آخر 10 مشاركات
التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-21, 10:03 PM   #2021

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي





البارت الخامس عشر بعد المائة أزمة قلبية 💔





استيقظت أسيل في العاشرة صباحا , استمرت تستلقي في فراشها بتململ , تعاني من صداع سيء , بوجه محتقن و عينين متورمتين ,
لم تنم الا في ساعات متأخرة من ليلة أمس , أو بالأحرى بعد آذان الفجر ,

فبعدما اتخذت قرارها بترك كريم و شأنه , حتى تتضح أمور علاقتهما , و حتى يقرر الاتصال بها , و وضع النقاط على الحروف ,

شعرت مجددا برغبة جامحة في البكاء , حينما داهمتها الأحزان و الدموع , بادراكها امكانية فقدان ماردها الحبيب .



جلست أسيل مكانها بشعر متشابك , أنف متورم و جفون مرتخية , و أمسكت هاتفها الذي لا يرن مؤخرا ,
لتتسع عيناها عن آخرها و تصاب بصدمة , بمجرد أن وقع نظرها على الشاشة ,

و سارعت بلهفة طفولية عارمة , تفتح الرسالة التي تحمل رقم كريم ,
هذا الأخير لم يعد الى شقته , الا في وقت متأخر , و فور استلقائه فتح كل تلك الرسائل الفائتة من أسيل ,

معتقدا أنها تحمل الكثير من عبارات اللوم و العتاب , و من طلبات مكررة للانفصال و فسخ الخطوبة ,
و لم يستطع القاء نظرة عليها سابقا , فما كان يمر به كان كافيا لاحزانه ,


لكنه تفاجأ بكل تلك الكلمات الجميلة و الاعتذارات , التي أدفأت قلبه و خيبت ظنه , مع مستودع من القلوب و الورود ,
التي خففت قليلا من تل الهموم , الذي وقع فجأة على كاهله , بسبب ما حصل مؤخرا مع علي .



أراد كريم أن يتصل لحظتها , ليسمع صوتها الذي اشتاقه كثيرا , لكن الوقت كان متأخرا , و هو يعرف أن أسيل ستأتي فورا لرؤيته ,
بمجرد أن يخبرها بما حدث مع ملك , لذلك تراجع و قرر ترك رسالة مختصرة تقول

" اشتقت اليك أيتها العلقة 💖 "



و بالفعل بمجرد أن قرأت أسيل الرسالة , حتى فتحت الهاتف و اتصلت عليه , محاولة السيطرة على دموع الفرحة

" ألو , صباح الخير "

قالت بصوت خافت مرتجف , و كأنها تخجل من الاتصال به .



ابتسم كريم من الطرف الآخر بسماع صوتها , فيما هو بصدد قيادة سيارته باتجاه المشفى ,
حيث قام منذ الصباح الباكر , بمباشرة الأعمال العالقة في الشركة ,

ثم جمع الملفات التي تحتاج توقيع علي , و قرر المرور به لمراجعتها , و استغلال الأمر للاطمئنان عليه و على حال ملك , التي لم يتسن له زيارتها الى حد الآن ,

و كيف يفعل ذلك و علي مرابط معها , كأسد يحرس الغرفة و يطرد الزوار .




" صباح الخير أيتها الكسولة ,
سأغير اسمك من علقة الى كوالا , بما أنك تنامين الى الظهر "

سخر كريم منها بطريقة جديدة عليهما , لتتفاجأ هي بتصريحه الواثق

" كيف عرفت أنني استيقظت للتو ؟ "



" لأنني أرسلت الرسالة في الصباح الباكر جدا , و بما أنك لم تتصلي مسبقا ,
فمعناه أنك استيقظت الآن فقط "

قال بنبرة العارف ليصدمها بمدى حفظه لتصرفاتها .



" أيها الشرير اشتقت لك , لم تخاصمني كل هذا الوقت ؟ "

لامته أسيل و شرعت في البكاء مباشرة , لينهرها كريم بصوته الأجش

" هاي لم تبكين الآن ,
ألست من قال أنه يخاصمني , و لا يريد رؤية وجهي أبدا ؟ "


و سارعت هي للدفاع عن تسرعها سابقا

" و هل عليك أن تصدقني ؟
أنت تعرف أنني حمقاء , لا أعني ما أقوله حينما أغضب ,

أنا لم أقصد ذلك , حتى تعاقبني بمقاطعتي لأيام ,
لقد اشتقت لك كثيرا و اعتقدت أنني ...."


و دخلت وصلة نحيب عميقة , آلمت قلب كريم الذي لام نفسه , لأنه أبعدها عنه خلال الأيام الماضية , و لم يجد بدا من ترضيتها

" حسنا حبيبتي لم أقصد , أردتك أن تحظي ببعض المساحة للتفكير ,
بدوت جد غاضبة مني ذلك اليوم "





" و مازلت غاضبة , أين أنت سآتي اليك فورا ؟ "

صرخت في أذنه بكل حنق , و قد بدا توعدها له بالانتقام واضحا .


ابتسم كريم من تصرفاتها الطفولية التي يعشقها , و أجاب دون تفكير و هو يحدق الى الطريق أمامه

" أقود في طريقي الى المشفى "



بمجرد أن أنهى جملته المقتضبة , حتى شحب وجه أسيل رعبا , و داهم جبينها عرق بارد

" يا الهي كريم هل أنت مريض ؟ مما تعاني حبيبي ؟
هل أصبت في مكان ما أو تعرضت لحادث ؟
في أي مشفى أنت الآن ؟ و هل ...."



دخلت أسيل نوبة ذعر , بمجرد سماع لفظ مشفى , قفزت من فراشها و بدأت بالركض هنا و هناك داخل الغرفة ,

و بالكاد استطاع كريم مقاطعتها ليفهمها

" اهدئي حبيبتي أنا بخير , أقسم لم يحصل معي شيء ,
لم أصب بمكروه ها أنا مثل الحائط أكلمك ,

المريض هي ملك زوجة علي , تعرضت لاختطاف منذ أيام , و أصيبت أثناء اشتباك اطلاق نار , و قد أجرت عملية خطيرة البارحة "

اختصر كريم الوضع الحرج , مجيبا على كل الأسئلة المحتملة .



لتشهق أسيل في الطرف الآخر , و تبدأ بلومه مجددا بلهجة مستنكرة

" يا الهي كريم , و لم لم تطلعني على الموضوع ؟
أين أنت أنا قادمة ؟ "


أعطاها كريم العنوان سريعا , فهو يرغب برؤيتها أسرع مما ترغب هي , و أنهى المكالمة ببعض النصائح

" صولا حبيبتي كلي شيئا حلوا قبل الخروج ,
و قودي السيارة على مهل , سأنتظرك هنا لن أغادر حتى تصلي "


" حاضر كيمو , أحبك كثيرا "

ابتسم كريم مجددا بسماع اسم دلاله ,
و قد شعر ببعض الراحة , لأن أسيل لا تركز على خصامهما , حينما تعرف أنه يعاني من مشكلة ما , و تهرع لرؤيته و مساندته مهما كان خلافهما ,

هو يدرك أنه أولوية في قلبها و حياتها , و لهذا السبب بالذات هو يحبها .





قامت أسيل سريعا اغتسلت , و غيرت ملابسها استعدادا للخروج , في طريقها الى باب البيت , استوقفتها زوجة والدها بلهجتها الساخرة

" الى أين أيتها الأميرة ؟
تنامين الى المغرب ثم تخرجين مباشرة , و كأنك لا تعيشين مع أناس يستحقون اهتمامك "



قلبت أسيل عينيها تذمرا , و سارعت لاجابتها حتى تدعها و شأنها , و لا تؤخرها على الالتحاق بكريم

" زوجة السيد علي في المشفى , و أنا ذاهبة لزيارتها "

ردت دون تفاصيل قد تبقيها المرأة , من أجلها هنا الى بعد غد , بسبب فضولها الذي لا ينتهي .



لكن أم خالد لم تكن لتدع الخبر دون تعليق , صاحت فيها و هي تضرب بكفها على صدرها باستهجان

" يا الهي لا تقولي أنها حاولت الانتحار هي الأخرى , هل تزوج ذلك الرجل مجددا ؟ "




"....."

صدمت أسيل من خيالها الخصب , قبل أن تدحض افتراءاتها المجنونة

" خالتي أخبرتك ألف مرة , أن مريم توفيت بسبب مضاعفات مرضها , هي لم تنتحر و لم تقتل "



كانت هذه الشائعات التي انتشرت كالنار في الهشيم , بعدما حصل من لغط في الجنازة ,
بخصوص تهجم سعاد على ملك , و القاء كل تلك الاتهامات عليها .


لتؤكد المرأة عدم تصديقها لذلك , مع كثير من التشفي و الاصرار

" كنت صدقتك لو لم يحصل الأمر , و زوجها يرافق ضرتها الجميلة هنا , و يتصرفان بكل سعادة و حب , جعلت المرأة تفقد صوابها و تنهي حياتها ,

أخبرتك أنها ليست سهلة أبدا , و الآن حان دورها على الباغي تدور الدوائر"



تأففت أسيل بصوت مسموع , و هي ترتدي حذاءها و تختطف حقيبة يدها , و قررت انهاء الجدال المستفز

" أخبري والدي بالأمر , حتى يرسل باقة ورد ,
تعرفين كم يحب علي و يقدره "

و غادرت قبل أن تبدأ المرأة غارة أخرى .


مطت أم خالد شفتيها باستهزاء قبل أن تضيف

" حاضر يا عيوني , رغم أن المنتحرين لا يستحقون زيارة و لا مواساة , الا أن اذا احتجت من ...
لا علينا أستغفر الله و أتوب اليه "



.
.
.



" اصابة زوجة الملياردير العربي ع . ش أثناء عملية اختطاف "

قرأت عدراء الخبر الغامض على هاتفها , و أصدرت شهقة جزعة , بمجرد أن رأت الصور المرافقة له ,
و هي نفس الصور القديمة , التي انتشرت سابقا لعلي و ملك في المطعم .


حاولت عدراء جاهدة فتح صفحة الخبر , لكنه كان يشير الى أن المقالة ألغيت , و لم تستطع العثور على غيرها مهما بحثت ,

و قد كانت كل الأخبار التي وجدتها تخص علي قديمة , سبق لها و أن مشطتها كلها رغم قلتها .



نزعت المرأة نظارتها استرخت على كرسيها , و مررت يديها على وجهها باحباط كبير

" هل يعقل أنها مجرد شائعات ؟
أو أنها احدى زوجاته الأخريات مثلا ؟

أو ربما ليس هو نفسه الرجل المقصود ؟
و الا كيف تختفي المقالة هكذا لو كانت حقيقية ؟

اذا كانوا قد نشروا مجرد صور عادية , على نطاق واسع قبل أيام ,
لا يعقل أن يكتفوا بشبه عنوان , حينما يتعلق الأمر بحالة اختطاف ؟ "



حاولت عدراء تهدئة روعها , هي لا تستطيع الاستفسار من زوجها , الذي أبدى رأيه مسبقا في تتبع أخبار ذلك الرجل ,

سيبدأ بلومها و اتهامها بالفضول , خاصة أنها وعدته أن تتوقف عن مطاردة أخباره , مقابل وعده بمنح ملك فرصة للتفسير ان هي عادت ,

صحيح أنها لازالت تفعل ذلك خلسة , لكنها لن تجعله يكتشف الأمر , ستكون ردة فعله غاضبة جدا هذه المرة .




بتفكيرها المتوتر فيما يحصل استرجعت عدراء , ما قاله والدها حينما كانا بصدد زيارته


" ابنتك ستظل كذلك الى الأبد عدراء , حتى لو قاطعتك طوال العمر هي قطعة من قلبك , لا أحد يستطيع انكار نسبه ,

و اذا كنت لا تجدين الأسباب الآن , كافية لتبرير ما فعلته , أنا متأكد أنك ستتفهمين موقفها يوما ما ,

تماما كما تقبلت أنا زوجك ذو الرأس المتحجرة , الذي لا يزال يحقد علي , لأنني حرمته منك لسنوات "

قال والدها بنبرته الهادئة , و هو يحتسي فنجان قهوته في الصباح الباكر , محاولا تذكيرها بما حصل معها في الماضي البعيد .



لتسارع عدراء للدفاع عن موقف زوجها

" عز الدين لا يكرهك أبي , هو يحترمك كثيرا و أنت تدرك هذا "



حدق العجوز ناحيتها بعينيه الضيقتين , اللتين تشبهان عينيها في خضارهما الصافي ليسألها

" لماذا ؟ لم تعتقدين أنه يفعل ذلك ؟ "



تنحنحت عدراء قليلا , قبل أن تجيبه ببعض الحرج , و قد تخضبت وجنتاها باللون الوردي

" لأنك أبي "



ضحك الرجل الثمانيني بصوت عال , و هو لا يصدق أن ابنته التي صارت جدة , لازالت تخجل كعروس عذراء ,

و أضاف ليفحمها بحكمته , التي لا قدرة لها على مجاراتها مهما حاولت

" لهذا بالذات أنا لا أوافق على هذه القطيعة , التي يصر عليها زوجك العنيد "



نظرت اليه يومها بنظرات مشوشة ليسترسل

" أنا قبلت بذلك الرجل , بعد كل تلك السنوات , لأنني أحبك و لا أنشد الا سعادتك ,
و هو يحترمني و يحتمل مرافقتي , لأنه يحبك و لا ينشد الا راحتك ,
هذه هي المعادلة الوحيدة لأسباب هذه المصاهرة ,

لم تعتقدين اذا أنكما تملكان هذا الحق , و ذاك الرجل الذي تزوج ملك لا يملكه ؟ "

سألها و هو يرمقها بنظرات تحد , لطالما أخافتها من والدها , الذي لا يتحدث كثيرا , لكنه يلقي دررا حينما يفعل



عبست عدراء قبل أن تعترض بصوت متذمر

" لكنني لم أتزوج من عز و أفر معه , لأضعك أمام الأمر الواقع و أضغط عليك ,
أنا احترمت عائلتي حينها , و نحن تزوجنا برضاك بعد كل شيء "



هز الرجل رأسه نافيا افتراضها , ثم دق بعصاه الخشبية على الأرض ليبادرها

" لم يكن هذا شعوري حينما غادرت بيتي , و أنت شابة لتقيمي وحدك ,

لم أكن مخيرا و أنت تقاطعين كل العائلة , و ترفضين كل مبادرة لرأب الصدع ,

و لم أكن راضيا و مسرورا , و أنا أرى زهرة شبابك تذبل أمام عيني , و فرصك في السعادة تتبخر تدريجيا ,

فيما كنت أنت تنتظرين حلما مستحيلا , محرومة من نعمة الأمومة ,
كانت النساء حولك تنعمن بدفء عائلاتهن , و كنت أنا أتحرق حسرة لأنك تعانين ,

صحيح أنني وافقت على عز , حينما عاد بعد كل تلك السنوات , لكنه كان بالضغط و الابتزاز العاطفي لسنوات ,

عدراء ابنتي لا شيء يوجع الروح , بقدر ابن أنجبته يعيش في تعاسة , تعتقد أنك أنت سببها , و لا يمكنك فعل شيء حيالها "



صمت العجوز لبرهة , و كأنه يسترجع تلك الفترة العصيبة , و التي أشعرته بالعجز لأول مرة في حياته , قبل أن يضيف بنبرة مبطنة


" أنا تراجعت حينها و قبلت به صهرا , لأنني لم أرد أن تخسر ابنتي آخر فرصها ,
و لأنني أردت رؤية ابتسامتها الدافئة قبل أن أموت ,

و ليس لأن ذلك الرجل صار مناسبا فجأة , بعد امتلاكه لبضعة قروش "




" أبي هل تعرف شيئا لا نعرفه نحن ؟ "

سألته عدراء و قد عجزت عن فهم قصده , فيما كان يلمح الى مؤازرته اللامشروطة , لحفيدته الوحيدة في حالة عودتها .


لكنه هز كتفيه بلامبالاة و أجابها

" ستفهمين مع الوقت بنيتي , هذه الشعرات البيضاء لم تصبح هكذا , من فرط السعادة و الحياة السلسة "




عادت عدراء بانتباهها الى مكتبها , و هي لا تزال غير قادرة على استيعاب , تقبل والدها لما حصل مع ملك , فيما هي شبه متأكدة , أنه يعرف أكثر مما يقول

" هل يعقل أن تجد ما يبرر لملك لاحقا ما فعلته بهما ؟ "




" المريضة تنتظرك في غرفة الفحص دكتورة "

قاطعت دلال مساعدتها الشخصية شرودها , قبل أن تقوم و تستأنف عملها , محاولة التغاضي عن كل ما رأته و سمعته .



.
.
.



" حسنا سيدتي , ماذا حصل بعدما تركت الطفلة في ذلك الحي ؟ "

سأل المحقق محاولا توجيه دفة الاستجواب , لتجيبه ملك بصوت خافت

" بعدما أنزلت رنا استمريت في القيادة , محاولة العودة الى وسط المدينة ,
لكن كما أخبرتك , وجدت نفسي في طريق جانبية دون اضاءة ,

بعدها بدأ المطاردون يصدمون سيارتي من الجانب , حتى أخرجوني عن المسار , فيما يبدو أنهم استنفذوا صبرهم ,
اضطررت بعدها الى الفرملة , خشية أن تنقلب السيارة أو تقع في منحدر ,

بمجرد توقفي قاموا مباشرة بمحاصرة سيارتي من الأمام , و نزلوا بسرعة ناحية الباب المحاذي ,
فيما بقيت جالسة مكاني أنتظر ماذا يريدون ,

و كما توقعت ألقوا نظرة داخل السيارة بحثا عن الطفلة , و جن جنونهم حينما اكتشفوا أنها اختفت "



بسماع ذلك مرر علي يديه على وجهه بتوتر , فهو لحد الآن يشعر بالذعر , لاحتمال وقوع رنا في أيديهم ,
مما يضخم شعوره بالذنب , ناحية ملك التي أخذوها بدلا عنها , و لا يملك الا أن يحدق ناحيتها بنظرات معتذرة .



" يعني هدفهم كان الطفلة منذ البداية ؟ "

استفسر المحقق لتجيبه ملك ايجابا

" أجل فأنا لا أحد يعرفني , أو هذا ما اعتقدته حينها "



" لم قاموا باختطافك اذا ؟ "

كان سؤالا هاما يطرح نفسه , لو كان ابراهيم من هرب الطفلة , لكانوا انتقموا منه و تركوه , لأنه لا يفيدهم في شيء ,

لكن بما أنهم اصطحبوا ملك معهم , فذلك له معنى واحد , أنهم يعرفون من تكون .




" في البداية حينما اكتشفوا اختفاء رنا , قام أحدهم بكسر النافذة الأمامية بحجر ,
لأنني رفضت الانصياع و فتح الباب له ,

تناثرت الشظايا على وجهي و جسمي داخل السيارة , مد الشاب بعدها يده أمسكني من شعري ,
و رفع وجهي ناحيته , بعدما كنت أخفيه بذراعي حتى لا أصاب "



كان صوت ملك يرتجف بين الكلمة و الأخرى , و هي تستعيد ما حصل بالتفاصيل , بدا الأمر صعبا عليها لكنها استمرت ,
فيما حاول علي السيطرة على أعصابه , فما تقوله كثير جدا .



" بدأ الشاب بالقاء الشتائم بالايطالية و الانجليزية , و سألني بغضب عن مكان الطفلة ,
فأخبرته أنني أنزلتها و لا أعلم أين هي ,
لم يعجبه ردي و زاد غضبه , ليقوم بضرب رأسي الى مقود السيارة هنا "

و لمست الجرح على جبينها , و الذي وضع عليه كمادة لتغطيته و أضافت

" كانت الضربة قوية و كان جبيني ينزف , كما أن الشاب كان يوجه مسدسا الى رأسي ,
عانيت حينها من دوار و من رؤية ضبابية , لكنني لم أفقد وعيي مباشرة ,

حينما أراد ذلك الرجل تكرار الأمر , تقدم أحد الشابين الآخرين و منعه ,
سمعته يخبره بأنني زوجة علي , و اقترح أن يأخذوني معهم بدل التخلص مني "




" تقصدين أنه أراد قتلك هناك ؟ "

أخذت ملك نفسا عميقا قبل أن تجيبه

" أجل كان يقول أنني أفسدت خطتهم , و سأتسبب في عقابهم , و أنني أستحق الموت ,
قبل أن يوقفه ذاك الشاب "




" ماذا حصل بعدها ؟ "


" لم أسمع جيدا فيما تحدثوا بالتفصيل , كانوا يتناقشون بسرعة و سخط ,
قبل أن يفتح الرجل الذي كان يمسك شعري , الباب فجأة و يجرني الى الخارج ,

زاد الصداع في رأسي بمعاملته الخشنة , فقدت بعدها الوعي تماما , و لا أعرف كيف أخذوني أو الى أين "



شعر علي أن الدم غلى في عروقه , بسبب الاهمال و العجز الذي عاشه , لو كان مسؤولا و حريصا كفاية ,
لما عانت ملك كل هذا العذاب , لكنه تمالك نفسه يريد سماع كل التفاصيل .



" هل تعرفين الرجل الذي تعرف عليك ؟ "

سأل المحقق و هو يدون ما تقوله بتركيز , لتجيبه ملك بصراحة

" في البداية لا , لكن لاحقا أدركت أنه أحد الحراس , المرافقين لرجل الأعمال ذاك ,
و قد كان حاضرا أثناء العشاء , الذي حصلت فيه المشكلة بين علي و رئيسه "

و أشارت الى علي قبالتها , و الذي اكتفى بهز رأسه و الابتسام لها , تعبيرا عن تأييده لما تقوله .



" يعني هو خطفك لأنك زوجة السيد علي , و على هذا الأساس تمت المساومة ؟ "

استنتج المحقق و هزت ملك رأسها موافقة

" أجل أعتقد ذلك " .



لم يسأل بعدها المحققين كثيرا عن حادثة المطعم , فسبق لعلي أن أفادهم عنها بكل صراحة , حتى أنه اعترف بأنه اعتدى على بهجت بالضرب يومها .

في هذه الأثناء كان علي يكتم غيظه , يحاول ألا يقف من مكانه , و يلكم أحدهما على وجهه و يطردهما ,

هو كان يعرف كم أن ملك عانت كثيرا أثناء الحادثة , لكن قولها لكل تلك التفاصيل علنا آلم قلبه , الا أنه لم يبرح مكانه يريد كل القصة .



استرسلت ملك بعد لحظات بصوت متعب

" لا أعلم لكم من الوقت غبت عن الوعي , حينما استيقظت بعدها كنت ملقاة على الأرض في ذلك المخزن , و كان اثنان منهما يراقبانني عن قرب ،

بمجرد أن فتحت عيني , قاما باجلاسي على كرسي خشبي , ثم ربطا يدي و كمماني "



" هل حاول أحدهم التحرش بك أو الاعتداء عليك ؟ "

حاول المحقق الحصول على تفاصيل أكثر دقة , حتى يعزز تقرير الطبيبة النسائية .



صمتت ملك لدقيقتين تطرق برأسها , تعض على شفتها الشاحبة , و كأنها كانت تشعر بالحرج ,

قطب علي جبينه و قد انقبض قلبه , هو يعرف أنها لم تتعرض لاعتداء صريح ،
لكن ذلك لا ينفي تعرضها للتحرش ,

مما زاد في امتعاضه , و رغبته في انتشال بهجت الكلب , من قبره ليعذبه و يحرق روحه ألف مرة .



أجابت بعدها ملك بصوت مرتجف و كلمات متلعثمة , كانت تشد على الغطاء و قد أغمضت عينيها , كأنها تتجنب التحديق الى الآخرين

" أجل مرتين , ي يعني حاول أحدهم لمسي لكن الآخرين منعوه ,
الظاهر أن بهجت أعطاهم تعليمات بذلك "




" تبا تبا "

كان علي يكرر بسخط عارم , يعض على شفته بغل كبير , و يضرب بقدمه على الأرض بتوتر , محاولا مقاومة النيران التي تلتهم قلبه ,
و متمنيا أن يتوقفوا عن تعذيبه , و تعذيبها بما يحاولون معرفته .



" كيف عرفت ؟ "

سأل المحقق فلم يبد منطقيا , أن يجلسوا و يناقشوا أسرار عملهم أمامها , حتى لو كان هدفهم قتلها لاحقا .



لكن ملك أزالت التباسه سريعا

" كانوا يتحدثون الايطالية أمامي , معتقدين أنني لا أفهمها ، و أنا لم أوح لهم بالعكس ,

قالوا بأن الزعيم الذي عرفت بأنه بهجت لاحقا , سيتصرف معي بنفسه و مع علي أيضا ,
بدا أنهم يهابونه كثيرا و يخشون غضبه ,

كانوا يتحدثون أيضا عن شحنة ما , على يخت في الميناء ستغادر قريبا ,
و أن عليهم إنهاء العملية سريعا , لكن دون تفاصيل أكثر "




حدق المحققان الى بعضهما , بنظرات معبرة قبل أن يستمرا

" و ماذا حصل لاحقا ؟ "



" لا شيء بقيت جالسة هناك , لا أعرف من يكون هؤلاء , متى يتركونني أغادر , و لا حتى ما يريدون ,

كانوا يحضرون بعض الطعام و الماء من وقت الى آخر , لكنني لم أكن أتناول شيئا , خشية أن يدسوا فيه مخذرا ما "

ملك تعلمت من آخر مرة , تعرضت فيها للتخذير على يد سارة , بألا تتناول شيئا من يد أحد ,

مما يعني أنها بقيت ليومين دون طعام أو شراب , و هذا ما يفسر حالة الوهن الشديد التي كانت عليها .





" كم كان عددهم ؟ "

" سبعة أو ثمانية لست متأكدة ,

لكن بهجت صرفهم قبل وصول علي مباشرة , للحاق باليخت و الإهتمام بالشحنة ،
و أخبرهم أن الباقين سيكونون معهم بعد بعض الوقت "





تنهدت ملك بعمق , حدقت الى أصابعها ثم أكملت

" في اليوم الموالي أتى بهجت , قال أنه اتصل بعلي و طلب فدية , مبلغا كبيرا لقاء اطلاق سراحي ,

رغم أنني حاولت اقناعه , أن علي لن يأتي لأخذي و لا لجلب المال , لكنه قال بالحرف الواحد

" سيأتي و لكن لا تحلمي أن تخرجا على قيد الحياة من هنا ,
غرور ذلك الرجل الذي جعله يعتدي علي من أجلك , هو من سيجلبه الى حتفه من أجلك أيضا " "



كان صوتها هامسا و مستاءا , لكنها أكملت بخوف ظاهر

" ثم اقترب من وجهي و قال بطريقة مقززة

" لا تخافي أيتها الجميلة , سنستمتع سويا تحت أنظاره ,
قبل قتله و أمام عينيك الساحرتين " "



لم يهضم علي قلة ثقة ملك فيه للذهاب لمساعدتها , رغم أنها قالت ذلك فقط , حتى تقنعهم بألا فائدة من احتجازها ،

لأنها كانت متأكدة بطريقة غريبة , أن هذا المجنون سيأتي خلفها , و هي لم تكن تريد أن يحصل بهجت على مبتغاه .





" يعني هو كان يريد قتلكما , و لم يكن الاختطاف هدفه ؟ "

استنتج المحقق لتؤكد ملك استنتاجه , و هي تحدق ناحية علي بنظرة شفقة

" لا لم يكن الاختطاف هدفه الرئيسي , لأنه خطط للانتقام من علي بالاعتداء علي أمامه , ثم قتلنا و التخلص منا ,

هذا ما اكتشفته لاحقا من حديثهم , حينما كانوا بصدد التفاوض معه على المبلغ و الخطة "



تشوش ذهن علي مما قالته ملك , عن خطة بهجت لاذلاله و اهانته , و فهم الآن فقط لم منع بهجت رجاله من لمسها ؟

لأن الحقير كان يريدها لنفسه , و هو يحمد الله لأنه لم يكن يعرف بأمر أنها عذراء , و الا ما كان انتظر أبدا .

شعر علي بقشعريرة تجتاحه , بالتفكير في امكانية نجاحه في مسعاه , حيث كان الموت سيكون أرحم مما كان سيعايشه .


زمجر علي باستياء و قد استوعب أخيرا , لم كانت ملك ترتجف كلما سمعت صوته ,

ذلك السافل عديم الضمير , جعلها تعاني نفسيا , قبل تنفيذ مخططه الدنيء , جيد أن ذلك الوغد توفي , و الا كان ذهب و خنقه بيديه ,

كان يريد الاعتداء على ملك أمامه , ليحرق قلبه عليها ثم يقتلهما سويا , لكن الله خيب ظنه و أفسد خطته .



لكن ملك فاجأته حينما أضافت بعدها

" حسنا قبل أن يغير رأيه "



" مالذي تقصدينه سيدتي ؟ "

سألها الرجل بحيرة .



التقطت ملك أنفاسها بعناء , و قد بدأ جرحها يؤلم لكنها استمرت

" في اليوم الموالي , جاء علي يحمل المبلغ المطلوب , لكن بهجت رفض اطلاق سراحنا , قبل أن يركع أمامه و يطلب الصفح ,
و هدده في حالة رفضه , أن يجعله يغادر و يبقيني "



بدت ملك متأثرة جدا من هذه المقايضة , فهي لم تتوقع أن يتنازل علي , و يفعل أمرا مماثلا فقط من أجلها ,

كما أنها لم تتجاوز بعد , فكرة أنه لاحقه لمعاقبته بسببها .



صمتت بعدها لثوان , قبل أن يبدو الانزعاج على وجهها , زاد شحوبها فجأة و ارتجفت يداها قليلا لتهمس

" لكن ذلك كان مجرد فخ "



" كيف مجرد فخ ؟ "

سأل المحقق بفضول .



استرسلت ملك بصوت مرتجف مؤكدة على استنتاجها

" في اللحظة التي وقف فيها علي أمام ذلك الرجل , دنا مني أحد الخاطفين و همس في أذني ,

أنني سأكون ضمن شحنة الفتيات المغادرة , لأباع في سوق الدعارة في الصين ،

و أن بهجت جلب قناصا من رجاله , و جعله يتخفى فوق مجموعة الحاويات المقابلة ,

ليطلق الرصاص على رأس علي مباشرة , و يرديه بمجرد أن يجثو .

و أشار الى مكانه في الأعلى "



أغمضت ملك عينيها بشدة , و كأنها استعادت تلك اللحظات المرعبة , تشنج صوتها أكثر و كأنها على وشك البكاء

" قال أن ألقي عليه النظرة الأخيرة , لأنه سيموت بعد لحظات , فقد صدر حكم باعدامه من طرف المافيا "

توترت أعصاب ملك أكثر , لدرجة تسارعت فيها أنفاسها و غص حلقها .



لكن ما قالته صدم علي بشدة , فغر فاه و اتسعت عيناه من المفاجأة , قبل أن تؤكد هي ما سمعه

" بعدها حاولت تنبيهه بأن صرخت عليه , لكن بهجت سارع و أعطى الاشارة بالاطلاق , حتى يمنعه من الافلات ,

اندفعت بعدها و لم أدر بنفسي , الا و أنا أقف أمامه ، و في لحظة واحدة شعرت بألم شديد في ظهري , و وقعت على الأرض "





ارتجف علي بطريقة عنيفة , و كأن زلزالا هز كيانه , شد على قبضتيه و وقف من مكانه , غير مصدق لما سمعه للتو

فيما استمر المحقق في السؤال

" هل هذا يعني أن الرصاصة التي أصابتك , كانت موجهة أساسا لقتل زوجك ؟ "



و أجابته ملك بكل ثقة

" أجل لأنه كان يصوب على رأسه مباشرة , حينما كان يجثو مطأطأ رأسه ,
تلك النقطة الحمراء كانت بين عينيه ,
هذا ما قاله رجل بهجت يومها "

و أشارت الى مكانها في جبينها , تماما كما رأتها يومها , و كما أخبرها الشاب ثم أضافت

" لذلك أعتقد أن بهجت , كان يموه في كلامه , عن الاعتداء علي ثم قتلنا ,
لاستفزازي و ارعابي فقط , و حتى لا يكتشف علي خطته لاغتياله ,

أو ربما كان مستعجلا , و لم يشأ أن يضيع الوقت , لا فكرة لدي "



بهجت كان قد قرر ما قاله لملك بداية , عن الاعتداء عليها ثم قتل علي , و أخفى أمر ارسالها مع شحنة الدعارة ,

قبل أن يتلقى اتصالا عاجلا , من أحد رجاله يقول , أن بعض الحركات المشبوهة تحوم حول شحنته , و أن عليهم الابكار في موعد انطلاقها بستة ساعات ,

مما جعله يستعجل انهاء الأمر سريعا , و التخلي عن جزء من خطته المشؤومة , بقتل علي أولا ثم اصطحاب ملك و أخذ وقته معها ,

هو لم يكن ليغامر أبدا , بفقدان صيد ثمين مثلها , و هو متأكد أنها ستسيل لعاب الكثير من المنحرفين , بمجرد أن يعرفوا أنها زوجة لرجل أعمال عربي .





تشوش تفكير علي بشدة , و استعاد كل ما حصل في ثانية واحدة , و قد بدا الأمر أكثر منطقية الآن ,

صراخها بتلك الطريقة على اسمه ، رفضها القاطع للمغادرة دونه , فزعها و ركضها ناحيته لتقف أمامه ,
ثم اصابتها أولا , رغم أنه حاول حمايتها و لم يصب ,

و الأهم من كل هذا , مكان الرصاصة في خصر ملك , هو نفسه مستوى رأسه , و هو يجثو على ركبتيه .



" ياالهي , هل هذا يعني أنها أخذت الرصاصة بدلا عنه ؟
يعني تلك الرصاصة كانت لقتله هو , و هي تقدمت طواعية و فدته ؟ "

لم يصدق علي تحليله الصادم , ضاق نفسه فجأة و جف حلقه ,
شعر بأن دقات قلبه أصبحت أسرع , و بدأ رأسه بالدوران و يداه بالارتجاف .



" يا الهي يا الهي "

دخل علي في حالة ذهول , ليخرج مسرعا من الغرفة , و هو بالكاد يسمع ملك تخبر المحقق

" بعدها فقدت وعيي ,
و لم أستفق الا و أنا هنا في المستشفى "



غادر علي الى الرواق , حيث كان يقف كريم , منتظرا خروج المحققين حتى يطمئن عليهما ,

و تفاجأ لرؤية حال صديقه , الذي أرخى ربطة عنقه , و فتح أزرار قميصه واضعا يده على رقبته ,

كان وجهه شاحبا جدا , و لم يكن قادرا على التقاط أنفاسه , و لا حتى على الوقوف بشكل سليم ,

اتكأ بعدها على الحائط الى جانبه بيد , و وضع الأخرى على صدره , ثم عبس و قد بدا بأنه يعاني ألما حادا ،
و سرعان ما أغمض عينيه , وقع على الأرض و فقد الوعي تماما .



هرع كريم ناحية صديقه , الذي انهار كجبل هزه زلزال , حاوطه بذراعيه و رفعه عن الأرض , محدثا حالة طواريء للطاقم الطبي .


.
.


أنهى المحققان الاستجواب و غادرا , بعدما أنهكا ملك بالأسئلة ,

بعد خروجهما دخلت ممرضة غرفتها لاعطائها الدواء , و سارعت ملك لسؤالها عن الضجة التي سمعتها قبل قليل



" أحدهم فقد وعيه في الرواق , و سارع الأطباء لاسعافه "

أجابت الممرضة دون تفاصيل , خلدت بعدها ملك للنوم ,
و قد اعتقدت أن علي غادر لأمر طاريء , خاصة أنه وقف فجأة و خرج , دون قول كلمة واحدة لها .



خلا ل الساعة الموالية , انهمك الطاقم الطبي في فحص علي , فيما كان كريم يجلس في الرواق منتظرا .



" كريم "

نادى أحدهم عليه و أخرجه من شروده

رفع كريم رأسه و لم تكن الا أسيل , بمجرد أن وقف حتى سارعت لاحتضانه , و دست رأسها في صدره ,

لم يكن كريم ممتنا بشدة يوما , بقدر امتنانه لوجود أسيل هنا , في هذه اللحظات العصيبة ،

هو كان على وشك أن يفقد عقله , و هو يرى كل هذه الفوضى تحيط به , و المقربون منه ينهارون الواحد تلو الآخر .





" آسفة لقد تأخرت , هل أنت بخير ؟ "

حاولت أسيل الاطمئنان عليه , فلأول مرة ترى ملامحه متأثرة الى هذه الدرجة .



" لا أعرف , علي انهار فجأة أخشى أن يصيبه مكروه "

أفضى لها بمخاوفه دون أن يدري , سبب ما حصل للتو , لكن أسيل حاولت مجددا الرفع من معنوياته

" لا تقلق قد يكون مجرد اعياء , كان الله في عونه , فما عاناه مع زوجته كان فوق كل احتمال "



هز كريم رأسه محاولا طمأنة نفسه , فعلي أكثر من مجرد صديق بالنسبة له , لا شيء يخيفه بقدر خسارته هكذا .



جلس الاثنان بصمت لدقائق , قبل أن يبادر كريم بصوت هادئ , و هو يشبك أصابعه مع أصابع أسيل الرقيقة

" أنا آسف لأنني أخلفت بوعدي لك "

لم يجد كريم وقتا مناسبا , خلال الأيام الماضية لتوضيح الوضع الا الآن .



" لا بأس لم أعد غاضبة منك "

ضمته أسيل مرة أخرى , و قد اشتاقت له كثيرا قبل أن تزجره

" لكنني مستاءة لأنك لم تعلمني بما يحصل معك "

هي تعرف مدى تعلقه بهذه العائلة , أكيد أن معاناته لم تكن أقل درجة من معاناة علي .



" لم أردك أن تقلقي "

هو يعرف الى أي مدى , تصاب أسيل بالذعر في المواقف الحرجة ,
و أكيد كانت ستلازمه طوال الوقت , و تمنعه من التهور أو التدخل كما فعل ,

اضافة الى أنه تعود على عيش توتره و أزماته لوحده , و لم يستوعب عقله المتوحد بعد , وجود شخص آخر الى جانبه ليشاركه اياها .



لم تصر أسيل على عتابه فما فيه يكفيه , جلسا بعدها هناك بكل هدوء , حتى أتت ممرضة لاستدعاءه

" السيد علي يريدك "


أطلقته أسيل و أشارت له

" حسنا سلم عليه , و أوصل له تمنياتي بالشفاء ,
سأزور ملك في غرفتها للاطمئنان عليها "


وافقها كريم على اقتراحها , فقد كانت زيارة علي حاليا , من طرفها غير مناسبة تماما ,
بما أنه يعرف حساسيته اتجاه المرض , و بغضه للبقاء في السرير و للزيارات

" حسنا لكن لا تخبريها بشأن علي ، لا يجب أن تحزن أو تتوتر ,
فقد خرجت لتوها من عملية خطيرة جدا , سندع له الأمر ليعلمها به "


و لم تجد أسيل غير الامتثال لطلبه

" حاضر "



قصدت أسيل غرفة ملك , و جلستا تتحدثان لوقت طويل , قبل أن تستأذن و تغادر , بعدما وعدها كريم بأنه سيتصل لاحقا بمجرد أن يتفرغ ,

و ما لبثت أن دخلت علياء ترافقها فاطمة , التي شرعت في البكاء , بمجرد أن لمحت حالة الضعف التي كانت تعتريها



" خالة فاطمة لا تبك أرجوك أنا بخير "

حاولت ملك تطييب خاطرها و طمأنتها , لكن المرأة تشبثت بها , و كأنها ستتبخر من أمامها

" لن تخرجي بعد اليوم الا و أنا معك , لو كنا سوية لما تجرؤا على أخذك "



" أوه فاطمة لم أعرف , أنك تجيدين الرياضات القتالية , أو أنك كنت ترغبين في تجربة الأمر "

قالت علياء تسخر منها , و بدأت ملك بالضحك على تعابيرها المستنكرة ,
محاولة التخفيف من حدة حركاتها , التي تشد على الجرح و تجعله يؤلمها .



" كيف حالك علياء اشتقت اليك ؟ "

وجهت دفة الأسئلة ناحية علياء , التي أمسكت يدها و كلمتها بكل ود

" بخير حبيبتي , اشتقت لك كثيرا , بم تشعرين الآن ؟ "


" بعض الوهن فقط , أنا بخير شكرا "



شعرت علياء بالراحة لرؤيتها أخيرا بحال جيدة

" حسنا ملك , سأبقى معك مرابطة هنا ليومين كاملين , و سأرى كيف سيطردني ذلك المجنون من غرفتك "


ابتسمت ملك بتذكر الساعات , التي بقي فيها علي هنا , و قد كان بالكاد يسمح للممرضات بالتنفس حولها , لتقرر أن تسأل عنه

" ألم تريه حينما وصلت ؟ "


" لا لم أره , أعتقده غادر لأمر هام و سيعود قريبا , كان خائفا حد الموت عليك "

اكتفت ملك بالتزام الصمت , أمام تلميحات علياء التي تعودت عليها , كلما كان الموضوع علاقتها مع علي ,

و قد كانت تحاول تجنيب عقلها , التفكير في كلمة حبيبتي , التي كررها على مسامعها ثلاث مرات , خلال اليومين الماضيين , بطريقة جعلت قلبها يرفرف تأثرا ,
و لا تعرف الى حد هذه اللحظة , ان كان يقصدها كما شعرت بها , أو أنها مجرد زلة لسان في لحظات ذعر .



.
.
.



في الجناح المجاور , كان علي مستلق على السرير يرتدي ثوب المشفى , يغمض عينيه و يعلو الشحوب وجهه , و الى جانبه كان كريم و صفية يجلسان بكل هدوء ,

كانت المرأة في طريقها لزيارة ملك , بعدما أخبرها كريم أنها استعادت وعيها , لم تتوقع أن تجد ابنها مريضا هو الآخر .



قام الأطباء بالكثير من التحاليل و الكشوف , و التشخيص كان سريعا و دقيقا

" السيد عانى من نوبة قلبية عابرة , تسببت في ضيق في التنفس , و تذبذب في ضربات القلب ,

لحسن الحظ أن الفحوصات الروتينية , التي أجراها قبل ستة أشهر كانت طبيعية ،

و بالتالي فقد رجحنا أن السبب , قد يكون الضغط الشديد و المعاناة النفسية , التي تعرض لها المريض في الأيام الأخيرة "

هذا ما قاله الطبيب المشرف على حالته , ليقوم بعدها بوضع علاج مناسب ,
و طلب الاستمرار في المراقبة الحثيثة , تحسبا لنوبة ثانية محتملة ,

في المقابل أوصى بالراحة التامة , و منع مغادرة السرير قبل ثلاثة أيام , أو التعرض لأي توتر مع تناول أكل صحي .



بعد أن أنهى الطبيب , شرح وضعية مريضه الصحية , سألت صفية بقلق يعلو ملامحها

" يعني لن تكون هناك خطورة عليه لاحقا ؟ "



ليرد الطبيب على انشغالها , أمام صمت علي المطبق و الغريب

" سنعرف ذلك بالمراقبة سيدتي , و باتباع التعليمات الموضوعة بدقة ,
حالة قلبه الآن مستقرة , و لأن بنيته البدنية جيدة , فأتوقع أن الأزمة دون مستقبل "

خرج بعدها الطبيب من الغرفة , بعدما ألح على الزائرين ألا يطيلا المكوث , و ألا يوترا أعصاب المريض .





بقي الثلاثة صامتين لنصف ساعة , قبل أن يتحدث علي الذي كان يرمق كريم , بنظرات غريبة طوال الوقت

" لم كذبت علي ؟ "



نظرت صفية باستغراب الى كريم , الذي لم يجب و سألته

" فيم كذبت عليه ؟ "



لكن رد كريم كان أكثر غموضا

" أنا آسف , و لكنك كنت على حافة الانهيار ,
و السيدة ملك كانت بحاجة اليك بشدة ,

خفت ان أنا أخبرتك الحقيقة , أن تنهار كما حصل اليوم ,
لذلك لم أقل شيئا , ما كان سيتغير الوضع "



أغمض علي عينيه بشدة , و اتكأ برأسه الى الوراء , تحت النظرات المتسائلة لوالدته , التي لم تفهم شيئا مما يدور هنا .

الكل يعتقد أنه انهار بسبب الضغط و الحزن , لم يعرف أحد أن قلبه لم يتحمل حقيقة , أن ملك أخذت الرصاصة بدلا عنه ,

الرصاصة التي وضعتها بين الحياة و الموت , و أفقدتها جزءا من أعضائها , كانت موجهة أساسا لرأسه .

هو بالكاد كان يتحمل ذنب , أنها أنقذت رنا و خطفت بدلا عنها , و كان يفعل وسعه لرد الجميل ,

و الآن هو لا يعرف ما الذي عليه فعله , لتسديد الدين الذي في عنقه .





" عما تتكلمان أنتما الاثنان ؟ "

وصل فضول صفية حده , و قررت أن تسأل مباشرة , تنهد علي و أجاب دون أن يفتح عينيه

" الرصاصة التي أصابت ملك و كادت تقتلها , كنت أنا هدفها و هي أخذتها بدلا عني "



صعقت صفية لسماع الأمر , لا عجب أن ابنها انهار فجأة ,

هي اعتقدت كما اعتقد الجميع , أن ملك أصيبت أثناء عملية اختطاف , تطورت بطريقة سيئة الى اطلاق نار ,

لم يعرف بهذه الحقيقة الا كريم , و الذي أخفاها بشكل جيد , و تحمل سخط علي لأيام , دون أن يذكر أنه لم يكن الشخص , الذي بدأ باطلاق النار هناك ,

و ربما لو لم تنج ملك , لترك علي يلومه بقية عمره على ما حصل .



هو رأى الاشارة الحمراء على جبين علي , في نفس الوقت الذي رأتها فيه ملك , ليدرك أنها عملية اغتيال مدبرة ,
لكن استغرقه الأمر ثوان لايجاد القناص , ثم أرداه برصاصة في الرأس ,

و لحسن الحظ كانت ملك من اكسبته , بعض الوقت باعتراضها الرصاصة , و الا كان علي ميتا فعلا ,

بعد ذلك قام بهجت من مكانه , سحب مسدسه و بدأ بالاطلاق عشوائيا , محاولا انهاء ما بدأه القناص , لكن كريم غافله برصاصة في القلب .



وضعت صفية يدها على قلبها بفزع

" يا الهي هل كان ذلك الرجل يريد قتلك ؟ "

و هز علي رأسه بالايجاب



كانت صفية خائفة جدا على ولدها , لكنها كانت في نفس الوقت , ممتنة لما فعلته ملك من أجله ,
ربما لو كانت ترددت للحظة واحدة , لكانوا الآن يقيمون العزاء لابنها الوحيد .



بقيت صفية لبعض الوقت , حتى اطمأنت على حال ابنها , ثم غادرت لتزور ملك , بعدما أكد عليها علي ألا تقول أمامها شيئا ,

هو لا يريدها أن تقلق بشأنه أكثر مما فعلت , و قد فهم أخيرا سبب خوفها الشديد يومها ,

الآن فقط فهم لم سألت ان كان بخير , بمجرد أن فتحت عينيها , و هو لا يزال غير مصدق , أنها أقدمت على ذلك دون تردد ,

لم يكن علي يعرف ان كان عليه أن يفرح , لأن هذا قد يكون مؤشرا جيدا لمشاعر ملك ناحيته ,

أو أن عليه أن يحزن , لأن أكثر شخص أذاه في حياته , فداه و أنقذه من الموت , مضيفة دينا آخر يثقل قلبه .





بقي كريم مكانه دون قول كلمة , الى أن تكلم علي مجددا

" اقترب "



نهض كريم و اتجه ناحية السرير , جلس علي مكانه و احتضنه

" آسف لأنني غضبت منك , و شكرا لأنك أخي "



ربت كريم على كتفه بخفة و أجابه

" لا دين بين الاخوة "



ربما علي و أسيل هما الوحيدين , الذين يسمح لهما كريم بالاقتراب منه , دخول حيزه الشخصي و لمسه , و علي يدرك جدا قيمته في قلب كريم ,

شعر علي بالندم يجتاحه مجددا , فالشخص الذي لامه لتسرعه , قد أنقذ حياتهما فعلا بقتله بهجت و القناص , و الا كان أطلق عليهما , حتى بعد اصابة ملك و أرداهما .



بقي كريم لبعض الوقت قبل أن يقرر المغادرة , أراد أن يلقي نظرة على ملك , ان كانت بحاجة الى شيء , ثم يعود الى الشركة ,
لا يريد لأحد أن يعلم بمرض علي , و الا انهارت الأعمال و الأسهم .



قبل مغادرته طلب منه علي طلبا أخيرا

" ضع كاميرا في غرفة ملك "

كان يريد أن يطمئن عليها , لكن الطبيب منعه من التجول , كما أنه لا يمكنه الظهور أمامها بملابس المشفى .

ابتسم كريم و هز رأسه موافقا .





أنهت صفية زيارتها لملك سريعا , و غادرت بصحبة علياء و فاطمة , ثم قدم كريم لالقاء التحية ,

استغربت ملك عدم عودة علي , الذي كان يلازمها طوال الوقت , و الآن لا أثر له في الأرجاء ,

لكنها خجلت أن تسأل كريم عنه , أكيد هو مشغول جدا بسبب الأعمال , التي تراكمت خلال تواجده معها , لذلك هو غادر بمجرد أن تحسنت حالها .



شعرت ملك ببعض الحزن , لأنها اعتقدت أن علي يراها عبئا عليه ,

أكيد هو يلومها بسبب ما حصل , لو لم يتحرش بهجت بها , و لم تثر فضيحة يومها , ما كانا وصلا الى هذه النقطة ,

أكيد هو سئم المصائب التي تأتي من ورائها , و لن تستغرب أن يرسلها بعيدا , بمجرد أن تتمكن من النهوض من الفراش ,

أمر كان سيفرحها قبل أشهر , لكنه يشعرها بالحزن بطريقة غريبة الآن .



لعبت الوساوس برأسها حتى غفت , دون أن تدرك أن كل ما يفصلها عن علي جدار فقط , و لو استطاع لطلب نقل سريره الى غرفتها , لولا أنه يخشى مواجهتها و حزنها .



.
.



مرت ثلاثة أيام , كانت ملك تتحسن ببطء و تستقبل الزوار ,
لم يفارقها كريم أسيل فاطمة و حتى علياء , التي قضت معها ليلتين تثرثر طوال الوقت , كمرافقة لها قبل أن تعود الى عائلتها ,

كانت معنوياتها حسنة , لأنها لا تبقى وحدها مطولا , الا أن ذلك لم ينسها تغيب علي , عن المجيء لرؤيتها في الأيام الماضية ,

و الذي كان يكتفي باتصالات مقتضبة , تحوم كلها حول أسئلة روتينية

" كيف حالك ؟ هل أنت بخير ؟
ألا تحتاجين شيئا ؟ "


مستخدما هاتف المشفى الأرضي , بما أن هاتفها لا يزال محتجزا لدى الشرطة , و يغلق مباشرة دون أية وعود بالزيارة ,

مما أكد ظنونها عن تفاديه الالتقاء بها من جهة , و أشعرها بالاحباط من جهة أخرى .



لكنها كانت تخفي ذلك جيدا , و لم تجرؤ على أن تسأل عنه , اذا لم يرغب برؤيتها , فلن تهين نفسها بالتجسس عليه ,

أكيد هو غارق فيما هو أهم منها , فكرة آلمتها بطريقة لم تختبرها يوما , لطالما آمنت أن الاهتمام يمنح طواعية و لا يطلب ,

رغم ذلك توقعت على الأقل أن يأتي لرؤيتها , بدل أن يكتفي بالسؤال عنها , في الهاتف في مكالمات سريعة جدا .



.
.



عاد المحققون أكثر من مرة لاستكمال البحث ، حيث تم احتجاز اليخت الذي أشارت له ملك ,

و الذي اكتشفوا فيه خمسة عشر شخصا من رجال بهجت , كانوا ينتظرون التحاقه مع شحنة من الفتيات الافريقيات , كانت موجهة لسوق الدعارة ,

لكن حرس السواحل أوقفوهم , بعدما حاولوا التسلل بعد وصول أخبار مقتله .





القناص الذي عثروا على جثته في المخزن , كان واحدا من أفضل قناصة المافيا الايطالية ,
دخل بهوية مختلقة قبلها بيومين , و رصد أكثر من مرة يمشط المنطقة ,

كان واضحا أنه كان مهندس الاختطاف , و أراد أن تكون عملية الاغتيال على طريقة الاعدام , حتى يكون علي عبرة لغيره .



أما بهجت فقد كان المفاجأة الكبرى , فقد اكتشفت التحقيقات أن صاحب الهوية الحقيقية , رجل تركي توفي منذ عشر سنوات ,

و أن الجثة التي عثروا عليها في المخزن , تخص رجلا ايطالي الجنسية , يدعى جيوفاني دي لوكا ,

و هو أحد البارونات الايطاليين , الذين أعلن مقتلهم في فترة سابقة , هربا من سجل متخم بالجرائم لبداية نظيفة ,

فقد زور هويته و انتحل شخصية الرجل التركي , بعد اجراء عديد عمليات التجميل كنوع من التخفي ,

حتى أنه استخدم بصماته , في الحصول على أوراق هوية مزورة , و وحدها بصماته الحقيقية من كشفت الأمر .



كان الرجل يتنقل مستخدما صيته , كرجل أعمال و علاقاته الكثيرة , و كان مقتله الرصاصة التي أسقطت واحدة , من أكبر شبكات المخدرات و الدعارة في العالم ,
و عناصر الانتربول كانوا على وشك اقامة حفلة بعد الايقاع بها .



لكن ما لم يفهمه أحد , ما علاقة القناص صاحب السلاح الروسي , الذي قام بالمهمة بما حصل ؟

لم سيتدخل قناص روسي , في عملية اختطاف زوجة رجل أعمال عربي ؟



رجح التحقيق امكانية تصفية حسابات , بين المافيا الايطالية و نظيرتها الروسية على أرض محايدة ,

خصوصا مع وجود تلك الشحنة في الوسط , و جميع الجهات الأمنية تدرك , مدى الصراع بينهما للسيطرة على السوق ,

مما وضع علي محل شبهة تورطه مع الروس , و أنهم تدخلوا لانصاف رجلهم , في عملية لم يترك فيها أي أثر ,

خاصة أن اسم زاك ارتبط بمقتل سارة مسبقا , قبل أن تحفظ القضية على أساس أنها عملية انتحار ,

لكن التحقيقات لم تظهر أية تعاملات , غير قانونية في أعمال علي و مشاريعه , و لا شبهة تبييض أموال أو تعامل مع أي جانب , الا أنهم أبقوا مراقبة لصيقة على نشاطه ,

من جهة أخرى الشكوك التي حامت , حول تورط المافيا الروسية في الموضوع , أبعدت كريم عن الاشتباه تماما , خاصة ألا دليل ملموس على قيامه بالأمر .



.
.




في اليوم الثالث استجمعت ملك شجاعتها , و قررت أن تسأل الطبيبة النفسية , التي تزورها يوميا
مستغلة مغادرة علياء التي كانت ستشاغبها , و تحرجها ان هي سألت أمامها

" دكتورة , هل يمكن أن أسألك عن شيء ؟ "

قالت بتردد بعد انتهاء حصة الافضاء اليومية .



" طبعا "

ردت انصاف مع ابتسامة هادئة , فملك من بين أكثر مرضاها هدوءا و ثقافة , و قد بدت سعيدة جدا , لأنها تتعاطى معها بطريقة سلسة .



ترددت ملك قليلا

" اممم السيد علي ألم يأت للزيارة ؟ "

و احمرت وجنتاها محاولة الهروب بنظراتها , و هي لا تعرف ما الذي طرأ عليها , حتى تصبح بهذه الجرأة لتبحث عنه .

هي رجحت امكانية مروره وقت نومها , و الطبيبة لا تفارق المشفى , لذلك يمكن أن يكون لديها فكرة .



حدقت الطبيبة الى وجهها قليلا , و قد أدركت الآن فقط أن ملك , لا علم لديها بمرض زوجها , و لا باقامته في الجناح المجاور .



لكنها ابتسمت لها و جلست الى جانبها

" حسنا يمكن أنه يمر أثناء نومك , و لا يريد ايقاظك أو ازعاجك "



في الحقيقة لم يكن تخمينا , فعلي بمجرد أن تغط ملك , في نوم عميق بسبب المنوم ,
حتى يقصد غرفتها على كرسيه المتحرك ,

و يلازمها طوال الليل الى ساعات الفجر الأولى , يحدثها بهمس يقبلها و يداعب خصلات شعرها ,
فقط وجوده قربها يراقب ملامحها النائمة , هو ما يعيد الحياة الى قلبه التعس ,

الطبيب أصر على أن يبقى متصلا , بجهاز لمراقبة عمل القلب , طوال أربع و عشرين ساعة ,
لاكتشاف أي اعتلال قبل ظهور الأعراض ,

و علي لم يرد أن تراه ملك في حالة ضعف , فهو يكره أن يراه من يحبهم مريضا ,

و لا أن تلوم نفسها بسبب ذلك , لا أحد يقرؤ عقلها بقدره , ستؤنب نفسها لأنها قالت ما قالته , و تسببت له بالأذى و الانهيار , و ستحزن من أجله و هي بالكاد تتعافى ,

اضافة الى أنه لن يقدر على النظر في وجهها , الذي يشعره بالذنب مع كل نظرة ,
محاولا سرقة بعض اللحظات الخاصة منها و هي نائمة , و مكتفيا بمراقبتها المستمرة عن طريق الكاميرا .





هزت ملك رأسها باحباط ترجمته نبرة صوتها

" اذا هو بخير ؟ "



" أجل على حد علمي "

طمأنتها انصاف محاولة سبر أغوارها .



صمتت المرأتان لبعض الوقت , قبل أن تبادر الطبيبة بالكلام

" هل يمكن أن أسألك شيئا ؟ "

بعد أن شعرت أن ملك , تغير مزاجها بسبب تغيب علي , قررت أن تستفسر عن بعض الأمور .



" تفضلي "

" أنت و السيد علي هل تزوجتما عن حب ؟ "



صدمت ملك للسؤال الجريء , عادة الأطباء النفسانيون يكونون متحفظين , و لا يخوضون في الحياة الخاصة لمرضاهم الا بطلب منهم .



في الطرف الآخر جلس علي مكانه بتأهب , بمجرد أن سمع السؤال المفاجئ ،
خلال الأيام الماضية كان يراقب ملك في كل ثانية , أكلها نومها ابتسامتها و تفاعلها مع الزوار ،
حتى مراجعات الطبيب كان يشرف عليها من سريره , و الجميع في المشفى يعرفون بهذا الموضوع ,
و بمجرد أن تخلد ملك للنوم حتى يقصد غرفتها , و لا يغادر قبل الحصول على قبلته التي أدمنها ,

لكنه لا يفهم لم تتدخل هذه المتطفلة , الآن في أمر لا يخصها ,
كيف تجرؤ على التحدث عن مشاعره دون اذنه ؟
و هل ستخبرها بأنه مريض هنا ؟



صمتت ملك قليلا , و هي لا تعرف بما ترد , ثم أجابت بصوت محرج

" ليس تماما , زواجنا تم في ظروف خاصة جدا "



هي لا تستطيع أن تضع ثقتها كاملة , في شخص لا تعرفه ,
رغم أنها طبيبة نفسية , الا أن البوح بالحقيقة أمامها , قد يكون اختيارا سيئا , و يتسبب في اثارة بلبلة .



صمتت الطبيبة لبعض الوقت , قبل أن تضيف بجدية

" هل تعرفين اذا أنه يحبك الآن بجنون ؟ "




"...."

توردت خدود ملك التي صدمها التصريح , و نظرت اليها بدهشة و استنكار , انعقد لسانها و لم تجد ما تقوله ,

لكنها سرعان ما أخفت ارتباكها , تلعثمت قبل أن تجيب بصوت هامس , و هي تحدق الى أصابعها

" لا أعتقد ذلك "



بالنسبة لملك هذا الأمر مستحيل الحدوث , هذه الطبيبة لا تعرف شيئا , و لا ترى الا المظاهر الخارجية ,
و الفضل يعود الى علي الذي يحرص , على ابقاء صورته جيدة أمام الآخرين .

هي لم تر هذا الرجل الذي تصفه بالعاشق , كيف عاملها سابقا قبل بضعة أشهر فقط ؟

كيف احتقرها و أهانها , و كيف كان ينظر لها باشمئزاز و قرف ؟

هي لم تسمع يوما كلامه السام , و لم تر نظراته المذلة , هي بكل بساطة لا تعرف أنه سجانها و ليس زوجها ,

و أي انسان عاقل قد يقع في هوى مسجونه ؟

صحيح أن الظروف غيرت من تصرفاته ناحيتها لاحقا , لكن ذلك لا يعني أن مشاعره تطورت , لدرجة أن يحبها كما تفترض هذه الطبيبة .


بالتفكير في كل ذلك شعرت ملك بالحزن , و ظهر ذلك على ملامحها لااراديا , هي لا تعرف لم شعرت بالهم , لأن علي ليس كما تقول انصاف .





كاد علي يخرج من غرفته , ليجر تلك الطبيبة من شعرها الى خارج الغرفة , بل الى خارج المستشفى لأنها تزعج ملك , الا أن ما قالته لاحقا جمد حركته

" اذا أنت التي لا تعرفين شيئا "








😘💞💞





......



ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 10:55 PM   #2022

ali.saad
 
الصورة الرمزية ali.saad

? العضوٌ??? » 334068
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 490
?  نُقآطِيْ » ali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم شكرا على الفصل الجميل والرائع والمشوق والذي هو مثل كل فصول روايتك كلما قرات شعرت بالظما للمزيد ان شاءالله بالتوفيق وانا ساكون باذن الله من المتابعين لك في كل ما تخطى يدك الآن وفي المستقبل،🌹

ali.saad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 11:13 PM   #2023

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 172 ( الأعضاء 47 والزوار 125)
‏ملك علي, ‏قلب الاحزان, ‏mango20103, ‏فراولة البيت, ‏ali.saad, ‏searcher, ‏شوشو عبدالهادى, ‏Bint rim, ‏توتا احمد غ, ‏ميمي بيوتي, ‏راء!, ‏rahafsoo, ‏جزيرة, ‏lilwom, ‏Time Out, ‏نادية الليل, ‏zahra Mino, ‏ام يوسف الحديدى, ‏nora74, ‏مروة عز, ‏عاشقة مجهولى, ‏فله بنت احمد, ‏Iraqi1989, ‏Wafaa elmasry, ‏Alzeer78, ‏Just give me a reason, ‏زمردة الاسلام, ‏هدوء الصمت222, ‏نرمين امين, ‏أم نسيم, ‏الاوهام, ‏سبحان اللة وبحمدة, ‏هانا مهدى, ‏نور الدنيا, ‏hapyhanan, ‏سبحة علي, ‏samam1, ‏monyati, ‏ملك اسامة, ‏KoToK, ‏كنوز كنوز+, ‏همس الضلال, ‏mansou+, ‏استغفررالله, ‏سوووما العسولة, ‏Kemojad, ‏داليا الخامس




صمت مطول و رهييييييب " كل دا من حلاوتها " 🧐🙄
💖💖💖💖💖💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 11:15 PM   #2024

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ali.saad مشاهدة المشاركة
السلام عليكم شكرا على الفصل الجميل والرائع والمشوق والذي هو مثل كل فصول روايتك كلما قرات شعرت بالظما للمزيد ان شاءالله بالتوفيق وانا ساكون باذن الله من المتابعين لك في كل ما تخطى يدك الآن وفي المستقبل،🌹




و عليكم السلام 💞💞💞
يسلمك حبيبتي على ذوقك الجميل و أنا يشرفني انك تكوني من متابعيني 💖💖💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 11:35 PM   #2025

lilwom

? العضوٌ??? » 431935
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 226
?  نُقآطِيْ » lilwom is on a distinguished road
افتراضي

سلمت اناملك فصل ناري 😍😍

lilwom غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 12:17 AM   #2026

تماارا

? العضوٌ??? » 480408
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » تماارا is on a distinguished road
افتراضي

فصل متفجر رائع 🤧💥
انتهى سريعا 😭😢😭
حبيبتي لازلتي تفاجئينا وتاججي عواطفنا وافكارنا ،بارك الله فيك واسعدك ورزقك من اوسع ابوابه🙏🏻


تماارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:01 AM   #2027

marwazaran

? العضوٌ??? » 396806
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 371
?  نُقآطِيْ » marwazaran is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل وتفاصيل اجمل
كنا منتظرين تطور اكتر في الأحداث
في انتظار البقية ان شاء الله


marwazaran غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:17 AM   #2028

ام يوسف الحديدى

? العضوٌ??? » 483217
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » ام يوسف الحديدى is on a distinguished road
افتراضي

رائع كالعادة
قلبي هيقف من فرط الحماس
سلمت أناملك عجبني جدا أنه علي مش متقبل أنه حد يتكلم عن مشاعره بدون إذنه ....شئ كدة من الإحترام قليل من يفهمه
عجبني أوي طيبة ملك وحسن نيتها المترافق أيضا مع الحرص الحذر
النضج والإحترام يشع في كل ركن من أركان الرواية


ام يوسف الحديدى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:17 AM   #2029

سهام حسين

? العضوٌ??? » 481678
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 11
?  نُقآطِيْ » سهام حسين is on a distinguished road
افتراضي

جميل جدا ما شاء الله

سهام حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:25 AM   #2030

Marwa11

? العضوٌ??? » 440354
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 102
?  نُقآطِيْ » Marwa11 is on a distinguished road
افتراضي

لا إله إلا الله💙

Marwa11 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:55 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.