25-12-20, 10:07 PM | #1641 | |||||
| اقتباس:
شكرا حبيبتي على التقدير الذي اثمنه كثيرا 💖💖💖💖 اعدك ان أقرأها ان شاء الله بمجرد ان انهي الرواية التي انا بصدد متابعتها كل التوفيق والنجاح في عملك 💖💖💖 | |||||
26-12-20, 09:44 PM | #1647 | ||||
| البارت الثامن بعد المائة زوجتي الدكتورة ملك ❤ " أسيل أسيل , انتظري أريد ان أكلمك " نادى حسام على أسيل بصوت عال أجفلها , و جعل كل من حولهما يحدق ناحيتهما . توقفت أسيل مكانها بعدما سمعت , أكثر صوت تكرهه و يثير حنقها , أخذت نفسا عميقا و استدارت لمواجهته , هي أتت فقط لاستكمال أوراقها , من أجل مشروع التخرج , و من أجل اجتماع هام , مع الدكتور المشرف على تصاميمها , آخر شخص توقعت و تمنت رؤيته هنا هو هذا الوغد , لكنها تصرفت بعقلانية و هدوء , لأنها لا تريد اثارة فضيحة هنا , خاصة و أن كريم صار جزءا من حياتها , و قد يتسبب اعتراض حسام طريقها , في الكثير من المشاكل بينهما . تقدم حسام ناحيتها بخطى متسارعة , و قد بدا أنه كان ينتظرها بالفعل , و وقفت أسيل تراقبه بصمت , رافعة حاجبها ناحيته باستنكار , و رغم ملامح التذمر الظاهرة على وجهها , الا أن ذلك لم يثنه عن التصرف بسماجة كما تعود " لم لا تردين على مكالماتي ؟ " سألها بكل وقاحة , فرغم أنه على علم بخطبتها , و رغم أنها غيرت رقم هاتفها , حتى تتخلص من مطاردته لها , الا أنه يجد طريقه دائما الى حياتها , و آخرها سرقة رقمها الخاص من سيرتها الذاتية , التي قدمتها الى شركة والده من أجل التدريب . " أستغفر الله العظيم " تنهدت أسيل بصوت مسموع قبل أن تجيبه " و لماذا أفعل ؟ نحن لا صلة بيننا " ابتسم حسام لها و كأنها لم تنهره لتوها , و أضاف بنبرة العارف الواثق " لكنك أصبحت متدربة لدينا , و قد فوت موعد التحاقك بالفعل " تجهمت ملامح أسيل بسماع كلماته , فواضح أن كريم كان محقا , بشأن تدخله المشبوه لحصولها , على التدريب في مشاريعهم الخاصة , و من معرفتها بهذا السافل , لا يبدو أبدا عملا لوجه الله . ردت أسيل عليه ابتسامته الساخرة قبل أن تجيبه " عليك تصحيح معلوماتك القديمة , أنا أرسلت رسالة اعتذار لموقعكم , لن أتدرب في شركتكم " على عكس ما توقعت لم تفحمه اجابتها أو تفاجئه , لكنه دنا منها أكثر و سألها , و قد ظهرت بوادر غضب على وجهه " لماذا ؟ كنت ستستفيدين كثيرا بالعمل معنا " اذا هو هنا لأن رفضها فرصة التدريب , التي تدخل فيها استفزه و جاء يستفسر عنها , و سارعت لتبديد آماله , التي استقاها من رؤية طلبها لديهم " لا تغتر كثيرا , كانت حساباتي خاطئة , و تراجعت عن طلبي لم أعد أريده " أكيد هو كان يفكر أنها غيرت رأيها , و عادت للتودد له لاعادة العلاقة بينهما كما كانت , لكن نجوم السماء أقرب له . و كما توقعت ظهر الحنق على ملامحه ليبادرها " ذلك المتعنت هو من منعك صح ؟ يحاول أن يفرض رأيه عليك , و يفهمك أنك دمية بامكانه التلاعب بها , بداعي مراعاة مصلحتك , و أنت كالساذجة تتبعينه في كل أوامره " قال مشيرا الى كريم , مستغلا الضغط على نقطة ضعفها التي يعرفها جيدا , و هو كرهها لانقيادها للآخرين , مما أثار غضب أسيل بشدة , و التي لم تتردد للرد عليه بقسوة " و الله أن أنقاد لرجل مثله يقدرني و يحترمني , و سيصير زوجي و شريك حياتي قريبا , أفضل بكثير من أن أصادق وغدا مثلك , بالنسبة لي هو أمر يدعو الى المباهاة و ليس الى الخجل " استفزته كلماتها مما أشعرها بالرضا , رغم أنها في داخلها تنبذ و بشدة , أية محاولة للسيطرة على حياتها و ارادتها , لكن لا يجب أن يدرك حسام بالذات هذا الأمر . " لم يكن هذا رأيك حينما كنت تنصحين صديقتك , لو أنها استمعت اليك الآن سيخيب ظنها كثيرا " قال مذكرا اياها بندى , التي لطالما نصحتها بعدم التسليم لحسام بسهولة , قبل أن يثبت جديته في العلاقة معها على الأقل , تألمت أسيل لذكره ندى , لكنها تمالكت نفسها و أجابته بثقة " أنت محق , سيخيب ظنها لأنها لم تستمع لي , بأنك لا تستحق مشاعرها و تضحياتها " ابتسم حسام بخبث دون أية بوادر , للشعور بالذنب أو الندم عما فعله بندى , و وجه دفة الحديث ناحيتها مجددا " أتمنى فقط أن يستحق ذلك السائق , تضحياتك أنت و تنازلاتك من أجله , و تذكري أنه لن يسمح لك أبدا بالخروج من مجاله , مادمت تسلمين له بكل بساطة , هو من النوع المتملك اسأليني أنا , و يؤسفني أن أخبرك أنك ستعانين معه , لأنك ستضطرين للحصول على امضائه , على كل نفس تأخذينه بعيدا عنه " تجمدت ملامح أسيل , و اختفت ابتسامتها الرقيقة , فأكثر شيء يثير حفيظتها حاليا , هو انتقاد كريم بأية صفة كانت , لكن قبل أن تفتح فمها , للرد عليه و الدفاع عن خطيبها , وصلتها رسالة على بريدها الالكتروني , بمجرد أن قرأتها حتى اتسعت عيناها و أشرقت أساريرها , فقد كانت اجابة بالقبول , من احدى الشركات التي قامت بارسال طلبها اليها , و سارعت لتخييب ظن الحاقد الذي يقف أمامها , مع ابتسامة متشفية تزين وجهها " أوبس أعتقد أن تكهنك لن يدوم طويلا , فقد حصلت بالفعل على أول تدريب لي , و في شركة أكبر من شركتكم , و دون أي تدخل من طرف خطيبي " أصرت على حروف آخر كلمة نكاية به , و استدارت للمغادرة منهية النقاش , هي وعدت كريم ألا تسمح لحسام , بالتأثير مجددا في حياتها , و لن تمنحه فرصة تنغيص سعادتها , لكنه لم يرد تركها و شأنها , ليس قبل أن يصرح بأحقاده على علاقتها بكريم " لا بأس أسيل , استمري باقناع نفسك بذلك قد يتحول الى حقيقة , لكن ستندمين قريبا على أوهامك هذه " سارعت أسيل و هرولت ناحية سيارتها , بمجرد أن أصبحت خلف المقود , حتى أخذت أنفاسا متسارعة , محاولة السيطرة على توترها , بسبب ما بثه ذلك الرجل , من سموم في أفكارها اتجاه كريم " أرجوك كريم لا تخيب ظني بك , أرجوك " أدرات بعدها المحرك بيد مرتجفة , و انطلقت عائدة الى منزلها , الذي أصبح أكثر هدوءا و سكينة , منذ خطبتها على كريم . صحيح أن زوجة والدها , لا تزال تثرثر في كل شيء , و تنتقد بشدة كل تفاصيل حياتها , لكنها على الأقل لم تعد تحاول ربطها , مع كل رجل تتعثر به , باستماتة بغية التخلص منها فيما يبدو أن كريم , نال بعض رضاها بسبب سخائه ناحيتهم , و كأنه يقدم جزية من أجل أن يقيها شرهم . المرأة كادت تفقد عقلها , حينما رأت العقد الذهبي الذي يساوي ثروة , و الذي أرسله كريم كهدية بعد الخطبة , اضافة الى هاتف حديث الطراز لوالدها , و حاسوب حديث مكلف الى أخيها , و أسيل عليها الاعتراف ألا أحد يفهم أم خالد , و أطماع أم خالد كما يفعل كريم حاليا , لدرجة صارت تباهي به صديقاتها في مجالسهن , مستعرضة العقد الثمين الذي يزين رقبتها , و كيف جن جنونها حينما رأت , السيارة الجديدة التي ابتاعها من أجلها , و رغم أنها لا تحب وسم مشاعرها لكريم بأمور مادية , الا أنه يقول بأنه مستعد لفعل ما هو أكبر , مقابل أن يوفر لها بعض الهدوء , في البيت الذي لطالما عانت فيه . والدها هو الآخر أصبح , أقل حدة في التعامل معها , و اختفى عنفه الذي كان يميز حياتها , و هي ممتنة جدا للأمر , رغم أنها لا تعرف , ان كان تراجعا عن مواقفه السابقة باقتناع , أو أن هيبة كريم فرضت عليه اعتاقها من تسلطه , الا أنها تشك أن والدها , صار رجلا مسالما بين ليلة و ضحاها , أما خالد فقد تحسنت علاقتها به كثيرا , أصبح يحادثها لأوقات طويلة , يشاطرها بعض أفكاره و مخططاته , و كأنه نضج فجأة بتعرفه على كريم , حتى أنه أسر لها ذلك اليوم , أنه يفكر في الالتحاق بالجيش أسوة به . صارت علاقتهما أكثر دفئا و ودا , بعد أن تخلص على تأثير والدته السيء على طباعه , و كأنهما صارا صديقين مقربين , تعرفا حديثا على بعضهما . " و الفضل كله لكريم بعد الله " ذكرت أسيل نفسها داعية , ألا تفقده أبدا من حياتها , لأنه بمثابة الشمس التي أشرقت ظلمتها , التي عاشت فيها دهرا من الزمن . . . . " كريم اجمع كل من في الشركة هنا لاجتماع طاريء " أصدر علي أول أوامره , و ابتسم بطرف فمه بخبث . أصيبت ملك بالشلل و اتسعت عيناها , فهي تعرف هذا الرجل المتهور ليس لديه حدود , خصوصا بعد ظهور هذه الإبتسامة , الشقية المتصابية التي توهن ركبتيها " ما الذي تحاول فعله ؟ " سارعت للاستفسار بنبرة قلقة هامسة . مد علي يده و عدل خصلة من شعرها مكانها , مستمتعا بملمسها الحريري , مستغلا ارتباك ملك لما يحصل , و عدم اعتراضها على جراته العلنية , ثم أجاب بغموض " ألا تريدين ألا أعاقب هؤلاء ؟ و أنا أتبع طلباتك , لنجلس " قال و قد لمعت عيناه بحماس , و اختفى غضبه برؤية عينيها المشوشتين . قبل أن تستوعب ملك ما قاله , كان علي يمسك بيدها بقوة , و يتجه ناحية الأريكة بخطوات واثقة , أين كانت تجلس قبل وصوله , لم تقاومه ملك و تبعته بهدوء هذه المرة , هي تعلم أنه يحترم كلمته , و ما دام قال أنه لن يعاقبهم فلن يفعل . بمجرد أن جلسا جنبا الى جنب , حتى وضع علي رجلا على رجل , و أمسك كفها بين يديه رافضا اطلاقه , و بدأ يمشط المكان بعينيه السوداوين . شعرت ملك بحرج شديد , فالكثير من الأشخاص الغرباء , كانوا يحدقون باتجاههما بفضول واضح , ما الذي سيفكرون فيه لمشاهدة ما يحصل ؟ فما كان منها الا أن دنت منه , و همست له بانزعاج مكتوم " علي ما الذي تفعله ؟ أطلق يدي " همس لها علي هو أيضا , و قد صار يعشق تقليدها " اذا أطلقتها سأطرد كل من في الشركة ، و ستتحملين الذنب وحدك " و ابتسم مجددا بسعادة , و كأنه كان يلقي نكتة على مسامعها , لكنه كان مستمتعا بالارتباك المفاجئ , الذي رآه على وجهها المتورد , هو يعرف أنه لا يكسب معها الا بالتهديد و الابتزاز . و كما توقع حقدت عليه ملك بشدة , رمقته بنظرة متذمرة و تمتمت " مستبد " " أعرف " كان كل ما قاله ردا عليها , مضيفا الى شعلة استفزازها , و تأففت هي بصوت مسموع , لكنها لم تجرؤ على سحب يدها , خشية أن ينفذ تهديده كما قال . في الجهة المقابلة كان الذهول يعلو الوجوه ، لأول مرة يرون هذا الرجل البارد يبتسم بدفء ، لأول مرة يتعامل بحميمية مع احداهن أمامهم ، يمسك يدها و يعدل خصلة من شعرها ، و قد بدا مرتاحا جدا بقربها , هذا الرجل الذي لا يضغط حتى زر المصعد , و لا يفتح مقبض الباب بسبب هوسه بالنظافة ، كان قبل قليل يساعد هذه الشابة , على نفض ملابسها و تعديل قميصها , و كان يقف وجها لوجه مع هذه المرأة ، حتى بدا و كأنه يتنفس أنفاسها , دون أي أثر لملامح القرف و الاشمئزاز , التي اعتادوا رؤيتها كلما اقترب منه أحدهم . رغم اندهاشهم الا أن لا أحد علق بكلمة ، و قد بدأ الفضول يتآكلهم سريعا , و السؤال الوحيد الذي يفرض نفسه هنا " من تكون هذه المرأة ؟ " علي قال قبل قليل أنها عائلته ، هل يمكن أن تكون من أقرباءه البعيدين مثلا ؟ هم يعرفون صفية و علياء , و عمه أحمد و بعض الأفراد الآخرين , لكنهم لم يلتقوا سابقا , بهذه المرأة الغريبة التي تبدو أجنبية . جلب الساعي كأس عصير لملك بطلب من كريم ، و الذي قام باستدعاء الكل , على جناح السرعة حتى مدراء الأقسام ، و الذين بدؤا بالتجمع في بهو الشركة تباعا . تذكرت ملك أخيرا ما جاءت من أجله و همست لعلي , الذي كان يراقب الجمع بعينين ثاقبتين و جادتين , بعد أن انحنت ناحيته " علي أنا هنا لأنني أحتاجك في أمر هام " قالت مسترجعة أمر الأوراق التي نسيتها , بعدما مسح المجنون ذاكرتها و رد هو بنبرة حازمة , فيما يهز رأسه ايجابا دون أن يحدق ناحيتها " سنتحدث بعد أن أعاقبهم " "....." " هذا الرجل فعلا سادي , يستمتع بتعذيب الآخرين " علقت ملك بينها و بين نفسها بصدمة ، و جلست منتظرة ما الذي ينوي علي فعله . لم يلبث كل العاملين أن تجمعوا في الاستقبال ، أكثر من مائتي شخص من الساعي الى المدير , و وقف الجميع بصمت ينتظرون الاجتماع المنشود , كان الوافدون الجدد الذين لم يحضروا الحلقة الأولى من العرض , فضوليين جدا لمعرفة ما يجري ، لذلك كانت العاملات تهمسن , من وقت الى آخر لاخبارهم بما حصل , مضيفات مزيدا من الصدمة على الوجوه , أصلا هم شعروا بالدهشة , بمجرد أن وصلوا البهو ، و وقعت أعينهم على الثنائي , الذي كان يجلس بكل أريحية , كانا يتبادلان الهمسات الرقيقة , من وقت الى آخر و كأنهما يتغازلان ، غير عابئين بالنظرات الفضولية التي تتآكلهما . بعد تجمع الكل حدق علي , الى وجوه الحاضرين بتمعن ، قبل أن يتكلم أخيرا , بصوته القوي المليء بالغرور و الثقة " اليوم قامت عاملة الاستقبال و الحارس , بإهانة زوجتي الدكتورة ملك , و منعاها من الوصول الى مكتبي بالقوة , لقد تعرضا و دون أدنى احترام لأحد الشركاء هنا , و أنا كنت قبل دقائق قد قررت فصلهما نهائيا , كعقوبة على ما بدر منهما , من قلة احترام اتجاهها " صمت علي قليلا ثم ابتسم , و استدار يحدق في وجه ملك ليضيف " لكن لأن زوجتي ملك طيبة , فقد طالبت بعدم فعل ذلك , لأنها لا تريد تجويع أطفالهم , و لأنني لا أستطيع رفض طلب لزوجتي , فقد قررت مسامحتهم بشرط , أن يعتذرا منها أمام الجميع " الموظفون "................" ملك "....." " يا الهي ليتني تركته يعاقبهم " شعرت ملك بالصدمة مما قاله , و أصبح وجهها أشبه بحبة طماطم , كما أن قلبها كان على وشك التوقف عن النبض , فالمجنون أطلق للتو مجموعة تصريحات , كافية لتجميد الدم في عروقها , و ما كان منها الا أن غرست رأسها في صدرها , محاولة السيطرة على انتظام أنفاسها التي اختطفها بجرأته . لكن صدمة العاملين كانت مضاعفة ، كانوا يحدقون ناحيتها بأعين شاخصة مندهشة ، و لا أحد ينبس بحرف واحد ، و الجميع يستعيد ما قاله الصخرة قبل قليل " زوجتي " الكلمة التي كررها ثلاث مرات , و كأنه يؤكد عليها بكل ثقة لكن متى تزوج الرجل مجددا , و زوجته توفيت منذ مدة بسيطة ؟ و هذان يبدوان على وفاق منذ سنوات , ثم كيف ألا أحد هنا حتى المدراء , تعرف على زوجة رئيس الشركة ؟ أين كان يخفيها سابقا ؟ ثم هو قال دكتورة , كان أكثر تصريح غير معقول هنا , فالشابة تبدو طالبة في الجامعة على أقصى تقدير , فمتى درست الطب و تخرجت ؟ و لم يبدو فخورا جدا بالأمر ؟ الصادم فعلا في كل ما قاله , أنه لا يستطيع رفض طلب لها ، منذ متى يأتمر هذا المتسلط , بأوامر الآخرين خاصة ان كانت امرأة ؟ الكل يتذكر كيف ألغى صفقة بالمليارات , لأن أحد النافذين أراد الضغط عليه , و املاء بعض الشروط التي لم تناسبه , و الآن هو طيع و يتعامل بكياسة , و بكل ارادته لطلبات هذه الشابة . و المشكلة أنه تراجع فعلا عن قرار اتخذه , و هي سابقة في حد ذاتها , سابقا لم يكن يراجع حرفا مما يقوله , حتى لو انفجر بركان فوق رأسه . أما ايمان التي كانت غارقة , في محاولة استيعاب ما قيل هنا , كانت تفكر في أمر آخر تماما , و قد توقف قلبها بالفعل للحظات , قبل أن يعاود الدق من جديد , فالمدير قال بكل وضوح أن المرأة شريكة هنا , يعني هي اعترضت طريق مالكة من الملاك , حتى أنها احتقرتها و قللت من شأنها بكل غباء , صحيح من قال أن المظاهر خادعة , فقد اتضح أنها وحدها المتسولة هنا , بما أنها تتلقى راتبها الشهري , الذي على وشك أن يتبخر من مالها . بالتفكير في الأمر بردت يداها و جف حلقها , فهي حتى لن تستطيع طلب الصفح الآن . فيما الجميع يحدق بذهول , قاطعهم علي بتسلطه المعتاد " ماذا ألن تعتذروا ؟ " علا صوته باستياء مذكرا اياهم بما طلبه . لم تصدق ايمان التائهة و الحارس المتوتر , أنهما حصلا على فرصة ثانية , فما كان منهما الا أن اقتربا سريعا , من مكان جلوس الزوجين , و بادرا بأصوات متأسفة " أنا آسفة سيدتي , اعذري جهلي لأنني لم أتعرف عليك , أرجوك سامحيني " " أنا آسف سيدتي , أعتذر عن تصرفي معك بخشونة " لم تطل ملك الأمر , و ردت بابتسامتها المعتادة " لا بأس أنا بخير , لم أعد منزعجة " حدق علي الى وجهها و قد شعر بالرضا , لأنها حصلت على ترضيتها المناسبة ، رمق بعدها الشخصين بنظرة تهديد , ثم استدار ناحية كريم " اخصم شهرا من راتبيهما , و حوافز ثلاثة أشهر , و ضع انذارا في ملفاتهم , خطأ آخر تنهي العقود دون الرجوع الي " " حاضر " علي وعد ملك أنه لن يطردهم و قد فعل , لكن ان لم يعاقبهم فقد يتجرأ آخرون , على الاساءة لضيوفه لاحقا , و هو لا يحتاج عمالا وقحين , بتصرفات فظة و عديمي الاحتراف ، حتى لو كانت ملك مجرد شخص , جاء ليثير المشاكل بالفعل , كان عليهم التصرف بكياسة و لباقة أكبر , و انهاء الأمر بهدوء , و ليس باستدعاء الحراس , و هذا ما يدفع لهم لقاء فعله بسخاء . فهمت ملك هذا الأمر و لم تعلق , فهو قد وفى بوعده فعلا , في النهاية هي لا تريد افساد , القوانين التي بنى عليها شركته ، هو أدرى بمقومات نجاحه هنا . بعد انتهاء كلماته الحاسمة , لم يصرف علي أحدا من البهو , و بادر هو بالانصراف أولا , قام من مكانه ممسكا بيد ملك , التي يحتجزها منذ البداية و كأنها ستفر منه , و خطا باتجاه مصعده يجرها خلفه برفق , و قد قرر اصطحابها الى مكتبه , دون حتى أخذ رأيها الا أنها شعرت براحة كبيرة تجتاحها , و قد قرر اعفاءها من البقاء في دائرة الضوء , و سينفردان أخيرا للتحدث بهدوء , لكن بمجرد أن تقدم علي خطوتين , حتى سمع صرخة صغيرة تخترق أذنه " آي " كانت ملك مصدرها , لتتوقف بعدها عن التقدم دون حراك , و ليستدير علي بقلق و قد أدرك أن هناك خطبا ما , بسبب نظرة الألم التي كانت تعلو وجهها " ما بك ؟ هل أنت بخير ؟ " سألها محاولا استبيان الأمر أجابت ملك بصوت مستاء " لا أدري لكن قدمي تؤلمني , أعتقد أنني لويت كاحلي بسبب السقطة " قالت و هي تنحني على ركبتها , تريد معاينة الاصابة في قدمها , فيما علي يرفض دائما اطلاق يدها , و كأنه علق هناك بالغراء . " ألم تقولي أنها لا تؤلم سابقا ؟ " سألها بقلق واضح , و قد علا وجهه الوجوم . نظرت اليه ملك بعينين متألمتين و أجابته " لم أشعر بشيء بعد السقطة , لكنها الآن تؤلم فعلا " انحنى علي على عقبيه كالمرة الأولى , و ألقى نظرة على كاحلها المتورم , برؤية وضعه تجهم وجهه أكثر و سأل بانزعاج " هل نذهب الى المستشفى ؟ " كان واضحا أن الاصابة سيئة , لأن ملك لا تشتكي عادة , و ما دامت فعلت فالأمر أكثر مما تتحمل , مما زاد من استياء علي , لكنها كالعادة لا تحب ازعاج الآخرين " لا داعي للمستشفى , اذا كان لديك ثلج أضعه عليها و ستتحسن سريعا " راقب علي لدقيقتين طريقة وقوفها كشخص كسيح , و بعد لحظات انحنى و حملها بين ذراعيه , تفاجأت ملك للحركة المباغتة ، و سارعت لتطويق رقبته بيديها , حتى لا تسقط أرضا ، فهي لم تتوقع أن يفعل ذلك , لكن كان واضحا أن اليوم هو يوم الاحراج العالمي . " ماذا دهاك ؟ أنزلني أستطيع المشي " احتجت ملك بسرعة و بصوت هامس , و رد علي عليها بتعنتره المعتاد " لا أريد أن أقضي كل اليوم , في انتظار السلحفاة حتى تصل الى مكتبي , لدي الكثير من الأعمال العالقة , ثم أن الاصابة قد تسوء ، اذا ضغطت عليها دون وضع دواء , هيا توقفي عن الحركة حتى لا أسقطك " عدلها بعد ذلك بين ذراعيه , حتى أصبحت في وضعية مريحة , ثم خطا بتأن ناحية مصعده الخاص . لم تصدق ملك أنها , لا تستطيع اقناعه حتى بوضعها أرضا ، و مئات العيون تحدق اليهما ، لا أحد يجيد افحامها , كما يفعل هذا المتسلط , فما كان منها الا أن طأطأت رأسها , و غرسته في صدر علي , متفادية النظرات المصدومة , فهذا الرجل متخصص في احراجها . في المقابل شعر علي بالرضا , لأنها أذعنت أخيرا و سمحت له باحتضانها , حتى لو كان عن طريق التهديد و الخداع , غير مبال بما قد يفكر فيه كل هؤلاء ، هو أعلن قبل قليل أنها زوجته ، و هو لا يدين لأحد بالشرح . سبقهما كريم و ضغط على زر المصعد , ليخطو علي الى الداخل يحمل ملك بين ذراعيه , و لم يلبث أن انغلق الباب عليهما . بمجرد أن اختفى خيالهما , حتى بدأ الجميع بالتهامس مجددا , خاصة مجموعة الشابات الفضوليات " يا الهي هل رأيت كيف حملها ؟ " " اعتقدت أنه معقد من النساء " " و أنا اعتقدت أنه مهووس بالنظافة , لكن هل رأيت كيف كان يلتصق بها , و كيف كان يتودد إليها ؟ " " لكنها تبدو صغيرة جدا عليه " " أجل أنا أيضا خمنت , أنها قد تكون احدى قريباته ، لكن اتضح أنها زوجته " " أنظري التقطت لهما صورة سويا , سأضعها على صفحتي " " يا الهي قد تعاقبين على ذلك " " لماذا ؟ يبدو فخورا جدا بزواجه منها , حتى أنه كاد يطردنا جميعا لأجل خاطرها , سأحصل على الكثير من الاعجابات بنشرها , أنا متأكدة " لم يتوقف الحضور بعدها عن الثرثرة , الا بعد أن أشار لهم كريم بالانصراف . . . . في المكتب أصر علي , على أن يستمر في حمل ملك ، الى أن وضعها على الأريكة ، تحت الأنظار المستغربة لسكرتيرته الشخصية , هي سبق و أن رأت ملك في العزاء ، و لكنها لأول مرة تراها عن قرب . انتزعت ملك حذاءها بحذر ، و بدأت بمعاينة كاحلها المتورم ، ملقية نظرات متفحصة بين فينة و أخرى , على المكان الذي ينضح بالفخامة , دخل علي الى باب جانبي ، و عاد يحمل حقيبة رياضية في يده , جلس بعدها قبالتها على الطاولة ، و أمسك بقدمها و وضعها على ركبته . " أرني " قال بنبرة آمرة لا تقبل الجدال , قاطعا الطريق على اعتراضها ، و لكنه عبس بشدة , بمجرد أن رأى مدى تضرر قدمها " يا الهي , لم لم تقولي أنه يؤلم منذ البداية ؟ " " لأنني كنت تحت صدمة ما حصل ، لدرجة أنني لم أشعر بأي ألم " أرادت ملك أن تجيبه بتذمر و تصرخ في وجهه , و لكنها شعرت بالاحراج مجددا ، و علي الآن يتمسك برجلها و يرفض اطلاقها ، تماما كما كان يرفض إطلاق يدها قبل قليل ، يبدو كمن يعلن ملكيته لأعضائها , و لمسته تربكها لدرجة الجنون . تمالكت ملك نفسها سريعا , أخذت نفسا عميقا و مدت يدها ناحيته " لا بأس بامكاني الاعتناء بها ، فقط أعطني كيس الثلج " رمقها علي بنظرة محذرة , و صرخ في وجهها مؤنبا " توقفي عن الحركة أو سيسوء الأمر " و لم تجد ملك غير الانصياع , و البقاء ساكنة مكانها بعينين متذمرتين , فيما يقوم هو بمعاينة كاحلها بسخط بالغ . " تبا " كان كل ما يرغب به علي الآن , أن يعود الى أسفل , و يلكم ذلك الحارس حتى يفقد وعيه , لكنه تمالك أعصابه و التزم مكانه " أستغفر الله و أتوب اليه " هو لم يكن عنيفا يوما حتى في مراهقته , لكنه دخل في عراك جسدي مرتين , من أجل هذه العنيدة , التي تجتذب المشاكل مثل المغناطيس . مد علي يده و أخرج قارورة بخاخ من حقيبته ، رجها قليلا ثم رش منها , مباشرة على مكان الالتواء , كان الرذاذ باردا جدا و تفاجأت ملك به " آه انه بارد جدا , ما هذا ؟ " نظر إليها علي باستمتاع باد على ملامحه " مخذر موضعي ، أنا أيضا أتعرض لإصابات كثيرة أثناء الرياضة ، أو تعتقدين أنك الطبيبة الوحيدة فوق الأرض ؟ " كانت ملك تحدق اليه بعينين ساخطتين ، لكن كان واضحا أن علي مستمتع جدا , بما يحصل متجاهلا اياها , أخرج بعدها مرهما , و وضع بعضه على كاحلها " هذا مضاد للالتهاب ، لن تشعري بشيء بعد دقائق " لم تعترض ملك و لم تضف حرفا ، لأنها تعلم أنه لا جدوى , من معاندة هذا المتسلط ، إضافة إلى أن ما يفعله , يخفف من ألمها فعلا ، و اكتفت بالتحديق اليه ، فيما بدأ هو يقوم بفرك المرهم ، بكل تركيز على مكان الإصابة ، مستخدما أصابعه بكل رفق و ملك تراقبه . للحظات تاهت أفكارها بعيدا , هي لا تفهم لم ؟ لكن ما يفعله علي الآن , يدفئ قلبها و كأنه يلمس روحها بقبس من نور , و يؤثر عليها بطريقة لم تعهدها يوما , خاصة أنه آخر انسان , توقعت الحنان من طرفه , و توقعت التأثر بمشاعره من طرفها " هل هو الشعور بالذنب ما يحركه ؟ ألهذه الدرجة هو نادم عما حصل بينهما ؟ أو أنه يحاول تنفيذ وصية مريم الأخيرة ؟ كيف يمكن أن يكون ذلك المتسلط , الذي التقته سابقا و كاد يخنقها , و هذا الرجل العاطفي شخصا واحد ؟ هل يعقل أن انسانا بامكانه التغير جذريا , من النقيض الى النقيض , خلال أشهر قليلة كالتي عرفته فيها ؟ و لم يتغير ناحيتها هي بالذات ؟ فشخصيته لا تزال نفسها ببرودها و غطرستها بالنسبة للآخرين " كانت الأفكار التي اجتاحت عقلها فجأة , قبل أن تعيدها أنامل علي الى الواقع المؤلم . " آه أجل هناك ، ذلك المكان يؤلم بشدة ، أي علي لا تضغط كثيرا " " حاضر " ليلى "...." دخلت ليلى التي استدعاها علي , و التي لم تكن قد أفاقت بعد , مما حصل في الأسفل ، لتجد نفسها أمام مشهد غير معقول آخر , حيث كان علي يدلك كاحل ملك ، فيما هي تتذمر و تعلق على ما يفعله ، و هو مستمر بكل صبر و مراعاة . كان الاثنان يتبادلان العبارات بكل انسجام و رقة ، و بدا هو مراع الى درجة غير معقولة , حتى أنه كرر كلمة حاضر أكثر من مرة , هي تعمل هنا منذ سنوات طويلة ، لأول مرة ترى هذا الجانب من مديرها . حدقت بعدها المرأة إلى ملك و همست لنفسها " أكيد هذه المرأة تعني له الكثير ، و إلا ما حصلت على هذه المعاملة الفريدة " انتبه علي الى وقوف ليلى دون حراك و سارع لتقديمهما " ملك هذه ليلى سكرتيرتي الخاصة " " مرحبا سيدتي " " مرحبا سيدة ملك , تشرفت بالتعرف عليك " " شكرا " بعد تعريف الاثنتين أصدر علي أوامره " أحضري كيس ثلج ، و اطلبي من الساعي احضار كأس عصير , و كعكة شوكولا بسرعة " " حاضر " انصرفت بعدها المرأة ، تاركة الثنائي في عالمهما الخاص . ساد بعدها صمت المكتب لبعض الوقت ، قبل أن يبادر علي بالسؤال " لم أتيتي للبحث عني ؟ ما الأمر الطاريء ؟ " هما كانا متخاصمان لأيام , و مادامت جاءت للبحث عنه بهذا الاصرار , فقد خمن أن أمرا خطيرا ما جلبها الى هنا . تذكرت ملك أخيرا سبب قدومها " آه صحيح اتصلوا من مدرسة رنا ، و قالوا أنهم يريدون توقيعك على أوراق , لزيارة جماعية الى متحف اللوفر في أبي ظبي ، و لكنهم لم يتمكنوا من الوصول اليك ، و آخر موعد الرابعة " ثم أخرجت الأوراق من حقيبة يدها , و وضعتها أمام وجهه تستعجله . " هيا وقعها لو سمحت " علي "....." حدق الرجل الى الأوراق التي تحملها ، ثم الى وجهها و قد بدا عليه الانزعاج فجأة " هل تكبدت كل هذا العناء ، فقط من أجل امضاء بعض الأوراق ؟ " صمت قليلا ثم أضاف " لم لم يرسلوها مع ساع ؟ ثم ما كان عليك تحمل كل هذه المعاناة ، و كأن رنا لم تزر المتحف يوما " قال علي باستياء تام ، و لكن ملك سارعت للرد " كانوا يريدون ذلك , لكن خفت أن يتأخر الأمر , و تضيع رنا الفرصة , أنا أعلم أنها زارت المتحف معك سابقا ، لكن الوضع مختلف حينما تفعل ذلك , مع زملائها و لأول مرة ، الطفلة تمر بفترة حساسة ، و علينا استغلال كل الفرص , لتستعيد ثقتها في نفسها ، لتندمج مع أقرانها , و تتخلص من خجلها قليلا " قالت ملك بكل جدية ، و هي تدلك رجلها , بعدما توقف علي عن فعل ذلك ، و جلس يحدق إليها بتمعن يقطب جبينه " ربما هذا ما رأته مريم , حينما طلبت منها الاعتناء برنا ، و أوكلت أمر رعايتها لها ؟ فملك أكثر شخص اهتم بابنته بعد والدتها ، هي صادقة في مشاعرها ناحيتها كابنة حقيقية لها ، حتى أنها في بعض الأحيان ، تراعي مصلحتها أكثر مما يفعل هو نفسه " ظهرت مسحة حزن على وجه علي ، بتذكر مريم و وضعه الآن مع ملك ، و لاحظت هي ملامحه المكتئبة , فما كان منها الا مدت يدها , و لمست بذراعه بلطف " علي هل أنت بخير ؟ " سألت بقلق أخرج علي من شروده ، ابتسم هذا الأخير لها و هز رأسه " أجل " أثناء ذلك قاطعتهما السكرتيرة تحمل الثلج , وضع علي رجل ملك على الطاولة برفق ، ثم وضع كيس الثلج فوقها " دعيها لبعض الوقت هكذا , لا تنزلي رجلك " " حاضر " أمسك علي الأوراق بيده , و بدأ بقراءتها على مهل ، بعد صمت للحظات سأل بفضول " لم لم تتصلي و تعلميني ؟ كنت وفرت على نفسك كل ذلك الازعاج " نظرت ملك إلى وجهه بجدية ثم أجابته " سبق لفاطمة و أن فعلت عدة مرات ، و لكنهم قالوا أن لديك اجتماعا هاما , و أنا أتيت مباشرة من المدرسة ، ثم أنا لا ... " و صمتت و كأنها لا تعرف ما تقوله " أنت ماذا ؟ " استفسر علي عن الجملة المبهمة ، و ردت ملك بنبرة منخفضة " أنا لا أملك رقم هاتفك ، و لا أملك هاتفا من الأساس " صعق علي للجواب ، هو فعلا لم يسبق له أن أعطاها رقمه ، لطالما كان هو من يتصل بالمنزل حتى هاتف رنا تحت المراقبة المستمرة , و ملك لم تكن لتأخذه دون اذنه " كيف كان مهملا لدرجة أنه , لم يعطها شيئا مهما كهذا ؟ " فجأة انتبه الى الشق الثاني من الإجابة " كيف لا تملكين هاتفا , أين هاتفك ؟ " هو يتذكر جيدا أنهم كانوا , بصدد مراقبة اتصالاتها في البداية , لطالما اعتقد أنها تملك واحدا ، لكن بالتفكير في الأمر , هو لم يسبق أن رآها تستخدمه , حتى مكالماتها مع جدها و علياء , كانت عن طريق هاتفه الشخصي , لكنه لم يعر الأمر اهتماما يوما . حدقت ملك إليه بجدية مجددا و سألته " ألا تعلم ؟ " " لا " هز علي رأسه مع نظرة مشوشة و قطب جبينه " سرق مني مع محفظتي ، أثناء اقامتي في بيت الشاطيء في المرة الأولى " قالت معاتبة و اتسعت عينا علي ، و قد أدرك أنها تعرفت على المكان ، حينما قصدوه بعدما تم تخديرها . لكنه سرعان ما عبس مجددا ، بعدما أدرك ما تحاول ملك التلميح له ، وقف من مكانه و كأن عقربا لسعته , و سأل باستياء كبير " يا إلهي ، هل تعتقدين أنني متورط في ذلك ؟ " يقصد سرقة أغراضها ، و قد تحول لون وجهه إلى الأسود . ذلك اليوم أخبره أتباعه ، أنها قصدت مركز الشرطة للابلاغ عن سرقة ، لكنه لم يعرف تفاصيل ما سرق منها ، أو بالأحرى لم يهتم لأنها لم تكن تعني له شيئا , كما أنه اعتقد حينها , أنه جزء من تمثيليتها للافلات منه . أخذت ملك نفسا عميقا ، و ردت بهدوء , و هي تحدق الى عينيه , محاولة التخلص من الموضوع " لا أدري فيم يجب أن أفكر , فقد حصلت الكثير من الأمور المجنونة آنذاك , لكن لم يعد مهما الآن " قاطعها علي بسخط شديد ، فآخر شيء يحتاجه , أن تشتبه ملك فيه بأمر كهذا " لكنه مهم بالنسبة لي , أنا لم أفعل هذا , صحيح أنني قمت بالكثير لكن ليس هذا " كان واضحا الانزعاج الشديد على وجه علي ، لكن ملك ابتسمت له بلطف أربكه ، هي تعرف أنه لا يكذب بهذا الشأن ، لو كان فعلها لاعترف بكل بساطة , و سارعت لتبديد استيائه , الذي أزعجها هي الأخرى دون سبب واضح " لا تشغل بالك ، لم أعد أفكر في الأمر " قالت بهدوء و عادت لتمسيد كاحلها . ملك كانت قد تجاوزت ما حصل منذ مدة ، و لم تعد تفكر في التفاصيل ، بعد أن أدركت أن هناك مريم و رنا بحاجة ماسة لمساندتها , و بحاجتها الى أن تتجاوز خلافها مع هذا الرجل , مادامت النتيجة واحدة , لا أهمية لمناقشة كل تلك التفاصيل المنهكة , فهي لن تغادر على كل حال , و لا جدوى من النحيب على اللبن المسكوب . هي حتى لا تدرك منذ متى ، لم تعد تلوم علي على ما حصل بينهما , و كأن ما كان مقدرا قد حصل , دون استطاعتها الفرار منه . صحيح هي لم تسامح علي بعد , على كل ذلك الجنون , لكنها لم تعد تبغضه , و تحقد عليه كما كانت سابقا , و التزم علي الصمت الحذر من جانبه , لأنه لا يعرف ما يجب أن يقوله , لكنه كان يأمل ألا تفكر ملك فيه , على أنه سارق اضافة الى كل تلك العيوب , التي حرص على عرضها عليها بكل حماقة . قاطعتهما ليلى مجددا ، و هي تحمل الطلبات و تضعها على الطاولة , نهرت ملك علي لاستعجاله و تغيير الموضوع " هيا امض الأوراق لأعيدها " حدق اليها علي لثوان اضافية , ثم سارع لوضع امضائه ، لكنه ناوله لليلى و ليس ملك " أرسليه الى مدرسة رنا ، و اعتذري عن التأخير " " حاضر سيدي " بعد مغادرة السكرتيرة ، وضعت ملك الكيس جانبا ، و حركت كاحلها بلطف و قد خف الألم كثيرا , وقفت بعدها مكانها بحذر و بادرته " حسنا بما أنك أرسلت الأوراق ، سأنصرف لا أريد أن أعطل عملك " كان علي لا يزال مستاءا لما سمعه , هو كان يريد سماع ملك تؤنبه و تلومه , لربما عرف مدى تأثير الأمر عليها , و وجد فرصة لتصحيح الوضع و الاعتراف بمشاعره , لكن لطالما تفادى الاثنان الحديث عما حصل سابقا ، و الآن تجاهلها يؤلمه أكثر من عتابها , و لم يعد يعرف ما في صالحه أكثر , نسيان الماضي و دفنه بكل آلامه , أو فتح الجراح لتعقيمها بصفة نهائية لكنه يجيد اخفاء مشاعره ببراعة , و سارع هو أيضا لتبديد الجو المكهرب ليسألها " كيف ستعودين ؟ " " سآخذ سيارة أجرة كما أتيت " " الآن وقت الذروة لن تجدي تاكسي بسهولة ، كما أنك لا تستطيعين الوقوف مطولا برجلك المصابة هذه " فكرت ملك مليا ثم أجابت " حسنا اذا كان عم ابراهيم متفرغا , فليقلني إن أمكن " سعل علي بخفة محاولا ايجاد كذبة مناسبة " اححم إبراهيم ؟ ابراهيم أخذ اجازة اليوم ، لديه أمر طاريء لن يعود قبل الصباح " و حك رقبته محاولا اخفاء احراجه استاءت ملك من تصرفه معها " لم يبدو بأنه يحاول اقفال الأبواب في وجهها ؟ " لكنه لم يلبث أن قال , ما يفكر فيه بنبرة مستجدية " ابق لبعض الوقت , ستعودين معي لاحقا ، على الأقل سنوفر الذهاب بسيارتين " مجرد عذر و كأن أمر التوفير مهم فعلا بالنسبة له ؟ " لكنك مشغول " ردت عليه و قد تذكرت للتو , أنه كان في اجتماع هام جدا , و هي قاطعته بانزالها المفاجئ . " ليس لوقت طويل ، سأنهي الاجتماع العالق , و بعض الأوراق ثم نغادر " قال علي ببهجة في صوته متأملا في موافقتها ، و لم تجد ملك مانعا من انتظاره " حسنا لا بأس , سأنتظرك هنا " وافقته ملك على مضض , و عادت للجلوس مكانها , لكن علي بادرها بالرفض " لا ليس هنا " نظرت اليه ملك متسائلة و خاطبته بصوت خائف " لا تخبرني أنني سأنتظر , في الأسفل مع ايمي و زميلاتها " لكن علي ضحك على رهبتها منهن , و سارع لازالة الالتباس حتى لا تغضب " لا ليس معهن , تعالي ستنتظرين هناك " و أشار الى الباب الجانبي , الذي أحضر منه الحقيبة قبل قليل , لكن حيرة ملك ازدادت سوءا " هل سأنتظرك في الخزانة ؟ " قالت معتقدة أن تلك خزانة , و أنه يسخر منها بوضعها هناك علي "....." " من قال أنها خزانة ؟ تعالي " دنا منها مشيرا لها بالتقدم , و هو يمسك بذراعها برفق , و مشت هي بتأن و قد كانت تعرج بعض الشيء . بالوقوف أمام الباب شعرت ملك بالدهشة ، فما اعتقدته خزانة كانت غرفة كبيرة ، مع حمام خاص و كأنها جناح فخم , بدا واضحا أنها استراحة علي الخاصة , كان هناك شاشة عملاقة معلقة ، صوفة وثيرة طاولة مكتبة صغيرة , و خزانة ملابس كبيرة ، اضافة الى سرير بحجم ملكي مع شراشف فاخرة . بمجرد أن وقعت عيناها على السرير ، عبست ملك و تجهم وجهها ، و استمرت بالتحديق ناحيته بامتعاض , حتى أن يديها ارتجفتا و هي تسأل نفسها " هل هو متعود على اصطحاب النساء الى هنا ؟ " شعرت ملك باستياء و غيرة فجأة ، و اجتاحتها رعشة لم تجد لها تفسيرا ، فلطالما أقنعت نفسها أن أمر هذا الرجل لا يهمها ، و أن علاقتهما مزيفة و مجرد تمثيلية ، فلم تشعر اذا بوخزة في قلبها ، بالتفكير في حدوث أمر مماثل ؟ برؤية ملامحها العابسة و وجهها الشاحب ، أدرك علي مباشرة فيما تفكر , فهو صار يحفظها جيدا ، و هو لا يلومها في شكها بأخلاقه ، ما دام هددها في أول لقاء بينهما بالاعتداء عليها ، و هي لا زالت تعتقد الى الآن أنه زير نساء عربيد . دنا منها علي بلطف في غفلة منها , و همس في أذنها بنبرة متسلية " لا أحد يدخل هنا الا عامل التنظيف ، و كريم في مرات نادرة " في اشارة منه أن هذا مكانه الخاص ، و أنها المرأة الوحيدة التي دخلته , حتى مسؤول التنظيف شاب يثق فيه تمام الثقة . ابتعدت ملك عنه خطوتين ، بعدما شعرت بأنفاسه الدافئة تلامس أذنها ، احتقن وجهها بسبب انكشاف , ما تفكر فيه و سارعت للانكار " أنا لم أسأل شيئا " لكن عينيها كانتا تفضحانها , لطالما كانت كاذبة فاشلة . ابتسم علي لها و أجاب " أعرف " حتى و ان لم تسأل , هو لا يريدها أن تسيء الظن به ليس بعد الآن , أضاف بعدها و هو يشير الى الغرفة أمامهما " بإمكانك أن تكوني على راحتك " ترددت ملك قليلا قبل أن تختار " سأجلس هناك " و أشارت الى الصوفة ثم اتجهت اليها , فسيكون من غير اللائق ان استخدمت سريره " لا بأس إذا شغلي التلفاز , هناك الكثير من الألعاب اذا رغبت بذلك ، و هناك أيضا بعض الكتب , تسلي لحين عودتي " حاول علي أن يشعرها بالراحة هنا , تماما كما يشعر هو , جلست ملك مكانها و وضعت شالا صغيرا , كان مطويا هناك على رجليها و شغلت التلفاز . غادر علي و عاد بعد دقيقة ، يحمل كأس العصير و الكعكة ، اضافة الى كيس الثلج , كانت الأغراض التي تركتها خلفها , و وضعها على الطاولة أمامها " تناولي هذا و اذا احتجت لأي شيء , استدع ليلى هي في الخارج " " حسنا شكرا لك " أبدت ملك امتنانها لاهتمامه براحتها , لم تعد تريد أن تشغله أكثر مما فعلت . غادر علي سريعا , تاركا ملك تقلب القنوات أمامها , بعد ساعة شعرت بالملل يتسلل الى قلبها , فنهضت من مكانها للتجول قليلا , كانت الغرفة حولها شديدة التنظيم و الرتابة , تفحصت ملك الكتب هناك , و ألقت نظرة على الخزانة و الحمام ، كانت منبهرة بشدة , فهي تقدر فعلا مستوى الفخامة ، الذي يحرص هذا الرجل على العيش فيه . عادت بعدها الى مكانها على الصوفة ، بعدما بدأ كاحلها يؤلم مجددا , هذه المرة انتبهت الى كومة المجلات , الموضوعة على الطاولة الجانبية , أخذت ملك احداها و بدأت بتصفحها ، كانت مجلة اقتصادية عالمية , المفاجأة أن صورة علي كانت على الغلاف بحجم كبير و العنوان " عملاق الانشاء في عمر الشباب " كان علي يرتدي فيها بدلة سوداء فاخرة , و يجلس على كرسي جلدي وثير , بملامح جدية و باردة تماما كما عهدته , في الداخل كان هناك , مقالة مفصلة عن أعماله و نجاحاته ، و حوار مطول مع بضعة صور لمشاريعه , بمناسبة تصدره قائمة , أكثر رجال الأعمال الشباب نجاحا في الخليج . تحت هذه المجلة واحدة أخرى رياضية , و صورة علي أيضا على الغلاف , يرتدي بدلة غولف بيضاء , يضع قبعة و نظارة شمسية , و يقف ممسكا بعصا مستعدا لضرب الكرة , و كالأولى مقال طويل , في الداخل مع الكثير من الصور . ثم مجلة ثالثة اجتماعية , و رابعة سياسية و أخرى نسائية , تتحدث عن أكثر الشباب ملاءمة للزواج , من وجهة نظر النساء "....." كلها تتصدر صورة علي أغلفتها بحجم كامل . " حسنا المواضيع مختلفة , لكن القاسم المشترك بينها , وسامة ذلك الرجل و هيبته الطاغية , لا عجب أن النساء ترتمي عند قدميه طلبا للرضا " كانت ملاحظتها السرية الشقية , التي لن تعترف بها أبدا أمام ذلك المغرور . برؤية كل تلك المجلات , أدركت ملك أخيرا أن علي أكيد يقوم بجمعها هنا , لأنها تتحدث عنه و عن نجاحاته , و هذا أكثر مكان أمانا للاحتفاظ بها , هي لم تدرك قبل اليوم مقدار الشهرة و الصيت , الذي يتمتع بهما هذا الرجل , و هوس الصحافة بأخباره و حياته , مع تواجده الدائم على صفحاتها و أغلفتها , لا عجب أنه أساء الظن , حينما وجدها ذلك اليوم في جناحه , و لا عجب أنه لم يصدق أنها لم تتعرف عليه حينها , فواضح أنها الشخص الوحيد الجاهل هنا . بعد أن أشبعت ملك فضولها ، شعرت بالنعاس فقد انهكت طوال اليوم ، و لم تدر بنفسها الا و قد غطت في نوم عميق ، و هي تمسك احدى المجلات في يدها . ليس بطول البارتات السابقة , لكن ما جاد به وقت فراغي 😘💞💞 ...... | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|