آخر 10 مشاركات
محبوبة الرئيس (45) للكاتبة: Susan Meier (كاملة) (الكاتـب : Gege86 - )           »          فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )           »          71 ـ طال إنتظاري ـ ع.ق ( كتبتها أمل بيضون)** (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          عاطفة من ذهب (123) للكاتبة: Helen Bianchin (الجزء الأول من سلسلة عواطف متقلبة) كاملة (الكاتـب : salmanlina - )           »          انتصار الإسباني (48) للكاتبة: Daphne Clair (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          245- احداث السحر - كارين فان - م.م .... حصرياااا (الكاتـب : angel08 - )           »          106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          سباستيان...أنيسة (112) للكاتبة: Abby Green (ج3 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree68Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-20, 11:20 PM   #711

طابعة الحسن

? العضوٌ??? » 447028
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 131
?  نُقآطِيْ » طابعة الحسن is on a distinguished road
افتراضي


ايه الحلاوة دي !!
الفصل غاية في الإبداع .
من افضل الابطال بالنسبة ليا ( تشاي شحاتة تشانج ) .
تسلم يدك ♥




طابعة الحسن غير متواجد حالياً  
قديم 04-09-20, 09:09 AM   #712

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
اعجبني زواج الانتخابات هههههههه
بصراحه انا مريت به مجبره

باسبوع واحد تقدم لي اربعه والخامس هاتفيا هههههههههه

لااعرفهم ولم اراهم فقط مايسمى زواج صالونات

ناس من المعارف وناس دلوهم معارف وزوجي اخوه مع اخي بالمدرسه وقال له سمعت عند فلان اخت تخرجت

وواحد امه رأتني عند صديقتي وام الهاتف صديقه امي تسالها تقبل ترشحني لبنت عمها

وفعلا بدأ تتصاقط الاوراق ليبقى فق ابو سو النصيب حكم ولم اكن رأيته اصلا

المهم سؤال جانبي

تهاني وهي تسقط الاوراق تباعا هل فكرت ان صهيب لايمكن ان يخرج من ارضه يعني هي من ستاتي لتعيش هنا حياة اصلا مختلفه كليا عن المدينه المصريه وابو صهيب كان يرى ابو تهاني ابن المدينه اعلى منهم ... فما بالك ببنت استراليا ومن تربت طول عمرها هناك
راويه نسخه محسنه من شهيده

خلي القوه تنفعك ياشهيده
الفار يلعب بعبي بخصوص فاضل وفدا

ليس بسبب موضوع عبدالله وانما ابو عبدالله الذي لحد الان لم يجد من بنات بلده من ترضى به

ربما اذا عاد سيعيد التفكير بما حصل

الماضي حصل بسبب تاثرهم بالحياة الغربيه وتشجيع الاصدقاء وتم تصحيح الغلطه بسبب الاصول العربيه للعائلتين لكن كل من فدا ومن اصبح زوجها لم يفكروا بالمشاعر بعد حصول الحمل ربما سيكون خطبة فاضل الشرارة التي تعيد مشاعر المراهقه


سبحان الله نفس الشي حصل معايا ف خلال اسبوع كذا واحد اتقدم
وبعد خطوبتي لاقيت واحدة جاية تطلبني لابنها وزعلت اما عرفت اني اتخطبت
بيعجبني دايما فيكي يا اختاه انك بتنقلينا في اتجاه معاااكس تماما❤❤❤


shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 04-09-20, 09:10 AM   #713

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طابعة الحسن مشاهدة المشاركة
ايه الحلاوة دي !!
الفصل غاية في الإبداع .
من افضل الابطال بالنسبة ليا ( تشاي شحاتة تشانج ) .
تسلم يدك ♥
البطل المرح رزق❤❤❤❤😂😂😂😂


shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 06-09-20, 10:58 AM   #714

ام يوسف عامر

? العضوٌ??? » 472521
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » ام يوسف عامر is on a distinguished road
افتراضي

بجد يا شيمو الفصل عسل و جامد و يوجع القلب مع بعض صهيب و مناغشته ل تهانى هو و شحاته بخفت دمه مع جويرية عسل و وجع القلب على فاضل و فدا و ناجى و غسان رهيب و بجد نفسي اخنق انا شهيدة دى هى و رواية اللى مش قادرة تفهم ان اللى استحمالته مع جوزها واجب عليها مش فضل منها

ام يوسف عامر غير متواجد حالياً  
قديم 08-09-20, 11:40 AM   #715

مامى ساره

? العضوٌ??? » 436212
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » مامى ساره is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايديكى ياشوشو ايه القفله دى
الفصل. رائع فيها كل المشاعر حب حزن تعاطف دموع و كوميديا رهيبه


مامى ساره غير متواجد حالياً  
قديم 09-09-20, 07:29 AM   #716

gegesw
 
الصورة الرمزية gegesw

? العضوٌ??? » 388516
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 913
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » gegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضووووور ^^ وحشوني ابطل لما الحلوين كل واحد بشخصيته وطباعه حقيقي يا شيماء بتبدعي في وصفهم ومشاعره وتفكيرهم كإني معاهم ^^ منتظره على نار النهارده يا ترى فدا هتتهور وتقول لفاضل ولا زوجها السابق هيكون ليه دور سلبي في علاقة فدا بفاضل مستقبلا🤔

gegesw غير متواجد حالياً  
قديم 09-09-20, 08:36 AM   #717

نور فهمى

? العضوٌ??? » 378864
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » نور فهمى is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور
مستنية ابطالنا اللى وحشونى جدا
خصوصا صهيب وفاضل


نور فهمى غير متواجد حالياً  
قديم 09-09-20, 11:58 AM   #718

هبة الله 4

? العضوٌ??? » 394064
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 789
?  نُقآطِيْ » هبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسحيل حضور يا شيمو في انتظارك ياقمر

هبة الله 4 غير متواجد حالياً  
قديم 09-09-20, 12:36 PM   #719

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي






الفصل الثالث عشر


جلس ناجي علي الأريكة المواجهة للتلفاز في بيت شهيدة... عيناه مسلطتان علي التلفاز ... دون ان يري ما يعُرض
علي شفتيه نصف ابتسامة لا يمكنه محوها ... حتي وان حاول ..
لازال غير قادر علي استيعاب ما حدث في الساعتين الفائتتين
ما إن أحتوي شهيدة بين ذراعيه يواسيها بعد انفجار فاضل...حتي ندم
لقد قاوم بكل الطرق منذ الانفصال تلك اللحظة ...
لحظة ان يحتضنها.. فيضعف عند شفتيها.. فيكرهها ..
لذا ما حدث فاجأه وألجمه...ورأب القليل من صدوعه أمامها
فشهيدة هي من شدت ذراعيها حوله أكثر !! وشهيدة هي من طبعت القبلة الأولي علي ذقنه بنعومة مهلكة !!
وشهيدة نفسها... هي من وقفت علي أطراف أصابعها كي تكتم اعتراضه بقبلة حارة علي شفتيه !!
وهو .. هو تهاوي وتهالك وعاد كأول عهدهم من الثانية الأولي... ولكن قاوم بصلابة وهو يتمتم من بين نهر قبلاتها الدافق
(شهيدة... الوضع بيننا صعب)
ولكن شهيدة كانت تسرقه عنوة من حصون الاعتراض... وتزرعه بين حناياها اللينة
وما بين دموعها وشهقاتها همست بلهجة صادقة
(ارجوك يا ناجي...أريد الليلة العودة لحبك .. اريد العودة لحضنك يا ناجي.. أريد ان أضعف بشدة حتي اتبدد وتلملمني انت بين اناملك)
ولبي ناجي الرجاء....لبي وهو يأخذ عنها دور القيادة دافعا إياها دون ان تفترق الشفاه لغرفة نومهما
خرجت شهيدة من غرفتها ... تداري عينيها عنه بخجل وحرج .. ولا تصدق للحظة ما فعلت وأنها من ترجت ناجي للاقتراب !!
ولوهلة انمحت الابتسامة عن شفتي ناجي وسأل بانقباض متكبر
"لا أراكِ راضية عما حدث!!"
لتفاجئه لثاني مرة في أقل من ساعتين وهي ترمي عنها خجلها والحرج... وتسارع إليه تركع أمامه بلهفة ولازالت بشرة وجهها المتألقة تطمئنه أنها راضية
"انا يا ناجي؟ لقد حلمت بتلك اللحظات كما لو كنت مراهقة.. لا سيدة في الاربعينات..."
رفعت كفها تتلمس ذقنه بوله وحنان زادا من نبضات قلبه الخمسيني
"والله يا ناجي اني اليوم راضية أكثر من يوم زواجنا...
سنوات بعدك يا ناجي أغرقتني بحبك أكثر وأكثر وانا أراك أمامي رجلا لم أرى ولن أرى مثله...
كل لحظة تحملتني فيها.. كل غيظ مني وغضب كنت تروضه كي لا تكون النهاية بيننا.. كان يروضني معه... يسبني ويلعنني ثم يقف شامتا بي وانا اتلوع في انتظارك.. مروضة)
كلمات كتلك من شخصية كشهيدة...ليست بمجرد كلمات.. بل جواهر لا تقدر بثمن...
ولكن هل عادت للجواهر عنده نفع ؟ أم أنه عن جواهرها أصبح زاهدا من طول الانتظار؟!!
صوت باب الجراج يُفتح ... نبههما لوصول فاضل... فسارعت شهيدة بارتباك وخجل لغرفة النوم... ولا يدر ناجي أنها سارعت لتسجد لله شكرا وعقلها قد صور لها أنها ابدا لن ترى فاضل ثانية..
ان انفجار فاضل هو النهاية لعلاقتهما الوليدة
تفاجئ فاضل بأن ناجي لم يرحل... ولكنه هلج لذلك بالحمد لله وهو يدرك أنه مقبل علي معركة قد تكون القاصمة بينه وبين امه
فأمه ( أنا شهيدة ) قد لا تتقبل فدا بكبرها وتعنتها ولكنه للأسف الشديد... سيختار حينها فدا
نعم سيبر امه وسيسعي لرأب صدع علاقتهما ولكن بعد ان تصبح فدا له وليس قبل هذا
ففاضل في تلك اللحظة مستعد ان يعقد علي فدا في التو ... لا ليس مستعدا فقط بل متمنيا
قبل ان يعلق ... كانت شهيدة تخرج من غرفة نومها.. برأس مرفوع ونظرات- بالرغم من أثر الدمع فيها- إلا أنها مترفعة حد الكبر
ابتلع فاضل الاعتذار الذي كان قد تدرب عليه طوال الطريق ما بين المطعم والمنزل... وغرورها لازال يجرحه
لذا وبرغبة في الانتهاء بسرعة من أي حوار بينه وبينها..
وقف مثلها تماما.. شامخ الرأس .. قاس النظرات واعلنها بلهجة تقطر بـ (اتمني ان تعارضيني)
"لقد تقدمت الليلة لفدا ابنة العم غسان... وغدا سأزورهم للتحدث اليها"
اتسعت نظرات ناجي تذهب وتجيئ بتوتر ما بين فاضل المُتحد وشهيدة الجامدة
قبل ان ترفع شهيدة كفها لفمها وتطلق زغرودة عالية رن صداها في الأحياء الصامتة.
تبدل التحدي في فاضل لصدمة وعدم فهم وشهيدة تتبع الأولي بأخري وأخري !!!
قبل ان تقطع المسافة بينها وبين فاضل في خطوتين وترتمي في حضنه... منتحبة
بعدم فهم تطلع فاضل من فوق رأسها لناجي الذي بدا أكثر منه ارتباكا
فلم يجد فاضل بدا من لف ذراعيه حول كتفيها المختضتين وهو يتناسى كما العادة كل حقده عليها ابتغاء مرضاة الله.. ولن ينكر راحته لتقبلها فدا
أما شهيدة ... فكيف تشرح أنها .. أم!!
مهما كانت أنانية مادية... في النهاية أم!!
يبقي هاجسها الأوحد هو افتراق ابنها عنها... قبل ان تشبع منه... قبل ان تعوضه عن غبائها
لذا ان كانت ابنة غسان هي من ستثقل مرساته في مواني سيدني... فهي راضية

*******************

صارع نفسه وعاركها... وفاز
ولكن الفوز لم يأت بلذة... بل أتي بمرارة وشعور بالخيبة
وهو يمنع نفسه من رؤياها ليوم كامل
تمدد صهيب في مكانه المفضل تحت ثمار الرمان التي ترمي ظلالها عليه... علي الارض مباشرة عل برودتها تواسيه
" لقد اعلنتها لها ياصهيب بمنتهي الوضوح... اريدك ان تسكني بيتي.. وكفي... نعم وكفي لقد فعلت كل ما في وسعك كي تختارك و إن فعلت اكثر من هذا سيكون جرح لكرامتك

صحيح
صحيح
صحيح لن تفعل المزيد... إجلس وارتاح وأنظر ماذا ستفعل هي "
تلك الجملة سرقته لجملة والده المفضلة... فضاق صدره بزخم الحنين للغائب وصوته يصله
" انتظر علامات الله انها لك... فإن أتتك العلامة.. اغتنمها"
لازال يذكر متي قال له والده تلك الكلمات كما لو كان قد قالها له بالامس

يومها كان ابن التاسعة عشر... الشاب القروي الذي ذهب للجامعة في المدينة..يبيت لياليه في سكن الطلبة ويقضي نهاراته في الدراسة بكل اجتهاد.. كي يحقق الحلم... حلم الرمانة

كانت ليلة الخميس وكعادته يسافر عائدا لبلدته بعد صلاة فجر الجمعة .. لذا بعدما اعد صهيب حقيبته... دخل لسريره مبكرا ..
وفجأة عم الهرج والمرج الغرفة... ورفيقه يشده من نومته.. ويدفعه وهو يتحدث بخفوت لايخفي حماسه العجيب
( تعال..كيف ستنام يامجنون وتترك السهرة الرهيبة!)
لم يفهم صهيب ما مقصوده " بالسهرة الرهيبة" الا حين دخل غرفة رفيق اخر لهم... لتتسع عيناه بدهشة وهو يري اكثر من ستة من زملائه يلتفون حول التلفاز بتركيز عجيب وصاحب الغرفة يميل علي جهاز فيديو عتيق... يضغط تشغيل ما إن دخل صهيب

جلس صهيب علي طرف السرير للحظة في غيظ من حماقة صديقه الذي ايقظه من النوم لأجل... فيلم بوليسي وهو يري شرطي في غرفة تحقيق مع متهمة شابة
قبل ان تتسع عيناه في صدمة وهو يري المشاهد التي تتغير ... لأخري.. لن يقو علي وصفها
لكنه لم يتحرك من امام الشاشة... لم ينهض ناهرا زملائه.. ولم يغادر الغرفة مغاضبا
بل جلس منغمسا في المشاهد التي تتسارع بنهم رجولته اليافعة
وانتهت السكرة لتغمره بشاعة ذنبه فيشعر وكأنه يريد فقأ عينيه علي ما رأه وتأثر به .
وفكرة واحدة تهاجمه بشراسة... تجلده وتحرق الدم بشرايينه
" لقد عصيت ربي ... وخنت الرمانة"
حين وصل للبلدة... لم يذهب كعادته لبيته كي يري والدته كما يفعل دوما... بل سارع للحقل
وقف والده يعمل بإجتهاد تحت الشمس الحارقة و بالرغم من انه لم يلمح صهيب بعد... تدافعت الدموع لعين الاخير وهو يندفع لحيث يقف والده
ما إن رأها والده بهذه الهيئة حتي اقترب مسرع الخطوات اليه مستفسرا بجزع
(ما بك يا صهيب!)
لم ينفجر باكيا كما توقع ولم ينهار راكعا كما تمني
بل ابتلع ريقه بصعوبة وهو يبعد عينيه عن عيني والده بخزي
(لقد ارتكبت ذنبا...)
قاطعه والده بشئ من الحدة
(لا اريد معرفته... لا تضف اليه ذنب المجاهرة ياولدي)
ثم اشار له لحيث الصنبور الارضي
(تعال توضأ وصل...واستغفر ربك بدلا من ان تحكي لي)
وبعدما توضئ وصلي.... شعر انه ربما قادر الان علي الحديث دون ان بجهش بالبكاء
كان والده لازال يعمل عند نفس الشجرة بصبر وتؤدة وحين أقبل عليه صهيب لم يقابله بوجه عاتب كما تخيل ... بل بإبتسامة صغيرة ودون كلمة كعادته
(حسنا يا ابي)
استجمع صهيب شجاعته معلنا
(لن اعترف بالذنب لكني سأعترف بوجعي)
كانت تلك الكلمة كافية لان يلتفت له ابيه بكليته بوجه متلبد
(باعد الله بينك وبين وجعك ياولدي)
وكأن الدعوة من بين شفتي والده رغم صدقها لكنها ساخرة ... لذا ابتسم صهيب بأسي
(وجعي يسكن الطرف الاخر من العالم يا ابي)
وبعدها حكي صهيب وحكي كل شعور يكنه لتهاني حتي وإن ظنه ابيه مجنون
ولكن ابيه قليل الكلام ... لم يفعل
حين انتهي صهيب من كل ما اراد البوح به ألتفت اليه والده بملامح جادة

(دعنا نتفق علي اتفاق يا صهيب... انا رجل بسيط وكلامي لك سيكون بسيطا مثلي...
ما أعرفه ان هناك رجالا يحبون كل يوم إمرأة
وأخرين يحبون كل سنة ... إمرأة
وأخرين يحبون كل عقد .... إمرأة
وهناك من هم مثل ابيك لم يعرفون ان هناك حبا ولم يعترفوا به الا لأجل واحدة فقط...

لذا ياولدي انتظر لتتأكد أي من هؤلاء الرجال انت
وإن تأكدت انك مثل ابيك سأكون انا من يوفر لك ثمن تذكرة الطيران لتذهب لغسان في بيته وتطلبها منه...
ولكن إياك وتعليقها بك يا صهيب ... انت لا تعرف مايحمله الغد لكما)
وأتي الغد بالفراق و اليتم لكن كلمة ابيه وهو علي فراش المرض ...ظلت تتردد في اذني صهيب
(سامحني ياولدي ان بمرضي منعتك من اللحاق برمانتك... إن كان نصيبك معها ستأتيك هي)

اعتدل صهيب من تمدده وعلي وجهه نظرة اخري... نظرة لاتحمل استسلاما ولا انتظارا ولا وجعا
نظرة صياد وقعت فريسته في شبكته ولن يدعها تغادرها ابدا
(اذن يا رمانة ... صدقت نبؤة ابي... انت هنا... إذن انت لي)



جلست لينة في السيارة جوار فدا... ولهجت سرا بالحمد لخروجها من المنزل اليوم
فالوضع كله تبدل في طرفة عين... ما بين حال لنقيضه!!
فمساء الأمس اجتمع ثلاثتهن.. فدا وجويرية.. وهي
حكت لينة برضا عن يومها الأول في العمل مع خالد
بينما ذلك التبدل في حال جويرية... تلك اللمعة التي لا تخفَ في عينيها.. ووجنتيها المزدانة بحمرة محببة.. وشيئا أخراً برغم من قصر فترة معرفتهم... إلا ان لينة لمسته وشعرته
إلا وهو إظهار جويرية النذر اليسير من انفعالات ومشاعر وهي تحكي ما حدث مع تشاي
ومع مرور اللحظات .. رأت لينة بعينيها تلك الحدود ما بين جويرية وفدا تذوب... والأولي تخطط بفرحة وحماس ... لما يجب عليهن فعله استعدادا لزيارة عائلة تشاي
"جو... علينا غسل الستائر والسجاد والارائك استعدادا .. ربما اشترينا طقم فناجين جديد بدلا من فناجيننا القديمة.."
قاطع استطراد فدا رسالة... فتحتها ولازالت تتحدث بحماس أم جاء ابنتها خاطب
لتتجمد فجأة الأحرف علي لسانها... ويشحب وجهها... ثم تسارع بخطي ميتة كما لو كانت مومياء.. لغرفتها .. تسكرها خلفها بالمفتاح
عرفت لينة فيما بعد ان الرسالة كانت من غسان نفسه يخبرها ان فاضل-الذي تعرفت عليه لينة من قبل- طلب يدها للزواج
نعم حكت لها فدا عن حادث جويرية .. وعرفت بالطبع عن انفصال فدا عن أبو عبدالله... لكن التفاصيل التي قد تجعل حال فدا يتبدل هكذا ويجعلها تحبس نفسها في غرفتها حتي الصباح لا تغادرها...
وتلك التفاصيل أيضا التي جعلت العم غسان لأول مرة وكأنه يحمل فوق كتفيه حملا ثقيلا .. فهي غير ملمة بها!!
لذا سعدت لمغادرتها للمنزل... عل ثلاثتهم.. غسان وفدا وجويرية.. يتحدثون بأريحية ويدرسون القادم
كأنثى طبيعية يخالجها الفضول لكي تفهم.. هل سبب كل هذا مثلا خوفا من أبو عبدالله ان يطالب بحضانته اذا تزوجت فدا.. أو ربما هو تعلق الأخيرة القلبي بزوجها السابق!!
وأكثر ما يسير فضولها وغيظها هو الام الغائبة عن الصورة!!
أين راوية تلك ؟ لماذا لا تتواصل مع بناتها كما ينبغي علي أم ان تفعل ؟
عادت أفكارها بحنين لامها التي ومنذ أرسلت لها رقم هاتفها الجديد وهي تغرقها رسائل ومكالمات
لا لم تخبرهم لينة بالطبع بالحقيقة... فقط اخبرتهم ان الخلافات بينها وبين مشرق في تصاعد واقسمت عليهم ان لا يهاتفوه في محاولة منها لتمهيد الطريق لإعلانها القريب أنها رحلت عن بيت الزوجية

لا تعرف لينة ... سوي أنها ما إن توقفت سيارة فدا أمام السوق التجاري حيث صالون خالد.. حتي مالت محتضنة فدا بقوة وهي تحاول بثها شيئا من قوتها وصلابتها .. قبل ان تربت علي ظهر تلك الشاحبة ذات الملامح المتألمة علي الدوام
" اودعي كل أمرك بين يدي الله"
تمتمت فدا بشرود
" ونعم بالله "

دخلت لينة محل خالد في موعدها بالتمام.. قبل بدء العمل بنصف ساعة.. تتمني داخليا ان يجعلها تمارس عملها اليوم علي زبون حقيقي.. بعدما قضت اليوم السابق كاملا تعمل في أعمال ثانوية أو تتمرن علي الدمي
لم تر خالد .. ولكن استقبلها ويليام وسنجام بترحاب.. صاخب من الأول.. وقور من الثاني
"لانا التي أتت لنا من بلاد السحر الشرقي وألف ليلة وليلة"
اقترب منها ويليام بابتسامة طفولية رسمت ابتسامة تلقائية علي وجهها
"أتعرفين! قبل ان ابدأ بالعمل مع خالد .. كنت أظن ان كل المسلمين متطرفين وإرهابيين .. حتي تعرفت علي خالد وفدا وچو.. فهمت ان هؤلاء المتطرفين هم القلة .. ومن هم مثل خالد هم الأساس.. لأن الأساس هو الأخلاق الرفيعة والرقي وطيبة القلب"
كان يتحدث بسرعة شديدة ... فلم تلتقط لينة نصف ما يقول وتاهت منه .. حتي تنحنح سنجام مقاطعا بصوت رخيم
"تحدث ببطء حتي تفهمك جيدا ... واذا سمحت في يوم من الأيام ..وتوقفت عن الرغى فربما ردت عليك"
لم يلتفت ويليام له.. بل اخذ نفسا عميقا وزفره ببطء ثم عاد يتحدث باعتدال يميل للبطء
"ما أقول هو أنكِ انتِ كخالد وفدا أم أنك..."
وعاد يتحدث بسرعة اصابتها بالدوار في محاولتها ان تفهمه... فلم تجد بدا إلا ان تقاطعه هي هذه المرة رافعة ذراعيها بينهما بإشارة توقف
"ششششش... انتظر لقد اصبتني بالدوار"
اتسعت عيناه بعدم فهم... فما كان منها إلا ان مثلت الدوار وهي تترنح يمينا ويسارا بقامتها القصيرة .. فكما يبدو بدت لذلك الطفل العملاق مضحكة... لأنه أصيب بنوبة ضحك عليها .. احمرت لها بشرته الفاتحة
"ماذا يجري هنا!!"
صوت خالد الرزين لم يمنع ويليام من استكمال ضحكه وسنجام يتبرع بالشرح في كلمة
(يمازحها)
وجه انتباهه أخيرا للينة التي وقفت بين أطوالهم الفارعة ..كنملة تمر بين أقدام زرافات
رسم نصف ابتسامة علي وجهه وهو يبرر لها
"لا تلتفتي اليه ... إنه مجرد طفل"
انمحت الضحكة من ملامح ويليام وعبس كطفل في الخامسة .. فابتسمت لينة للطافته... ابتسامة انمحت بصدمة وخالد يستطرد
"لازال في السابعة عشر"
أشارت ولازالت الصدمة المضحكة مرسومة علي وجهها وقد ازدادت عينيها برموشها البنية اتساعا
"هذا ... كله؟!!"
ضحك خالد حانيا رأسه للأمام... فحسدته للحظة علي شعره الأسود الكثيف الناعم بلا ادني تجعيده... علي عكس شعرها الذي اكسبها في المدرسة لقب " لينة كهرباء"
رددت بسرعة
"ما شاء الله .. ما شاء الله"
لينطلق ويليام مرددا إياها كببغاء " ما شا الله.. ما شا الله"
عقد خالد ذراعيه وراء ظهره وصمت للحظة.. ففهم ويليام ما لم تفهمه لينة.. وهدأ فورا وبدأ في محاكاة سنجام في البحث عن أي عمل يدخله حتي يستقبل المحل أول زبائنه
ألتفت لها خالد ثانية... فتحرك شعره مع حركته ليعيد للخلف في حركة تلازمه بأصابعه
استعاذت واستغفرت وشيطانها يحلي في عينيها ان تضرب خالد عين تصيبه بالصلع علي الفور .

قاطعت أفكارها الشريرة صوته الرزين بلغته الإنجليزية الممتازة وإن لم تخل من لكنة تجعل الكلام يخرج منه خفيفا منغما
"والأن يا لينة.. لقد وصل أول زبائنك"
تلفتت في انتظار ظهور ذلك الزبون الخفي.. وعادت له مستفهمة .. ليرفع كفه لصدره مشيرا بثقة
( انا )
" يالهوي" صاحت بها بلهجتها الأم ... فلم يفهمها خالد ولكن لم يحتاج لترجمه والذعر علي وجهها خير مترجم
ود لو يضحك علي لذاذتها وخفة دمها التي لا تحتاج لأن تمزح كي تستشعرها فيها
روحا خفيفة محبة للحياة .. هكذا يراها كلما نظر اليها أو تحدث معها
روحا مناضلة قوية... مذعورة الأن تزمجر بكلمات رافضة لم يفهمها... لذا عقد ذراعيه أمام صدره ورفع كتفيه بلا مبالاة ناصبا لها الفخ
" حسنا... اذا لم ترغبي لك كل الحرية في ذلك.. كل ما عليك فعله هو الاستمرار في الأعمال الثانوية.. لأني لن أسمح لكِ بالعمل علي رأس زبون قبل ان اتأكد أنك بارعة مع الأحياء كما براعتك مع الدمي"
للحظة انتظر.. وقبل ان يستطرد يطمئنها أو يشجعها .. كانت لينة تتجه بخطوات واسعة للمشجب حيث المريولات المخصصة للحلاقة ولفتها برشاقة حول وسطها.. ثم ألتفتت له بنظرات متحدية واثقة وهي تشير للكرسي الجلدي العالي

(تفضل)
جلس خالد بكل ثقة... ثقة مردها فهمه لشخصية لينة التي لن تندفع لعمل بهذه الدقة إلا لو كانت واثقة من براعتها فيه
ثقتها الشديدة والتي جعلت حتي سنجام وويليام يراقبونها وهي تجمع الأدوات علي الطاولة المتحركة وترتبها... ذكرت خالد بأغنية لإليشيا كيز لم يفهم معناها سوي الان
Who says I must conceal what I’m made of? / Maybe all this Maybelline is covering my self-esteem / Whose job is it to straighten out my curles? / I’m so tired of that image, that’s my word"
ابتسم لأفكاره وهو يراقب شعرها المجعد المطابق للأغنية
لقد حاول زوجها كسرها...ولكن ها هي تبدأ من جديد
وأكثر ما يشده للأمر.. أنه هنا .. شاهد علي أنثي أخري تتغلب علي واقع أليم
تماما كفدا.. كجويرية
رأي انعكاسها في المرآة تتمتم بالبسملة وتقف خلفه
قبل ان تبدأ... بأن دفنت أصابعها في طيات شعره الكثيف... تعيده للخلف بتركيز شديد لتري خط الشعر... ثم تفرقه بأصابعها لتري الخط الفارق في منتصف الشعر
أما هو ... فلولا الملامة لشهق كالفتيات وهو يشعر بأصابعها تلمس شعره وخصلاته... فتصيبه بتنميل عجيب وبرودة في أطرافه... بحركة بطيئة اغمض عينيه وبلطف شديد مع حركة أصابعها... تاه بين موجات مشاعر مراهقة يشعرها لأول مرة
هو ليس راهبا ولن يدعي ذلك... ولكنه اعتزل ( اللمس) منذ أفهمه غسان مرارا وتكرارا في كل حديث بينهما... عاقبة ( اللمس).. ليست مصففة الشعر الأولي التي تصفف له ... إذن ما به؟!!
ولكنه استسلم لحركاتها المتناغمة.. واستسلم لمشاعره التي تزداد حرارة واضطراب... وتأثر..
"لقد انتهيت... هل نمت؟!!"
فتح عينيه لتفاجئه بقصة جديدة مختلفة عن قصة شعره المعتادة... وقد فرقت الشعر من الجانب وصففته في اتجاه واحد بدلا من جانبين
رفع عينيه اليها بارتباك جديد عليه ولا يليق بسنه ... وتوتر ان تكون قد لاحظت اضطراباته... ليتنفس الصعداء وهو يري ملامحها الجادة وهي تفحص قصة الشعر بحثا عن شعرة في غير موضعها
وكأن شعره المعتاد علي بعثرته دوما لنعومته فلم يستسلم يوما لسلطان... اليوم أطاع سلطانها وسطوتها وبدا تماما كما أرادت
لفت نصف لفة لتقف جواره ويديها لا تتوقف عن العمل... فوضعت المقص وأمسكت الشفرة وتسألت
( ذقنك؟)
اعطي نفسه لحظة ليستمر في مشاعر رجولية معيبة وهو يتصورها تهذب له ذقنه التي لا يحلقها تماما منذ سنوات... تقترب جدا من وجهه ... وأنفاسها الساخنة..
"لا اعتقد أنه يحتاج لحلاقة ذقنه اليوم"
لم يكن هو المعلن... ولا هي.. ولكن سنجام الهادئ الذي قال جملته بنبرة حاسمة قبل ان يقترب منه لائما بلغته الأم التي لا يفهمها سوي خالد
"لا استبعد ان هذبت لك الفتاة ذقنك... ان تُقبلها ... تمالك نفسك يا مدير"

********************

أوصلت لينة ولكنها لم تعد للمنزل....
صفت فدا سيارتها في نفس المكان الذي وقفت فيه مع فاضل منذ أسابيع قليلة.. تراقب المحيط الواسع.. تتمني لو ترمي نفسها في عرضه ... وتخرج وقد غسلت عنها كل ما علق بثوبها من قذارة منذ سنوات...حادثت نفسها لائمة
(لقد جربتِ هذا الحل يافدا من زمن ولم يجد نفعا... بل عاد بمزيد من الوجع علي الكل)



قبل ثمان سنوات
ليلة حفل عيد مولد راجي السادس عشر

" أمي ارجوكِ.. اريد المبيت مع جيسيكا اليوم... غدا إجازة... أمي... سأبكي"
قالت فدا تلك الكلمات بلهجة طفولية ممطوطة لا تليق بسنواتها الأربعة عشر
وعينيها علي الجالس علي بضع خطوات منها... عيناه لا تفارق للحظة بنظرة ... نظرة نتجت عن كل تلك القبلات واللمسات اللاتي تبادلاها منذ بداية الحفل ولنهايته
تترجي أمها بتدلل... لم تستطع راوية رده... فأنهت فدا المكالمة وهي تصفق بفرحة وحماس مع جيسيكا التي بادلتها الحماس وهي تضع فيلما جديدا علي الكمبيوتر الخاص بها في غرفتها
فبعدما انتهي حفل راجي بوصول والديه.. سار ثلاثتهم لبيت جيسيكا القريب لاستكمال السهرة
ما ان اقتربت فدا من راجي.. حتي شدها لتجلس في حضنه
ابتسمت جيسيكا باتساع لفدا المرتبكة وهي تعلن مع غمزة
"سأذهب لإعداد العشاء"
تاركة إياهما وحيدين...فيزيد ارتباك فدا
فطوال الحفل.. نعم كانا يتسللان هنا وهناك لسرقة قبلة أو لمسة... لكن الوضع الأن يختلف
هما وحدهما... في ذلك الحيز الضيق .. وراجي يزداد جرأة كل لحظة
جرأة اربكت جسدها الساخن وجعلته يخرج عن طوره فيزيد من استسلامها لاغيا تعقلها الملغي أصلا
استمر راجي في تقبيلها بنهم... استسلمت له ولم تقاوم
هي أصلا لم تكن تنو المقاومة...
ألم تخبرها أمها مرارا وتكرارا أنها ستتزوج راجي عاجلا أو أجلا... فالعائلتين أصدقاء منذ الأبد... كما أنه العربي المسلم الوحيد في البلدة
ألم تراهما أمها أكثر من ألف مرة يتعانقان عند اللقاء ... فتبتسم وتتبادل الإشارات هي وأمه!!
إذن لما تقاوم ما يطالبه به جسدها وجسده !
فلم تقاوم...
حتي شعرت بألم حاد... جعلها تنتفض جالسة ولا تدر متي انتقلا لسرير انجيلا الضيق !!
ذاك الشعور بالألم صاحبته مشاعر أخري.. شعور بالخواء.. بانقباض الروح ..
وكأن ذلك الألم الخارق... اخترق قلبها ذاته!!
وزاد الخواء وراجي يعتدل عنها بنظرة مفزوعة متخبطة... يعدل بنطاله وهو يلتقط هاتفه الذي لا يتوقف عن الرنين ... يتمتم
"ماذا فعلت !! "
وسكت لبرهة يتطلع فيها بذهول ثم قال بحشرجة
" لم أكن أنوي أن أصل لهذه المرحلة!!"
شحوب بالغ اعتراه وهو يلقي بالغطاء علي قدميها العاريتين بحركة سريعة وهو يتمتم باعتذار واه
"اسف علي الرحيل... والدي بالخارج أتي لتوصيلي للمنزل"
لم ينحن ويقبلها كما اعتاد عند الفراق... ولم تكن هي لتتحمل قبلته
مرت عليها الأحداث بعد ذلك في غيمة سوداء وكأنها تشاهد فيلما لا يعنيها
جيسيكا تسندها للحمام.. وتساعدها علي الاغتسال... ثم الخلود للنوم
لم يغمض لها جفن... خاصة وهي تصيغ السمع للحوار بين جيسيكا واختها الكبيرة التي صرخت
" ماذا فعلت فدا؟ هل جننت انتِ وهي! فدا عربية يا انجيلا ليست مثلنا... يا الهي ارحمنا من القادم... "
والغريب أنها بعدما سمعت تلك الكلمات... راحت في سبات عميق ...
وحين استيقظت علي هزات خفيفة كانت اخت جيسيكا تخبرها بملامح مشفقة
" والدك بالخارج... أتي لإيصالك المنزل قبل ذهابه للعمل"
فاعتدلت فدا بسرعة فتهاجمها وخزات ... ذكرتها بكل شيء عن الليلة السابقة
لم تقابل جيسيكا... ولم تتساءل اين هي
كانت في حالة غريبة... وكأن روحها غادرت جسدها... وكأنها لم تعد هي
وهي تفتح لها باب المنزل ... امسكت اخت جيسيكا بمرفقها بقوة هامسة
" لا تخبري أهلك عما حدث ... إياكِ يا فدا... انسي ليلة أمس كلها... إنسيها "
ونست فعلا... أو اقنعت نفسها ان تلك الليلة لم تحدث أصلا
وفي السيارة... اختار والدها لأول مرة ان يتحدث اليها كفتاة كبيرة عاقلة دون تدليل
" لقد كبرتِ يا فيدو ولم أعد ارتاح لفكرة مبيتك بالخارج...اسهري مع صديقتك كما تحبين ولكن عودي للمنزل في النهاية"
عادت للمنزل ولكن...
هل عادت لنفسها! ابدا...
ظلت مغتربة عنها... تتحرك كآلة بلا روح
والغريب ان الكل شعروا بها فقرروا ... ان الحل هو التحدث معها عن دينها عل قربها من الله يخفف الحالة التي تمر بها والتي لا يفهمونها
لا يدرون ان كل كلمة عن دينها.... عن الله
كانت كمسمار في نعش الروح
وهي تتطلع فيهم... في أمها فوق الجميع وداخلها يصرخ
"الأن؟ أتيتِ الأن تتحدثين وتشرحين؟ الأن؟"
وحتي في تلك اللحظات كانت أمها علي تناقضها... تتحدث عن الله وعن ضرورة تقربها منه ... الصلاة .. ربما تجربة الصيام
ثم تعود بعدها بدقيقتين تربت علي كتفها محايلة
"هل انتِ علي خلاف مع راجي! ما رأيك لو تهاتفينه وتخرجا للسينما معا! ربما تشتري فستانا جديدا كي يعجبه"
أما راجي... فكما لو كان بتلك الليلة بُني بينهما حاجز ابدي
نعم ظلا علي اتصال... يراها وتراه
ولكن شيئا داخليا انتهي... مات
قمة التناقض.... فداخلها كانت تتخلق الحياة
حتي وضعت كلمة النهاية لطفولتها ولأي شعور حلو داخلها
وهي تتأكد بعد أربعة أشهر من حملها..
ليست غبية ولا حمقاء وقد درست في المدرسة كل شيء في حصة التعليم الجنسي ... لكن عقلها لم ينتبه للمؤشرات إلا بعد فوات الأوان...
فقررت... ستحمي عائلتها.. منها
ولأول مرة يختفي الجميع من عينيها ... إلا هو
ابيها غسان..
كيف تحميه ... كيف تحمي ذلك الذي لم يقدم لها سوي الحب من الحزن والغضب!
غبية طفولية... أظنه إن عرف سيحزن ... سيغضب... لا تدر أنه سيتحطم
وكما حالها منذ تلك الليلة ... جسد يتحرك بلا روح... طلبت منه ان لا يوصلها للمدرسة ذاك الصباح.. ستذهب سيرا علي الاقدام... وأطاع بابتسامة وهو يدس في يدها عشرة دولارات هامسا
"اشتري إفطارا مميزا في طريقك"
لا يعرف أنها قررت الرحيل.. دون نقود.. دون خطة.. دون سند... دون غسان
لذا قبل ان تبتعد احتضنته بقوة ... وهي تهمس بالإنجليزية
"احبك ابي"
فيميل مقبلا جبينها مجيبا بالعربية
"احبك يا صبيحة الوجه"

ركبت فدا الباص الذي أوصلها للمدينة
وفي هذه اللحظة ... عادت الروح للجسد
روح مرتعبة من الوسع والزحام الذي لم تراه ابنة المدينة الصغيرة من قبل
مبان طويلة شاهقة تلتف حولها كما الجبال التي تهددها بالابتلاع
تريد الاستغاثة... ولكن ماذا سيفعل بها مغيثها.. ابيها ان عرف فعلتها!
لذا استسلمت للحل الوحيد الذي ارتأه عقلها الطفل الذي لم ينضج بعد
وجلست علي أقرب مقعد تبكي ... خوفا وفزعا
تبكي خزيا من نفسها ... تبكي وتتمني الموت الذي لم يلبي تمنيها

شعرت فدا بظل طويل يشرف عليها... رفعت عينيها... لتدرك أنها قضت علي ذاك المقعد ساعات حتي ان الشمس الأن في حالة غروب كئيب
فيزداد فزعها وهي تري ضابطي شرطة يقفان أمامها
" هل انتِ بخير يا انسة! "
لم تجب ... سوي بهزة رأس ... لم يصدقها أي منهما... لذا قال أحدهما بصلابة
"اين تسكنين لنوصلك لبيتك! حالتك لا تبدو حالتك جيدة بشكل كاف ان تستعملي المواصلات العامة! كما ان صاحب ذاك المتجر أخبرنا أنك علي جلستك تلك منذ ساعات"
شحب وجهها وانتابت جسدها رعشة... رعشة وصلت لأعماقها وهي تسمع الأخر يتحدث في اللاسلكي بخفوت
"أمامنا فتاة... اعتقد أنها إما هاربة أو تائهة... لذا سنأت بها للقسم.... لا تبدو أكبر من الثالثة عشر "
تلك الكلمات كانت كافية لأن تجعلها تقف مفزوعة مرتعبة وتهم بالهرب ... فيلحقاها بسهولة ويقبض كل منهما علي ذراع بشدة لا تميل للقسوة
"لا تهربي ارجوك يا انسة... يبدو أنك بحاجة للمساعدة .. لا نظن أنكِ مذنبة بأي شكل من الأشكال فلا تخافي"
ليؤكد الأخر وهو يعدل حزامه مبعدا مسدسه عن عينيها بمراعاة
"نعم دعينا نساعدك باصطحابك للقسم... أو الاتصال بأحد اقاربك ليأتي لاصطحابك للبيت"
عقلها في حالة من الاجهاد الشديد ولكن الخوف من الذهاب للقسم حيث المجرمين والمذنبين كان أشد وطأة لذا همست بصوت يقطر إعياءً
"انا أتيت لزيارة صديق العائلة ولكنني ضللت الطريق"
وعلي الجانب الأخر من المدينة... كان يستعد لاستقبال أخر زبائنه حين رن هاتفه بإلحاح فألتقطه واضعا إياه ما بين خده وكتفه
(خالد معك)





*******

قد لا تظهر ملامحها أو لغة جسدها ارتباكها ... ولكنها مرتبكة جدا
ذلك الارتباك اللذيذ حين تذهب في أول موعد غرامي مع الحبيب
نعم الموعد علي الشاطئ الخاص بالأطفال
نعم الموعد يحضره عبدالله ابن اختها ... ولكن يظل أول موعد غرامي لها
حاولت جويرية ثني والدها عن أن تغادر البيت وتترك فدا في حالتها التي ظلت عليها منذ أخبرها والدها عن طلب فاضل
لم تبك ولم تنفعل... طال صمتها منذ الليلة السابقة في حالة اخافت غسان وجويرية
وحالة فدا تذكرهما بحالتها قبل محاولة الانتحار التي خرجت منها جويرية بعد ان انقذتها بتلك الحالة
ولا للحظة ندمت جويرية علي انقاذ اختها حتي وهي تعرف الأن أنها ستعيش ناقصة طول عمرها
ولكنها نادمة أشد الندم أنها لم تكن أوعي ..
لم تلحظ كل العلامات التي رمتها فدا في طريقهم بيأس... برغبة شديدة في الانقاذ
"ربما من الأفضل لو ذهبت معها وهي توصل لينة يا أبي... أو حتي أوصلت انا لينة لخالد"
صمت غسان للحظات يقلب اقتراح جويرية في رأسه قبل ان تشتد ملامحه إصرارا وهو يجيب
"لا ستذهب فدا لتوصيل لينة... وحدها..."
ثم ألتفت بكليته ليواجه جويرية مؤكدا بحرقة صارمة
"هل سأعيش عمري كله خائفا عليها؟ متوجسا يلاعبني الشيطان من كل زاوية ويناكفني قائلا ( ان تركتها قد تعيد المرة وتحاول الانتحار؟) لا... ستذهب وحدها وانا أثق بها لهذا الحد"
لذا لم تجد بدا من إطاعة والدها وتنفيذ طلبه بأن تغادر هي وعبدالله البيت
ولكن... شعورا بداخلها طالبها ان تكون طماعة لمرة..
طمع مُستحل في قبس من السعادة
لذا قبل ان تمعن التفكير فيمنعها خوفها من العشم
طبعت الأحرف علي هاتفها وأرسلت الرسالة
( سأكون علي الشاطئ مع عبدالله... إن أردت قضاء بعض الوقت معنا...
لا مشكلة إن لم تستطع بلا أدني ضغط )
انتظرت...ثم تشاغلت بالتركيز المبالغ فيه في طريق تحفظه وهي تقود للشاطئ... ولكن بداخلها توتر... ورغبة في البكاء وهي توبخ نفسها
(تسرعتِ يا جويرية وها هو يتجاهلك)
(چو)
نداء عبدالله قاطع أفكارها وبددها بلا مجهود... وذاك الذي التقطته بين ذراعيها ابن دقائق علي هذه الدنيا
ذلك الذي تعهدت دوما ان يكون من أولويتها.. يتحدث إليها فيعيد تشاي وعدم رده لأخر اهتماماتها
" نعم عبدالله "
"ما بها امي منذ الأمس!!"
سؤاله كان صادما لها... مخيفا
وهي تدرك ان عبدالله يكبر... ولم يعد من السهل إخفاء ما يدور عنه!!

لذا رسمت ابتسامة مشفقة علي شفتيها وبررت كاذبة
"يبدو أنها التقطت فيروسا أو شيئا مماثلا.. أدع لها بالشفاء العاجل "
لم يجبها... بل لف وجهه ليتطلع من النافذة وصمته وعدم رده علي ما قالته.. يقلقها
يجعلها توقن أنه أكثر قراءة للواقع حوله مما تخيلت.. ولكن ما أعلنه بعدها بصوت خفيض هو ما أثقل قلبها في صدرها
" تهاتفني جدتي كل ليلة علي هاتف أمي... فتعطيني ماما الهاتف لأرد... ولا مرة ردت هي.. ولا مرة طلبت جدتي التحدث اليها!!"
التثاقل في قلبها يتناقض مع نبضاته المتسارعة بفعل الخوف ...الخوف من ان عليها الأن إما الكذب أو الشرح
خيارين حلوهما مر
وكأن الله أراد لتلك المواجهة الحتمية ان تتأخر قليلا
والله ينقذها بهتاف عبدالله السعيد
" أمينة هناك "
خرجت جويرية لتلتقط كف عبدالله بسرعة بعدما صفت السيارة في جراج الشاطئ المفتوح واتجها لحيث وقف تشاي جواره أمينة
تضرج وجه جويرية الصامت خجلا وهي تقترب من تشاي ذي الصدر المكشوف إلا من منشفة كبيرة رماها علي كتفيه بإهمال.. وشورت سباحة أبيض اللون مطبوع برسومات ( سنافر ) تسبح.
بدت أمينة لچو كما لو كانت كعكة شهية تدعوك لالتهامها.. بزي السباحة الأصفر زي تنورة صغيرة باللون البرتقالي المشع وشعرها المجعد مفرود علي ظهرها
"عرفت أنك وشحاتة ستتزوجان"
كان هذا أول ما نطقت به الصغيرة بلهجة عجوز في السبعين... ألجمت چو عن التحية حتي !!!
استطردت تلك القصيرة وهي ترفع سبابتها في وجه جويرية
" أتعرفين ان الفتاة في مصر يجب ان تتزوج ابن خالها... أي أني انا من تركته لك"
في تجاوب نادر منها رفعت جويرية كفها لصدرها وهي تحني رأسها مرددة
"شاكرين أفضالك يا انسة أمينة"
رفعت الصغيرة ذقنها لأعلي وهي تفحص تشاي بتعالي
"في البداية غضبت ... لكن الأن لا أرغب في الزواج منه... أريد ان اتزوج طبيبا أو محاميا كي يشتري لي ما أريد... أما شحاته فأبي يقول ان مهنته لن تكفيكما الخبز الحاف"
خبئ تشاي وجهه في كفه وهو يولول بصوت خفيض علي عائلته التي تفضحه دوما ... بينما أمينة تقترب من جويريةً هامسة
" ارجو ان يكون راتبك الأسبوعي كاف كي تشتري باقي احتياجاتكم طالما سيتكفل شحاته بالخبز الحاف"
لم يتحمل تشاي المزيد من الفضائح... فما كان منه إلا ان حمل أمينة تحت ذراع وعبدالله تحت الذراع الأخر وركض بهما للرمال وللمحيط.. يعاركهما قليلا .. يسبح معهما قليلا.. يطاردهما قليلا
أما چو.. فافترشت الرمال تراقبه بوله لن تنكره ... وتتساءل بغصة
(تري هل تظلمه بموافقتها علي الارتباط به؟ علي ارتباط ذلك الكيان الضاحك بمسمار مثلها)
قاطع استرسالها اقترابه ليجلس جوارها ... بينما الطفلين يحفران الرمال بصخب
تنظر لذرات الرمال التي يبعثرها بأصابعه فسألت بكأبة
" ألم تمر يوما بحزن؟ بمأساة؟"
أراد بكل قوة وعد قطعه ان يسعدها يوما... ان يستفسر
تمني بحجم اشتياقه لابتسامتها... ان يسأل
ولكن معرفته بالبشر أخبرته ان الوقت لم يحن بعد... لذا أجاب بهدوء أثير
"لا يا جويرية لم أمر يوما بما مررت به انتِ "
رفعت عينيها اليه بسرعة متفاجئة لفهمه العميق لها ولكنه استطرد
" حياتي كانت دوما سهلة.. بسيطة ما بين الصين ومصر وأستراليا.. طفل يعشق كل تلك العائلات المختلفة التي ينتمي اليها.. كل تلك الشخصيات التي سرق قبسا من روحها..)
سلط عينيه في عينيها المرتبكة لثباته وهو يعلن بصدق أرجف قلبها
"حتي وقف أمامك ليكتشف ان كل ما به منقوص... يشتاقك كي تكمليه"
ومن تحت ذرات الرمال مد أصابعه المدفونة هناك تلمس أصابعها
انكمشت جويرية علي نفسها بخجل شديد.. ومع ذلك لم يطاوعها قلبها علي ابعاد أصابعها عن أصابعه.
تطلع فيها بابتسامة صغيرة يتفحص فستانها الأسود الذي يشبه شبكة صياد واسعة فوق بذلة السباحة التي رأها عليها من قبل.. وشعرها القصير جدا في تصفيفة قد تبدو لها عادية ولكن له كانت فاتنة مزعجة فتمتم
"شكرا أنك سمحتي لي بأن تحتضن أصابعي أصابعك.."
لاحظ ارتباك عينيها رغم الجمود الزائف فأستطرد بشقاوة كي يستفز رد فعلها
"ولكن لي رجاء قلبي حار.."
تزحزح في جلسته حتي لم يعد يفصل بينهما سوي كفيهما المتشابكتين..
"دعيني اتشمم رقبتك وإلا سأصاب بمرض خلل في التوازن.."
كان قد نسي رغبته في مشاغبتها ونسي أنهما علي الملأ.. وهو يميل عليها أكثر وأكثر
وعينيه مسلطتين علي رقبتها وأحرفه تخرج حامية
"دعيني اتشممها مرة واحدة وأقبلها قبلة صغيرة جدا"
كانت جويرية المصدومة المتأثرة تسمعه وقد تسارعت نبضاتها ولكنها استفاقت أخيرا لنفسها... فدفعته وقد خلصت كفها من كفه لتهتف بحنق
" انت وقح يا شحاته "
ثم تسارع بمشاعر متضاربة.. كلها حلو .. لحيث يقف الطفلين
أما تشاي فابتسم بعشق لتلك التي لا تدرك تأثيرها ومداه
"يا ابن المحظوظة يا شحاته...انفعالا جديدا وانت سببه !!"

********************

" اذن... فدا؟!! "
ألتفت فاضل لناجي صاحب السؤال مجيبا
" نعم...فدا "
لازال الطفل داخله يتساءل.. هل هي خيانة لوالده أن يكن لناجي كل هذا الحب والتقدير!
فقد هاتفه ناجي اليوم عدة مرات ليتأكد من موعد ذهاب فاضل لبيت غسان.. وما إن خرج فاضل من بيت أمه.. حتي وجد ناجي بانتظاره هاتفا من النافذة
( لا يصح ان تركب الأتوبيس ياعريس )
وحين ركب جوار ناجي... وضع الأخير علي رجله طبق مغلف من الحلوى العربية الفاخرة من المحل الشهير ودون حتي ان يشرح أو يبرر... ما وضع فاضل في حالة من التأثر الشديد

"هل انت واثق؟"
سؤال ناجي لم يجد إلا ابتسامة مشاغبة من فاضل وهو يغيظه
"وهل عندك اعتراض علي الزواج من مطلقة عندها اطفال؟"
فهم ناجي تلميح فاضل المازح... فرفع كفيه باستسلام... ثم أضاف بتعقل
" طالما تعرف حجم المسئولية التي انت مقبل عليها"

وقف فاضل أمام بيت غسان... يشعر وكأنه علي بعد خطوتين فقط من العودة للوطن
وطن أوجده الله له في الغربة... وطن اسمه فدا.
ما هي مشاعره تجاه فدا! هل هي حب؟ عشق؟
( لا..)
تمتم فاضل لنفسه وهو يطرق الباب
( مشاعر انتماء من لم ينتمي يوما )
فتح غسان الباب واستقبل فاضل... بوجه غير الوجه
لم يكن ذلك غسان الذي يعرفه... بدا ضعيفا كمن علي وشك الاعياء..
فتح فاضل فمه ... يريد الاطمئنان علي ذلك الرجل الطيب... ولكن غسان لاحقه معلنا
"تفضل في الحديقة الخلفية... فدا بانتظارك"
وفي أقل من الثانية نسي فاضل غسان وحالته العجيبة وهو يلج من باب بالمطبخ للحديقة الخلفية
مساحة أضيق من ان تسمي حديقة... ولكن في نظره كانت جنة وبستان .. وهو يري فدا جالسة علي مقعد من اثنين في صدر الحديقة
اتسعت ابتسامة خطفت أنفاسها وهو يحييها
" كيف حالك"
ولأن رؤياه بذلك القميص الأزرق.. عقدت لسانها .. لم تنطق... بل أشارت له بكفها كي يجلس علي المقعد الأخر

كان متأكد أنها لن تمرر الموقف دون اظهار جلي لموهبتها... لكن لم يتوقع ان تبدع في شخصية
" أم النكد" لهذا الحد
فقد بدت له ملامحها عن قرب بعدما جلس ... منتفخة من أثار بكاء مستمر
"شكرا يا فاضل لعرضك ... ولكني ارفضه"
غاص قلبه في قدميه مع كلماتها ... فسأل بصوت مغلق
"والسبب؟! مستواي المادي!!"
نست رغبتها في التهرب من الزواج منه وهي تهتف بفخر أمومي عاتب
"لا يعيب رجل مثلك مستوي مادي"
لم ترحه إجابتها.. بل زاد توجسا وهو يقسم ان لا يرحل إلا ان عرف سبب الرفض الحقيقي فعاد يسأل
"ربما تريني غير أهلا لأن أكون في حياة ابنك!!"
هزت رأسها بقوة وقد بدأت فعلا بالبكاء
"بل والله وجودك في حياة ابني...حلم"
رفع فاضل حاجبا مندهشا وهو يري فدا قلبها يكاد يتوقف انفطارا من شدة البكاء ... قبل ان يهتف مغتاظا
"أقول لك طلبت يدكِ للزواج ... تقابليني بسيمفونية الشحتفه تلك... اعذريني لن أكون متحضرا وارحل متقبلا رفضك إلا إن عرفت السبب"

(فاضل)
بالرغم من اسمه المختلط بدموعها... لكنه ابتسم والبحة فيه تؤثر في رجولته
"فاضل... يجب ان اعترف لك بأمر قبل المضي في الخطبة إن أصررت عليها"
تهللت أساريره وهو يلتهم ملامحها باشتياق لحلال قريب
"هل ما فهمته صحيحا؟ أنتِ توافقين علي الزواج مني اذن!!"
بمليء عينيها التي تشبه ليلا تترقق فيه النجوم تطلعت فيه .. بمليء عينين عاشقة توقفت للحظة عن نحيبها وهي تقر بعشق زاد من توهج تأثره بها
" ولا للحظة تمنيت ان أكون زوجة لرجل كما اتمناك"
هل جنت؟!! كيف ان تغمره بتلك الجملة التي لولا حدود الله لكان أجابها عليها بضمة تكسر ضلوعها فتختلط بضلوعه للأبد !!
ولكنه تماسك إلا من كفا عارضت هذا التماسك لتشد علي عضدها بحنان مكبل

" يا بنت..."
هتف بحرارة رجل... وما أدراك بحرارة رجل ملتاع من طول الوحدة
"يا بنت ... إياك وتلك التصريحات قبل العقد"
لم تحمر خجلا ولم تتهرب بمقلاتيها... بل عادت للبكاء وهي تؤكد بإصرار لم يعجبه
"قبل أي تصريح... يجب أن أعترف لك بما أريد"
في هذه اللحظة كان إصرار فدا هو اليأس والمحال!
يأست من صرفه دون ان تدفعه للظن ان به عيب
وتمني لمحال... السماح
هز رأسه رافضا وقد بدأ قلبه في الغوص عميقا وأشباح الغيرة التي أحرقته لأسابيع تثنيه عن الارتباط بها تعود فتهاجمه
" لا...لا داعي لأي اعتراف..."
قاطعته بشراسة ليس منها... شراسة طعنة تطعنها لنفسها قبل منه وقد ملت طول الاختباء.. طول الخوف من ان يعرف أي مخلوق حقيقة ما حدث...
ملت طول تحمل الإهانة من أمها... فوضعت كل قهر السنين وهي ترمي بحملها عليه بأنانية ..هاتفة بصرامة
"لقد حملت بعبدالله خارج الزواج"
لم يدر فاضل ان كفه الملتفة حول عضدها اشتدت بقسوة وصورة بشعة تصدمه وتهز رجولته
صورة لفدا أصغر منها الأن... طفلة في جسد مراهق ... تُنتَهك
تقبضت ملامحه وعينيه لا تري سوي الدماء... دماء الخسيس الذي انتهكها
هذا ما رأته هي في عينيه وفهمته... زادت دمعاتها... وزادت معها صرامة صوتها وهي ترمي بعارها عليه
"لا يا فاضل... لم يغصبني... فعلتها برضاي"
طنين اذنيها سببه كفه الأخر الذي قبض علي فكها يطبقه بعنف كعنف الصفعة التي تلاقاها من بين شفتيها
بفحيح مجنون صرخ غير مبال بمن يسمع
"اخرسي... إياكِ وقول هذا عن فدا... إياكِ وقول هذا عن فداي"
أدرك صرخاتها المكتومة من ألم فكها... فتركه بسرعة وأفلت عضدها كالملدوغ...
ما إن افلتها حتي تهاوت راكعة تنتحب ووجهها لا يرتفع عن الأرض... في ذل ..

وقف فاضل علي بعد خطوتين يشاهدها
يشاهدها كمن يشاهد فيلما لا يعنيه في شيء...
مجرد مشهد.. وهو المشاهد الذي بداخله يقين ان المخرج سيعلنها الأن (مزحة ثقيلة)
يشاهدها فقط لأن ساقيه لم يعودا قادرين علي الحركة.. أو لأن بداخله كان يعرف ان هذا هو الفراق... فأراد ان يملئ العين والذاكرة بصورتها.. حتي وإن كانت باكية
لكن كل شيء كان أقسي من ان يتحمله..
فابتعد وتركها خلفه... بخطوات ثقيلة مذهولة
ما قالته... لازال لا يلمس أعماقه أو يلج لعقله وأفكاره
إنما يتعامل معه كمريض... خضع لتوه لجراحة ولازال يستفيق من لذة المخدر
يعرف ان الوجع سيهاجمه في لحظات ولكن لازال .. لم يمسه الوجع الحق
( فاضل)
اسمه من غسان الشاحب عند الباب كان كافيا ... ليستفيق
فتتسع عيناه ويدرك أخيرا ما قالته
( برضاها )

لا يدر كيف غادر بيتهم... وكلمة واحدة تصيبه بالصمم.....برضاها
(فاضل)
نداء ناجي المتعجب لحالته بعدما كان في انتظاره كي يوصله وهو يراه يخرج من البيت في حالة عجيبة
(فاضل)
ثاني نداء من ناجي وقطعه الطريق علي خطوات فاضل الواسعة... كانت ما نبه الأخير
وأخيرا تبدد أثر المخدر تماما وأتي الألم نازف حارق
فلم يشعر فاضل بنفسه إلا وهو يصرخ كليث جريح وهو يخبط علي سيارة ناجي بكلتا يديه بكل ما أوتي من قوة
فالوجع داخله... سيرديه صريعا... إن لم يخرجه
وكم أراد ان تكون هي أمامه الأن... هي وذلك الحقير ... فيكون من نصيبهما تلك الصفعات
صورة فدا تحت يده ينتقم منها... قتلته أكثر ولم ترحه كما تصور
(فاضل) كتفه ناجي وهو يشد علي ذراعيه من الخلف هاتفا
" كفي.. كفي "
وأخذ في دفعه وهو يخشي اتصال احدهم بالشرطة .. حتي ادخله السيارة وقادها بعيدا
" ماذا حدث لكل هذا !!!"
صرخ ناجي علي فاضل الذي وبالرغم من هدؤه الأن أدرك ناجي أنه في حالة غير طبيعية ابدا...
كل ما في فاضل يصرخ منبها أنه في حالة غير طبيعية وأنه ليس في وعيه
لكن حتي وإن لم يكن في وعيه.. لن يجرحها ولن يسئ لها ... لذلك أجاب فاضل بصوت ميت
(رفضتني)
في نفس اللحظة.. كان هاتف ناجي يرن باتصال من شهيدة لتطمئن علي الوضع
لم يجب ناجي وأراد قبل الرد ان يستوعب الموقف العجيب ... إلا ان لمفاجأته كان فاضل من أجاب بصوت جامد
"نعم يا أمي... لا لم اذهب لبيت عم غسان... فقط هاتفته أني سأخذ بعض الوقت في ترتيب أموري قبل زيارتهم... أدركت تسرعي"
عم الصمت السيارة بعدما انتهت المكالمة بين فاضل وشهيدة لدقائق
وأخيرا نطق فاضل... بصوت أوجع ناجي رنة الانكسار فيه.. تلك التي ذكرته بفاضل طفلا يودع امه
" لا تعدني للبيت يا عمي أرجوك... لا أريد ان أري أحدا.. أشعر وكأني تيتمت لتوي واحتاج الانفراد بحدادي"



سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك واتوب اليك



ندوش28 and noor elhuda like this.

shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 09-09-20, 12:51 PM   #720

shymaa abou bakr

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية shymaa abou bakr

? العضوٌ??? » 355161
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,527
?  نُقآطِيْ » shymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond reputeshymaa abou bakr has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 48 ( الأعضاء 12 والزوار 36)
‏shymaa abou bakr, ‏rontii+, ‏همس البدر, ‏Shimaa 33, ‏نهى عباس, ‏هبة الله 4, ‏fatma ahmad, ‏فديت الشامة, ‏blue fox, ‏ام الارات, ‏OOomniaOO, ‏حلا هش


منورين


shymaa abou bakr غير متواجد حالياً  
التوقيع
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.