آخر 10 مشاركات
الرغبة المظلمة (63) للكاتبة: جاكلين بيرد×كامله× (الكاتـب : cutebabi - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          كل المنــــــى أنتِ للكاتبة / سراب المنى / مكتمله (الكاتـب : اسطورة ! - )           »          همس الشفاه (150) للكاتبة: Chantelle Shaw *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-09-20, 08:51 AM   #1

روفان ا

? العضوٌ??? » 474878
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » روفان ا is on a distinguished road
Talking الوقوع في يد الشر *مكتملة *


طيب هو للتنبيه بس في البداية القصة انا كتباها من يمكن شهر مايو او حاجة زي كده واستعنت في احداث القصة بشوية حاجات كورونا كانت عاملاها على العالم من حولينا بس ده مش هيظهر غير في الفصل الأول والأخير



المقدمة
هل سبق وأردت الابتعاد عن حياتك؟ هذا الوقت في حياة كلٍ منا عندما يفيض الكوب ولا تستطيع الاحتمال، عندها غالبًا تريد أن تعيش وكأنك شخصٌ آخر في عالمٍ غير عالمك ولو لفترةٍ بسيطة، تعيش بلا مسؤوليات، بلا هموم لأنك وببساطة لست في حياتك، ترى أناسًا غير الذين قد عرفتهم، أن تعيش مغامرةً من نوعٍ جديد هل سبق وأردت ترك عالمك والسفر عبر العوالم إلى عالم آخر؟ دائمًا ما تسرد قصص السفر عبر العوالم وقوعك في حربٍ بين الخير والشر، دائمًا وأبدًا تجد الجانب الطيب وتقف بجانبه.......... لكن ماذا يحدث عندما لا تستطيع الاختيار...... عندما تقع في يد الشر.........




روابط الفصول

المقدمة .... اعلاه
الفصل 1، 2، 3، 4، .... بالأسفل
الفصل 5، 6 .... بالأسفل

الفصل السابع
الفصل الثامن الأخير






التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 29-10-20 الساعة 09:03 PM
روفان ا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 02:35 PM   #2

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الفل والياسمين.... متى موعد التنزيل لان المشاركة التي تم تنزيلها تعتبر دعاية نرجو تنزيل الفصل خلال 3 ايام ....

ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 09:24 PM   #3

روفان ا

? العضوٌ??? » 474878
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » روفان ا is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الأول
كانت تجلس على الأريكة المقابلة له متربعة القدمين، يرتسم على وجهها وجه البوكر وهي تخبره: لقد طفح الكيل يا محمد، أنا ذاهبة.
قال في سخرية: أين تذهبين وتتركينني.
-ليس من شأنك.
سألها وهو يحاول تصنع الجدية وتمالك وجهه من الابتسام: لا حقًّا، اين تستطيعين الذهاب؟ هل نسيت أننا في زمن مرض الكورونا.
-لم أنس ولكني قد تحملت بما فيه الكفاية وبقيت معلك في المنزل لمدة ثلاثة أشهر.
-ولكنك تعيشين معي بالفعل طوال حياتك.
-كلا يا محمد! ليس نفس الشيء! ليس نفس الشيء!!! أنت وغدٌ حقيقي؛ لقد تسليت بي طوال تلك الثلاثة أشهر هل تعلم ما هو الأسوأ؟ أن هذا السجن لم ينته بعد، لا يوجد أي ضمان عن وقت انتهاء كل هذا!
شعر بأنها توشك على الانفجار فحاول تهدئتها قائلًا: رويدك يا روز ألم نسمعهم على التلفاز يقولون أنهم سيبدؤون فتح كل شيء تدريجيًا.
قالت في بعض الانفعال: كلا أنا لا أستطيع تحملك أكثر من هذا! حتى و إن أخرجوني من المنزل من المنزل لم أعد أستطيع التعامل مع المجتمع بعد كل ما فعلته.
ضيق عينيه وهو يقول: ولكن ألست تلقين كل اللوم علي يا روز، أنا أعني أنت تلعبين دور الضحية على الرغم من كونك جلادًا في نفس الوقت.
نهضت من على الأريكة وهي تقول: أنا لا أهتم من منَّا هو الضحية ومن منَّا هو الجلاد فقد طفح الكيل منك بغض النظر عن كل شيء.
نهض يتبعها وهو يقول في ضجر: إذًا أين يمكن أن تذهبي إن كنت تقولين أنك لا تستطيعين الخروج للملل الخارج أيضًا.
ضغطت روز على زرٍ خفي في الحائط فانفتح من الجدار بابٌ إلكتروني دخلت عبره وتبعها محمد لتجيبه هي: أنا ذاهبةٌ من هذا العالم سأذهب إلى عالم آخر.
كان محمد يضع يديه داخل جيبي بنطاله وهو يقول في سخرية: هل جننت أخيرًا يا روز؟ وحتى لو ذهبت -وهو ما لا أصدقه- هل تتركين والدتك العزيزة برفقتي؟
كان المكان عبارة عن معمل ضخم مزود بتكنولوجيا عالية تسبق هذا العصر بقرنٍ من العلم والتكنولوجيا، اتجهت روز إلى ركن بعينه في المعمل وبدأت تعالج لوحة المفاتيح الرقمية وهي تقول: أنا لا أتركها معك.
سألها وقد رفع حاجبيه قليلا دون أن يجذب الأمر اهتمامه بالكامل بعدك هل تخططين لأخذها معك.
أجابت في تلقائية دون أن تنظر إليه وهي تكمل معالجة لوحة المفاتيح: كلا، لن آخذها.
سأل في سخرية: هل ستأخذينني أنا إذًا؟
نظرت إليه في شراسة وهي تجيب: كلا بالطبع!
هز كتفيه وهو يسأل في ضجر: إذًا ماذا ستفعلين؟ هل ستقتلينني؟
-كلا لو استطعت لفعلتها بعد أول أسبوعٍ من هذا الحجر المنزلي ولكني لم أفعلها من أجل والدتك.
سألها وقد بدأ الانزعاج يشق طريقه إلى نفسه: روز هل تمانعين قول ما تعتزمين فعله؟
أجابت في تذمر: لا أريد إخبارك في الحقيقة لأني لا أطيقك، ولكن لا بأس فلن أرَ وجهك لبضعة أسابيع على الأقل. أنا ذاهبة إلى واقع آخر، إنه ليس عالمًا موازيًا فالأشخاص هناك ليسوا نفس الأشخاص هنا لذلك هم لا يحملون كورونا حاليًا هناك، فرق الزمان متوقف أي أنه طوال فترة بقائي هناك سيكون الزمن متوقفًا هنا، أي أنني لا أترك والدتي معك ستغمض عينيك فأكون قد اختفيت، ستفتحها وسأكون قد عدت.
ابتسم وهو يقول: يبدو هذا محمسًا لم لا تأخذينني معك.
انفعلت وهي تقول: أنت تحلم يا محمد! انا ذاهبة حتى أقضي بعض الوقت...... الكثيــــــــــــر من الوقت بعيدًا عنك.
سألها في خبث: ألا تخشين أن آتي من ورائك.
ضحكت في استهزاء زهي تقول: لا يستطيع أي أحد استخدام أي سيء في هذا المعمل سواي أنا و أصدقائي أم أنك نسيت؟
انتهت من معالجة لوحة المفاتيح فانتقلت إلى ركنٍ آخر وقفت فيه أمام شيء أشبه بقاذفة الصواريخ إلا أنها أطلقت شعاعًا واسع المدى غطَّ روز بالكامل لبضع ومن ثم انتشر الضوء المعمي في المكان كله قبل أن ينقشع..... بغمضة عين.
****************
في أحد الضواحي يوجد ذلك المبنى القديم الشبه متهالك، في زمنٍ ما كان هذا المبنى مصنعًا يعج بالعاملين إلا أن كفاح هذا المبنى في العمل قد انتهى منذ نصف قرن ن ليأتي هذا اليوم الذي يشهد فيه المكان ذاك المشهد.
يقف بكل هدوء مادًّا سلاحه بكل ثبات وهو يقول: هذا يكفي يا سيف سلمان.... لقد انتهى زمن عيثك فسادًا في الأرض.
مط شفتيه ذاك الواقف الموجه إليه الحديث السابق قبل أن يقول: ولكن من يسليك من بعدي يا سيادة الرائد؟
قال الرائد في شراسة: كفاك مزاحًا حتى اللحظة الأخيرة يا سيف سلمان! يداك في الهواء ببطء! حالًا!
رفع سيف يديه في بطء شديد للتأثير الدرامي بينما لم يلحظ الرائد الواقف أمامه على بعد خمس أقدام – ذاك الإصبع الذي يشبه إصبع التفجير الذي يختفي جزء منه داخل كم سترته والذي كان سيف على وشك الضغط على زره الأحمر ليظهر ذلك الضوء المعمي ليعم المكان بأكمله.
دائمًا ما يرسلك السفر عبر الزمان والمكان إلى الزمان والمكان الخاطئين تصديقًا لعبارة " إنه ليس خطأك، لقد كنت فقط في المكان والزمان الخاطئين"
وهذا ما حدث مع روز حين تهبط من الهواء وسط ذلك المشهد الغير عاطفي بالمرة، تشقلبت في الهواء برشاقة لتهبط هبوطًا مسرحيًا على الأرض..... أمام سيف مباشرة، والذي كان أول من استعاد الرؤية ليرى تلك الشابة التي ظهرت من العدم أمامه مباشرة. ارتفع حاجباه في استغراب لوهلة قبل أن يبتسم في خبث على الفور.... عندما استعاد الجميع الرؤية كان سيف يقف بكل استمتاع ممسكًا بروز بيد ومصوبًا المسدس إلى راسها باليد الأخرى وهو يقول: سيدي الرائد، يبدو أن القدر يمنحك فرصة السعي ورائي حتى تحال للمعاش بوجود هذه المرأة فجأة.
كانت روز تمط شفتيها في بلادة في هذا الوضع الغريب، حسنًا كيف نسيت أن هذا ما يحدث دائمًا في السفر عبر العوالم، كيف نسيت أن الإنسان لا يهبط في شارعٍ هادئ في أحد الميادين اللطيفة، حسنًا على الأقل يبدو أن هذا الشرير خفيف الظل على الأقل.
تسلل الغيظ إلى أوردة الرائد الذي انفجر قائلًا: أيها الجبان! هل تأخذ رهينة؟! وامرأة؟!!!
أجابه سيف في سخرية: تؤتؤتؤتؤتؤ سيادة الرائد، ألا ترى كم هذه المرأة جميلة، كيف أستطيع مقاومة الخروج من هذا المكان الرديء المليء برجال الشرطة الخشنيين مع هذه الآنسة؟
أدارت روز عينيها إلى الجانب وهي تتساءل عمن يتكلم هذا الشخص، تستطيع بكل سهولة الإفلات من هذا الرجل لكن شيء ما بداخلها..... تلك الحاسة السادسة تخبرها أن هذا ليس من الحكمة، هي في الواقع لا تهتم من الطيب والشرير في هذه المسرحية، لقد جاءت هنا حتى تتخلص من أخيها الوغد الذي أذاقها الطين نكهات طوال الثلاث أشهر السابقة فقالت في سخرية: لماذا تمارسون هذا القمع يا سيادة الرائد؟
ابتسم كل وجه سيف وهو يقول في انذهال: إنها رائعة كذلك يا سيادة الرائد.
انعقد حاجبا الرائد حسام في ضيق، لم يحسب لهذا الأمر حسابًا، لم يكن من المفترض وجود أي أبرياء في هذا المصنع المهجور المتفق داخله على تجارة المخدرات، من أين أتت هذه المرأة "خفيفة الظل"؟!
قال الرائد حسام في حذر: اتركها يا سيف سلمان، هذا ليس أسلوبك لطالما واتتك فرص عديدة لاتخاذ رهائن لكنك تنزهت عن هذا.
عقد سيف حاجبيه في استغراب قبل أن يقول: هل أخبرك أحدهم يا سيدي الرائد أني مثال الأخلاق الحميدة في عالم الجريمة؟ هل تنسحبون أم نرى سويًّا بقايا مخ هذه الآنسة على الأرض.
مطت روز حاجبيها في امتعاض قبل أن تقول: أحتاج إلى مخي يا زيادة الرائد.
عقد الرائد حسام حاجبيه أكثر وأكثر قبل أن يقول: هل تظن نفسك قادرًا على الهرب بهذه السهولة؟
زفر سيف في ضجر قبل أن يقول: كنت سأخرج من هنا في كل الأحوال يا سيادة الرائد؛ فمعظم الرجال هنا هم في الحقيقة رجالي، ثم أن بحوزتي ريموت كنترول مجهز خصيصًا من أجلي كي تقع الأرض من تحت أقدامكم بضغطة.
ثم ضحك مستطردًا: بالطبع دون البلاط تحت قدمي أنا، ثم أعيد البلاط بعد أن تقعوا في السرداب أسفلكم بضغطةٍ أخرى.
اتسعت عينا حسام وهو يقول: أنت! هل كنت على علمٍ باقتحامنا؟
ضحك سيف ضحكةً مجلجلة قبل أن يقول: ألم تستوعب الأمر بعد يا سيادة الرائد؟ أنا من خطط لاقتحامكم أيها الحمقى!
رفعت حاجبيها واتسعت عيناها قليلًا وهي تهز رأسها ناظرة إلى الأسفل في إشفاق...... ما هذا الموقف المحرج يا سيادة الرائد.
قال حسام في عدم تصديق: لماذا قد تفعل هذا؟
مط سيف شفتيه وهو يقول: لقد انتظرتك طويلًا يا سيادة الرائد حتى تجد طرف خيطٍ دون أن أساعدك، إلا أنني لم أر وجهك لستة أشهر كاملة فقلت لربما كنت تكيد لي في الخفاء لكن عندما سألت أخبروني أنك في الساحل مع عائلتك!! أتتخيل صدمتي؟! شعرت بالإهمال! لذلك خططت لإحضارك من هناك عن طريق تسريب معلومات تسليم صفقة المخدرات التي أنت هنا من أجلها، بالمناسبة لن تجد هنا سوى الدقيق، على أي حال من الجيد دائمًا وأبدًا أخذك من إجازتك السنوية فب المصيف..... لدي مفاجأة من أجلك.
ومن خلف سيف اشتعلت شاشة تلفاز موضوعة هناك حديثًا على الجدار لتظهر فيها صورة بل الأحرى فيديو لامرأة شابة في الثلاثينيات وطفلة مراهقة بجانبها، كانت كلتاهما مقيدتانن وإلى رأس كل منهما يصوب مسدس بارد.
شهق حسام في صدمة بينما قال سيف في سخرية: هذا صحيح زوجتك وابنتك في ضيافتي ولكن هناك وليس هنا.... لا تقلق أنا لا أهددك بهما لأهرب من هنا أنا بالفعل أملك هذا الآنسة الجميلة معي.... فقط تذكر البحث عنهما لا عني حين تخرج من هنا.
بدا الغضب جليًا في عيني حسام إلا أن سيف استوقفه قائلًا في ضجر: هل ستدعني أذهب أم تسقطون جميعًا في السرداب وأتصرف مع الضباط بالخارج بمعرفتي.
أغمض حسام عيناه في غضب محاولًا السيطرة على غضبه قبل أن يعاود فتحهما قائلًا من بين أسنانه: لن أترك هذه الفعلة بدون حساب.
قال سيف في سخرية: تؤتؤتؤتؤتؤ سيادة الرائد، هذا ليس احترافيًّا، لا تدمج حياتك الشخصية بحياتك العملية، والآن هلّا أفسحت الطريق لأرحل.
كان حسام يصر على أسنانه في غيظ إلا أنه قال: دعوه يذهب؛ إنه يملك رهينة.
وبالفعل خطى سيف بكل هدوء موّثقًا روز معه حتى وصل أعتاب المبنى وتخطى المدخل، وهنا ابتسم ابتسامةً خبيثة قبل أن يضغط على الزر في كم الذراع التي تحيط بعنق روز لتتهاوى الأرض من تحت أقدام رجال الشرطة ويسقطوا لمسافة ثلاثة أمتار، كانت الأرضية تبدو كالمربعات الفارغة.... إلا مربعًا واحدًا من الأرض......ذلك المربع الذي كان يقف عليه سيف.
حركت روز راسها بإيماءة إعجاب مصطنع وهي تمط شفتيها، وفي الخارج كان من كل ثلاثة رجال يوجد اثنان واقفان بينما الثالث يرقد فاقد الوعي، ولم يكن من الصعب على روز استنتاج أن الواقفين يتبعون مهددها والراقدون هم رجال الشرطة الحقيقيين، ترك سيف روز بحركة سريعة قبل أن يتجه بكل خيلاء إلى سيارته، هزت روز كتفيها في لامبالاة وهي تهمس لنفسها: حسنًا كان هذا ممتعًا ولكن جديًّا.... جديًّا وداعًا، فلتستمتع مع سيادة الرائد لاحقًا بمفردك.
ثم التفتت لتغادر ولكن قبل الخطوة الأولى جاءها صوت سيف: إلى أين تظنين نفسك ذاهبة أيتها الآنسة الجميلة؟
التفتت إليه في هدوء لتجده قد وصل إحدى السيارات واقفًا وراء المقعد المجاور للسائق مبتسمًا ابتسامته الخبيثة مشيرًا إليها بالقدوم.
كتفت ذراعيها وهي تسأل في تحدي: لماذا قد أقحم نفسي مع سيادة الرائد خاصتك من جديد؟ خاصةً وأنه على ما يبدو سيعود غاضبًا.
ضحك ضحكةً مبتذلة قبل أن يقول في خبث: ببساطة لأن الأمر لا يخضع لإرادتك، هل تظنين صعود السلم كنزوله؟
وهنا لاحظت روز بطرف عينيها أن جميع المسدسات موجهة إليها ليقول سيف في ثقة: هيا أنت قادمةٌ معي.
اعترفت روز وهي تمشي إليه بينها وبين نفسها أنها توقعت المغامرات في رحلة السفر عبر العوالم هذه ولكنها لم تتوقع أن تكون رهينة الشرير الأبدية، فعلى الأقل حين تكون في صف الخير تستطيع الرحيل وقتما تشاء وأظنك على دراية بماهية الأمر حين تكون بحوزة الشرير.
قاد سيف السيارة بهما في هدوء غريب على مجرمٍ هارب، ووسط الطريق سألها بهدوء دون أن ينحدر نظره عن الطريق: إذًا من أين لك ثبات الأعصاب هذا؟
أجابته هي الأخرى دون أن تزيح نظرها عن الطريق: عفوًا؟
ابتسم في خبث وهو يقول: أنا أعني كيف لامرأة يلتصق برأسها فوهة مسدس بارد ألا ترتجف ولا يهتز صوتها حتى؟
أجابته في هدوء: ربما ليست المرة الأولى.
رفع أحد حاجبيه وهو يقول: لم أعلم مع خبرتي الطويلة في المجال أن الأمر يتم اعتياده.
أجابته في بساطة: إذًا ها قد علمت.... لماذا تأخذني معك بالمناسبة؟
أجابها بابتسامةٍ خبيثة: لأني أريد هذا وأنا أفعل ما أريد.
مطت شفتيها قبل أن تقول: أتمنى ألا تندم على هذا فيما بعد.
اتسعت ابتسامته الخبيثة أكثر بينما آثر الصمت لبقية الطريق.
وصل إلى قلعةٍ على شكل منزل إلى حدٍ ما، فعلى الرغم من تصميمها العصري فالأسوار المحيطة بها هي ما جعلت روز تطلق عليها قلعة.
خرج من السيارة بخيلاء وقد بدأت روز تصدق أن هذا هو أسلوب مشيه، فتحت روز باب السيارة وخرجت تتبعه بكل هدوء شابكةً يديها خلف ظهرها، دخل المنزل الجدّ واسع ثم اتجه إلى إحدى الغرف، فتح بابها ليدخل بخيلائه المعتادة وتبعته روز على نفس الحال.
كانت غرفة مكتب واسعة وأنيقة، جلس سيف على كرسي المكتب بكل غرور مسيرًا لروز بعينيه أن تجلس، كانت روز تنظر له باستخفاف لم تحاول إخفاءه من عينيها على عكس بقية وجهها إلا أنها جلست على الكرسي المقابل للمكتب بكل هدوء، كانت هذه هي المرة الأولى التي تتمعن فيها بمظهره، لقد كان أسود العينين والشعر، وسيم الملامح، قمحي البشرة، يرتدي حلةً سوداء أنيقة، اتسعت عينا روز في استيعاب قبل أن تهتف: أنت! هل أنت الشر في هذا العالم؟!
ابتسم ابتسامةً غامضة قبل أن يقول: ستحصلين على الإجابة بمفردك بمرور الوقت يا آنسة....... هلّا أتشرف بمعرفة اسمك؟
ظلت تنظر إليه بصمت بدون أي مشاعرٍ واضحة على محياها قبل أن تقول: رزان..... اسمي رزان ولكن ينادونني روز.
سألها في هدوء: لم لا أستطيع معرفة اسمك الكامل؟
حدقت في عينيه في ثبات بارد قبل أن تقول: لأنه ببساطة لا فائدة منه لك، لن تجد شخصي هنا أبدًا لا في هذا البلد أو في بلادٍ أخرى.
عقد حاجبيه قليلًا وهو يسأل في جدية: هل تمانعين الشرح يا آنسة روز؟
أجابته بنفس الجدية: أجل أمانع.
ظل جوّ النظرات المتصلبة هذا لثوانٍ ثقيلة قبل أن يقاطعه هو بعودة ملامحه المتراخية وهو يقول: لا بأس ربما علمت الإجابة من نفسي مع مرور الوقت كذلك.
قالت روز بعدم اقتناع: أشك في ذلك...... ولكن لماذا أنا هنا على أي حال.... أنا حقًا لا أريد التورط مع سيادة الرائد خاصتك، خاصةً أنني قد سمعت بعض همهمات الشتم والوعيد والتهديد والعبارات الساخطة لك ما أن من أوقعتهم في ذاك السرداب، ولقد صدرت كلها منه في وقتٍ قياسي.
بسط كفيه في بساطة وهو يقول: ولكنك مجرد رهينة..... أي أنك الضحية لا يتوجب عليك الخوف.
قطبت ملامحها وهي تقول: من تخدع؟ لن يستغرق الأمر ساعات من التفكير حتى يستنتج سيادة الرائد خاصتك أننا نعمل معًا.
قال في لهجة من يدعي استغراب الأمر: ولكن هذا ليس صحيحًا.
قالت روز بنفاذ صبر: أنا أعلم أن هذا ليس صحيحًا! ولكن هل تظنه يظن ذلك؟
ابتسم في خبث دون أن يحيرها جوابًا فظلت هي صامتةً أيضًا إلى أن سألها بكل موضوعية: ما هي مؤهلاتك؟
ظلت تنظر إليه دون أن تجيب في تحدٍ واضح، لم يطرف لها جفن حتى دوى صوت الرصاصة العالي في المكان، شهقت روز واتسعت عيناها ثم اخذت تطرف في انفعال واضح حتى جاءها صوت سيف المظلم: هل ظننت أنني نوع الشرير الطيب أم ماذا؟ أجيبي السؤال بلطف وإلا ستستقر الرصاصة القادمة في ذراعك بدلًا من الحائط.
أغمضت عيناها لوهلة لتستعيد فيها رباطة جأشها قبل أن تجيب على مضض: معي ماجيستير علوم الرياضيات وعلوم الحاسب وماجيستير في الفيزياء.
تفحصها عاقدًا حاجبيه قبل أن يقول: لا تبدين بهذا الكبر حتى تكوني قد أنهيت ستة عشر عامًا من الدراسة.
زفرت وهي تقول من تحت ضرسها: لقد أخذت إحداهما عن بعد وأجريت الاختبارات العملية في فيديو حي أمام أساتذة الجامعة.
مط شفتيه وارتفع حاجباه في إعجاب قبل أن يقول: هذا مثيرٌ للإعجاب بحق، ولكن لماذا ردة فعلك ليست طبيعية لشخصٍ بوغت بعيارٍ ناري.
وضعت يدها تحت خدها وهي تجاوب في ضجر: إنها ليست المرة الأولى.
عقد حاجبيه قليلًا..... إنها المرة الثانية التي تقول فيها أنها ليست المرة الأولى، ترجم السؤال الذي يعترم داخل رأسه قائلًا: هل أنت عميلة جاسوسية بأي طريقة؟
ضحكت ضحكةً خافتة قبل أن تقول بأعين جادة وحدقتين ثابتتين: لست كذلك بأي حالٍ من الأحوال.
أومأ برأسه علامة الفهم....... إنها تقول الحقيقة، عادت إليه تلك الملامح المسترخية المتساهلة وهو يقول: على أي حال لقد جئت إلينا في وقتك تمامًا.
ثم ضغط على زر الهاتف الموضوع على المكتب قائلًا: احضر إسماعيل يا محمود.
ظل ينظر إليها مبتسمًا بودية مصطنعة بينما لم تحمل روز نفسها عناء تمثيل ودية غير موجودة، وبعد انصرام عشر دقائق دخل من الباب رجلان أحدهما هزيل البنيان بشكل واضحن تبتلع ملامحه نظارة طبية سميكة، ومن ورائه رجل أطول قامة وأقوى بنيانًا بدا أنه يقتاد الهزيل.
نهض سيف من مكتبه فاتحًا ذراعيه بترحيبٍ زائد بدا لروز مبالغًا فيه وهو يقول: كيف حال عبقريّنا المنتج؟
ابتسم الهزيل في خجل مطرقًا برأسه بينما وضع سيف يده القوية على كتفه قائلًا: تعال يا إسماعيل، هناك من سأعرفك عليها لتكون عونًا لك في العمل.
رفعت روز أحد حاجبيها علامة استهزاء واستنكار في نفس الوقت بينما التف سيف ناحية روز التي كانت لا تزال جالسة واضعة ساقًا فوق الأخرى ليقول: أقدم لك الآنسة روز، إنها عالمةٌ في نفس مجالك يا إسماعيل، أثق بك لتخبرني عن مستواها.
نظر إسماعيل نظرةً سريعة إلى روز قبل أن يعاود النظر إلى سيف مومئًا برأسه.
أشارت روز بيدها وهي تسأل: ألن تعرفنا يا..... سيد سيف؟
ابتسم سيف لوهلة بخبث قبل ان تعود ملامحه الودية المصطنعة وهو يقول: بالطبع يا آنسة روز، هذا الشاب أمامك من نفس فئتك العمرية هو رجل علمنا الأول إلا أنه حاصل على الدكتوراه في نفس تخصصك نظرًا للظروف الاستثنائية لتعليمه.
أومأت روز برأسها علامة الفهم في لامبالاة لم تحاول إخفاءها.
ضغط سيف على زرٍ آخر في الهاتف على مكتبه لتدخل شابة من الباب بعد دقيقتين عرّفها سيف قائلًا: الآنسة الجميلة لدينا هي سكرتيرتنا ومنظمة أعمالنا الأهم آنسة سعاد، ستطلعك على التفاصيل الرسمية وتفاصيل عملك ثم توصلك لغرفتك التي ستمكثين فيها طوال فترة تشريفك لنا.
سألته روز بمنتهى الجدية: هل سأبقى هنا؟
أجابها بتأكيد ينطوي خلفه لمحة تهديد: بالطبع يا آنسة روز.
عقدت روز حاجبيها وهي تقول بنفس الجدية: أفضل عدم فعل هذا.
جاوبها مبتسمًا بمنتهى البساطة: أخشى أني لا أسألك رأيك.
ظلت تنظر إليه في تحدٍّ واضح عاقدة حاجبيها قبل أن تطرق برأسها وهي تفكر بصوت عال: لن يعجبه هذا أبدًا....... علي التأكد من عدم معرفته.
استفهم سيف لعدم سماعه الجملة بوضوح: عفوًا؟
نظرت إليه روز لبضع ثوان في صمت قبل أن تقول: لا شيء...... كنت فقط أرتب بعض أفكاري صوتٍ عال.
أومأ برأسه علامة الفهم ولو بدا على ملامحه عدم الاقتناع، بعد ساعتين كانت روز تستلقي على سريرها مكتفةً ذراعيها تحت رأسها وهس تستجمع الأحداث........ لقد انتهى بها الأمر بطريقةٍ أو بأخرى عالقةً مع الشر في هذا العالم - إن لم تخطئ حواسها – والذي لا يدعها تذهب مثل الطفل الذي وجد لعبةً جديدة، الأدهى أنه ينتوي تشغيلها لحسابه، كم هذا طريف! ستشارك في هذه المسرحية حتى الوقت المناسب، لكن في بالها شعرت أن الشر في هذا العالم ليس بهذا الشر، أيعقل ألا يكون هذا هو الشخص الأشر وأنه مجرد خارج عن القانون؟ لكنها لم تشعر بهذا..... لا يهم إنها في رحلة استجمام بعيدًا عن أخيها الوغد، لذلك أيًّا كان ما سيحدث فهو أفضل من القاء معه، أغمضت عينيها لتغرق في نوم عميق.....
*********************


روفان ا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-09-20, 09:25 PM   #4

روفان ا

? العضوٌ??? » 474878
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » روفان ا is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ebti مشاهدة المشاركة
مساء الفل والياسمين.... متى موعد التنزيل لان المشاركة التي تم تنزيلها تعتبر دعاية نرجو تنزيل الفصل خلال 3 ايام ....
ان شاء الله راح انزل فصل كل يوم اثنين وخميس


روفان ا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-20, 01:22 AM   #5

rehabreh

? العضوٌ??? » 461840
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 221
?  نُقآطِيْ » rehabreh is on a distinguished road
افتراضي

thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

rehabreh غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 08:39 AM   #6

روفان ا

? العضوٌ??? » 474878
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » روفان ا is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني
في نفس الوقت في مختبر روز عند تلك اللحظة التي تلت اختفاء روز وقف محمد جامدًا لثانية، طرفت عينه مرتين حتى الآن إذًا لماذا لم تعد؟
عقد حاجبيه محدثًا نفسه: ماذا يعني هذا الآن؟ هل حدث خطأٌ ما؟ هل هي بخير أم أن جزيئاتها قد تبعثرت عبر الأكوان؟
وجمت ملامحه أكثر و أكثر في قلق.... ألم تقل أني سأغمض عيني وحين أفتحها ستكون قد عادت؟
أخذ يدور حول نفسه في دوائر واسعة وضيقة عاقدًا حاجبيه، بدأ يشعر بالصداع يتصاعد إلى رأسه، فأمسك برأسه مصدرًا همهمة سخط قبل أن يقول بنفاذ صبر: سأنتظر بعض الوقت ثم أبدأ بالقلق، وإن كان الجحيم فهو الجحيم.
***************
في صباح اليوم التالي عند روز، كانت بالفعل تمشي خلف إسماعيل كالمتدربين وهو يريها أنحاء المعمل شارحًا باختصار وظائف الأدوات وأركان المعمل وغير ذلك، كانت روز تتبعه في لامبالاة مصرةً همهمات موافقة بين كل جملة وأخرى له، فالحقيقة أن التكنولوجيا هنا تتقدم على عالمها ببضع سنوات قليلة فحسب وهي على أتم الدراية بهذه الأجهزة ووظائفها وما يفوقها.
بعد أن انتهى إسماعيل من تعريفها على المكان سألته روز في هدوء عاقدةً ساعديها: إذًا ما المطلوب مني حاليًّا؟
أجاب إسماعيل بحماسة من كان ينتظر السؤال: هناك مشروع معين أنا مسؤول عنه أو بالأحرى نحن مسؤولان عنه، نحن نعمل على ثلاثة أجهزة عصبية...... بقي القليل في الواقع لقد أنهيت معظم العمل في الواقع وأنا أترك لك الباقي كاختبار.
أدارت روز مقلة عينيها في انزعاج إلا أنها قالت: حسنًا جدًا تفضل.
ابتدأ إسماعيل بجعلها تشاهد التصاميم ثم شرح الأجزاء المعقدة وشرح المطلوب منها وقد عرفها على زميلٍ ثالث لهما هو في الواقع طبيب وجراح مخٍ وأعصاب، وهكذا بدا الأمر كوظيفة جديدة وعمل بيئة عمل جديدة إلا أن روز لم تعمل من قبل في بيئة عمل تقليدية أو شركة أو شيء من هذا القبيل، أعمالها دائما سرية وهي لا تعمل غالبًا خارج مختبرها الخاص، لذا بدا الأمر كمسرحية رديئة المستوى، هي مجبورة على تمثيلها بل والعمل داخلها......
أخذ الأمر أسبوعين من العمل من الشاق حتى تنتهي من إنهاء الأجهزة وعلى الرغم من إتمامها لهم إلا أن إسماعيل بطريقة أو أخرى قد نجح في مهمته الموكلة والتي هي غالبًا جعلها تنهي الأجهزة دون معرفة وظائفها الدقيقة، ليس وكأنها كانت تهتم أصلًا لذا لم تحاول حتى الاستقصاء.
في اليوم التالي لانتهائها جاء سيف إلى المختبر وبجانبه رجل لم تتعرفه روز، كان سيف يخطو بخيلائه المعتادة حتى وقف ليقول: كيف حال عالمتنا العبقرية؟
ردت عليه على مضض: سأكون أفضل حالًا ما أن أذهب من هنا.
قال بوديته المصطنعة: لا تكوني هكذا يا روز...... على أي حال بعد انتهائنا من هذا المشروع سيكون لديك حرية الاختيار بين البقاء والذهاب.
رفعت أحد حاجبيها في تشكك وهي تقول: فعلًا؟
أجاب بتأكيد: بالطبع يا روز، ما من سبب كي أقيد حريتك طوال الحياة..... الآن دعيني أعرفك على شريكي.
ثم أشار إلى الرجل بجانبه قائلًا: ياسين سليم.
نظرت إليه روز نظرة متصفحة، كان في نفس قامة سيف الطويلة تقريبًا، كان بني الشعر، عسلي العينين، قمحي البشرة، لين الملامح، شعرت روز أنه يحمل نفس حس الفكاهة الخاص بسيف وإن كان أقل درجة.
عقدت حاجبيها قليلًا قبل أن تسأل مديرة عينيها بين سيف و ياسين: هل...... هل ينقسم الشر في هذا العالم إلى شخصين؟
ابتسم كلاهما في خبثٍ واضح وكان سيف الأسبق بالإجابة وهو يقول: ألم أقل أنك ستعرفين الإجابة من نفسك مع الوقت يا عزيزتي.
بدا الأمر أكثر منطقية بحلول الآن، لهذا لم يبد الشر الخالص الذي تعلمه في عالمها على أيٍّ منهما لأنه ببساطة مقسمٌ عليهما، من الغريب رؤية اتحادهما وليس معاداتهما ولكن هذا ليس من شأنها أو من اهتماماتها.
عاد سيف ليقول بلهجته المصطنعة: إذًا يا آنسة روز، لقد انتهينا من صنع الأجهزة ونحن الآن نطلب حضورك في تسليمها.
عقدت حاجبيها وهي تقول في اعتراض: ولم لا تأخذ إسماعيل معك.
كان الدور على المدعو ياسين ليقول بنفس لهجة سيف المصطنعة: نخشى أن الاختيار وقع عليك حين لعبنا لعبة ملك أم كتابة بالعملة.
وقد أظهر عملة معدنية لزوم التأثير المسرحي وضعها بين طرفي إصبعيه الإبهام والسبابة.
الآن بدا لروز أنها قد وقعت في المنتصف بين توأما روحٍ من الشياطين الساخرين. ارتسم الرفض على ملامح روز بكل وضوح إلا أن توأما الشياطين الساخرين لم يأبها واقتاداها في النهاية لتلك الفيلا في الضواحي.
كان ثلاثتهم يجلسون في الصالة الواسعة لتلك الفيلا قبالة ذلك الرجل أجنبي الملامح، كان يبدو في منتصف خمسيناته وقد بدا عسكريًّا قديمًا، هذا إن لم يكن لا يزال في الخدمة.
ابتدأ سيف الحديث قائلًا: إذًا يا سيدي الوقور لقد أتممنا الجزء خاصتنا من الصفقة، وتبقى أن نقبض الثمن.
أومأ الرجل برأسه مبتسمًا ومن خلفه جاء أحد الخدم حاملًا حقيبتين تقليديتين وضعهما على الطاولة قبل أن يفتحهما على مصرعيهما ليظهر المال المالئ للحقيبة على آخرها مرتبًا ترتيبًا دقيقًا.
ابتسم كلٌّ من سيف ابتسامة رضا ليستوقفهما الرجل قائلًا: ولكنكما لا تمانعان تجربة الجهاز ريثما أنتما هنا أليس كذلك؟
أشار ياسين بيده قبل أن يقول مبتسمًا: نعم بالطبع، تفضل يا سيدي ونحن هنا حتى تنتهي.
ابتسم الرجل برضا قبل أن يأخذ جهاز اللاسلكي الموضوع على الطاولة ويلقي الأوامر للطرف الآخر من الجهاز، حسنًا لقد سلموهم الجهاز في المرآب الكبير خلف المنزل، لهذا يفترض أن تتم التجربة هناك وينبأهم بالنتيجة عبر اللاسلكي.
وضع الرجل جهاز اللاسلكي على الطاولة من جديد وكان يهم بالفعل يبدأ حديث آخر إلا أن الكلمات قد توقفت في حلقه إثر الدوي التابع عن تحطيم الحائط....... هذا صحيح لقد اخترقت إحدى السيارات المدرعة حائط المنزل مصدرة صوت دوي وانفجار كبير، تساءلت روز إن كان هناك سيارات في عالمها قادرة على تحطيم جدارٍ شر تحطيم دون أن يظهر خدشٌ واضح عليها مثل تلك السيارة أمامها، لم تكن روز يومًا من الخبراء في السيارات.
ومن السيارة هبط عدة رجال مسلحين يهرولون ناحية الرجل في منتصف خمسيناته، بالطبع عند هذه النقطة كانت روز قد اختبأت خلف الأريكة محتمية بها تشاهد الموقف بصمت وهدوء بينما اندفع من باب الفيلا عدة رجال مسلحين آخرون وجهوا أسلحتهم نحو البقية الموجودين في الغرفة من خدم وسيف وياسين....... وبالطبع روز التي بقت جالسة خلف الأريكة، اختلست النظر إلى الرجل المصوب للسلاح من خلفها في بلادة قبل أن ترفع ذراعيها في الهواء ببطء وتعاود المشاهدة في...... هدوءٍ وصمت، دخلت من الباب امرأة متوسطة القامة، ممشوقة القوام قصيرة الشعر، تمشي باستهتارٍ مصطنع واضعة كلتا يديها في جيبي بنطالها اللذان كانا قصيرين فلم يخفيا سوى حواف أصابعها كانت تركز نظرها على الرجل ذي الخمسين وهي تبتسم في استمتاع وهي تقول: إذًا كيف حال اليد ڨيي خاصتنا؟
قتم السد ڨيي ملامحه بشدة وهو ينظر إلى المرأة قبل أن يقول: لن تفلتي من هذا يا سارة.
ردت سارة عبارته بلهجة ساخرة: لن تفلتي من هذا يا سارة!
قبل أن ترفع حاجبيها في انزعاج وعي تقول: لقد حذرتك يا ڨيي! قلت لك ابتعد عم أعمالي! قلت آتي إليك إن لم تفعل! وها نحن هنا....... أما عن معضلة إفلاتي وغيرها فلتدع هذه الهموم للأحياء.
هذا ما قالته قبل أن تسحب مسدسها من جيب بنطالها الخلفي وتطلق النار دون أي لحظة توقف أو تردد ثم تقول: فأنا على أتم الاستعداد للنزاع مع الورثة.
ثم استطردت في استهزاء: هذا إن كانوا مستائين إزاء خبر موتك.
كان الرجل مستلقيًّا على الأرض جثةً هامدة بعد أن زينت الرصاصة رأسه بثقبٍ بين حاجبيه في المنتصف تمامًا انفجرت الدماء منه على نحوٍ بشع.
استدار سيف برأسه بتلقائية إلى روز، لم تصدر منها شهقة فزع ولا صرخة رعب، إنها لا ترتجف، حدقتاها لا تهتزَّان، الأدهى هو أنها تنظر إلى الجثة بأعينٍ ميتة دون أن يبدو أي انفعال على وجهها، تساءل سيف إذا ما كانت ليست المرة الأولى كذلك.
ظلت سارة تنظر إليه وهو جثةٌ هامدة في اشمئزاز لثوانٍ قبل أن تبصق عليه ثم تقول: اذهب إلى قاع الجحيم.
ثم أعادت المسدس إلى جيبها لتبدأ استكشاف المكان بأعين شبه لامبالية حتى تتوقف عيناها عليهما ثم تهتف قائلة: سيف! ياسين! هل كنتما هنا؟ ماذا تفعلان هنا؟
صدرت من ياسين همهمة ضاحكة مختنقة دليل الاستهزاء قبل أن يقول: من الجيد كونك لازلت تتذكريننا يا سارة، خشيت لوهلة أن تذهبي دون أن تلاحظي.
رسمت القليل من الانزعاج على وجهها وهي تقول: بعض الأشياء لا تتغير، فأنت لم تظهر أمامي منذ شهرين فتوقعت أن تكون قد تغيرت وتخلصت من روح فكاهتك السمجة.
توجه إليها ليجذب شعرها القصير بقوة مديرًا رأسها به وهو يقول: لقد كنت منشغلًا يا سارة كما يبدو عليك المثل.
صكت سارة أسنانها محاولة السيطرة على غضبها ثم قالت من بين أسنانها: اترك شعري يا ياسين قبل أن أفقد البقية الباقية من التحكم بالغضب.
ترك ياسين شعرها بحركة خاطفة ثم نظر إليها بطرف عينه باشمئزاز غير حقيقي، بادلته سارة نفس النظرة قبل أن ترجع مقدمة شعرها إلى الوراء بأصابعها ثم تبدأ المشي وهي تقول: حسنًا فرصةٌ غير سعيدة، وداعًا.
تبعها ياسين ماشيًا خلفها في هدوء وهو يقول: أنا قادمٌ معك أيضًا.
أبرزت سارة أسنانها في عبوس منزعج دون أن ترد متابعةً مشيها للمغادرة..... يبدو أن ياسين ذاك مهووسٌ بسارة وسارة لا تطيقه لكنها لا تستطيع نفضه عنها بسبب سطوته...... كم يذكر هذا روز بقصة مشابهة.
نادت روز سيف قائلة: سيد سيف! هل تمانع إخبار الرجل من خلفي أني معك حتى لا ينتهي بي الأمر مثل تلك الجثة ما أن أتحرك قيد أنملة.
أومأ سيف للرجل من خلف روز الذي تلقى إيماءته بإخفاض سلاحه أخفضت روز ذراعيها ثم نهضت لتتوجه إلى سيف الذي أشار برقبته لأحد رجاله فأغلق الحقيبتين اللتان كانتا لا تزلان على مصرعيهما، ثم حملهما متجهًا بهم إلى الخارج بينما تبعت روز سيف في هدوء شابكة كفيها خلف ظهرها.
****************
دخلت روز غرفتها في إرهاقٍ واضح، استلقت على السرير مكتفة يديها خلف رأسها دون أن تغمض عينيها لعدة دقائق، ثم أن فكت يديها لتستعرض ذراعها اليسرى أمامها، ضغطت على أحد الأزرار على ساعة معصمها التي لم تفارقها منذ سفرها عبر العوالم، انبثقت من إحدى الفتحات في الساعة – ثلاثية الأبعاد لجميع أنحاء منزلها....... هذا صحيح لقد خدعت أخاها محمد وهذه ليست غلطتها كونه غرًّا ساذجًا جاهلًا بالفيزياء؛ فلا مخلوق يستطيع إيقاف الزمن، لقد استعانت بنظريات أينشتاين مع إحدى تجاربها – النظرية – الشهيرة لتبطئ الوقت فحسب أو بالأحرى تبطئ الشعور بالوقت بين العالمين لذلك فإن شهرًا في هذا العالم يساوي أسبوعًا في عالمها، أخذت تقلب الصور في هدوء، تلك الصور هي فيديوهات حية لحالة بيتها الآن، إنها تطمئن على أن الأشياء هناك تحت السيطرة وما أن يحدث أي خلل في الاستقرار حتى تضرب الساعة منبهًا في أذنها كأن يحدث حريق أو ما شابه، كما أن تلك الساعة هي وسيلتها الوحيدة للعودة فهي تحوي نسخةً دقيقة للجهاز في معملها الذي نقلها، صنعته مستعينة ببضع أفكار من تقنية النانو.
تذكرت سؤال محمد العابث: هل ستتركين والدتك بمفردها معي؟
هذا ليس صحيحًا فمحمد يعيش الصدمة حاليًا إثر ظنه باحتمالية تناثر جزيئات شقيقته في شتّى العوالم، لذلك فهو ليس في الوضع الطبيعي لشخصه المزعج القادر على مضايقة والدتهم.
ضغطت روز على إحدى الأزرار الأخرى على الساعة لتتبدل الصور المعروضة إلى صورة اتصال جاري محاولة الاتصال به، تحولت الصورة بعد ثوانٍ لتبتسم روز بدفء وهي تقول: كيف حالك يا أمي............


روفان ا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-20, 05:32 PM   #7

روفان ا

? العضوٌ??? » 474878
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » روفان ا is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثالث
يجلس على ركبتيه مختبئًا خاف الصناديق المبعثرة، لقد وصلته المعلومات بقيام صفقة الجهاز بين سيف سلمان وذلك القادم من الخارج أجنبي الجنسية، لقد تسلل إلى الفيلا كأحد الخدم وقد كان في طريقه للمساعدة في المطبخ حتى استوقفه ذاك المشهد، أتباع ذلك المليونير الشبيهين برجال العصابات يقتاضون شخصًا هزيل الجسم بعنف وهو معصوب العينين موثق اليدين، لم يستطع التعرف حينذاك ما إن كان رجلًا أو امرأة إلا أنه تبعهم تابعًا ضميره وحسه بالعدالة إلى ذلك المرآب الجانبي الغير متصل بمبنى الفيلا لينتهي به الأمر هنا....... مختبئًا خلف الصناديق، أخذ يقلب بصره في أرجاء المرآب المستخدم كمخزن إلى أن استقرت عيناه على الرهينة، يستطيع الآن تبين أنها امرأة بكل وضوح من هذه المسافة، لقد فكوا وثاق عينيها ويديها وتركوها جالسةً على ذاك الكرسي الخشبي ليرحلوا من بعدها موصدين الباب، إنه لمن المثير للإعجاب ثبات أعصاب هذه المرأة، إنها ليس............
" إنها خائفة" قطع حبل أفكاره و أفزعه ليعود إلى الخلف خطوتين دون أي آهة فزع ــ ذاك الصوت الهادئ من جانبه.
استعاد رباطة جأشه في ثانية بحكم خبرة عمله قبل أن يستفهم في استنكار: من أنت؟ وماذا تفعلين؟
تجاهلت سؤاله تمامًا وهي تكمل موضحةً جملتها الأولى معلقةً نظرها بالمرأة التي لا تراهم بعد: إنها لا ترتجف، لا تنتحب، لا تصرخ مستنجدة، حتى حدقتا عينيها لا تهتزّان، لكنها لا تستطيع التحكم في تسارع تنفسها لأنها وببساطة خائفة على الرغم من اتقانها الحفاظ على ثباتها الانفعالي.
عقد حاجبيه ليلاحظ تسارع تنفسها البسيط الذي يكاد لا يكون ملحوظًا....... إنها محقة هي بالفعل خائفة.
سألته القابعة بجانبه في هدوء وهي لا تزال تنظر إليهاك إذًا ماذا تنتظر أيها البطل؟ فلتحررها وتخرجا من هنا.
عقد حاجبيه ليقول بصوتٍ قاتم: كان الأمر ليكون بهذه السهولة لو كانت موثقة، لكنها ليست كذلك، ألا يعني هذا أي شيء؟
أدارت رأسها إليه لثانية قبل أن تعيده إلى تلك المرأة هناك مجددًا بنفس نظرتها الشاردة....... إنه محق كان الأمر ليكون أسهل بكثير لو كانت موثّقة، أو كان الباب مغلقًا بالمفتاح على الأقل، من الطبيعي أن يستنتج المرء في هذه الحال أنها متواطئة معهم لكن هذا لا يبدو صحيحًا ليس مع تسارع تنفسها فاضح خوفها، إذًا هذا لا يترك أمامنا سوى استنتاج واحد........ أحد الاثنين يهددها إما سيف سلمان أو ذاك المليونير المدعو جون جريڨ.
نهضت من على ركبتيها لتستقيم واقفة ومن ثم تتجه إليها، توقفت أمامها قبل أن تجلس القرفصاء، نظرت إليها وهي تسألها ناظرةً إلى عينيها: لماذا أنت هنا؟
عقدت المرأة حاجبيها قليلًا في توجس فاستطردت الأخرى قائلة في تأكيد: أنا لست شخصًا سيئًا، أعلم أنك تستطيعين معرفة هذا.
انفك انعقاد حاجبي المرأة لتنظر في اهتمام قبل أن تومئ في ثبات فعادت الأخرى لتقول: إذًا دعيني أغير السؤال قليلًا، أولًا من أنت؟ ولماذا أنت هنا؟
كان صوتها مزيجًا من الرقة والرزانة في نفس الوقت، بدا جليًّا أنها تتكلم هكذا دائمًا وهي تجيب: أنا أدعى هالة أسامة، طبيبة نفسية، لقد كنت أستقبل مرضاي في المستشفى التي أعمل بها كعادة ذاك اليوم من الأسبوع حتى دخل علي مريضٌ بلا موعد، لست واثقة من كيف دخل دون أن توقفه الممرضة ولكنه دخل على أي حال، من النظرة الأولى شعرت أنه متبجح وليس من أصحاب الخير، جلس بكل تبجح على الكرسي واضعًا ساقًا فوق الأخرى، شبكتُ أصابع كفي أمام وجهي على المكتب دون أن أنطق حرفًا، آثرت المراقبة وانتظاره هو لبدء حديثه، مضت دقيقة....... ثم أخرى فنظر إلي بنصف ابتسامة ساخرة وهو يقول: حسنًا لم أتوقع أقل من هذا من الدكتورة هالة بالطبع، سأختصر الحديث بأكمله، أنت آتيةٌ معي.
رفعت إحدى حاجباي دون أي تغيير آخر في ملامحي ليكمل ابتسامته في سخرية وهو يقول: رائع! ظاهرة إنسانية! سأعتبر هذا سؤال "لماذا قد آتي؟" وأجيب قائلًا بسبب هذا.
أخرج هاتفه الحديث من جيبه، فتحه ليدير شاشته إلي، وهناك في شاشته كان أخي الصغير يقف موثق اليدين خلف ظهره، مكمم الفم وعلى قدمه كان هناك إسورة لسلسال سجون ينتهي بتلك الكرة الحديدية الضخمة الشهيرة في الأفلام القديمة، ما جعل الأمر أسوأ هو أنه كان يبدو على متن سفينة جارية في المياه.
اتسعت عيناي في صدمة ليقول هو في سخرية: أجل من الجيد رؤية بعض التعابير على وجهك الجميل، إذا هل فهمت التهديد أيتها الذكية أم أنطقه لك؟
نقلتُ عيني إليه وأنا أقول مشددة على كل حرف: أنت تعبث مع الشخص خطأ.
ابتسم في خبث هذه المرة وهو يقول: أنا أعلم هذا.
ثم ما لبث أن نهض وهو يقول: هيا يا دكتورة نحن راحلان، اتركِ الحقيبة هنا بالمناسبة، إن سرقت سأهديك واحدةً أجمل بمحتوياتٍ أغلى.
ثم قالت بعفوية أكثر: وها أنا هنا في النهاية، على الرغم من أن السيارة التي أدخلني فيها كانت تحجب جزء السائق تمامًا وأن النوافذ مغطاة بالستائر إلا أنه قال شيئًا كـ" أنا أعتذر يا دكتورة ولكني لا أستطيع مقاومة رؤية وجهك شديد التركيز هذا وهو أعمى بعد أن توّثقَ يديك ونعصب عينيك الجميلتين".
عند هذه النقطة نهض هو غاضبًا من خلف الصناديق وهو يقول: لا يغتفر! سأخرجك من هنا حالًا!
ثم اتجه إليها راغبًا إمساك معصمها واقتيادها خارج هذا المكان بأكمله إلا أن الجالسة القرفصاء قالت بنبرةٍ قاتمة حازمة: لا تلمسها.
إذا كانت هالة قادرة على فهم البشر، فقد كانت روز على بعض الدراية، لقد خمنت أن هالة غالبًا لن تريد أن يلمسها وقد وضح صدق هذا عندما توقف هو من جملتها لتكمل هالة جملة تلك الأخرى بنفس اللهجة القاتمة وهي تنظر إليه: من فضلك.
توقف مكانه عاقدًا حاجبيه بينهما، رفعت روز رأسها إلى هالة وهي تقول: لماذا أخبرك ألا تأخذي الحقيبة؟
أجابتها هالة بنبرةٍ مظلمة: هذا لأنه يعترف أنه يلعب مع الشخص الخطأ، لقد ضغطت في مرحلةٍ ما على ذلك الزر الذي أعطتني إياه الشرطة، لقد سمح لهم بالاستماع إلى المحادثة ولو أنها لا تحوي على أي شيء يذكر، فهي غير مفهومة البتة لمن لا يشاهد الموقف، كما فعّل ذلك الزر جهاز تعقب في حقيبتي، كيف يعلم بوجوده؟ كيف لاحظ ضغطي على الزر؟ لا أعرف البتة.
سألتها روز عاقدة حاجبيها قليلًا: ولكن لماذا تعطيكِ الشرطة هذا الزر؟
جاوبتها هالة باختصار: إنها ليست مرتي الأولى في التعامل مع المجرمين، إنهم يستعينون بي أحيانا في الحديث مع القتلة المتسلسلين و بعض من العقليات الفذة في الإجرام الذين وضعوا أيديهم عليهم بالفعل والذين لم يضعوا أيديهم عليهم بعد.
-لماذا يستعينون بك؟
- مع الذين تم القبض عليهم لأستخرج المعلومات التي يريدونها بدون عنف قد يكونون فشلوا عن طريقه، ومع الذين لم يقبضوا عليهم لأساعدهم في التحقيق مع الشهود وايجاده عبرهم.
-إذًا أنت لا تعلمين لماذا يريدك هذا الشخص؟
-كلا ولكن لدي تخميناتي.
أومأت روز برأسها في تفهم قبل أن تخرج هاتفها وتظهره لهالة وهي تسأل: هل هو هذا الشخص؟
ألقت هالة نظرها على الصورة قبل أن تهز رأسها نفيًا، ما يميز هالة هو تصلب ملامحها في تركيز معظم الوقت وهذا ما كانت عليه ملامحها الآن ولاحقًا، غيرت روز الصورة لتعاود سؤالها: هل هو هذا؟
أمعنت هالة النظر قبل أن تقول: كلا ولكنه يشبهه.
كانت الصورة الأولى هي صورة سيف والثانية لجون جريڨ لذا عقدت حاجبيها قبل أن تغير الصورة وهي تسأل في قلقٍ ملحوظ: هل...... هو....... هذا؟
رفعت هالة عينيها إلى عيني روز وهي تقولك هذا هو.
أغمضت روز عينيها في قوة بينما نظر هو إلى الصورة على الشاشة....... إنه ابن جون جريڨ........ جاك جريڨ........ تبًا ذاك الوغد أخطر من والده، حتى روز استطاعت التقاط هذا من جلستين فحسب.
سألها عابسًا بملامحه المتصلبة: ماذا عن أخيك؟ ماذا حل به؟
عادت لنفس وضعيتها الأولى عندما كانا يريانها من خلف الصناديق فقالت روز باستيعاب: لهذا أنت خائفة! أنت خائفةٌ عليه وليس على نفسك...... لكن لو شككت لوهلة أنه سيقتله لما ضغطت على الزر، أليس كذلك؟
أومأت هالة برأسها وهي تقول: بلا، شيءٌ ما في لغة جسده جعلني أصدق أنه لن يؤذيه، ليس الآن على الأقل، ولكني لا أزال خائفة عليه.
وضعت روز يدها على كف هالة لتضغط عليه قليلًا وهي تقول مؤكدة: لن يؤذيه، اهدأي، تلك هي ورقته الرابحة لذلك لن يضحي بها من بداية المباراة، ليس وهو لم يخبرك بما يريده منك بعد، إنه يتركك هنا حتى تفقدي أعصابك فيسهل له استعمالك، لا تقعي في هذا الفخ.
أخرجت روز من جيبٍ خفي لها سماعةً شبيهة بالسماعات المساعدة على السمع أعطتها لهالة وهي تقول: ضعي هذه السماعة، ستعلمين استخداماتها تلقائيًا ما أن تضعيها.
عقدت هالة حاجبيها وهي تهز رأسها قائلة: سوف لحظها بالتأكيد، سيجرك هذا معي.
قالت في تأكيد: كلا، لن يفعل، هل تلحظين شيئًا على أذني؟
وجهت هالة نظرها على أذن روز بتلقائية لترى يدها التي تمتد إليها لتنزع شيئًا لا تستطيع ملاحظته، فتوجه بصرها إلى يدها فتفاجأ بنسخةٍ أخرى من السماعة التي أرادت إعطاءها لها فاتسعت عيناها في ذهول وهي تقول: كـ..... كيف يمكن هذا؟!
أجابت في سرعة: إنها خدعةٌ بصرية معقدة....... اسرعي وارتديها الآن لا وقت لدينا!
أسرعت هالة ترتدي السماعة على أذنها بينما أعادن روز سماعتها على أذنها، وهو واقفٌ يشاهدهما عاقدًا حاجبيه....... ما هذا الضرب من الجنون السماعة تختفي أمام عينيه تمامًا ما أن تضعها إحداهما...... عقله لا يستطيع استذكار أو استيعاب متى تختفي ومتى تظهر.
كان يهم بقول شيء إلا أن انفتاح الباب بعنف أوقفه، أدار الثلاثة أعينهم إلى الباب...... إلى ذلك الواقف عنده وهو يقول في سخرية: ما هذا يا روز؟ أنا واثق أنك ضللت الطريق بعيدًا جدا....... عن الحمام.
قال الكلمتين الأخيرتين بلهجةٍ هازئة أكثر ثم وجه يده إلى الجدار بجانبه ليشعل الأنوار، وما أن عمَّ النور حتى بحث بعينيه قليلًا حتى استقرت عيناه عليهم الثلاثة، سحب مسدسه بخفةٍ وسرعة ليوجهه إليهم...... أو بالأحرى إليه هو تحديدًا وهو يقول بلهجته الساخرة المعتادة: سيادة الرائد! يا لها من مفاجأة سعيدة!
عقدت روز حاجبيها لتدير وجهها إلى الرائد...... إنه ليس الرائد حسام من المرة السابقة هل متأكدةٌ من هذا...... هل كل ملاحقيه يحملون رتبة رائد أم أنه يحب رنتها؟
وجه سيف نظره إلى الرائد وهو لا يزال موجهًا مسدسه إليه ثم ما لبث أن قال: إذًا يا سيادة الرائد، ماذا تفعل هنا؟ أنا لا أعني المكان ككل ولكن ماذا تفعل هنا بالذات؟ انظر لقد فوتَّ الإثارة كلها وقد بدأت وانتهيت من الصفقة؟
ثم أمال رقبته قليلًا وهو يستطرد: وأليس هذا وضعًا مشبوهًا يا سيادة الرائد؟ أين قوانين المهنة؟
ذمّ ثلاثتهم شفاههم في اشمئزازٍ واضح، فهز كتفيه قبل أن يقول: حسنًا لم تعجبكم فهمت، فلنبدأ من جديد.
وبحركةٍ خاطفة رفع ذراعه إلى أعلى وأطبق عيارًا ناريًا في الهواء قبل أن يقول في سخرية: أوه هل نبدأ؟! غلطتي أيها السادة، أنا أفجر وسط الأحداث حالًا....... اممممممم إذًا من سيهلع أولًا؟
عقد الثلاثة حواجبهم ليقول هو في انزعاج: لهذا لا أحب الأعداء الأذكياء....... أين أعدائي فاقدو أعصابهم....... مهلًا ألست هالة أسامة؟ هذا يفسر الأمر إذًا.
سألت روز وهي تحرك عينيها بين هالة وسيف: هل أنت مشهورة عالميًا؟
أجابت هالة في اقتضاب وهي تنظر إليه عاقدةً حاجبيها: كلا.
ظلت روز تنظر إلى سيف بنفس النظرة على الرغم من قولها موجهةً الكلام إلى الرائد: أسرع يا سيادة الرائد، اهرب قبل أن يأتوا.
رفع سيف حاجبيه في استنكار وهو يسأل: وهل أتركه أنا بهذه السهولة؟
لم تجبه وهي تعيد جملتها بنبرةٍ أكثر حزمًا: الآن يا سيادة الرائد! بسرعة!
كانت فكرة تركه لامرأتين بين الشياطين وهربه هو وحده تثير حنقه إلا أنه كان على علمٍ بانعدام فائدة الإمساك به معهما، لذا فقد اتخذ القرار بسرعة داهسًا على عرق رجولته وهو يعلم علم اليقين أنه سيحطم العديد من مقتنيات مكتبه غضبًا على هذا القرار، وبسرعة فائقة انتزع مسدسه وأطلق النار قبل أن يستوعب أحد الثلاثة الآخرين ما يحدث، أصابت الرصاصة مسدس سيف في مهارة منقطعة النظير لتلقيه بعيدًا، همهم سيف في سخط وهو يتحسس يده التي كانت تمسك بالمسدس للتو بينما ركض الرائد ليقفز متكئًا بكفيه على كتفي سيف متشقلبًا إلى الجانب الآخر بحركة بهلوانية ماهرة بل شديدة المهارة، توازن في خفة ليسرع مغلقًا الباب خلفه من الخارج مبقيًا الثلاثة وحدهم في المرآب، تقف روز وهالة متسعتا العينين فارغتا الفاه في اندهاش واضح بينما يقف سيف واضعا يديه على خصره يجز على أسنانه بينما يبصق سبابًا ساخطًا من بين أسنانه ثم قال في سخط: لهذا أكره التعامل مع فذّ المخابرات هذا.
كانت روز في حالة اندهاشٍ تامة....... لقد استطاع الخروج من ذاك الموقف المستحيل بمهارةٍ لم تشهدها من قبل...... كيف أخرج المسدس و أطلق النار بهذه السرعة والدقة؟ لا أستطيع حتى وصف تلك الحركة التي قام بها.....
قاطعت هالة أفكارها وهي تقول بين اندهاشها هي الأخرى: ولكن........ ولكن كيف يستطيع الهرب منهم بالخارج؟
رفع سيف وجهه إليها ليقول مستهزئًا: عيبٌ على ذكائك يا حضرة الطبيبة، هل نسيت أنه لا يزال في زي الخدم ذاك، يستطيع بكل سهولة الركض إلى الحشد القادم والصراخ بذعر بأي قصة تستحثهم على القدوم إلى هنا أسرع بينما يهرب هو من حيث لا ينظر أحدهم، وبالطبع لن يشك به أحد في حالة التوتر المسيطرة.
توافق مع انقطاع جملته تصاعد طرقات عالية على الباب المغلق بالخارج، نطر إليها سيف بانزعاجٍ متبلد قبل أن يقول دون أن ينظر إليهما: انبطحا!
توجه هو بخفة إلى جانب الباب، اخترقت على الفور رصاصات غزيرة الباب، انبطحن كلتاهما في خوف، لم تمض ثوان حتى كان رتاج الباب منهارًا على الأرض، كان أول من يدخل هو جاك جريڨ ممسكًا مسدسه بكلتا يديه في وقفةٍ متحفزة، أدار عينيه في المكان إلا أنه لم يجد سوى روز وهالة المنبطحتين أمامهن كان يهم بالاستدارة ليشير إلى الرجال من خلفه بالدخول لتفحص المكان إلا أنه لم يدر رقبته إنشًا واحدًا قبل أن ينحني سيف على أذنه قائلًا بخفوت: بو!
قفز جاك جريڨ من مكانه إلى اليسار في فزع، نظر إليه سيف مبتسمًا في هدوء حمل لمحةً خفية من السخرية، استوعب جاك الموقف لينظر إليه في سخط هاتفًا: أنت!
رفع سيف حاجبيه في سخرية وهو يقول: وهل كنت تنتظر ابنة خالتي؟
نظر له جاك بسخط نظرةً أخير قبل أن يتجاهل جملته تمامًا وهو يقلب نظره في المكان متسائلًا: إذًا أين تلك الفرقة المنقذة للدكتورة؟
نظر إليه سيف باستهزاء وهو يقول: لم أعهدك بهذا الغباء يا جاكسون.
اتسعت عينا جاك في استيعاب بينما وجه سيف حديثه إليها قائلًا: هيا يا روز، نحن ذاهبون.
كانت كلٌّ من روز وهالة قد نهضت على قدميها، فعقدت روز ساعديها وهي تقول باعتراض: لن أرحل دون الطبيبة.
كان الدور على جاك ليقول في استنكار: نعم؟!!
نظرت له روز نظرةً جانبية قبل أن تعود بنظرها إلى سيف الذي سأل بكل هدوء: لماذا قد انصاع لرغباتك.
جاوبته بكل بساطة: لا تفعل إذا كنت لا تريد وسأبقى هنا معها، إنك لا تقيدني بشيء يا سيد سيف، لو على العقد الذي لا يحمل سوى اسمي الأول فسأحب أن تبله وتشرب ماءه فهو ليس تهديدًا علي، إن كنَّا سننتقل إلى التهديد بالقتل فهيَّا بنا.
نظر جاك باستنكارٍ لروز وهو يهم باعتراضٍ ساخط، إلا أن سيف كان هو الأسرع وهو يرد مبتسمًا: لا حاجة يا عزيزتي، أنا موافق إن كانت هي موافقة.
أدار جاك رأسه إلى سيف في استنكار واضح قبل أن يهتف: أنا لا أسمح لك يا سيف، لا علاقة لك بشؤوني، وخاصّةً الدكتورة.
رد سيف بابتسامته الهادئة الخبيثة: أنا من أقرر ما وما لا علاقة لي به.
عقد جاك حاجبيه وهو يهم بقول شيء، قبل أن يقول سيف بنبرةٍ حازمة مؤكدة لم تخلو من خبثه: أنا آخذها معي يا جاكسون.
صك جاك على أسنانه في غيظ........ يريد الاعتراض بل والانقضاض إلا أنه لا يزال يتذكر آخر صراعٍ معه ضد سيف سلمان والخسائر التي لحقت به غِنًا عن سمعته التي سقطت إلى الحضيض آنذاك، هو بالتأكيد لا يريد تكرار أخطائه الماضية...... ليس الآن على الأقل، سيستعيد الطبيبة لاحقًا.
كانت روز تنظر إليهما عابسةً منعقدة الحاجبين، لقد شاهدت مشهدًا مشاهدًا من قبل، تستطيع قراءة أفكار ذاك الوغد جاك جريڨ كأنها كتابٌ مفتوح...... لا تدري ما سيؤول إليه الصراع بين هذين الاثنين، لكن الصراع الذي شهدته هي انتهى بطريقةٍ....... لا تنسى...... بالنسبة لها على الأقل.


روفان ا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-20, 06:47 PM   #8

روفان ا

? العضوٌ??? » 474878
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » روفان ا is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الرابع
يجلس سيف على الأريكة المقابلة لهما في بهو منزله الواسع، هو حقًا لا يحب التعامل مع كلتيهما، كم يشتاق مؤخرًا للتعامل مع شبيهي قطاع الطرق الحمقى الذين يثورون من أقل الكلمات، يبدؤون بالصراخ والقذف وإسدال المسدسات، لكن هاتان الاثنتان تجلسان أمامه بكامل هدوئهما مهما حاول استفزازهما، إحداهما عالمةٌ انطوائية تنظر إليه غالبًا بنظرة الـ"ديجاڨو" مهما فعل من أفعال شنيعة أو مرعبة، هذه المرأة لا تتأثر طبيعيًا معه، أما الأخرى بجانبها - وهي زائرتنا الجديدة – تنظر إلى كل شيء وكل شخص من حولها بتفحصٍ متصلب كأنها تدخل إلى عمق الإنسان وتجرده من أي رداء يتصنعه أمام الناس لتفهم حقيقته بكل وضوح، اقشعر جسده من الفكرة فأغمض عينيه لثانية ثم عاود فتحهما لينظر إليهما، تجلس كلتاهما على جانبي الأريكة المقابلة له واضعةً ساقًا فوق الأخرى ليس بغرور لكن ليس بتواضع، اختار أن يكون هو من يقطع الصمت الواقع على ثلاثتهم عندما استشف كون كلتاهما تنتظر أن يبدأ هو الحديث، ابتسم ابتسامته الخبيثة وهو يقول: لقد كانت واحدة والآن أصبحت اثنتان.
قالت هالة وهي تنظر إليه بنظرتها المتصلبة: لن أبقى طويلًا.
وافقتها روز وهي تنظر إليه بلمحة لا مبالاة خفية: ولا أنا أيضًا.
رفع حاجبيه وهو يقول: أتفهم الطبيبة ولكن إلى أين العزم بالنسبة إليك.
أجابته دون الحاجة للكذب: سأعود لموطني قريبًا.
نظر إليهما بأعين متسعة قليلة من تأثير صفاقتهما ثم ما لبث أن أطلق ضحكةً شيطانية مجلجلة ليسكن الخبث ملامحه وهو يقول: حسنًا، حسنًا، حسنًا، أشعر أنكما تسيئان فهم شيءٍ ما هنا.
أخرج مسدسه وصوبه اتجاههما قبل أن يطلق رصاصة مرت بجانب أذن روز بإنشين، اتسعت عيناها قبل أن تضع يدها على أذنها في ألم بينما يقول هو مبتسمًا في خبث: أولًا: أنا لست ذلك الشرير الطيب المشهور في المسلسلات التلفزيونية.
حرك ذراعيه قليلًا ليطلق طلقةً أخرى مرت بجانب أذن هالة هذه المرة قبل أن يقول: ثانيًا: لن تغادر أيٌّ منكما المكان إلا برغبتي، أنا لا أبقيكما هنا من حبي في النساء، كلاكما هنا لتكون شريكةً في جرائمي، شاءت أم أبت.
أنزل ذراعه قليلًا ليطلق طلقتين متتاليتين بجانب كاحليهما وهو يقول: ثالثًا وهو الأهم: لا تجلسا واضعتين ساقًا فوق الأخر قبالتي هكذا أبدًا.
أنزلت كلتاهما ساقيهما وهما تضعان يدًا فوق الأذن التي مرت بجانبها الرصاصة في ألم، نظر سيف إليهما في تشفي، لقد رأى الرعب بوضوح في عيني الطبيبة على الرغم من محاولتها إخفاءه، نقل نظره إلى روز ليراها تنظر بـ........ ارتياح! إنها تضع يدها على أذنها من ألم صوت الرصاصة وقربها هذا الحد إلا أنه يكاد يقسم أنها تتنفس الصعداء داخل عينيها، عبس وجهه ليضيق عينيه ليقول موجهًا الحديث إليها: أنتِ! ما الذي يدع للارتياح إلى هذه الدرجة؟
رفعت نظرها إليه في هدوء لتقول في غلّ وهي لا تزال تضع يدها على أذنها: وما الذي يجعلك تظنني مرتاحة؟
إلا أن هذه كانت كذبة فما يجعلها تتنفس الصعداء داخلها حقًا هو خروجها سليمة هذه المرة؛ ففي المرة الأخيرة التي تلقت فيها تحذيرًا مشابهًا........ استقرت الرصاصة الأخيرة في قدمها....... إلا أن سيف لم يلحظ أفكارها الداخلية على الرغم من تضييق عينيه في محاولة اكتشاف مكنون ما تفكر به، نفض الأمر عن رأسه ليكذب رؤية الارتياح في عينيها و يرجعه إلى وعي خياله فعاد لملامحه الخبيثة مجددًا وهو يسأل: إذًا........ هل كلامي مفهوم؟
أومأت كلتاهما برأسها دون كلام فاكتفى هو بتلك الإجابة ليقول منتقلًا إلى موضوعٍ آخر: حسنًا ستبقى الطبيبة معنا من الآن فصاعدًا، ولكننا لا نستقبل العاطلين، أليس كذلك؟
الحقيقة هي أن الأساس من بقائك هنا هو لإحباط أيًّا كان ما يريده ذاك الوغد جاكسون، إلا أنني لست من محسني الضيافة إلى هذه الدرجة لذلك يعمل ضيوفي من أجل طعامهم، وكنت أتساءل ماذا يمكن أن أفعل بطبيبة نفسية إلى أن تذكرت أن لا أحد يعمل بشهادته في هذا الزمان لذا سنتدبر أمرك بسهولة.
رفعت روز يدها علامة سؤال الكلام فأومأ برأسه قائلًا: تفضلي يا آنسة روز.
سألته في هدوء كأن لم يكد يصم أذنها منذ قليل: لقد ناديت الرجل هناك بسيادة الرائد بالضبط كما ناديت الرجل الآخر في أول لقاءٍ لنا فهل هي سخريةٌ أم ماذا؟
ابتسم وهو يقول في بساطة: عندما يترقى لرتبة عقيد فسأناديه يا سيادة العقيد، الأول كان سيادة الرائد حسام وهو مطاردي الدائم من الشرطة أما من رأيته هناك فهو سيادة الرائد حازم وهو متولي مهامي من جهاز المخابرات وقد صادف أن يكون كلاهما أباء عم وكلاهما رائد فبماذا أناديهم؟
كانت روز تتطلع إليه وعل وجهها تعبير " بهذه البساطة؟!!"
اتسعت ابتسامته الخبيثة لتبرز أسنانه البيضاء قبل أن يقول: علي الاعتراف أني أفضل سيادة الرائد حسام أكثر، ذاك الآخر فذُّ المخابرات مثير للمتاعب....... متاعبي أنا.
عقدت روز حاجبيها قليلًا قبل أن تسأل: إذا كان ذاك الرجل بارعًا للدرجة التي تشيد بها فلماذا لازلت حرًّا تعيث في فسادًا في الأرض ولست خلف القضبان.
عبس لوهلة....... فقط لوهلة، لتعود ابتسامته الخبيثة مجددًا، نهض من على الأريكة ليمشي ويدور خلفها بحركةٍ مسرحية، فاستند بكفيه على ظهر الأريكة محنيًا ظهره قليلًا، ينظر إليها وهو يقول: تستطيعين القول أنه حسن حظي، فالمخابرات مسؤولة عن التهديدات الخارجية.
اعتدل ليبسط كفيه عارضًا نفسه بحركة مسرحية: وأنا بلا فخر تهديد داخلي تتولاه الشرطة أي سيادة الرائد حسام، لكني أحب التغيير بين الحين والآخر فأتحول لتهديدٍ خارجي فيرسلون فذ المخابرات ورائي.
وضع يديه خلف ظهره وهو ينظر إليها بنظرات لم تفهم ما يأتي خلفها ثم ما لبث أن قال: لقد ذكرتني برابعًا بالمناسبة.
أخرج المسدس من جديد فنظرت كلتاهما إليه في قلق وتوجس وهو يرفع المسدس أمام أعينهم إلى الأعلى مثبتًا نظره عليهما مبتسمًا بخبثٍ جامد، أطلق رصاصة إلى الأعلى بعد نظرة خاطفة، لتهبط الثريا الضخمة بصوت تكسرٍ عالي، مرسلة شظايا قطعها الزجاجية لكل مكان.
أكمل سيف جملته دون أي انفعالٍ يذكر إثر سقوط الثريا قائلًا: لا أحب الاستهزاء الخفي وتقليل شأني فلا تفعلوا رجاءً فأنا لا أتحكم بنفسي هكذا كل مرة.
تناثرت العديد من الشظايا في حجريهما وبجانبهما على الأريكة، غنًا عن ذكر الجروح العديد الناتجة عن الشظايا المتطايرة، كانت هالة جاحظة العينين هلعًا، بينما كانت روز عاقدة الحاجبين من ألم الخدوش عليها....... يبدو انها لم تخرج سليمةً في النهاية، رفعت بصرها بغيظ إلى سيف الواقف واضعًا كفيه خلف ظهره مبتسمًا باستمتاع، سعيد الحظ لم تنله الشظايا، هل انخفض قبل أن تهبط الثريا دون ان يلحظا........ الوغد! لهذا بالتأكيد التف حول الأريكة، تحولت نظراتها من الغيظ إلى الشحوب تدريجيًا وهي تنظر إليه........ وقفتهما غير متشابهة......... التعابير غير متشابهة........ الشيء الوحيد المتشابه هو الموقف نفسه ....... " التقليل من شأنه" ....... لم يمر الأمر آنذاك مرور الكرام........ على الإطلاق.........


" ما الذي تنوي فعله؟"
هكذا سألته في محاولةٍ فاشلة لمداراة القلق الواضح في نبراتها، ابتسم في قسوة وسخرية واقترب منها بخطواتٍ بطيئة، كانت مقيدة بإحكام من جزئها العلوي، وقف أمامها ومسد شعرها بأطراف أصابعه وهو يقول: سأشتاق إليك يا حضرة الطبيبة.
عقدت روز حاجبيها آنذاك في عدم فهي وهي تقول: ماذا تعني؟
أدارها لتكون في مواجهة السماء الظاهرة أمامهما، واقفين على حافة السطح، وضع يديه على كتفيها وانحنى ليهمس في أذنها بصوتٍ خافت ومخيف: "أرسلي السلام إلى عزرائيل."
اتسعت عيناها في هلع إلا أنه لم يتركها لتستفيض بمشاعرها فقد دفعها بأعلى المبنى بحركةٍ خاطفة.........

دائمًا يقولون أن الإنسان يمرر شريط حياته أمام عينيه في لحظاته الأخيرة........... أيها الكاذبون!!!! أنا لا أستطيع تذكر أي شيء فقط..... فقط الخوف....... هل سأموت؟ هل هذه هي النهاية؟........ لا أريد الموت!
شقّ صراخها السماء عاليًا بلا هوادة....... وفجأة توقف....... ما الذي توقف بالضبط؟ هل توقف الزمن؟ أم هل ماتت من الرعب فتوقف المكان والزمان عندها عند اللحظة التي ماتت فيها؟ هل ستلقي السلام على عزرائيل بالفعل؟ مهلا! إنها تتنفس....... تستطيع الإحساس بدقات قلبها، لم يتوقف الزمان؛ لقد توقف سقوطها!
ظلت تلهث لثوان قبل أن ينفك أي تصلب في جسدها لترتخي عضلاتها تمامًا فاقدة الوعي، أما من الأعلى فقد كان يجلس القرفصاء على حافة السطح يراقب ارتدادها إثر التوقف المفاجئ، سكوت صراخها، توقع فقدانها للوعي وإن لم يستطع أن يلمحه من بعد المسافة، همس متسائلًا لنفسه: ألم تتساءل لوهلة أين طرف الحبل الآخر؟ أو لماذا هو سميكٌ لهذه الدرجة؟
هز أمله في خيبة أملٍ مصطنعة وإن ظلت عيناه عليها، ظلّ ينظر إليها لثوانٍ قبل دون أن تحيد عيناه ثم ما لبث أن أدار رأسه إلى الخلف ليقول آمرًا: هيا اسحبها يا علي!
ذكرى السقوط من ارتفاع عشرين طابقًا ظلّت تجلب لها الكوابيس لأسابيع، كان الأمر ليكون محتملًا لو أن الكابوس ينتهي نفس انتهاء الواقع عند لحظة توقفها على بعد مترٍ ونصف من الأرض، لكن هيهات........ تلك الكوابيس دائمًا ما كانت تنتهي بطريقةٍ بشعة...... كل كابوس يسرد سيناريو مختلف للنهاية، مختلف عن سابقه، وبلا شك أشد إفجاعًا......
انتفضت لتعود إلى الواقع من سيل ذكرياتها إثر تربيت هالة على كتفها وهي تسألها في قلق: ماذا هناك يا روز؟ لقد شحب وجهك بشدة، هل انغرست إحدى الشظايا عميقًا؟
اتسعت عيناها وفرغت فاهها ببلاهة لوهلة وكأنها تستوعب من جديد مُضي الماضي وحضور الحاضر....... تنهدت بعمق ليستعيد وجهها لونه من جديد وهي تجيب: كلا، أنا بخير، لقد أخذتني الصدمة كثيرًا فحسب.
أدارت رأسها إلى الثريا الساقطة المتكسرة في شرود........ من المريح كونها لم تكن الشيء الذي سقط من علو هذه المرة..........
قطع شرودها قول سيف بابتسامته الهادئة: حسنًا يا آنساتي تستطعن الصعود للأعلى، ستبقيان في نفس الغرفة من الآن فصاعدًا، لقد أعلمتهم بتجهيز كل شيء ونحن في الطريق لذا لابد أنه قد انتهى بحلول الآن.
نهضت كلتاهما مغادرتين، وعلى السلم سمعا صوته الساخر يخاطبهما: إذا رأيتما رئيس الخدم في طريقكما فاشرحا له الوضع باختصار وأخبراه أن يأتي لتنظيف هذه الفوضى........
صمت لثانيتين حتى ظنا أنه قد انتهى من كلامه إلا أنه تابع بسخرية خبيثة: وتعليق ثريا جديدة.


روفان ا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-20, 10:42 AM   #9

روفان ا

? العضوٌ??? » 474878
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » روفان ا is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس
جلست كلٌّ منهما على السريرين المتقابلين بعد أن انتهيا من تضميد جراح بعضهما السطحية بالاستعانة بعلبة الإسعافات الأولية الموجودة في الغرفة.
فتحت هالة فمها تهم بالحديث إلا أن روز استوقفتها بإشارة بإصبع سبابتها لتنتظر، فأغلقت هالة فمها لتنظر إليها وهي تخلع السماعة من على أذنها لتظهر للعيان، ثم أشارت إلى الزر في المنتصف وضغطت عليه وهي تشرح هكذا لهالة، صحيحٌ أن السماعة تعلم تشغيلها تلقائيًا لكنها ليست بهذه المثالية هناك بعض الأشياء يجب معرفتها من صانعها، أعادت روز وضع السماعة على أذنها بينما أومأت هالة برأسها علامة الفهم لتقلد روز كما رأت وتضع السماعة على أذنها من جديد.
وبعد ثانية انطلق صوت روز الهادئ في رأسها قائلًا: أحسنت يا د/هالة.
اتسعت عينا هالة في انذهال وهي على يقين أن صوت روز يصل رأسها دون أن تفتح فمها حتى، بل إنها على يقين أن الصوت ليس في أذنها الخالية من السماعة.
تابع صوت روز قائلًا: أحسنت بالضبط لا تشهقي، لابد أنه قد وضع أجهزة تنصت في الغرفة بحلول الآن لذا سنستعمل هذه السماعات للتواصل فيما بيننا والتخطيط.
وصل عقل روز صوت هالة القلق وهي تقول أن تفتح فمها: ولكن ماذا عن أخي الصغير؟
أجابها صوت روز في عقلها مؤكدًا: لا تقلقي، لابد أن سيادة الرائد سيكون قد أنقذه بحلول الآن، فقد مضت ست ساعات، حاولي الاتصال بشقيقك فيما بعد.
أومأت هالة برأسها بعينين تلمعان أملًا، تابعت روز حديثها قائلة: حسنًا يا د/هالة أنا أطلب منك وضع يديك في يدي حتى نخرج من هذا المكان فهو لن يتركنا نرحل كما يحاول إيهامنا.
أومأت هالة برأسها قبل أن تبعث برأسها في عقل روز قائلة: ولكن كيف يمكن لهذه السماعات نقل الكلام عبر العقول؟ والكلام تحديدًا وليس الأفكار؟
أجابتها روز في عقلها: إنها تنقل الكلام وليس الأفكار لأنك بلا وعي تعلمين كيف تستعملين السماعة، أما عن كيف تنقل الكلام من الأساس فالأمر معقد ولكن يكفي أن أخبرك أن أصل الموضوع هو توجيه الترددات الخارجة من عقل كلٍ منا إلى الأخرى باستعمال السماعات كأجهزة إرسال وتلقي دقيقة.
أومأت هالة برأسها بفهم لتشرد لثوان، قاطعتها بعدها روز وهي تقول في عقلها: ألست قلقة من عودة جاك جريڨ خلفك؟
تغيرت ملامح هالة إلى شراسة هادئة وهي تجيب في عقلها: إن أصبح أخي بمأمن بحلول الآن قتستطيعين القول أن أنتظره فاتحةً ذراعاي فلقد سبق وأخبرته......... أنه يلعب مع الشخص الخطأ.
***************
تمشي كلتاهما خلفه حاملةً حقيبةً ثقيلة بين ذراعيها في ذلك الممر الطويل، المطل على الخضار من الجانبين، الموصل إلى فيلا لطيفة، وازنت هالة الحقيبة بين ذراعيها وهي تقول من بين أسنانها بحنق: هل هذه آخرة شهادة الطب، أنا أعني ما هذا؟!! أنا أعمل على الدكتوراة وآخرتها أحمل حقيبةً ثقيلة؟!! هل أنا عبدو البواب في نظرك؟
كان سيف يمشي أمامهم واضعًا يديه في جيبي بنطاله، يستطيع الأعمى الشعور بهالة العجرفة من حوله، واضعًا تلك النظارة الشمسية الأنيقة التي زادته غرورًا، أجابها بلا مبالاة وهو يتابع سيره: عبدو البواب يمتلك انفعالات بشرية أكثر منك يا دكتورة، كما أنني قد شرحت لك الأمر مسبقًا، نحن في نظام حكمي نجعل الناس تصعد بالتدريج، لذلك فأنت حاليًا في منصب عبدو الـ........ أعني حامل الحقائب، حتى أفكر فيما نستفيد بك غير هذا.
سألته روز من بين لهائها هي الأخرى: ولماذا أحمل أنا الحقيبة أيضا، لقد ساعدت في أجهزتك بالفعل.
أجابها ببساطة دون أن يتوقف أو يلتفت: حسنًا لقد تذكرت أنك لم تمري بتلك التجربة سهوًا مني لذلك فكرت أن تأخذاها معًا.
دفعت الحقيبة بركبتها لتوازنها بين يديها وهي تقول بحنق متابعةً المشي: اللعنة!! لماذا هي ثقيلةٌ هكذا؟! لماذا هناك حقائبٌ أصلا لقد سلمنا الجهاز في المرآب، أي أننا لسنا من ندفع بل العكس ولست أظنك ثد أحضرت العشرات من قطع الجوافة هدية الزيارة.
ابتسم وهو يقول: بل قد أحضرت أشياءً أفضل بكثير.
التفتت روز إلى هالة وهي تسألها في فضول: إذًا كيف يعلم اسمك إذا كنت لست مشهورة على النطاق العالمي الجمهيري؟
تكفل سيف بالإجابة وهو يقول: حضرة الدكتورة بجانبك مشهورة في العالم الطبي بوجهٍ خاص وليس للعامة وهذا بسبب أبحاثها وتجاربها العديدة والمثمرة، كيف أعرفها؟ حسنًا لقد جعلتْ العديد من الأشخاص السيئين يعيدون النظر في حياتهم ويعبرون إلى الطرف الآخر....... طرف الصالحين، وكان من بينهم أحد أصدقائي القدامى لهذا علقت بذهني.
تساءلت هالة في سخرية: هل آخذ هذا كمجاملة أم ذم يا ترى؟
أجابها بنفس السخرية: كلاهما.
وصلوا أخيرًا إلى نهاية الممر حيث باب الفيلا والذي كان مفتوحًا بالفعل فتبعا سيف إلى غرفة الجلوس الواسعة، وضعت كلتاهما الحقيبتين على الطاولة القصيرة أمام الأريكة قبل أن تمددا ظهريهما ثم تهبطا على الأريكة المجاورة مغلقتا العينين في إرهاق.
نظر إليهما سيف بطرف عينه وهو لا يزال واضعًا نظارته الشمسية، وواضعًا يديه في جيبي بنطاله قبل تفلت منه همهمة شبيهة بالضحكة من جانب فمه ليقول: فلتعتبرا الفيلا فيلتكما.
لم تكلف إحداهما نفسها عناء الرد عليه أو حتى فتح عينيها بينما نزلت من السلالم امرأة جميلة للغاية، طولها أكثر من المتوسط بقليل إلا أنها تبدو طويلة للرائي بسبب نحافتها، سوداء الشعر، زرقاء العينين، حمراء البشرة، ترتدي فستانًا رائعًا، بينما ترفع نصف شعرها الأمامي على شكل ذيل حصان، تترك الجزء الخلفي حرًّا طليقًا، تعالى صوت كعبها وهي تنزل السلالم بهوادة، خلع سيف نظارته الشمسية بحركة مسرحية ليبتسم إليها قائلًا: كيف حال كارولينا الجميلة؟
جاوبته في جفاءٍ بارد: سأكون أفضل حالًا حالما تغادر.
رفعت روز جفنيها قليلًا بدافع الفضول لتغلقهما مجددًا في تكاسل، ثانية واحدة قبل أن تفتحهما مجددًا على اتساعهما....... كيف يمكن هذا؟ يفترض ألا توجد نفس الشخصيات في عالمي هنا......... ولكنهما ليسا نفس الشخص، الوجه والشكل متطابقان لا جدال في هذا لكن طريقة حديثها، وقفتها، طريقة نظرها....... ليسوا متشابهين حتى........ "كارولينا" حتى الاسم مختلف قليلًا فمن أعرفها هناك في الديار تدعى لينا........
لاحظت هالة تصلب جسد روز واتساع عينيها فاستقامت وهي تسألها ببعض القلق: ماذا هناك يا روز؟ هل أنت بخير؟
انتفضت روز على الرغم من خفة لمسة هالة قبل أن تعود للواقع وتتمالك نفسها ثم تقول: أ..... أنا بخير لا عليك يا هالة.
ظلت هالة تنظر إليها عاقدةً حاجبيها بقلق قبل أن تنقل نظرها إلى سيف وكارولينا بالضبط مثلما فعلت روز، كانت كارولينا تقف عاقدةً ساعديها في استخفاف لا مبالي، نظرت إلى الحقيبتين لتعود بنظرها إليه بسخرية وهي تقول: ماذا بهما؟ هل أحضرت فاكهة بغرض الخطبة...... يؤسفني ألا بنات لدي أعطيها لك.
نظر إليها باشمئزاز قبل أن يقول: ها.... ها.... ظريفة كالعادة يا كارولينا...... أين المال حتى أرتاح من سحنتك اللطيفة؟
سحبت كارولينا مسدسًا من ثنايا ثوبها لتوجهه إلى رأس سيف قائلة: لا يوجد مالٌ يا سيف، سأنتهي منك اليوم.
ظلّ سيف ينظر إليها دون أن يطرف له جفن لثوان، كان لا يزال واضعًا يديه في جيبي بنطاله، وبحركةٍ خاطفة أخرجهما ليضرب معصم كارولينا بمشط يده بحركةٍ احترافية جعلتها تفلت المسدس من يدها....... لقد أهملت المتذاكية قرب المسافة بينهما، صدرت منها آهة ألم وسخط وهي تمسك معصمها بيدها الأخرى بينما أمسك سيف بالمسدس في الهواء ليوجهه متراجعًا للوراء متفاديًا نفس غلطتها، قال لها في سخرية: يبدو أنه لا مفر من أن يودع أحدنا الحياة اليوم يا عزيزتي كارولينا، فقط تذكري أنك من بدأت.
كانت كارولينا تنظر إليه بكرهٍ واضح دون أن تنطرق حرفًا، اتسعت عينا روز أكثر وأكثر، وقبل أن تستوعب المشهد بالكامل كانت قد نهضت ووقفت مواجهة سيف، واقفةً بين المسدس وكارولينا فاردةً ذراعيها بحركة حماية واضحة وهي تقول بانفعال: كلا! لن تفعل!
عقدت كارولينا حاجبيها في استغراب وعدم فهم، بينما أفلتت من بين شفتي سيف ضحكة عدم استيعاب بمقدار نفسٍ واحد ليسألها بعدها: معذرةً ماذا قلت للتو؟!
جاوبته روز بنفس الانفعال: قلت انني لن أسمح لك بقتلها.
إنه لا يستطيع أن يفهم، ماذا يحدث الآن بحق الجحيم؟! سألها بعدم التصديق نفسه: مهلًا، ماذا يحدث الآن؟ أنا واثق أنك لست من هنا لذا يستحيل أن تعرفيها.
أجابت في سرعةٍ وانفعال: لا أعرفها ولكنها تحمل وجه شخص فعل لي ما لا أستطيع نسيانه أو رده لذا أنا أبدًا لا أستطيع السماح لك بقتلها.
ظلّ عاقدًا حاجبيه ينظر إليها بعدم تصديق لثوان والمسدس لا يزال مصوبًا نحوها....... حسنًا هو لم يكن ليقتل كارولينا على أي حال........ هو يحتاجها لتستخدم الجهاز، فعلى عكس السيد ڨيي كارولينا لا تملك ورثة، هو لم يكن أبدًا ليؤذي كارولينا بالذات، كان يرهبها فحسب، لذا أخفض مسدسه وبدلًا عنه أخرج من جيب سترته حبلًا سميكًا قذفه إلى روز التي التقطته بتلقائية ثم قال: لا بأس لن أقتلها ولكن قيديها إلى الكرسي الحديدي هناك.
ظلت تنظر إليه بأعين غير واثقة فاستحثها مؤكدًا: هيا لن أقتلها حقًا انظري.
وضع المسدس في جيب سترته ثم استطرد: طالما أنها لا تقاوم التقييد.
التفتت روز لتقيد كارولينا التي لم تحاول حتى مقاومة التقييد لتتفرغ للنظر إليه بكل كره وحقد الدنيا، لطالما كرهته كارولينا بشدة، يتذكر أنها قد أخبرته بالسبب وراء هذا الكره ذات مرة إلا أنه لا يتذكر ما قالته البتة ....... هو لا يهتم حقًا........ أو الأحرى أنه لم يصدقها آنذاك وأوضح لها الحقيقة إلا أنها لم تشتر كلامه أبدًا على الرغم من أنه أراد وقتها أن تصدقه بشدة........
انتهت روز من توثيقها في الكرسي بإحكام، فاتجه سيف إلى الحقيبتين ففتح أولاهما وأخرج بالونًا مائيًا في حجم كف يده أو أكبر قليلًا عرضه على كفه وهو ينظر إلى كارولينا باستفزاز قائلًا: هل تعلمين ما هذا؟
صكت كارولينا على أسنانها وهي تنظر إليه بغيظ، فما كان منه إلا أن أسقط البالون باستفزاز بحركة من أوقعه عن طريق الخطأ فانفجرت البالونة مخلفةً لونًا مائيًا غليظًا على الأرض.
شهقت كارولينا بعنف استنكارًا بينما أومأ هو برأسه باستفزاز وهو يقول متلذذًا: هذا صحيح يا معقدة النظافة إنها كرة ألوانٍ مائية....... واحزري ماذا؟ الحقيبتان مليئتان بامثالها من الألوان المختلفة........ واحزري ماذا أيضًا؟ سوف أفجرها واحدةً واحدة أمامك عينيك في جميع أنحاء منزلك.
صرخت كارولينا بعنف: لا تفعل!!!
إلا أنه أجاب بنفس الاستفزاز والتلذذ مومئًا برأسه: بلا سأفعل.
تمعنت روز النظر في عينيه....... لم يبد عليه طوال الفترة الذي عرفته فيها هذا المقدار من التسلية والمتعة...... بالإضافة إلى هذه اللمعة المميزة في عينيه...... لن تخطئ عيناي هذه اللمعة أبدًا، لقد رأيتها عشرات المرات، وآخرها كانت موجهة إلي على الرغم من رفضي إياها مرارًا وتكرارًا......... إنه يحبها بل يبدو مدلهًا بحبها، كما أنه واعٍ لهذا الحب بينما هي غير واعية على الإطلاق، على أي حال فهم يقولون أن بين الكره والحب خطًا رفيعًا للغاية ربما يستطيع جعلها تتجاوزه يومًا ما، لكن الآن عند هذه اللحظة أنا لن أتدخل بتاتًا بإخبارها، عليه أن يخبرها هو يومًا ما....... لا أستطيع التنبؤ بما ستصل بهما علاقتهما إلا أنني أرى أنها الآن وبكل وضوح ليست في أفضل أشكالها فقط........ فقط أتساءل إذا كان قلبه ينفطر رؤيةً لهذا الكره النقي داخل عينيها منصبًا تجاهه أم أنه ببساطة يحب كل ما فيها حتى كرهها له والذي سيحبه أكثر ما أن يعبر ذاك الخط الرفيع .............
بعد نصف ساعة كان سيف قد ألقى البالون الأخير مفجرًا إياه، كان طوال النصف ساعة الفائتة يرمي البالونات بالونًا بالونًا بكل استمتاع وكأنه فنان يرسم بمتعة، غير عابئ بصراخ كارولينا المتواصل، وفي النهاية أصبح أقل ما يقال عن المنزل أنه أصبح "كارثة"؛ فقد غطت الألوان المختلفة أرجاء الأرضية، وكل الأثاث، والسلم، وجوانب السلم، حتى السقف لم يسلم من الأمر ......... بالطبع تلطخوا وتلطخت كارولينا مما زاد من شراستها وصراخها، اتجه سيف إلى كارولينا المقيدة وأحاط وجنتها بكفيه وهو يقول: إلى اللقاء يا كارولينا.
رفع كفيه عنها فخلّف ألوانًا على وجهها أغضبتها أكثر وأكثر ........ أخرج سكينًا من جيبٍ آخر في سترته، انحنى ووضعها في يد كارولينا المقيدة في ظهر المقعد، ثم استقام قائلًا: يفترض أن تتمكني من قطع الحبل بهذه السكينة الثلمة في غضون الساعة أو حولها.
ظلت روز تنظر إلى زرقائتيها الغاضبتين لتتذكر العينين اللتان تعرفهما حق المعرفة...........



" أتذكرين حين أخبرتك عن ذلك الشعور المقيت الذي انتابني حين دفعتك من اعلى البناية؟"
نظرت إليه روز آنذاك بتوجس دون أن تحيره أي جواب إلا أنه أكمل في حماسة: لقد استطعت في النهاية معرفة ماذا كان...... لقد كان خوفًا بل هلعًا لقد كنت خائفًا للغاية من فكرة حدوث أي خطأ يتسبب في مقتلك كانقطاع الحبل أو موتك فزعًا، لم أستطع النوم لليال، لم أستطع تخيل كيف كنت لأعيش في هذه الحياة دون وجودك بقربي، بعد أن فهمت مكنون شعور الخوف ذاك، بدأت أتساءل عن سببه وقد استغرقني الأمر وقتًا طويلًا لأفهم، ولم أكن لأفهم تمامًا لولا صديقك الوغد الذي شعرت بالغيرة منه، لذا باختصار أنا أحبك يا روز، وأريد أن نتزوج في أسرع وقت؟"
اتسعت عينا روز في هلعٍ شديد ونطقت بالكلمة دون وعيٍ منها بانفعالٍ جارف
"كلا"........ كانت تلك هي الكلمة التي نطقتها روز إلا أنه لم يستطع أن يلحظها نظرًا لصدورها من خلفه بنبرةٍ أشد علوًا، نظر كلاهما إلى مصدر الصوت الواقف عند الباب...... كانت نفس الأعين الزرقاء........ إنها تلك الصغيرة التي كانت قد رأتها ملتصقةً به كثيرًا، تبلغ الحادية والعشرين إن لم تخبني فطنتي...... لم أكن آبه بها حقًا في المرات السابقة فقظ كنت أحمد الله أن تلك الصاخبة هي بلوة غيري فيكفيني محمد في هذه الحياة الدنيا...... لكن الآن أقسم أني سأقبلها كلما رأيتها شكرًا على مقاطعتها الأكثر من مرحبٍ بها، كانت لينا تلهث انفعالًا بشدة وبدها لا تزال معلقةً بمقبض الباب استطردت حديثها بنفس النبرة قائلة: لن تتزوجها! لن أسمح بهذا! سأفسد كل سبلك إليها طالما أنها لم تقع في حبك بعد!
أظلمت عيناه بشدة ليقف بعد أن كان قد انحنى وهو يعرض الزواج مخيرًا وغير مخير في الحقيقة، اتجه إلى لينا وقد دار بينهما حديثٌ خطير النبرات من جهته ومنفعلها من جهتها هي، بالطبع لم تكن روز موجودة لمعرفة مكنون ذاك الحوار فما أن استدار حتى نهضت هي مرتجفة لتخرج من الباب الآخر الذي يوليها ظهره عنه، ولقد أتاح لها صوت لينا عالي النبرات ألا يلحظ البتة فتحها الباب وبالطبع لم تهتم هي بإغلاقه، فكل ما كان يشغل عقلها آنذاك هو أسرع وسيلة للسفر خارج البلاد فقد بلغ الأمر مبلغًا لن تخاطر بإكماله......
للأسف لم تستطع روز الفرار آنذاك ولا حتى بعد ذاك إلا أن لينا كانت طرفًا ثالث رائع في العلاقة، لقد تسببت في افساد الكثير والكثير من مخططاته مما جعل روز تحبها أكثر وأكثر....... لقد كانت صاحبة تلك العينان الزرقاء مخرجًا لها من العديد والعديد من المواقف التي ظنت فيها أنها نهاية المطاف وأنها....... وأنها قد أحكم عليها الحصار لتلقى ....... بين يدي الشر.........
أعادها إلى أرض الحاضر قول سيف بعد أن نال كفايته من النظر إلى نفس العينين الزرقاء وهو يستدير: هيا نحن ذاهبون أيتها الآنسات.
***********


روفان ا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 10:58 AM   #10

روفان ا

? العضوٌ??? » 474878
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » روفان ا is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس
وضع سيف كوب القهوة على الطاولة القصيرة أمامه ثم قال مبتسمًا: إذًا يا آنساتي الجميلات يؤسفني عدم استطاعتي قضاء اليوم برفقتكن.
قبالته كانت تجلس هالة وروز بجانب بعض على نفس الأريكة، كانت روز تنظر له في عينيه بلا مبالاة وهي تمسك كأس العصير الكبير بين يديها، تشرب من الماصة في حركةٍ قد تبدو مستفزةً للبعض، بجانبها كانت هالة تجلس عاقدة ساعديها وهي تسأله في استهزاء: وهل نحن زوجاتك؟ فلتذهب إلى الجحيم إن أردت.
نقل بصره من هالة إلى روز التي كانت قد كأس العصير وأصدرت ذلك الصوت الذي تخلفه الماصّة عند القطرات الأخيرة فنزعت شفاهها عن الماصة ووضعت الكأس الخالي عن آخره على الطاولة، رفع سيف حاجبيه قليلًا قبل أن يقول: يسعدني أن العصير قد أعجبك.
أعادت روز ظهرها على الخلف لتعقد ساعديها مثل هالة وتنظر إليه بنظرة بلا معنى، نقل سيف نظره بينهما قبل أن بنهض قائلًا: أعتقد أني سعيد الحظ أن كلتاكما ليست زوجتي بالفعل يا حضرة الطبيبة.
اتجه إلى الباب مغادرًا وقبل أن يغلق الباب من خلفه نبه محذرًا: أتمنى ألا تفتعلا المشاكل لحين عودتي.
دوى صوت غلقه للباب في البهو الواسع، انتظرت روز حتى سمعت صوت ابتعاده بالسيارة، فنهضت بنشاط على الأريكة، سألتها هالة: ماذا ستفعلين؟
اتجهت روز إلى إحدى طاولات الزينة الطويلة والتي كان عليها فازة رائعة باهظة الثمن تأملتها وهي تجيب هالة قائلة: سأفعل ما قاله بالضبط، لن أفتعل المشاكل.
دفعت الفازة من على الطاولة بكل هدوء لتتكسر على الأرض فقالت: أنا فقط سأسبب الفوضى.
*************
دخل سيف من الباب بعد انقضاء عدة ساعات وهو خارج المنزل،
خطوة........
خطوتان.........
ثم رفع رأسه، وما أن رفعها حتى سقط فكه في بلاهة من عدم التصديق، فأمام عينيه كانت هناك فوضى........ فوضى عارمة، على الأرض يعم الزجاج من شتّى الأشياء المتكسرة، ويوجد بعض الألوان من رشاشات ألوان على ما يبدو، وعلى الحائط برزت هذه الألوان أكثر وأكثر في شخابيط بشعة، أما السلم فقد كان غارقًا في المياه، واللوحات على الحائط تلك اللوحات الغالية قد مزقت بلا رحمة...... والتلفاز........ شاشة التلفاز يتوسطها حجر طوب تتفرع منه شروخ كثيرة، نقل سيف عينيه بين هذا وهذا وذاك إلى أن استقرت عيناه عليهما........ جالستان على سفرة الطعام قبالة بعضهما تأكلان رقائق الذرة بالحليب، كانت روز تضع ملعقة مليئة داخل فمها عندما التقطته عيناها فأخذت تمضغها وهي تقول: مرحبًا بعودتك.
قال في ذهول وهو ينظر إلى أنحاء المنزل: ما الذي حدث هنا؟
ابتلعت روز الطعام ثم قالت: لقد أردت أنا وهالة أن نغير ديكور المنزل قليلًا.
ثم دست ملعقة أخرى داخل فمها أخذت تمضغها، كان يهم بالكلام حتى استوقفته رائحة غريبة فعقد حاجبيه وهو يسألها: هل تشويان شيئًا؟
نظرت إليه وهزت كتفيها كمن يستغرب الأمر قبل أن تجيب: كلا، غرفة مكتبك تشتعل فحسب.
هنا اتسعت عيناه في ذهول وهو يهتف: ماذا؟!!!
نظرتا إليه لثانية قبل أن تتابعا الأكل في هدوء بينما كان هو في حالة يرثى لها من فقدان الأعصاب لدقائق ليهتف بهما بعدها: كيف تستطيعان إحراقها حتى؟!! لا يوجد بنزينٌ هنا.
كان هذا دور هالة لتجيبه وهي تمضغ رقائق الذرة: هذا يذكرني، عليك إحضار المزيد من زيت الطعام فقد نفذ ما لدينا.
فرغ فاهه في ذهول لا يعلم هل من هول ما تقولانه أم من هدوء أعصابهما المستحيل، حاول تمالك نفسه وهو يسأل عاقدًا حاجبيه: منذ متى وهي تشتعل؟
مطت روز شفتيها وهي تهز رأسها قائلة: لست واثقة، منذ متى يا هالة؟
دست هالة ملعقة طعامٍ في فمها وهي تقول ماضغةً إياها في لا مبالاة: حوالي الأربعين دقيقة تقريبًا.
وضع كفيه على رأسه يكاد ينتزع شعره من جذوره في خضم عصبيته........ اللعنة! كلا كلا كلا، كل المستندات في غرفة المكتب.
رفع راسه ليسألهما عاقدًا حاجبيه: كيف يمكنكما الدخول من بابها؟ المفتاح معي.
أجابته روز في لامبالاة وهي تمضغ طعامها: لم نفعل، لقد كسرنا الباب.
سألهما في انفعال: كيف يمكنكما؟ أين الخدم والحراس؟
جاوبته هالة هذه المرة ببساطة: لقد أخبرناهم أنك قد أعطيتهم بقية اليوم إجازة بعد ان كسرت روز الفازة الأولى.
عقد حاجبيه في عدم تصديق: يستحيل أن يصدقوكما دون الرجوع إلي، كيف يمكن هذا؟!
أجابته بلا مبالاة: اسألهم بنفسك حين يعودون.
الحقيقة أن روز قد أسمعتهم رسالة صوتية مزيفة بوته من هاتفها يخبرهم بها بكون باقي اليوم إجازة، بالطبع لم يكن هذا كافيًا لذا حاول كل من أرته الرسالة الاتصال به للتأكد إلا أنه كان يعطي "عذرًا الهاتف المطلوب مغلق أو غير متاح يمكنك......." والذي ليس صحيحًا في الحقيقة وإنما هو بسبب الذبذبات التي يرسلها هاتف روز في دائرة نصف قطرها متران، تلك الذبذبات تمنع أي اتصال من الوصول وبدلًا من الإيحاء بعدم وجود شبكة فهي تظهر الطرف الآخر مغلقًا هاتفه، بدا التردد عليهم واحدًا واحدًا إلا أن ترويعهما لهم بغضب سيف إذا عاد ووجدهم لا يزالون هنا نفض عنهم التردد في الحال.
كان سيف يدير رأسه يمينًا ويسارًا في جنون قبل أن يتخذ قراره متجهًا إلى السلالم ناويًا إخماد الحريق بطفايات الحريق الموجودة بالأعلى.
نبهته روز هاتفة: احترس وأنت تصعد فالسلم زلق!
***************
بعد ساعة كان يقف أمامها عاقدًا ساعديه، عاقدًا حاجبيه ....... غاضبًا للغاية، بينما تجلس كلتاهما على الأريكة تحدق في وجهه بكل بلادة ليقول من بين أسنانه: هل تظنان الأمر يمر مرور الكرام؟
لم تتنازل إحداهما للرد عليه وإن ظلتا تحدقان في وجهه بنفس البلادة، ضيق ما بين عينيه وهو يسألهما: هل تظنان أني لا أستطيع قتلكما، حقًا؟ على الأقل أنت أيتها الطبيبة تعلمين أفضل من هذا.
لم تجبه هالة بينما رفع هو رأسه إلى السقف آخذًا نفسًا عميقاً قبل أن يقول بلهجة مظلمة: من الآن فصاعدا أنتما الاثنتان قد غادرتما قائمة الأحياء، استمتعا بأسبوعكما الأخير قبل أن تلفظا آخر أنفاسكما.
ضيقت كلتاهما عيناها قليلًا دون أي انفعالٍ آخر يذكر بينما هو يلهث من الغضب والانفعال، واضعا يديه على خصره...... الشيء الوحيد الذي يساعده على عدم فقدان أعصابه وقتلهما في هذا اللحظة هو وجود نفس هذه المستندات بالضبط عند ياسين، قد تكون هذه المستندات مدينةً لكليهما إلا أنها من النوع الذي لا يمكن الاستغناء عنه رغم هذا........ لقد اطلع على الفيديو الأخير لكاميرا المراقبة داخل مكتبه، هما لم تأخذا المستندات، كل ما فعلاه هو إضرام الحريق في الغرفة، لماذا قد تفعلان هذا؟ لماذا تسببان كل هذه الفوضى؟ هما ليستا مراهقتين حمقاوتين ضاقا ذرعًا بالحبس، هناك قطعةٌ ناقصة في هذه الأحجية، إنه لا يستطيع رؤية الصورة بوضوح على الإطلاق، ماذا تخططان بحق الجحيم؟ أو هل تخطان من الأصل؟ لو كانت شخصيتين عاديتين لربما نفع التعذيب في جعلهما تتفوهان بشيء إلا أنه يعلم أنهما لن يقولا شيئًا وإن قالا فهو غالبًا تضليل لن يستطيع ملاحظته إلا بعد فوات الأوان........ فلننتظر ونرَ إلى أين ينتهي هذا النفق........


روفان ا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:16 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.