آخر 10 مشاركات
عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          رواية المخبا خلف الايام * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          لعـ زواج ـــبة (2) "الجزء 2 من سلسلة لعبة الصديقات" للكاتبة المبدعة: بيان *كاملة* (الكاتـب : monny - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          سافاير(138)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء2من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          مذكرات مغتربات "متميزة ومكتملة " (الكاتـب : maroska - )           »          60 - العريس لا أحد - ربيكا ستراتون (الكاتـب : فرح - )           »          130-كلمة السر لا-أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          85 - عنيد - آن ميثر - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree249Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-07-20, 12:20 AM   #521

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hayette bjd مشاهدة المشاركة
" أجل لدي أخي ... أثق به "
ما أجمل هاته الجملة 💘
ما اجمل الأخوة❤


ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-07-20, 12:24 AM   #522

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hayette bjd مشاهدة المشاركة
الفصل 15
تسلم إيدك ميوس .. الفصل متعة🌺
باسل يصل القرية أخيرا و يؤدي الأمانة يطمئن عائلة على ولدها أتمنى يلحقوه عايش لتكتمل فرحتهم ..
أخوة وليد فتحو بابا واسع باب للهرب كما أراه .. الهجرة هل فعلا باسل راح يتخذ هذا القرار!
بصراحة لشخص بوضعه تبدو فكرة مغرية و يجب التمسك بها .. لكنها حارقة في القلب متعبة و مضنية تشقي القلوب💔
مش عارفة أضبط مشاعري إذا كنت موافقة أو ضد أن باسل يهاجر لكن عندي قناعة أن فالخيارين الأحداث راح تقنعني 😌
عامر بدأ القلب يشقيه .. بعد نوبة الذنب على أخيه سيجد نفسه مكبلا بعشق يزيد من وجعه أكثر فأكثر.. واحساسه بالذنب سيتعاضم لفترة..
نورا على قد ما كان كلام نسرين واقعي وحتى احنا حسيناه لكن مهما يكن نورا بتتوجع هي بوضع سيئ جدا .. مثل باسل تحتاج انها تسترجع هدوءها تعقلها .. ونفسها حتى تقدر تزن الأمور أفضل و تفكر بعيلتها والمحيطين..
حمزة أراه محور سير هاته العلاقات المتشابكة.. هو سبب هذه الشرنقة من المتاهات و هو سبكون مفتاح حلها❤
ورد يا ترى ماقصة هاته الفتاة و شو وضعة الانسة سناء فجأة خفت و قلبي ما اطمن لها..
شهامة.مع فكرها وجرأتها راح تتسب في منعطف خطير لحياة شقيقتها هيا .. واللي رغم انها فاهمة مصعب زوجها و عارفة معضلته لكن اتمنى انها فعلا تقدر تكسب ثقته وتفنذ نوع الوسواس اللي عندو..
نادين و عصام شكلهم راح يبدؤو مرحلة انجذاب وانكار .. و لو اني بشوف نادين بعفويتها و بساطتها ينخاف عليها من ناس حياتهم ينقصها الكثير من الاستقرار فيا ترى راح تقدر تدخل لحياتهم وتجابه معاهم المصاعب .. ولا!
مميزة كعادتك بانتظار القادم❤❤❤❤
مميزة كعادتك تسلم إيدك
أنا زيك أثق نقطة حل المشكلة حمزة❤
هيا صورة لنساء كثيرات تعاني نفس المشكلة بالغربة بس وجود داعم زي شهامة أكيد الحياة تختلف وتفكر بالمستقبل


ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-07-20, 12:26 AM   #523

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
اعتقد ان باسل سوف يختار الهجرة
هذا الحل الأفضل للجميع ...
تسلم ايدك حبيبتي 💖💖💖💖
نشوف ممكن نعمل ايه باسل قدره معانا نودي مكان ماحنا عايزين😁


ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-20, 09:33 AM   #524

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-20, 04:20 PM   #525

رانيا صلاح
 
الصورة الرمزية رانيا صلاح

? العضوٌ??? » 395664
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 706
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رانيا صلاح is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
افتراضي

مساء الفل تسجيل حضوووور

رانيا صلاح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-20, 08:47 PM   #526

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الخير والسعادة والأمل بالله
تسجيل حضوررررررررر
بأنتظار الفصل ❤️


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 20-07-20, 08:56 PM   #527

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس عشر

زُرقة ماء.. وصفاء جوّ .. وإشراقة سماء ..
ضفافه فضيّة بلون الفجر، ورماله ذهبيّة بلون الشمس، ومياهه ناعمة .. هادئة وكأنها صفاء البلور .. يقف باسل أمام البحر والهواء يلفح وجهه بنسائم لاسعة باردة لكنها منعشة بعد هذا المشوار الطويل الذي مر به طوال ليلة الأمس .. كان وصولهم بعد الفجر إلى هذه القرية الصغيرة المطلة على البحر ..
سار لساعات ضمن جماعة مكونة من نساء ..رجال ..شبان...أطفال.. أشخاص من كل الأعمار .. لم يتوقع هذا الكم الكبير من الناس يسعى إلى الهجرة من البلاد !

لقد أصغى لمحمود و خالد فقد حدثاه كثيراً عن حال البلاد وقلة العمل وصعوبة المعيشة على الجميع مما أدى لهجرة هذه الأعداد الكبيرة ..
بعد حديثهم هذا و رؤيته للدمار الذي يعم البلاد أيقن أنه لن يعود كما كان يوماً .. لا عمل ولا مسكن ولا حتى عائلة .. بقاؤه منفي بينهم هو العذاب له ولهم ..

ينظر إلى الناس من حوله يشعر أنهم ليسوا أفضل حالاً منه كل شخص فيهم يحمل داخله ما أوصله للمخاطرة بحياته وكأنهم عند مرورهم فوق هذه المياه أرواحهم سوف تغسل .. وجروحهم سوف تبرأ .. وهمومهم سوف تتركهم لتغرق إلى قاع البحر..

تلتقط أذناه بعض الأحاديث عن أحلامهم وآمالهم القادمة .. و يتذكر السعادة التي رسمت على وجوههم عند نجاحهم بعبور الحدود تذكر معها سعادته لحظة خروجه من السجن .. هل كانوا كذلك ؟! لقد توقفوا يهنئون بعضهم البعض على العبور وهناك من هنأه واحتضنه أيضاً !! وهو لم ترف له عين .. لم يشعر بشيء .. تمنى أن يشعر .. ولكن لم يتملكه أي شعور !!

ينظر حوله وقد تفرقت المجموعة عند وصولهم البحر بانتظار موعد الرحيل و هم لا يعلمون متى سيكون الرحيل ومن سيصحبهم .. كل شيء مخفي عنهم .. لا معلومات لديهم !

بعضهم استلقى على الرمال الذهبيّة يستمتع بأشعّة الشمس الدافئة ، والبعض الآخر فضّل الجلوس في ظلّ شجرة بعيدة، بينما بدأ مجموعة من الشبّان بالبحث عن شخص يعلمهم بموعد وصول المركب ..

يلاحظ وجود زوجين قريبين منه امرأة ورجل في مقتبل العمر .. المرأة تحمل رضيعاً صغيراً يبدو وكأنه ولد منذ شهرين فقط !!

" كيف لهذا الصغير احتمال مثل هذا الطريق الوعر ؟! "

هذا ما فكر فيه باسل ..و بالقرب منهم أيضاً تجلس أسرة أخرى رجل وزوجته وطفلين صغيرين .. تخرج والدتهم بعض الشطائر لتطعمهم .. يماثلون حمزة في السن .. تغشى عينيه نظرة حنان جارف لحمزة ويدعو الله أن يحميه و يحميهم ..

وهو يراقبهم تذكر رحلات عائلته إلى البحر وكيف كانت والدته تجلس لتطعمهم هكذا وهم يلعبون بالرمال وقطرات الماء المالحة تمتزج مع الطعام لتضيف له مذاق خاص بالرحلات ..

تقف السيدة وتقترب منه .. تمد يدها له بشطيرة .. أيقظته حركتها هذه من ذكرياته البعيدة :

" تفضل كُّل.. لقد لاحظت أنك بمفردك .. لم تأكل أي شيء ولا يبدو أنك تملك أي طعام"

" شكراً لك أختي .. أنا لا أشعر بالجوع .. دعيه للأطفال فالطريق مازال طويلاً "

" الشكر لله .. لا تقلق أحمل معي المزيد ..أرجوك تفضل"

يأخذ الشطيرة من يدها شاكراً لتعود لأطفالها تكمل إطعامهم ينظر لزوجها و يلقي عليه تحية برأسه ليرد الآخر تحيته ..

بعد مضي ساعات قليلة وعند انتصاف النهار بدأت مجموعات أخرى من المهاجرين تتقدم منهم وتأخذ أماكنها بقربهم يقف في منتصف المكان شخص يطلب منهم التجمع حوله ويجهر بصوته :

" التحرك سيبدأ عند منتصف الليل .. و من يرغب بشراء سترة أو طوق نجاة فليدفع الآن المبلغ و سوف نحضرهم معنا مساءً "

تبدأ المجموعة بالاعتراض فقد زاد عليهم المبلغ الذي اتفقوا عليه .. منهم من أخرج المال ومنهم من قرر أنه سوف يتجه إلى السوق ويتصرف بنفسه لعلمهم أن هذا المبلغ مبالغ فيه جداً و هم لا يملكون ما يكفي من المال ..

يفكر باسل هل هو بحاجة لسترة نجاة ؟! الأمر ليس متعلقاً بالمال .. هو يحمل معه ما يكفي .. يخرج منه ويعطي الرجل ما طلب فهو لا يريد الذهاب للسوق ولا البحث عن أي شيء .. حتى هذه السترة لا يعلم سبب شرائها سوى أنه موقن أن عليه الأخذ بالأسباب فإذا كُتب عليه الموت غرقاً لا يكون في موضع شك أنه تعمد الإهمال ليموت ..


..........................................


تجلس خلف مكتب صغير وبيدها قلم تحك به شعرها وهي تتحدث بالهاتف تجيب على أسئلة سيدة تتصل تشكي لها كيف أن الحكومة تجبرهم على الذهاب إلى مدرسة لتعلّم لغة البلد وكيف أن زوجها لا يرغب بذلك .. وبما أن شهامة تتحدث إحدى اللغات الاجنبية بجانب العربية طلب منها أن تتعامل مع هذه السيدة .. رغم محاولاتها لشرح الأمر لها وأنه لا يوجد أي استثناء لوضعهم لكن الأخرى مصرة على عدم الإستماع ..
تضع شهامة القلم من يدها وقد اسُتنفذ صبرها معها .. تجلس مستقيمة وتقول بحدة منهية الحديث :

" اسمعي كل الذي قلتيه لا يهم الحكومة .. أبلغي زوجك المحترم بما أنه مقيم هنا ويستلم مبلغاً مالياً من الحكومة كل شهر عليه الالتزام بالقوانين أو يتم اقتطاع الراتب "

تتغير لهجة السيدة لخوف :

" لا أرجوك لا تخبريهم بذلك .. سأحاول إقناعه بذلك مرة ثانية "

تغلق شهامة الهاتف بحدة وهي تنفخ الهواء من صدرها بقوة ..
تهز رأسها بأسف على ما سمعت خلال يومين فقط عن حال المهاجرين .. منهم من تعاطفت معهم ومنهم من تمنت خنقهم بيديها .. لم تتوقع أن هذا العمل بحاجة لكل هذا الجهد من ضبط النفس .. صحيح أنها كانت تعمل مع طارق وأكرم ولكنه عمل خاص ولم تكن مضطرة للاحتكاك بأحد ..

على ما يبدو أن كلام مصعب صحيح .. هذا العمل متعب .. و عند هذه الفكرة قررت إعطاء نفسها الوقت لعلها تجد مكانا ً أفضل من هذا العمل المكتبي والرد على الهاتف ..

تراقب من خلف الزجاج مديرة المركز وهي تتحدث مع بعض الأشخاص مبتسمة .. هادئة .. الجميع هنا يعمل بنشاط وحب لخدمة أشخاص لا يعلم عنهم سوى أنهم لاجئون و بحاجة للمساعدة .. تجد المتطوعين من جنسيات مختلفة ..
تخجل من نفسها أن تظهر لهم فشلها بالتعامل مع اللاجئين من أول يومين !!

يهتز الهاتف قربها ليلفت نظرها اسم سامر تعود للابتسام مرة أخرى وتنسى ما يضايقها لتجيب مسرعة :

" أهلاً .. أهلاً .. كيف حالك ؟"

يضحك سامر بود ويرد التحية :

" أهلاً بك .. الحمد لله أنا كما أنا .. المهم أنت .. كيف تبلين في العمل ؟"

تغلق عينيها وتتنهد بصوت عالٍ يثير ضحكات سامر :

" يبدو أنك ستخيبن ظن الأستاذ إياد بعد أن أوصى بك في المركز"

" لا لن أخيب ظنه إن شاء الله .. ولكن لن تتخيل كم المجهود والكلام الذي قدمته لمدة ساعتين !! "

" ساعتان وهذا رأيك !! إنه اليوم الأول فقط ... "

ترجع بظهرها إلى الخلف لتريح نفسها :

" لا إنه اليوم الثاني .. ولكني كنت أفكر أن أطلب منهم عملاً آخر؟ "

يضحك سامر وهو يتخيل شكل شهامة وهي تتعامل مع بعض الأشخاص المزعجين .. يتوقع منها أن تعيدهم لبلادهم :

" اطلبي منهم العمل مع الأطفال .. هذا أفضل حل "

تهز رأسها موافقة :

" يبدو أنه الحل الأفضل والأسلم للجميع !! كيف حال عصام؟! "

يشعر سامر بالحماس ويخبرها :

" يبدو أن عصام وقع وانتهى أمره "

لم تفهم شهامة مقصد سامر :

" كيف وقع وأين ؟!!"

" ديانا دعتنا إلى منزلهم لتناول الغداء يوم الإجازة "

ترفع شهامة حاجبيها دهشة وبسمة خفية على وجهها :

" يبدو أن عصام ليس سهلاً، كما توقعت لقد أوقع بفتاة جميلة !!"

يحول سامر صوته لمسكين :

" أجل .. وكلما سألته عن عمله يقول لي .. جيد .. وأنا أصدقه !! "

تضحك شهامة على مزاحه :

" لكنها فتاة جيدة .. لقد أحببتها"

يوافقها سامر الرأي :

" أجل عصام يستحق فتاة مثلها "

"وأنت ... ألا يوجد من تستحقك ؟! "

يمسك سامر قلبه بيده بأسلوب كوميدي وكأن شهامة تراه ..

" أنا آآآآه .... و من تنظر لمسكين مثلي؟! ثم أني لن أتزوج سوى بفتاة من اختيار أمي "

تشعر شهامة بتعلق سامر الشديد ببلاده ووالدته، فهو لا يفتأ يذكرهم كل حين ..

" أجمل عروس تكون من تختارها خالتي أم عصام"

يفيض الشوق بسامر لوالدته فيحاول إنهاء الحديث ولا ينقل إحساسه بالفقد لشهامة ..

"حسناً لقد أحببت أن أطمئن عليك وأبارك لك العمل "

فهمت شهامة مقصده لإنهاء الحديث :

" شكراً لك سامر .. الحديث معك دائما يسعدني"

يعود لمرحه قبل أن يغلق الاتصال :

" أعلم ذلك .. أنا موجود ساعة تشائين إفراغ غضبك من أحدهم .. أتوقع سماع أخبار عن متطوعة قتلت لاجئ !! "

تغلق شهامة الخط وهي تضحك من كلامه لتعود لعملها مع وصول اتصال آخر محول لها ..


يتبع......
..........................................


noor elhuda likes this.

ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-20, 08:59 PM   #528

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

منذ ساعة وهي جالسة أمام حاسوبها الشخصي تبحث عن المعلومات التي تدلها على كيفية استكمال دراستها .. هي لم تذهب إلى الجامعة سوى لتقديم أوراقها والتسجيل منذ سنين وكانت قد سجلت في قسم آداب اللغة العربية ثم لم تنتظم في الدراسة لأن الموضوع لم يكن سهلاً عليها وقتها ..
أما الآن تشعر أنه معقد وأنها بحاجة لمن يفكر معها لتتخذ قرارها المناسب .. لقد أعجبها (التعليم المفتوح) حيث تستطيع الذهاب يومين في الأسبوع فقط وهكذا ستتفرغ باقي الأيام لحمزة والبدء بما فكرت فيه .. البدء بإعطاء دروس للتقوية في المنزل للأطفال ومن هذا المبلغ ستدفع أقساط التعليم .. يقال بأن المبلغ المطلوب ليس كبيراً جداً ..
تغلق الحاسوب وتفرك عينيها وهي تحدث نفسها :

" لابد من الذهاب إلى هناك لأحصل على كل ما أحتاج من معلومات بالنسبة للمبلغ والأوراق المطلوبة وساعات الدوام وإذا كان يحق لي من الأساس التقدم له !! "

تسمع من خلف باب الغرفة والدتها تحدث والدها الذي عاد للتو .. فقد ذهب صباحاً من أجل إحضار أسطوانة الغاز .. هذا هو الحال هنا.. كل شيء تحصل عليه بصعوبة وتضطر للوقوف لعدة ساعات منتظراً دورك .. يوجعها قلبها عليه لقد اضطر للوقوف ست ساعات كاملة للحصول على أسطوانة غاز واحدة !! لقد كبر على هذا الشقاء .. لكن ليس بيدها شيء لمساعدته سوى الذهاب معه المرة القادمة على الأقل تحمل له كرسيا ليجلس عليه ..

ثم تتذكر أن أمامهم حملة بحث عن منزل جديد على أن يكون بسعر مناسب ومنطقة قريبة من مدرسة حمزة .. لن يجدوا في هذه المنطقة منزلاً بسعر مناسب لإمكانياتهم المادية .. عليهم الابتعاد للسكن في مناطق أقل مستوى وأرخص من هذه المنطقة .. وهكذا ستصبح الجامعة، لو سجلت فيها، بعيدة عنها وهناك مدرسة نسرين وياسمين أيضاً لا تبعد عن المنزل هنا سوى بضع دقائق ، وستضطر لنقل الفتيات و حمزة لمدارس أخرى ..

تمسك رأسها بيديها لا تريد التفكير بحل آخر .. لن تضعف ولن تعود للاستسلام ..ستعيش مثل باقي النساء وما أكثرهن .. وهن يعيلن أطفالهن بمفردهن .

تقوم من السرير وترتب شعرها ومكانها وتتجه إلى الخارج يجب أن تقنعهم أنها قوية وليست بحاجة لأي أحد .. ستجعل والدها يعتمد ويستند عليها بدلاً من خوفه الدائم عليها ..
تخرج من غرفتها تتجه إلى المطبخ تشاهد والدها يجلس على الكرسي بتعب واضح عليه .. يالله على وجع قلبها .. تسرع إليه تخرج ماء من الثلاجة وتضع له القليل ليشرب .. يأخذ من يدها الكأس ويشرب منه ما أن وضعه من يده ونظر لها أشاحت بوجهها وكأنها مذنبة ..
يحاول تخفيف الأمر عنها :

" سلمت يدك يا ابنتي "

تنظر له وقد بدأت الدموع تتجمع في عينيها وظهرت خلف الدموع نظرة حزينة منكسرة .. لكنها تحاول أن تتماسك :

" أبي اذهب وأرح نفسك إلى أن أحضّر لك الغداء أنت لم تأكل شيئاً منذ الصباح "

يمد لها يده حتى تسنده ليقف .. تسرع بمسك يده ومساعدته على الوقوف يبدو أن حمل الأسطوانة أتعب ظهره .. ترتعش يدها بيده ألما عليه .. ينظر لها من قرب ويبتسم مكابراً على ألمه .. يمسح على شعرها بيده الأخرى :

" أنا بخير .. لا تحزني .. عليّ الاعتياد على بعض الأمور .. سنتدبر أمرنا "

تنحني على يد والدها وتقبلها :

" لا حرمني الله منك وأدام عليك الصحة والعافية "

تقترب منهما أم عصام متأثرة من حمل زوجها وشقاء ابنتها ..

" سوف أساعد والدك إلى أن تحضري أنت الطعام ما رأيك؟ "

تبتسم لها نورا وتترك يد والدها لوالدتها وتبدأ هي بإعداد الطعام .. يخرج والداها من المطبخ .. لتقف وتضع يديها على الطاولة وينحني رأسها لتهطل دمعتين من عينيها تراهما على يديها ..

" ابكي وتألمي أكثر .. أنت تستحقين ذلك .. ما فعلته به عظيم .. لقد طعنتيه في قلبه .. لقد تزوجتِ من بعده .. و مِن مَن !! شقيقه !!"

تغلق عينيها وهي تتخيل كم الوجع الذي يمر به الآن بسببها .. هي فقط ...هي الخائنة ...


..........................................


يراقب أحمد نسرين وياسمين وهما تحاولان حل مسألة ساعدهما على فهمها ولكنهما اليوم متوترتان كأن فيهما شيئاً مختلفاً .. فلم تعد ياسمين كما كانت تهتم بسؤاله عن كل شيء ولا حتى نسرين تتأفف من الشرح الكثير ..

و ما إن انتهت الفتاتان من حل المسائل أخذ أحمد منهما الكراسات وتأكد أن حل نسرين صحيح ولكن ياسمين لديها أخطاء كثيرة وهذه ليست عادتها !!

" ياسمين لديك خطأين في بداية جوابك بحيث أوصلاكِ لنتيجة خاطئة "

تضع ياسمين يدها على رأسها :

" أشعر بصداع شديد قد يكون هو سبب عدم تركيزي"

يغلق أحمد الكتاب والكراسات :

وينظر لهما ليلاحظ أنهما تخفضان أعينهما عنه وكأنهما تخبئان عنه أمراً ما .. يشعر ببعض القلق عليهما .. إنهما في سن خطر وبحاجة للاهتمام ..

" انظرا إلي ... "

ترفع الفتاتان أعينهما لأحمد بخجل وتوتر ..

" هل أستطيع أن أعلم سبب هذا الحزن والقلق الظاهر عليكما وعدم التركيز في الدروس ؟! لقد اقتربت الامتحانات وعليكما الاجتهاد أكثر من ذلك .."

كانت نسرين ستبدأ الكلام لتقاطعها ياسمين خوفاً من تهورها ..

" لا يوجد شيء .. عمي أحمد .. كما قلت لك إننا متعبتان من الدراسة وهذا الأسبوع كان قاسياً علينا جميعاً .. كما تعلم "

يبتسم أحمد بحنان ويقول مشجعاً لهما ..

" كل شيء سيمر .. لا تقلقا أبداً .. واهتما بدروسكما .. لا تفكرا بأي أمور أخرى وأعدكما عند انتهاء الامتحانات ستجدان السعادة قد عادت إلينا جميعاً "

لكن نسرين لم تقدر على السكوت أكثر من ذلك :

" المشكلة كلها عند انتهاء الامتحانات"

تضربها ياسمين بقدمها من أسفل الطاولة لتتأوه نسرين وهي تمسد قدمها وقد لاحظ أحمد ذلك .. يلتفت لياسمين :

" لمَ تسكتيها ؟! هلا أخبرتني الآن أم أسألها هي؟ "

ترفع نسرين يدها وكأنها في حصة دراسية ..

" أنا جاهزة للإجابة "

تنظر لها ياسمين بغضب ولكن أحمد بدأ في القلق عليهما فعلاً ..

" أنا أنتظر .. من منكما ستخبرني؟!"

تنظر الفتاتان لبعضهما البعض ثم تلتفت له ياسمين ..

" أنا سوف أخبرك يا عمي .. ولكن عدني أن لا تخبر أحداً بذلك .."

" أعدك لن أخبر أحداً.. "

تتلعثم قليلاً وتشبك يديها ببعضهما البعض ..

" أبي أخبرنا أنه يبحث عن منزل أخر .. وسوف ننتقل إليه عند انتهاء الامتحانات "

تظهر الحيرة والاندهاش على وجه أحمد !!

" ولمَ يريد البحث عن منزل آخر ؟! "

تجيبه نسرين بسرعة :

" يقول بأن هذا المنزل لباسل وهو أحق به خاصة بعد تطليقه لنورا .. حتى نورا لم يعد منزلها "

تحامل على نفسه ليخفي ذهوله عن أعين الفتاتين .. كيف لم يفكر قبلاً بهذا الأمر .. أبو عصام رجل ذو كرامة ومن الطبيعي أن يكون هذا تفكيره وتصرفه .. ولكن هناك شيء لا يعلمه سيحاول إيصاله له بأسهل الطرق حتى لا يجرح كرامته ..

ينظر لهما بهدوء ويخبرهما :

" لن تخبرا أحداً بهذا الكلام .. وأنا لن أخبر أحداً أيضاً ولا تخافا لن تخرجوا من هذا المنزل .. اطمئنا "

حدقتا به لا تصدقان ما يقوله والأمل يعود لهما ليرى أحمد بريق سعادة يظهر بعيونهما ..

" كيف؟؟ ماذا ستفعل؟!"

يضع سبابته على فمه ويقول :

" هششش لا دخل لكما .. و لأجل أن أنجح ... "

يلتفت لنسرين ويغمز لها :

" عليكِ إغلاق فمك هذا "

تضحك الفتاتان وتعود لهما السعادة وقد اطمأنتا على وعد أحمد لهما .. إنهما تشعران بالأمان هنا .. وسط عائلة وسند بعدما هاجر ونزح جميع أقربائهم لم يبقَ لهم أحد سوى خالتهم وعائلتها .. كانوا ملجأهم الوحيد الذي اتجهوا له عند احتياجهم للمأوى ..


..........................................


يجلس على صخرة صغيرة .. يراقب الناس والأطفال .. اشتد الظلام عليهم والهواء أصبح بارداً وظهر جزء صغير من القمر من بين الغيوم .. وكان هذا هو ضوؤهم الوحيد .. لقد هددهم المسؤول لعدم إثارة أي ضجة أو استخدام إنارة حتى لا يلفتوا إليهم الانتباه .. كثر الكلام بينهم و تعالت أصواتهم ثم فجأة كما علت هدأت ..
يوم طويل .. صعب وشاق .. من الطبيعي أن تكون أعصاب الجميع مشدودة ومشحونة مازالت الأسرتين الصغيرتين على مقربة منه نام الأطفال الصغار وبقي الأهل يتحدثون بالهاتف مع أقاربهم .. يعود الرجل المسؤول عن المجموعة ويخبرهم أن المركب قادم بعد قليل و من حق كل شخص منهم أن يحمل حقيبة صغيرة فقط ولن تستغرق الرحلة أكثر من أربع أو خمس ساعات ...

يصل إلى مسامعه حديث المرأة التي قدمت له الطعام وهي تحادث والدتها وتطلب منها الدعاء لهم ..
جاشت بداخله مشاعر الشوق لوالديه .. هل عليه إخبارهما بهجرته؟ أم أنه سيزيد من عذابهما وحرقة قلبيهما عليه ..
وإن لم يكتب الله له أن يصل إلى الطرف الثاني ...ألا يحق لهما معرفة مكانه ؟! هل سيعيدهما لما كانا عليه من خوف؟! هل سيجعلهما يبحثان عنه مرة أخرى ليصدما بمصيره المجهول؟!
يتراءى له والده جالساً على كرسيه .. هل يحتمل جسده خبراً كهذا ثانية ؟! كيف لم يفكر بهما ؟ كيف هانت عليه دموع والدته؟
ولكنه من أجلها أيضاً سيفعلها ويهاجر .. لن يحرمها من عامر .. لن يدعها تعاني فقدانه .. إنه بالنسبة لهما السند .. لقد اعتادا على وجود عامر حولهما كما اعتادا على غيابه هو عنهما ...
حمزة .... آآآآه من حمزة .. نظرة عينيه لا تغيب عن باله .. وكأنه لم يرَ بعدها شيئاً أخر ..
إذا كان عامر سبب هجرته الأول فحمزة سبب هجرته الثاني .. فهو يريد بناء نفسه من جديد .. يريد الوقوف على قدميه .. يريد لحمزة أن يفخر به لا أن يختبئ خلف أحد آخر خوفاً منه ..
لكن ما الذي بيده ليقدمه له ؟ لا شيء .. لذلك فليقدم له الآن ما يستطيع إلى أن يشاء الله ويجمعهما ثانية ..
............
منذ يومين ومن بعد حديثه مع خالد ومحمود وهو يشعر وكأن هناك من يدفعه و يسيّره ثم يفتح له الطريق .. بلحظة واحدة وجد نفسه يسير بهذا الاختيار .. مسيراً .. أم مخيراً .. كلها مسميات ما عادت تهم الآن ..

يتقدم منه الرجل والد الطفلين وفي يده هاتفه النقال ليقول :

" لم أرك تهاتف أحداً .. إذا أردت أن تفعل فأنا لازالت عندي الكثير من الدقائق المتاحة "

ينظر باسل نحو الهاتف .. من سيهاتف ؟! بمن يتصل أصلاً ؟ وماذا عساه يقول؟! أنه مهاجر بعيداً عنهم !! وليكملوا حياتهم كما اعتادوها بغيابه .. فوجوده لم يحمل معه سوى الجراح والألم للجميع ..

يمد الرجل يده نحو باسل :

" خذ تحدث مع أحد من أقاربك .. قد لا تملك هذه الفرصة ثانية .. من المؤكد هناك من تريد وداعه على الأقل !! "

يمسك باسل الهاتف بيده ويراقب الرجل وقد ابتعد عنه ليعطيه بعض الخصوصية .. شبح ابتسامة ظهر على شفتيه .. بمن يتصل هو لا يحفظ رقم أحد منهم ؟!!

يتبع.....
..........................................



noor elhuda likes this.

ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-20, 09:01 PM   #529

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي


يصنع لنفسه فنجان من القهوة ويتجه إلى الصالة يريد إشغال نفسه بأي شيء بعد ذهاب والديه إلى النوم .. فقد انتصف الليل .. يجلس أمام التلفاز وبيده هاتفه يقلب به مواقع التواصل الاجتماعي، لا يوجد شيء مهم يغلق البرنامج لتظهر له صورة حمزة يقف أمام البحر مبتسماً وأشعة الشمس تمنعه من فتح عينيه ليضع يده على جبينه يظلل عينيه .. يبتسم لتلك الصورة المشرقة.. كم اشتاق له .. منذ أسبوع لم يره .. هل يسأل عنه؟ هل يشتاق له أيضاً؟ ماذا أخبروه عن سبب بعده عنه ؟!
لا يريد لحمزة أن يكرهه يوماً .. لم يبق له سوى حب حمزة إذا خسره ، فقد خسر كل شيء ..
يضع الهاتف من يده بسرعة ليمسك رأسه بيديه يضغط عليه .. هو عالق في المنتصف .. ينتظر أي قرار منهما ليعلم إلى أي اتجاه يجب أن يسير ..
على باسل العودة غداً .. ما الذي سيحمله لهم الغد ؟! يتمنى أن يهدأ باسل ويعلم أن ما حدث ليس خطأ والديه ولا حتى خطأ نورا .. هو كان صاحب القرار .. هو الملام الوحيد بينهم ..
يرن قربه هاتف المنزل .. يشعر بالقلق من الذي يتصل بهم في هذه الساعة وعلى الهاتف الارضي وليس المحمول !!


................



يمسك الهاتف ويفكر بمن يتصل؟! إنه لا يحفظ أي أرقام تخصهم .. يرتسم أمامه على الرمال رقم منزلهم .. أجل إنه يحفظه .. لم ينسه ولن ينساه حتى بعد مرور عشرات السنين .. رقم المنزل لم يتبدل منذ كان طفلاً .. هل يتصل بهم الآن ؟ هل هم نائمون؟ يتوقع أن من سيجيبه هي والدته .. لطالما كان الهاتف الأرضي لها لا أحد يتصل بهم عليه سوى لأجلها .. لذلك كان إذا رن لا أحد يجيبه غيرها ..
يبدأ بكتابة الرقم ويضع الهاتف على أذنه يسمع الرنين .. يقف ويسير بضع خطوات لم يعد قادراً على الجلوس .. بدأ القلق يجتاحه وشعر بالتردد .. كاد أن يغلق الهاتف لولا أنه سمع الصوت على الطرف الآخر ..

" ألو ...... ألو .... من معي ؟"

تنتفض أعصابه ويمسك الهاتف بقوة يغلق عينيه ألماً .. هل وصل ليوم لا يقدر فيه على سماع صوت شقيقه؟!...
لكنه يبقى عامر !!... يفتح عينيه على ذكرى لهما .. شقاوته .. ضحكه و مزاحه .. كيف كان يأتي له عند أي مشكلة يتسبب بها ولا يذهب لوالدهما ..

يشعر عامر أن المتصل هو باسل .. تختلج عضلاته وينتفض واقفاً هو أيضاً .. يشعر أن هذا الاتصال خلفه أمر صعب وإلا ما فعلها باسل واتصل في هذا الوقت .. يتردد قبل كلامه .. يختنق من ضيق صدره ويتحشرج صوته :

" أخي ...."

كلمة واحدة فقط كافية لقلب كل مشاعر باسل .. كلمة واحدة تجعله يخفض دروعه ويسلم سلاحه ..

" عامر ..."

يهمس له.. صوته يحمل ألف وجع .. يضرب قلب عامر قبل أذنيه .. تتكسر أرواحهما وتتعالى صرخاتها منادية بعضها .. تتلاقى عيونهما من خلف هاتف ....

" أخي ...."

يقولها عامر بتوسل ورجاء خوفاً من أن يغلق باسل الاتصال، لكن باسل فاجأه :

" أريد الحديث معك قبل أن أذهب، أعلم أني قد لا أعود ..
لذلك سوف أتحدث كشقيقك الكبير فقط ..."

يقطع عامر حديثه لا يفهم منه شيئاً .. كيف لن يعود؟! يطلب منه بإنكسار ..

" ابقَ هنا ...... "

يميل عامر برأسه وتبدأ دموعه بالانهمار شوقاً وأسفاً ..

" أنت شقيق الروح .. أنت الدم الذي يسير بشراييني ... "

يتألم باسل لسماع شقيقه بكل هذا الانكسار والترجي لكنه لا يستطيع أن يريحه ...

يستند عامر على الحائط قربه ويستمع لباسل وهو يخبره بكل هدوء :

" لا أستطيع أخي ...."

يتوسله عامر بيأس واضح :

" لا تقل هذا أرجوك .. أنا ... أبي ... أمي ... وحمزة نريدك في حياتنا .. لقد كبرنا جنباً لجنب .. دعنا على الأقل نتشارك نفس الهواء .. لا تبتعد أكثر من ذلك ..."

يهز باسل رأسه مبعداً عنه حاجته للبكاء أو اللوم .. لا يريد أن يترك بآخر حديث لهما سكيناً في صدر شقيقه ..

" لم يبق شيء يجمعنا .. لم يعد لي مكان هنا ... لو بقيت بينكم لأصبحت حملاً ثقيلاً عليكم .. ولجرحنا بعضنا البعض أكثر ... دعنا نحافظ على الباقي بيننا .. الشيء الوحيد الباقي .. ذكرياتنا الجميلة .. فدعها كما هي .. أما أنت فأنا أترك على كتفيك مسؤوليتهم .. مهما حدث لا تيأس ولا تتخلى عنهم .. إنهم بحاجة لرجل وأنا مازلت أثق بك لتحمل هذه المسؤولية بكل إخلاص .."

يشعر عامر أنه فقد شقيقه ولن يراه مرة ثانية وقد حمله الأمانة .. ولولا تلك الأمانة لما حادثه أبداً .. يجلس بظهر مكسور .. كان يحمل بعض الأمل ببقاء باسل ولكن شقيقه كما يبدو لن يتراجع عن قراره بالابتعاد ... يسمع هنا عامر كلمة
أسالت دموعه مثل طفل صغير يمسك مكان قلبه يحفظها بصوت أخيه ..

" أخي .... أنا الآن أقف أمام البحر مهاجراً .. إذا كتب الله لي الوصول بسلام ...."

يمسك عامر بصدره يشعر بألم كبير جداً يخترق عضلاته وعظام قفصه الصدري ..

" لا أرجوك لا تفعلها .. عُد .. سأرحل أنا .. أعدك لن ترى وجهي ثانية "

" لست أنت المشكلة يا عامر "

وجه باسل يعكس انكسار روحه وقلبه يأن تشتتا وألما ..

" عامر أنا الآن أوفيك دينك بحماية حمزة والجميع ... سأذهب لتبقى أنت ... بقائي معناه ذهابك أنت للتجنيد .. لن أضحي بك ولن أكسر قلب أمي مرة ثانية "

يهز عامر رأسه رافضاً الفكرة ..كيف سيبتعد باسل .. سيعبر البحر .. هل سيحيا عذاب الموت مرة ثانية .. ويكون هو السبب في موته وبعده عنهم .. لن يحتمل هذا الذنب .. إنه ثقيل عليه .. ذنب يهد الجبال الصامدة ..

" لا تحملني هذا الذنب يا أخي ... ستكسرني .. سأدفن حياً بذنبي لو حدث لك شيء"

فاضت عينا باسل بدموع الشوق والقهر معاً .. امتزجا ليخرجا من مقلتيه وقلبه على السواء .. يسمع رجاء أخيه يمزق قلبه .. فيقول :

" ليس ذنبك يا عامر .. إنه قدرنا .. هذا ما كتبه الله لنا "

يتقطع صوت عامر موجهاً رجاءه لباسل :

" سامحني أخي ....... "

يغلق باسل عينيه ويقول :

" ومن منا لا يحتاج السماح .... اعتني بهم "

يغلق الهاتف قبل أن يضعف وقبل أن يجرح شقيقه لا يريد لقاء الموت وهناك من يتألم منه .. تثور مشاعره حزناً وضعفاً .. تبدأ أفكاره تراجعه عن قراره .. تعود بعض الصور والذكريات تطفو .. أصوات والده والدته تتداخل في رأسه ..
لكن بلحظة تمحى تلك الذكريات على صوت مركب قادم يحمل ثلاثة رجال يقفون ويحملون الأسلحة يضيق عينيه ليتأكد لكن الظلام الذي يلفهم لا يساعده ... لماذا يحملون هذه الأسلحة !!!
يبدأ الناس بالتجمع على الشاطئ يراقبون المركب والمسلحين عليه فيظهر الهلع والخوف على وجوههم وكأنهم الآن علموا مقدار المخاطرة التي سيقدمون عليها .. وكانوا يحسبونها هينة !!!....


..........................................


يأخذ هاتفه ومفاتيحه ويخرج من المنزل بسرعة .. ويغادر المبنى كله وهو يتلفت حوله وكأنه يحاول التأكيد من اتجاه البحر يريد اللحاق به .. يركض في الشارع وهو يرى باسل أمامه يريد أن يمنعه .. يريد الإمساك به يصرخ بصوت خفيض ودموعه تسيل على وجهه تغرق لحيته ..

" لا تفعلها .. لا تعاقبني هكذا ... هذا كثير "

تلوى قدمه ويقع بكل قوته فيستند بيديه و ركبتيه على الأرض وعلى الرغم من شدة الوقعة لكنه لم يشعر بالجروح التي أصابته .. بدا محنيا على الأرض ويضرب بيديه بقوة وكأنه يريد إيلام نفسه أكثر .. يبكي ويبكي كما لم يفعل من قبل .. يرفع يديه وينظر لهما وقد بدأت الدماء تقطر منها .. يخيل إليه أنها دماء باسل وقد تلوثت يديه بها ..
يغلب الهلع على نظراته ويكف عن البكاء .. يمسح الدماء بملابسه ويسير بغير هدى على الطريق .. لا يعلم إلى أين يذهب وللحظة يسمع خلفه صوت عجلات وفرامل يلتفت لتغشى عينيه الإضاءة يضع يده على وجهه وكأنه يصد الاصطدام !!
تقف السيارة على بعد سنتيمترات منه و يمد السائق رأسه ليصرخ بصوت عالٍ :

" هل أنت مجنون لتبليني بك !!! ابتعد عن الطريق"

يخفض عامر يده ويبتعد عن الطريق ليجلس على سور حديقة مقابلة له يراقب الأخير كيف يبتعد من أمامه وهو مازال يشتم ..
يبدأ بأخذ أنفاسه ويستجمع أفكاره .. ما هذه المصيبة؟! كيف سيخبر والديه ؟! ماذا سيقول لهما ؟!

باسل هاجر ... ابتعد عن كل البلاد ... لم يشبعا منه بعد ... لم يجلس معهما ... تسرب من بين يديهما مثل الماء وكأنه كان سراباً .. وليس حقيقية ... داهمه الخوف وساورته هواجس شتى .. يريد أن يخبر أحداً .. يريد مشاركة خوفه وذنبه الكبير ... يخرج هاتفه للاتصال بهيثم يفتح تطبيق الرسائل لتظهر له أيقونة اسم نورا فيجد نفسه يضغط عليها ويكتب :

(( باسل الآن يركب البحر مهاجراً .. لقد تركنا بلا عودة ))

..........................................


مستلقية على السرير قرب حمزة تحاول النوم ولكن تفكيرها بيوم غد يشغلها .. سوف تذهب إلى الجامعة .. إنها تشعر ببعض الرهبة .. كيف ستتصرف ؟ هل تستطيع فعل ذلك بمفردها ؟ لطالما كانت حياتها معتمدة على أشخاص حولها يحملون عنها الهموم ويسهلون لها الطريق ..

تنظر لحمزة قربها .. كم تتألم وتلوم نفسها كل ما سألها لمَ لا يعودان لمنزل جده أحمد .. لماذا ابتعد عن غرفته؟! وأين عامر ؟!
سؤاله يربكها .. يشعرها بالضيق والغضب لا تريد لحمزة أن يكره عمه .. و تريده بنفس الوقت أن يعتاد على بعده ...

تسمع صوت إشعار ينبهها بوصول رسالة على هاتفها تمد يدها لترى أن المرسل عامر ..

تضيق ما بين عينيها وتقبض على الهاتف بقوة لماذا يراسلها الآن؟! ماذا يريد منها بعد خراب بيتها والتسبب بوضعها في خانة الخائنة .. أصبحت تتجنب نظرات الناس لها .. تسمع الناس تلومها وتتحدث عنها .. لم تعد قادرة على مواجهة أحد بعد اليوم، لكن يظهر في الرسالة اسم باسل !! تتردد قبل فتح الرسالة هل تفعلها أم تنسى الاثنين معاً .. لقد انتهى الأمر لمَ تهتم .. لتركز بحياتها وحياة طفلها فقط ..

تضع الهاتف من يدها وتغطي رأسها بالوسادة تستجلب النوم .. تمر دقيقة .. اثنتان ليغلبها فضولها فتجلس وتمسك الهاتف و تفتح الرسالة ....

تشهق بخوف وتضع يدها على فمها تخفض من صوتها و تنسحب الدماء من وجهها .. تتباطأ دقات قلبها بدل التسارع ماذا يحدث !! تعيد القراءة مرة ومرتين وثلاث ..

(( باسل الآن يركب البحر مهاجراً .. لقد تركنا بلا عودة ))

تنهض من السرير بهدوء وتخرج من الغرفة إلى الصالة ثم تفتح باب الشرفة وتخرج لا تريد لأحد أن يسمعها .. تتصل بعامر بسرعة .. عند ثاني رنة يفتح الخط ولكنه لا يتكلم .. إنها تسمع أنفاسه فقط
تهيج مشاعرها خوفاً مما سوف تسمعه تضع يدها على صدرها مستعدة لسماع نتيجة فعلتها ..
تستجمع بعضاً من قوتها وتسأل :

" هل ما تقوله حقيقي؟!"

يغلق عينيه عند سماع صوتها ولا يستطيع الإجابة؛
تشعر أنه يؤكد لها سؤالها ..
تجلس على الكرسي قربها ومازال الهاتف بيدها لا تسمع سوى أنفاسه وصوت مرور سيارة تشعر بخوف ويرتعش جسدها ،

" أين أنت ؟"

يتلفت عامر حوله إنه ليس ببعيد عن المنزل، بما يجيب؟ ولمَ اتصل بها ؟ لا يعلم !!

" قريب من المنزل "

تضع يدها على رأسها تشعر بدوار وتشتت بأفكارها .. مجرد تخيلها لاحتمال فقدان باسل لحياته وكونهم السبب .. يصيبها بالغثيان ..

كانت غاضبة من الجميع..و الآن بعد هذا الخبر .. هل تقدر على النظر بوجه خالتها سلوى أو عمها أحمد ؟! سترى اللوم والاتهام موجه لها في عيونهما.. أنها السبب ..

تبدأ الدموع تتجمع في عينيها وأنفاسها تتقطع .. يسمعها عامر ويعلم ما يدور بداخلها فهو يدور بداخله أيضاً .. خوف على باسل وإحساس الذنب الذي يحملاه على أكتافهما .. يتذكر كلماتها له :

" ماذا فعلنا ....؟!"

يفرك جبينه بيده ويتماسك قليلاً

" لقد وعدني عند وصوله للطرف الآخر بأنه سوف يتصل .. لا تخبري أحداً بذلك وعند وصوله سالماً إن شاء الله سأخبرهم أنا .."
ويغلق الاتصال .

تخفض يدها بالهاتف على حجرها وتنظر للظلام أمامها تدعو الله بسرها أن يسلمه وينجيه ..

ويبدأ نورا وعامر الاستعداد لعاصفة جديدة ستضرب حياتهما ولكن هذه المرة وهما ينتظرانها مترقبان غير قادران على الهروب .. إما إن تمر بسلام .. أو تقتلعهما من جذورهما وترميهما بعيداً ....

يتبع.....
..........................................



noor elhuda likes this.

ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-20, 09:04 PM   #530

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

انتشر الفزع في قلوب الناس عند رؤية حجم المركب بالنسبة لعددهم الكبير .. لن يحتملهم سوف يغرق بهم هذا مؤكد .. بدأ بعض الأشخاص بالتراجع وأبدوا عدم رغبتهم في الصعود على متن القارب ولكن المسلحين منعوهم بالقوة خوفاً من افتضاح أمرهم و إخبار السلطات عنهم وبدأوا بإجبارهم على الصعود للقارب وتعالت أصوات الصراخ والبكاء من الأطفال ..
كان هذا المنظر يثير في النفس الرهبة .. أخذت الهواجس تساور المرأة الحاملة للرضيع ثم اشتدّ بها الخوف وأمسكت بطوق النجاة الذي اشتراه زوجها من السوق وبدأت تصرخ به :

"هذا لن ينقذنا .. سوف نغرق "

يبدأ زوجها بتهدئتها وبيدين ترتعش بدأ ينفخه بفمه قبل صعودهم .. كان يرتجف كالقصبة لشدّة فزعه ورعبه .. يدير باسل رأسه تأثراً بما يرى من هلع حوله يحاول استرداد قدرته على فصل نفسه عن ما يسمع وما يرى .. طوال تلك السنين في السجن اعتاد رؤية الخوف والألم و تعلم أن يفصل نفسه عن ما يحيطه .. ولكن رؤية النساء والأطفال وهم بهذا الحال تفوق احتماله ..

يشاهد الرجل الذي قدم له الهاتف وهو يحمل الطفلين بعد أن ألبسهما سترتي النجاة وكذلك زوجته فتقدم منه وحمل عنه أحد الأطفال ليساعد الرجل زوجته بصعود المركب ..
ما أن أنزل باسل الطفل شكره الرجل ومد له يده يسلم عليه :

" اسمي فاضل"

يمد باسل يده يصافحه :

" وأنا باسل"

ثم انتحى كلّ واحد منّهما ركناً وهو واجم يفكر بالقادم ..

يغلق باسل عينيه منتظراً قدره وراضٍ به ، يستعيد حديثه مع عامر .. على قدر وجعه كانت راحته .. كان بحاجة لهذا الحديث ..

بدأ المركب بالتحرك ببطئ شديد وهدأت بعض الشيء الأصوات وكأن المركب يسير على حافة الموت .. البحر يصطبغ باللون الأسود .. إنه مخيف جداً .. به رهبة كبيرة تهز قلوب الرجال خوفاً من ابتلاعه لهم، تمر الساعات بطيئة .. ثقيلة لا يكسر رهبتها سوى بكاء بعض الأطفال وبضع همسات من أفواه تتضرع إلى الله أن ينجيها ..

يستمع باسل لأصوات بعض الأشخاص الذين أصابهم دوار البحر وبدأوا بإفراغ ما في معداتهم .. المكان ضيق لا تستطيع التحرك من مكانك الجميع ملتصق ببعض .. تذكر باسل السجن وقد عانى نفس الأمر لمدة طويلة يضعونهم في زنزانة ضيقة لا يقدرون على الجلوس من ضيق المكان .. تعود له رائحة ذلك المكان من عفن وعطن ورائحة دماء .. ومع اهتزاز المركب يشعر بالغثيان يفتح عينيه ويبدأ باستنشاق الهواء النظيف يحاول السيطرة على معدته ..

يشعر به الرجل الجالس بقربه يمد له زجاجة مياه ليشرب منها .. ينظر له باسل إنه ذلك الرجل الخائف والد الرضيع، مازالت يده ترتجف ويظهر عليه الخوف؛ يأخذ باسل الماء من يده ويشرب قليلاً .. يعيدها له ويشكره بهمس لم يسمعه الآخر ..

ينظر إلى السماء وقد بدت بلون مختلف وكأن السواد ينسحب منها والنجوم تنطفئ .. توقع أن الوقت تعدى الفجر وعليهم الوصول قريباً .. فجأة يتوقف المركب عن المسير لتبدأ الهمهمات والأسئلة عن ما يحدث !!

لما توقفوا الآن؟! ما الذي حدث؟! انتشرت حالة من الذعر وهناك من يقول أن الوقود انتهى !! اللصوص لم يملأوا المركب بوقود كاف !!

شخص آخر يطمئنهم :

" هذا الأمر يحدث مع جميع المراكب ستجدون مركب إنقاذ يأتي لنا من الطرف الأخر إنهم يحسبون الوقت ويتصلون بالنجدة لإيجادنا .. فقط اصبروا قليلاً "

يقف شاب ويتهجم عليه من شدة خوفه :

" أنت منهم لذلك تعرف هذه المعلومات .. تريدون إغراقنا بعد أن سرقتم أموالنا "

يبدأ الشجار بينهم وينتشر الذعر والحركة بين الجميع ويبدأ المركب في الاهتزاز بقوة ..

يقترب فاضل من حافة المركب وهو يحمل طفله ويشد على يد زوجته التي تحمل الطفل الأخر .. يراقبهم باسل لا يفهم ما الذي يفعله هذا الرجل بعائلته !! عندما أصبح قريباً منه أخذ ينظر لباسل .. شعر فاضل أن باسل لا يفهم ما يحدث، يحاول مساعدة أكبر عدد من الناس فيخبر باسل :

" إذا استمر هذا الشجار وهذه الفوضى فسينقلب المركب بنا.. دعنا ننزل الى الماء بهدوء ونبتعد عنهم أفضل وفرصة نجاتنا ستكون أكبر"

يفكر باسل بكلام الرجل أنه محق يبدو أنه أفضل قرار .. فالمركب يهتز بعنف وبدأت حالة من الفوضى تعصف بالركاب ليقف باسل مقرراً النزول من المركب أيضاً .. ينظر للرجل الخائف بقربه وزوجته التي تبكي وتمسك رضيعها بقوة .. فيقول له :

" تعال معي .. سوف أساعدك .. لا تخف"

يمد له يده لكن الآخر متمسك بحافة المركب يرتعش ويقول بصوت مهزوز :

" لا .. لن أنزل إلى الماء أنا لا أعرف السباحة .. لن ينقلب المركب بنا ستأتينا النجدة قريباً"

ينظر باسل حوله ويتأكد أن قراره هو الصحيح هذا المركب أمامه دقائق فقط ويغرق ..

يشاهد فاضل وقد قفز إلى الماء أولاً ثم بدأت زوجته بإعطائه الأطفال وصوت صراخهم وخوفهم يتعالى .. الرعب سيطر على الجميع حتى هو لم يتوقع أن يتأثر هكذا .. تبقى رهبة الموت لا أحد بقادر على الوقوف أمامها، وبدأ فاضل الابتعاد عن المركب رغم بكاء أطفاله ،ثم أخذ بعض الشباب يفعلون المثل .. يقفزون في الماء ويبتعدون عن المركب ..

يقترب باسل من الحافة ينظر حوله .. يقف للحظات حائراً متردداً .. ولكن ليس بيده شيء ليقدمه لهم يعود بنظره إلى الماء يغلق عينيه ويسمي بالله ثم يقفز .. تضربه برودة الماء لم يتوقع أن المياه ستكون بهذه البرودة .. ولكن ليس هو من يتأثر بالبرودة .. يبدأ السباحة والابتعاد في اتجاه فاضل و ما هي إلا لحظات ليبدأ الصراخ يشق صمت البحر .. كلمة يا الله كسرت سكون المكان .. تسمر مكانه لم يستطع أن يكمل سباحته .. يستمع خلفه إلى أطفال تبكي و نساء تصرخ .. و رجال تستغيث .. كل ذلك خلف ظهره علم أن المركب قد انقلب .. لكنه لا يقدر على الالتفات ورؤية ما يجري خلفه ..

هو ليس جباناً ويرغب بالمساعدة ولكنه لم يعد يستطيع أن يحارب لنجاة روحه فكيف بنجاة غيره .. رغم معرفته للسباحة جيداً لكنه وللعجب يشعر أن أطرافه تيبست ولم تعد تعينه على الحركة .. سيدعها بيد الله، هو فعل كل ما عليه ولم يبق عنده سوى الاستسلام .. اعتقد أن عمره انتهى هنا .. لم يمت خلال خمس سنوات لأن قدره الموت هنا وسط البحر .. يعود لحالته التي اعتادها برودة الماء وتشنج جسده من الرهبة .. وصراخ .. بكاء .. ذكر الله .. كل ذلك أعاده لزنزانته هو ليس في البحر الآن .. أنه لازال قابعاً في تلك الزنزانة الضيقة تحت الأرض .. الآن تبدأ الأصوات تتراجع ويدخل لقوقعته لينفصل بها عما حوله ويسلم لخدر يلف وعيه .. دقيقة .. دقيقتان بدأ يطوف بجسده على الماء مستسلماً لقدره لكن بكاء ذلك الرضيع يسحبه .. يعيده للواقع ..
إلا الأطفال لن يحتمل هذا العذاب .. يفتح عينيه ويطرق بأذنيه ليسمعه قريباً منه .. يلتفت ليرى ما حدث .. يصعق وكأنه لم ير الموت وجهاً لوجه من قبل .. لم ير جثثاً ولم ير مأساة ..
المركب منقلب رأساً على عقب وأناس يطفون على الماء وأخرون يحاربون الغرق .. وهناك شخص يبعد عنه من يتعلق به خوفاً من الغرق ... انقلب المكان إلى مناحة تمزّق نياط القلوب .. لقد كان المشهد مؤثّراً حزيناً يُثير ألواناً من اللوعة والحسرة على هذه الأرواح التي فقدت هنا بلا أي جريرة ولا ذنب ...

يعود إليه صوت الرضيع ليجد الأم تحارب وهي تحاول وضعه على طوق النجاة لتنزل تحت الماء وتخرج وهي ترفعه بيديها ..
طوال اليوم كانت أمامه يراها ترضع الطفل وتهتم به يالهول ذلك المنظر الفظيع ... منظر يُفتّت الصخور فكيف بقلب إنسان ..
يندفع في اتجاههم من غير تفكير مجبراً أطرافه على الحركة لا يرى سوى أم تغرق وتحاول إنقاذ طفلها وما أن وصل لها و تلقف الرضيع منها غاصت الأم في الماء وكأنها كانت تنتظر من ينقذ رضيعها .. أصبح كالمجنون يتلفت حوله يبحث عنها .. لا هو بقادر على الغوص خلفها ولا هو بقادر على ترك الرضيع ..
وتنفر عروقه وتتصلّب عضلاته ليصيح بصوت جهوري أجش

(( يا الله ))

تمر ثوانٍ وهو منفصل عن الواقع إلى أن عاد الرضيع للبكاء فأيقظ باسل من صدمته .. ينظر له و دموع قهره تخنقه قبل ان تفيض من عينيه لتمتزج بماء البحر المالح ..

يحاول التماسك وإسكات الطفل وقد بدأت السماء تنير بضوء الشمس وصوت مركب يقترب منهم وأصوات الناجين تصرخ ملوحة للمركب .. كل هذا لم يهم باسل فقد كان ينظر لذلك الحلق المعلق في أذني الرضيع .. إنها فتاة !! شفاهها مزرقة من البرد وبدأ صوتها يبح من كثرة البكاء والبرد .. يحاول رفع يديه عالياً يبعدها عن الماء البارد، كيف عادت مشاعره كلها للعمل مرة واحدة هكذا ؟! إنه يبكي لا يعلم أعلى حاله أم على حال الناس ؟! كان يعتقد أن لا أحد عانى كمعاناته .. ولا أحد تألم مثل ألمه .. ولكنه كان مخطئاً .. لقد كُتب الشقاء على الجميع وانتشر البلاء والمصاب كبير !

يقترب فاضل مع عائلته وقد رأى ما حدث مع باسل يحاول الحديث معه مخففاً بعضاً من صدمته :

" وكأن الله أرسلك لإنقاذ هذا الطفل"

ينظر باسل إلى الطفلة بانكسار وحزن .. يزيد من ضيق صدره يناجي ربه بقلبه ..

" فهمت الرسالة يا الله .. عرفت تدبيرك لنا وكيف تسبب الأسباب .."

ينظر إلى فاضل يخبره :

" قبل أسبوع فقط كنت تحت الأرض أنتظر الموت .. واليوم أنا في منتصف البحر أنقذ هذه الطفلة "

يشعر فاضل بالحزن على هذه الطفلة ..

" هل هي بنت !! يا للطفلة المسكينة !!لقد غرق أهلها والآن سوف يأخذها الصليب الأحمر لإحد الملاجئ لتكبر ولا تعلم شيئاً عن أصولها ولا عن دينها !! "

يعود باسل لينظر للطفلة بحزن وأسى .. لقد أنقذها من الغرق ولكن ما ينتظرها باقي عمرها ربما أقسى وأصعب ..

يقترب منهم المركب وتبدأ مكبرات الصوت تخبرهم بنجاتهم وتلقى لهم السلالم ليتسلقوها واحداً تلوا الاخر .. ولم ينج منهم سوى القليل ..

بعد أن صعدوا إلى المركب الكبير وزعوا عليهم بعض الأغطية الحرارية لتقيهم البرد .. يحاول تدفئة هذه الطفلة لكنه لا يعلم كيف وهي لا تسكت عن الصراخ والبكاء يقف يحملها و يهدهدها

والمركب تسير بهم .. وبعد بضع دقائق وصلوا إلى ميناء صغير ..

كم يشعر بالحزن ويعتصر قلبه الألم لقد بخلوا عليهم بالقليل من الوقود .. لو كان كافياً فقط لكان الجميع قد وصل بأمان ولم تكن أم ثكلت بولدها .. أو طفل تيتم من أهله ..

يبدأ الجميع في النزول عن سطح المركب .. أمامه فاضل وأسرته وعلى آخر السلم يقف شخص يسجل أسماء الناجين .. مع كل خطوة وكل درجة يفكر كيف أخرجه الله من السجن وأوصله البحر .. لو لم يكن حدث ما حدث مع أسرته لما وصل إلى هنا .. ولكانت هذه الفتاة غرقت أو وضعت في أيدٍ غير أمينة ..

ينظر نحوها وقد هدأت بين يديه وكأنها ملاك نائم .. هل هي سبب نجاته وإخراجه من السجن؟!

يعلم أن الله له تدابيره التي لا نفهمها ولكنه يشعر الآن وكأنه يحيا معجزة من يد الخالق ،

وصل لآخر درجة من السلم .. يسأله الرجل وهو يسجل :
" ما اسمك "

"باسل أحمد آغا"

" ما اسم طفلك ؟"

ينظر لها باسل برهبة وحيرة ما هو اسمها ؟ ماذا يقول له !!

يرفع رأسه يرى فاضل أمامه ينتظره يستعيد كلامه :

(( ستكبر في ملجئ للأيتام لا تعلم شيئاً عن أصولها ولا عن دينها ))

هل يسلمهم طفلة مسلمة لتكبر على غير دين الإسلام؟ هل سيحمل وزرها بعد أن أخرجه الله كرامة لها ووضعها بين يديه ؟! هل يتخلى عن أمانته أم يحفظها بروحه ؟!

يرفع نظره والإصرار واضح في عينيه وكله ثقة بأن هذه الطفلة هي قدره وهو قدرها ..

" اسمها .... آمنة باسل آغا ......"

يسجل الرجل الاسم ويدع باسل يمر لتلتقي عينه بعين فاضل .. يقترب منهم تظهر ابتسامة على وجه فاضل وقد فهم ما فعل باسل، وما أن وقف أمامه مد فاضل يده وشد على ساعد باسل قائلاً :

" من يصون عرض مسلمة ويحمل أمانة الله فهو رجل من أصل طيب "

يرفع باسل رأسه ويقولها بفخر :

"نحن تعلمنا أن نصون الأمانة فكيف إذا كانت من الله .. من اليوم هي أمانة الله و وديعته بعنقي وإن شاء الله تكون ((آمنة)) عندي لحين تسليمها لذويها "



.....................
.....................
انتهى الفصل السادس عشر
دمتم بخير
وفي انتظار تعليقاتكم وآرائكم



noor elhuda likes this.

ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
رواية ظلال الياسمين

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:18 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.