22-12-19, 02:38 AM | #1 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| مجنون ( قصة قصيرة ) عجيب هو هذا الرجل ... أعوام طويلة التقى به ، فى جلسات العلاج ، وما زال يحيا حالة الوهم ، التى تصور له أنه ليس مريضًا ... هنا فى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية ، هذا ليس بالأمر العجيب ... الكل يتصوّر نفسه شخصًا آخر ، بخلاف هويته الحقيقية ... فى عنبر ثلاثة ، رجل يصر على أنه الرئيس ... وفى عنبر خمسة ، لدينا نابليون بونابرت ... وهناك خالد بن الوليد ... وصلاح الدين الأيوبى ... وحتى سفاح (كرموز) ... ولكن هذا الرجل بالذات يختلف ... يختلف كثيرًا ... " كيف حالك اليوم ؟! ..." ألقى علىّ السؤال ، وهو يبتسم ابتسامة هادئة ، جعلتنى أدرك أنه ما زال داخل حالة التقمص ، فأجبته فى مودة : ـ فى خير حال ... وأنت ؟! أشار بيده إشارة مبهمة ، واسترخى فى مقعده : ـ أنا أفضل ... استطعت تقبل وفاة زوجتى ، وأتعامل مع ابنى وابنتى على نحو طبيعى . " مسكين هو ..." | |||||||||||
22-12-19, 02:38 AM | #2 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| صدمة مقتل زوجته زلزلت كيانه ... إنه يتظاهر بالتماسك ، ولكننى أعلم أنه منهار داخليًا ... أخشى ما أخشاه أن ينهار احتماله فجأة ، فيتحول إلى حالة العنف ... لو حدث هذا ، سأضطر إلى نقله إلى عنبر الخطرين ... أو إرساله إلى حيث يحصل على صدمة كهربية ... فى بعض الأحيان يفلح هذا ... فى بعض الأحيان فحسب ... " القضية تم قيدها ضد مجهول ..." قالها ، وهو ما زال يحاول الاسترخاء فى مقعده ... " هل ضايقك هذا ؟! ..." سألته فى حذر ، فلوّح بذراعه كلها ، مغمغمًا : ـ وماذا بيدى لأفعله ؟! لم تعجبنى إجابته ، ولا الطريقة اللامبالية ، التى نطقها بها ، فملت نحوه ، أسأله : ـ أين كنت ، عندما قتلت زوجتك ؟! صمت بضع لحظات : ـ كنت أقضى السهرة مع بعض الأصدقاء . سألته ، وأنا أتفحّص وجهه جيدًا : ـ وهل يمكنهم الشهادة بهذا ؟! تطّلع إلىّ لحظات ، ثم اعتدل فى مقعده : ـ بالتأكيد . | |||||||||||
22-12-19, 02:39 AM | #3 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| من الواضح أنه يخفى شيئًا ، ولهذا سألته : ـ كيف لقت زوجتك مصرعها ؟! عاد يتطّلع إلىّ لحظات ، قبل أن يجيب ، فى توتر ملحوظ : ـ لقد أخبرتك من قبل . تمسكت بالهدوء ، وأنا أسأله : ـ هل يضيرك أن تخبرنى مرة أخرى ؟! بدا مترددًا ، فقلت أستحثه : ـ مع تفاصيل أكثر هذه المرة . لم يبد مرتاحًا ، وهو يفكّر طويلًا ، قبل أن يعتدل ، قائلًا : ـ تعلم أن سارقًا فاجأها وحدها . قلت أستحثه : ـ ثم ؟! بدا عصبيًا ، وهو يجيب : ـ ثم طعنها ست عشرة طعنة . تراجعت فى مقعدى : ـ كان لديه الوقت الكافى إذن ؟! مطّ شفتيه ، وهزّ كتفيه ، وهو يجيب : ـ لست أعتقد هذا . | |||||||||||
22-12-19, 02:40 AM | #4 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| ويبدو أن لهجتى كانت قاسية بعض الشىء ، أو أنها حملت نبرة عدوانية ، وأنا أقول : ـ قلت إنها ستة عشرة طلقة . زفر زفرة متوترة ، وهزّ رأسه ، وهو ينهض قائلًا : ـ يبدو أن فكرة علاج الحوار الودى المتبادل ، لم تكن مناسبة هذه المرة . أشرت إليه بمعاودة الجلوس : ـ بل أراها فكرة رائعة . تردد بضع لحظات ، ثم عاود الجلوس ، وهو يغمغم فى عصبية : ـ دعنا لا نتحدث عن حالة زوجتى إذن . وافقته بإيماء من رأسى ، على الرغم من الفضول الذى يلتهمنى ؛ لمعرفة صلته بمصرع زوجته ... إنه يخفى شيئًا ... حتمًا يخفى شيئا ... " ماذا عنك أنت ؟! ..." ألقى سؤاله علىّ فى اهتمام ، فهززت كتفىّ ، مجيبًا : ـ ماذا عنى ؟! سأله فى شبه لهفة : ـ هل أنت متزوّج ؟! فكرت لحظات ، قبل أن أجيب : ـ لست أظن هذا . | |||||||||||
22-12-19, 02:42 AM | #5 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| تراجع فى مقعده ، وهو يسأل دون دهشة : ـ تظن ؟! أشرت بيدى مجيبًا : ـ لقد فرّت مع طفلى منذ زمن . سألنى : ـ وهل طلقتها بعد فرارها ؟! صمت لحظة مفكرًا ، ثم هززت رأسى فى بطء : ـ كلا . لم ترق لى ابتسامته ، وهو يقول : ـ هى ما زالت زوجتك إذن . ضايقتنى العبارة ، فأشحت بوجهى فى توتر : ـ من الناحية النظرية ... نعم . سألنى فى اهتمام : ـ وابنك ... هل رأيته بعدها ؟! بدأت أشعر بالضيق لأسئلته ، إلا أننى أجبت ، فى شىء من الغلظة : ـ كلا ... لمحت شبح ابتسامة على شفتيه ، وهو يقول : ـ ضايقك هذا كثيرًا ... أليس كذلك ؟! أجبت دون مواربة : ـ نعم . | |||||||||||
22-12-19, 02:42 AM | #6 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| قلتها فى حدة واضحة ، فتراجع فى مقعده ، واستغرق فى التفكير بضع لحظات ، قبل أن يبتسم ابتسامة زائفة ، قائلا : ـ يبدو أن جلسات الأحاديث الودية هذه مجدية . غمغمت بغير حماس : ـ أعتقد هذا . راجعت فى ذهنى ما أعرفه عن جلسات العلاج الودية ... المريض يجلس مع الطبيب ، وكأنهما صديقان التقيا فى مقهى ... يتحدثان ... يتجادلان ... أو حتى يتشاجران ... وعلى الطبيب أن يكون يقظًا واعيًا ، لكل فعل أو كلمة ... هذا لأنه يقوم بتحليل المريض ، من خلال هذه الجلسات ... وعلاجه أيضًا ... المهم أن يسأل دومًا السؤال المناسب ... وفى الوقت المناسب ... " هل أحببت طفولتك ؟! ... " | |||||||||||
22-12-19, 02:43 AM | #7 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| ألقيت عليه السؤال بغتة ، فبدت عليه الدهشة لحظة ، قبل أن يشرد ببصره ، وكأنه يستعيد ذكرى قديمة : ـ أبى كان قاسيًا بعض الشىء . سألته فى اهتمام : ـ وماذا عن أمك ؟! بدا من الواضح أن الذكريات تؤلمه هذه المرة ، وهو يغمغم : ـ لقد تركتنا وأنا فى الثانية . سألته : ـ ماتت . حاول أن يبتسم ابتسامة مضطربة ، وهو يهز رأسه ، قبل أن يجيب ، فى مرارة لم يستطع حجبها : ـ طلقها أبى ، وتزوّجت من رجل آخر . سألته ، وقد تضاعف اهتمامى : ـ وهل رأيتها منذ ذلك الحين ؟! زفر فى مرارة ، قبل أن يغمغم : ـ مرتين فحسب . لقد أصبت الهدف ... إنه يكره أمه ... هذا ما دفعه إلى قتل زوجته ... جلسات العلاج الودية هذه مدهشة بحق ... | |||||||||||
22-12-19, 02:44 AM | #8 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| لقد توصلت بواسطتها إلى الحقيقة ، التى عجز الكل عن كشفها . " دعنا نتحدث عنك قليلًا ... " قالها فى توتر ، وكأنه يسعى للفرار من حصار أسئلتى ، فاعتدلت قائلًا : ـ سل ما بدا لك . مسح شعره بيده ، وهو يسأل : ـ متى عرفت أين تقيم زوجتك ؟! ندت منى حركة عصبية مع سؤاله ، وقلت فى حدة : ـ وماذا يعنيك من هذا ؟! ابتسم وهو يهز كتفيه ، مجيبًا : ـ أنت سألتنى أسئلة شخصية ، وأجبت . كان على حق ، مما جعلنى أبتلع توترى ، قائلًا : ـ علمت منذ ستة أسابيع تقريبًا . قال فى هدوء : ـ وذهبت لزيارتها ؟! قلت فى عصبية : ـ كان يجب أن أرى ابنى . بدا أكثر هدوءًا ، وهو يقول : ـ ولكنها رفضت أن تريك إياه . هتفت فى حدة : ـ تلك الحقيرة ... إنه ابنى أيضًا ، وليس ابنها وحدها . | |||||||||||
22-12-19, 02:44 AM | #9 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| تنهّد ، وقال فى حسم : ـ لهذا طعنتها حتى الموت ؟! اتسعت عيناى عن آخرهما . طعنتها ؟!... من قال هذا ؟! .. من ؟! ... " انتهت الجلسة ... أعيدوه إلى عنبره الانفرادى ..." قالها ، ونهض لينصرف ، وجاء اثنان من الممرضين الأقوياء ، كما يحدث فى كل مرة ... كم سئمت هذا وكرهته ... إنه ، وهم جميعًا يصرون على أننى المريض ، وأنه هو الطبيب ... ولقد تجاهلونى تمامًا ، وأنا أحاول أن أنبههم إلى خطئهم ، بينما يجروننى جرًا إلى العنبر الذى أقيم فيه ... عنبر المجانين ... الخطرين . *** (تمت بحمد الله) بقلم : د. نبيل فاروق | |||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|