آخر 10 مشاركات
زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدائلكِ في حلمي (3) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          52 - عودة الغائب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-01-21, 11:28 PM   #2491

آمـــال

? العضوٌ??? » 483846
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » آمـــال is on a distinguished road
افتراضي


ننتظر على نار 🔥🔥

آمـــال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-21, 11:30 PM   #2492

ريريام

? العضوٌ??? » 484097
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 1
?  نُقآطِيْ » ريريام is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملك علي مشاهدة المشاركة
المحتوى المخفي لايقتبس
Oh oh oh
🎈🎈
56!;'
Hgc
Jgf
Jgdc
Jgfd


ريريام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-21, 11:34 PM   #2493

ام حاتم الطائي

? العضوٌ??? » 464229
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 345
?  نُقآطِيْ » ام حاتم الطائي is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ام حاتم الطائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-21, 11:42 PM   #2494

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي




البارت الثاني و العشرون بعد المائة
أحبك 💘






قرابة المغرب حطت الطائرة على أرض المطار , بمجرد خروجهما وجد علي و كريم , سيارة جيب في انتظارهما ,
ليتجه الرجلان بعدها مباشرة , الى المخيم و يطلبا مقابلة مديره ,


كان علي يريد الذهاب , للبحث عن ملك فورا , لكن كريم نصحه بالتريث , و مقابلة الرجل أولا ,
حتى يتسنى له التعرف , على ظروف بقاء ملك هنا ,
كما أنه سيوصلهم الى مكانها مباشرة , دون تضييع وقت للبحث عنها .



كان المدير رجلا ستينيا , طبيب متقاعد بشخصية دمثة , استقبل علي بحفاوة و دعاهم لجلسة شاي في المقر ,

كان علي يجلس مع الرجل , و كأنه يجلس على الجمر , كان يفقد تركيزه في أحيان كثيرة ,
و هو يحدق في الأرجاء , عله يلمح طيف ملك ,


لكنه سرعان ما أنهى اللقاء معه , باتفاق لتمويل المخيم بمساعدات للاجئين , من طعام و ملابس و أغطية كهبة من طرفه ,
و طلب من كريم التنسيق مع السلطات لإتمام الأمر قريبا .



بعدها استغل علي اللقاء لطلب رؤية ملك , تفاجأ الرجل بداية حينما قال , أنها زوجته و أنه هنا لرؤيتها ,
فما يعرفه الجميع عن ملك هنا أنها غير مرتبطة ,

كما أنها كانت وحيدة لمدة طويلة , قبل أن يظهر هذا الرجل الغامض و يطالب بها ,

رغم ذلك لم يجد مانعا في مساعدته , و سرعان ما دله على مكانها في مستوصف المنطقة ,
حتى أنه أرسل معهم دليلا يقودهم الى هناك .



ركب علي مع كريم سيارة الدفع الرباعي , التي أقلتهما الى المكان المنشود , و كله شوق و حماس لرؤية ملك , التي لم يصدق أنه عثر عليها أخيرا ,

و قد بلغ منه اليأس مبلغه في آخر يومين , مع هاجس اختفائها نهائيا من حياته ,
أو احتمالية انتحارها التي قضت مضجعه ,

حتى أنه لم يكد يصدق أذنيه , حينما قال الرجل أنها بخير , و أثنى على عملها و تفانيها .




في الطريق كانت الرمال تترامى ، في كل مكان على مرمى البصر , و كانت أشعة الشمس تنعكس عليها بشكل جميل , و تجعلها ذهبية المنظر بطريقة خلابة تسحر الأنظار ,

كان هناك قطيع من الجمال , يتهادى عائدا الى زريبته , الكثير من أشجار النخيل المثمرة , تطوق الواحة كسوار أخضر ، مع بعض البيوت البسيطة هنا و هناك ,

و التي تطل على بحيرة صغيرة , ترقرقت فيها المياه العذبة , بطريقة مغرية تثير العطش , خاصة أن الجو كان حارا بعض الشيء , رغم أنه منتصف الشتاء .



حينما وصلا الى المستوصف ، كانت الشمس على وشك الغروب , و قد بدأ الليل يلقي بظلاله , على المنطقة الهادئة , بطريقة تثير الشجن في القلوب .

نزل علي من السيارة بتأن , نزع نظارته الشمسية , عدل قميصه و نفض سرواله , و كأنه يجهز نفسه لرؤية ملك ,

كان قلبه يكاد يقفز من صدره , و هو يجول بعينيه في الأرجاء عله يلمحها , كان يبدو تائها و هو يراقب المنطقة بكل فضول ,



أثناء ذلك تقدم كريم , و سأل الحارس عن مكان تواجدها , و الذي أشار أنها في الجهة الخلفية ,
من المستوصف تقوم بعمل هناك .


اتجه علي بنفاذ صبر الى حيث أشار الرجل , كانت خطواته حثيثة و متلهفة , للوصول الى هناك سريعا ,
بمجرد أن استدار عند نهاية الجدار , حتى توقف مكانه , و قد تعلقت عيناه بما رآه .

كانت هناك سيارة جيب مركونة , الى جانبها يقف شاب يرتدي مئزرا أبيض , و يحاول تعديل علب كبيرة في خلفية السيارة , كان يبدو عليها أنها علب أدوية .



بعد لحظات طويلة من الترقب , و قبل أن يفكر علي , في أن يدنو أكثر ليلقي نظرة , و قد أوشك صبره على النفاذ ,
خرجت ملك من مخزن مجاور , تتقدم بخطوات صغيرة ناحية السيارة ,

كانت تحمل ثلاجة صغيرة متنقلة في يدها , تراقب طريقها غافلة عن النظرات الشغوفة , التي تكاد تبتلع روحها دون هوادة .

بمجرد أن وقعت عينا علي عليها , حتى شعر بدفء يلف قلبه , و تسللت سكينة عارمة الى كل خلية من كيانه ,
و كأن روحه التي غادرت جسده منذ أشهر , عادت للتو و سكنت مكانها .



تنهد علي براحة كبيرة , و تأمل المرأة أمامه بشوق غامر , آخذا وقته لدراسة كل تفصيل من تفاصيل جسدها النحيل ,

كانت ملك تبدو أكثر نحافة مما يتذكر , ترتدي كعادتها ببساطة سروال جينز مع قميص سماوي , و فوقه مئزر طبي أبيض مفتوح ,
و يتدلى العقد الذي أهدتها اياه رنا من رقبتها , مما جعل علي يبتسم دون وعي منه .


اتجهت ملك بخطى متباطئة , الى حيث يقف الشاب , و ناولته الثلاجة ليضعها مع بقية العلب ,
مرسلة احدى ابتساماتها العذبة ناحيته ,

لكنها كانت تبدو متكلفة أكثر مما يجب , و كأنها تجبر نفسها على نسجها و اخراجها عنوة .





" يا الهي ملك الوقت متأخر ,
كان بامكاننا ارجاء التطعيمات الى الصباح ,

لم أنت عنيدة هكذا ؟ لن تطير الدنيا ان أجلناها قليلا "

علق الشاب على ما يريدان فعله , و قد بدا متذمرا من الرحلة , التي يوشكان على الخروج اليها .



مدت ملك يدها تساعده في تعديل الثلاجة , و ردت عليه بصوتها الرقيق

" لا غدا ستكون لدينا دورية لمعاينة النساء الحوامل ,

و سيكون علينا تأجيل التطعيمات أكثر , هناك الكثير من الأطفال دون تطعيم بالفعل , لن نزيد الأمر سوءا بارجائها ,

ثم ما كان عليك أن ترافقني , كنت سآخذ الممرضة معي ,

أنت لديك عملية غدا صباحا في المستشفى , ستكون متعبا في الصباح "

ردت ملك على أيمن , الذي أصر على مرافقتها حيثما تذهب .



الشاب تخرج كجراح منذ أشهر خلال تغيبها , و هو هنا لآداء الخدمة المدنية , لكنه يتطوع من وقت الى آخر في المخيم , و هو أصلا سبب وجود ملك هنا ,

هي بعدما عادت و اكتشفت أنها , لا تستطيع استعادة حياتها , اتصلت على أول شخص , يقبل المساعدة دون أن يسأل ,

لطالما كان أيمن صديقها المقرب الوفي , و رغم أنه كان يريد أكثر من مجرد صداقة , و ملك كانت تصده طوال الوقت ,

الا أنه لم يتردد للحظة , في تقديم المساعدة لها , دون حتى أن يستفسر منها , عن سبب ما حصل معها ,

أمر تقدره ملك كثيرا , حتى أنها لم تضطر أن تطلب منه , اخفاء أمر وجودها هنا عن الآخرين .





" لا تقلقي العملية مبرمجة في العاشرة , سيكون لدي متسع من الوقت "

قال مصرا على مرافقتها دون نقاش ثم استرسل

" اضافة الى أنني أكون قلقا , من ذهابك هناك في هذه الساعة وحدك ,

رغم الحراسة الا أن المكان مقفر , قد تتعرضين لحوادث غير محسوبة العواقب هناك "



كان أيمن قلقا على سلامتها , فيما تجد ملك الراحة , بعيدا عن الأماكن المزدحمة , و الأعين الفضولية وسط الناس البسطاء

" ليس عليك أن تقلق بهذا الشأن ,
هناك مراقبة في كل مكان "



حاولت ملك تخفيف وطأة , ما تفعله دون جدوى , فأيمن مقتنع أن تجوالها وحدها غير مقبول ,
مهما كانت درجة الأمان , التي توفرها السلطات في هذا المكان ,

ستبقى ملك امرأة شابة , تتجول وحدها دون مرافق ,
خاصة مع نزعة الاندفاع , التي اكتشفها فيها بعد عودتها , و التي صارت تثير مخاوفه على أمانها .



قطب علي جبينه بسماع حديثهما , فقد بدا واضحا أن العنيدة , أصبحت أكثر تهورا في غيابه ,
و كأنها تتعمد تعريض نفسها للمخاطر , و هذا ما لم يرقه أبدا ,

لكنه لزم مكانه منتظرا , تفرغهما مما يفعلانه حتى يتقدم , دون أن يعرف من أين يبدأ الحديث .




أنهى أيمن ترتيب الأغراض , و استدار ليطلب من ملك الركوب , بما أنه سيكون سائقها لليلة ,

لكنه تسمر مكانه لرؤية شخص غريب , يقف بالقرب و يحدق ناحيتهما باهتمام .




" ماذا هناك أ..."

لاحظت ملك شرود أيمن , و قد تعلقت عيناه خلفها , و سرعان ما استدارت لترى , ما الذي استرعى انتباهه فجأة ,

لكنها حصلت على صدمة عمرها , علقت كلماتها في حلقها و جف ريقها ,
حينما لمحت علي يقف على بعد أمتار منهما , و ينظر اليها بتمعن يلقي رجفة في قلبها .



اتسعت عيناها العسليتان لبرهة , بسبب المفاجأة غير المتوقعة , رمشت مرتين للتأكد من هوية الشخص المتواجد مقابلها ,
و قد ارتجفت يداها و تشنجت عضلاتها , و كأن الدم توقف عن التدفق الى دماغها ,

بعدما راودت ذاكرتها آخر لحظات لهما سويا , هناك على أرض المطار , حينما أغرقها في حلم جميل لثوان , ثم رماها بيديه الى نار مستعرة لأشهر ,


ذكريات مرت بسرعة الضوء أمام حدقتيها , مرسلة شعورا بعدم الارتياح الى روحها , و كأنها على وشك أن تدخل نوبة ذعر .

كيف لا و هناك يقف من اختطف قلبها و عقلها , و داس عليهما دون رحمة ,
من أسر روحها بعدما حرر جسدها ,

من أحبته و كرهته في نفس الوقت , بقدر عرض السماوات و الأرض , و بقدر بعد الشمس و اتساع المجرة .



هناك على بعد خطوات منها , يقف من أسعدها و من أحزنها , من أضحكها و من أبكاها ,
من قادها الى الجنون , في غمامة من الغيرة ,

و من كانت مستعدة لتخسر العالم كله من أجله , ليجعلها تخسر مشاعرها له دون مقابل ,


رجل بقدر ما ترغب بطعنه حتى الموت , بقدر ما ترغب في الارتماء بين أحضانه الدافئة , و استنشاق عطره المسكر لمرة واحدة قبل أن تموت ,

رغبات تجعلها تكره نفسها قبل أن تكرهه , دون أن يكون بيدها حيلة , و دون أن يكون لروحها , سبيل للخلاص من تناقضاتها ,


رجل لم يتردد في ارسالها بعيدا , بمجرد أن استطاع ذلك , و بمجرد أن انتزع قلبها من جوف صدرها , ليتركها ميتة تتنفس تعيش شبه حياة .




ضاقت أنفاس ملك متسببة لها بدوار , لكنها أخذت شهيقا عميقا بحزم ,
قبل أن تتماسك مجددا , و تتجمد ملامحها الجميلة , مسدلة ستارا قاتما على مشاعرها .



رغم تماوج مشاعر الدهشة و الغضب و النفور , على ملامحها الرقيقة للحظات معدودة , الا أن علي التقط اختلاجاتها و انقبض قلبه ,

فالشوق الذي ترقب رؤيته أول شيء , كان تحت ردم من المشاعر المهتاجة ,
هناك في عمق عينيها الحبيبتين , جعله يتوجس خوفا من صعوبة مهمته قبل حتى أن يبدأها ,


رغم كل شيء شعر علي بالسكينة , تجتاح روحه بمجرد رؤية وجهها , حيث كانت ملك تبدو متعبة جدا , لكنها بخير و هذا كل ما يهمه ,

وقف علي يتفحصها بتركيز , دون أن يبرح مكانه , و دون أن يتقدم خطوة واحدة ناحيتها ,
و كأنها بنت خلال الثواني الماضية سورا حديديا بينهما .



لم تحدق ملك في عينيه أكثر من دقيقتين , حينما قاطعها أيمن الذي شعر بغرابة النظرات الصامتة , المتبادلة بينها و بين الرجل الغريب

" ملك هل تعرفينه ؟ "



ألقت ملك نظرة أخيرة باردة , على وجه علي متجمد الملامح , الذي رغم أنه بدا منهكا ,
بلون شاحب هالات سوداء , و ذقن غير حليقة على غير عادته ,

الا أنه كان يقف بكل شموخ , يرتدي بأناقة بدلة فاخرة , و يضع يده في جيبه , باسترخاء لطالما حسدته عليه .





و سرعان ما أجابت بكلمة واحدة , حملتها كل ألم المعاناة التي عايشتها

" لا "

كلمة قصيرة من حرفين ترجمت درجة البلادة , التي وصلت الى قمتها مما عانته ,
و قد تتلمذت على يد أستاذ , البرود و القسوة لشهور طويلة ,
فلما اشتد ساعدها رمته برماح التجاهل و التخلي .


كلمة اختزلت فيها كل ما ترغب , في فعله و قوله في هذه اللحظة من جنون , و روحها اليائسة لا تطاوعها بسبب انهاكها .



بعد القاء كلمة النفي الأليمة لكليهما , و التي كانت قاتلة كقنبلة ذرية رغم قصرها ,

أشاحت ملك بوجهها متجهة ناحية السيارة , ركبت مكانها دون أن تلقي عليه نظرة ثانية ,
و قد غلب حزنها غضبها و شوقها , و تمرد على ضعفها لدرجة لم يعد , أي رد آخر يعني شيئا لها .


حدق أيمن ناحية الرجل الصامت لثوان اضافية , لكنه سرعان ما لحق بها خلف المقود , ثم قاد بسرعة دون تعليق .





شعر علي أن أحدهم غرس سكينا في قلبه , لأن ملك أنكرت معرفتها به , و رمقته بتلك النظرة الباردة الموجعة ,
ثم أدارت ظهرها له و غادرت , و كأنها لا تعرفه فعلا ,
ما آلمه أكثر مما لو أخرجت غضبها في وجهه , و ملأت الدنيا حوله صراخا .




ابتلع علي ألمه الداهم , فقد توقع ردا مميزا من هذه المتمردة , و هي لم تخيب ظنه
لكنه تمالك نفسه سريعا , ثم كلم كريم الذي يقف على مقربة منه

" لننتظر في السيارة "


على غير عادته لم تعترض كرامته المتورمة , التي تدفعه في كل مرة للفرار خوفا من الصد ,

هو يعرف فداحة ما اقترفه , و يعرف مقدار الأنانية التي تصرف بها ,
و قد كان طوال الوقت يحاول , التأثير عليها لتقع في هواه , فيما لم يكن يعرف حتى , من هم أفراد عائلتها ,


كان أنانيا في حبها بطريقة مهووسة , لدرجة أذاها فيها معتقدا أنه حررها من عذابها معه ,

لذلك فالانتظار دون أمل , أقل ما يمكنه تحمله هنا , و قلبه ينبؤه أن القادم أسوء مما تخيل .





جلس علي مكانه في السيارة , أرخى رأسه الى مسند الكرسي , أغمض عينيه و أخذ نفسا عميقا متعبا ,

هو لا يعرف الى أين ذهبت و لا متى تعود , فلم تكن ردة فعله سريعة كفاية ليتبعها ,
و قد أصابه الذهول و الشلل بسبب صدها ,

و لا يعرف ما الذي عليه قوله لها , و هي غاضبة منه بهذا الشكل , و لا ان كانت ستقبل الاستماع له من الأساس ,
لكن مجرد وجودها بالقرب , يعطيه ذرة أمل لن يتنازل عنه أبدا .


المسؤول قال أنها تبات , في الاقامة التابعة للمستوصف , و بالتالي سينتظرها هنا بكل صبر ,
حتى لو اضطر لقضاء الليلة في السيارة , هو لن يغامر بفقدانها مجددا .





جال علي بعينيه في المكان الشاسع , الذي يبدو مجهزا بشكل جيد , لكن المنطقة تبدو خالية , الا من بعض البدو الرحل و خيامهم ,

كما أن الكابينة التي تقيم فيها ملك صغيرة , و هو لا يمكنه تخيل بقائها , طوال الفترة الماضية هنا وحدها , في عزلة تلعق جراحها .



" أيها الرجل المجنون , جعلتها تفر منك الى آخر الأرض بتسلطك و جبروتك "

تذمر علي بينه و بين نفسه , لكنه لزم مكانه داخل السيارة .


.
.




" ملك هل أنت بخير ؟ "

سأل أيمن بقلق المرأة المتصلبة الى جانبه , بعدما لاحظ شرودها , و هي تحدق الى الخارج ,

تصر قبضتيها في حجرها , و تحاول تخمين سبب ظهور هذا الرجل , مجددا في حياتها بعد كل هذه القطيعة .



" ما الذي يريده منها الآن ؟

و كيف وصل الى مكانها ؟

هل قابل أحدا من أهلها ؟

هل يفكر في اخراجها من هنا ؟
أو أنه قدم فقط من أجل زيارة عابرة , اطمئنانا على سجينة سابقة ؟ "

رغم طوفان الأسئلة الذي هاجم عقلها دون رحمة , لكن ملك ابتسمت لأيمن بلطف و أجابته

" أنا بخير أيمن , لا تقلق "




لكنها كانت أبعد من الشعور بالهدوء , بعد رؤية تلك العينين اللتين أرقتاها لأشهر , سرقت النوم من عينيها و السكينة من روحها ,

و شعورها ينبؤها أن الساعات القادمة , ستكون شاقة و دامية , هذا ان بقي الرجل المغرور في انتظارها بعدما فعلته ,

لكنها لم تكن نادمة أبدا على تجاهله , هو استحق ذلك عن جدارة ,
في النهاية هي ليست كرة مضرب , كلما ألقاها ناحية الجدار عادت اليه ليتلقفها .

لم يعلق أيمن على جوابها , و قاد بعدها الاثنان بصمت , الى وجهتهما لاكمال عملهما .


.
.


بعد ثلاث ساعات طويلة , عادت ملك الى المستوصف برفقة أيمن , بمجرد وصولهما نزلا من السيارة , و بدآ بانزال الأغراض و الأجهزة ,

شعرت ملك بحركة خلفها , لكنها لم تحتج أن تستدير , لتعرف أن علي يقف على بعد خطوات منها ,
فيما لا يبدو بأنها ستنسى , رائحة هذا العطر طوال عمرها .



و ما لبث أن بادر علي بالكلام , قبل أن تفكر بالفرار من أمامه كما فعلت سابقا

" هل يمكن أن نتحدث قليلا ؟ "

سأل بهدوء غير متوقع .


لكن ملك لم تجبه بحرف واحد , و تظاهرت بالانشغال بما في يدها , و كأنه لا يحدثها .



حدق أيمن بينهما بفضول كبير , و قد أدرك منذ أول وهلة , أن ملك تعرفه لكنها تنكر الأمر ,

لذلك قرر أن يفسح لهما المجال للتحدث

" ملك أنا في الداخل "

بادرها بنبرة مطمئنة و مؤازرة , حمل بعدها صندوقا , و دخل الى المستوصف ,
قبل أن تفكر ملك في منعه ,

فقد بدا واضحا أن الرجل الغريب الواقف هناك , مصر على التحدث معها مهما كلفه الأمر ,
لكنه سيبقى بالقرب في حالة حدث طاريء .





راقب علي الشاب يدخل ببعض الامتعاض , و قد عبست ملامحه بطريقة واضحة

" هذا المتملق يعرض المساعدة , و كأن ملك تحتاج الى من يحميها مني ؟ "

انتقد بطولته المزعجة لكنه كتم غيظه , و عاد للتحديق ناحية سبب وجوده هنا .



ارتبكت ملك قليلا لبقائهما بمفردهما , قبل أن تهدأ من نفسها , و تستمر في تجاهله ,
حملت الثلاجة الصغيرة خاصتها , و استدارت لتلحق أيمن الى الداخل , و قد استاءت منه لأنه غادر و تركها ,

دون حتى أن تلقي لمحة على علي , الذي كان يراقب كل حركة منها .



برؤية فرارها خطا علي خطوتين سريعتين , حتى صار أمامها مباشرة , و كرر طلبه باصرار و بنبرة جادة

" قلت بأنني أريد أن أكلمك "



نظرت اليه ملك ببرود , لم يعتد علي رؤيته لثوان , قبل أن تجيبه بنبرة حازمة

" ليس هناك شيء لنتحدث فيه ,
أنا لا أعرفك سيدي , لذلك توقف عن ازعاجي "

هو عاملها كشخص غريب لثلاثة أشهر , لن يتوقع أن تأخذه بالأحضان بمجرد أن يطلب .




شعر علي بألم كبير , لسماع كلماتها القاسية , هو كان متأكدا أن ملك غاضبة منه ,
لكنه توقع أن تثور في وجهه , أن تصرخ و ترميه بما في يدها ,

لكن أن تتجاهله هكذا ؟ هذا أكثر ايلاما مما توقعه .



لم تطل ملك الوقوف , و سرعان ما استدارت حوله و دخلت المستوصف , تاركة اياه يقف هناك وحيدا ,

كانت تتظاهر بالصلابة , فيما هي لم تجرؤ حتى , على الاستمرار في التحديق الى عينيه , دون أن تنهار باكية .



لم يستمر علي بالوقوف مطولا هو الآخر , بدا واضحا أنها لن تسمح له , بالكلام حاليا مهما أصر , فهذه المرأة أعند مخلوق قابله في حياته ,

لذلك قرر اعطاءها فرصة لتتمالك نفسها , و تتقبل وجوده المفاجئ هنا ,
قبل أن يجد فرصة أخرى للتحدث معها بهدوء .



قصدت ملك بعد ذلك كابينتها , و قد تفاجأت لاختفاء علي سريعا , عادة هو أكثر عنادا من هذا ,

لكنها تعرف كم أنه رجل يعتز بكرامته , لن يتحمل أن يطرده أحدهم أمام الآخرين ,
و اعتقدت جازمة أنه غادر بالتأكيد .



بالدخول الى غرفتها اليتيمة , أضاءت ملك المصباح و اتجهت الى المطبخ ,

كانت تحافظ على تخشب ملامحها , محاولة اقناع نفسها أن ما يفعله ذلك الرجل لا يؤثر عليها ,
هي بخير و ستبقى كذلك مهما حصل ,

أخرجت قدر الشوربة الفخاري الصغير من الثلاجة , و وضعته على الموقد حتى تتمكن من تناول عشائها ,
متظاهرة ألا شيء حدث هنا , و هز عالمها كزلزال مدمر .



سكبت ملك طعامها في صحن , وضعته على الطاولة الصغيرة , و جلست على الكرسي مقابله ,

بمجرد أن قربت الملعقة من فمها , حتى تعكر هدوء الشوربة فيها , بدمعة خائنة متسللة من عينيها

أفلتت ملك الملعقة من يدها , و قد فقدت شهيتها غير الموجودة منذ البداية , و قامت راكضة الى الحمام ,


غسلت ملك وجهها بالماء البارد بطريقة عنيفة , و كأنها تجبر ملامح الحزن , على الاختفاء من على صفحة وجهها ,
لتبدأ بعدها وصلة الزجر مقابل المرآة , و التي تكررت مئات المرات منذ وصولها الى هنا

" لا تبك أيتها الجبانة , اياك أن تبكي ,
لا شيء يستحق معاناتك ,

أنت تبلين حسنا منذ ثلاث و ستين يوما , فلا تنهاري الآن بسبب ذلك الرجل "



لكن كان لدموعها رأي آخر , و استمرت بالانهمار على خديها , لتمتزج بالماء المتجمد و تتفوق عليه , غير عابئة بانتفاضة صاحبتها ,

في نهاية المطاف وضعت ملك يديها على وجهها , و تكورت على أرضية الحمام , في وصلة نحيب صارت رفيقتها الوفية في الفترة الأخيرة ,
و قد استرجعت كل تلك الأيام المؤلمة , التي كانت تحاول نسيانها , تخطيها و عيش حياتها



تذكرت ملك حينما جلست , لساعات في بهو المطار , بقلب محطم و روح هائمة , لتستفيق على حقيقة أنها صارت لوحدها تماما ,
و تجر أذيال الخيبة عائدة الى بيت , لم تكن واثقة من ترحيب أصحابه بها .


لقاؤها مع عائلتها و صدامها مع والدها , كانت أكثر ألما و انهيارا مما تخيلت , و من كل ما عانته في حياتها كلها ,
حتى من لحظة فراقها مع علي , و التي أشعرتها أن روحها غادرت جسدها .



بعد رحيلها مطرودة من بيتها , الذي عاشت فيه طوال حياتها , منقوصة من السنة التي احتجزت فيها , لم يكن هناك الكثير من الخيارات أمامها ,

كان المساء قد حل بالفعل , الجو صار أبرد و المطر أكثر غزارة ,
و ما كان منها الا أن استأجرت غرفة , في أقرب فندق لليلة واحدة ,

مستخدمة بطاقتها الائتمانية التي و لحسن حظها , دستها والدتها بين أغراضها , و قد حوى الحساب ما جمعته , من مال طوال سنوات عملها ,

و الذي لم يكن كثيرا , لكنه كان كاف حتى لا تبات في العراء ,
حيث سحبت مبلغا محترما لمصاريف الأيام القادمة , و قد جهزت نفسها للبقاء وحدها لمدة طويلة ,


نعم هي غادرت بيت علي , و هي لا تحمل شيئا غير ملابسها ,
كريم في المطار قال شيئا عن حقيبتين أخريين , سلمها معلوماتهما مع جوازها , بعدما أرسلهما مع الأمتعة ,

لكنها كانت قد قررت , ألا تأخذ أي شيء له علاقة بعلي , و هي لم تكن في وعيها أصلا لتذكر الأمر .



بعد انقضاء الليلة البيضاء الطويلة , تجلس مقابل الشرفة و دموعها تغرق وجهها ,
خرجت ملك مبكرا , لتتصل على الشخص الوحيد , الذي لن يردها مهما حصل معها
" جدها الحبيب "


كان الحاج لا يزال في المنتجع , و الذي قرر البقاء فيه أطول مدة ممكنة ,
في النهاية هو يقيم وحده في المنزل , على الأقل هنا الكثير من العجائز , الذين صاروا أصدقاء له ,

لم يصدق الشيخ أذنيه , حينما قدم أحد عمال المكان , و قال أن لديه مكالمة من حفيدته ملك ,
و لم يستغرق الأمر منه الا بضع ساعات , حتى وجدته يقف أمامها في بهو الفندق .



" حبيبتي ملك اشتقت لك كثيرا حنونة "

كان كل ما قاله الرجل لها و هو يحتضنها , فيما هي غارقة في وصلة بكاء حارة ,
و قد اختلط عليها وجع الفراق بلهفة الاشتياق ,


اصطحبها بعدها مصطفى الى بيته , و شعر بغضب عارم حينما أدرك , أنها زارت بيت ابنته أولا , و صهره رفض عودتها ,

لكن باصرار من ملك كتم غيظه , و لم يتصل من أجل عتابهما , لكنه أقسم ألا يدع أحدا يعرف لها طريقا , حتى لو ركع عند رجليه ,

و قد اتفق الجد و حفيدته , على ابقاء أمر بقائها هنا سرا بينهما , ريثما تتخذ قرارات بخصوص حياتها .



رغم شعوره بالفضول الشديد , و الرغبة في معرفة , مالذي جرى مع ملك في غربتها , الا أنه أشفق على حالها المنهارة ,
و لم يسأل شيئا عما حصل معها , منتظرا أن تبوح هي بنفسها دون ضغط .


لكنه ببصيرته الثاقبة و بفراسته المعهودة , تمكن من تخمين بضع أمور , أهمها أن فراق ملك عن والديها , ليس كل ما يفطر قلبها ,

و أن لذلك الرجل المغرور المدعو علي , يد في كل ما تعايشه حبة قلبه , و قد زاد سخطه عليه , و قرر أن يبحث خلف الموضوع , دون دراية من حفيدته .



في تلك الليلة نامت ملك و جدها يحتضنها , و قد غطت براحة في سبات عميق ,
لم تتمتع به منذ ما قبل الحادثة التي أصيبت فيها ,

و قد كانت الكوابيس تقض مضجعها , و تبقيها مستيقظة معظم الليل ,
خاصة بعدما تخلى علي عن دوره , في مساندتها و عودتها الى غرفتها .



كان الصمت سيد جلسات ملك مع الشيخ , و كانت تغوص في ذكرياتها , و تتوه بعيدا معظم الوقت
و لم تفلح أية طريقة من طرقه الكثيرة لالهائها , أو رسم ابتسامة حقيقية على ثغرها ,

و هي تتذكر جيدا سؤاله الوحيد , الذي أصر على معرفة جوابه

" ملك حبيبتي , هل زواجك من ذلك الرجل حقيقي ؟ "



بسماع هذا السؤال اغرورقت عينا ملك بالدموع , و أخذت تنهيدة عميقة , فهو الشخص الوحيد , الذي فكر في طرحه بهذه الطريقة ,
و كأنه يخبرها بأنه يعرف الاجابة , و هو واثق من صدقها فيها ,

و اكتفت ملك يومها بأن حركت رأسها نافية , ليتوقف الشيخ عن حثها على الحديث , و قد حصل على ما يريده .



بعد ثلاثة أيام استجمعت ملك عزمها , و قررت زيارة ادارة الكلية , لتعرف وضعها مع تخصصها ,

و رغم أنها توقعت مسبقا ما وجدته , الا أن سماعها بأمر فصلها من التخصص آلم قلبها ,
و أضاف حسرة أخرى , الى تل خساراتها المتتالية و الموجعة ,

حاولت ملك جاهدة تقديم طلب طعن , لكن المسؤول أعلمها أن المدة القانونية , المحددة لقبوله قد انقضت بالفعل ,

و أنها عادت لتكون طبيبة عامة , مع امكانية اجتيازها مجددا لامتحان التخصص , مما يعني أن تعيد كل شيء من البداية ,

لتغادر المكان باحباط عارم , فيما لم تتمكن حتى من أن تقصد القسم , و تلقي نظرة على زميلاتها و أساتذتها , فقد كانت تشعر بعار كبير .



استمرت ملك تقيم في بيت جدها , و كانت أيامها تمر على غير هدى ,
تنام تأكل تفكر لوقت طويل جدا و تجتر عذابها , فلم يكن هناك عمل و لا دراسة و لا تطوع ,

و قد أصبحت حياتها التي كانت دؤوبة كحياة نملة , خاوية تماما و كأن اعصرار أطاح بها .





كان الشيخ يراقب ما يحدث بدقة كبيرة , و بعد بضعة أيام فاتحها في موضوع أجله لوقت طويل

" ملك هل تعرفين متى حصلت على حكم البراءة ؟ "


هو لم يصدق أن الحكم صدر مباشرة , قبل أن يقرر ذلك الرجل ارسالها , تلك كانت صدفة أسخف من أن تقنعه ,


و باتصاله بعثمان الذي استفسر له , عن التاريخ المدون على الحكم , و الذي لم يعد محجوبا , تأكدت شكوكه في أن علي أبقاها مدة طويلة , بعد الحكم في بيته دون تبرير ,


كما أن الرجل صارحه بما دار بينه و بين علي , حينما أعلمه أنه سيعود , مع ملك لمقابلة عائلتها ,
لكنه أخفى هذا الشق عن ملك , هي لا تحتاج أملا زائفا , تفني عليه بقية حياتها .



بسماع السؤال هزت ملك كتفيها , فهي لم تر ورقة الحكم بعينيها , و لم يكن لديها الوقت الكافي قبل السفر للاستفسار عنه ,
بالنسبة لها حكم البراءة , كان أهم من وقت اصدارها ,

لكن جدها صدمها حينما أعلمها أنه صدر , قبل عودتها بثلاثة أشهر تقريبا ,
و قد تراوحت اختلاجات ملامحها , بين الغضب و الألم و الحقد .



صدمتها يومها كانت من جعلتها تفيق , من رثاء نفسها و الغرق في أحزانها , بعد أن كانت تلتمس العذر لعلي ,
أنه تخلى عنها لأنه أوفى بوعده لها , بتركها تغادر بمجرد حصولها على البراءة ,


لتكتشف أنه أبقاها حينما أرادها , ثم أبعدها حينما انتهت حاجته لوجودها ,
و قد تيبست دموعها منذ ذلك اليوم , و لم تذرف دمعة واحدة لذكراه ,

يومها اكتشفت كم كانت مغفلة لأنها أمنت جانبه , و كم كانت مغيبة العقل , حينما وقعت في هواه
فيما عاملها هو كمجرد بيدق , في لعبة ربحه و خسارته التي يجيدها تماما ,


فكما تزوجها عنوة ليجد حاسوبه , و كما أجبرها على الاذعان , لأوامره و مقايضاته ارضاءا لجبروته ,
اختتم تسلطه بأن احتجزها و هي حرة ,

فقط لأن زوجته المرحومة , و ابنته اليتيمة كانتا بحاجة اليها , و بمجرد أن ظهر أمامه اختيار أفضل , حتى وضعها أمام الباب كجرو ظال أجرب .



يومها خرجت ملك راكضة من مجلس جدها , جابت المزرعة كلها مهرولة , و كأنها تتخلص من عبء ما ,
و حينما عادت كانت قد حزمت أمرها , بالذهاب الى أبعد نقطة ممكنة , علها تنسى ما اجتاح حياتها , و أطاح بكرامتها قبل مشاعرها ,


و لم يجد العجوز بدا , من قبول سفرها الى الجنوب , و استئناف عملها التطوعي الكفيل بجبر انكسار قلبها , و تصميم واحد كان يتبادر على ذهنه

" ستأتي أيها الأحمق هنا أمامي ,
و سيكون حسابنا عسيرا جدا "



استعادت ملك تلك الأيام الكالحة بكثير من المعاناة , قامت بعدها و ارتمت على فراشها ,
و قد توقف شلال دموعها أخيرا ,


لكن دوامة أفكارها كانت أشد عصفا , و هي لا تعرف بما يجب أن تفكر , حيال ما يفعله ذلك المجنون مجددا


" هل يجب أن تشعر بالارتياح , لأنه غادر و تركها و شأنها ؟

أو أنها يجب أن تنزعج , لأنه مستمر في معاملتها كأنها شخص , لا يستحق شيئا من وقته و اهتمامه ؟

و يدير ظهره لها كما فعل المرة الماضية , دون أن يفكر في مدى الدمار , الذي تسبب به لها ؟ "


كان هذا الجانب الحاقد الواعي من عقلها , فيما كان قلبها الجبان يطرح أسئلة أخرى

" لكنك أنت من طرده لم تتذمرين الآن ؟

كان يبدو منهكا جدا و عيونه حزينة "


" حمقاء ليس عليك أن تشفقي عليه ,
معاملته ببرود كانت أرحم أمر قمت به اتجاهه ,

كان عليك أن تغرسي مشرط الجراحة ,
الذي تحملينه داخل عينه "



تنهدت ملك باجهاد , و قد صارت هذه المباراة , منهكة لقواها كل ليلة قبل نومها ,
أنهت الجدال سريعا , و قد علق سؤال واحد ببالها

" ترى ما الذي كان يريد قوله ؟ "



لعبت الوساوس برأسها مطولا , و لم يزر النعاس عيونها , الا مع ساعات الفجر الأولى , بعد أن حزمت أمرها بشأن شيء واحد

" هي لن تسمح له و لا بعد ألف سنة , بالتلاعب بحياتها و اقتحامها مجددا ,
حتى و ان ركع عند قدميها لسنوات "

قرار لن تتنازل عنه حتى مقابل روحها .



.
.



في الطرف الآخر غادر علي المحبط مع كريم , للمبيت في الاستراحة التي خصصها لهم مدير المخيم ,
و التي لم تكن تبعد كثيرا عن مكان اقامة ملك , رافضا تناول الطعام الذي أحضره السائق .

لكنه هو الآخر لم يستطع , أن يغمض للحظة واحدة , و كل ما يفكر فيه أن يخرج و يذهب حيث ملك ,
يأخذها في حضنه و يقبلها , فهو يحتاجها بهذا القدر ,

و كل ما كان يعزيه , أنه لا يفصله عنها الا بضع سويعات , سيبتهل فيها الى الله , أن يسهل مهمته و يجبر بخاطره .



.
.



في السابعة صباحا من يوم الغد , استيقظت ملك منهكة بسبب قلة النوم ,
و كعادتها اغتسلت و أفطرت سريعا , ثم اتجهت ناحية المستوصف لبدء يومها ,

بمجرد أن دخلت قاعة العلاج , حتى شرعت في ترتيب المكان و علب الدواء , استعدادا لاستقبال المرضى ,
أثناء انشغالها فتح أحدهم الباب بعنف , دخل ثم أغلقه من الداخل بالمفتاح ,

تفاجأت ملك للحركة بداية , لكنها فهمت بمجرد أن رفعت رأسها , و رأت علي يقف هناك يحدق ناحيتها , و قد امتلأت عيناه السوداوين بالتصميم و الاصرار .



أخذت ملك نفسا عميقا , و عادت لتكمل ما كانت بصدد فعله , متجاهلة الرجل مجددا كالبارحة , و كالمرة الفائتة كان علي من بادر للتحدث

" أريد أن نتكلم "


حسنا توقعت أن تكون أوامره أكثر حدة , بعدما حصل بينهما في الأمس ,
لكن واضح أنه صار يجيد التحكم , في غطرسته و تسلطه بعد انفصالهما .



أخذت ملك وقتها للرد عليه بهدوء , دون أن ترفع رأسها من الطاولة أمامها

" قلت ليس هناك ما نتحدث بشأنه "



رد علي باصرار و بنبرة منزعجة

" بلى و سنفعل فورا "



" متسلط كعادتك "

تمتمت ملك بينها و بين نفسها , لكنه سمعها و قرر ترك الأمر , و عدم التعليق عليه ليضيف

" لم أنت هنا ؟ "





لم تجبه ملك بكلمة هذه المرة , و كأنها تحتج على السؤال الغبي , فواضح أنها تعمل هنا ,
و حاولت تصنع البرود مجددا , لأن وجوده قربها يوترها رغما عنها .



برؤية تجاهلها تقدم علي خطوتين حذرتين ناحيتها , و تحدث بصبر كبير على غير عادته ,

لو كان شخصا آخر غير ملك من يقف أمامه , لتأجج غضبه في لحظة ,
لكنها الوحيدة التي يراعي مشاعرها , و قد كانت نبرته هادئة

" لم لست مع والديك ؟
لم لم تخبريهما بما حدث ؟ "



سأل علي بلوم كبير , لكن ردة فعل ملك فاجأته , فقد ابتسمت له بسخرية , و استدارت ناحيته لتحدق في وجهه أخيرا

" فعلا ؟ و ماذا أخبرهما ؟ "



صمتت بعدها للحظات , تدعي التفكير في جواب , تحت نظرات علي المستغربة ,
ثم أضافت بلهجة ساخرة لم يعهدها منها , و قد أطلت نظرة غامضة , من عينيها أثارت مخاوفه


" آه يمكن أن يكون التصريح سهلا ,

مرحبا ماما مرحبا بابا , أنا سعيدة لرؤيتكم مجددا بعد سنة غياب ,

أنا آسفة لكنني لم أتزوج من قال أنه زوجي ,
و لكنني كنت محتجزة بسبب أمر , لا أعرف عنه شيئا ؟

حتى أنني كنت على وشك دخول السجن , لكن الحمد لله لم يحصل ذلك ,

لأن الرجل الذي كان يقول أنه زوجي , كان مراعيا كفاية و خائفا على سمعته ,
حتى لا يسمح لهم بسجني , من التهمة التي لفقها بنفسه لي "


فاصل من الصمت المريب اجتاح المكان , مع نظرات تحثه فيها ملك على التعليق ,
قبل أن تسترسل بنفس اللهجة المستظرفة



" آه و قد بقيت مدة اضافية جبرا للخواطر , بضعة شهور كخدمة مفروضة ممن قال أنه زوجي ,

لكن لا تقلقوا ابنتكم عادت الآن و هي بألف خير ,
و بالمناسبة أبي أمي أنا لم أتزوج , و لكنني حصلت على الطلاق "





عبس علي بشدة و تجهمت ملامحه , فلم يستسغ استهزاءها بالأمر ,
خاصة تلميحها الى اخفاء , أمر براءتها عنها و ابقائها , تلك لم تكن أسبابه أبدا ,

ثم ما حصل ليس كما ترويه , هو منع دخولها الى السجن , لأنه أدرك خطأه في أنها مذنبة ,
و كان اثبات براءتها مسؤولية , اتخذها على عاتقه دون تهاون ,

و لأنه لم يكن ليسمح لأحد , بلمس شعرة من شعر رأسها , حتى لو اضطر للاعتراف على نفسه ,

لكن هذا ليس وقت الجدال في هذه التفاصيل , سيجد وقتا أكثر هدوءا لقول نواياه , فهناك أمورا أهم لحلها الآن




" توقفي عن السخرية ملك ,

أنا هنا لمناقشة أمور مصيرية , لا داعي للتهكم بهذا الشكل "

نهرها علي بنبرته الحادة , مانعا نفسه من التقدم أكثر , و الشعور بدفء وجودها قربه ,
لكنه يعرف أنها لن تسمح له , و قد يبدآن صداما هنا هو في غنى عنه .



مقابله صمتت ملك لدقائق , تحدق بنظرة غائرة في العلب أمامها , و تأخذ أنفاسا عميقة و متوترة , حتى ظن أنها لن تضيف شيئا ,

لكنها نطقت أخيرا بعدما حدقت اليه , بعينين ملتهبتين من الغضب , و قد اختفت نظرة الاستهزاء منهما , و أجابته بما يريد سماعه


" فعلا تريد التحدث بجدية ؟

حسنا سيدي أنا سأحدثك بالجدية التي تطلبها ,

ماذا كنت تتوقع مني أن أقول ها ؟

آسفة ماما آسفة بابا , لأنني خيبت ظنكما في ابنتكما , و كذبت عليكما طوال سنة ,

و أنني حرمتكما من حضور زواجي الزائف , و تحقيق حلمكما في تنظيم حفل زفافي ,
و رؤيتي بالفستان الأبيض أزف لرجل تحترمانه ؟


آسفة لأن ابنتكما الطبيبة المتفوقة , لم تكن ذكية كفاية كما اعتقدتما ,
و تم الايقاع بها كشخص ساذج , للامضاء على عقد زواج سقط من السماء ؟

لتجد نفسها في بيت واحد مع رجل , لا تعرف عنه شيئا سوى أنها متهمة بسرقته ؟


أن ابنتكما التي لطالما افتخرتما , بقوة شخصيتها و اعتزازها بنفسها ,
رضخت لابتزاز رخيص على شرفها , و قبلت البقاء كخادمة لسنة ؟

أو أخبرهما كيف تم سحبي كشاة , الى قسم الشرطة بتهمة تهريب , و قضيت فيه الليلة وسط المجرمين و المحققين ,
مع بعض التفاصيل المشوقة التي كانت ستطربهما ؟ "




أخذت ملك شهيقا عميقا , قبل أن تصرخ في وجهه

" بربك علي ما الذي كنت تريد مني قوله لهما ها ؟

أنني فعلا كنت متزوجة و تطلقت , لكن مفاجأة أنا هنا دون عقد زواج , و لا حتى عقد طلاق ,

هل هذا ما تريدني الاعتراف به أمامهما , حتى أحصل على جثة والدي أمامي ؟

والدي الذي لم يقتله خبر زواجي سابقا , تريدني أن أنهي الأمر تماما , باخباره عن طلاقي دون أوراق ؟



والدي الذي عانى من نوبة قلبية , أثناء عودته من بلدك بسبب جبروتك و غبائي ,

و اضطروا لنقله بسيارة اسعاف , من المطار الى غرفة الانعاش مباشرة ,
حيث مكث لثلاث أسابيع بين الحياة و الموت , و خضع لعملية جراحية دقيقة ؟

آسفة سيد علي لكنني لست قاسية كفاية , بقدرك حتى أتسبب بقتله ,
لم أصل الى هذا المستوى بعد "





فيما استمرت ملك بالصراخ في وجهه , مخرجة كل ما دفنته في قلبها خلال أشهر ,
و كأن رؤية وجهه تنقب عن بركان جراحها ,

لم يجد علي بما يرد عليها , و هو يسمع لأول مرة , عما حصل مع والدها سوى كلمة

" أنا آسف ملك لم .. "





لكنها لم تدعه يكمل اعتذاره

" آسف فعلا ؟

تكبدت عناء المجيء طوال الطريق الى هنا , فقط لتقول آسف ؟

السيد علي المبجل , صاحب الأنفة و الكبرياء العظيم ,
تنازل أخيرا و قرر قول كلمة آسف ؟ "



ضحكت ملك بطريقة ساخرة مجددا , مثيرة خوف علي و قلقه ,
هو لم يرها تتصرف هكذا سابقا , كانت تبدو و كأنها فقدت عقلها ,

لكنها سرعان ما توقفت , و حدقت ناحيته مجددا , بملامح متجمدة و حاقدة


" علام أنت آسف سيدي ها ؟

ما الذي يعوضه أسفك هنا ,
أيها الرجل المعتز بنفسه ؟

أقول لك أنا أعطيك الفاتورة , و أنت حدد ما مقدار الأسف , الذي يجب أن تشعر به نحوي لتسديدها "





ساد صمت مريب المكان لبضع ثوان , و كأن ملك تحاول تجميع أفكارها ,
قبل أن تتحدث مجددا , و قد هدأ صوتها أخيرا , لكنه بدا كالهدوء الذي يسبق العاصفة



" خسرت ثقة والدي و احترامهما ,

خسرت كرامتي و سمعتي بين عائلتي و أقربائي , الذين أصبحوا يخجلون من ذكر اسمي ,
لأنه مرادف لامرأة منحرفة و ناكرة للجميل , و أصبحوا يتمنون لو يسقطوا عني اسم العائلة ,


خسر والدي سمعتهما النظيفة , و مكانتهما الرفيعة في مجتمعهما , بعدما تحولت أنا التي كنت مصدر فخرهما و اعتزازهما ,
الى مصدر خجلهما و وصمة عار في حياتهما , و أصبح الجميع ينفر منهما ,



خسرت عملي الذي أحبه , و ثمار دراستي و تفوقي , التي أفنيت سنوات عمري لتحصيلها ,

و تم شطبي من التخصص الذي أحبه , بأسوء سبب على الاطلاق , و هو عدم الالتزام و قلة الانظباط ,



خسرت أصدقائي و معارفي , و أصبحت في نظرهم امرأة منحطة دون أخلاق , تخلت عن والديها ببساطة ,
و ركضت خلف رجل الى آخر العالم من أجل ماله ,

خسرت اعتزازي و ثقتي بنفسي و في الآخرين , و أصبحت لا أستطيع النوم , قبل أن أضع شيئا خلف الباب ,

و أراجع كل ورقة توضع أمامي مائة مرة , قبل أن أمضي عليها كشخص مهووس ,



بسببك أيها السيد خسرت ايماني , أن هناك خيرا في هذا العالم ,
و أصبحت أرى كل الناس أشرارا و ذئابا , لدرجة أصبحت فيها أكره نفسي بشدة "





أخذت ملك أنفاسا متلاحقة , و قد بدا واضحا تأثرها العميق , و مجاهدتها لحبس دموعها في عينيها المحتقنتين , و كأنها على وشك الدخول في نوبة ذعر ,

و استمر علي يقف هناك , متلقيا ما تقوله بصمت تام , و قد اعترف أنه استحق كل رمح سام
وجهته الى قلبه .



وضعت ملك يدها على جانبها الأيمن , تتحسس المكان حيث ندبة العملية , و حدقت اليه مجددا بألم يعلو ملامحها

" بسببك خسرت جزءا من جسدي , و أصبحت امرأة منقوصة عليلة كما قالت والدتك ,

لا يمكنها أن تحمل دون خطورة , و يمكن ألا تصبح أما أبدا , بما أنه لا يوجد رجل سوي قد يرغب بامرأة مثلي ,
و وجب ايجاد بديل لها , لانجاب ولي العهد للعائلة المحترمة "

ارتجف صوتها في آخر كلماتها , و كأن ما قيل لها حفر عميقا في روحها .



اتسعت عينا علي من الصدمة , فهو لم يعرف متى حصل نقاش , بخصوص هذا الأمر بين ملك و صفية ,

كما أنه لا يصدق أن والدته , وصلت بها الجرأة لقول ما قالته , و هو متأكد أن ملك لا تكذب بخصوص الأمر ,
تماما كما هو متأكد أن صفية , لن تنفي الأمر ان هو واجهها .


" هل هذا ما جعل ملك تنبذه و تصده , حينما قرر الاعتراف لها ؟ "

ضاق صدر علي بادراك وضع , لم يكن لديه فكرة عنه , و قبل أن يفتح فمه للاستفسار , عما حصل و متى كان ذلك ,
باغتته ملك بسؤال هامس , أرسل رعشة من رأسه الى أطرافه

" لكن أتعلم ما أسوء ما خسرته ؟ "



سألت ملك بكل جدية , و هز علي رأسه بالنفي , لا يقو حتى على الرد عليها بالكلمات ,
و قد راوده شعور سيء , بأن ما ستقوله لاحقا سيؤلمه بشدة ,



ردت ملك بصوت هادئ و عينين تائهتين , أطل العذاب من أعماق روحها من خلالهما

" قلبي و روحي تركتهما هناك , في بيت أسرت فيه لثلاثمائة يوم , أحببت أهله و تعلقت بسكانه ,
بكيت لحزنهم و فرحت لفرحهم , و كنت مستعدة للموت من أجل حمايتهم ,

و في النهاية لم يسمح لي حتى بلحظات لأودعهم ,
لم يتسن لي حتى ضم الطفلة , التي تناديني ماما بكل حب , و تقبيلها قبلة وداع قبل مغادرتي ,

يا الهي حتى المحكومون بالاعدام , يسمح لهم بأمنية أخيرة ,
لكنني كنت أقل قدرا حتى من المجرمين هناك "





جف حلق علي و انعقد لسانه , و كأنه فقد كلماته بما سمعه , و عادت ملك و حدقت ناحيته ثم استرسلت

" خسرت قلبي و مشاعري , لرجل قاس ألقاني ككيس قمامة , في أول طائرة عائدة الى هنا , و قد انتهت حاجته بي ,

و لم يكلف نفسه حتى عناء الالتفات و الاطمئنان , ان كانت الجارية التي احتجزها بخير أو لا ,

في الوقت الذي جلست فيه , في بهو المطار لعشرة ساعات , لا أعرف الى أين يجب أن أذهب ,
كان هو قد أدار ظهره و استأنف حياته , بحثا عن السعادة مع المرأة التي اختارها .


أتعرف سوء ألم أن تحب شخصا , من المفروض أن تكرهه ؟
طبعا لا لأنك دون قلب "



صمتت ملك و قد وصلت حدها , و لم تعد تتحمل ألما أكثر , و بدأت دموعها التي حبستها بالانهمار ,
كانت تمسك بصدرها قبالة قلبها , و تضغط بشدة فيما بدا أن الألم لا يحتمل .





شعر علي أن رصاصة اخترقت قلبه , و أن روحه على وشك أن تغادر جسده , شعر بنفس ألم ملك , يقبض صدره و يطبق على قلبه ,

حتى أنه اتكأ على الحائط الى جانبه , خشية أن تخونه قدماه , و يهوي على ركبتيه أرضا .



هو حينما وصل الى هنا , توقع أن تعاتبه ملك بشدة , أن تتصادم معه تلومه و تلعنه , توقع أن تفر منه مرة أخرى , و تجعله يبحث عنها بعناء ,

لكنه لم يتوقع في أسوء كوابيسه , أن يحصل على اعتراف منها , بما تشعر به ناحيته بهذه الطريقة الأليمة ,

هو لا يصدق ما سمعه للتو , و قد اعترفت أمامه بكل وضوح ، أنها تحبه تماما كما أحبها , و أن عذابها من فراقهما لا يقل عن عذابه .



" لم لم تقل شيئا اذا ؟
لم تركته يجعلها ترحل ليلتها ؟ "

هو حاول التأكد الى آخر لحظة من مشاعرها ,
لكن كل ما حصل عليه كان الصد و النفور ,

و الآن هي تعتقد أنه يكرهها , و استمر في انتقامه منها ،
بعدم ارسال ورقة الطلاق تلك ، و بملاحقتها هنا لايذائها مجددا .



رغم أن كريم فعل ذلك عن حسن نية , الا أنه لا يستطيع انكار مسؤوليته عن الموضوع ,

كان عليه أن يرافقها , و يتأكد من عودتها بسلامة الى بيتها , و يحرص على استعادتها لحياتها ,

كان عليه أن يكون رجلا كفاية ، و يخبر والديها وجها لوجه , بما فعله و يبريء ذمتها ,

ما كان عليه أن يدعها , تواجه كل هذا وحدها , و قد شعر علي بأنه رجل جبان , كما لم يحدث يوما في حياته .





كان علي يقف متسمرا مكانه ، يأخذ أنفاسا متسارعة و مؤلمة , فيما ملك تجلس القرفصاء على الأرض ، و قد دخلت في وصلة بكاء حادة ,

بعد دقائق تمالك نفسه ، و خطا نحوها خطوتين برفق ، و مد يده يريد احتضانها و تهدئتها , لا شيء سيهدئ روعه , بقدر الشعور بها بين ذراعيه ,
بامكانها بعدها أن تكرهه بالقدر الذي تريده , فقد استحق كل ذرة حقد من روحها .

لكن و قبل حتى أن تلامسها أصابعه ، قفزت هي من مكانها و كأن تيارا صعقها ، و تراجعت الى الخلف الى أن أوقفها الحوض ,



تجهم وجه علي بشدة , و ظهرت قلة الحيلة على ملامحه ,
وقف هناك يحدق ناحيتها بيأس لامتناه ، و لا يعرف ماذا عليه أن يفعل أو يقول

" ملك أرجوك أنا أريد فقط .. "



لم تدعه ملك يكمل ما كان بصدد قوله , و قاطعته بتوتر شديد تضم نفسها ,
و كأن كلماته المبهمة أرعبتها

" ماذا تريد ها ؟ لقد أخذت كل شيء مني بالفعل ,
ألم يكفك كل ذلك ؟

أنا لم يعد لدي شيء أعطيه لك علي , لم أعد أملك شيئا لتأخذه "



دخلت بعدها في حالة هستيريا ، و لم تعد تدرك ماذا تفعل , و هي تتمتم لنفسها قبل أن يكون له

" بلى بلى لا تزال روحي ، أنت لم تأخذ روحي بعد "





و في غفلة منه تناولت احدى الزجاجات التي كانت ترتبها ، ضغطت عليها بين أصابعها حتى كسرت ،
و بدأ الدم يتسلل من كف يدها ، و هي مستمرة بالصراخ و البكاء

" لا بأس اذا علي ، اذا كنت سأتخلص منك باعطائك روحي سأفعل ,
على الأقل لن يؤلمني هنا بعد الآن "

و أشارت مجددا ناحية قلبها .



صدم علي و اتسعت عيناه عن آخرهما برؤية الدم , و حاول اقناعها بتقبل المساعدة

" ملك أرجوك اهدئي "

فيما كان علي يحاول السيطرة على الوضع دون جدوى ، فتح الباب خلفه عنوة , و دخل أيمن الذي بدا القلق على ملامحه ,

فقد ظل باله مشغولا مطولا ، رغم أن ملك قالت أنها بخير , و أنكرت معرفتها المقربة بعلي ، إلا أنه متأكد من العكس ,

البارحة هو أفسح لهما المجال للتحدث ، و لم يتسن له الاطمئنان عليها , لأن الوقت كان متأخرا , لذلك قرر المرور صباحا , قبل الذهاب الى المستشفى لالقاء نظرة ,

حينما وصل الى المستوصف ، كان علي و ملك في الداخل بصدد النقاش ، لذلك بقي في الردهة تحسبا لأي طارئ ,



لكنه بمجرد أن سمع صراخها الهستيري ، حتى أصيب هو الآخر بالهلع ، و لم يجد بدا من الدخول الى هناك ,

و قد هاله منظر ملك المزري , و هي تصرخ بكل قوتها و تبكي بحرقة ، و الدماء تغرق يدها المصابة ,



تجاوز أيمن علي الذي يقف هناك متصلبا , و الرعب باد على ملامحه , و اقترب منها بحذر خشية اهتياجها أكثر ,

لكن ملك لم تصده كما فعلت مع علي , و استسلمت له و هو يأخذ الزجاج , من يدها بلطف و يضع ضمادة عليها ,





حاول علي التقدم مجددا , لكن ردة فعل ملك صدمته ، فقد تراجعت مرة أخرى الى الحائط , و تعلقت بقميص أيمن بشدة ،
و كأنها تختبيء منه و لا تريده قربها ، و كأنها تشمئز من لمسته .





برؤية حالها السيئة قرر أيمن التدخل , و أشار لعلي بنبرة جادة

" غادر أرجوك "



نظر اليه علي بانزعاج في البداية , لكنه قرر الانسحاب أخيرا ,
كانت ملك تبدو على حافة الانهيار ، و هو لن يستفيد شيئا من الوقوف هناك , و الاصرار على استفزازها ,

رغم أنه تألم بشدة لأنها تتعلق برجل غيره ، تحت أنظاره و تطلب منه الحماية و الدعم ،

الا أنه تحلى بالعقلانية , و تخلى عن غروره لمرة ، و تراجع ببطء خارجا من القاعة .



هدأت بعدها ملك تدريجيا ، و سمحت لأيمن باسعاف يدها المصابة ، ثم اصطحبها الى الكابينة التي تبقى فيها ,
فقد كانت تحتاج الى الراحة , لا يمكنها أن تعمل بحالتها هذه .



لم تقاوم ملك ما طلبه أيمن , و رافقته بكل هدوء و استسلام , اتجهت مباشرة الى فراشها , استلقت و أغمضت عينيها , و كأنها تعزل نفسها عما حولها ,

و كأن البركان الذي كان يغلي منذ مدة داخلها , انفجرت حممه و هدأ أخيرا .





رغم أن علي كان مستاءا , من عدم تمكنه التقرب من ملك ، و من وجود ذلك الشاب الذي لا يعرفه , معها في كابينتها بدلا عنه ,

الا أنه كان ممتنا جدا له , لأنه تمكن من اسعافها و لم يتركها لوحدها ,
و أقنع نفسه بصعوبة بالغة , أنه ليس وقت غيرته الغبية و تملكه المجنون , فالرجل في النهاية طبيب .

في السابق أيضا هو اعتقد , أنها على علاقة بسامي ، و لكن اتضح أنهما عائلة ,
فيما ضيع هو وقتا ثمينا , كان بامكانه الاعتراف فيه بمشاعره .





تراجع علي بخطى متثاقلة ، و جلس على سور مقابل المستوصف , بأكتاف متهدلة و عيناه لا تفارقان الباب .

رغم أنه يدرك أنه لن يستطيع , أن يكلم ملك الآن على الأرجح ، لكن قلبه لا يطاوعه ليتركها و يغادر ,

سرح بعدها في أفكاره المتلاطمة , يحاول ايجاد مخرج من هذه الوضعية البائسة ، و لم ينتبه الا حينما جلس أحدهم الى جانبه ,

و لم يكن الا أيمن الذي أنهى للتو اطمئنانه على ملك ، و أخذ لها اجازة من العمل , ثم قرر أن يكلم علي قبل مغادرته .



جلس الرجلان جنبا الى جنب ، بصمت تام لأكثر من نصف ساعة , قبل أن يبادر أيمن بالكلام

" أنت زوجها صح ؟ "

كان تأكيدا أكثر منه سؤالا

نظر اليه علي بطرف عينه دون أن يجيب , هو لن يخبره أبدا أنه طلقها هذا الحشري .



ابتسم الشاب بهدوء و هز رأسه

" كان علي أن أدرك الأمر , حينما رأيت نظرتها لك البارحة ,
لا أحد ينظر بلوعة و هيام , ناحية شخص لا يعرفه "

علق بسخرية على حال ملك البارحة , و التي فوتها علي في خضم لهفته لرؤية وجهها .



لم يعلق علي بكلمة , فيما استمر الشاب بالتحدث بهدوء

" حسنا أهنؤك لأنك استطعت اختطاف قلبها ,
يا الهي كنت أعتقد أنها , ستبقى عزباء بقية عمرها ,

تلك المتمردة العنيدة التي عذبت نصف شباب المستشفى "



علي "...."

حسنا عليه الاعتراف أنه صدمه , هو لم يعرف أن الكثيرين كانوا وراءها , غير سامي الذي اتضح أنه خالها .



استرسل أيمن في الكلام , و هو يداعب الرمل تحت رجليه , متجاهلا ملامح علي المستهجنة

" حسنا علي أن أعترف , أنا أعرف ملك منذ سنوات ,
لطالما كنا أصدقاء مقربين , بسبب تطوعنا المستمر مع الهلال الأحمر ,

و لأكون صادقا تماما معك , تمنيت لفترة أن تقبل الزواج مني "



رمقه علي بنظرة قاتلة , كان عليه أن يصدق قرون استشعاره , التي لم تطق هذا المتطفل من أول ثانية , و قد كان يحاول اختطاف ملاكه في الماضي .



فيما حدق اليه أيمن بنظرة جدية و أضاف

" لكنني مسرور لأنها رفضت ، لم نكن لنكون سعداء أبدا معا ,
واضح أن كمية المشاعر بينكما هائلة ,

يا الهي أدركت الآن فقط , أنني لم يكن لدي أية فرصة "



تنهد علي و خفض رأسه و كأنه يشعر بالخجل ، واضح أن أيمن يلومه , لأنه تسبب في ايلامها , لكنه قدر صراحته كثيرا .



" في السابق كانت ملك شعلة حيوية , كانت شرارة أمل لكل من يقابلها ،
يا الهي كانت طاقتها الايجابية تكفي مدينة بحالها ,

لم أرها يوما تعبس أو تسيء لأحد , لم أرها بملامح حزينة و متجهمة كما هي الآن ,

حينما اتصلت بي هنا ، اعتقدت بأن ملك التي غادرتنا عادت مجددا ,

لكنني صدمت حينما قابلتها , كانت تبدو كشبح متنقل , كانت جسدا دون روح بملامح متجمدة ,

رغم أنها لم تقل شيئا ، الا أن عينيها كانتا تبوحان , بالحزن و اليأس يدمي قلبها ,

كانت شاردة الذهن طوال الوقت ، و الصمت كان رفيقها الوحيد "



صمت أيمن قليلا ثم أضاف

" أنا لا أعرف من تكون ، و لا ما حدث بينكما بالضبط ,

لكنني متأكد أن معظم الشائعات عن ملك كاذبة ، لذلك سأسديك نصيحة واحدة "




استدار بعدها و حدق الى علي ، الذي رفع رأسه هو الآخر , و نظر اليه بحدة يرغب بلكمه ،
خاصة بعدما تحدث عن عيني ملك ,

لو طلب منه المغادرة مجددا سيخنقه , لكنه فاجأه حينما سمع ما يريد قوله

" لا تتركها , مهما طلبت منك الذهاب لا تفعل ,

لا تدعها و ترحل مهما أصرت تلك العنيدة المجنونة ,

أنت الرجل الوحيد الذي أخذ منها روحها ، و أنت الوحيد القادر على ارجاعها لها "





نزل بعدها أيمن من فوق السور , نفض ملابسه ثم ابتسم لعلي , و ألقى تحية عسكرية

" bon courage "





ظل علي جالسا مكانه لبعض الوقت ، قبل أن يقوم و يتجه ناحية الكابينة , التي تقيم بها ملك ,
هو متأكد أنها لن تفتح له , لكنه لا يريد منها الآن الا أن تستمع له ,

قرر علي أنه لن يستمر في صمته ، الذي أفسد كل شيء جميل في حياته , و فرقه عن المرأة التي يحب ,

وقف و وضع يده على الباب و دق برفق , ابتسم حينما سمع حركة خفيفة خلفه ,
و كما توقع لم تفتح له ، لكنه قال ما يرغب في قوله على كل حال

" ملك حبيبتي ,
أدرك بأنك تسمعينني و هذا وحده يرضيني "




صمت قليلا و أخذ نفسا عميقا ثم أضاف

" أريد أن أخبرك أن مجرد التنفس ، خلال الأشهر الماضية كان مؤلما جدا ، لأن أنفاسك لم تكن بقربي في الأجواء ,

روحي علقت في مكان ما حينما رحلت ، و لم أستعدها الا البارحة حينما رأيتك ,

كان عالمي مزروعا بالشوك في كل مكان , و كأن الورود غادرت حياتي مع رحيلك ,
و قد كنت و لازلت النسمة العليلة , التي أنعشت حياتي القاحلة و قلبي المتجمد .


حتى و ان كنت لا تريدين رؤيتي و التحدث معي ، يكفيني أن أسمع صوت أنفاسك , و أشم رائحة عطرك ,
حتى و ان كنت بعيدة عني يكفيني أنك بخير "



صمت علي مجددا و قد تهدج صوته , و كأنه كان على وشك البكاء , لكنه تمالك نفسه و استرسل

" ملاكي أعرف أن ما فعلته معك لا يغتفر ،
و أن أية كلمة اعتذار قد أقولها ، لن تكفر عن لحظة عذاب واحدة تسببت لك بها ,

لكنني سأكررها اذا لزم الأمر , الى آخر لحظة في حياتي حتى ترضي "





وصلة صمت أخرى مطولة , قبل أن يضيف بنبرة دافئة

" لكنني قد آسف على كل شيء , الا أمر واحد و هو مشاعري ناحيتك ,

أعرف أنني كنت جبانا لوقت طويل , و أنك كنت أكثر شجاعة مني قبل قليل , و لكنني لن أتردد بعد الآن لأقول

" أنا أحبك ملك "

بكل ما للكلمة من معنى , و لن أتوقف عن حبي لك , حتى يتوقف قلبي عن الخفقان ,

هذا الأمر الوحيد الذي رغبت في قوله لمدة طويلة , و قد منعني خوفي من رفضك "


بسماع الكلمة شهقت ملك , و كأنها على وشك أن تسلم روحها ,
جحظت عيناها من هول صدمتها , ليضيف الرجل في الخارج , مؤكدا على اعترافه دون تردد


" أحبك أيتها العنيدة "

اهتمي بنفسك جيدا لأنني رجل مجنون , متملك و متسلط كما تعلمين ، و لن أتراجع حتى تكوني بقربي ,

آسف مرة أخرى , و أحبك ألف مرة ,
الى اللقاء حبيبتي "





كانت ملك قد وقفت من سريرها ، بمجرد أن بدأ علي الطرق على الباب ،

حينما أصبحت خلفه مباشرة ، استندت عليه و جلست أرضا , لا تجرؤ على فتحه ,

كانت تلتزم الصمت طوال الوقت , لكنها لم تستطع كبح دموعها ، بمجرد أن بدأ علي بالكلام ,
و كانت لا تصدق أنها تحصل على اعتراف منه , بدا فيه صادقا جدا و شغوفا جدا .

كانت ملك تبكي سوء حظها , كي تحصل على ما تمنته بعد فوات الأوان ,

كانت تبكي قلة حيلتها , في أنها لا تستطيع فتح الباب له ,
و قد كتب لها أن تستمع , الى اعترافه العاصف خلف جدران

دون أن تؤاتيها الشجاعة , للخروج و ضمه و الاستمتاع بحضنه , و قد غلب غضبها منه حبها له

بكت ملك كل أشواقها و يأسها , في حب ظنته مستحيلا , و ظلت تبكي حتى بعد أن غادر و سكت صوته .





بعد ساعتين مدت ملك يدها , فتحت الباب و ركضت الى الساحة ، لكن علي كان قد اختفى و لا أثر له ,

شعرت ملك بأن ألم قلبها تجدد ، و قد أدركت أنه رحل فعلا ، و أنه كان بصدد توديعها للمغادرة , و راودها شعور سيء بأنها تراه لآخر مرة .

لكنها لم تجد ما تفعله , غير الوقوف وسط المكان , و دموعها تغرق وجهها ، و قد فقدت فرصة أخرى , لتكون مع الرجل الذي تحبه ,

كانت تحدق بيأس الى الطريق , التي غادر منها علي ربما بغير رجعة .



.
.



بعد أسبوع كانت ملك منشغلة كعادتها في العيادة ، و فكرها كالأيام الماضية مشغول جدا , بالتفكير في علي و اعترافه المدوي ,
الذي ظنته هلوسات لوقت طويل , لم يؤكده الا الجرح الغائر في كف يدها ,


و كأنها لا تصدق أن ذلك الرجل البارد , تفوه بكل تلك الكلمات العذبة و الشاعرية , لها خصيصا و هي في أسوء حالاتها ,


لم تسمع منه شيئا منذ رحل , و قد كانت تشعر بخيبة أمل كبيرة جدا في قلبها ، لأنها توقعت أن يكون أكثر اصرارا على التمسك بها ,

صحيح هي عاتبته بقسوة ، و قررت أن تستمر في تعذيبه ان بقي قربها , لكنها لم تتوقع أن يغادر , مباشرة بعد رفضها له ،

و قد اعتقدت أنه سيتنازل قليلا و يتمسك بها , و هي كانت مستعدة لتراجع قرارها , في نفيه من حياتها نهائيا ,

خاصة أنه اعترف صراحة بمشاعره المتبادلة , و التي رغم عنادها و كبريائها الدامي ,
الا أن قلبها خفق بشدة لسماعها , و عليها الاعتراف أن كلماته كانت مؤثرة و فاجأتها .

و قد كانت كلمة حبيبتي التي كررها و أذابت قلبها , تلفها و تحملها الى عالم خيالي , ينير حياتها
في كل ثانية



لم اذا تركها مجددا ؟

كان السؤال الذي يؤرق نومها , لكنها تعود و تلوم نفسها

" أليس هذا ما أردته ؟

ثم علي أنت أكثر من يعرف اعتزازه بنفسه و غروره ,

أكيد هو أتى فقط ليطمئن عليك ، و يريح ضميره بعدما اكتشف أمر اختفائك ,

أكيد زوجته في انتظاره ، حتى و ان أحبك كما يقول ,

لم سيبقى هنا , و يتحمل نوبات غضبك , و قد فات الأوان و صار رجلا مرتبطا ؟ "



هذا كان أكثر ما يعذب ملك , أن تعرف أن الرجل الذي ظنته , يشفق عليها لوقت طويل , قد بادلها المشاعر و منذ مدة لم يعد متاحا ,

و أن عليها أن تعود و تنساه , بعدما منحها بعض الأمل بوجوده هنا , كان أكثر ما يؤلم جراحها التي لم تندمل بعد .





" ملك "

انتبهت ملك أخيرا الى صوت أيمن ، الذي يقف وراءها مباشرة و يحدثها

" ما بك , هل أنت بخير ؟ "



هزت ملك رأسها و مثلت الانشغال

" بخير شكرا "



هذا الجواب الوحيد الذي يحصل عليه ، كلما حاول الاطمئنان عليها ,

و قد حرص خلال الأيام الماضية على مرافقتها ، بعدما شعر هو الآخر بالخيبة ، لأن علي غادر و تركها بكل بساطة ,

كان أيمن متأكدا أن ما رآه في عيني ذلك الرجل ، هو مشاعر جارفة و حب كبير ،

لم تخلى عنها اذا , و هي في هذه الحالة اليائسة ؟ هو لا فكرة لديه .





" لا تجهدي نفسك , سأعود مساءا لرؤيتك "

حذرها بعدما رآها تنهك نفسها ، و تتفادى البقاء وحدها في الكابينة , و كأنها تهرب من طيف وجود علي بقربها ,

هو متأكد أنها ستنهار قريبا ، اذا استمر الحال على ما هو عليه .





ابتسمت ملك له , و هزت رأسها موافقة ,

لكن أيمن لم يكد يخطو أكثر من خطوتين ، قبل أن يتوقف مكانه و ينادي اسمها مجددا .



رفعت ملك رأسها ناحيته بتساؤل , فيما أشار لها برأسه ناحية المدخل , حينما أشاحت بعينيها , رأت آخر شخص توقعته

" كريم ؟ "

همست بينها و بين نفسها , و قد خالجها شعور سيء للحظات .





قامت ملك من مكانها بتأن , و راقبت الرجل متصلب الملامح , و هو يدنو ناحيتها بخطى بطيئة

" صباح الخير "

ألقى كريم التحية بتجهم واضح .





جالت ملك بنظرها في المكان , لكنه كان بمفرده لا أثر لعلي معه

" صباح الخير كريم , ماذا هناك ؟ "

سألت لأنها متأكدة أن هذا الرجل الروبوت , لم يكن ليأتي وحده دون صديقه , ان لم يكن هناك شيء مريب في الموضوع ,

هي لم ترغب في السؤال مباشرة , و لكنها تعلم أن علي و كريم لا يفترقان ,

اذا كان هذا الرجل يقف أمامها وحده , مع ملامحه المستاءة هكذا , أكيد هناك خطب ما .



فجأة انقبض قلب ملك , و سرعان ما أكد كريم شكوكها

" سيدتي يجب أن تأتي معي , هناك أمر سيء حصل "



شحب وجه ملك و ارتجفت يداها لتسأله

" ماذا حصل ؟ "

بالكاد استطاعت اخراج الكلمات , من بين شفتيها المرتجفة .



حدق ناحيتها كريم بنظرات متأسفة و حزينة ثم أجاب

" علي تعرض لحادث و حالته خطيرة " .













من يتذكر أيمن من البارت الثاني ؟


أعتذر مسبقا فهذا آخر بارت لهذا الأسبوع , سيكون الفصل القادم يوم الجمعة ان شاء الله

أعرف أن كمية الحزن في البارتات الماضية كانت رهيبة , لكن ملك لم تكن لتعترف بمشاعرها , لولا الضغط الذي وضعت تحته 😉

المهم أعدكم أن الانفراج في البارتات الجاية 😊

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .





😘💞💞







........





ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-21, 11:43 PM   #2495

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 310 ( الأعضاء 87 والزوار 223)




‏موضى و راكان, ‏دانة العالم, ‏الاوهام, ‏جوهر حياتي, ‏عاشقة مجهولى, ‏Rashaa84, ‏صافي عمرو, ‏استغفررالله, ‏فراشة أبوها, ‏توتا احمد غ, ‏أمنيات بريئة, ‏zezo1423, ‏نادية الليل, ‏ام على تيتو, ‏afrah1414, ‏Shadwa.Dy, ‏الصلاة نور, ‏لاكريسيا, ‏Kemojad, ‏Kokinouna, ‏شيرى حازم, ‏موهبة محمد الحاج, ‏inas_jinine, ‏تماارا, ‏la luz de la luna, ‏Alaa_lole, ‏salfora, ‏ريريام, ‏خالد صلاح, ‏الاف مكة, ‏سماح ناصر, ‏Just give me a reason, ‏amina23, ‏آمـــال, ‏غير عن كل البشر, ‏أم نسيم, ‏راء!, ‏نجاااة, ‏عفة وحياء, ‏dounya, ‏شيماء ستار, ‏Gogo 2002, ‏حبيبة اميري, ‏Lazy4x, ‏ملك اسامة, ‏ازهار المغرب, ‏Soaad yamen, ‏كاميلياآب, ‏شروفه, ‏رونى تامر, ‏Noipooo, ‏نور الدنيا, ‏searcher, ‏ابنة العرب, ‏لميس1, ‏nada alamal, ‏samam1, ‏Rere4040, ‏هدى الحسني, ‏ام فارس طويل, ‏emerald diamond, ‏فله بنت احمد, ‏KoToK, ‏شوشو عبدالهادى, ‏Esha, ‏lawyer, ‏lilwom, ‏NoOoShy, ‏جوانا وليد, ‏Alzeer78, ‏سبحان اللة وبحمدة, ‏كنوز كنوز, ‏رانيا اتس, ‏ساره فانتي, ‏نسمة صيف 1, ‏سحر القراءة, ‏شاكرة, ‏ابتسام عبدالله, ‏amatoallah, ‏ملك علي, ‏ملوكه*, ‏rere87, ‏الزنبقة الجميلة, ‏نجمة القطب, ‏هدوء الصمت222, ‏سهير مراد



تسلمى ملوكة


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-21, 11:49 PM   #2496

دانة العالم

? العضوٌ??? » 115693
?  التسِجيلٌ » Apr 2010
? مشَارَ?اتْي » 416
?  نُقآطِيْ » دانة العالم is on a distinguished road
افتراضي

ملك نزلت بارت
وعاشقة نزلت بارت
ونزلت حلقه من هجوم العمالقه
اليوم فل الفل

😍😍😍😍😍😍😍


دانة العالم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 12:34 AM   #2497

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 351 ( الأعضاء 111 والزوار 240)
‏ملك علي, ‏ماناهيم, ‏inas_jinine, ‏جوهر حياتي, ‏lawyer, ‏Esha, ‏كيس فاضي, ‏طربيزة, ‏Sella ayman, ‏يوسف طنجة, ‏Soaad yamen, ‏لاكريسيا, ‏Hiba mohamed, ‏زهرة جبال سوس, ‏لميس1, ‏Iraqi1989, ‏amina23, ‏كاميلياآب, ‏ام ارومة, ‏اسماء2008, ‏توتا احمد غ, ‏ban jubrail, ‏نجاااة, ‏الدنيا هيك, ‏ام منار, ‏أميرةالدموع, ‏maha_1966, ‏رانيا اتس, ‏Rere4040, ‏Shadwa.Dy, ‏قربي عمران, ‏أمنيات بريئة, ‏ازهار المغرب, ‏بلانش, ‏nada alamal, ‏سحر القراءة, ‏Rashaa84, ‏نجمة القطب, ‏منو6, ‏hapyhanan, ‏صوفياه, ‏نور الدنيا, ‏zezo1423, ‏عاشقة مجهولى, ‏بشوووورة, ‏الاوهام, ‏عفة وحياء, ‏شاكرة, ‏ام على تيتو, ‏Lazy4x, ‏جزيرة, ‏نيلام حامد, ‏سماح ناصر, ‏rowdym, ‏سبحان اللة وبحمدة, ‏dodo dodp, ‏الذيذ ميمو, ‏الماسه مياسه, ‏تماارا+, ‏استغفررالله, ‏همس الضلال, ‏Kemojad, ‏نوره ام عبدالمجيد, ‏Kokinouna, ‏searcher, ‏وردة الطيب, ‏جوانا وليد, ‏lilwom, ‏هانا مهدى, ‏صباح مشرق, ‏dounya, ‏Ruza, ‏sanaa soso, ‏ام فارس طويل, ‏Just give me a reason, ‏afrah1414, ‏ملك اسامة, ‏موضى و راكان, ‏راء!, ‏غيدائي, ‏مرمرية, ‏amana 98, ‏NoOoShy, ‏نورهان جمال محمد, ‏Alaa_lole, ‏نادية الليل, ‏صافي عمرو, ‏فراشة أبوها, ‏الصلاة نور, ‏شيرى حازم, ‏la luz de la luna, ‏salfora, ‏ريريام, ‏خالد صلاح, ‏آمـــال, ‏غير عن كل البشر, ‏أم نسيم, ‏شيماء ستار, ‏Gogo 2002, ‏حبيبة اميري, ‏شروفه, ‏رونى تامر, ‏Noipooo, ‏ابنة العرب, ‏samam1, ‏هدى الحسني, ‏فله بنت احمد, ‏KoToK, ‏شوشو عبدالهادى, ‏Alzeer78




شكرا لاهتمامكم و دعمكم 💖💖💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 12:59 AM   #2498

ساره فانتي

? العضوٌ??? » 418133
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,112
?  نُقآطِيْ » ساره فانتي is on a distinguished road
Rewitysmile27

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sona81 مشاهدة المشاركة
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . 🌹🌹🌹
كتابة قمه في الروعه وتسلسل الاحداث مشوف من فصل لفصل بيعيشك احداث القصة بحذافيرها
ابدعتي دكتورة ملك


ساره فانتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 01:10 AM   #2499

مي قصي

? العضوٌ??? » 415965
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 134
?  نُقآطِيْ » مي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عزيزتي ما أروع واجمل ماكتبتِ
وعشنا معكِ أروع الأحداث وقلم وأسلوب يسحر القلوب
اشكركِ والتقدير لك وانتمي لك النجاح والتميز والتوفيق في حياتك


مي قصي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 01:21 AM   #2500

آلاء الليل

? العضوٌ??? » 472405
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 477
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » آلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

انا انساتة لا اريد للرواية ان تنتهي حاسة قرررررببببت 😔😔😔😔😔😔😔
ملك و اخيرا انفجرت البنت قالت كل الي كان بقلبي و اكثر بردتلي قلبي و علي انصدم يعني شاكان متوقع تستقبله بالأحضان مشهد لقاءهم رائع 👏👏👏👏لا يمكن ان يكتب بطريقة مختلفة 🤩🤩🤩🤩🤩
عندي توقع انه علي لم يصب في حادث لكنه في فترة غيابه حاول تصحيح وضع ملك امام والديها خاصة الن يحتاج عودتها فاخترع كذبة الحادث 🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔
في انتظار البارت الجاي على نااار 😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘


آلاء الليل غير متواجد حالياً  
التوقيع
تابعوا معنا رواية أسيرة الثلاثمئةيوم للكاتبة المتألقة ملك علي على الرابط التالي
https://www.rewity.com/forum/t471930.html
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:44 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.