آخر 10 مشاركات
1025 -البطل الطليق - ريبيكا وينترز - عبير دار النحاس ** (الكاتـب : Just Faith - )           »          234 - طفل اسمه ماتيو - سارة جرانت - ع.ق ( مكتبة مدبولى ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          دموع تبتسم (38) للكاتبة: شارلوت ... كاملة ... (الكاتـب : najima - )           »          عيون الغزلان (60) ~Deers eyes ~ للكاتبة لامارا ~ *متميزة* ((كاملة)). (الكاتـب : لامارا - )           »          93- رجل من ورق - كارول مورتمر - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          شريكها المثالي (50) للكاتبة: Day Leclaire *كاملة* (الكاتـب : Andalus - )           »          حقد امرأة عاشقة *مميزه ومكتملة* (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          عزيزتى لينا (61) للكاتبةK.L. Donn الجزء4من سلسلة رسائل حبLove Letters كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2430Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-12-20, 10:43 PM   #3751

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي


فى انتظار اشراق شمس الشموس ونهايه رحله من امتع الرحلات مع كفر المزز والله ياشموسه مش عرفه الجمعه هتعدى علينا ازاى من غير ابدعاتك

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-12-20, 10:44 PM   #3752

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 فى أنتطار الجزء الثالث من قلوب مغتربة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 367 ( الأعضاء 123 والزوار 244)




‏موضى و راكان, ‏فرحه الياسمين, ‏ندم السنين, ‏Amanykassab, ‏تمانيفر, ‏Omsama, ‏ENG.RG, ‏رودى رامى, ‏bataomar, ‏شموخ القوافي, ‏yasser20, ‏shaherozozo, ‏شغف الحياة, ‏مون شدو, ‏سوسن1411, ‏Aris, ‏رانيار, ‏يوسف الحضرمي, ‏حنان الرزقي, ‏Aml Tarek, ‏فتاة طيبة, ‏Alice laith, ‏a girl, ‏احلام العمر, ‏Amool.12, ‏ايمان ابراهيم دعبس, ‏ريامي, ‏ايثو كردم, ‏Dodowael, ‏شوقا, ‏jumanaa, ‏همهمات صاخبة, ‏احمدالعلاوي, ‏gawaddark, ‏كرستين, ‏فياصل, ‏فاايا, ‏Moon roro, ‏زيزفون 2, ‏طوطه, ‏سوووما العسولة, ‏Mon abdou, ‏Shammosah, ‏toka_16, ‏ام عمر١١١, ‏princess of romance, ‏محمد امبلا, ‏سمسمة العوضي, ‏مريم المقدسيه, ‏مِسك, ‏zsa89, ‏Emanshalaby, ‏أم دان, ‏حمزة**محمد, ‏ايمان احمدم, ‏m-berr, ‏bochraa, ‏Toottaa, ‏حنحون3, ‏samah gad, ‏إسراء فضل الله, ‏Fatima hfz, ‏Jưst Rẽṁẽṁbẽr Ṁẽ, ‏sosita saso, ‏بسنت محمود, ‏تواقةة للجنه, ‏Sara Ali❤️, ‏تقوي عمر, ‏هند البنا, ‏أنورين صفاء, ‏رانيا محمد19, ‏نادية الجندي, ‏sabama, ‏شموع ورديه, ‏rasha moner, ‏جميلة الجميلات, ‏Sea birde, ‏حخمغ, ‏dalia22, ‏Shimoo1996, ‏Rasha.r.h, ‏Rwida.147, ‏laila2019, ‏ميادة الاسعد, ‏manar.m.j, ‏تمام1234, ‏mahash111, ‏رجوة2, ‏ghader, ‏دودوكات1, ‏وررد, ‏7EM, ‏عبير الكتب, ‏Gwhara, ‏linda sabry, ‏yawaw, ‏الزهراء90, ‏حالمة, ‏نونا لبنان, ‏ريمين, ‏kozmo, ‏رانيا خالد, ‏بتلات ورده, ‏dorra24, ‏سهيلة سند, ‏اديم الروح, ‏Fofo.27, ‏sosomaya, ‏عمر عزت, ‏اردنيتي هويتي, ‏إيمان احمد, ‏AyOyaT, ‏شيماء ممدوح سليمان, ‏نورسين مالك, ‏ملوكه ملك, ‏نوورات, ‏Shahd141, ‏خضرة متولي, ‏اني عسوله, ‏عضوية مجانية (123456), ‏جويرية اح


مساء الخير شموستنا و جميع الحضور

أخر تسجيل حضور لروايتنا الجميلة الساعة العاشرة مساء يوم الجمعة من كل أسبوع

على أمل و تفاؤل بأن تتحفنا كاتبتنا العزيزة برواية جديدة أروع من سابقاتها بعد أن تأخذ أستراحة

محارب و تسترد قواها مرة أخرى و دعواتنا لك بالتوفيق و الصحة و العافية و مزيد من الألهام و

الأبداع و شكرا جزيلا شموستنا الغالية









موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-12-20, 10:53 PM   #3753

ام عمر١١١

? العضوٌ??? » 436215
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » ام عمر١١١ is on a distinguished road
افتراضي

بانتظار الفصل يا شموسة ❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

ام عمر١١١ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-12-20, 10:54 PM   #3754

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 1

تنويه


لا احلل نقل الرواية أو اي جزء منها سواء منسوخة او pdf لاي موقع من المواقع وسيتعرض من يفعل ذلك للمساءلة القانونية


الخاتمة



(1)


تمضى السنون بحلوها ومرها .. وتدور عجلة الزمن فتتشابه القصص حتى المختلفة منها .. فتتلاقى الطرق.. وتتشابك الأقدار فتنسج... حياة .
حياة يكون كل فرد فيها بطلا لقصته ..


بعد خمس سنوات


جاء العيد ببهجته وألوانه وفرحته المدغدغة للمشاعر.. جاء بدفئه الذي يغمر القلوب .. والعيد لا يكون عيدا إلا .. مع الأحبة .
سلم زين من صلاة الفجر فسلمت إسراء بعده ثم استقامت بعد لحظات تخلع عنها اسدال الصلاة وبقيت بمنامتها المكونة من شورت قصير وبلوزة ذات حمالات ..فألقت بالاسدال على المقعد وتوجهت نحو السرير.
أسرع زين خلفها يقول مستنكرا" إلى أين؟؟!!"
قالت وهي تلقي بنفسها على السرير وتتدثر بغطاء صيفي خفيف "سأخطف بضع دقائق أخرى من النوم"
أسرع يدس نفسه خلفها على السرير قائلا "إنه يوم العيد "
غمغمت مغمضة العينين "اتركني أنام ساعة واحدة فأمامي يوم طويل بعد أن تذبحوا الأضحية"
قال ويده تمارس بعض الشقاوة على جسدها "وهل أنا من تطوع ودعا أهلي وأهلك على الغداء في أول أيام العيد؟.. كان من الممكن أن يكون التجمع عند جابر بالطابق الأرضي ثم نزور أهلك آخر اليوم ونقضي عندهم السهرة"
أدارت وجهها إليه تقول باستنكار "ألم أعرض عليك الفكرة وأنت وافقت خاصة وأنها أول سنة نقضي العيد في الوطن!!"
لعبت أصابعه في شعرها الذي يلامس بالكاد كتفيها وهو يقول "أنا وافقتك ولكن لم أفرض عليك هناك فرق بين الاثنين"
قالت وهي تعود بوجهها لتنظر أمامها" وأنا لم أقل أنك فرضت عليّ شيئا.. كل ما قلته أن أمامي يوم طويل"
قالتها وحضنت الوسادة مغمضة عينيها ..فهمس زين بجوار أذنها ويده تزداد جرأة" أبلة سراء"
زمت شفتيها حتى لا تبتسم وأصدرت همهمة فأعاد النداء بلهجة أكثر حرارة فاعترفت لنفسها بأنها لن تستطيع مقاومة سحره عليها لكنها استدارت تقول بوجه جاد "نعم يا زين "
همس أمام شفتيها " أقول اليوم يوم العيد"
تلاعبت ابتسامة على شفتيها وسألته "والمطلوب؟"
غمغم بهمس " عيديتي"
مدت يدها تتحسس وجهه الذي تحبه وغمغمت "هذا على أساس أنك محروم يا مسكين فتريد عيدية؟!"
اتسعت ابتسامته وطوق خصرها بذراعيه يسحبها إليه وهو يعتدل على ظهره فأصبحت على بطنها بجواره وجذعها فوق صدره وهو يقول "اللحظات الجميلة تزداد جمالا في المناسبات يا أبلة"
ابتسمت رغما عنها وهي تقول " طوال عمرك تلميذ طماع"
أشار لها بسبابته على شفتيه وهو يقول" هيا امنحيني عيديتي"
توردت ومالت عليه تقبل شفتيه فأسرها هناك ..عند شفتيه وبين ذراعيه اللذين أحكما الالتفاف حولها بتملك ..
الشغف قد يشتعل في لحظة كتلك اللحظة التي مرت بهما قبل خمس سنوات حينما قابلا بعضهما في بيت والدها .. لكنه يحتاج لشخصين ناضجين ذي قلبين دافئين لتبقى جذوة الشغف مشتعلة .. وهذا ما جمعهما في سنوات الغربة التي انتهت أخيرا قبل بضع شهور حينما قررا الاكتفاء والعودة .. ليؤسس زين مكتبا للمحاسبة القانونية ودراسات الجدوى للشركات بالإضافة لاستثماره لجزء من أمواله في معارض جابر للأجهزة المنزلية التي ازداد عدد فروعها واحتل واحدا منها أحد طوابق فرع المول التجاري العالمي الذي يتوسط مركز المحافظة.. أما اسراء فتستعد للعودة مع بداية السنة الدراسية لمدرسة اللغات التي يدرس فيها أولاد عائلة دبور.
تحركت يد زين لتزيح حمالة البلوزة في نفس الوقت الذي سمع طرقا على الباب وصوت صغير يقول" أمي ..أبي"
زمجر زين بينما أفلتت إسراء من بين شفتيه تقول لاهثة وهي تعيد حمالة القميص لموضعها "نعم"
ليسرع زين بالقول وهو يحكم ذراعيه حولها" ما الذي أيقظك الآن يا إسماعيل؟"
حاولت إسراء الافلات منه في الوقت الذي رد الصغير "هيا لقد جاء العيد يا أبي"
رد زين ساخرا بامتعاض" ألف مبروك.. هيا اذهب لتكمل نومك "
ضحكت إسراء ونجحت في الافلات من بين ذراعيه ثم غادرت السرير فضرب زين بقبضته على السرير مغتاظا .. بينما فتحت هي الباب لإسماعيل ذي الأربع سنوات الذي وقف على باب الغرفة يقول مشيرا للتلبية التي تخرج من مآذن المساجد "هيا نخرج للعيد"
تطلعت إسراء في الجلباب الأبيض الذي ارتداه وقالت "ولبست أيضا!!"
هز رأسه فتمتمت "هذا رائع يا إسو .. ولكن إن ارتديته في الوضع الصحيح سيكون أروع"
قالتها وناظرت زين الذي اعتدل على السرير يشير لابنه بالاقتراب ثم تطلع في الجلباب المقلوب وقال وهو يساعده في خلعه" صلاة العيد لم تبدأ بعد يا إسماعيل فلمَ العجلة يا بني ؟
قال الأخير وهو يرتدي الجلباب ثانيا بمساعدة والده" أريد أن نصلي ثم أعود لأرتدي ملابس العيد أنت قلت العيد في الوطن أحلى بكثير "
عدل زين الياقة لابنه وقال " ألا يوجد (كل عام وأنت بخير يا أبي)"
اتسعت ابتسامة اسماعيل وعيّد على والده الذي طبع على خده قبلة ثم حمله فجأة على حجره وأمال رأسه للأسفل يدغدغ رقبته بأسنانه مصدرا زمجرة وحش بعد أن قال" هذا الطفل شهي يا إسراء لابد أن آكله "
صدرت صرخات ضاحكة من ابنه حتى تركه والده أخيرا وعاد يستلقي على السرير فقال اسماعيل بحنق" أبي ..ماذا تفعل؟؟!!"
قال زين وهو يخبئ رأسه تحت الوسادة سأنام قليلا حتى يأتي موعد صلاة العيد يكفي أنك أضعت عليّ عيدية العيد"
عدل اسماعيل من جلبابه وهو يقول عاقدا حاجبيه "هل سيعطيك عمي جابر عيدية مثلما ستعطيني أنت عيدية !!"
غمغم زين بصوت مكتوم " فكرة جيدة ..أنت تفكر بشكل عملي مثل أبيك يا ولد .. سأطالب بأن يمنحني عيدية أليس أخي الكبير"
قال إسماعيل وهو يشد يد والده" إذن لم تضع العيدية بعد هيا يا أبي لننزل"
قال زين بلهجة متسلية" لم أقصد هذا ..قصدت عيدية من أمك"
نظر إسماعيل لأمه يقول باندهاش "هل تعطيك أمي عيدية !!"
أسرعت إسراء بسحب ولدها بينما زين يرد" طبعا الكبار يتبادلون هدايا من نوع خاص"
أخرجت إسراء ابنها من الغرفة وهي تقول" تعال يا حبيبي لنترك والدك لينام"
وقف اسماعيل في الصالة يقول بإحباط "أريد أن أنزل للعيد"
قالت إسراء وهي تمشط له شعره" بابا أخبرك أن صلاة العيد لم يحن وقتها بعد"
قال إسماعيل بإصرار" لكني سمعت البوابة تفتح قبل قليل"
ردت إسراء مفسرة "هذا بالتأكيد عمك قد خرج لصلاة الفجر"
تكلم الصبي مقارعا " إذن هم مستيقظون بالطابق الأرضي أريد أن أنزل لجدتي"
قبل أن تعترض إسراء قال زين من الداخل" اتركيه ينزل يا إسراء إنه لحوح كمن انجبه"
قالت إسراء بحرج "لا يصح الوقت مبكر جدا كما أنني أخشى أن ينزل وحده على السلم "
غمغم زين من تحت الوسادة" إنهم يستيقظون للفجر ..كما أن اليوم عيد فلا تكوني بهذه الحساسية جدته ستسعد بحضوره في أي وقت"
عدلت إسراء لأبنها هيئته واسرعت بوضع الاسدال عليها فقال زين بلهجة حازمة "اتركيه ينزل وحده وكفي عن حمايتك الزائدة له فالوضع هنا في القرية يختلف عن أي مكان أخر كما أن البوابة مغلقة"
بتردد فتحت إسراء باب الشقة وسمحت لابنها الصغير بالنزول وهي توصيه "إن أعطاك أحد شيئا لابد أن تشكره"
هز إسماعيل رأسه وغادر لكنها وقفت تراقبه بقلب قلق وهو يمسك بسور السلم ويخطو بخطواته الصغيرة نازلا الدرجة بعد الأخرى ببطء.
تعترف بأنها تبالغ في حمايته ..ولولا تدخل زين دوما ينبهها لذلك الجانب فيها لشب ابنها طفلا اعتماديا أفسده التدليل .. ربما هي سنوات الغربة التي أكسبتها هذه الصفة خاصة وأنها ولدته هناك ولم يكن معها إلا زين.. فقد كان عليها الاختيار بين أن تعود لتلد في بيت والدها أو أن تبقى مع زين الذي لم يستطع الحصول على إجازة ..فقررت البقاء معه حتى لا تحرمه من لحظة وصول ابنه ولا تزيد من قلقه عليها والذي كان واضحا أثناء فترة الحمل لذا تحملت تجربة الولادة ولأول مرة في الغربة وافتقدت نصرة كثيرا رغم أن زين اعتنى بها جيدا اثناء فترة حملها ونفاسها لكن لا أحد أبدا يحل محل نصرة .. نصرة التي كان فراقها خلال سنوات الغربة مؤثرا لكلتيهما بالرغم من المكالمات المرئية الطويلة التي كانت بينهما يوميا ..
أخرجها من شرودها صوت ابنها الذي صاح بفرحة "عميييييييي"
أطلت برأسها لتتأكد من وجود جابر الذي كان عائدا للتو من الصلاة والذي استقبل إسماعيل مرحبا وقال وهو يميل على رأسه مقبلا "مرحبا"
قالت إسراء من الطابق الثاني" لا تؤاخذنا يا أبا هاشم إنه مصر على النزول إليكم"
قال جابر دون أن يرفع نظراته لأعلى " لا بأس.. أتوقع أن الاشقياء قد استيقظوا أيضا كل عام وأنتِ بخير "
قالت إسراء "وأنت بخير وسعادة"
أمسك جابر بكف الصغير يساعده على نزول الدرجات المتبقية وسمعت صوت نجف بمجرد أن فتح جابر باب الشقة يقول في فرح مرحبة بحفيدها" ما هذا النور ..ما هذا النور"
اطمأن قلب اسراء حين أُغلق الباب فعادت لشقتها ..ثم اطلقت شهقة مجفلة بمجرد أن أغلقت الباب حينما تفاجأت بزين خلفه فهتفت بحنق" زين ألن تكف عن هذه العادة؟!"
ضحك الأخير وسحبها من ذراعها يسجنها بين الحائط وجسده وهو يقول بلهجة حارة "كفي عن المراوغة وهات عيديتي"
قالها ثم مال على شفتيها يقبلها ..ورغم شعورها بالغيظ لكن كل مشاعرها السلبية تبخرت بين شفتيه خلال ثوان.. ونسيت كل شيء إلا ما كان يخبرها به زوجها لحظتها .
××××
في شقة جابر وبالتحديد في الطابق العلوي منها كانت أم هاشم تقف في غرفة بكريها هاشم ذي الخمس سنوات والذي كان يتقافز أمامها على السرير لحظتها بالملابس الداخلية فقالت "لا تتعب قلبي معك يا هاشم وهيا ارتدي ملابسك فلست متفرغة للمرقعة"
استمر الأخير في القفز على السرير وفي اغاظتها فزفرت الأخيرة مغمغمة بعبارتها الشهيرة" اللهم طولك يا روح"
ردد هاشم بشقاوة جملتها وهو مستمر في القفز أمامها ثم انفتح الباب فشهقت وهي ترى ابنتها مهرة الأصغر بعام تدخل الغرفة كالطلقة وهي لا ترتدي إلا ملابسها الداخلية الوردية اللون فانلة أنثوية بحمالتين ذات فيونكتين رفيعتين من عند الكتف وشورتا قصيرا.. وأسرعت تصعد على سرير أخيها الأكبر تشاركه في القفز فسألتها أم هاشم" لماذا خلعت ملابسك يا مهرة ؟!!"
ردت مهرة بابتسامة لؤلؤية مليحة "أنت البسيني إياها"
عقدت أم هاشم حاجبيها وقالت بغيظ "استطعت خلعها ولم تستطيعي لبس غيرها !!.. لماذا لم تساعدك ميس؟"
ردت مهرة وهي مستمرة في القفز "رفضت وطردتني كي تبدل ملابسها"
قال هاشم لأخته وهو يمسك بيدها "تعالي لنقفز قفزة عالية"
هدرت أم هاشم فيهما بحزم" كفا عن القفز (وأمسكت بهاشم تقول) هيا اكمل ملابسك حتى ألبسها ملابسها"
صرخت مهرة بفرحة حينما سمعت صوت والدها ينادي على ميس من الدور الأرضي فهتفت هي و هاشم الذي أفلت من يدي أمه" أبي عاد ..أبي عاد"
اسرع هاشم بالإفلات منها هاربا كأخته أمام عينيها الذاهلتين فهتفت أم هاشم" بنت يا مهرة تعالي لترتدي ملابسك"
في الطابق الأرضي كان جابر يحمل تيمور أصغر أولاده ذا العامين والذي استقبله بمجرد دخوله بينما أخذت نجف تدلل حفيدها إسماعيل ابن زين الوحيد.. فتفاجأ جابر بهاشم ومهرة ينزلان السلم واتسعت عيناه وهو يقول ضاحكا " ما هذا العرض الصباحي بالملابس الداخلية!!"
كان هاشم الأسرع في النزول فانزل جابر تيمور أرضا ثم استقبل هاشم الذي حضن ساق والده فمال جابر يقبل رأسه ثم قال" هيا ارتدِ ملابسك كي نذهب لنصلي العيد (وأشار على إسماعيل ) أرأيت كيف ارتدى ابن عمك ملابسه"
ضحك هاشم فلاحت أسنانه البيضاء وسط سمرة بشرته الجميلة فسحبته نجف لتعطيه من كيس بحجرها قطعا من السكاكر الملونة كانت قد أعطت لإسماعيل منها.. أما جابر فكانت عيناه معلقتان بتلك الأميرة السمراء التي تنزل السلم بتهور تكاد أن تقع ..
كانت سمرتها لامعة أفتح قليلا من أمها ونحيفة ساقاها رفيعتين كخلتي الأسنان فتأملها بابتسامة متسعة مغمغما "حاذري يا بابا"
بمجرد أن وصلت لأخر السلم رفعت ذراعيها إليه ليحملها فالتقطها فوق ذراعه بينما وقفت أم هاشم أعلى السلم متخصرة..
ضحك جابر حينما رأى زوجته بهذا الشكل المتحفز بينما قالت هي "تعالي يا مهرة"
أبعدت مهرة خصل من شعرها القصير المجعد الهائش الذي يصل بالكاد لكتفيها عن وجهها وقالت بدلال وهي تمسد على لحية جابر "سأبقى مع أبي "
ضحك جابر وقال "اتركيها قليلا "
قالت أم هاشم بحنق" لا يصح يا جابر أن تعتاد على الخروج بالملابس الداخلية من غرفتها"
وافقها جابر في الرأي فنظر لمهرة نظرة عاتبة ومال يهمس في أذنها" عيب أن تخرجي بهذا الشكل أمام الجميع"
ناظرته بعينين واسعتين بنيتين كبدرين لامعين ثم نظرت لجدتها التي بادرتها بالقول " تؤتؤتؤ ..عيب ..عيب غطوا عيونكم يا أولاد"
تطلعت مهرة في هاشم واسماعيل اللذين يتابعان ما يحدث وفيهيهما مملوءان بالسكاكر فهتفت فيهما بعبوس "إلام تنظران؟!! "
ثم عادت تنظر لوالدها واتسعت ابتسامة محرجة تقطر عسلا أظهرت غمازتين على الجانبين ثم تملصت منه لتنزل وهي تقول" لا تذهب سأعود بسرعة"
أنزلها جابر فأسرعت بالهرولة نحو السلم بعد أن ضربها على مؤخرتها ثم راقب تلك التي تشبه قطعة البسكوت بالقرفة المغموسة بالعسل وهي تصعد السلم وتأخذ قلبه معها حتى وصلت لأمها ..ثم نظر لهاشم المنهمك في الحديث مع ابن عمه وقال" وأنت يا أستاذ هاشم هلا لبست بسرعة حتى نذهب لصلاة العيد"
استعرض هاشم أمام والده عضلات غير موجودة في ذراعه الأسمر الرفيع فقهقه جابر وقال "تمام يا سيادة القوي هيا ارتدِ جلباب الصلاة .."
أطلقت نجف ضحكة رائقة فنظر جابر للجهة التي تنظر إليها ليجد تيمور يخرج من المطبخ مرتديا حذاء والده الذي اخرجه من الخزانة المجاورة للباب ويلبس إناء الطبخ المعدني فوق رأسه وأخر في يده يطرق عليه بملعقة مصدرا صوتا مزعجا.. فتأمله جابر ضاحكا وتذكر تلك المقولة التي ترددها أم هاشم فتصيبه بنوبة ضحك تعليقا على تيمور بالذات الذي ولد ببشرة خمرية فاتحة اللون جعلها تتبنى نظرية عجيبة بأنها لو استمرت في الانجاب لربما جاء الولد العاشر أشقر اللون بعد أن ينتهي مخزون السمرة بداخلها .
ابتسم وهو يجلس على المقعد يتذكر عبارتها تلك وسحب إسماعيل إليه ليقبل رأسه وعينه لا تزال تراقبان ذلك المشاغب الصغير آخر العنقود الذي قررا بعد ولادته أن يكتفيا بهذا القدر من الأولاد ..داعيان أن يبارك لهما الله فيمن رزقهما..
أما نجف فغمغمت ضاحكة وهي تضع يدها على أذنيها من الصوت العالي" أمك حينما تنزل وترى ما فعلته في مطبخها سيغشى عليها "
بعد قليل في الطابق العلوي وقفت مهرة على السرير ترتدي عباءة صغيرة ووقفت أم هاشم أمامها تمشط لها شعرها وهي تناغشها بالقول "ما أجملك يا مهرتي .. إن شاء الله حين ترتدين فستان العيد ستخطفين الأنظار"
سألتها مهرة " لماذا لوني مثل لونك وليس كجدتي أو أبي؟"
غمغمت أم هاشم" قدر الله فلا أحد يختار لون بشرته"
قالت مهرة" لبنى صاحبتي تقول أني سوداء.. هل أنا سوداء ؟"
كانت العبارة تلك تؤلمها أكثر مما كانت تؤلمها حينما كانت طفلة .. فهي كأي أم لا تتحمل أن يمر أولادها بنفس ما مرت به هي .. لكن جابر يدعهما في هذا الأمر ويولي له اهتماما خاصا.. وقد نجح في ذلك مع هاشم لكن مهرة وضعها كفتاة يعرضها لتلك التعليقات السخيفة أكثر.
قالت أم هاشم باستنكار " لبنى بنت فاتن جارتنا !! ..سبحان الله على جمالها هي وأمها (وعادت تكظم غيظها مستغفرة ) استغفر الله العظيم ..ستجعلانني أغتابهما .. اسمعي يا مهرة كما اتفقنا لا تهتمي بتلك التعليقات .. ماذا قال عنك والدك"
اتسعت ابتسامة الصغيرة اللؤلؤية واجابت وهي تتمايل بدلال راقصة على كلماتها المنغمة "قال بأني أميرة سمراء ..صنعت من قرفة وعسل ومكسرات .. وبأني .. حبة قلب أبيها ذات الغمازتين الشقيتين ..وضحكتي تقطر عسلا"
ضحكت أم هاشم ثم قالت وهي تحضنها وتقبلها على خدها" وهل هناك أهم من رأي أمك وأبيك؟"
رفعت مهر أصبعها الصغير تقول مضيفة "وعمي زين ..يقول بأنه يحب سمرتي ويشبهني بالأميرة التي بالرسوم المتحركة"
قالت أم هاشم وهي تعود للتعامل مع شعرها" رائع"
أضافت مهرة بصوتها الرقيق " وأبلة إسراء ..وجدتي تغني لي (وتراقصت بميوعة أنثوية فطرية تغني ..آه يا اسمراني اللون ..حبيبي الاسمراني)"
ضحكت أم هاشم وقالت وهي تمسكها لتقف منضبطة "اعتدلي يا مائعة .. أمنيتي أن أعرف من أين ورثت هذه الميوعة فأمك ذكر متخفي و لا تعرف عن الميوعة شيء"
طرق على الباب اتبعه دخول ميس التي قالت بعبوس "هل تمشطين لها شعرها؟.. كنت أريد أن تصففي لي شعري"
قالت أم هاشم " من عينيّ .. سأنتهي منها وأصفف لك شعرك فهي مصرة أن تذهب مع والدها للصلاة"
قالت ميس بحنق " أنا أيضا ذاهبة .. عموما ..تمام شكرا"
استغفرت أم هاشم حين رأتها تغادر غاضبة واحتارت ماذا تفعل معها ..إنها دوما عصبية حانقة مهما حاولت كسب ثقتها.. وسرعان ما سيطر عليها الشعور بالذنب واتهمت نفسها بأنها تفضل ابنتها على ابنة زوجها فقالت لمهرة "انتظري قليلا يا مهرتي فأريد أن أفكر في تصفيفة شعر تليق بالعيد ..اذهبي ونادي أختك لأنتهي منها أولا وأنا أفكر"
نزلت مهرة من السرير ونادت ميس بعد أن قالت لوالدها من الطابق العلوي "إياك أن تغادر بدوني "
دخلت ميس التي أضحت في الحادية عشر من عمرها إلى الغرفة بعد دقائق ..فقالت أم هاشم " لا تكوني نزقة يا ميس فلم تعودي صغيرة على هذا"
قالت الأخرى بكبرياء وهي تستسلم لأصابع أم هاشم على شعرها" لم أرغب في أن أفرض نفسي عليك"
تنهدت أم هاشم وقالت" أخبرتك ألف مرة من قبل أنك عندي مثل مهرة"
صمتت ميس ولم ترد وتركتها تمشط لها شعرها مترقبة للتصفيفة التي ستصنعها لها هذه المرة.
لن تنكر بأنها تصفف لها شعرها بشكل مميز .. ولن تنكر بأنها تحاول التقرب منها لكنها غير قادرة على تقبل الأمر الواقع ..غير قادرة على تقبلها مكان أمها .. رغم اعترافها بأن الأمور في هذا البيت أفضل كثيرا بعد زواج والدها منها ..وأنه هو شخصيا أصبح أكثر سعادة .. وأن أمها دوما منشغلة عنها وتدور معظم لقاءاتهما واتصالاتهما على رغبة أمها في معرفة تفاصيل الحياة في بيت والدها .
رن هاتفها فتطلعت فيه ثم تجاهلت المكالمة وهي تعيده لجيبها فظنت أم هاشم أنها أمها ..ورغم شعورها بالضيق والغضب كلما جاءت سيرتها وتذكرت تلك الحادثة التي كادت أن تفقد فيها ولدها هاشم .. وبرغبة قوية في جرها من شعرها وسحلها أمام الجميع إن تصادف والتقيتا في إحدى المناسبات .. وحمدا لله أنها لا تحدث كثيرا .. ولا يكون إلا لقاءا خاطفا تحرص كلتاهما فيه على ألا تقترب من الأخرى .. إلا أنها سألتها حينما ألح الهاتف "من يتصل بهذا الالحاح؟"
قالت ميس ببرود" هذه صاحبتي لا أرغب في الرد عليها"
سألتها أم هاشم وهي تصنع لها ضفيرة داخل الشعر "لماذا .. بالتأكيد هي ترغب في أن تهنئك بالعيد"
ردت ميس ببرود" لا أريد تهنئتها"
سألتها " هل أنتما متخاصمتان؟"
"أجل"
"ماذا فعلت لك؟"
رغم أنها لا تحب أن تظهر دواخلها أمام أم هاشم ودوما تتعامل معها بتحفظ بعكس إسراء زوجة عمها والتي سعدت سعادة شديدة لأنها عادت وستستقر في البلدة وستسكن الشقة العليا لكنها كانت تشعر تلك اللحظة بالحزن وترغب في التحدث مع أحد فأجابت" خاصمتها لأني علمت بأنها تتحدث من خلف ظهري مع الفتيات بأن والداي منفصلان وبأنني لا أعيش معهما ويسخرن مني"
فارت الدماء في رأس أم هاشم وهتفت" إياكِ أن تسمحي لأحد بالسخرية منك.. هل واجهتها؟ .. هل واجهت صاحبتك بما علمت؟"
هزت ميس رأسها بالإيجاب وقالت "أجل ..وأخذت تعتذر ..لكني لن أسامحها لقد جرحتني بما قالت من خلف ظهري وكنت أظنها صديقة "
قالت أم هاشم متعاطفة " اسمعي يا ميس ..أنا أعلم جيدا ما هو التنمر وكيف هو مؤلم ..لكن عليك ألا تلتفتي لما يقولون .. صدقيني الكل يتحدث من خلف ظهر الأخرين ..إنها عادة مقيتة يتصف بها البشر فلا تلتفتي لما يقولون من خلف ظهرك ..من يواجهك فقط هو ما تضعيه عند حده وتظهري له بأنه لم ينل منك.. صدقيني سيبحثون دوما عن أي شيء ليتحدثوا عنه من خلف ظهرك ..إن لم يكن هذا الموضوع فستجدينهم يتحدثون عن شكلك ..عن طول قامتك ..عن نحافتك ..عن وزنك الزائد ..عن نوع شعرك .. دوما سيخترعون شيئا ليمارسوا موهبتهم في انتقاد الناس .. لذا خذيها نصيحة من مجرب ..لا تجعلي من هذا الأمر عقدتك .. وإياك وإظهار الضعف أمامهم .. إن شعروا بأنهم قد نالوا منك لن يرحموك "
صمتت ميس تفكر في كلامها .. وسألت نفسها .. هل تستطيع أن تفعل ذلك؟.. هل تستطيع ألا تظهر نقطة ضعفها هذه؟ .. والأهم من ذلك.. هل ستتقبل يوما حقيقة انفصال والديها ؟
××××


يتبع








التعديل الأخير تم بواسطة Shammosah ; 18-12-20 الساعة 11:38 PM
Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-12-20, 10:56 PM   #3755

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

(2)



وقف عيد يتطلع بسعادة في سيارة التوأمين التي تقترب وعيناه تتركزان على حفيده آسر الذي يطل برأسه من النافذة ويلوح له قائلا بمجرد أن استقرت السيارة "اشتقت إليك يا جدي"
اتسعت ابتسامة عيد في نفس الوقت الذي انحشر رأسان متشابهان بعينين زرقاوين يخرجان من جانبي آسر على يمينه وعلى يساره وخرج صوت مزدوج يقول" اشتقت اليك يا جدي"
اتسعت ابتسامة عيد وغمغم" ما شاء الله"
زفر آسر بغيظ وصرخ "ادخلا رأسيكما هذا جدي أنا"
ترجل شامل من المقعد المجاور للسائق يسلم على عيد وكذلك فعل كامل قبل أن يعود لمكانه أمام عجلة القيادة ثم فتح الأول باب السيارة لينزل منها آسر متأففا وهو يعدل ملابسه ويقول لهنا وهانيا "ليس لكما شأن بجدي اذهبا لجدكما"
مال شامل قائلا لابنه" لماذا هذه الفظاظة يا آسر؟"
قبل أن يجيب على عتاب والده صاح مشيرا خلفه على السيارة "انظر لما تفعلان يا أبي"
كانت التوأمتان تخرجان له لسانيهما عبر النافذة فقال شامل بحزم "عيب يا بنات"
من المقعد الخلفي ربتت بسمة على ذراعي ابنتيها ببعض الحزم منبهة وهي تقول "كفا عن السخافات وافسحا الطريق لونس لتنزل.."
كانت ونس تلملم حقيبة يدها وهاتفها .. فنزلت الفتاتان لتفسحا المجال لونس لتترجل من السيارة.. وقالت هنا لعيد الذي يميل ويحضن حفيده" أنت جدنا أيضا أليس كذلك؟"
رد عيد بابتسامة وهو يطبع قبلة على رأسي الصغيرتين أمامه" طبعا"
نظرت التوأمتان لآسر ورقصتا له حاجبيهما فجز الأخير على أسنانه بغيظ.. بينما تعلقت عينا عيد بونس التي تغادر السيارة ببطن منتفخ تعدل من وشاحها وهي تقول بفرحة لا تختلف عن فرحة الصغار "اشتقت إليك يا عيد"
تراقص قلبه من الفرحة كعادته كلما رآها تزدهر وتنضج أمام عينيه واستسلم لحضنها الحاني .. معترفا بأنها لا تزال طائشة عفوية تنافس ابنها في العناد لكنها نضجت كثيرا ..وهدأت كثيرا ..وباتت أكثر مسئولية بعد أن أصبحت أما وبعد الخبرات التي اكتسبتها بعد الزواج والذهاب للعاصمة والاحتكاك بالآخرين .. وبعد أن انهت دراستها بالمعهد واضحت تشارك في معارض محلية ودولية بالإضافة لخط انتاج الكعكات الذي افتتحه شامل من أجلها في المطعم لتصنع كعكات الحفلات وتزينها.
قال كامل لشامل "لا تتأخر ..سأوصل بسمة والبنتين لبيت الوديدي وأقابلك عند مكان ذبح الأضحية ..نريد أن ننتهي من المهمة سريعا حتى نعود للعاصمة تعلم ماذا ينتظرنا هناك"
هز شامل رأسه بينما ركبت بسمة بجوار كامل بعد أن سلمت على عيد في الوقت الذي بقيت ابنتاها بالمعقد الخلفي ..وسألت كامل والسيارة تتحرك مبتعدة" ما الذي ينتظركما بالعاصمة؟.. ولماذا لا نبقى حتى المساء فالمطعم اليوم إجازة وسيستأنف العمل غدا"
رد كامل مراوغا "لدينا بعض الأمور الهامة ..كما أننا كل عام نقضي نصف النهار فقط هنا كي نقضي بقيته مع والداي .."
أمام بيت عيد سأل الأخير حفيده وهو يتطلع في السيارة المغادرة "هل تعرف كيف تفرق بين التوأمتين؟"
رد آسر بضيق" أجل أعرف بالطبع .. فواحدة سخيفة والأخرى أسخف منها"
قالت ونس بلهجة موبخة "آثي تأدب"
(آسر تأدب)
سألها عيد وهو يرى شامل يدخل بعض الأكياس لداخل البيت "ربما تضايقانه"
أجابت ونس مفسرة " إن ثلاثتهم يضحكون طوال الطييق وثدعوا يؤوثنا من اللعب على الهاتف فهم يلعبون تاية ويتشاجيون تاية أخيى"
(إن ثلاثتهم يضحكون طوال الطريق وصدعوا رؤوسنا من اللعب على الهاتف فهم يلعبون تارة ويتشاجرون تارة أخرى)
اتسعت ابتسامة عيد سعيدا كلما تذكر بأنها قد تحسنت في نطق حرف (اللام) بينما لا تزال تجد صعوبة في نطق حرفي الراء والسين فمسد على بطنها بحنان يسألها "كيف حاله؟"
تنهدت تقول "لا يقل شقاوة عن آثر (وحضنت ذراعه وهي تضيف بلهجة شقية ) المهم أني اشتقت إليك كثيرا ..كثيرا"
قال وهو يدخل معها هي وحفيده "وأنا اشتقت إليك يا بنت الكلب"
عضت على شفتها السفلى تشير بعينها نحو آسر فقال عيد معاندا "هل ستمنعونني من قول ما أشاء ..أنت بنت كلب وهو ابن كلبة ..ما رأيك؟.. أريني من منكم سيعترض"
ضحكت ونس ودخلت معه البيت الذي تجدد و أضحى من ثلاث طوابق فقد أصرت بعد أن أصبح لها دخلا خاصا بها من المعارض التي تشارك فيها وكعكات المناسبات التي تصنعها والتي لاقت إقبالا جيدا ..ومن بيع أعمال فنية أخرى لها أن تعيد بناء البيت الصغير وتؤسسه بأثاث جيد ..وتضيف له طابقا علويا كشقة من طابقين بينهما سلم داخلي لتكون لها هي وزوجها يبيتان فيها كلما حضرا للقرية .. وهو ما أشعر عيد بالفخر أمام أهل البلدة.. بأن ابنته هي من أعادت بناء البيت وأصر أن يكتبه باسمها خوفا من أن يظهر بعد وفاته قريب من بعيد فيشاركها في إرثها .. ولم يعرف كلاهما أن شامل قد ساهم بطريق غير مباشر في المساعدة في المبلغ الذي بنت به ونس البيت .
××××
إنه متوتر ..عليه أن يعترف بذلك .. صحيح ليست المرة الأولى التي يخرج فيها للناس لكنها المرة الأولى خلال الخمس سنوات الماضية التي سيرونه يتحرك في طرقات القرية بالكرسي المتحرك .. وأول مرة بعد الحادث سيصلي العيد مع المصلين في الساحة ..
منزوي هو عن الجميع منذ ذلك الحادث ..لا يخرج إلا للمتابعة الطبية أو لأمر هام ويتحرك بالسيارة التي يقودها أحد أولاده ..
حتى حينما انتهى من بناء المدرسة وسلمها رسميا للدولة لتدير شئونها وأراد المحافظ تكريمه تحجج بوضعه الصحي واعتذر ..فلا زال بداخله غصة وحرج من وضعه على الكرسي وشعور بالنقص .. ولا يشعر من الأساس بالفخر من بناء المدرسة فهي تمثل أمامه رمزا للمال الحرام.
هذه السنة قرر أن يخرج لصلاة العيد مع الناس ربما كان هذا مجاهدة منه لنفسه التي تراوده من آن لأخر بالعودة لمطالبة عماد بنصيبه من البضاعة .. فشهوة المال تلح عليه ..تحاول أن تضعف قراره ..وتبرر له الأمور بإنه إن كان قد أصبح قعيدا فلماذا لا يستمتع بالمال ؟..لماذا لا يعيد لنفسه رهبتها بين الناس بماله ؟.. لماذا لا يعود لممارسة سطوته على من حوله ؟ ..
لهذا قرر أن يهذبها ويخضعها بالخروج اليوم ومواجهة الناس بهيئته هذه للصلاة في الساحة .. أراد أن يروض نفسه وأن يضعها عند حجمها الطبيعي.
عدلت له وجدان جلبابه بعد أن ساعدته في ارتداء ملابسه فربت على يدها يقول" بارك الله لك يا أم علاء"
تطلعت في لحيته التي أطلقها فمشطتها بيدها تقول "إن لم تكن تشعر بالراحة فلا تضغط على نفسك"
غمغم بابتسامة غامضة" بل عليّ الضغط عليها"
لم تفهمه وجدان .. لم تكن تفهمه قديما .. كان هناك دوما جانبا غامضا بعيدا عنها يحتفظ به لنفسه ولا تفهمه حاليا .. فصمتت .
إنه ينفرد بنفسه كثيرا .. ويصلي كثيرا ..أكثر من الصلوات المفروضة .. ويجلس مع شيخ القرية الذي يأتيه مرتين في الأسبوع ليقرأ معه القرآن .. ورغم هذا تجده على دراية بما يحدث في القرية عن طريق بسطاويسي قريبه وصديقه الذي لم ينقطع عن زيارته أبدا .. وعلى دراية أيضا بكل ما يحدث في البيت ..
البيت الذي أضحى مقتصرا على أولادها الثلاثة بعد أن انفصلوا عن أخيه وعائلته .. وعلى الرغم من أن الحياة لم تعد ببذخ الماضي وترفه لكنها باتت أكثر راحة وهدوءً .. وبساطة .
سألته وهو يتحرك بكرسيه نحو باب البيت" هل ستعود فورا بعد الصلاة أم ستحضر ذبح الأضحية؟"
رد عليها دون أن يلتفت" سأبقى مع الجزار حتى ينتهي وبعدها سأعود لنقضي العيد معا هذا إن لم يتفرق أولادك هنا وهناك ..وقتها لن تجدي سواي لتجلسي معه"
ضحكت وجدان وقالت "ما رأيك في أن تأتي معي لزيارة أهلي في المساء؟"
أدار وجهه لها قائلا "تعلمين أني لم أعد بارعا في الثرثرة ومخالطة الناس فسامحيني"
قالت بسرعة" لا بأس ليس هناك مشكلة"
سكت لبرهة ثم قال "أعتقد أن عليك تزويج ابنك حتى تأتيك كنة تكون لك رفيقة في هذا البيت بدلا من وحدتك"
قالت وجدان مبتسمة " لست وحيدة إلى هذا الحد فأنت موجود ..ولازالت علاقتي بهدى جيدة ونقضي معظم النهار معا ..لكن على سيرة زواج علاء كنت قد عرضت عليه منى بنت أخي ووجدت منه ترحيبا بالفكرة"
صمت بدير قليلا ثم قال "لو كان هو موافقا وأنت ترتاحين للفتاة فعلى بركة الله"
اتسعت ابتسامتها ورددت وهي تدعو له في سرها أن يحفظه لهم "على بركة الله"
أما بدير فتحرك يخرج من باب البيت متجها نحو البوابة التي ينتظره عندها ولداه أيمن وبلال.
إنه لا يزال يرزح تحت الكثير من الضغوط .. يجاهد نفسه من ناحية ويحاول التعايش مع وضعه الصحي من ناحية.. والتعايش مع الوضع المادي الذي تبدل من الثراء للحالة الميسورة من ناحية ثالثة .. لكن امتحانه الأكبر كان مع ولده علاء أكبر أبنائه الذي لم يتقبل تبرعه بجزء كبير من أمواله لبناء المدرسة ..
لقد أنهى علاء دراسته وخدمته في الجيش وعاد يضع أحلاما لمشاريع ينوي بأن يقيمها ليبدأ حياته العملية لكنه تفاجأ بما فعله وبأن المبلغ الذي يستطيع بدير أن يساهم به معه لا يغطي إلا جزءً بسيطا من احتياجاته المادية للمشروع .. وقتها وأمام ثورة ابنه لم يجد إجابات مقنعة له يرد بها على تساؤلاته .. لماذا تبرع بكل هذا المبلغ؟ .. كيف فرط فيه بهذه السهولة؟.. ألم يفكر في أولاده وهو يفعل ذلك؟.. وما زاد من حسرة بدير هو ذلك الثراء الذي بدا واضحا على عماد والذي جعل أولاده يشعرون بالارتباك وعدم الفهم.
لم يجد بدير ما يقوله لعلاء عن السبب الحقيقي.. فإن كان قد اخفى عنه وعن الجميع الحقيقة في الماضي حتى لا يورطهم معه ..فهو يخفيها الآن لشعوره بالخزي من نفسه وخوفه من أن تهتز صورته أمام أعينهم .. لكنه اضطر للتلميح لعلاء بأن هذه الأموال يشعر أن بها شبهة حرام ففعل ذلك إبراءً لذمته .. أخبره بجزء من الحقيقة لكن علاء لم يتفهم ذلك .. وتوترت العلاقة بينهما بعدها .. وما أحزن بدير بشدة .. هو أن يرى علاء يتقرب من عمه ويلازمه .. صحيح أنه حذر عماد من توريط علاء في أي شيء يخص التجارة المشبوهة لكنه لا يشعر بالراحة.. خاصة حينما لجأ علاء لعمه ليقرضه مبلغا كبيرا يسدده على أقساط ..
يبدو أن امتحانه الأكبر سيكون في أولاده لا مع نفسه.. خاصة وهو يرى نفسه غير قادر على تحقيق أحلامهم المادية .. علاء ذو الرابعة والعشرون أكثرهم تمردا.. وأيمن يبدو متذبذب بشأن تقبل ما فعله من التخلي عن الجانب الكبير من أمواله لكنه لم يبد أي رد فعل .. أما بلال فهو الوحيد الذي يطمئن عليه ربما لأنه كان صغيرا حينما حدث ما حدث ..وربما لسبب آخر يجعل هذا الولد الذي أضحى في الثامنة عشر من عمره لا يشعر بالقلق عليه.
أخرجه بلال من أفكاره حينما سأله" هل أنت بخير يا أبي .أتريد أن نتحرك"
هز بدير رأسه ثم سأل" أين علاء ألم يستيقظ بعد؟"
من خلف ظهر بدير الجالس على كريسه المتحرك نظر بلال لأيمن ليرد الأخير "سيلحق بنا يا أبي"
هز بدير رأسه مجددا وتحرك يضغط على متحكم الكرسي ويخرج من البوابة وبجواره ولديه .
كان يرغب في أن يحتمي بأولاده.. فإن لم يكن لديه ما يختال به من مال يشعره بالقوة فهم قوته الآن خاصة وأن المعنى الحرفي للتعبير أضحى الآن أكثر دقة .
أسرع بلال يزيح حجرا من أمام كرسي والده في الطريق بينما بدأت العيون تتطلع في بدير .. وتحييه ..فالتقط النظرات المشفقة منها والمتعاطفة والمتشفية أيضا والفضولية .. وأخذ يتوقف كل بضع مترات ليتلقى التحيات من أهل البلد في رحلته إلى أقرب ساحة للصلاة .. حتى لمحها .. أجل لمحها على الجانب الآخر من الترعة .. دوما يفصل بينهما شيء .. دوما طريقهما متوازيا لا يتقابلان أبدا .. وهذه المرة لم تلمحه ولم يلمحه زوجها الذي يقود السيارة فقد كانا منهمكان في الحديث ورأى فتاتيهما تطلان من نافذة السيارة في المقعد الخلفي ..
ابتهج قلبه لرؤيتها .. فلم يرها منذ مدة كبيرة ..ربما لأنه لا يخرج كثيرا .. ابتهج قلبه لكنه أشاح بأنظاره يثبتها أمامه على ذلك الطريق غير المعبد يحاول أن يجد لكرسيه أرضا ممهدة ..
لقد سمع ذات مرة أن السفر فيه سبع فوائد .. لكنه أيقن الآن أن الخروج من البيت أيضا له فوائد هذه إحداهن .. رؤيتها لثوان .
××××
في إحدى الساحات الواسعة التي تستضيف صلاة العيد وصل سليمان الوديدي يعدل من عباءته بخيلاء ومعه ابنه وليد وحفيده يزيد ووقفا يسلمان على عدد من مهنئين لهما بالعيد في نفس الوقت ومن ناحية أخرى وصل بدير واستقر بكرسيه في أحد الصفوف الخلفية وأخذ يتأمل الجميع .. يتأمل ويدقق ويحلل مثلما يفعل السنوات الماضية ..
بعد قليل توقفت سيارة عماد على بعد ..السيارة الوحيدة تقريبا فالغالبية أتوا إما مشيا على الأقدام أو بوسيلة المواصلات الداخلية وهي التوكتوك .. نزل عماد من السيارة نافشا ريشه بشكل أغاظ بدير واستدر شفقته عليه في نفس الوقت ونزل معه أولاده و .. علاء .
تألم قلب بدير .. وعيناه تراقبان اقتراب عماد وعلاء الذي أخفض أنظاره بحرج حينما التقت بأنظار والده.. ليقول عماد لبدير " لماذا لم تنتظر حتى نتحرك معا يا حاج بدير بالسيارة؟"
رد بدير بهدوء " رغبت في الحضور سيرا بمقعدي .."
وناظر علاء فأطرق الأخير برأسه ..
تحرك عماد مبتعدا ليسلم على بعض الناس فقال بدير لولده البكري" طلبتك ليلة أمس ولم ترد على الهاتف "
غمغم علاء بارتباك " كنت مشغولا في استلام وترتيب البضاعة في المحل وعندما عدت في المساء أخبرتني أمي أنك نمت "
صمت بدير مسلطا نظراته الهادئة إليه ثم قال بعد برهة " الايصالات التي كتبتها لعمك نظير المبلغ الذي اقترضته"
قاطعه علاء يسأله مندهشا "من أخبرك بأني كتبت له إيصالات أمانة؟!!!"
ابتسامة مُرة زينت زاوية شفتي بدير ولم يعرف بم يرد.. كيف يخبره بأنه من علمه ذلك ؟..كيف يخبره بأنه من بدأ معه بذلك؟ .. وبأنه أرسل لعماد وهدده بألا يورط ابنه في أي شيء حرام وضغط عليه حتى أخبره الثاني بكل تشفٍ أنه قد جعل علاء يوقع له على إيصالات أمانه مقابل المبلغ .. كيف يخبره بأنه اضطر للتفريط في بعض الإيصالات التي يحتفظ بها لتهديد عماد الذي هو غير مأمون الجانب حتى يحصل على الايصالات التي بحوزته وتخص ابنه شاكرا لربه أن المبلغ أقل بكثير مما اقرضه لعماد قديما .. فبدل معه إيصالا بإيصال حتى أعتق عنق ولده من يد أخيه وبقي معه بعضهم سيحتفظ بهم ليس لشيء ولكن لإخافة عماد الذي توحش وازداد جشعا بعدما حصل على كل البضاعة لنفسه وأضحى يعمل فيها وحده ..
رد بدير " أنا أعلم كل شيء يا علاء ..فليس لأني حبيس هذا الكرسي لا أعلم شيئا"
أخفض الأخير أنظاره وشعور بالذنب تجاه والده يسيطر عليه فاستطرد بدير "المهم ..هذه الإيصالات التي بحوزة عمك قد أخذتها منه"
رفع علاء أنظاره متفاجئا بينما وقف أخواه يتبادلان النظرات ليضيف بدير "أخذتهم ولم يعد عليك شيء لعمك .. فلست بحاجة لإعادة المال له "
تفاجأ علاء وقال باندهاش "كيف حصلت على الإيصالات ومن أين سددت له المبلغ أنت قلت..."
" هذا دين قديم بيني وبينه (قالها بدير مقاطعا وأضاف ) المهم ألا تلجأ له مرة أخرى في شيء .. محل الهواتف الذي أردت افتتاحه ها قد حصلت عليه .. اكسب واصرف على نفسك بالحلال وإياك والاقتراض مرة أخرى"
اتسعت ابتسامة علاء ومال يلتقط يد والده يقبلها قائلا بفرحة شديدة" لا حرمنا الله منك يا أبي"
أحس بدير ببعض الراحة لكنه لا يزال قلقا عليه ..إنه ضعيف أمام حاجته للمال وهذا يعرضه للرضوخ لنفسه الضعيفة كما حدث حينما لجأ للاقتراض من عمه.
ضرب أيمن على ذراع أخيه قائلا بلهجة ضاحكة "مبارك يا عم علاء العقبى لي حينما أتخرج من الجامعة وانهي الخدمة العسكرية"
ابتسم علاء بينما سأل بلال "هل تحتاج لمن يساعدك بالمحل؟"
قال علاء ضاحكا "تفضل يا عم بلال هل منعتك!"
سأله بلال بلهجة ماكرة "وكم سيكون راتبي؟"
ظل بدير يتأملهم ولا تزال روحه قلقة خائفة من ذنوبه على أولاده.. حتى خوفه من دخول السجن لم يكن إلا من أجلهم فهو محبوس على أية حال في هذا الكرسي .. لكن دخوله السجن سيوصم أولاده وأحفاده بالعار لهذا لا يزال قلقا رغم مرور السنين من أن يُكتشف نشاطه السابق .. فملف الحادث الذي تعرض له لا يزال مفتوحا .. صحيح لم يتم التوصل لشيء .. وصحيح لا يزال مصرا على ادعاء فقدان الذاكرة لما حدث ليلتها ..لكن القضية لا تزال مفتوحة حتى وإن توقف التحقيق فيها ..كل هذا يزيد من خوفه ويزيد من الحاحه على ربه أن يتمها عليه بالستر ..فقال هامسا مع أصوات التلبية المصاحبة لأجواء العيد التي تخرج من مكبر الصوت "رب استرني ولا تفضحني من أجل أولادي .. ولا تأخذهم بذنبي واهدهم واهد لي نفسي وساعدني على تقويمها "
اقترب يحيى من الساحة ومعه هلال وأولاده نسمة وهمسة و كريم الذي أصبح شابا يافعا في التاسعة عشر من عمره ويرافقهم جابر الذي يمسك بيد ولده هاشم من ناحية ويد إسماعيل ابن اخيه من الناحية الأخرى بينما زين يحمل مدللة العائلة خاطفة القلوب مهرة فوق ذراعه وميس تسير بجواره تتأبط ذراعه.
اتسعت ابتسامة بلال حينما لمح جابر فأسرع للسلام عليه ومعايدته هو والباقين فسلم عليه جابر وهو يبذل مجهودا مع نفسه بألا يأخذ الشاب بمشاعره تجاه عائلة العسال كلها.. لقد بات لا يطيقهم كلهم بعد الحادث الذي تعرضت له أم هاشم .. وما حدث لتلك العائلة خلال الخمس سنوات الماضية يزيد من وضعها غموضا بالنسبة له ومن مشاعر النفور عنده تجاهها ..خاصة تجاه عماد.. ولولا أنه لا يريد أن يحرم ابنته من أمها لما وافق على أن تزور بيت أخوالها أبدا .
ابتسمت ميس لبلال وقالت له" طلبت منك أن تنزل لي اللعبة على الهاتف ولم تفعل .. "
ضحك وقال "سامحيني كنت مشغولا بالامتحانات كما تعلمين ..حينما تحضرين مساء كي تري عمتي أعدك أن أنزلها لك ..( ثم سأل ) أين الجدة نجف؟"
ردت ميس" إن قدميها متعبتان فرفض أبي وعمي أن تجهد نفسها "
أدار بدير وجهه يبحث عن ابنه فوجده عائدا من عند عائلة دبور وهلال جمعة وتلاقت عيناه مع عيني جابر الذي رغم مشاعره تجاه تلك العائلة كان يشفق على هيئة بدير على الكرسي فهز له رأسه بتحية صامتة .. ابتسم لها بدير ابتسامة ضعيفة وعاد ينظر أمامه معترفا لنفسه بأنهم قد كسبوا عداء جابر بسبب كاميليا ..
"كاميليا .. هم أخر فوق ظهرك يا بدير .. ضرس مزعج نخر فيه السوس لا أنت قادر على خلعه ولا متحمل نوبات وجعه المتكررة المعذبة "
وصل طلال إلى الساحة ومعه والده واخوته الذكور وأبنائهم الصغار وسلم على بعض الناس الذين هنأوه بالعودة من السفر .. فلمحت عيناه زين من بعيد يقف وبجواره ثلاثة أطفال .. ميز ابنه من بينهم بسبب لون البشرة .. فشعر بغصة في قلبه ..
لو لم يطلق إسراء لكانت انجبت له هذا الولد .. بحثت عيناه عنها بين النساء الحاضرات فلم يجدها فأطرق برأسه وتذكر أنه سيبدأ حياته هو الأخر في القريب العاجل وتذكر حديثه المحبط مع أمه قبل قليل ..
قبل ساعة
"ألم تجد بعد كل هذه السنوات من الانتظار إلا فتاة من العاصمة لتتزوجها يا طلال؟!!"
قالتها كريمة بانهيار فرد طلال بعصبية " هذا الأمر ليس بيدي يا أمي ..وأوضحت لك من قبل ما حدث .. هي وأسرتها كانوا يعيشون في الغربة فتعرفت عليها وأعجبت بها ولكنهم قرروا العام الماضي العودة نهائيا للوطن فتحدثت مع والدها بشأن نيتي في الارتباط بها في أول زيارة لي للوطن"
قالت شاعرة بالقهر " ولماذا لا تأتي هي لتعيش معنا؟؟ .. كل البنات يتركن أهلهن بعد الزواج ويذهبن إلى حيث يقرر الزوج "
زفر باختناق وأجاب " يا أمي إنها متعلقة بأهلها ..وكان شرط والدها عليّ أن تسكن بجوارهم في الحي الشعبي الذي يسكنون فيه في العاصمة ..كما أن فرص العمل في العاصمة والمرتبات أفضل من هنا إن قررت الاستقرار وعدم السفر"
هتفت باستنكار " وشقتك التي دفعت فيها الكثير لتجهيزها ؟!!"
رد عليها بهدوء " شقتي ستبقى كما هي وسأبيت فيها أنا وهي حينما نأتي لزيارتكم"
هتفت باستنكار وغيرة واضحة " هل ستشتري لها شقة في العاصمة؟!! .. أي سيكون لهذه الغندورة التي لم تر من الحياة شيئا بعد شقتين!!"
قال طلال بعصبية " أمي بالله عليك لا تفسدي علي هذه الزيجة .. والله لو أفسدتها هذه المرة أيضا سأعود للسفر ..ولن تري وجهي مرة أخرى"
امتقع وجه كريمة وهي تناظره بقهر وحرقة قلب وغمغمت باكية "هل بعد كل هذه السنين وأنا محرومة منك ستستقر في العاصمة وتأتيني أخر كل أسبوع تقضي معي بضع ساعات !!"
عاد طلال من شروده وتحرك مبتعدا إلى الناحية الأخرى حتى لا يتقابل مع زين ولا يجدد الذكريات ..عليه أن يعيش الحاضر وأن يتزوج وينجب .. كان يتمنى أن يلبي لوالدته ما تريد لكن الأمر خارجا عن إرادته ..فهو ليس على استعداد أن يخسر هذه الفتاة كما خسر إسراء من قبل ..كما أنه لم يعد يطيق البقاء لفترة طويلة في هذه القرية .. لماذا لا تستطيع أمه أن تفهم ذلك ؟!.
كان وصول مصطفى الزيني هو ما يترقبه الجميع.. لقد بات الكل يعلم بأنه العمدة القادم ..خاصة وأنه يدير كل شيء تقريبا بالنيابة عن عمه عبد الرحيم الزيني بسبب كبر سنه وانشغال ابنه الدكتور مفرح الذي نال درجة الدكتوراه في العلوم الزراعية العام الماضي والمشغول طوال الوقت بين العاصمة ومزرعة العمدة.
ظهر مصطفى الزيني وخلفه جيشه الصغير .. عزوته وعمله الصالح في الدنيا .. أولاده الخمسة الذكور.. أكبرهم الدكتور حمزة الطبيب في أحد مستشفيات المحافظة وأصغرهم ياسر الذي أصبح في العشرين من عمره بينما حبيبة الصغيرة آخر العنقود ذات الخمس سنوات ممسكة بيد أخيها حمزة ..
اقترب مصطفى بهيبته يحمل على ذراعه حفيده الوحيد مصطفى ابن حمزة ويسلم على هذا وذاك ممن تجمعوا لتحيته ومعايدته .. ثم لمح بدير في آخر الصفوف على كرسيه فتحرك نحوه وسلم عليه يهنئه بالعيد ..
امتن بدير لهذا السلام أكثر من أي شيء آخر في ذلك الصباح .. فقال مصطفى بلهجة مشجعة " علينا أن نشكرك على تلك المدرسة التي تبرعت ببنائها يا أبا علاء ..جزاك الله خيرا وجعلها في ميزان حسناتك"
العبارة أسعدت بدير وأعطته أملا في أن تقبل توبته فقال بامتنان "جزانا وإياكم يا حاج مصطفى"
هيئته الجديدة والنظرة المختلفة التي تطل من عينيه أسعدت مصطفى .. فقال بلهجة صادقة "أسأل الله أن يجمعنا دوما على الخير وصالح الأعمال"
قالها وهو يربت على يده وكأنه يشجعه على التقدم في طريقه الجديد ثم انسحب عائدا لأول الصفوف ليتبادل التهاني بالعيد مع الباقين فتأمله بدير وهو يبتعد وأيقن بأن هذا كان غرضه من الخروج اليوم ومشاركة الجميع في الصلاة .. أراد أن يجاهد نفسه بالرفقة الطيبة .. و سبحان مغير الأحوال ..فقبل سنوات كان يشعر بالضيق كلما رأى مصطفى الزيني والآن يشعر بالراحة والمؤازرة من جملتين قالهما له !..
أما مصطفى فكان يردد في سره" سبحان من يحيي القلوب بعد موتها ويهدي ويوفق إلى طريق الحق .. اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب "
من وقفتها مع أختها على بعد خطوات من زين وقفت نسمة تراقب أولاد مصطفى الزيني الذين انتهوا من السلام والتهنئة ثم أخذوا يتشاكسون فيما بينهم قبل الاصطفاف للصلاة .. وركزت عينيها عليه هو بالذات كيف يناكف الجميع بخفة ظله التي تعرفها عنه .
إنه محمد ابن مصطفى الزيني ..حلمها المستحيل .. الذي يكبرها بثلاث سنوات والذي دخلت نفس الكلية التي دخلها هو .. كلية التجارة ..
مر على ذاكرتها أول يوم لها بالكلية حينما كانت تقف مرتبكة لا تعرف أين تذهب ولمحته .. لمحته وتعرفت عليه على الفور ..وهل هناك فتاة في القرية لا تعرف أولاد مصطفى الزيني؟!! .. رأته يومها وهو يترك أصدقائه ويقترب منها مدققا يسألها" ألست ابنة المعلم هلال جمعة من قرية (....)"
لم تصدق أنه تعرف على شكلها .. يومها علمت أنه عضو في اتحاد الطلبة وأرشدها لوجهتها الصحيحة وأعطاها بعض التعليمات .. كما طلب منها أن تلجأ له في أي شيء تريده .. بعدها انسحب كحلم خاطف جميل .. وقضت هي تلك السنة تراقبه معظم الوقت .. باتت تحفظ جدول محاضراته وتتحين الفرص لمتابعته من بعيد وأحيانا كانت تلتقي عينيهما فيسألها عن أخبارها وإن كانت تحتاج لشيء .. حتى انتهت السنة وتخرج هو ولم تعد تراه إلا صدفة .. إما في القرية أو في زيارات كان يقوم بها للكلية من حين لأخر..
لكن اسعد لحظة مرت عليها عندما علمت بأنه بات شريك لزين زوج أختها في المكتب الذي افتتحه .. لقد مرت على زين ذات يوم في المكتب ليشرح لها شيئا يخص مادة من مواد السنة النهائية وقابلته هناك وعلمت بأنه شريكا له في المكتب وقتها كادت الفرحة أن توقف قلبها ..لأن زين وعدها أن يوظفها فور تخرجها وهذا ما حدث بالفعل .. فقد أصبحت تعمل كمحاسبة تحت التمرين في مكتب زين منذ شهرين وتلتقي بمحمد يوميا .. صحيح لا تحتك به إلا في إطار العمل ..لكن المشاعر بداخلها تزيد وشعورها باليأس أيضا يزيد معها .. فهي تعلم جيدا من هو ومن هي عائلته حتى باتت تفكر هذه الأيام في تنفيذ ما تلح عليها همسة في عمله.. أن تترك العمل عند زين .
أفاقت نسمة على لكزة من مرفق همسة وسمعتها تقول من بين أسنانها" عينك .. ابعدي عينك ستفضحيننا إنه قادم ناحيتنا"
أسرعت نسمة بخفض نظراتها بارتباك بينما اقترب محمد يسلم على زين قائلا "كل عام وأنتم بخير يا أبا إسماعيل "
رد زين بحفاوة "كل عام وأنت بخير يا شريك"
نظر محمد لمهرة التي تقف بجوار عمها ومال نحوها يقول" ما هذا الجمال الأسمر "
وهم بطبع قبلة على خدها فأدارت وجهها تخبئه في ساق عمها ليقول محمد" هل أستطيع أن آخذ قبلة؟"
عقدت حاجبيها وعادت تنظر إليه قائلة بعبوس "عيب"
كتم زين ضحكته وقال له بلهجة حازمة "عيب يا محمد ما تطلبه"
تحكم محمد في رغبته في الانفجار بالضحك وهو يراقب نظرات تلك القزمة ذات الأربع سنوات التي ترمقه شذرا من عينيها الواسعتين البنيتين وقال" أنا آسف آنسة مهرة ولكن نيتي شريفة"
عبست مهرة بعدم فهم فأردف محمد" هل تتزوجيني آنسة مهرة ؟"
ازداد عبوس مهرة ورفعت نظراتها لعمها ثم عادت تنظر إليه قائلة" أمي قالت أنا لازلت صغيرة عيب أن نتحدث في هذا الموضوع"
اعتدل محمد وتبادل مع زين النظرات الضاحكة ليقول الأخير" تضع نفسك في مواقف محرجة يا محمد"
ضحك الأخير ثم مال مجددا بجذعه يسألها" سأنتظرك حتى تكبري ما رأيك؟"
رمشت عدة مرات بعينيها تفكر ثم أولته ظهرها وحضنت ساق عمها ..فاستمر محمد في مناكفته لها قائلا "هل أعتبر هذا رفضا يا آنسة مهرة"
أشارت له بيدها دون أن تستدير له بإشارة متعجرفة متعالية تعني (انصرف من هنا) جعلت زين ومحمد ونسمة وهمسة الواقفتان على بعد خطوات تدعيان عدم الانتباه لما يحدث ينفجرون بالضحك.
قال محمد ضاحكا وهو ينسحب مغادرا وقد بدأ المصلون في الاصطفاف" أنا منسحب بكرامتي"
قال له زين" كل عام وأنت بخير يا محمد عسى أن تكون العام المقبل قد وجدت من ترضى بك ولا ترفض طلبك "
ضحك محمد وغادر يبحث عن اخوته فتابعته نظرات زين وهو يتذكر كيف أنه لم يكن يفكر في مشاركة أحد في مكتب المحاسبة إلا صديق له من نفس المحافظة تعرف عليه في الغربة ليتفاجأ بعرض مصطفى الزيني على جابر حينما علم منه بعودته ورغبته في الاستقرار في الوطن وتأسيس مكتب للمحاسبة ودراسات الجدوى بأن يشارك محمد ابنه معه لأنه كان ينوي إقامة نفس المكتب فرحب زين بالعرض .
على ناحية أخرى كان جابر قد انتظر أن ينتهي مصطفى من تحية الراغبين في تهنئته بالعيد ثم سلم على صديقه بحرارة مهنئا بالعيد و أخرج ورقة مالية من حافظة نقوده يعطيها للصغير فقال مصطفى لحفيده "خذ من يد عمك"
أمسك الصغير بالورقة بينما قال مصطفى لميس المرافقة لوالدها في خطواته" ما شاء الله بارك الله لك فيها "
قالها وهو يخرج من جيب جلبابه ورقة مالية كبيرة فنظرت ميس لوالدها ثم أخذتها منه بوجنتين مشتعلتين متمتمة بالشكر .
قال مصطفى لجابر بلهجة صادقة" أدعو لك أن تكون العام المقبل في الأراضي المقدسة تؤدي فريضة الحج يا أبا هاشم "
قال جابر بلهجة متمنية " وأدعو لك بالمثل ..واتمنى من الله أن يجمعنا يوما أنا وأنت في هذه الرحلة يا أبا حمزة"
اتسعت ابتسامة مصطفى وابتهج قلبه من الفكرة فقال" ما رأيك نرتب لها سويا يا جابر؟"
غمرت السعادة قلب الأخير قائلا" ياله من وعد ..ويا لها من رفقة تبهج القلب ..فليكتبها لنا الله يا صديقي ."
بعد قليل انتهت الصلاة وتبادل أهل البلدة التهاني وبدأوا في التفرق للحاق بذبح الأضاحي فاقترب مصطفى الزيني من هلال يقول "كنت أريدك في أمر هام يا أبا كريم"
لاح الاهتمام على هلال وتحرك معه جانبا بينما اقترب محسن وخلف وطفليهما فقال يحيى" أين كنتما؟!!"
رد محسن بابتسامته المعهودة وهو يعطي ابنه الذي يحمله فوق ذراعه لجده "زوج ابنتك عطلنا كالعادة وحضرنا متأخرين على وقت الصلاة"
هدهد يحيى حفيده ابن رباب ومال يسلم على ابن سامية ويمنحه عيدية العيد بينما اقترب محسن من زين وجابر وسلم عليهما ..
رحب به زين وجابر وتبادلا التهاني وكذلك فعلا مع خلف ليقول محسن لجابر " ابلغ سلامي لأم هاشم يا أبا هاشم "
تقبض جابر إلى جانبيه وتمنى أن يلكمه في ابتسامته اللؤلؤية لكنه أخبر نفسه أنه بالتأكيد يدعوها بكنيتها وليس باسمها مجردا فقال باقتضاب وهو يضغط على الحروف "إن شاء الله سأبلغ بنت الشيخ زكريا بسلامك"
حين ابتعد هو وخلف مال زين على أذن أخيه قائلا "لماذا أشعر بأنك لا تطيق محسن قريب أم هاشم؟"
راوغ جابر قائلا من بين أسنانه" أنا.. أبدا ألم ترني أرحب به!"
عقد زين حاجبيه يدقق في أخيه وقال " لا أدري .. ولكن كلما صادفت مرور الشاب من أمام بيتنا ووقوفه للسلام أشعر بأنك تبذل مجهودا لتكون لطيفا معه.. هل فعل شيئا؟"
عبس جابر وسأله وقد بدأ يشعر بالذنب "حاشا لله لم أر منه ما يسيئه .. هل تراني فظا معه؟"
أسرع زين بالقول "أبدا لم أقصد لكن لأني أخوك وأعرفك أشعر بأنك تتعامل معه بتحفظ شديد .. ليلة أمس مثلا حينما مر من أمام البيت وسلم عليك كنت تكلمه باقتضاب غير معلن حتى أنك لم تعرض عليه الدخول للضيافة "
عقد جابر حاجبيه ورد باستهجان" وهل كلما مر سأضيّفه في بيتي !!"
ارتفع حاجبا زين باندهاش ثم قال "إنها عبارة ترحيبية نقولها مجاملة يا جابر لكل من يمر من أمام البيت وأنت نفسك تقولها دوما "
رد جابر مراوغا وهو يربت على ذراع أخيه بعصبية "هيا أسرع قبل أن ينشغل الجزار ..قم أنت بتوصيل أختيّ زوجتك والأطفال للبيت ثم الحقني أنا وهلال إلى مكان ذبح العجل حتى ننتهي من تقسيمه وتوزيعه على مستحقيه"
راقبه زين بحاجب مرفوع وهو يبتعد وتمتم بفضول" هناك شيء غامض في هذا الأمر لابد أن أعرفه"
××××


يتبع









Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-12-20, 10:57 PM   #3756

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

(3)



توقفت سيارة مفرح الزيني في حديقة سرايا الصوالحة فنزلت مليكة بعباءتها الأنيقة ليسرع إياد بالترجل ويدور حول مؤخرة السيارة قائلا" انتظري يا موكا"
أسرع بالوقوف بجوارها فظهر فرق الطول بينهما بعد أن أصبح أطول منها وأمسك بهاتفه على طول ذراعه البارز العضلات من تحت كم قصير وبدأ في التقاط الصور لهما ..
لاحظت مليكة أنه يثبت الكاميرا إلى أسفل قليلا فقالت له بعبوس "ماذا تفعل بالضبط؟!!"
هرش في لحيته الخفيفة ورد متفكها" أركز على العباءة التي دفعنا فيها مبلغا وقدره"
حاولت مليكة التملص بغيظ من ذراعه الذي يحيط بكتفيها بينما نزل أدهم ذو الثامنة عشر من العمر من المقعد بجوار السائق يرتدي نفس ملابس أخيه الأصغر بعام وكأنهما توأمان نفس التيشيرت الجملي اللون بنصف كم يبرز عرض كتفيه وعضلات ذراعيه فوق بنطال جينز أسود وحذاء رياضي ضخم جملي اللون وينافس إياد في الطول فلا يفرق بينهما سوى الملامح فأدهم شعره ولحيته الخفيفة باللون البني الفاتح بينما إياد شعره أسود اللون وأكثر نعومة .
قال إياد ممازحا وهو يطوق كتفيها بذارعه" تعال يا بني لتتصور مع (العباءة هانم) إنها ثمينة من أرقى بيوت الأزياء"
صاح مفرح من أمام عجلة القيادة بعصبية " بالله عليكما هل هذا وقت المزاح!!"
قالت أشرقت من نافذة السيارة " لقد استيقظ أوس يا أمي"
ترك إياد مناكفة مليكة وتوجه ليأخذ الأكياس من حقيبة السيارة بينما أنزل أدهم أشرقت من السيارة فأسرعت نحو علي الذي خرج من باب السرايا يرحب بهما وهي تصيح" خالي علي"
استقبلها الأخير بين ذراعيه بينما أنزل أدهم أخوه أمجد البالغ من العمر أربع سنوات والذي انجبته مليكة في نفس العام الذي أنجبت فيه أم هاشم مهرة ..
بعدها فك أدهم الحزام الخاص بمقعد أصغر اخوانه أوس ذا العامين والذي استيقظ للتو وحمله ينزله أرضا ليذهب لمليكة ..
لقد ولد أوس هو الأخر في نفس العام الذي ولد فيه تيمور جابر دبور مما جعلها هي وأم هاشم مادة للسخرية والفكاهة من بسمة.
ترجل مفرح من السيارة ليسلم على علي وبشر الذي خرج للتو ثم مال الأخير يقبل أمجد الزيني فقال مفرح متعجلا" سلموا على جدكم بسرعة حتى نسرع لبيت العمدة"
قالت أشرقت بتذمر "أريد أن أبقى هنا يا أبي"
قال مفرح موضحا" ماذا قلنا في الطريق يا شيرو؟ ..سنذهب لنسلم على جدك عبد الرحيم ونعيّد عليه ثم نعود إلى هنا "
دخل أمجد وأشرقت مع علي إلى الداخل بينما أخذ بشر أوس من مليكة وسبقها إلى الداخل فاقتربت من مفرح تسأله بقلق" ما رأيك أن يبقى أوس معي أخشى أن ..."
قاطعها مفرح قائلا" لابد أن يراه أبي يا مليكة"
غمغمت بسرعة "لا أقصد شيئا سوى القلق عليه "
تكلم أدهم مطمئنا" لا تقلقي عليه يا أمي .."
هزت رأسها ودخلت تقول" سأستعجلهم"
بمجرد أن اختفت بالداخل قال مفرح لولديه اللذين أصبحا طوله "هيا أسرعا وسلما على الحاج عبد الغني فلا نريد أن نتأخر أكثر من ذلك ألا يكفي أن صلاة العيد قد فاتتنا؟ (ثم مال على إياد يقول له ) اقرضني هاتفك يا إياد فهو يشبه هاتفي كي لا تكتشف مليكة ضياعه مني"
طالعه إياد ببرود ثم قال "أبي هذا الهاتف أغلى بكثير من هاتفك الذي أضعته ..وأكثر إمكانيات لأني ببساطة أحافظ عليه ولا أضيع هاتفي كل فترة"
ناظره مفرح بغيظ ثم قبض على ملابسه قائلا من بين أسنانه "ومن دفع لك ثمن هذا الهاتف الثمين الذي تمنعه عن والدك يا نذل؟"
تدخل أدهم قائلا " حتى لو أعطاك هاتفه .. من أين ستحضر شريحة برقمك يا أبي في هذه الساعة .. فنحن صبيحة أول أيام العيد ..أي لن تجد فروعا لشركة الاتصالات مفتوحة قبل المساء على أقل تقدير "
ترك مفرح ملابس إياد بامتعاض ثم صاح في ولديه " تصرفا واشتريا لي هاتفا مثل القديم بالضبط "
رد أدهم نفس الإجابة السابقة" المحال مغلقة يا دكتور مفرح"
زفر الأخير يمسد على لحيته مفكرا وهو يشيح بنظراته حائرا فيما يمكن أن يفعل ثم نظر لولديه قائلا بغيظ" لا تقفا أمامي كدرفتي باب افعلا شيئا"
غمغم أدهم وهو يتطلع في هاتفه عمدا ليناكف والده" سأبحث لك عن واحد به سلسلة تشبكه بقفل متين في جيبك يا أبي"
خرجت ضحكات مكتومة من أدهم وإياد ثم أضاف الأخير "لا لا ..يحتاج لهاتف ينطق وينبهه حينما ينساه أو يقع منه"
وقف مفرح متقبضا ينظر لولديه وهو يطحن ضروسه ثم أمسك بتلابيبهما معا ..في نفس الوقت الذي أكمل أدهم لأخيه الاقتراح "من الممكن أن يبكي الهاتف وينبهه (لا تتركني وحدي يا مفرح عاااااا)"
فأضاف إياد ساخرا " أو يكون بصوت امرأة (وقلد صوتا ناعما مائعا ) هل ستتركني وحدي يا خائن يا غشاش يا مفرح! .. هانت عليك العشرة يا قاسي القلب!"
جاء صوت مليكة يسأل" من سيترك من؟.. وما علاقة مفرح بالأمر؟!!"
أسرع الأخير بترك ملابس ولديه وادعى أنه يربت على صدريهما متصنعا ابتسامة صفراء وهو يقول" لا أبدا يا حبيبتي كنا نتناقش في شيء ما"
أضاف إياد بلهجة متسلية" كنا نتناقش في التقنيات الحديثة في الهواتف"
عقدت مليكة حاجبيها بعدم فهم ثم قالت "ألن تسلموا على أبي؟"
قال الشابان وهما يتحركا نحو الداخل" آه طبعا سنعيّد عليه فورا"
وقفت مليكة تحرك انظارها بين ابنيها وزوجها ثم سألت الأخير بعد أن دخلا "هل هناك شيء يا مفرح أشعر بك قلقا؟ "
رد بسرعة" لا أبدا.. اطلاقا ..كنت فقط استعجلهما"
هزت رأسها ثم قالت" هيا لتسلم على أبي ونستعجل الأولاد "
ابتسم مفرح وغمغم في سره " يا منجي من المهالك يا رب "
××××
حتى العيد يمر عليها بدون معنى .. بدون أي شعور مميز مثله مثل باقي الأيام بل ربما أسوأ منها لأنها لن تستطيع التحجج بأي شيء والبقاء في شقتها ..
تعلم بأنها لابد أن تنزل للطابق الأرضي للتحضير لأجواء العيد والعزائم والمجاملات التي لا تنتهي في بيت بسطاويسي ..
لقد سئمت من حياتها ولم تعد تعرف أين المفر فرغم مرور خمس سنوات لكنها لم تعتد ولن تعتاد على حياتها معه.. إنها تتعذب في كل لحظة تبذل مجهودا ذهنيا ونفسيا لتجد لنفسها فرصة للبقاء بما يحفظ كرامتها وكبريائها بين زوجات بسطاويسي بعد أن فشلت في الهرب للعاصمة .. قبل ثلاثة أعوام.
أجل حاولت الهرب .. فلم يكن أمامها مفر غير ذلك .. لقد تحججت وباتت يومها في بيت العسال أو بالتحديد في بيت بدير فقد انقسم البيت لبيتين وكانت قد رتبت كل شيء في حقيبة صغيرة .. مصوغاتها الذهبية وأوراقها وبطاقتها البنكية .. كل ما كبرت قيمته وخف حمله .. وتسللت بعد الفجر في محاولة يائسة للفرار ..
كانت تنوي السير على قدميها داخل البلدة متخذة طرقا فرعية مهجورة بعض الشيء حتى تصل للطريق الموصل بين القرية وقرية أخرى مجاورة ومن هناك كانت ستتصرف في أي وسيلة مواصلات توصلها لمحطة القطار.. ولم تكن تعرف ماذا ستفعل في العاصمة بالضبط .. لكن هذا ما فكرت فيه وقتها كحل لحياتها التعيسة .. لكن للأسف اجهضت تلك المحاولة حين شعر بها بدير وهو يصلي الفجر ولمحتها وجدان وهي تخرج ملثمة من البوابة فأسرع أخوها بالاتصال بعماد الذي لحق بها على بعد عدة شوارع وأعادها للبيت .. ويومها ضربها ضربا مبرحا حتى أحدث لها كسرا في ذراعها الذي سبق وانكسر معصمه ..ولولا تدخل بدير وأولاده يومها لكان عماد قد شوهها أو ربما قتلها .. وهكذا أعادوها لبيت بسطاويسي مدعين بأنها قد سقطت من فوق السلم.. وبقي هذا الأمر سرا بينها وبين أخويها وعائلتيهما فقط دون أن يعرف بسطاويسي .
مسدت كاميليا على ذراعها وهي تستعيد الذكرى المؤلمة وتطلعت بمشاعر مكتئبة في بسطاويسي الذي يكمل ارتداء ملابسه ..
إنها لا تطيقه .. وكيف تتقبله وهو لا يليق بها .. ولهذا لن تدع محاولات ضرائرها للسخرية منها لأنها لم تنجب منه أن تجعلها تغير قناعتها .. فهي ترفض ذلك منذ البداية ولا تتصور أن تحمل في رحمها طفلا من بسطاويسي وهو لا يهتم بالأمر ربما لأنه يملك جيشا من الأولاد .. ويحب تفرغها له بدون الانشغال بأي طفل .
وإن كان على أمواله فهي تحصل منه على ما تستطيع الحصول عليه .. وتستخدم ضعفه أمام جمالها وجسدها لتحصل على ما تريد من مال وهدايا .. الشيء الوحيد الذي تستطيع الحصول عليه منه ..لكنها غير قادرة على تغيير نمط حياتها الخانقة الضاغطة معه ولا الإفلات من يد تلك المرأة المتسلطة عوالي .. ليتهما يموتا في ساعة واحدة وتتخلص منهما ..بسطاويسي وعوالي .. ليتها ترى موتهما في القريب العاجل حتى تتحرر من ذلك السجن .. بل إنها لو تجد طريقة لقتله دون أن تدخل السجن لفعلتها.
"كاموليتي أنا أتحدث معك"
انتبهت على صوته في جلستها على السرير فقالت "ها؟"
كرر بسطاويسي ما قاله" أقول أني سأذهب لذبح الأضحية ولا تتأخري في النزول كالعيد الماضي فيتوتر الجو ونقضي اليوم في المشاجرات .. كما أن اليوم سيكون مزدحما بالولائم والضيوف"
لوت شفتيها فأسرع بالقول ليغير من مزاجها "هل أنت سعيدة بالأساور التي اشتريتها لك؟"
هزت رأسها بصمت فقال "المهم كاموليتي لا ترتديهن الآن حتى يلاحظنها الباقيات ..تعلمين لا أريد مقارنات وغيرة ووجع رأس "
مطت شفتيها ثم قالت "مهما اخفينا فعوالي لا يخفى عليها شيء وستلاحظهن حين ارتديهن يوما .. وكأنها تحفظ كل قطعة من ذهبي جئت بها إلى هذا البيت وكل قطعة ملابس"
قال وهو يضع هاتفه في جيب جلبابه" عوالي ذكية وعاقلة ..صحيح لا يفوتها شاردة ولا واردة لكنها تدعي الجهل .. (و أضاف بلهجة ذات مغزى ) المهم يا كاموليا جهزي نفسك لسهرتنا الليلة .."
رن هاتفها فلمحت اسم ميس لكنها اعتدلت بجذعها جالسة وقالت باندهاش "أليس اليوم هو يوم زوجتك …"
قاطعها قائلا "العيد كله سأقضيه معك كاموليتي (وتحركت انظاره على جسدها الفاتن في ذلك القميص المكشوف وأضاف ) هن مشغولات بأولادهن وبالمجاملات الاجتماعية ..أما أنت فمتفرغة لي يا حياتي.."
وتحرك نحوها فتحكمت بشعور داخلي بالاشمئزاز واستسلمت لقبلته المريعة ملتهما شفتيها ويده تتحسس مفاتنها قبل أن يطلق سراحها مغادرا الغرفة وهو يقول "سأقابلك على الغداء بالأسفل وسأظل على شوق حتى يأتي المساء لذا لا تتأخري في بيت العسال مساءً.. سأكلف أحدا من أولادي ليوصلك عند المغرب وإن لم أكن متفرغا لأعيدك سأرسل لك منهم من يعيدك .. سلام"
غادر الغرفة وسمعت باب الشقة يغلق فالتقطت منديل ورقي ومسحت فمها جيدا ثم رقدت على جنبها مغمضة العينين تدعو عليه بالموت ..وبأن تصبح أرملة في القريب العاجل .. ثم أسرعت بإطلاق العنان لخيالها الذي باتت تعيش فيه أكثر من ذي قبل .. فتخيلت نفسها محاطة بالكثير من الرجال المعجبين بها والنساء الحاقدات عليها .. ورأت نفسها أجمل ما يكون وتخيلت رجلا مفتول العضلات يسير بجوارها وهي متعلقة بذراعه وتتباهى به أمام الجميع ...
الخيال هو الشيء الوحيد الذي تهرب فيه من واقع لا تريد أن تعترف بأنها من ذهبت إليه بقدميها وبغبائها ونرجسيتها .
××××
وصلت سيارة مفرح لبيت العمدة بعد أن أوصلت مليكة للسرايا ..لقد طلبت نحمده صراحة من ابنها قبل سنوات ألا تدخل مليكة لبيت العمدة أبدا ..ورغم تدخل الحاج عبد الرحيم وقتها ناهرا مستنكرا لطلب زوجته ..ليس حبا في مليكة ولكن خوفا على مشاعر مفرح.. لكن الأخير أخبرهما بأنه لن يضغط على أمه في تقبل من لا تريد في بيتها .. و لا يرضى لمليكة ان تدخل مكانا غير مرحب بها فيه لذا قرر ألا تزور مليكة بيت العمدة أبدا .. متجاهلا الهمس الذي يدور في البلدة والذي يستهجن انقطاع مليكة عن زيارة بيت حميها.. لكن مفرح عود نفسه على التجاهل فليس بيده ما يستطيع فعله في هذه العلاقة المعقدة بين العائلتين.. فقام بفصل الفريقين وأسقط من حساباته أي شيء أخر ..ولهذا كلما زاروا البلدة يوصل مليكة لسرايا الصوالحة ويأخذ أولاده لبيت العمدة .. وقد سبق وأن زاره العمدة عدة مرات في بيته في العاصمة على قدر ما كانت صحته تسمح .. حتى فايزة زارته مع زوجها وأولادها أكثر من مرة وكل منهما يحاول الابقاء على صلة الرحم .. وحدها نحمده التي لا تزال تعاند ..
الزمن يتدخل أحيانا لرأب الصدع وإخفاء الجروح لكنها لم تتزحزح عن موقفها بل تزداد عنادا كلما شاخت .. حتى علاقتها بأولاد مفرح فاترة وكأنها قد قررت اخراجهم من قلبها بسبب كرهها لأمهم التي انتصرت عليها أكثر من مرة .
ترجل أدهم من السيارة التي كان يقودها من سرايا الصوالحة إلى بيت العمدة ووقف يرفع عينيه وقلبه يرتجف أمام تلك التي تقف في شرفة المنزل المجاور شابة في السابعة عشر لا تزال تسرق نبضة من قلبه رغم عدد الفتيات اللاتي قابلهن في العاصمة .. فتحركت منة الله بمجرد أن رأته ينظر نحوها وعاد إليها شعورها بالغضب .. وهمت بمغادرة الشرفة لكن إياد وقف بجوار أخيه ولوح لها قائلا" عيد سعيد يا باشا"
غمغمت "عيد سعيد يا إياد"
قالتها ونظرت لأدهم شذرا ثم دخلت من الشرفة بعصبية ..فطحن الأخير ضروسه ليقول إياد " أنت بهذا الشكل لن تكسبها أبدا.. إنك تتصرف كجحش بري معها"
ناظره الأخير شذرا وقال باستهجان وعجرفة" ومن قال لك بأني أسعى لكسبها!!"
حدجه إياد بنظرة متعجبة ثم ضرب كفا بكف وهو يتوجه للسيارة لمساعدة والده في إخراج اخوته ..وتركه يقف متخصرا في وسط الشارع عيناه معلقتان لأعلى.
خرج عويس من بوابة العمدة يرحب بمفرح وأولاده وهو يردد بما شاء الله .. فقال مفرح له وهو ويساعد ابنته على مغادرة السيارة" احمل الأكياس التي بحقيبة السيارة إلى الحاجة نحمدو يا عويس"
قالت أشرقت لوالدها وهي تعطيه دبوس الشعر الذي سقط من شعرها البني الذي يشبه شعر أمها" شعري أصبح غير مرتب"
قال مفرح حائرا وهو يرفع لها خصلة من شعرها ويضع الدبوس" لا أعرف كيف صففت لك أمك شعرك"
كانت ترتدي فستانا قطنيا باللون الأبيض ذا خصر مرتفع ينزل باتساع بسيط حتى بعد ركبتيها .. كان بدون أكمام ومشغولا من عند الصدر بوردات بالخيط ملونة .. وحذاء أنثوي أرضي بسيط كبساطة الفستان الذي يعكس ذوق أمها وأناقتها ويحمل اسم ماركة ملابس شهيرة.. أما شعرها فكان مسدلا على ظهرها رفعته لها مليكة من الجانبين والأمام بخصل ملفوفة مثبتة بعدد من الدبابيس على شكل فراشات ملونة فوق رأسها.
انتهى مفرح من تثبيت الدبوس فوقع في الثانية التالية لتقول أشرقت بحنق "أنت فاشل يا أبي في تصفيف الشعر مثلما تصففه أمي"
قال الأخير متهكما وهو يلتقط الدبوس ويتفحصه" حبيبتي لا يوجد بشري على هذه الأرض ينافس أمك في هذه الأمور "
اقترب منه إياد يقول ضاحكا وهو يتابع تركيز مفرح في الدبوس ومحاولة غلقه وفتحه "ماذا تفعل يا أبي؟"
غمغم مفرح "أحاول أن أفهم Mechanism (آلية) هذا الدبوس "
انفجر إياد ضاحكا يقول "ميكانيزم يا أبي!!"
شاركه مفرح الضحك ثم ترك له الدبوس ومال على أشرقت يحضن وجهها بكفيه ويقبل خدها قائلا بمداعبة أبوية " أنت جميلة ومشرقة في قلب أبيك ولا تحتاجين لشيء يبرز جمالك "
اتسعت ابتسامتها برضا بينما سأل مفرح أمجد الذي يجلس القرفصاء يتابع شيئا بجوار الحائط "ماذا تفعل يا أمجد؟"
قال الأخير باهتمام" هناك حشرة في التراب انظري يا شيرو"
اشمأزت الأخيرة وابتعدت تقف خلف إياد قائلة "لا تجعله يخيفني بها يا أودة"
قال مفرح وهو يحمل أصغر أبنائه بعد أن فك حزام مقعده "أترك الحشرات وتعال يا أمجد"
لمعت عيني الأخير ونظر لأخته بنظرات ماكرة ثم أمسك بالحشرة متجها نحوها فصرخت متشبثة بساق إياد ..ليقول له الأخير " ألم تسمع ما قاله أبوك .. اترك الحشرة وكف عن إخافتها وإلا سأطعمك الحشرة بنفسي "
ناظر أمجد أخته وقال بامتعاض" أنثى تافهة!"
في تلك الأثناء كان مفرح يبتسم وهو يتطلع في مصطفى الزيني العائد وحده مع حفيده بعد الصلاة والذي بادره قائلا بابتسامة" كل عام وأنت بخير يا دكتور مفرح"
اقترب مفرح يسلم عليه بحرارة قائلا "أهلا يا جدو"
ابتسم الأخير وقبل حفيده على وجنته فقال مفرح "ما شاء الله من يراك لن يصدق أنك في الخمسين من العمر وبأنك صرت جَداً"
قال مصطفى بابتسامة شقية" الأولاد هم من يكبروننا يا مفرح "
غمغم مفرح مؤيدا وهو يشير على أدهم وإياد الذين أدخلوا أخوتهم الصغار في بوابة بيت العمدة" أعرف عما تتحدث فعندي درفتي باب أحيانا لا أصدق كيف تمر السنون بهذه السرعة"
قال مصطفى وهو يسلم على أدهم وإياد الذين اقتربا بينما مفرح يخرج عملة ورقية ويضعها في جيب الصغير "ما شاء الله فليصلح الله من شأنهما ويجعلهما لك سندا يدعيان لك من بعدك"
بتهور المراهقين اندفع أدهم يقول "أريد أن أتحدث معك في أمر ما يا عمي"
عبس مفرح بينما جف حلق إياد بترقب ليقول أدهم وهو يحاول أن يسيطر على غضب مكبوت قائلا لمصطفى الذي ينظر إليه بفضول "لماذا تسمح لمنة الله بأن تتواجد في مجموعة الدردشة الخاصة بفصلها على الواتساب؟ .."
لاحت الجدية على وجه مصطفى بينما نكز إياد أخوه في ظهره بحركة مخفية لكن الأخير كان كقدر يغلي رُفع عنه الغطاء فاندفعت منه الأبخرة الحارقة دون سيطرة فأردف أمام نظرات أبيه المندهشة " أنا أعلم بهذه المعلومة من أصدقائي في المدرسة القديمة ..ولم يعجبني هذا أبدا وأمرتها..."
قاطعه مصطفى قائلا بهدوء خطر" أمرتها!!!"
أحس مفرح بأنه على وشك الإصابة بجلطة بينما أسرع أدهم ليصحح الكلمة بارتباك "أقصد طلبت منها أن تغادرها لكنها رفضت"
ساد الصمت ..ونكز إياد قد تحول لقرص موجع في ظهر أخيه فمسد مفرح على لحيته عدة مرات محرجا وهو يحدج ابنه بنظرات غاضبة بينما احمر وجه الأخير وازداد ارتباكه وقد أدرك بعد فوات الأوان أنه قد تهور.
أما مصطفى فحافظ على هدوئه المهيب ورد" هل مجموعة الفصل هذه شباب فقط أم شباب وبنات؟"
أسرع أدهم بالرد "طلاب الفصل كله شباب وبنات"
قال مصطفى " إذن هي ليست الوحيدة من بنات فصلها فيه .. هل وصلك أي تجاوز منها مع أي طالب أخر بشكل يخرج عن إطار الغرض الخاص بالمجموعة وهو تبادل المعلومات التي تخص أحوال الفصل والدروس وخلافه؟"
أحس أدهم بالحرج فأسرع بالقول مصححا " لا لا حاشا لله لم يكن هذا قصدي فمنة الزيني فخر لعائلة الزيني كلها بأخلاقها وأدبها"
قاطعه مصطفى بنفس الهدوء يقول " إذن ما دامت لا تفعل شيئا يخرج عن الحدود التي تجعلها فخرا لأولاد الزيني فلا أرى سببا لطلبك هذا يا أدهم"
استطاع مفرح أخيرا الحديث فتدخل قائلا" ابنتك فخر لعائلة الزيني كلها ما شاء الله عليها .. ( واستدار يقول لابنه بلهجة حازمة ) لذا لا تتدخل فيما لا يعنيك يا أدهم (وأسرع بتغيير دفة الحديث قائلا لمصطفى ) هل بدأوا في ذبح الأضاحي؟"
رد مصطفى "أجل ذبح أضاحي بيت العمدة وبيت فاضل الزيني تجري حاليا وأولادي هناك يباشرون الأمر.. أنا جئت فقط لأعيد مصطفى لأمه وسألحق بهم .. هل ستحضر لتباشر توزيع الجزء الخاص ببيت العمدة على مستحقيه يا أبا أدهم "
قال مفرح بامتنان "بارك الله فيك يا أبا حمزة وفي أولادك.. بصراحة لولا وجودك أنت وأولادك لما استطعت أنا انجاز المطلوب مني في بيت العمدة (وربت على كتفه مضيفا) لكنك دوما الرجل الذي يعتمد عليه .. أنا سآتي أنا وأدهم وإياد لنشارك فرحة الذبح وتجمع أولاد الزيني لكن أمور التوزيع على المستحقين فسأتركه لك فأنت أعلم بها مني "
قال مصطفى وهو يتحرك نحو بوابة بيته" لا بأس ..استعدوا إذن لنذهب معا"
تحرك معه مفرح حتى بوابة بيت فاضل الزيني المجاور لبيت العمدة ثم قال بصوت خافت معتذرا "لا تؤاخذنا على ما قاله أدهم .. تهور الشباب ..أعدك ألا يتخطى حدوده مره أخرى "
هز مصطفى رأسه عدة مرات ثم قال" أخبرني حينما تستعد لنذهب سويا"
حين دخل مصطفى قابلته صفاء بابتسامة لكنها عبست حينما وجدته جاد الوجه يعطيها حفيده فنادت على زوجة ابنها الطبيبة الشابة واعطتها مصطفى الصغير فأخذته الأخيرة واتجهت لإحدى الغرف بينما نادى مصطفى على منة.
سألته صفاء بقلق " هل حدث شيء؟"
رد عليها وهو يشاهد منة تنزل مسرعة" سأخبرك فيما بعد"
قالت منة" نعم أبي"
سألها " ماذا حدث مع أدهم الزيني؟"
ارتبكت منة وأسرعت بالقول" لا شيء كان معترضا على وجودي في مجموعة الفصل على الواتساب ويريدني أن أخرج وأن أكلف إحدى الزميلات بإخباري بالمهم فيه أولا بأول"
"وماذا قلت له حينما طلب ذلك؟"
أجابت والدها " أخبرته بأنه ليس من حقه أن يطلب مني هذا الطلب ..فأنا كبيرة وناضجة وأعرف المسموح به وغير المسموح .. وبأنه لا يحق له الانفعال عليّ"
رفع مصطفى حاجبه يردد بتحفز أبوي " انفعل عليك !"
أسرعت منة بتوضيح موقف أدهم " هو فقط كان حادا في حديثه ..وأنا أخبرته بأني لا أسمح لأحد بتوجيهي أو الاعتراض على ما أفعل .. أو أن يتعامل معي بهذه الطريقة فهو ليس أخي أو أبي وتشاجرنا وانتهى الأمر على ذلك"
هز مصطفى رأسه وقال "أحسنت قولا وفعلا .. وإياك أن تسمحي لأحد بتخطي حده معك حتى لو كان قريبا لنا "
هزت منة رأسها ثم سألته بتوجس" هل عنفته يا أبي؟ .. رأيتك من الشرفة تتحدث معه"
ضيق عينيه يسألها بدلا من أن يجيبها" وهل يفرق الأمر معك إن كنت عنفته أو لا"
ارتبكت منة وأسرعت بالقول" أنا أقصد أن أوضح أن أدهم لم يقصد الإساءة هو فقط عصبي ويتهور أحيانا هذه طبيعته لكنه في المجمل مهذب جدا "
تأمل مصطفى ابنته في صمت لبرهة ثم رد "عصبي أو متهور .. كل هذا لا يهمني .. المهم ألا يتعدى حدوده"
هزت منة رأسها ثم سألته" أين حبيبة؟"
أجاب والدها وهو يهم بالتحرك نحو غرفة مكتبه " مع حمزة أخذها ليشتري لها بعض الأشياء ..وبقية اخوانك مع الجزار وسألحق بهم بعد قليل عودي لما كنت تفعلين "
أطاعت منة وتحركت مغادرة وذهنها مشغول بذلك البغيض الفظ الذي يدعى أدهم الزيني .. في الوقت الذي رن فيه هاتف مصطفى فتطلع في المتصل ثم أعاده لجيبه فسألته صفاء بفضول" ماذا حدث مع أدهم؟"
رد مصطفى " لا شيء الولد تصرف بتهور ووضعته عند حده "
ضحكت صفاء وقالت "ألا يزال يبدي اهتماما بها ؟"
رد مصطفى بهدوء " لا تتسرعي في نسج الأحلام يا صفاء .. إنهما لا يزالان صغيران ومشاعره قد تتغير مع مرور الوقت خاصة مع احتكاكه ببنات العاصمة"
بحمائية واندفاع قالت صفاء" وهل ابنة مصطفى الزيني أقل في شيء حتى من بنات العاصمة .. كما أنهما ليسا صغارا .. هل نسيت أني تزوجتك وأنا في مثل عمرها ؟.. صحيح أنت كنت أكبر قليلا منه .. كنت في العشرين من عمرك لكن لم نبتعد كثيرا عن عمره"
رد مصطفى مبتسما " الزمن اختلف يا صفاء (وأضاف مناغشا وهو يداعب ذقنها) كما أنه لا توجد من تقارن بك في شيء حتى ابنتك.."
أمسكت بيده تقول بتأثر" اعدتني ثلاثين عاما للوراء .. حين تقدمت لخطبتي .. رأيتك شابا مميزا .. وشعرت وقتها بأني محظوظة .. وبعد كل هذه السنوات أقول بأني أكثر حظا مما ظننت .. لا حرمنا الله منك يا أبا حمزة ورزقك السعادة في الدارين"
ضم كفها بيده قائلا " رزقنا أنا وأنت يا صفاء.. أسأل رب العرش العظيم ألا يفرقني عنك في الدنيا أو في الآخرة .. ( وأضاف بابتسامة ) بالمناسبة لقد تحدثت مع هلال جمعة "


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-12-20, 10:58 PM   #3757

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

(4)



في بيت العمدة كان مفرح ينفرد بأدهم في إحدى الغرف ويواجهه غاضبا" بالله عليك ما هذا السخف الذي فعلته؟!.. هل أنت صغير لتتصرف بهذا الحمق!!"

وقف أدهم أمامه متقبضا مكفهر الوجه ولم يجد ما يبرر به فعلته التي يعترف بأنها حمقاء فأضاف مفرح" حتى وإن كانت لديك مشاعر تخص منة ..فلا يصح أن تفعل ما فعلت مع والدها .. من أنت لتتدخل؟ .. وبأي حق تناقش والدها فيما يخص ابنته؟"

قاطعه أدهم بإنكار لا يزال يمارسه حتى مع نفسه" أنا لا أحمل أي مشاعر خاصة تجاه منة الله"

ناظره مفرح باستهجان فأضاف الأخير" إنها قريبتي ومن الطبيعي أن أنصحها.."

هدر مفرح غاضبا " احتفظ بنصائحك لنفسك فليس لك الحق في التدخل"

غمغم أدهم بعصبية " هذا خطئي لأني أردت لفت نظرهم لشيء.. لن أفعلها ثانية.. هي لا تهمني من الأساس.. تدخل المجموعة تخرج منها أو حتى تدردش مع أحد زملائها لا يهمني الموضوع "

ربت مفرح على صدغ ابنه ببعض الخشونة قائلا بلهجة ساخرة" أجل لا يهمك يا ابن مفرح .. فاضبط نفسك وأحمد ربك أن مصطفى الزيني رجل راجح العقل"



طحن أدهم ضروسه بينما تحرك إياد الذي كان يقف بالقرب من الغرفة مبتعدا بعد أن كان يشعر بالتوتر من المواجهة بين أدهم ووالده لكنه حمد ربه حينما وجد الموقف بينهما تحت السيطرة..

في غرفة العمدة كان الأخير جالسا على إحدى الارائك يتطلع بسعادة في أحفاده الصغار ويخرج ببطء وبيد مرتعشة من حافظة نقوده أوراقا مالية من فئات صغيرة ليعطيها كعيدية.. فاندفع أمجد الزيني قائلا" جدي عبد الغني أعطاني عيدية وأخوالي كانوا سيعطونني لكن أبي قال حينما نعود"

قال عبد الرحيم بعبوس طفولي "وأنا سأعطيكم أكثر مما سيعطيكم عبد الغني وأولاده .. وهل جدكم عبد الرحيم الزيني قليل "

هتف أمجد "يحيا جدي"

أخذت أشرقت من عبد الرحيم العيدية ووضعتها في حقيبتها الأنيقة بينما دخلت فايزة تمسك بيد أوس وهي تقول لوالدها " عيناه أصبحتا خضراوين بنفس درجة عيني مفرح بعد أن ولد بهما زرقاوان "

ابتسم عبد الرحيم وهو يتطلع في أصغر أحفاده وأشار لفايزة قائلا" قربي مني هذا الولد الذي انسى اسمه دوما"

قالت فايزة وهي تقربه منه " أوس يا أبي أوس"

غمغم عبد الرحيم وهو يمسد على رأس حفيده بيده المرتعشة ويميل ليقبله "يصعب عليّ حفظه"

غمغمت فايزة بفم ملوي" أكيد من اختيار بنت الصوالحة"

قالت أشرقت "لم أقبلك يا جدي ..أنت عيّدت علي بالمال.. وأنا سأعيد عليك بالقبلات"

غامت عينا عبد الرحيم وهو يميل بجذعه ليمنحها خده حتى تطبع عليه قبلة أنعشت قلبه العجوز ثم طبع قبلة على رأسها بسعادة كبيرة ..بينما لوت فايزة شفتيها مرة أخرى وأسرعت بحمل أوس ومغادرة الغرفة وهي تغمغم بصوت خافت "مائعة وساحرة كأمها"

خرجت فايزة لنحمده التي تجلس في بهو بيت العمدة مكتومة لم يعد شيء يسعدها .. لا شيء .. حتى أولاد مفرح الصغار لا تشعر ناحيتهم بأي عاطفة بسبب كرهها لأمهم ولكل شيء يدور حولها بشكل يخالف لما تريد .. وقد بات كل شيء مخالفا..

قالت فايزة وهي تدلل الصغير "سلم على جدتك يا أوس"

قالت نحمده بعصبية" اتركيه بالأرض إنه ليس صغيرا ويتحرك كالعفريت هنا وهناك"

مطت فايزة شفتيها وانزلته وهي تقول" ألن تكفي عن هذه العصبية يا أمي ..إنك لم تعودي تري مليكة .. ومفرح يأتي بأولاده كل فترة .. وها هي قد انجبت لمفرح ثلاثة أولاد"

ردت نحمده تناظرها بقرف " تغيرتِ يا فايزة ..تغيرتِ منذ أن تعودت قدماك على زيارتهم في العاصمة"

ردت فايزة موضحة "أخبرتك من قبل بأنني لم أتغير يا أمي لازلت لا أحبها ..ولازلت أرى أن مفرح يفعل الكثير ليميزها عن بقية النساء وهذا يحرق دمي ..ولازلت متفقة معك في شعورك تجاهها ..لكن الحياة لابد أن تستمر ..وليس من الطبيعي أن أقاطع أخي الوحيد من أجلها.. كمان أنه بعدما أخذها للعاصمة وبعدما أنجبت له الأولاد لم يعد هناك مجالا ليفترق عنها .. ولهذا كان لابد أن أتصرف بذكاء كي لا أخسره وتكسبه هي وحدها "

غمغمت نحمده " بلا بذكاء .. بلا بغباء ابعدوا عني واتركوني في حالي "

اقترب أوس وأخرج من جيبه ورقة مالية من التي منحها له جده عبد الرحيم وأعطاها لنحمده فنظرت له بحاجب مرفوع بينما ضحكت فايزة وقامت بسحبه من أمام جدته وهي تقول "احتفظ بها يا حبيبي "

ووجهته ليغادر الغرفة وهي تنادي على إحدى بناتها لتأخذه ..ثم وقفت تتطلع في أمها بحيرة وأسف .



أما في الخارج فأعطى أمجد لأدهم ما يملكه من نقود وهو يسأل" كم هذا المبلغ؟"

رفع أدهم حاجبا وقال له "ألا تستطيع العد؟"

هرش أمجد في رأسه وقال بحروفه الضائع نصفها " الأرقام كبيرة أهم شيء أخبرني هل هذه النقود تكفي لأشتري سلاحا في اللعبة؟"



في نفس الوقت خرج إياد إلى ساحة بيت العمدة خلف والده الذي كان ينتظره هو وأدهم للذهاب لمكان ذبح الأضحية وقال وهو يعطيه الهاتف " أمي تريدك .. وتسألني لماذا تغلق هاتفك"

جز مفرح على أسنانه وهمس " كان من الممكن أن تخبرها أني غادرت"

رقص إياد حاجبيه ورد بهمس " أتريدني أن أكذب .. استغفر الله !"

خطف مفرح منه الهاتف بغيظ وتحرك خطوتين مبتعدا فتركه إياد وعاد للداخل إلى حيث تجلس جدته وصاح فيها بصوته الذي أصبح رجوليا خشنا وهو يضرب على الباب فجأة فأفزعها " افردي وجهك يا نحمدو .. ألا تشعرين بالسعادة لرؤية أحفادك ورؤيتي على وجه الخصوص !!"

ضحكت فايزة وسألت إياد" هل تنوي أن تلحق بأدهم وتدخل كلية الهندسة أنت أيضا؟"

تنهد إياد بطريقة تمثيلية ورد " لا.. أنا أنوي الاكتفاء بهذا القدر من التعليم وأتزوج وأجلس في البيت معزز مكرم"

انفجرت فايزة بالضحك بينما رفع هو حاجبه لجدته التي لم يعد يضحكها شيء وقال لها متوعدا " صدقيني ستضطرينني لأن أدغدغك في النهاية فأنا أكره الكآبة "

أما في ساحة البيت وقف مفرح يسمع مليكة التي هتفت بشك" هل أضعت هاتفك مجددا يا مفرح؟!"

فمسد على لحيته عدة مرات ثم قال معترفا " حبيبتي دعيني أشرح لك ملابسات الموقف"

××××

بعد قليل

أغلقت مليكة الهاتف وزفرت مغمغمة" فقدت فيك الأمل يا مفرح.. هل نعين لك شخصا ليحمل لك هاتفك وأوراقك؟!"

فرد علي ذراعه على كتفيها يسألها" هل حدث شيء؟"

انتبهت وردت" لا شيء كنت أطمئن على الأولاد"

قال علي وهو يسير معها ليخرجا من الغرفة لبهو السرايا" تعالي لتري ماذا أحضر اخوتك من هدايا لأولادك"

ناظرته مليكة قائلة" تقصد أشرقت بالذات"

ضحكة مكتومة خرجت من فم علي فلوت مليكة شفتيها وهي تقترب من تجمع العائلة الذي يملأ بهو السرايا بأولاد الصوالحة والأحفاد المتجمعين في يوم العيد.. ودققت في الأكياس الموضوعة على المنضدة ثم قالت" يا جماعة تحدثت معكم من قبل فيما يخص أشرقت وأخبرتكم بأن تدليلها الزائد والمنح المبالغ فيه سيفسدها"

رد بشر ببراءة مصطنعة " نحن توقفنا عن شراء الهدايا لها كلما حضرت إلى هنا كما طلبت منا .. لكن اليوم يوم عيد ..ولم نحضر لها وحدها أحضرنا لكل الأطفال .. أليس كذلك؟"

قالها وهو يتطلع في وجوه إخوته الباقين فغمغم أكرم بحرج معترفا" بصراحة أحضرنا للأولاد هدايا رمزية كي نغطي على فعلتنا (ونظر لمليكة يقول بابتسامة طفولية) لن أجادلك فيما تقولين لكني بالفعل غير قادر على التحكم في نفسي"

ردت ابتسام زوجته ساخرة" إنه يتصرف كالمراهق صدقيني.. كلما مررنا على محل للألعاب أو لملابس الأطفال توقف من أجل شراء شيء لأشرقت ..والله لم يفعلها حينما كان أولاده صغارا .. أنا لو كان بإمكاني الإنجاب حاليا لفعلتها لآتيه بطفل صغير حتى يلتهي به عن بنتك "

كانت مليكة تدرك جيدا أنهم يرون فيها نجمة وتتفهم مشاعرهم ..لكنها لم تر فيها نجمة أبدا .. والتي لو لم تمت لكانت شابة في عمر أدهم .. فنجمة وأشرقت عندها مختلفتان ربما لأنها أمهما والأكثر إحساسا بهما ..

أسرعت بنفض الذكريات المؤلمة من رأسها وقالت وهي تنظر لملك ابنة أكرم "العقبى لملك إن شاء الله حينما تتزوج وتنجب لك حفيدا يا أكرم (وأضافت بلهجة ممتنة ) أنا شاكرة جدا لما تفعلونه لكن أنتم تعلمون جيدا أن هذا أسلوب خاطئ في التربية لهذا لن أستطيع أن أقبل الهدايا (ونظرت لوالدها الجالس على يمينها واستدركت) عدا هدية الحاج حبيبي لها"

تدخل عبد الغني قائلا" خذي كل الهدايا هذه المرة يا مليكة فمنها ملابس ستصغر عليها إن تركوها لمناسبة أخرى.. خذيها ولا تكسري بخاطر إخوتك وهذه فعلا المرة الأخيرة.. "

تنهدت مليكة وقالت وهي تتحرك لتجلس بجواره "حاضر يا حاج ..لكن هذه حقا أخر مرة "

قال عبد الغني عابسا "لكن هذا الكلام لا ينطبق عليّ فأنا جدها واشتري لها ما أشاء حتى لو اشتريت لها سيارة حقيقية"

ربتت مليكة على ظهره ثم حضنت ذراعه تقول بدلال" بالطبع جدها حبيبي يفعل ما يريد "

وطبعت قبلة على خده .. فتدخل عمار يشاكس والده" ما معنى هذا ؟..عليك أن تعدل بين أحفادك يا حاج عبد الغني ..ألا يكفي أنك تميز مليكة عنا طوال عمرك باعتبارها الابنة الوحيدة (وغمز لإخوته ثم أضاف ) إن اشتريت لأشرقت سيارة تشتري لكل واحد من أحفادك سيارة مثلها"

هلل الأحفاد ومنهم من صفق ومن صفر فهدر العجوز عابسا "اخرسوا .. أنا أشتري ما أريد لمن أريد .. ومليكة عندي وأولادها في ركن خاص بقلبي فتقبلوا هذه الحقيقة أو اشربوا من البحر"

غامت عينا مليكة وأمسكت بيد والدها تقبلها ورفعت رأسها تمطر خده بالقبلات مغمغمة" لا حرمني الله منك يا ابي "

بينما غمغم عمار وهو يكتم الضحك" حاضر يا حاج سنشرب من البحر "

××××

بعد الظهر

"بسمة أين أنت يا بُسبُس ؟"

قالتها مهجة وهي تخرج من باب البيت فوجدتها في الساحة تلعب في التراب وقد أفسدت فستان العيد فأسرعت إليها قائلة بعبوس "انظري ماذا فعلت بنفسك وبالفستان!"

قالتها وهي تجرها خلفها لتعود للبيت فقالت بسمة الكبيرة لمهجة وهي تنظر لأبنة أخيها التي تبلغ من العمر عامين" لماذا لم يأخذها وليد مع الأولاد لمزرعة المواشي ؟"

ردت مهجة مفسرة" كانت نائمة.. سأصعد لأبدل لها ملابسها"

قالت بسمة مشاكسة "ترفقي بشبيهة عمتها أنا أحذرك يا بنت الزيني"

ضحكت مهجة وحملت ابنتها وصعدت لشقتها بينما تكلمت فاطمة تكمل ما كانت تقوله " لا توجد حجج أخرى يا بسمة.. ستنفذين ما قلته لك .. الشهادة التي كنت تريدينها وأضعتِ كل هذه السنوات بعد الولادة للحصول عليها ها أنت قد نلتِها والحمد لله"

قالت بسمة بمراوغة" يا أمي لم يمر على حصولي على الماجستير إلا أسبوعين و لم أتعافى بعد من المجهود.. تعرفين كيف مرت السنين الماضية بصعوبة ما بين تربية التوأمتين والدراسة"

قالت فاطمة تحاصرها " وانتهت الفترة والحمد لله يا بسمة ..لاحظي أنك أصبحت في السادسة والثلاثين من عمرك يا بنيتي .. وفرص الإنجاب تقل مع تقدم العمر ..وكل من حولك ما شاء الله أنجب مرتين وثلاثة ..حتى ونس أتم لها الله على خير حامل للمرة الثانية"

قالت بسمة وهي تستعيد أيام الحمل الصعبة في التوأمتين والولادة والفترة التي تلتها" أنا أنجبت توأمتين يا أمي .. وكان من الطبيعي أن آخذ هدنة بعدها"

قالت فاطمة بإصرار " خمس سنوات راحة تكفي ..ولا تؤجلي الموضوع أكثر من ذلك"

لوت بسمة شفتيها وقالت "هل سلطك أبي بعدما فشل في استفزازي في الغدوة الروحة لأني لم أنجب ذكرا؟!"

قالت فاطمة موضحة " أنت تعلمين أني كنت صابرة عليك شفقة على انشغالك بالدراسة والمشروع وتربية التوأمتين ..لكن مادامت الدراسة قد انتهت ونلت الشهادة نفكر في هذا الأمر الهام"

غمغمت بسمة مشاكسة "ومن قال لك بأن الدراسة انتهت ..هناك الدكتوراه حتى أصبح الدكتورة بسمة مثل مفرح "

ضربت فاطمة على صدرها وناظرتها بصدمة فأشفقت عليها بسمة و قالت ضاحكة وهي تفرد ذراعها على كتفيها " ولكني بالتأكيد سآخذ هدنة قبل التسجيل للحصول على الدكتوراه يا أمي"

ناظرتها فاطمة بعدم فهم وقالت " وما أهمية تلك الشهادة يا بنيتي.. أنت حمدا لله متزوجة ولديك أولادا وعندك مشروعك الخاص الذي يتوسع مع الوقت اللهم بارك حتى أنك زودت عدد العاملات فيه"

ربتت بسمة على ظهرها وأجابت "أريدها من أجل بسمة يا أمي .. أشعر بأنها ستضيف لي الكثير"

ناظرتها فاطمة بحيرة فقالت بسمة وهي تطبع قبلة على خدها "أعدك أن أفكر بجدية في أمر الإنجاب ثانية ...المهم عليّ أن استعد للمغادرة فكامل يتنظر بالخارج"

قالت فاطمة" والله لم أشبع من البنتين بعد"

قالت بسمة مبتسمة " ألم نكن عندك الأسبوع الماضي يا فاطمة .. للأسف كامل مصر على العودة بسرعة .. يقول بأن لديه هو وشامل أمر مهم بالعاصمة ..أين مهجة لأسلم عليها ؟"

في الخارج تطلع كامل الذي يتحدث في الهاتف مع توأمه في توأمتيه اللتين تخرجان من بوابة مزرعة المواشي المجاورة مع خالهما وليد وابن خالهما يزيد ..فابتسم وهو يلاحظ الحماس البادي عليهما وتأملهما كيف كبرتا وأصبحتا في الخامسة من العمر ..

راقب خطواتهما التي تشبه القفز بما يدل على حماسهما.. في فستانين متشابهين باللون الفوشيا وحذاء أرضي أنثوي مريح .. وشعرهما الأسود مسدلا على ظهريهما ..

أسرعت هنا تقول لوالدها" أطعمنا البقرة والجاموسة يا أبي"

فأضافت هانيا بحماس "ورأينا البقرة الصغيرة التي ولدت قبل أيام كانت ترضع من أمها"

هز كامل رأسه لهما وقال قبل أن يعود لحديثه على الهاتف" ألن نقول شكرا يا خالي"

قالت التوأمتان في وقت واحد" شكرا خالي وليد"

مال عليهما وليد يحضنهما معا ويطبع قبلات على خديهما قائلا بلهجة حانية "وهل عندي أغلى من قطتاي الصغيرتين (ثم نظر لابنه ومال يقبل وجنته مضيفا) ولا أسدي الصغير"

ابتسم يزيد بينما اعتدل وليد قائلا لكامل" لماذا تقف على الباب هكذا؟"

رد كامل "علينا أن نعود بسرعة ولا تنس ما اتفقنا عليه"

قال وليد مطمئنا" لن انسى بالطبع .. (وتحرك يدخل هو ابنه قائلا ) سأستعجل لك بسمة"

تطلعت التوأمتان في أول الشارع فقالت هنا لهانيا" انظري هذه وزة"

اتسعت عيناهما معا بانبهار طفولي وأسرعت هانيا نحو السيارة تحاول أن تفتح بابها ففتحه لها كامل المنشغل بالحديث بالهاتف ثم تابعها بحاجب مرفوع وهي تحاول تسلق السيارة العالية لتصل لعلبة بلاستيكية فقرب لها العلبة وعاد لحديثه .

فتحت هانيا العلبة التي تحتوي على ساندويتشات أكلوا منها أثناء رحلتهم فجرا ثم قالت لهنا التي اقتربت منها "لا يوجد خبز"

قالت هنا وهي تلتقط قطعة من الكيك " لا بأس سنطعمها هذه"

أسرعت هانيا بوضع العلبة على المقعد واللحاق بأختها حتى تطعما الوزة التي أخذت تتطلع فيهما وهي تميل برأسها قليلا .. في الوقت الذي لمح كامل ابنتيه تقتربان من الوزة فاتسعت عيناه وأسرع بوضع الهاتف في جيبه مهرولا ناحيتهما وهو ينادي بحمائية أبوية" هنا ..هانيا "

ثم حملهما من خصريهما دفعة واحدة كل واحدة بذراع وأشاح بقدمه في الهواء في وجه الوزة عابسا فوقفت الأخيرة ثابتة مكانها وكأنها تتطلع فيه بتحدٍ .. ليتركها كامل ويستدير عائدا وسط صراخ التوأمتين المعترضتين اللتين أخذتا ترفسان بساقيهما في الهواء.

تطلعت بسمة في المشهد وهي تزم شفتيها حتى لا تضحك ..فناظرها كامل عابسا وهو يلقي بتوأمتيه في السيارة ويغلق الباب بالقفل.. فاطلتا من النافذة المفتوحة تصرخان باعتراض" أبي كنا سنطعم الوزة"



قال كامل وعلامات الانزعاج على وجهه لا تقتربا من الوز فهو ليس كبط جدتكما فاطمة الذي تطعمانه فوق سطح بيت الوديدي أنه يعض"

تكتفتا أمامه تناظرانه بنظرات مستهجنة ثم قالت هانيا" الوز لا يعض بهذه الخطورة يا أبي"

هدر كامل فيهما "قلت يعض وعضته بشعة (ثم أضاف مغتاظا وهو يلمح بطرف عينيه ويسمع ضحك بسمة أمام البيت ) وأنا أبوكما وحين أقول شيئا تسمعان الكلام"

اقتربت بسمة فقالت هنا بحنق وهي تفتح كفها لتريها بقايا الكيك الذي تعجن "أمي ..أبي يرفض أن نطعم الوز"

ضربت بسمة على صدرها ضاحكة " ستطعمين الوز بالكيك !!.. يا لفضيحتك بين أهل القرية يا بسمة .. (ثم أضافت وهي تخرج منديلا مبللا من حقيبتها وتمسح يد ابنتها) أبوكما على حق فالوز يعض .. (وأضافت بلهجة متسلية وهي ترمق كامل بطرف عينيها ) خاصة حينما تعشق أحدهم فهي تطارده (واقتربت برأسها هامسة بجوار أذن كامل ) وتقبله قبلة مؤلمة"

جز الأخير على أسنانه يبتسم لها ابتسامة صفراء مستخفة بينما خرجت فاطمة من البوابة لتودع حفيدتيها وهي تقول بلهجة لائمة" هل ستذهبون دون أن أودع حفيداتي!!"

استدارت بسمة تقول "لا يا أمي كامل أدخلهما في السيارة ليحميهما من الوزة"



اقتربت فاطمة من نافذة السيارة ثم أخذت تمطر حفيدتيها بالقبلات بتأثر فسألتها هنا" لماذا تبكين في كل مرة تودعينا فيها يا جدتي؟"

غمغمت فاطمة " لأني اشتاق إليكما كثيرا والله"

ربتت هانيا على ذراع جدتها وقالت بتعاطف "سنعود بسرعة"

غمغمت فاطمة "إن شاء الله (ثم همست لبسمة وهي تودعها ) لا تنسي ما اتفقنا عليه"

مطت بسمة شفتيها وقالت ممتعضة "إن شاء الله"

حين ركبت بسمة في المقعد الأمامي تخصرت هنا تقول باعتراض "ولماذا أمي تجلس بجوارك يا أبي وليس أنا.."

تدخلت هانيا تقول هي الأخرى" بل أنا"

ناظرتهما بسمة باستهجان بينما رد كامل "لا أنت ولا هي ولا حتى أمك .. عمك سيجلس بجواري مثلما جئنا صباحا .."

قالت هانيا بتذمر "لماذا لا يقود عمي شامل سيارة أخرى ..فآسر الفظ يضايقنا طوال الطريق"

قالت بسمة موبخة "والله أنتم الثلاثة ملوك الفظاظة "

تحركت السيارة فأشارت بسمة لأمها ولوليد مودعة بينا تطلع كامل في الوزة التي لا تزال واقفة وغمغم "خسارة لن أستطيع اخراج المسدس أمام الفتاتين لأطلق عليها الرصاص.."

ضحكت بسمة ضحكة عالية فناظرها يتحكم في ابتسامة تتراقص على زاوية شفتيه وقال" لماذا تضحكين يا ست هانم؟ (ثم أضاف وهو يتطلع في الطريق أمامه ) ما عمر الوز في بلدكم .. ها ؟"

استمرت بسمة في الضحك.. فأضاف "هل الوز من الكائنات المعمرة؟ .. خمس سنوات ونفس الوزة تقف تستقبلني كل مرة .. لماذا تضحكين؟!!"

××××


يتبع













Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-12-20, 10:58 PM   #3758

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5

(5)



عبست ونس وهي تتطلع في الصفحة الخاصة بكعكات المناسبات التي تصنعها ..فقد كانت ترد على اسئلة المتابعين للصفحة والخاصة بالأسعار ورأيهم في الكعكات وتفاجأت بإحداهن التي تتحدث بشكل سلبي ..فتحركت لتجلس بجوار شامل على السرير وهي تقول" هذه الميأة كاذبة لم يثبق أن اشترت أي شيء منا ..لماذا تقول هذا الكلام عن كعكاتي؟!"
( هذه المرأة كاذبة لم يسبق أن اشترت أي شيء منا لماذا تقول هذا الكلام عن كعكاتي؟!)
نظر شامل في الهاتف عابسا ثم قال" تجاهليها ..لماذا دخلت في جدال معها يا ونس ربما هي من صفحة منافسة"
زمجرت بغيظ فأخذ منها الهاتف ثم مشط لها شعرها بأصابعه بحنان وهو يتأمل وجهها الذي لم يختلف منذ أن تعرف عليها قبل ست سنوات.. لم يختلف في التفاصيل ولا فيما تثيره ملامحها بداخله من مشاعر.. وقال بعاطفة جياشة" أتعلمين أنك لم تتغيري أبدا ؟..ربما ازددت نضجا ..لكن جانبك الطائش لا يزال يؤثر بي .. يستفز حمائيتي ويجعلني أشعر بأني مسئولا عنك .. وأحيانا أحس بأني مقصر في حقك وأنه كان عليّ أن أقابلك أبكر من ذلك كي لا تكون حياتك صعبة"
اتسعت ابتسامتها وقالت وهي تتأمل ملامحه "حين تزوجتني كانت تزويني بعض اللحظات التي أشعي فيها بأنك قد تندم على زواجك مني خاثة بعدما أثبحت مشهويا وحولك العديد من المعجبات .. لكن ثقتي بك التي ليث لها حدود كانت تهزم هذا الشعوي بثيعة .."
(حين تزوجتني كانت تزورني بعض اللحظات التي أشعر فيها بأنك قد تندم على زواجك مني خاصة بعدما أصبحت مشهورا وحولك العديد من المعجبات .. لكن ثقتي بك التي ليس لها حدود كانت تهزم هذا الشعور بسرعة ..)
اضجع شامل على جانبه فوق السرير مستندا على مرفقه يقول وهو يمشط لها شعرها المموج الطويل "كيف أندم وأنت الجنية التي لم أر مثلها .. وكأنك خلقت من طين أخر غير الطين الذي خلقت منه بقية النساء ..سبحان من بيده أمر القلوب وزرعك في قلبي فمددت جذورك فيه سريعا واحتللته كاملا يا شقية"
حضنت وجهه بكفيها ومالت تطبع قبلة على جبينه قائلة بعاطفة قوية " أنا أحبك شامل ..أحبك"
اتسعت ابتسامته قائلا " لا تتصوري مدى سعادتي في كل مرة أسمع فيها اسمي بحروف صحيحة ..صدقيني هذا وحده انتصارا يوضع في لوحة انتصاراتك ونوس .. أنت رغم ضعفك الظاهري تملكين إرادة قوية يا بنت لا يملكها رجال بشوارب .. ( وأضاف بتأثر ) والله لن أنسى ذلك الانبهار الذي رأيته في عيني طبيبة السمعيات حينما كنا نغير لك السماعات لنوع أحدث .. ولن أنسى عبارتها لك وقتها حين قالت (أنت حققت معجزة يا ونس)"
مالت عليه وقربت شفتيها تقبله بعد أن همست باسمه.. فأضاف شامل بهمس حار حين تركت شفتيه "كيف تشكين في أن امرأة أخرى قد تخطف قلبي وأنا غارق في حبك يا شقية "
تطلعت ونس في عينيه وردت " إن حققت أنا انتثايا فثيكون بفضلك بعد الله .. فأنت أثتاذي ومعلمي وحايثي وحبيبي.. وجني المثباح الذي أيثله لي الله "
( إن حققت أنا انتصارا فسيكون بفضلك.. فأنت أستاذي ومعلمي وحارسي وحبيبي.. وجني المصباح الذي أرسله لي الله)
تحسس شامل ظهرها وقال بلهجة شقية" هل تعتقدين أن لدينا وقتا لأخبرك بسر سريع قبل وصول كامل بالسيارة؟"
ضحكت فهم بتقبيلها في الوقت الذي سمعوا فيه صياح آسر بالأسفل فعبس شامل وقفز مسرعا يغادر الغرفة.
قبل دقيقتين
خرج عيد من باب البيت يبحث عن حفيده ثم تسمر جاحظ العينين حينما وجده يلعب بالطين الذي يصنع منه الفخار وقد لطخ ملابسه كلها فهتف قائلا وهو يبعده عن الطين" ماذا تفعل يا آسر"
قال آسر موضحا" أصنع تمثالا من الفخار"
قال عيد بغيظ" أنت صنعت فوضى وليس تمثالا"
عبس آسر وسأله" ما هو شكل الفوضى؟ "
قالها وهو ينظر حوله على أشكال الفخار فقال عيد وهو يلملم ما صنعه حفيده "هذه هي الفوضى يا ابن ونس.. "
صرخ آسر قائلا بلهجة والده بتذمر" لقد أفسدت ما قمت به يا جدي"
قال عيد بحزم "اذهب لأمك كي تغتسل"
أضاف آسر بنفس اللهجة غاضبا " أتعرف يا جدي ..أنا لن أزورك مرة أخرى لأنك لا تسمح لي بعمل الفخار وتلوينه"
هتفت عيد باستنكار " أنا لا أسمح لك !!.. والمرات السابقة التي صنعت فيها أشكالا ولونتها وأخذتها معك أو تركتها هنا ( ثم أضاف باستهجان ) ولماذا تحدثني بلهجة أبيك كلما انفعلت يا ابن ونس ..ها؟!"
"ماذا يحدث؟"
قالها شامل وهو يتطلع في هيئة ابنه الملطخة وفي الفوضى ثم قال لآسر" هل هذه طريقة الشطار في احترام كبار السن ! .. تؤتؤتؤ أين احترامك لجدك؟!"
تحرك آسر يدخل البيت هاربا فقال شامل لعيد" لا تغضب منه أنا سأؤدبه"
لاحت ابتسامة نادرة على وجه عيد وقال" أتركه فهو لا يزال صغيرا .. إنه يذكرني بأمه وعنادها ..غير أن الأخيرة لم تكن في مثل سنه تتواصل بالكلام ..تصرخ فقط وتعترض وتعاند"
قال شامل وهو لا يزال يشعر بالاستياء" لا بالطبع ..عيب عليه ما فعل"
قال عيد بعاطفة قوية تطل من عينيه مصرا على كلامه " قلت لك اتركه فما زال صغيرا"
بعبوس دخل شامل البيت وصعد للطابق العلوي فسمع ونس توبخ آسر في الحمام .. فانتظرهما حتى خرجا ليقول آسر متحمسا" هل سنعود لجدي غنيم؟"
لم يرد عليه شامل فرفع آسر عينيه لأمه ثم عاد لوالده فقالت ونس" بابا غاضب"
اقترب الصغير يسأل والده " هل أنت غاضب مني؟"
رد شامل متصنعا العبوس " نعم .. فليس من الأدب الانفعال على جدك"
أطرق آسر برأسه لتتدخل ونس قائلة "ثيعتذي له يا شامل فويا"
(سيعتذر له يا شامل فورا)
فقال آسر بشقاوة متهكما على طريقة نطق أمه " أجل ثيعتذي له يا شامل فويا"
حينما نزلوا من الطابق العلوي ناظرهم عيد بنظرة افتقاد حتى من قبل رحيلهم .. فاقتربت منه ونس تقول" ألن تغيي يأيك وتأتي لتعيش معنا بالعاثمة ..كما قلت لك ثندبي لك مكانا مثتقلا بك"
(ألن تغير رأيك وتأتي لتعيش معنا بالعاصمة ..كما قلت لك سندبر لك مكانا مستقلا بك)
قال وهو يربت على ظهرها "قلت لك لا أحب العيش بالعاصمة .. هذه قريتي التي عشت بها أكثر من ستين عاما ولا أطيق العيش في مكان غيرها "
قالت ونس وهي تحضنه " ثأزويك قييبا إذن"
(سأزورك قريبا إذن)
ابتسم عيد قائلا" البيت في انتظاركم كل يوم"
اقترب آسر مطرق الرأس يقول "آسف يا جدي"
غامت عينا عيد ومال يمسك برأسه المطرق ويقبله قائلا" المرة القادمة سأجهز لك الطين لتصنع شيئا جديدا إن شاء الله .. فأنت موهوب بالفن مثل أمك"
جاء صوت نفير سيارة من الخارج فقال شامل وهو يتحرك" ها قد وصل كامل (وقال لحميه وهو يسلم عليه ) لا تؤاخذنا هذه المرة الزيارة قصيرة لأن لدينا شيئا هاما في العاصمة لكن سنعوضها إن شاء الله "
هز عيد رأسه بتفهم ..فتحرك شامل يسبق زوجته وابنه بينما مال عيد على حفيده من جديد وقبل وجنته قائلا" سأخبرك بما أخبرك به كل مرة حتى تتذكر هذه الكلمات كلما تذكرتني فتغرس في ذاكرتك.. احفظ أمك في عينيك وكن شبيها لوالدك في كل شيء .. وإياك أن تنتقص منها يوما حتى لو صرت أطول منها.. هل فهمت "
لم يكن آسر يفهم ما يقوله جده بالضبط غير أن يكون ولدا مطيعا فهز رأسه له كما يفعل كل مرة بينما اعتدل عيد يتطلع في ونس التي حضنته تقول بعاطفة قوية وهي تمطره بالقبلات" أحبك يا عيد "
فغمغم ضاحكا " قلنا تحشمي يا بنت الكلب"
××××
ضربت نصرة على صدرها تقول لهلال بعدم تصديق "من؟؟.. قلت من؟؟"
"اششش (قالها هلال وهو يقف معها في إحدى الغرف في شقة إسراء ثم أضاف) اخفضي صوتك وتحكمي في فرحتك قليلا حتى نستوعب الموضوع"
سألته بلهجة متأثرة " هل أنت متأكد يا هلال؟"
اتسعت ابتسامته ورد" بالطبع متأكد .. أقول لك حدثني قبل ساعات بعد صلاة العيد"
قبل ساعات
تطلع هلال في وجه مصطفى الزيني الذي انتحى به جانبا وأخذ عقله يفكر بسرعة فيما يمكن أن يريده منه.. وبسرعة أرجع الأمر لطلب يخص عمله كسمسار xxxxات مثلما لجأ له حين أراد أن يشتري مكانا لافتتاح الصيدلية الخاصة بابنه عبد الله .. لكن مصطفى الزيني قال" الحقيقة نريد أن نتشرف بمصاهرتك يا أبا كريم"
للحظة تسمر هلال يستوعب ويعيد في عقله العبارة ثم قال بعفوية "ها؟ (قبل أن يستدرك بالقول ) نحن من نتشرف يا حاج مصطفى وهل هناك مصاهرة تعلو على مصاهرة مصطفى الزيني"
قالها وهو ليس متأكدا من أن عقله قد استوعب المغزى بينما قال مصطفى" بارك الله لك"
سأله هلال ليتأكد مما سمع "من لمن إن شاء الله؟"
قال مصطفى "محمد ابني لنسمة ابنتك"
كان هلال يحدق فيه متفاجئا بينما أضاف مصطفى "محمد كما تعلم معه بكالوريوس تجارة ويشارك زين دبور في مكتب المحاسبة الذي يملكه في مركز المحافظة كما أنه ككل أولادي وبناتي له شقة في بيتي .."
تنحنح هلال يقول مداريا وقع المفاجأة عليه "كل أولادك يا حاج مصطفى ونعم الأخلاق والتربية"
قال مصطفى بسعادة كبيرة" أعزك الله يا أبا كريم "
تكلم هلال يحاول أن يجد كلمات مناسبة " كما قلت لك مصاهرتك شرف لنا يا حاج مصطفى ولكن كما تعلم عليّ أن استشير البنت"
قال مصطفى متفهما" آه طبعا خذ وقتك وإن كان هناك قبولا أبلغني كي نحدد موعد للزيارة أنا والحاجة ومحمد ابني "
انتهى هلال من قص ما حدث لنصرة التي أمسكت بقلبها تقول" لا أصدق ..يا الهي لا أصدق سنناسب مصطفى الزيني !.. بنتي ستكون كنة بيت مصطفى الزيني!"
قال هلال بتأثر "والله شعرت بأن الخبر وحده يشعرني بالفخر ..ناسبت بيت جابر دبور والآن مصطفى الزيني .. سنوات العمر لم تضيع هدرا يا أم العيال"
ربتت على صدره تقول" هذا بفضل تربيتك لهم يا هلال"
قال بلهجة صادقة" لا والله ..أنت من فعلت كل شيء بينما أضعت أنا بضع سنين تائها ألف حول ذاتي .. ولولا مثابرتك وكفاحك وصبرك عليّ لضعت وضاع الأولاد ..ولكانت سمعتنا الآن على كل لسان"
ترقرقت الدموع في عينيها وقالت بصوت مرتعش تحاول نفض التأثر الذي حتما سيجلب الكثير من الدموع "دعنا من الذكريات ولنركز في الحاضر ..وماذا قلت له؟"
رد هلال " ماذا سأقول غير سأشاور الجماعة .. تصوري اللئيم جابر كان يعلم ولم يخبرني .. المهم جسي نبض ابنتك"
قالت نصرة باستنكار" وهل ستعترض على عريس كهذا!"
تكلم هلال بإصرار " يا نصرة ابنتك ليست جاهلة.. كما أنها بالتأكيد قابلته عند زين في المكتب ..لذا اسأليها عن انطباعها عنه قبل أن نخبر الرجل بأن يدخل البيت حتى لا نسبب لأنفسنا الحرج "
غمغمت نصرة معترفة "صدقت والله .. الفرحة أربكتني وشلت تفكيري"
قال هلال "حين نعود للبيت اسأليها ..وإن قالت نعم سأتصل بالحاج مصطفى"
قبلت نصرة ظاهر يدها وباطنها وغمغمت "كم أنت كريم يا رب "
بعد قليل
تركت نصرة المطبخ الذي تقف فيه أم هاشم وإسراء و لم تستطع الصمود حتى يعودوا للبيت فأخذت تبحث عن ابنتيها في الوقت الذي كانت فيه نسمة واجمة وهي تستمع لما تقوله أختها همسة وهما جالستان عند منضدة السفرة تقطعان الخبز من أجل عمل الفتة فغمغمت بصوت بائس وقلب يمزقه الألم "حاضر يا همسة حاضر .. كفي عن محاضراتك لي .. سأترك التدريب عن زين .. ولا أعرف كيف سأقنع أبي بأن يوافق على أن أعمل في مكان أخر ..وبما سأبرر له تركي للعمل عند زوج أختي (ثم عادت تقول لأختها بلهجة متوسلة) ماذا لو بقيت حتى أراه فقط ..لا أريد شيئا والله سأراه فقط"
قالت همسة شاعرة بالتعاطف مع أختها وبالخوف عليها من أن تتأذى أكثر من ذلك" نسمة قلنا سنغلق هذا الموضوع"
اقتربت نصرة تقول" ماذا تفعلان؟.. أكل هذا الوقت من أجل تقطيع الخبز!!"
غمغمت همسة "حالا .. لقد قاربنا على الانتهاء"
نظرت نصرة لنسمة وقالت بابتسامة طفولية " بنت يا نسمة جاءك عريس"
مطت نسمة شفتيها وقالت "لا أفكر في الزواج حاليا يا أمي ..أخبرتك بذلك أكثر من مرة"
أسرعت همسة بالقول مازحة" وأنا أخبرك أني جاهزة للزواج في أي وقت يا أمي "
عوجت نصرة شفتيها يمينا ويسارا وقالت لهمسة "ولماذا رفضت آخر عريس إذن يا صاحبة اللسان الطويل!"
هرشت همسة في رأسها وردت" كان ثقيل الظل يا نصرة"
تجاهلتها الأخيرة وقالت لنسمة بحماس " أنت لا تعرفين من أي عائلة يكون العريس ..والله عقلك سيطير من الفرحة"
قالت نسمة بإجهاد عاطفي " بالله عليك يا أمي أنا لست في حالة مزاجية تسمح بـ.."
قاطعتها نصرة تقول بفرحة" إنه محمد الزيني"
تدلى فك همسة وحركت أنظارها بين أختها وأمها ثم هتفت بغير تصديق "قلت من؟؟؟؟!!!"
قالت نصرة مؤكدة" أقول محمد ابن مصطفى الزيني طلب أختك للزواج"
انتفضت الأخيرة واقفة بغير تصديق بينما تكلمت همسة بالنيابة عن أختها "ماذا تقولين يا أمي؟!!"
قالت نصرة وهي تمسك بوجه نسمة الذاهلة وتطبع قبلة على خدها "الحاج مصطفى الزيني تحدث مع والدك بعد صلاة العيد وطلب منه تحديد موعد للزيارة هو ومحمد (وسألت نسمة ) ها.. ما رأيك ؟..أعتقد أن هذا العريس لا يمكن رفضه"
كان الأمر مفاجئا بالنسبة لنسمة بل صادما فلم يتحمل قلبها الفرحة وسقطت من طولها وهي تقول "محمد!!"
فأسرعت نصرة وهمسة بالإمساك بها قبل ان تسقط أرضا.
××××
كانت صفاء تباشر عمل المساعدات وتعطي توجيهاتها لمنة وعُلا زوجة ابنها استعدادا للغداء في الوقت الذي دخل محمد يبحث عن والده.
انه متشوق لمعرفة هل نفذ وعده له بأن يفاتح هلال جمعة بعد صلاة العيد في رغبته للتقدم لطلب يد ابنته نسمة للزواج ..فحينما تحرك ليباشر أمر الأضاحي مع إخوته لم ير والده قد تحدث معه ..
سأل منة التي تمر حاملة صينية رقاق باللحم المفروم لتضعها على الطاولة الكبيرة" أين الحاج؟"
هتفت بغيظ "ألا ترى الصينية ساخنة في يدي؟!"
قال ساخرا وهو يلتقط منها الصينية ويتحرك بها نحو المنضدة "لا والله لم يعلمونا في المدارس أنني أستطيع التعرف على الصينية الساخنة من مجرد النظر.. أين الحاج؟"
ردت بمشاكسة وهي تعقد ذراعيها أمام جذعها" أين تعتقد أن يكون؟.. في غرفة مكتبه طبعا"
لصق كفه المفرود يغطي وجهها ويدفعها للخلف قائلا" لسانك يحتاج لقصه ويسعدني أن أفعل ذلك"
تحرك نحو غرفة أبيه والتفكير في نسمة لا يزال يحتل فكره .. إنه معجب بها منذ فترة كبيرة وبالتحديد منذ دخولها للجامعة .. لكنها كانت صغيرة وكان هو في سنته الأخيرة من الدراسة وتنتظره الخدمة العسكرية قبل أن يقرر أن يبدأ حياته .. فانتظرها حتى تنتهي من دراستها وينتهي هو من جيشه ويبدأ حياته العملية .. وخلال تلك السنوات كان يتعمد لقاءها صدفة بزيارات متكررة للكلية أو التواجد في بعض المناسبات التي يخمن أنها قد تحضرها في القرية .. وابتسم لنفسه وهو يتذكر بأنه أحيانا كان يقف بسيارته في مدخل القرية أو بالقرب من مكان تعتاد هي على الذهاب إليه ليراها .. ويسيطر عليه دوما شعور بأنها تميل إليه .. وهذا الشعور زاد بداخله حينما تعامل معها في مكتب المحاسبة..
لقد تفاجأ باقتراح والده بأن يشارك زين دبور بدلا من أن يفتح مكتب صغير وحده .. وكانت فكرة ممتازة خاصة وأن زين له خبرة أكبر منه بكثير ..ولم يكن يعلم بأنه سيكون على موعد لمقابلتها والتعامل معها عن قرب حينما جاءت لتتدرب في المكتب .. فازداد اعجابه بها ليس فقط لميله القلبي لها ولكن لأدبها واحترامها فقرر ألا يضيع وقتا أكثر من ذلك.
دخل على والده في مكتبه يقول بحنق" لماذا تتجاهل اتصالاتي منذ الصباح يا حاج أنا ابنك حبيبك "
لملم مصطفى ابتسامة تريد البزوغ على شفتيه ورد ببرود متعمد" هل وزعت اللحم الخاص بالعائلتين؟"
رد مطمئنا " حدث يا حاج وكل شيء تمام ..هل ستعيّد عليّ أنت بعيدية؟"
غمغم مصطفى وهو يستقيم واقفا ويضع سبحته على المكتب "ألم تكبر على العيدية يا محمد"
قال محمد حانقا "ولأني كبرت أريد عيدية من نوع خاص ..هل تحدثت مع الحاج هلال؟"
هز مصطفى رأسه بالإيجاب فسأله محمد" وماذا قال؟"
هتف الثاني بغيظ "وماذا سيقول يا ذكي ..قال مثلما يقول كل الناس في مثل هذه المواقف يشرفنا مصاهرتكم وسنسأل الجماعة ونخبركم بالرد"
هز محمد رأسه ثم عاد يسأله بلهفة "ومتى سيردون"
" محمد"
"نعم يا حاج"
"اخرج واستعجل الغداء أنا جائع"
"حاضر يا حاج (قالها محمد وتحرك مغادرا لكنه توقف والتفت إليه يقول) جهز نفسك إذن لنزورهم عن قريب (ثم اتسعت ابتسامته مضيفا) قلبي يحدثني أن الجماعة سيرحبون جدا .. وأنا قلبي لا يخطئ في احساسه أبدا "
قالها وخرج مغادرا فضرب مصطفى كفا بكف يقول باستنكار "لم يقل حتى سيوافقون من أجل مصاهرة عائلة الزيني ومكانتها ..بل لأن قلبه حدثه بذلك ابن الـ …"
×××××


يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-12-20, 10:59 PM   #3759

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 6

(6)



أسرع آسر و التوأمتان نحو جدهم غنيم في الحديقة ثم توقفوا على باب الفيلا يتطلعون في أرض الحديقة المليئة بالبالونات فاتسعت أعينهم وسألوا "هل لدينا احتفالا .. أم هذا من أجل العيد ؟"
رد غنيم وهو يشير لهم من جلسته في مقعده المفضل في الحديقة للاقتراب "أجل لدينا عيد ميلاد بسمة"
اتسعت العيون متفاجئة قبل أن تتكتف هنا وتقول لأختها بلهجة العارفين" قلت لك أبي قال لأمي (عيد ميلاد سعيد يا باسمتي ) وقبلها من فمها صباح اليوم مثل الأمير والأميرة في الفيلم"
كتم غنيم الضحك وقال "ها ..أخبروني ماذا فعلتم يا أشقياء اليوم في القرية"
أمام الفيلا أوقف مفرح السيارة فترجل أدهم وإياد ليقول الأول لوالده وهو يعدل من ملابسه بامتعاض "في المرة القادمة سأسافر بسيارتي بدلا من أن نحشر كلنا في سيارة واحدة ..صرنا ما شاء الله عائلة كبيرة"
قال مفرح مقتربا منه بعد أن ترجل من السيارة" فكرة جيدة أن تسافر المرة القادمة بالسيارة التي اشتريتها لك ..ولكن خذ أخوتك معك حتى أستطيع السفر مع أمك وحدنا في هدوء يا باشمهندس"
قالها وربت على كتفه عدة مرات مغيظا وتحرك ينزل الأولاد الأصغر فنزلت مليكة من السيارة واقتربت من إياد الذي يراقب وجه أخيه المغتاظ وسألته هامسة" ماذا حدث في غيابي؟"
همس إياد مجيبا "هذا سيحتاج لجلسة نميمة نعقدها أنا وأنت في أقرب فرصة وسأحكي لك يا موكا"
في الفيلا وقفت بسمة أمام سوسو متفاجئة حينما اكتشفت بأنهم يعدون لحفل عيد ميلادها .. صحيح يقيمونه كل عام كاحتفال بسيط ببعض الحلوى على العشاء ويقدمون لها الهدايا لكنها تشعر أن الأمر هذه المرة أكبر قليلا ولم تتوقع أنه هذا هو سبب عودتهم مبكراً من القرية.. فنظرت لكامل الذي يقف بجوارها يديه في جيبي بنطاله ثم عادت تقول لسوسو "لا حرمني الله منكم أبدا"
اقترب كامل وأحاط جذعها بذراعه يقول" الاحتفال هذه المرة مميز لحصول باسمتي على درجة الماجستير في العلوم الزراعية"
نظرة الإعجاب التي رأتها في عيني كامل كانت تعني لها الكثير .. نظرة احترام وتقدير لتحقيقها شيء كان أبعد من خيالها .. فمالت على ذراعه بخدها بامتنان في الوقت الذي دخل فيه شامل من باب المطعم يقول "هيا يا حبيب والديك هذا عيد ميلاد زوجتك وليس زوجتي ..انصب الشواية بالحديقة وأريدك كشعلة من النشاط تخدم كل من في الحفل"
استدار كامل يناظره ببرود فقال شامل بغيظ" لا تناظرني هكذا.. اخرج يديك من جيبيك وتحرك"
قالت بسمة بامتنان" أنا الحقيقة مقدرة تعبكم.. سفر بعد الفجر ومتابعة الأضحية ثم العودة والاستعداد لهذا الحفل كل هذا في يوم واحد"
دخل آسر يقول مهللا "أبي ..عمي ..لقد جاء أمجد وأشرقت وأوس"
اتسعت عينا بسمة متفاجئة وقالت وهي تتحرك معهم لخارج الفيلا" جاءت مليكة؟!!.. لقد وصلوا للقرية هذا الصباح"
حين خرجت للحديقة وجدت مليكة ومفرح وأولادهما فحضنت صاحبتها تقول "لم تخبريني على الهاتف صباحا أنك ستأتين"
حضنت أشرقت ساقي بسمة قائلة" عمتي"
مالت بسمة لتحضنها وهي تقول "حبيبة عمتك "
بينما ردت مليكة "كنا نحضر لك مفاجأة"
اعتدلت بسمة وقالت بتأثر "هل قدتم المسافة عائدين بعد سفر الصباح من أجلي!"
قال مفرح مشاكسا وهو يتخذ لنفسه مقعدا بجوار غنيم" كان بودي أن أقولها بكل صدق أني تكبدت مشقة العودة للعاصمة مرة أخرى في نفس اليوم من أجل عينيك الجميلتين يا بنت خالي ..لكن زوجك سيغضب ..لذا أنا حضرت كي أقابل هذين الوحشين"
ناظره كامل بامتعاض بينما ابتسمت بسمة في نفس الوقت الذي رن فيه جرس البوابة ففتحه شامل ليدخل وليد ومهجة وولديهما يزيد وبسمة الصغيرة فاتسعت عينا بسمة وقالت" حتى وليد !!"
قال الأخير بمرح "ها قد جئت كيف ستحتفلون بمجيئي؟"
اتجهت مهجة نحو أحضان أخيها مفرح الذي داعب الصغيرة بسمة فلم يلحق رؤيتهم صباح اليوم معتمدا على أنه سيقابلهم في العاصمة .. بينما حضن وليد أخته يقول" عيد ميلاد سعيد يا بسمة ..ومبارك للمرة الألف على الماجستير ..أمي كما تعلمين أبي يقيدها بجواره"
مط كامل شفتيه وهو يرى وليد قد وقف بجوار بسمة يحيطها بذراعه بينما الأخيرة تتطلع في الجميع باكية وهي تقول "لا أصدق أنكم كلكم تكبدتم عناء السفر في يوم العيد لتهنئتي بعيد ميلادي"
قالت مليكة "أم هاشم أيضا كانت تريد أن تأتي لولا أنه يوم العيد وصعبا عليها هي وأسرتها السفر في هذا اليوم"
قال إياد " عيد ميلاد سعيد يا عمتي "
وتبعه أدهم فقالت الأخيرة" بامتنان شكرا لكم جميعا .. صدقا أنا متأثرة بشدة"
تكلم شامل موضحا " احقاقا للحق كامل صاحب الفكرة ولم نستطع التأجيل نظرا لأنه اليوم الوحيد الذي سيكون فيه المطعم معطلا.. (ونظر للجميع يقول ) هيا سنقوم بالشواء أولا لتناول الطعام قبل أن نحتفل ..وسأحتاج لمساعدة أدهم وإياد في نقل الشاشة الكبيرة من غرفة الألعاب للحديقة سأترك عليكما هذا الأمر "
سألته مليكة" أين ونس؟"
رد شامل "تستريح قليلا من تعب السفر وستنزل بعد قليل"
بعد قليل انتحت بسمة بصاحبتها تسألها بفضول "هل أخبرت مفرح بالخبر؟"
قوست الأخيرة شفتيها لأسفل وقالت ببؤس "ليس بعد"
كتمت بسمة ضحكتها ..فناظرتها مليكة بغيظ في الوقت الذي اقتربت التوأمتان منهما لتقول هانيا "أمي نريد أن نخبرك بشيء"
سألتهما بسمة " ما الأمر؟ "
رفعا انظارهما لمليكة ثم قالت هنا" نريدك في موضوع"
قالت بسمة لمليكة بلهجة متهكمة " نستأذنك يا أخت مليكة فلدينا أسرارا"
قالت الأخرى بنفس لهجتها" تفضلي يا أختاه أنت وبناتك وأسراركن"
بمجرد أن ابتعدت بسمة إلى داخل الفيلا تطلعت مليكة في مفرح الذي يقهقه عاليا وهو يقف مع التوأمين ووليد وأدهم وإياد فأشارت للأخير تقول "بِس بِس"
ضحك إياد واقترب منها فتعلقت بذراعه ورفعت عينيها إليه تقول والفضول الشديد يقتلها "ها أخبرني ماذا حدث"
في الفيلا قالت بسمة باعتراض "انتما اشتريتما ألعابا كثيرة أقربها الأسبوع الماضي!"
قالت هنا بحنق " لكن يا أمي ليس عندنا مطبخ لعرائسنا"
ردت بسمة "ولكن عندكما كل شيء يخصهن .. غرفة نوم وأدوات تجميل.. وملابس .. فليس لأن أشرقت جدها عبد الغني اشترى لها لعبة لابد أن تشتريا مثلها"
قالت هانيا بترجٍ" لكنها تغيظنا يا أمي"
زمت بسمة شفتيها وعلقت " هذا شيء غير لطيف .. عليكما اخبارها بذلك لا أن تشتريا مثلها"
استمرت هنا في محاولة إقناعها "يا أمي أشرقت تقول أن اللعبة من الممكن شراؤها من الانترنت .. أدهم أخبرها بذلك .. أي لن تتعبي في الذهاب لشرائها"
سحبت بسمة نفسا واخرجته ببطء ثم نزلت على عقبيها تقول وهي تحضنهما "انتما اشتريتما ما يكفي من الألعاب ..ولابد أن تعتادا على عدم التقليد ..كما أن أشرقت صاحبتكما وتقضين معا أوقاتا كثيرة في اللعب ..ولهذا العبا معها بالمطبخ مادامت قد أحضرته معها "
تكتفت هنا بغضب فقالت هانيا بترجٍ "لعبة أخرى يا أمي"
قالت بسمة بحزم وهي تستقيم واقفة " سنتحدث لاحقا في هذا الأمر (واستدركت تقول لابنتيها بلهجة محذرة ) وإياكما أن تخبرا جدكما غنيم هل سمعتما؟.. إياكما أن أعرف بأن الخبر قد وصله (وربتت عليهما تقول) هيا اذهبا والعبا مع الأولاد واتركوني لأتابع الضيوف"
قالتها وتحركت صاعدة للدور العلوي لتبدل ملابس السفر تدعو في سرها ألا يعرف غنيم .. فهو يدللهما بشكل مبالغ فيه ولا يرفض لهما طلبا مهما كان غاليا وباءت كل محاولات اقناعه بالعدول عن ذلك بالفشل ..
أما التوأمتان فناظرتا بعضهما بغيظ وغضب وبدأتا بالتخاطر فكريا للتفكير كيف تستطيعان الحصول على لعبة مثل لعبة أشرقت .
في الحديقة قالت مليكة" تهور أدهم فعلا بما فعل لكنني بصراحة سعيدة لأنه يحمل مشاعر لمنة الله .. هذه البنت تذكرني دوما بنجمة"
قال إياد متحمسا " حسنا سأخبر هذا الجحش الذي ينكر اهتمامه بها بأنك تباركين الموضوع"
اتسعت ابتسامة مليكة وأسرعت بالقول" لا لا أرجوك لا أريده أن يشعر بالضغط أتركه يخرج من متاهة مشاعره بنفسه"
حضن إياد جذعها بذراعه وفتح هاتفه يقول "إذن أخبريني برأيك في هذه"
نظرت مليكة للصورة بعبوس وقالت "ما هذا القرف"
شاكسها قائلا "هذه قرف !!..هذه قمر"
غمغمت مليكة" صورة قليلة الحياء"
سألها إياد" كيف وهي ترتدي ملابس عادية!"
حركت كتفيها وردت بثقة " من نظرتها .. من نظرتها ووضع التصوير الوقح"
ضحك إياد بصوت عال وقال" يا الهي أنت تغارين فعلا"
انتبه أدهم لوقفتهما فاقترب منهما ليقول إياد" أمك تغار بالفعل من البنات حولنا فجهز نفسك ستكون حماة صعبة"
نظر أدهم للصورة وقال مفسرا "هذه فتاة مشهورة على مواقع التواصل يا أمي إنه يغيظك فقط "
سألت مليكة "تعني أنها ممثلة؟"
هرش إياد في أعلى أنفه يقول" الحقيقة هي ليست ممثلة بالضبط"
تدخل أدهم موضحا" إنها فتاة تعرض مقاطع مصورة لن تعجبك على أحد التطبيقات على الهاتف "
بدا الانزعاج على وجه مليكة وسألت إياد بجدية" هل هذا حقا نمط الفتيات الذي تحبه؟"
انفجر الأخير ضاحكا ثم ضمها إليه يطبع قبلة فوق حجابها قائلا" اطمئني يا موكا يوما ما حينما أقرر أن أتزوج سأطلب منك أن تختاري لي على ذوقك من أختار من بينهن .. وإن شغلت إحداهما قلبي أعدك بأني لن أتزوجها إلا بعد أن تنال إعجابك تماما .. والاجابة على سؤالك لا .. أنا مثلما يقول أبي دوما على نفسه فلاح ابن فلاح مهما حصلت على شهادات وسكنت المدن.. وهذا النوع من الفتيات لا نقيمه بقرش"
ناظرته مليكة وقالت بعاطفة أمومية " حماك الله يا حبيبي "
ثم أمسكت بوجهه بين كفيها فمال إليها لتقبله فرفع أدهم حاجبا لتمسك مليكة وجهه هو الأخر وسحبته إليها لتطبع قبلة على خده ثم قالت "حفظكما الله "
اقترب مفرح منهم وتطلع في ولديه ثم أبعدهما عنها قائلا" اذهبا وافعلا شيئا مفيدا"
تطلعا فيه باندهاش فقال وهو يلف ذراعه حول كتفيها " هيا العبا مع اخوتكما الصغار"
نظرا لبعضهما شاعران بالإهانة ثم مطا شفتيهما وسحب أدهم أخاه مبتعدا بينما ناظرت مليكة زوجها وسألته" هل حدث شيء؟"
لم يعترف بأنه بات يشعر ببعض الغيرة .. فشكلها الصغير في العمر بجوارهما لا يوحي أبدا بأنهم أم وابنيها رغم أنه لو كان تزوجها ذلك الوقت لأنجبتهما فقال مراوغا" أبدا لا شيء"
ناظرته مليكة ثم ترقرقت عيناها بالدموع وقالت "مفرح .. هناك أمر لابد أن أخبرك به"
××××
تجمعت العائلتان حول طاولة السفرة في بيت زين دبور ولم تكف كراسي السفرة الاثني عشر الحاضرين فتم الاستعانة بمقاعد أخرى حول الطاولة الكبيرة حتى تستوعب العدد بالأطفال الصغار ..
قال جابر لكريم الذي كان يتوجه للجلوس على أحد المقاعد" هل دونت الفواتير التي جاءت ليلة أمس في آخر الليل يا كريم؟ "
رد كريم بصوته الرجولي الخشن "لا تقلق كل شيء تم إدخاله على البرنامج المحاسبي"
ربت جابر على ذراعه قائلا" بارك الله فيك"
راقب هلال علاقتهما بسعادة.. إن كريم رغم دخوله للكلية لم يترك العمل عند جابر .. حتى في أيام دراسة الثانوية العامة الصعبة كان يوزع وقته بين الدروس والعمل عنده .. وذلك للارتباط الكبير الذي حدث بينهما .. إنه يشعر بأن جابر صار بالنسبة لكريم أباه الثاني .
تحرك كريم يجلس بجوار والده فربت على ظهر بفخر في الوقت الذي همست أم هاشم لمهرة التالية في الجلسة بجوار والدها بعد ميس "اجلسي على مقعد كالكبار لم تعودي صغيرة يا مهرة "
زمت الأخيرة شفتيها بحزن بينما تحركت أم هاشم لتجلس على الناحية الأخرى من جابر وحاولت أخذ تيمور من على حجر جدته التي تطعمه فقالت نجف "اتركيه لي سأطعمه أنا"
قالت أم هاشم "لن تستطيعي الأكل يا خالتي .. لو هناك مكانا يسمح بكرسي أخر لكنت أجلسته عليه"
قالت الأخرى بإصرار" قلت اتركيه على حجري لأطعمه أنا يا أم هاشم"
هز جابر رأسه لأم هاشم بما يعني (اتركيها على راحتها) بينما قال زين بسعادة وهو يغرف الطعام في طبقه "أنرتمونا يا جماعة"
قالت إسراء باستنكار " ألن تضيفهم وتغرف لهم أولا!!"
قال وهو يملأ طبقه بالفتة " ليسوا أغرابا يا إسراء"
تطلعت فيه تزم شفتيها على ابتسامة تريد البزوغ بينما قالت نصرة التي تجلس بجوار حفيدها وتطعمه في فمه" لسنا ضيوفا يا حبيبتي"
نظرت إسراء لأختها التي تجلس بجوارها على الناحية الأخرى والتي لا تزال تعاني من الذهول وقالت لها هامسة" كلي يا ست الهانم وحسابك معي فيما بعد .. قصة حب تصل إلى حد الإغماء ولا تخبريني"
تدخلت همسة التي تجاور نسمة هامسة" قصة حب بائسة والله يا إسراء لكن على ما يبدو أنها قد لجأت لمن عقد لها عملا سحريا بنت المحظوظة"
ناظرتهما نسمة بوجنتين مشعلتين يمينا ويسارا وعادت تلعب بالملعقة في الطبق بيد مرتعشة وقلب يخفق بشدة وذهول .. لا تصدق أن محمد يريدها للزواج .
على الناحية الأخرى من السفرة قبل جابر رأس ميس التي تجلس بجواره ووضع لها الطعام في طبقها فابتسمت له شاكرة.. ثم وضع لمهرة في طبقها وتطلع فيها وهي تقوس شفتيها للأسفل فسألها" ما بك؟.. كلي يا بابا"
هزت كتفها برفض وخطفت نظرة لأمها وعادت تنكس رأسها في الطبق بعينين مغرغرتين بالدموع فنظر جابر لأم هاشم ثم عاد إليها يقول" ما بك يا مهرتي؟"
هزت كتفها من جديد وتغضنت ملامحها بالبكاء فقالت أم هاشم "أنت كبيرة يا مهرة وعليك أن تجلسي على مقعد كالكبار ..انظري لهاشم وإسماعيل وميس يجلسون على مقاعد"
ارتعشت الدموع في عينيها الواسعتين البنيتين فلم يقدر جابر على الصمود وقال وهو يمد يده لها "أتركيها يا أم هاشم ولا تحزنيها في العيد.. تعالي يا بابا"
نزلت الصغيرة من كرسيها وأسرعت نحو والدها الذي رفعها وأجلسها على حجره فقالت أم هاشم بامتعاض "ارتحت الآن ؟"
أسندت الصغيرة ظهرها إلى الخلف على صدر والدها واتسعت ابتسامتها فمسح جابر دموعها وقبّل رأسها لتغمغم أم هاشم "سبحان الله ..طوال عمري أكره المرقعة فرزقني الله بملكة المرقعة نفسها"
سألها إسماعيل" ما معنى المرقعة يا خالتي؟"
تنحنحت أم هاشم وردت "شيء يرفع ضغط خالتك يا حبيبي"
ناظرت ميس أختها الصغيرة بغيظ وألقت الطعام في فمها تبلعه بصعوبة .. إنها تكره مهرة هذه .. ليس لديها مشكلة مع أخويها الذكور إلا مهرة لا تحبها ولا تحب التفاف الجميع حولها .
قال هاشم بلهجة متباهية" أنا رجل كبير وأجلس على المقعد"
رد جابر مشجعا "أنت حبيب أبيك رجل ناضج "
توردت وجنتيه فمد زين ذراعه يربت عليه مغمغما" ما شاء الله عليك (ثم وضع القليل من الفتة في طبق الصغير مضيفا) كل يا حبيبي الفتة الخرافية من يد زوجة عمك "
نظرت إسراء باندهاش بينما قال زين لمهرة مشاكسا" أنت مرتاحة عندك؟ "
اتسعت ابتسامتها وتمرغت بمؤخرة رأسها في صدر والدها بدلال فقال لها" تعالي لتجلسي على حجري أنا وسأطعمك "
هزت كتفها بتمنع فأطرق زين برأسه وادعى البؤس قائلا "هكذا يا مهرة .. أنا بائس ..أنا حزين"
ناظرته بتعاطف وهو يدعي البكاء ثم قالت له" أمي قالت لا أجلس على حجر أحد "
أمسك زين نفسك من الضحك وكذلك فعل الجميع وقال لها "ولكنك لا تجلسين على مقعد الآن "
رمشت بعينيها عدة مرات ثم ردت " هذا أبي"
ضحك الجميع فقال زين "وأنا عمك هل ستتركينني بائس حزين أبكي دون أن تصالحيني ؟"
راقب الجميع حيرتها ونظراتها المتعاطفة معه قبل أن تقرر النزول من على حجر والدها بذلك الفستان الأبيض المنفوش ذو الاكتاف العارية التي يظهر سمرة بشرتها اللامعة واقتربت من عمها فمال بجذعه ناحيتها لتطبع قبلة سريعة على خده وهي تربت بكفها الصغير على ذراعه مواسية وهمت بأن تعود لأدراجها فقال زين باعتراض "هذا فقط ؟!!"
تنهدت وقالت "ماذا تريدني أن أفعل لك؟"
وضح زين قائلا "تعالي اجلسي على حجري سأطعمك أفضل من أبيك"
تنهدت وقالت بطريقة أمها" اللهم طولك يا روح !"
انفجر الجميع بالضحك بينما أمسك بها زين وأطلق زمجرة وهو يقول لإسماعيل وهاشم "سأكل هذه البنت "
حملها زين وأخذ يعضعضها فأطلقت صرخات صغيرة ضاحكة وهي تستنجد بجابر الذي تدخل ضاحكا "أتركها يا زين فورا"
تركها الأخير فعدلت من فستانها متذمرة وعادت لتتسلق حجر والدها وتجلس وكأنها تجلس على كرسي العرش فقالت أم هاشم وهي تضع الطبق أمامها "كلي وانتهي بسرعة كي تتركي لوالدك فرصة أن يأكل"
قالت مهرة وهي تقطع قطعة لحم " أنا سأطعمه لا تقلقي"
راقب جابر نظرات أم هاشم المغتاظة ثم مال عليها هامسا" هل تغارين من بنتك يا مجنونة؟! "
زمت شفتيها وقالت" ستفقأ مرارتي بهذه الميوعة يا جابر .. خاصة وأني لن أستطيع أن أفعل معك مثلها أمام الناس "
ضحك الأخير بصوت خافت وقال لها "أعدك بأني سأعوضك"
قالت بدلال" حقا"
ناظرها بنظرة ذات مغزى ثم اعتدل ليجد مهرة تمد له يدها بقطعة لحم التقطها في فمه فربتت مهرة على صدره قائلة" بالهناء والشفاء يا حبيبي"
عوجت أم هاشم شفتيها بينما منع جابر نفسه بصعوبة من الضحك ولم يستطع التعليق أمام الجالسين بأن ابنتها تقلدها فقال " هيا كلي بنفسك وكفي عن اطعامي يا مهرة"
هزت الأخيرة رأسها بطاعة ثم رفعت إليه قمريها البراقين تناظره .. فتطلع فيها جابر مبتسما لتستطيل بعنقها وتطبع قبلة على لحيته ذاب لها قلبه فربت على ظهرها وتطلع في أولاده الثلاثة الباقين ..يشكر ربه على نعمته.
التقت عيناه بعيني ميس الجالسة بجواره فمال وقبل جانب رأسها يقول" أنا فخور بآنستي الصغيرة لتفوقها العلمي"
قال زين مشجعا" أتعلمين يا ميس .. في كل مرة ستكونين فيها الأولى على المدرسة سأحضر لك هدية كبيرة"
اتسعت ابتسامتها بفخر فأضافت إسراء "وربما دخلت كلية الطب وحققت حلمي "
قالت ميس "إن شاء الله"
تمتمت نصرة وهي مستمرة في اطعام إسماعيل "سبحان الله لو كانت إسراء دخلت كلية الطب لأصبحت طبيبة الآن "
عبس هلال الذي كان شاردا في التفكير في مصاهرة مصطفى الزيني وكيف عليه أن يعد العدة ليجهز نسمة بما يليق بالمصاهرة "اتركينا من هذه السيرة يا نصرة قدر الله وما شاء فعل"
قالت نصرة شاعرة بالذنب لانفعاله فهي تعلم بأنه يحمل نفسه سبب عدم دخولها كلية الطب" وهل قلت شيء"
أسرعت إسراء بالتدخل قائلة" قدر الله وما شاء فعل أنا مؤمنة بأنه لو كان خيرا لكتبه الله لي"
غمغم زين وهو يضع أمامها "المزيد من الطعام كلي يا أم إسماعيل كلي فيكفيك فخرا بأنك تزوجتني ( ووضع الطعام في طبق حماه يقول) كل يا حماي من يد ابنتك"
قالت إسراء مشاكسة "أخبرتك بأن أم هاشم وأمي ساعدتاني في الطبخ ..والفتة بالذات بإشراف أم هاشم "
تجاهل زين كلامها واستمر في حديثه قائلا" إسراء حبيبتي سفرة من هذه؟ .. وأطباق من هذه ؟.. وصواني من هذه؟.. وبيت من هذا؟.. إن هذا هو المهم أما الباقي فشكليات"
ضحك الجميع فقالت إسراء من بين ضحكاتها "لكن الأمانة تقتضي أن نقول الحقيقة فلولاها لما استطعت عمل كل هذا"
غمغمت أم هاشم بحرج" لا تقولي هذا والله لم أفعل شيئا وأنت وأخوتك ونصرة تكبدتن كل شيء "
استمر زين في مشاكستها فوضع بعض الطعام في طبق كريم المنشغل بالتقليب في هاتفه أثناء الأكل وقال " كل يا كريم لا تشعر بالحرج فطبيخ أختك لا يعلو عليه أي طبيخ أخر "
رفعت أم هاشم حاجبا وقد بدأ صبرها ينفذ فقال زين "من لم يأكل بعد (وتصنع الانتباه فقال وهو يضع بعضا من الطعام في طبق أم هاشم ) آه نسيتك يا زوجة أخي لا تؤاخذيني .. كلي ولا تتحرجي ففتة أم إسماعيل خرافية"
تركت أم هاشم الملعقة في الطبق فأصدرت صوتا عاليا ..بينما تطلع فيها زين يسألها مستمتعا باستفزازها" هل حدث شيء يا زوجة أخي ؟"
رد معظم الجالسين حتى الصغار في نفس اللحظة نيابة عنها بما أدى لانفجار الجميع بالضحك" اللهم طولك يا روح !"
××××


يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-12-20, 11:00 PM   #3760

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 7

(7)



دخل كامل المطعم المغلق ليحضر المزيد من اللحم من أجل حفل الشواء فناداه توأمتاه .. ليستدير عاقدا حاجبيه قائلا" لماذا اتيتما خلفي؟.. انتظراني في الحديقة"
قالت هانيا "لأننا نريد أن نحدثك على انفراد في أمر هام يا أبي"
رفع حاجبا مندهشا يردد "انفراد!! (ثم مال بجذعه يتطلع فيهما بترقب وقد بدأتا بالحديث معه بلهجة بلده التي يتعاملون بها مع جدهما غنيم و جدتهما سوسو وقال ) تفضلا حدثاني على انفراد"
بدأت هنا الحديث تقول " نحن مستاءات جدا يا أبي "
هزت الأخرى رأسها مؤيدة فأضافت الأولى "نشعر بأننا توأمتان بائستان"
تدخلت هانيا مضيفة بلهجة بائسة " الأسر الأخرى تتمنى أن يكون لديها توأمتين متطابقتين جميلتين مثلنا ليدللوهما"
رمش كامل بعينيه أكثر من مرة وهو يتطلع في الأداء المسرحي أمامه بهذه المقدمة المثيرة للدهشة والضحك في الوقت ذاته ..ثم مد يديه ورفع هنا من خصرها ليضعها على إحدى الطاولات ثم رفع الأخرى لتقف بجوارها ووقف يتطلع فيهما متخصرا وهو يسأل" ما الأمر ولماذا هذه المقدمة المسرحية؟"
قالت هانيا بمسكنة وهي تضع كفها الصغير على خده "أيرضيك أن نكون بائستين في يوم العيد؟"
قالت هنا بلهجة حزينة " حتى الأطفال الأيتام يفرحون في العيد"
كان يعلم بأنهما ماكرتان لكن سيرة اليتم ارتجف لها قلبه وهو يتصورهما يتيمتين بدونه بينما وضعت هنا يدها هي الأخرى على وجنته فالتفت إليها لتقول بمسكنة" أمي رفضت أن نشتري مطبخا لعرائسنا مثل أشرقت وقالت بأنه يكفي ما لدينا من لعب"
وأضافت هانيا تناظره بعينيها الزرقاوين "ومنعتنا من أن نطلبها من جدنا غنيم رغم أن جد أشرقت هو من اشتراها لها"
بلعت هنا ريقها واستمرت في طريقتها التمثيلية مضيفة على كلام أختها "أي أنه عادي كل الجدود يشترون الألعاب لأحفادهم ..لكن أمي لا يهمها مشاعرنا ولا حتى فرحتنا في العيد "
وضعت هانيا يدها على قلبها وقالت ببؤس " أشعر بحزن شديد ..هل يرضيك أن نحزن يوم العيد يا أبي كأطفال الشوارع!"
ظل كامل يراقبهما وهما تعرضان قضيتهما بهذه الطريقة المسرحية وصحح لهما نطق كلمة من لهجة بلده التي يستخدماها لحظتها للتأثير عليه .. لهجة أبوه وأجداده التي يتقناها كإتقانهما للهجة بلد أمهما ..لكن غالبية تعامل أحفاد نخلة يكون باللهجة المحلية حتى لا يشعران بالغربة خاصة في المدرسة .
ورغم مكرهما الذي يعرفه الجميع ورغم الطريقة التمثيلية الماثلة أمامه ..اعترف لنفسه بأنهما قد نجحتا في استدرار عاطفته الأبوية .. وبأنه وقع في فخهما ..
تأمل هَنا الأكبر من توأمتها بخمس دقائق والزعيمة .. ولهانيا الأكثر هدوءً وحكمة وعاطفية ..وأشفق لحظتها على والديه كيف تعاملا معه هو وشامل .. ومر في ذاكرته الكثير من المواقف له ولتوأمه بل إن مراقبتهما ليل نهار يثير ذلك دوما في نفسه ونفس أخيه .. ذكريات لتفاصيل كثيرة مرت بهما وهما صغار .. وراوده ذلك الشعور الأبوي الذي دوما يشغله كأب كيف يؤمن لهما مستقبلهما المادي والعاطفي حتى لا تحتاجان لأحد ؟..كيف يحميهما من أي معاناة واجهته هو وتوأمه؟.
اقتربت هانيا وطبعت قبلة على خده ذاب لها قلبه وهي تقول بنفس الاستعطاف "أيرضيك ألا يكون عندنا مطبخ مثل عرائس أشرقت"
قبلت هنا خده الأخر مضيفة بنفس الدلال الأنثوي مستمرة في إحكام المصيدة حوله قلب أبيها "أرجوك يا أبي حلفتك بباسمة"
رفع كامل حاجبا ولملم ابتسامة تريد البزوغ على شفتيه وهو ويرفع أنظاره تلقائيا نحو باب المطعم الموصل للفيلا ينظر لشامل الذي جاء خلفه ليتعجله ويبدو أن الأخير قد سمع طرفا من الحديث لأنه علق " هل يُنصب لك فخا؟"
رد كامل وهو يتطلع في ابنتيه" أجل وانزلقت فيه وأُحكم علي إغلاقه"
غمغم شامل وهو يتحرك ليدخل المطبخ "بالهناء والشفاء يا حبيبي "
حين خرج شامل من المطبخ كان كامل يقول لابنتيه باستسلام" حسنا أنا سأتحدث مع باسمة وسأشتري لكما اللعبة"
صرختا من الفرح وتناوبتا في أمطاره بالقبلات فتلقاها ضاحكا وهو يحضنهما بذراعيه في الوقت الذي دخلت بسمة من باب المطعم تقول" ماذا يحدث هنا؟"
قال شامل وهو يتجاوزها ويخرج" هما (واحد) وبسمة (صفر)"
نظرت بسمة لكامل الذي تعلقت هانيا الواقفة فوق الطاولة برقبته بينما مالت هنا التي تجاورها لتنام على صدره وهي تقول" أبي حبيبي نحبك جدا جدا"
تكتفت بسمة وقد فهمت ما فعلته الماكرتان ليقول كامل" سنشتري لهما اللعبة هذه المرة فقط يا بسمة.. وسيجلس أربعتنا فيما بعد ونضع اتفاق يقنن شراء اللعب"
قالت بسمة لابنتيها من بين أسنانها "ألم أقل لا تتحدثا في هذا الأمر؟"
ردت هنا المحتمية بوالدها "أنت قلت لا تتحدثا مع جدي غنيم"
قهقه كامل عاليا ثم حضن كل واحدة بذراع وحملهما معا مقتربا من بسمة التي تقف متكتفة وقال لبسمتيه الصغيرتين "هل قلتما لماما عيد ميلاد سعيد؟"
قالتا في صوت واحد" عيد ميلاد سعيد يا ماما "
ومالت هانيا من فوق ذراع والدها تضع قبلة على خد بسمة وتبعتها أختها على الخد الأخر .. فرق قلب بسمة لهما رغما عنها بينما أنزلهما كامل أرضا وقال" هيا أذهبا وسنتحدث فيما بعد متى سنشتري اللعبة"
هللت التوأمتان بسعادة وقالت هنا لأختها وهي تشدها مهرولة" تعالي لنخبر أشرقت ونغيظها"
رحلتا فاستدارت بسمة تتطلع في كامل قائلة" هل صدقت تمثيلهما؟"
ابتسم تلك الابتسامة الوسيمة التي تخطف قلبها وهز رأسه نافيا ثم أمسك بيدها وشدها نحو الداخل إلى مطبخ المطعم فقالت باندهاش" كامل ماذا تفعل .. كامل"
××××
في ركن من الحديقة انفجر مفرح بالضحك فقالت مليكة بعينين تترقرق فيهما الدموع" تضحك يا مفرح!!"
قال من بين ضحكاته" وماذا يمكن أن نفعل.. حامل مرة أخرى قصدي رابعة خير وبركة .."
قالت قبل أن تدفن وجهها في كفيها" والله أواظب على وسيلة منع الحمل منذ أن قررنا أن نكتفي بما رزقنا الله به"
استمر في الضحك على صدمتها وفرد ذراعه على كتفيها يطبع قبلة فوق حجابها .. إن خبر حملها دائما يشعره بالفرحة بشكل خاص .. بسعادة الفلاح حينما تستجيب الأرض لغرسه.. وفرحة الزوج الذي اشتاق للمزيد من الأولاد من المرأة التي عشقها .
همس بجوار أذنها مشاكسا "من الطبيعي أن تحملي يا مليكة ..خاصة حينما يكون لديك رغبات مكبوتة لفعلها أكثر من مرة في الليلة الواحدة"
راقب وجهها الذي ابعدت كفيها عنه ولاح عليه الامتقاع.. فعاد يهمس مشاكسا "هل تعتقدين أن الحمل قد حدث في ليلة كليلة أمس التي قمت فيها تطالبين بمرة ثانية .. "
امتقع وجهها فاستمر في مناكفتها " لماذا لم تطلبي وأنت مستيقظة يا مليكة ..هل قصرت معك في شيء في هذا الجانب.."
قالت بغيظ تداري حرجا شديدا " مفرح اسكت .. أنا لم أحاسبك بعد على ما فعلته ليلة أمس"
هز كتفيه ورد بلهجة متسلية " ولماذا تحاسبيني؟ حاسبي نفسك أولا "
ناظرته مليكة وهي تجز على أسنانها ولا تعرف لماذا بدأت تقوم بهذا السلوك المحرج على فترات متقطعة .. حيث تقوم ليلا وتحاول اغوائه لتطلب علاقة زوجية ..أقربها ما حدث ليلة أمس.
الليلة السابقة
"مسيو مفغح .. مسيو مفغح"
فتح مفرح عينيه متفاجئا فوجدها تقبل عنقه وتفتح أزرار منامته لتضع قبلات تائهة فوق صدره فغمغم ناعسا وهو يضحك "مليكة عودي للنوم"
استمرت في عملها ويدها تتحسس جسده بجرأة لا تفعلها وهي مستيقظة فغلب على مفرح الضحك وحاول إبعادها بهدوء قائلا" أنت من تصعبين عليّ المقاومة "
وحضنها يعيدها لتستلقي بجواره ثم تطلع في وجهها يبعد عنه شعرها الناعم ويقول "حينما تستيقظين سـ.."
لم يكمل عبارته حينما وجدها تحضنه مرددة" مسيو مفغح ..أحبك أحبك ..لماذا تتركني اشتاق إليك"
غمغم مغتاظا" ما تقولينه هذا تطير فيه الرقاب يا بنت الصوالحة (وأضاف بصوت متهدج فوق رقبتها وقد أوشكت أعصابه على الإفلات خاصة مع يدها ذات اللمسات الجريئة ) ألم نكن سويا قبل النوم يا مفترية"
ظلت تردد بإصرار من بين قبلات توزعها على جسده " مسيو مفغح.. أحبك ...أحبك ..أحبك ..وأريدك"
ضحك مفرح على أعصابه التي أفلتت من عقالها ..وعلى الجدال الذي سيدخل فيه معها بعد أن تستيقظ وتكتشف ما فعلاه أثناء نومها لكنه لم يقدر على الصمود فهمس قائلا بلهجة حارة " وأنا أحبك أحبك أحبك وأريدك يا مليكتي "
ومال يقبل عنقها وهو يخلع عنها منامتها الرقيقة وسط همهمات راضية منها وهي تتمتم" مسيو مفغح "
غطت مليكة وجهها بكفيها وهي تقف أمامه في حرج بالغ بعد أن قص عليها تفاصيل ليلة أمس .. كانت تعلم حينما استيقظت فجرا بأنهما كانا سويا أثناء نومها لكن الفرصة لم تسنح لهما بالتحدث عن الموضوع إلا الآن لتعجلهما بالسفر .
إنها تشعر بالضيق من هذه الحالة التي لا تعرف لها سببا .. لقد أخبرتها الطبيبة أن هذه حالة نادرة الحدوث تصيب من يعانون من مرض المشي أثناء النوم وتختلف أسبابها من شخص لأخر من الذين يعانون منها .. لكن بالنسبة لها ربما هو شعور مخزن بالذنب تجاهه يجعلها راغبة في تعويضه ..
ورغم أنها تهتم بهذا الجانب بشدة في حياتها ..خاصة بعد أن قلت نوبات بكائها بعد العلاقة الزوجية .. قلت حدتها وعدد مراتها لكنها لم تتوقف تماما.. لكن يبدو أنه حتى في نومها يشغلها هذا الأمر .
استجمعت شجاعتها ونفضت عنها حرجها تقول وهي تكشف وجهها "هل تضحك!! .. أنا لم أحاسبك بعد على ما فعلته لأننا استيقظنا قبل الفجر متعجلين .. كيف تقوم بهذا الفعل اللا أخلاقي يا دكتور مفرح"
قال بلهجة متسلية "لا أخلاقي!!.. تعرفين ردي مليكة هانم على هذا الموضوع .. زوجتي حلالي تطلب طلبا موقعا بـ (مسيو مفغح ) وثلاثة من (أحبك ) وواحدة من (أريدك) .. ماذا تريدين مني أن أفعل؟ ..خاصة حينما تكونين جريئة وتحفظين خريطة جسدي جيدا"
راقب احمرار وجهها الذي تحول لحبة طماطم أمامه وهي تواجهه وتطحن ضروسها ثم قالت "كان من الممكن أن تعيدني للنوم مثلما تفعل حين أحاول الخروج أو حتى توقظني"
رد ببرود "تؤتؤتؤ كيف أوقظك وأعرضك لنوبة بكاء هستيرية مليكتي ..أنا لا أرضى بذلك أبدا .. كما أني إنسان و لي مشاعر أيضا وأنت تثيرينها بما تفعلين (وغمز بعينه مضيفا ) و تكونين شهية جدا في هذه الحالة خاصة مع اسمي المنطوق بالفرنسية (وهرش في لحيته السوداء مضيفا بلهجة متسلية ) من الممكن أن تحللي مع طبيبتك النفسية أسباب نطقك لاسمي بهذه الطريقة التي كانت تنطقها بها تلك المعلمة.. هل غرتِ عليّ إلى هذه الدرجة وشعرت بأنها تهدد مكانتك في قلبي يا مسكينة!"
هتفت بغيظ وقد نجح في استفزازها "من هذه التي سأغار منها (ثم تقبضت إلى جانبيها تقول مستغفرة) استغفر الله العظيم .. لا تجعلني ارتكب ذنبا في حقها .. (وأضافت بكبرياء ) حبيبي .. أنا مليكة صوالحة"
رد عليها واضعا يديه في جيبيه "وأنا مفرح الزيني يا هانم (ومال برأسه ناحيتها مضيفا بهمس ) ومستعد لتلبية رغبات الهانم المكبوتة في أي وقت وفي أي حالة مرة مرتين أكثر .. "
راقب امتقاع وجهها فأضاف بهمس" اخبريني فقط قبلها كي استعد بالوسائل المساعدة حتى أنفذ لك رغباتك المكبوتة كلها دون تقصير"
دفعته فجأة تقول بعصبية هاربة " ابتعد عني يا مفرح ..فأنا امقتك هذه الساعة"
وتحركت مبتعدة فسألها ضاحكا "إلى أين؟"
غمغمت "سأطمئن على أوس ..أقصد هذا ليس من شأنك"
شيعها بنظراته مقهقها وهو يتأمل عباءتها الأنيقة وجسدها الذي لا تظهر تفاصيله من تحت ملابسها الفضفاضة لكنه يحفظ كل إنش فيه كاسمه وقال بلهجة متسلية " ترى كيف سيكون وقع الخبر على الجحشين الكبيرين ؟"
××××
في غرفة التبريد .. الثلاجة الكبيرة الخاصة بالمطعم أغلق كامل الباب وحاصر بسمة بجسده عند الحائط فقالت " كامل الناس بالخارج"
تحسس وجهها الفاتن بأطراف أنامله وقال بالطريقة التي تسبب ارتجافا في جسدها" أريد أن أقبلك بعيدا عن العيون "
قالت بدلال وهي تلعب في أزرار قميصه بأصابعها" في الثلاجة يا كامل!"
قال هو يتحسس وجهها بشفتيه "لن اتحمل حتى مغادرة الضيوف والصعود لغرفتنا (وأضاف وهو يفك الوشاح الصغير حول وجهها) كما أن بناتك يتبعانا في كل مكان لذا علينا أن ننتهز خلو المطعم وانشغال الباقين ونعيد ذكرى أول قبلة لنا"
قالت وهي تطبع قبلة على صدغه "الثانية تقصد"
رد أمام شفتيها "بل الأولى ..فقبلة السيارة لا تحسب لأنك لم تتجاوبي معي فيها .. قبلة الثلاجة كانت أول استسلام حقيقي لك بين ذراعاي "
ناظرته بعشق فغطس في زرقة عينيها اللتين لا يمل من تأملهما وأضاف" كما أني كما عودتك أن أهديك قصيدة في يوم ميلادك لن أقدر على القائها أمام الجميع كما تعلمين ..ولا أطيق انتظارا لنصعد لجناحنا .. أريد أن ألقيها على مسامعك قبل بداية الاحتفال"
استطالت بسمة وطبعت قبلة سريعة على شفتيه فاستطرد كامل بأنفاس ساخنة عطرة:
الوقت معك يا سيدتي يعاندني
يجري في حضورك .. ويزحف في غيابك
لكن حبك علمني الصبر
وألبسني روح المحاربين لآخر العمر
فقادتني شفتاك إلى الجنون..
وصارعت طابع حسنك كطفل عنيد
ثم دونت انتصاراتي كنقشٍ..
فوق شطآن عينيك .
ورغم مرور السنين
لا زلت أبحث عن حل
مع جمالك .. .وجنوني.
اغرورقت عينا بسمة بالدموع وقالت بحشرجة" قد لا أكون بارعة في كتابة القصائد مثلك لكني سأقول لك ما أشعر به تجاهك .. أنت بكليتك قصيدة .. وحياتي معك قصيدة .. أنت قصيدتي التي أحياها كل يوم وكل لحظة يا كامل .. أنت فارس أحلامي .. جائزتي "
أطبق على شفتيها بقبلة تخبرها بقوة مشاعره تجاهها ..مشاعر زادت مع السنين ولم تقل .. وأضيف عليها عشرة العمر.. وقوى من رباطها الأولاد لكنها ظلت محتفظة بكينونتها بينهما .. مشاعر مجنونة لا تخضع لحسابات العقل .. انجذاب لم يفتره مرور الوقت .. وحب كبير .. أكبر من تصورهما .. أكبر من المصاعب والتحديات.. أكبر من عقدهما النفسية ..وأقوى من وحوشه ووساوسه ..ومن جروح ماضيها .
حين أطلق سراح شفتيها قالت وهي تشعر بشقاوة يده تحت ملابسها" هل تعلم بأن أمي تلح عليّ لننجب مرة أخرى"
قال بابتسامة شقية على شفتيه وهو يلصق جسده بجسدها "هذا ما كنت سأطلبه منك بعد أن انتهيت من الماجستير لذا دعينا ننفذ الآن"
ضحكت وحاولت إبعاد يده عن ملابسها وهي تقول" كامل تعقل نحن في الثلاجة"
نجح في فتح أزرار بلوزتها الأمامية ومال يطبع قبلات أكثر سخونة على نحرها فقالت بسمة" يا مجنون"
صوت ابنتيهما نما إلى مسامعهما يناديان عليهما ..فتجمد كامل بينما اتسعت عينا بسمة وابعدته تقول هامسة "بناتك في المطبخ كيف سنخرج الآن؟"
شتم من بين أسنانه ثم همس قائلا "أششش سترحلان حينما لن تجدانا"
قالت هانيا في المطبخ " أين ذهبا؟"
قالت هنا وهي تضيق عينيها وتخرج لتبحث في صالة المطعم الخالية "هما بالتأكيد هنا .. فأنا لم أترك باب المطعم الداخلي وانتظرتك لتحضري التابلت لنريهما اللعبة"
قالت هانيا وهي تقترب من باب المطعم الخارجي "ربما غادرا من هنا "
ثم حاولت فتحه فوجدته مغلقا لترد عليها هنا" هذا يوصل للشارع يا ذكية هل سيتركان الحفل والضيوف ويغادران الفيلا"
وعادت للمطبخ من جديد تقول "هما بالتأكيد في المطعم أو في المطبخ"
دخلت هانيا خلفها تنادي" أبي .. أمي"
بينما ضغطت هنا على زر الاتصال بوالدها في التابلت فأصدر هاتف كامل رنينا جعل بسمة تشهق وجعله يجز على أسنانه وهو يخرجه من جيبه ملقيا سبة ثم قال لها "بناتك ذكيات أكثر من اللازم وستجلطاني يا بسمة"
تتبعت التوأمتان المصدر الذي خرج منه الصوت في داخل المطبخ وتحركتا في ممر بعده مؤدي للمخزن الداخلي فوجدتا غرفة التبريد قد فتحت وكامل يقول بلهجة جادة مدعيا الانهماك في العمل " عدي كم كيس من الجمبري عندك على الرف يا بسمة"
قالت الأخيرة بلجلجة وهي تلمس الرفوف بالداخل" حححاضر"
توقفت التوأمتان تناظراهما متسعتا العينين ثم سألت هنا" ماذا تفعلان؟"
تنحنح كامل وهو ينظر في هاتفه مبديا الانشغال والتدوين ورد" كنا نحضر المزيد من اللحم فلاحظت أن هناك نقصا في الثلاجة فقمنا بعد الأصناف"
نظرت إليهما بسمة وسألت" لماذا تبحثان عنا؟"
بسرعة نفضت التوأمتان حيرتهما وتكلمت هانيا بحماس مشيرة على التابلت في يد توأمتها "جئناكما بصورة المطبخ وثمنه .. إن شروق اللئيمة كانت قد أرسلت صورته لجدها كي يشتريه لها"
كتمت بسمة الضحك ونظرت لكامل الذي قال من بين أسنانه" حاضر ..حاضر سأشتريه لكما ..هيا اخرجا من الثلاجة حتى لا تمرضا (وأحاط جذع بسمة بذراعه مضيفا وهو يخرج ) يكفي على أبوكما جلطته"
××××



يتبع

على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t464653-377.html






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:06 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.