31-12-20, 10:12 PM | #1751 | |||||||||
| اقتباس:
| |||||||||
31-12-20, 11:38 PM | #1754 | ||||||||||
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 126 ( الأعضاء 41 والزوار 85) أميرة الساموراي, نادية الليل, استغفررالله, Eman70, soha ahmed5, هدوء الصمت222, ببويه, nora74, Alaa_lole, همس الضلال, هنوش عثمان, أمنيةحمدي, monyati, هدى نور الدين, توتا احمد غ, shimaa he, شهد ادالي, Lolav, sherin emam, كنوز كنوز, naya0, شيزكيك, منيرة أحمد, ابنة العرب, روجا جيجي, maha_1966, كلابي, donia dody, رونى تامر, فراولة البيت, مريم عبدالرحمن, سيدة قصرها, راء!, مريم احمدو, غير عن كل البشر, ملك علي, بلانش, houdadenguir, leria255, Just give me a reason, ميرا عبده | ||||||||||
31-12-20, 11:44 PM | #1755 | ||||
| البارت العاشر بعد المائة أم طفلي 💞 " ماذا دهاك علي لم تكن يوما جبانا ؟ " لام علي نفسه بامتعاض , كيف لا و كلما استحضر وقتا مناسبا للبوح بمشاعره , كلما انعقد لسانه و انقرضت كلماته , حتى رنا كانت تعبر أفضل منه , حينما لم تكن تستطيع الكلام . كان الرجل يجلس بتوتر , يرتشف من عصيره من وقت الى آخر , يراقب المرأة أمامه تأكل بتأن , و يسارع بالهروب بعينيه , كلما رفعت وجهها ناحيته , مدعيا أنه يستمتع بالطعام , لكنه قرر أخيرا فتح الموضوع الذي يؤرقه , و لو بطريقة غير مباشرة , فما يخيفه ليس رد فعل ملك أو رفضها , بقدر ما يربكه أنها لا تملك , مكانا غير بيته تذهب اليه , حينها عليه التنازل و اعلامها ببراءتها , و عليه بعدها أن ينسى أن تتجاوز أمر كذبه عليها , و قد تحقد عليه مجددا , و بحدة أكبر هذه المرة , هو اذا أراد موافقتها , عليه أن يحصل عليها قبل قرارها بالرحيل , و الا فسيزيد الطين بلة , و لن ير وجهها بعد ذلك . مشكلة علي في علاقته مع ملك , هي الظروف و الترسبات من أول لقاء بينهما , لو كانا التقيا بطريقة أخرى عادية , ما كان تردد يوما في عرض مشاعره عليها , و لكان قام بكل ما يلزم لاقناعها بالقبول , تماما كما حصل مع كريم , هو التقى تلك الشابة أحبها و كان مناسبا لها , ثم خطبها هكذا بكل سهولة , دون أن يضطر لخوض حرب معها , و مع مشاعره ناحيتها , لكنه الآن يبدو كرجل عاجز , و بدل أن يبثها حبه اللامتناهي , هو مجبر على محو كل الاساءة من ذاكرتها أولا , قبل حتى أن يفكر في الاعتراف لها . و لحد الساعة لا فكرة لديه , عما يمكنه فعله لارضائها , أو بالأحرى يحاول تجاهل أن الترضية الوحيدة , التي تطلبها هذه المرأة , هي الخروج من هنا دون رجعة , و هو بامكانه منحها ما تريد الا هذا , لأنه سيكون حكم على قلبه بالاعدام . تنحنح علي قليلا مخرجا عقله من دوامة الاحتمالات , قبل أن يبادرها و كأنه يلقي سؤالا عابرا " ملك ألم تفكري يوما في البقاء هنا ؟ " قال بنبرة مرتجفة فاجأته هو نفسه . أجفلت ملك بسماع السؤال , لدرجة كادت فيها تختنق , برشفة العصير الذي في يدها , و سارعت لمسح فمها بمنديلها قبل أن تجيبه , و هي تراقب ملامحه , و ما يقصده من استفساره " تقصد للدراسة و العمل ؟ " تفاجأ علي بطريقة تفكيرها , لكن ملك لا تملك الا هذا المجال , فسيكون من غير المعقول , أن يعرض عليها البقاء تحت مسمى آخر , و قد خمنت أنها ربما تكون طريقته في تعويضها , بما أنه يستخدم ما يملك عادة لشكر الآخرين , شيء اعتادته في تصرفاته الغامضة , و لم يجد علي بدا من هز رأسه ايجابا يريد جس نبضها , لتجيبه ملك بمنتهى الصراحة " لا أستطيع , لا أعتقد الأمر ممكنا , دراستي و عملي هناك في الجزائر , كانت لدي بالفعل الكثير من الفرص , للانتقال الى فرنسا من أجل الدراسة و العمل , و لكنني فوتها طواعية , لأنني لا يمكنني ترك والدي وحدهما هناك , أنا ابنتهما الوحيدة " غصت آخر كلماتها , و قد كانت نبرتها حزينة بطريقة واضحة , فيما لا يبدو أنها ستتجاوز يوما مسألة فراقها عن والديها , مما جعل اليأس يتسلل مجددا الى قلب علي , لكنه استأنف استجوابه لها محاولا الاطلاع , على أكبر قدر من أفكارها الليلة , مستغلا حالة الصفاء النادرة التي تجتاحهما . " و ماذا لو تزوجت هنا ؟ " كان يبدو افتراضا و فضولا عابرا , لكن عينيه كانتا تضيفان رغما عنه , ضمير المتكلم بين الكلمات , و قد جاهد نفسه للتلفظ بالكلمة , ضاغطا على قبضتيه حتى ابيضت مفاصله , فلا شيء يؤلمه و يمزق قلبه أشلاءا , بقدر افتراض وجود ملك مع رجل غيره . صدمت ملك بداية باقتراحه , فكيف يمكنه أن يدخل معها , في جدال سيء قبل أيام , لأنه يعتقد أنها زوجته , و يريدها الاعتراف بذلك ؟ ثم يأتي الآن ليناقشها بكل سهولة , في امكانية زواجها هنا بالقرب منه من رجل آخر , و قد أثارت الفكرة امتعاضها لمجرد افتراضها . " هل يحاول هنا ضمان أن ما فعله , لم يفسد مستقبلها مع رجل مناسب أو ماذا ؟ " عبست ملك و قد ارتجفت يداها , لكنها ابتلعت ريقها لترتيب أفكارها , قبل أن ترد بصراحة بالغة " لا أعتقد أن الأمر سيحصل قريبا , لكن حقيقة لم أفكر يوما بالزواج من هنا , و لا من أي مكان آخر بعيد عن والدي " ضربت كلماتها علي في مقتل , فالمرأة أمامه لا تفكر فيه حتى , كمجرد عرض محتمل للزواج مستقبلا , صمتت ملك لثوان قبل أن تسترسل , و قد شعرت فجأة بانقباض في قلبها مما ستقوله " اذا كنت تسأل من أجل رنا و تعلقها بي , فلا يجب أن نكون في مكان واحد لنبقى على علاقة أنا وعدت مريم أن أرافقها حتى تكبر , و سأحرص على فعل ذلك بطرق مختلفة , ثم ... " توقفت ملك فجأة عن قول ما تريده , و رمقته بنظرة مبهمة , و هي تعض على شفتها بتردد , و حدق اليها علي بتشوش , بعدما راوده شعور سيء , بأن ما سيسمعه سيكون أمرا مؤلما . لكن ملك لم تكن غامضة يوما في مواقفها , و قررت أن تبوح بما تفكر به " أنت ستتزوج مجددا في المستقبل , و أنا متأكدة أنك ستحسن الاختيار , و من يدري فقد تتعلق بها الطفلة , و تحبها كما فعلت معي و أكثر " أنهت ملك كلماتها بنبرة خافتة , و قد شعرت بأن أحدهم مد يده , و اجتث قلبها من مكانه بقول ما قالته , حتى أن عينيها أدمعتا بطريقة خفية , و اضطرت لأن تشيح بوجهها ناحية طبق تحليتها , حتى لا تفضحها مشاعرها " ما الذي دهاك أيتها المجنونة , لم سيؤثر بك أمر زواجه من عدمه مجددا ؟ " زجرت ملك نفسها بقوة , و قد ظهر الانزعاج على ملامحها . تجمد علي مكانه لدقيقتين محاولا هضم ما قالته , و كيف أنها تقترح عليه بكل سهولة و سماحة , أن يرتبط بامرأة أخرى غيرها بطريقة لامبالية , و كأنها لا ترى نفسها معه مستقبلا أبدا , باعد الرجل بين شفتيه محاولا أخذ جرعة هواء , و قد اختطفت كلماتها القاسية أنفاسه , و بنت ألف سور صد بينهما , هو حتى لم يبدأ في الاعتراف بعد , لتبعده هي عن احتمالاتها بمنتهى الصرامة , و قد بدت احتمالات نجاحه , في تحويل هذا الزواج الى أمر حقيقي , أكثر ضآلة مما كانت عليه , مما آلم قلبه و أحبط روحه . لكنه سرعان ما تمالك نفسه , و استعاد ثباته ليجيب تساؤلها " ليس من أجل رنا , سألت فقط بدافع الفضول " كان كل ما فكر في قوله دفعا للاحراج هنا , هو لا يمكنه تخمين ما ستقوله , من كلمات قاسية بعد , ان هو استرسل و باح بمكنونات قلبه , و كرامته لا تسمح له بالتمادي أكثر من هكذا , فيما لا يبدو أن أي شيء يشعر به يصلها من الأساس , و كأنها تعيش في كوكب آخر . مقابله كانت ملك تغرق في تـأنيب نفسها , صحيح هي تحاول تجاهل , أي شيء يخص هذا الرجل لكن تفكيرها بأنه سيستأنف حياته قريبا يشعرها بالاكتئاب , و شعورها هذا يثير حفيظتها و تمردها , فمنذ متى تهتم لما يخطط علي لفعله مستقبلا ؟ راقب علي تشنجها في جلستها , و قد راوده شعور غريب بأنها تدعي ما قالته , فرغم صلابة كلماتها و صراحتها , الا أنه يعرفها جيدا حينما تحاول التمثيل , خاصة و هي تغرس رأسها في حجرها هكذا كالنعامة , و كأنها تهرب من عينيه و ما تقولانه . سارع علي للملمة شتات روحه , محاولا طمأنتها بأنه لا تزال لديه فرصة , و لو ضئيلة مع ملك و هو لن يوفر جهدا , سيجرب بدل المرة مائة مرة , و لن يسمح لليأس بأن يتسلل اليه , لكن عليه اعادة حساباته بخصوص سفرها أولا , مادام بقاؤها هنا لا يثمر على شيء . و كما توقع سارعت ملك لتغيير الموضوع , تماما كما تفعل كل مرة تحشر في الزاوية " هل يمكن أن أسألك عن أمر ما ؟ " أومأ علي برأسه ايجابا , أكيد لن يكون سؤالها , أكثر ايلاما من افتراضها السابق , لتفاجئه ملك كالعادة " لم أرسلتني الى بيت الشاطئ ذاك ؟ " لمعت عينا علي بمفاجأة , و قد اعتقد أنها تجاوزت الأمر , حينما ذكرته في المكتب و لم تعقب عليه , ليتضح أنها كانت تنتظر الفرصة المواتية لاستنطاقه , لكنه هز كتفيه بطريقة لامبالية , و أجاب و هو يحاول الالتهاء بالشوكة , التي كان يلهتم بها قطع الفواكه أمامه " كان بيتا متوفرا و مناسبا , و أنت بدوت منهارة و في حاجة ماسة اليه " كعادته يحاول التقليل , من جرعة الاهتمام بما يفعله معها , و كأن لفتته هذه لم تكن ذات أهمية , و لم تعرف ملك لم ادفأ ما قاله روحها , رغم أن البيت يذكرها بأسوء أيام حياتها , الا أن معرفتها أن علي , كان يهتم خلال تلك الفترة العصيبة , بث شعورا بالأمان في قلبها , فما كان منها الا أن رشقته باحدى ابتساماتها الدافئة , قبل أن تشكره بكل صدق " شكرا لك , كان مكانا ساحرا " " العفو " رد علي بابتسامة هو الآخر , حيث شعر بالراحة لأنها لم تنزعج , كما تعودت حينما تتذكر الماضي , و التزم الصمت مانعا نفسه , من سؤالها عن طريقة تعرفها عليه , فقد كان يحاول تجنب أي شيء يشوش على هدوئهما هنا , و ذكر تلك الأيام الحالكة , لن يساعد الا في تعكير صفوها , لو كان الأمر بيده لدفع عمره , مقابل العودة الى تلك الفترة , و تغييرها جذريا أو محوها تماما . . . . " هل هو وحده ؟ " " ترافقه زوجته سيدتي " أجاب النادل ببساطة , لتتجمد الابتسامة على شفتي أميرة , و قد صدمها الشاب بما قاله . صحيح أن الصورة التي أرسلتها صديقاتها , كان فيها علي ترافقه امرأة و هو يمسك بيدها , أو بالأحرى نفس الشابة التي ظهرت معه , على مواقع التواصل الاجتماعي , و في الجرائد الالكترونية , الا أنها اعتقدت أنه اجتماع عمل أو تجمع أصدقاء , و على أقصى تقدير قد تكون تلك الشابة مجرد صديقة كما خمنت , خاصة أنها تبدو أجنبية من ملامحها الشقراء , اضافة الى أن مريم توفيت منذ بعض الوقت , و مما تعرفه عن علي أنه لن يدخل , في علاقة عاطفية هكذا بهذه السرعة ، هي أقامت في لندن طوال المدة الماضية ، لكنها عادت بمجرد سماعها خبر وفاة مريم , على أمل الايقاع به مرة أخرى , لن يكون من المعقول أنه تعرف , على احداهن خلال حياتها , لن يكون علي الذي تعرفه حينها . كانت اميرة تدرك أن خداعه عن طريق المشاعر , مرة أخرى سيكون مستحيلا , لذلك غيرت خططها تماما , و بدأت تحاول الدخول معه في شراكة , باستخدام استثمارات والدها القليلة , خاصة أنها الوريثة الوحيدة لأعماله , بعدما انتهجت شقيقتها الصغرى درب القانون , لتدخل المحاماة و تتخلى عن عالم الاقتصاد , و قد حاولت لوقت طويل , الحصول على موعد عمل معه ، لكن طلبها كان يرفض في كل مرة , دون أن تعرف أنها وضعت , في اللائحة السوداء لعملائه منذ طلاقهما . هي حتى فكرت في زيارة بيته لتعزيته على الأقل , لكنها تراجعت خشية اثارة غضبه , هي و مريم لم تكونا يوما مقربتين , و قد يعتبره نفاقا منها الذهاب الى هناك , الا أن ذلك لم يمنعها , من ارسال بعض الهدايا لصفية , محاولة مد حبال الود بينهما مجددا و التأثير عليها , فالمرأة لطالما رأت فيها زوجة مناسبة لابنها , و قد كانت تترقب ردا قريبا على اتصالاتها بها , في انتظار اشارة منها بزيارة قريبة , تعيد العلاقة كما كانت بين العائلتين . لذلك استكانت حاليا في انتظار مرور فترة الحداد , قبل أن تقوم بحركتها القادمة لاستعادة علاقتهما أكيد ستكون صفية أكثر من سعيدة , لاستقرار ولدها الوحيد أخيرا , و آخر شيء قد تقبل به الآن , أن تقفز امرأة أخرى الى الصورة , و تأخذ ما هو حق لها انتظرته مطولا . شعرت أميرة بالتوتر فجأة , صحيح هي سبق و أن سمعت أنه تزوج , لكنها لم تصدق الشائعة الأكثر رواجا عنه , فلا أحد ممن سألتهم من معارفه يعرف عن الأمر , كما أن الشابة في الصورة لا تناسب ذوقه , و اذا كانا مرتبطين فعلا فسيكون زواجا عرفيا , لا يريد علي المتكبر لأحد أن يأخذ خبرا عنه . " أكيد هي مجرد علاقة عابرة " أكدت أميرة بينها و بين نفسها ما قالته لشقيقتها , بكثير من الشك و التوجس هذه المرة لتتساءل " لكن هل يعقل أنه تغير الى هذه الدرجة في غيابها ؟ " عادة هو يحب النساء مكتملات الأنوثة , الأنيقات و شابات الطبقة الراقية , و تلك الشابة التي ترافقه , لا يمكن وصفها من مظهرها الا بكلمتين " بسيطة جدا " أو بالأحرى أبسط بكثير من أن توافق , ذوق الرجل المهووس بالتنظيم و الرقي , رغم ذلك هي لا تمانع تجربته لشيء جديد , مادامت ستكون هي زوجته الشرعية و الوحيدة , بامكانه أن يتسكع كيفما يشاء . " هل يعقل أن النادل ارتكب خطأ ؟ كان يبدو واثقا من تصريحه , أو أن هذا اجتماع عمل سري , لذلك أعطاهم تعليمات بقول ذلك ؟ " بالتفكير في كل ذلك سرعان ما استعادت المرأة , ابتسامتها المتعجرفة على شفتيها , و عادت تهز أوراكها بدلال ناحية طاولة صديقاتها , اللواتي كن يستمتعن بالتغامز خلف ظهرها . " ماذا أميرة ألن تذهبي لتلقي نظرة على حبيب القلب ؟ " سألتها احداهن بنبرة استهزاء واضحة , تجاهلتها أميرة التي عدلت خصل شعرها و أجابت بكل ثقة " النادل قال أنه في اجتماع عمل سري , و لديه تعليمات بعدم صعود أي شخص , لذلك سآكل معكن حتى ينزل , أعدكن أننا سنغادر سويا الليلة " لم يكن أمامها سوى قول هذا الافتراض , لحفظ ماء وجهها أمامهن , لكن قلبها لم يكن مطمئنا أبدا . . . . بعد السجال المربك بينهما , و الذي انتهى بابتسامتيهما الدافئتين , استمر علي و ملك في تناول العشاء بهدوء , حيث بقيا يتبادلان أطراف الحديث مستمتعين برفقة بعضهما , بعيدا عن أية ضغائن قد توحي بها ذاكرتيهما . بعد التحلية انصرفت ملك الى الحمام و لحقها علي , حينما عادت مكانها كانت الطاولة فارغة , يقف النادل أمامها لوضع أكواب الشاي و المكسرات , التي طلبها علي قبل انصرافه , كانت الساعة قد تعدت الثامنة و النصف , لذلك شكرت ملك النادل ثم أشارت له " الحساب من فضلك , سنغادر بعد قليل " هي تعلم أن علي كان مشغولا طوال الوقت , أكيد هو متعب يريد الانصراف سريعا , كما أن رنا لن تنام قبل رؤيتهما يعودان , لذلك استبقته و طلبت الحساب , الذي سيتأخر لربع ساعة على أقل تقدير . نظر النادل ناحية ملك باستغراب , تردد قليلا محاولا انتقاء كلماته ثم رد عليها " عفوا سيدتي , لكن ليس هناك حساب " تفاجأت ملك لما قاله هل المطعم سيجامل علي مثلا ؟ أو انهم سيرسلون الفاتورة الى حساب الشركة ؟ " كيف ذلك ؟ " سألت مجددا بفضول و ابتسم لها النادل , بعدما أدرك جهلها بالوضع " الحساب مدفوع أصلا سيدتي , لأن السيد صاحب المطعم " "...." أخرست كلماته ملك التي شعرت بالاحراج الشديد , خاصة بعدما تذكرت ما قالته عن خلو القاعة سابقا كيف أمكنها أن تكون ساذجة هكذا ؟ و هو لم لم يقل شيئا و يسخر منها كما تعود ؟ فهمت ملك أخيرا أن القاعة بأكملها حجزت لهما وحدهما , ليتملكها فجأة شعور غريب جامح لامس كل جوارحها , و شعرت بحلاوة في قلبها الذي عاد يدق بجنون , و قد أدركت الآن فقط , أنه أراد أن ينعما ببعض الهدوء و الخصوصية , خاصة أنه يعرف أنها لا ترتاح , في الأماكن المكتضة تحت أعين الكثيرين , لم تعرف ملك أنه مراع ناحيتها , الى هذه الدرجة الا اليوم , و الأكثر مفاجأة هو عدم تباهيه أمامها بالأمر , رجل مغرور مثله كان رماها بالمعلومة بمجرد أن دخلا هنا . " يا الهي من أين أتت كل هذه الرومانسية , التي سقطت على رأسه فجأة ليفعل هذا ؟ " تساءلت بينها و بين نفسها بارتباك , محاولة اخماد صوت غامض قادم من أعماق قلبها , ينبؤها أن ما حصل ليس أمرا عاديا , و أن ليس كل ما تعتقده , عن مراعاته لها امتنانا حقيقي . عاد علي سريعا من الحمام , فيما كانت ملك تحاول تهدئة نفسها , و ايجاد تبريرات لما فعله الليلة , لكنها لا تجد الا صفة واحدة " أنها مميزة جدا بالنسبة له " فهو لا يفعل هذا مع أحد غيرها . جلس علي مكانه و أخذ رشفة من الشاي , قبل أن يلاحظ أن نظراتها متغيرة , و قد أصبحت أكثر دفئا و لمعانا " هل أنت بخير ؟ " سألها باهتمام فلا أحد يلاحظ , تماوج تعبيراتها المزاجية أكثر ما يفعل . " أجل أكلت أكثر مما يجب " أفضل تبرير لتغير حالتها النفسية , ليبتسم هو هلى جوابها " بالهناء , هل نغادر ؟ " " أجل , صحاليك " قام الزوجان من على الطاولة , بمجرد أن خطا علي خطوتين , حتى شعر بيد ملك تتمسك بيده , و قد فاجأته الحركة لدرجة الصدمة , حدق الرجل ناحية يديهما المتشابكتين و تشوش تفكيره , فهي كانت تنهره طوال الوقت , ليترك يدها فما الذي دهاها الآن ؟ لكن ملك بمجرد أن استدار ناحيتها , حتى ارتبكت و قد أدركت متأخرة , حركتها المتسرعة في لحظة طيش , لم تفهم حتى كيف وردت على بالها , حاولت التراجع و قد اعترتها رجفة قوية , لكن علي كان يتمسك بيدها رافضا اطلاقها , ليس و هذه أول مرة تبادر فيها , الى تقارب جسدي صريح معه لطالما تمناه , طبعا دون ذكر تلك الليلة المجنونة , التي انتهت بأثر عضة على رقبته , تاركة أثرا جميلا لا يزول , تثير مشاعره كلما لاحظها في المرآة . تمالكت ملك نفسها سريعا قبل أن تهمس له " شكرا لك " فيما بدا أن قصدها من جرأتها المفاجئة , كان شكره على اهتمامه و ضيافته لها , فمهما كان مدى الأفكار السلبية , التي راودتها بشأن هذا الرجل يوما , هي لا يمكنها تجاهل ما فعله من أجلها اليوم , لأنها لم تكن يوما جاحدة , اتجاه لطف الآخرين معها . ابتسم لها علي هو الآخر , و قد أفرحته بتقدمها في علاقتهما ، مرر إبهامه على ظهر يدها , ثم انحنى ناحيتها و طبع قبلة دافئة على جبينها , و التي صارت سمة مرافقة , لابتساماته الكثيرة التي يلقيها ناحيتها " على الرحب " لم تعترض ملك هذه المرة , و اكتفت بالتحديق في الاتجاه الآخر , بما أن لا شيء يردع المجنون عما يريد فعله , واضح أن هذه طبيعة في هذا الرجل , أخذ قبل مباغتة دون اذن منها , و لكن غريب كيف أن الأمر أصبح عاديا بالنسبة لها أيضا , تتقبله بكل هدوء دون أثر لنفورها سابقا منه . لاحظ علي بدوره الأمر و شعر ببعض الرضا , فأي حركة صغيرة تتقبلها هذه العنيدة من طرفه , هي خطوة كبيرة تقربه من قلبها , و هو سيأخذ وقته لن يستعجلها أبدا , آخذا بعين الاعتبار حساسيتها المفرطة اتجاهه , و قد قرر اذابة الجليد الذي يحيط بقلبها , بدفء تعامله مهما كلفه الأمر . " تفضلي " أشار لها علي ليتقدم بعدها الثنائي للمغادرة , بمجرد خروجهما من المصعد حتى لمحتهما أميرة , التي كانت تراقب الأجواء بعيني صقر , و التي قامت من مكانها و لاحقتهما قبل خروجهما " علي " نادت خلفه بصوت عذب و مثير , و بنبرة حالمة أجفلت الزوجين . توقف الاثنان مباشرة , و استدارا ناحية الصوت المنادي , حدقت ملك ناحيتها بكل فضول , أما علي فبمجرد أن وقعت عيناه على المرأة , و تعرف على صاحبة النبرة السمجة , حتى اختفت الابتسامة من على وجهه , و تحولت الى عبوس و تجهم واضحين , أصبحت نظرته جادة و باردة , فقد محت صورة أميرة المنفرة , كل سعادة شعر بها قبل قليل . تقدمت أميرة ناحيتهما بكل دلال , تحت مراقبة ملك التي التزمت الصمت , معتقدة أنها احدى معارفه أو عميلاته , و انطلق صوتها المثير مجددا " مساء الخير علي ، كيف حالك عزيزي ؟ " سألت المرأة بنفس نبرة الدلال , و هي ترمش بعينيها ناحيته , معلنة عن معرفتهما المقربة ببعضهما , و قد كانت طريقتها في التودد له مفضوحة جدا . " عزيزي " رددت ملك الكلمة بينها و بين نفسها , و رفعت حاجبيها استنكارا , دون حتى أن تدرك حركتها الطفولية . أصدر علي صوتا مستاءا من أعماق صدره , و اكتفى برد بارد و مختصر , و قد قطب جبينه بشدة " مساء الخير " أثناء ذلك تفحصت أميرة ملك , من رأسها الى اخمص قدميها , مع نظرة استصغار تقييمية في عينيها ، ثم تجاهلتها تماما و كأنها غير مرئية , و توجهت بالكلام مجددا لعلي , فهو كل ما يهمها أمره هنا " قدمت مع صديقاتي للعشاء , و قالوا أنك في اجتماع سري , فلم أرد أن أزعجك " زادت محاولة ترقيق صوتها , و استعراض ابتسامتها العريضة حتى تبدو مثيرة , لكن شكلها بدا سخيفا جدا , و هي تلاعب خصلاتها المموجة , و تشير بأصابعها المطلية بعناية , ناحية احدى الطاولات البعيدة , و كأنها تريد اثبات أن اللقاء محض صدفة عابرة , لا تريده أن يعتقد أنها تطارده , فيزيد في صده لها . لم يصدر علي أي صوت , و لكن بدا الاستياء الشديد على ملامحه , من تطفلها على خصوصياته و حياته , خاصة أن أميرة كانت تتودد له دون حياء , متجاهلة وجود ملك برفقته , و التي تقف هناك على بعد خطوتين دون ردة فعل . " ألا يجب أن تشعر بالغيرة مثلا ؟ " سأل علي نفسه بامتعاض , كان سيكون أكثر سرورا , لو أنها ردت هجوم أميرة , بدل الوقوف هناك مثل تمثال حجري . في هذه الأثناء كانت ملك , تتفحص تفاعل الاثنين أمامها بدقة , متسائلة عن طبيعة العلاقة بينهما , و رغم جهلها من تكون هذه المتطفلة , الا أنه كان واضحا أن هذه المرأة المثيرة تعرفه جيدا , و تحاول مغازلته أمامها جهرا و دون مراعاة " أكيد هي واحدة من المتيمات الكثيرات به " و كما شعرت سابقا حينما رأت السرير في مكتبه , كانت هناك وخزة في قلبها , و هي تتخيل علي يتصرف بحميمية مع هذه المتأنقة , و التي تبدو و كأنها نزلت , من على منصة عرض أزياء للتو . " ما الذي دهاها اليوم ؟ لم لا ترغب في رؤية علي مع أية امرأة أخرى ؟ و لم تشعر بهذا القدر من العدائية , اتجاه شخص لا تعرفه و تراه لأول مرة ؟ و هي ترغب بشدة في القفز عليها , و اقتلاع عينيها الجميلتين من محجريهما , هل هذه غيرة ؟ " تساءلت ملك و قد فاجأتها ردة فعلها العنيفة , فهي متصالحة دائما مع نفسها , لا شيء في العالم يثير غيرتها , أو يهز قناعتها بشخصيتها و مظهرها , لكن هذه المرأة الواقفة هناك , ترسل ذبذبات سيئة تثير كل قرون استشعارها , رغبة في لكمها في منتصف وجهها " لكن لم تشعر بالغيرة منها من الأساس ؟ " استاءت ملك من ردة فعلها الغريبة و غير المبررة , لكنها تمالكت نفسها و التزمت الصمت , و استمرت تراقب ما يجري أمامها , محاولة المحافظة على هدوئها . أمام تجاهل الرجل المتعمد , تقدمت أميرة خطوة ناحيته , حتى كادت تلتصق به و استرسلت بلطف مصطنع " علي اتصلت على شركتك لطلب موعد , ألم يخبروك ؟ أردت رؤيتك لتعزيتك , و مناقشة موضوع هام معك " و رمقت ملك بنظرة جانبية متفحصة , محاولة استبيان ردة فعلها , و هي تحاول التقرب أكثر من علي , لكن لم تكد أميرة تكمل جملتها , حتى تحرك الرجل في رمشة عين , و أصبح واقفا الى جانب ملك , ليرد عليها بكل برود " آسف ليس لدي وقت , لا يمكنني استقبالك " كان رفضه رؤيتها قاطعا لا يقبل النقاش , هو يعلم بنواياها سابقا , حتى أنه سمع بتوددها مجددا لوالدته ، لذلك كان يتحاشاها في مناسبات كثيرة ، آخر شيء يريده الآن أن يثير شك ملك به , و أن تسيء فهم العلاقة بينهما , هو اكتسب بعض ثقتها مؤخرا , لا يريد أن تضيع في لحظة , بسبب تصرف هذه المرأة بميوعة ناحيته . برؤية ملامحه المستهجنة و حركته الخاطفة , توقفت أميرة أخيرا عن الابتسام كمهرج , و هي ترى علي يتجنبها بوضوح , و يلتصق بالشابة البلهاء التي ترافقه , و هذه الأخيرة تحدق ناحيته , بعينيها العسليتين دون قول شيء . " هل هي أجنبية و لا تفهم ما نقوله ؟ " تساءلت بينها و بين نفسها بفضول سيء . بلعت بعدها أميرة ريقها و أخفت امتعاضها , ثم استرسلت في محاولة لاستفزاز مشاعر ملك " ألن تعرفنا ؟ " أشارت لها بذقنها , و كأنها شيء غير ذات أهمية , فقد أصبحت الآن فضولية جدا , لمعرفة من تكون هذه الشابة , لن تسمح لهما بالمغادرة , قبل أن تعرف هويتها , دون أن تمنع نفسها من التحدث بنبرة استهزاء . ابتسم علي أخيرا , و هو ينظر الى وجه ملك بكل دفء , دون اهتمام لمشاعر أميرة المتأججة , و رد بنبرة عذبة لم تسمعها منه يوما " سيدة ملك زوجتي " كانت نبرته حنونة جدا , ثم فجأة تغيرت الى أخرى باردة , حينما أشاح بعينيه ناحية المرأة الأخرى , للاستمرار بالتعريف مرفوقا بنظرة حادة " و هذه أميرة " قال بكل تجاهل و كأنها نكرة , رادا عليها استهزاءها السابق بملك , مما أثار استياءها و حنقها , و صدمها بشدة كونها كانت متأكدة , من أن ملك ليست زوجته . كانت ملك قد فهمت منذ أول لحظة , أن هذه المرأة بصدد التقرب من علي و ملاحقته ، فعينيها تحدقان فيه بهيام مفضوح , أدركت أيضا أن وجودها يزعجه جدا , ملامحه العابسة تفضحه , و هي تريد أن تضحك لوضعه المتوتر , الذي يبدو تماما كيوم سقطت ذبابة في صحنه على العشاء , و كاد يستفرغ في وجهها هي و رنا , و لكن بمجرد أن قال اسمها , حتى أنار مصباح في رأسها " أليست طليقة علي التي تحدثت عنها فاطمة اسمها أميرة ؟ كما أن وصفها مطابق تماما لهذه المرأة " عادت ملك للتحديق الى أميرة , و قد تذكرت ما قالته فاطمة عنها , و عن محاولتها الاساءة لمريم للاستحواذ على مكانتها ، و فاطمة لا تكذب أبدا ، شعرت ملك بالنفور من هذه المرأة , التي قالت عنها فاطمة سابقا أنها منافقة و استغلالية ، واضح أنها لم تتنازل بعد عن أحلامها بارتباطها به , لذلك قررت مساعدة علي للتخلص منها ، و تقديم درع بشري له . بمجرد أن اتخذت قرارها , ابتسمت ملك هي الأخرى بعذوبة لها ، دنت من علي أكثر بحركة خفيفة , مدت بعدها يدها و تعلقت بذراعه ، ثم وضعت رأسها على كتفه ، في اعلان منها على ملكيتها لهذا الرجل . " ممنوع الاقتراب أو التصوير " هذا ما كانت تقوله ملامحها الرقيقة , قبل أن تطلق عليها رصاصة الرحمة . " تشرفت " تحدثت أخيرا بصوت رقيق و مثير , لكنها بدت لطيفة جدا ، و هي تقلد دلال المرأة أمامها ، حتى أنها رمشت لعلي مرتين ، أذابت بهما قلب الرجل أمامها , فلأول مرة يعرف أنها تجيد مغازلة أحدهم , و قد جعله الأمر يرغب في امساك وجهها بين يديه , و تقبيل تلك الشفتين الزهريتين , اللتين تمطهما أمامها بطريقة طفولية . شعرت أميرة بالدهشة لأن الدمية تفهم ما تقوله , و تتعمد رد استفزازها بطريقة واضحة . تفاجأ علي للحركة بشدة , و لم يجد ما يضيفه , غير أن يصمد مكانه , لكنه شعر بالرضا الشديد , و ظهرت ابتسامة نادرة على وجهه , خاصة أمام شحوب وجه أميرة , التي حدقت الى يد ملك التي تتمسك بذراع علي , ثم الى وجهها بكل حقد , و كأنها توشك على التهامها , فمن تكون هذه النكرة حتى تأخذ مكانها , و تستولي على رجل أحلامها ؟ لم يبال علي كثيرا لردة فعلها , و قد بدا ممتنا جدا لأن ملك تجاريه ، و لم تدر ظهرها له و تغادر كما توقع ، فهي عادة لا تحب التورط في علاقاته . لذلك استدار مجددا ناحيتها , و وضع يده على خدها و كأنه يداعبها , قبل أن يطلب بكل لطف " هل نذهب ؟ " كان يريد الاختفاء من هنا في أسرع وقت . " أمم أجل أنا متعبة أريد أن أنام , كما أن رنا لن تنام , قبل أن أضعها في سريرها " قالت ملك مستمرة في استخدام , نبرتها الجديدة التي اكتشفتها للتو . تفاجأ علي مجددا لاجابتها المستفزة , و ايحائها لعيشهما سويا في بيت واحد ، لكن لم يملك الا أن يشعر بالغبطة , و ما كان منه إلا أن أكمل التمثيلية , و رد باستفزاز متعمد على أميرة " عن اذنك زوجتي تشعر بالنعاس , نحن ننام قبل العاشرة " مع ابتسامة ساخرة على طرف فمه , فجرت براكين الحقد في قلب أميرة , ليمسك بيد ملك و يغادر مباشرة دون انتظار اجابتها , تاركين المرأة الغاضبة و الغيرة تأكلها , و هي تحدق الى اليدين المتشابكتين بكل حميمية , حيث لم يبد للحظة أنهما يمثلان . هي تزوجت علي لأشهر ، لم يمسك يدها يوما هكذا , لم يداعب شعرها أو يكلمها أو ينظر اليها , كما يفعل مع هذه المرأة , بكل حنان و اهتمام , حتى أنه حجز قاعة بأكملها لها وحدها , فقط ليتناول العشاء معها , فيما لم يدعها هي يوما للخروج معه , فما الذي فعلته هذه السخيفة اذا ، لتحصل على هذا الامتياز ؟ شعرت أميرة أن أحلامها تحطمت فجأة ، هي أصلا نادمة منذ طلاقها , لأنها تسرعت و أرادت إعلان الزواج , و ايصال الخبر الى مريم , حتى تنال مكانتها كزوجة وحيدة لعلي , لو كانت صبرت قليلا , لكان علي لها وحدها بعد وفاة زوجته , و لكانت الآن تشبك يدها معه , مكان هذه المحظوظة الرثة , و تنعم بكل الثراء الذي تغرق فيه . هي لطالما تصيدت الفرص , للتقرب منه مجددا بعد انفصالهما , صحيح لم يكن علي يتفاعل معها , و لكنه لم يصدها و يتجاهلها كاليوم , لأول مرة منذ عرفته ، تراه يراعي شعور أحدهم علنا , كان يبدو على وجهه أنه خائف , من أن تسيء تلك الزوجة الظن به و تحزن , كانت أميرة تعتقد أن جفاءه ، بروده الدائم و قسوة تعامله ، هي جزء من شخصيته الصلبة و المتسلطة , لكن تصرفه قبل قليل يقول العكس تماما ، كان يبدو كأي زوج محب و عطوف , يدلل زوجته التي يحبها و يراعي مشاعرها , كان يقف و يلتهمها بعينيه , دون أية محاولة لمداراة ولهه بها . تسمرت أميرة مكانها ، تحدق الى الإثنين الذين غادرا ناحية السيارة , و الأفكار التشاؤمية تعصف برأسها , حاولت صديقاتها إقناعها بالعودة لإكمال العشاء معهن , لكنها أخذت حقيبتها و غادرت خلفهما , و لم تتوقف إلا بعد أن رأت علي , يفتح باب السيارة لملك , ثم يأخذ مكانه خلف المقود , لتغادر هي أيضا ناحية سيارتها و الغيض يتآكلها . كان علي سعيدا جدا , لأن ملك تجاوبت معه لأول مرة , حتى و إن كان مجرد تمثيل لإبعاد أميرة , إلا أنه كان راض جدا ، فهذا تطور كبير في علاقتهما المهتزة . أما ملك التي سارعت لسحب يدها من يده الدافئة , بمجرد وصولهما أمام السيارة , فقد كانت تجاهد لتهدئة قلبها , الذي لم يكف عن الخفقان بشدة , حتى بعد أن أطلقها علي , شعرت قبل دقائق أن تيارا كهربائيا مر على جسدها ، حينما لف يده على خصرها ، و شدها ناحيته تحت أنظار أميرة ، محاولا مجاراتها في تمثيلها , و لولا أنها قررت مساعدته لانسحبت مباشرة , ربما ما كان عليها التهور , و الاسراف في التصرف بحميمية اتجاهه , حتى لو كان الوضع مجرد ادعاء . قطع عليها علي تأملها " شكرا " قال بلهجة هامسة , و هو يحدق الى الطريق أمامه , رغب أن يتمسك بيدها مجددا , فلا شيء يدفؤه كملمس كفها الناعمة , لكنه قرر التوقف عن ارباكها , و أن يمنحها فرصة كي تلتقط أنفاسها . " لا بأس بدا واضحا أنها مزعجة " قالت ملك و هي تحدق ناحية المرأة , التي وقفت في مدخل المطعم , تراقبهما بملامح خائبة جدا , و قد شعرت بالتعاطف معها للحظات عابرة . ابتسم علي أكثر لتصريحها , و قد بدا واضحا أن قدرات ملك العاطفية تتحسن مع الوقت , لكنه لم يكن يشعر بالارتياح التام , لأنه لم يخبر ملك من تكون أميرة , و من جهتها هي لم تسأل عن شيء , أكيد هي تعتقد أنها إحدى نسائه , بما أنها تظن أنه كزانوفا عصره , لكنه سيجد فرصة لاحقا لاخبارها بالأمر , لا يريد أن يبقي أسرارا بينهما . لم يقل أحدهما شيئا حتى دخلا البيت , حيث كانت رنا تنتظر عودتهما , و هي عابسة و متذمرة من تركهما لها وحدها ، فما كان من علي الا أن وعدها , أن يصطحبها في المرة القادمة . كانت ملك تحتضن رنا , التي تشبثت بها مثل الكوالا , و تنظر الى علي متذكرة ما حصل طوال اليوم ، حيث شعرت أخيرا بدفء العودة الى البيت , و قد نسيت للحظات أنها لا تنتمي الى هذه العائلة لتسأل نفسها باحباط " هل سيكون هناك فعلا مرة قادمة ؟ " السؤال غريب و الجواب قد يكون مؤلما . قطع علي شرودها , و عاد للتحدث الى ابنته " رنا حبيبتي , ماما ملك اليوم ساعدت على امضاء موافقة الرحلة , و بامكانك مرافقة زملائك الى المتحف نهاية الأسبوع " اتسعت عينا الطفلة بحماس ، و عانقت ملك بقوة أكبر " شكرا ماما ملك ، أنا أحبك كثيرا " " و أنا أحبك أيضا " و قبلتها على خدها بحرارة . " و أنا ألا أحد يحبني ؟ " اعترض علي مدعيا الحزن , فما كان من رنا الا أن أعطته قبلة ، دون أن تطلق رقبة ملك , ليدخل الكل في وصلة من الضحك . أصرت بعدها الطفلة على أن تضعها ملك في فراشها , و لم تجد بدا من تنفيذ الأمر , رغم أن هذه كانت مهمة علي في السابق . فيما قصد علي غرفته , و لا شيء يطرأ على باله , الا البحث عن طريقة تتحول بها شخصية ملك , الى المرأة المدللة التي أرته اياها في المطعم بصفة دائمة , حينها هو متأكد أنه سيفقد عقله , و يرابط في البيت لسنوات قادمة . . . . في صباح الغد أثناء اجتماع في الشركة , كان الجميع يتناقش بجدية ، و يتبادلون الآراء تحت اشراف علي , كريم الذي يجلس عن يمينه , كان يلتزم الصمت كعادته ، و يحدق في هاتفه من وقت الى آخر , حينما وصلته رسالة من أسيل , كانت تحوي صورا لعلي مع ملك , من حادثة البارحة في الشركة , ثم صورا أخرى لهما سويا في المطعم , و أخبرته أن مواقع التواصل الاجتماعي ، تكاد تنفجر من تداول هذه الصور منذ البارحة ، هي تعلم حساسية تسريب الحياة الخاصة لعلي , لذلك و بمجرد أن رأتها أرسلتها الى كريم . تردد كريم قليلا قبل أن يمرر هاتفه لعلي , الذي كان يركز في الأوراق أمامه , حدق علي مليا الى مختلف الصور , قبل أن تظهر ابتسامة مشرقة على وجهه كريم "...." الحضور "........" صمت الجميع و هم يراقبون , ردة فعل مديرهم غير المعهودة , اجتماعات كهذه في السابق ، لم يكن ينقصها إلا السلاح و الدماء , و الآن و لأول مرة في التاريخ ، يجلس هذا الرجل الصخرة و يبتسم أمامهم ، هذا دون أن ينسوا حادثة الأمس , التي بدت كحلم مستحيل , لم يعلق أحد على شيء ، و لكنهم اكتفوا بالنظر الى بعضهم و التساؤل " هل أصيب الرئيس بانفصام شخصية ؟ " بعد مرور بضعة دقائق , أعاد علي الهاتف لكريم و همس له " لا بأس بإمكانهم نشرها لا مانع لدي , لكن جيد أنهم موهوا ملامح ملك " طبعا لم تحمل الصور اسما معينا , و لا أية معلومة شخصية عن صاحبة الحظ , مرافقة رجل الأعمال الشهير , سوى أنها زوجته الشابة الجديدة . تفاجأ كريم قليلا و لكنه لم يعلق , هو يدرك كم أن علي مهووس بها ، و يريد أن يعرف العالم كله أن ملك تخصه , و أنه لا يسمح لأحد بالتفكير في أخذها منه , و هذه أفضل طريقة لفعل الأمر . تغير بعدها مزاج الرجل الى الأفضل , مما جعل الحضور يفكرون في شراء هدية , لصاحب الفضل في هذا الانجاز , أو ربما سيكتفون بوضع تمثال , لشابة ما بعيون عسلية في مدخل الشركة . . . . في غرفة يسودها الظلام , كانت هناك عينان سوداوان حاقدتان , تحدقان بغضب ناحية الصور المنشورة على الانترنت " اذا لا تزالين على قيد الحياة أيتها القطة الشرسة ؟ " ظهرت فجأة ابتسامة خبيثة على جانب فمه , ليوافيه رجله بآخر الأخبار " ستصل الشحنة بعد أسبوع من الآن بوس " أومأ برأسه موافقا ثم نفث الدخان , من السيجار الكوبي الذي يمسكه بين أصابعه الخشنة , و أشار للرجل الذي يقف الى جانبه " تعرف ما ستفعله ، لا تفسدوا الأمر و الا ستكون نهايتكم على يدي " " حاضر سيدي " . . . بعد اللقاء في المطعم , كانت أميرة لا تزال غاضبة و مغتاضة , لكنها لم تستسلم و سرعان ما رتبت أفكارها , فقد كانت مصممة على معرفة , حقيقة ملك و علاقتها بعلي , هي أكثر من يعرف طبيعته , و لن تسمح له بخداعها , كان واضحا أن هناك أمرا غريبا في تصرفاتهما يومها , و قد بدت رومانسيتهما أمامها , أجمل من أن تكون حقيقية . لذلك قررت الاتصال على أحد جواسيسها داخل البيت , واحدة من الخادمات القدامى , التي كانت ترسل لها الأخبار , من وقت الى آخر قبل انفصالها عن علي , و قد انقطعت عنها بعد سفرها , لكنها كانت ممتنة جدا لأنها لا تزال هناك . بعد سماعها لبعض التفاصيل تجدد أملها , و قررت التحرك سريعا لاستعادة رجل حياتها , قبل أن تتحول القصة إلى أمر جاد و حقيقي ، كانت تحركات ملك مراقبة بدقة لأيام , و كانت أميرة تتصيد الفرصة للقائها , و محاولة اقناعها بالابتعاد عن علي كل ما كانت تريده أن تترك المجال لهما , و ذلك لن يحصل إلا بتخريب العلاقة الهشة بينهما . بعد ثلاثة أيام من لقاء المطعم , أخبرتها الخادمة أن ملك رافقت فاطمة , الى المول من أجل التسوق ، أمر تستمتع به مع المرأة من وقت الى آخر , هي لم تكن تتنقل كثيرا , و خروجها من البيت كان نادرا , غير بعض المرات التي ترافق فيها الطفلة , و أميرة كانت أذكى من أن تحاول , مواجهتها في وجود رنا , خشية أن تنقل الكلام الى علي و تثير غضبه , لذلك كانت هذه فرصتها الذهبية للانفراد بها . بوصولهما الى المول تجولت المرأتان قليلا ، بعدها اتجهت فاطمة ناحية مكان بيع اللحوم و الأسماك , فيما فضلت ملك التجول , في قسم الخضر و الفواكه لانتقاء ما تريد , بعد نصف ساعة من وصولها , و فيما كانت منهمكة في اختيار بعض حبات الطماطم , تفاجأت ملك باحداهن تكلمها " مرحبا سيدة ملك " استغربت ملك أن يخاطبها أحدهم باسمها , فلا أحد هنا يعرفها , لكن بمجرد أن رفعت رأسها , حتى تعرفت على المتكلمة ، التي كانت تقف على بعد خطوتين منها , و فورا راودها احساس سيء بشأنها . لكنها ابتسمت لها كعادتها , و ردت بكل تهذيب " مرحبا سيدة أميرة , كيف حالك ؟ " ردت المرأة ابتسامتها " بخير و أنت ؟ " " بخير شكرا لك " رغم أن ملك كانت متأكدة ، من أن هذه ليست صدفة ، و أن أميرة هنا خصيصا من أجلها , إلا أنها لم ترد فتح حوار معها , لذلك تظاهرت بالانهماك مجددا , في انتقاء الخضر و تجاهلتها , فملامحها كانت تنبئ عن ازعاج قادم . لكن المرأة كانت هنا , في مهمة للتفاوض معها , و لن تغادر قبل أن تنال مرادها " متى تزوجتما أنت و علي ؟ " سألت أميرة بكل تطفل و دون تحفظ . نظرت إليها ملك بحدة بسبب فضولها ، و لكنها لم تجد ضيرا من إجابتها " منذ سنة تقريبا " حسنا هذه هي الحقيقة ، فالعقد كتب منذ تسعة أشهر تقريبا , لكنها لن تعطيها أية تفاصيل . ابتسمت أميرة مجددا بتصنع و أضافت , محاولة استفزازها بطريقة فظة " واضح أن علي حبيبي , لم يخبرك شيئا عن علاقتنا " قطبت ملك جبينها لسماعها تنادي علي هكذا ، و قد أثار الاسم حفيظتها لكنها التزمت الصمت ، فهي لن تمنحها الفرصة للاستمتاع بانزعاجها . راقبت أميرة جيدا ملامح ملك , التي لم تفهم قصدها , صحيح أن علي لم يقل شيئا ، و هي لم تسأل فاطمة لتأكيد الموضوع ، و لكنها شبه متأكدة أنها طليقته المزعجة ، أو أن هناك أمرا آخر لا تعرفه ؟ شعرت أميرة بالرضا لاغاضتها ، و أضافت بكل خبث العالم في نبرتها " أنا زوجته السابقة , و كنا على علاقة حميمية لسنوات قبل الزواج " حسنا الآن حصلت ملك على تأكيدها , لكن هذا لم يحدث فرقا , هي فقط أثارت استياءها مجددا ، بسبب وصف علاقتها مع علي بالحميمية ، جعلتها ترغب في شد شعرها و افساد مكياجها ، تماما كما شعرت قبل أيام بأنها ترغب باقتلاع عينيها , لكنها تمالكت نفسها مجددا ، فهي لا تفهم منذ متى أصبحت عدوانية , خاصة أن الموضوع يخص علي . حدقت إليها ملك بهدوء منتظرة باقي الكلام ، و قد بدت أميرة متحفزة لقول الكثير , لكن ما لا تفهمه الى غاية الآن " ما الذي تريده هذه المتطفلة منها ؟ " فجأة خلعت أميرة قناع الطيبة , الرقي و اللباقة الذي ترتديه , و دخلت مباشرة في صلب الموضوع " سيدة ملك نحن نساء مثل بعضنا , و أنا أعرف أن علاقتك بعلي ليست حقيقية , و التمثيلية الزائفة التي قدمتها ذلك اليوم في المطعم ، كانت ركيكة و غير مقنعة , معلوماتي تقول أنك دخلت الى ذلك المنزل كمجرد خادمة , و أعرف أيضا أنكما تزوجتما لأسباب ظرفية , لا علاقة لها بالمشاعر , و لمعلوماتك فقط فان علي الشراد , لا يتزوج امرأة تنام في غرف الخدم ، لذلك أنا هنا لعقد صفقة نستفيد منها كلتينا " و ختمتها بابتسامة خبيثة , و هي تشير بسبابتها بينهما . كانت الخادمة أخبرت أميرة , عن ظروف وصول ملك الى هناك , الفوضى التي صاحبتها , ثم عملها كخادمة و اعتنائها بمريم , هي أكدت لها اقامتها , في غرف الخادمات الى حد الساعة , و أن العلاقة بينها و بين علي كانت متوترة جدا , مع الكثير من الخلافات و النقاشات الساخنة , كما أكدت على عدم وجود , أي تواصل جسدي بينهما , مما أرضى غرور أميرة اللامتناهي , خاصة أن علي حرمها هذا الأمر قبلا , أخبرتها الخادمة أيضا أن تعلق رنا بملك , قد يكون السبب الوحيد الذي يدفع علي لابقائها معه , تماما كمربية مناسبة لابنته بعقد صوري . لذلك هي استنتجت أن زواجهما , قد يكون زواج مصلحة بحت , خاصة أن ملك شخصية غير معروفة , و قد تكون أغريت بوضع علي , الاجتماعي و الاقتصادي للبقاء معه , طمعا في الوصول الى الطبقة المخملية في المجتمع . تفاجأت ملك لما قالته أميرة , و دقة التفاصيل التي تملكها , و للحظة شعرت بالحزن يجتاحها ، لأن علي قد يكون قال , كل ذلك لها عن علاقتهما ، لكنها استبعدت الأمر سريعا ، فلم يبد عليه أنه يطيق , حتى وجودها ذلك اليوم . ثم هو رجل كتوم جدا و متحفظ , سيكون من المستبعد أن يفتح حوارا ، عن حياته الخاصة مع زوجته السابقة , لكن ذلك لم يمنعها , من الشعور بألم غريب في قلبها , بسبب وصفها البغيض لوضعها مع علي . وقفت ملك مكانها متظاهرة بالاستمرار في التسوق , و لم تبد أية ردة فعل على كلام المرأة الوقح ، فيما استمرت أميرة بهجومها عليها " لذلك أنا أعرض عليك خمسة مليون درهم , لتطلبي الطلاق و تغادري " اندهشت ملك لجرأة و وقاحة هذه المرأة , التي تقف قبالتها و تساومها , من أجل إبعادها عن علي , هي لا تعرفها حتى ، فكيف افترضت أنها قد تقبل أن تفاوض , على أمر كهذا مقابل المال ؟ لكنها ابتسمت بلطف , و ردت عليها بكل هدوء " لماذا ؟ " ابتسمت أميرة بدورها بكل ثقة , معتقدة أن ملك قبلت المقايضة و أجابتها " لأنني أنا و علي نحب بعضنا كثيرا , و هو يبقى معك فقط , من أجل ابنته المتعلقة بك , اذا طلبت الطلاق سنعود الى بعضنا , على الأقل ستكونين استفدت من الوضع , بدل أن ترحلي دون فلس واحد " بقولها هذا تأكدت ملك أنها لا تعرف شيئا , عما حصل بينها و بين علي , و أنها كانت فقط تحاول التخمين , مما أشعرها ببعض الراحة . بسماع تبريرها السخيف , بدأت ملك بالضحك بصوت عال , مما استفز أميرة التي توقفت عن الابتسام , و حدقت ناحيتها بحيرة ، فهي لم تقل شيئا يضحك . لكن سرعان ما أرضت ملك فضولها حينما أجابتها " حسنا سيدة أميرة , بما أنك واثقة من مشاعر زوجي الداهمة ناحيتك , لم لا تكلمينه أنت و تطلبين منه منحي الطلاق ؟ ألن يكون من المنطقي , أن يستمع لك أكثر مما يفعل معي ؟ فأنا في النهاية مجرد زوجة صورية مزيفة كما تقولين , فيما أنت حبيبة قلبه , و أنا من ناحيتي أعدك أن أرحل مباشرة دون تردد " قالت مركزة على كلمة زوجي , التي احتقن فيها وجه غريمتها . كانت ملك متأكدة من أن أميرة تخترع الأمر , و تحاول اثارة مشكلة بينها و بين علي , معتقدة أنها هي من يجبره على البقاء معها و ليس العكس , لو كانت علاقتهما مقربة كما قالت , لكانت تعرف حقيقة ما يجري بينهما , و لم تكن لتقول ما قالت . حاولت أميرة مداراة قلة حيلتها , و ردت بنرفزة محاولة الحفاظ على ثقتها المزعومة " أنا لم أطلب منه ذلك , لأن علي رجل شهم و محترم , لن يطلقك دون سبب , لذلك أنصحك بالمبادرة و طلب الانفصال , و أنا أعدك أن تكوني راضية " صمتت ملك مجددا ، و حدقت مليا الى وجه أميرة , قبل أن تسألها بجدية " هل أبدو لك غبية ؟ " لم تفهم أميرة قصدها " ماذا ؟ " و أوضحت ملك بكل هدوء " كما قلت أنت قبل لحظات , أنا الآن زوجته الرسمية و الوحيدة , و بما أنني طماعة و أحب المال كما افترضت ، فبإمكاني التمتع بكل ما أشاء , من ثراء و رفاهية و أنا على ذمته , أكثر ألف مرة من الملايين التي تعرضينها علي , كما بإمكاني أن أقنعه أن يكتب الكثير باسمي , لم اذا سأقبل الطلاق إلا اذا كنت غبية ؟ " صدمت أميرة من رد ملك الذي أفحمها , لم يبد عليها أنها ذكية هكذا و سريعة البديهة , مظهرها يوحي بالبساطة و السذاجة , أصبحت بعدها ملامح ملك أكثر صرامة , و قد اختفت ابتسامتها هي الأخرى ، ليحل محلها الوجوم الشديد , فالمرأة أمامها تقف هناك و تهينها , و هي لن تتقبل الأمر بكل بساطة , و ما لبثت أن ردت عليها بصوت جاد و نبرة حازمة , و قد ندمت بالفعل لأنها تعاطفت معها , قبل أيام أمام المطعم " اسمعي سيدة أميرة , أعرف أنك كنت زوجته في يوم ما , لكن ما يهمني الآن أنني أنا الزوجة الوحيدة لعلي , يعني أنت ماضيه و أنا حاضره و مستقبله , حياتي الخاصة مع زوجي لا تعنيك , و لا أسمح لك أو لغيرك بالتدخل فيها , و رنا مثل ابنتي , و قريبا ستحصل على أخ لها , فمشاعري اتجاه زوجي , و مشاعره اتجاهي قوية جدا , و نحن نعيش بكل سعادة و الحمد لله ، لذلك أنصحك أن تبحثي عن رجل يحبك , بدل أن تفسدي عائلات الآخرين , للحصول على بعض السعادة " و وضعت يدها على بطنها المسطح لتعزيز كلامها . اغتاضت أميرة مما قالته ملك , خاصة أمر الحمل هذا , هي متأكدة أن الخادمة قالت , أنهما ليسا على علاقة فكيف حصل حمل اذا ؟ ظهرت ملامح السخط على وجه أميرة ، و هي تحدق ناحية يد ملك التي تحتضن بطنها ، و لم تدر بنفسها الا و هي ترفع يدها لاطفاء نار قلبها , تراجعت ملك خطوة الى الوراء بفزع و أغلقت عينيها ، في محاولة يائسة منها لتفادي الصفعة , و قد تفاجأت أن المرأة التي كانت , تتصرف بكل رقي قبل لحظات ، تحولت الى انسان عنيف ببعض التحفيز . لكنها بمجرد أن انحنت الى الخلف , حتى ارتطمت فجأة بصدر دافئ صلب , و قبل أن تفتح عينيها , كان الشخص الواقف خلفها ، يطوقها بذراعيه من خصرها , و يضع رأسه على كتفها , قبل أن يهمس في أذنها بصوته الأجش " كيف تبلين حبيبتي ؟ " و طبع قبلة خفيفة على خدها , قبل أن يدس أنفه في رقبتها , و يأخذ نفسا عميقا من رائحتها . فزعت ملك و ارتجفت كل أوصالها , هي لا يمكنها أن تخطيء , هذا الصوت أو هذا العطر الفخم , و هي متأكدة أن علي من يقف خلفها " لكن متى أتى ؟ و ماذا سمع بالضبط ؟ " هذا ما كانت تفكر فيه بصدمة , لدرجة أنها لم تنتبه , الى تصرفه الحميمي معها . خفق قلب ملك بشدة و شحب وجهها , و قد تذكرت وصلة الكذب الفج , التي قالتها قبل قليل عن علاقتهما , و كيف تكلمت عن ماله و ممتلكاته , هي لم تقصد أبدا ما قالته , لأنها أرادت فقط أن توقف هذه المرأة , عند حدها و ترد اهانتها , و لولا أنها متأكدة أن علي يريد تجنبها , ما كانت تدخلت بينهما أبدا , و ساعدته على ابعادها , و ما كانت اخترعت كل تلك القصص , هي قالت ما قالته معتقدة , أنه لن يسمع بالأمر لاحقا , لم تتوقع أن يكون واقفا خلفها , يستمع الى كل كلمة من خطابها . لم تجد ملك الا أن تطأطئ رأسها خجلا , و قد انعقد لسانها و احمرت وجنتاها هي لا تعرف منذ متى أصبحت , كاذبة جريئة هكذا و عديمة الخجل ؟ لكن اللوم يقع على المنحرف , الذي يقف خلفها و يضمها . في المقابل علي الذي كان يستمتع , باحتضان ملك بين ذراعيه , لاحظ ارتباكها و تشنجها , و فهم مباشرة ما الذي تفكر فيه , هو كان في طريقه الى الشركة مع كريم , حينما اتصل به ابراهيم , الذي يرافق فاطمة و ملك , و أخبره أنه رأى أميرة , تدخل المول الذي دخلته المرأتان , الرجل يعرفها جيدا منذ كانت زوجة لعلي , و قد شعر بأن الأمر مريب . من جهته فهم علي مباشرة ما الذي يجري , فهذا مول للتسوق من أجل الطعام , معرفته الجيدة بأميرة تقول أنها , لن تأتي الى هنا لوجه الله , سابقا لم يرها يوما تقف في المطبخ , المرأة لا تفرق بين الملح و السكر , هي حتى لا تجيد قلي بيضة , كيف تحولت فجأة الى شخص مهتم بالتبضع , في سوق للخضار تتواجد فيه ملك ؟ أمر يثير الشك بالتأكيد . لذلك طلب من ابراهيم تتبعها و عاد أدراجه , فاحساسه كان ينبؤه أن ما حصل في المطعم , لم يكن كافيا لابقائها بعيدة عن حياته , و أنها هنا لمواجهة مع ملك , لاستفزازها و ابعادها عن حياته , و هذا ما لن يسمح بحصوله , هو تحدى سابقا عمته و والدته لحمايتها , فمن تكون أميرة ليدعها تزعجها ؟ صدمت أميرة هي الأخرى , لرؤية علي في سوق للخضار , أخر مكان قد يفكر هذا الرجل بالتجول فيه هو هنا , هو حتى يرفض الذهاب الى محلات الملابس , و المجوهرات الراقية من أجل التسوق , فكيف ظهر هنا مع هذه المرأة ؟ كانت أميرة تحدق بعينيها المندهشتين , الى الرجل الذي يتصرف بكل راحة و حميمية مع ملك , متجاهلا اياها و كأنها غير موجودة ، حتى أنه وضع يده مباشرة ، على يدها التي تضعها على بطنها ، و كأنه يؤكد الخبر الذي قالته قبل قليل . بعد دقائق رفع علي رأسه ناحيتها أخيرا , و حدق إليها بنظرة قاتلة , و كأنه اكتشف وجودها معهما لتوه , ارتجفت أميرة و قد أدركت أنه غاضب جدا منها , أكيد هو رأى حركتها قبل قليل , و محاولتها صفع ملك , و أن عليها توقع الأسوء . لذلك تداركت سريعا ، و حاولت قلب الموقف لصالحها باتهام ملك " أوه علي جيد أنك أتيت , لتسمع بنفسك المرأة الطماعة التي تزوجتها , و هي تصفك و كأنك بنك يلبي جشعها " زادت نظرة علي حدة ، و أصبحت ملامحه أكثر برودة , لكنه ابتسم بطرف فمه و أطلق ملك , دون أن يبتعد عنها , و التي فتحت عينيها بسبب ما سمعته , و رفعت نظرها ناحية أميرة مستنكرة اتهامها , و قد عبست ملامحها و جمدت حركتها . أصلا وجودها هنا كان بسبب أن علي , اعتقد أنها لصة طماعة محبة للمال , اذا صدق أميرة ستكون في موقف سيء جدا أمامه ، و هو بالكاد كان يخبرها , منذ أيام أنه لا يشك بها ، هي لا تريده أن يشك بها مجددا فالأمر يؤلمها فعلا . لذلك بدأت تدعو في داخلها ، ألا يكون سمع شيئا , مما قالته قبل قليل لاغاضة هذه المرأة , و هي ستجد طريقة لنفي الاتهام عنها . لكن علي لم يبد أية ردة فعل , كان يقف هناك بكل هدوء و ثقة , فهو كان موجودا منذ البداية , و سمع كل كلمة قيلت هنا , هو كان غاضبا جدا من وقاحة أميرة ، و أراد التدخل مباشرة و ردعها , لكن فضوله دفعه الى انتظار , سماع جواب ملك على عرضها , كان علي متوترا من احتمال تنصل ملك , من علاقتهما كما تفعل دائما , لكن كان هناك جزء من قلبه يقول أنها لن تفعل , كل ما كان يأمله هو سماعها و لو لمرة , و هي تدافع عن مكانتها التي منحها إياها , و هي لم تخيب ظنه . و هو يعرف ملك أفضل من أي شخص آخر , حتى يدرك أنها تعمدت ما قالته فقط لرد هجومها . صمت علي لثوان عديدة , و كأنه يفكر في شيء مهم , وضع بعدها يدا في جيبه بأريحية ، و الأخرى على خصر ملك ، حتى يمنعها من الانصراف ، و أجاب المرأة المترقبة بنبرة ساخرة " ها قد قلتها بلسانك زوجتي و أم طفلي ، و تحب صرف مالي ما شأنك أنت ؟ " ملك "...." أميرة "...." و أضاف و هو يحدق الى ملك , التي يكاد ينفجر وجهها من شدة الاحراج " أو تريدين أن أتعب و أشقى ليصرفه الغرباء ؟ " شعرت المرأتان بالصدمة , و أحست ملك بوهن في ركبتيها بسماع كلمة " أم طفلي " و لولا أنه يسندها لكانت سقطت أرضا . " هل هذا يعني أنه كان يقف هنا , منذ البداية و سمع كل شيء ؟ لم لم يتدخل اذا , و تركها تغوص في خيالها هكذا ؟ و كيف تحولت كذبتها الفردية فجأة الى كذبة جماعية ؟ " عضت ملك على شفتها السفلى بسبب التوتر , و طأطأت رأسها مجددا حتى غرسته في صدرها , غير قادرة على التحديق في وجهه , التقط علي ردة فعلها المتوقعة , و اكتفى بالابتسام بهدوء و استمتاع , و هو يعدل خصلة من شعرها خلف أذنها . أما أميرة فقد زاد غيضها و ارتفع صوتها بعتاب له " متى تغيرت هكذا ؟ ألم تكن تكره المستغلين و الطماعين ؟ ألم تكن تجري مائة اختبار لمن حولك ، قبل أن تعطيهم ثقتك ؟ كيف تسمح لطماعة متسلقة , أن تستغلك و تحمل طفلك ؟ " ليقاطعها علي بنبرة غاضبة " الزمي أدبك أميرة , المرأة التي تهينينها زوجتي , لا أسمح لك بالحط من قدرها , اذا أرادت صرف كل ما أملك فسأكون راضيا , و أكرر لا شأن لك بالأمر " . كل عام و أنتم بصحة و خير و هناء , ربي يجعلها سنة سعيدة على كل العالم , و تتحقق أماني كل البشر و احلامهم , الحمد لله على كل النعم التي منحنا اياها , و نسأله دوام العافية و الأمان 💞💞 . 😘💞💞 ....... | ||||
01-01-21, 12:37 AM | #1757 | |||||||
| اقتباس:
و عليكم السلام ورحمه الله وبركاته 💞 شكرا على الدعم الجميل كل عام و انت بخير 💖💖💖🌹🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌺🌹 اقتباس:
يا رب يدوم علينا نعمه كل عام و انت و العالم الاسلامي بخير و هنا 💞💖💖💖💖💖💖💖💖🌹🌹🌹🌹🌺🌹 اقتباس:
و عليكم السلام ورحمه الله وبركاته 💞💖💖💖💖 كل عام و انت بخير و عافيه ربي يدوم علينا الصحة يا رب 💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 | |||||||
01-01-21, 12:39 AM | #1758 | |||||
| اقتباس:
شكرا حبيبتي هذا الدفع الايجابي الرائع 💖💖 كل عام و انت بخير و عافيه ربي يدوم علينا الصحة و يلاقينا في ساعة الخير و الطاعة يا رب 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 | |||||
01-01-21, 12:43 AM | #1759 | ||||||
| اقتباس:
عام سعيد و كله فرحة و صحة يا رب 💖💖 ربي يلاقينا في ساعة الخير و الطاعة يا رب 💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 اقتباس:
كل عاك و انت و كل العالم بخير و صحه و هناء 💖💖💖💖 ربي يحقق احلام كل الناس و يجبر بخاطركم 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 | ||||||
01-01-21, 12:45 AM | #1760 | |||||
| اقتباس:
يعيشك حبيبتي 💖💖💖 كل عام و انت بخير و الف عافية و صحة 🌹🌹🌹🌹 و طبعا الأحداث ستصبح مجنونة بداية من الفصل القادم تحضيرا لفك العقد لأنني أوشك على الاختتام لكن ليس قبل الكثير من الاثارة وعد 😉💖💖 | |||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|