا...)
(حياء!)
نطقها بسهو خافت، وقد حمله الحنين لأيام مضت سريعا ما انتشله منها قبضة دافئة التفت حول ذراعه، استدار على إثرها مجفلا قبل أن يتبسم بلطف، يقول.
(هذا أنت يا نبيه!)
أشار له متسائلا ومشيرا الى الكيس فأخبره متنهدا بتعب.
(أريد مكانا معزولا يا نبيه...)
قطب المعني بحيرة فاستدرك مفسرا بحركات يده.
*لا أريد رؤية ولا التحدث مع أحد ... أنشد الوحدة لبعض الوقت يا صديقي...فعل تستطيع تدبر مكان مشابه؟*
لم تغادره الحيرة بعد لكنه أشار إليه، يعرض خدمته بصدق.
*تعال معي الى بيتي*
*لا!*
قاطعه رافضا الفكرة لكن نبيه كان أسرع وهو يشير له مبررا.
*لا أحد في البيت... نهيلة وقد غادرت غاضبة مني لتقضي النهار لدى إحدى شقيقاتنا... وطبعا لن تذر والدي وستأخذه معها... أنا المغضوب عليه الوحيد... وأنا كما ترى!*
أشار إلى فمه وأذنيه، مضيفا ببعض المرح.
*لن يزعجك أحد!*
ابتسم بحزن وربت على كتفه، يشير له ليتقدمه وفي تلك اللحظة خرجت الفتاة من عند البقال فلوح لها نبيه دون أن يمعن النظر نحوها لتشير له هي الأخرى بيدها الحرة.
هبت نسمة هواء حركت طرف وشاحها الذي ارتخى بسبب انشغال كلا كفيها وقد فرت منه نظراته نحوها،
هناك تعلقت روحه عائدة إلى موطنها ليكتشف أنه فعلا لم يغادر الوطن يوما.
لتاني مرة يجفل من سهوه وقد نسي أن يتنفس حين شعر بدفئ يد صديقه الذي أشار له باسما بمكر، يحاول إخفائه بجموده المعتاد.
*تذكر حياء؟... لقد كبرت وتخرجت قبل ثلاث سنوات... لحظها تعينت معلمة في المدرسة الابتدائية هنا ... الأيام تتوالى بسرعة مخيفة.... هيا! لما تسمرت مكانك؟*
رف بجفنيه مرات عدة ثم حرك قدميه بينما عقله وقلبه يتفقان عليه مع العالم بأكمله، يضاعفون من الضغط على أعصابه وكأن ما كان ينقصه، تذكير لقلبه بانشغاله الذي أنكره أمام والدته فيثور هو الآخر معربا عن حقه في الحياة.
................

**بعد صلاة العشاء.... رحبة مسجد جامع السلام**

(لقد صدقت فعلا والنزاع قائم .... سامحك الله يا جرير)
همس مؤنس لابن عمه وهما ينزويان بعيدا قليلا عن حشد الرجال الملتفين بمجموعات عشوائية في رحبة المسجد، منهمكين في اللغو عن كل شيء وأي شيء بعد أن فرغوا من صلاة الجماعة.
(استحي على عرضك يا رجل ... منذ متى لم تطأ رجلك عتبة المسجد؟)
التوت شفتا مؤنس بسخريته المعهودة، يجيبه بتهكم.
(التزم به أنت يا حبيبي... فلست من يسحبني إليه الهوى ...)
عبس جرير، يرمقه بتحذير فرفع حاجبه متحديا أن يفند قوله.
(ما بكما أنتما الاثنان؟)
تدخل يوسف ناظرا اليهما بحيرة ليجيبه مؤنس باسما بنفس سخريته المعهودة.
(كنت أساعد ابن عمي في نزاع البواطن في أحشائه... بين حقيقة ينكرها وهي عليه فرض.. وبين هوى قلبه إن تبعه قد يقع في وهم النفاق....)
قطب يوسف بجهل فضحك مؤنس في نفس اللحظة التي مطط فيها جرير شفتيه قائلا بامتعاض.
(أقسم بأن العلم الذي درسته دمر خلايا دماغك .....)
(جرير ومؤنس الليلة هنا ... يا مرحبا بالأحبة.. لم أصدق حين رسم نبيه الحلقة في كف يدي وهو يقودني إليكم... ويوسف أيضا موجود...)
انضم إليهم نبيه متأبطا ذراع محسن الذي يهتف بسعادة خالصة ووجهه يرتفع إلى أعلى كعينيه المتقلبتين، يستدرك بغبطة.
(أشم رائحة كل واحد منكم... ولا وجود لصاحب العطور بينكم ... ألم تصحبوه معكم صدفة؟)
تناظروا في ما بينهم، جرير ومحسن بجلبابين بيضاوين، الأول بلا طاقية بينما يوسف ومؤنس يرتديان ملابس غير رسمية كنزتين صيفيتين، الأول بيضاء والثاني رمادية مع سروالين من قماش الكتان بلون رمادي متفاوتا الدرجات أما نبيه فكعادته، بدلة بسيطة زرقاء قاتمة.
(لم ألمحهما اليوم... لا هو ولا بهيج...)
رد يوسف حين أشار نبيه عابسا بأنه لم يراهما هو الآخر منذ الصباح، فيتدخل مؤنس قائلا بذات معنى محدد.
(لقد سألكم عن فواز... وليس بهيج.... أليس كذلك يا فقيه محسن؟..)
تبسم محسن ببعض الوجوم بينما يرد بغموض.
(بهيج لازال طريقه إلى هنا بعيد يا أستاذ الفلسفة... ولا يستعصي على الله شيء...)
ساد الصمت للحظات قبل أن يلفت انتباههم أصوات تتعالى فيزفر جرير بينما يرمق مؤنس بنظرة *أخبرتك* ومحسن يستغفر ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
(هذه عنصرية لن أقبل بها... وإن كنت لا أرقى لشرف أصلك ... ابنتكم ستعود إليكم اللية!)
صاح أحدهم فيرد عليه آخر غير الذي يجادله يبدو انه ينصر قريبه.
(وما عليه؟... ابنتكم أيضا تعود لبيت اهلها في نفس الليلة أيضا!)
صاح الأول بسخط ذاهل.
(قريبك من بدأ بالتقليل من قدرنا ....يذكرنا كل حين بأنكم أصحاب الأرض الأصليين وتملكون حقولها....وكأننا محتلين حقراء...)
ولم يكن الرد ليتأخر من ثالت يدلي بدلو وساوسه.
(بل أنتم من يذكرنا بأصلكم الشريف دائما ...وأنكم تفضلتم علينا بقبول شراكتنا في نسلكم يا شرفاء!)
(لا والله لا يسعى للقطيعة غيركم!)
(بل انتم!)
تعالت الأصوات المستنكرة من كل جهة والجدال يحتدم فينطق مؤنس ممتعضا.
(ألا من نهاية لهذا الغباء؟... بحق الله ...الشرفاء قدموا قبل قرون واختلط نسلهم بالأصليين حتى أننا لم نعد نميز بين الطرفين سوى بعض العوائل المعروفة...)
(بحق الله ... ها؟)
عقب جرير ساخرا فزفر مؤنس، يهتف بانزعاج.
(أنا راحل.... أظنهم من لا يعرفون بحق الله حقا وهم يتجادلون أمام بيت الله... )
منعه جرير بإشارة من يده ومحسن يعقب بحزن.
(صدقت يا مؤنس... كيف لمن يعرف بحق الله أن يصيح بجهل أمام بيته وبما يكرهه؟... هدى الله نفوسنا إلى تقواها...)
(اهدأوا يا سادة... من فضلكم!)
كان ذلك الحاج الخواجي المتوسط لحلقة كبار عوائل الوادي من كلا الطرفين، يجاوره الشيخ سالم من تلاميذ المسجد كمحسن لكنه يكبره بالقليل.
(لا تنسوا أنكم أهل وجميعكم تقربون لبعض... وكل ما تجادلون حوله ليس مهما أمام أهمية وحدتكم...)
يتحدث برسمية ولطف لا تخلو من شموخ يلف جسده ذو القامة المهيبة، يساعده في ذلك سنه ومكانته.
(كنت أفضل أن يتدخل الفقيه محسن ابن الفقيه عبد العليم ليحل المسائل بينكم... لكنني أعذره... بل وأشفق عليه من مسؤولية سترهق حتما كاهله الوهن...)
تحفز الأصدقاء ومن يكن لمحسن وعائلته الحب الكبير بينما هو ينهي حديثه بتخطيط مدروس.
(لكن الشيخ سالم هنا... وأرشحه ليستلم أمور المسجد فهو قادر بإذن الله على مواكبة مشاكل الوادي و حضور مناسباتهم ... والسعي الى المحافظة على السلام بين الطرفين...)
(ما الذي تقوله يا حاج؟ .... الفقيه محسن بارك الله لنا فيه يقوم بواجبات المسجد على أحسن وجهه... ومن قبله الفقيه عبد العليم...)
اكتفى الخواجي بالتبسم صامتا حين هتف اخر بنزق يدافع بجهل.
( الحاج محق فالفقيه محسن أعمى ... أم لأنه منكم يا شرفاء؟)
ارتفعت حواجب الأصدقاء ذهولا بينما محسن ينصت بتمعن لا يصدر أي ردة فعل.
(هل فقدت عقلك يا هذا؟ أم أنك نسيت والدته من تكون؟)
رد المدافع عن محسن لتعلوا الأصوات مجددا، قبل أن يتدخل الخواجي بقوله المهادن ظاهريا.
(حسنا حسنا! لنجعلهما يتشاركان في أمر المسجد والفتوى بين الناس... وهكذا يكون للطرفين حضور في كل شيء يخص الوادي ونخفف على محسن فيتكلف سالم بحضور المناسبات ... هل أنتم راضون؟)
هدأ الصياح ولم تنتهي الهمسات فقال مؤنس بملامح متبلدة على الدهشة.
(هل ما سمعته حقا؟... ألهذا جلبتني هنا يا ابن العم؟)
استدار نحو جرير، يستطرد بضيق.
(لأشهد على النفاق في أشد لحظاته زهوا ووضوحا؟... هل كان ينقصني؟... إن كانت نيتك أن تحببني في الصلاة والمسجد أبشرك بأنك فشلت فشلا ذريعا...)
هم بالمشي وجرير، يزفر بضجر فتدخل محسن طالبا منهم إيصاله إلى مؤنس، ليتمسك بذراعه.
(انتظر يا مؤنس!... سامحك الله يا صديقي وهل الصلاة لله في حاجة إلى قناعة غير التي تنبعت من القلب؟)
تأفف مؤنس دون أن يوقف خطواته نحو خارج المسجد لكن بتمهل يواكب خطا الذي يتمسك بذراعه.
(وهل يعجبك ما حدث للتو...أنه سالم ... ال.. )
ضغط محسن على ذراعه بلطف، يبادره بعتاب.
(لا يجوز يا مونس!... هو أيضا مثلي حافظ لكتاب الله وتتلمذ على يد الفقيه عبد العليم ... ليس لنا شأن بأخطائه فهو غير معصوم... وهذا لا يمنحنا الرخصة أبدا لنقلل من قدره ونسُبه ونشتمه... ليس من شيم نبينا عليه الصلاة والسلام الغيبة و السب والشتم حتى مع الكفار أو مع العصاة من المسلمين وقد بلغنا تحريم الله عز وجل لذلك ... التقويم لا يكون بإلقاء التهم والتحقير والسخرية مهما كان الشخص المعني... إنما ذلك يعود علينا بسوء خلق يتفشى بيننا فلا يعود للاحترام أي مكان في قلوبنا نحو بعضنا... )
صمت مؤنس وقد بلغ غضبه عنان السماء بعد كلمات الفقيه الحقّة، يقارن بينه وبين أعلام النفاق فيستشيط غضا أكبر إلى غضبه، يكاد يلجم نفسه بقوة عن العودة إلى المسجد والفتك برقبة سالم والخواجي معا.
(هل يعجبك ما حدث الآن؟)
تساءل مؤنس بعصبية وأصدقائهما في أثرهما ينصتون بحذر، فيجيب محسن ببسمة محبة.
(لا! لا يعجبني! كما لا يعجبني غياب حلقتي عن المسجد كل يوم ...هل رأيت؟ هناك أمور كثيرة لا تعجبني لكن ما باليد حيلة..)
تغضنت ملامح مؤنس والحرج يعلو أطرافه فيربت محسن على ذراعه، يضيف بود.
(حتى لو منعوني من دخول المسجد يا مؤنس...أنا سأبقى كما أنا... علاقتي بربي بفضل الله ومشيئته ستبقى كما هي... حينها سأستغل الفرصة وألُفُّ زقاق الوادي أجمعكم لأداء الصلوات فلا أحب الى قلبي من ذلك...)
رنا بنظراته متفحصا لملامح صديقه لحظات قبل أن يشد من ذراعه بغير وعي يسحبه إليه وكأنه يتأكد من تأمين الطريق له وكان الآخر أكثر منه محبة، يستجيب له بينما يُسر رجاء من صميم قلبه أن مع كل عسر يسرين كما قال رب العالمين في كتابه الحكيم.
..................

*أمام منزل جرير*

(ستبيت في بيتك؟)
بادر مؤنس وهو يقف قريبا من منزل جرير فرد عليه الأخير متنهدا بوجوم.
(بلى .. لا مزاج لي للعودة إلى الحقول... لماذا تسأل؟... )
ثم استدرك بامتعاض مزعوم.
(أم أنك تريد استغلال غيابي لتُعمّر بيتي كالعادة...)
لوح بكفه بينما يجيب بعبوس لم يدّعيه فلازال ما حدث في رحبة المسجد يشتعل بنار الغيظ في أحشائه.
(أنت غائب على أي حال... ومزاجي اللحظة يتقبل الحقول كبديل ... المهم أن لا أضطر لقضاء الليلة في بيت أهلي...)
سحبه يدفع به داخل منزله وأغلق الباب الخارجي، يجيبه بينما يعبران الحديقة الصغيرة نحو الباب الداخلي.
(اكتشفت أن الحقول قد ابتلعتني لسنوات طوال وحان الوقت لأستعيد تركيزي... كما ترى!)
تلكأ وهو يغلق الباب ليستدرك وهو يكمل خطواته نحو المطبخ.
(لكل واحد منا إدمانه... يجعله غائبا عن الحياة يُضيع أيامها فتضيع الواجبات ومعها الحقوق...)
استند مؤنس بدفة الباب باسما بتهكم.
(أنا أستاذ الفلسفة هنا ... هل تذكر؟)
التوت الشفة العليا لجرير سخطا، منهمكا في تقطيع الطماطم بعد أن استلها من المُبرد وقام بتنظيفها ويديه جيدا.
(ثم إدمان العمل ليس كإدمان الخمر أو أي من المعاصي؟... أليس كذلك يا ابن العم؟)
عقب مؤنس مجددا فرد جرير دون أن يحيد عن ما يفعله فقط نزع جلبابه وألقى به فوق باب المطبخ بسرعة.
(لست الفقيه محسن ولا والده ... لكن ما أعلمه يقينا أن كل شيء يطغى على حياتك إلى درجة الهوس به... فلا يعود لأي شيء آخر أهمية سواه... فهو حتما إدمان.... )
فكر مؤنس قليلا وهو يقطب ثم تحدث، يهز كتفيه بخفة.
(وأنا الذي ظننتني مدمن خمر... )
أدار رأسه نحوه في تساءل خاطف قبل أن يعود الى ما يفعله فتقدم مؤنس، مقتربا منه، يفسر بينما يدس كفيه داخل جيبي سرواله.
(الخمر لا تطغى على حياتي درجة الهوس ... وبالتأكيد لا أشعر أبدا أنها أهم شيء في حياتي البائسة... بل لا يدفعني نحوها سوى ما هو أمر وأقذر من رائحتها والمرار الذي تتركه في حلقي ليتذوقه لساني فأزداد كرها لنفسي ولمن يدفع بي إلى احتسائها...)
(هراء الفلسفة مجددا!)
نطق جرير وهو يلقي بما قطعه إلى المقلاة ليجيبه الآخر محذرا.
(تستعيرها لا بأس!... فلا تنكر صحة ما نقوله سويا)
هز جرير رأسه بلا معنى وهو يستدير نحو المبرد ليحضر البيض.
تأمله ابن عمه قليلا بصمت ليقرر فتح فمه، يسأله بحذر.
(لماذا أشعر أنك تجهز لمصيبة؟)
ارتفع حاجب جرير، يرميه بنظرات غامضة فهز مؤنس كتفيه يعبر عن أفكاره.
(أنت هكذا حين ترى موقف ظلم أو عدوان.... بدل أن تفعل ما تجيده بالرد بعصبية وغضب أهوج ... تحافظ على هدوئك المريب قبل وقوع مصيبة لا حل لها ... لماذا لم تتدخل الليلة أو توجه أي حديث للخواجي؟... لطالما فعلت ذلك في الحقول حين يتجول مهددا الناس ليحصل على أراضيهم بطرقه ال.....)
زم شفتيه مجعدا ذقنه قبل أن يستأنف قوله ساخرا.
(لا قدر الله أن أزيل عن كاهله أي ذنب ... لذا سأقول بطرقه الغير سليمة النية... وكأن الوادي ملك ل...)
حك جبينه ثم أضاف بحنق.
(ألا تذكر ثغرة مما تعلمناه من الفقيه عبد العليم في الصغر... تمنحنا رخصة للسَّب أو فقط التعبير عن مدى استنكارنا للأمور؟... )
كان جرير قد تبّل الخليط في المقلاة وخفق البيض جيدا فصبه بروية وتمهل قبل أن يستدير نحو مؤنس، يجيب بملامح لا تعبير فيها والملعقة الخشبية رهينة قبضته يشير بها في الهواء.
(تلك الثغرات ستتعلمها عند الشيخ سالم... لا تخلط الأوراق...)
عاد مؤنس لقوله السابق وحاجبه الأيسر يرتفع بترقب.
(أنت تجهز لمصيبة أليس كذلك؟)
تجاهله، يوليه ظهره، منشغلا بتفقد نضوج الطعام فاقترب منه مؤنس، يحاول مجددا مع علمه باستحالة استجابة ابن عمه وصديقه لاستفزازه.
(وجدت بداية الطريق؟ ... هل تذكرت شيئا ما في زيارتنا لبيت الخال عبد الله؟)
حسنا! لقد تجمدت ملامحه وكسى البرود محياه فضيّق مؤنس مقلتيه يحاول بلا يأس.
(أعلم أن والدك كان صديقا مقربا من الخال عبد الله ... وصديقهم الثالث!...)
انتفض مؤنس حين استدار إليه جرير يشير نحوه بالملعقة مهددا بخطورة استشعرها الأول بكل وضوح.
(لا تذكر اسمه... أحذرك!)
هز رأسه بصمت فتنفس جرير بعمق قبل أن يتمالك غضبه مستديرا عنه، يضيف باقتضاب.
(احمل الخبز واسبقني الى غرفة الجلوس!)
وكذلك فعل موترا السلامة، فمؤنس رغم امتلاكه لذكريات طفولة كثيرة تجمع بينه وبين ابن عمه إلا أن هناك بضع فراغات لا يعلم كيف يملأها لتكتمل لديه الصورة!
لكن لينتظر، فالغد لناظره قريب!
................ .

**بعد الفجر بقليل**

(تمهل يا رجل ستنقلب بنا السيارة بقيادتك المسرعة هذه!)
أرخى قدمه عن الدواسة قليلا، يجيبه بقلق.
(لقد تأخرنا كثيرا يا بهيج... لابد وأن أمي قلقة ... هذا إن لم تكن قد نصبت لي صوان عزاء وجمعت فيه أهل الوادي جميعهم...)
ضحك بهيج وهو مسترخي على مقعده منهك القوى، يمسك بكفه المستندة على حافة النافذة بسيجارة احترق نصفها فينظر إليه فواز ممتعضا من حاله اللامبالي.
(تضحك ولا على بالك المبتهج ....أنا من سيفضح أمره بين أقاربه وأمي تولول بينما تبحث عني كطفل صغير...)
(لما لم تكلمها في الهاتف؟)
تأفف وهو يجيب.
(فعلت إلى أن انتهى الشحن لأكتشف أنني لم أحضر الشاحن...)
تحرك بتعب ليسحب له هاتفه، يمد به إليه.
(تفضل وتحدث معها...)
نظر فواز الى الهاتف بعبوس يفكر ثم قال.
(أخشى أن تكون نائمة... ولسبب ما لم تكتشف عدم وجودي في فراشي... وإن هاتفتها أجلب على نفسي المصائب...)
أعاد هاتفه بينما يجيبه بضجر قبل أن يمج من سيجارته.
(حيرتني في أمرك...)
(كفاك تدخينا ...عينياي تسيلان... لماذا تتجاهل دوما بأن لدي حساسية من الدخان بصفة عامة؟)
سحب آخر نفس من السيجارة وألقى بها من النافذة ليرفع كفيه قائلا باستسلام.
(سماح... لقد انتهينا...)
ساد الصمت إلا من صوت العجلات، تلتهم المسافة على الإسفلت قبل أن يقطعه فواز متسائلا بحيرة أصابته قبل ساعات داخل تلك البناية الضخمة التي لن ينساها ما حيي، عالم آخر لم يعلم بوجوده سوى من الأفلام والقصص التي لطالما اعتبرها تماديا في طرح الحقائق.
(ماذا كنتَ تبيع أولئك النسوة؟... لم يمهلنك وهن يطلبنك بالاسم مع أول نزولهما من سياراتهن الفارهة؟.... كيف هن على معرفة بك وهن من خارج البلاد حتى؟...)
ابتسم بعبث، يغمزه.
(ومن قال أنني أبيعهن شيئا؟)
رفع حاجبه، يرد بجفاء.
(لا تدّعي ما لا تفعله... وهذه أيضا نقطة استفهام كبيرة تكاد تفقدني صوابي ... مع كل عبثك وزيغ نظراتك حول الفتيات... متأكد من عدم تورطك في علاقة جسدية مع إحداهن لحد الآن ...)
لمعت مقلتا بهيج ببريق قسوة خاطف تلاه بتعقيبه العابث.
(وأنت متأكد لأنك!....)
علق جملته فزفر فواز حين انفجر بهيج ضاحكا لينهره الأول بنزق.
(يكفي تهربا... وأخبرني ماذا كنت تبيعهن؟ وكنت تحمله في حقيبتك الممتلئة على كل حال؟)
لوح بكفيه، يخبره باستخفاف.
(وعدتهن بتذكارات مباركة من المزارات المشهورة في بلادنا... لأرفع سعرها وكما رأيت بنفسك... الجميع يريد التبرك بالمزارات... يظنون بالموتى ما لا يطيقونه وهم الأحياء ...)
كان رد صديقه أنفا مجعدا باشمئزاز.
(تكسب المال من الاحتيال..)
هز بهيج كتفيه، يجيب بعدم اهتمام.
(لديهم من المال الكثير ليبعثروه ... لم أسلبهم إياه بغير رضاهم ...هم من يصَدقون بما يشائون وهم أحرار... وعلى فكرة!)
استدار نحوه، يكمل بنفس عبثه.
(لسن نساء فقط.... بل رجال أيضا... منهم الخائف على منصبه والخائف على ماله... ويريد ضمانا...)
صمت فأكمل عنه فواز، متسائلا بسخرية.
(من الأموات؟)
رف بهيج بمقلتيه قليلا ثم استدار عنه ينظر من النافذة، يرد عليه بجمود كسى ملامحه.
(أجل .. الأموات...)
(لو كان لدي القليل من الحظ... ستظن أمي أنني ذهبت لصلاة الفجر في المسجد ولن تفتعل فضيحة مدوية للبحث عني...)
عاد فواز يهمس بما يهمه حينها، فتذكر بهيج أمرا ما وانتفض بخفة يتفقد الساعة فيسحب قنينة ماء صغيرة، دس فيها شيئا ما بخفة لا تُرى ونخضها ثم قدمها لفواز، يطلب منه بمزاحه المعتاد بينهما.
(تفضل اشرب وعوض السوائل التي لابد فقدتها في الحفل...)
امتعض يطرف إليه بجانب مقلتيه قبل أن يزجره.
(وقح!)
(هل تستطيع إنكار ذلك؟... فقط طمئِن قلبي وأخبرني أنها لم تحصل على الأموال التي جمعتها من بيع العطور ... )
عبس فواز فطلب منه بتوسل مدّعي.
(ارجوك أخبرني... أرجوك!)
تأفف فواز بضجر وهو يسحب من كفه القنينة ملتقما فمها بنهم لا يرتوي به ضمأ ولا عطش ثم قال ملقيا بها عليه فارغة.
(تظن نفسك حاذقا... وأجد جرير محقا بشأنك.... ولا لم تكلفني المال الذي جمعته من حلال... فبالتأكيد لن أصرفه في حرام... كل شيء حدث برضاها...)
جعّد ملامحه الشقراء بدهشة، يقول.
(إذن تعلم أن ما فعلته حرام؟)
(لا تزعجني ما تبقى من الرحلة لأنني قد أفقد ما تبقى من تعقلي وأنزلك هنا وسط الخلاء...)
لوح بهيج بكفه في الهواء، يرد باستخفاف وهو يعود لاسترخائه.
(لا بأس! لم أفهمك يوما لأبدأ الآن... وعلى ذكر مفرد الرحلة... سأنام قليلا إلى ان نصل...)
لم يركز فواز في حديث بهيج الغير مفهوم، منشغلا بمسح مقلتيه من الضباب الذي غشاهما لوهلة وجيزة قبل أن يتكون خاطر يعلو همسه داخل راسه رويدا رويدا باسم واحد لا غير، مستغربا من إلحاح خياله بصورتها مستجيبا للخاطر وقد كان قبل قليل بين أشد الفتيات فتنة وحتما أغلبهن يمتلكن جمالا أخاذا يفتن أعتى القديسين والذي هو ليس منهم بالطبع ويعترف بذلك، مستسلما لشهوته كالعادة وإن كانت غير دائمة لكنه يقع فريستها بعد انقطاع وقرار بالتوبة والاستغفار كل مرة حتى أنه بدأ يفكر في طلب والدته بالزواج علّه يجد في ذلك منفذا لشهوة واحدة غلبته كما لم يفعل غيرها في نفسه.
كانت أول اختياراته حب طفولته وحتى شبابه زينة البنات، بحث عن صورتها بين دهاليز خياله لكنه ولأول مرة لم يجدها وكأنها طُمست أو أضحت بعيدة المنال فعلا كما أرادت من خلال تصرفها نحوه، تعبر عن سخطها من شخصيته وكأنها تعريه عن حقيقته بأكملها ولا تدّعي العمى كغيرها يتقبلونه بعيوبه وظاهره الذي يزعم من خلاله كمالا هو بعيد عنه بُعد السموات عن الأرض.
انتبه منصتا لخاطره وكأن هناك من يهمس له باسم الأخرى مجددا فيستجلب خياله صورتها في أحسن وأجمل إطلالاتها، ترمقه ببسمتها المغوية ونظراتها المرحة فتنجلي ذكرى الأولى رويدا رويدا كما تضمحل صورتها ولا يبقى سوى همس وخاطر استولى عليه بالكامل، متجسد في اسم واحد لا غير... حفيظة!
.........

*منزل أهل حفيظة*

بين الصحوة والنوم، تحتل الغفلة العقل والقلب ينبض رعبا من مجهول يلفه فلا هو تصيبه الصحوة فيتمسك بوعيه ولا تسحبه الغفوة فلا يكون عليه حرج، إنما هو برزخ يتقاسمه النوم والوعي بعَدلٍ ينافي ظلم العالقة فيه الآن مع نفسها قبل ربها، تكتوي بما تراه فيه ولا تعيه، هل هو حق أم مجرد وهم؟
*أخبري والدتك أن ما تفعله لن يضر سواك.... استُدعيتُ لأراقبك وفتحوا لي أبوابك لأدخلها مرغما... ولست براحل إلا برحيل روحك...ولن يعاني غيرك*
ارتفع دقنها باحثة عن الهواء، تشعر بضغط على عنقها بُغيته زهق روحها، تحاول رفع يديها بلا جدوى فتنقبض الكفين على راحتيهما من شدة وقع البلاء الواقع على جسدها.
من يراها تهتز على كلا جانبيها غافية يؤكد غرقها في كابوس فظيع علقت به ولم تجد منه مهربا، وجهها يغطيه العرق والشحوب، تنفسها يشوبه صوت اختناق مؤكد.
أما هي فلا تلمح سوى ظلمة تجثم علي جسدها، تشله عن حركته وهمس قريب جدا من أذنها يهز أحشاءها هزا مخيفا مرعبا دفع بها إلى فتح عينيها على وسعهما اخيرا وما إن تأكدت أن ما رأته لتوها لم يكن مجرد وهم، صرخت بعلو صوتها أو هذا ما ظنته لأن لا أحد من كلا والديها قدِم إليها.
لهثت بأنفاسها تضم عنقها تمسد عليه وجحوظ مقلتيها في ازدياد، بلعت ريقيها مرات عدة ونهضت أخيرا تقف على رجليها الذين كادا يخونانها بارتعاشهما فأمسكت بخصرها وانحنت تتنفس بقوة وحِدة حتى استعادت وعيها كاملا ليعود منطقها الى فرض نفسه وتهدئة ثورة قلبها المرعوب، يقنعها بأن ما عاشته مجرد كابوس أثناء نومها.
مسحت على وجهها وتقدمت نحو مرآة غرفتها الطويلة، تنظر إلى انعكاسها تحت أشعة الشمس الوليدة وقد طغت على أنوار مصباح غرفتها الذي لا تطفئه أبدا أثناء لياليها.
بللت شفتيها الشاحبتين كأول ما التقطته من انعكاسها المزري، منامتها القصيرة بحمالتين سميكتين، مجعدة تماما كأنها عاشت حربا ضارية ثم شحوب وجهها وشعرها العسلي المبعثر حوله بفوضى عارمة ثم.... مهلا! اقتربت أكثر فأكثر تضيق مقلتيها بتركيز على عنقها قبل أن ترفع كفيها تتلمس بهما عليه لتتأكد مما لمحته مقلتيها التان تعودان للاتساع الآن كما دقات قلبها المتسارعة مجددا في استجابة تلقائية لذكرى همس مهدد خطير.
*لن أغادر سوى بمغادرة روحك*





انتهى الفصل بفضل الله... في إنتظار تعليقاتكم وأرائكم ... أستغفر الله العظيم لي ولكم.


noor elhuda likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 13-04-20 الساعة 06:47 PM
**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 10:11 PM   #232

شغف123
 
الصورة الرمزية شغف123

? العضوٌ??? » 438815
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 768
?  نُقآطِيْ » شغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond reputeشغف123 has a reputation beyond repute
افتراضي

أوووول تعلييييييييق

شغف123 غير متواجد حالياً  
التوقيع
فقط حين ندرك ،حقيقة وجودنا في هذه الدنيا ،ونقتنع بالهدف من عيشنا سيزهر الإيمان في قلوبنا و سنفلح.
رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 10:59 PM   #233

ضحى حماد

نجم روايتي ومشرفة سابقة

 
الصورة الرمزية ضحى حماد

? العضوٌ??? » 269097
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 2,300
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك max
افتراضي

يسعد هالمسا عيوني
تسجيييييييل حضوووووووووور


ضحى حماد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 11:01 PM   #234

ضحى حماد

نجم روايتي ومشرفة سابقة

 
الصورة الرمزية ضحى حماد

? العضوٌ??? » 269097
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 2,300
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك max
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 91 ( الأعضاء 19 والزوار 72)
‏ضحى حماد, ‏nesrine la alegria, ‏salam azzam, ‏الفجر الخجول, ‏وعودي للأيام, ‏Qhoa, ‏Libyan Voice, ‏Better, ‏basama, ‏simsemah, ‏عاليا محمد, ‏رغدجني, ‏Cawsan432, ‏فديت الشامة, ‏شغف..., ‏Dodyum, ‏faria, ‏affx+


ضحى حماد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 11:02 PM   #235

ضحى حماد

نجم روايتي ومشرفة سابقة

 
الصورة الرمزية ضحى حماد

? العضوٌ??? » 269097
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 2,300
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك max
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 92 ( الأعضاء 19 والزوار 73)
‏ضحى حماد, ‏WEDDO, ‏nesrine la alegria, ‏salam azzam, ‏الفجر الخجول, ‏وعودي للأيام, ‏Qhoa, ‏Libyan Voice, ‏Better, ‏basama, ‏simsemah, ‏عاليا محمد, ‏رغدجني, ‏Cawsan432, ‏فديت الشامة, ‏شغف..., ‏Dodyum, ‏faria, ‏affx+


ضحى حماد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 11:04 PM   #236

ضحى حماد

نجم روايتي ومشرفة سابقة

 
الصورة الرمزية ضحى حماد

? العضوٌ??? » 269097
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 2,300
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك max
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 94 ( الأعضاء 19 والزوار 75)
‏ضحى حماد, ‏nesrine la alegria, ‏salam azzam, ‏الفجر الخجول, ‏وعودي للأيام, ‏Qhoa, ‏Libyan Voice, ‏Better, ‏basama, ‏simsemah, ‏عاليا محمد, ‏رغدجني, ‏Cawsan432, ‏فديت الشامة, ‏شغف..., ‏Dodyum, ‏faria, ‏affx+


ضحى حماد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 11:08 PM   #237

ضحى حماد

نجم روايتي ومشرفة سابقة

 
الصورة الرمزية ضحى حماد

? العضوٌ??? » 269097
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 2,300
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك max
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 97 ( الأعضاء 21 والزوار 76)
‏ضحى حماد, ‏hhanen, ‏موجة هادئة, ‏nesrine la alegria, ‏salam azzam, ‏الفجر الخجول, ‏وعودي للأيام, ‏Qhoa, ‏Libyan Voice, ‏Better, ‏basama, ‏simsemah, ‏عاليا محمد, ‏رغدجني, ‏Cawsan432, ‏فديت الشامة, ‏شغف..., ‏Dodyum, ‏faria, ‏affx+


ضحى حماد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 11:16 PM   #238

ضحى حماد

نجم روايتي ومشرفة سابقة

 
الصورة الرمزية ضحى حماد

? العضوٌ??? » 269097
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 2,300
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك max
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 104 ( الأعضاء 25 والزوار 79)
‏ضحى حماد, ‏وغدا نلتقي, ‏halimayhalima, ‏سيد النساء, ‏hhanen, ‏موجة هادئة, ‏nesrine la alegria, ‏salam azzam, ‏الفجر الخجول, ‏وعودي للأيام, ‏Qhoa, ‏Libyan Voice, ‏Better, ‏basama, ‏simsemah, ‏عاليا محمد, ‏رغدجني, ‏Cawsan432, ‏فديت الشامة, ‏شغف..., ‏Dodyum, ‏faria, ‏affx+


ضحى حماد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 11:21 PM   #239

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 105x( الأعضاء 28 والزوار 77)‏**منى لطيفي (نصر الدين )***, ‏سبنا 33, ‏Sea birde, ‏yasser20, ‏ضحى حماد, ‏وغدا نلتقي, ‏halimayhalima, ‏سيد النساء, ‏hhanen, ‏موجة هادئة, ‏nesrine la alegria, ‏salam azzam, ‏الفجر الخجول, ‏وعودي للأيام, ‏Qhoa, ‏Libyan Voice+, ‏Better, ‏basama, ‏simsemah, ‏عاليا محمد, ‏رغدجني, ‏Cawsan432, ‏فديت الشامة, ‏شغف...+, ‏Dodyum, ‏faria, ‏affx

**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 18-09-19, 11:24 PM   #240

nesrine la alegria

? العضوٌ??? » 454775
?  التسِجيلٌ » Sep 2019
? مشَارَ?اتْي » 231
?  نُقآطِيْ » nesrine la alegria is on a distinguished road
افتراضي

روعه الفصل و طريقة طرحك للفكره كالعاده راقيه جدا تسلمي و برشا قلوب

nesrine la alegria غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:15 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.