آخر 10 مشاركات
تبكيك أوراق الخريف (4) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          للقلب رأي أخر-قلوب أحلام زائرة-لدرة القلم::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          هل يصفح القلب؟-قلوب شرقية(33)-[حصرياً]للكاتبة:: Asma Ahmed(كاملة)*مميزة* (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          أغلى من الياقوت: الجزء الأول من سلسلة أحجار كريمة. (الكاتـب : سيلينان - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          39 - ابنة الريح -روايات أحلام قديمة (الكاتـب : فرح - )           »          [تحميل] الــخــوف مــن الــحــب للكاتبة : bent ommha (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-01-21, 09:49 PM   #2101

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي


البارت بعد ساعة من الآن ان شاء الله لا تروحوا بعيد

ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 10:02 PM   #2102

ام ادم منير

? العضوٌ??? » 398040
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 116
?  نُقآطِيْ » ام ادم منير is on a distinguished road
افتراضي

باسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

ام ادم منير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 10:07 PM   #2103

آلاء الليل

? العضوٌ??? » 472405
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 477
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » آلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجييييل حضوووور 💖💖💖💖😍😍😍😍😍😍🤩🤩🤩🤩🤩🤩🤩🤩🤗🤗🤗🤗🤗🤗

آلاء الليل غير متواجد حالياً  
التوقيع
تابعوا معنا رواية أسيرة الثلاثمئةيوم للكاتبة المتألقة ملك علي على الرابط التالي
https://www.rewity.com/forum/t471930.html
رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 10:09 PM   #2104

hanan11eg

? العضوٌ??? » 398005
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,117
?  نُقآطِيْ » hanan11eg is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم

hanan11eg غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 10:20 PM   #2105

توتا احمد غ
 
الصورة الرمزية توتا احمد غ

? العضوٌ??? » 474336
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » توتا احمد غ is on a distinguished road
افتراضي

في الانتظااااار على نااااااار

توتا احمد غ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 10:45 PM   #2106

سامارمينا

? العضوٌ??? » 483572
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 36
?  نُقآطِيْ » سامارمينا is on a distinguished road
افتراضي

ل سلام قصة جميلة جميلة جدا

سامارمينا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 11:04 PM   #2107

Hiba mohamed

? العضوٌ??? » 366473
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 562
?  نُقآطِيْ » Hiba mohamed is on a distinguished road
افتراضي

بالانتظار على نااااااار💕💕💕💕

Hiba mohamed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 11:05 PM   #2108

monyati

? العضوٌ??? » 247488
?  التسِجيلٌ » Jun 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,255
?  نُقآطِيْ » monyati is on a distinguished road
افتراضي

في الانتظار على احر من الجمرررر😍😍😍😍😍😍

monyati غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 11:09 PM   #2109

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي




البارت السابع عشر بعد المائة أنت مغرمة به 💔





" ماذا حبيبتي , هل تريدين شيئا ؟ "

سأل علي و أجابته رنا بفضول كبير و عينين متسعتين

" أين البيبي ؟ "



" أي بيبي ؟ "

سأل الاثنان معا باستغراب يعلو وجهيهما , و أجابت رنا بكل براءة و لهفة

" البيبي الذي أحضرته ماما ملك , هي كانت في المستشفى , و لديها جرح في بطنها ,

صديقتي جوليا قالت أنه يجب أن يكون هناك بيبي , تماما مثل والدتها ,
أين هو ؟ "



كانت ملامح ملك المصدومة طريفة جدا , و ما لبث علي أن بدأ بالضحك بصوت عال , مما زاد في احراجها الذي صار عنوان هذا اليوم ,
و الطفلة تقف هناك بكل جدية تطالب بأخيها , الذي تعتقده قدم بعملية قيصرية .

حدقت ملك ناحية علي بحنق , الذي بدل أن ينفي الأمر و يعقل ابنته , يكاد يفقد الوعي من كثرة الضحك , و قد تذكرت ما قالته الطبيبة , عن كون ضحكته ساحرة ,


و لم تجد بما ترد به غير القاء وسادة صغيرة , مما يحيط بها في وجهه , ليلتقطها هو بسهولة دون التوقف عن القهقهة .



بعد دقائق تمالك علي نفسه أخيرا , أمسك بيدي ابنته المحتارة بين يديه , و أخبرها بكل هدوء محاولا عدم الابتسام

" حبيبتي ليس هناك بيبي , لأن جرح ماما ملك ناتج عن مرضها "


تنهدت ملك لأنه تدخل أخيرا , لكن رنا استمرت تحدق بينهما , و كأنها لا تصدق ما قاله والدها لتضيف

" لكنني أحببته و كنت أنتظره "


عبست الطفلة بحزن و قد خاب أملها , هي كانت تريد رؤية البيبي بشدة و اللعب معه ,
مما يفسر اصرارها على القدوم هنا على جناح السرعة , معتقدة أنهم يخبئونه عنها .



صمت علي قليلا مراقبا الارتياح على وجه ملك , لكنه لا يملك إلا أن يرى الاحراج الذي أدمنه ,
لذلك أضاف بشغبه المعهود

" حسنا حبيبتي لا تحزني , صحيح ليس هناك بيبي حاليا ,
لكن أعدك أن المرة القادمة التي ستذهب فيها , ماما ملك الى المستشفى ستعود مع بيبي "



لمعت عينا الطفلة بفرحة , و قررت الاشتراط أكثر

" فعلا ؟ أريد اثنين اذا "

ابتسم علي فابنته تعتقد أنهم يحصلون , على المواليد تحت الطلب بضغطة زر , و لم يجد غير مسايرتها

" حسنا سنرى لاحقا هذا الأمر "




"...."

صدمت ملك لتصريحه مع ابنته , و هما يتفاوضان بكل جدية حول انجابها ,
و كأنها آلة صنع آيس كريم , و أصبح لون وجهها مثل حبة طماطم ,


أما رنا فقد ابتسمت ببهجة كبيرة , ظهرت معها غمازتيها الجميلتين , و سارعت لأخذ وعد من والدها

" وعد ؟ "



ابتسم هو لها و رفع يده ملقيا نظرة ساخرة , ناحية المرأة المحتقنة الى جواره , و التي انعقد لسانها من الصدمة

" وعد "



قفزت عليهما الطفلة بعدها , مثل دب بري لتأخذ قبلات كثيرة , ثم ما لبث و أن أقنعها بالمغادرة ،
حتى تسمح لملك بأخذ قسط من الراحة ,


لكن هذه الأخيرة كانت منزعجة مما فعله , و بدأت بتأنيبه بمجرد أن اختفت ابنته من الغرفة

" لماذا تعطي الطفلة وعدا كاذبا ألا تخجل ؟
ستحزن لاحقا حينما تكتشف الحقيقة "


يا إلهي هذه رابع مرة تطلق كذبة بشأن حملها ، لم يراودها شعور غريب , بأن الأمر سيصبح حقيقيا في آخر المطاف ؟

رددت ملك لنفسها بسخط , و هي تحاول ألا تقوم و تضرب علي على كذبته .



في المقابل أبدى علي لا مبالاته بما قالته , و أجاب و هو يعدل الوسادة تحت رأسها , بعد أن أبعد صينية الطعام عن حجرها

" لم أقل أن الأمر سيحصل غدا "




"...."

" يا الهي لم يتصرف هذا الرجل بغرابة اليوم و كأنه ممسوس ؟ "

تذمرت ملك في سرها لكنها قررت تجاهله , هي تعلم أنه قادر على تحويل , أي موضوع للنقاش في صالحه ,

و هي متعبة و ليست قادرة على مجاراة شغبه , لذلك انصاعت حينما أمسك كتفها , و طلب منها أن تستلقي بلطف

" هيا عليك أن تنامي قليلا , الطبيب أوصى بالراحة التامة ,
الممرضة التي ستعتني بك ستكون هنا بعد قليل "



استلقت ملك باستسلام و عدل علي غطاءها , دون تذمر أو تعليق منها , و كأنها تعودت على ما يفعله معها ليضيف

" سأجلس هناك لأعمل قليلا , في حالة احتجت أي شيء "



نظرت اليه ملك باستغراب و سألته

" أليس لديك عمل اليوم ؟ "



" لا أخذت اجازة سأبقى معك اليوم "

اتجه علي بعدها الى الصوفة المقابلة , جلس و وضع رجلا على رجل , ثم فتح لوحه الالكتروني للعمل عليه ,
مع بعض الملفات الورقية الى جانبه , و سرعان ما انهمك بكل تركيز فيما يفعله .



استمرت ملك بالتحديق ناحيته لبضع دقائق , و هي غير مصدقة لما آلت إليه علاقتهما ,
و قد أصبحا على وفاق غريب , بعد كل ما حصل بينهما ,

فهذا الرجل الذي كان يكرهها , و يحقد عليها حد الرغبة في قتلها , هو نفسه الذي يجلس قبالتها يحرسها , يبتسم لها لطمأنتها و يفزع لألمها .

" كيف أن الدنيا غريبة و غير مؤتمنة ؟ "

تنهدت ملك بعمق قبل أن ترتخي رموشها و يختطفها النعاس , لتنام بعدها بعمق تحت أنظار علي .





بعد مرور ساعة بدأت ملك بالتململ و الأنين بخفوت , وضع علي ما في يده و اتجه ناحية السرير , معتقدا أنها استيقظت و أن شيئا ما يؤلمها ,

لكنه تفاجأ بأنها لا تزال نائمة , بوجه شاحب و جبينها يتصبب عرقا , كانت ملامح الانزعاج بادية عليها و هي تقطب حاجبيها , و قد أصبح أنينها أكثر سوءا .



فهم علي مباشرة أنها ترى كابوسا , خاصة بعدما بدأت تهمهم بكلمات غير مفهومة

" لا تفعل أرجوك , ابتعد لا لا "



استمر علي بالوقوف الى جوار السرير , منتظرا بصبر أن تستفيق من كابوسها ,
لكن حينما أصبح حالها أكثر سوءا , جلس الى جانبها على طرف الفراش و قرر ايقاظها

" ملك ملك استيقظي "



بعد أن حركها بلطف لبضع مرات , فتحت ملك عينيها عن آخرها برعب , و صرخت بكل قوة على اسم علي , تماما كيوم الحادثة و قامت بسرعة

بمجرد أن جلست مكانها , سارعت لاحتضان أول شخص قابلها , تشبثت به و كأنها تغرق و تحاول النجاة .



جفل علي لحركتها المفاجئة , فقد كانت تدفن رأسها في رقبته , تحاوط خصره بيديها الاثنتين , متمسكة بقميصه بشدة من الخلف ,

كانت تلهث تحاول التقاط أنفاسها المتسارعة , و كأنها توقفت لتوها عن الركض ,
و قد أصبح تعرقها أسوء , لدرجة التصق فيها شعرها بوجهها .



لم يفهم علي ما الذي رأته بالضبط , لكنه كان متأكدا من أمر واحد , أن ما عاشته في الكابوس يخصه ,
و أغلب الظن أنه استعادة , لما حصل معهما بطريقة سيئة .

الطبيبة قالت أنها ستعاني من اعتلال بعد الأزمة , و كانت تعطيها بعض المنومات , حتى تتمكن من النوم خلال الليل دون كوابيس ,
لكنها أوقفتها مباشرة قبل خروجها , حتى لا تدمن ملك عليها .


يبدو واضحا أنها ستكون بحاجة الى رعاية , نفسية مكثفة خلال الفترة القادمة ,

لذلك أخذ علي ملاحظة , للاتصال على الدكتورة انصاف لاحقا من أجل التكفل بها , ملك تتفاهم معها و ستكون مفيدة لحالتها .



سارع علي الى مواساتها و تهدئتها , فهذا أكثر ما تحتاجه الآن , لذلك بادر لتطويقها بذراعه ,
و وضع يده الأخرى على شعرها يحاول تهدئة روعها

" اهدئي ملك مجرد حلم سيء , كانت مجرد تخيلات سيئة ,
لم يحصل شيء مما رأيته , أنا هنا لن أسمح بحصول أي مكروه لك "

كان علي يهمس لها و يربت على شعرها , لتستكين المرأة بين ذراعيه كدمية قش .



في البداية كانت ملك مغيبة بسبب تشوش ذهنها , لكن سرعان ما هدأت أنفاسها , و استعادت تدريجيا وعيها كاملا , لتجد نفسها في حضن علي ,
و قد كان لرائحة عطره المميزة , مفعول السحر على نوبة ذعرها ,

بادراك وضعها الغريب انسحبت ملك ببطء , و لم يصر علي على ابقائها , رغم رغبته الشديدة في ذلك .



بعد أن هدأت حالتها تماما , ناولها علي كأس ماء و سألها باهتمام

" هل كان كابوسا ؟ "

أومأت ملك برأسها ايجابا , و هي تحاول تناسي ما حلمت به .



" هل كان يخصني ؟ "

سأل علي و هو شبه متأكد من أن الاجابة

" نعم "

و الا ما كانت تصرخ باسمه طوال الوقت , و أكدت هي الأمر بقول اممم تحت أنفاسها .

شعر علي بوخزة في قلبه , لا شيء يؤلمه بقدر التسبب بالألم لملك .



" هل كانوا يطلقون النار علي ؟ "

استفسر مجددا و هو يمسح على خدها بابهامه .

حولت ملك عينيها ناحيته بشرود , و كأنها تفكر فيما عليها قوله , قبل أن تهمس له بنبرة خائفة

" كان سكينا هذه المرة "



" و هل أصبت ؟ "

شعر علي بالفضول لمعرفة التفاصيل , أشاحت ملك بعينيها ناحية الغطاء , و كأنها أصيبت بالاحراج من الرد عليه , لكنها أجابته بصراحة بصوت هامس

" لا أنا من أصيب "




"...."

شعر علي بالسكين تخترق قلبه فعليا , فهذه المرأة كانت قبل ساعة تقول , بأنها كانت حركة متهورة في لحظة مجنونة ,

لكنها لا تتردد في أخذ المبادرة , لتفديه في كل مرة حتى في الحلم .


لم يجد علي الا أن قبلها على جبينها , و أعادها الى حضنه مجددا , لا يريدها أن تبتعد عنه للحظة واحدة ,

لم تقاومه ملك هذه المرة , و جلست هناك بكل هدوء , و قد كان الأمر يواسيها فعلا .




بعد مرور خمس دقائق و علي يحتضنها , أخذت ملك نفسا عميقا فجأة ، و تحدثت بصوت مرتجف

" علي دم هناك دم "



شعر علي بالرعب لسماع كلماتها , و أطلقها محاولا فهم الأمر , بمجرد أن ألقى نظرة حتى ارتجفت يداه , لرؤية دم يلطخ ثوبها الأبيض مقابل الجرح .

دخل الرجل مباشرة في نوبة هلع , اتسعت عيناه و غص حلقه , و هو يحدق الى اللون الأحمر القاني , الذي يغرق ثوبها ليبدأ بالصراخ بذعر

" يا الهي ملك , ملك هل أنت بخير هل تأذيت ؟
يا الهي هل فتح الجرح ؟ "




لم تكن ملك تشعر بألم كبير , لذلك رجحت أن تكون مجرد عقدة سطحية انفكت , بسبب جلوسها بعنف بعد رؤية الكابوس ,

لكنها لم تجد سبيلا لتهدئة علي , الذي أقام الدنيا و أحدث فوضى كبيرة , استدعى الخادمات و فاطمة و الممرضة التي وصلت قبل دقائق ,
و قد كان يصرخ كالمجنون , مثيرا حالة استنفار داخل المنزل



" علي أنا بخير , أنظر لا شيء يؤلمني , لا داعي للخوف "

حاولت ملك تخفيف وطأة الأمر عليه لكن دون جدوى , فقد كان علي كمن أصيب بالصمم , و لم يعد يرى أمامه الا بقعة الدم الصغيرة ,

استمر بعدها في امساك يديها , و هو على وشك فقدان وعيه ,
لدرجة أن ملك ندمت لأنها أخبرته بالأمر , لم تتخيل أن ردة فعله ستكون بهذا الشكل .



أمام حالة الصدمة التي دخل فيها , ما كان من ملك الا أن تقدمت , أمسكت بوجهه بين يديها , و جعلته ينظر الى عينيها مباشرة

" علي أنظر الي "

كلمته بصوتها الرقيق دون أن تطلق وجنتيه , بعد دقيقة بدأ علي بالتركيز , على وجهها بدل مكان النزيف

" علي أنا بخير , لا يؤلمني شيء أقسم ,
لا بأس اهدأ أرجوك "

قالت بصوت هاديء لطمأنته , و هز علي رأسه دون قول كلمة .



بعد دقيقتين قاطعتهما الممرضة ، التي كانت تقف هناك لا تجد ما تقوله

" سيدتي دعيني أكشف على الجرح "



استفاق علي أخيرا على صوت المرأة , و وقف من مكانه ليخلي لها مساحة , لكنه بقي ممسكا بيد ملك رافضا الذهاب .

كان علي يقف متصلبا , يشيح بوجهه الى الجهة الأخرى , و كلما تحركت ملك زاد ضغطه على يدها , و كأنه يمنحها بعضا من قوته .



بعد الفحص أكدت الممرضة ما شكت به ملك , فقد انفكت عقدة سطحية , كانت مشدودة قليلا بسبب الضغط , لكن لم يكن هناك أمر خطير .


شعر علي بالراحة أخيرا و ابتسم لها , و لم تملك ملك إلا أن يرفرف قلبها بشدة , لرؤية الرجل الذي لا يهزه شيء , يرتعب لمجرد رؤية نزيف بسيط ,

علي الذي بدا واضحا من ردة فعله , أنه لا يحب منظر الدم و الجروح ,
الا أنه يقف هناك بعناد , يرفض المغادرة حتى يطمئن عليها ,

و قد كان الرجل الوحيد الذي سبق , و أن تألم لألمها بهذا التأثر هو والدها .



هي تتذكر حينما كانت في عمر الثامنة , و وقعت عن الدراجة و آذت رجلها ,

كانت تبكي بصوت عال , و والدها يحتضنها و يقبل رأسها لمواساتها ,
و الممرضة تقوم بتطهير الجرح و معالجته , لأنه لم يستطع لمسه رغم أنه جراح ,

و كانت كلما أنت أو تأوهت من الألم , سارع لزجر المرأة التي أرعبها بكلماته , و كأنه لم ير جرحا ينزف في حياته .



" لم يبدو الموقف مشابها الآن مع علي ؟ "

لكنه ليس الموقف الوحيد , و قد تكرر الأمر لدرجة صارت , تخاف فيها التفكير في معناه .

فكرت ملك أنها لو كانت الآن في بيتها مع والديها , و حصل معها ما حصل هنا , لكانت تصرفات والدها تماما كما يفعل علي معها ,


فعز الدين كان يجبرها على البقاء في السرير لأيام , لمجرد اصابتها برشح بسيط , و قد اكتشفت للتو أنه يشترك مع علي في تسلطه , حينما يكون الأمر في صالحها .



غاصت ملك في ذكرياتها , مع ابتسامة حنين على جانب فمها , و لم تدر بنفسها الا و فاطمة تقف قبالتها ,
تحمل ثوبا جديدا في يدها , باللون الزهري هذه المرة ,
و تطلب منها السماح لها بمساعدتها , في تغيير ملابسها التي لطخها الدم .



انسحب بعدها علي بهدوء , و قد اطمأن أنها بخير , لكنه لم يطل الغياب فقد عاد بعد ساعة ,
و كانت ملك تغط في نوم عميق مرة أخرى ,

فما كان منه الا أن جلس على الصوفة , و استكمل عمله بهدوء , مع حواس مستنفرة لأية بوادر كوابيس .

و كانت ملك طوال الوقت , تستيقظ لتجد علي يجلس قبالتها منهمك في عمله , ثم تعود للنوم مجددا , و كأنها لم تنم بهذه الراحة منذ سنوات .




بعد تناول العشاء دائما تحت المراقبة الدقيقة من علي , عادت ملك للاستلقاء بتأفف , و قد بدأت تسأم بالفعل من البقاء مطولا في السرير ,

لكنها تعلم أن علي لن يسمح لها بالمغادرة , و قد يربطها الى الفراش ان تحتم الأمر .

بعد أن عدل علي غطاءها أخذ احدى مناماته , دخل الى الحمام أخذ دشا و غير ملابسه ,
ثم عاد و بدأ في جمع أغراضه المتناثرة , حتى يتسنى له النوم .



كانت ملك تلاحقه بعينيها بفضول , و ما لبثت أن سألته بتردد

" أين ستنام ؟ "



وقف علي مكانه و نظر إليها بتمعن , ثم أجاب بكل بساطة

" هنا هذه غرفة نومي , أين تريدينني أن أنام ؟ "



شحب وجه ملك قليلا , و هي لا تفهم ماذا يقصد

" هل تعني هنا على هذا السرير ؟ "

سألت بتوجس و فهم علي سبب ارتباكها , لذلك قرر مشاغبتها كعادته ,
ردا لجميلها في ارعابه سابقا

" أجل في النهاية السرير واسع , و يمكن أن يسع خمسة أشخاص "

ثم ابتسم و وقف يراقب الصدمة في عينيها ,

هو كان يستمتع باستفزازها فقط , لكنه شعر باستياء يعتريه فجأة , حينما أزاحت ملك الغطاء عنها , و همت بالنهوض بصعوبة بالغة .




خطا علي بسرعة ناحيتها , و أوقفها واضعا يديه على كتفيها , محاولا السيطرة على نفسه ,
حتى لا يبدأ بالصراخ لتفريغ شحنة غيظه ,

رفعت ملك وجهها ناحيته و قد زاد شحوبها , و هي تحدق بخوف الى وجهه ,
الذي أصبحت تعلوه تعابير جدية , مع مسحة ألم في عينيه .

لم تفهم ملك سبب تجهم ملامحه , حتى تكلم بصوت هادئ يملؤه الاستياء

" هل رأيك في سيء الى درجة , أنك تعتقدين أنني سافل منحط ,
قد أقدم على التحرش بامرأة مريضة ؟ "



بسماع سؤاله شعرت ملك , هي الأخرى بوخزة في قلبها , دون أن تدرك أن ألمه يؤلمها هي أيضا ,

نظر علي بترقب قاتل الى وجهها , و سارعت ملك لهز رأسها بالنفي ,
هي تعلم لو أنه كان كذلك , ما كان انتظر الى الآن لفعل ما يرغب به .



شعر علي ببعض الراحة لرؤية اجابتها , التي منحت روحه بعض الثقة , كان سيفقد عقله ان هي قالت العكس ,

لكنه أدرك أنه لا يمكنه لومها ، بل عليه أن يلوم نفسه , لأنه هو من أوحى لها بمقدرته على فعل ذلك , و الآن هو يدفع ثمن تهوره .


كان قلب ملك يدق بجنون , و علي يتمسك بكتفيها يرفض اطلاقها , حدق الى عينيها قليلا بعد , ثم أشار الى الصوفة برأسه

" سأنام هناك "



استقام بعدها ليعود أدراجه , لكن ملك سارعت للتمسك به مجددا , و استعادت انتباهه مرة أخرى

بلعت ريقها بعناء ثم قالت بصوت محرج

" الصوفة صغيرة لن تسعك , لا أريد أن تقلق راحتك , أنت تحتاج النوم أيضا ,
خاصة أن بإمكاني النوم في مكان آخر "



حدق علي الى عينيها محاولا استبيان صدقها , خف انزعاجه السابق قليلا برؤية اهتمامها , ثم هز رأسه رافضا

" لا لن تذهبي الى أي مكان , ستبقين أنت هنا و سأنام أنا هناك ,
إلا اذا كنت تريدين أن نتشارك السرير , أنت اختاري "



جفلت ملك من كلامه , و أطلقت يده فورا و كأن نحلة لسعتها

" حسنا لا بأس سأنام هنا "


سارعت لاختيار أكثر اجابة مناسبة , ثم عادت للاستلقاء و سحبت الغطاء عليها , متجاهلة ابتسامة الرضا على وجه هذا المستفز ,
و هي فعلا لا تعرف كيف ينجح , تهديده لها في كل مرة ؟

عاد علي و عدل غطاءها مجددا , سحب بعدها لحافا من الخزانة و أخذ وسادة , ثم استلقى على الصوفة و أطفأ الأضواء .



ساد بعدها صمت تام الغرفة , و لم يكن يسمع الا صوت تنفسهما , تقلبت ملك مرارا بعدم راحة ,
و هي تشعر بالغرابة لهذه الوضعية , التي بدأت في المشفى و استمرت الى هنا ,

لكن هناك على الأقل , كان الكثير من الزوار يدخلون و يخرجون ,
أما هنا فلأول مرة تتقاسم الغرفة مع رجل غريب وحدها , و هي حتى لا تحاول جهدها للمغادرة .



في المقابل كان علي يشعر , بحماس كبير لوجود ملك معه هنا , ففي وقت قريب كانت تهاب الاقتراب حتى من باب غرفته ,

لكن احباطا كبيرا كان يتغلغل الى روحه , و هي تستلقي هناك على سريره , و هو غير قادر على أن يدنو منها كما يشتهي قلبه ,

لو أن الظروف كانت عادلة , لكان يحتضنها الآن و يبثها حبه , ثم يغرقا في نوم عميق مستمتعين بدفء بعضهما .

رغم سعادته و رضاه بهذا التطور الطفيف , الا أن الواقع الذي يعيشه يقول , أن الأمر سيتأجل الى وقت لاحق ,

خاصة مع ردة فعل ملك المعارضة التي رآها قبل قليل , حينما لمح الى الموضوع مجرد تلميح .





بعد مرور ساعتين لم يتمكن أي منهما من النوم , فقررت ملك أن تفتح حديثا و قد شعرت بالملل

" علي "

نادت عليه بصوت خافت , محاولة التأكد أنه لم ينم بعد .



كان علي قد بدأ يغفو ، بالكاد سمعها تنادي اسمه وسط وعيه الضبابي , و دون تفكير منه رد بصوته الأجش

" يا عيون علي "



جفلت ملك و تيبست حركتها بسماع ما قاله , ارتعش قلبها من نبرة الحنان التي حملتها كلماته ,

و تذكرت فجأة ذلك اليوم حينما تم تخديرها , و تلك الأحلام التي راودتها , بشأن رجل غامض يحتضنها و يحنو عليها .



" يا الهي نفس الكلمات بنفس النبرة "

أيعقل أن يكون الرجل الذي في الحلم حقيقة ؟

هل يعقل أن علي هو من كان يضمها ,
يقبل رأسها و يحاول تهدئتها فعلا ؟



لطالما اعتقدت ملك أن تلك مجرد هلاوس , و أن الرجل الذي لا تتذكر وجهه ليلتها , هو والدها الذي تهيأت وجوده معها بسبب حالتها ,
فلمسة الحنان تلك لم تشعر بها يوما , الا من يد والدها و حضنه .

صحيح أنها رأت وجه علي سابقا خلال أحلامها , لكنها أرجأت الأمر الى توترها النفسي , و تأثير ما يفعله معها على عقلها الباطن ,
خاصة أنه لم يكن هناك سبيل للتأكد من الحقيقة .



لكن رد علي قبل قليل ، أو زلة لسانه غير المقصودة , يؤكد شكوكها التي طالما راودتها

" أنه هو من كان هناك بالفعل ،
و لم تكن مجرد هلوسات أو أحلام "

لم تستطع ملك قول كلمة أخرى , انعقد لسانها و بقيت مستلقية دون حراك ,
و قد اجتاح مزيج من المشاعر الساحرة قلبها و أغرقها بالدفء .



أما علي الذي انتبه لما قاله , بعد أن تحدث لم يبال , بالنسبة له مشاعره واضحة و منذ وقت طويل ,

هو لن يخفيها أبدا خاصة أمامها ، هو فقط يرجيء الأمر الى أن تتحسن حالتها الصحية , لأن الوقت غير مناسب لأي اعتراف ,

و لكنه لن يمنع نفسه من معاملتها , بود و حب الى أن يحين ذلك الوقت .



أمام صمت ملك المريب ، أضاء علي المصباح على الطاولة أمامه و جلس مكانه

" ماذا هناك ؟ ملك هل أنت بخير ؟
هل تحتاجين شيئا ؟ "

سأل بنبرة طبيعية و كأنه لم يقل شيئا غريبا .



لم تجد ملك ما تخفي به ارتباكها , غير طلب كأس ماء , و الذي قام علي من مكانه و ناولها اياه

" هنيئا "

" شكرا لك "



و عادت للاستلقاء مجددا تطبق شفتيها حرجا , لكن علي لم يعد الى مكانه , ليس قبل أن يأخذ قبلته من جبينها و يهمس لها

" تصبحين على خير "


أخذت ملك نفسا عميقا محاولة تهدئة أنفاسها , فهي الآن نادمة فعلا لأنها أيقظته ,

و قد صارت هذه القبلات أمرا روتينيا بينهما , لم تعد ملك تفكر حتى في الاعتراض عليها , رغم حفلة الفراشات التي تطلقها في معدتها .



عاد علي و استلقى مكانه ، و هذه المرة غالبه النعاس سريعا , لكن ليس قبل أن يسمع ملك , تتمنى له ليلة سعيدة ,

ارتسمت بها بسمة صغيرة على جانب فمه , و قد تقبلت العنيدة أخيرا , بعض الحب من طرفه دون انزعاج و تذمر , و دون أن تزجره كطفل صغير اقترف حماقة ما .





مع اقتراب الفجر استيقظ علي مجددا , على صوت أنات تنبعث من سريره ,
و سرعان ما أنار الغرفة و جلس مكانه , ثم وقف و اتجه سريعا ناحية المرأة النائمة .

و كما توقع كانت ملك مصدر الصوت , كانت تتشنج بطريقة واضحة تئن و تتصبب عرقا ,
و تتمتم بكلمات غير مفهومة , لكنها كانت لا تزال نائمة , تماما كما حصل صباحا .



أدرك علي حينها أنها ترى كابوسا آخر , سارع و أمسك بيدها و مسح على جبينها , مزيحا خصلات شعرها عن وجهها ,

حاول ايقاظها في البداية , لكنه تراجع حينما هدأت , استكانت و لانت ملامحها المتشنجة ,
و هي متمسكة بيده لا تريد اطلاقها , و كأنها تميمة نجاتها السحرية .



برؤية هدوئها حاول علي سحب يده بلطف , لكنها عادت لانزعاجها و تململها , فما كان منه الا أن جلس الى جانبها ,
و تركها تمسك يده و تحتضنها , بما أنها تشعرها ببعض الأمان ,

هو لا يريد ذعرا آخر بسبب انفتاح جرحها , يكفي ما حصل عليه في الصباح .



بعد مرور كابوسها نامت ملك بعمق , و كان علي يجلس الى جانبها , يمسح على شعرها من وقت الى آخر , و يراقب ملامحها المحببة عن قرب باهتمام ,

لكنه ما لبث أن غفا هو الآخر جالسا , متكئا على الحائط خلفه و ملك تتمسك بيده .

.
.



في الصباح الباكر , كانت ملك أول من استيقظ , فتحت عينيها ببطء كقطة كسولة , و قد أخذت كفايتها من النوم ،

شعرت بالاسترخاء فقد كان الوضع الذي تنام به مريحا , و لكن الوسادة بدت أكثر صلابة مما تتذكر ,

انتبهت ملك فجأة إلى اليد التي تمسك بها , و استفاقت تماما لتجد نفسها تتوسد فخذ علي , الجالس الى جانبها بوضعية مائلة ,

تحتضن يده اليمنى بين أصابعها , تتشبث بها و كأنها طوق نجاة , و يضع هو اليد الأخرى على شعرها , يغط في نوم عميق و رأسه على الحائط .



شعرت ملك بداية بالارتباك , فآخر ما تتذكره أن علي كان ينام على الصوفة ,
فكيف انتقل للجلوس هنا ؟

لكنها تمالكت نفسها سريعا , محاولة عدم التفكير في أمور سيئة , و قد تذكرت الكوابيس التي داهمتها خلال نومها ,

و خمنت أن صوتها ما أيقظه , و الا ما كان جلس هكذا , بهذا الوضع غير المريح ,
و قد راودتها مشاعر شفقة و امتنان ناحيته .



" يا الهي أرجو ألا يستيقظ "

دعت ملك في قلبها , و حاولت النهوض بحرص , و العودة الى مكانها قبل استيقاظه ,
لكنها لم تفلح فسرعان ما استفاق علي , و حرك جفونه مع همهمة مسموعة ,

فما كان منها الا أن أغمضت عينيها , و استلقت مجددا دون حراك مدعية النوم ,
ستموت من الاحراج ان اكتشف , أنها استفاقت على تلك الوضعية , و لم تنبهه أو تقل شيئا .



بعد لحظات فتح علي عينيه باجهاد , و تفاجأ هو الآخر بالوضعية التي كانا عليها ,
قبل أن يتذكر ما حصل في الفجر , و الكوابيس اللعينة التي عانت منها ملك ,

تفحص علي وجهها باهتمام , و هي تتظاهر بأنها لا تزال نائمة , مرر يده على شعرها عدة مرات ,
قبل أن يحركها الى مكانها بلطف , و يطبع قبلة على جبينها .



حبست ملك أنفاسها مع قبلته , و هي لا تعرف كيف توقفه عن فعل ذلك , خاصة أنها أصبحت تتأثر , في كل مرة تلمس شفاهه جبينها أو شعرها ,

و لا تجد طريقة لتهدئة قلبها , الذي يبدو و كأنه فقد صوابه , و على وشك القفز من غلافه .





فيما ملك غارقة في تفكيرها , و قد عجزت عن العودة مجددا الى النوم , فتح باب الحمام قبالتها , و خرج علي يضع منشفة على خصره , و يجفف شعره المبلل بأخرى صغيرة , و قد أخذ دشه الصباحي للتو .


صدمت ملك من المنظر , فلم تتوقع أن ترى علي , نصف عار يقف أمامها ,
سارعت الى اغماض عينيها مجددا , مدعية النوم للمرة الثانية ,
لكن نبضها تسارع بطريقة جنونية , كما أن الاحمرار الذي علا خدودها كان واضحا .


هي لا تستوعب لم تؤثر فيها , رؤية هذا المجنون بهذا الشكل , لطالما رأت الكثير من المرضى شبه عراة , و لم تتحرك فيها شعرة يوما ,

لكن رؤية علي بصدره العار و كتفيه العريضين , مع تماوج كل تلك العضلات البارزة , تشعل نارا داخل روحها ,
و تغريها بأمور لا معقولة عديمة الحياء , دون أن تدرك منذ متى صار تفكيرها منحرفا .



وقف علي أمام المرآة يجفف شعره بيد , و يراقب ذقنه الحليقة باليد الأخرى , معتقدا أن لا بأس فيما يفعله ، بما أن ملك لا تزال نائمة ,

لكن جذب انتباهه لون وجهها المحتقن , عبس و ألقى المنشفة جانبا ، ثم خطا نحو السرير بسرعة ,

قرب علي ظاهر يده يتحسس جبينها أولا ثم وجنتيها ، و قد كان وجهها دافئا بالفعل .



" تبا "

همس علي بسخط من نفسه ، و قد اعتقد أن حرارتها ارتفعت , دون أن يلاحظ ذلك ,

الطبيب سبق و أن أخبره , بوجوب مراقبة درجة الحرارة , لأنها قد تعاني من حمى بسبب التهاب في الجرح ,
كأحد المضاعفات الممكن حصولها , و لكنه أهمل الأمر و الآن هي مريضة .


لام علي نفسه و سارع الى اخراج , جهاز قياس الحرارة من الدرج , ثم حاول وضعه داخل أذنها بلطف دون أن يوقظها .



لكن ملك لم تعد تتحمل الوضع , و قد كانت أنفاسه الدافئة تلفح وجهها , و رائحة عطره تداعب أحاسيسها دون رحمة , مرسلة تيارا يعصف بعقلانيتها ,
خاصة أنها لا تفهم , ما الذي يفعله بقربه منها ؟

و ما لبثت أن فتحت عينيها لتفاجئ علي ، الذي كان يضع وجهه مقابل وجهها ,
و لتجد نفسها أمام عينين سوداوين , كثقبين أسودين توشكان على ابتلاع روحها ,

ارتجفت أوصال ملك من نظرته الهائمة , و تراجعت الى الوراء في حركة سريعة

" ممما الذي تفعله ؟ "

سألته بتلعثم و بعينين دامعتين من الخجل .



نظر اليها علي قليلا باستغراب , قبل أن يجيب مشيرا الى المحرار في يده

" وجهك محتقن أحاول قياس درجة حرارتك "

قال و قد بدا صادقا في قلقه عليها .



أصيبت ملك بإحراج أكبر , لأنها كانت تمثل عليه , و وضعت يديها على خدودها الملتهبة ، محاولة اخفاء الأمر ثم نهرته

" أنا بخير , أسرع و ارتدي ملابسك فقط "

رشقته بكلماتها المتداخلة , و استدارت الى الجهة الأخرى بعناء , لاخفاء وجهها في الوسادة .



وقف علي لثوان مشوش الذهن , قبل أن يدرك الموقف أمامه

" أرتدي ملابسي ؟ "

كرر كلماتها و ضحك بصوت خافت , ثم ظهرت لمعة شقاوة في عينيه , و قرر التسلي قليلا مع هذه القطة المرتجفة



تقدم علي ببطء وضع ركبته على السرير , و انحنى ناحية أذنها التي صارت باللون الدموي

" تعنين أنني أنا السبب في هذا و ليس الحمى ؟ "

همس لها بخبث و لمس خدها بابهامه



ارتجفت ملك من قربه الشديد , خاصة أن أنفاسه كانت تلامس أذنها , و لكنها التزمت الصمت لعله يغادر .

لكن علي لم يتراجع , تجرأ أكثر و وضع أنفه على رقبتها , أخذ نفسا عميقا و همس مجددا

" اذا كانت المنشفة تزعجك بإمكاني خلعها ؟ "



تشنجت عضلات ملك كلها , و زادت ضربات قلبها عنفا , أخذت شهقة فزعة و استدارت ناحيته مجددا ,
لتكتشف أنه يجلس ملاصقا لها تقريبا مما زاد ارتباكها ,

انسحبت ملك مرة أخرى , واضعة يديها على صدره , ثم قطبت جبينها و رمقته بنظرة تهديد

" هاي تأدب و غادر "



" لكنني مرتاح هكذا "

أجابها بتحد واضح و وضع يده على يدها , و ثبتها جهة قلبه الذي كان يدق بجنون ,
مما جعلها تندم لأنها قررت دفعه , ليتها فقط نهضت و غادرت , حينما كان الأمر ممكنا .



أصر علي على وضعهما الحميم ، و مد يده ليداعب شعرها , مستمتعا بنظرة الارتباك في عينيها , و قد كان مسرورا للغاية , لأنه يؤثر بها الى هذه الدرجة ,

سابقا لم يكن يرى الا الخوف و الاشمئزاز , على الأقل لن يكون وحده من يفقد صوابه .




لكن ملك لم تعد تتحمل فقلبها يكاد ينفجر , و هي ترى هذه النظرة الملتهبة في عينيه ,
و كفها يرسل شرارات متفجرة تجتاح جسدها كله , انطلاقا من مكان تواصلهما على صدره ,

شعرت بخوف كبير و قد بدأت دفاعاتها بالانهيار , لذلك قررت التراجع أكثر ، و ترجته بنبرة شبه متوسلة

" علي غادر أرجوك "




حدق علي الى عينيها قليلا , ثم ابتسم و أزاح شعرها خلف أذنها , قبل أن يأخذ يدها في يده و يقبل كفها

" حاضر "

قال بصوت خافت مذعن , قبل أن ينسحب متجها الى غرفة ملابسه , فلم تكن ملك فقط من على وشك الاستسلام ,

هو أيضا لا يضمن ما قد يفعله , ان استمرت بالتحديق ناحيته , بتلك العينين اللتين يعشقهما .


و رغم أن قلبه يحثه على الرضوخ لرغباته , الا أنه يصغي لصوت عقله , الذي يدعوه الى التريث , فهو يعرف أنها لا تشعر بالراحة بعد , حينما يتصرف بحميمية معها ,

و هو لا يمكنه ازعاجها , أو فرض أي شيء عليها , فقد تعود لنفورها السابق منه .


لذلك انسحب الآن رغبة في فرصة أخرى , و يكفيه حاليا أنه لم يعد يرى , ذلك الكره ناحيته في عينيها , اللتين حملتا شغفا لم يلمحه مسبقا ,
يشجعه على المبادرة لاقناعها , بتحويل ذلك العقد الى آخر حقيقي , حتى يتمكن من المضي قدما في علاقتهما ,


و قد قرر أنه لن يتردد لاحقا , لأنه متأكد أن ملك تريده تماما كما يريدها , و هي تكابر فقط و تنفي ذلك ,
و هو سيعطيها الوقت الكافي للتعود على قربه , و يتمنى ألا يدوم الأمر طويلا ، لأنه يكاد يفقد صوابه .



ارتدى علي ملابسه سريعا , و غادر بعدما تأكد أن ملك تناولت افطارها , و قد كانت تجلس طوال الوقت مطأطأة الرأس ,
تغرس وجهها في كأس عصيرها , محاولة تجنب النظر اليه ,

خاصة أنه أصر على تناول قهوته برفقتها , و قد أرغمها على التهام كل ما وضع أمامها .



أثناء خروجه تلقى علي مكالمة من عثمان , الرجل يتصل يوميا ليوافيه بآخر التطورات , في موقف مساندة مثير للاعجاب ,

لكن بقدر ما يحترم علي , خوفه على حفيدة صديقه , بقدر ما ينزعج كلما لمح اسمه على الشاشة , كيف لا و هو تهديد مباشر , لاختفاء ملك من حياته .



" صباح الخير سيد علي كيف حالك ؟ "

" صباح الخير سيد عثمان , بخير شكرا "

" كيف حال ملك ؟ "

" تتعافى سريعا , كما أخبرتك خرجت البارحة من المشفى , و حالها الآن مستقرة "



صمت الرجل من الطرف الآخر قليلا قبل أن يبادر

" حسنا سيد علي , أنا وعدتك سابقا ألا أقول شيئا , لكن بما أن التطورات مرضية ,
فأنا أفكر في اعلام مصطفى بما حصل , بما أنك لا تفكر في فعل ذلك "


تنهد علي في سره , و قد شعر ببعض الضغط , لكنه احتفظ بردوده الرصينة كما تعود

" لا داعي سيد عثمان , بمجرد أن تصير ملك قادرة على السفر ,
سأصطحبها لزيارة عائلتها ان شاء الله ,
لدي بالفعل الكثير لمناقشته معهم , شكرا جزيلا على اهتمامك "




" و موضوع حظر السفر و القضية ؟ "

استفسر عثمان ليجيبه علي ببعض التردد

" في الحقيقة ملك حصلت على البراءة , في القضية منذ وقت بسيط ,
و قد حال الحادث دون تنفيذ قرارنا بالعودة سريعا , لكننا سنفعل في أقرب فرصة ان شاء الله "



ابتسم الرجل من الطرف الآخر برضا و أجابه

" حسنا سيد علي يسعدني أنك تفكر في ذلك , حقيقة لم أستسغ اعلام مصطفى بالهاتف , سيكون من الأفضل أن تذهب السيدة لزيارته , أقدر لك اهتمامك بها كثيرا "




" لا تقل ذلك سيدي ملك زوجتي , و من واجبي فعل ذلك , و بمشيئة الله ستستعيد علاقتها بعائلتها قريبا جدا "

أجابه علي بكل ثقة , قاطعا الطريق على أي تشكيك في نواياه ,

فبعد تفكير عميق خلال الأيام العصيبة الفارطة , كان هذا القرار الأكثر صوابا , أن يعيد الى ملك حياتها , قبل أن يستعيدها في حياته ,
لكن ليس قبل أن يجاهر بمشاعره لها , و هذا ما سيخطط له بدقة .



.
.



استمر الأمر بعدها لعدة أيام , كانت ملك تقيم في غرفة علي , تستلقي طوال الوقت تأكل و تنام , و تتلقى زيارات من طبيبتها النفسية , و التي توقفت عن الضغط عليها ,

و صارت الجلسات تقتصر على السماع , الى أحاديثها كمجرد صديقة , مع بعض الملاحظات المقصودة , التي تخص موضوع علي من وقت الى آخر ,

و التي تقابلها ملك بمنتهى الهدوء , الذي يناقض طوفان المشاعر المبهمة , الذي يجتاحها كل مرة تراه فيها أو تسمع صوته .




في المقابل كان علي يرابط لأوقات مطولة معها , يغادر من وقت الى آخر ، لبضع ساعات لتصريف الأعمال , ثم يعود مباشرة لمرافقتها و الاعتناء بها ,

لم يكونا يتكلمان كثيرا , و كانت أحاديثهما عامة معظم الوقت , مع بعض فترات المشاكسة التي يستمتع بها علي ,
و التي صارت تمتع ملك هي الأخرى , و قد تعودت على شخصيته الحنونة الجديدة تماما .

كاصراره على حملها الى الحمام , اختيار ما ستلبسه خلال النهار أو الى النوم ,
تمشيط شعرها كطفلة صغيرة , أو اطعامها بالملعقة ثم تنظيف فمها و يديها ,



كانت ملك ممتنة جدا لوجوده و اهتمامه , لكن ما كان يربكها فعلا , هو ما يحصل كل صباح ,
حيث كانت تجد نفسها في وضعيات غريبة , و علي يستلقي بجانبها ينام بعمق ,

في البداية كان يكتفي بامساك يدها , و الاستلقاء في الجانب الآخر من السرير , و كأنه يحرس أحلامها من أية شوائب ,

و لكنها وجدت نفسها بعد ذلك , تريح رأسها على صدره , و هو يطوق كتفيها بيده و يغط في نوم عميق ,

و في المرة الموالية , كانت تعطيه ظهرها و تتوسد ذراعه , و يده الأخرى تطوق خصرها و يرفض اطلاقها .



لم يكن علي يتعمد التقرب من ملك بطريقة مريبة , و لكن في كل مرة تبدأ كوابيسها بازعاجها ,
لا يجد مفرا من تهدئتها بامساك يدها ,

و ينتهي به الأمر مستلق هناك ، بسبب الانهاك و هي تلتصق به , لكن الوضع كان يسعده كثيرا .



أما ملك فكانت كل صباح تلوم نفسها بشدة , على السماح له بالتصرف بأريحية معها , و كأنهما زوج حقيقي ,

و لكنها لا تمتلك الا أن تلتزم الصمت , فهي تقدر الراحة النفسية التي تشعر بها حينما تتمسك به , حتى و ان كانت غير واعية .

اضافة الى أنها متأكدة , أن علي لا يتعمد فعل ذلك , و أكثر هو لا يفعل شيئا غير الاستلقاء هناك دون التحرش بها , و قد وصلت ثقتها به الى هذا الحد دون ادراك منها .



.
.





في الصباح جلست ملك تفطر في سريرها ، أو بالأحرى في سرير علي ككل يوم ,

حينما همت بشرب كأس عصير , سكبت بعضه على قميص نومها , و قد كانت البقعة كبيرة لذلك قررت تغييره .


أرادت ملك أن تستدعي فاطمة لمساعدتها , لأن علي يصر ألا تفعل أي شيء بنفسها , لكنها تراجعت و قررت التصرف بمفردها ,

لن تبقى تابعة للآخرين طوال حياتها , ثم هي الآن بخير و لا يؤلمها شيء تقريبا .



أزاحت ملك طاولة الطعام الصغيرة جانبا , و نزلت بحذر من على السرير متجهة الى الخزانة ,
حيث أشارت فاطمة سابقا , أن ملابسها وضعت هناك ,

دخلت ملك بخطوات متأنية و نظرات فضولية , كانت غرفة ملابس علي كبيرة جدا ، و منظمة جدا لدرجة أدهشتها .



" فاطمة قالت أنها وظبت الملابس في الجهة اليسرى "

تمتمت بينها و بين نفسها ,

و لم تطل الوقوف قبل أن تتجه , الى الرفوف حيث أشارت المرأة , و تفتح الباب الزجاجي لتلقي نظرة .



"...."

تفاجأت ملك حينما رأت , أكوام الملابس التي تخصها ,
كان عليها توقع الأمر , حينما قالت فاطمة أنه تبضع لأجلها , فعلي لا يفعل أمرا طبيعيا كباقي البشر ,

هي لم تتخيل أنه اشترى كل هذه الكمية , من قمصان النوم و المنامات و حتى الملابس الداخلية .


احتقن وجه ملك برؤيتها , لكل تلك الماركات و الموديلات الفاخرة , و كأنه اشترى جهازا لزواجها و ليس لمرضها

" يا الهي هذا الرجل يبالغ في كل شيء "



تذمرت ملك قليلا من جنون علي , قبل أن تختار قميص نوم باللون الأزرق السماوي , و الذي يبدو بأنه اللون الغالب هنا ,
ربما لأنه لونها المفضل , و قد استغربت معرفة المتسلط بالأمر .

حينما همت باغلاق الباب , تحرك فضولها لرؤية ما تحويه ، باقي رفوف الخزانة في الباب المحاذي ,

ترددت للحظات قبل التنفيذ , لكن بمجرد أن فتحته , حتى أصيبت بصدمة عمرها



كانت هناك الكثير من الأكياس , و العلب المرتبة بكل عناية , عليها بطاقات كتب عليها تاريخ الاقتناء
و المفاجأة كان اسمها مدونا على سطح كل واحدة فيها , و قد كانت كلها هدايا من أجلها ,

هي تعلم أن علي حينما يسافر , يقتني الكثير من الهدايا للجميع , و يكتب الأسماء على الغلاف , حتى لا يخلط بينها و يضطر لفتحها ,
لكنها لم تعرف يوما أن لديها نصيبا من كل هذا .



بلعت ملك ريقها الذي جف و مدت يدها بحذر , و بدأت تقلب العلب و تقرأ التواريخ و الماركات تباعا , و قد كانت كلها تحوي أغراضا ثمينة , من كل أنحاء العالم تقريبا ,

رغم شعورها بالغرابة , لكن ما أثار دهشتها فعلا , هو أن بعض التواريخ تعود الى فترة بسيطة , بعد وصولها الى هنا و اقامتها في بيته .



" هل يعني هذا أن علي , كان يشتري هذه الهدايا من أجلها , حينما كانا يوشكان على اقتلاع عيني بعضهما ؟ "


بدا الأمر غريبا بالنسبة لها و غير قابل للتصديق , فلا أحد يشتري هدية لشخص يكرهه بشدة .

لكن بالتفكير مليا في الأمر ، لطالما كان علي كالمتاهة بالنسبة لها , شخص من الصعب قراءة أفكاره و تخمين تصرفاته ,
و قد تكون هذه احدى أفعاله الغامضة , التي لا تجد لها تفسيرا .



" لكن لم لم يعطها اياها ؟ "

فكرت ملك محاولة الاستيعاب ، لكنها لم تطل التخمين لأن الجواب واضح

" هي لم تكن لتقبلها و هو يعلم هذا , فلطالما أخبرته أنها لن تأخذ منه شيئا ,

لم اذا كان يشتريها من الأساس ؟ "



تنهدت ملك بذهن مشوش , و قلبت العلب قليلا بعد , قبل أن تنتبه الى أكياس معلقة الى جانب الرفوف ,
و دفعها فضولها مجددا الى استقصاء الأمر ، و القاء نظرة في الداخل مع بعض التوجس مما ستراه .

هناك كان القفطان الذي اشتراه علي ، من أجلها لحضور العشاء معه ,

و الى جانبه الطقم الذي حضرت به خطوبة كريم , حتى الأحذية و الحقائب المرافقة لها كانت هناك , محفوظة بكل عناية و نظام .



استغربت ملك لم لم يتخلص منها , كما أخبرها حينما أعادتها له ؟

لم يحتفظ بأشياء مستعملة , و هو نفسه قال أنه لا يهدي غيرها ما استعملته ؟

أو ربما فقط لأنها تخصها فقد احتفظ بها ؟ لا يبدو بأن هناك تفسيرا غير هذا .



بالتفكير في هذا الاحتمال ، شعرت ملك بالدفء في قلبها , ففي النهاية هي امرأة ، أكيد ستتأثر باهتمام رجل مميز مثل علي


" أو لأنه علي و ليس رجلا آخر ؟ "

سألت نفسها بتوتر , و قد انتابتها فجأة مشاعر غريبة , جعلت صدرها ينقبض بشدة ,
فلطالما اهتم بها الكثير من الرجال , لكن لم يسعدها الأمر يوما الا مع علي .



أخذت ملك بعدها نفسا عميقا , و سارعت لتشتيت انتباهها , مدت يدها الى علبة المجوهرات الموجودة في الأعلى ,
و قد استنتجت سلفا أنها الحلي , التي ارتدتها مع هذه الملابس ,

لكن بمجرد أن فتحتها , حتى أصيبت بصدمة أخرى , فإضافة الى المجوهرات التي اقتناها علي , رأت هناك العقد و السوار الخاصين بها , و الذين باعتهما سابقا للصائغ لإعادة ثمن العدسات .


علي وضعها هنا لثقته , أنها لن تصل أبدا إليها ، لم يعلم بأنه سيأتي يوم تقيم فيه ملك في غرفته , و تبحث بين أغراضه لتطالها يدها .



لم تصدق ملك عينيها بداية , و تلمست الحلي للتأكد منها , و سرعان ما دحظت ظنونها , هي لا يمكن أن تخطيء , هدية والدتها العزيزة على قلبها ,
و السؤال الوحيد الذي تبادر الى ذهنها

" كيف وصلت الى هنا ؟ كيف حصل عليها علي و لماذا ؟ "

تساءلت بحيرة كبيرة مما تراه

" لماذا يهتم علي باستعادة ما يخصها ؟ "

سؤال آخر دون جواب واضح




شعرت ملك بالتشوش أكثر ، وهنت ركبتاها و تراجعت الى الخلف ، حتى جلست على كرسي , الى جانب المرآة تلتقط أنفاسها ,


و بدأت ذاكرتها تسترجع تدريجيا , كل ما مرت به منذ وصولها الى هنا , بحثا عن أجوبة مقنعة لكل ما رأته

صحيح أنهما كانا يتقاتلان طوال الوقت , صحيح أنه كان يستفزها بكل طريقة ممكنة ,

لكن بالتفكير المعمق في الأمر ، عدا جنون الأيام الأولى , و ما فعله علي معها بسبب سوء الفهم ذاك , لم يحدث شيء سيء لاحقا من طرفه .

بالعكس هي من كان يفقد علي صوابه , و يجادله على كل تفصيل , لدرجة أنه أصبح يسايرها و يقبل بما تطلبه ,

حتى ما اعتقدته في بعض الأحيان اساءة لها , اكتشفت لاحقا أن هدفه منه كان مختلفا .




تذكرت ملك فجأة كيف دافع علي عنها , طوال الوقت أمام الآخرين , تذكرت كيف كان يقول عنها بكل ثقة أنها زوجته و شرفه ,

تذكرت كيف دفعها للتخلي عن عملها كنادلة و خادمة , و كيف ائتمنها على زوجته و ابنته ,

تذكرت حنانه خوفه عليها و اهتمامه بها , و تذكرت مراعاته لمشاعرها حتى أثناء ثوراتها , و اهتمامه بكل تفاصيل حياتها .



شعرت ملك فجأة بخفقان شديد في قلبها , و كأنه يوشك على القفز خارج قفصها الصدري ,

بالعودة الى الماضي القريب اكتشفت ملك , أن معاملته معها كانت دائما مميزة ,
لا تمت بصلة لمعاملته مع غيرها , و لا تعكس كرهه المزعوم لها ,

بالعكس كانت دائما على لائحة اهتماماته , مهما بلغ انشغاله و انهاكه ,
شيء لا يفعله الا مع قلة من الناس .

و هي التي اعتقدت أنه كان يراعي مشاعرها , انطلاقا من شعوره بالندم , لما فعله معها و رغبته في التعويض .




فجأة قفزت فكرة مخيفة الى رأسها

" هل يعقل أن ما يقوله الجميع , عن أنه مغرم بها حقيقي ؟ "



مريم قالت ذلك على فراش الموت , و فاطمة لمحت الى ذلك مرارا ,
أما علياء فقد ذكرت ذلك أكثر من مرة صراحة ,

حتى كريم أشار الى أمر أن , مكانتها لدى علي مميزة , دون أن تنسى تحليل الطبيبة النفسية ذلك اليوم

و الأكثر غرابة أنه لم يكن ينفي الأمر أبدا , لم يفعل ذلك في أية مناسبة .


" هل تعرفين أن زوجك يحبك الآن و بجنون ؟ "

كان السؤال الذي سخرت منه سابقا , و الذي يفرض نفسه بقوة الآن .



رفعت ملك رأسها لتحدق الى ملامحها , في المرآة مقابلها و تسأل نفسها مجددا

" يا الهي هل هذا معقول حتى ؟ "



هزت ملك رأسها بانكار شديد و استهجان , لا تريد تصديق التحليل الذي توصل اليه عقلها ,
فعلي رجل مباشر لا يخاف شيئا و جريء حد الجنون ,

ان كان فعلا مهتما بها كما يزعمون , ما كان أخفى الأمر عنها , و اعترف لها مباشرة
أليس كذلك ؟



بالتفكير في الأمر شعرت ملك بثقل يطبق على صدرها , و انتبهت الى أمر آخر قلبها , و سألت نفسها أخيرا

" و أنت ؟ "



راقبت ملك ملامحها مجددا , شحب وجهها و اتسعت عيناها عن آخرها , و كأن غشاوة زالت عنهما

" يا الهي ملك هل تحبينه فعلا ؟ "


شهقت ملك لاكتشافها الحقيقة الوحيدة , التي كانت تتجاهلها منذ مدة ,

فهي لطالما تهربت من فكرة , أن علي يحمل مشاعر ناحيتها ,
لدرجة أن أغفلت مشاعرها هي الخاصة , كمن يفر من نار تلاحقه , ليجد نفسه داخل حفرة عميقة

هي راقبت تصرفات ذلك الرجل مطولا , لدرجة توقفت فيها عن تحليل مشاعرها و أحاسيسها ,
أو بالأحرى أوقفتها دون وعي منها .





اجتاحها فجأة شعور عارم بالخوف و سارعت للانكار

" لا لا يمكنك فعل ذلك ملك , أنت لا تحبينه لا يمكن أن تعطيه فرصة ,
لا يمكن أن تبقي معه بعد كل ما حصل "



كان عقل ملك من يتكلم , متسببا بألم مبرح لقلبها , الذي كان يحاول اسماع صوته المعارض بداخلها , و يجرها الى حافة الجنون

" لكنه رجل جيد ملك و ربما يحبك فعلا , لطالما كانت مواصفاته مطابقة لرجل أحلامك ,

لم لا تعطينه فرصة ملك ؟

لم لا تعطين فرصة لنفسك للحصول على السعادة ؟ "





لكن عقلها كان قد دخل في نوبة ذعر , متسببا في ثورة و رافضا للأمر رفضا تاما

" لا ملك مستحيل , ما تفكرين به مستحيل ,
أية سعادة هذه هل جننت ؟


لا يمكنك أن تكوني ضعيفة هكذا , هذا الرجل سرق سنة من عمرك ,
و أحدث قطيعة مع والديك , و تسبب في غضبهما منك ,

هذا الرجل ضيع دراستك و عملك , و احتجزك هنا كشيء يمتلكه , دون منحك فرصة للتحرر ,

هذا الرجل كاد يتسبب في سجنك , و أهنت بسببه كما لم يحدث يوما في حياتك ,

مهما كانت محاسنه و مشاعره المزعومة , لا شيء يمحي كل الألم و المعاناة , التي تسبب لك و لوالديك فيها "



و رد قلبها مستعطفا

" لكن أنت مغرمة به , لا يمكنك الكذب على نفسك , هو الرجل الذي لطالما حلمت به , و رفضت الكثيرين أملا في الالتقاء به ,

لا يمكنك تضييعه من يديك , و طرده من حياتك هكذا "


ارتجفت يداها و اختنق صدرها , و قد أدركت توكيد مشاعرها المبهمة , التي لطالما أنكرتها و موهت على حقيقتها .



" يا عيون علي "

سمعت ملك مجددا , ذلك الاسم الذي يناديها به بصوت حنون ,

و تذكرت كل تلك القبلات و الأحضان , و كل تلك التلميحات التي كان يقولها أمامها , و هي كانت تتجاهلها كالبلهاء .

" أنت زوجتي "

" حبيبتي "

" يا روح علي "

أضاف قلبها سيلا من العبارات , التي لطالما رددها على مسامعها , جارا اياها الى حدود الانهيار .




أغمضت ملك عينيها بشدة , و وضعت يديها على أذنيها , و كأنها تريد ايقاف كل ذلك العراك الطاحن داخلها


" كفى توقف , يا الهي هل أصبحت أعاني من متلازمة ستوكهولم ؟

كل هذا غير معقول , هو لم يطلب شيئا ,
أنا وحدي من يخمن الأمر , هو لم يعترف بشيء لا شيء ,

ماذا ملك هل تريدين الاستمرار في اذلال نفسك , مع رجل تعتقدين فقط أنه , يحمل مشاعر ناحيتك دون أي دليل ؟

اذا فعلت سيعتقد أنك دون كرامة , لن يردعه شيء لاحقا عن اذلالك و اهانتك ,
لأنه يعلم أنك ستبقين مهما داس عليك ,

هل ستضحين بأهلك مستقبلك و كرامتك , من أجل رجل أظهر بعض الاهتمام ؟

أيتها الغبية هو حتى لم يفكر في الاعتذار , بطريقة لائقة عن كل ما حصل "





لامت ملك نفسها بشدة , و قد بدأت الدموع بالتجمع في عينيها اللتين أغلقتهما بشدة

فقد كان كلامها واقعيا , و لكن مؤلما جدا لقلبها , كان و كأنه ينزف دما و على وشك الاحتضار ,

بدأت ملك تلتقط أنفاسا متسارعة , لتفادي نوبة الذعر التي كانت على وشك الحصول ,

وضعت يدها على فمها , لكتم بكائها و قد أغرقت دموعها وجهها .



بعد دقائق فتحت ملك عينيها فجأة , و كلمت نفسها بنبرة شديدة اللهجة , كانت نظرتها حادة و ملتهبة , و كأن روحها الثائرة أطلت من عينيها ,
و قد بات واضحا أنها حزمت أمرها , و أن عقلها قد كسب الجدال بتفوق



" ما حصل خلال الأيام الماضية لا يجب أن يتكرر , لا تسمحي له بلمسك هكذا كلما أراد ,

لا تسمحي له بتقبيلك ملك , هو لا يملك الحق في ذلك , عقد الزواج ذاك لم يكن بارادتك ,

و لن يكون شرعيا يوما , لذلك توقفي عن التفكير بسراب , فهو لا يفكر جدية في تصحيح الوضع "



توقفت عيناها فجأة عن البكاء ، و كأن دموعها تحجرت هناك , بعد أن اتخذت قرارها همست لنفسها بتصميم بالغ

" لم يبق سوى شهرين , تسعة أسابيع و ينتهي كل هذا الوهم

عليك أن تبعديه عن حياتك ملك لا تعطه أي أمل ,

عليك أن ترحلي بمجرد أن تنتهي السنة , و الا ستبقين أسيرته طوال عمرك " .










أعاني من خمول هذه الأيام و لا أرغب في الكتابة , أتمنى أن يكون الفصل في المستوى بالكاد استطعت اكماله
ربما هو التأثير النفسي لقرب النهاية , لا أجيد تحمل الفراق عادة , عذرا على تقلباتي المزاجية .




أحب أعرف رأيكم في طريقة تفكير ملك و قراراتها مع أو ضد ؟

المهم اربطوا الأحزمة لأن البارتات القادمة دمار شامل 😉 .







😘💞💞





.....









ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 11:36 PM   #2110

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 3alloa مشاهدة المشاركة
مسالخير ع جميع

صراحه الفترة هذهِ منبهرة لحد الا معقول في كمية ابداع اخواتنا العزيزات في كتابة الروايات ....الافكار ، تسلسل الاحداث ، النمط التغييري والمميز ، الحبكة والفوائد شتى في طرح مواضيع مهمه ...انا أهنيهن جميعاً وان شاء الله نرا لكن بصمة في عالم الكتب .
تحياتي لكم جميعاً

اما حبيبتي ملك علي صراحة تفاصيل التي تغرقينا بها في كل بارت عجيبة تلامس قلبي بشكلاً ما ...دام مدادك على هذا نحو واعلا من ذلك ..الى الامام عزيزتي حقاً مُبدع راقت لي رواية كثيرراً .

انا يعجبني لما الكاتبة تطرح بين طيات أسطر رويتها مواضيع ومشاكل اجتماعية وتحلها بتسلسل اكثر من رائع ...والله اني بستفيد جدا جدا وكذلك جميع لا سيما ..

اسعدكم الله جميعاً وطابت ليلتكم وجمعنا بالفردوس ان شاء الله .

اول مره اعلق واعتذر ان أطلت
دمتم بود❤❤



بالعكس حبيبتي لا شيء يسعد قلبي بقدر سماع اراءكم حتى المنتقدة منها فالصمت هو ما يقتل شغف الكاتب و يثبط عزيمته 💖💖💖
و لا شيء يرفع معنوياتي بقدر ايصالي لرساءلي كما اريدها 💘 و ان شاء الله ما تكون آخر مرة تعلقي فيها 😉
شكرا على الاطراء الجميل و الدعم الرائع و كلي اذان صاغية لأية تعليقات تشرفوني بحضوركم حبيباتي 💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.