آخر 10 مشاركات
بخصوص رواية قبلة المموت … (الكاتـب : فجر عبدالعزيز - )           »          فرشاة وحشية ج1 من س تمرد وحشي-قلوب أحلام زائرة-للكاتبة: Nor BLack*مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          للقلب رأي أخر-قلوب أحلام زائرة-لدرة القلم::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          المز الغامض بسلامته - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة Nor BLack *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          246 - عروس تنتظر الدموع - جانيل دينسون (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          يوميات العبّادي .. * مميزة * (الكاتـب : العبادي - )           »          304 - عندما يخطيء القلب - ريبيكا ونترز (الكاتـب : عنووود - )           »          [تحميل] من عقب يُتمها صرت أبوها،للكاتبة/ حروف خرساء "سعودية" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree249Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-10-20, 01:38 AM   #971

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نغم مشاهدة المشاركة
لم ينظر لنفسه في المرآة قبل خروجه فهو لم يعد يرى فيها سوى شروخ روحه التي اعتادها !!


أتممت قراءة الفصل 14
حقيقي تفوقت على نفسك مجددا يا أجمل ميس
حبيبتي التفوق معك إله طعم ثاني
❤❤❤❤❤❤


ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-10-20, 04:11 PM   #972

سناء العمر
 
الصورة الرمزية سناء العمر

? العضوٌ??? » 478417
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 24
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » سناء العمر is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميس ناصر مشاهدة المشاركة
الصدمة كبيرة والجرح كبير😢😢😢😢😢😢😢😢😢
صدقتي الجرح كبيررررررررررررررررر
ولاكن زادو النار ناااار ودمار وانهيااار
وقطيعة رحم الى الابد
المشكلة حمزة سيكره امه نورا وعمه الاناني عامر


سناء العمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-10-20, 04:35 PM   #973

سناء العمر
 
الصورة الرمزية سناء العمر

? العضوٌ??? » 478417
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 24
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » سناء العمر is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميس ناصر مشاهدة المشاركة
الصدمة كبيرة والجرح كبير😢😢😢😢😢😢😢😢😢
كان الكل في امتحان
الذي اختبرهم باسل
كان سيبقيها على ذمته لاكن اراد ان يختبر الكل
وقرر ان يطلق ليعرف هل سترفض عامر لانها اذا رفضت عامر سيردها
وايضا اراد ان يختبر عامر هل سيختار الاخوه او سيختار الشهوة
ملخص ما كان يريد باسل كان يريد ان يكشف حقيقة الكل هل يؤمنون بانه حي وانه صاحب الحق او انهم عرف بانه حي لاكن لايهتمو ان كان حي او ميت وهو لم يشك بحب زوجته له لاكن اراد ان يختبر الكل بعد قراره بالاختبار هو يحب زوجته نورا لكن كرامته فوق كل شيئ كيف يبقيها على ذمته وهي تحن لاخوه مع انه واثق انها تحبه ولن تقبل ب عامر ابد بعد ظهوره حي
وكان اختباره كالاتي

نورا بعد طلاقها هل سترفض عامر وتطلب منه الطلاق حتى تطلق نهائيا لانها مؤمنه بالله وبالقدر خيره وشره وان الله لم يرد ل باسل الموت واراد الله ان يرده حي وهو زوجها ونصيبها واول من طرق بابها وتقول لعامر انا كنت عندك امانه فقط لاتفرط في اخوك وتخون الامانه

او نها ستاخذ بعذر ان باسل طلقها وتبقى مع زواج عامر الباطل

اما عامر
عامر كان امام اختبار هل سيختار اخوه او زوجة اخوه
لكن باسل لم يكن يهتم لاختيار اخوه حتى وان كان عامر يتمسك بنورا
لانه اذا رفضت نورا عامر وتطلقت منه طلاق نهائي من اجل صلة الرحم ومن اجل الاخوه ومن اجل باسل مظلوم ومن اجل ان باسل هو الزوج الشرعي ومن اجل ان باسل لازال مصدوم ولم يكن بوعيه فكيف يعتمد كلام باسل من ثاني يوم وهو لم يكن بوعيه امس وصل ولم ينم الا ساعه وياتيه ابوه وامه في وقت غير مناسب لينفجر غاضب ويطلق
هذا لا يرضي الله ورسوله

الذي كان يريد باسل بعد الطلاق
نورا اذا تطلقت من عامر ورفضته قطعيا
كان هذا امل باسل ودليل قاطع انها تحبه ووفية واصيلة واثبتت انها تزوجت لانها مجبره ولم تتزوج لشهوة


سناء العمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-10-20, 08:01 PM   #974

سناء العمر
 
الصورة الرمزية سناء العمر

? العضوٌ??? » 478417
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 24
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » سناء العمر is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميس ناصر مشاهدة المشاركة
الصدمة كبيرة والجرح كبير😢😢😢😢😢😢😢😢😢


احد اركان الايمان
هو الايمان بالقظاء خيره وشره
باسل آمنو بموته وحين تبين الحق انه حي يرزق لم يتقبلو حياته وتركوه يتعذب بجراحه وزادو الجرح جرح والعذاب عذاب والقهر قهر والنار نار والدمار دمار وهم يعلمون انه يتعذب ويعلمون انه لن ينسى لاكن أنانية انفسهم وحبهم لأنفسهم وحتى حمزة سيرحل مع ابيه باسل الذي اشترك وتعاون الكل لظلمه بعدما ظهر حي يرزق
نعم آمنو ان موته خير لهم وحياته شر
إذن نورا ليست مظلومة وعامر ليس مظلوم
المظلوم حين وصل لم يقف بجانبه أحد
ولم ينسحب الدخيل عامر ويترفع بادب
ولم يحافظ على الاخوة كما كان يجب
ولم ينصر اخاه حينما عاد بل تركه يتعذب
الظالم عامر كان لا يعرف والآن يعرف ويتهرب
ونورا اشتركت وظلمت باسل وعادت للبديل وهي تعلم ان باسل يموت شوقا لها ويحبها حبا لا يوصف وهي تعلم انه لو يصادف صدفة ويراها في أحضان أخيه بانه سيرتكب اكبر جريمة

الوصف الحقيقي لهم
هو انهم ظلمو انفسهم نورا و عامر
1 - نورا حين رجعت ل اخوه وهي تعلم ان عودتها ل اخوه ستجعله يموت قهرا
2- عامر الذي باع أخيه من أجل أن يأخذ امرأة اخيه
● نعم ظلمو انفسهم ويدعون انهم مظلومون

● المظلوم هو {{باسل}}
باسل في السجن 5 سنوات
باسل وتحمل عذاب مئات الجلادين وصمد وتحمل كل آلام العذاب وعاد ليجد ان عائلته أصبحت عائلة أخيه
ولم يكترثو واصلو وعادت نورا لأخيه وكأن باسل اصبح غريب
فضل ان يرحل لأنه اذا بقي قريبا منهم قد تدفعه النخوة ويرتكب جريمة
فضل ان يرحل قليلا ويعود ليأخذ ولده حمزة ويرحل في صمت
بعد ان يرحل باسل ويرى ولده حمزة يشتاق ل امه نورا
سيقول لولده حمزه يا ولدي لا تحزن فالحزن لن يغير شيئ
لن يكون حزنك اكبر من حزني و جرحي وعذابي وقهري فقد جرحني عمك وامك
بانانيتهم وامك نستني ونسيتك هي غير آسفه وستنجب اولاد غيرك مثلما فضلت عمك وتجاهلت ابوك وهي تعلم انني اموت شوقا وقهرا لها
يا ولدي من الان انا ابوك وامك واخوك وكل حياتك
نعم لانني لا أريد أن أنجب لك اخ يطمع في زوجتك مثل عمك الذي أخذ امك
انا الذي احبك كلهم يحبون انفسهم لاكن انا احبك انت وانت حياتي
وامك وعمك سنلتقي بهم بين يدي رب العالمين
يا ولدي اذا اردت أمك ان تعود ادعو معي
اللهم اننا مظلومين اللهم انصرنا على من ظلمنا
آمين اللهم آمين
هكذا المظلوم حين يرحل سيبقى يدعو الله ليل ونهار سر وجهر
وهو مؤمن بان الله سيستجيب دعاؤه
الله سينتقم ممن ظلمه في الدنيا وفي الآخرة
انه سبحانه يمهل ولا يهمل
وسيقضي باسل حياته في طاعة الله ولإسعاد ابنه حمزه
اسئل الله ان ينصره على من ظلمه
آمين اللهم آمين


سناء العمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 04:14 PM   #975

سناء العمر
 
الصورة الرمزية سناء العمر

? العضوٌ??? » 478417
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 24
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » سناء العمر is on a distinguished road
افتراضي




إن شاء الله سيتم نشر الفصل المنتصر
انا متحمسة إن شاء الله ترجع نورا ل باسل
وتنتصر العدالة و يبطل الباطل ويعود الحق الى صاحبه



سناء العمر غير متواجد حالياً  
التوقيع
احب متابعة القصص الحقيقية التي نعيشها في واقعنا الظالم واعوذ بالله من مصائب قوم عند قوم فوائد للتواصل مع سناء العمر عبر بريد جيميل
aaaa5005003 @ gmail com
رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 06:57 PM   #976

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضوررررررررر
في انتظار نزول الفصل


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 09:00 PM   #977

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير على الغاليات
دقائق ويتم نشر الفصل الخامس والعشرون من ظلال الياسمين،❤❤


ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 09:10 PM   #978

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس والعشرون


يراها من بعيد واقفة مع فتاة تقاربها بالعمر تبتسم ببساطة وتبادلها الحديث بينما تحتضن كراسة كبيرة أمام صدرها؛ تبدو مختلفة، مشرقة.
يشعر بسعادتها وانفتاحها بعض الشيء، اندماجها مع أجواء جديدة وأناس مختلفين زاد ثقتها بقرارها في ضرورة تغيير حياتها والخروج من انطوائها ...

تلمح نورا السيارة قادمة من بعيد فتنهي حديثها وتقف تنتظر وقوفه أمامها،
تفتح باب السيارة لتجلس قربه ثم تغلقه وتلتفت له قائلة:
" مرحبا ...."

ينظر لها من خلف نظارته الشمسية
" هل تأخرت عليكِ؟ "

" لا لقد خرجنا للتو وكنت أكلم صديقتي ريثما تأتي ..."

انطلق بالسيارة وبدأ حديثه معها يسألها عن دراستها:
" هل أصبح لك صديقات؟"

تجيبه قائلة بحماس:
" أجل.. صديقتان ..."

" ألا يوجد أصدقاء ذكور؟! ..."

" هل هذا سؤال أم خفة ظل كعادتك؟! "

تعلو ضحكاته مع التفاتة رأسه لرؤية وضع السيارات في الشارع،
تسأله بامتعاض من ضحكه عليها
" ولمَ تضحك الآن؟"

" لقد بدأتِ تجاريني بخفة الظل أيضاً.. هل أوصلكِ عند لمى الآن؟ أم تريدين العودة إلى المنزل؟ "

تتنهد بأسى على تلك العائلة فقد مر أسبوع على وفاة والدهم وهي لا تفارقهم، لم تجد لهم أقارب سوى بعض الجيران قاموا بتعزيتهم وانتهى الأمر لا أحد يسأل عنهم أو يواسيهم ..

" أجل أوصلني.. اليوم سأبقى معهم لساعتين فقط.. لن أتأخر كثيراً "

" إذا كنتِ متعبة أعيدكِ للمنزل ثم اذهبي لهم مساءً"

" لا الآن الوقت مناسب ففي المساء قد تنقطع الكهرباء ويصبح الأمر أصعب، ثم أن هناك صديقة لي تريد من يطرز لها بعض القطع وأريد أن ترى لمى الرسومات لتقرر إذا كانت تستطيع القيام بها "

" حسناً سأوصلك وأعود إلى المنزل ... اتصلي بي لأعيدك "

بعد أن أوصل نورا عند لمى دخل إلى المنزل لتصله روائح الطعام الشهي من المطبخ يتجه إلى الصالة حيث والده جالس أمام التلفاز وحمزة على الأريكة وبين يديه جهازه اللوحي الجديد غارق به كعادته حتى أنه لم ينتبه لدخوله وسلامه على والده
اتجه نحوه ورمى بجسده على الأريكة قربه بقوة أرعبه بها وسحب الجهاز من يده بسرعة ليمازحه ولكن المفاجأة كانت له أكبر ...
كان باسل على الطرف الآخر وصورته تملأ الشاشة، كان حمزة يحدث والده بواسطة اتصال مرئي
صدم الاثنان معاً فظلا ينظران لبعضهما البعض فقط ولم ينطق أحدهما كلمة واحدة... لثوانٍ راقب أحمد كل ذلك، هو كان يعلم أن هذه اللحظة كانت مؤجلة وقد آن أوانها ..
يقترب حمزة من عامر ويمد رأسه ليظهر في الشاشة وهو يقول:
" أبي إنه عمي عامر.. هل تعرفه؟ لقد سرق الجهاز من يدي مثل كل مرة.. وهو يلعب به أيضاً "

بسمة تحارب لتظهر على وجه عامر من ذلك الماكر الذي يشتكيه لوالده..؛
و في هذه الأثناء يتذكر باسل نقاشه مع والده حول حمزة وضرورة ألا يشعر بوجود أي حاجز بينه وبين عامر .. فقال بهدوء:
" أعرف أنه عمك عامر.. "

يرفع عامر يده ويلفها حول رأس حمزة كأنه يخنقه ممازحاً وهو يقول ساخراً:
" وهل تعتقد إنه لا يعرفني!! إنه أخي قبل أن يصبح والدك،
ثم من ذاك الذي تنعته بالسارق؟"

" أبي إنه يخنقني ..."
يستنجد حمزة بوالده بأسلوب عفوي جعل باسل يكمل معهم ذلك المزاح قائلاً:
" ارفع يدك عنه.. لن يعيد هذا الكلام مرة ثانية، أليس كذلك يا حمزة؟ "

" أجل لن أقول عنك سارق.."

ينظر عامر لباسل للحظات يشعر كأنهما عادا بلا حواجز.. أحب الحديث معه وتمنى أن يطول أكثر، فقال محاولاً الاستمرار بهذه الهدنة:
" هل أخبرك عن اللعبة التي يريد اللعب بها "

" لا لقد أخبرني أنه قام بتحميل بعض الألعاب دون ذكر نوعها "

يعود عامر ويشد على رقبة حمزة قائلاً وهو يحضنه قريباً منه:
" لم تخبر والدك أليس كذلك؟!"
فصاح حمزة مخبراً والده:
" أريد أن ألعب لعبة حرب "

يقطب باسل حاجبيه ويهتف بدهشة:
" حرب ...! تريد لعبة عنف وحرب!!
و هل تنقصها الشوارع عندك؟! افتح النافذة لتشاهد الحرب أمامك مباشرة "

يضحك أحمد ويشعر بسعادة كبيرة، كم تمنى هذه اللحظة وراهن على حدوثها بوجود حمزة بالذات، قد يدعيان هذا الهدوء في التعامل بالظاهر أما بداخلهما فهما يشتاقان لبعضهما ولكنهما يدعيان عكس ذلك ،..
تدخل في هذه اللحظة سلوى فتلاحظ أحمد يشير لها برأسه نحو عامر لا تعلم ما يقصد، تتجه نحوه وحمزة
لترى باسل أمامها ...
تضع يدها على فمها تكتم شهقة الفرحة التي لم يتسع لها قلبها فأراد إخراج صداها لهم. إنهما يتحدثان معاً مجدداً.. تلمع عيناها بعاطفة لاحظها الاثنان ليشفق قلبيهما عليها وعلى سعادتها ..
أما حمزة فبدأ يبعد ذراع عامر عن رقبته مستنجداً بجدته:
" جدتي إنه يخنقني.."

تصحو سلوى من ذهولها وترفع ساعد عامر عن حمزة لتقربه منها وهي تقول بتأنيب:
" كم مرة أخبرتك أن تغير طريقة مزاحك الخشنة هذه .... "

يتصنع عامر الجدية وهو يقول موجهاً حديثه لحمزة:
" كم مرة أخبرتك أن لا تكون مثل الفتيات وتشتكي لجدتك.."

تنهره سلوى مدافعة عن حفيده :
" إنه ليس كالفتيات .. بل هو متأكد أني لن أدع أحداً يضايقه"

" أمي هكذا سوف يعتاد الشكوى بدلاً عن التصرف بنفسه "
كان هذا رأي باسل ..
ليرقص عامر حاجبيه مغيظاً لابن شقيقه وهو يقول :
" حتى والدك لا يعجبه هذا التصرف "
فتنهرهما سلوى قائلة :
" توقفا أنتما الاثنان .. لا تتدخلا بيني وبين حمزة "

يمد عامر يده لشعر حمزة قائلاً بينما أصابعه تثير الفوضى بين خصلاته الطويلة
" عليه أن يتعلم كيف يكون رجلاً، وسنبدأ من الغد سنذهب إلى الحلاق لنحلق هذا الشعر الذي يشبه شعر الفتيات "

يمسك حمزة يد عامر ويبعدها عن رأسه قائلاً:
" شعري مثل شعرك ... إذن أنت أيضاً تشبه الفتيات "

يفتعل عامر الصدمة والعبوس وتتعالى ضحكات سلوى وأحمد حتى باسل لم يقاوم أن يبتسم لذلك الصغير
يعطي عامر الجهاز لوالدته ويمسك حمزة وهو يقول متصنعاً الغضب:
" أمسكي هذا أمي .. يبدو أن حمزة نسي كيف يكون عقابي!"

بدأ صراخ حمزة وضحكه يملأ الغرفة مع ضحك أحمد وصراخ سلوى على عامر، يراقب باسل كل ذلك وهو يبتسم، يتألم، يشتاق ويختنق ..!
كل المشاعر تتبدل بمكانها وكأنه يحاول إيجاد صاحب ذلك الفراغ بداخله ...
إلى متى ستظل تهرب من الحقيقة!!
إلى متى ستعيش ما بين الألم والهروب!!
توجد حقيقة واحدة ربما لا يدركها كثيرون ويغفل عنها آخرون وهي أن السعادة عبارة عن لحظات وقتية نحياها ضمن صعوبات الحياة وتحدياتها، فلماذا لا نجعل من تلك اللحظات سعادة مطلقة ..
الآن يكفيه رؤية سعادة والديه ليشعر بالرضى عن نفسه ... رضاهما وجبر خاطرهما يريحه و يداويه .


................................

في المساء

تجلس سلوى على سريرها تلتفت لأحمد وقد ذهب حماسها لحديث باسل وعامر وعاد عقلها للتفكير.. لن تخدعها لحظة وفاق عابرة هي تريد حقيقة وواقع ملموس، فتتسأل بصوت حزين:
"هل حديثهما اليوم كان جاداً أم كانا يمثلان أمام حمزة؟! "

يترك أحمد الكتاب من يده ويرفع نظارته عن عينيه ليضعها فوق كتابه ويقول بهدوئه المعهود:
" بصراحة لا أعلم ...!
ولكن أعتقد أنهما يحاولان تخطي الأمر.. المهم أنهما بدأا..
لقد بُني سد عالٍ بينهما والأمر بحاجة لتعاونهما معاً لكسر ذلك السد .. و كل ضربة من أحدهما تحدث شقوقاً صغيرة تتسرب منها بعض المياه لتروي جفاف روحيهما إلى أن تعود المياه لمجاريها "

" أعتقد أن وضع عامر أفضل من باسل.. لم أشعر أنه يتصنع أثناء الحديث بينما باسل كان متحفظاً "

" أنا على عكسك أرى أن عامر كان يتخفى خلف ضحكه ومزاحه لكن داخله يحترق.. عامر يشعر بالذنب.. بالكسر أمام نظرات أخيه وهذا يميته ... بينما باسل لديه شعور بالغضب والغدر.. يستطيع أن يصرخ، أن يعترض.. له الحق بذلك .. بينما عامر لا يملك أياً من هذا ..! "

تضع سلوى يدها على صدرها وتقول بلهفة:

" يا وجع قلبي عليهما.. هل سندعهما يتألمان هكذا؟ ألم يحن الوقت لنتدخل؟ "

" نستطيع أن نفرض عليهما الصلح وأن يتواصلا وينسيا الماضي ..، وسيرضخان إرضاءً لنا .. ولكن ستبقى القلوب تحمل الكثير .. لذا دعيهما .. أنا أعلم بهما منك "


" إلى متى سندعهما؟! "

" إلى أن يشاء الله..
اطمئني لن يطول الأمر.. من خلال حديثي مع باسل لم أشعر ولو للحظة واحدة بأنه يكره شقيقه.. وهذا ما يطمئنني..
الغضب يزول مع الأيام بينما الكره يزيد ويكبر ..... "

" وعامر ...؟ "

" عامر شفاؤه مرتبط بباسل "
هو داؤه ودواؤه ...."


.................................



تكرار هذا الحلم بدأ يزعجه.. يبدد هدوء أيامه .. نفس المشهد يتكرر يومياً ليستيقظ بعدها والغضب يملأ جنبات صدره.. نورا وهي تكشف شعرها الطويل أمام شقيقه ولا تهتم بوجوده ومهما حاول جاهداً تغطية شعرها فهو يفشل بينما عامر استطاع ذلك بحركة واحدة ... ما هذا الكابوس!! وهل ينقصه أن تخبره الأحلام أن زوجته أصبحت حليلة أخيه وأنه أصبح الغريب بينهما .. وهل نسي هو هذه الحقيقة في الصحو...؟! كان يدفنها بداخله ويهرب من خيالاتها ولكن الظاهر أن عقله الباطن له رأي آخر فالكابوس يسلبه راحة النوم ..
وهل حقاً صدره يمتلئ بكل ذلك الغضب العارم الذي ضرب به شقيقه في حلمه حتى أدماه ..!
أول أيام عودته من السجن كان وكأنه مغيب .. وكأن الغضب والألم والصدمة قد خدرت فيه مواطن وجعه .. فكان كالحي الميت.. لا يفكر..
يحيا بلا حواس..
وبعد أن أخذه البحر بعيداً.. وقضى شهوراً قلقاً يحاول إرساء قلوع حياته وآمنة على بر الأمان .. لم يكد يلتقط أنفاسه حتى بدأ غضبه ونقمته يجدان في أحلامه متنفساً لنارهما المتقدة ...
كان قد صدق أنه أصبح أفضل .... وبدأ بتقبل قدره ولكن على حين غرة عاد كل شيء حارقاً وموجعاً وكأنه يحدث للتو أمام عينيه !

انسحب تاركاً سريره متوجهاً للصالة المظلمة إلا من إضاءة خافتة قادمة من المطبخ، جلس على أقرب كرسي يدفن وجهه بين كفيه، يشعر أن سخونة أنفاسه ستحرق كفيه
بينما تعود لذاكرته صورة نورا وشعرها الأسود ...
فينتفض من مكانه وهو يمسك رأسه بيديه يضغط عليه ويخرج صوته هادراً عنيفاً ..

" يا الله أخرجها من رأسي إنها محرمة عليّ الآن .. هي زوجته هو ولم تعد تنتمي لي.. لم أعد أحتمل هذا العذاب .."
يسرع إلى الحمام يضع رأسه تحت المياه لتبرد من غضبه وتبعد تلك الخيالات عنه، يراقب نفسه في المرآة أمامه وقطرات الماء تتساقط من شعره و وجهه أحمر محتقن وقد انتفخت عروقه حتى أوشكت على الانفجار .. ما هذا الحال الذي وصل إليه ؟!
يستغفر الله بسره وينتوي الوضوء واللجوء إلى الصلاة لعلها تهدئ روحه وتبعد عنه تلك الصور التي أصبحت تخنقه ففي المنام يغضب منهما وعندما يستيقظ يغضب من نفسه !...

مع أول خيوط الشمس كان باسل قد ارتدى ملابسه الرياضية وينتظر استيقاظ آمنة ليحملها و حقيبتها من غير أن يكلف نفسه جهد تبديل ملابس نومها، حملها متجهاً صوب شقة شهامة في البناية المقابلة لشقته الجديدة

صعد السلم بتثاقل وكأنه يجر أثقالاً بقدميه ووقف أمام شقة شهامة ورن الجرس ينتظر أن تستيقظ

أما شهامة التي كانت مستغرقة في النوم فقد أيقظها صوت الجرس المزعج، للحظات فكرت أن تتجاهل الطارق ولكن إصراره على رن الجرس أكثر من مرة اضطرها لأن تسحب نفسها مجبرة من السرير وتتجه نحو الباب وما إن نظرت من العين السحرية حتى صدمت برؤية باسل وآمنة، أعادت النظر نحو ساعتها لتجدها ما زالت السادسة صباحاً ..!
فتحت الباب فيما كان باسل قد وصل السلم عائداً لشقته بعد أن يئس من استيقاظها، لكن صوتها أوقفه .. إلا أنه لم يلتفت لها كأنه ندم على قدومه حتى وصله صوتها متسائلاً :

" باسل ؟!!!"

أطرق برأسه أرضاً وقال بصوت خالٍ من الروح :
" أنا بحاجة لترك آمنة عندك لساعتين فقط .."

" لا بأس.. هاتها.. دوامي يبدأ بعد الظهر .."

ناولها الحقيبة وآمنة ولكنه لم يرفع نظراته إليها، لا يريد لها أن ترى النيران التي تستعر في أعماق عينيه، فظل يتحاشى النظر نحوها وقد لاحظت هي ذلك أضافة لملاحظتها لتشعث شعره ووجهه الشاحب ...
التفت مغادراً وعند أول درجة من السلم، سألته شهامة بقلق:

" باسل ... قد أستطيع مساعدتك ..."

توقف مكانه ثم همس:
" لا أحد يستطيع مساعدتي .."

اقتربت خطوة منه وقد آلمها قلبها عليه :
" ما رأيك أن تحاول ..؟ لن تخسر شيئاً ؟.."

استند على الجدار بكتفه وأطرق برأسه مرة أخرى وسألها بهدوء :
" هل تستطيعين إيقاف ما يدور برأسي ؟ "

" إذا لم تخبرني ما هو ... لن أستطيع ... لا أستطيع مساعدتك اذ لم ترغب أنت بذلك ..."

بدأ نزوله ببطء وهو يقول:
" وأنا لا أستطيع إخبار أحد عنه ... "

شددت من احتضان آمنة ودخلت لشقتها تغلق الباب خلفها وقلبها منفطر عليه.. وغيرة غريبة بدأت بالتسرب إليها لمجرد إحساسها أن المعنية هي نورا ....


.......................



كان يجري ويجري إلى أن انقطعت أنفاسه اقترب من البناء الذين يسكنه وبدأ يخفف من سرعته إلى توقف مقطوع الأنفاس مال إلى الأمام واستند بيديه على ركبتيه وأخذ العرق يتساقط من وجهه..
يراقب القطرات كيف تسقط على الأرض وتختفي.. ليت كل ما بداخله يخرج معها.. ليت وجعه يترشح من جسده ومن مسامات روحه ويتساقط أمامه هكذا ...
يعتدل بوقفته و يجر قدميه من أمام البناء لكن قبلها رفع أنظاره نحو شقة شهامة، لا طاقة له الآن للاعتناء بآمنة ليدعها لبعض الوقت مازال أمام شهامة بضع ساعات حتى يحين موعد ذهابها للجامعة ...
يصعد إلى شقته يدخل ويغلق الباب ويستند عليه بظهره إنه متعب جداً، يرمي المفتاح من يده يخلع حذاءه ويقرر أخذ حمام ماء بارد عله يطفئ هذه النيران ويكتم أزيزها الذي أصم أذنيه ..

كانت شهامة تقف أمام النافذة حين لمحته عائداً، شعرت بقلبها يهوي إليه عندما استدار ورفع رأسه نحو شقتها.. هل كان ينظر إليها ...؟ هل فكر بها وسط تعبه ...؟ أم انه تذكر آمنة فقط ..؟

رأته كيف صعد إلى شقته توقعت إنه يريد تبديل ملابسه أولاً.. فنظرت لآمنة قائلة:
" والدك قد عاد يا صغيرة، أعتقد إنه يريد تبديل ملابسه أولاً ثم يأتي إليك"

انتصف النهار وباسل لم يظهر ولا حتى اتصل وهي كان يومها مقسماً ما بين النافذة والباب، تنتظر قدومه ...
توقعت أنه إما أن يكون نائماً أو متعباً لدرجة كبيرة ولم تفضل أن تبادر وتتصل به حتى لا يظن أنها تضايقت من تأخيره أو أنها تريد منه أخذ آمنة، لكن غيابه هذا يقلقها جداً ...
تقف متخصرة أمام آمنة الجالسة على الأرض وتتسأل بحيرة :
" والآن ما الحل إذا اتصلت به سيعتقد أني لا أريدك وإذا لم أتصل سيبقى هذا القلق ينخر في صدري ...."

ولكن آمنة لم تترك لها الوقت لتقلق على باسل فقد احمر وجهها وبدأت بإخراج تلك الأصوات التي علمت شهامة معناها .... رفعت يدها أمامها وهي تميل إليها قائلة بذعر :
" لا ليس الآن .... لا تفعليها أرجوك ......"

ولكن لا فائدة من صراخ شهامة ومحاولتها لمنعها .. لقد تم الأمر وانتهى!
جلست شهامة على الأرض أمامها وقد وصلتها تلك الرائحة
فجعدت أنفها وهي تقول بقرف :
" لا تفكري أن أغير لك ذلك الشيء ....."

تبدأ آمنة بالبكاء لتميل شهامة إلى الأرض تسند يديها عليها وهي تحدث نفسها :
" بداية تحرك قلبك له مبشرة جداً ..... يا ترى كيف ستكون النهاية !! "

استيقظ باسل على رنين الهاتف قربه، فتح عينيه فرأى سقف غرفته، رمش مرتين محاولاً تذكر ما حدث..؟ اعتدل من رقدته فوجد نفسه نائماً على السرير لا يرتدي سوى بنطاله. .!
شعر بأن عضلات ظهره ورقبته مشدودة حاول تمديدها
بتحريك رقبته ويديه، ثم أخذ الهاتف متوقعاً أضنها شهامة تريد الذهاب لجامعتها ليصدم بالساعة وهي تنير أمامه إنها الثانية ظهراً ..! كيف نام كل ذلك الوقت ... لقد أراد النوم لنصف ساعة فقط، فتح الهاتف بسرعة وقد توقع اتصالها أو رسالة منها ولكن لم يجد شيئاً منها لا رسالة ولا اتصال ...!
وجميع الاتصالات والرسائل كانت من والده وحمزة، ترك الهاتف ومال إلى الأمام يسند رأسه على يديه، ليس لديه القدرة على محادثة أحد الآن إنه متعب جداً ...
عليه أولا أن يحضر آمنة من عند شهامة فقد أثقل عليها اليوم
ويشعر بالحرج منها كثيراً وقد كانت ملتزمة بموعد دوامها في الجامعة ... ماذا فعلت به ؟!!

يرتدي البلوزة القطنية سريعاً و يرسل لها رسالة :
" أنا آسف جداً، لقد نمت ولم أستيقظ إلا الآن .. لحظات وأكون أمام باب الشقة لآخذ آمنة ..."

انتظر ردها قبل نزوله فقد تكون عند هيا ..ولكن ردها جاءه بسرعة :

" لا داعٍ للأسف فهذا أمر قد يحدث مع الجميع .. أنا في انتظارك .."

دقائق وكان جرس بابها يرن، اتجهت نحه بسرعة ثم عند الباب وقفت وأخذت نفساً عميقاً ثم فتحته بكل هدوء ..،
كان واقفاً قرب السلالم ما أن رآها حتى ابتسم لها بمجاملة لطيفة وقال متأسفاً :
" آسف مرة ثانية .. كان يجب أن تذهبي لجامعتك "

تشير له بيدها كأنه أمر عادي وتقول مازحة :
" الدراسات العليا انتظرت كل تلك السنين، لن تحدث مشكلة لو زاد انتظارها يوماً واحداً "

" هلّا أحضرتِ آمنة .."

تهز له برأسها وتختفي خلف الباب لتعود بعد لحظات وهي تحمل صينية متوسطة الحجم عليها طبق من الشطائر والمخبوزات
وبجانبها قدح من العصير "
يراقبها لا يفهم تصرفها ... هل تضايفه على السلم!!

تجلس على أول درجة وتضع الصينية في الوسط وتشير له قائلة :
" تعال أولاً وتناول بعض الطعام .. أعلم أنك لم تأكل شيئاً منذ الصباح، ثم أن آمنة نائمة الآن دعها ترتاح قليلاً "

يتردد قليلاً في الجلوس لكن هل هناك ما ينتظره في منزله
سوى الوحدة والعودة لأفكاره السوداء...
يقترب منها وينزل بجسده بقوة على السلم يجلس بتعب واضح، تراقب شحوب وجهه بينما لايزال هو يتجنب التقاء نظراتها المتربصة التي تنتظر اقتناص عينيه وكأنها تراقبه وتستشف ما يضايقه ...
يمد يده ويأخذ إحدى الشطائر ويبدأ بتذوقها تبدو اسفنجية صغيرة بين أصابعه ولكنها تتحول لقاسية جافة لا تلين في فمه ..
تقطع شهامة مسار أفكاره قائلة بلطف :
" لا أريد التدخل ولكن منذ أيام و أنا أشعر بك مختلفاً ... هل هناك ما يضايقك في الشقة أو ربما حدث معك أمر ما ...؟"

ينظر لها بطرف عينه ويجيبها باقتضاب :
" لا الشقة جيدة.. ولم يحدث شيء .. أنا... كما أنا...."

تضم ساقيها لصدرها تحتضنهما بذراعيها وتقول :
" بما أنك لا تريد الحديث ما رأيك أن أتحدث أنا ..."

يلتفت لها وينظر لعينيها يرى فيهما هدوءاً يفتقده، يشعر برغبة في الحديث عن أمور بعيدة عنه وعن أفكاره و واقعه ..
ترفع إصبعها أمامه وتقول بلهجة محذرة :

" أنا متأكدة أنك لن تخبر أحداً بحديثنا هذا ولولا ذلك ما كنت سأحكي لك.. “

ينظر لإصبعها الذي تهدده به وشبح ابتسامة يظهر على وجهه
فيقول مستسلماً لثرثرتها :
" احكي أسرار الدولة التي عندك ولن أعترف بها لأحد فأنا معتاد على حفظ الأسرار مهما كانت جلسات التعذيب قاسية .."

يعود لتناول طعامه وكأنه لم يمزق نياط قلبها بتلك الجملة .. لم يرَ كسرة نظرتها وتبدل نبرة صوتها التي انخفضت وكأنها تنفض برفق تراب السنين الذي تراكم على قلبها :
" كنت لا أزال طفلة لم تتجاوز الثلاث سنوات عندما تدمر العالم من حولي ..."

ينصت لها باسل، هو يعلم أن زوج والدتها ليس والدها ولكنه لا يذكر تفاصيل حياتها ..

" بعد وفاة والدي كان له ثلاثة أخوة بدل أن يحافظوا على أرملة أخيهم ضض وابنته بدأوا عملية بيعنا لمن يدفع أكثر ويفوز بالتركة كاملة وطبعاً أنا وأمي كنا من ضمن التركة إضافة لنصيبنا في الشركة، كانوا يتنافسون علينا لوضع يدهم على أكبر حصة ..."

" هل كان أعمامك يريدون الزواج من والدتك؟ "

" أجل رغم أنهم كانوا متزوجين وأولادهم أكبر سناً مني،
لكن طمعهم كان منحصراً في المال والدتي كانت تعلم أنهم ما أن يستحوذوا عليه لن يهتموا بنا بعدها .. "

يهز رأسه موافقاً على كلامها ..

" ثم قرر عمي طارق وهو شريك والدي شراء نصيبهم من الشركة وأصبحت كلها ملكه لكنه حرص على إبقاء نصيبنا أنا وأمي كما هو .. في بادئ الأمر لم تقبل والدتي عرضه للزواج منها لكن عندما تأكدت من حسن نيته وافقت... "

" هل كنت تدركين كل ما يدور حولك من أمور رغم صغر سنك وقتها ؟! "

" كنت صغيرة حقاً لكني أذكر مشاهد مما كان يحصل أمامي و كلامهم وبكاء أمي الكثير، ولكن عندما كبرت ترجمت تلك المشاهد برأسي و وضحت الصورة لدي"

" وماهي الصورة التي ظهرت لك ؟"

تنظر له وبدأت عيناها تغرق بغضب لم ولن ينتهي كل ما تذكرت الماضي :
" الصورة كانت كالتالي ( أن من كان عليهم حمايتنا كانوا هم الذئاب التي حامت حولنا تبتغي نهش لحمنا ) "

" هل مازلتِ غاضبة منهم بعد كل تلك السنين؟ "

تهدأ قليلاً وتبتسم بفخر قائلة :
" ليس بقدر غضبهم مني ... لقد أخبرني عمي طارق يوماً أني يجب أن أرميهم خلف ظهري وأغضبهم بنجاحي وقد نجحت ... فهم لا يستحقون أن أحملهم هنا ولا للحظة "
وأشارت بإصبعها نحو رأسها ..
سألها باسل مستفهماً :
" هل أحببت طارق زوج والدتك؟ "
" أجل لقد أحببته واحترمته أيضاً ومن أجله فقط كنت أسعى لأن أصبح أفضل لأثبت له أنه لم يخطئ بزواجه من والدتي وبتربيتي كابنته .. وأنني أقدر له جميله معنا ..."

يشرب بعض العصير وهو مستند إلى الجدار خلفه يراقبها بطريقة جديدة عليه ..
" هل ستخبريني أنك لا تحملين أي عقد أو أمراض نفسية من الماضي ؟ "

ترفع كتفيها قائلة ببساطة :
" بالتأكيد أملك عقدي الخاصة فأنا لست ملاكاً، أصبح عندي عقدة من الأقارب ... وعندي عقدة أخرى من الضعف لأنني أعتقد ان أن ضعف والدتي ورضوخها كان سبباً لطمعهم بها ... فأصبحت قوية لا أسكت عن باطل أبداً ولا أفرط بحقي مهما كان صغيراً "

يسمعان وقع أقدام قريبة منهما ليظهر أمامهما فجأة أحد السكان يريد أن يصعد إلى شقته فيقف باسل مفسحاً له المجال ليصعد بينما يراها تخفي ضحكتها بيدها ...
يعود ليجلس كما كان حتى هو يكاد يضحك على نفسه :
" لا أصدق أنني أجلس على السلم لتناول الشطائر مع بنت الجيران ... لم أفعلها حتى عندما كنت مراهقاً ..!"

" هذا يعلمك ألا تيأس أبداً ...."

" هل تعلمين أنني إلى اليوم لا أصدق أني أصبحت كأبطال القصص العجيبة التي صرنا نسمعها كل يوم .. لازلت لا أصدق ما حصل لي .. "

" هل تصدقني لو قلت لك أنني مثلك .. الأشياء التي قمت بها منذ قدومي هنا لم أتخيل نفسي قادرة على فعلها حتى بأحلامي .. "

" مثل ماذا ؟"

تعبس وتتبدل ملامحها تماماً وهي تقول :

" مثل تغيير الحفاظ لآمنة اليوم وهو محمل بالهدايا ..."

يبدأ بالضحك لدرجة احمرت لها وجنتاها ورقص لها قلبها الأبله
إنه يضحك عليها وهي سعيدة ..!
قال باسل من بين ضحكاته :
" أنا حقاً آسف لتلك الهدية .."

يسمعان صوت آمنة وقد استيقظت لتوها تموء كقطة تبحث عن أهلها، فتنتهي جلستهما بوقوف باسل وهو يقول :
" أحضري تلك الشقية لنذهب إلى المنزل يكفي ما فعلته بك"

" هل ستذهب الآن..؟ لم أكمل قصتي بعد هناك الجزء الأهم، كيف حصلت على لقب مطلقة ..! "

يعلم أنها مطلقة ولم يفكر يوماً لماذا تطلقت .. فيقول بلطف :

" أحضري آمنة الآن .. وسنتكلم يوماً ما عن عقدتك الأخرى .. هذا وعد "

تحضر له آمنة التي رمت نفسها عليه ما أن رأته، حملها وحضنها بحب وكأنه يعتذر منها كيف أبعدها عنه اليوم ..
حمل الحقيبة وقال :
" شكراً لك على كل شيء"

" لا تشكرني الآن .. اشكرني مساءً بعد اتصالي بك "

يقطب حاجبيه متسائلاً يريد أن يفهم قصدها :
" لم أفهم ماذا تقصدين؟ "

" عندي مفاجأة .. إذا تمت سأحدثك عنها مساءً.."

" سأنتظر مفاجأتك .. لا تتأخري ..."



.............................



ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 09:15 PM   #979

ميس ناصر

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ميس ناصر

? العضوٌ??? » 397119
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,094
?  نُقآطِيْ » ميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond reputeميس ناصر has a reputation beyond repute
افتراضي

يراقب والدته وهي تطوي ملابسه الشتوية وتبدأ بإخراج ملابس الصيف، كم يحب هذا اليوم من السنة .. يشعر بالمتعة وهو يعيد قياس الملابس، كل دقيقة عليه قياس بنطال أو قميص ...
" ضع هذه السترة في حقيبة الملابس الصغيرة "

يأخذها من يد والدته ويضعها في المكان المحدد ثم يعود ويجلس مكانه على سريره يراقبها ..
" أمي اليوم اتصلت أنا و جدي بوالدي كثيراً ولكنه لم يرد علينا و لم يعاود الاتصال بنا كالعادة ..."

تنظر له وقلبها ينبض خوفاً من سؤاله التالي :
" قد يكون مشغولاً أو خارج المنزل .. أو نسي هاتفه .."

" لماذا لا تتحدثين معه ؟!"

ترتبك وتبعد نظراتها عنه تشغل نفسها بالقطع الصيفية في خزانة الملابس وتتظاهر بترتيبها وتسأله بارتباك :

" من قال لك أنني لا أتحدث معه ؟ "

" لم أرك ولو لمرة واحدة تتحدثين معه"

تترك ما بيدها وتتجه لتجلس على السرير قربه، تتذكر كلام أحمد عن ضرورة التزام الصدق والبساطة في الإجابة على أسئلته،
تضع يدها على حجرها وتميل برأسها قليلاً قائلة :
" استمع لي حبيبي لأني سأحدثك بصراحة ... "

يهز حمزة رأسه موافقاً، فتكمل قائلة :
" أنا لم أتحدث مع والدك لأنه الآن ابن خالتي فقط ..هل رأيت يوماً عمتك ريم تحدث خالك عصام؟"

" لا ...."

" لإنه ابن خالتها ولا يوجد أي سبب لمحادثتهما ترسل له سلام مع والدتها تطمئن عليه لأننا نبقى عائلة واحدة ولكن الحديث المباشر ليس مهماً بينهما ."

" لكنه أبي ..."

تحاول الهدوء والبحث عن الكلمات المناسبة خاصة بعد ذهابها لدورة التنمية البشرية التيتا ساعدتها كثيراً في فهم نفسها ومن حولها .. فقالت بهدوء و وضوح :
" هو والدك أنت وابن خالتي أنا ..."
ينظر لها ببراءة يحاول فهم منطقها .. ولكنه قال فجأة وهو يشير لشيء خلفها، وكعادة الأطفال يبدلون موضوع الحديث بسرعة تغير أفكارهم :
" هذا القميص الجديد متى سأرتديه ؟"

تنظر خلفها للقميص وتتنهد براحة لانتهاء جلسة الأسئلة
" متى ما شئت حبيبي .. سوف ترتديه ..."

.......................

يمسك ورقة وقلم ويكتب ما تمليه عليه هيا ويظهر على وجهه الضجر، يتوقف قليلاً وينظر إلى الورقة قائلاً :
" هل تحتاجين كل تلك الأشياء ...؟! كبداية فقط؟ "

تسير حوله في المطبخ وهي تتفحص ما لديها من مواد غذائية في الخزائن وتعيد حساباتها من أجل حصر ما تحتاج من مستلزمات للبدء بمشروعها، تقول محذرة :
" أجل مصعب أريد كل ما طلبته منك .. ولا تفكر باختصار أي شيء منها .."
فقال مسلماً أمره لله :
" سأذهب إلى مدينة (.....) يوجد هناك سوق يبيع هذه المواد بسعر الجملة"

" هل ستذهب بمفردك ؟"

" أفكر في أن أخبر باسل .. قد يرغب في الذهاب معي .."

تتوقف هيا عما تفعله وتقترب لتجلس قربه قائلة بحماس :
" فكرة جيدة .. لقد أخبرتني شهامة اليوم أن باسل ليس في مزاج جيد .. من الممكن أن يحدثك بما يزعجه أثناء ذهابه معك أو حتى مجرد أن يشغل يومه معك أفضل من احتجازه لنفسه هكذا ... الوحدة صعبة .. "

يضع مصعب الورقة من يده ويضيق عينيه وهو يسألها بلهجة حذرة :
" وكيف عرفت شهامة ذلك ؟! "
فقالت هيا وهي غير منتبهة لتحديقه فيها :
" لقد أحضر لها الطفلة من الصباح الباكر وطلب منها الاهتمام بها وأبقاها عندها طوال اليوم، وهو لم يفعلها من قبل ويبعد الصغيرة عنه لهذه المدة الطويلة .."

يمسح مصعب وجهه بيده، هو يشعر بباسل .. يشعر به كرجل مكسور .. فيقول متعاطفاً معه :
" ما يمر به أمر طبيعي ، لو كنت مكانه لكنت مت منذ زمن .. مت قهراً أو كنت قتلتهما لأبرد ناري ...."
قالت هيا متفاجئة من رأيه :
" مصعب !! ما تقوله ظلم .. كيف تقول تقتلهما ؟! ما ذنبهما؟! هما أيضاً ضحية..."

"هيا أنت تفكرين كأنثى وأنا أفكر به كرجل .. تخيلي أن أستيقظ يوماً لأرى أن زوجتي أصبحت زوجة لغيري
هكذا من غير أي مقدمات، ببساطة كفرقعة الأصابع .."
ويفرق أصابعه أمامها فيوقظها الصوت من قسوة التفكير،.. لو كان مصعب مكانه مؤكد كان قتلها ...!
لكنها لا تيأس .. فتجادله قائلة :
" لكن الأمر لم يكن هكذا ؟؟ "
لكن منطق مصعب كان لها بالمرصاد :
" لم يكن بالنسبة لهما .. فقد مرت سنين وأيام وتبدلت ظروف .. ولكنه كان كذلك بالنسبة له .. الزمن توقف عند سجنه وعاد للدوران عند خروجه ..."

تمسك يده وتسأله متلهفة للجواب وكأن جوابه هو صك غفران :
" لو كنت مكانه ... هل كنت ستسامحهما ؟"

" لا ...."
كانت إجابته حازمة قاطعة بترت أي أمل لديها ..
فقال مغلقاً الموضوع :
" دعينا نعد لعملنا فهذا الحديث بحاجة لقوة إرادة وصبر .. لعل الأيام تمضي وتترك السكينة خلفها .. أنا لست قادراً على تخيل معاناته .."

بعد ساعة من انتهائه من مهمة التسجيل والحسابات التي قضت على نصف راتبه قرر الاتصال بباسل وعرض مرافقته له غداً إلى المدينة الأخرى ..
بعد رنين الهاتف لمدة طويلة كاد أن يغلق الاتصال لولا أتاه صوت باسل :
" أهلاً مصعب ...."

" أهلاً بك كدت أن أغلق الهاتف .. هل كنت مشغولاً ؟"

" لا ...أبداً كنت أصلي المغرب ..."

" تقبل الله ... كنت أريد أن أعرض عليك مرافقتي غداً، سأذهب إلى المدينة المجاورة لشراء بعض المستلزمات لمشروع هيا ..أنت تعلم .. لقد أخبرتك عنه من قبل "

" أجل أتذكر .. وفقكم الله لإتمامه.. إنه فكرة جيدة .."

" شكراً لك ... ما رأيك أن ترافقني .. المدينة قريبة ولن نتأخر وفيها متجر عربي كبير قد تجد فيه أشياء تحتاجها .."

يفرك باسل رأسه بيده يفكر، أنها فكرة جيدة لتمضية الوقت ولكن لا يستطيع أخذ آمنة معه ولا تركها عند شهامة مرة أخرى فيقول معتذراً :
" كنت أتمنى مرافقتك فليس عندي شيء مهم .. لكن آمنة من الصعب أخذها في مشوار طويل .."

" آمنة ...؟ لم أفكر فيها ولكن تستطيع إحضارها معنا فنحن ذاهبان بالسيارة .."

تسمع هيا كلام مصعب لتقول له بسرعة :
" ليحضر آمنة عندي .. أنا غداً باقية في المنزل ..."

يشير لها مصعب بإبهامه موافقاً كلامها بينما يقول لباسل :
" هيا تقول لك أنها ستهتم بآمنة .. لا تشغل بالك بها .."

" لا أريد أن أثقل عليها يكفي ولداكما حفظهما الله ..."

" ولدانا يذهبان للحضانة و يعودان عند الظهيرة، ويكمل بعصبية، ثم النساء قادرات على تدبير أمورهن .. لا تخف عليهن ، سأنتظرك صباحاً لنذهب معاً نقضي وقتاً ممتعاً بعيداً عن النساء والأطفال ومشاكلهم ..."

يبتسم باسل على طبع مصعب الحامي الذي لا يستطع إخفائه أو حتى تجميله، لقد لاحظ عليه العصبية والتذمر أيضاً ولكن يبدو أن معدنه أصيل فلا أحد كامل الصفات في هذه الدنيا ...
فيقول مبتسماً :
" إن شاء لله موعدنا الصبح ..."


.....................


يمر الوقت بطيئاً وهو ينتظر اتصالها، كيف أشغلت تفكيره بذلك الاتصال وبحديثها السلس معه .. يتذكر حديثها وبساطة تجاوزها لخذلان أقاربها وكيف وضعت لنفسها هدفاً وسعت إليه .. كان يريد سؤالها عن سبب طلاقها، فهو يعلم أنها كانت متزوجة ولكن وكأن لسانه انعقد فلم يستطع النطق فاكتفى بالإصغاء إليها..،
إنه يعلم إنها قصدت أن تتحدث معه بخصوصياتها ليس حباً بإذاعة أسرارها ولكنها تحاول مساعدته ... تحاول إلهائه عن أوجاعه التي هو موقن من أنها قد رأتها مرسومة على ملامح وجهه صباحاً .. لم تقدر على مساعدته سوى بتلك الطريقة ...قدمت بعض الراحة لروحه وبعض الفطائر قدمتها لمعدته...
يرن الهاتف بيده فيخفض صوت رنينه كي لا تستيقظ آمنة ويخرج إلى الصالة يسير حافي القدمين بملابسه القطنية الخفيفة، يفتح الاتصال ويقول بصوت منخفض عاتب لم يقصده :
" توقعت اتصالك مبكراً ..."

يقفز نبض قلبها فرحاً لانتظاره اتصالها ويحمر وجهها إثارة
وكعادتها المسيطرة يخرج صوتها وكأن ألعاباً نارية تنطلق بداخلها :
" كنت أنتظر أن أتأكد من أمر ما قبل أن أتصل.. “

يجلس على الكرسي القريب من النافذة يشاهد انعكاس صورته عليها :
" وهل لي أن أعلم ما هو السر الآن؟ "

تضحك بخفة وتقول بصوت هادئ :
" هو ليس سراً ... مختصر الموضوع لقد وجدت لك عملاً .. شخص يبحث عن مهندس كمبيوتر ليصلح له الحواسيب ...كلمته عنك وكنت أنتظر منه الرد ..."

رغم فهمه لقصدها تركها تكمل حديثها :
" واليوم وصلني رده إنه ينوي فتح مشروع عمل، يشتري الأجهزة القديمة يعيد إصلاحها ثم يبيعها مرة أخرى، فأخبرته بمؤهلاتك وطلب رقم هاتفك فأعطيته إياه ... هذا كل شيء.. "
جاءها رده بارداً وكأنه يرفض مبادرتها :

" لماذا لم تخبريني أولاً ؟ قد لا أوافق .. "

تشعر بالارتباك فهي قد أعطت رقمه لشخص غريب وبدون أخذ الإذن كم يساوي منه فتقول متأسفة بصوت محبط:
" آسفة حقاً .. لم أقصد .. ولكني توقعت من خلال حديثك أنك تريد العمل فطرأت الفكرة ببالي ما أن رأيت الإعلان وتوقعت أن تفرح بها ..."

يشعر بأنه كان جافاً معها، هي تريد المساعدة بصدق وهو فعلاً بحاجة للعمل، أولاً لأجل المال وثانياً لإشغال نفسه عن التفكير بماضيه.. فقال ببساطة وكأنه لم يحبطها قبل قليل :

" لم أقصد إحباطك.. كنت أمازحك فقط.. “

تجلس على الكرسي وهي تحاول تصديق ما تسمع فتعيد له كلماته :
" تمازحني !! هل حقاً ما سمعت؟! "

" أجل.. لما أنت مستغربة هكذا ؟! من قال لك أني لا أعرف المزاح ...."

" أنت من أخبرني بذلك.. وطوال الوقت بطريقتك المقتضبة في الحديث .."

يبتسم في سره من أسلوبها الصريح ويقول:

" حسناً سجليها عندك إنها المرة الأولى إذن.. “

" حسناً تم التسجيل ..
الآن قل لي. هل حقاً أعجبتك فكرة العمل؟! أنا أجدها مناسبة خاصة إنها من المنزل من أجل آمنة "

" أجل إنها فكرة جيدة، لم تكن لتخطر ببالي.. فقد كنت أفكر في البحث عن أعمال أخرى لم أفكر أبداً في العمل باختصاصي.. "

تقف وتتجه إلى النافذة تبعد الستائر قليلاً تنظر لشقته الغارقة في الظلام .. لا تعلم هل بسبب إسدال الستائر الثقيلة أم أنه يفضل الظلام..
فتقول بسؤال مفاجئ:
" إذن .. ألا أستحق جائزة على هذا العمل ؟ "
فيجيبها باسل بلطف ممتناً بصدق لكل ما تفعله من أجله وآمنة:

" أكيد تستحقين وليس من أجل العمل فقط، بل لأجل كل ما تقدمينه لنا ... لذا اطلبي ما تشائين ..."

تعض إصبعها وهي تفكر هل تطلب منه ما تريد أم تبقى بعيدة عن ذلك الظلام القابع بداخله ... لكنها تتشجع وتقول مرة واحدة:
" هديتي هي أن تحدثني عن نفسك كما حدثتك عن نفسي .."

يمسد باسل جبينه بيده .. لماذا تريد العودة به إلى هناك ؟! هو يريد أن ينسى ..يريد أن يشغل نفسه بأفكار وأشخاص مختلفين .. فيقول متردداً غير راغب بمجاراتها :

" أنا أحاول الهروب من نفسي لا أريد الحديث عنها ..."
لكن شهامة على ما يبدو مصرة على دخول ظلامه وتبديده فتجادله قائلة :
" لكن الهروب ليس حلاً .. هكذا ستبقى هارباً طوال الوقت إلى أن تتعب قدماك وتنتهي طاقتك فلا تعلم في أي مرحلة ستسقط مستسلماً منهكاً .."

أعجبه الحديث المبهم بينهما من غير تفاصيل خاصة، فقال يجاريها :
" ماذا أفعل إذن ؟! أنا لم أعد قادراً على تمييز الخطأ من الصواب! "
فقالت بقوة عزيمة :
" قف .. والتفت إلى الوراء .. واجه ما تهرب منه، إما أن تتخلص منه أو أن تعرف أنه لا فائدة من الهروب فتريح جسدك وعقلك من التعب.."
باغتها باسل متسائلاً بفضول :
" من أين لكِ هذه الحكمة رغم صغر سنك ؟! "

" الحياة ... الحياة أكبر مدرسة ... ثم دعني أكمل لك اعترافاتي .. كانت هذه نصيحة من عمي طارق .."

يقف ويقترب من النافذة فيتراءى خياله لها مظلماً خلف النافذة.. تقترب من نافذتها أكثر علها تلمح وجهه وسط الظلمة.. فيأتيها صوته متألماً :
" ماذا تريدين أن أواجه ؟! أأواجه أطياف رفاقنا الراحلين؟ ... كنا نتشارك الوجع والظلم، نستند على كتف بعضنا البعض ثم يبدأ العدد بالتناقص .. كل يوم نفتقد روحاً .. نراها تخرج طاهرة بيضاء أمامنا .. إلى الآن أكاد أشم تلك الرائحة المسكية التي كانت تفوح فجأة وسط عتمة الزنزانة وعفونتها فأعلم أن هناك روحاً طاهرة قد آن لها العودة لبارئها.. صدقي كنا نسعد حينها وكأننا سمعنا خبر إفراج ..."

" ليرحمهم الله ويفرج عن الباقين ..."

يضع يده على الزجاج يسند رأسه عليه ويقول بصوت منهك وكأن هذه النبذة القليلة من ذكرياته امتصت طاقته :
" آمين .... كيف سأواجه شيئاً كهذا ...؟"

تجيب بسرعة وقد تشكلت قوة غضب بداخلها نحو أولئك القتلة :
" واجهم بكشفهم .. بحديثك عن ظلمهم .. أخبر العالم عنهم وأوصل صوت رفاقك أحياءً كانوا أو أمواتاً لأبعد ما تستطيع"

يعتدل بوقفته وتطل نظرة حائرة من عينيه :
" كيف ......؟ "

" باسل ... أنت الآن خارج البلاد، تستطيع أن تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي بحرية.. استخدمها لصالحك أخرج ما يحدث من ظلم هناك للعلن.. لقد سبقك الكثيرون وأنت لست أقل منهم .."

كيف لم يفكر بذلك قبل الآن...؟ كيف لم يحاول إيصال صوتهم كما تمنى يوماً وهو سجين وضعيف...؟ هل أخذته الدنيا ونسي رسالته ...؟ أولها وليد وثانيها إنقاذ آمنة ولن تنتهي مهمته طالما يتردد في صدره النفس..

" باسل ...... "
يأتي صوتها يتسرب إليه فيعيده لوعيه .. هو بحاجة لأن يتمسك به .. هو بحاجة لقوتها لتنتشله من ظلامه ..

" أنا معك ..."

كلمته قلبت كيانها ففتحت الستارة بتهور ووقفت تنظر نحوه، ما أن رآها حتى توقف الحديث بينهما للحظة كانا يحدقان ببعضهما يلفهما الصمت.. والظلام ..
فقال باسل كاسراً سحر اللحظة :
" غداً سوف أذهب مع مصعب إلى سوق مدينة (....) وسوف أوصل آمنة لبيت شقيقتك من الصباح الباكر وعند عودتي سنرى كيف أوصل صوتنا ....."

لقد جمعها معه للمرة الثانية هذا كثير عليها ليوم واحد ، فقالت :
" أنا ذاهبة لهيا غداً ...."

" إذن سوف أنتظرك ونذهب معاً ....."

ينزل الهاتف من على أذنه من غير أي كلمة أخرى ولكن النظرات لا زالت متصلة من بعيد
أغلقت ستارتها بيد مرتعشة وقلب مرتجف خوفاً من كسره.. هي لا تضمن قلبه ....
فتقول بحرقة :
"آه لقلبي وما ينتظره ...."

يراها تغلق الستارة وتبتعد ينظر للهاتف ويهمس :
" ملهمة ......."


نهاية الفصل الخامس والعشرون
قراءة ممتعة


ميس ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 09:54 PM   #980

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 41 ( الأعضاء 12 والزوار 29) ‏Maryam Tamim, ‏روماالدسوقي, ‏الميزان, ‏زهره الربيع2, ‏..هناك أمل .., ‏maram alsaeed, ‏همس البدر, ‏وريفة, ‏ميس ناصر+, ‏أم سيف, ‏rowdym, ‏بدره م

Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
رواية ظلال الياسمين

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:08 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.