12-09-20, 08:36 PM | #1 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| اللعبة _ علا سمير الشربينى اللعبة ***** لم أكن أعرف أي مصير ينتظرني عندما أتيت إلى هذه الدنيا... عندما فتحت عينيّ لأول مرة، فاجأني ضوء مبهر، جعلني أغلقهما بسرعة، وأنتظر قليلًا إلى أن أعدت فتحهما مرة أخرى بحذر... وسرعان ما اعتدت على الأجواء، وأخذت أنظر حولي في لهفة وشوق.. كنت أبحث عن أمي... لكن لدهشتي، وجدتني وسط مجموعة كبيرة من الصغار مثلي، وكنا نبدو جميعًا متشابهين كالتوائم، باستثناء اختلافات بسيطة تحتاج لعين مدققة حتى تلحظها... الكثير من الصغار، ولا أم واحدة! أخذت أصيح بلغة الصغار التي لا يفهمها أحد منادياً أمي.. لكن ما من مجيب! فقط رجل عجوز كان يأتي من حين لآخر ليطعمنا، ثم يرحل.. أقنعت نفسي بمحاولة التعايش مع الوضع، والائتناس برفاقي، فجميعنا في نفس الوضع في النهاية... لكن لم يمض سوى يوم واحد من الهدوء، وفي الصباح التالي، جاء العجوز، ومد يديه عشوائياً مرة تلو الأخرى، وانتزع مجموعة من رفاقي، فصرخنا جميعًا: - إلى أين تأخذهم؟! دعهم يلعبون معنا! وصمتُ أنا لوهلة، ثم خطر بذهني أنه ربما سيعيد كل منهم إلى أمه، فتبدل هتافي، وأخذت أصيح بصوتي الرفيع الحاد: - خذني معهم أرجوك... أريد أن أذهب إلى أمي! لكنه لم يلتفت إلىّ، وحتى لو فعل لم يكن ليفهم ما أقول، وغادر في طريقه، ليسود بيننا الصمت لوهلة، ثم انطلق الجميع مثرثرًا ومتسائلًا في حيرة عن مصير رفاقنا، وإذا كانوا سيعودون، أم أننا لن نراهم مرة أخرى! وما من مجيب! تكرر الأمر في اليوم التالي، الذاهبون لا يعودون، وآخرون منا يلحقون بهم... وبدأ الخوف يحل في قلوبنا محل الفضول والحيرة... لكن بقي في قلبي الأمل.. إلى أن حان دوري، وبينما يمد الرجل يده، وجدتني أُنتزع من بين رفاقي، ويتم إلقائي في مكان أصغر لم أتبينه جيدًا مع عدد من أصدقائي، ثم فجأة ساد الظلام الدامس... وعندما عاد الضوء فجأة، لم أجد الوقت الكافي كالسابق لإغماض عينيّ وإعادة فتحهما تدريجيًا، ففجأة وجدتني أندفع بسرعة كبيرة لأسقط في سائل لزج وغريب، فأغلقت عينيّ مجددًا، وأخذت أقأوم بكل قوتي حتى لا أغرق... ومن شدة الفزع لم أعد أشعر بشيء.. ربما غبت عن الوعي... أو ربما هي النهاية.... لا لم تكن النهاية، بل كانت للأسف البداية لفاصل جديد من المأساة.. أفقت لأجد نفسي بين قضبان مفزعة وسط مجموعة من الرفاق المرعوبين المذهولين مثلي، وقد اصطبغ جسد كل منا بلون مختلف، فبعضنا أحمر، والبعض الآخر أزرق اللون، ومجموعة ثالثة أصبح لونها أخضر... وهكذا! وأخذ القفص المصنوع من جريد النخيل يتمايل بنا يمنة ويسرة، ونحن نصرخ في رعب بينما نتدافع ونصطدم ببعضنا البعض رغمًا عنا، فنصيح بأعلى صوت: - النجدة!! أنقذونا! وما من مجيب! إلى أن توقف العجوز فجأة أمام سور إحدى المدارس الابتدائية الحكومية في منطقة شعبية، وأنزل القفص بعنف من فوق رأسه ليضعه على الرصيف، فأصابنا الدوار من فرط الألم والخوف... ثم بدأ ينادي على بضاعته: - "قرب ..قرب... الكتكوت بجنيه... أرخص لعبة تجيبيها لابنك يا أبلة... الكتكوت بجنيه واحد بس يا عروسة، والستة بخمسة جنيه" وبينما يغادر تلاميذ الصفوف الأولى مدرستهم بصحبة أمهاتهم، لفتت أصواتنا المستغيثة وألواننا الجذابة أنظار معظمهم، وأخذ كل منهم يجذب طرف ثوب أمه باكيًا وملحًا في الحصول على أحدنا، فتستسلم الأم وتقرر دفع الجنيه لتتخلص من الصداع الذي يسببه صياح طفلها، الذي يمسح دموعه على الفور، وتلتمع عيناه بالفرحة بمجرد الحصول على أحد رفاقي باللون الذي يختاره، ويمضي.. وفي أقل من ساعة، لم يعد باقيًا سواي وأربعة من رفاقي، وجاء دوري عندما وقع اختيار أحد الأطفال عليّ، وراق له لوني الأخضر، ومضى مع أمه وهو يحملني في علبة صغيرة من الكرتون... وتصاعد صوت دقات قلبي وأنا لا أعرف ما الذي سيحدث لي بعد ذلك.. وبعد رحلة أخرى مرهقة في الجو الحار المشمس، وصلت مع مالكي الصغير إلى منزله... وبمجرد أن دخل من الباب، اندفع بلهفة نحو أقرب منضدة، وأخرجني من الكرتونة، فأخذت أترنح متحركًا ببطء على سطح المنضدة، وأنا أحاول استيعاب الموقف.. كنت جائعًا وخائفًا.. ولا حول لي ولا قوة! وصاحت الأم بابنها: - أعده إلى الكرتونة يا (وائل)... عليك أن تغير ملابسك وتغتسل ثم تتناول طعامك أولًا، وبعدها يمكنك أن تلعب به كما تشاء، لكن أتمنى أن يبقى هذا حيًا لوقت أطول من سابقيه.. ضحك وائل باستمتاع، وهو يتابعني بعينيه وأنا أحاول الابتعاد عنه بخوف: - لست جائعًا الآن. ثم مد يده المتسخة فجأة وأمسكني بشدة آلمتني وفي الغالب كسرت واحدًا من جناحي الصغيرين، وجرى نحو وحدة أدراج، فتحها وتناول منها حبلًا، ومقصًا صغيرًا، ثم اندفع إلى إحدى الغرف وأغلق الباب خلفه بعنف.. وصاحت الأم: - ليكن معلومًا لديك أنك لو قتلته كسابقيه، لن أشتري لك كتاكيت أخرى. ورد (وائل) من داخل الحجرة ضاحكًا باستهتار: - هذا ما تقولينه كل يوم! لم أفهم بالطبع شيئًا من حديثهما، لكني أدركت أنها نهايتي، وهو يلقي بي بعنف على أرض الغرفة، ويقترب حاملًا الحبل والمقص، وعيناه تلتمعان بشراسة. تمت | |||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|