09-04-20, 06:26 PM | #1 | ||||||||
| العصرية لقد رأيت، ذات مرة بينما أسير في إحدى شوارع القاهرة عصرًا، أتجول بالقرب من محل عملي، باحثًا عن كشك أبتاع منه علبة سجائر من النوع الذي أدخنه، فهو نوع رديء وشعبي، يصعب العثور عليه بسهولة، ما دفعني للسير بعض الوقت أسفل شمس العصر، وما أدراك ما شمس العصر، حولي زحامٌ كبير، فكذلك المناطق الحيوية تكون في وقت العصر، مكتظة بكل شيء ممكن، فهذه عشرات السيارات تنتظر إشارة المرور أن تتيح لهم الطريق، وهؤلاء مئات الأشخاص، بين منتظر ومهرول وساكن ورزين وهاديء، وبينهم أيضًا من يسب ويشتم كل شيء، هو لا يكره أحدًا، هو فقط يكره نفسه لذلك الحد الذي يجعله يسب الشمس والزحام وإشارة المرور التي لا تفتح أبدًا وعادم السيارات الخانق والذباب الذي يطن حوله بإستمرار وتلك القطة التي تمر أمامه فجأة فكادت تعرقله وتلك المرأة التي تلف عباءتها عليها وتفاصل مع بائع في إحدى المحال لتحظى بفارق سعري يشعرها بأنها أذكى من البائع ويعطيها دافع لتتباهى أمام أقرانها وجيرانها، هي لا تدري في الحقيقة أن البائع يرفع السعر مقدمًا لأعلى من الطبيعي لأنه يعلم أن الفصال أصبح عادة مكتسبة فحتى وإن قال سعر الجملة للسلعة فسوف يفاصل الناس أيضًا، فلذلك هو يرفع السعر كي يصل بعد الفصال إلى السعر الذي يرغب به، فيشعر البائع أنه أذكى من تلك المرأة لكنه لا يدرك أنه ساذج جدًا لأنه يبيع بضاعة ليست ملكًا له بالأسعار التي تجلب ربح لا يأخذ منه إلا الفُتات الباقية، فيظن التاجر مالك البضاعة أنه ذكي لأنه يستعبد ذلك البائع في رضى منه بأبخس أجر، ولكنه لا يدرك كم هو مستعبد من قبل زوجته التي يخاف منها أكثر من خوف البائع من أن يطرد من العمل، فبمجرد أن تتصل به بمكالمة هاتفية، يتقاعس شاربه الكث ويرق صوته وينعم وترتجف يداه وهو يقول لها "أيوة يا حاجة" وهي تظن أنها "ست الكل" لأنها تحصل على ما تريد وقتما تريد، لكنها لا تعلم أنها في حقيقة الأمر تنفذ أوامر تأتيها من أبنائها، فما عليهم إلا أن يطلبوا فتقول لهم سمعًا وطاعًا فهي تتعامل معهم على أنهم كما يقول "أبوهم الحاج" أطفال ماما بالرغم من أنهم تخطوا حواجز الخامسة والعشرين، ولكن ماما التي يخشاها بابا الذي يستعبد البائع الذي يتذاكي على المرأة التي يسبها الرجل الذي يكره نفسه. ها هو الكشك، أخيرًا "علبة سوبر لو سمحت" "خلصانة يا باشا والله" #بقلمي | ||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|