آخر 10 مشاركات
سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          خدمة مميزة !!! .... (الكاتـب : حكواتي - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          437 - لحظة وداع - لوسي مونرو ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          434 - غرقت في عينيه - كيم لورنس (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          علي الجهة الأخري (مصورة) (الكاتـب : دعاء ابو الوفا - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          زوجة دون امتيازات - قلوب زائرة - للكاتبة المتألقة: shekinia *مكتملة &الرابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          439 - دموع الورد - آن ميثر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام

Like Tree627Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-08-21, 02:23 AM   #5931

Seelavi

? العضوٌ??? » 407476
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 316
?  نُقآطِيْ » Seelavi is on a distinguished road
افتراضي


والله انا ما امل من الانتظار ع قلبي زي العسل المهم اميرة تكتبلنا فصل طوييييل معا الحب روكو وخوسيه 💃🏻🔥🔥🔥



Seelavi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-21, 01:57 PM   #5932

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اهلين حبيباتي... الليلة فصل جديد و لن يكون هناك انقطاع بإذن الله

أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 05-08-21, 05:05 PM   #5933

عهد الحر
 
الصورة الرمزية عهد الحر

? العضوٌ??? » 305991
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,579
?  نُقآطِيْ » عهد الحر is on a distinguished road
افتراضي

طولت علينا كثثثيييير يارب تنزلي اليوم فصل دلعت علينا كثير حتى تشوفي غلاتك علينا
بانتظار هالانامل الذهبية موفقة بانتظار جديدك المميز


عهد الحر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-21, 05:24 PM   #5934

OMM Z

? العضوٌ??? » 386694
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 270
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » OMM Z is on a distinguished road
افتراضي

مرحبا بيك يا أميرتنا نورتينا بعد ها الغيبة.
بانتظار الفصل الجديد على نار
❤❤❤❤


OMM Z غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-21, 05:33 PM   #5935

حواريش

? العضوٌ??? » 480417
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » حواريش is on a distinguished road
Rewitysmile3

ووووو اميرة شكرا فرحتينا مشكورة الغالية

حواريش غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-21, 10:49 PM   #5936

lina eltayeb

? العضوٌ??? » 350911
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 571
?  نُقآطِيْ » lina eltayeb is on a distinguished road
افتراضي

:heeheeh::heeheeh::heeheeh::heeheeh::heeheeh::heeh eeh::heeheeh::heeheeh::heeheeh::heeheeh
:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الحب مشاهدة المشاركة
اهلين حبيباتي... الليلة فصل جديد و لن يكون هناك انقطاع بإذن الله


lina eltayeb غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-08-21, 12:04 AM   #5937

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل التاسع و الثلاثين



" ناومي مارشال..."
كانت الابتسامة تضيء وجه اليساندرو ايميليانو، في قلب سكاي العظيمة، حلم كل مستثمر أمريكي يجلس على عرشه الضخم مقارنة بعمر سنوات عمره الصغيرة، لم يتجاوز الثلاثين من عمره و حقق نجاح باهر، الا اذا كان هذا متعلق بوزن اسمه الذي يسمح له بكل هذا اللمعان.
" آسفة على ازعاجك اليساندرو، لم اكن لأصر على موعد لو لم يكن الأمر عاجلا"
صافحت اليد الممدودة، على ضوء النهار المتدفق من الجدران الشفافة التي تطل على ناطحات سحاب منهاتن يمكنها ان تقرن بين ملامحه الجميلة و كيليان ارشيبالد، لهذا وجدت نظراته مألوفة عندما رأته للمرة الاولى في لاس فيغاس، عندما باءت محاولة اغرائه بالفشل اذ ان الوسيم الايطالي كان مأخوذ بسحر سكرتيرته الصغيرة.
" اجلسي..."
استجابت لطلبه وجلست على الارائك الكريمية، رأته يفك ازرار سترته قبل أن يجلس مقابلا لها... ملاحظة ثانية... شكلا...اليساندرو لا يشبه اطلاقا العرّاب،
من المستحيل ان تفكر بعطلتها القصيرة في صقلية دون ان تتذكر ذلك الرجل المرعب الذي ظنها جاسوسة كيليان.
" تهانينا لنجاح والدك في الانتخابات..."
"آه ..نعم الانتخابات و كل تلك التراهات" قالت و هي تشير بيدها في الهواء " انه سعيد بمهمته الحالية... صدقني ليس الامر بهذه السهولة... الميديا على أعقابنا و هذا يفقد الجميع رشده..."
ابتسم الايطالي و لمعت عيناه الزرقاء،قاسم مسترك آخر مع كيليان... رباه.
" كيف حال لوكا؟؟"
شعرت بخديها تحترقان تحت نظرات التسلية التي يرمقها بها، تتذكر احراجها جيدا عندما اخبرها بأنه صديق شقيقها كي ينهي اي محاولة للغزل.
" بخير مادامت ميغان بجانبه..."
رأته يهز حاجبيه من هول المفاجئة، لا أحد يجهل قصة شقيقها بالروسية الجميلة، انها من أسوأ قصص الحب النيويوركية، لكن لوكا بحث عنها في كل نسائه الجديدات و لم يتمكن من ايجادها، عودته بهذه الطريقة تعني بأنه فهم جيدا الدرس.
" لم آتي لأناقش حياة شقيقي العاطفية..."
" ما الأمر العاجل اذن؟؟"
التقطت أنفاسا عميقة، تجهل من اين تبدأ الموضوع، الحصول على موعد مع رجل اعمال مشغول مثله لم يكن بالهين، لقد تحايلت على لوكا كي تحصل على رقمه الشخصي لأن فريق السكرتاريا رفض منحها موعدا.
" لقد علمت بما حدث لأليخاندرو..."
اختفت ابتسامة اليساندرو المرحبة، و بدى الفضول على وجهه:
" هل كنت تعرفينه؟؟"
"انها قصة طويلة" حكت جبينها بعصبية قبل ان تقرر الدخول في الموضوع مباشرة" ربطتني علاقة حميمية مع خافيير... توأمه... أظنك تعرفه لأنه كان حارس شخصي لشقيقك روكو"
اختفت الحرارة من وجهه، بدى فجأة حذرا:
" من اين تعرفين روكو؟؟"
" دعاني دافيد ريتشي مع صديقاتي الى صقلية، و بما انه على علاقة وطيدة منذ الحادث مع صوفي - شقيقتك -وجدت فكرة استقبالنا جميعنا الى القلعة جيدة... تعرفت على العراب في تلك المناسبة... شخص... لم يوحي بالامان في الحقيقة"
" روكو مختلف تماما عن مظهره القاسي و المخيف... " دافع اليساندرو عن شقيقه بقوة فاجأتها" انه انسان صالح في داخله..."
ربما... لكن ليس هذا انطباعها،لقد بدا متوحشًا ، متحضرًا بالكاد ، نمرًا يطوف في قفصه و يبحث عن فريسه بعد جوع أسابيع.
" لم أقصد الاساءة"
" انه الانطباع الذي يعطيه شقيقي لكل الناس فلا تعتذري... " رغم الابتسامة التي عادت للظهور مجددا على شفاهه الا ان عيناه بقيتا حذرتين للغاية، لا يبدو ان دخولها في موضوع عائلته يروقه حقا، ان لم تتكلم بسرعة فسيطردها بذريعة انه يملك اطنان من الالتزامات التي لا تقبل التأخير" هل ستخبريني لما انت هنا؟؟"
سؤال جيد... لما يبدو لها الموضوع تافه فجأة أمام قمة الالتزامات التي تركها اليساندرو ليمنحها بضع دقائق من وقته؟؟ لكنها لا تملك من يساعدها غيره، لقد فعلت المستحيل لتصل الى خافيير الا ان كل الابواب اغلقت في وجهها، و كأن الأرض انشقت و بلعته، كان بإمكانها استعمال نفوذ والدها، فكرة سيئة، لا تملك قصة مقنعة ترويها له، ان عرف بأنها تهتم لأمر حارس شخصي فسيصاب بنوبة قلبية... هو الذي فخر طويلا بصهر بوزن كيليان ارشيبالد.
"تعرفت على اليخاندرو و خطيبته الاميرة بيانكا فالكوني و قد ربطتنا علاقة طيبة، لم اعلم بموته الا مؤخرا و من سوء حظي، الأميرة تحتفظ بهاتفها مغلقا، أنا اتفهمها بالتأكيد فهي في حالة حداد، كنت أرغب بمعرفة عنوان خافيير منها..."
صمتت، لا يبدو بأن الوسيم أمامها يفهم الى ما ترمي أو ما دخله بالموضوع أصلا.
" العثور عليه من سابع المستحيلات، الوحيد الذي يمكنه مساعدتي هو شقيقك لأنه أستخدمه... علاقتي به ليست جيدة... حصلت مشاحنة بيننا في القلعة"
لقد هددها كيليان بالكشف عن اي معلومة تفوه بها روكو، الا انها ليست غبية، لقد رأت صورة يانيس ايميليانو على جدار تلك المكتبة العتيقة الممتلئة بتحفات ايطالية نادرة و ظنته كيليان... من المستحيل الا يفقه اليساندرو لهذا الشبه وقد التقاه في مناسبات عدة هي كانت شاهدة عليها.
" قلت لك بأن روكو يعشق زعزعة ثقة الناس و..."
قاطعته وهي تنظر مباشرة في عينيه:
" ظنني جاسوسة كيليان ارشيبالد.."
صمت اليساندرو مجبرا لم تترك له بلع صدمة معرفتها باسرار عائلته اذ ارتمت في الموضوع:" هذه الدراما الغريبة بينكم... كيليان يعرف ابن من يكون، و أنت بالتأكيد لم يخفى عنك يوما الشبه الكبير الذي سحقني انا شخصيا عندما انتبهت له... من يخاطر بحياته لانقاد طفلة من موت محتم ان لم تكن تحمل دمائه"
" كيليان يعرف ابن من يكون..." كرر بعد ان احتفظ بصمت حذر:" على اي اساس تتكلمين؟؟"
هزت حاجبيها:
" على اساس تهديداته المريعة لي ان فشيت سركم العظيم... عموما لا انوي فتح فمي بكلمة... لم يكن يجدر بي دخول قلعتكم و لا رؤية تلك اللوحة في المكتبة..."
بقي رجل الاعمال الشاب محتفظا بصمت، يتطلع اليها بتمعن كمن ينوي القراءة في عقلها، لا يوجد ما يمكن قراءته... الانها مشوشة و لا شيء واضح بداخلها:
" اسمع اليساندرو... العالم باسره يعرف وزن الايميليانو... هذه الحقيقة ستكون ثقيلة ان تم تفجريها علنا، افهم لما كيليان يرفض اللقاءات الصحفية و ان يتم عرض صورته في الجرائد، اتفهم لما يختار دائما وجها بديلا لوجهه و لسانا بديلا للسانه لتقديم الشركة، ليس من السهل ان يكون الصورة المطابقة لوالدك... قرأت مذكرات الجنرال الصربي 'سلوبودان' الذي تم منع نشر كتابه في عدة بلدان في العالم منها ايطاليا نفسها، اتفهم لما محامين الايميليانو قامو بدعوة ضد دار النشر و المطالبة بتعويض ضخم... احتلت سيرة والدك ثلث مذكراته.. وما ذكر... لم يكن رائعا"
" مالذي تريدينه مني ناومي؟؟" سألها اليساندرو بنبرة مختلفة تماما عن اللهجة اللطيفة الاعتيادية، في هذه اللحظة، شعرت بأن روكو بنفسه من يحط عليها هذه النظرات الجليدية.
رغما عنها، أزعجتها بشدة نظراته، لم تأتي لتحصل على عدو جديد، سارعت لطمأنته:
" لست هنا للتدخل في مشاكل عائلتك..."
" ليس هذا الانطباع الذي تمنحينه لي؟" رد بسخرية لاذعة، تجاهلت عدوانيته ثم قذفت بسرعة كي تغير الموضوع الذي يبدو بأنه اساء مزاجه كثيرا:
" ما يهمني هو عنوان خافيير ميندوزا..."
هز كتفيه العريضين و كأن الموضوع لا يهمه، انحنت باتجاهه و تطلعت اليه بنظرات متوسلة:
" ارجوك اليساندرو، انا بحاجة ماسة لعنوانه، لقد اختفى من سطح الارض بعد موت توأمه... رأيت حب احدهما الاخر و اعرف بأنه في محنة قاسية و ارغب بمساندته... روكو الوحيد الذي يمكنه منحي معلومات دقيقة... ارجوك... ساعدني"
بقي اليساندرو يتطلع اليها دون ان يجيب، كل تفكيره مع اخيه الغير شقيق الذي حببه في سباق السيارات و جعله المعجب الاول لماركة ارشيبالد التي تجمع الانتصارات الواحد تلوى الاخرى، كان يشك بأنه يعرف بشأن قرابتهم، و الان اتت ناومي لتأكيد المعلومة، لما لم يحاول اذن كيليان البوح له بالرغم من علاقتهما التي اصبحت وطيدة جدا منذ الحادث؟ حتى انه اصبح حمائيا معه... نسخة جديدة من روكو المهووس بحماية مصالحه.
هل هي مصادفة ان يحصل على الصفقة التي فرت من بين اصابعه قبل تلك الحادثة التي دفع ذراعه ثمن لها؟؟
تطلع الى النظرات البنفسجية الجميلة لناومي مارشال، كانت شاحبة، وجهها الجميل فقد حيويته و تبدو حقا تعسة، كانت تتطلع بشغف لموافقته، لكنه لا يعرف ان كان يمكنه منحها وعدا، بعد الذي حدث مع روكو آخر مرة اقسم على قطع صلته به.
" سأرى ما يمكنني فعله" الكلمات خرجت رغما عنه
بان الارتياح على وجه الشقراء الجميلة لدرجة ان عيناها غرقتا في الدموع، قبل ان تشكره اقتحمت سما مكتبه مثقلة بالملفات، يبدو ان موعده التالي قد حان، وقف وساعد ناومي بالوقوف، راقبها ترتب بنطالها المخملي :
" شكرا لك اليساندرو لن انسى لك هذا المعروف"
" انا مدين للوكا... فلا تشكريني"
راقبها تعض على شفتها السفلى، تتابع بنظراتها سما التي عادت لتغلق عليهما باب مكتبه:
" في الحقيقة... لوكا لا يعرف شيئا عن الموضوع و لن يسره ان يعرف بأنني خرجت مع حارس شخصي بلا اهمية بنظره... عائلتي حازمة بهذا الشأن"
" اعتمدي على تكلمي.... لن اخبره شيئا"
دنت منه بخطوة مترددة قبل ان تقرر اخيرا وضع قبلة امتنان على خده:
" شكرا لك... لن أنسى جميلك"
" اتمنى بأنني لا أزعجكما"
هذا الصوت المبحوح باللكنة الاسبانية لم يكن صوت ناومي انما خطيبته التي تقف قرب الباب بملامح عاصفة، مؤخرا، ليست بحاجة لسبب كي يسوء مزاجها، اليونور تبعدها عنه رويدا، هو واع بشدة لما يحدث في علاقتهما، دانيلا الوحيدة التي لا ترى بأن ما بينهما في خطر:
" أدخلي حبيبتي... أظنك تعرفين ناومي مارشال، نسيبة كيليان و شقيقة ايموجين... "
" نعم... في المستشفى عندما كسرت ذراعك..."
ارتخت ملامح وجهها الا ان العاصفة لم تختفي من نظراتها الذهبية، يجهل ما اتى بها و لما ليست مع اليونور التي يفترض بأنها في زيارة طبية.
" سعيدة برؤيتك دانيلا..." شدت ناومي على يد خطيبته" اتمنى ان نشرب كأسا قريبا... لما لا فنحن نسكن المدينة نفسها"
حاولت الابتسام، بدت حماستها زائفة و هي ترد على ابنة عمدة ميامي:
" سأكون سعيدة..."
" رائع اذن... سأترككما و شأنهما" استدارت مجددا نحوه، كل وجهها امتنان" شكرا لك مرة أخرى اليساندرو..."
لم تنتظر دانيلا طويلا كي تنفجر في وجهه بعد رحيلها مباشرة:
" هل هي معجبة بك؟؟"
" دانيلا... انها شقيقة صديق عزيز وانا لا اهمها بقدر ما لا تهمني..."
" كلام غريب من رجل لم يتم تصويره مرتين مع نفس المرأة"
قطب اليساندرو جبينه أمام هذا الهجوم، سمة الدون جوان تركها للوكا و دافيد ريتشي، لقد عاش لسنوات مع جينيفر كاسبا، انه من النوع الذي يفضل امضاء وقته مع نفس المرأة و دانيلا تعرف هذا جيدا.
" ما الأمر حبيبتي..."
أمام هدوئه تراجع عنفها، كانت تبدو يائسة و أيضا تعسة و حزينة، اقترب منها ووضع يده على وجنتها ثم اجبرها على هز وجهها نحوه:
" دانيلا..."
"أنا تائهة..." قالت وهي تضع راحتها على جبينها...
" تعالي الى هنا..."
لجأت الى صدره ما ان فتح ذراعيه اليها، عندما شاهد سما تعود اليه كي تخبره بأن موعده بانتظاره، اشار لها بالرحيل، فعلت تماما ما أمرها به و اغلقت الباب و رائها، دانيلا تنتحب، أبعدها عنه ليتطلع اليها بقلق:
" هل هي والدتك؟؟"
" سوف ترحل اليساندرو... هذه المرة هي عازمة تماما... "
" شششتت... اهدئي... " امسك بذراعها و قادها للكنبة التي كانت تجلس عليها شقيقة صديقه قبل قليل، جلست مطأطأ الرأس مثل طفلة تخشى لقاء نظراته، مد لها منديل و التقطته كي تبدأ بتجعيكه فورا.
" اعرف بأنك مشغول..."
" فلتذهب الأعمال الى الجحيم، أنت اهم من كل شيء دانيلا..."
كانت كلماته صادقة، و يبدو انها لامست اعماقها اذ انها هزت نحوه اخيرا عينيها الدامعتين، شعر بالغضب لمنظرها المزري، لقد كافحت في الاشهر الاخيرة لتعثر على الحقيقة، وعندما وجدت اخيرا والدتها تقوم هذه الاخيرة بخذلانها:
" انها لا تسامح كونك ابن يانيس ايميليانو... ترفض زواجنا، انها تضعني أمام خيار..."
لم يتفاءل ابدا بهذه العدوانية، من ناحية، انه يتفهم موقف اليونور، تريد بدأ حياة بعيدة عن الماضي، و ان بقي هو في محيطها فلن يُعتبر هذا بداية جديدة بالنسبة اليها.
" وما رأيك أنت؟؟" سألها بلطف و هو يلتقط يدها" هل تريدين الابتعاد قليلا و البقاء مع والدتك التي اتيت على ايجادها؟؟"
هزت رأسها بعنف الا انها لم ترد، فجأة أمسكت برأسها و انفجرت في البكاء،انفجر فيها كل الضغوط النفسية الاخيرة، اليونور تنتصر بذهاء، انها طيبة مع دانيلا، و ربما افهمتها رفضها له بطريقة رقيقة و لم تكن لتستفزها:
" حياتي بدونك بلا اي معنى اليساندرو..." قالت من خلال نحيبها" الا انها امي... لقد عاملوها بقسوة و اجرموا بحقها..."
صمتت، لكنها لم تكن بحاجة لإضافة شيء كي يفهم الى أين تنوي الوصول.
"ستتركيني؟"
" احتاج لبعض الوقت معها..." هذه الكلمات نشرت لحمه النيئ حتى العظم" ارجوك... افهمني"
لا... لا يريد ان يكون متفهما، الأمور تنفث من بين أصابعه مثل حبات رمل، نظر اليها متمعنا، لقد دخلت مثل الشمس الى بيته لتنير روتين حياته، كيف ستكون أيامه من دونها.؟؟
" لقد برهنت حسن نيتي بكل السبل و أجد تطرفها مؤذ... مشكلتها مع أبي و ليس معي... انها تريد أخدك مني بحجج سخيفة..." انزلقت الدموع على وجنتيها الشاحنتين" و أظنها قد نجحت في النهاية..."
" انا لا اهجرك اليساندرو" اكدت له وهي تمسح وجنتيها بظهر يدها " أود فقط أن آخذ اجازة صغيرة من علاقتنا..."
ابتسم مرغما، سذاجة دانيلا لا تنفك عن مفاجئته:
" اجازة من علاقتنا؟؟ "
" أعرف بأنني اسيء التعبير..."
" التفكير و التقدير ايضا..." ثم وقف من مكانه " خدي الوقت الذي تريدينه دانيلا، لكن لا أضمن بأن تجدي مكانك حرا عندما تعودين... انا لست لعبة ترمينها و تستعدينها كلما راقك ذلك..."
المتبقي من الدم هرب من وجهها، راقبها تقف ببطئ من مكانها، تهز رأسها بعدم تصديق:
" أنت لست جادا..."
بدا كأن الرصاص يملأ حلقه وشعر بألم ثاقب في صدره، الا انه لا ينوي التراجع:
" أنا ؟؟" سألها بنبرة لاذعة دفعتها للتراجع" من منا ليس جادا في هذه اللحظة دانيلا؟؟ أظنني فعلت الكثير في مشوار بحثك و لم ابقى مكتوف اليدين، برهنت لاليونور بأنني مختلف عن أبي الا أن أمري لم يهمها بقدر ما همها استعمالك كسلاح ضد الجميع، ليست المرة الاولى التي تديرين فيها لي ظهرك، أنت فحسب وجدت الفرصة للابتعاد..." أشار الى الباب " ابتعدي اذن... لا انوي مطلقا الوقوف امام سعادتك




****

كانت الجروح بشعة، بشعة لدرجة ان العين ترفض اطالة النظر فيها، و كان الألم عميقا، الم الروح، لأن الم الجسد تمكن الاطباء من اخماده، يجهل كم من الوقت أمضاه هنا،كان محاط بفريق رفيع من الاطباء، وهو يعرف بأنه ليس في المستشفى
انما في مكان ما خارج الوطن.
كان قد تم ازالة الشاش على وجهه، الا انه تمكن من رؤية الندوب في ذراعه بينما يغيرها الطبيب اليه، يشك في امكانية استعمالها يوما، كما الا رغبة له بالاطلاع على وجهه كي يرى ما الحقته النار به.
شعر بوجوده حتى قبل أن يراه، تغير الجو و علت ذبذبات قوية من حوله الى ان شعر بشعر قفاه ينتصب، ثم ظهر منقذه في مجاله البصري.
هز نظراته نحوه و حبس انفاسه بقوة في صدره، كان ينضح بالقوة والثقة والغطرسة المرعبة. وجهه محفورًا ، وجسده رجولي بشكل لا يصدق ، في بدلة .
كحلية كان هذا الرجل مدركًا لقدراته ومستعدًا لاستخدامها بقسوة
راقب الطبيب ينحني امامه كما يفعل العبيد للاسياد، كل شيء توقف من حوله، كان مدركا بقوة الزائر لدرجة ان قلبه توقف عن النبض:
" كيف حالك ايها الصغير؟"
كانت روسيته صحيحة الا ان لكنته العميقة تشير الى انه اصوله مختلفة،جلس على كرسي وضعه احدهم فورا خلفه، علقت عيناه بأشد النظرات زرقة رآها في حياته، لم يجب بينما الاصابع القوية تقبض على ذقنه ليتطلع الى وجهه بعينين يقضتين و ذكيتين:
" ارى بأنك تتحسن يوم بعد يوم"
لم يرد، ابقى فحسب عينيه على وجهه القريب، مأخوذا بقوة الملامح و النظرات الثاقبة، ظهر شبح ابتسامة على الشفاه القاسية الخطوط وهو ينظر مباشرة في عيناه، شعر به يدخل الى روحه حتى الأعماق:
" انت ولد قوي ماكسويل و هذا يعجبني... انت ابن ابيك و ستتجاوز كل هذا"
ارتفع صدى صراخ شقيقته اولغا في رأسه، كانت تحاول حمايته بكل ما أوتيت من قوة، أمرته بالا يتحرك من مكانه كي لا يراه المهاجمين، اولئك الملثمين الذين اغرقوا والده في الدماء و فاجئوه في مكتبه بينما فجروا رأس والدته في غرفة النوم، اولغا حمته و كي تبعد عنه الخطر ضحت بنفسها... كانت الصرخة الأخيرة قبل ان يتردد صوت الرصاص عاليا.
لم يكن بحاجة لرؤيتها كي يعرف بأنها لقيت حتفها، ارتفاع الادرينالين تغلب على خوفه من الموت، بقي في مكانه و قطع انفاسه كي لا يجدوه و قد أفلح، الا ان المهاجمين قرروا محي جريمتهم بالنار...
" هل انت صديق أبي؟؟"
هذا السؤال جعل من ابتسامة منقده تتسع قليلا، ابتسامة مرتجلة... لايبدو انه معتاد
على هذه الرياضة الشفاهية.... لا يبتسم كثيرا في العادة.أمسك بيده و حبس على سبابته ببعض القوة:
" كنا أكثر من مجرد صديقين....".
القى نظرة حذرة اليه قبل ان يرى من حوله كل هذا القوم الي يحيطه، كل اهتمامهم مع الرجل الذي يجلس بجواره، يكفي ان يهز يده كي يرتمي حراسه على ركبهم مثل كلاب الحراسة... انه رجل ذو نفود و سلطة مثلما كان والده.
"ان كنت صديقه الحميمي فلما لم ارك يوما في بيتنا"
" من حقك ان تكون حذرا ايها الامير" ترك اصابعه كي يخرج من جيبه شيئا ما قبل ان ينشره امام عينيه، تعرف فورا على والده و على منقذه " يمكنك ان تثق بي... ساعلمك كيف تنتقم ممن آذوك و سلبوك عائلتك"
هذه الكلمات اخمدت مقاومته و حذره،منذ ان تم انتشاله من السنة الموت المحتم و هو مهووس بمعرفة من وراء الاعتداء الذي تم على عائلته الطيبة السمعة، لم يقاوم فضوله فسأله عن هويتهم، الا أن منقذه لم يروي عطشه:
" تعلم على ان تكون صبورا ايها الامير الصغير، سأخبرك في الوقت المناسب ما يجب معرفته"
متى سيكون الوقت المناسب؟ هل سيتمكن من العيش مع هذا الثقل على كاهله و هذه الصور الرهيبة التي تتوالى امام عينيه في اليقضة كما في الاحلام؟؟ .
ثم طرح السؤال الذي لم يطرحه حتى الان:
" من انت؟؟"
" ملاكك الحارس..." ابتسم هذه المرة و تراءت له اسنان مصففة يتم الاهتمام جيدا بها:" و منذ اليوم ستنسى هويتك الحقيقة و حياتك القديمة، اسمك هو سانتياغو و أنا وصيك الذي سيهتم بك الى أن تصبح في عمر يؤهلك للفهم و الادراك... "
كان يجهل لما يجب عليه ان ينسلخ من هويته، الا ان احساسه ينبئه بأن هذا لحمايته، التستر على حقيقته في صالحه، عاد ليحملق لوجهه باهتمام:
" لا تخشى شيئا يا بني... بفضل عمليات التجميل ستستعيد مظهرا جديدا و تتخلص من هذه النذوب الفضيعة... فهل انت مستعد لتثقة بي.؟؟"
.
.
.

تتخبط جزيرة القمر في جمال بهي يسلب الالباب، ليست مياه بحرها الشفافة و لا رمالها البيضاء ما يجعلها استثنائية انما الالفة التي يشعرها المرء ما ان يضع قدمه فيها، وهو هنا بشكل غير قانوني، من خلال تعابير فرانكو يدرك سانتياغو بأنه نجح حقا بمفاجئته و اثارة غضبه.
"انتهت العطلة و عليك العودة... "
هز فرانكو رأسه قبل أن تبرق عينيه و تسود بشدة و كأنها حفرة عميقة في الجحيم، الشيء الذي لم يهز عزيمته، لم يتسلل لحميمة اليونيداس كي يعود خالي الوفاض.
انضمامك مكسبx كبير بغض النظر عما تريده المنظمة... لطالما خدمت مصالحي ' ميلوسلاف' و حميتني بك الطرق و كنت امينا... أريدك أن تبقى لجانبي حتى النهاية"
"ماكسويل" بدأ فرانكو بنبرته الباردة الاعتيادية"حربك لن تكون فردية و انت تعرف...سأكون بجانبك عندما يحين الوقت"
" هذا لا يكفي" قاطعه سانتياغو بنبرة جافة و عاد ليتطلع الى الطبيعة الخلابة المترامية الاطراف امامه قبل ان يعود بنظراته الى صديقه " لن تأخد يوما مكان نيوس ليونيداس و لم تُخلق لتعيش في جزيرة فروسية مع حسناء شقراء لن تنظر اليك يوما كما تتمنى..."
" لا أريدها ان تنظر لي كما اتمنى"
منح سانتياغو ظهره للجمال الذي تستعرضه النوافد العالية لشاليه كي يواجهه بملامح مشدودة و تعبير مسود:
" متى تنوي اعادة رجل الاعمال الى عائلته؟؟ الا تظن بأن اللعبة قد طال امدها؟؟ "
قست نظرات فرانكو و اكفهر وجهه بشدة، نقطة ضعفه الوحيدة و لعنته هي ديامانتي.
" ستطول حتى اقرر أنا انهائها..".
هز سانتياغو يديه متجاوزا اي سوء فهم:
" افعل تماما ما يناسبك معه فلم امتنع من تسليمه لك كعربون محبة، فمصالحنا مشتركة..."
هز فرانكو رأسه الا انه لم يتخلى على حذره، كان مستعدا للرد على اي انتقاد، وكي يخفف من التوتر الذي ارتفع بينهما قال:
"عثرت على أثر والدها"
استرخت فورا ملامح فرانكو و بان الاهتمام جليا على ملامحه:
" سبقتني..."
" املك مصادر اكثر منك..." دس يده في جيب سترته الداخلية و اخرج مغلفا وضرب به بخفة على كتفه قبل ان يضعه في يده" عربون محبة آخر 'ميلوسلاف'... أمام هذه المفاجأة لن تقاومك الجميلة كثيرا".
" أريد سعادتها ..." تمتم ببعض الخشونة وهو يفض الغلاف ليخرج منه الاوراق و الصور التي حصل عليها مقابل ثروة صغيرة، كان يلتهم المعلومات بعينيه و يبدو مركزا تماما عما بين يديه، كثف سانتياغو ذراعيه فوق صدره:
" الا تظن أن سعادتها في عودة زوجها الى البيت أخيرا؟؟"
" لقد كان حقيرا معها و لا يستحق العودة أبدا..." هز عينيه عن الاوراق" ...مصلحتها في اختفائه من حياتها الى الأبد ، لم يعرف قيمتها كما لم يعرفها الأمير قبله... هي افضل معي، أنا انجح بإسعادها"
هز سانتياغو كتفيه و كأن الموضوع برمته لا يعنيه:
" لا انوي التعقيب على ما لا يخصني"
" سيكون أفضل ماكسويل... لا تحشر انفك في موضوع نيوس ليونيداس مجددا..."
" ليست ديامانتي مهامك الاصلية..." ذكره بصلابة كي لا يبتعد عن الموضوع الذي اتى به الى هنا متخفيا كي لا يتعرف عليه طاقم الحراسة المشدد.
"حماية مصالحك هي مهامي الاصلية و اعرف تماما موقعي كفرد من جيوش الظل، سأفعل تماما كل ما تطلبه المنظمة مني، عندما انهي عطلتي مع عائلتي"
هز سانتياغو رأسه بعدم موافقة:
"ليسوا عائلتك و لا تملك الخيار و لا الوقت...حان وقت المغامرة، عليك حزم امتعتك من هذه الجزيرة الفردوسية و العودة الى الواقع... ستنفجر الحقيقة و سيقيم روكو الأرض دون اقعادها... لا انوي الرحيل من دون الأمانة"
" انت تهذي ماكسويل... لن يعطيها اليك و انت تعرف هذا جيدا... سينتهي الموضوع بحرب اهلية ترفضها المنظمة... لا تنسى ابن من يكون روكو ايميليانو..."
" بل لأنني اعرف ابن من هو ما يدفعني لتغيير اتجاهاتي فلا انوي الوقوف ضد الرياح العاتية، الا انني التزمت لفترة طويل و كنت وفيا ... وصيي وعدني بها كضمان... لن ارحل بدون ما يعود لي، لهذا احزم امتعتك و استعد لما سيعقب... وعدت المنظمة بالا اتعدى الحدود و ان اكون حريصا... ففي النهاية لا أطمح لقطع صلتي بالرجل الدي اضعه في مرتبة الأخ الكبير بل بتوطيد
علاقتنا أكثر و لن يتم ذلك بدون حصولي على ما اريد"
لم يجب فرانكو، بقي فحسب متجمدا مكانه، يتطلع اليه و كانه ينوي قتله، بقي سانتياغو يواجهه...:
" ارحل الان و سآتي بعد ان اضمن حمايتهم..."
يضمن حمايتهم؟؟ انه يقود طاقم حراسة قوي جدا يمكن وضعه في مرتبة ملكي ، من المستحيل اقلاق راحة سكان الجزيرة بحضورهم، فرانكو يريد كسب بعض الوقت فقط.
" الخطر الوحيد الذي يتعقب سكان هذه الجزيرة هو أنت..."
هز عينيه نحو الشاطى و اثار انتباهه من بعيد الجميلة الشقراء برفقة توأمها السمراء، كانتا تتمشيان على طول الشاطئ، حتى من هذه المسافة... المرأة الحسناء تتوهج جمالا، يعذر هوس فرانكو بها، ففي النهاية لا يمكن الا يغرم بحسنها رجل مهما كان وزنه الاجتماعي: " من الأفضل ان ارحل و اتركك مع عائلتك..."
رغما عنه اتت ملاحظته الأخيرة متهكمة، الا ان هذا لم يؤثر على فرانكو الذي بقيت
ملامحه جليدية و عيناه الزيتونيتين خطرتين:
" اختفي من الجزيرة ماكسويل و اعمل على الا يلمحك احد في الجوار... امنعك قطعا من وضع قدمك هنا مرة اخرى هل انا واضح؟... حميمية ديامانتي و اطفالها من ضمن اولوياتي ايضا فلا تنسى هذا أبدا..."
*. *. *
منذ موت اليخاندرو لم ترى فلور ابتسامة داركو الصافية، في هذه اللحظة، لم تكن فحسب ابتسامته صادقة انما نظراته ناعمة و رقيقة بينما يحطها على شاشة حاسوبه
الذي فوق مكتبه... تآكلها الفضول فورا لمعرفة ما يجعله سعيدا... فمنذ أيام...انقلب روتين حياتهم...الى جحيم.
" ما المسلي؟؟ هل كسبت صفقة العمر؟"
هز نظراته القاتمة نحوها، عندما اتى بالطبيبة النفسية، كانت غاضبة منه الى أن شعرت بعظمها يذوب تحت النيران، و داركو عمل على الا يكون بينهما حوار او مناقشة في الموضوع... اما فيما يخصها.. فقد اخدت بنصيحة ابنة خالتها أنجلا... تكلمت مع الطبيبة و لمفاجاتها الكلام اراحها بشدة كبيرة، المرأة تعرف كيف تكون
مستمعة جيدة،وهي... احتاجت للتعرية قليلا عما يقلقها و يخيفها، اتضح لها في النهاية بأن "التوكوبوبيا" لها علاجات متعددة و الا يجب أن تخشى شيئا سوى عواقب العملية التي قامت بها بعد الولادة، ان كانت فلور قد تقبلت الواقع و فضفضت للطبيبة فداركو يتجاهل سؤالها عليه... لا يبدو انه مستعد للفضفضة بعد... يالسخرية الموقف، هو من اتى بالإختصاصية لبيتهم و هو من يقوم بالهروب منها.
اقتربت من المكتب و اطلت برأسها على الشاشة، لم تكن أعمدة البورصة و لا ارقام الحسابات بل فتاة شقراء فاثنة، تيبس الدم في شرايينها لكن قبل ان تنطلق في غيرتها انتبهت الى ان هذه الحسناء الجميلةصورة مطابقة لبيانكا... رمشت عدة مرات بعدم تصديق بينما المفاجأة تلجم لسانها... هل هذه دعابة؟؟ فوتوشوب ربما كي يرى داركو كيف تكون ابنته بلوك آخر؟... عادت تنظر الى الصور و انتبهت الى انها على حساب كنتها الشخصي في احد الشبكات الاجتماعية.
" آه..." تأوهت من المفاجأة بينما تلتقط نظراتها الصور الجديدة:" يالها من خسارة..."
" اجدها رائعة.." وشوش داركو وهو يمد أصابعه ليتابع خطوط فك ابنته، لقد ضحت بشعرها و قصته بشكل قصير، بالكاد يصل الى أسفل رقبتها... صحيح أن التسريحة أنيقة جدا و تليق بوجهها الا ان اللون يصدمها قليلا... من الأسود الحالك تلونت الخصلات الى أشقرثلجي، التغيير ..نجح بصدمتها.
" مالذي حدث لعقلها؟؟"
" انها تقلب الصفحة..." قال وهو يغلق حساب ابنته ليهز عينيه نحوها " و تكبر..."
تعرف بأنه يقصد بقلب الصفحة موت اليخاندرو، طريقة غريبة لطوي الماضي،فهل هذا التغيير الجسماني سيساعدها حقا بالمضي قدما؟؟ هل ستنسيها شقرتها فقدانها لخطيبها و صديق مراهقتها؟ و ان وجدت هي طريقة للهروب من الواقع فما هي الطريقة التي سيتخذها داركو لعيش حداده أخيرا؟ هل سيصبح شعره بالأخضر؟؟
مدت يدها لتلامس خصلات شعره و تتحسس نعومته، امسك بيدها و قربها من شفاهه قبل ان يحط عليها قبلة عميقة و يجرها الى حجره، جلست على ركبتيه، ذراعيها حول رقبته و جبينها على جبينه، استنشقته... استنشقت داركو.
" أريد أن نعود كما كنا..."
علاقتهما في ورطة و اصبحا يعانيان من قلة التواصل مؤخرا،لقد حاولت ان تكون متفهمة، الا انها تخشى ان يطول ابتعاده و تتدهور علاقتهما و ربما تسوء بسبب تحفظه و انعزاله، نصحتها الطبيبة بالمحاولة،تعرف بأن زواجهما قوي، بأن سماء علاقتهما الرومانسية لن تتحول الى الرمادي و ربما تتوجه تدريجيا الى الأسود بإيمانها الشديد في مشاعره نحوها.
العاصفة بعيدة ورائهما.. اصابتها في امريكا و غيبوبتها ثم موت اليخاندرو و ازمة الجميع النفسية،.. سيتمكنا من الخروج من هذه الرقعة السيئة أقوى من قبل و أشد صلابة...
" تحاشيت مطولا ردة فعلي اتجاه جلبك الطبيبة دون اخد رئي... بلعت غضبي و فكرت بجدية بأن يأسك ما دفعك للتصرف بهذه الطريقة"
" ترتعبين من مجرد التكلم عن احتمالية وقوع حمل" تمتم بصوت منخفض:
" كما ارتعابك من التكلم عن خسارة اليخاندرو..." هذه الملاحظه جعلته يتصلب تحتها، لم تكن تنوي الابتعاد عنه و لا تركه يبتعد بنظراته:
" لا تقارني بين الموضوعين"
" لماذا؟؟" سألته بينما ينجح في ابعادها عنه و الوقوف من مكانه، بدى فجأة عصبيا، اختفى القليل من الصبر الذي منحه لها:" ظننت اننا نتشارك كل شيء؟"
" نحن نتشارك كل شيء فلورانس... اتحادنا هو غراء زواجنا "
" ما هو الهدف من أن نعيش تحت سقف واحد إذا كنت لا ترغب في مشاركتي احزانك ؟" عقدت ذراعيها فوق صدرها، الغصة في حلقها تمنع عنها فجأة البقاء صلبة و صامدة أمامه " لا تظن بأن المآساه عليك فقط... كنت احب اليخاندرو، لا تكن أنانيا و تحرمني عيش الحداد معك... لا تعش الانتكاسة في عزلة ووحدة اتوسل اليك..."
لم يجبها، بقي يقف امام النوافد المطلة على البحر الايوني و يمنحها ظهره، داركو لا يهرب مطلقا من مواجهتها بالنظرات، انه فخور بأن يهزمه احد بهذه الطريقة، لكنه منكسر و مدمر... كل المشاعر ستختفي بضربة عصا سحرية من خلال محادثة جيدة كما اخبرتها الطبيبة. سيفسران لأنفسهما ، سيتحدثان عن ما يشعران به ، كيف تشعر.... هو سيستمع وفوق كل شيء سيفهم كما ستستمع و ستتفهم... بفضل هذه اللحظات ، يمكنهما تكييف سلوكهما. وبدأ العلاقة من جديد:
" عندما علمت بأن ليلتي الوحيدة معك أثمرت... لا أنكر بانني فكرت في التخلص من الجنين لاسبابي آنذاك..." من الأفضل أن تتكلم على نفسها قبل ان تدفعه للتكلم و الفضفضة" كنت حينها غاضبة من فرجينيا اذ اكتشفت بأنني ابنة رجل آخر غير الرجل الذي ناديته بأبي طوال عمري..."
مازال الالم في اركان قلبها الا انه ليس بالشدة نفسها، خيبتها من فرجينيا تحولت الى مرارة قبل ان تبدأ بالتلاشي قليلا...
" شعرت بانني أسوأ من أمي... اذ انها على الاقل احتفظت بي حتى و ان انسبتني لرجل غير ابي الحقيقي... "
داركو لا يتحرك من مكانه، تعرف بانه منتبه جيدا لما تقوله، أنزلت نظراتها على جسمه الضخم، كتفيه المتصلبتين، خطوط ذراعيه و ساعديه القويين، يديه اللتين ادلفهما في جيوب بنطال جنزه الكحلي...
" احتفظت بالحمل كي لا اشعر بالعار من افكاري الاجرامية... لم اشعر بالعاطفة الا بعد أن خرج ابني الى الحياة، خلال فنرة حملي... تحديت المجتمع الذي نظر الي تساقطة و آ كلة الرجال... تركتهم لجوعهم نحو هوية اب طفلي و عانيت مع الاضطراب الذي اصابني امام تغيراتي الجسدية..كانت رهبة حقيقية و أفكار سلبية وسواسية.. نزاعاتنا آنذاك زادت الطين بلة.. عشت جحيم التسعة أشهر"
راقبته يستدير ببطئ، لا تنوي تحسيسه بالذنب او حتى لومه، هي ايضا لم تكن رحيمة معه و حاولت بكل الطرق حرمانه حقوقه، داركو لم يفعل سوى الدفاع عن مصالحه، و اليوم... هي تعرفه جيدا، و تعرف شدة حبه لأطفاله كي تفهم اندفاعاته الماضية وحشيته.
" لم اكن اعرف بمشاكلك..." قال لها كنوع من التبرير الممزوج بالاعتذار.
" لو كنت تعرف فهل كنت لتتركني و شأني؟"
هز رأسه بالنفي وقال بصدق:
"كلا.. نيكولاي هو وريث الفالكوني... لم أكن لاتركه معك فلورانس... أبدا"
كانت لتتفاجا لو منحها اجابة مختلفة، تابعت و كأنه لم يقاطع كلامها...
" الولادة لم تمر أبدا كما تمنيت.... لا تحتاج للتفاصيل فقد كنت موجودا..."
بدى الانزعاج جليا على وجهه، راقبته يخرج يده من جيب بنطاله و يمررها على وجهه:
" ما حدث دفعني الى وضع آلية دفاعية كاملة لمنع احتمالية حدوث أي حمل... لهذا ... بعد الولادة... طلبت من طبيبي أن يقوم بعملية صغيرة كي لا أقع مجددا في نفس الموقف و أعاني بنفس الطريقة"
لا يبدو متفاجئا من اعترافها، هي التي امضت الأيام الأخيرة في صياغة طريقة لابلاغه بالموضوع، بطريقة لا تخدش حساسيته الزائدة سلفا من الموضوع، بقيا يتطلعان في أعين بعضهما، كانت تنتظر و تترقب، الا انه التزم بالصمت و استمر فحسب بمراقبتها بنظراتها الشديدة السواد.
" الن... تقول شيئا؟؟"
" آسف لأنني صعبت عليك فترة الحمل و كنت سافلا أيضا خلال الولادة..." سمعته يقول بنبرة محايدة.
"هذا كل شيء؟؟"
لن يعلق بشأن اعترافها الأخير؟؟ لن يحصل نيكولاي على أخ أو أخت... لن يكون هناك حملا بالمرة.
" لم أكن ملاكا و كانت لي أسبابي"
" أنا أيضا لم أكن ملاكا داركو و لم أخبرك بكل هذا كي تعتذر بحق السماء انما ليتقرب كل منا للأخر... نحن بحاجة لبعضنا... أريد أن اساندك تماما كما ساندتني خلال فطامي من المخدرات هل تذكر؟؟"
هذا المرة ترك لامبالاته جانبا و رقت نظراته قبل أن تقرأ ألما مزق كيانها، دنت منه بخطوات واسعة، انها بحاجة ماسة للتواصل معه. فتح لها ذراعيه ما ان اصبحت أمامه و تركت نفسها تلتحم بكل جزء من روحه، شعرت بأنها في مكانها الصحيح، بأن كل مشاكل العالم لن تفصلها يوم عن هذا الرجل الذي دخل حياتها ذات مساء كي يقلبها راسا على عقب:
" آه ديو..." سمعته يتأوه في شعرها، أنفاسه الدافئة ترتطم بجلدة رأسها" كيف احببتني على الرغم من كل ما فعلته بك؟؟... أنت حقا غريبة الأطوار "
سؤال وجيه... هي نفسها تجهل كي كانت البداية الا انها اللحظة على الأقل...تعرف مشاعرها كما تعرف نفسها:
" سأظل أحبك الى آخر نفس أيها الأمير..."
" هذا اليقين يزيد من غضبي فحسب..." أبعدها عنه ليتطلع في عينيها "أنا لا أستحقك فلورانس... لا أستحق ولائك و لا حبك و لا اخلاصك و تضحياتك... الا ان ثمة أمر عليك معرفته..."
عندما أخد صوته رنة صارمة شعرت بشيء يتحرك في داخلها، قلق يشعرها بالانزعاج، أمسك بيدها و قادها نحو الكنبة، تركته يدفعها لنعومتها قبل أن يجلس بجانبها و يأخد يدها في يده، أصبح الجو غريب وثقيل بينهما ...في الأفق ، بدأت الشمس غطسها الليلي ، تغمر الكل في هالة حمراء اللون ، وبدأت الظلال بالتمدد على الجذران و الشرفات.'
" عليك ان تعرفي بأنني لم أتعمد الاهمال تلك الليلة،كنت غاضب من 'مارك انطونيو بسبب حمايته 'لديامانتي' و عاملتك بوحشية... لا أنكر بأن حملك فاجأني... الا انني رجل يحب أطفاله فلورانس... ومقاومتك لي جعلتني احذرك كثيرا لهذا... لم اكن اثق بخياراتك و اشتريت خدمات طاقمك الطبي الذي كان يراقب حملك كي اتلقى تقاريرك بشكل مستمر..."
فتحت فمها ثم عادت لتغلقه،ماذا لديها لتجيب لهذا ايضا؟؟ في اعماقها طالما عرفت بأن طبيبها جاسوس الامير بشكل أو بآخر.
" لم يتم لمس رحمك بسوء، عندما اطلعني الطبيب عن رغبتك رفضت الموضوع قطعا و هددت بتدمير مهنته ان فعل... .."
هذه المرة لم لم تمنع نفسها من التأوه من هول المفاجأة و تركت يده كي تحطها

على فمها، كانت بحاجة للتحرر من قبضته و التحرك كي تؤكد لنفسها بانها لا تحلم و أنها واعية.
" أعرف... لقد كان خيارك... و "
" و لم يكن بيننا شيء جدي فلما تدخلت حينها في قراري بخوضها؟؟" اتى صوتها مرتجفا و عاليا نوعا ما و لهجتها حادة، لن يتوقف يوما عن مفاجأتها.
هز كتفيه، ثم مسح وجهه بيديه قبل ان يحط عليها تلك النظرات التي سلبتها لبها منذ اللحظة الاولى:
" ربما لانني كنت اعرف في داخلي بأنني سأتزوجك حبيبتي... "
لما يظيف كلمة حبيبتي؟؟ مقاومتها و غضبها و استيائها يضعفان، انها غاضبة لأنها قلقت من اجل لاشيء... انها سعيدة لتدخله و في نفس الوقت تموت رغبة في خنقه.
" لم تطلب يدي داركو انما ابي اجبرك... "
رمش ثم اتكئ بمرافقيه على ركبتيه قبل ان ينحي برأسه كي يعود لمواجهتها بأجمل تعبير رأته في حياتها:
" تكونين غبية ان ظننت بأنني تزوجتك لهذا الغرض... فلورانس ريتشي... أغرمت بك منذ اليوم الأول الدي رأيتك فيه تائهة على شاطئ كاتانيا بعيونك المتورمة من البكاء و ملامحك التعسة..."
من المستحيل مقاومة موجة الانفعالات التي هجمت على صدرها، صحيح ان الماضي خلفهما،زواجهما مر بالكثير من العقبات و نجى منها بأعجوبة، الا ان الطريقة التي تزوجا بها طالما أحسستها بالذل و الاهانة، كانت تشك في اثارة اهتمام رجل فخور مثله بشكل جدي لسيما و قد كان متزوجا من اجمل امرأة رأتها في حياتها..
" لا تبالغ... فقط لتحصل مني على الغفران..." ابتسمت ببعض الحزن" كنت مستعد لكل شيء فقط لتحصل على الحضانة"
" كنت سأحصل عليها دون الزواج منك سبق و اخبرتك بذلك... " عندما امسك بيدها تغيرت ملامحه و اضحت قلقة" هل تشكين بصدق كلامي؟"
هزت رأسها بالنفي:
" أشعر بأنني في ماراثون مستمر كي ابقى مكانتي في قلبك الى مالا نهاية..."
بدت الدهشة على جهه:
" فلورانس انا أحبك... بوجود نيكولاي او من دونه... بحتت عنك في اخريات و لم اجدك، أخدت وقتا في فهم مشاعري الا ان مكانك لن يتزحزح الى مالانهاية فتوقفي عن السباق مع اوهامك... عندما أصبت في امريكا ... قصدت بيت الله للمرة الأولى في حياتي... طلبت منه ان يأخذني مكانك.. فان كنت سأعيش من دونك فالأفضل لي الا أعيش بالمرّة... كل جزيئاتي مغرمة بك فأمنعك من التشكيك بمصداقيتي"
كل ماذا...؟؟ كيف عبّر؟؟
جزيئاته؟
انقسم وجهها في ابتسامة شاسعة و انطلقت نحوه، استقبلها مجددا بين ذراعيه، قبله... كان الليل مظلم و مليئ بالأهوال... معه... كل شيء تغير. حياتها اصبح لها طعم مغاير...
معه... أصبح معنى لوجودها.
لم يتكلما قط عن ظروف زواجهما، انها المرة الأولى و ستكون الأخيرة،ما لا يفهمه داركو أنها لا تشكك في حبه لها، بل في ثقتها بنفسها... تحبه لدرجة تجعلها كل الوقت خائفة من امكانية فقدانه...
هو من قطع عناقهما الحار، كان بحاجة لتذوق شفاهها، تجاوبت بشغف كل مرة، داركو يشعلها مثل عود الكبريت،عندما ابتعد عنها ليتطلع مجددا الى عينيها قرأت أسفه حتى قبل أن ينطق به:
" لم يكن يجذر بي جلب الطبيبة الى هنا... كان ينقصنا التحاور فحسب..."
هزت رأسها:
" لقد ساعدتني في فهم حالتي... لحسن الحظ ان هناك علاجا نفسيا..."
ابتسم و لمع الأمل في عينيه:
" سنجرب اذن؟؟ أم تحتاجين لفترة أطول؟"
لا تنكر ان الموضوع مازال يزعجها، لكن، ليس مثل الأول، بدأت تتقبل فكرة أن زوجها لا يتنازل مطلقا عما يريده.... انه يريد دزينة أطفال
" لما انت مستعجل لهذه الدرجة؟؟"
" لأنني لم أعش حملك الأول كما يجب و أريد أن يكون لنيكولا أخ و للكونت حفيد جديد..."
كشرت قليلا و نبهته:
" يستحق سيليو الحصول على مكان في قائمة امنياتك الا تظن؟؟ انه رائع معي"
" انه كذلك لأنك ابنة الديكاتريس و تزنين اكثر من كرامته و عزة نفسه..."
" أنت قاس..."
دفع يده في شعرها قبل ان يحطها على كتفها و يدفع حاشية فستانها الى الخلف:
" مارايك أن نبدأ بالمحاولة منذ اللحظة؟؟"
لن تعترض بالتأكيد، تعشق اللقاءات الجسدية معه، الا انها لن تخبره فورا بأن حبوب منع الحمل ستنتهي خلال أسبوع و لا تنوي قطعها فجأة و التسبب باضطراب هرموني.
في النهاية لم يتكلما عن حداده...
لا بأس...
ستجرب خوض الموضوع لاحقا، ان كان ينوي عيش حداده في السرير فهي متوفرة كليا...
* * *
كان الليل قد رمى بظلاله القاتمة منذ زمن، روكو لم يعد بعد الى القلعة و الوليمة التي جهزتها بنفسها بردت، لقد تأكدت بريانا بأن كل محاولاتها... الواحدة تلوى الاخرى تبوء بالفشل لسبب تجهله.
اتصلت بسكرتيرته لتتأكد من مواعيده و كانت متأكدة من أن الليلة ستكون نقطة تحول، الا انه مثل المعتاد، فر من بين أصابعها و ضاعت فرصة اخباره بشأن حملها بطريقة رومانسية.
لا تملك الوقت، بطنها تتوضح يوما بعد يوم، تحاول اخفائها بالملابس حفاظا على عنصر المفاجئة... الا ان الوضع أصبح سخيفا حقا..
سابرينا و صوفي احترمتا حميميتها و ظنتا مثلها بأنه أخيرا... سيعرف العراب بان ثمة طفل ينمو في أحشائها.
القت نظرة خيبة على الطاولة المجهزة في سبيل مشاركة لحظات خاصة، الأواني الذهبية و الفضية، صحون البورسلان الحر، شمعدان الفضة، شراشف الدانتيل و الاضاءة الخافتة لمنح الحميمية.
تملكتها رغبة في الصياح لتوفر متنفسا لضيقها، الا انها تراجعت عن البكاء، انها زوجة رجل مهم و مشغول جدا و عليها الا تنسى وعدها له بالصبر، أخبرها بأنه سيمنحها وقتا ما ان يقل ضغط العمل الحالي... تتمنى فحسب ان تسنح لها الفرصة قبل ان يكشف أمرها و تبرز بطنها بوضوح أمامه.
لما لا تسير الأمور كما تتمنى؟ حلم باريس تبخر في العدم، هده الحقيقة اخترقت صدرها مثل ضربة الخنجر، سانتياغو اختفى في مهمة و لم يكن بإمكانها تدبير الأمور بفردها،صارت ترغب فحسب بأمسية حميمية مع زوجها كي تخبره بحملها.
انحنت على الشمعدان لتنفخ على لهيبه و سمعت خطوات رئيسة الخدم تقترب منها:
" اعطي الأوامر بفض الطاولة و تنظيف المكان..."
لم تنظر اليها كي تتفادى نظرة الشفقة بلا أدنى شك وتوجهت خارج قاعة الطعام، فخر القلعة بنقوشها و تصميمها الذي يعود لعصر النهضة. الشعور بالاختناق يزداد في كل خطوة تبعدها عن المكان الذي انتظرت فيه لساعات طويلة، عندما يغلق روكو هاتفه، فإن الأمر يكون مهما .. أي... يتعلق بالأعمال الأخرى.
حاولت استعجاله و لم تتمكن من التواصل معه، في العادة تدق على هاتف سانتياغو كي يبلغه برسائلها العاجلة، الا انه لم يكن معه كي يسرع لنجدتها.
أغلقت باب الجناح بحدة خلفها و رمت بأدائها العالي الكعبين قبل ان تجلس على حافة السرير الشاهق و تضع رأسها بين يديها.
لما يتملكها -في هده المواقف- احساس أنها تعيش جحيم ديميتريس؟ هذا الانتظار الطويل و الخيبة يذكرانها دوما به، لا أوجه تشابه بين زوجها السابق و الحالي، لكن القصة تتكرر امام عينيها... رغم كل الاعذار التي تحاول منحها لروكو... الا انه غير موجود حقا في حياتها.
زفرت قبل ان تقرر نزع فستان السهرة الذي اختارته خصيصا للمناسبة، من عصبيتها تمزق في يدها بينما تحاول تحرير السحاب، لم تنظر أبدا للأضرار التي الحقت بالتحفة الفنية، اكتفت فحسب بحمله بأصابعها ووضعه في سلة المهملات، جلست أمام مرآة طاولة الزينة و بدأت بإزالة زينتها التي اهتمت بها خصيصا الليلة، روكو يكره المكياج، انه يحبها على طبيعتها، الا انه كان عليها اخفاء شحوب بشرتها، ليس من السهل الشعور بالغثيان طيلة اليوم.
السرير لم يأتي لها بالهناء الذي تمنته، بقيت ممددة بين الشراشف في العتمة الخفيفة لوقت لا تعرف عدده.
عندما دقت الساعة الثالثة فجرا، فتح باب الجناح و دخل زوجها،كانت نظراتها قد اعتادت على الظلمة و يمكنها تمييز شكله، لم يكن يرتدي سترته الوفية، قميصه مفتوح عند الصدر و يشمر على ساعديه، لو لم تكن تثق به كثيرا لظنت انه امضى امسيته مع امرأة... مظهره مظهر من أتى على الخروج من سرير عشيقته.
هل يجب ان تتظاهر بالنوم ام تستقبله بحفاوة من لم تيمزق قلبها خلال ساعات انتظار طويلة؟؟ منذ زواجهما لم تتشاجر معه ولا تنوي فتح موضوع حساس في وقت متأخر من الليل... من الأفضل أن تستمر بالتظاهر بالنوم.
تابعته بنظراتها من خلال رموشها يتوجه بخطواته الاعتيادية المتزنة نحو خزانة الملابس، انتزع ملابسه ليمنحها شرف رؤية جسده المتناسق و الرائع، هذا الرجل جعل نساء ايطاليا يفقدن وعيهن وقد تزوجها هي... انها ملك رجل لم يكن هناك سوى القليل منه...انه أكثر من مجرد رجل اعتيادي انما هو ملك.
شعرت بالاستياء من نفسها بينما تجد ان مقاومتها بدأت بالتبخر،انها مثيرة للشفقة... يكفي ان يكون في محيطها كي تنسى غضبها منه.
استمتعت بعرض الدوش، و اغمضت عينيها عندما خرج يلف خصره بمنشفة،سمعته يفرش أسنانه و يتأخر مجددا عند الخزانة، عندما فتحت عينها لتراه... كان قد ارتدى بدلة كحلية و مشط شعره الى الوراء... هل هذه مزحة...؟؟؟ الن ينام؟
عليها الاستيقاظ... و الا سيختفي مجددا لوقت لا يعلمه سوى الله.
حاولت ان يأتي استيقاظها عفويا، استعملت مكرها الانثوي لتحقيق ذلك، لايبدو ان روكو قد انتبه لمسرحيتها، بل بدى عليه الندم لأنه ازعج نومها.
" عدت أخيرا؟"
اقترب من السرير و اشعل ضوء الشوفيه الدي انار ملامح وجهه الارستقراطية،انه
مبهر، ورائحة النظافة تنبعث منه، يمكنها ان ترسل غضبها الى الجحيم... هي متيمة بحب هذا الرجل.
وضع يده على خدها و دفع خصلة من شعرها بعيدا:
" عدت لتغيير ملابسي و الاطمئنان عليك... لدي بعض المشاكل في روما و علي الطيران لتسويتها..."
قطبت و جلست على السرير بينما انتابها القلق:
" اي نوع من المشاكل؟؟"
" لا تقلقي عزيزتي"
أمسك بدقنها و وضع قبلة صغيرة على ارنبة انفها " سأحاول تحرير نفسي باكرا اليوم و نذهب للعشاء خارج صقلية..."
كان يجب ان تفرح بهذا العرض المغري، الفرصة تمنح نفسها و يمكن ان تخطط طيلة اليوم لطريقة رومانسية تخبره بها بحملها، الا أن روكو يبدو عصبيا، عادة لا شيء يؤثر على برودة أعصابه.
" هل المشاكل تتعلق بأعمال الايمليانو الأخرى...؟؟"
" حبيبتي... لا يوجد شيء اسمه أعمال الايمليانو الاخرى..." مسد مجددا على شعرها " أحاول خلق بعض التوازن في عالم انقلب اسفله على أعلاه... "
" انت مثل سوبرمان اذن؟؟" ابتسم لها و التمعت اسنانه، تحرقت لتقبيله و مسح القلق من نظراته: "اذن ما الأمر؟؟ اذا لم يكن الأمر يتعلق بالمفسدين في المجتمع فلما تفضل الرحيل مبكرا الى روما بدل اخد قسط من النوم؟؟"
بدى ممتنعا عن الاجابة، انتظرت لنصف ثانية و رأته يستسلم،:
" مشروع اغرجينتو يتعرض للهجوم... يتهمونا بتلويث الطبيعة و التسبب بتسمم الهواء و ازهاق ارواح الناس..."
" هراء" قذفت بلا تأخر:"
Mediterranean energy هي من انجح الحقول الطاقية في أروبا.
" لا أملك ما اخفيه حبيبتي... سأتركهم يقومون بعملهم للتأكد ان كانت الطاقة مقطرة و الا خطر على مياه الجزيرة و ان نفاياتنا ليست سامة..."
شعرت فجأة بالذنب، لقد اتهمته بإهمالها بينما يملك الأطنان من المشاكل المعلقة على رأسه:
" الم تكن هناك تنقيبات في البداية؟؟" سألته.
" بلى..." أكد لها برقة" يشاع ان ثمة شكايا توصلوا بها... "
" شكايا؟؟" تسائلت بعدم فهم" لقد منحت فرصة عمل لكل شباب الجزيرة هل هذه هي الطريقة لشكرك؟؟.. من يجرؤ بوضعك في موقف كريه مماثل؟؟"
" شخص واحد عزيزتي... شخص يملك من النفوذ ما يجعله يضع على ظهري كل صحف العالم لتغطية الخبر الكاذب و الاساءة للمشروع..."
شعرت بالدم ينسحب من وجهها... مستحيل.
" سانتو..."
" و من غيره... "
قفزت من مكانها متناسية بطنها التي بدأت بالبروز، الا ان روكو بدى مهتما اكثر بتفقد ساعة يده:
" اعطني دقيقة لارتدي ملابسي و آتي معك..."
" كارا..."
قاطعت اعتراضه بلهجة حازمة:
" لن اتركك في هذه المحنة هل تفهم؟؟ ذلك السافل سبق و آذاك و يستمر بالحاق الاذى بينما لا تفعل شيء لردعه..."
" لن ادخل حربا مع اخي بريانا... انا قادر على ايذائه ان تملكتني الرغبة ... الا انه لايستحق ان امنح اهمية لهجومه... انه يحمل دماء الايميليانو... لم يكن ابي ليسمح بهذا...كما لا يمكنني ان اسمح بهذا"
هذا هو روكو...
شعرت بالغضب يتآكلها،لو كان السافل امامها لمزقت وجهه الشبيه بغول الادغال يانيس، كم تكرههما معا، انهما اكثر شخصين الحقا الاذى بروكو.
"فلنقلب الوضع لصالحنا" قالت وهي تتوجه الى الخزانة لاخراج طاقمها الرسمي" انها فرصة شهرة عالية للغاية للمشروع... سنحصل على دعاية مجانية و نجعل التفتيش علنا و على كل القنوات العالمية ... شيء يشبه البرامج التافهة التي تدير حياة المشاهير طيلة اليوم... "
" بريانا" بدت التسلية في صوته و هو يناديها، هزت عينيها نحوه، كان يكثف ذراعيه فوق صدره و يتكا على الحائط " انت مليئة بالافكار الجميلة عندما تكونين غاضبة"
" انا غاضبة من سانتو" بلعت اطرائه الذي ذهب مباشرة الى قلبها و أغلقت ازرار قميصها فوق بطنها و ادخلت حاشياته في بنطالها..." استغرب لما اهتمت الصحافة العالمية بهذا الموضوع بالرغم من ان الاتهام باطل؟"
" لأن أخي العزيز اعطى معلومات دقيقة لا يعرفها غيري... ماضي ابي يهدد بتسويد سمعة هذا المشروع الذي اتشبث به بشكل خاص... الموضوع لا يخصني فقط انما يهم العديد من الشركاء... اسهم الجميع في خطر... الفضيحة ستؤثر سلبا علينا و سنفقد المليارات في البورصة"
جمعت شعرها خلف رأسها:
" ما علاقة يانيس بهذا المشروع؟؟"
" سبق و تسببت معامله بالتلوث مما ادى الى وفيات... سانتو استغل الفضيحة القديمة للاساءة لي.."
و لما ليست متفاجئة؟؟ يانيس ايمليانو العظيم الذي كان يعشق الممنوعات و لا قيمة لحياة البشر عنده... لحسن الحظ ان روكو لم يرث شيئا من شره... يبدو ان اكثر من ورث جيناته هو السافل سانتو، التشابه المذهل لا يقف فحسب على الملامح.
" اهدئي" كان قد اقترب منها و ساعدها بارتداء سترتها الزرقاء القاتمة، أحاط وجهها بين يديه و تطلع اليها بجدية " لا تظني انني رجل مهزوم... لن يتوفق علي سانتو مهما تعددت حيله، بإمكاني خنق الموضوع بطرقي، الا انني اريد ان تُغسل القضية علنا و الا تُحط أصابع الاتهام مجددا على انرجي ميديتيراني ' هذا سيعلم سانتو درسا، ربما سيفتح عينيه على حقيقة اني لست عدوه و يبعده عن ضغينته الاعتيادية نحو الايميليانو...تعمت التصرف بأنانية... بدل تركك تنعمين بنوم هانئ قصدت اخراجك من تحت الأغطية كي تنضمي الي... أشتاق اليك بريانا... أريدك بجانبي..."
هذا أجمل شيء سمعته منذ زمن بعيد، أمسكت بوجهه بدورها و قبلت شفاهه متجرعة شوق الساعات اليتيمة التي انتظرته فيها بيأس دون أن يأتي. رباه... انها تعشقه بكل خلية من جسدها.
" أستمر في أنانيتك لأنني أشتاق اليك أيضا... يجب الا تفرق بيننا مسافات الظروف مجددا، أنا زوجتك في السراء و الضراء و أنوي دعمك حتى النهاية..."
تنهد وقربها من صدره كي يضمها اليه بكل قوة:
" أنت خطر على قلبي ايتها اليونانية الجميلة...كيف ارد جميلك يوما؟؟"
" فقط اتركني بجانبك..."
***

( عزيزي خوسيه...
كل عمري، لم يصبني الرهاب كما اصابني من روكو... اظيفه لقائمة الفايروسات الغير معروف دوائها في قائمة حياتي، اشعر بألا حولة لي و لا قوة... اشعر بنفسي ضئيلة و بلا اهمية.
عزيزي خوسيه... يمكنك ان تعتمد على ولائه، فلا أظن كبريائك يسمح لك بطلب معونة أحد... أعرف بأنه اتى من تلقاء نفسه والا علاقة لك بالموضوع.
عدت الى القلعة مكبلة اليدين و الرجلين و العزيمة أيضا...الاحباط يكاد يقتلني.
كرامتي محطمة لأشلاء.
دونيا سيسيليا تتعامل وكأنه لم يحدث شيئا...
انها امرأة ذكية و تملك لؤم السياسين... كم اتمنى ان أحصل على القليل من برودة اعصابها.
عزيزي خوسيه...
رغم اختفائك الغريب الا انني أعرف باتصالاتك المستمرة للمربية... أنت ترى التوأمين باستمرار... على الأقل هذا يجعلك تدرك بأنني عدت أدراجي و بأنهما في أمان في القلعة...
لما لا تسأل عن سبب عودتي اذن؟؟ أم أنك تعرف سلفا الاجابة...
كنت محقا... لا يمكنني الذهاب بعيدا
لن يمكنني الانتصار)
.
.
.
" أدخل"
استجابت سيسيليا لطرقاتها ما ان دقت على باب المكتبة، هذه الأخيرة استقبلتها بحفاوة المنافقين، انها تبتسم لها... ربما تسخر منها في داخلها.
" ما الأمر يا طفلتي؟؟"
" أين اختفى خوسيه؟"
هذا السؤال لم يزل ابتسامتها الا أن نظراتها اضحت جليدية، ضمت آيا ذراعيها اليها:
" لم أظنك مهتمة بمعرفة ما يفعله لسيما بعد الزوبعة التي أحذتتها .."
" أنت محقة فما يفعله بحياته آخر اهتماماتي..." أردفت بجفاف" ما يحدث أنني مرهقة دونيا سيسيليا و أريد السفر لرؤية عائلتي ... أحتاج لموافقته كي أخد التوأمين خارج الحدود الاسبانية"
ساء مزاج حماتها و اختفت ابتسامتها، تجهل من اي شيء صنعت هذه المرأة، تبدو شيطانية جدا عندما لا تلعب دور العجوز المريضة أو اللطيفة و المتحضرة.
" لن يبتعد حفيداي عن القلعة... "
" لا أنوي اختطافهما..." تمتمت آيا بسام و هي تضغط على جبينها، تقاوم الصداع الرهيب الذي يهدد بسحقها:" لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر... أنا لست مسجونة في هذا الزواج... من حقي السفر ... أحتاج لبعض الخلوة و تجديد طاقتي فامتحاناتي على الأبواب و لست مستعدة لها بسبب كل ما يحدث..."
سقط الصمت، ان كلمت خوسيه فسيسمح لها بالتأكيد، الم يطلب من والدته ان تترك في خدمتها المربية و منحها حرية التنقل؟؟ الا ان هذا لا يخدم مصالح حماتها، و لا يمكنها التصرف بدون موافقتها مخافة ردة فعل روكو.
"سوف آتي معك..."
اتسعت عينا آيا من المفاجأة.
" ماذا؟؟"
" سمعتني جيدا... لن أترك لك حرية التنقل حتى و ان وافق خوسيه على ذلك.. ببساطة انا لا أثق بك... " هذه المرأة قصيرة القامة، و رغم دلك لا يوجد ما يمكن ان يجعلها تتراجع امام تعابيرها المشبوهة، كانت تهز رأسها نحوها و تتطلع اليها بصرامة و تحد.
" احزمي اغراضك... سأخبر الطيار بأننا سنرحل في المساء... امنعك من اقلاق راحة خوسيه، سأتولى الأمر بنفسي."
ان تتخيل حماتها في بيت طفولتها يدفع معدتها للتقلب، بيتها لايشبه في شيء قلعة المارتينيز التي تمر في برامج اجمل القصور الاسبانية، كما انها ترفض قطعا ان تحشر نفسها في حياتها الخاصة، ولا ان تقحم حميمية عائلتها.
" ما الأمر؟ ارى بأنك تتراجعين..."
" أظن أنك..." شعرت بغضبها يتحول الى نار تنهش أحشائها " أسوأ من ابنك..."
" هذا صحيح..." اجزمت العجوز و هي تعود الى مكتبها" أنت لم تري شيئا بعد... أنصحك بإعادة التفكير، فمادمت على قيد الحياة لن يفرقني شيء عن حفيداي ... أمامك خيار.. اما ان تكوني زوجة ابني كما يجب أو مجرد مستأجرة رحم..." راقبتها تجلس خلف المكتب و تستأنف ما كانت تقوم به قبل وصولها" اغلقي الباب خلفك..."

* * *
صوت المروحية دفعت روبي و ديامانتي برفع رأسيهما الى السماء الزرقاء الصافية، منذ وصولها الى جزيرة القمر تقسم وقتها بين السباحة، المطالعة و الاهتمام بآنجلو و ابني توأمها 'اريوس و ليم'، جائها نوع من السبات ، واستسلمت له كي تحمي نفسها من الألم الذي هدد بابتلاعها.
جلست ديامانتي على كرسيها الطويل و اخدت ابنتها بين ذراعيها،كانت تحاول مثلها معرفة هوية من ينزل على الجزيرة دون سابق انذار،ابعدت روبي النظارة الشمسية عن وجهها، قبعتها تحميها من الشمس و تسمح لها بالرؤية جيدا في امان الظل،رأت وجه توأمها الجميل ينسحب كليا من الدم:
" تظنين أنه نيوس؟"
كم تتمنى لو كان هذا صحيحا، ردات فعل ديامانتي متشابهة، عندما اقترب يخت بالامس من الجزيرة ظنته زوجها، انها تحاول اخفاء المها بقشرة حماسة الا انها مدمرة داخليا.
فريق الحراسة اقترب من المروحية التي تتأهب للحط على حلبة النزول، اهتمت روبي بحمل آريوس الذي نسيته ديامانتي ورائها و مدت يدها الى أنجلو الذي نفض الرمال من ثوب سباحته و من ركبتيه،ربما هم الشرطة اتو بأخبار جديدة عن رجل الأعمال المختفي.
" ديامانتي تمهلي..."
أجبرتها على الوقوف كي تضع بين يديها فستان البحر:" لن يمكنك استقبال الزوار بثوب سباحة..."
" أنت محقة..."
أخدت منها ليم كي تسمح لها بارتداء فستانها، كان كل اهتمامها على الالة التي حطت فوق الارض، لمحت فرانكو يتقدم من الالة كي يستقبل بنفسه الزائر، تعرفت على سيزار حتى قبل أن يصرخ أنجلو عاليا بحماسة:
" انه أبي..."
الخبر سقط مثل المطرقة على رأسها، و على رأس ديامانتي التي تبدو في حالة انهيار تام، انها تتشبث بأقل أمل... كانت تتمنى حقا لو كان نيوس كي تتوقف معاناة توأمها.
رأتها تبلع عذابها، و تلتفت اليها كي تبتسم لها من خلال دموعها:
" لقد أتى من أجلك... اذهبي لتغيري ملابسك ريثما اقوم باستقباله"
في غرفتها لم تستطع روبي التحكم في دموعها، موقف ديامانتي أثر بشدة عليها،كان عليها تخفيف الضغط من صدرها،هذه الايام التي أمضتها في الجزيرة علمتها ان مشاكلها الخاصة لا تسوى شيء أمام معاناة أختها المستمرة، انها امرأة قوية، تحاول ما استطاعت الوقوف في وجه العاصفة،الا ان ضعفها خذلها قبل قليل... رأت بوضوح جوهر المرأة التي تعيش أملا يائسا بعودة زوجها اليها ذات يوم.
بعد أن غسلت وجهها و انعشت نفسها ارتدت فستان صيفي و عقدت شعرها فوق رأسها قبل أن تنزل الى الطابق السفلي.
استقبلها منظر جميل لطفل التقى بوالده بعد انتظار طويل، كان أنجلو يتعلق برقبة سيزار، سعيد بوجوده أخيرا بينهم.
أخدت وقتها بتفحص زوجها الذي لم تره منذ خروجها من المستشفى،كان يشع وسامة مثل المعتاد، يبدو أنه تجاوز صدمة فقدانه الطفل الذي الصق تهمة قتله بها.
لقد امضت ايامها الأخيرة في لومه و لعنه في سرها، وزيارة والدته لم تزدها سوى مرارة، لم تكن تعرف ان سيزار مقرب من جورجينا الى هذه الدرجة و لا انه يسر لها بكل أسراره و ايضا المخزي منها.
هز راسه نحوها و كأنه شعر أخيرا بوجودها، لا يوجد ما يزعجها في هذه المواجهة، فلم تفعل ما قد يُشعرها بالخجل من نفسها، ليست مسؤولة عما حدث، المسؤول الوحيد هو سيزار وهو من يجب ان يشعر بالخجل... وحده من برهن لها في اول ازمة بأن ثقته فيها تساوي الصفر.
" مرحبا..." قالت بصوت أتى باردا أكثر مما تمنت.
أنجلو يجهل كل الأمور العالقة بين البالغين، انه طفل تائه اتى على العثور على عائلة وتفضل الموت على ايلامه، تعرف كم هو مقرب من سيزار الذي لا يفوت فرصة منأداته بأبي،انه ابن شقيقها العزيز جوزيف و تنوي حمايته الى آخر نفس، لذا عليها ان تتحكم في غضبها من سيزار و أن تتصرف بحذر أمام طفل حساس مثل أنجلو.
" مرحبا..."
في العادة، يرتمي احدهما على الأخر مثل الحيوانات الجائعة، اعتاد أنجلو على رؤيتهما ملتصقين ببعضهما البعض، ربما هذا التباعد قد ينبهه بأن ثمة أمر مريب يحدث، لم تفتها أبدا تقطيبته بينما يتنقل بنظراته بينهما. لابد ان سيزار انتبه لنفس الشيء، تقدم منها و حط قبلة على شفاهها.
" كيف تشعرين؟؟" سألها و هو يبعد خصلة وهمية من وجهها.
" افضل..."
تقدم أنجلو منهما و تطلع اليهما ببعض الاصرار مجددا قبل أن يسأل:
" هل سنعود الى صقلية الليلة؟؟"
ليست مستعدة بعد لمواجهة الواقع، عزلة هذه الجزيرة الفردوسية هي علاج فعال ضد الاكتئاب، انها تشعر بتحسن كبير هنا.
" هذا يتوقف عما تريده روبي..." وشوش لها سيزار مما حتها على النظر مباشرة في عينيه" يمكنني... البقاء هنا ليومين ثلاثة معكما..."
" نعم...." صرخ أنجلو بحماسة شديدة و قفز على قدميه من السعادة.
تريد البقاء هنا ليومين ثلاثة لكن بدونه، التقطت نفسا عميقا و وجهت اهتمامها الى أنجلو.
" لما لا تذهب للاستحمام من ماء البحر و تستعد للعشاء؟؟"
لم يتجاوب بسرعة، لا يبدو راغبا بترك سيزار لحظة واحدة، الا ان ثمة مناقشة متوقفة بينهما و عليهما الكلام.
ابتعدت عنه ما ان رحل أنجلو، قربه مؤلم، شم رائحة عطره المألوفة مؤلم، هل يراها ضعيفة و هزيلة؟؟ لقد فقدت من وزنها، اجهاضها تسبب بدمار حقيق لثقتها بنفسها، انها متأكدة لأن بأن الله يعاقبها بسبب ما فعلته في السابق، لن تصير يوما أما و لن تحصل على طفل أبدا.
" أنا آسف..."
هذه الكلمة... رباه.
هزت رأسها و كادت ان تنفجر في الضحك الهستيري، بعد الجحيم الذي تعمد تركها فيه بمفردها يقطع البحر في مروحية كي يخبرها بأنه ... آسف؟؟
" احترق في الجحيم مع أسفك فهو غير مقبول سيزار كوستانسو..." رغما عنها شعرت بالدموع تتسابق الى عينيها، كانت تتألم و أرادت أن تجعله يتألم بدوره " ما فعلته بي... لا يُغتفر."
استقرت عيناها عليه، قاسية و حادة مثل شفرات تقطع الهواء، الا ان عزم سيزار قوي، لا يبدو حساسا لهجومها، أتى و بنيته الانتصار في المعركة:
" ضعي نفسك مكاني روبي..."
" هناك الف تفسير لما حدث..." زمجرت به بغضب " بكلمة دمرتني...انهارت علاقتنا مثل بيت من ورق... "
" أنا أحبك"
تعثرت في هذه الكلمة الناعمة، لكن على حساب جهد هائل من الارادة أجابته:
" ربما الا انك لا تثق بي... " كان قلبها يرتجف في صدرها...كما لو كان كبيرًا جدًا أو أن صدرها ما أصبح صغيرا جدًا لاحتوائه... الاحساس مؤلم بشدة، يستحيل تحمله." فقدت الثقة فيما بيننا سيزار... الحب ليس كافيا... لم يكن كافيا يوما "
منحته ظهرها و ذهبت لتواجه الشرفات العالية،كان عليها اخفاء عذابها و ضناها، انه لايستحق رؤية دموعها أبدا.
فركت ذراعيها لتتخلص من الاحساس بالوخز، انها تنتظر ان ينطلق في عتاب لأنها ترفض التعاون، لكنه يظل صامتا... غرق المكان في صمت مطبق، و كأنها و حدها، استدارت ببطئ لتبحث عنه بنظراتها، وجدته يجلس على الكنبة، وجهه بين يديه... تراجعت فورا عدوانيتها... سيزار كان بصدد البكاء مثل طفل صغير.
رباه...
ليس هذا...
ترفض التعامل معه عندما يكون ضعيفا... هذا يسلبها قواها.
" سيزار..."
هز يده كي يمنعها من الاقتراب أو ربما التكلم، راقبته يجفف عينيه و يلتقط انفاسا عميقة.
" أردت بشدة ذلك الطفل روبي... فقدانه دمرني" هذه الكلمات جرحتها أكثر، سيزار يتألم أكثر منها، راقبته يضع راحتيه على عينيه المتورمتين في محاولة ايقاف الدموع التي ترفض التوقف " ما قلته و ما فعلته معك لا يغتفر الا انني لم أكن نفسي... لم أكن أنا... "
ابعد يديه عن وجهه و هز نظراته نحوها... كمية الالم سحقتها و نزلت على رأسها مثل طن من الحديد.ماكان ينبغي لها التقليل من معاناته... انه يبكي فقانه لطفل و ضع الكثير من الأمل عليه.
" 'آه ديو'.. الخسارة تلوى الأخرى... حملك الأول، وفاه اليخاندرو المفاجأة... و الطفل الثاني الذي زينت صورة الاشعة في اطار ووضعتها على مكتبي... "
وضعت روبي يدها على فمها كي تمنع شهقة الالم من الخروج، لم يسبق أن أخبرها بهذا، كان سره الصغير على ما يبدو.
" لم أتبعك الى هنا لأنني كنت مرهق... لم اساندك لأنني كنت بحاجة لمسافة ، الخسارة كانت عنيفة على الصعيدين النفسي و الروحي... لذا أنا آسف... أسف لأنني مجرد بشر ولست الرجل الخارق من النوع القتالي و المتعدد المهارات...اسف لأنني لم أكن صلبا بما يكفي روبي... انها محنة رهيبة، أشعر و كأنه تم بترعضو مني و جزء من حياتي، في اعماقي حزن مؤلم جدا... أتساءل كيف سأعيش بعد هذه الخسارة؟؟"
الجفاف في حلقها منعها من التعقيب،بقيت متصلبة في مكانها مثل التمثال، تجهل ما يمكنها فعله لتخفيف التوتر الحاد بينهما، لقد تعاملت بأنانية و ركزت فقط على حزنها، سيزار كان متحمس للغاية للطفل، هو من انتبه لتأخر الدورة الشهرية و هو من اشترى كل اختبارات الحمل من الصيدلية، هو من ترك عمله ورائه ليهتم بها...
" أجهل... ما حدث ليتوقف حملي سيزار... أرجوك صدقني"
هز رأسه بالايجاب، يبدو في حيرة من أمره أكثر منها، انهما امام لغز غريب حقا.
يبدوا الأمر غير واقعي... وجدت نفسها تمد يدها نحوه، طعنة الخسارة حاجز بينهما، الا انها مستعدة للتعامي عن قساوته التي ستحطها على صدمته العنيفة.
" نحن... بحاجة لبعضنا كي نتجاوز معا هذا الجرح في النفس..."
التجربة غيرتها الى الأبد، ستتجاوز المحنة الا انها لن تنساها بالتأكيد، وضع سيزار يده في يدها و هيمن عليها بقامته عندما وقف أمامها، جبارا و هشا في الوقت نفسه،عليهما اعادة استثمار حياتهما و العثور على السعادة مرة أخرى.
" أريدك ان تسامحي تهوري..."
" و أنا أريدك ان تسامح أنانيتي..." هزت كتفيها و تركت الدموع تنهمر على خديها " لم أفكر الا في المي سيزار... لم أظنك متأثرا لموت الطفل الى هذه الدرجة فسامحني..."
لم يجبها، اكتفى فحسب بضمها الى قلبه، كانت لحظات مملوءة بالعاطفة و الحزن و الشجن، لا يوجد بيان ناري ولا لوم... ، فقط تلك العبارة ذات المعنى التي تُلفظ بنبرة مهيبة غريبة.
" عودي الى البيت ..." همس لها بنبرة متوسلة " حياتي مظلمة من دونكما... أنت و أنجلو كل ما أريد روبي... لا أرغب في أطفال آخرين، لدي سلفا ما
يملئ حياتي و يجعلها سعيدة... لا تحرميني منكما... "
وهل يسعها الرفض أمام كمية الرقة في هذا الاعتراف؟؟ شعرت بأن روحها تعود اليها، الا أن لاشيء سيعود حقا مثل السابق... سيزار لايثق بها، لا مصداقية لها أمامه.
" والدتك..."
وضع أصبعه على شفاهها:
" أعدك بلا تزعجك جورجينا مجددا لأنني وضعتها في مكانها... لا أحد سيسيء لك أو لانجلو... أعدك"
يمكنها تخيل مشادات سيزار مع جورجينا،انها عنيفة للغاية... كل منهما يحاول التغلب على الأخر و الانتصار عليه.
" انها تعرف بما حدث في لوس انجلوس"
" لم تأتي المعلومة من عندي روبي... لقد استرقت السمع من خلف الأبواب كما هي عادتها..."
هذا الاعتراف أراحها بشدة، اذن لم يركض لوالدته كي يشتكي سلوكها..
" نبقى أمام مشكلة الثقة سيزار..."
" ساتعلمها و لن أشكك بمصداقيتك مجددا..." أمسك بدقنها كي يغرق في أعماق روحها" لا تهجريني روبي...فلن أتحمل "
لن تتغير الامور بين ليلة وضحاها، روحها متعلقة بسيزار و أنجلو، لقد اسست عائلتها مع هذين المخلوقين و أمامهما شوطا طويلا كي يتعلم كل منهما الوثوق في الاخر، الا انه عليها المحاولة، استقرار الامور لصالح الكل لسيما ابن أخيها.
" لن أهجرك..."
بانت الراحة في عمق عينيه الرماديتين و تأوه ممتنا، قبل أن يعانقها مجددا و يضمها الى صدره، خطوات سريعة نبهتهما بأنهما لم يعودا بمفردهما، ظهرت توأمها، تعبير قلق على وجهها.
" ما الذي يحدث لـ مديتراني اينرجي؟؟؟ كل المحطات التلفزيونية تتكلم عنها..."
لا يبدو سيزار متفاجأ بالموضوع، وضع ذراعه حول كتفي ديامانتي ليهدأ من روعها، ابنها آريوس يملك أسهم كبيرة في الشركة بفضل والده و بالتأكيد سيدة الاعمال المبتدئة تخشى على أموال ابنها.
" أحدهم يحاول اقتناص رؤوسنا ببلاغ كاذب، لكن العراب يتولى الموضوع فلا تقلقي... "
" كيف لي الا أقلق سيزار وهم يتكلمون عن نسبة وفيات ضخمة بسبب التلوث... هذا يسيء لسمعتنا و سننهار في السوق الدولية..."
ضمت روبي يديها الى صدرها بينما ديامانتي تلتقط آلة التحكم عن بعد، بعد قليل نزلت الشاشة من السقف و ما هي الا لحظات حتى بدأت تعرض صور لأضخم مشروع في أروبا... كانت القناة ايطالية، و الصحفية تتكلم بسرعة
...حوالي 6.5 مليون شخص حول العالم يموتون كل عام نتيجة تلوث الهواء المرتبط بالأنشطة البشرية ، حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية (IEA) في تقرير نُشر يوم الاثنين هذا هو 18000 حالة وفاة في اليوم ، وهو ما يمثل أكثر من الوفيات الناجمة عن الإيدز والسل وحوادث الطرق مجتمعة.
" انهم يبالغون مثل المعتاد... " شرح سيزار و هو يأخد الة التحكم ليخفض الصوت " ميديتياري انرجي تستخدم تقنيات نظيفة من شأنها أن تقلل بشدة عدد الوفيات المرتبطة بتلوث الهواء الخارجي... كل هذه البلبلة لإثارة انتباه الميديا و التسبب بالفضيحة... قرر روكو ترك الأمور على طبيعتها و سيقوم الفريق بالتنقيب الدقيق و سيتم ذلك على المباشر لتحسين سمعة الشركة... "
وضعت ديامانتي يدها على صدرها، لا يبدو ان كلام سيزار يطمئنها:
" سأذهب الى ايطاليا للاطمئنان"
" لن تفعلي أكثر مما يفعله روكو... انه الاجدر بيننا"
اجابة سيزار لم تكفيها:
" انها مصالح ابني و اريد الاطمئنان و التكلم الى العراب... لا ألقي بكم خارجا الا انني سأذهب و هذه الجزيرة ملك لروبي كما هي ملكي..."
لكن بعد ساعتين كان الجميع قد جمع أغراضه، على سيزار العودة ايضا للاهتمام بأعماله و مساندة العراب، فهم شركاء لنفس الشركة التي تتعرض لهجوم عنيف يسيء لسمعتها.
* * * * *
" يجب أن نتكلم"
كانت ايموجين بصدد ازالة غرز لعملية جفون عندما اقتحم سانتو مكتبها، بدت المفاجأة في عينيها، لم تتوقع هذه المواجهة الجسدية، منذ اصابة أوكتافيا في حلبة السباق لم يوجه لها الكلام شخصيا، الا انه بحاجة للكلام قبل أن يترك ابنته في حضانتها مجددا.
" لحظة..."
تركت المريضة و تقدمت مكتبها كي تأخد الهاتف و تدير رقما، بعد قليل أتت الممرضة، طلبت منها الاهتمام بالمريضة في غرفة أخرى قبل أن تغلق الباب خلفهما و تنزع قفازيه و تعقم يديها بالمطهر.
" هل كل شيء بخير؟؟ أين أوكتافيا؟؟"
" مع والدتك ووالدك..." انزلقت عيناه على هندامها، كثلة شعرها الحمراء فوق رأسها، طن من المكياج على وجه مرهق من كثرة العمل..." حدث شيء في ايطاليا..."
حذتت الكثير من الأمور في ايطاليا، أوكتافيا رفضت قطعا اي تواصل معه بالرغم من انه اجبرها على البقاء و لم يستسلم لأزمتها الطفولية، فيرنا تحاشته قبل أن تناديه الأعمال المستعجلة في موسكو.
" أنت تقلقني... "
كذب، فلاشيء يقلقها غير نفسها...
" أوكتافيا بحاجة لوجودك... أتمنى أن تكوني في المستوى المطلوب و الا تمزجي مشاكلنا الخاصة بعلاقتي بابنتي..."
قطبت قليلا:
" أنا لا أفعل"
وضع يديه على خاصرته و قال بجدية:
" توقفي عن الكذب ايموجين، أعرف تأثيرك على الصغيرة كما أعرف استعمالك لها في سبيل التأثير علي فأنا لست غبيا... "
رآها تشحب تحت زينتها،لم يقطع المسافة حتى نيويورك كي يجاملها، انه هنا لوضع النقاط على الحروف، لسوء حظه ان طليقته تملك الكثير من المستشفيات مما يجعلها في كل مرة بمدينة وولاية مختلفة.
" أنا بصدد تغيير نمط حياتي و أسلوبها كما اتمنى ان تغيريها انت ايضا فالأمر لايستحق كل هذا العناء ايموجين... ركزي على أهداف أخرى غير تلك التي تتضمن اعادة المياه الى مجاريها بيننا... زواجنا لم يكن يوما ناجحا...كان فارغًا وغير مرضٍ... أبحث عن سعادة حقيقية فأتمنى ان تحترمي هذا و تتوقفي عن استعمال ابنتي ضدي"
مرّ تعبير لئيم في عينيها:
" وهل وجدت سعادتك الغالية؟؟"
لم يأتي للاختباء مما اكتشفته ابنته باسوء طريقة:
" نعم... مع امرأة رائعة"
نزل الصمت ثقيلا بعد كلامه، رباطة جأش ايموجين و صلابتها تلاشت ببطئ، فجأة انهارت و رأها تجلس على مقعد بجانب مكتبها و كأن ركبتيها غير قادرتين على حملها، انها حرباء اجتماعية ، تتغير دائمًا لتندمج مع المناظر الطبيعية
" كنت مدركًا تمامًا لما تفعلينه.. قدت حملة مدروسة ودقيقة لإغرائي و الغاء طلاقنا. وقد تظاهرت بالجهل ، لقد سمحت بذلك في أمل أنت تفهمي الاجابة بمفردك... "
" هذا يكفي..." هزت نحوه وجه مبلل، الدموع نجحت بسحب الماسكرا معها" أجهل اين أخفقت كيليان...لما تجد السعادة مع دخيلة بدل والدة ابنتك... لقد وعدتني بالمحاولة في موسكو... فقط لو تركتنا نحاول... لكنا بصدد جني ثمار نجاح مشروعنا في هذه اللحظة..."
نعم ربما، تسرع بمنحها وعودا بينما كل ذرات روحه مع فيرنا... لن يسقط في فخ دموعها، ايموجين تجيد البكاء و خبيرة في تحسيس الأخرين بالذنب.
" لم انجح بحبك و أنا أحب أخرى... و أوكتافيا... رأت ما لم يكن يجب عليها رؤيته في وضعها و صحتها الهشة... أعتمد عليك أن تخبريها بأن ما رأته طبيعي، و بأنه من حق والدها بدء حياة جديدة..."
هزت رأسها بعدم فهم:
" مالذي رأته بالضبط؟"
" رأتتني في وضع حميمي مع حبيبيتي... في السرير"
كلمة السرير أخرجت مخالب ايموجين، اختفى قناع الضحية كي تظهر شراستها، التمعت عيناها بكراهية و تركت مقعدها كي تتقدم نحوه بخطوات لبوءة جاهزة للانقضاض:
" ماذا تنتظر مني كيليان؟؟ تحجمني اجتماعيا و تهينني، تقلل من شأني و تهجرني، وفوق هذا تطلب مني أن اعمل كوسيلة سلام بينك و بين ابنتك؟؟ هذا في أحلامك فقط... لن أدافع عنك بينما تستبدلني بامرأة أخرى و تهجرني و تؤلمني فهل هذا واضح؟؟ و ألان أخرج من مكتبي... سأعطي اوامر للأمن كي يمنعوك من الدخول مجددا الى مستشفياتي"
" مستشفياتك؟؟" رغم عنه ابتسم للنكتة السخيفة " تجاوزت مراحل الذل بأميال ايموجين، لا تنسى من صنع مجدك، أنا نجاحك و ليس موهبة ولا اسم عائلتك العريق، أنت مدينة لي بكل شيء و يمكنني بكل سهولة اعادتك الى خانة البداية، لا تنسي أبدا من أكون، ولا أبعاد نفوذي و سلطتي، أنت مجرد دودة وضيعة يمكنني سحقها بحذائي بلا رحمة...أنا عدو مريب فلا تعاديني... لا تجبريني على تدميرك"
اقترب منها اكثر كي يجبها الى نظر في عمق عينيه و تقييم جديته" ان لم تحترمي الرابط بيننا فلن اكون مضطرا لاحترامه ايضا، و عندما تستفزين صبري مرة اخرى فليس فقط حضانة أوكتافيا ما سستفقدين انما ماء وجهك و مجدك... سأجعل حياتك دمارا و حطام و لن تجدي ما يمكن اعادة التصليح فيها" عندما حاولت الابتعاد أمسك بذراعها" لاشيء متحضر في فلا تغرك المظاهر... أنا وحش حقيقي"
******

ملك جاسم likes this.

أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 06-08-21, 12:04 AM   #5938

حواريش

? العضوٌ??? » 480417
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » حواريش is on a distinguished road
Rewitysmile1

📢📢📢📢📢📢📢📢📢📢📢🔔🔔🔔🔔🔔🔔🔔🔔🔔🔔🔔🔔🔔💣💣💣💣💣🔔🔔🔔🔔🔔🔔🔔

حواريش غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-08-21, 12:06 AM   #5939

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

قراءة ممتعة و آسفة للتأخير لساتي داخلة البيت مواساه

أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 06-08-21, 12:53 AM   #5940

lina eltayeb

? العضوٌ??? » 350911
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 571
?  نُقآطِيْ » lina eltayeb is on a distinguished road
افتراضي

اجمل فصل ويستحق الانتظار
وروكو سيتفاجا بانه سيصبح اب عندما تلد بريانا 😂😂😂😂😂


lina eltayeb غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.