آخر 10 مشاركات
فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )           »          9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - ع.ق (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          محبوبة الرئيس (45) للكاتبة: Susan Meier (كاملة) (الكاتـب : Gege86 - )           »          71 ـ طال إنتظاري ـ ع.ق ( كتبتها أمل بيضون)** (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          عاطفة من ذهب (123) للكاتبة: Helen Bianchin (الجزء الأول من سلسلة عواطف متقلبة) كاملة (الكاتـب : salmanlina - )           »          انتصار الإسباني (48) للكاتبة: Daphne Clair (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          245- احداث السحر - كارين فان - م.م .... حصرياااا (الكاتـب : angel08 - )           »          106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام

Like Tree627Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-01-21, 09:01 PM   #4601

ميار111

? العضوٌ??? » 323620
?  التسِجيلٌ » Aug 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,400
?  نُقآطِيْ » ميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond repute
افتراضي


بالانتظار اميرتنا



ميار111 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 09:02 PM   #4602

منالب

? العضوٌ??? » 364001
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » منالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond reputeمنالب has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير تسجيل حضور

منالب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 11:02 PM   #4603

Wejdan1385

? العضوٌ??? » 392089
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 469
?  نُقآطِيْ » Wejdan1385 is on a distinguished road
افتراضي

في انتظار الفصل على احر من الجمررر

Wejdan1385 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 11:19 PM   #4604

حواريش

? العضوٌ??? » 480417
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » حواريش is on a distinguished road
Rewitysmile1

بانتظارك أميرة عل نار

حواريش غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 11:42 PM   #4605

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
Icon26

الفصل الواحد و الثلاثون

تقع بين بيرو وكولومبيا - أكبر منتجي الكوكايين في العالم - تُعرف الإكوادور بأنها ممر عبور لتهريب المخدرات نحو اروبا و الولايات المتحدة.
على بعد حوالي 5 كيلومترات من الساحل الجنوبي الغربي لإكوادور، يقع المكان الذي يفترض ان نتاليا خورخي تحتجز فيه اليخاندرو، اصطفت اعداد كبيرة من السفن التي يُستعمل اغلبها لنقل شحنات الكوكايين بكل سرية، في هذه العمليات يشارك مهربين من بنما وكولومبيا وكوبا والبيرو وفنزويلا وهندوراس. دوما ما تجد السلطات نفسها في مواجهة اخطر الاعضاء المستعدة لكل انواع العنف لتحقيق مرادها.
إستعمل سانتياغو عملاء عرّابه من خليج أورابا بشمال شرق كولومبيا الذين مشّطوا المنطقة بحيث حصل على الرموز الاسلكية الخاصة بالعصابة، لا ينكر روكو بأن هذا الأخير خبير جدا في الميدان، الانتربول تراجعت في الاربع و العشرين ساعة الأخيرة، ولا علاقة لموافقة الفدراليين المحليين بالموضوع، قائد العملية تراجع دون اي توضيح حقيقي.. من وراء انسحاب الانتربول؟
نهاية الهجوم بشكل مفاجئ يذكره بترتيبات والده، يانيس ايميليانو نُصب الفساد... العبقري... الرجل الذي ضاجع مهنيا كل قائد في هذا الكوكب و لم يترك شيئا للصدفة، انه بطل قصة فساد مستشري، الرجل الذي اخترق النظام بأسره، وحقق مكاسب هائلة من أموال الحكومات العالمية ثم استخدم المال لشراء السياسين و القضاة ... شراء الجميع ضمن له التصرف في مأمن من المحاسبة و العقاب...
الكل كان متورط ..الشرطة ... القضاة ... البنوك المركزية حيث يتم من خلالها عمليات غسيل أموال الهائلة.. و كل من سولت له نفسه التعبير عن رأي مخالف تعرض للعقاب بشكل او بآخر... يانيس كان مبهر في الاقتصاص من أعدائه... في هذه اللحظة، يُقدّر روكو حماسة والده في محي أعدائه، انه في محنة تُخرج منه الاسوا... لقد ورث رباطة جأش يانيس، صبره، شجاعته، لم يخف يوما من أحد، و تعلم اطلاق النار في عمر كان فيها الأطفال يلعبون و يمرحون ، هذه المواجهات بصمت تاريخه... عكس يانيس... هو يملك قلب، و يخشى على صديقه من الموت.
وقد تعهد أن يعود الجميع الى صقلية قطعة واحدة... اليخاندرو و داركو بحياته شخصيا، انه مستعد للموت من أجلهما.
عندما يقول سانتياغو بأن الوضع تحت السيطرة فهو يعني حرفيا كل ما يقول، يجهل عدد العصابات اللاتينية التي اتت لمد يد العون، رغم موته، الا ان يانيس مازال يقود هذا الكم الهائل من جيوش الظل، و في هذه الظروف، اكتشف روكو وجها آخر لسانتياغو... كان يتكلم عشر لغات... متى؟؟ أين؟؟
لا يمكنه الجزم بأن هذه العملية تدخل ضمن ' العمليات المعقدة'، ستكتشف نتاليا بأنها أصبحت منبودة من قبل كل اباطرة العالم بسبب تجاهلها لاحترام القواعد, الشيء الوحيد الذي كان ليُعقد العملية هو تدخل الأنتربول ... هذه الاخيرة انسحبت... لسبب يجهله تراجعت... لكنه سيتبينه ما ان يعود أدراجه.



" أفضل لو تبقى في المركب..."
هذا الكلام جعل داركو ينفجر في الغضب، انه ينتظر منذ أمس على أحر من الجمر بملاقاة اليخاندرو:
" ابقى في المركب؟ لما لا تترك معي مربية ايضا و زجاجة حليب؟ "
" انا لا استصغرك أيها الأمير..."
"بل تخشى على حياتي اعرف..." رد داركو " اعلم انني اكثر من يتوق لرؤية نتاليا خورخي.... المنطقة محاصرة جيدا، سانتياغو شديد الفطنة و وفر الحماية الكاملة... لا تتوهم لحظة واحدة بأنني سأبتعد عن ساحة القتال فيما أقرب اصدقائي يتعرضون للخطر... أنت و اليخاندرو بحياتي روكو... "
* * *
كاليفورنيا - ضواحي لوس انجلس.

وضعت دانيلا الكثير من السيناريوهات لهذا اللقاء، منذ محاذتهما الأخيرة أدركت بأنه لن يمكنها عيش لحظة أخرى دون رؤية المرأة التي حُرمت منها بعد ولادتها مباشرة.
في هذه المصحة الخاصة و السرية تتلقى والدتها علاجاتها،.. اليساندرو... ملاكها الحارس فعل ما بوسعه ليجعل اقامة والدتها مريحة، تجهل ان كان بإمكانها ان تحبه اكثر؟؟
قبل رؤية والدتها فضلت التكلم مع الطبيب المشرف، هذا الاخير كلمها بمهنية لدرجة انه نجح بتبخير شكوكها:
"التلاعب بالذكريات حقيقة علمية" شرح لها بلطف "قد يكون النسيان أحيانًا أفضل طريقة للتقدم ... خاصة في حالة الذكريات المؤلمة التي تؤدي إلى مرض عقلي. .. ذكريات الأحداث الصادمة تفقد نغمتها العاطفية تدريجيًا... إنها آلية دفاعية: لأنها تساعدنا على إعادة تقييم الخبرة المكتسبة والاستفادة منها دون الحاجة إلى إعادة إحياء جميع المشاعر المرتبطة بها في نفس الوقت"
وضع اليساندرو يده على يدها و عصرها برقة و كأنه يذكرها بأنه هنا... بقربها.
" امي لم تنسى ذكرياتها عن طوع خاطر، لقد سلبوها اياها..."
" نعم يمكننا قمع الذكريات..."
" وكيف يمكننا استعادتها؟؟" سألته مستعجلة.
"انه موضوع مثير للجدل للغاية في علم الأعصاب". قال بصراحة "علم البصريات الوراثي هو تقنية تنشط هذه الخلايا العصبية عن طريق إضافة البروتين باستخدام نبضات من الضوء... طرق قوية نوعا ما على المرضى وهي فعالة ... نستخدم العلاج بالكلام المركز عن الصدمة و هذه التقنية فعالة للغاية و تساعد في العثور على الذكريات المكبوتة... إنها عملية بطيئة ، لكن التحدث عن التجارب والمشاعر يساعد ببطء في كشف الذكريات المدفونة في العقل الباطن..."
.
.
.
اليونور... والدتها,,, حبيبة خوسيه... حبيبة الفونسو... مرآة الغاز المارتينيز، ضحية ابتزاز و أميرة الأحلام الُممزقة، اليونور مختلفة تماما عن الصور التي رأتها عبر السنين، رأتها تجلس على منضدة تحت ظل شجرة وافرة الأوراق، كانت تبدو مأخوذة بكلمات كتاب أمامها، توقفت دانيلا لتملأ عينيها بهذا المشهد الذي تدرك بأنه سيبقى محفور في رأسها الى الأبد... خصلات شعرها العسلية مقصوصة حتى اسفل رقبتها، غرّة كثيفة تغطي جبينها على الموضة تماما، كانت في قمة الأناقة و كأنها خرجت توا من عرض أزياء تلفزيوني، التفتت الى اليساندرو متأثرة:
" انت وراء هذا التحول"
" أنا أنفذ الأوامر فحسب..." أكد لها بهدوء.
و كان والدتها شعرت بتمعقبهما لها، التفتت نحوهما وما ان لمحتهما حتى تجمدت أصابعها الأنيقة و التي كانت بصدد تقليب ورقة الكتاب،
تفحصت بإسهاب ملامحها، عينيها، أنفها، شفاهها الممتلئة ووجهها المرسوم على شكل قلب، ربما تشبهها، لكن والدتها تملك شيئا يجذب النظر اليها أكثر، انها مبهرة، امرأة بغاية الحسية و الجاذبية... تفهم لما جن خوسيه و الفونسو بها.
ببطئ، وقفت هذه الأخيرة من مكانها دون ان تفارقها بعينيها، و كأنها تخاف أن ترمش فتتبخر في العدم، استجمعت شجاعتها فقررت دانيلا قطع الخطوات القصيرة بينهما.
كانت تتخيل نوع ما الاستقبال الذي ستتلقاه، لكن اليونور قررت اخد زمام الأمور بيدها، في لحظة اخدتها بين ذراعيها و لم تتركها ابدا... عانقتها عناق سنوات من الفراق.
هي التي ظنت بأنها انهت مخزون دموعها في حضن اليساندرو تكتشف بأنها لم تكن سوى البداية الغيث.
" طفلتي!!..."
تركت العنان لأحزان تولدت منذ الحادثة التي أفقدتها الشخصين الذين آمّنا لها حياة كريمة و طفولة سعيدة،
بكت ناديا... بكت رؤول،...
بكت الوحدة التي عاشتها في مراهقتها، في قلعة المارتينيز، وصييها الذي كان يتفادى لقاءها، كما يتفادى التطلع اليها مطولا لأنها تذكره بحبيبته الميتة... كل الأمور تشابكت، كل الأفراح، كل الأحزان، كانت في حاجة لإفراغ غربتها في أحضان لم تكن لتصدق أن تحويها يوما.
" صغيرتي..." وشوشت لها والدتها بعد أن هدأت موجات العاطفة وأبعدتها عنها كي تتطلع الى وجهها المبتل بالدموع، كانت نظراتها جميلة، دافئة، ابتسامتها حنونة... كانت كل شيء جميل ورائع " طفلتي الصغيرة و الجميلة... رباه... أنت تشبهين والدك"
هذا الملاحظة زادت من تعاستها:
" الكل يقول بأنني أشبهك..." اعترضت بصوت مهتز من العاطفة.
" ورثت عيناه... نظراته الدافئة" و وضعت أصابعها المخملية على وجنتها الملتهبة " خطوط وجهه... أنت فتاة رائعة الجمال..."
لاحقا، عندما هدأت العواطف تركهما اليساندرو بمفردهما ليقابل مدير المستشفى كما كان مقرر، دانييلا لا تنوي مطلقا ترك والدتها خلفها.
كانت تلتهمها بنظراتها الغارقتين في سعادة و حزن، شدت على يديها بقوة.
" أخبريني عنك... أي فتاة أنت؟؟ كيف كانت حياتك؟؟"
التقطت أنفاسا عميقة لتتغلب على مشاعرها التي تمنعها من استعادة رباطة جأشها:
" كبرت و أنا أظن أنني ابنة ناديا و رؤول كورتيز الذان أغدقا علي بالكثير و الكثير من الحب و العاطفة و الحنان... كنت مدللة عاطفيا و لم ينقصني شيء..."
" سعيدة لأن ناديا كانت أما رائعة" تمتمت الينور.
" فقدتهما مبكرا في حادثة سير ..."
توقفت عن المتابعة لأن الغصة منعتها، رغم كل شيء هما الوالدين الوحيدين الذين عرفتهما و ستحبهما لما تبقى من عمرها..
" و لهذا تولى خوسيه زمام أمورك..."
" أبواي... تركا وصية حازمة بأن يتكفل المارتينيز بي ان حدث لهما مكروه، خوسيه... كان متزوج من امرأة غيورة من شبهي بحبيبته السابقة... لم أكن سعيدة في القلعة بالرغم من أنه... حاول أن يعوضني ما استطاع من عاطفة..."
صمتت، اليونور لا تبدو متحمسة للكلام على المارتينيز، رأتها تغير فورا الموضوع:
" ماذا درست؟؟ ماهي اهتماماتك؟؟ هواياتك؟"
مرت الدقائق بكلام دانييلا عن نفسها، عملت على تجاهل بضع تفاصيل، حاليا لا تنوي أبدا كسر التآلف و التناغم بينهما، اليونور ماتزال هشة نفسيا، تعرف بأنها امرأة قوية جدا و مقاتلة، لكن امامها الوقت الكافي لمحاولة كشف لغز الماضي معا... ستساعدها باسترداد ذكرياتها بالمذكرات التي ماتزال تحتفظ بها...
" أخبرني اليساندرو بكل ما قمت به لإيجاد أثري... لو كان الفونسو حيا لفخر بابنته... ورثت عزمه و صلابته و اصراره..."
هذا التنبيه تغلغل لفي روحها مثل حلوى الكراميل:
" أخبريني عنك... كيف عشت بهوية اخرى كل هذه السنوات؟؟"
ضغطت اليونور على أصابعها بقوة، كانت تملك بشرة صافية، و كانها لا ترى كثيرا الشمس، قميصها الأبيض يبرز بشرة عنقها المطابقة لبشرتها، كانت تتطلع اليها... بالكاد تصدق أن هذه اللحظة من الواقع.
" كنت تحت حماية الدير... لم يكن ذلك صعبا جدا..." قربت يدها من شفاهها لتطبع عليها قبلة حنونة" كل ليلة دانييلا.. كنت أراك في أحلامي... عقلي الباطني رفض نسيانك"
ابتسمت لها وشعرت بأنها تذوب تحت تأثير النعومة الهائلة التي اجتاحتها: " انا سعيدة جدا لان الكابوس انتهى... يمكنني العيش بسلام معك... أعدك أن نعوض ما ضاعنا"
ابتسمت دانييلا برقة، كانت تتكاتف عليها آلاف من الاسئلة و تعرف بأنه ليس الوقت المناسب لطرحها...عليها التريث:
" خوسيه لم ينساك..."
تغيرت ملامح وجه اليونور، القليل من الشحوب غزا وجنتيها، لا يبدو أن والدتها ترحب مجددا بموضوع وصيها:
" أرفض قطعا التواصل معه"
" لماذا؟؟"
" خوسيه و الشيطان واحد..."
كانت نبرتها قاطعة لدرجة انها فضلت عدم طرح المزيد من الاسئلة، هذه الاجابة تناقد بشدة ما خُط في تلك المذكرات، هناك الكثير من الالغاز حول علاقة الثلاثي و التي تنوي اكتشافها.
ان كانت والدتها ترفض اي تواصل مع خوسيه فهي بالتأكيد ستساندها.. هي بدورها تنوي قطع صلتها بالمارتينيز، لسيما بسيسيليا التي استغلت والدتها و سرقت حياتها منها.
" سوف نطير اليوم الى نيويورك و سيتم متابعة حالتك عن قرب، جهزت لك غرفتك أمي... أريدك أن تساعديني في تجهيز زفافي من اليساندرو..."
ابتسمت اليونور بنعومة و قد اختفى اضطرابها :
" عندما اخبرني بأنه ابن العراب اصبت بالرعب، يجب أن اعترف بأنه لا يشبه ذلك الوحش في شيء... انه رجل صالح و مستقيم... وهو مغرم بك"
" أنا أيضا مغرمة به..." أكدت دانييلا بعاطفة " سنتزوج لأننا نحب بعضنا و لأنني سأتمكن من الحصول على ارث والدي شرعا..."
لمعت عيناها من المفاجأة لكنها سرعان ما منعت مشاعرها و ابتسمت لها مجددا:
"جعل منك الفونسو وريثته؟؟"
هزت دانييلا رأسها بالايجاب:

" نعم... في البداية ظننته ارثي من ناديا و رؤول الا ان كل شيء تبين عندما اكتشفت أنني من المارتينيز... "
أمسكت بوجهها بين يديها لتتطلع الى عينيها بعمق:
" سعيدة لأنه ضمن مستقبلك و لم يدفعه والده بتغيير رأيه..."
" والده؟؟ هل كان حيا حينها؟؟" سألتها بمزيج من الدهشة و الحيرة.
قطبت اليونور مفكرة قبل أن تقول:
" المادو والد الفونسو ..."
فتحت دانييلا فمها من هول المفاجأة و كأنها تلقت طن من الحديد على رأسها:
" أمي... ذكرياتك ما تزال مضطربة... الفونسو عم خوسيه و ليس أخاه..."
تنهدت اليونور وهزت رأسها و اشارت بيدها و كأنها تزيح من الهواء هذا التصريح الخطر الذي تلفظت به:
" انت محقة... مازلت الأمور مختلطة في رأسي..."
بقيت دانييلا تتطلع اليها بشك، لكن والدتها عادت لتشير لها بأن الأمر بلا أهمية " أخبريني بالأحرى على زفافك... متى تنوين الزواج؟؟"
هزت كتفيها:
" سناخذ موعد في البلدية و نتزوج مدنيا..."
أمام صمت والدتها ارتبكت دانيلا امام الحيرة التي ارتسمت على وجهها:
" لكن لماذا؟؟..."
" انه... قرار مشترك"
" تظنين أن هذا يسعد امرأة لم ترى ابنتها منذ ولادتها؟ لديك إحساس بخس من قيمة الأمور... أحلم برؤيتك بالفستان الأبيض ترتبطين بحب حياتك أمام الله "
الثوب الأبيض؟؟ لم تفكر مطلقا في هذا، فكرتها للأمر فكرة عملية جدا، الزواج الديني سيضفي الكثير من الأشياء لعلاقتهما.
" أنا و الفونسو تزوجنا في حميمية كنيسة صغيرة في ضواحي مليلية.. كان أجمل يوم في حياتنا... أتمنى لو تحدين حذونا، هذا سيسعد روح والدك بالتأكيد..."
صوتها كان يمزج بين النوستالجيا و الابتهاج ، تطلعت اليها دانييلا جليا و رأتها امرأة ذات قلب نقي ، وفية في مشاعرها وتتمتع بإحساس ينضب بالشرف، امرأة ماتزال تحمل العاطفة لوالدها، ثم اتخدت قرارها دون ثانية تفكير:
" سأفعل كل ما تريدينه أمي... سأرتدي الفستان الأبيض و أتزوج أمام الله"
* * *
عادت فلورانس أدراجها كما فعل بقية عائلة الريتشي و عاد الهدوء الى قصر الدوقية، وجدت ديامانتي زوجة ابن عمتها في مشغلها، ولم تكن بصدد العمل او حتى ادعاءه، ما ان رأت وجهها المتورم و عينيها الحمراوين حتى ادركت بأن قواها خارت تماما برحيل رافييل و جوزيف لاستئناف دراستهما في سويسرا، لم تتمكن حتى من التظاهر بالفرح كما نجحت امام مارك هذا الصباح، التعاسة على وجهها جعلت قلبها يعتصر، طالما كانت لينيتا رائعة جدا معها، لقد ساندتها بشدة بينما يسلبها داركو ابنها و تنفرها ايطاليا بسبب إساءتها لاميرهم المقدس.
" اسفة لمظهري" سمعت البرازيلية الجميلة تقول وهي تلتقط كومة مناديل ورقية و تمسح وجهها و تُفرغ أنفها " لا استطيع البكاء امام مارك انطونيو... افرغ شحنات شجني في الخفاء"
انها تتفهم جيدا هذا نعم،الرجال لا يمكنهم فهم الروابط التي تجمع الامهات بنسالهم.
" الم تكن مدارس ايطاليا لائقة بوريثي ريتشي؟؟ لما ارسلتهما بعيدا؟؟" سألتها ديامانتي بلطف وهي تقترب لتجلس بالقرب منها على الكنبة.
" تعتقدين بأنه خيارنا؟؟" سألتها لينيتا فيما عادت عيناها تمتلآن بالدموع " اختيارهما سقط على تلك المدرسة التي لا تتجزأ من خططهما المستقبلية... انهما مستقلان جدا فكيف لي ان اقف أمام طريقيهما؟؟"
صمتت قليلا لتلتقط انفاسها، راقبتها بصمت، انها تتفهم قلب الأم... و الحقيقة أن التوأمين يملكان شخصيتين مستقلتين جدا و هي لا تبالغ في انتساب هذا لهما.
" رالفاييلو مثل الكراميل.. قاسي من الخارج رقيق من الداخل و غالبًا ما يُساء فهمه... انه صاحب ارادة وليس بحاجة إلى الطمأنة بشأن ما يفعله أو يقوله ... جو منشق قليلا على توأمه... يُظهر عواطفه لمن يحبهم... فهو... لم يتردد بسؤالي عن رأيي و ان كان سيُسيء لي خياره بالابتعاد عن البيت!! لكنني بلعت انانيتي و نفيت الأمر بشدة... اعرف بأنه سيستحيل عليه العيش بدون رالف... انهما يكملان بعضهما هل تفهمين؟؟"
" نعم أفهم..." سارعت ديامانتي بالقول " لم أتعرف على روبي سوى مؤخرا و أشعر بأن ثمة وثاق قوي يربطنا فكيف لطفلين بسن رالف و جو؟؟؟"
لا يبدو أن شيئا يمنع نزول دموع هذه الأخيرة، هزت نحوها نظراتها المتوجعة:
" لكنني لم أعش معهما سوى لحظات شحيحة جدا قبل ان يقررا الابتعاد... بالكاد تعرّفت عليهما ديام... يؤلمني أن أحرم منهما مجددا بعد ان جمعنا القدر... " مدت يدها لتمسح دموع القهر و العجز " أشعر بأن سعادتي مع مارك غير كاملة... انه رجل مسؤول و يعمل على اسعاد عائلته و يجاهد لسد الثغر الذي تركه التوأمان ورائهما... وأعرف... بأن خلف ابتسامته المشرقة حزن عميق ، أنه يتألم بصمت لفراقهما مثلي تماما... و رغم ذلك يرفض قطعا الوقوف في وجه رغبتهما..."
ابتسمت لها ديامانتي مشجعة للمتابعة و افراغ جعبتها، ان كانت ترغب هذه الأخيرة بالحديث للتخفيف عن نفسها فهي مستعدة لسماعها و دعمها.
في الماضي، عندما دفعها داركو لحدود الجنون كانت لين بجانبها، رأت بؤبؤ عينيها يتسع، بدت فجأة شاردة، بعيده كليا عن المكان الذي يتواجدان فيه، تأملتها ديامانتي تعود تدريجيا الى الواقع:
" عندما تعرفت على مارك للمرة الأولى في البرازيل... وجدته... جميل جدا على أن يكون رئيسا تنفيذيا في الفندق الذي اعمل فيه كمديرة فنية و في الوقت نفسه،... متغطرسا لحد لا يتقبله عقل"
" مارك متغطرس؟؟" رغما عنها ضحكت ديامانتي من قلبها مما دفع لين لمشاركتها الضحك:" انه كل شيء عدا هذا..."
" كرئيس... مارك بغيض " أكدت لها لين بينما استعادت عيناها توهجهما، بدت جميلة جدا فيما تتكلم عن زوجها، الحب يصنع المعجزات بالمرأة " اجهل كيف تورطت معه عاطفيا، و عندما أتذكر كل ما عشناه، و عزوفه عن الزواج و لسيما الحصول على أطفال بسبب عقدة ايمانويلا بالكاد أصدق صورة الاب الرائع الحالي.. رغم كل ما مررنا به من مصاعب، لم يأخد لنفسه زوجه لتساعده خلال غيابي، و لم يرمي بالتوأمين لمربية عالية الكفاءة، لقد أخد زمام الأمور بيده، و نجح في بناء شخصيتهما كما لن يمكنني الحلم به يوما ... مارك جعل من ابنينا واعيين في سن مبكرة جدا... ان كانا اليوم قادرين على اتخاذ قراراتهما المصيرية في سنهما فهذا بفضله ديامانتي... لا أملك الحق في تدمير كل شيء بسبب عاطفتي السخيفة "
التقطت اصابعها السمراء هاتفها و راقبتها تقلب الصور، تتوقف عند الوجوه المختلفة التعابير، يمكنها اليوم التمييز بين رالف و جو، في السابق كانا يستمتعان بالاستخفاف بها اذ أنها كانت عاجزة عن التفريق بينهما.
" الأمهات لسن موضوعيًا جدًا عندما يتعلق الأمر بأطفالهن... من حقك القلق، البكاء... التوجع أيضا... لكنني لن انتقدك بهذا الشأن أبدا... التوأمين ليسا طفلين عاديين... انهما من الريتشي و قد ورثا دوقهما الراقي من كل ما يحيط بهما... رالف مثلا يملك رؤية متطورة جدا للأمور... حتى في ما يتعلق بالمواضيع العاطفية"
ابتهجت بينما تراى زوجة قريبها تنفجر مجددا في الضحك و قد فهمت مقصدها:
" انه مجنون بحب روبي..."تنهدت لين وهي تغلق هاتفهما " هذا الهوس جعلنا نتدخل في الكثير من الأحيان، لسيما عندما اكتشف مارك بالصدفة كتاب يلصق فيه صور روبي بعد ان يتخلص من زوجها بالتأكيد، نصحه بأن يبحث له عن حبيبة في عمره. الشيء الذي لم يروقه.."
" هذا لن يدهشني"
" روبي تحفزه بشدة... يريد ان يكبر بسرعة و بأن يلمع عمليا من اجل الحصول عليها في النهاية..."
ضحكت ديامانتي:
" وماذا سيفعل بسيزار حينها؟؟"
" سؤال وجيه ..."
" على الأقل روبي تحفزه أيجابيا..."
عادتا للضحك مجددا، انها سعيدة بإخراجها من بؤسها:
" هل يشارك جو ميول توامه للنساء الاكبر سنا؟؟"
" بل للرضع... ليم سلبته قلبه"
" لا يبدو انه الوحيد... "
" نعم هذا ما يبدو..."
انتهى الضحك بابتسامات، عادت نظرة الحزن الى عينيها و كأنها تتذكر الوحدة الموحشة التي تركها التوأمين خلفهما، مدت يدها لتلامس كتفها بلطف:

" أنا آسفة لين... رؤيتك تبكين بحرقة توجعني... مالذي يمكنني فعله للتخفيف عنك؟؟"
ابتسمت لين من خلال شلالات الدموع التي سبق و ذرفتها فيما احمرت وجنتيها و تمتمت ببعض الاحراج:
" رباه.. كم أنا سيئة... اعذريني ديام... لديك ما يكفيك من المشاكل كي تتحملي سخافاتي... كنت فحسب بحاجة للفضفضة، مارك يكره رؤيتي أبكي... يكره حتى التحدث بشأنهما... برئيه قاما باتخاذ القرار الصحيح وهو فخور بهما"
" مارك أب رائع" أكدت ديامانتي بابتسامة.
" انه أب و زوج رائع... " ثم راقبتها تضع يدها على بطنها " بسبب الحادث... لن يمكنني ابدا الحصول على أطفال آخرين... رحمي تضرر كليا... اصطدمت بهذا الواقع بعد عدة محاولات فاشلة... الطبيب كان واضحا... لن يمكنني الحمل مجددا"
بسبب الحادث الدي تسببت به عمتها هي؟؟ الجميلة الشقراء المخادعة التي ورثت ايضا من جمال عمتها - انستازيا-... و سرقت قلب إدواردو ريتشي قبل أن تخونه مع أقرب أصدقائه و تتجرد من الأمومة فتهجر ابنها' مارك انطونيو' في مهده؟ ...
ايمانويلا سانتو بينيديتو شقيقة والدها الوهمية و التي ظنها عفيفة و رسم في مخيلتها شخصيا ذكرى حلوة لها..
" انا آسفة لأن عمتي تسببت لك بالاذى..."
" لا تعتذري..." نصحتها لين بصوت رقيق" ليس ذنبكما انت و مارك أنطونيو... ايمانويلا متجردة من الضمير و الأخلاق، كانت جبارة و بلا اي حدود اخلاقية..."
رزقت شقيقة تازيا بابن و ابنة، و هذا الأخير تبناها شخصيا و ظنت لسنوات بأنه والدها الحقيقي... الكل كان ينسب جمالها لوالدتها بالتبني... الشيء الذي لم يكن حقيقيا... لانها في الحقيقة حفيدة تازيا من السيفيرانو.
لقد ظللوها لسنوات عدة، و اليوم ترى بأن هذا كان لحمايتها، ايمانويلا ليست عمتها من الدرجة الاولى، انها ابنة شقيقة جدتها... اي ان قرابة مارك ليست من الدرجة الاولى ... ورغم ذلك يتصرف معها و مع روبي بكل حمائية...
" حبيبتي؟؟... "
تردد فجأة صوت مارك انطونيو في الارجاء مما دفع لين لمسح وجهها بسرعة و تغيير ملامحه بالكامل، لكن من المستحيل الا يلاحظ قريبها ما تركته الدموع خلفها من عيون متورمة و أنف محمر
غادرتا مكانيهما في الوقت نفسه الذي فُتح الباب و ظهر الوسيم في بدلة رجل الاعمال، حط نظراته عليها أولا قبل ان يتوجه بهما الى زوجته ثم يعبس، ان انتبه لاحمرار عينيها و ارنبة انفها فلم يتفوه بأدنى ملاحظة:
" الا يفترض ان تكون في المكتب؟؟" سألته لين بصوت تجاهذ فيه بأن يكون طبيعيا.
" كنت مع المهندس المشرف في موقع البناء عندما اتصل بي مدير حملة نيوس... "
قطبت ديامانتي وهي تراه ينحني على الة التحكم عن بعد و يشعل جهاز التلفاز المعلق على الحائط في زاوية تسمح للين بالعمل و أيضا التطلع على الأخبار:
" مجموع صيادين هواة عثروا على شخصين في المغارات المائية على الحدود التركية، انتشرالخبر مثل النار في الهشيم ... الميديا تتحدث عنه ايضا..."
" ماذا..؟؟" تأوهت ديامانتي وركزت بنظراتها على الشاشة، شعرت بأن صدرها يفرغ من الهواء فجأة فيما العنوان الكبير يتراقص أمامها عينيها:{ نيوس ليونيداس في تركيا؟؟}
وضعت يدها على صدرها قبل ان تواجه قريبها بعدم فهم:
" هل هي خدعة؟؟"
" الصحافة تقفز على استنتاجات سريعة فلا أحد متأكد بأن الموضوع يتعلق بنيوس شخصيا..." عقد ذراعيه فوق صدره بينما عيناه حالمتين على الشاشة حيث يتم عرض صور وجوه الصيادين الذين يأملوا بأن صيدهم هو رجل الأعمال بحيث ان ثمة ثروة حقيقة بانتظارهم ان صدق الأمر، هناك ثمة مكافئة ضخمة لمن يعثر عليه.الأمل انفجر في صدرها لدرجة انها خشيت من ان يتوقف قلبها عن النبض:
" السلطات المحلية على الموضوع سنتأكد من هوية الضحيتين قريبا..."
" فلنطر فورا الى تركيا..." اقترحت ديامانتي " ان وصلنا الخبر فسيصل ايضا الى راموس ...وقد يسبقنا "
" فكرت في الموضوع..." التقت نظراتهما، كان مثلها، يخشى ان تخيب آماله، ما بين مارك و نيوس علاقة صداقة قوية منذ الطفولة، و الى ألان وصلتهما العديد من الأخبار الكاذبة، كل من عثر على جثة في المحيط نسبها الى زوجها من أجل الحصول على المال، طالما أحبطوا أمالهما، لكن هذه المرة تشعر بأنها ستتدمر ان لم يكن هو... الانتظار مميت للغاية.
" لا أريد أن يخيب أملك للمرة الألف... افضل التعامل مع هذه القضية بمفردي..."
" انه زوجي كما هو صديقك" قاطعته ديامانتي بنبرة حادة " ان ظننت بأنني سأبقى في البيت بانتظار اخبار منك فأنت تتوهم مارك، سأذهب الى تركيا بموافقتك أو بدونها.. أنا أقوى مما تظن... و برئي... نحن نضيع وقتنا هنا"
* * *
هذا اليوم كان استثنائي للأطفال، فقد تم استلام شحنة جديدة من الملابس و كل واحد منهم اخد ما سبقت الجمعية وجهزته في اكياس، رؤية الفرح و السعادة على محياهم تبهجها، منذ رحيل سانتو لا شيء اصبح له لون أو ذوق، لحسن الحظ أن هؤلاء الملائكة الصغار ينجحون في اسعاد قلبها، كان النهار في آخره عندما انتبهت بأن الصغيرة راكين تعرج برجلها، انحنت أمامها لتسألها:
" ما الأمر؟؟ لما تعرجين؟؟"
بعد تردد، صارحتها الصغيرة:
" الحذاء يؤذيني لكنني لا أريدهم ان ياخدوه مني"
" دعيني أرى" أخدت فردتي الحذاء و قارنتهما ببعضهما قبل أن تكتشف بأن واحدة أصغر من الثانية، لهذا تلميذتها تعرج، رأت تعبير بؤس في نظراتها و كأنها تخشى فقدانها ان اكتشف الجميع السر. " لا يمكنك الاحتفاظ بها..."
بدأت شفتها السفلى بالإرتجاف، كانت تجاهد كي لا تنفجر في البكاء:" سوف أعوضك بأخرى مناسبة أعدك..."
" لم يتبقى شيء..." نبهتها بحزن.
" اعرف... سوف أجد حلا فلا تقلقي... هل تثقين بي؟؟"
هزت الصغيرة رأسها بالايجاب و ابتسمت لها فيرنا قبل أن تمسح على شعرها:
" غدا أو بعد غد على أبعد تقدير سوف تحصلين على حذاء جديد و رائع..."
بعد ان نجحت في اقناع الصغيرة، أدركت فيرنا بانه عليها شخصيا الذهاب الى المدينة لشراء حذاء من مصروفها الخاص، في بعض الاحيان على المرء التصرف بسرعة في هذه الأمور البسيطة و التي تبدو مصيرية لطفلة في عمر الخامسة، بينما يصل الباص الذي يقودهم الى المخيم ارتأت بانه من الأفضل ان تتقاسم خططها مع أحد المتطوعين، بسرعة حصلت على قبول سريع، يبدو ان كل رجال المخيم يرغبون بمرافقتها.
كانت بصدد الاغتسال في حمام الشاليه عندما دق هاتفها في المرة الاولى، و في المرة الثانية نجحت بلف نفسها في منشفة وشعرها في أخرى كي تستقبل المكالمة، كما توقعت، سانتو وراء هذا الاصرار، مثل المعتاد اندفع قلبها في خفقانه السريع ما ان تردد صوته في مسامعها:
" آسفة للتأخير... كنت استحم..."
" توقفي عن منح مخيلتي المسكينة مشاهد مماثلة..."
شعرت بالحرارة تغزو خديها، على الأقل يبدو صوته أقل جفاء من المرة الأخيرة، اندفعت للسؤال وهي تقصد غرفة نومها لإخراج البيجاما من الخزانة:
" كيف حال ابنتك؟؟"
" افضل... وصلنا لموسكو قبل قليل " سمعته ينطلق في كلمات سريعة بالروسية لأحدهم قبل أن يعود اليها " ما رأيك ان تأتي الي فيرنا؟؟ أنا أشتاق اليك..."
" و أنا أيضا..." أقرت دون تردد " لكن استبدال جو الجزيرة الاستوائي بثلوج موسكو لا يحمسني حقيقة"
ابتسمت فيما تسمعه ينطلق في ضحكة عميقة دغدغت كيانها:
" أنت لست لطيفة..."
" أنا ايطالية حقيقية... الشمس هي محور حياتي.."
" و أنت محور حياتي فيرنا الجميلة... و متشوق لاخدك مجددا بين ذراعي... "
ارتدت بيجامتها ببعض الصعوبة اذ لم ترغب بالابتعاد عن صوته لحظة واحدة، أصبحت مدمنة هذه الاتصالات الليلية، سانتو يتعمق أكثر في حياتها و يصبح مهما.
" لا تظن بأنني سعيدة بوضعي... أنا حقا أفتقدك سانتو"
" كرري قول هذا مجددا و سأترك كل شيء خلفي لاطير اليك"
اتسعت ابتسامتها:
" لكنك لن تفعل... هناك ابنتك المريضة و أعمالك اللامنتهية... "
" لهذا ستاتين أنت حبيبتي... أعدك أن أجعل اقامتك هانئة... ستحبين موسكو و تبدئين بتقدير ثلوجها و طقسها الرديئ"
هزت عينيها الى السماء:
" و بأي صفة تستقبلني و تقدمني لابنتك؟؟"
عم الصمت قليلا، مضغت حنكها ببعض العصبية، لا يبدو أن هذا قد داعب خياله:
" مازالت ابنتي تأمل عودتي لوالدتها ..." سمعته يقول أخيرا " الوقت مبكر جدا لمباغثتها... "
نعم بالتأكيد، لا يجب أن تنسى بأن وضعه أشد تعقيدا من مشاعرها نفسها، يبدو أن صمتها أقلقه، انطلق يقول بلطف:
" أحبك فيرنا... لا شيء يمكنه تغيير هذه الحقيقة، آسف لأن الوضع متشابك حاليا لكنني أعدك بأن أعمل جاهدا كي نكون معا بطريقة رسمية..."
" بمعنى آخر تريديني أن أكون حبيبتك في الخفاء..."
" فقط في الوقت الراهن... افعلي هذا من أجلي "
رغما عنها تركت هذه الكلمات مرارة في جوفها، طالما كررت والدتها هذه الكلمات لوالدها المسكين الذي صدقها بكل الحب الذي كنّه لها، كيف يُعقل أن تجد نفسها في نفس الموقف؟؟ في نفس الظرف؟؟
هل ستصبح هي الاخرى ضحية قلبها؟؟ و هل من الممكن المقارنة بين سانتو و جورجينا؟؟ بالتأكيد هناك فرق بين الاثنين... سانتو انسان مستقيم و صريح.. انه يلهمها غريزيا بالثقة، كما أنها أغرمت ايضا به.
" لا تفكري فيرنا..." سمعته يترجاها من الجهة الأخرى.
" لم يعد من حقي التفكير ايضا ؟؟" سألته متهكمة .
" أعرف كيفية تفكيرك ... انت منطقية جدا وواقعية و انسانية، و كل ما نعيشه معا جنون فيرنا... و لا أريدك أن... تغيري رأيك لأنني أطلب منك الصبر"
سمعت ضجة من حولها مما دفعها لمغادرة غرفتها نحو قاعة المعيشة:
" فيرنا.؟!.."
" أنتظر لحظة سانتو..." كان المطبخ فارغا، قطبت بينما تتفقد عينيها المكان.
" ما لأمر؟؟" سألها مجددا.
" من فينة لأخرى تزور مطبخي بضع حيوانات بنية الحصول على بقايا الطعام ..."
" كوني حذرة عزيزتي..."
" لا تقلق... اعتدت على هذه الزيارات..."
لكن ثقتها سرعان ما تبخرّت عندما انتبهت الى نافدة المطبخ المنفرجة على مصرعيها و آثار الوحل على حافتها و على الأرض، لم تكن أثار اقدام قطط... انما بشر.
" فيرنا..."
" أحدهم اقتحم بيتي"
بالكاد نطقت بهذه الكلمات كي يتجسد أحدهم أمامها، كان متشحا بالأسود و ملثم، نظراته مشتعلة مثل الجحيم، شعرت فيرنا بأن الدم ينسحب من شرايينها فيما سمّرها الرعب، اصبحت مهمة الرد على محاورها من ضرب المستحيلات، الشر الذي ملئ المكان كان اقوى من اي شيء آخر.
" فيرنا..."
انزلق الهاتف من يدها مع صوت سانتو اليائس، لن تتمكن من الغفل عن الدخيل برمشة عين واحدة، في هذه المنطقة الآمنة بالكاد تفهم سبب هذا الهجوم الغير اعتيادي.
" يمكنك أخد كل ما تريده من هنا..." بدأت تقول بهدوء عندما استعادت القليل من رباطة جأشها، في كل حياتها لم تتعرض لموقف مماثل..." لا تؤذيني..."
مرت لحظات من الصمت بدت لها ساعات، كان الرجل ينظر اليها بتمعن قبل أن تلتهب الرغبة في عينيه، أدركت فيرنا فورا نواياه و شعرت بأنها هالكة لا محالة ان لم تتحرك فورا من مكانها.
في ظرف ثانية - متجاهلة اعاقتها- ركضت بكل قوتها الى غرفة نومها و أغلقت الباب خلفها بالمفتاح.
هجم الدخيل على بابها بوحشية الى ان ظنت بأنه سيحطمه، التقطت فيرنا مقص من حافة طاولة الزينة لحماية نفسها و بقيت في مكانها مترقبة و مستعدة للهجوم، لا وقت لها بالخوف أو التأثر بفظاعة الموقف.
فجأة دوت اصوات أخرى تشبه الاعتداءات الجسدية، معركة ما نشبت خلف جدران غرفتها بوحشية...
فجأة..
توقف كل شيء كما بدأ و عم الصمت الثاقب و لم يتبقى سوى أصوات أنفاسها الثائرة...
انتفضت بعنف فيما تسمع صوت طرقات خفيفة على باب غرفة نومها و بصوت ذكوري عميق يناديها بلطف:
" آنستي...يمكنك الخروج فقد زال الخطر "
دفعها حدسها لفتح الباب ببعض الحذر، رأت بمواجهتها رجل ضخم الجثة أنيق الهندام لم تراه من قبل، كان يحمل في يده هاتفها فيما ملامحه تحمل دعوة للاسترخاء :
" من أنت؟؟"
لم يجب على سؤالها، اكتفى بمنحها الهاتف حيث سانتو ما زال على الخط، رأت الرجل يقوم بتوضيب المكان، ثم يلتقط بعض الاغراض المكسورة و يرميها في القمامة لا أثر للمعتدي في المكان:
" فلانتينا !!؟."
وضعت يدها على صدرها، قلبها يرفض استعادة نبضاته الاعتيادية، مازالت أنفاسها ثائرة فيما ركبتيها ترفضان حملها:
" أنا هنا..."
" جيروم هو حارسك الخاص، يمكنك الاعتماد عليه، سيتم التحقيق مع المعتدي فلا تقلقي"
رمشت بعدم تصديق، في اقل من خمس دقائق انتقلت من العالم الواقعي الى الافتراضي، تعرضت لهجوم و أصبح لها حارس شخصي:
" هل كنت مراقبة كل هذا الوقت؟؟"
" حمايتك هي من أهم أولوياتي... و نظرا لما حصل ألان... لا حق لك بانتقادي "


* * *
انفتح باب مكتبها الزجاجي على مساعدتها و ابتسمت وهي تراقب ملامح وجهها المتسلية، وقفت بريانا من وراء مكتبها لاستقبالها، بالأمس تخلصت من الجبس و مازالت حذرة في تحريك قدمها بالرغم من أن الأشعة أثبتت بان حالة كاحلها على ما يرام، وضعت باولينا كيس المشتريات الطبية على مكتبها وهي تضحك:
" قطعت تسعين ميل للحصول عليها..."
" سوف اجازيك يا فتاة..."
التقطت بريانا الكيس و أخرجت العلب الصغيرة، تتفحصها بدقة فيما وضعت مساعدتها يديها على خاصرتيها و سألتها:
" لما لم تذهبي للصيدلية بنفسك؟؟"
" لأن الخبر سينتشر بسرعة البرق في صقلية... لا تنسي انني زوجة روكو... كل ما يتعلق به يفتن الناس..."
" هذا صحيح..." أمالت برأسها و ابتسمت مجددا " اذن؟؟ هل أنت حامل؟؟"
" لا يمكنني التأكد ان لم أقم بتجربة هذه الفحوصات" أكدت وهي تفتح الواحدة تلوى الأخرى لتخرج المحتوى" لا تنسي باولينا... السرية التامة"
" أنا متألمة لهذا التنبيه رئيستي..."
" اعرف بأنك مخلصة ... لن تجرؤي على خذلاني"
أربعين دقيقة بعد ذلك عادت بريانا الى القلعة، فورة عاطفتها منعتها من البقاء في مكتبها، وجدت حماتها الجميلة بصدد الاطلاع على التقارير الأخيرة للمصاريف الاعتيادية للقلعة و الموظفين، هزت هذه الأخيرة نظراتها القاتمة نحوها و اهملت أوراقها:
" أنت مبكرة..."
" لا يمكنني التواصل مع روكو..." شرحت لها وهي تمنح الخادمة معطفها و حقيبتها اليدوية " هل لديك أخبار عنه؟؟"
" لقد اتصل قبل قليل ليخبرنا بأنه في مؤتمر..."
هزت بريانا حاجبها بتساؤل:
" اي نوع من المؤتمرات؟؟ لما لا يتصل بي أنا اذن؟؟ "
" تعرفين روكو، لم يدخل معي في التفاصيل و اتى اتصاله سريعا و مختصرا..."
عادت حماتها لأوراقها بينما مضغت بريانا حنكها، كان قلبها يخفق بسرعة شديدة، بحاجة لتقاسم فرحتها، أخرجت من جيب بنطالها فحص البول و أشارت به أمام عيني حماتها التي نجحت بإثارة اهتمامها مجددا:
" روكو سيصبح أبا..."
كما توقعت، الدهشة التي ارتسمت على وجه حماتها أشعرتها بالرضى، هي ايضا لم تصدق بينما تظهر أمام عينيها النتيجة، كانت فقط ضربة حظ كبيرة.
التقطت سابرينا الفحص من يد كنتها و تأملته بعيون مدورة من الترقب، هذه النظرات نفسها ما حطتها على تحليل البول بينما تظهر ببطئ النتيجة الايجابية... نظرات الانبهار و عدم التصديق.
فجأة وضعت حماتها يدها على فمها و خنقت شهقتها:
" الفحص ايجابي..."
" انه كذلك ..." أكدت بريانا بحماسة " يجب أن أخد موعدا مع طبيب نسائي، لكن قبل ذلك... أريد ان اعرف باي طريقة سافاجئ روكو..."
" لم تضيعي وقتك عزيزتي... "
هذه الملاحظة الاذعة المغلفة بالمخمل لم تروق لبريانا، تعرف بأن سابرينا لم تكن موافقة أبدا على زواج ابنها من دون عقد يضمن فيه حقوقه التامة على ثروته، يُمارس هذا النوع من العقود باستمرار بين الازواج لسيما لرجل يزن ثروة روكو، لكن الوقت لم يفت، وهي تنوي التنازل عن كل حقوقها في عقد موثق برضاه أو بدونه ستعمل على اراحة ضميرها، ليس المال ما جمعها بروكو... انه أثمن من اي شيء آخر في الدنيا.
" هذا صحيح... لم أضيع وقتي حماتي... رغم وقته الضيق و مسؤوليته الكبير امنح ابنك فرصة أن يكون أبا، و أنت جدّة..."
ابتسامة سابرينا لم تصل الى عينيها تتفهم قلقها حيال الحمل الذي سيمنحها بالتأكيد نفوذا أكبر على روكو و حياته.
" في عادات الايميليانو المتوارثة، عندما تمنح المرأة وريثا دكر للعائلة، فهذا الأخير يحصل تلقائيا على ثلاثين في المئة من ثروة العائلة... و ان كانت فتاه... فستحصل على عشرة في المئة... "
" لما هذا التمييز؟؟" سألتها بريانا.
" لست من صنع هذه القوانين عزيزتي...هل تعرفين بكم تقدر نسبة الثلاثين في المئة من ثروة الايميليانو؟؟؟ انها ميزانية دولة حقيقية..."
" لا تبدين متحمسة بحملي..." قالت بريانا وهي تكثف ذراعيها فوق صدرها.
" ضعف روكو نحوك لا يعجبني.. " لم تتفاجئ بهذا التصريح، طالما كانت علاقتها موفقة مع حماتها، سابرينا تتعامل معها بودية و لطف، و منذ الزواج، أصبحت أكثر تحفظ معها، و لا تجهل الأسباب: " لا أريد ان يخيب أمله... أنت الوحيدة التي استعمل معها عواطفه..."
" في ضوء تاريخي البائس، زواجي من ابنك هو نعمة، وهذا الطفل، الذي انتظرته بفارغ الصبر، يشكل الوثاق القوي بيني و بينه... نحن نمثل أسرة حقيقة أخيرا... "
رقت نظرات سابرينا، فرسالتها واضحة، هي آخر من يمثل خطر على قلب روكو، راقبتها تتقدم منها قبل أن تاخدها بين ذراعيها:
" الخلافة هي الأكثر منطقية و لصالح الجميع، انه في سن يحتم عليه ذلك... في عمره... كان يانيس والدا للمرة... الثانية"
الثالثة ان كان العدّ صحيحا، كيليان ارشيبالد الذي اختطفها و استعملها لجلب الأخ الذي كان يجهل بوجوده... الكل يتحاشى ذكر سيرته و كأنه غير موجود " أنا سعيدة بهذا الحمل عزيزتي... ولا شك بأن روكو سيسعد بشدة به... سنجد أجمل طريقة لمفاجئته... و من اليوم و صاعدا عليك الخلود للراحة لأن الأشهر الأولى للحمل هي الأكثر أهمية..."

* * *
{ عزيزتي آيا...
منذ لقاءنا في زفاف روكو لا أنفك عن التفكير بك، لقد اتهمتني بالأنانية و التخلي عنك، اتهمتني بالخيانة.
أريد أن أخبرك بأنني فعلا انحزت لصديقي خوسيه أكثر من انحيازي لك، أرجوك سامحيني على الولاء الذي احمله له و الذي يفوق فعلا عن انسانيتي ، أريدك ان تعرفي بأنني وقفت في صفك رغم كل ظنونك، كانت له رؤية اخرى بشأنك فعالجت الموضوع بأقل اضرار ممكنة لأجنبك أي شقاق مع محيطك المتحفظ.
آسف لأنني لم أكن أكثر انصافا و عدلا، لكنني واثق بأن ثمة مشاعر بينكما، رأيته كيف يتطلع اليك، و رأيتك بالمقابل كيف تتطلعين للمستقبل، مصلحة التوأمين فوق كل خلافاتكما... أثق بك و به.
عزيزتي آيا... مثل الكثير من الناس في خلفيتي،انتهى بي الأمر إلى الخلط بين النهاية والوسائل... أعتذر ان أسأت اليك... مع الوقت، ستفهمين حقيقة الرجل الذي تزوجته، تفتحي له و اعلمي بأنه ليس الوحش الذي يظنه الكل...
عزيزتي آيا... سامحيني... اهتمي بخوسيه، افعلي هذا لأجلي.. أتمنى لكما كل السعادة.}
تجهل آيا كم من مرة قرأت هذه السطور القليلة التي تركها لها اليخاندرو في ايميلها قبل ايام، بشكل أو بآخر، هذه الكلمات نجحت بتعزيتها،على الأقل أقرّ المكسيكي بخطأه، و كيف يمكنها لومه لسيما وهي تتعمق في علاقة خوسيه بأصدقائه؟؟
نوع الأصدقاء الأوفياء، الصادقين نحو بعضهم البعض... نوع الأصدقاء القادرين على كتم الاسرار حتى لو تعلق الموضوع بجريمة قتل.
اليخاندرو انسان متزن و عاطفي، لقد حقدت عليه في البداية اذ شعرت بالاهانة للظروف التي تزوجها بها خوسيه، كل اصدقائه على دراية تامة من المكان الذي التقطها منه، نعم... تعترف بأنه كلما تطلع اليها فرد منهم تشعر بأنه يحاسبها، بالرغم من انها لم تتلقى من أحد معاملة سيئة، أو حتى نظرة اذلال، الكل يحب خوسيه كي يحبها بالمقابل لأنها أسعدته بمنحه أطفالا.
" آيا..."
رؤية كارلوس بعد اسابيع من التجاهل التام زعزعها، كان بانتظارها بينما تنهي يومها الجامعي، أصبحت متعودة على مرور خوسيه عليها لآخدها الى البيت، وفي هذه اللحظة، تعترف بأنها قلقة بشدة من فكرة ان يلتقي الرجلين و ان ينتهي الأمر بمصيبة.
" مالذي تفعله هنا كارلوس؟؟" راقبها بنظراته الزرقاء الجميلة، كان يبدو متوثر أكثر منها" لا يجب أن تأتي مجددا الى الجامعة، خوسيه يراقب كل تحركاتي..."
" أنت لا تتركين لي خيارا، لقد غيرت رقم هاتفك.." كان اللوم في كلماته.
" خوسيه غيّره..." دافعت عن نفسها اذ انها الحقيقة.
" ماذا يعني كل هذا؟؟ هل تنازلت بهذه السهولة بعد كل مشاريعنا؟؟ سبق و اقسمت لي بأنك لن تستمري في زواجك به"
أقسمت عدة مرات نعم، كان هذا قبل أن ينحني على ركبته ليقبل نذوب بطنها و كأنها مقدسة، تفضل الاحتفاظ بهذا التفصيل لنفسها، خوسيه اليوم هو رجل مختلف، انها تحب الزوج الذي أصبح عليه، و تحب الأب الذي هو عليه، يمكنها التأكيد بأنها تملك اليوم أسرة حقيقية.
أمام صمتها تخاذل صوته بينما يسألها:
" هل أنت مغرمة به؟؟"
" بالطبع كلا" نفت بسرعة، هذه أيضا الحقيقة، خوسيه يجذبها بقوة جسديا و يؤثر عليها، لكنها ليست في موضع يسمح لها بالتورط عاطفيا مع اي كان، لسيما هو " وأنت تعرف لما أبقى... كل شيء تغير بيننا... أنا متشبثة بالتوأمين... ان لم أمنحه فرصة فأنا الخاسرة الوحيدة"
" أنت تضيعين وقتك... " قال كارلوس فيما وجهه يزداد قتامة.
" ربما..." أجابت بهدوء "لكن سأكون مجنونة ان لم أجرب حظي للمرة الأخيرة... أرجوك لا تأتي الى الجامعة مجددا، الأعمال بيننا لا تزال مستمرة و صداقتنا أيضا، أريد فحسب أن أفصل بين حياتي الخاصة و شركتي بحيث أنك فرد مميز فيها.. سأعاود الاتصال بك قريبا فلا تقلق كارلوس... ثق بي أرجوك... أعرف تماما ما أفعله"
" آيا" اعترض كارلوس فيما يراها تتأهب للرحيل " سأثبت لك بأنه غير أهل للثقة"
" لست بحاجة لتثبت شيء لي..." أكدت له آيا " أعرف تماما من هو خوسيه مارتينيز.. "
تنهدت بارتياح فيما توقف هذا الأخير عن ملاحقتها ولم يرافقها حتى المرآب حيث سيارتها الحمراء الجميلة بانتظارها، القت بأغراضها في المقعد الجانبي قبل أن تأخد مكانها خلف عجلة القيادة، شعرت بنعومة الجلد الفاخر تحتها و تحسسته بيديها كما تفعل كل مرة تصعد فيها الى هذه التحفة الاستثنائية، قبل اشهر فقط لم تكن تحلم بربع ما تملك اليوم، انها امرأة طموحة جدا و تريد الوصول، سوف تصل بالتأكيد و لا يوجد ما يمكن ان يعرقلها كما يظن كارلوس، لم تكن يوما عاطفية حقا ولا ضعيفة، الرجل الوحيد الذي شعرت بالحب نحوه فكان اليخاندرو، تعترف بأنه يحمل كل صفات رجل الأحلام الذي تمنته، وسامة، أخلاق، طموح، نجاح... الثمن الذي دفعته بسبب حبها هذا علمها الا تضع قلبها عرضة الخطر مجددا، الحب شكلاً من أشكال الضعف ، ومن الأفضل تجنب المخاطرة، ان كان اليخاندرو الطيب حطم قلبها فمالذي سيفعله سافل متجرد من العواطف مثل خوسيه؟؟
تعرف بأنه يلعب دور لأن مصلحته الكبيرة فيها... وهي... ستلعب دورها ايضا لأن مصلحتها فيه ببساطة..
خوسيه لا يحب احد غير نفسه... لا يمكن للمرأة أن تؤمّن قلبها لرجل مثله، لا داعي لإلقاء اللوم على سوء الحظ: إن استحالة الحب هو دائمًا نتيجة طريق مسدود يميز المسار النفسي-العاطفي للفرد منذ الطفولة، وزوجها ليس طبيعيا كي يغرم كباقي الناس... هذا ما يكمن وراء عدم قدرته على تجربة الحب بشكل كامل.
الحب ' الغير مشروط' الوحيد في قلب خوسيه هو: أصدقاءه.
في القلعة، وجدت الطبيب في غرفة سيسيليا، أخبروها بأن ضغطها منخفض، بحثت عن خوسيه ووجدته في غرفة الألعاب... لدهشتها كان بصدد لعب البلياردو.
كان يشمر على ساعديه القويين، منحني على الطاولة الخضراء حيث انتشرت الكريات الملونة، فيما يركز بنظراته على الهدف بحيث ضربت العصا بمهارة كرة دخلت فورا الى الثقب، راضي بالنتيجة التقط كأس من الويسكي على الحافة الخشبية قبل أن يواجهها، الاضاءة القريبة فوق الطاولة تلقي بأشعتها القويةة على خصلاته الحالكة السواد:
" والدتك بين يدي الطبيب..."
" سيسيليا تمرض تحت الطلب..." ارتشف من كأسه قبل أن يعيده الى مكانه و يمسح على راس العصا ثم ينفخ عليها وينحني مجددا على الطاولة، متأهبا لضرب كرة ثانية:
" خوسيه!!..."
" تقول الوصية الخامسة { أكرم أباك وأمك ، لكي تطول أيامك في الأرض التي يعطيك الرب إلهك}.... أمي تحب تذكيري بهذا عندما أعصيها من فينة لأخرى و تسرع بحشر الطبيب بيننا كي تمنح الأمر مصداقية..."
كتفت آيا ذراعيها فوق صدرها وهي تتابع بنظراتها مسار الكرة نحو الحفرة:
" تريد القول بأنها تتمارض كي تتحكم بك...؟؟"
استوى في وقفته، مثل المعتاد، هبته عالية المستوى، خوسيه مارتينيز أجمل رجل رأته في حياتها، راقبته يبتسم، تتلألأ اسنانه البيضاء:
" انها ماهرة جدا في انتاج أوهامًا سحرية عن طريق التسبب في اختفاء الأشياء أو ظهورها أو تغيير مكانها أو مظهرها تماما مثل البهلوانات...عندما كنت صغيرا، تأثرت بشخصية والدي كثيرا، وعندما كبرت ، تساءلت كيف يمكن أن يكون لدي أب تختلف شخصيته ووجهات نظره واهتماماته ونظرته للحياة عن نظري، كنت أقرب لسيسيليا من المادو... و هذا القرب مكنني من حفظها جيدا... بعد قليل سيخرج الطبيب ليخبرنا بأنها تحتاج للكثير من الاهتمام و الحنان و لسيما... البر بها... "
انها تجهل تماما عما يتكلم، لكن ما هي متأكدة منه هو واقع حب سيسيليا الكبير لأبنها، انها مستعدة للموت من أجله، عندما عاد ليغير مكانه و ينحني مجددا على الطاولة تركته و شأنه و ذهبت للاطمئنان على حماتها.
لم يكن الطبيب قد انهى معاينته مع المريضة، دخات آيا الجناح الكبير، مساعدة العجوز لم تكن هناك و لا اي خادمة، خطت فوق السجاد الوثير الذي يخنق صدى كعبها العالي، و تردد لها صوت سيسيليا، قويا، لا صلة له بامرأة تعاني من ارتفاع الضغط، هل يُعقل أن تلميحات خوسيه مُصيبة؟؟
" حياته كانت عبارة عن سلسلة محن، خططت كي يعيش بأمان، اليوم هو سعيد بابنيه، أخبرني كيف يمكنني القول له و ببساطة بأن حب حياته أو خيبتها... عاد من الماضي؟؟ لا يمكنني مصارحته بشأن اليونور، بالرغم من أنني أعرف بأنها ستظهر للعلن عاجلا أم آجلا... " توقفت آيا في مكانها فيما عقلها يستوعب كلام حماتها ببطئ، اسم اليونور غير غريب عنها "اليوم تعيش برفاهية من أموال المارتينيز... عموما هذا ما همها في السابق... أموالنا... عرفت بسر المادو و استغلت الفونسو عندما تمكنت من الحصول على اثبات ... كل هذا سينفجر في وجه خوسيه ان ظهرت مجددا في حياته... لقد اغرم بها في السابق، و ما ان يراها حتى ينفر زوجته و ينتهي كل شيء..."
تراجعت آيا الى الوراء و كأنها تلقت ضربة، كانت مصدومة مما التقطته اذنيها حتى ان ضربات قلبها منعتها من سماع اجابة الطبيب، استأنفت سيسيليا بصوت امرأة بكامل صحتها.
" انه يطرح الاسئلة بشدة مؤخرا، يريد ان يعرف ما حدث له في عمر التاسعة، سبب كوابيسه المتعلقة بجده، بإليونور ... أنا مستعدة لفعل كل شيء في سبيل حماية زواجه ... خوسيه مريض هل تفهم؟... أزمة جديدة و سيقبع في المستشفى العقلية لنهاية أيامه"
تراجعت آيا في مكانها و قد نجحت بالسيطرة على انفعالاتها و أيضا، الاختفاء دون ان يشعر بها أحد، في الرواق اطلقت لساقيها العنان و التجأت لجناح التوأمين، وجدت المربية بصدد اطعامهما، منحاها أجمل الابتسامات ما ان وقعت نظراتهما عليها، انحنت على ابنها كي تحمله بين ذراعيها و تأمر المربية:
" سأتكفل بهما، يمكنك أخد قسطا من الراحة"
عندما اصبحت بمفردها، سمحت لنفسها بعيش الكابوس في حميمية، يمكنها القلق الان بحرية، ما فهمته بأن حبيبة خوسيه السابقة لم تمت و بأنها قريبا ستدخل حياتها و حياة ابنيها، مالذي يجب ان تستفيده من هذا التهديد القادم؟؟
لا يمكن لخوسيه ان يستغني عن حبيبته و عن توأميه، هي الوحيدة التي سيتم الاستغناء عنها ... هي الدخيلة الوحيدة بالتأكيد، سيسيليا كانت واضحة، امرأة بقوتها تخشى بشدة من ردة فعل ابنها ازاء الموضوع، سبق و كلمها كارلوس عن هذه الاليونور، حب خوسيه الابدي، انها تجهل التفاصيل، لكن الشيء الوحيد المؤكد، انها ستكون كبش الفداء الوحيد، سيعمل خوسيه على التضحية بها للحصول على حبيبته وعلى ابنيه في الوقت نفسه.
انها تلعب في الوقت الضائع، عليها ان تجد طريقة لحماية نفسها قبل أن تنفجر الحقيقة و تجرف زواجها.
عليها التاهب و ابتكار كل الفرضيات واختار أفضل زاوية للهجوم قبل ان يتم الهجوم عيها


* * *

لم يتمكن سيزار من تهدئة فلورانس، و لا ينكر أن الشكوك بدأت تلعب في صدره أيضا، هاتف اليخاندرو و داركو غير مشغل فيما روكو اختفى دون أن يترك خبرا مؤكدا عن مكان تواجده، الغلطة التي ارتكبها هي الاتصال بخوسيه للاستعلام، ماذا كانت النتيجة؟؟ هذا الأخير أخد فورا طائرته الى صقلية.
" لا أخبار؟؟" سأل الأمير سيليو وهو يدخل الى مكتب داركو حيث فلورانس تقضم أظافرها بعصبية.
" فرانكو مختفي ايضا..." تمتمت بصوت منخفض " لا شيء طبيعي فيما يحدث، لا أشعر بأنني بخير"
راقبها تترك مكانها و تتوجه نحو الحمام قبل أن تفرغ جوفها فيه، بيانكا ساكنة فوق الكنبة بجانب عمته ايستر، على الأقل يلتحم أعضاء هذه العائلة عندما تجمعهم مصيبة ما و ينسون خلافاتهم، حتى والدته و زوجته نسيا كراهية احداهن للاخرى.
" تم تحديد الطائرة في نفس المكان الذي نزلا فيه للقاء العملاء، لكن لا أثر لهما في العاصمة..." قال سيليو.
" الجميع يبالغ..." قال جده الذي يجلس على مقعد داركو خلف المكتب " لا يمكن ان يختفي الجميع هكذا و كأن الأرض ابتلعتهم، داركو ترك لزوجته رساله يوضح فيها بأنه سيكون في مكان خارج التغطية و سيتصل بها ما ان تسنح له الفرصة..."
" لا يوجد مشكلة التغطية باللاسلكي جدي..." تدخلت فلور التي عادت الى المكان، عينيها منتفختين، ملامحها متحللة، تبدو و كأنها على شفير الموت " اعرف متى يخفي عني داركو أمرا... ان لم يظهر غدا فسأذهب للبحث عنه بنفسي"
" اهدئي" اقترب سيليو من زوجة ابنه ليمسح على رأسها و يتطلع اليها بجدية " اهدئي فلورانس... أعدك أن تكون الأمور على ما يرام... لدينا اصدقائنا في كل مكان، سترين... بعد قليل سنتوصل بكافة المعلومات... و سيتبين أننا بالغنا في ردود أفعالنا..."
" أتمنى سيليو... لأنه، ان حدث له مكروه فسأموت..."
الكل يركز بشدة على فلور ويهمل بيانكا التي لم تنطق بكلمة منذ وصولهم الى بيت قريبه، دنى من الكنبة و جلس بالقرب منها، خلف جدار الصمت كانت ترتجف، وضع يده على أصابعها المتصلبة بعصبية.
" استرخي صغيرتي..."
" أنا و اليخاندرو لم نتواصل مند أيام..." بدأت بصوت هادء قبل ان تهز نحوه نظراتها القاتمة الممتلئة بشيء يشبه اليأس " أخبرني أبي بأنه مشغول جدا لهذا لا يتصل... أنت تعرف بالتأكيد طباع اليخاندرو.... من المستحيل أن يضع انشغالاته و أعماله قبلي... قلبي ليس مطمئنا سيزار... لسيما باختفاء خافيير أيضا و العرّاب... أعرف بأن ثمة أمر مريع يحدث..."
عندما رحل داركو الى التايلاند و التحق به اليخاندرو، كان يُفترض ان يعودا نهاية الأسبوع، شخصيا... انشغل بزوجته و حملها و اجراءات تبني أنجلو و لم يكن يتواصل كثيرا مع قريبه، يشعر بالقليل من الخذلان، ان كان ثمة أمر مريع يحدث، لما لم يشاركه روكو به؟؟ أو حتى يعلمه؟؟
أين اختفى الجميع بحق السماء؟؟


* * *
ماكان على محك ليس حياته، انما حياة توأمه التي تزن أكثر مما يمكنه ان يمثله يوما..كما لن يجرؤ على أن يحلم بأن يكون يوما.
اليخاندرو قصة نجاح و مثابرة الذي دمره الوصم و العار في الطفوله و تغلب عليه في البلوغ، انه الصورة الكاملة للظفر و النصر و الاعتلاء جدير تماما بمكانته الحالية و هالة من الاحترام التي مكنته من الحصول على ولاء أناس مثل روكو و داركو.
هؤلاء الناس الذين لم يترددوا بقطع المحيط للمغامرة بأنفسهم لحماية من يعتبروه جزءا من حياتهم...لقد تم ربط هويتهم به... يفهم جيدا لما اختار توأمه العيش في صقلية و الحصول على جنسيتها أيضا, انه مع أهله الذين أسرعوا لنجدته و لم يتركوه اليوم لمصيره.
المبنى الذي منحته فيه نتاليا موعدا كان في قرية على حدود العاصمة، كما أصرت... قدم لوحده.
ظهرت أمامه بعد وصوله بخمس دقائق، سانتياغو رسم خطة، و خافيير اضطر لقبول الاوامر من ذراع روكو الأيمن، عموما لم يكن يملك الخيار، لم يسمحوا له بالتحرك بمفرده، ليس خوفا على حياته شخصيا انما حياة الرجل الأكثر أهمية بنظرهم... و بنظره أيضا.
في ديكور الجدران المتهالكة، تبدو أناقة نتاليا خورخيه شاذة، التقت نظراتهما و رآها تهز رأسها و كأنها بالكاد تصدق ما ترى.
" أين اليخاندرو؟" سألها بهدوء " دعيه يرحل بما أنني هنا..."
" لم تأتي بمفردك كما كان مُتفق..." سمعها تقول وهي تدنو منه ببطئ " جلبت معك زعيم مافيا صقلية و أعضاء عصابات من روسية و فنزويلا..."
" أخطأت خياراتك نتاليا... أنت في مأزق... ان لم ترغبي بأن ينتهي اللقاء بحمام دم دعي اليخاندرو يرحل... أنا أمامك ... افعلي بي ما تشائين"
راقب شفاهها الجميلة تتقلص، لقد عاشا كحبيبين لأشهر، يعرف تماما كيف تسير الأمور، نتاليا ذكية جدا، قوية و شرسة، وهو اليوم أمام امرأة مجروحة، تأكدت له ظنونه فيما تنطلق بالقول:
" مجموعة من خدام النظام انتزعوا مني فرحتي ليلة زفافي فقدت أبي و زوجي.." قطعت خطوتين في اتجاهه، ملامح وجهها مشدودة و نظراتها القاتمة تلمع بالشر:" ... الزوج الذي باعني لهم قبل ان يفرّ للعمل لصالح الصقليين"
الانتربول لم تخبر نتاليا اذن عن حقيقته؟؟ مازالت تعتقد بأنه تاجر مخدرات؟؟ روكو كان محقا... هذف رؤسائه للإيقاع بين العصابات و التخلص من العراب بطريقة منطقية لن تثير الشك.
ما فعله في حق توأمه لا يُغتفر، عرضه للخطر و يشك ان كان سيغفر لنفسه يوما خطيئته.
" كنت تعمل لصالح الصقليين منذ البداية؟؟ ظننتك أكثر ولاء للكولومبيين..."
" أين هو اليخاندرو؟؟"
" أجب على أسألتي..." صرخت بوجهه الى ان تردد صوتها بين الجدران المتهالكة " مالذي فعله لك أبي كي تتكبد مشقة هذا التنظيم؟؟ اجناسيو خمينيس... قائد اباطرة السوق السوداء و حليف الكولومبيين، كيف تجرؤ بالتلاعب بي.؟ تتزوج بي بهذف الايقاع بي و بامبراطوريتي..."
بدا هذا البيان وكأنه تحذير، خافيير لا يترك نفسه بالتأثر بتهديداتها:
" رأس والدك كان مطلوبا نتاليا و أعدائه كثر..."
" أين هو؟؟"
" بين يدي الانتربول..."
" مالذي منحتك اياه الانتربول مقابل أبي؟؟ أتمنى ان الثمن يستحق... لأنني أملك شيئا مهما جدا يخصك و لن تحصل عليه"
" لاتظني نفسك أذكى من الجميع نتاليا... أنت محاصرة، ان لم يخرج اليخاندرو سالما من هنا، فسيتم ابادتكم كلكم..."
ابتسمت له :
" لم أكن اتكلم عن توأمك إجناسيو... أو مهما يكن اسمك... أملك شيئا أكثر قيمة ..."
" أنت بصدد تضييع وقت الجميع..." نبهها بجليدية
هزت حاجبها مستمتعة:
" تظن ذلك؟؟"
" للمرة الأخيرة نتاليا... أين هو اليخاندرو؟؟"
" مالذي يضمن لك بأنني قد أسمح له بالخروج حيا من مخبئه؟؟ أنت السباق للأذى، أخدت مني أبي... و سآخده منك بالمقابل"
لا يحب هذا التهديد، يؤمن بقدراته في الفوز بجميع الرهانات، موقفه هش بسبب توأمه في هذه اللحظة... انه محاصر... لن يمكنه المخاطرة بحياة أخيه:
" ان لمسته بسوء فلن تخرجي حية، لا أنت ولا رجالك..."
" ششششت" وضعت أصابعها على شفاهه، تتطلع اليه بنفس الطريقة المتلهفة له، نتاليا كانت مهووسة به، لقد استأمنته على كل شيء، و بسبب خيبتها... ولدت نحوه نوع من الكراهية التي لن تسمح لها بسماع صوت العقل:
" لا تريد معرفة ما أملكه و يخصك اجناسيو..؟؟"
أبعد أصابعها عن فمه:
" ما يهمني هو أن تحرري أخي فورا، و أن نتمم هذه المحادثة المهمة بيننا بع دذلك"
انفجرت في الضحك:
" لدى اجناسيو خيمينس نقطة ضعف اذن؟؟ من كان يتوقع ذلك؟؟ الرجل الجبار الذي خان العهود و باعنا من أجل الصقليين"
" أنت لا تعرفين شيئا عمن أكون حقا..."
" خائن التجئ للمافيا الصقلية لحمايته... لفد كان السناريو ناجح لدرجة أنني صدقت موتك تلك الليلة... من تعاقد على رأس أبي؟؟ الكولومبين؟؟ الصقليين أم الروس؟؟ "
" لا دخل للعرّاب بالموضوع... " قال خافيير " وحدي المسؤول عن اعتقال والدك... و الان أنا أمامك نتاليا، انتقمي مني،افعلي بي كل ما يروقك لاسترداد اعتبارك. مقابل ان تحرري اليخاندرو و ان تسمحي لعملية التبادل بأن تمر دون نقطة دم..."
بقيت تحملق اليه، كسى تعبير هش نظراتها لبضع ثوان قبل ان يغمر ملامحها الاشمئزاز:
" أجهل كيف وقعت في حبك و سمحت لك بخداعي، لكنني أنوي استرداد حقي منك..."
" أنا أمامك نتاليا..."
هزت رأسها بالنفي:
" ما يؤلم اكثر هو استهداف من نحب، اقول هذا عن سابق تجربة... شقيقك لن يخرج حيا من مخبئه..."
شعر خافيير بأن قلبه يتوقف عن النبض، ظهر فجأة رجالها خلفها، مسلحين حتى الأعناق، لم يكن يشعر بالخوف مما هو قادم، ولا من الموت، انه يفعل الصواب وهو في مكانه المناسب تماما، مصير شقيقه ما يقلقه، يتمنى فقط بأن البقية تمكنوا من العثور على المخبأ بينما يلهيها عليهم:
" خداه من هنا..."
أمرت رجالها بصوت هادء دون أن تبتعد بنظراتها عليه:
" ليس قبل أن أطمئن على اليخاندرو..."
أخرجت فجأة مسدس وصوبت فورا على قدمه و أصابت ساقه، هذا التنويه كي تؤكد له بأنها لا تمزح، الألم كان مريب لدرجة أنه لم يمنع هدير ألم من الخروج من رئتيه:
"تظن بأنك في وضع يسمح لك بالتفاوض؟؟ "
أخد أنفاسه، لابد ان الجميع سمع صوت طلقات الرصاص و سيسرعون بالوصول، انه أعزل، و مصاب:
" أنت من يظن بأنه في وضع سيسمح له بالفوز..." رد بدبلوماسية يحاول تجاهل الالم المريع في ساقه" رأسي ليس بأهمية رأس أخي... ان لمسته بسوء فستنتهين"
صوبت المسدس نحو رأسه:
" انتهيت منذ ان خذلتني و تركتني حامل في شهري الثالت أيها اللقيط"
المفاجأة الجمت لسانه،مثل الكثير من الاباطرة في خلفيتها، نتاليا لا تنبس بكلمة دون معنى، لعب معها دور الحبيب بكل ما تملكه الكلمة من معنى و لكنه كان حذر جدا في كل مرة، هل يعقل بأنه كان هناك خطأ ما في التخطيط؟؟ 'حادثة عمل"؟؟ أمام ملامحه دنت منه اكثر الى أن شعر ببرودة المعدن على خده:
" هذا ما لم تخطط له هيه؟... العواقب المصيرية و الغير مرغوب بها... "
لمعت دموع الكراهية في عينيها، زمت شفاهها باشمئزاز:
" ذلك الطفل الذي لن تراه و لن تحصل عليه يوما... بالنسبة اليه، مات والده ليلة زفافنا... و سيبقى إجناسيو خمينيس بطل في نظره و نظر الجميع... "


* * *
كانت الأجواء غريبة في القلعة، منذ عودتها من الجامعة وهي تجد والدتها هادئة أكثر من الازم، للان لم يعود روكو من سفره، و سانتياغو، أجاب على رسالتها الأخيرة بجملة مبهمة، هل هذا الجفاف بسبب خروجها مع أورسو؟؟ ان كان روكو يتقبل العلاقة فلا يبدو ان سانتياغو سعيد بالموضوع، بعد عشاء رومانسي، و سهرة في الاوبرا، و فطور في روما تبين لها بأن اورسو الوسيم جدا، مهذب و يمنحها صورة مزيفة لاستمالتها، انه كامل جدا على أن يكون حقيقي، كل ايطاليا تعرف بشأن سمعته، أورسو يعشق النساء، لسيما عارضات أزياء بقامة طويلة، و هي لا تملك شيئا من هذا كله، انها قصيرة، ممتلئة، و جسدها مليئ بنذوب الحادث و العمليات، هي لا تهم الوسيم بقدر ما يهمه نبل اسمها و النفوذ الذي سيحصل عليه ما ان يقترن اسمه بإسم الايمليانو.
" العطلة على الأبواب..." بادرت صوفي والدتها التي كانت منغمسة مثل عادتها في الأوراق خلف مكتب والدها، رغم احتلال روكو لكرسيه الا انها لا يمكنها تخيل احد آخر غيره في هذا المكان " هل سنمضي الى نيويورك؟؟ دانييلا متحمسة للفكرة..."
هزت والدتها بنظراتها على الملفات المنتشرة على المكتب و أبعدت النظارة على عينيها:
" لا يمكننا السفر حاليا..."
" لكن لماذا؟؟" اعترضت صوفي و هي تشعر بالخيبة" في روما وعدتني أمي..."
التقطت سابرينا أنفاسها و استرخت في مقعدها قبل أن تقول بهدوء:
" زوجة روكو حامل... لا يمكنني تركها في أشهرها الأولى..."
شدت صوفي أنفاسها أمام هذه المفاجأة، بدى لها الأمر منافيا للعقل و فاضح، تجهل لماذا، لكن هذا الخبر نزل عليها مثل المقلة كي يفصل رأسها على جسدها، قطبت سابرينا:
" تبدين شاحبة... ما الأمر؟"
سؤال في محله... ما الأمر؟؟ مالذي يحدث لها؟؟ لما تشعر فجأة بأن روحها ستخرج من جسدها؟؟ بأنها بصدد الاحتضار؟ بصعوبة، تمكنت من اصدار ردة فعل، هزت كتفيها بلا مبالاة و تمكنت من الكلام بصوت أجش:
" أنا فقط متفاجئة... فقد تزوجا حديثا"
" و أين المشكلة؟؟ كانت تعيش معه قبل الزواج لفترة غير قصيرة... انهما في العمر المناسب لمنح الايميليانو وريثا... "
في بعض الاحيان، يكون من الصعب عليها حقا فهم مشاعرها و ردود أفعالها، و هذا الخبر، لم يسعدها، تجهل لما تشعر فجأة بالضغينة نحو بريانا، تلك المرأة التي تمثل في الحقيقة مفتاح حريتها، و هذا الحمل، سيحول تماما اهتمام روكو عنها، سيصير أبا، و يمكنه خنق الطفل القادم بحمايته المبالغ فيها.
لما اذن يؤلمها مجرد التفكير في الموضوع؟؟
" الى أين تذهبين؟؟" سألتها سابرينا ببعض الحيرة.
" الى غرفتي... "
" هل أنت متأكدة بأنك بخير؟؟" أصرت والدتها و هي تعبس .
" أنا بخير..."
لم تكن بخير، هذا ما أكدته دموعها التي انهمرت على وجنتيها ما ان أغلقت باب غرفتها خلفها، الأمر برمته مناف للعقل، لا تعرف لما تتألم و لما تبكي؟ روكو سيصبح أبا... و ماذا بعد؟؟ لما ليست سعيدة بهذا الخبر؟؟ ستصبح عمة قريبا.
قبول هذه الحقيقة هو الاعتراف بأنها لم تعد مركز حياته،
ابتسمت متهكمة التنويه الساخر وهي تمسح دموعها بكم كنزتها.
منذ الطفولة، حازت وحدها على اهتمام و حب والدها، على حماية روكو، على تواطئ و عاطفة اليساندرو، كانت المرأة الوحيدة التي أحبها الرجال الثلاث و لكل منهم طريقته، عندما فقدت يانيس، أخد روكو مكانه، علاقتهما لم تكن يوما كاملة، بينهما مد و جزر، حب و كراهية، شقيقها لا يشبه أحد في العالم، و بشكل ما آلفت هذه السيطرة التي تُشعرها بالأمان، دخول بريانا الى حياته جعلها تشعر بالخطر، بأن هناك من يسرق قلبه و أيضا مكانتها فيه، و بدل أن يعزيها تغيره نحوها زاد فحسب من غضبها، لا تريده أن يتغير معها، أن يمنح اهتمامه كله لزوجته، و بمجيئ هذا الطفل... تكون قد فقدت روكو رسميا.
" أنت مثيرة للشفقة صوفي"
رددت لنفسها وهي تواجه انعكاسها في المرآة.
عادت لتبعد كل أثار للدموع من وجهها، صدق سانتياغو عندما اتهمها بالجنون، لن يمكنها العيش طيلة حياتها في ظل روكو، مستمتعة في كل مرة بإثارة انتباهه بكوكتيل متعدد من المصائب، لقد حان الوقت كي تنسلخ عنه و بأن تنضج، اليساندرو يمنحها فرصة البدء من جديد، و اذا كانت والدتها غير قادرة على السفر الى نيويورك فلا شيء سيمنعها هي، روكو لن يعترض طريقها مجددا... ما ان تخبره بريانا بحملها حتى يفقد اهتمامه بها كليا.


* * *

تجاه العدو، يجب أن يتحكم القائد الجيد دائمًا في استراتيجيته وتواصله من أجل تحقيق أهدافه. يتحقق النصر قبل كل شيء من خلال استراتيجية شاملة ورؤية واسعة و تجنب التصرف بشكل عشوائي.
روكو فاتح لا يُدمر، لم يكن الأمر بهذه السهولة لولا حكمته و اتكاله على أناس مؤهلين مثل سانتياغو، نتاليا تتراس مجموعة مقاتلين محترفين للغاية مستعدين لاقتناص الرؤوس بكل سهولة، توفق داركو برفقة فرانكو و بعض العناصر الروسية من التسلل الى قلب الاقامة حيث أكدت المصادر بوجود اليخاندرو، توجب الانتظار حتى تصبح العقبات ضعيفة.. كل شيء يتوقف على التوقيت

و تحليل اللحظة المناسبة للتصرف بصبر ومهارة، نتاليا و خافيير في الجهة الشمالية، روكو و سانتياغو و بقية الرجال يتوجهون في هذه اللحظة للقاء الرئيسة بعد تأمينهم لكل المداخل و ابعاد الأخطار، تمكن داركو مع فرانكو بكل سهولة القضاء على الحراس الداخليين، برئيه... العملية مرت بسلاسة بالغة، يجهل ان كانت نتاليا قد تعمدت هذا.
الغرفة التي تم حجز اليخاندرو فيها تُفتح بالرموز، تولى فرانكو المهمة، بعد المحاولة الأولى استسلم الباب مما دفع داركو للدهشة:
" كيف فعلت هذا؟؟"
" ضربة حظ أيها الأمير.."
لا يصدق هذا بالتأكيد، لكن لا وقت له بالتأخر عند هذا التفصيل، خلال الاشارة ستنزل المروحية لإقالتهم، و كل دقيقة ثمينة في هذه اللحظة.
في الداخل، المقصورة كانت فارغة الا من كرسي يتوسط المكان، لوهلة، ظن داركو بأنه أمام كابوس مرعب:
" أين هو؟؟"
" ليس هنا بالتأكيد..." رد أحد الفنزولين الملثمين وهو يخرج الة ديجيتال من سترته الحالكة " بالكاميرا الحرارية من الممكن رؤية اثار شخص كان جالسًا على كرسي حتى بعد ساعات من مغادرته، سوف تكتشف الحرارة عن طريق إظهار التدرجات اللونية، طيف الأشعة تحت الحمراء"
هذا الشيء سحري، أدرك داركو ذلك فيما يُثبت لهم بالدليل بأن الحرارة ما تزال قوية على الكرسي،اتو على اخراج صهره من المكان،.
أخرج هاتفه الاسلكي و اتصل روكو الذي اجاب فورا:
" انه فخ..."
" سانتياغو مع اليخاندرو في هذه اللحظة... أظنه فقه لهذا التغيير، التحق بهم فورا في نهاية السرداب الحجري... عليك اخراجه من هنا"
" لا يمكنني تركك..."
" بحق الجحيم داركو... أعرف ما أفعل... لا يمكنني ترك خافيير ورائنا"
كما قال العرّاب، بعد أقل من ثلاث دقائق تمكنوا من العثور على الفريق الثاني، نظراته المتلهفة بحتث بسرعة عن اليخاندرو، كما توقع... كان شبه نفسه.
" رباه... مالذي فعلوه بك..."
كان يستنده على سانتياغو، وجهه متورم لدرجة من المستحيل التعرف عليه، حالته مزرية و يبدو خائر القوى، بالكاد يقف على ساقيه، شعر داركو بضميره يؤنبه، لو كان اكثر يقظة لما تعرض اليخاندرو لكل هذا، وحده الملام.
" ستنزل المروحية قبل قليل... أخرجوا من هنا و أنا سألتحق فورا بالعراب و البقية..."
" انتظر..." أمسك اليخاندرو بذراع سانتياغو " لن اتحرك من هنا بدون شقيقي و روكو... "
" لا يمكنك البقاء..." رد فرانكو بصرامة" ستُعرقلنا أكثر مما تساعدنا... "
قبل ان يجيب داركو، شعر بنفسه يطير لأمتار بعيدة على الأرض القاسية، أدرك بأن تصرف فرانكو ناجم على حمايتهم، تم فتح الرصاص عليهم من كل مكان، لم يكن خائفا على نفسه بقدر خوفه على اليخاندرو، يبدو أن رجال نتاليا استعانوا بفرق أخرى، بدأ تبادل اطلاق النار و اختلطت الاشتباكات، كان بينه و بين الموت خيط رفيع، عيناه متصلبتين اليخاندرو الذي كان سانتياغو يحميه بكل قوة، فجأة أشار لهم هذا الأخير الى معبر كي يلتجئوا اليه.
" فرانكو..." صرخ داركو بصديقه الذي تأخر خلفهم " لا تبقى هنا..."
" ارحل ايها الأمير... أنا تماما في مكاني"
بقي حارسه السابق مع الروس لتأمينهم فيما ساعد سانتياغو في إسناد اليخاندرو، يجهل كم المسافة التي قطعوها، استوقفهم سانتياغو فجأة و أشار اليهم بالصمت عندما ترددت اصوات في آخر الرواق المظلم، تمكن من التعرّف على صوت خافيير... و صوت امرأة.
بكل حذر و كياسة اقترب هذا الأخير من الباب كي يتفقد الغرفة، لكن ضربة نارية أجبرته على التراجع.
" خافيير..." اعترض اليخاندرو وهو يدفع الأمير عنه " أخي في خطر... لا يمكنني تركه"
عموما فقد تم كشف مخبئهما، طلقة اخرى للعيار الناري كانت مستهدفة، ظهر ضخام الجثة ليجبروهم على مغادرة مخبئهم و دخول الغرفة.
أمام هدوء سانتياغو أدرك بأن هذا الأخير يملك خطة، انه لا يتصرف بعشوائية:
" مرحبا بباقي أفراد العائلة..."
نتاليا خورخي بعيدة عن المرأة التي تخيلها، كانت سمراء جميلة، يمكن أيضا أن يصفها بالرقيقة في ظروف أخرى، برهان آخر على أن المظاهر زائفة، أظلمت نظرات خافيير ما ان سقطتا على توأمه الذي تم تشويه وجهه بالضرب، كان يجلس فوق كرسي، ساقه تنزف، يفهم أين استقر الطلق الناري الذي تردد الى مسامعهم قبل قليل:

" الأمير فالكوني... آسفة جدا سموك أن تكون ظروف لقاءنا بهذه الطريقة... كنت أنتظر وصولكم... سيلتحق بنا قريبا العرّاب..."
كانت الغرفة ممتلئة بأجهزة المراقبة و التصنت، روكو لم يكن بعيدا عن المكان، تم فعليا حصرهم جميعهم هنا.
" اجلس ... " وعندما لم يستجب لها عبست و لمعت عيناها بخطر " لم يكن طلبا سموك انما أمرا"
رمش له سانتياغو بأن يستجيب، جلس داركو على الكرسي كما فعل اليخاندرو و سانتياغو فيما بدأ رجال نتاليا بتفتيشهم لانتزاع الاسلحة منهم.
" دعني ألخص لك الموضوع ايها الأمير..." قالت نتاليا وهي تنحني على خافيير و تلامس شعره " هذا الرجل هو زوجي... انه خلاف عائلي هل تفهم؟؟ لم يكن يجدر بكم التواجد في هذا المكان..."
" اذن دعيهم يرحلون نتاليا..." تمتم لها خافيير .
" ششششت..." همست في ادنه" احتفظ بمجهودك عزيزي فأنت تفقد دمك"
" تظنين بأنك ستفوزين حقا؟؟" سألها خافيير مجددا دون أن يتأثر بالموقف اجمالا.
" قد لا أفوز ، لكنني لن أهزم بدون قتال..."
تحدت داركو بنظراتها قبل ان توجه اهتمامها الى اليخاندرو، لوت شفتها في تعبير متأسف:
" لا شيء أملكه ضدك اليخاندرو... ما ان رايت الشبه حتى فقدت أعصابي..."
تأهب الجميع بالوقوف بينما تقصده كي تتمعن في النظر الى جروحه :" أظنني بالغت قليلا..."
" ضعي أصبعا عليه نتاليا و سأقوم بقتلك"
لم يكن خافيير قادر على منع نفسه من التدخل رغم نزيفه، ان استمر على هذا المنوال فلن يتأخر بفقدانه للوعي، تجاهلته هذه الاخيرة و عادت تستقيم في وقفتها و تذرع الأرض ذهابا و ايابا:
" ماهي قصتكما اذن؟؟ أحدكما مستقيم و رجل أعمال ناجح و الأخر لقيط و مطلوب للعدالة..."
" هل تزوجتها حقا؟" سأل اليخاندرو خلافا لكل التوقعات، مازال يملك بعض القوة لاشباع فضوله.
ابتسمت نتاليا ملئ فمه و عادت تنحني على اليخاندرو و تمسك بوجهه كي تتمكن من النظر الى العين الوحيدة السليمة في وجهه:
" نعم عزيزي مندوزا... هذا السافل هو زوجي، و لمعلومك... أنت عم لطفل رائع يملك نظراتك الرمادية الجميلة..."
عبس اليخاندرو بعدم فهم وعاد ليواجه توأمه الذي لم يكن قادرا حتى بمواجهته بنظراته :" يؤسفني أن يكبر ليونيل دون أن يتعرف على عمه أو أبيه..."
تبادل معه سانتياغو النظرات، تمكن داركو من قراءة الانتظار فقط على وجهه، يبدو كأن الوضع برمته لا يؤثر به، و كأنه يعيش مجرد لعبة يحفظ جيدا قواعدها، سمع وقع خطوات و ظهر أخيرا روكو و أتباعه، كلقطة من فلم اكشن راقب الجميع يشهر بأسلحتهم، نتاليا تبتسم بنعومة للقادم:
" تأخرت قليلا ايها العراب..."
" هل تعرفين بأنك في مأزق؟" سألها روكو بصوت هادء وهو يتقدم منها.
" نسيت عدد المآزق التي وجدت نفسي فيها، لكنني قادرة على تجاوزها في كل مرة..."
" هذه المرة مختلفة..."
في هذه اللحظة، يستحق روكو لقب العرّاب عن جدارة، انه على أرض القتال الي آلفها يانيس منذ سنوات طويلة، انه يبدع فيما جهزه والده له منذ نعومة أضافره، راقبه يقطع المسافة القصيرة بينهما و يمنحها فجأة هاتفه الذي يعرض صورا علي شاشته، يجهل ما يريها بالضبط، لكن ثقة نتاليا تزعزت فجأة و تبخرت، و فقدت لون وجهها، بدت و كأنها تصارع كي تبقى واعية:
" مستحيل..."
" أخطأت حساباتك... أريد استعادة الجميع دون أدى... أنت و رجالك محاصرين..."
وقف سانتياغو من مكانه و مسح على ملابسه و كأنه كان يتوقع نهاية مماثلة، كان هدوءه أولمبي، كهدوء روكو، في هذه اللحظة، أدرك داركو بأنه مهما حاول فلن يصل لاحترافيتهم، تجهم وجه روكو بينما يلاحظ حالة اليخاندرو المزرية.
" سأعمل على تستلمي بضاعتك بنفس الطريقة نتاليا..."
صرخت فجأة بهياج لكنها لم تتجرأ بإشهار سلاحها مجددا في وجه أحدهم، فجأة، بدت و كأنها تحمل لروكو كراهية تفوقت عما أظهرته للأن نحو خافيير و اليخاندرو، بدت ممزقة بين الرغبة في احترام أوامره و قتله.
يبدو أنها امرأة ترفض الهزيمة، وعاجزة على الاستسلام بهذه السهولة، الغضب يتآكلها و ربما حقد قوي تغلب على التعقل.
استسلمت أمام وحش الانتقام و رغبتها في رؤية ثقة العرّاب تتزعزع، أشهرت سلاحها في وجهه، تهتز من شدة الغيض و الكراهية، لا شيء تغير في ملامح العرّاب، دون أن يفارق تفارق عيناه عينيها وده كلامه داركو:
" خذ اليخاندرو و خافيير من هنا... ستهبط المروحية بعد قليل"
" لا تظن بأنني سهلة المنال الى هذه الدرجة..." قالت له نتاليا بصوت يشبه فحيح الافاعي.
" لا أراك سهلة الاقناع لكنك..." و بيسر تمكن من انتزاع سلاحها ووضعه فورا على صدغها، قام بالحركة برشاقة لدرجة أن داركو احتاج لبضع ثواني كي يفقه لاستبدال الأدوار " قابلة للتلاعب..."
يبدو أن هجوم العرّاب على رئيستهم لم يروق لرجالها، يجهل كيف بدأ مجددا تبادل اطلاق النار، تم السيطرة فورا على الوضع، رغم اصابته تمكن خافيير بإسقاط بضع رؤوس، عمل داركو على حماية صهره المصاب و الضعيف، مثل المعتاد هذا الأخير يرفض اطاعته و الهروب من ساحة المعركة، كان يخشى على أخيه، بدأ يرتفع عدد المصابين و الضحايا.
في النهاية تم السيطرة تماما على الوضع، اصيبت نتاليا في ذراعها، كانت تركع على ركبتها خائرة القوى عندما أصدر روكو أمرا للجميع بإخلاء المكان، صوت المروحية يرتفع في الفضاء، أشار بيده لبارونة الكوكايين كتنبيه أخير:
" أترك لك الحياة كي تبقي عبرة الهزيمة الأبدية نتاليا... لن تري مجددا ذلك الطفل... يستحسن أن يكبر بعيدا عن امرأة مثلك"
" كلا..."
صرخة الهزيمة دوت في الاذان مثل الحيوان الجريح، كان الجميع بصدد اخلاء المكان الذي اصبح عبارة عن مجزرة حقيقية، الدماء ; و أثار الرصاص و الخراطيش في كل مكان، لم تكن هوليود لتتفوق في تصوير منظر أشد رعبا من هذا.
" روكو..."
ارتفع صوت اليخاندرو في المكان، النداء رافق الحركة، انطلق نحوه ليضع نفسه بينه و بين رصاصة الغدر التي انطلقت من سلاح نتاليا.
رآى داركو نفسه يعيش نفس الجحيم الذي عاشه قبل أشهر في لوس أنجلس، يعيش لحظة حاسمة دون القدرة على التدخل،الرصاصة اخترقت الحاجز الذي يمثله جسد اليخاندرو عن هذف نتاليا... بدى كل شيء ينطلق في حركات بطيئة و أيضا... سريعة للغاية،، عقله يرفض استيعابه للحظات المصيرية التي يعيشها، ارتفعت في أدنيه مجددا أصوات العيارات النارية، كان قد اكتفى من أصوات الموت التي تصفر بحدة في رأسه و يجهل ما القادم، لكن هذه المرة سانتياغو المسؤول على الطلقات الأخيرة... قام بإفراغ ذخيرته في رأس المرأة التي فارقت الحياة فورا...
تمكن من جمع قواه كي يسقط على ركبتيه فوق الارض بجانب جسد اليخاندرو الممرغ في الدماء، كان الدم يخرج من كل مكان، فمه، أنفه... عيناه الرمادية تفقد لمعانها ببطئ... توقف الزمن عند نقطة محاولة اليخاندرو للتشبث بالحياة كي يقذف بكلمة يرفض فمه بإخراجه..تجمهروا من حوله، اختلطت الاصوات، الكلمات، الحركات بالاسعافات الأولية.
من بين الغيوم الكثيفة، راقب صديق عمره يلفظ أنفاسه الأخيرة بين ذراعي روكو...
انتهى كل شيء...





تم الفصل ... الى الفصل القادم ان شاء الله



التعديل الأخير تم بواسطة أميرة الحب ; 31-01-21 الساعة 01:03 AM
أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-01-21, 12:59 AM   #4606

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 84 ( الأعضاء 51 والزوار 33)
‏أميرة الحب, ‏غرام النهار, ‏غـــزلــ, ‏Arthur, ‏مجد صالح, ‏ام الحلوات 2+, ‏rinamcidra, ‏نجمة الماس, ‏كهرمانية العين, ‏ميار111, ‏رواء بلال, ‏شخصيه مستهدفة, ‏Mzl Hajouràà, ‏lovemanga, ‏tatinooga, ‏Diego Sando, ‏yasser20, ‏emily yong, ‏مامون الشرع, ‏ميرا لين, ‏نانسي33, ‏بيجو, ‏sokara.s, ‏أم كلثوم, ‏حواريش, ‏MoOo MoOo, ‏فطوم لكوم, ‏mooogah, ‏الأروكيد, ‏OMM Z+, ‏yasmyna, ‏karawan, ‏Rosey1, ‏azeeta, ‏silyana, ‏لميس1, ‏Wejdan1385, ‏intissar2+, ‏بسمة عثماني, ‏ام جواد+, ‏nanymohamed, ‏بشـــرى+, ‏rahasff, ‏Berro_87, ‏shimaa17+, ‏Kim nona, ‏littlebee, ‏Fatima hfz, ‏Anna dana


قراءة ممتعة يا بنات


أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 31-01-21, 01:10 AM   #4607

ميار111

? العضوٌ??? » 323620
?  التسِجيلٌ » Aug 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,400
?  نُقآطِيْ » ميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond repute
افتراضي

ايش تطبخ لنا اميره بالضبط !؟؟
فصل ناري و حقائق صادمه
و يا خوفي من اختفى الاصدقاء
قلبي بيقرصني
و ايش سالفه انسحاب الانتربول المفاجئ من خلفه
مين الشخص المخفي المتلاعب بالجميع ؟
الخبر المفرح في الفصل نيوس و احتمال وجوده
و حمل بريانا و اخيراً روكو راح يصير أب لكن قلبي متخوف مابعرف ليه
فيرنا هل من الممكن الغبيه ايموجين ارسلت من يؤذيها ؟
آيا بتتجنن بعد الذي سمعته و بالتالي خوسيه راح يلاحظ تحفظها
الله يستر ايش بتستغل ضده و كيف بتهاجمه و في ظهره روكو ؟
مو حابه انها تخذله طالما بدأو بدايه جديده
كفايه المصايب بحياته
خافيير لديه ابن .. يا حسرتي عليك خافيير احزانك في زيادة قلبي وجعني عليه


ميار111 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-21, 01:21 AM   #4608

حواريش

? العضوٌ??? » 480417
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » حواريش is on a distinguished road
Rewitysmile1

بليز أميرة لا تخلي اليخاندروا يموت ليش ديما الطيب يموت 💔💔💔💔💔💔 كل شي دمار صاير

حواريش غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-21, 01:23 AM   #4609

ميار111

? العضوٌ??? » 323620
?  التسِجيلٌ » Aug 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,400
?  نُقآطِيْ » ميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond reputeميار111 has a reputation beyond repute
افتراضي

قلبي قلبي
عنجد جالسه ابكي على اليخاندروا من قلبي
مو قادره اصدق
اميره هذا حلم او حلم !!
اي شخصيه بالروايه حقيقي ماراح يأثر فيني موتها هالكثر
روكو داركو اووووو اين كان
لكن الافضل و الاطيب
كيف مافكرت ان رسالته ل آيا كانت وداع بدون قصد !!
أنا قلبي في حداد


ميار111 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-21, 01:24 AM   #4610

ام الحلوات 2
 
الصورة الرمزية ام الحلوات 2

? العضوٌ??? » 383530
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,090
?  نُقآطِيْ » ام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond reputeام الحلوات 2 has a reputation beyond repute
افتراضي

اليخاندرو😪😪😪😭😭rip

ام الحلوات 2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:30 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.