آخر 10 مشاركات
303 – عنيدة- فلورا كيد - روايات احلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          [تحميل] عاشق يريد الانتقام،بقلم/ *نجاح السيد*،مصريه (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          At First Sight - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          مهلاُ يا قدر / للكاتبة أقدار ، مكتملة (الكاتـب : لامارا - )           »          وكانت زلة حياتي(111)-قلوب شرقية[حصريا]للكاتبةفاطمةالزهراء عزوز*الفصل14ج1**مميزة* (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )           »          عروس دراكون الهاربة(157)للكاتبة:Tara Pammi(ج3من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree508Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-12-20, 08:15 PM   #721

رانيا صلاح
 
الصورة الرمزية رانيا صلاح

? العضوٌ??? » 395664
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 706
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رانيا صلاح is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
افتراضي


هانت اوي وضاقت حلقاتها حولك يا حمدية يا مسهل الا ما لك عمل واحد طيب حد يذكرك به كلكيعة شر وحقد ماشية
اجمدى يا فيروزة المفروووض انتي اول واحدة نفسها تاخد حقها من اسر ازاى عاوزة ترجعي قبل ما ياخد جزاءه اجمدى
تسلم ايديكى نولا😍❤❤❤❤


رانيا صلاح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-20, 12:58 AM   #722

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الثالث والثمانون



الفصل الثالث والثمانون



المواجهة، هي الخطوة الأخيرة المتبقية في تحقيقه، لتكتمل كافة الأركان، ويتم إثبات التهمة على المذنبة الحقيقية، قبل إرسال الأوراق الرسمية إلى الجهة القضائية، للنظر في تلك الدعوى، لهذا في الموعد المتفق عليه، وبعد استدعاء الأطراف المنوطة بالشهادة، انتظر المحقق قدوم كلاً من "حمدية" و"آمنة" من غرفة الاحتجاز للالتقاء بالشهود، وكانت البداية مع المرأة التي التقت بها "حمدية" مصادفة عند البقالة، حيث استدرجتها في الحديث لتخرج منها بمعلوماتٍ عن "خليل" مدعية آنذاك أنها قريبته. تعرفت عليها تلك السيدة على الفور، وهتفت مستخدمة سبابتها في الإشارة نحوها:

-هي دي اللي قابلتها يا سعات الباشا.

تنفست "آمنة" الصعداء، ورفعت بصرها للسماء تشكر المولى سرًا، فدلائل براءتها تظهر تدريجيًا، في حين صرخت "حمدية" ناكرة معرفتها بهذه السيدة:

-إنتي كدابة، هو أنا شوفتك قبل كده؟

أكدت المرأة بشدة، وعيناها تشتعلان في غضبٍ لكذبها الواضح:

-أيوه شوفتيني، واتكلمت معاكي، بأمارة ما قولتيلي إنك معرفة الأستاذ "خليل" من البلد، ووريتك مكان بيته، ده أنا كان ناقصني شوية وأطلع شقتي تقعدي معايا.

التفتت "حمدية" ناظرة نحو المحقق، وأصرت على كذبها بقولها:

-محصلش.

صاحت بها المرأة؛ وكأنها على وشك مهاجمتها:

-إنتي كدابة...

ثم نظرت إلى المحقق، وتابعت باقي جملتها، موجهة أصابع الاتهام نحوها:

-يا بيه هي نفس الست اللي اتكلمت معاها، وأنا مابنساش حد شوفته.

هز رأسه بهدوءٍ، بينما واصلت "حمدية" هتافها المليء بالإنكار:

-دول بيفتروا عليا، أنا واحدة ولادي ماتوا، وراحوا مني، إزاي هـ....

قاطعها المحقق بصرامةٍ:

-مالوش لازمة الكلام ده.

ثم أمر المعاون الجالس إلى جواره بتدوين ما حدث، وأخذ توقيع المرأة على أقوالها، لينتقل بعدها للشاهدة التالية؛ وكانت الجارة "أم دعاء"، والتي بدورها تعرفت أيضًا على "حمدية"، لتؤكد هي الأخرى، وكامل نظراتها عليها:

-أيوه يا باشا، دي الست اللي شوفتها عند "سماح" اللي يرحمها، وقت ما سبت مفتاح الشقة معاها

احتقن وجه "حمدية"، وصرخت مستنكرة اعترافها بعصبيةٍ شديدة:

-هو إنتي جاية ترمي بلاكي عليا؟

قالت الجارة بنبرة متهكمة، ونظراتها الساخطة تتجول عليها:

-أعوذُ بالله، الخِلقة دي سهل الواحد يفتكرها.

سألها المحقق من جديد، لتكون الإجابة قاطعة كذلك:

-يعني مش الست اللي واقفة جمبها؟

وكانت نظراته موجهة نحو "آمنة"، تطلعت إليها الجارة، ونفت عنها التهمة دون تفكيرٍ:

-لأ دي ماشوفتهاش قبل كده...

حملقت مرة أخرى في ملامح "حمدية" المتجهمة بغلٍ، وأضافت مشيرة بإصبعها ناحيتها:

-هي دي يا بيه، وحتى بالأمارة كانت لابسة نقاب، ورافعة البرقع عن وشها.

نفت "حمدية" كلامها بالتمسك بكذبها، فرفعت نبرتها لتصيح في وجهها بحدة:

-أنا ما عمريش لبست نقاب، حرام عليكي، اتقي الله.

هددها المحقق بعد أن بدا صراخها خارجًا عن السيطرة:

-اسكتي أحسنلك.

رفضت الانصياع لأمره، وقالت ببكاءٍ حاولت استدعائه:

-يا بيه دول بيفتروا عليا، أنا غلبانة ومظلومة...

استشاطت نظراتها، واستدارت تحدج شقيقة زوجها بكل ما فيها من كراهية، واتهمتها علنًا:

-"آمنة" هي اللي عملت كده.

شهقت في ارتعابٍ، وقالت برجفةٍ مذعورة:

-والله العظيم ما حصل، أنا عمري ما فكرت أذي حد.

قال المحقق ببساطة:

-الحقيقة معروفة يا ست "آمنة".

هتفت "حمدية" بنزقٍ، وهي تلطم على صدغيها، لتثير التعاطف حولها:

-كلكم موالسين مع بعض عشان تودوني في داهية، إنتو بتكرهوني ليه؟ عايزين تلبسوني حاجة معملتهاش، وعيالي لسه آ...

لم يبدُ المحقق متأثرًا بما تفعله، بل بدا نافرًا منها، لم ينتظر انتهاء نوبة عويلها، وقاطعها بلهجته الرسمية الصارمة:

-فوقي من شغل الجنان ده، إنتي في كارثة.

أبعد نظراته عنها، وأكمل أوامره للجارة:

-امضي على أقوالك.

ردت عليه "أم دعاء" بخنوعٍ:

-حاضر يا باشا،...

ثم دمدمت مضيفة بتبرمٍ وهي تنهض من مكانها لتوقع بجوار المعاون:

-منها لله الظالمة، يتمت البنت، وكانت هاتجيب أجل السُكان كلهم.

صرفها المحقق ليأتي بالشاهدة الأخيرة، والتي حرص أن يستقبلها بنفسه، وبمفردها، ليزيل أي رهبة تعتريها، عندما ترى قاتلة والدتها بالداخل؛ وإن لم تدرك هذا حرفيًا. حدقت "رقية" في وجه كلتيهما بنظراتٍ قلقة متوترة، وجه "حمدية" الغاضب كان باعثًا على الانقباض، بينما تعابير "آمنة" الحزينة كانت تدعو للإشفاق. أجلسها المحقق على حجره، وسألها بصوته الهادئ:

-مين فيهم عمتو اللي زارت ماما يا "رقية"؟

لحظات من الترقب سادت على الجميع، في انتظار سماع قولها الفاصل، وزعت "رقية" أنظارها على الاثنتين، ونطقت أخيرًا بعد صمتٍ قليل:

-دي عمتو!

كان ذراعها يشير نحو "حمدية"، التي انفجرت صارخة بجنونٍ أكبر:

-إنتي بتقولي إيه؟ مين دي اللي عمتو؟ هو أنا شوفتك قبل كده يا بت إنتي؟

كانت على وشك الهجوم عليها، والإطباق على عنقها، لولا تحذير المحقق الصارم الذي أوقفها في اللحظة الأخيرة:

-اهدي كده!

انتحبت ترجوه، بدموع التماسيح التي لم تساعد في تقوية موقفها:

-يا بيه كلهم متفقين مع بعض عليا، عايزين يلبسوني جريمة معملتهاش، عشان يطلعوا المجرمة الحقيقية براءة...

ثم صرخت في وجه "آمنة" بقولها:

-هي دي عمتها، ليه كلكم جايين عليا!

كان صياحها بلا طائل، تجاهلها المحقق، وركز انتباهه مع الطفلة، ليبدأ في سؤالها بهدوءٍ، قاصدًا الاستماع مجددًا لتفاصيل زيارتها المشؤومة:

-ها يا "رقية"، قوليلنا عمتو دي عملت إيه عند ماما؟

.................................................. ................

في موقف السيارات القريب من بلدته القديمة، صف شاحنته الصغيرة، تلك التي يعمل عليها حاليًا، أمام أحد المخازن، منتظرًا انتهاء العمال من تعبئة كراتين الزيت. تركهم يكملون مهمتهم على مهل، وأحضر لنفسه قهوة زهيدة الثمن من المقهى الموجود في الجهة المقابلة. رشفة تبعها بأخرى، قبل أن يمتزج مذاقها المرير العالق في جوفه، بطعم التبغ الرخيص الذي يدخنه. وقف "شيكاغو" مستندًا بظهره على مقدمة شاحنته الصغيرة، تلك التي يعمل عليها حاليًا، في نقل البضائع، من مكانٍ لآخر. تحركت أنظاره في اتجاه "حمص" الذي خاطبه بتبرمٍ:

-ها يا عمنا؟ خلصت ولا لسه؟ عايزين ننجز في أم الليلة دي، لسه مشوارنا طويل.

قال بنوعٍ من التنمر:

-مكانوش نفسين بنطيرهم في الهواء!

علق عليه بتهكمٍ:

-نفسين، تلاتة، إن شاءالله عشرة، خليك على وضعك، بس ماترجعش تبخ في وداني لما تسمع كلمتين مالهومش لازمة من المعلم "ناجي".

هتف في ضيقٍ، وهو يلقي بعقب سيجارته أسفل قدمه:

-خلاص يا عم "حمص"، أدي السيجارة طفيناها...

ثم سلط أنظاره على البضائع المتراصة فوق بعضها البعض، وتساءل:

-النقلة اتوثقت ولا لسه؟

أجابه "حمص" وهو يفرك كفيه معًا:

-كله تمام وألسطا.

حذره بلهجةٍ أظهرت انزعاجه:

-مش عايزين حاجة تفلت مننا، المرة اللي فاتت لحقنا كراتين الصيني بالعافية.

أوضح له بتعابيره المتجهمة:

-الرك على الحمار اللي ربطهم، مشدش الحبل على الآخر.

تأكد "شيكاغو" من عقد نهايات الحِبال في الخطافات المعدنية البارزة من صندوق شاحنته، ثم رفع رأسه للأعلى، ليلمح شخصًا يشبه في ملامح وجهه "محرز"، أمعن النظر فيه، ليتأكد منه، وتساءل بصوتٍ مسموع مخاطبًا رفيقه:

-هو ده مش المعلم "محرز"؟

نظر "حمص" إلى حيث أشار بعينيه، ورد مؤمنًا عليه:

-أه هو.

وجداه يستقل إحدى حافلات الأجرة ذات الحجم المتوسط، لكز "شيكاغو" رفيقه في كتفه قائلاً له:

-طب تعالى نسلم عليه، بدل ما يكون شافنا ويفتكرنا طنشناه.

-معاك حق.

تحرك الاثنان في اتجاه الحافلة؛ لكن خطواتهما كانت بطيئة نسبيًا، لم يستطيعا اللحاق به، فتوقفا في منتصف المسافة ينظران إلى بعضهما البعض، فقال "شيكاغو" بزفيرٍ لاهث:

-المكروباص طلع، نبقى نشوفه عند الدكان.

سأله "حمص" بنوعٍ من التطفل:

-بس إيه اللي جايبه الموقف ده؟

أجابه بعدم اهتمامٍ:

-تلاقي في مصلحة هنا كان بيخلصها، ما كان قايلنا زمان إن أهل أبوه من هنا...

ثم التفت عائدًا إلى شاحنته وهو يتكلم بجدية:

-طالما مايخصناش مالناش فيه.

رد باقتضابٍ:

-ماشي الكلام.

أمره "شيكاغو" وهو يعطيه حفنة من النقود، قبل أن يستقر في مقعد السائق:

-حاسب القهوجي وحصلني.

على مضض غمغم "حمص":

-طيب.

.................................................. ............

بعبارات اعتذارٍ متكررة، أبدى الزائر أسفه لتقاعصه في السؤال عن رفيقه طوال الفترة الماضية، بسبب تنقلاته وسفره لأكثر من مكانٍ في وقت قصير، وما إن علم بالكارثة التي حلت على دكانه، حتى هرع إليه يتفقده، والندم يبدو جليًا على قسماته. جلس "ناجي" على المقعد المجاور لفراش "تميم"، وأعاد على مسامعه من جديد بخجلٍ لم يخفه:

-والله ما كنت أعرف خالص، أنا مش عارف أقولك إيه، أنا مقصر معاك جامد يا صاحبي.

تنهد قبل أن يعلق عليه:

-حصل خير.

هتف معترضًا بضيقه الواضح:

-لأ محصلش، لو أعرف بس اللي عمل فيك كده هاجيبه من رقبته، وأرميه عند رجليك.

لمحة من السخرية شابت نبرته وهو يخبره:

-ما احنا عارفينه.

برقت عيناه في اهتمامٍ، وسأله بتلهفٍ:

-مين؟ أكيد حد غريب عن منطقتنا، ومايعرفكش؟ مظبوط؟

بنفس الصوت الهادئ أجابه نافيًا:

-لأ، ده قريب أوي مننا.

صدمه جوابه، وصاح يسأله بتحفزٍ:

-إزاي؟ مين اللي اتجرأ وعمل كده؟

بعد صمتٍ قليل نطق بتعابيرٍ مكفهرة:

-"محرز".

هبط رده على رأسه كالصاعقة، فانتفض واقفًا، ليردد بعدها بعدم تصديقٍ:

-نعم؟ قول كلام غير ده!!!

أشــار له "تميم" بيده ليجلس، وقال بصوتٍ لم يبدُ متأثرًا، رغم الضيق المختلج صدره:

-زي ما سمعت.

ألقى "ناجي" بثقل جسده على المقعد، وظل يدمدم بصوته المذهول:

-مش معقول، ده أنا ممكن أصدق إن أي حد يعمل كده إلا هو، ده إنتو معتبرينه ابن العيلة التاني، حتى الحاج "بدير" بيستشيره في كل كبيرة وصغيرة، ده غير إن تقريبًا كلمته مسموعة عند كل تجار السوق.

انقلبت شفتاه وهو يعقب عليه:

-أهوو ظهر وشه التاني، وأول ما بدأ كان معايا.

هتف في غيظٍ عظيم:

-الله يحرقه، أه لو بس أمسكه بإيدي...

بجهدٍ تحكم في أعصابه، وسأله:

-وعلى كده هربان فين ابن الـ (...) ده؟

ضاقت عينا "تميم" بشدةٍ، قبل أن يجيبه بنوعٍ من السخط:

-وهو أنا لو أعرف هاسيبه مثلاً؟!

قال في حرجٍ:

-طبعًا لأ.

أضــاف "تميم" قائلاً بعد تنهيدة مرهقة:

-مسيره يظهر، والعيون كتير في كل حتة.

رد عليه رفيقه مشددًا عليه:

-اعتبرني من عيونك يا "تميم"، ولو شميت أي خبر عنه هابلغك.

هز رأسه في استحسانٍ وهو يحدثه:

-إن شاءالله.

مكث "ناجي" برفقته لوقتٍ لا بأس به، إلى أن حان موعد ذهابه، تركه مضطرًا، وبقي الأخير بمفرده، شاعرًا بالضجر من وجوده غير المستحب في المشفى، حرك أنظاره في اتجاه الطبيب الذي ولج للغرفة، ليتفقده كعادته يوميًا في مثل هذا التوقيت، سأله بروتينيةٍ، وهو يتفحص جانب جسده الأيمن بدقة:

-إيه الأخبار النهاردة؟

أجابه "تميم" بضجرٍ:

-الحمدلله، أنا كويس.

ثم تطلع إليه متسائلاً بقليلٍ من الصبر المحسوس في نبرته:

-هو أنا هاخرج إمتى يا دكتور؟

مازحه الطبيب بلطفٍ، وهو يواصل فحص جانب جسده الأيسر:

-إنت زهقت مننا ولا إيه؟

أخبره ببساطةٍ ودون مجاملةٍ:

-إن جيت للحق أنا مابحبش أعدة المستشفيات.

ابتسم الطبيب معقبًا عليه:

-ومين بيحبها أصلاً، بس ده ضروري عشان مصلحتك.

بنبرةٍ ملولة تابع إخباره بما يجيش في صدره:

-بس أنا عايز أخرج من هنا، نفسي أرجع أقف على رجلي من تاني، واشتغل زي باقي الناس.

اتجه الطبيب نحو حافة الفراش، مد يده وأمسك بالحامل المعدني المثبت به بعض الأوراق، دقق النظر فيها، ودوّن الجديد من الملحوظات، قبل أن يعاود النظر إليه ليتكلم معه بتفاؤلٍ:

-هانت .. التقارير قدامي بتقول إن التحسن كبير، وده شيء كويس جدًا...

خبا الحماس من صوته عندما قال:

-بس آ...

سأله "تميم" في توجسٍ:

-بس إيه؟

بلع ريقه، ونطق بحذرٍ:

-الموضوع اللي كلمتك فيه قبل كده، عن قدرتك الإنجابية.

أغمض "تميم" عينيه قائلاً بألمٍ لن يشعر به أحد سواه:

-أنا راضي بحكم الله.

حاول الطبيب أن يبث روح الأمل فيه، فأكمل قائلاً:

-ونعم بالله، كل شيء ليه علاج، وأنا نصيحتي ليك إنك تتابع مع دكتور أمراض ذكورة، هايفيدك أكتر، وماتحاولش تضغط على نفسك خلال علاقتك بمراتك، أكيد إنت فاهمني.

بلع غصة مريرة في جوفه، وقال وهو يبتسم بحزن:

-من الناحية دي اطمن يا دكتور، أنا منفصل.

تفاجأ من تصريحه، فاعتذر الطبيب فورًا، وإحساسه بالحرج يغمره:

-أسف مقصدش أتدخل في حياتك، أنا غرضي آ...

قاطعه "تميم" منهيًا الحوار في تلك الجزئية تحديدًا:

-مالوش لازمة الرغي فيه، أنا كده مرتاح...

باعد بينه وبين نظرات الإشفاق الظاهرة على وجهه، ثم حملق في الفراغ مكملاً حديث نفسه بسخرية أشد مرارة:

-وشكلي هافضل واخد أجازة على طول.

.................................................. ...............

كانت الأرضية الخشبية تهتز تحت قدميها، وهي تتحرك بخطواتها المتعجلة، لتهبط الدرج نزولاً للأدوار السفلى، علامات الاستنكار افترشت وجهها، ونظرات الغضب احتلت حدقتاها، كما لو أنها ستطلق الشرر بعد لحظات. التفتت "بثينة" ناظرة إلى ابنتها بتأففٍ، واستطردت تلومها بشدةٍ، بعد أن علمت مصادفة باحتفاظها بمقتنياتها الذهبية في منزل الزوجية السابق:

-بقى ساكتة كل ده يا بت، وسيباهم هناك؟ مش خايفة يتسرقوا؟

ردت عليها "خلود" ببرودٍ:

-ما أنا قافلة عليهم الدولاب.

هتفت بها بحدةٍ، وهي تدفعها بيدها لتخرج من مدخل البناية:

-دولاب إيه ده اللي هايحوش الحرامي عنهم؟ ربنا يستر بقى، مدي يالا في خطوتك.

تكلمت بتبرمٍ، ساحبة ذراعها من أسفل قبضتها:

-ماشي يامه.

واصلت كلتاهما السير المتعجل، إلى أن أشارت "بثينة" بيدها لإحدى عربات الأجرة، لتقلهما للمنزل الذي لم يكن بعيدًا، فقط إن استمرت بالمشي لربما وصلت خلال بضعة دقائق. توقفت السيارة أمام العمارة، فترجلت منها أولاً، وأعطت للسائق أقل من أجرته، وكأنها تمنّ عليه:

-كفاية عليك كده!

رد السائق معترضًا على إنقاص نقوده:

-ده مايرضيش ربنا يا حاجة.

تجاهلت تذمره، وسحبت ابنتها نحو المدخل، ثم أخبرتها بصوتٍ شبه لاهث، جراء المجهود العضلي الذي تبذله:

-صحيح، خالتك كانت قالتلي إن المعدول ابنها احتمال يخرج على أول الأسبوع الجاي.

توقفت "خلود" عن الحركة، وتجمدت محدقة في وجه والدتها التي استقرت في مكانها هي الأخرى، لتهتف الأولى بعدها بسخطٍ عكس نقمها الشديد عليه:

-وأنا المفروض أعمله إيه؟ زفة وفرح، ولا أقف أتحزم وأرقص في وسط الحتة؟!

أشــارت لها أمها لتمضيا قدمًا، وقالت ببرودٍ سمج:

-ماتعمليش حاجة، أنا بأقولك من باب العلم بالشيء.

لم تنكر أن نيران الحقد ما زالت متقدة بداخلها، تكره كل ما له صلة به، وما يذكرها بما خسرته، سنوات متعاقبة من عمرها، انتظارها الطويل لأجل الفوز بحبها، وفي الأخير كان نصيبها الهجر والتعاسة، ونيل لقب (مطلقة). طغى غليلها عليها، فلفت رأسها نحو والدتها، أثناء صعودها، تسألها بخبثٍ:

-صحيح إنتي هاتسيبي مرات ابنك تبرطع على مزاجها؟ أنا بيتي يتخرب وهي تعيش وتتهنى؟

ردت بأنفاسٍ بطيئة، تحمل الوعيد:

-أنا بس أفوق وأروقلها، وهاطلع البلى الأزرق على جتتها.

سألتها بسخطٍ:

-هتعملي إيه يعني فيها؟ وماتنسيش الشقة باسمها!

بالغت والدتها في إظهار نقمها عليها بإسهابها المزعج:

-محظوظة بنت الفقرية، مكانتش تحلم بكده، جوز وشقة والله أعلم إيه تاني.

رددت "خلود" بغيظٍ:

-النحس بس اللي راكبني أنا، لا طولت بلح الشام، ولا عنب اليمن.

قالت "بثينة" من خلفها:

-أنا قلبي حاسس إن معمولك عمل، لازمًا أوديكي عند شيخ يفكه.

قلبت شفتيها، وتساءلت في سخريةٍ:

-ومين بقى اللي عاملهولي؟

ببساطةٍ أجابتها؛ وكأنها تختلق الأعذار لفساد حياتها:

-أكيد واحدة حسداكي على النعمة اللي كنتي فيها، أخدة أجدع شاب في المنطقة، مع الحسب والنسب، و...

كانت يائسة للحد الذي جعلها تصدق مجددًا، أن "فيروزة" هي من تقف وراء فشل زيجتها، توحشت نظراتها، وغلف حدقتاها كراهية مقيتة، لتنطق بعد من بين أسنانها، بزفيرٍ محموم:

-مافيش غيرها!

لم تفهم والدتها هسهستها، وسألتها:

-بتقولي إيه يا "خلود"؟

توقفت أمام باب منزلها، وأخبرتها بصدرٍ ناهج، يعبر عن انفعالها المتصاعد:

-أنا شاكة يامه في بوز الإخص اللي اسمها "فيروزة".

لوت والدتها ثغرها، ونطقت في استياءٍ واضح، بنبرة أقرب للوم:

-هنرجع تاني للسيرة الفقر دي؟ أنا مصدقت إنك فوقتي من أوهامك.

انفجرت تصيح بغضبٍ أدهشها:

-هي يامه اللي استكترت عليا جوزي، وشغلت تفكيره، أكيد عملتله حاجة تسحره بيها، تكرهه فيا، ده كان قرب يبقى زي الخاتم في صوباعي.

كتمت رغبتها في نهرها مؤقتًا، فهي أمام مهمة محددة، لفظت الهواء بقوةٍ، وأشارت لها بعينيها تأمرها:

-خلينا نشوف الحكاية دي بعدين، وافتحي الباب، عايزين ننجز في يومنا.

..............................................

صرف كليهما من الغرفة، ليحظى بقدرٍ من الخصوصية معها، وذلك ليتسنى لها معرفة تفاصيل خطته دون مقاطعة سخيفة من "كاران"، أو تعليق موتر من الطبيب "هاني". كان شاكرًا لمجهوداتهما في دعمها؛ لكنه بحاجة لبث الثقة في نفسها المذبذبة لتقبل بالتعاون معه عن اقتناعٍ تام. تنفس "ماهر" بعمق، ونظر بلا حرجٍ في عينيها، ليستطرد قائلاً بصوت اكتسب طابع الجدية:

-بيتهيألي كده هنعرف نتكلم على راحتنا.

ضغطت على شفتيها، ونظرت بشيء من الارتباك نحوه مع إتمامه لعبارته:

-"فيروزة" أنا عارف إن اللي بأطلبه منك مش سهل، ومعاكي حق ترفضي.

تلجلجت وهي تتهرب منه:

-"ماهر" بيه، أنا متعودش أخذل حد طلب مني حاجة، بس الموضوع ده بالذات صعب أوي عليا.

رجاها بخفوتٍ، وهو يميل بجسده نحو فراشها قليلاً:

-أنا عايزك تسمعيني الأول قبل ما تاخدي قرارك النهائي، وفي كل الأحوال هرجعك مصر تاني.

أومأت برأسها تستحثه على الحديث، بالرغم من الخوف المتسلل إليها:

-اتفضل.

أراح "ماهر" ظهره للخلف، وأردف يشرح لها:

-"آسر" مكانش مجرد صاحب عمري أنا و"وجدي"، ولا حتى كنا بنعتبره المحامي النبغة، ده كان بيدخل بيوتنا، بيقعد وسط أهلنا، بيتكلم مع إخواتنا كأنه واحد مننا، ويمكن لما اتقدملك، كان صعب يترفض، باعتباره الشخص المناسب، اللي فيه كل الإمكانيات المناسبة.

قالت في أسفٍ وألم، وهي مدركة كليًا لتبعات سوء اختيارها:

-معاك حق.

سألها متحققًا:

-تفتكري واحد دماغه داهية زي دي، مش عامل حسابه إزاي يأمن نفسه من الخطر؟!

نظرت له بتوترٍ، فتابع بمنطقيةٍ:

-سهل جدًا يطلع زي الشعرة من العجينة من أي ورطة يتحط فيها، طالما مافيش الدليل اللي نقدر ندينه بيه.

ما أملاه عليها تعتبر افتراضات لا يمكن استبعاد حدوثها، وأضاف عليها بلهجته الجادة:

-كمان مصادرنا الخاصة قالت إنه شغال في حاجات مشبوهة، ده غير تجارة المخدرات، يعني متورط في غسيل أموال، بيدير مواقع ليها علاقة بـ...

لحظة من التردد سيطرت عليه قبل أن يوضح لها:

-بالدعارة.

اشتعل وجهها في حمرةٍ غاضبة لتصريحه الأخير، ورمشت بعينيها في حرجٍ أكبر، عادت لتركز انتباهها معه وهو يختتم حواره قائلاً:

-فمتستبعديش يعمل أي حاجة عشان يجبرك تكوني معاه، وتنفذي كل أوامره.

نكست رأسها في خزيٍ، وأخبرته بعد لحظة من الاستغراق في التفكير:

-للأسف هو عمل كده.

تقلصت تعابيره متسائلاً:

-إزاي؟ طلب منك حاجة معينة؟

قبل أن تتراجع عن رأيها، تسلحت بشجاعتها لتطلعه على الحقيقة، وقالت بلعثمةٍ خفيفة:

-هو .. فبرك فيديوهات ليا، وبيهددني بيها...

اختنق صوتها، وظهرت به لمحة من العصبية حينما تابعت مؤكدة، وعيناها تلمعان بعبراتٍ حبيسة:

-بس أقسم بالله مش أنا اللي موجودة فيها.

لم يشكك في أقوالها، وطمأنها بهدوءٍ:

-سهل نثبت تزييفها، وبالعكس ندينه كمان بيها، ما هو التكنولوجيا زي ما فيها الجانب الإيجابي فيها برضوه الجانب الوحش.

تشعبت روحها المستنزفة بقدرٍ من إحساس الارتياح، وسألته بلهفةٍ:

-بجد يا "ماهر" بيه؟

رد دون جدالٍ:

-أيوه طبعًا، وأكتر من كده كمان، هنسجنه، كل بس اللي عايزه منك، تمثلي دورك كويس.

سرت عدوى الارتجاف في بدنها، وانتشرت في كامل أوصالها. بلعت ريقها في حلقها الجاف، ونظرت إليه قائلة:

-بس أنا خايفة.

بتمهلٍ خاطبها:

-طبيعي تخافي، لكن أنا واثق إنك هتنجحي.

لم تكن متيقنة من نجاحها، شعرت بمزيدٍ من الخوف يزحف إليها، انتبهت له مجددًا عندما أكمل:

-في جزء يخصنا هنقوم بيه، من تأمينك، وزرع أجهزة تنصت عالية الدقة في المكان، وجزء تاني عليكي.

انزوى ما بين حاجبيها وهي تسأله:

-إيه هو؟

جاءها جوابه واضحًا، ومباشرًا:

-اعتراف شفهي منه بجرايمه.

احتجت باستهجانٍ كبير:

-حضرتك بتطلب مني المستحيل...

ثم توقفت لهنيهةٍ عن الكلام، قبل أن تضيف، وهي تشير بيدها:

-ده حاول يقتلني عشان بوظتله جهاز، إزاي هقدر أخليه يعترف ببساطة إنه آ...

بملامحٍ جادة قاطع استرسالها:

-بالحيلة يا "فيروزة"، أومال احنا قولنا هتدعي إنك فاقدة الذاكرة ليه؟ ودي مهمتك تستخدمي مهارتك كزوجة جميلة في استدراجه.

حملقت فيه مطولاً بعينين تائهتين، ما لم يعلمه الضابط "ماهر" أو غيره، أن "آسر" أبعد ما يكون عن التأثر بمفاتنها الأنثوية، إن أرادت حقًا استغلالها في إثارته، وسلب عقله، فهي من وجهة نظره منقوصة الإغراء، لا تصلح إلا للسخرية والازدراء!

.................................................. .......

توسدت أحضانها، مستشعرة الدفء الأمومي النابع منها، بعد أن عشش الحزن قلبها وملأه بالهموم الثقيلة، فمنذ إطلاق سراحها، تبدلت أحوالها للأفضل قليلاً، وأصبحت في حالة من الغبطة والانتشاء، رغم قساوة الحقائق المفجعة، إلا أن براءة والدتها عنت لها الكثير. أبعدت "آمنة" رأس ابنتها عن صدرها، ونظرت لها بحنوٍ، قبل أن تقول لها:

-مش كفاية بقى كده يا "همسة"؟

ارتمت مجددًا في أحضانها، وقالت بابتسامةِ رضا:

-عايزة أشبع منك يا ماما، إنتي مش متخيلة الأيام دي عدت عليا إزاي.

تنهيدة معبأة بأوجاعٍ كبيرة تحررت من صدرها، لتقول بعدها:

-الحمدلله، ربنا أظهر الحق، واتنصفت في النهاية، مع إن قلبي موجوع على ولاد أخويا.

اعتدلت "همسة" في جلستها، وحدقت في والدتها بنظراتٍ منزعجة وهي تردد:

-ربنا ما يسامحها، هي اللي عملت فيهم كده، قلبها الإسود خلاها تيجي على الكل، وتأذي الأقرب ليها.

تساءلت "آمنة" في توترٍ، وعيناها تفتشان عن الطفلة:

-أومال فين "رقية"؟ أنا مش سمعالها حس.

ابتسمت وهي تخبرها:

-موجودة عند الحاج "بدير".

حل الضيق على ملامحها، وهتفت في إنكارٍ حرج:

-يادي العيبة، كمان مشيلينه هم البت؟

ردت موضحة الأمر لها:

-لا بالعكس يا ماما، ده بيعاملها ولا كأنها حفيدته.

همّت بالنهوض، وقالت في عزمٍ:

-طب تعالي نروح نجيبها، وبعد كده نطلع على أبوها، ميعاد زيارته جه.

هزت رأسها هاتفة:

-ماشي.

تساءلت "آمنة" وهي تتجه نحو غرفة نومها بقلبٍ ظل مشغولاً على قطعة منها:

-مافيش جديد برضوه عن "فيروزة"؟

ضمت شفتيها في أسفٍ، قبل أن تنطق نافية:

-لأ يا ماما.

رفعت والدتها رأسها للسماء، لتتضرع للمولى في رجاءٍ كبير، وذاك الهاجس مازال يزعجها:

-استرها يا رب عليها.

.................................................. ................

راقبه من مسافة شبه آمنة، تحول دون رؤيته له؛ لكنه ضجر من الانتظار والترقب، كان يريد الصعود إليها، فما معه من أموال قد نفذ، وباتت هي مصدره المتاح للإتيان بما ينقص عليه. استغرق "محرز" في أفكاره اللئيمة، إلى أن وصل لفكرة داهية، حتمًا ستكون لها مفعول السحر، في إعطائه الغطاء الجيد، لذا بمجهودٍ بسيط، وحيلة مستهلكة، ادعى بالكذب قيام ذاك الشاب المرابط أمام بناية "بثينة" بالتربص بالفتيات، يعاكسهن جيئة وذهابًا، بكلماتٍ خادشة للحياء، فاستثار حمية الرجــال، والتفوا حوله يتجادلون معه، مما منحه فرصة ذهبية للتسلل إلى الداخل. قفز الدرجات علوًا ليصل إلى طابقها، ودق الباب منتظرًا فتحها له، لم يجد أي استجابة منها، فاختلج وجهه تعابير الغضب، ولعنها بألفاظٍ نابية، قبل أن يتوعدها:

-وربنا ما هاسيبك، مش بعد العز اللي دوقتيه على إيديي تطنشيني دلوقتي.

توارى في بقعة معتمة بالطابق العلوي عندما سمع وقع أقدام آتية من الأسفل، رفع رأسه يراقب القادم بحذرٍ شديد، تقوست شفتاه ببسمة شبه فرحة، وقد لمح "بثينة" تدس المفتاح في القفل، منتظرة أمام عتبة منزلها مع ابنتها، همهم لنفسه في نشوةٍ:

-ده أنا حظي من السما.

بمجرد أن قامت بفتحه، حتى وثب في خفةٍ، وتبعهما سريعًا، ليلحق بهما قبل أن تقوما بغلقه. شهقت "خلود" في فزعٍ، عندما شعرت بيدٍ تجذبها من حجاب رأسها، انتزعه عنها، ودفعها للأمام ليتمكن من وصد الباب ورائه، جحظت بعينيها في ارتعابٍ عند رؤيته، وزاد اتساع بؤبؤيها مع إشهاره لمديته الحادة، شُل تفكيرها لحظيًا من أثر المفاجأة، وقبل أن تفكر في الهروب قبض عليها بذراعه، لفه حول عنقها، ولامس بطرف المطواة الحاد جلد عنقها. قاومته "خلود" برجفةٍ عظيمة، ثم صرخت مستغيثة بوالدتها:

-الحقيني يامه!

عادت "بثينة" إلى ابنتها، وهي تحمل في يدها حقيبة يدها المعبأة بالمشغولات الذهبية، تفاجأت هي الأخرى بوجوده في صالة منزلها، ارتخت أناملها عن الحقيبة، وظهرت أمارات الرعب على ملامحها، كانت على وشك الصراخ، لولا أن حذرها مهددًا بلهجةٍ صارمة:

-لو فتحتي بؤك، هادبح بنتك قصادك.

تحولت أنظارها المذعورة نحو "خلود"، لم يكن بالمازح، وطرف ذاك النصل الحاد يغرز في عنق ابنتها. كتمت بظهر كفها فمها، لتؤمئ بعدها برأسها كتعبيرٍ عن طاعتها التامة له. تحرك "محرز" في اتجاهها، ساحبًا معه ابنتها الأسيرة، مُخاطبًا إياها بلومٍ:

-مش قولتلك هاجيلك تاني، افتكرتيني بهزر معاكي؟

هزت رأسها بالنفي، فصاح متسائلاً بتشنج:

-فين الفلوس؟

تقطع صوتها وهي تخبره كذبًا:

-ملحقتش أجيب حاجة.

رمقها بتلك النظرة النارية، ليهدر بها بهياجٍ:

-عليا بردك؟ ده إنتي نايمة على كنز يا ولية، أومال الألوف اللي كنتي بتاخديها مني راحوا فين.

واصلت كذبها بقولها:

-مش هنا يا "محرز".

هدير صوته المنفعل ارتفع أكثر حينما سألها:

-أومال فين؟ شكلك عايزة تخلصي من بنتك..

ثم غرز النصل أكثر في جلدها لتصيح "خلود" في ألمٍ، نظرت الأخيرة إلى والدتها، وفي عينيها استجداءٍ مرتعب، ثم رجتها بشدة:

-إديله يامه اللي هو عايزه، بدل ما يموتني...

وقبل أن تختلق كذبة مكشوفة، بادرت "خلود" مقترحة عليه:

-دهبي موجود في شنطة أمي، خده يا "محرز"، كله ليك، أنا مش عايزاه.

برقت عيناه في اهتمامٍ، بينما انحنت "بثينة" تمسك بالحقيبة، ضمتها إلى صدرها؛ وكأنها ترفض المساومة به مقابل حياة ابنتها. صــاح "محرز" يأمرها:

-هاتي الشنطة يا ولية؟

سألته بعينين بارزتين، وقد ازداد تشبثها بالحقيبة:

-هتعمل بالدهب ده كله إيه؟ ده حق بنتي، اللي طلعت بيه من جوازتها.

بينما هتفت "خلود" تتوسلها، وهي ترى بأم عينيها جدالها العقيم معه:

-يامه إديهوله.

ألصقت "بثينة" الحقيبة بصدرها أكثر، وصرخت في ابنتها:

-إنتي مش فاهمة حاجة، "محرز" ده طماع، خربها على نفسه، وعايز يخربها علينا احنا كمان.

أدرك "محرز" من تصرفها الأرعن، أنها لن تمنحه ما يريد، إن لم يكن جادًا في تهديده، لهذا مرر النصل بقساوة على عنق ابنتها، قاصدًا إحداث شقًا غائرًا فيه، وهو يقول لها بنظراتٍ امتلأت بقساوةٍ خالية من الرحمة:

-الظاهر إنك مستغنية عن بنتك.

اللون الأحمر القاني الذي تفجر بغرازة من جلد ابنتها، أكد لها تنفيذه الصادق لتهديده، خاصة بعد أن تركها تصارع الموت، لوسة عقلية أصابت "بثينة"، بعد رؤيتها للمشهد الدموي العنيف، صرخت في هلعٍ، واندفعت نحوه تهاجمه؛ لكنه تفاداها بمهارةٍ، ومد قدمه ليعرقلها، فتكومت بجسدها الممتلئ بالشحم على الأرضية، وقبل أن تستفيق من صدمة ارتطامها الموجع، كان مُطبقًا على فكها، يعتصره بقبضته بقوةٍ. رفع "محرز" مديته للأعلى، وبنفس النصل الملوث بدماء ابنتها، غرزه بوحشيةٍ في لسانها قاصدًا قطعه، وهو يخبرها بصوتٍ كالفحيح:

-كنتي اشتريتي حياتك وحياة بنتك يا خالتي ........................................ !!

.................................................. ..................


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 19-12-20, 05:24 AM   #723

Tayba_yass

? العضوٌ??? » 366050
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 179
?  نُقآطِيْ » Tayba_yass is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم و رحمه

Tayba_yass غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-12-20, 05:33 PM   #724

رهف ااحمد

? العضوٌ??? » 390588
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 640
?  نُقآطِيْ » رهف ااحمد is on a distinguished road
افتراضي

♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️ ♥️♥️♥️

رهف ااحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-12-20, 09:39 PM   #725

شغفي الكتابة
 
الصورة الرمزية شغفي الكتابة

? العضوٌ??? » 477230
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 66
?  نُقآطِيْ » شغفي الكتابة is on a distinguished road
افتراضي

شكرا جزيلا على الرواية

شغفي الكتابة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-12-20, 09:40 PM   #726

شغفي الكتابة
 
الصورة الرمزية شغفي الكتابة

? العضوٌ??? » 477230
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 66
?  نُقآطِيْ » شغفي الكتابة is on a distinguished road
افتراضي

😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😍😍😍😍😍😍😍😍😍💗💖💗💖💗💖💗💖💗💗💖💗💖💗💗💖💗💗

شغفي الكتابة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-12-20, 02:35 AM   #727

فالنسيا

? العضوٌ??? » 448485
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 146
?  نُقآطِيْ » فالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond repute
افتراضي

يا إلهي!
قفلة مريعة..


فالنسيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-20, 12:44 AM   #728

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الرابع والثمانون



الفصل الرابع والثمانون





في العمر لحظة، يحسم فيها الإنسان اختياراته؛ إما بالسير على طريق الصراط، أو الانحراف نحو غياهب الضلال، وقد كان اختياره! ما زالت قبضة "محرز" تعتصر فك ضحيته الجديدة، أكمل قطع لسانها في لمح البصر، مثلما اعتاد أن يقطع ثمار الفواكه عن أغصانها العالقة في سرعة وحرفية، ووسط الدماء المتفجرة من فمها تابع لومه لها:

-حياتكم مكانتش تسوى شوية دهب يا خالتي؟!

تلوت "بثينة" بألمٍ شديد، وعيناها تبكيان في حرقةٍ أشد، كتم بيده صراخها المبتور، وعلى وجهه تلك النظرة المظلمة، اعتدل في وقفته، ناظرًا في اتجاه "خلود"، وجدها تسير بتعثرٍ، تترنح في خطواتها كلما سارت للأمام، أدرك أنها تحاول الفرار منه قبل أن يطالها، كانت كلتا يديها حول عنقها النازف، همَّ باللحاق بها؛ لكن أوقفته "بثينة" بالتعلق في ذراعه، فما كان منه إلا أن غرز المدية مجددًا في صدرها، ليصدر منها خرير متحشرج.

تحرر منها بسهولةٍ، ولحق بابنتها التي أمسكت بالمقبض، وقبل أن تديره التف ذراعه حول رقبتها، جذبها بقوته الجسدية للخلف، وأعاد وضع النصل الحاد على جرحها الغائر ليكمل نحر عنقها، وهسيس صوته يُخبرها في أذنها:

-أمك حكمت عليكي بالموت!

اجتاحها ألمًا حارقًا ألهب أنسجتها الجريحة، مع زيادة تعميقه للنصل، حينها مر شريط ذكرياتها أمام عينيها، بكل حلوه ومُره: طفولتها المذبذبة، عزاء أبيها المحترق، آمال مراهقتها المُطعمة بالزواج من الرجل الوحيد الذي نذرت له قلبها، خطبتها لـ "تميم"؛ فارس أحلامها، إيداعه السجن، انتظارها الطويل، لقائها معه الخالي من حرارة الاشتياق، ليلة زفافها، افتقارها لنشوة الحب في حياتها، تلهفها على الإنجاب، دسها لحبوب الدواء في طعام زوجها، شكوكها عن حبه لغيرها، خبر حملها، تلاه انفصالها، قتلها لما كان ينمو في أحشائها، انغماسها في أحزانها.

رن في أذنيها كلام "تميم" الأخير لها، فتسابقت عبراتها المقهورة، وامتزجت بالدماء الساخنة، كانت في أعماقها تخشي من مواجهة الحقيقة، لم يكن يُحبها، ومع رحيلها المؤسف لن يذرف العبرات لفراقها، ستغدو سرابًا بمضي الأيام؛ وإن حزن عليها قليلاً، غمرها المزيد من القهر، لتخرج بعدها شهقة أخيرة محملة برائحة الموت .. بأهةٍ مفطورة الفؤاد على حياة سلبت منها عنوة، ولم تنل في نهايتها إلا الشقاء، فارقت "خلود" الحياة للأبد.

................................................

تراخت أطراف "خلود"، وهمد جسدها كليًا خلف ذراع "محرز" القابض عليها، لم يجفل للحظة، ولم تطرف عيناه رهبةً؛ وكأنما اعتاد على ذبح الأبرياء كلما تعارض وجودهم مع مصالحه. سحبها للخلف، وأسند ظهرها على الحائط، ليلقي نظرة أخرى على والدتها الغارقة في دمائها. جثا على ركبته ليتفقدها؛ لكن جذب أنظاره وهج الذهب البارز من حقيبتها، زحف سريعًا إليه؛ وكأنه تذكر سبب مجيئه منذ البداية بعد أن التهى بهما، نظر إلى القطعة المغرية بعينين طامعتين، قبض عليها بيده الملوثة بالدماء، برقت حدقتاه في توترٍ، عاد الآن إلى رشده، وأدرك أن بقائه في هذا المنزل قد طال كثيرًا.

مسح يده في سترته الداكنة، ليخفف من الحمرة العالقة بها، ثم خبأ الحقيبة بداخلها، أسفل إبطه، ليهرع بعدها خارج المنزل، دون أن يهتم بغلق الباب ورائه، هبط الدرجات بخطواتٍ قافزة، اصطدم بإحدى الجارات وهي في طريقها للصعود للأعلى، نهرته بتزمتٍ، محاولة رؤية ملامحه:

-ما تبص قدامك، متسربع على إيه؟

لم تتمكن من تبينه، فمصمصت شفتيها، وأمسكت بالدرابزين متابعة صعودها وهي تدمدم بتبرمٍ:

-معدتش حد بيراعي الأصول أبدًا.

وقفت تلتقط أنفاسها بعد هذا المجهود المرهق لجسدها المسن، عند بسطة الدور التالي، قطبت جبينها، وضاقت نظراتها في اندهاشٍ، فقد لمحت باب جارتها "بثينة" موارب، دفعها الفضول للاقتراب، ورؤية ما يدور بالداخل، خاصة مع انتشار بقع حمراء اللون على طول البلاط، وقبيل العتبة. أسندت يدها على الكتلة الخشبية لتحركها، وصوتها العالي يُنادي بألفةٍ:

-يا "أم هيثم"؟ إنتي جوا ياختي؟

وما إن فتحته، حتى اتسعت عيناها على آخرهما في فزعٍ لم تجابهه طوال سنوات عمرها، تراجعت للخلف وهي تنتفض، ثم صرخت صرخات متعاقبة بها استغاثات مليئة بالهلع:

-يا نصيبتي! الحقونا يا خلق هووووو! قتلوهم!

أحدث صراخها المرتفع صخبًا مدويًا، جعل الأبواب المغلقة تُفتح على مصرعيها.

.................................................. .

بأعجوبةٍ أفلت من الإمســاك به، عبر تسلله الخفي من منور البناية الخلفي، ليجد نفسه في الشارع الجانبي، ومنه انتقل إلى الأزقة الضيقة، إلى أن بات في مأمنٍ من أي تهديد من السكان، ومع هذا لم تهدأ دقات قلبه. انزوى "محرز" في بقعة معتمة، مخفية عن الأعين، نظر إلى يده المرتعشة، كور أصابعه ليتحكم في تلك الحركة اللا إرادية، أمعن النظر في الحمرة العالقة بكفه، ليشرد لحظيًا ويتحول كل شيءٍ إلى أطيافٍ وذكرى، خُيل إليه أنه عاد إلى سنوات طفولته الأولى، وفي أذنيه ترن الهمهمات المألوفة لأناسٍ رحلوا منذ زمنٍ عنه، عندما كان يعطف عليه أثرياء بلدته بالقديم من الثياب، والفضلة من الطعام. لم يفهم شيئًا آنذاك؛ لكنه كان سعيدًا بما يجودون عليه، معتقدًا أن ذلك السخاء نابعًا من محبتهم له، فيما بعد أدرك أنه من إحسانهم عليه.

نقم "محرز" حياته الفقيرة المعدمة، تلك التي جعلته في أنظار الآخرين من ذوي العوز والحاجة، لا فارق بينه وبين المتسول المشرد سوى بأن والده يعمل كأجير لدى واحدًا من الأعيان، تصادق مع ابنه، ولازمه أغلب الوقت، فلم يعرف غيره. شاع التجهم في محياه وقد طفى في عقله ذكرى طمرها في أعماقه، تجسد المشهد بكامل تفاصيله في وعيه، ليجد نفسه في عمر الثانية عشر مع صديقه الوحيد، ينتظر منحه بالفتات المتبقي منه ليصير مثله، وعلى غير المتوقع نشب بينهما شجارًا من العدم، خلال تواجدهما بالقرب من المصرف الزراعي القديم، حينما مازحه رفيقه بنوعٍ من التفاخر، وهو ينظر للسماء التي اتشحت بالسواد:

-أبويا أغنى واحد في الناحية دي، يقدر يشتري أي حتة يشاور عليها بالناس اللي فيها.

رد ساخرًا منه:

-مش للدرجادي.

أطلت نظرة احتقارٍ منه قبل أن يرد بوقاحةٍ؛ وكأنه يعايره:

-إيش فهمك إنت، إذا كان أبوك وعيلتك كلها شغالين عندنا بالأجرة.

بدأ الغضب يتصاعد في صدره، وحذره بأنفاسٍ مختنقة:

-بلاش الكلمة ده!

علق بنفس أسلوب الازدراء ليستفزه:

-ما دي الحقيقة، وإنت نفسك شاحت اللي لابسه مني.

هدر به في عصبيةٍ:

-أنا مش شحات.

ضحك ساخرًا منه قبل أن يهينه:

-بلاش النفخة دي، أومال جايب الجلاليب دي منين؟ من أبعدية أبوك؟

كور قبضته ضاغطًا على أصابعه حتى ابيضت مفاصله، تنفس بعمقٍ، وانعكس على وجهه حمرته الغاضبة، أطلق زفرة بطيئة –ومسموعة أيضًا- من بين أسنانه، أنذره بعدها بصدرٍ يطق فيه الحنق الشديد:

-متغلطش أحسنلك!

أولاه الأخير ظهره، بعد أن رمقه بنظرةٍ متعالية، ثم قال بنبرة غير مبالية، لا تخلو من الاحتقار:

-اتكلم على أدك يا "محرز"، اللي زيك هايعيشوا ويموتوا خدامين عند اللي زينا.

بلغ غضب "محرز" أقصــاه، وبات يسمع دقات قلبه المتلاحقة، لم يتحمل إهاناته الجارحة، أراد إسكات صوته المقيت المحتقر لشخصه، فوقعت أنظاره على حجرٍ مهمل على الأرضية الطينية، انحنى ليلتقطه، كان قاسيًا، وحاد الأطراف في راحته. قبض عليه بشدةٍ، وتبع رفيقه المتغطرس رافعًا الحجر للأعلى، لم يتردد للحظة حينما هوى به على رأسه قاصدًا سحقها، صرخ الأخير من الألم المفاجئ، ووضع كلتا يديه على موضعه؛ لكن عاجله قاتله بضربة أخرى قوية، أفرغ فيها كل ما يحتويه صدره من حقدٍ وغل، ولسانه يصرخ فيه:

-أنا مش خدام عندك، مش خـــــدام!

استمر في عنفه المميت حتى هشم عظم رأسه، وجعله يهلك صريع الغدر، أفاق من نوبة هياجه على منظر الدماء المتفجر، واللحم المتناثر. هلع في ارتعابٍ، وألقى بالحجر على الأرضية الطينية، ناظرًا إلى راحته التي امتلأت بالشقوق والجروح الغائرة.

انهار جالسًا قبالته، يحدق فيه بعينين ضائعتين، فاقدًا إحساسه بما حوله، تخشب كامل جسده، وبدا كالأصنام في جموده، استمرت تلك النظرات الشاردة على وجهه الشاحب، يراقب جثمان رفيقه الوحيد في صمتٍ، لا يعرف ماذا يفعل، غمره شعورًا عظيمًا بالندم، بكى مقتله، وأبدى حزنه على خسارته، لكن صدى كلماته الجارحة عاد ليفسد توبته قبل أن تبدأ، فتوقف عن البكاء، وتطلع إليه بوحشية، ليدمدم بعدها بصوته الباكي؛ وكأنه يلقي بالذنب عليه:

-إنت اللي عملت في نفسك كده! أنا قولتلك بلاش، بس إنت ماسمعتنيش.

أخذ يردد تلك العبارات مرارًا وتكرارًا على أمل أن ينبعث مجددًا ليخبره بعفوه عنه؛ لكن فاضت الروح لبارئها، وبقيت يداه ملوثة بدمائه. فزع لرؤيتها على جلده، فغمسها في الطين علها تزيل آثارها القاتمة، وصوت أنفاسه اللاهثة يصدح في سكون الليل، يقاطعه صوت خرير المياه الجارية في المصرف. بقي على تلك الوضعية المضطربة لوقت طويل، استغرق في أفكاره السوداوية حتى لم يعد يدرك كم مضى عليه وهو جالس هكذا، في الأخير سول له شيطانه التخلص منه، ليواري الثرى عن جريمته، وإلا لهلك معه، لهذا استجمع نفسه، وقام بسحبه من ذراعيه نحو حافة المصرف، ليلقي بجثمانه في المياه، وما هي إلا لحظات وابتلعته ظلمتها الباردة.

وقتها عاد إلى كوخه مرتعشًا، محمومًا، في حالة من الهذيان والرعب، ظن والده أن مسًا من الجنون أصابه، بناءً على التخاريف المنتشرة آنذاك، ولم يظن أحدهم أن ما طاله جراء شعوره المتعاظم بالذنب. لاحقًا طفت جثة القتيل على سطح المياه في إحدى البلدات المجاورة، فاعتقدوا أنه تعرض للسرقة والقتل، على يد أحد قطاع الطرق، ولم يتم التوصل إلى شيء يدين شخصًا بعينه، لتؤيد بعدها القضية ضد مجهول.

أفــاق "محرز" من شروده على صوت أبواق متلاحقة، انتبه إلى نفسه، وانتظر هدوء الحركة من حوله، ليشرع بعدها في مواصلة هروبه قبل أن يتم الإمساك به.

.................................................. ...

كقنبلةٍ مدوية انتشر الخبر المفجع في أرجاء المنطقة، وتزاحم مئات الأشخاص حول البناية لرؤية ما حدث، وكأن سبقًا صحفيًا بالمكان، كما تواجدت عربات الإسعاف لنقل الضحيتين، وفرض أفراد الشطرة طوقًا أمنيًا حول مسرح الجريمة ريثما يتم الوقوف على أبعادها الغامضة، وبدأ المحققون في استجواب الجيران والمارة، لجمع المعلومات المتاحة، علها تفيد في سرعة القبض على مرتكبها.

روع "هيثم" وانفطر قلبه، مستعيدًا في ذهنه نفس الذكريات المؤلمة، فور سماعه لتلك الأخبار القاسمة للأظهر؛ هرع إلى منزل أبيه، لا يعرف كيف بلغه، اخترق الحشد، وقلبه يئن في حسرةٍ، بلغ الطوق الأمني، لكن منعته الشرطة من اجتياز الحواجز، صرخ بهياجٍ وهو يحاول المرور رغمًا عنهم:

-دي أمي وأختي.

أشفق عليه الحاضرون، وتدخل أحد الضباط ليهدئ منه، قائلاً بنوعٍ من المواساة:

-شِد حيلك، واحنا مش ساكتين.

هدر في ألمٍ شديد:

-هتعملوا إيه؟ وسعوا خلوني أشوفهم.

تفهم الضابط لطبيعة انفعالاته، فالفاجعة ليست هينة، نظر إليه في أسفٍ، وربت على كتفه، بينما تجمع حوله عددًا من رجال عائلة "حرب"، ممن أرسلهم "منذر" لدعمه، الوقوف إلى جواره، وكبح جموحه ريثما يصل إليه، بعد أن اتخذت مؤامرة هذا القاتل شكلاً دمويًا رهيبًا.

..............................................

انهمرت الدموع من عينيها بغزارةٍ، وهي تجلس في مقاعد الانتظار بالمشفى تنتظر سماع ما يطمئنها عن شقيقتها وابنتها، بعد أن تم نقلهما إلى هنا، ذاك المكان الذي بات مستقرًا لكل من له صلة بها، لم يتوقف لسانها عن الدعاء، توسلت للمولى بكل ما تحفظه من عبارات مستجدية، على رجاواتها تستجيب، التفتت "ونيسة" نحو ابنتها "هاجر"، لم يختلف حالها عنها كثيرًا، فلطالما أحبت "خلود" وخالتها، على الرغم من عيوبهما، كانت بمثابة الأخت القريبة منها. انتفضت كلتاهما واقفتان عندما لمحتا الطبيب من على بعد، وجهه كان مرآة لأسفٍ كبير، ملامحه لم تنطق إلا بالوجوم، فالأخبار غير مبشرة، تحمل في طياتها الموت والحسرة، وقبل أن تصرخ إحداهما حذرهما "بدير" بلهجةٍ شديدة:

-مش عايز صوات، ده مقدر ومكتوب.

هدرت فيه "ونيسة" بحرقةٍ متألمة:

-دي أختي وبنتها يا حاج.

قال رغم يقينه بأن الأسوأ قادم:

-ربنا قال فصبرٌ جميل.

بلعقت العلقم المرير في حلقها، وردت بنحيبٍ:

-ونعم بالله.

تقدم الطبيب بخطواتهٍ، أظهر وجهه وجومًا واضحًا، بحث بنظراته عمن يمكن أن يخبره بالتطورات، وكانت المبادرة من "بدير" الذي سأله:

-طمنا يا دكتور؟

في الخلف كان يقف "هيثم" مستندًا بظهره على الحائط، وإلى جواره زوجته، تردد بكلماتٍ مواسية مؤازرة، لم يسمع منها شيئًا، فعقله لم يكن معه، كان معلقًا بمن في الداخل، استقام في وقفته، واندفع نحو الطبيب بمجرد رؤيته، ليهتف بلوعةٍ:

-أخبارهم إيه يا دكتور؟ في جديد؟

نظرة الأسى في عيني الطبيب كانت غير قابلة للتشكيك، أنبئه قلبه بفجيعة أشد وطأة، وقد صار ما خمنه، فتكلم قائلاً بتمهيدٍ:

-حضراتكم عارفين إن احنا عملنا اللي علينا وزيادة عشان ننقذهم؛ لكن مشيئة ربنا فوق كل شيء...

حبسوا أنفاسهم في ترقبٍ، فأكمل على مهلٍ، وقد أطرق رأسه للأسف متحاشيًا نظراتهم:

-للأسف مدام "خلود" كانت واصلة المستشفى ميتة، ومقدرناش نسعفها...

شهقات ما بين مكتومة وظاهرة خرجت من أفواه النساء، تبعها صوت "بدير" المردد في صدمة:

-لا إله إلا الله، إنا لله وإنا إليه راجعون.

في حين تجمد "هيثم" في مكانه؛ وكأنه لم يستوعب بعد رحيل شقيقته، حملق فيه بعينين فارغتين، تحجزان العبرات في حسرةٍ، وضعت "همسة" يدها على كتفه تضغط عليه، وصوت نحيبها الصامت يتسلل إلى أذنه؛ لكنه بقي على حالته المنكسرة، غير واعٍ لما يُقال. لعق الطبيب شفتيه، وواصل الإضافة بحذرٍ:

-والوالدة في العناية، عندنا أمل كبير في نجاتها، ادعولها.

نظرة خاطفة مررها على الأوجه الناظرة إليه، قبل أن ينسحب في عجالةٍ بعد انتهاء مهمته الشاقة، تاركًا إياهم يتجرعون مرارة فقد الأحبة، وعذاب فراقهم.

.................................................. ............

جاءته الأخبار غير كاملة من رفيقه "منذر"، عن الاعتداء الغاشم من "محرز" على خالته وابنتها، ورغم ما بينهما من خلافات، إلا أنه لم يكن ليقبل أبدًا أن تنتقل المعارك لتضم النساء؛ كان رفيقه حذرًا في إطلاعه عليها لبشاعتها؛ لكن الأول لم يصمد لسماع المزيد. حاول "تميم" النهوض من رقدته التي طالت على فراش المرض، وقال بإصرارٍ عنيد، رافضًا المكوث بالمشفى، والإصغاء لصوت العقل:

-أنا عايز أخرج دلوقتي.

تدخل الطبيب لمنعه، وجاهد لإثنائه عن رأيه، فأخبره معترضًا

-مش هاينفع، في خطورة عليك، الكسور مش سهلة وآ...

قاطعه بعنادٍ أكبر:

-إن شاء الله أموت، مش هافضل هنا لثانية واحدة.

تعثر "تميم" في وقفته، وفقد اتزانه، فأسرع "منذر" لإسناده؛ لكنه لكزه رافضًا الشعور بالعجز، ربت عليه ورجاه:

-اهدى بس، واللي عايزه هيتعمل.

احتدت نظراته أكثر، والتفت يرمق الطبيب بعينين صارمتين، ليهتف بعدها بخشونة:

-سمعتني، أنا هاطلع حالاً!

وقف الطبيب حائرًا أمام إصراره، فاقترح "منذر" لتسوية الأمر:

-هو هيتابع من البيت، اطمن يا دكتور، كلنا جمبه.

استسلم قائلاً على مضضٍ:

-ماشي، بس لازم يبقى في متابعة.

رد "تميم" بفتورٍ، وهو يستند على عكازين طبيين:

-إن شاءالله.

أخفض "منذر" صوته طالبًا من رفيقه التعقل:

-ماتعملش في نفسك كده يا "تميم".

بصوته المحتقن سأله:

-ناقص يحصلنا منه إيه تاني؟

أكد عليه مشددًا على كلماته:

-هيتجاب.. والله هيتجاب!

نظر في عينيه قائلاً بحسم:

-يبقى وأنا واقف على حيلي، مش مرمي هنا.

ساعده على ارتداء ملابسه، وإنهاء الأوراق المطلوبة للخروج من المشفى، وقبل أن يصل الاثنان إلى الخارج، التقيا بـ "بدير"، تطلع "تميم" إلى والده باندهاشٍ قلق، وسأله بوجهه المكتسب لعلامات الضيق:

-خير يابا؟ في حاجة تانية؟

أطرق رأسه للحظةٍ، كأنه يفتش عن كلمات مناسبة يستعين بها، لاحظ "تميم" تردد والده، فعمق من نظراته الفضولية نحوه؛ لكن لا مهرب من الحقيقة، رفع وجهه الحزين نحوه، وأخبره بوجومٍ:

-البقاء لله، بنت خالتك في ذمة الله.

وخزة مؤلمة اعتصرت قلبه، هتف غير مصدقٍ، بتعابيرٍ تحولت للشحوب:

-إيه؟ إزاي؟

.................................................. ............

مأتم وراء مأتم، اجتمع فيه الجيران قبل المعارف والأقرباء، لتقديم واجب العزاء فيمن له الصلة بتلك العائلة، وإن اختلفت أماكن التواجد، بالطبع كان على رأس الحاضرين "اسماعيل" وابنه، لمصاهرتهم مع "هيثم". جلس كلاهما متلاصقين، بعيدًا عن الحشد المتجمهر عند مدخل السرادق؛ وكأنهم يخططون لأمر خطير. مال "فضل" على والده يهمس له للفت انتباهه:

-بأقولك إيه يا حاج؟

ضاقت نظراته نحوه متسائلاً بصوتٍ خفيض:

-خير يا "فضل"؟

قال بسماجةٍ وقحة:

-مش تحس كده إن قدم بنات عمي شؤم.

رمقه والده بنظرة مستنكرة، قبل أن يوبخه:

-إيه الكلام الماسخ ده؟ مايصحش كده!

تابع سخافته الثقيلة، غير مبالٍ باستهجانه:

-الصراحة من يوم شبكة البت "همسة"، والمصايب نازلة ترف، فتحسها كده أقدام.

دمدم مغتاظًا منه:

-أعوذُ بالله منك.

انزعج من صده، وعاتبه:

-جرى إيه يا حاج؟ ده أنا بأفضفض معاك كده في كلمتين محشورين في زوري!

نهره والده بكلامٍ لاذع، وهو يصر على أسنانه:

-شغل الحريم ده تفكك منه يا "فضل"، وخليك راجل، تعرف امتى تكلم وامتى تسكت.

اعتبرها إهانة ضمنية لفحولته، فغمغم بتشنجٍ:

-ده أنا راجل غصب عن التخين، أومال كوم العيال دول جبتهم إزاي؟

لمحة من السخرية غطت تعابيره، قبل أن يوضح له بكلماتٍ ذات مغزى، تمنى أن يعيها جيدًا:

-الرجولة مش الخلفة وبس يا "فضل"، الرجولة حاجات تانية، بتظهر في المواقف، وتبين معادن الرجالة اللي بجد...

تراجعت أنظاره عنه، واختتم حديثه:

-يا ريت بس تفهمها.

.................................................. ........

في ركنٍ منزوٍ، اتخذ مقعده بعيدًا عن المعزيين، قاصدًا الاختلاء بنفسه، ووجهها اللائم بنظراتها الباكية يحتل مخيلته؛ وكأنها تدينه لتخليه عنها. توغل في أعماقه شعورًا كبيرًا بالذنب ناحيتها، اختنق صدره، واستبدت به هواجسه، فتفاصيل قتلها كانت مفزعة للأبدان، بدا على وجهه حزن راسخ، رفع "تميم" رأسه المنكس لينظر في اتجاه جده "سلطان" الذي استطرد قائلاً، وهو يجلس إلى جواره:

-وحد الله يا ابني.

أطلق زفيرًا طويلاً، وقال بغصةٍ موجعة:

-لا إله إلا الله.

تطلع الجد إلى وجه حفيده، رأى في عينيه ألمًا عميقًا، شعر بما يعتلي صدره من شجنٍ، فأردف يخبره وهو يربت على فخذه:

-ادعيلها يا "تميم".

بعينين تحجزان العبرات الرقراقة سأله:

-تفتكر أنا ظلمتها يا جدي؟

أجابه بهدوءٍ؛ وكأنه يفهم ما يدور في نفسه:

-كله مقدر ومكتوب.

مسح تلك العبرة المتسللة من طرفه، وتابع باختناقٍ ظاهر عليه:

-لو كانت فضلت على ذمتي مكانش الكلب ده مسها!

تطلع إليه الجد بنظراتٍ مطولة، ثم نطق بعد صمتٍ قليل:

-محدش يملك في نفسه حاجة، الأعمار كلها بيد اللي خلقها.

قال وشعوره بالذنب يعتصره:

-بس أنا قصرت معاها، جيت عليها جامد.

رد عليه بصوته الرخيم:

-يا ابني متحملش نفسك فوق طاقتها، كل واحد مولود ومعروف هيموت امتى وإزاي، وده نصيبها، مالناش دخل في اختيار ربنا.

طفرت العبرات بقوةٍ من عينيه، وقال بصوتٍ يملأه الشجن، باكيًا موتها:

-مش قادر يا جدي، حاسس إني ظلمتها أوي، لو كنت صبرت عليها، جايز كانت فضلت عايشة وسطنا.

هز رأسه معقبًا عليه:

-لا راد لقضاء الله، ادعيلها، وأذكرها بالخير.

لم يعد هناك ما يقال، ضغط "تميم" على شفتيه كاتمًا أنينه الحزين، بكاها في صمتٍ بمشاعرٍ صادقة. ارتفعت أنظاره للأعلى حينما حضر إليه "منذر"، ليخبره بلهجة جادة، وتلك النظرة الغائمة على وجهه:

-عرفنا مكانه يا صاحبي ................................... !!

.................................................. ..........

tia azar likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 23-12-20, 02:13 AM   #729

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 37 ( الأعضاء 11 والزوار 26)

‏موضى و راكان, ‏روني5, ‏Kemojad, ‏عاشقة الحرف, ‏الذيذ ميمو, ‏صباح مشرق, ‏سماره2, ‏دمعة شاردة, ‏تالا خالدي, ‏shf2000, ‏التوحيد

موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-20, 02:14 AM   #730

تغريد&

? العضوٌ??? » 458904
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 245
?  نُقآطِيْ » تغريد& is on a distinguished road
افتراضي

ابدااااع من الاخر 👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻🌹

تغريد& غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.