14-01-21, 11:09 PM | #2109 | ||||
| البارت السابع عشر بعد المائة أنت مغرمة به 💔 " ماذا حبيبتي , هل تريدين شيئا ؟ " سأل علي و أجابته رنا بفضول كبير و عينين متسعتين " أين البيبي ؟ " " أي بيبي ؟ " سأل الاثنان معا باستغراب يعلو وجهيهما , و أجابت رنا بكل براءة و لهفة " البيبي الذي أحضرته ماما ملك , هي كانت في المستشفى , و لديها جرح في بطنها , صديقتي جوليا قالت أنه يجب أن يكون هناك بيبي , تماما مثل والدتها , أين هو ؟ " كانت ملامح ملك المصدومة طريفة جدا , و ما لبث علي أن بدأ بالضحك بصوت عال , مما زاد في احراجها الذي صار عنوان هذا اليوم , و الطفلة تقف هناك بكل جدية تطالب بأخيها , الذي تعتقده قدم بعملية قيصرية . حدقت ملك ناحية علي بحنق , الذي بدل أن ينفي الأمر و يعقل ابنته , يكاد يفقد الوعي من كثرة الضحك , و قد تذكرت ما قالته الطبيبة , عن كون ضحكته ساحرة , و لم تجد بما ترد به غير القاء وسادة صغيرة , مما يحيط بها في وجهه , ليلتقطها هو بسهولة دون التوقف عن القهقهة . بعد دقائق تمالك علي نفسه أخيرا , أمسك بيدي ابنته المحتارة بين يديه , و أخبرها بكل هدوء محاولا عدم الابتسام " حبيبتي ليس هناك بيبي , لأن جرح ماما ملك ناتج عن مرضها " تنهدت ملك لأنه تدخل أخيرا , لكن رنا استمرت تحدق بينهما , و كأنها لا تصدق ما قاله والدها لتضيف " لكنني أحببته و كنت أنتظره " عبست الطفلة بحزن و قد خاب أملها , هي كانت تريد رؤية البيبي بشدة و اللعب معه , مما يفسر اصرارها على القدوم هنا على جناح السرعة , معتقدة أنهم يخبئونه عنها . صمت علي قليلا مراقبا الارتياح على وجه ملك , لكنه لا يملك إلا أن يرى الاحراج الذي أدمنه , لذلك أضاف بشغبه المعهود " حسنا حبيبتي لا تحزني , صحيح ليس هناك بيبي حاليا , لكن أعدك أن المرة القادمة التي ستذهب فيها , ماما ملك الى المستشفى ستعود مع بيبي " لمعت عينا الطفلة بفرحة , و قررت الاشتراط أكثر " فعلا ؟ أريد اثنين اذا " ابتسم علي فابنته تعتقد أنهم يحصلون , على المواليد تحت الطلب بضغطة زر , و لم يجد غير مسايرتها " حسنا سنرى لاحقا هذا الأمر " "...." صدمت ملك لتصريحه مع ابنته , و هما يتفاوضان بكل جدية حول انجابها , و كأنها آلة صنع آيس كريم , و أصبح لون وجهها مثل حبة طماطم , أما رنا فقد ابتسمت ببهجة كبيرة , ظهرت معها غمازتيها الجميلتين , و سارعت لأخذ وعد من والدها " وعد ؟ " ابتسم هو لها و رفع يده ملقيا نظرة ساخرة , ناحية المرأة المحتقنة الى جواره , و التي انعقد لسانها من الصدمة " وعد " قفزت عليهما الطفلة بعدها , مثل دب بري لتأخذ قبلات كثيرة , ثم ما لبث و أن أقنعها بالمغادرة ، حتى تسمح لملك بأخذ قسط من الراحة , لكن هذه الأخيرة كانت منزعجة مما فعله , و بدأت بتأنيبه بمجرد أن اختفت ابنته من الغرفة " لماذا تعطي الطفلة وعدا كاذبا ألا تخجل ؟ ستحزن لاحقا حينما تكتشف الحقيقة " يا إلهي هذه رابع مرة تطلق كذبة بشأن حملها ، لم يراودها شعور غريب , بأن الأمر سيصبح حقيقيا في آخر المطاف ؟ رددت ملك لنفسها بسخط , و هي تحاول ألا تقوم و تضرب علي على كذبته . في المقابل أبدى علي لا مبالاته بما قالته , و أجاب و هو يعدل الوسادة تحت رأسها , بعد أن أبعد صينية الطعام عن حجرها " لم أقل أن الأمر سيحصل غدا " "...." " يا الهي لم يتصرف هذا الرجل بغرابة اليوم و كأنه ممسوس ؟ " تذمرت ملك في سرها لكنها قررت تجاهله , هي تعلم أنه قادر على تحويل , أي موضوع للنقاش في صالحه , و هي متعبة و ليست قادرة على مجاراة شغبه , لذلك انصاعت حينما أمسك كتفها , و طلب منها أن تستلقي بلطف " هيا عليك أن تنامي قليلا , الطبيب أوصى بالراحة التامة , الممرضة التي ستعتني بك ستكون هنا بعد قليل " استلقت ملك باستسلام و عدل علي غطاءها , دون تذمر أو تعليق منها , و كأنها تعودت على ما يفعله معها ليضيف " سأجلس هناك لأعمل قليلا , في حالة احتجت أي شيء " نظرت اليه ملك باستغراب و سألته " أليس لديك عمل اليوم ؟ " " لا أخذت اجازة سأبقى معك اليوم " اتجه علي بعدها الى الصوفة المقابلة , جلس و وضع رجلا على رجل , ثم فتح لوحه الالكتروني للعمل عليه , مع بعض الملفات الورقية الى جانبه , و سرعان ما انهمك بكل تركيز فيما يفعله . استمرت ملك بالتحديق ناحيته لبضع دقائق , و هي غير مصدقة لما آلت إليه علاقتهما , و قد أصبحا على وفاق غريب , بعد كل ما حصل بينهما , فهذا الرجل الذي كان يكرهها , و يحقد عليها حد الرغبة في قتلها , هو نفسه الذي يجلس قبالتها يحرسها , يبتسم لها لطمأنتها و يفزع لألمها . " كيف أن الدنيا غريبة و غير مؤتمنة ؟ " تنهدت ملك بعمق قبل أن ترتخي رموشها و يختطفها النعاس , لتنام بعدها بعمق تحت أنظار علي . بعد مرور ساعة بدأت ملك بالتململ و الأنين بخفوت , وضع علي ما في يده و اتجه ناحية السرير , معتقدا أنها استيقظت و أن شيئا ما يؤلمها , لكنه تفاجأ بأنها لا تزال نائمة , بوجه شاحب و جبينها يتصبب عرقا , كانت ملامح الانزعاج بادية عليها و هي تقطب حاجبيها , و قد أصبح أنينها أكثر سوءا . فهم علي مباشرة أنها ترى كابوسا , خاصة بعدما بدأت تهمهم بكلمات غير مفهومة " لا تفعل أرجوك , ابتعد لا لا " استمر علي بالوقوف الى جوار السرير , منتظرا بصبر أن تستفيق من كابوسها , لكن حينما أصبح حالها أكثر سوءا , جلس الى جانبها على طرف الفراش و قرر ايقاظها " ملك ملك استيقظي " بعد أن حركها بلطف لبضع مرات , فتحت ملك عينيها عن آخرها برعب , و صرخت بكل قوة على اسم علي , تماما كيوم الحادثة و قامت بسرعة بمجرد أن جلست مكانها , سارعت لاحتضان أول شخص قابلها , تشبثت به و كأنها تغرق و تحاول النجاة . جفل علي لحركتها المفاجئة , فقد كانت تدفن رأسها في رقبته , تحاوط خصره بيديها الاثنتين , متمسكة بقميصه بشدة من الخلف , كانت تلهث تحاول التقاط أنفاسها المتسارعة , و كأنها توقفت لتوها عن الركض , و قد أصبح تعرقها أسوء , لدرجة التصق فيها شعرها بوجهها . لم يفهم علي ما الذي رأته بالضبط , لكنه كان متأكدا من أمر واحد , أن ما عاشته في الكابوس يخصه , و أغلب الظن أنه استعادة , لما حصل معهما بطريقة سيئة . الطبيبة قالت أنها ستعاني من اعتلال بعد الأزمة , و كانت تعطيها بعض المنومات , حتى تتمكن من النوم خلال الليل دون كوابيس , لكنها أوقفتها مباشرة قبل خروجها , حتى لا تدمن ملك عليها . يبدو واضحا أنها ستكون بحاجة الى رعاية , نفسية مكثفة خلال الفترة القادمة , لذلك أخذ علي ملاحظة , للاتصال على الدكتورة انصاف لاحقا من أجل التكفل بها , ملك تتفاهم معها و ستكون مفيدة لحالتها . سارع علي الى مواساتها و تهدئتها , فهذا أكثر ما تحتاجه الآن , لذلك بادر لتطويقها بذراعه , و وضع يده الأخرى على شعرها يحاول تهدئة روعها " اهدئي ملك مجرد حلم سيء , كانت مجرد تخيلات سيئة , لم يحصل شيء مما رأيته , أنا هنا لن أسمح بحصول أي مكروه لك " كان علي يهمس لها و يربت على شعرها , لتستكين المرأة بين ذراعيه كدمية قش . في البداية كانت ملك مغيبة بسبب تشوش ذهنها , لكن سرعان ما هدأت أنفاسها , و استعادت تدريجيا وعيها كاملا , لتجد نفسها في حضن علي , و قد كان لرائحة عطره المميزة , مفعول السحر على نوبة ذعرها , بادراك وضعها الغريب انسحبت ملك ببطء , و لم يصر علي على ابقائها , رغم رغبته الشديدة في ذلك . بعد أن هدأت حالتها تماما , ناولها علي كأس ماء و سألها باهتمام " هل كان كابوسا ؟ " أومأت ملك برأسها ايجابا , و هي تحاول تناسي ما حلمت به . " هل كان يخصني ؟ " سأل علي و هو شبه متأكد من أن الاجابة " نعم " و الا ما كانت تصرخ باسمه طوال الوقت , و أكدت هي الأمر بقول اممم تحت أنفاسها . شعر علي بوخزة في قلبه , لا شيء يؤلمه بقدر التسبب بالألم لملك . " هل كانوا يطلقون النار علي ؟ " استفسر مجددا و هو يمسح على خدها بابهامه . حولت ملك عينيها ناحيته بشرود , و كأنها تفكر فيما عليها قوله , قبل أن تهمس له بنبرة خائفة " كان سكينا هذه المرة " " و هل أصبت ؟ " شعر علي بالفضول لمعرفة التفاصيل , أشاحت ملك بعينيها ناحية الغطاء , و كأنها أصيبت بالاحراج من الرد عليه , لكنها أجابته بصراحة بصوت هامس " لا أنا من أصيب " "...." شعر علي بالسكين تخترق قلبه فعليا , فهذه المرأة كانت قبل ساعة تقول , بأنها كانت حركة متهورة في لحظة مجنونة , لكنها لا تتردد في أخذ المبادرة , لتفديه في كل مرة حتى في الحلم . لم يجد علي الا أن قبلها على جبينها , و أعادها الى حضنه مجددا , لا يريدها أن تبتعد عنه للحظة واحدة , لم تقاومه ملك هذه المرة , و جلست هناك بكل هدوء , و قد كان الأمر يواسيها فعلا . بعد مرور خمس دقائق و علي يحتضنها , أخذت ملك نفسا عميقا فجأة ، و تحدثت بصوت مرتجف " علي دم هناك دم " شعر علي بالرعب لسماع كلماتها , و أطلقها محاولا فهم الأمر , بمجرد أن ألقى نظرة حتى ارتجفت يداه , لرؤية دم يلطخ ثوبها الأبيض مقابل الجرح . دخل الرجل مباشرة في نوبة هلع , اتسعت عيناه و غص حلقه , و هو يحدق الى اللون الأحمر القاني , الذي يغرق ثوبها ليبدأ بالصراخ بذعر " يا الهي ملك , ملك هل أنت بخير هل تأذيت ؟ يا الهي هل فتح الجرح ؟ " لم تكن ملك تشعر بألم كبير , لذلك رجحت أن تكون مجرد عقدة سطحية انفكت , بسبب جلوسها بعنف بعد رؤية الكابوس , لكنها لم تجد سبيلا لتهدئة علي , الذي أقام الدنيا و أحدث فوضى كبيرة , استدعى الخادمات و فاطمة و الممرضة التي وصلت قبل دقائق , و قد كان يصرخ كالمجنون , مثيرا حالة استنفار داخل المنزل " علي أنا بخير , أنظر لا شيء يؤلمني , لا داعي للخوف " حاولت ملك تخفيف وطأة الأمر عليه لكن دون جدوى , فقد كان علي كمن أصيب بالصمم , و لم يعد يرى أمامه الا بقعة الدم الصغيرة , استمر بعدها في امساك يديها , و هو على وشك فقدان وعيه , لدرجة أن ملك ندمت لأنها أخبرته بالأمر , لم تتخيل أن ردة فعله ستكون بهذا الشكل . أمام حالة الصدمة التي دخل فيها , ما كان من ملك الا أن تقدمت , أمسكت بوجهه بين يديها , و جعلته ينظر الى عينيها مباشرة " علي أنظر الي " كلمته بصوتها الرقيق دون أن تطلق وجنتيه , بعد دقيقة بدأ علي بالتركيز , على وجهها بدل مكان النزيف " علي أنا بخير , لا يؤلمني شيء أقسم , لا بأس اهدأ أرجوك " قالت بصوت هاديء لطمأنته , و هز علي رأسه دون قول كلمة . بعد دقيقتين قاطعتهما الممرضة ، التي كانت تقف هناك لا تجد ما تقوله " سيدتي دعيني أكشف على الجرح " استفاق علي أخيرا على صوت المرأة , و وقف من مكانه ليخلي لها مساحة , لكنه بقي ممسكا بيد ملك رافضا الذهاب . كان علي يقف متصلبا , يشيح بوجهه الى الجهة الأخرى , و كلما تحركت ملك زاد ضغطه على يدها , و كأنه يمنحها بعضا من قوته . بعد الفحص أكدت الممرضة ما شكت به ملك , فقد انفكت عقدة سطحية , كانت مشدودة قليلا بسبب الضغط , لكن لم يكن هناك أمر خطير . شعر علي بالراحة أخيرا و ابتسم لها , و لم تملك ملك إلا أن يرفرف قلبها بشدة , لرؤية الرجل الذي لا يهزه شيء , يرتعب لمجرد رؤية نزيف بسيط , علي الذي بدا واضحا من ردة فعله , أنه لا يحب منظر الدم و الجروح , الا أنه يقف هناك بعناد , يرفض المغادرة حتى يطمئن عليها , و قد كان الرجل الوحيد الذي سبق , و أن تألم لألمها بهذا التأثر هو والدها . هي تتذكر حينما كانت في عمر الثامنة , و وقعت عن الدراجة و آذت رجلها , كانت تبكي بصوت عال , و والدها يحتضنها و يقبل رأسها لمواساتها , و الممرضة تقوم بتطهير الجرح و معالجته , لأنه لم يستطع لمسه رغم أنه جراح , و كانت كلما أنت أو تأوهت من الألم , سارع لزجر المرأة التي أرعبها بكلماته , و كأنه لم ير جرحا ينزف في حياته . " لم يبدو الموقف مشابها الآن مع علي ؟ " لكنه ليس الموقف الوحيد , و قد تكرر الأمر لدرجة صارت , تخاف فيها التفكير في معناه . فكرت ملك أنها لو كانت الآن في بيتها مع والديها , و حصل معها ما حصل هنا , لكانت تصرفات والدها تماما كما يفعل علي معها , فعز الدين كان يجبرها على البقاء في السرير لأيام , لمجرد اصابتها برشح بسيط , و قد اكتشفت للتو أنه يشترك مع علي في تسلطه , حينما يكون الأمر في صالحها . غاصت ملك في ذكرياتها , مع ابتسامة حنين على جانب فمها , و لم تدر بنفسها الا و فاطمة تقف قبالتها , تحمل ثوبا جديدا في يدها , باللون الزهري هذه المرة , و تطلب منها السماح لها بمساعدتها , في تغيير ملابسها التي لطخها الدم . انسحب بعدها علي بهدوء , و قد اطمأن أنها بخير , لكنه لم يطل الغياب فقد عاد بعد ساعة , و كانت ملك تغط في نوم عميق مرة أخرى , فما كان منه الا أن جلس على الصوفة , و استكمل عمله بهدوء , مع حواس مستنفرة لأية بوادر كوابيس . و كانت ملك طوال الوقت , تستيقظ لتجد علي يجلس قبالتها منهمك في عمله , ثم تعود للنوم مجددا , و كأنها لم تنم بهذه الراحة منذ سنوات . بعد تناول العشاء دائما تحت المراقبة الدقيقة من علي , عادت ملك للاستلقاء بتأفف , و قد بدأت تسأم بالفعل من البقاء مطولا في السرير , لكنها تعلم أن علي لن يسمح لها بالمغادرة , و قد يربطها الى الفراش ان تحتم الأمر . بعد أن عدل علي غطاءها أخذ احدى مناماته , دخل الى الحمام أخذ دشا و غير ملابسه , ثم عاد و بدأ في جمع أغراضه المتناثرة , حتى يتسنى له النوم . كانت ملك تلاحقه بعينيها بفضول , و ما لبثت أن سألته بتردد " أين ستنام ؟ " وقف علي مكانه و نظر إليها بتمعن , ثم أجاب بكل بساطة " هنا هذه غرفة نومي , أين تريدينني أن أنام ؟ " شحب وجه ملك قليلا , و هي لا تفهم ماذا يقصد " هل تعني هنا على هذا السرير ؟ " سألت بتوجس و فهم علي سبب ارتباكها , لذلك قرر مشاغبتها كعادته , ردا لجميلها في ارعابه سابقا " أجل في النهاية السرير واسع , و يمكن أن يسع خمسة أشخاص " ثم ابتسم و وقف يراقب الصدمة في عينيها , هو كان يستمتع باستفزازها فقط , لكنه شعر باستياء يعتريه فجأة , حينما أزاحت ملك الغطاء عنها , و همت بالنهوض بصعوبة بالغة . خطا علي بسرعة ناحيتها , و أوقفها واضعا يديه على كتفيها , محاولا السيطرة على نفسه , حتى لا يبدأ بالصراخ لتفريغ شحنة غيظه , رفعت ملك وجهها ناحيته و قد زاد شحوبها , و هي تحدق بخوف الى وجهه , الذي أصبحت تعلوه تعابير جدية , مع مسحة ألم في عينيه . لم تفهم ملك سبب تجهم ملامحه , حتى تكلم بصوت هادئ يملؤه الاستياء " هل رأيك في سيء الى درجة , أنك تعتقدين أنني سافل منحط , قد أقدم على التحرش بامرأة مريضة ؟ " بسماع سؤاله شعرت ملك , هي الأخرى بوخزة في قلبها , دون أن تدرك أن ألمه يؤلمها هي أيضا , نظر علي بترقب قاتل الى وجهها , و سارعت ملك لهز رأسها بالنفي , هي تعلم لو أنه كان كذلك , ما كان انتظر الى الآن لفعل ما يرغب به . شعر علي ببعض الراحة لرؤية اجابتها , التي منحت روحه بعض الثقة , كان سيفقد عقله ان هي قالت العكس , لكنه أدرك أنه لا يمكنه لومها ، بل عليه أن يلوم نفسه , لأنه هو من أوحى لها بمقدرته على فعل ذلك , و الآن هو يدفع ثمن تهوره . كان قلب ملك يدق بجنون , و علي يتمسك بكتفيها يرفض اطلاقها , حدق الى عينيها قليلا بعد , ثم أشار الى الصوفة برأسه " سأنام هناك " استقام بعدها ليعود أدراجه , لكن ملك سارعت للتمسك به مجددا , و استعادت انتباهه مرة أخرى بلعت ريقها بعناء ثم قالت بصوت محرج " الصوفة صغيرة لن تسعك , لا أريد أن تقلق راحتك , أنت تحتاج النوم أيضا , خاصة أن بإمكاني النوم في مكان آخر " حدق علي الى عينيها محاولا استبيان صدقها , خف انزعاجه السابق قليلا برؤية اهتمامها , ثم هز رأسه رافضا " لا لن تذهبي الى أي مكان , ستبقين أنت هنا و سأنام أنا هناك , إلا اذا كنت تريدين أن نتشارك السرير , أنت اختاري " جفلت ملك من كلامه , و أطلقت يده فورا و كأن نحلة لسعتها " حسنا لا بأس سأنام هنا " سارعت لاختيار أكثر اجابة مناسبة , ثم عادت للاستلقاء و سحبت الغطاء عليها , متجاهلة ابتسامة الرضا على وجه هذا المستفز , و هي فعلا لا تعرف كيف ينجح , تهديده لها في كل مرة ؟ عاد علي و عدل غطاءها مجددا , سحب بعدها لحافا من الخزانة و أخذ وسادة , ثم استلقى على الصوفة و أطفأ الأضواء . ساد بعدها صمت تام الغرفة , و لم يكن يسمع الا صوت تنفسهما , تقلبت ملك مرارا بعدم راحة , و هي تشعر بالغرابة لهذه الوضعية , التي بدأت في المشفى و استمرت الى هنا , لكن هناك على الأقل , كان الكثير من الزوار يدخلون و يخرجون , أما هنا فلأول مرة تتقاسم الغرفة مع رجل غريب وحدها , و هي حتى لا تحاول جهدها للمغادرة . في المقابل كان علي يشعر , بحماس كبير لوجود ملك معه هنا , ففي وقت قريب كانت تهاب الاقتراب حتى من باب غرفته , لكن احباطا كبيرا كان يتغلغل الى روحه , و هي تستلقي هناك على سريره , و هو غير قادر على أن يدنو منها كما يشتهي قلبه , لو أن الظروف كانت عادلة , لكان يحتضنها الآن و يبثها حبه , ثم يغرقا في نوم عميق مستمتعين بدفء بعضهما . رغم سعادته و رضاه بهذا التطور الطفيف , الا أن الواقع الذي يعيشه يقول , أن الأمر سيتأجل الى وقت لاحق , خاصة مع ردة فعل ملك المعارضة التي رآها قبل قليل , حينما لمح الى الموضوع مجرد تلميح . بعد مرور ساعتين لم يتمكن أي منهما من النوم , فقررت ملك أن تفتح حديثا و قد شعرت بالملل " علي " نادت عليه بصوت خافت , محاولة التأكد أنه لم ينم بعد . كان علي قد بدأ يغفو ، بالكاد سمعها تنادي اسمه وسط وعيه الضبابي , و دون تفكير منه رد بصوته الأجش " يا عيون علي " جفلت ملك و تيبست حركتها بسماع ما قاله , ارتعش قلبها من نبرة الحنان التي حملتها كلماته , و تذكرت فجأة ذلك اليوم حينما تم تخديرها , و تلك الأحلام التي راودتها , بشأن رجل غامض يحتضنها و يحنو عليها . " يا الهي نفس الكلمات بنفس النبرة " أيعقل أن يكون الرجل الذي في الحلم حقيقة ؟ هل يعقل أن علي هو من كان يضمها , يقبل رأسها و يحاول تهدئتها فعلا ؟ لطالما اعتقدت ملك أن تلك مجرد هلاوس , و أن الرجل الذي لا تتذكر وجهه ليلتها , هو والدها الذي تهيأت وجوده معها بسبب حالتها , فلمسة الحنان تلك لم تشعر بها يوما , الا من يد والدها و حضنه . صحيح أنها رأت وجه علي سابقا خلال أحلامها , لكنها أرجأت الأمر الى توترها النفسي , و تأثير ما يفعله معها على عقلها الباطن , خاصة أنه لم يكن هناك سبيل للتأكد من الحقيقة . لكن رد علي قبل قليل ، أو زلة لسانه غير المقصودة , يؤكد شكوكها التي طالما راودتها " أنه هو من كان هناك بالفعل ، و لم تكن مجرد هلوسات أو أحلام " لم تستطع ملك قول كلمة أخرى , انعقد لسانها و بقيت مستلقية دون حراك , و قد اجتاح مزيج من المشاعر الساحرة قلبها و أغرقها بالدفء . أما علي الذي انتبه لما قاله , بعد أن تحدث لم يبال , بالنسبة له مشاعره واضحة و منذ وقت طويل , هو لن يخفيها أبدا خاصة أمامها ، هو فقط يرجيء الأمر الى أن تتحسن حالتها الصحية , لأن الوقت غير مناسب لأي اعتراف , و لكنه لن يمنع نفسه من معاملتها , بود و حب الى أن يحين ذلك الوقت . أمام صمت ملك المريب ، أضاء علي المصباح على الطاولة أمامه و جلس مكانه " ماذا هناك ؟ ملك هل أنت بخير ؟ هل تحتاجين شيئا ؟ " سأل بنبرة طبيعية و كأنه لم يقل شيئا غريبا . لم تجد ملك ما تخفي به ارتباكها , غير طلب كأس ماء , و الذي قام علي من مكانه و ناولها اياه " هنيئا " " شكرا لك " و عادت للاستلقاء مجددا تطبق شفتيها حرجا , لكن علي لم يعد الى مكانه , ليس قبل أن يأخذ قبلته من جبينها و يهمس لها " تصبحين على خير " أخذت ملك نفسا عميقا محاولة تهدئة أنفاسها , فهي الآن نادمة فعلا لأنها أيقظته , و قد صارت هذه القبلات أمرا روتينيا بينهما , لم تعد ملك تفكر حتى في الاعتراض عليها , رغم حفلة الفراشات التي تطلقها في معدتها . عاد علي و استلقى مكانه ، و هذه المرة غالبه النعاس سريعا , لكن ليس قبل أن يسمع ملك , تتمنى له ليلة سعيدة , ارتسمت بها بسمة صغيرة على جانب فمه , و قد تقبلت العنيدة أخيرا , بعض الحب من طرفه دون انزعاج و تذمر , و دون أن تزجره كطفل صغير اقترف حماقة ما . مع اقتراب الفجر استيقظ علي مجددا , على صوت أنات تنبعث من سريره , و سرعان ما أنار الغرفة و جلس مكانه , ثم وقف و اتجه سريعا ناحية المرأة النائمة . و كما توقع كانت ملك مصدر الصوت , كانت تتشنج بطريقة واضحة تئن و تتصبب عرقا , و تتمتم بكلمات غير مفهومة , لكنها كانت لا تزال نائمة , تماما كما حصل صباحا . أدرك علي حينها أنها ترى كابوسا آخر , سارع و أمسك بيدها و مسح على جبينها , مزيحا خصلات شعرها عن وجهها , حاول ايقاظها في البداية , لكنه تراجع حينما هدأت , استكانت و لانت ملامحها المتشنجة , و هي متمسكة بيده لا تريد اطلاقها , و كأنها تميمة نجاتها السحرية . برؤية هدوئها حاول علي سحب يده بلطف , لكنها عادت لانزعاجها و تململها , فما كان منه الا أن جلس الى جانبها , و تركها تمسك يده و تحتضنها , بما أنها تشعرها ببعض الأمان , هو لا يريد ذعرا آخر بسبب انفتاح جرحها , يكفي ما حصل عليه في الصباح . بعد مرور كابوسها نامت ملك بعمق , و كان علي يجلس الى جانبها , يمسح على شعرها من وقت الى آخر , و يراقب ملامحها المحببة عن قرب باهتمام , لكنه ما لبث أن غفا هو الآخر جالسا , متكئا على الحائط خلفه و ملك تتمسك بيده . . . في الصباح الباكر , كانت ملك أول من استيقظ , فتحت عينيها ببطء كقطة كسولة , و قد أخذت كفايتها من النوم ، شعرت بالاسترخاء فقد كان الوضع الذي تنام به مريحا , و لكن الوسادة بدت أكثر صلابة مما تتذكر , انتبهت ملك فجأة إلى اليد التي تمسك بها , و استفاقت تماما لتجد نفسها تتوسد فخذ علي , الجالس الى جانبها بوضعية مائلة , تحتضن يده اليمنى بين أصابعها , تتشبث بها و كأنها طوق نجاة , و يضع هو اليد الأخرى على شعرها , يغط في نوم عميق و رأسه على الحائط . شعرت ملك بداية بالارتباك , فآخر ما تتذكره أن علي كان ينام على الصوفة , فكيف انتقل للجلوس هنا ؟ لكنها تمالكت نفسها سريعا , محاولة عدم التفكير في أمور سيئة , و قد تذكرت الكوابيس التي داهمتها خلال نومها , و خمنت أن صوتها ما أيقظه , و الا ما كان جلس هكذا , بهذا الوضع غير المريح , و قد راودتها مشاعر شفقة و امتنان ناحيته . " يا الهي أرجو ألا يستيقظ " دعت ملك في قلبها , و حاولت النهوض بحرص , و العودة الى مكانها قبل استيقاظه , لكنها لم تفلح فسرعان ما استفاق علي , و حرك جفونه مع همهمة مسموعة , فما كان منها الا أن أغمضت عينيها , و استلقت مجددا دون حراك مدعية النوم , ستموت من الاحراج ان اكتشف , أنها استفاقت على تلك الوضعية , و لم تنبهه أو تقل شيئا . بعد لحظات فتح علي عينيه باجهاد , و تفاجأ هو الآخر بالوضعية التي كانا عليها , قبل أن يتذكر ما حصل في الفجر , و الكوابيس اللعينة التي عانت منها ملك , تفحص علي وجهها باهتمام , و هي تتظاهر بأنها لا تزال نائمة , مرر يده على شعرها عدة مرات , قبل أن يحركها الى مكانها بلطف , و يطبع قبلة على جبينها . حبست ملك أنفاسها مع قبلته , و هي لا تعرف كيف توقفه عن فعل ذلك , خاصة أنها أصبحت تتأثر , في كل مرة تلمس شفاهه جبينها أو شعرها , و لا تجد طريقة لتهدئة قلبها , الذي يبدو و كأنه فقد صوابه , و على وشك القفز من غلافه . فيما ملك غارقة في تفكيرها , و قد عجزت عن العودة مجددا الى النوم , فتح باب الحمام قبالتها , و خرج علي يضع منشفة على خصره , و يجفف شعره المبلل بأخرى صغيرة , و قد أخذ دشه الصباحي للتو . صدمت ملك من المنظر , فلم تتوقع أن ترى علي , نصف عار يقف أمامها , سارعت الى اغماض عينيها مجددا , مدعية النوم للمرة الثانية , لكن نبضها تسارع بطريقة جنونية , كما أن الاحمرار الذي علا خدودها كان واضحا . هي لا تستوعب لم تؤثر فيها , رؤية هذا المجنون بهذا الشكل , لطالما رأت الكثير من المرضى شبه عراة , و لم تتحرك فيها شعرة يوما , لكن رؤية علي بصدره العار و كتفيه العريضين , مع تماوج كل تلك العضلات البارزة , تشعل نارا داخل روحها , و تغريها بأمور لا معقولة عديمة الحياء , دون أن تدرك منذ متى صار تفكيرها منحرفا . وقف علي أمام المرآة يجفف شعره بيد , و يراقب ذقنه الحليقة باليد الأخرى , معتقدا أن لا بأس فيما يفعله ، بما أن ملك لا تزال نائمة , لكن جذب انتباهه لون وجهها المحتقن , عبس و ألقى المنشفة جانبا ، ثم خطا نحو السرير بسرعة , قرب علي ظاهر يده يتحسس جبينها أولا ثم وجنتيها ، و قد كان وجهها دافئا بالفعل . " تبا " همس علي بسخط من نفسه ، و قد اعتقد أن حرارتها ارتفعت , دون أن يلاحظ ذلك , الطبيب سبق و أن أخبره , بوجوب مراقبة درجة الحرارة , لأنها قد تعاني من حمى بسبب التهاب في الجرح , كأحد المضاعفات الممكن حصولها , و لكنه أهمل الأمر و الآن هي مريضة . لام علي نفسه و سارع الى اخراج , جهاز قياس الحرارة من الدرج , ثم حاول وضعه داخل أذنها بلطف دون أن يوقظها . لكن ملك لم تعد تتحمل الوضع , و قد كانت أنفاسه الدافئة تلفح وجهها , و رائحة عطره تداعب أحاسيسها دون رحمة , مرسلة تيارا يعصف بعقلانيتها , خاصة أنها لا تفهم , ما الذي يفعله بقربه منها ؟ و ما لبثت أن فتحت عينيها لتفاجئ علي ، الذي كان يضع وجهه مقابل وجهها , و لتجد نفسها أمام عينين سوداوين , كثقبين أسودين توشكان على ابتلاع روحها , ارتجفت أوصال ملك من نظرته الهائمة , و تراجعت الى الوراء في حركة سريعة " ممما الذي تفعله ؟ " سألته بتلعثم و بعينين دامعتين من الخجل . نظر اليها علي قليلا باستغراب , قبل أن يجيب مشيرا الى المحرار في يده " وجهك محتقن أحاول قياس درجة حرارتك " قال و قد بدا صادقا في قلقه عليها . أصيبت ملك بإحراج أكبر , لأنها كانت تمثل عليه , و وضعت يديها على خدودها الملتهبة ، محاولة اخفاء الأمر ثم نهرته " أنا بخير , أسرع و ارتدي ملابسك فقط " رشقته بكلماتها المتداخلة , و استدارت الى الجهة الأخرى بعناء , لاخفاء وجهها في الوسادة . وقف علي لثوان مشوش الذهن , قبل أن يدرك الموقف أمامه " أرتدي ملابسي ؟ " كرر كلماتها و ضحك بصوت خافت , ثم ظهرت لمعة شقاوة في عينيه , و قرر التسلي قليلا مع هذه القطة المرتجفة تقدم علي ببطء وضع ركبته على السرير , و انحنى ناحية أذنها التي صارت باللون الدموي " تعنين أنني أنا السبب في هذا و ليس الحمى ؟ " همس لها بخبث و لمس خدها بابهامه ارتجفت ملك من قربه الشديد , خاصة أن أنفاسه كانت تلامس أذنها , و لكنها التزمت الصمت لعله يغادر . لكن علي لم يتراجع , تجرأ أكثر و وضع أنفه على رقبتها , أخذ نفسا عميقا و همس مجددا " اذا كانت المنشفة تزعجك بإمكاني خلعها ؟ " تشنجت عضلات ملك كلها , و زادت ضربات قلبها عنفا , أخذت شهقة فزعة و استدارت ناحيته مجددا , لتكتشف أنه يجلس ملاصقا لها تقريبا مما زاد ارتباكها , انسحبت ملك مرة أخرى , واضعة يديها على صدره , ثم قطبت جبينها و رمقته بنظرة تهديد " هاي تأدب و غادر " " لكنني مرتاح هكذا " أجابها بتحد واضح و وضع يده على يدها , و ثبتها جهة قلبه الذي كان يدق بجنون , مما جعلها تندم لأنها قررت دفعه , ليتها فقط نهضت و غادرت , حينما كان الأمر ممكنا . أصر علي على وضعهما الحميم ، و مد يده ليداعب شعرها , مستمتعا بنظرة الارتباك في عينيها , و قد كان مسرورا للغاية , لأنه يؤثر بها الى هذه الدرجة , سابقا لم يكن يرى الا الخوف و الاشمئزاز , على الأقل لن يكون وحده من يفقد صوابه . لكن ملك لم تعد تتحمل فقلبها يكاد ينفجر , و هي ترى هذه النظرة الملتهبة في عينيه , و كفها يرسل شرارات متفجرة تجتاح جسدها كله , انطلاقا من مكان تواصلهما على صدره , شعرت بخوف كبير و قد بدأت دفاعاتها بالانهيار , لذلك قررت التراجع أكثر ، و ترجته بنبرة شبه متوسلة " علي غادر أرجوك " حدق علي الى عينيها قليلا , ثم ابتسم و أزاح شعرها خلف أذنها , قبل أن يأخذ يدها في يده و يقبل كفها " حاضر " قال بصوت خافت مذعن , قبل أن ينسحب متجها الى غرفة ملابسه , فلم تكن ملك فقط من على وشك الاستسلام , هو أيضا لا يضمن ما قد يفعله , ان استمرت بالتحديق ناحيته , بتلك العينين اللتين يعشقهما . و رغم أن قلبه يحثه على الرضوخ لرغباته , الا أنه يصغي لصوت عقله , الذي يدعوه الى التريث , فهو يعرف أنها لا تشعر بالراحة بعد , حينما يتصرف بحميمية معها , و هو لا يمكنه ازعاجها , أو فرض أي شيء عليها , فقد تعود لنفورها السابق منه . لذلك انسحب الآن رغبة في فرصة أخرى , و يكفيه حاليا أنه لم يعد يرى , ذلك الكره ناحيته في عينيها , اللتين حملتا شغفا لم يلمحه مسبقا , يشجعه على المبادرة لاقناعها , بتحويل ذلك العقد الى آخر حقيقي , حتى يتمكن من المضي قدما في علاقتهما , و قد قرر أنه لن يتردد لاحقا , لأنه متأكد أن ملك تريده تماما كما يريدها , و هي تكابر فقط و تنفي ذلك , و هو سيعطيها الوقت الكافي للتعود على قربه , و يتمنى ألا يدوم الأمر طويلا ، لأنه يكاد يفقد صوابه . ارتدى علي ملابسه سريعا , و غادر بعدما تأكد أن ملك تناولت افطارها , و قد كانت تجلس طوال الوقت مطأطأة الرأس , تغرس وجهها في كأس عصيرها , محاولة تجنب النظر اليه , خاصة أنه أصر على تناول قهوته برفقتها , و قد أرغمها على التهام كل ما وضع أمامها . أثناء خروجه تلقى علي مكالمة من عثمان , الرجل يتصل يوميا ليوافيه بآخر التطورات , في موقف مساندة مثير للاعجاب , لكن بقدر ما يحترم علي , خوفه على حفيدة صديقه , بقدر ما ينزعج كلما لمح اسمه على الشاشة , كيف لا و هو تهديد مباشر , لاختفاء ملك من حياته . " صباح الخير سيد علي كيف حالك ؟ " " صباح الخير سيد عثمان , بخير شكرا " " كيف حال ملك ؟ " " تتعافى سريعا , كما أخبرتك خرجت البارحة من المشفى , و حالها الآن مستقرة " صمت الرجل من الطرف الآخر قليلا قبل أن يبادر " حسنا سيد علي , أنا وعدتك سابقا ألا أقول شيئا , لكن بما أن التطورات مرضية , فأنا أفكر في اعلام مصطفى بما حصل , بما أنك لا تفكر في فعل ذلك " تنهد علي في سره , و قد شعر ببعض الضغط , لكنه احتفظ بردوده الرصينة كما تعود " لا داعي سيد عثمان , بمجرد أن تصير ملك قادرة على السفر , سأصطحبها لزيارة عائلتها ان شاء الله , لدي بالفعل الكثير لمناقشته معهم , شكرا جزيلا على اهتمامك " " و موضوع حظر السفر و القضية ؟ " استفسر عثمان ليجيبه علي ببعض التردد " في الحقيقة ملك حصلت على البراءة , في القضية منذ وقت بسيط , و قد حال الحادث دون تنفيذ قرارنا بالعودة سريعا , لكننا سنفعل في أقرب فرصة ان شاء الله " ابتسم الرجل من الطرف الآخر برضا و أجابه " حسنا سيد علي يسعدني أنك تفكر في ذلك , حقيقة لم أستسغ اعلام مصطفى بالهاتف , سيكون من الأفضل أن تذهب السيدة لزيارته , أقدر لك اهتمامك بها كثيرا " " لا تقل ذلك سيدي ملك زوجتي , و من واجبي فعل ذلك , و بمشيئة الله ستستعيد علاقتها بعائلتها قريبا جدا " أجابه علي بكل ثقة , قاطعا الطريق على أي تشكيك في نواياه , فبعد تفكير عميق خلال الأيام العصيبة الفارطة , كان هذا القرار الأكثر صوابا , أن يعيد الى ملك حياتها , قبل أن يستعيدها في حياته , لكن ليس قبل أن يجاهر بمشاعره لها , و هذا ما سيخطط له بدقة . . . استمر الأمر بعدها لعدة أيام , كانت ملك تقيم في غرفة علي , تستلقي طوال الوقت تأكل و تنام , و تتلقى زيارات من طبيبتها النفسية , و التي توقفت عن الضغط عليها , و صارت الجلسات تقتصر على السماع , الى أحاديثها كمجرد صديقة , مع بعض الملاحظات المقصودة , التي تخص موضوع علي من وقت الى آخر , و التي تقابلها ملك بمنتهى الهدوء , الذي يناقض طوفان المشاعر المبهمة , الذي يجتاحها كل مرة تراه فيها أو تسمع صوته . في المقابل كان علي يرابط لأوقات مطولة معها , يغادر من وقت الى آخر ، لبضع ساعات لتصريف الأعمال , ثم يعود مباشرة لمرافقتها و الاعتناء بها , لم يكونا يتكلمان كثيرا , و كانت أحاديثهما عامة معظم الوقت , مع بعض فترات المشاكسة التي يستمتع بها علي , و التي صارت تمتع ملك هي الأخرى , و قد تعودت على شخصيته الحنونة الجديدة تماما . كاصراره على حملها الى الحمام , اختيار ما ستلبسه خلال النهار أو الى النوم , تمشيط شعرها كطفلة صغيرة , أو اطعامها بالملعقة ثم تنظيف فمها و يديها , كانت ملك ممتنة جدا لوجوده و اهتمامه , لكن ما كان يربكها فعلا , هو ما يحصل كل صباح , حيث كانت تجد نفسها في وضعيات غريبة , و علي يستلقي بجانبها ينام بعمق , في البداية كان يكتفي بامساك يدها , و الاستلقاء في الجانب الآخر من السرير , و كأنه يحرس أحلامها من أية شوائب , و لكنها وجدت نفسها بعد ذلك , تريح رأسها على صدره , و هو يطوق كتفيها بيده و يغط في نوم عميق , و في المرة الموالية , كانت تعطيه ظهرها و تتوسد ذراعه , و يده الأخرى تطوق خصرها و يرفض اطلاقها . لم يكن علي يتعمد التقرب من ملك بطريقة مريبة , و لكن في كل مرة تبدأ كوابيسها بازعاجها , لا يجد مفرا من تهدئتها بامساك يدها , و ينتهي به الأمر مستلق هناك ، بسبب الانهاك و هي تلتصق به , لكن الوضع كان يسعده كثيرا . أما ملك فكانت كل صباح تلوم نفسها بشدة , على السماح له بالتصرف بأريحية معها , و كأنهما زوج حقيقي , و لكنها لا تمتلك الا أن تلتزم الصمت , فهي تقدر الراحة النفسية التي تشعر بها حينما تتمسك به , حتى و ان كانت غير واعية . اضافة الى أنها متأكدة , أن علي لا يتعمد فعل ذلك , و أكثر هو لا يفعل شيئا غير الاستلقاء هناك دون التحرش بها , و قد وصلت ثقتها به الى هذا الحد دون ادراك منها . . . في الصباح جلست ملك تفطر في سريرها ، أو بالأحرى في سرير علي ككل يوم , حينما همت بشرب كأس عصير , سكبت بعضه على قميص نومها , و قد كانت البقعة كبيرة لذلك قررت تغييره . أرادت ملك أن تستدعي فاطمة لمساعدتها , لأن علي يصر ألا تفعل أي شيء بنفسها , لكنها تراجعت و قررت التصرف بمفردها , لن تبقى تابعة للآخرين طوال حياتها , ثم هي الآن بخير و لا يؤلمها شيء تقريبا . أزاحت ملك طاولة الطعام الصغيرة جانبا , و نزلت بحذر من على السرير متجهة الى الخزانة , حيث أشارت فاطمة سابقا , أن ملابسها وضعت هناك , دخلت ملك بخطوات متأنية و نظرات فضولية , كانت غرفة ملابس علي كبيرة جدا ، و منظمة جدا لدرجة أدهشتها . " فاطمة قالت أنها وظبت الملابس في الجهة اليسرى " تمتمت بينها و بين نفسها , و لم تطل الوقوف قبل أن تتجه , الى الرفوف حيث أشارت المرأة , و تفتح الباب الزجاجي لتلقي نظرة . "...." تفاجأت ملك حينما رأت , أكوام الملابس التي تخصها , كان عليها توقع الأمر , حينما قالت فاطمة أنه تبضع لأجلها , فعلي لا يفعل أمرا طبيعيا كباقي البشر , هي لم تتخيل أنه اشترى كل هذه الكمية , من قمصان النوم و المنامات و حتى الملابس الداخلية . احتقن وجه ملك برؤيتها , لكل تلك الماركات و الموديلات الفاخرة , و كأنه اشترى جهازا لزواجها و ليس لمرضها " يا الهي هذا الرجل يبالغ في كل شيء " تذمرت ملك قليلا من جنون علي , قبل أن تختار قميص نوم باللون الأزرق السماوي , و الذي يبدو بأنه اللون الغالب هنا , ربما لأنه لونها المفضل , و قد استغربت معرفة المتسلط بالأمر . حينما همت باغلاق الباب , تحرك فضولها لرؤية ما تحويه ، باقي رفوف الخزانة في الباب المحاذي , ترددت للحظات قبل التنفيذ , لكن بمجرد أن فتحته , حتى أصيبت بصدمة عمرها كانت هناك الكثير من الأكياس , و العلب المرتبة بكل عناية , عليها بطاقات كتب عليها تاريخ الاقتناء و المفاجأة كان اسمها مدونا على سطح كل واحدة فيها , و قد كانت كلها هدايا من أجلها , هي تعلم أن علي حينما يسافر , يقتني الكثير من الهدايا للجميع , و يكتب الأسماء على الغلاف , حتى لا يخلط بينها و يضطر لفتحها , لكنها لم تعرف يوما أن لديها نصيبا من كل هذا . بلعت ملك ريقها الذي جف و مدت يدها بحذر , و بدأت تقلب العلب و تقرأ التواريخ و الماركات تباعا , و قد كانت كلها تحوي أغراضا ثمينة , من كل أنحاء العالم تقريبا , رغم شعورها بالغرابة , لكن ما أثار دهشتها فعلا , هو أن بعض التواريخ تعود الى فترة بسيطة , بعد وصولها الى هنا و اقامتها في بيته . " هل يعني هذا أن علي , كان يشتري هذه الهدايا من أجلها , حينما كانا يوشكان على اقتلاع عيني بعضهما ؟ " بدا الأمر غريبا بالنسبة لها و غير قابل للتصديق , فلا أحد يشتري هدية لشخص يكرهه بشدة . لكن بالتفكير مليا في الأمر ، لطالما كان علي كالمتاهة بالنسبة لها , شخص من الصعب قراءة أفكاره و تخمين تصرفاته , و قد تكون هذه احدى أفعاله الغامضة , التي لا تجد لها تفسيرا . " لكن لم لم يعطها اياها ؟ " فكرت ملك محاولة الاستيعاب ، لكنها لم تطل التخمين لأن الجواب واضح " هي لم تكن لتقبلها و هو يعلم هذا , فلطالما أخبرته أنها لن تأخذ منه شيئا , لم اذا كان يشتريها من الأساس ؟ " تنهدت ملك بذهن مشوش , و قلبت العلب قليلا بعد , قبل أن تنتبه الى أكياس معلقة الى جانب الرفوف , و دفعها فضولها مجددا الى استقصاء الأمر ، و القاء نظرة في الداخل مع بعض التوجس مما ستراه . هناك كان القفطان الذي اشتراه علي ، من أجلها لحضور العشاء معه , و الى جانبه الطقم الذي حضرت به خطوبة كريم , حتى الأحذية و الحقائب المرافقة لها كانت هناك , محفوظة بكل عناية و نظام . استغربت ملك لم لم يتخلص منها , كما أخبرها حينما أعادتها له ؟ لم يحتفظ بأشياء مستعملة , و هو نفسه قال أنه لا يهدي غيرها ما استعملته ؟ أو ربما فقط لأنها تخصها فقد احتفظ بها ؟ لا يبدو بأن هناك تفسيرا غير هذا . بالتفكير في هذا الاحتمال ، شعرت ملك بالدفء في قلبها , ففي النهاية هي امرأة ، أكيد ستتأثر باهتمام رجل مميز مثل علي " أو لأنه علي و ليس رجلا آخر ؟ " سألت نفسها بتوتر , و قد انتابتها فجأة مشاعر غريبة , جعلت صدرها ينقبض بشدة , فلطالما اهتم بها الكثير من الرجال , لكن لم يسعدها الأمر يوما الا مع علي . أخذت ملك بعدها نفسا عميقا , و سارعت لتشتيت انتباهها , مدت يدها الى علبة المجوهرات الموجودة في الأعلى , و قد استنتجت سلفا أنها الحلي , التي ارتدتها مع هذه الملابس , لكن بمجرد أن فتحتها , حتى أصيبت بصدمة أخرى , فإضافة الى المجوهرات التي اقتناها علي , رأت هناك العقد و السوار الخاصين بها , و الذين باعتهما سابقا للصائغ لإعادة ثمن العدسات . علي وضعها هنا لثقته , أنها لن تصل أبدا إليها ، لم يعلم بأنه سيأتي يوم تقيم فيه ملك في غرفته , و تبحث بين أغراضه لتطالها يدها . لم تصدق ملك عينيها بداية , و تلمست الحلي للتأكد منها , و سرعان ما دحظت ظنونها , هي لا يمكن أن تخطيء , هدية والدتها العزيزة على قلبها , و السؤال الوحيد الذي تبادر الى ذهنها " كيف وصلت الى هنا ؟ كيف حصل عليها علي و لماذا ؟ " تساءلت بحيرة كبيرة مما تراه " لماذا يهتم علي باستعادة ما يخصها ؟ " سؤال آخر دون جواب واضح شعرت ملك بالتشوش أكثر ، وهنت ركبتاها و تراجعت الى الخلف ، حتى جلست على كرسي , الى جانب المرآة تلتقط أنفاسها , و بدأت ذاكرتها تسترجع تدريجيا , كل ما مرت به منذ وصولها الى هنا , بحثا عن أجوبة مقنعة لكل ما رأته صحيح أنهما كانا يتقاتلان طوال الوقت , صحيح أنه كان يستفزها بكل طريقة ممكنة , لكن بالتفكير المعمق في الأمر ، عدا جنون الأيام الأولى , و ما فعله علي معها بسبب سوء الفهم ذاك , لم يحدث شيء سيء لاحقا من طرفه . بالعكس هي من كان يفقد علي صوابه , و يجادله على كل تفصيل , لدرجة أنه أصبح يسايرها و يقبل بما تطلبه , حتى ما اعتقدته في بعض الأحيان اساءة لها , اكتشفت لاحقا أن هدفه منه كان مختلفا . تذكرت ملك فجأة كيف دافع علي عنها , طوال الوقت أمام الآخرين , تذكرت كيف كان يقول عنها بكل ثقة أنها زوجته و شرفه , تذكرت كيف دفعها للتخلي عن عملها كنادلة و خادمة , و كيف ائتمنها على زوجته و ابنته , تذكرت حنانه خوفه عليها و اهتمامه بها , و تذكرت مراعاته لمشاعرها حتى أثناء ثوراتها , و اهتمامه بكل تفاصيل حياتها . شعرت ملك فجأة بخفقان شديد في قلبها , و كأنه يوشك على القفز خارج قفصها الصدري , بالعودة الى الماضي القريب اكتشفت ملك , أن معاملته معها كانت دائما مميزة , لا تمت بصلة لمعاملته مع غيرها , و لا تعكس كرهه المزعوم لها , بالعكس كانت دائما على لائحة اهتماماته , مهما بلغ انشغاله و انهاكه , شيء لا يفعله الا مع قلة من الناس . و هي التي اعتقدت أنه كان يراعي مشاعرها , انطلاقا من شعوره بالندم , لما فعله معها و رغبته في التعويض . فجأة قفزت فكرة مخيفة الى رأسها " هل يعقل أن ما يقوله الجميع , عن أنه مغرم بها حقيقي ؟ " مريم قالت ذلك على فراش الموت , و فاطمة لمحت الى ذلك مرارا , أما علياء فقد ذكرت ذلك أكثر من مرة صراحة , حتى كريم أشار الى أمر أن , مكانتها لدى علي مميزة , دون أن تنسى تحليل الطبيبة النفسية ذلك اليوم و الأكثر غرابة أنه لم يكن ينفي الأمر أبدا , لم يفعل ذلك في أية مناسبة . " هل تعرفين أن زوجك يحبك الآن و بجنون ؟ " كان السؤال الذي سخرت منه سابقا , و الذي يفرض نفسه بقوة الآن . رفعت ملك رأسها لتحدق الى ملامحها , في المرآة مقابلها و تسأل نفسها مجددا " يا الهي هل هذا معقول حتى ؟ " هزت ملك رأسها بانكار شديد و استهجان , لا تريد تصديق التحليل الذي توصل اليه عقلها , فعلي رجل مباشر لا يخاف شيئا و جريء حد الجنون , ان كان فعلا مهتما بها كما يزعمون , ما كان أخفى الأمر عنها , و اعترف لها مباشرة أليس كذلك ؟ بالتفكير في الأمر شعرت ملك بثقل يطبق على صدرها , و انتبهت الى أمر آخر قلبها , و سألت نفسها أخيرا " و أنت ؟ " راقبت ملك ملامحها مجددا , شحب وجهها و اتسعت عيناها عن آخرها , و كأن غشاوة زالت عنهما " يا الهي ملك هل تحبينه فعلا ؟ " شهقت ملك لاكتشافها الحقيقة الوحيدة , التي كانت تتجاهلها منذ مدة , فهي لطالما تهربت من فكرة , أن علي يحمل مشاعر ناحيتها , لدرجة أن أغفلت مشاعرها هي الخاصة , كمن يفر من نار تلاحقه , ليجد نفسه داخل حفرة عميقة هي راقبت تصرفات ذلك الرجل مطولا , لدرجة توقفت فيها عن تحليل مشاعرها و أحاسيسها , أو بالأحرى أوقفتها دون وعي منها . اجتاحها فجأة شعور عارم بالخوف و سارعت للانكار " لا لا يمكنك فعل ذلك ملك , أنت لا تحبينه لا يمكن أن تعطيه فرصة , لا يمكن أن تبقي معه بعد كل ما حصل " كان عقل ملك من يتكلم , متسببا بألم مبرح لقلبها , الذي كان يحاول اسماع صوته المعارض بداخلها , و يجرها الى حافة الجنون " لكنه رجل جيد ملك و ربما يحبك فعلا , لطالما كانت مواصفاته مطابقة لرجل أحلامك , لم لا تعطينه فرصة ملك ؟ لم لا تعطين فرصة لنفسك للحصول على السعادة ؟ " لكن عقلها كان قد دخل في نوبة ذعر , متسببا في ثورة و رافضا للأمر رفضا تاما " لا ملك مستحيل , ما تفكرين به مستحيل , أية سعادة هذه هل جننت ؟ لا يمكنك أن تكوني ضعيفة هكذا , هذا الرجل سرق سنة من عمرك , و أحدث قطيعة مع والديك , و تسبب في غضبهما منك , هذا الرجل ضيع دراستك و عملك , و احتجزك هنا كشيء يمتلكه , دون منحك فرصة للتحرر , هذا الرجل كاد يتسبب في سجنك , و أهنت بسببه كما لم يحدث يوما في حياتك , مهما كانت محاسنه و مشاعره المزعومة , لا شيء يمحي كل الألم و المعاناة , التي تسبب لك و لوالديك فيها " و رد قلبها مستعطفا " لكن أنت مغرمة به , لا يمكنك الكذب على نفسك , هو الرجل الذي لطالما حلمت به , و رفضت الكثيرين أملا في الالتقاء به , لا يمكنك تضييعه من يديك , و طرده من حياتك هكذا " ارتجفت يداها و اختنق صدرها , و قد أدركت توكيد مشاعرها المبهمة , التي لطالما أنكرتها و موهت على حقيقتها . " يا عيون علي " سمعت ملك مجددا , ذلك الاسم الذي يناديها به بصوت حنون , و تذكرت كل تلك القبلات و الأحضان , و كل تلك التلميحات التي كان يقولها أمامها , و هي كانت تتجاهلها كالبلهاء . " أنت زوجتي " " حبيبتي " " يا روح علي " أضاف قلبها سيلا من العبارات , التي لطالما رددها على مسامعها , جارا اياها الى حدود الانهيار . أغمضت ملك عينيها بشدة , و وضعت يديها على أذنيها , و كأنها تريد ايقاف كل ذلك العراك الطاحن داخلها " كفى توقف , يا الهي هل أصبحت أعاني من متلازمة ستوكهولم ؟ كل هذا غير معقول , هو لم يطلب شيئا , أنا وحدي من يخمن الأمر , هو لم يعترف بشيء لا شيء , ماذا ملك هل تريدين الاستمرار في اذلال نفسك , مع رجل تعتقدين فقط أنه , يحمل مشاعر ناحيتك دون أي دليل ؟ اذا فعلت سيعتقد أنك دون كرامة , لن يردعه شيء لاحقا عن اذلالك و اهانتك , لأنه يعلم أنك ستبقين مهما داس عليك , هل ستضحين بأهلك مستقبلك و كرامتك , من أجل رجل أظهر بعض الاهتمام ؟ أيتها الغبية هو حتى لم يفكر في الاعتذار , بطريقة لائقة عن كل ما حصل " لامت ملك نفسها بشدة , و قد بدأت الدموع بالتجمع في عينيها اللتين أغلقتهما بشدة فقد كان كلامها واقعيا , و لكن مؤلما جدا لقلبها , كان و كأنه ينزف دما و على وشك الاحتضار , بدأت ملك تلتقط أنفاسا متسارعة , لتفادي نوبة الذعر التي كانت على وشك الحصول , وضعت يدها على فمها , لكتم بكائها و قد أغرقت دموعها وجهها . بعد دقائق فتحت ملك عينيها فجأة , و كلمت نفسها بنبرة شديدة اللهجة , كانت نظرتها حادة و ملتهبة , و كأن روحها الثائرة أطلت من عينيها , و قد بات واضحا أنها حزمت أمرها , و أن عقلها قد كسب الجدال بتفوق " ما حصل خلال الأيام الماضية لا يجب أن يتكرر , لا تسمحي له بلمسك هكذا كلما أراد , لا تسمحي له بتقبيلك ملك , هو لا يملك الحق في ذلك , عقد الزواج ذاك لم يكن بارادتك , و لن يكون شرعيا يوما , لذلك توقفي عن التفكير بسراب , فهو لا يفكر جدية في تصحيح الوضع " توقفت عيناها فجأة عن البكاء ، و كأن دموعها تحجرت هناك , بعد أن اتخذت قرارها همست لنفسها بتصميم بالغ " لم يبق سوى شهرين , تسعة أسابيع و ينتهي كل هذا الوهم عليك أن تبعديه عن حياتك ملك لا تعطه أي أمل , عليك أن ترحلي بمجرد أن تنتهي السنة , و الا ستبقين أسيرته طوال عمرك " . أعاني من خمول هذه الأيام و لا أرغب في الكتابة , أتمنى أن يكون الفصل في المستوى بالكاد استطعت اكماله ربما هو التأثير النفسي لقرب النهاية , لا أجيد تحمل الفراق عادة , عذرا على تقلباتي المزاجية . أحب أعرف رأيكم في طريقة تفكير ملك و قراراتها مع أو ضد ؟ المهم اربطوا الأحزمة لأن البارتات القادمة دمار شامل 😉 . 😘💞💞 ..... | ||||
14-01-21, 11:36 PM | #2110 | |||||
| اقتباس:
بالعكس حبيبتي لا شيء يسعد قلبي بقدر سماع اراءكم حتى المنتقدة منها فالصمت هو ما يقتل شغف الكاتب و يثبط عزيمته 💖💖💖 و لا شيء يرفع معنوياتي بقدر ايصالي لرساءلي كما اريدها 💘 و ان شاء الله ما تكون آخر مرة تعلقي فيها 😉 شكرا على الاطراء الجميل و الدعم الرائع و كلي اذان صاغية لأية تعليقات تشرفوني بحضوركم حبيباتي 💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 | |||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|