شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   قسم ارشيف الروايات المنقولة (https://www.rewity.com/forum/f490/)
-   -   فُتاتُ القمر/ للكاتبة شَــيْمـآ ، فصحى (https://www.rewity.com/forum/t459464.html)

سارة الميمني 21-01-21 08:42 PM

جميله وحلوه جدا

شَــيْمـآ 27-06-21 10:40 AM

السلام عليكم جميعاً

بالبداية اشكر كل من قام في نقل روايتي من منتدى الثاني الى هذا المنتدى الجميل
ان شاء الله مستمرة معاكم في تنزيل الفصول بعد حدوث عطل في منتدى غرام...

الفصل الخامس والعشرين تقريباً جاهز، بعض اللمسات القليلة وسوف يكون بين أيديكم
دمتم بخير

غلا الملا 27-06-21 05:31 PM

روايه رائعه جدا

صل على النبي محمد 16-09-21 03:13 PM

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي

شَــيْمـآ 03-10-21 06:49 PM

أهلا بكم يا أصدقاء.. كما وعدتكم لقد عدت بالفصل 25
ان شاء الله مكملة معكم باقي الرواية
قراءة ممتعة لكم
محبتي :29-1-rewity:




"لديك الأسباب كلها لتهرب، لكنك تبحث عن سبب واحد للبقاء"


(25)




" ما الذي سوف يحصل لاحقاً ؟" سألت ريم وهي تهبط بجسدها بحيث يستقر رأسها على أرجل القمر الجالسة على السرير، وعلى وجهها إمارات الحيرة.
ازدردت لعابها أخيراً بعد صمت لم يطل كثيراً وأجابتها " من أجل ملاك سوف أقوم بما يجب كما قلت سابقاً، وبعد ذلك.."
نظرت اليها ريم من الاسفل بترقب ثم نهضت بتفاجؤ " اعتقد انه ليس هنالكَ داعي لتفكيرٍ زائد، إنكِ ترهقين نفسك.."
تنهدت قمر بحرارة " ليس بحيلتي الا هذا.."
أومأت ريم رأيها باعتراض " لا، دعي كل شيء لمجراه ليحدث ما يحدث.."
تفوهت قمر بنبرةٍ قلقة " حتى وإن كانت النهاية حزينة؟ "
أجابتها ريم سؤالها بسؤال آخر " هل سوفَ تكون أسوء من كل هذا؟ "
هزت قمر رأسها بأنها لا تعلم، فأردفت ريم وهي تمسك كفيّ قمر بحب " اذاً دعي كل شيء يسير وفقَ القدر، لا تفكري أكثر مما يجب.."
ثم همست بشقاوة " حتى وإن كنتُ أفعل أنا عكس ما قلته.."
ابتسمت قمر بخفة ونبتت على وجنتيها قليل من السعادة سرعان ما ساورها القلق وتساءلت بنبرة خافتة " لا تنتهي معاناتي يا ريم، كلما أجد ثقباً يشعُ منه النور أقع في الهاوية، لا مناص من الألم.."
نظرت اليها ريم بتفكير " كأنكِ تذكرين ثقبين وحيدينِ في حياتك أحدهما والدك والآخر مجد.."
ازدادت ملامح قمر تعكيراً فيما تحدثت ريم " أي معضلةٍ نحلها أولاً؟ هل ملاك ووالدك أم مجد؟"
أخرجت قمر زفيراً حاراً ولم تنبس ببنت شفة في حين أكملت ريم " أنا هنا ولكنني لا أكفي.."
عقدت قمر حاجبيها باستفهام، فيما أكملت ريم " لدي ثلاثة مشاكل، أنتِ ورائد وامي.. أما مجد فلديهِ أنتِ فقط.."
شدت قمر على قبضتيها وهمست " وحبيبته السابقة.."
فغرت ريم فاها بدهشة ثم أدركت ما يجول في عقل قمر وتحدث بهدوء " قمر لا تدخلي الماضي بالحاضر وتجعليهما متساويان، وهذا الأمر وإن كنتُ أقوله مجبرةً ينطبقُ على ما حصل مع والدك.."
" ماذا تقصدين؟ " قمر وعلامات الاستفهام تظهر على وجهها،
أجابت ريم كما السابق بهدوء " الذي حدث سابقاً قد حدث، لا يمكن ارجاعه أو تصليحه ولكن من الممكن أن تنسح لنا الفرصة لتعويض أخطاء الماضي، والدك أخطأ ومجد أخطأ و.."
قاطعتها قمر بخيبة " كنت أعطيه عوضاً الفرصة الواحدة، اثنتين وأكثر.."
نظرت اليها ريم بتذمر" ألن أستطيع انهاء كلامي معكِ أبداً.. ألن أصل لنهاية حديثي؟"
ثم نهضت بغضب أكثر وتوجهت حيث المنضدة المجاورة للسرير " وهذا الذي يتصل لا يكفُ عن اصراره.."
استدارت قمر ناحيتها حيث تتوجه " لم أقصد أن اغضبكِ ولكنني تعلمت منكِ ان اعبر عما اشعر به.."
رفضت ريم المكالمة ثم نظرت الى قمر بتمعن سرعان ما ابتسمت ابتسامة قصيرة واشارت بسبابتها " ولكن لا تتعلمي مني ان ترفضي المكالمات ربما تكون مهمة.."
ثم تهالكت على السرير بشرود وهمست إلى قمر " أصلحي ما بينك وبين مجد فكل شيء سوف يحصل لاحقاً صدقيني.."
تمددت قمر بجانب ريم ووضعت كفيها اسفل رأسها وأكملت ريم " ربما لو لم أكن بجانب رائد لما تجرأ اتجاه عمه قيد أنمله.. الحب يفعل المستحيل يا قمر.."
نظرت ريم على قمر الصامتة بتفكير عميق وأكملت " ولكن قبل كل هذا هل أنتِ مستعدة لمعرفة ملاك بكِ؟"
لاحت ابتسامة طفيفة على قمر وهمست بلا وعي " انها جميلة جداً.."
ابتسمت ريم على اثرها وأكملت " انها شقيقتك قبل كل شيء مهما حصل يا قمر.."
نظرت اليها قمر مباشرة في عيونها بعد أن اختفت ابتسامتها وتحدثت بارتياب " أخشى من ردة فعلها.."
اقتربت ريم من قمر واحتضنتها وهمست بحماس " سوف تكون أجمل ردة فعل صدقيني، واعتقد أنها تفوق ردة فعلي عندما رأيت صورتكِ أول مرة وأنتِ ابنة عمي، كيفَ وانتِ شقيقتها.."
*********************
وفي طرفٍ آخر كانت هنادي تجلس في مكان عام، على مقعد خشبي في حديقة، يتصببُ منها الغضب وتشتعل عينيها كما البركان، تهز قدميها بتوترٍ غاضب.. لم تلبث أن تتصل مرة أخرى بريم حتى يأتيها الرفض مرة أخرى..
شدت قبضتها على هاتفها ثم دفعته بغضب الى حقيبتها ونهضت من مكانها تسيرُ وكأنها تهدمُ الأرض بحذائها ذو الكعب العالي وتردد من بين اسنانها " سوف تندم يا كمال، سوفَ تقع على الأرض بينما تحاول اصلاح جميع مواقفك مع ريم.."
وبعد ان استقلت سيارة أجرة همست بحقد " إن لم تكن ريم فليكن رائد.."
ثم التقطت هاتفها من حقيبتها واتصلت برائد ولم يجبها هو الآخر..
كتمت غيظها والقت هاتفها المحول داخل الحقيبة بقوة، وعزمت في قرارة نفسها أنها سوف تنفذ ما تريده ووجهتها المقصودة إلى ريم حتماً..
**************
قبل قدومِ عائلة فاروق بساعة تقريباً، يجلس مجد في الحديقة ينقر بسبابته على قدمه بتفكير، تظهر خطوط جبهته ثم تختفي مزامنة مع تضييق عينيه، اسئلة كثيرة بلا اجابة !
حتى نطق صوت رامي من خلفه متهكماً " ساندريلا قادمة.."
توقفت نقرات سبابته وجحد رامي بعد أن تحولت عيناه عليه إلى أن جلس بجواره، في حين أكمل رامي بتعجب " توقعت أن تختفي الليلة.. ولكن توقعاتي خالفت.."
" كيف علمتما بوجود قمر؟ "
نظر اليه رامي بغرابة بعد السؤال " أنتَ تعلم، قد أخبرناك.."
هز مجد رأسه بثقل " كيف وصلت من فرنسا إلى هنا؟ "
" ألم تذهب بنفسكَ إلى مديرة المأوى وأخبرتك.."
لوى مجد شفتيه وتحدثت بغموض " أخشى أن ما فكرتُ به للوهلة الأولى يكونُ في موضعِ الصحة.."
عقد رامي حاجبيهِ استغراباً ثم قبل أن يتساءل نهض مجد وكأنه خرج من عالمه وسأله " ماذا كنت تفعل ناحيةَ الملحق؟ "
حك رامي جبهته وتحدث " وضعتُ بعض الملفات.."
نظر اليه مجد بشك " في الملحق؟ "
أومأ رامي " بعض الملفات المهمة جداً، وصول أحدهم إليها صعب وهي هناك.."
تعجب مجد ولم يستفسر أكثر، ثم تحدث قبل أن يمضي داخل المنزل " هل سمعت سوف يعرفون قمر على شقيقتها.."
زفر رامي وتبعه حتى وصل إلى جانبه " إنها أهون الأمور صدقني.."
نظر إليه مجد بطرف عينه ثم همس " حتى اهون الأمور تكون قاسية على قمر.."
ثم التفت اليه نصف التفاتة " ماذا حصل بتقارير المشفى؟ ألم تأتي النتيجة.."
" ربما غدا.. لم تخبرني الممرضة.."
هز مجد رأسه بقلة حيلة وتحدث " حقاً لا أعلم ماذا يوجد فيكَ حتى تأتيكَ الفتيات طواعية.."
تقدم منه ناحية الصالة وهو يرفع وينزل حاجبيه بطفولية " يكفي أنني لستُ مجد.."
نظر مجد إلى طيفه حتى اختفى ثم تابع خطواته نحو الطوابق العلوية إلى أن استوقفه صوت جدته التي خرجت من الصالة " مجد عزيزي.."
التفتت اليها بلهفة الأطفال وانفرجت اساريه " جدتي.."
تقدم منها ثم أخذ يدها يقبلها بحب " أراكِ بخير يشعُ منكِ النور.."
قهقهت بخفة " لا تجعل رامي يعطيكَ من طباعه.."
ضحك مجد ثم همس بحب " لا أتملق، الحقيقة حقيقة.."
ربتت على كتفه بحنان ثم سألته بقلق " كيفَ حالها؟ "
زفر مجد بقوة " قمر إنها قمر ذاتها، التي تبتلع كل شيء ويبقى داخلها ولا تتمكن من هضمه.. "
أومأت الجدة رأسها بتفهم " أتمنى أن يكون كل شيء خير لها.."
نظر مجد إلى جدته بعدم تصديق حتى قالت متمسكة بذراعه الايمن تسير وإياه نحو الخارج " لا يمكنكَ معرفة الخير إلا أن يزول الشر بأكمله.. أو ربما ما هو ظاهر ليسَ كما نعتقد.."
عقد مجد حاجبيه ثم تحدث " لو يقف الأمر على والدها فقط.."
نظرت اليه الجدة بعدم فهم فأردف مجد " سليمان ذاك جلس معها.."
ثم صمت بمرارة حتى همس بغيظ " ما الذي جاء بهذا الآن؟ "
ازاحت الجدة نظراتها نحو ذلكَ القادم حتى تحدثت بشحوب " إنها أفعال والدتك.."
كتم مجد غيظه " ابنة فاروق وكمال.. ألن نتخلص منهم أبداً ؟"

وفي الأعلى بعد أن همست بحب لرائد على هاتفها المحمول وأغلقته بشرود عميق، ثم استرسلت بالوقوف تنظر إلى مظهرها عبر المرآة، إلى أن التفتت أخيراً وفتحت الباب على مصراعيه، ثم توجهت إلى قمر بلا أن تطرق بابها حتى فرغت فاها بدهشة
" هل سوفَ تنامين؟ "
أومأت قمر رأسها ببهوت " أجل.."
زفرت ريم بقلة حيلة ثم توجهت باندفاع وقالت " هل سوف تتركين الساحة ؟ "
ازدردت قمر لعابها ثم ضيقت حاجبيها كناية عن الانزعاج،
هزت ريم رأسها نفياً وتحدثت " لا يمكنكِ.. لا تفعلي كل هذا وأنتِ تعلمين.."
قاطعتها قمر بقهر " أنا لا أعلم شيئاً.. حسناً.. لا أعلم.. ماذا أنا قولي.."
أخذت ريم نفساً عميقاً " لا تفعلي هكذا بنفسكِ.."
ثم كادت أن تتقدم نحوها لتجذبها إليها إلا أن قمر أكملت باندفاع " أنا حتى شقيقتي لا تعلم من أكون.. "
أمالت ريم رأسها بحزن ثم تحدثت بهدوء وحنان " اليوم سوف تعلم الحقيقة.."
" وماذا يفيد قولي، بعد ماذا؟ "
عجزت ريم عن الكلام عندما لمحت مجد يقف على الباب، ثم تحدثت بحب " ها نحن علمنا بوجودك بعد وقت، و.."
قاطعتها قمر بحزن " ها انتِ قلتها بعد وقت.. وأنتم علمتم بأمري بعد كم من السنوات؟ ماذا تغير من حقيقتي.."
تتمالك ريم نفسها كي لا تبكي حتى عجزت عن الحديث أخيراً وأشارت إلى مجد كي يتدخل بالأمر.. فتقدم بهدوء وكاد أن يجذب كفيّ قمر إلا أنها بردة فعلٍ عنيفة أبعدتهما.. حتى أغلق عيناه ثم فتحهما وأعاد اجتذابهما بقوة
" اجلسي على السرير.."
ثم نظر إلى ريم وهمس " هل يمكنكِ أن تتركينا لوحدنا؟ "
أومأت ريم رأسها ثم تقدمت من قمر واحتضنتها وهمست " لا تستسلمي لأفكارك وتحلي ببعض القوة نحن بجانبكِ دائماً "

وبعد أن أغلقت ريم الباب، احتل الصمت الغرفة بشكل موحش حتى همس مجد آمراً قمر مجدداً " هل يمكنكِ الجلوس قليلاً؟ "
أومأت قمر رأسها بهدوء، ودنا معها على الأرض بالتزامن مع جلوسها على السرير، أغلق على يديها بين كفيه بعد أن قبلهما واستنشق رائحتهما ثم ابتسم على اثرِ ارتجافِ يديها..
وبعدها نظر مباشرة نحوها رغم أنها ما زالت مدهوشة مما يحصل، وهمسَ بحب " إن كنتِ مزعوجة من أمر ما فقط تعالي إلي.. انظري كيفَ هدأتِ بسرعة.."
اعتلت الحمرة والغضب على وجنتيها في حين أكمل هو " لا أحد يجبركِ على تناول العشاء معنا.. ولكن.."
رفع احدى حاجبيه وسألها " ما كل هذا الغضب ؟ "
همست بحزن " من الحياة.. من كل شيء أنت ووالدي.."
توسعت عينيها بتفاجؤ مما نطقت، ثم صمتت.
نظر اليها بقلب عطوف محب وهمس " لا يعنيني هذا العشاء بمقدار ما تعنيني راحتك وسعادتك صدقيني.."
بادلته الصمت حتى أردف بذات النبرة " أنا هنا بجانبكِ سواء قد قبلت هذا الوضع أم لا.. بجانبكِ دائماً مهما حصل بيننا"
صمت قليلاً ثم أكمل " أعلم يا قمر أن كل شيء يسير عكسَ ما تريدين وما أردتِ، ولكن بعضُ الصبر.."
تفوهت قمر بتعب " لم يعد الصبر يكفي لأي شيء.."
" ألا يوجد شيء، أي شيء تستمدين منه الصبر والقوة حالما تخور قواكِ؟ "
اختنقت قمر بدموع استوطنت حنجرتها وتأبى أن تنهمر من مقلتيها وهمست بنبرة شاحبة " طيف والدتي و أن...."
ارتجفت شفتاها ولم تخبره بالمزيد، لم تخبره انها تستمد من كفيه الآن قوة للحديث، قوة تستطيعُ فيها النوم ببعضٍ من الراحة..
ابتسم وقال " اذا عانقي طيفَ والدتك.."
وكادَ ان يقف وهو يتحدث " قلادتها أليس كذلك؟ "
حتى شدت على كفه الأيمن وهمست بارتجاف الحروف تردداً " هل يمكنكَ.."
سألها باستفهام " ماذا؟ "
أكملت بدمعة يتيمة " أن تكونَ أنتَ عوضاً عن طيفَ والدتي! "
***********
هبطت إلى الطابق الأرضي حيث تلمع أمامها أدوات الطعام وتبرق كؤوس زجاجية تحملها الخادمة نحو الحديقة الخارجية، أخذت نفساً عميقاً ثم تمنت في قرارة نفسها أن تمضي هذه الليلة على خير، وما انتهت من آمالها حتى اعتلى هاتفها بالرنين مجدداً، عقدت حاجبيها إنه ذات الرقم!
ما هذا الأصرار!!
تأففت بضجر ثم ما لبثت أن وضعت الهاتف على أذنها حتى خرج كمال من الصالة متجهم الوجه،
توسعت عينيها بالتزامن من تلكَ الهنادي التي نطقت اسمها عبر الهاتف والتفات كمال لها مع ابتسامة باهتة...
أغلقت هاتفها بعد حين ثم توجهت اليه بغضب تضرب الأرض بأقدامها " ما الحيلة التي ترسمانها مجدداً؟ "
نظر اليها متعجباً وقبل أن يتساءل، ضربته على كتفه بقوة وسارت أمامه بعد أن لفظت اسم هنادي له.
دقت طبولُ الخوف فيه، فتبعها تتسارع خطواته ليسبقها، وامارات وجه هنادي التي قابلتهما تنذر بالشر..
صفقت بقهر " يا لهذا الجمال! الذي سوف يفسد بعدَ قليل.."
تقدمت ريم تبعدها ثلاث خطوات حتى تساوى معها كمال في المسافة،
" ماذا تفعلين هنا ؟" تساءلت ريم
رفعت هنادي حاجبيها بتحدٍ مع نظرة بذات المعنى ألقتها على كمال الذي يشير بحاجبيه (بكلا..)
حتى ابتسمت تستشعر نشوة النصر " أردت أن أنتقم لحبي.."
عقدت ريم حاجبيها " ما الذي تريدين؟ "
مطت هنادي شفتيها بملل وقالت " يبدو أن استيعابها بطيء، الآن إن كنتُ سوف أسردُ لها الحكاية كم يوماً تستغرق لتدخل دماغها"
توسعت عينا ريم بذهول، ثم تقدم كمال " المسألة بيننا هنادي، لا داعي لإثارة الضجة.."
أشارت هنادي بسبابتها نفياً " لا لا لا، عاجلاً ام آجلاً سوف تعلم.."
اعتلى صوتُ ريم قليلاً بغضب " ما الذي سوفَ اعلمه غير دناءتك وإياه في ابعادي عن رائد؟ "
التفت كمال بقهر بعد أن لفظت ريم عبارتها بقسوة، نظر إليها متمرغاً بوحلِ الحزن على قلبه.
" لا تنظر هكذا، انت مذنب." تفوهت ريم بحدة وبنظرة جحدته.
وضعت هنادي يدها على كتف كمال وربتت " انظر، حتى وإن قلت لها لن يتغير أي شيء."
أبعد كمال يد هنادي بقسوة آلمتها وهمس لها بغضب " سوف تندمينَ أشدَ الندم.."
زفرت حينها ريم بحرارة ونظرت في عينِ كمال قبل أن تستدير مولية لهما ظهرها وقالت بلا مبالاة " العبا لعبة الأطفال بعيداً عن هنا."
صرخت هنادي بصوتٍ عالٍ " ولكن ما سوف تسمعيه يهمكِ بالأكثر.."
ثم أطبقت بالصمت حينما اشتدت يد كمال على يديها، لتشعر انها تجفُ عروقها من هول القبضة، تأوهت بألم وهو يسحبها إلى الخارج..
" اتركني."
يشد على يدها التي بينَ كفيه بلا رحمة، حتى أفلتها وكادت ان تقع وحذرها " إياكِ يا هنادي.."
وقفت بشموخ " أنتَ حتى لا تعلم ماذا سوفَ أخبرها؟ "
وابتسمت بمكر.
زفر متمسكاً بأخر رمقٍ من هدوءه " أياً كان ما ستفعلينه.."
همهمت بتهكم " لا يمكنك اخافتي.."
تقدم منها بثقة وقال بمكر أكبر مما توقعت " اذا افعلي ما تودين فعله، تكونين أنتِ في السجن بتهمة الاحتيال كونكِ دخلت العمل باسم غير اسمك وأنا في قفص حبي مع ريم حينها."
توسعت عينيها واستشاطت غضباً، شدت على قبضتيها أمام ابتسامته المتشفية بضعفها أمامه.
وهمست بقهر قبل أن تغادر المكان " لستَ بأمكر مني يا كمال، أنا لا أقع بسهولة كما تظن.."
ابتسم كمال ابتسامة النصر، يضعُ يديه في جيبي بنطاله، وعينيه تلمعانِ بمكر وتتابع خطواتها الغاضبة.
****************
لم ينتهي حديث العمل الممل بالنسبة للنساء ما بين فاروق وابنه وسام و الجد ووالد ريم ويشاركهم كمال الذي ما زال موجوداً معهم.
مطت ريم شفتيها بملل حتى سألتها زوجة فاروق السيدة سمية بابتسامة عذبة " وكيف تمر الفترة ما قبل الخطوبة؟ "
رمشت ريم بعدم استيعاب ثم توسعت عينيها حالما أدركت ما ترمي اليه حتى أجابت والدتها " بخير نننتظر فقط عقد القران.."
التفتت الى والدتها ووجهها يغلي بلون أحمر، حتى قفزت والدتها بسعادة " أخيراً قد شارفتمانا يا سيدان.."
ونهضت حتى تأبطت يد مجد قاصدة لفت انتباه شهد ابنة فاروق، هز رامي رأسه بقلة حيلة وابتعد نحو الجد والبقية حيث لا يفصل بينهم وبين جلوس النساء سوا منضدة طويلة عليها بعض التحف.
فيما اعتلت حمرة خفيفة في وجه شهد عندما تقدمت سعاد بابنها " بالتأكيد تعرف السيدة سمية.."
أومأ مجد رأسها بمجاراة لوالدته فيما أكملت " وهذه ابنتها شهد.."
أومأت شهد رأسها كناية عن التحية فيما تحدث مجد ببرود وهو ينزع ذراع والدته " سررت بمعرفتك.."
حاولت سعاد أن تتمالك أعصابها خصوصا حينما لمحت ريم تضحك بخلسة للموقف الذي حصل، حتى جلست واذ بالجدة تدلف ناحيتهم ومن خلفها ماجد.
حتى قال فاروق بصوتٍ جوهري متفاجئ وسعيد " لا أصدق عيناي، ماجد هنا.."
ثم نهض بسرعة يسابق خطاه ولكنه امسك بيد الجدة زينب بكل احترام " سررت برؤيتك في أحسن حال.."
ابتسمت له الجدة " أهلا بفاروق.. كيف الحال.."
ربت على كفها بكل محبة " بخير، وأني أراكِ وأرى صديق الطفولة.."
ثم تقدم واحتضن ماجد بكل شوق " لقد كبرت يا ماجد.."
ابتعد عند قليلاً ووضع كفيه على كتفي ماجد " لقد انهكك الزمان.."
قهقه ماجد بخفة " والزمان قد جار عليك يا فاروق.."
جلست الجدة بعد ان رحبت بسمية وشهد، بجانب ريم التي همست للجدة بحنق " النسخة الثانية من كمال امامك مباشرة.."
احتوت الجدة ريم بعيونها ثم ابتسمت حتى قالت سمية " فعلاً قد تغيرت يا ماجد.."
تقدم ماجد ناحيتها إلى أن وقفت وصافحته بحرارة " وأنتِ كما أنتِ.."
ضحكت سمية " ما زال فاروق هنا لا تنسى.."
قهقه ماجد بخفة " قد سعدت برؤيتكم.."
انضم ماجد بعد ذلك للرجال، وتحدثت سمية لشهد والبقية " هذا هو ماجد الذي يتحدث والدك عنه باستمرار.."
" صداقة العمر يا سمية لا تنسي.." قالت الجدة بتأكيد
أومأت سعاد وهي تنظر لسمية بكل حب " صداقة العمر جلبت لي صديقة.."
بادلتها سمية الابتسامة.
حتى بعد حين تساءلت سمية باستغراب " لم نسمع بقدوم ماجد.. منذ متى وهو هنا.."
نطقت الجدة قبل أن تتفوه سعاد بالاجابة " ليس من وقت طويل.."
تحدثت سعاد بحماسٍ طفولي لأول مرة " عاد ومعه ابنة كاريس يا سمية.."
عقدت سمية حاجبها فيما استقامت ريم أكثر في جلستها ونظرت الى امها كيف أبدت ردة فعل غريبة.. حتى قالت سعاد بتدارك " أجل..أنتِ لا تعلمين ما حصل.."
أومأت سمية بهدوء غير مبالية لسعاد، ثم قالت براحة " من الجيد أنه عاد يا زينب.. رغم السنين العجاف التي مرت.. هو بخير وعاد إلى كنفك وإلى قمر.."
حافظت الجدة على هدوءها وابتسمت مرغمة " المهم أنه عاد.."
ثم التفتت ريم باستياء من والدتها وهمست للجدة " هل كاريس زوجة عمي؟ "
أومأت الجدة بهدوء، رفعت ريم حاجبها بتعجب ثم صمتت تذعن السمع لحديث الجدة وسمية عن أحوال وأخبار العائلتين.. وفي حين ذاك كانت والدتها قد نهضت من المكان خارج الصالة سرعان ما تبعت خطواتها حتى أمسكت بمرفقها قبل أن تخرج نحو الحديقة لترى ترتيبات العشاء.
التفتت والدتها بانزعاج ظاهر " ماذا هنالكَ يا ريم؟ "
" ما صلة الوصل بينكِ وبين الخالة سمية وووالدة ملاك؟ "
ظهرت علامات النفي على وجه والدتها حتى قالت بعد صمت " لا علاقة بيني وبينها.."
عقدت ريم ساعديها بشك حتى تأففت والدتها بضجر " هي وسمية صديقتان لا غير.."
همت ريم بقول شيء ما لولا أن والدتها تجاهلتها وشرعت خطواتها بالمسير خارجاً نحو الحديقة، حتى التفتت بذعر على كمال الذي نقر كتفها من الخلف فالتفتت اليه وقالت بتعب واضح " لا وقت لي لمناقشتك يا كمال أرجوك ابتعد.."
رفع يديه كناية عن الاستسلام وقال عقب ذلك " فقط أردت أن أسألك عن قمر.."
تأففت ريم بانزعاج " إن نزلت للعشاء قد تراها وتسألها عن حالها.."
ثم تركته ومضت نحو الداخل...
****
عند رائد،..
ينقر مكتبه الخشبي بتفكير عميق بعد أن أغلق التسجيل الصوتي الذي سمعه ثم التفت الى جيداء التي سألته بسخرية " هل وجدت دليلاً جديداً "
نهض من مكتبه حتى استقر على سريره وأخذ كوب الشاي من جيداء " لا وقت لمزاحك.."
" ولكنك للمرة السادسة تسمعه يا رائد.."
أمال شفتيه بتهكم وشرب رشفة من الشاي حتى تساءل " هل تعتقدين أن ياسمين تخدعنا؟ "
أمالت جيداء رأسها ولوت شفتيها بتفكير حتى قالت أخيراً " لقد تأذت منه يا رائد كثيراً.."
صمتت قليلاً أمام نظرات رائد المترقبة " هي الآن معنا بالتأكيد أو دعنا نتوقع عكس ذلك لنكون بالجانب السليم.."
أومأ رأسه بهدوء حتى قال معقباً " الأمر يمس طرفاً من لؤي، بالنهاية هو شقيقها كيف لا تأبه به.."
زفرت جيداء بحرارة " لطالما اعترضت ياسمين على خضوعه لعمك.."
رفع رائد حاجبيه " عمي!! "
رددت جيداء باستنكار مشبع بالتهكم " والدي البيلوجي " مرتين.

ثم قالت بجدية " هل تتذكر عندما أخبرتنا عن ذلك المدعو معاذ؟ "
أومأ رائد رأسه فاردفت جيداء " أنه طرف الخيط يا رائد.." وأشارت للتسجيل الصوتي الذي كان يسمعه قبل قليل على حاسوبه
" لولا ياسمين لما وصلنا لمعاذ، ولولا وجودها لما استطعنا أن نسمع مراد يهدده بطريقة ما ان يصمت.."
ولما رأت حيرته أكملت " انظر حتى وإن كانت هذه تأكيدات أن ياسمين في طرفنا، ولكن لا بد من الشك.."
زفر رائد بحرارة حتى قالت جيداء بحرارة " وحتى هذا التسجيل الصوتي لمعاذ ومراد غير كافي، لا تنسى أن الوثيقة الرسمية لأملاكك ما زالت بحوزتك.."
ثبت رائد بصره على كأس الشاي حتى قالت جيداء بعد صمت " الأملاك، الأسهم جميعها كانت باسمك حتى تبلغ العمر المناسب لاستلامها.. وإن كانت كما تقول ياسمين أن الوثيقة التي وجدتها تعود ان الأملاك باسم والدتك فكل هذا خداع.."
خرج صوتٌ على إثر ذلك من العدم " ليس خداعاً.."
التفتت جيداء مع رائد بغرابة تكسو وجهيهما بما قالته والدته حتى اعتلت الصدمة وجه رائد فيما شهقت جيداء بتفاجؤ عندما أردفت والدة رائد " جميع الأملاك كانت باسمي وقد تنازلت عنها..."
*****
وبالعودة إلى القصر الصغير حول مائدة العشاء..

عشر دقائق فقط منذ انضمامها اليهم لتناول الطعام
تقابلها تلكَ الشهد التي تبتسم بحياء ووالدتها من جانبها التي ترشقها بنظراتٍ يبدو عليها الحزن، زفرت بضجر حتى اقترب منها مجد هامساً
" أصبحتِ تنافسين اسمكِ الليلة.."
التفتت اليه بغرابة ثم رفع رأسه ناحية القمر وأعاد بصره اليها بعيون ملتمعة، ابعدت وجهها عنه تداري خجلها وأكملت تناول طعامها بهدوء.
حتى رفعت بصرها بغرابة عندما وجَّه وسام ابن فاروق الكبير حديثه بشكل عام وترتمي نظراته الى قمر بين فنية وأخرى خلال العشاء " لم أكن أعلم أن الفن يتجذر بجيناتكم.."
همست ريم لرامي الذي بجانبها " ما كان ينقصنا سوا هذا ايضاً.."
في حين أكملت عنه والدته (سمية) حينما رأت الغرابة تعلو وجه الأغلبية " إنه يقصد ابنتك يا ماجد.." ختمت عباراتها وهي تنظر إلى قمر بشكل مباشر
أبعد ماجد الملعقة عن طريق فمه حتى تساءل باستغراب " ملاك.. ولكنكم لم تروها.."
صمتت سمية قليلاً في حين أن قمر قد غصت بملعقة الأرز في حلقها، نظر اليها مجد قليلاً ثم عانق نظراته المعاتبة بالجدة..
وحين هذا تحدث رامي بمرارة " انها تقصد قمر.."
عم الصمت قليلاً حتى قال الجد متداركاً بنبرة مزوحة " لجدها الفنان.."
ورفع جسده بطريقة شامخة حتى ضحك فاروق " عندك الفن بتحصيل الأموال.."
نظر اليه الجد بعتاب قليل حتى أردف فاروق " وحفيدك مجد كذلك.."
رفع مجد نظره ناحيته ولم يبدِ أي ردة فعل، حتى قال فاروق بنبرة هادئة " أنت تعمل كثيراً يا مجد، لا نراك إلا بالمناسبات.."
لوى مجد شفتيه في حين قالت ريم بطبيعتها العفوية " ما كان ينقصنا يا عم فاروق سوا الحديث عن العمل.."
تدخل والد ريم بالحديث " جيناتها طفرة.. لهذا.."
ضحك الجميع عدا مجد وقمر وريم التي نظرت لتلاعب رامي بحاجبيه.. وكمال قد اكتفى بالنظر بها باعجاب شديد لا يخفى على أحد.
قالت سعاد بعد ذلك " باختلاف مجد كما كنت تقول يا فاروق إنه محب للعمل.. انه مستعد بأن يقضي ليله ونهاره أن يعمل.. ليكن صبوراً من يقطن معه.."
ختمت جملتها الأخيرة وغمزت الشهد ووالدتها حتى ابتسمتا..
أردف مجد بغرور مصطنع " اعمالي الخاصة تأخذني لأميال بعيدة.." التفت برأسه نحو قمر الشاردة ثم أكمل وهو يوجه بصره ناحية فاروق " ولولا اصرار والدتي لما كنا هنا.." حك جبته ثم قال متعمداً " أعني أنا وقمر.."
رفعت قمر بصرها نحوه حتى التفت اليها وابتسم بحب وبادلته ابتسامة مرتبكة.
احتقنت معالم والدته في حين همس رامي على انصات ريم " الضربة القاضية.."
قالت ريم على ذات النبرة " بل انظر الى تلك الشهد وامها.."
انضم اليهم كمال بعد ان كان فقط مستمعاً " ما الأمر؟ "
امتعضت ريم في وجهه في حين انتهز رامي الفرصة وقال متقصداً " كما حالك مع أمي ومبتغاكم.. تريدها لمجد.."
ثم التفت عنه بلا ان يرى ردة فعله.
حتى عاد الجميع ليأكل بصمت، إلى أن انتهى..


ولم يمضي سوا خمسة عشر دقيقة بعد انتهاء طعام العشاء ومباشرتهم باحتساء القهوة المرة، تنحى الجد والجدة عن الجلسة واستقرا داخل المنزل الجدة في حجرتها واستأذن والد ريم بعدهم بقليل إلى مكتب العمل ليختفي هو والجد.
اقتصر الحديث بينهم على مغامرات ماجد وفاروق..
تستمع قمر وريم للحكايات بلا أدنى اهتمام حتى اقتربت ريم من قمر وهمس " لا مناص للهرب؟ "
نظرت اليها قمر بملل " لقد تعبت حقاً.."
زفرت ريم حتى قالت " بقي القليل.. تحملي.."
وما أن أنهبت عباراتها حتى انتهى فاروق من آخر ذكرى جمعته بماجد قبل سفره إلى باريس " لا هرب بعد الآن يا ماجد، هنالك ذكريات الشيخوخة.."
اومأ ماجد رأسه مع ضحكة قصيرة، حتى تدخلت سعاد " كفاكم ذكريات، ليكون الدور على أبناءنا الآن.."
زم ماجد شفتيه وهو ينظر نحو قمر، ثم اعاد بصره نحو زوجة فاروق التي قالت " ولكن يجب أن يكملا من حيث توقفا.."
ربت فاروق على قدم ماجد " لو أن أخباره لم تنقطع هو ورؤى لكانت هنالك ذكريات.."
رفعت قمر رأسها بحدة على ذكر اسم والدتها وصوبت نظرها نحو فاروق الذي تلفظ بالاسم، شعرت بغصة كبيرة تلاحقها بعيون تلك سمية.
حتى تداركت الأخيرة نظراتها ووجهت سؤالها الى ريم بشكل غير مباشر " لقد ذهب كمال مبكراً.."
نهض رامي حين هذا من مكانه بعد أن اعتلى صوت رنين هاتفه، فأجابت سعاد " لا بد أن لديه عمل ما.."
أومأت سمية ثم أردفت وهي توجه كلامها إلى ريم " أعتقد أن الأمر فيما بينكم يسير بشكل جيد.. خاصة أنكم أصدقاء الطفولة.."
كادت ريم أن تتفوه حتى قال فاروق بسعادة " حقاً أهنئكِ يا سعاد.. كمال شب رائع.."
نظرت قمر الى ريم التي اعتلت حمرة الغضب على وجهها وتكاد تنفجر من هول ما سمعته، حتى أنها على وشك أن تخرج كلامها إلى أن قاطعها مجد باقتضاب " ولكن يا عم فاروق لم يكتمل أي شيء.."
نظر إليه بغرابة فيما ظهرت علامات التعجب على سمية، وقال فاروق وهو ينظر إلى زوجته " لقد سمعت بمثل هذه الأخبار.."
فيما كادت سعاد أن تنفجر هي الاخرى أكمل مجد بعد أن اعتدل في جلسته " أجل حصل شيء كهذا.."
ونظر إلى والدته ثم أكمل " ولكن ريم رفضت.."
ثم نظر الى فاروق وأكمل " انت تعلم جيداً يا عم فاروق أن الآباء يجدون من يليق بأبنائهم.. ولكن يبقى الزواج رغبة الأبناء نفسهم "
قاطعته سعاد بحنق " بحكم الصداقة التي بينهم رفضت..ولكن التفكير ما زال قائماً.."
كادت ريم أن تقفز إلا أن خرج صوت فاروق معقباً بعد ذلك " ليكن خيراً لها.."
وعاد الحديث بين الرجال فيما بينهم..

أومأت سعاد ورسمت على وجهها ابتسامة مصطنعة سرعان ما قالت " اذاً يا شهد أين وصلتِ في التعليم الجامعي.."
ابتسمت ريم بسخرية وهمست " تنتهي مني وتبدأ بمجد.."
لاحظت شهد نظرات السخرية من ريم، خاصة أنها منذ وطئت أقدامها المنزل لم تتحدث إلى أي من قمر وريم الجالسات مقابلها والصمت حليفهم..
عادت بوجهها نحو سعاد " سنتي قبل الأخيرة.."
ابتسمت سعاد وتساءلت متعمدة " ماذا قلتِ أنك تدرسين؟ "
ابتسمت شهد بارتباك خاصة أنها لاحظت نظرات قمر وريم عليها ثم تفوهت " تصميم الأزياء.."
ظهرت ملامح الاعجاب على وجه سعاد ثم قالت " هذا جيد، وأن تكوني ماهرة يفيدك ويفيدنا بالقريب العاجل.."
تنهدت ريم ثم قالت وهي التي فهمت عبارة والدتها " القريب العاجل يعني عام كامل يا أمي.. ومن هنا إلى عام لا تعلمين ماذا يحصل.. كل شيء يتغير"
صمتت شهد بمرارة ونظرت لوالدتها التي أومأت لها بهدوء خصوصاً أنها ترى إمارات الغضب في وجه سعاد، ثم قالت متسائلة نحو قمر " لم نسمع صوتكِ اليوم! "
نقرت ريم قمر التي نظرت الى سمية واكتفت بابتسامة شاحبة حتى بادلتها سمية بابتسامة عذبة " لقد سمعنا أنكِ ترسمين؟ حدثينا قليلاً.."
أومأت قمر برأسها في حين انتهزت سعاد الفرصة وقالت " هواية فقط لا أكثر.."
أكملت ريم بحنق " ولكنها موهوبة، لا أحد ينكر ذلك.."
نطقت شهد " لقد أخبرنا وسام بذلك، كان قد شاهد لوحاتها في معهد الرسم عندما زار كمال.."
كان الحديث يصل إلى مسمع الرجال حتى نطق فاروق " عذرا على التدخل فيما بينكم.. ولكن الحق يقال أنها فعلاً موهوبة.."
أيده ابنه وسام وهو ينظر إلى قمر فيما رفع مجد حاجبه بانزعاج أما قمر فقد شكرته بأدب، ثم أكمل فاروق حديثه بسؤال " هل تعلمتِ الرسم في باريس؟ "
ترقبت شهد اجابتها بفضول فيما كانت قمر تبتلع غصتها حتى نطقت سعاد بأسف حاولت اظهاره على وجهها " بل في المأوى هنا.."
نظرت قمر بحدة إلى زوجة عمها فيما أخذ مجد نفساً عميقاً وكانت ريم تنظر إلى دهشة فاروق وابنه وسام وابنته شهد أما زوجته سمية فقد كانت نظراتها مستكينة تماماً وكأنها تعلم كل ما حصل لقمر!
فكيف لا يعلم فاروق بذلك؟؟؟

كادت قمر أن تقف مستئذنة لولا يد ريم التي أرغمتها الجلوس وهمست لها " لن تنهضي من هنا وارفعي رأسك.. لست أنتِ من عليه الخجل.."
كادت قمر أن تعترض إلا بنظرات ريم المصممة وهمست لها " بعض القوة يا قمر.. وامسكي يدي فقط.."
ثم اذ بصوت والدتها التي تفوهت بمكر غير ظاهر" اذا يا وسام ؟ "
نظر اليها وسام باهتمام حتى استرسلت سعاد " متى سوف يحين وقت زواجك.. تكبر ابني مجد بعامين.."
همست ريم لقمر " قد تأخر رامي، مع من يتحدث كل هذا الوقت يا ترى؟ "
حركت قمر كتفيها بلا تدري، وفي ذات الوقت أمال وسام شفتيه بسخرية فيما قالت والدته بقلة حيلة " سوف يصبح بعمر والده ولن أرى فرحته.."
ضحك فاروق وشاركه ماجد بذلك فيما تحدث وسام " امي تبالغ كما العادة.. فقط 5 سنوات وسوف ترى فرحتي"
هزت سمية رأسها بحيرة وقلة حيلة فيما قالت سعاد " ولكن هذا كثير.. يجب أن تكون قد تزوجت قبل عامين وأكثر"
نطق فاروق " على هذا المقياس يكاد مجد انهى مرحلة الخطوبة ولكن.."
ابتسمت سعاد وقاطعته قبل أن يكمل " وهو في بداية هذه المرحلة حتى وإن تأخر قليلاً فليس مثل ابنك.."
كل هذا ومجد صامت بلا أي ردة فعل وقمر مثله أيضاً وشدت على قبضتها بعد أن افلتت يد ريم.
فيما نظرت ريم ناحية شهد التي اعتلى وجهها حمرة خفيفة، وقالت بسخرية ولكن بصوت مسموع " تصدق نفسها كثيراً.."
رفعت قمر وجهها نحو شهد التي اختفت معالم الخجل عن محياها وتحولت للوجوم قليلاً.
فيما قال له وسام " قد سبقتني اذاً.. أهنئك"
ابتسم له مجد ببرود فيما تحدث فاروق بابتسامة وقال " وإن كان في منزلكم فهنيئاً لنا.."
" سيكون هنيئاً لمجد بالتأكيد.." تحدثت سعاد وهي تنظر نحو شهد وسمية
بينما شدت قمر على قبضتها أكثر وأخذت نفساً عميقاً على مسامع ريم التي اندفعت بعفوية مصطنعة " بالتأكيد هنيئاً له خاصة أنه طلب من جدتي خطبتها.. وقد فعلت "
تصنمت سمية بما تفوهت به ريم خاصة أن الجدة لم تفتح معها أمر الخطبة وإنما سعاد هي التي أقبلت عليها في الاسبوع الماضي وأخبرتها عن عزمها لخطبة شهد لابنها مجد.
ثم أضافت ريم " وعوضاً عن والدتي ننتظركم في حفل الخطوبة بالتأكيد.."
ابتسم مجد لتصرف شقيقته بعكس والدته التي ظهر الامتعاض على وجهها وعيونها تلتهب بوعيد لريم التي هزت كتفيها بلا اهتمام ثم نقرت على كتف قمر وهمست لها " لقد انتصرت لك.."
وضحكت بخفة وصلت لمسامع شهد ووالدتها التي أشارت لفاروق الذي ينظر بصمت نحوهم للمغادرة.
ابتسم فاروق على مضض ثم نهض بعد ذاك " نستأذن منكم جميعاً.."
اعترضت سعاد بخيبة وإمارات وجهها تنذر بالاعتذار لكل ما يحصل " ولكن الوقت ما زال مبكراً.."
وقف وسام بجانبه ثم تبعه بالوقوف والدته بوجوم وشهد التي بهت وجهها..
ابتسمت لها سمية وقالت بقصد " هنيئاً لكم بعروسكم.. ننتظر دعوتكم بالتأكيد.."
صمتت سعاد ثم تحدث مجد بعد أن صافح فاروق " بالتأكيد أنتم جزء من العائلة.."
هز فاروق رأسه وتجاوزه ليصافح ماجد بكل حب، حتى قال ماجد وكأنه مدرك لكل ما حصل " لا تزعج نفسك، سعاد لا تتغير أبداً تفعل الأمور لوحدها.."
هز فاروق رأسه وربت على كفه " كنت أعلم أن الأمر لن يسير وفقاً لسعاد حينما تفوه مجد ببداية الجلسة أن رغبات الاباء متضادة مع رغبات اولادهم.."
ابتسم ماجد حتى قال فاروق " انتظر تفسيرك.." وهو يشير بوجهه نحو قمر.
زفر ماجد بحزن " في يوم ما بالتأكيد.."
ثم أشار اليه بالتقدم لتوديعهم، فيما سعاد قاطعته " أنا من سأودعهم.."
هز ماجد رأسه بلا حيلة وانسحب لداخل القصر بعد أن ودع فاروق لمرة اخرى.
زفرت ريم براحة ثم قالت قبل أن تنهض " يكفي إلى هذا الحد.. أعتقد أن المقصود قد وصل لهم.."
نهضت قمر بوهن فقد وصل تحملها لأقصاه وتابعت خطاها بلا ردة فعل تذكر، نظرت اليها ريم ثم سمعت زفير مجد الذي همس " ولكن خافي من أمي.."
" لقد تعبنا يا مجد من تصرفاتها.."
لوى مجد شفتيه بلا مبالاة ثم نظر إليها بتأنيب " وهل يجب على قمر أن تتحمل هذا التعب.."
قالت بعدم تصديق " وكأنني من طلبت منها أن تنزل.."
أبعد نظره عنها ثم قال " ولكنني قلت لها أن تنسحب في أي وقت تشعر به بعدم الراحة.. لا تظني أنني لم أرى عزمها على الدخول وأنتِ من منعتها"

نهضت ريم من مكانها بعد أن ألقت نظرة أخيرة على مجد الذي بدأ بالتدخين بصمت واختفت هي الاخرى داخل المنزل.
حتى نهض مجد بعدها بثوان قليلة بعد ان سحق سيجارته، ودلف للمنزل..ألقى نظرة مطولة على ماجد الذي لم ينبس ببنت شفة حتى اختفى عن أنظاره ثم تابع خطواته نحو الطوابق العلوية إلى أن استوقفه صوت والدته من أسفل الدرج بعد أن وصل لمنتصفه
" مجد..."
التفتت بجمود ، فيما نظرت اليه بعدم رضا " لا يكفي أنك لم تبدل ملابسك.. واذ بك تخجلني أمام عائلة فاروق بأنك لا تريد ابنتهم.. وريم لي حساب معها هي الأخرى"
استدار مجد بلا مبالاة " اولاً انهم ضيوفك وليسوا ضيوفي.. لن يهمهم حتى مظهري وأنا نائم.."
توسعت عيناها واعتلى صوتها غاضبة تتبعه " عائلة فاروق تهمني مثلما تهمك انت.. وانا صمت لأفعالكم هذه الليلة احتراماً لهم"
أكمل بعدم اهتمام لما قالته " ثانياً والأهم من كل ذلك أجل أنا لا أريد ابنتهم تلك، ويجب ان يعلموا قبل أن تتأمل الفتاة.."
زفرت بحرارة تتبع خطواته وهي تتذمر " لماذا كل هذا العناد، أريد أن أفهم فقط! "
تنهد مجد مستقلاً أولى عتبات الدرج التي تذهب الى الطابق الذي تقبع بها غرفته حتى استوقفته كلمات والدته العالية " أريد لكَ الأفضل من كافة النواحي.. لماذا ترد محاولاتي بالرفض؟"
التفت بعد ان وصل إلى الحد الأقصى للتحمل " ببساطة لا أريد.."
صرخت في وجهه بلا رأفة " وماذا تريد اذن تلك التي رفضتك ( وأشارت نحو غرفة قمر) "
كظم غضبه وهمس من بين أسنانه " أمي.."
" لا توقفني عن الكلام، أرى ما يليق بك وانتهى.."
وعلى اثر هذا الشجار خرجت كلاً من ريم وقمر من الغرفة وانتصفتا بوقفتهما في المسافة ما بين باب الغرفة والردهة التي يقف فيهما مجد ووالدته، وبينما تتجه الجدة ناحيتهما بعد أن خرجت من غرفتها..
" حتى وإن لم تطعني لا أحد غير ابنة فاروق، لا تلكَ التي لا تليق بمستواي ولا تليق بمجد ابني.."
توسعت عينا الجميع فيما ضرب مجد الحائط الذي بجانبه وصرخ بفجاعة " يكفي، يكفي.. كفاكِ الصراع حول حياتنا التي لم تأبهي بالاً بها ونحن أطفال.."
وصلت الجدة بفزع عندما انهى مجد جملته الغاضبة وحاولت التقدم لتفض هذا الشجار لولا مجد الذي اكمل " ماذا تريدين؟ قولي هيا.. ابنة فاروق أم تريدينَ.."
قاطعته والدته عندما كانت ريم تتقدم نحوهما تاركة قمر تنظر وتسمع لكل ما يحدث بشحوب
" أريد لكَ الأفضل، فهل أكون مخطئة؟ "
تهمس الجدة بضعف وقلق وتردد بينَ الحينِ والآخر " يكفي " فيما شهقت ريم عندما رأت يد مجد بعروق تجمد بها الدم، وانتقلت عينيها نحو جدتها التي بدى عليها الوهن، وفي هذا الوقت فاضت تعابير مجد الغاضبة " تريدين الأفضل لنفسك فقط.. لا يهمك سوى نفسك ومكانتكِ تريدين ابنة فاروق لتحظي باهتمام أكبر من المجتمع"
شدت والدته على يدها اليمنى وتحدثت بقسوة " لا انتَ ولا ريم سوفَ تكونا بمكان غير لائق لا أنت مع تلكَ التي بلا أم وأب.. ولا ريم مع ذلكَ الفقير.."
شهقت قمر وتوارت نحو غرفتها تبكي كلَ شيء سمعته، وتقدمت ريم بصعقة لامستها تكادُ عينيها تتحول إلى غيومٍ تبكي من هول ما قالته والدتها فيما مجد ضرب الحائط مرة أخرى وتوجه نحو قمر.

أما في الطابق السفلي، كان الجد مع والد مجد قد خرجا من مكتب العمل بعد سماعم للأصوات العالية، يتبعهما رامي الذي اجرى اتصالا هاتفياً طويلاً في الخارج ولم يكن باستطاعته ان ينهي المكالمة رغم ما وصله من أصوات اعالية من الداخل خصوصاً وهو يلمح عائلة فاروق قد غادروا.
نظر رامي إلى سوزان باستفهام فيما كانت ملامحها متجهمة حزينة، وكذلك ماجد.. بينما تعدى الجد ولم ينظر في وجهيهما وكذلكَ والد مجد وساراً نحو الطابق العلوي حيثُ الجدة التي جلست على الأريكة وريم بمساعدة الخادمة تقيس لها ضغطها، تقدم الجد بقلق " ما الذي حدث.؟ "
وجلس بجانب زوجته العجوز يمسح على شعرها.
نظرت ريم إلى والدها ومن خلفه رامي، بملامح كما الصخر وهمست " والدتي.."
زفر والدها وتحدث " ما الذي حصل بالتحديد؟ "
هزت ريم راسها بتعب " ليس الآن فجدتي متعبة للغاية.."
ثم استدارت من خلفها رامي قد تقدم حتى وضع ساعده على كتفيها " هل الامر بهذا السوء.."
تحدث ريم باختناق " بل أسوء مما تتصور.."
حتى توسعت عيناهما على باب القمر، يستند اليه مجد متعباً على الأرضية.

وفي الأسفل، حيث الندم والحسرة نظر ماجد الى سوزان الذي أرهقها الموقف وسألها بدموعٍ تجمعت في صوته " هل هذا ما أحدثناه لكم؟ "
ولأول مرة تجرأت سوزان ووضعت يدها تربت على كتفه " لا تضع اللومَ عليك فأنت.."
شد على قبضتيه وهمس بعد ان تجمعت الدموع في عينيه " ولكن كان يجب أن أبحث أكثر لا ان أستسلم ربما لما وصلنا إلى هذا الموقف.."
" لا يمكنك ان تفعل شيء بكلمة (ربما) سيد ماجد.."
تحدث بإصرار " سوف أفعل ما يجب حتى تسامحني كي لا يتجرأ أحدهم وينعتها باليتيمة.."
تحاول سوزان مواساته ولكن من سوف يواسي قمر الغارقة في دموعها؟
سارت من خلفه وهمست " ربما ليس وقت الحديث ولكن ملاك يجب ان نخبرها بشأن المشفى؟ "
أومأ ماجد رأسه وتحدث بألم " بعد الغد أول جرعة.."
ازدردت سوزان لعابها " سوفَ اكون بجانبها، وأنتَ أيضاً.."
" بالتأكيد لن أفارقها لحظة واحدة.."
وتقدما أكثر من الغرفة حتى ظهرت أمامها ملاك من بين الألعاب الغارقة بها، حتى سارا أكثر ناحيتها عازماً ماجد في قرارة نفسه أن يخبرها غداً عن قمر لعل هذه الخطوة تكون سبيلاً في شعلة ضوء صغيرة في قلب قمر تشعل بعدها حياة بأكملها.
********
أنقضى الليل حالكاً، حزيناً.. مليئاً بشوكٍ ينخز الحلق فينزفُ اختناقاً، ولم يكن لريم سوى أن تنهض بعد نومٍ قليل في ساعات الفجر الأولى، ينقبضُ قلبها وتستلم للأفكار السلبية، وقمر ملازمة تفكيرها ليس هي فقط بل مجد الذي حين تفقدت الممر وجدته كما هو ضعيفاً مهزوماً أمام باب قمر..
تقوست على نفسها واحتضنت جسدها علها تخفف وطئة الحزن وهي تجلس في الشرفة، تطالع السماء..
حتى نهضت من غفوة الشرود إلى هاتفها التقطته وضغطت أرقاماً حتى وصلها رنين مستمر ثم جاءها صوته قلقاً
" ريم ما بالك تتصلينَ في هذا الوقت؟ هل هنالك شيء ما؟ "
اختنقت بدموعها وجرت على خدها كما ينساب الماء من اعلى الجبل إلى الوادي،
" ريم هل أنتِ بخير؟ "
شهقت بقوة وهمست " لا تنصاع لأي شيء وتفترق عني، أرجوك.."
ثم صمتت حتى اعتلى صوته قلقاً " أنا دائماً معكِ.. إن رحلتِ من سيبقى لي.. أنا هنا يا حبيبتي"
شهقت مرة أخرى، شهقة انتفض لها رائد ونهض من سريره متعجلاً متحاملاً على ارهاقه من الليلة الماضية،،
يتحدث بسرعة " سوف أكون عندك بعد قليل، سوف أحاول رغم لا وجود لسيارة أجرة.."
انهمرت الدموع من مقلتيها دفعة واحدة وانزلقت للأسفل تتكور على نفسها ترتجفُ حزناً وترجفُ الخوف.

وفي الغرفة المجاورة وبعد قرابة الساعة والنصف، رمشت بنعاس بعد ان سمعت طرقات خفيفة أيقظتها من غفوتها التي لم تتجاوز الخمس دقائق، تجلس على الأرضية تجاور المنضدة ورأسها يستقر على السرير بكل تعب.
أرخت قبضتها على عقد والدتها وعلى تلكَ الرسالة التي لم تقوى على فتحها وقراءة ما بداخلها، ثم عادت طرقاتُ تتسلل بخفة على بابها مع همس خفيف لم تتعرف على صاحبه.
نظرت مطولاً نحو الباب، تحتاج لأحدهم الآن بعد أن أغلقت على نفسها وبكت السنين كلها، ورغم ذلك لم تخرج ما بجعبتها من حزن كما يجب، فهل الحاجة إلى أحدهم ضعف؟
وعادت الطرقات من جديد، تمالكت على نفسها وعلى وهن جسدها الملقى على الأرض خاراً قواه، نهضت على مهل وسارت بذبول ناحية الباب، فتحته بلا أن تسمع من في الخارج.. تريد أن ترتمي عليه ليأخذ كل حزنها بكل أنانية فقط الآن..!

فتحت الباب بالمفتاح، ثم انزلقت عيناها نحو الأسفل كان مجد منهكاً على الأرضية، دنت نحوه بقلق متناسية كل أوجاعها ومتجاهلة تلكَ الأنانية التي ادعتها منذ قليل،
أمسكت بوجهه وهمست بقلق وهي تمسح على شحوبه عله يزول" هل أنت بخير؟ "
تمعن وجهها ثم هز رأسه نفياً وامتدت يده هو الآخر على وجهها " لا أعلم.."
بلعت غصتها بصعوبة " هل نمت هنا؟ "
همس بتعب " لم أستطع النوم وأنتِ تبكي في الداخل.."
تجمعت الدموع في عينيها فأبعدتهما سريعاً واستقرتا بتفاجؤ على يده الأخرى فالتقطتها بجزع " ماذا فعلت؟ "
سحبها من بينِ يديها " ليس مهما.."
هزت رأسها نفياً ودموعاً حارة تسقط منها " لا أستحقُ كل ما حدث.."
تستقر كفه على دموعها التي لم تتوقف " تستحقين كل شيء، إن لم أقاتل لأجلك لأجل من سوفَ أقاتل؟"
ارتجفت شفتاها " ولكن.."
وقبل أن يتفوه مجد بشيء خرجت ريم من غرفتها وحالها ليس أفضل منهما، نظرت إليهما مطولاً ودنت لتحضن كلاهما وهمست " انهضا عن الأرضية.. "
ثم ابتعدت عنهما وهمست متحلية ببعض القوة في حديثها مع رائد خلال الوقت المستغرق في قدومه إليها.
" يكفي لليلة واحدة أن نشعر بالانهيار "
نظرت بعد صمت لم يتجاوز ثلاثون ثانية ثم مسحت دمع قمر " لقد مسحت دموعي بصعوبة في الداخل لولا رائد لظللت أبكي.."
نطق صوت من الخلفِ " هل اتصلتِ به في الصباح الباكر؟ "
نظر ثلاثتهم نحو رامي الذي اقبل عليهم ويبدو عليه النعاس هو أيضا، حتى دنا وجلسَ بجانبهم، أومأت ريم رأسها بأسى " أجل وهو الآن ينتظرني.."
تفوهت قمر " بالتأكيد هو قلق عليكِ.."
انهت جملتها واذ بيد مجد المعافاة تمتد وتمسك أناملها حتى توسعت عيناها وبردة فعل نظرت إليه وبادلها بابتسامة شاحبة.
زفرت ريم بعد ما قالته قمر، ولم تعي انتباها لتصرف مجد ثم اقتربت من رامي وهمست " رائد معي ويخفف عني هذا الحمل، ولكن هما؟ "
همس رامي لها " يكفيان بعضهما، انظري.."
التفتت ريم بنظرها ناحية مجد وقمر وشعرت بقليل بالطمأنينة، ثم نهضت من مكانها يتبعها رامي.

تزداد قمر ارتباكاً ويزداد مجد تشبثاً بيدها حتى همس " لا أستطيع أن أقول لكِ لا تلقي بالاً بما سمعته البارحة فإنه كما آلمك قد آلمني ومزقني.."
قاطعته بألم " ولكنه صحيح، ليس لي أم ولا أب، ولم أتلقى تربية عائلة.."
حتى شهقت بعد أخر كلمة تفوهت بها،
هز رأسه نفياً، يقاوم ألم يده عندما ارتفعت تكفكف الدمع عن خديها " أنا هنا، وإن لم أكفي أنا لأكون عائلتك فجدي وجدتي.. "
قاطعه صوتٌ من العدم يتقدم بكل لهفة " وأنا هنا أيضاً.."
رفع مجد بصره نحو ملاك التي تتقدم بسعادة عارمة ثم وجه بصره نحو القمر التي تجمدت ملامحها حينما هوت عليها ملاك تحتضنها بكل حب.
ومن خلفهما ظهر ماجد، بابتسامة حزينة ترافقه الجدة بعلامات يظهر عليها الرضى. ورامي وريم قد توقفا أبضاً على قرب منهما.
ابتعدت ملاك قليلاً عن قمر ثم مسحت بكفيها الصغيرين دمعاً سالَ بلا توقف " لماذا تبكين ألم تسعدي؟ "
كان مجد يراقب قمر بوجل، ثم تنتقل عيناه على تلكَ الصغيرة التي سألت " لماذا كل ما رأيتني تبكين؟ "
وأخيراً هزت قمر رأسها بمشاعر مختلطة، لا تقوى على احتضانها ولكنها تريدُ فعل ذلك، لا تريد احزانها ولكنها لا تستطيع التحرك وكأنها مصابة بالشلل.
قوست ملاك شفتيها ثم قالت ومجد يراقب ما يحدث بصمت " أعلم أنكِ حزينة لأنك لم تكوني معنا ولكننا وجدناكِ أخيراً.."
عقد مجد حاجبيه وتساءل بداخله " وجدناكِ؟ أي حكاية قصها عليها عمه ماجد ذاك.."
ثم تقدمت ملاك أكثر وقالت برجاء وحزن بدى على صوتها " لا تبكي أرجوكِ، احزني من والدنا لأنكِ ضعتِ ولم يجدكِ وليسَ مني.."
تحركت قمر ببطء ونظرت نحو مجد عله يسعفها فأومأ لها وكأنه يقرأ كل ما يجول داخلها وهمس متمسكاً بكفها وكأنه يخبرها " افعلي ما تريدين بلا خوف.."
اختلطت دموعها بابتسامة صغيرة فاقترب مجد من ملاك وهمس لها " يمكنكِ احتضناها الآن؟ "
تعجبت ملاك بملامح طفولية وبذات الهمس بقرب أذنه " ألا تستطيع الحديث؟ "
كتم مجد ضحكته وبنبرته السابقة " فقط متفاجئة.."
أومأت ملاك رأسها وابتعد مجد قليلاً عنهما وترك المجال لقمر حتى تفتح يديها بمزيج من التردد والخوف والحزن ومشاعر شتى ظاهرة عليها، وتلتقط ملاك بين احضانها.
وقف متكئاً على الحائط ينظر إليهما، تبدوان طفلتان صغيرتان، حتى رفعت ملاك رأسها وتبسط يدها تارة وتقبضها نحوه وتهمس على مسامع قمر " تعال أنتَ أيضاً.."
نظر اليها مجد بغرابة فأردفت تلكَ الصغيرة ببراءة " ألسنا عائلة الآن.."
ابتسم مجد ثم قال " إن سمحت قمر بذلك.."
ضيقت ملاك عينيها ثم همست إلى قمر " هل تسمحينَ له أيضاً.."
ارتخت يدا قمر عن ملاك، وابتعدت عنها قليلاً ثم انتقلتا بتردد واضح على شعرها ومسحت عليه برعشة ظاهرة لمجد، ازدرت قمر لعابها بصعوبة ثم همست بصوت محشرج " أنا،... حقاً... لم.." صمتت قليلاً ترتجف شفتيها رغم أنها تحاول أن لا تجرح تلكَ الصغيرة وأكملت بارتجاف الحروف من بين شفتيها " لا تحزني إن لم أعانقكِ كثيراً.. أنا فقط.."
هزت ملاك رأسها وابتسمت " لن أحزن، قد قالت لي سوزان أنكِ ربما تبكين قليلاً لأنك لم تريني من قبل.."
أومأت قمر رأسها بثقل وابتسمت بشحوب من بين دموعها، وشعرت بحزن أعمق بداخلها عندما امتدت أنامل ملاك للمرة الثانية تمسح وجنتيها بخفة.
شعر مجد أن قوى قمر قد خارت وان هذا الحد يكفي، فدنا مجدداً بجانبها بمسافة قليلة، ثم اقترب منها حالما تحدثت ملاك بطفولية بريئة " وأنتِ لا تحزني لأنني لم آتي سابقاً لم أكن أعلم أن لي شقيقة هنا، حتى والدي لم يكن يعلم.."
لم تبدي قمر أي رد فعل أخرى، رغم أن جسدها يرتجف وتصل حركاته العشوائية لمجد، وسرعان ما تقدم بالحديث قبل أن يزداد الأمر سوءاً عندما لاحظ علامات التعجب على وجه ملاك،
" عزيزتي ملاك..."
أومأت ملاك رأسها وقالت بأدب موجهة حديثها لقمر " شكراً لأنكِ لم ترفضي احتضاني.."
قاطعها مجد بحنان " صدقيني انها سعيدة ولكن قمر.."
أومأت ملاك رأسها مرة أخرى " أعلم، فقط متفاجئة هكذا قالت سوزان أن قمر عندما تتفاجئ من شيء جميل تبكي من شدة السعادة .."
ثم تقدمت ووضعت قبلة على وجه قمر وقالت لها " لا تبكي أكثر.."
واستدارت عنهما وسارت حيث يقف ماجد والجدة وسوزان التي قدمت مبكراً خصيصاً لأجل هذه اللحظة.
فيما زفرت ريم بقليلٍ من الراحة مما رأته ونظرت ناحية سوزان بعد ان نزل ماجد والجدة " شكراً لكل شيء.."

أما عند مجد، نظر إلى قمر وهمس لها وهو يمسح على شعرها بحنان " لقد كنتما جميلتان جداً.."
نظرت إليه بعدم تصديق وتفوهت ببطء " حاولت حتى.."
قاطع ارتجافها وهمس لها " أعلم، لكل شخص منا طاقة تحمل محددة وانتِ.."
" أنا قد احتضنتها.."
ما زالت تتفوه قمر حروفها بلا تصديق، مع ارتجاف أوصالها وضرباتِ قلبها السريعة.



لامارا 18-02-22 04:14 AM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شيما

مرحباً بك بيننا وشكراً لك على استكمال الرواية

و كنا ننتظرك وبارك الله فيك مع تمنياتنا بالتوفيق لك

الالالل 18-12-22 04:22 PM

متى ينزل الفصل الجاي

الالالل 18-12-22 10:17 PM

هل هذه الروايه متوقفة انا احب هذه الرواية للغاية واتمنى ان تكملوها
لقد كنت انتظر ان ينزل الفصل ال26 ولكن لم ينزل

لامارا 11-01-23 11:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الالالل (المشاركة 16134556)
هل هذه الروايه متوقفة انا احب هذه الرواية للغاية واتمنى ان تكملوها
لقد كنت انتظر ان ينزل الفصل ال26 ولكن لم ينزل

متوقفة لان المنتدى اللي كانت تدرج فيه قد أغلق

فما نستطيع نكملها

دمتي بود


الساعة الآن 08:12 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.