آخر 10 مشاركات
و حانت العــــــــودة "مميزة و مكتملة" (الكاتـب : nobian - )           »          موريس لبلان ، آرسين لوبين .. الغريقة (الكاتـب : فرح - )           »          و أَمَةٌ إذا ما ابتُلِيَت في شرَكٍ ما جنتَ *مميزة* *مكتملة* (الكاتـب : فاطمة عبد الوهاب - )           »          خذني ..؟ -ج1 من سلسلة عشقٌ من نوعٍ آخر -قلوب قصيرة - للرائعة ملاك علي(كاملة& الروابط) (الكاتـب : ملاك علي - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          88 - لو كنت حبيبي - ربيكا ونترز (الكاتـب : فرح - )           »          موضوع مخصص للطلبات و الاقتراحات و الآراء و الاستفسارات (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          209. أنشودة الحب - مارغريت واي - عبير الجديدة ( اعادة تحميل ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          138- إذا كان له قلب - آن هامبسون - ع.ق (كتابة أكملتها strawberry )** (الكاتـب : أمل بيضون - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree3Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-11-20, 10:53 AM   #61

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الخمسون والأخير..
صباحًا..
سيناريو متواصل من الأحداث يمر في ذاكرتها.. العديد من الأحداث القاسية تحاول ان تربطها ببعضها البعض فلا تشعر الا انها داخل حلم مريع.. بل كابوس مخيف ولا زال لم ينتهي بعد..
تطلعت حولها تبحث عنه وهي تهمس بأسمه من بين شفتيها الشاحبتين:
- محمد.

نهض محمد سريعًا عن مقعده وإقترب منها ليربت على رأسها بحنو بينما يسألها:
- كيف تشعرين الآن حبيبتي؟
أغمضت عينيها تقاوم إحساسها بالألم أسفل بطنها وتساءلت بإعياء وعدم تركيز:
- أين انا؟

دخلت الطبيبة الى الغرفة لتقول:
- المدام كانت حامل في شهرها الأول ولكنها فقدت الجنين.. استطعنا بصعوبة ان نسيطر على نزيفها فقد كان شديدًا وحادًا وفقدت الكثير من الدماء.. أما بالنسبة لرحمها فحالته ليس جيدة.. ولا تستطيع ان تحمل الا بعد ستة أشهر.. هي بحاجة الى ان تريح رحمها.

عقدت آلاء حاجبيها بعدم استيعاب.. تشعر بالتشوش وكل شيء يبدو ضبابي.. من هي الحامل؟ بل من هي التي فقدت جنينها؟
هزت رأسها بضعفٍ شديد ثم نظرت الى محمد بإستنجاد:
- هل هذه حقيقة أم انه حلم وسأستيقظ منه الآن؟

تطلع اليها بألم وقهر.. اللحظات تلك كانت أمر وأقسى ما مرّ عليه.. رؤيتها تصرخ ولا تستيقظ.. تصرخ من أعماق قلبها بطريقة مفجعة والأصعب عليه انه مهما حاول ان يوقظها فهي لا تستيقظ..
ثم شعوره المرير وهو يفكر انه سيفقدها ولن يصدقه أحد بكونه لم يضربها ويؤذيها.. وهو الذي يحاول جاهدًا الحفاظ على آخر فرصة قُدمت اليه.. فكرة خسارتها كانت تدق نواقيس الخطر في عقله لتنسحب الروح منه وهو يرى الدماء التي تملأ الفراش.. دماء كثيرة.. وكأنها تسبح داخل دماء.. تلك اللحظات لو قضى عمره كله لن ينساها.. كانت مريعة.. مريعة جدًا لقلبه المرتاع..
رد محمد عليها:
- انت من يجب ان تخبرينا ما الذي حدث معك؟ لأننا حتى الآن لا نفهم شيئًا.

قصت آلاء عليه ذلك الكابوس التي تتمنى ان تفقده نهائيًا من ذاكرتها ليجلس محمد بجوارها ويضمها الى صدره برفق هامسًا بآسى:
- كنت أعلم.. كنت اشعر بالخوف والقلق عليك البارحة وكأنني اعلم ان شيء سيء سيحدث معك.. صراخك كان مخيفًا لأتفاجأ بكم هائل من الدماء التي ملأت السرير.
أغمض عينيه للحظات وقال بوجع:
- يا الله يا الاء انت كنتِ قي عالم آخر تمامًا ولكن المنظر كان مرعبًا.. تأبين الإستيقاظ وفقط تصرخين.

- انها التابعة.
غمغمت سميرة بتفكير لينظرا اليها بعدم فهم فتابعت:
- لا بأس هذا بسيط.. بعد خروجك من المستشفى سيتم حل الموضوع برقية شرعية وسنرى شيخًا يقرأ عليك قرآن.

لم يفهما كلاهما ما هي التابعة وفي الوقت الراهن كان يؤرق محمد سؤالًا واحدًا..
- لماذا لم تخبريني انك حامل؟!

أيدته سميرة بالسؤال عينه لترد آلاء بضياع:
- لم أكن أعرف انني حامل.. لقد عرفت للتو منكما ومن الطبيبة.
غمغم محمد بوهن خافيًا وجعه:
- لا بأس حبيبتي.. ما يهم انك بخير وصحتك جيدة.

************************
لم تتوانى سميرة بالبحث شبرًا شبرًا في غرفة آلاء ومحمد خشيةً ان تكون زهراء قد وضعت شيئًا في الغرفة وهو ما تسبب بإجهاضها.. لم تود ان تواجه زهراء دون دليل ولكنها لم تجد شيئًا وما كانت هذه الا تابعة كما سبق وتوقعت..
التابعة أو ما يسمى بأم الصبيان قد تأتي للفتاة العزباء او للمرأة المتزوجة حد سواء وبالتالي تسبب لها الإجهاض خاصةً اذا كانت المرأة حاملًا بجنين ذكر.. واحيانًا قد تتغلب المرأة عليها وتنجو بطفلها واحيانًا لا فيموت طفلها..
التابعة تأتي بصور وأشكال بشعة جدًا وقد تأتي نتيجة سحر أو مس.. واحيانًا قد تكون التابعة هي من تسبب الإجهاض المتكرر للمرأة.. كما وأنها تتسبب بظهور الكدمات المفاجئة دون سبب للفتاة العزباء وكوابيسها المخيفة والمتكررة..
(اخشى الكلام عنها أكثر والعياذ بالله منها.. بإمكانكم البحث في الانترنت.. اسأل الله ان يبعدنا عنها ويحرسنا بعينه التي لا تنام ويبعد عنا كل سوء وشر.. نحن وإياكم)

أما محمد فقد قرر اصطحاب زوجته للبقاء في منزل اهلها هذه الفترة ريثما تتحسن صحتها كما قال إلا انه في الواقع كان يود البقاء لوحده.. يريد إستيعاب ما حدث.. مهما حاول ان يتحكم بسيطرته على نفسه لا يقدر.. ما عاشه مرعب.. مرعب جدًا.. ثم صدمته بفقدان طفله الذي لم يكن يعرف بوجوده.. كل هذا يبعثر تفكيره.. صموده مهتز.. وهو يدري ان امرأته تحتاج قوته خاصة في هذا الوقت.. ولكنه هو نفسه على شفير الانهيار.. يحتاج الى ان يتخلص من تأثير صدمته.. ان يعالج احساسه المقيت بالعجز.. ان يستوعب كمية الألم والخوف هذه..

وعدها محمد بالمجيء اليها بعد العصر ليراها الا انه لم يأتي اليها وهاتفه مغلق وهي لم تكن تريد سواه.. تريده هو.. تحتاج اليه وحده فقط من بين الجميع..
قهرها على طفلها الذي فقدته كان يشوش تفكيرها.. انها المرة الثانية التي تخسر بها جنينها ولا يكتمل حملها والأسباب مختلفة..
أرادته ان يأتي لتبكي بحضنه ولكنه لم يأتي.. أتراه ملّ منها لأنها لا تستطيع ان تنجب له طفلًا؟
تجاوزت الساعة التاسعة مساءًا وهو وعدها ان يأتي عصرًا فأين هو؟ أحست ان أعصابها تنفلت من عقالها والأفكار القاسية على قلبها تنهشه بمخالب شيطانية..
اخيرًا سمعت صوته في المنزل يتكلم مع أهلها ويسأل عن مكانها..

دلف الى غرفتها ليجدها مستيقظة فسألها برقة:
- كيف أصبحتِ الآن حبيبتي؟
تطلعت اليه ببرود دون ان ترد على سؤاله ليردف بحيرة:
- ما خطبك؟

- لا شيء.. أين كنت ولماذا هاتفك مغلق؟
هتفت آلاء بجدية فقال:
- لأنني مرهق وكل ساعة يتصل أحد ما بي وأنا ليس لدي طاقة للرد عليهم.

قالت آلاء غير مصدقة حجته الواهية:
- لا تكذب.. لتجد حجة ثانية.
- لا حول ولا قوة الا بالله.. لا يوجد شيئًا حبيبتي.. انا فقط متعب.
نظرت اليه غير قادرة على وأد انفعالها..
- لنرى اذا كان ما أفكر به صحيحًا أم لا.. انت تقول انك مرهق لأنك تفكر بأشياء ثانية.

- مثل ماذا؟
تساءل محمد عاقدًا حاجبيه لتغمغم بإختناق:
- انت لم تعد تحبني.. وانا لست قادرة أن أمنحك أبسط شيء والذي هو حقك.. طفل.. انا فقط أجلب لك المتاعب والمشاكل.. أعلم هذا حقك.. لا بأس أخبرني.

مرر محمد يده بين خصلات شعره بعصبية لينهض ويفتح نافذة الغرفة ويشعل سيجارته لينفث بها ثورانه من كلامها وهو يهدر:
- كفى غباءًا.. لا تقولي اشياءًا غير منطقية.
هدرت آلاء بصوت عال:
- لا هذا ليس غباءًا.. انها الحقيقة.. انا صرت اخاف من موضوع الحمل واخاف ان افكر به من الأساس.. وحتى الطبيبة منعت هذا الشيء.

أغلق محمد باب الغرفة ثم عاد ليدنو منها بعصبية:
- اخفضي صوتك.. نحن لسنا في المنزل.
صمت للحظات يهدئ من غضبه من كلامها لأنه يعلم الأزمة النفسية التي تمر بها بعد اجهاضها للمرة الثانية وقسوة ما عانته وصارعته لوحدها:
- هل ترينني هكذا؟ لا يهمني شيئًا عدا الطفل!!! انا لا يهمني سواك.. انت اولًا ومن ثم الطفل.. كما وأن لا زال لم يمر على زواجنا سنة واحدة.. نحن لسنا على عجلة من امرنا.. افهمي كلامي جيدًا يا آلاء وليكن عندك ثقة بي ولو قليلًا.. انا متفهم وضعك وما تمرين به ولكن افهميني انا ايضًا.

قالت آلاء بضيق شديد وعيناها تدمعان رغمًا عنها بمخاوفها:
- انا أثق بك ولكن تصرفاتك التي تجعلني أفكر بهذه الطريقة.. انت وضعتني في منزل أهلي وغادرت ولم تسأل عني وكأنني غير مهمة بالنسبة اليك بل وأغلقت هاتفك وبالتالي لم ترد على اتصالاتي.. والآن فقط تأتي لتراني مع انك يجب ان تكون بجانبي ولا تتركتي ابدًا.

- انا تركتك في منزل أهلك لا بمكان غريب.. وغادرت لأنتي أردت ان أستوعب ما حدث.. وعلى الرغم من ذلك حتى هذه اللحظة لا زلت غير مستوعبًا كيف حدث كل ذلك!!
هتف محمد ثم أغمض عينيه يتذكر تلك اللحظات القاسية والمخاوف الرهيبة التي عاشاها معًا وأردف بصوت أجش منفعل من وطأة الألم والعجز:
- هل تفهمين ما رأيت انا؟ هل تستوعبين انني رأيتك وروحك تخرج من جسدك تقريبًا!! أراك تتألمين وانا واقف لا يسعني فعل شيئًا.. انت في حضني ولا استطيع ان أحميك!! ترين اشياءًا لا أعرف عنها.. احترت من هذا الذي يؤذيك ولماذا تصرخين؟ صرت أشك بنفسي انني من أذيتك أو ربما شخص آخر ولا أعلم من هو.. شعرت بعجز لم أشعر به طيلة سنوات حياتي.. كدت ان أفقد عقلي.. امرأتي التي في حضني لا استطيع ان أحميها وأساعدها.. أراها تصرخ وتنزف من قوة الألم والخوف وانا أتمزق بعجزي!! هل تفهمين يا آلاء شعوري؟!!!

تحشرج صوته الرجولي وهو يسترسل:
- كانت المرة الأولى التي أرى بها شيئًا كهذا والمرة الأولى التي أشعر بها بعجز كهذا.. كل الذي أراه يا آلاء انك غارقة بدماءك وانا لا أعلم من أين أتى هذا الدماء وما هو مصدره.. كمية الدماء كانت هائلة! كيف لعقلي ان يستوعب ان كل ما حدث لك بسبب كابوس!! حياتك التي كنت أراها تُسرق منك كانت بسبب كابوس مخيف!!! من أين سأستوعب وجود شئًا كهذا يا آلاء؟ عقلي يعجز عن وصف الإحساس الذي مررت به.. صورة واحدة لا تفارق مخيلتي وهي رؤيتك نائمة تصرخين والدماء تغرقك في جوفها تود إبتلاعك.. الآن عرفتي لماذا تركتك وغادرت! كنت أريد الإستيعاب لا أكثر.

- حسنًا فهمت ولكن إياك ان تتركني مهما حدث مرة أخرى.. انت جعلتني اشعر انني لن لم أعد أهمك.
هتفت آلاء بتحذير ليقبل رأسها بحنو شديد مغمغمًا بصدق:
- منذ متى حبيبتي لم تعد تهمني.. انتِ اغلى ما لدي.

إبتسمت آلاء برضى:
- حسنًا اذا كنت أغلى ما لديك لماذا لا تنهض وتجلب لي "شوكو ميلك" وطبعًا أريده مثلج.
رمقها بنظرة مصدومة:
- الآن!!! المكان سيغلق.. الساعة ستشارف على الثانية عشر ليلًا.

تبرمت آلاء بعناد:
- لا يهمني.. هيّا اذهب واحضره لي.
وقف محمد قائلًا بتعجب:
- لا حول ولا قوة الا الله.. آه يا ربي حاضر من عيناي.. سأخرج لأحضر لك ما تريدين وأعود.

************************
بعد يومين..
كان الجميع موجودًا في منزل أهل آلاء والضحك سائد بين الشباب.. الوحيد الذي كان غائبًا هو محمد..
قال أحد الشباب موجهًا كلامه لها:
- لقد اتخذنا قرارًا.
- ماذا قررتم؟

- قررنا ان نبحث لمحمد عن عروس ليتزوجها لأنك لا تجدين نفعًا كزوجة ولا تقدرين على الحمل والولادة.. انت يجب ان تبقي مدللة ومرتاحة من غير صعوبات الحمل ولذلك سنقوم بتزويج محمد.
قال وسام ضاحكًا ليهب الألم في قلبها لاسعًا إياه بسوط قاسي.. هي تمر بأزمة ثقة.. ثقتها بنفسها مهزوزة.. واهية.. وخوفها من موضوع الحمل كله صار هاجسًا يؤرق قلبها.. تخلي محمد عنها او زواجه من أخرى بسبب الحمل لن تتحمله.. نفسيتها كلها مبعثرة ومشتتة.. روحها ترتجف.. وتلك الثقة بالنفس التي كانت تملكها اضمحلت وبقي الخوف من تأثير كلامهم على زوجها هو القائد..

غارت؟ آجل.. تألمت؟ آجل.. الموت ارحم لها من رؤية محمد يتزوج بأخرى لأنها لا تستطيع ان تنجب له طفلًا.. ولكن لن تظهر ضعفها لهم ستدافع عن حقها به ما دام لم يقرر هو التخلي عنها ولن تسمح لهم ان يشمتوا بها ويرقصون فرحًا على صوت معزوفة أنينها المتألم..
بشراسة هدرت من بين أسنانها:
- آجل لماذا لا؟ حينما يأتي اسألوه وهو سيمنحكم الجواب.

قهقهوا بمرح:
- اعصابك.. لماذا غضبتِ وحزنتِ الى هذه الدرجة؟
- لست غاضبة.. كل ما قلته انكم ستأخذون الجواب منه لا مني.
أنهت كلامها لترى محمد يدخل ويلقي تحية السلام فأضافت:
- ها قد أتى محمد وستعرفون الجواب.

- جواب ماذا؟
تساءل محمد بهدوء فغمغمت:
- محمد.
- عينيه.
رد محمد بإبتسامة حانية لتتشجع وتسترسل:
- وسام يقول انهم يريدون تزويجك.

- اذا كانوا يريدون إقامة حفل زفاف ثاني لنا فأنا ليس لدي إعتراض.
قال محمد بإسترخاء لتهتف آلاء بقهر أخفته بصعوبة:
- لا هم يريدون تزويجك من امرأة أخرى لأنني لا انفع كزوجة.

هتف وسام بحنق:
- لا تقلبي الموضوع.. كل الذي تحدثنا عنه ان قلبنا يؤلمنا عليك.. فما رأيك ان تجدد وفي نفس الوقت تبقى محافظ على الجميلة هذه؟.. لأن كما يبدو انها ليست لديها القدرة على الحمل وإنجاب الأطفال.. في النهاية ستلعب معهم ساعة وتقول تعبت!

للمرة الثانية تحاول كبت وجعها من كلامهم وتحطيمهم لثقتها بنفسها وقوتها كإمرأة.. هم يجعلونها تشعر انها ضعيفة.. ضعيفة جدًا ولا قوة ولا طاقة بها..
لم تنظر الى محمد لترى تعبير وجهه.. ولم تحاول ان تبلسم جرحها الحاد.. بل استسلمت بغرابة الا ان محمد ما كان ليسمح ان يؤذيها أي مخلوق وهو حي يُرزق أو يقلل منها ويبث فكرة الضعف والعجز في عقلها وروحها الحرة.. ولذلك هدر بغضب وانفعال:
- ومن الذي اخبركم انني أريد اطفال او حتى أريد ان أُدخل امرأة ثانية الى حياتي؟!!! انا لدي لولتي.. هي أغلى من كل النساء وأقواهن واجملهن في نظري.. غيرها لا اريد ولن أفكر قط.. ومن ثم موضوع الأطفال أغلقناه لبعد سنة سنفكر به.. فلا تتدخلوا بأمور لا تخصكم.

- نحن نمزح.. انت لم ترى آلاء قبل قليل كيف اصبحت تطلق شررًا من عينيها.
حاولوا ترطيب الجو المشحون ليهتف بتهديد:
- لا تمزحوا بمواضيع كهذه.. المزح يكون في أي موضوع آخر غير هذا الموضوع! لن أسمح لكم ان تمزحوا به اطلاقًا.

ختم كلامه بخروجه بعصبية من المنزل ليقف في حديقة المنزل يدخن بشراهة وعصبية.. كيف بحق الله يتحدثوا عنها هكذا؟ كيف يجرحون مشاعرها أمامه؟ هل يتوقعون ان يصفق لهم ويسارع بكل انانية على الموافقة بينما يراها تتمزق من شدة الألم والحزن!!! أين ضميرهم ومشاعرهم الإنسانية حتى لا يهتموا لحالتها النفسية ولا يراعوها!!! هي أم فقدت جنينها دون ان تعلم انها تحمله في احشاءها.. أم تفقد طفلها للمرة الثانية وكل مرة أقسى من سابقتها وهم يسخرون منها ومن ألمها ومن ضعفها!!!! كيف يكونون هكذا يا الله؟!
لحقت آلاء به لتهمس بأسمه بإستنجاد فينظر اليها مقدرًا كل معاناتها ومخاوفها:
- نعم حبيبتي.

داست على ألمها واصطعنت عدم المبالاة وهي تسأله بحزن:
- ما خطبك حبيبي؟ لماذا غضبت هكذا؟ لا بد انهم يمزحون ونيتهم ليست سيئة.. انت تعلم انهم طيلة الوقت يحبون الضحك.

هتف محمد بجدية تامة تحمل قهره عليها:
- لا يحق لهم الإستهزاء بمواضيع كهذه.. او يتحدثون عنك بأي شكل من الأشكال.. انتِ لستِ ضعيفة او لا تقدرين ان تحملي طفلًا وتكونين أمًا.. بالعكس انتِ أقوى منهم ومني ايضًا.. ولذلك غضبت.. لا اطيق ان يفتح أحد موضوع الإجهاض او يستخف بك.. بدلًا ان يقولوا ليعينها الله ويساعدها يجلسون ويسخرون!!!
- لا بأس حبيبي هم كانوا يمزحون لا اكثر.

غمغمت آلاء بلطفٍ شاكرة الله على نعمة تفهمه ودعمه لها في أشد مواقفها ضعفًا واهتزازًا من حيث كل شيء..
- أعلم يا قلبي ولكن كان يجب ان أرد عليهم كما يجب حتى أخرسهم.
إقتربت منه لتدس نفسها داخل حضنه حتى تشعر بالأمان والإنتماء.. حضنه التي تكره ان تفقده يومًا او ان تشاركها امرأة ثانية به..

- حسنًا حبيبي.. لا تحزن وتغضب.
همست ببؤس ليقبل أعلى رأسها مطمئنًا لقلقها:
- لست حزينًا يا عمري.. هيّا أدخلي الى المنزل سأغادر انا.

- ألن تنام هنا؟
سألته بعبوس فقبل رأسها مرة أخرى وأجاب:
- لا.. اريد الذهاب والنوم في غرفتنا.. تصبحين على خير حياتي.. سأتصل بك بعد ان أصل.

************************
تمر الأيام وتستهل صحة آلاء الجسدية والنفسية بالتحسن شيئًا فشيئًا لتعود الى منزل أهل محمد وتغادر منزل أهلها..
سليم وسميرة وإخوة محمد سافروا جميعهم ولم يبقى أحد غير غياث وزهراء..
تخرجت آلاء من المدرسة أخيرًا بمعدل عال جدًا وحصلت بفضل الله على شهادة تفوق والمرتبة الأولى من حيث محصولها الدراسة على دفعتها..
لم تعد تختلط بغياث وزهراء، كلاهما على حد سواء ولم تعد تتدخل بمشاكلهم وبخصوصياتهم كما مسبقًا قررت وفعلت..

كانت كلما رأت زهراء تأتي بنية الحديث معها عن علاقتها بغياث تفتح مواضيع أخرى عشوائية لا تمت للخصوصية بصلة او تغادر بحجة انها يتوجب عليها فعل شيئًا لا يتطلب التأجيل..
صارت تذهب معظم الوقت الى منزلها الجديد برفقة محمد لتمتع عيناها برؤيته يعمل في المنزل.. وكيف يملي طلباته ويناقش العمال حول تفاصيل منزلهما..
عبير كانت حاملًا في الأشهر الأولى ولكن حملها مهدد بالإسقاط ولذلك طلبت آلاء من ايلام ومنها ان تأتي الى المنزل لتهتم بها وبطفلتها.. خاصةً انها ممنوعة من الحركة وأمها لا تستطيع الإعتناء بها بسبب اعتناءها بأبيها وإخوتها.. ومنذ عدة أيام وعبير تقطن معهم..

كانت ثلاثتهن جالسات في الصالة وعبير متوسدة الأريكة بينما زهراء وآلاء تتكلمان معها عن حملها..
قالت عبير لزهراء:
- عقبالك ان تحملي وتولدي.
تمتمت زهراء بإستهزاء:
- من أين قد أحمل اذ كان شقيقك يستخدم طرق الوقاية كلها، ناهيك عن حبة منع الحمل التي يجب ان أشربها أمامه خشيةُ أن أنساها؟

تطلعت عبير إلى آلاء بسرعة لتسارع آلاء بالقول محاولة انقاذ ردود زهراء التي لا تعلم اذ كانت حقًا غبية ام انها تقصد التصرف بغباء وإصطناع المشاكل..
- بالتأكيد غياث لا يقصد شيئًا.. ربما لأنكما لا زلتما عريسين.. ولم يمر شهر ونصف على زواجكما عدا عن دراستك الجامعية فلا بد انه يريد قضاء وقتًا أكثر معك حتى تستمتعان اولًا قبل الإلتهاء بالمسؤوليات.

اومأت زهراء مؤيدة دون ان تعقب ولكن عبير بعد كلام زهراء الذي زرع الشكوك الكثيرة في رأسها لا بد ان تواجه غياث حتى تفهم لماذا لا يريد أطفالًا من زوجته التي تزوجها رغمًا عن الجميع وبعد معرفتهم كلهم بحبه لها.. وبالفعل واجهته عبير ليخلص غياث نفسه بسهولة من هذا الإستجواب والشكوك..
صعد غياث الى غرفته ليجد زهراء جالسة على السرير..
فبعصبية شديدة إقترب منها وجذبها من ذراعها بقوة عن السرير حتى تقف أمامه:
- ما هذا الكلام الذي قلتيه لعبير؟ كيف تخبرينها عما يحدث بيننا؟ ألا يوجد لديك عقل يستوعب ان ما يحدث بيننا داخل هذه الغرفة لا يجب ان يخرج منها؟

- انا لم أقل غير الصراحة.
قالت زهراء بحنق ليهتف بغضب:
- هل فقدت عقلك؟ أي صراحة هذه؟ ألن تتوبي؟ ألم تتعلمي من المرة السابقة وتحذيراتي وتهديداتي لك من إخراج أي حرف مما يحدث بيننا؟

صوت غياث وصل الى آلاء التي كانت جالسة في غرفتها لتسارع بالخروج من غرفتهما والدخول الى غرفتهما خشيةً من حدوث مشكلة كبيرة بينهما وضرب غياث لها..
قالت آلاء بسرعة:
- غياث هي بالتأكيد لم تقصد.. لقد تكلمت بعفوية.

تهمكت زهراء بعداء واضح:
- تتصرفين وكأنك طيبة.. انت مثلهم تشعرين بالفرح حينما ترينني هكذا وتشمتين بي.
حدقت آلاء بها بإستنكار ليهتف غياث بعصبية:
- هل رأيتِ؟ هذه لا تستحق ان يعاملها أحد بالخير أو يساعدها.

عقدت زهراء ذراعيها حول صدرها غير عابئة بالكلام الذي تقوله:
- بالتأكيد ستدافع عن حبيبة القلب.. وهل هناك من يجرؤ على الإقتراب منها؟ بالتأكيد ستفقد عقلك وستجن لأنك تعشقها!

إستولت الصدمة عليهما بكلامها هذا! وقد كان غياث أسرع من آلاء بخروجه من منحنى أفكار زهراء الصادم ليقول موجهًا كلامه لآلاء:
- آلاء أخرجي من الغرفة.
دفعها غياث خارج الغرفة ثم أوصد الباب بعنف واستدار الى زهراء هادرًا بإحتدام:
- ماذا قلت؟ كرري كلامك.

- قلت انك تعشقها.
ردت زهراء ببرود ليقبض على فكها مزمجرًا:
- انت لا تفهمين.. من اين لك هذه الأفكار المسمومة؟! آلاء زوجة أخي.. هل تعتقدين انني سأنظر الى زوجة أخي بحق الله؟ اسمعيني.. لقد طفح الكيل منك...
قاطعته زهراء بعنف وهي تدفعه دون ان يتزحزح من مكانه:
- ماذا ستفعل؟ هل ستضربني؟

- سأحطم عظامك.. كفى يا زهراء..أنا لم أعد أتحملك.. إبقي صامتة وإختصري الشر الى ان نتطلق والا والله سترين شيئًا لن يعجبك.. كل الذي فات سيُعتبر رحمة مقابل ما سأفعله بك.. تعلمي قليلًا منها بدلًا من اتهامها بأشياء كهذه.
هتف غياث بتهديد ثم دفعها بعنف وخرج من الغرفة كي لا يفقد أعصابه أمام جنونها وتهورها بالكلام والأفعال..

************************
هزت آلاء رأسها بعنف.. لا بد انها فقدت عقلها؟ كيف تشك ان هناك علاقة من هذا النوع بينها وبين غياث؟!! كيف تتهمهما بشيء كهذا؟ لا تستوعب أفكارها هذه من أين تأتي!!
حاولت ان تهدئ من روعها فبعد الآن لن يهمها ما يحدث معها ولن تدافع عنها مهما حدث.. كانت نيتها الدفاع عنها وحمايتها من غضب غياث وهكذا يكون المقابل؟!!
بقيت في غرفتها لمدة ساعة ونص تفكر بكلامها وتستغفر الله الى ان عزمت أمرها اخيرًا وقررت ان تذهب الى غرفتها لتواجهها وتدعها تفهم ان غياث كأخ بالنسبة لها ولا شيء بينهما..

في هذا الوقت كان غياث يجلس في الأسفل مع عبير بينما زهراء لوحدها في غرفتها.. فطرقت آلاء باب الغرفة بتردد ثم قالت:
- هل أستطيع الحديث معك؟

- ماذا تريدين؟
هتفت زهراء بقلة تهذيب لتقول آلاء بجدية:
- زهراء الكلام الذي قلتيه قبل قليل ليس مقبولًا أبدًا.. غياث كأخي.. مستحيل ان يكون بيننا شيئًا مما فهمتيه.

- انا أعلم منذ أول يوم رأيتك بك وكيفية تعامله معك ان هناك شيء بينكما.
هتفت زهراء بملامح تضج شراسة وكره لتهز آلاء رأسها بإعتراض نافية اتهامها لها:
- غياث يعاملني بهذه الطريقة لأنه بمثابة أخي.. هو كشقيقي ايلام.. ونحن تقريبًا في نفس السن وتم تربيتنا معًا.. الفرق...

قاطعتها زهراء صارخة بعنف:
- اخرجي.. هيّا الى الخارج! تريدين اصطناع دور المرأة البريئة الطيبة.. الجميع يحبك وهو طيلة الوقت يقول لي ان اصبح مثلك.
إقتربت منها لتقف أمامها وتهدر:
- في احلامكم فقط ان اكون مثلك.. انا لن أتغير.. سأبقى مثلما انا.. لا أفهم من الأصل كيف الجميع مخدوع بك! وبكل وقاحة تريدين خداعي انا ايضًا!

إتسمت ملامح زهراء بالغيرة والحقد وهي تردف:
- ماذا تريدين أكثر؟ لديك رجل يعشق التراب التي تدوسين عليها.. وكلمتك لا تصبح اثنتين.. كل طلباتك أوامر ومستحيل ان يحزنك ويضايقك.. وفي المرة الوحيدة التي ضربك بها تطلقتِ منه ولم تبقي على ذمته.
أشارت لنفسها بأصابعها بإنفعال وقهر حقيقي:
- أما انا هنا فقط للضرب.. ويجب ان اتحمل واصمت.. لا يحق لي التفوه بحرفٍ واحد معترض.. اخبريني بماذا انت تختلفين عني؟!! هل تريدون ان انزع حجابي مثلما كنتِ انت حتى تحترموني!

حدقت آلاء بها دون ان تجد القدرة على ايجاد صوتها للرد عليها.. هل فقدت عقلها؟! هل حقًا تعتقد انها وغياث يحبان بعضهما!!!
صراخ زهراء وصل الى غياث الذي كان جالسًا في الصالة في الأسفل ليصعد مسرعًا ويندفع الى الغرفة هاتفًا بعصبية:
- ماذا هناك؟ لماذا تصرخين؟

ردت زهراء بسخرية وقهر:
- آه أتيتَ.. طبعًا أنا أعتذر على مضايقتي لأميرتكم المدللة.. وصحيح قبل ان تمد يدك علي.. انا قلت عنها كلامًا سيئًا.. وكي لا يصلك الكلام بشكل خاطئ فأنا قلت انك على علاقة بها وانت تحبها وجميعكم مستعدون ان تموتوا لآجلها.. الله واعلم ماذا فعلت لكي تحبوها وتخافون منها وعليها بهذا الشكل.

لم تصمت زهراء بل أخذت ترغي وتزبد بالكلام لتنسحب آلاء من الغرفة بينما بقي غياث يحاول ان يجعلها تصمت بأي طريقة كانت..
كانت مقهورة من طريقة معاملة الجميع لآلاء.. من طريقة معاملة محمد الى آلاء وطريقة معاملة زوجها اليها.. آلاء تطوف فوق مياه النعيم وهي تغرق في قعر نار الجحيم.. تتلظى بالأوجاع والقهر بينما آلاء سعيدة تعيش حياة هانئة وكل طلباتها وكلامها أوامر.. الجميع يحبها ويراها قدوة.. حتى زوجها يخبرها ان تكون مثلها.. كل ذلك كان يقتلها ويجعلها تخرج عن رشدها.. الغيرة كانت تتحكم بها بقوة.. تسيطر على تصرفاتها وتحرقها ولا مجال للخلاص منها..

لم تكن تدري ان هذه الفترة التي تعيشها آلاء حاليًا لم يكن لها وجود سابقًا.. لم تكن تدري ان هذا الهناء الذي تراه أتى بعد أشهر من العذاب والأوجاع.. لم تكن تعرف كيف حياتها كانت اسوأ حياة لكل امرأة.. لم تكن تعرف شيئًا لأنها لم تكن موجودة بها.. بكل بساطة حكمت عليها انها سعيدة دون ان تعرف التعاسة التي كانت تعافر للخلاص منها.. قارنتها بها وكأنها متزوجة حديثًا مثلها.. ولو عرفت مقدار الألم التي آلاء كانت تعانيه ما غارت منها ابدًا.. لو سمعت صوت صراخها الماضي ما تجرأت بالتمني ان تكون مكانها اطلاقًا.. ولكن هذا هو طبع الإنسان.. يهوى ان يقارن ويحكم على ما يراه فقط دون ان ينظر الى بقية الجوانب..

إنسحبت آلاء من الغرفة تجر ذيول صدمتها وقهرها من كلامها.. بعد كل ما فعلته لآجلها هكذا تعاملها؟!!
قررت ان تخبر محمد وفعلت ولكن الغريب انه لم يستغرب او حتى يتعجب بل قال انه يتوقع كل شيء من زوجة شقيقه.. بينما بقي غياث مع زهراء وقد تخلى عن قناع القسوة ليهدئها ويدعها تستوعب ان لا شيء بينه وبين آلاء..
ضمها الى صدره متقبلًا إنهيارها الشرس بينما يسمعها تتكلم وتتكلم بغيرة وحقد نتيجة ما تمر به..

إستغرق بعض الوقت حتى هدأت تمامًا ليتحدث معها بهدوء ويجعلها تفهم معنى كلامها واتهامها بهذه البشاعة لآلاء.. بكونها تخون زوجها مع ابن عمها الذي يكون شقيقها!!! وأوضح لها تصرفاتها الخاطئة كما وقد أخبرها انه يتوجب عليها الإعتذار من آلاء على ما فعلته..
رفضت زهراء في البداية الإعتذار بكل استنكار وغيظ الا انها بعد ذلك رضحت لتنزل معه الى الأسفل وتعتذر من آلاء ومحمد الذي كان يجلس بجانبها يخفي قهره وغضبه عن زوجته..

قرر محمد ان يتحدث مع غياث فالإهانات والأضرار صارت تطول زوجته وهو لن يتحمل أي أذى يوجه الى زوجته من أي كان..
كان مغتاظًا منها ومن البلاء الذي أحضره شقيقه عليهم ليؤنبها بضيق شديد لتكرر اعتذارها ثم تصعد برفقة غياث الى الأعلى..
سامحتها آلاء مضطرة فلا تقدر ان تفعل شيئًا آخر معها.. يتوجب عليها تحمل كل ذلك منها الى ان تنتهي هذه المعضلة إما بطلاق غياث وزهراء وإما بتحسن علاقتهما.. وكما يبدو ان الخيار الأول هو الأقرب..

************************
تصرفات زهراء العدائية أخذت تتخد منحنى آخر حيث صارت زهراء تتهم آلاء بعدم طهارتها لأنها كانت تضع طلاءًا على أظافيرها.. وأخذت ترفض تناول الطعام الذي تعده آلاء بل وطلبت منها عدم الإقتراب من كل ما يخصها لأنها تبدو لها بعيدة عن الله ولا تريدها ان تلمس أي شيء خاص بها وتدنسه وحينها فقدت آلاء أعصابها لتخبرها انها من الأساس ليست خادمة لها لتنظف مكانها وتطبخ لها وبدءًا من الآن لن تساعدها بأي شيء وهي آخر من يتكلم عن الطهارة والقرب من الله..
صعد غياث إلى غرفته منهكًا مستنزفًا من تصرفات زهراء.. لقد تعب وبدأ بشعر بالملل من تصرفاتها.. أرادها ان تتغير الى الأحسن حتى تنجح علاقتهما وتستمر.. كان ينوي التغاضي عن كل ما مرت به وفتح صفحة جديدة معها ولكن تصرفاتها كلما تزداد سوءًا سواء معه او مع المحيطين به.. وهو تائه.. ولا يعلم كيف يتصرف بشكل صحيح معها..

لقد مر شهرين على زواجهما ولا تقدم ولا جديد به.. مجرد مشاكل كلما تتزايد وتتعاظم.. فتح باب غرفته ليعقد حاجبيه بتعجب وهو يراها تغلق الهاتف بسرعة شديدة وملامح الهلع والتوتر تنجلي على وجهها..
مع من كانت تتكلم حتى تغلق الخط بمجرد دخوله بهذه الطريقة؟!!
دنى منها متسائلًا بخطورة:
- مع من كنتِ تتحدثين؟

- ليس من شأنك.
ردت زهراء بفظاظة ليتجهم وجهه ويهم بسحب هاتفها بعنف من يدها لتلكمه بجنون على صدره وكتفه وتصيح:
- أعطني هاتفي.. لا يحق لك ان تمسكه.

تجاهلها غياث وهو يفتح هاتفها ليرى مع من كانت تتكلم.. كان رقمًا غريبًا غير مسجل في هاتفها..
بسرعة قبض على ذقنها وزمجر بعصبية:
- هل ستخبرينني مع من كنتِ تتحدثين أم أتصل بنفسي بالرقم لأعرف؟ تكلمي.

- مع رجل!
ردت زهراء بوقاحة غير مكترثة بالعواقب وبما سيحدث.. كل ما يهمها ان تقهره وتؤلمه.. وتحصل على ورقة طلاقها منه! غير ذلك لا يهمها شيئًا..
إحمرت عيناه الخضراوين ليتساءل بصوت مخيف لم يهمها:
- من هو؟

- حبيبي.. الرجل الذي أحبه!
أجابت بإبتسامة متهكمة فحاول غياث ان لا يتسرع.. ربما تقول هذا الكلام لتقهره.. لتنتقم منه وتحرقه..
دفعها عنه بعنف ليتصل بنفس الرقم الذي كانت تتحدث به وهنا كانت الصاعقة للمرة الثالثة.. الصاعقة التي زلزلت قلبه منها هي..
"أنا أحبها وهي تحبني.. انا انتظرك ان تطلقها لأتزوجها"
كان هذا كلام الرجل الذي عرّف عن نفسه بعد استجواب غياث له.. وكانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير وكما يُقال الثالثة ثابتة!!!

ألقى غياث الهاتف بغضب على الأرض وهجم عليها ينوي قتلها بين يديه.. يريد ان يزهق روحها السوداء..ةتخونه؟!!! تخونه بعد كل ما فعله لآجلها وتعترف بكل وقاحة بعشقها لرجلٍ آخر..
كان يضربها بعدم وعي.. يتألم والله وحده يعلم مقدار ألمه.. رباه كم كان مغفلًا.. هو الذي سترها تطعنه برجولته اولًا ثم تنوي سحره ثانيًا ولولا آلاء وأمه لكان مسحورًا وأخيرًا تخونه يا الله!!

صراخها صم أذنيه ولكن لم يكن يرن في إذنيه عدا شيء واحد..
"حبيبي.. انا أحبه.."
هذه الكلمات قتلته.. كل ذلك كان خداعًا وكذبًا.. تزوجته ومنذ البداية كان هذا طريقها.. كل الذي كان مجرد تمثيل.. كل الدموع والأوجاع واالإنهيارات كانت زائفة!!!! فقط حتى يستر عليها.. ليخفي عارها.. وتكون امرأة مطلقة بدلًا ان تكون امرأة ساقطة أمام المجتمع والرجل الذي تحبه وتنوي الزواج به.. كان وسيلة لطمس عارها.. رباه.. كم هو ساذج!! مغفل.. غبي..

دموع القهر تصارع للهطول من عينيه.. لو رأها ميتة أمامه لن يهنأ ويرتاح.. لن يكفيه موتها..
لا يعرف كيف أبعده محمد عنها ومتى أتى ودخل الغرفة من الأساس.. كان يضربها بشكل عشوائي.. يتمزق ويتألم ولا أحد يشعر به..
أغمض عينيه بقوة لاهثًا أنفاسه الثائرة حد الجنون وتطلع اليها بقرف.. ملقية على الأرض كسلة قمامة..
أحس بقرف واشمئزاز من نفسه لأنه وافق على ستر امرأة مثلها لا تستحق الستر.. لأنه شاركها الفراش وكان أبلهًا ليرق قلبه لها ويأمل ان تتحسن وتصبح أفضل..
بصق عليها بإشمئزاز ثم انصاع الى محمد الذي جذبه قسرًا الى خارج الغرفة بينما انهارت هي في بكاء حاد من شدة الألم..

لم يعد يتحمل.. الى هنا وكفى.. إتصل بأهلها ليأتوا بسرعة.. وبالفعل أتوا غاضبين يهددون بتثديم شكوى الى الشرطة لأنه ضرب ابنتهم.. فلم يكن غياث الوحيد الذي اتصل بهم بل كانت زهراء ايضًا التي اتصلت بأهلها باكية تشكو ضربه العنيف لها..
لم تكن تستحق زهراء ان يواري فضيحتها.. قص على أهلها كل شيء بالحرف الواحد.. كل ما حدث.. بداية بمعرفته بعدم عذريتها حتى خيانتها الأخيرة...
- الآن القرار بين يديكم.. هل تريدون ان أطلقها دون ان تأخذ شيئًا غير الأغراض التي أتت بهم الى هذا المنزل أم انكم تريدون الذهاب الى مركز الشرطة وأفضحها وتتطلق دون ان تحصل على أي شيء مني.. القرار لكم، هل تريدون طلاق مع فضيحة او دون فضيحة؟

تابع غياث بقرف وإستحقار:
- يكفي انني سترت عليها.. توقعتها بشر ولكن اكتشفت لو انني أحضرت امرأة من ملهى لي سيكون أشرف لي منها.. كل يوم مشكلة مختلفة.. مرة سحر.. مرى شرف.. مرة تتكلم مع رجل.. ماذا قد أتوقع منها أكثر؟! منذ اليوم الذي تزوجت بهابنتكم لم أعد أعرف الراحة.. بإمكانني ان أدفنها الآن أمامكم ولكن لماذا ألوث يدي بقذارتها؟

- طلّقها.. لا نريد منك أي شيء ولكن نحن نرجوك ان الكلام الذي قيل هنا لا يخرج الى مكان آخر.. هذا رجاءنا الوحيد.
قالوا أهلها ليهتف غياث:
- لا تقلقوا من هذه الناحية.
ثم نظر الى زهراء وقال بإستحقار واشمئزاز:
- انتِ طالق بالثلاثة!

---------------------------
يتبع الخاتمة..

قراءة ممتعة..
مع حبي:
أسيل الباش



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 10:54 AM   #62

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الخاتمة..
وقعت بعشقك ألف مرة ومرة..
كنت آخر من سأحبه يومًا..
ولكن أحببتك..
وضعفت أمام عينيك..
وصرخ قلبي إحتياجًا لحضنك..
حبك كان جبنًا بالنسبة إلي
وما أجمله من جبن!
هشاشتي بين يديك هي قوتي..
وجنون قلبي توقًا لك هو تنفسي..
ما اجمل الحب معك وما أصعبه..
قلبي يكتب شوقًا وحنينًا لك
كالمغترب لوطنه.. وكاليتيم لأهله..
عشقتك وما أجمل عشقك
غريب.. مميز.. يشبهك..

---------------------
"انت طالق بالثلاثة"
بقيت تلك الجملة تتردد في أذنيه..
لقد غادروا جميعهم.. خرجت برفقة حقائبها كلها ولم تترك له شيئًا سوى الذكريات السيئة.. ذكرى أقسى من الثانية..
يا ليته لم يحبها يومًا.. كان غرًّا بكل سهولة لامرأة حقودة استغلالية مثلها..
انحشرت الدموع في مآقيه من شدة قهره وإرتعشت يداه المتشبثتان بمقود السيارة..
منذ سنوات وهو يعيش بخدعة تحت مسمى "حب".. يود ان يصرخ.. ان يصرخ بأعلى صوته من قهره على نفسه.. كيف كان هكذا بحق الله؟!!

هو لم يحبها فقط بل عشقها لدرجة انه كان مستعدًا نسيان ماضيها والإستمرار معها من جديد وكأن شيئًا لم يكن.. لم يقسو عليها الا بعد أفعالها الشنيعة بحقه..
تدحرجت عبرة حارة على خدّه ليمسحها بعنف ثم أوقف سيارته سريعًا على جانب الطريق يتنفس بقوة..
لحظات معدودة بقي هادئًا قبل ان يلكم المقود بأقصى قوته وهو يصيح بقهر:
- لماذااااااااااااا؟! لماذااااااااااااااااا؟!!!!!

أحس بإختناق رهيب يكتم انفاسه ليخرج من السيارة يدور حولها كمن فقد عقله.. رباه الألم! الألم شديد لا يرحم.. يا الله كم يكرهها وكم يكره قلبه الذي أحبها..
لماذا؟ لقد كان يعاملها قبلًا وكأنها ملكة النساء.. لا يبخل عليها بشيء.. لا حب ولا دلال ولا مال.. كل طلباتها أوامر.. سعادتها كانت تهمه اكثر من سعادته.. يحارب ويتحدى الجميع لآجلها.. فلماذا قابلته بالطعن.. لماذا تطعنه مرارًا وتكرارًا؟ لماذا حينما يكون الشخص مخلصًا يُجازى بالطعن والخيانة؟ عجيبة هي البشر!

وصل خبر طلاقه لأهله وأهل العراق وبإتفاقه مع محمد قالا ان زهراء عادت لأعمالها الشيطانية بالسحر والشعوذة ولذلك طلقها.. لم يقل انها خانته أو شيء من هذا القبيل.. وليتخلص من ملاحقة الجميع لمعرفة التفاصيل كان غياث يهرب من نفسه قبلهم ليحجز تذكرة سفر الى اليونان..
كان بحاجة للسفر للتناسي.. ليهرب من الألم والذكريات.. سافر وأغلق هاتفه.. لا يريد سماع أحدًا.. ولا يريد ان يرى أحد انكساره ووجعه..
ولكن ما حدث كان كالوباء ينتشر في جسده.. كلما حاول الابتسام والضحك تلاحقه صورتها التي صارت أقبح ما يكون في نظره.. ولكنه سينساها وكأنها لم تكن.. لا بد ان يفعل مع مرور الوقت..

**************************
قدمت آلاء أوراقها الى الجامعة لتدرس الموضوع الذي تمنته "الهندسة" ومحمد كان أكثر من يشجعها على متابعة دراستها الى النهاية.. لم يكن أبدًا من الأزواج التي تحبط الزوجة ويمنعها عن الدراسة بل كان يشجعها على المزيد والمزيد من التفوق والتألق..
كانت تتألم عحال غياث وحاولت كثيرًا الطبطبة على قلبه المجروح علّه يخف الوجع..

كان واضحًا لها ولمحمد رؤيته يحاول التصرف بطبيعية تامّة أمامهما وأمام الجميع علّه يخفي جرحه فلا يرون مدى الأذى الذي تم الحاقه بروحه وقلبه.. وفي نهاية المطاف سافر ليهرب من الضغوطات والأوجاع التي كان يحياها ولم يعارض أحد.. فهو حقًا بحاجة الى الابتعاد..
بعد سفر غياث أصبح المنزل فارغًا عدا عن وجود محمد وآلاء به وإستمتاعهما بالخصوصية التامة..

في المساء أخبر محمد آلاء ان تنتظره لأنه يريد الحديث معها في موضوع هام بعد ان ينهي مكالمته مع أهله.. كانت آلاء تعلم ان هذا الموضوع الهام ليس إلا درسًا جديدًا بالوقاحة وقلة الادب من قبله.. فإستلقت على السرير وإصطنعت الإستغراق في النوم..
دلف محمد الى الغرفة ليعبس وهو يراها نائمة..
- آلاء.. حبيبتي.. ألم أخبرك ان تنتظريني ولا تنامي لأنني أريد الحديث معك؟ بسرعة نمتِ!

لم تحرك قيد أنملة وكأنها لم تسمعه ولكن حركة رموشها كانت تفضحها.. إبتسم محمد بخبث بعد ان أدرك انها مستيقظة وتصطنع النوم..
بخفة إلتقط كوب الماء البارد الموضوع على المنضدة وألقاه على وجهها.. شهقت آلاء بفزع ونهضت عن السرير تتمتم وتشتمه بكلمات غاضبة بينما محمد يقهقه بصوت عال ليملأ صوت ضحكاته الرجولية الغرفة كلها..
قال محمد ضاحكًا بعبث:
- اذًا تكذبين علي.. عيب كفي عن هذه الأفعال.

هتفت آلاء بغضب ووعيد:
- حسنًا سيد محمد من عيوني سأردها لك وسترى بعينيك.
ضحك محمد وهو يجذبها الى صدره:
- لنرى كيف ستردينها لي يا جميلة.

وبسهولة كان يذيب غضبها بقبلة شغوفة سرقتها من مكانها الى مكان آخر خاص بجنون رجلها..
في الصباح..
إبتسمت آلاء وهي ترى محمد نائم لتداهم عقلها فكرة شيطانية حتى تنتقم منه وتبرد حرارة قلبها..
دست نفسها بحضنه لتنشر قبلاتها على وجهه بينما تهمس بصوت مغري:
- حبيبي.. حياتي صباح الخير.

تململ محمد دون ان يفتح عينيه وغمغم إثر النعاس:
- هذا حلم أم حقيقة؟
إبتسمت آلاء بدهاء وقبلته بالقرب من ثغره وهمست بصوت أشد تأثيرًا عليه:
- انظر حبيبي بنفسك.

- أخشى ان أفتح عيناي.
دمدم بصوت أجش بسبب النعاس والمشاعر التي انتابته فمررت يدها على ذقنه وقالت:
- حقيقة يا قلبي.. استيقظ.

- اذًا دعيني مستمتع وبعد ذلك سأفتح عيناي.
غمغم برضى وانتشاء لتسحب آلاء كوب الماء التي سبق وجهزته حتى تلقيه عليه.. وبتشفي كانت تسكبه على وجهه لينتفض بعنف فتقفز آلاء سريعًا لتقف بجانب الجهة الاخرى من السرير هاربة من نوبة الجنون التي انتابته..
ضحكت آلاء بجنون وهي تراه يصرخ ويسب بغضب وعصبية.. فحدجها بنظرة غاضبة وهدر:
- هل انا متزوج من طفلة؟!! ما هذه الحقارة؟ ما تصرفات الأطفال هذه؟!!!

لم ترد آلاء عليه سوى بضحكاتها العالية التي لم تتمكن من السيطرة عليها البتة..
هتف محمد بوعيد، مغتاظًا من ضحكاتها:
- انتِ التي بدأتِ.. تحملي اذًا.
- بل انت الذي بدأ.. وما فعلته انا رد فعل فقط ومن ثم هذه مجرد مياه لن تفعل لك شيئًا.. ألم يكن هذا كلامك؟
قالت آلاء متخصرة بإستنكار وحنق طفولي لينظر محمد اليها بغيظ ويهتف بهدوء حاد:
- آلاء الى الخارج قبل أن أمسكك وأجعلك ترددين انا أسفة وانت تدورين حول نفسك دون وعي.. اخرجي من الغرفة.

ردت آلاء كاتمة ضحكتها لتثير استفزازه أكثر:
- هذا جزاء الذي يوقظك لتعرف اذا كان حلمًا أم حقيقة!
صاح محمد بغضب مضحك:
- هيّا اخرجي من هنا.. ليلعن الله الساعة السوداء التي تزوجتك بها.. متزوج من طفلة لا امرأة كبيرة وواعية.
- حسنًا حياتي إذهب لتتابع نومك.
قالت آلاء ضاحكة وخرجت من الغرفة بإستمتاع شديد لتسمع صوت إرتطام شيئًا ما بالأرض.. هزت رأسها بأسف مصطنع دون ان تفارق الإبتسامة ثغرها..

ظهرًا..
وقفت آلاء في المطبخ تعد الغداء.. منذ ما حدث لم ينزل محمد من الغرفة وهي لم تتجرأ لتصعد اليه بعد ما فعلته..
أحست فجأة بيدين محمد تحاوطان خصرها وتقربها الى صدره.. أطفأ محمد نار الغاز ثم دس رأسه في عنقها يلثمه بقبلات ناعمة بينما يهمس:
- أين يوجد فتاة بهذا الطول وهذا الحجم تقف وتطبخ؟!

غمغمت آلاء بتوتر:
- محمد ابتعد عني.. لا يصح ذلك.. لم أعد أستطيع التركيز.
- هذا المطلوب يا قلبي.. كيف أهون عليك وتفعلين بي كل ذلك صباحًا؟
غمغم وهو يديرها اليه ليرفعها ويضعها على مصطبة موجودة في المطبخ لتعترض آلاء:
- الطعام!

- لا يهمني الطعام يا قلبي.. انا اطفأت الغاز.
قال دون مبالاة قبل ان ينحني ليقبلها لتتساءل آلاء محاولة نفض المشاعر التي يثيرها بها هذا الرجل بلمساته:
- ماذا هناك؟

- مشتاق اليك.
رد محمد بنبرة عاشقة أذابت أوصالها لتتفاعل مع قبلاته وغزله وجنون لمساته التائقة لها وتذوب تحت يديه كما تذوب الشمعة فور ان تطئها النار..
إبتعد محمد عنها ضاحكًا فجأة بعد ان جعلها منصهرة تمامًا بما فعله..
تساءل محمد بخبث:
- ماذا هناك حبيبتي؟ اصبحت ضعيفة لا تتحملين.. من مجرد قبلة تذوبين وتصبحين تريدين اشياء سافلة.. اكملي الغداء نحن جائعان.

حدقت آلاء به بصدمة ثم سرعان ما هتفت:
- أتردها لي يعني؟
إبتسم بتفاخر وقال بتحذير:
- آجل.. وجربي ان تعيدي فعلتك.. وهيا انا جائع تابعي عملك.
وخرج من المطبخ وهو يبتسم لتشتمه آلاء بحنق.. رباه الحقير!!!

**************************
بعد شهر..
عاد غياث وأخويه الصغيرين من السفر.. وإحتد ضيق محمد من الوضع برمته.. زوجته هنا تهلك في أعمال المنزل.. وبوجود الجميع لا يستطيع ان يتصرف بخصوصية معها.. يرغب بالعودة الى شقتهما القديمة ولكنه يعلم انها محال ان توافق بسهولة أو قد لا توافق ابدًا..
تحدث محمد معها بالنسبة لموضوع عودتهما الى الشقة لترفض رفضًا قاطعًا.. لن تتحمل العودة الى تلك الشقة.. كل ذكرياتها السيئة مع محمد موجودة بها.. كيف ستبقى لوحدها بتلك الشقة بعد ذهابه الى عمله؟ ستكتئب.. وهي من الأساس منذ اجهاضها وهي تمر بفترة اكتئاب تحاول ان تتخطاها والتمثيل انها بخير قسرًا.. أيريدها ان تعود الى نقطة الصفر؟

وعدها محمد ان تبدأ بالعمل معه كي لا تبقى في الشقة لوحدها ولكنها كانت مرتعبة.. مرتعبة من الماضي الذي يطاردها حتى هذه اللحظة مهما تصنعت النسيان..
إنقبض قلبها وهي تدخل الى الشقة برفقته.. أغمضت عينيها بخوف رهيب وضياع أشد..
ألف قصة وألف صورة وألف شعور يداهمها..
لقد ضغط عليها كثيرًا.. ضغط عليها بحزنه منها وغضبه حتى توافق ان تعود معه الى هذه الشقة..

- أنرتِ البيت بوجودك يا قلبي.
غمغم محمد بإبتسامة لتتجاهل الرد عليه فتنهد وقال بصدق:
- صدقيني هذا الأفضل لك قبل ان يكون لي.. نحن تعبنا في منزل أهلي وانت كل أعمال المنزل ملقية على عاتقك.. فلماذا تتحملين كل ذلك ما دام لديك منزلًا يستقبلك برحب الصدر؟

هتفت آلاء بضيق:
- انهض وافتح النوافذ لأن المكان كاتم للأنفاس بصراحة.
ضحك محمد ثم اومأ بإنصياع قبل ان يبدأ كلاهما بالتنظيف..
مشاعرها غريبة متخبطة.. لا تحتمل عودتها الى الشقة التي تجاور كريس وليبان ولا تحتمل ذكريات هذه الشقة القاسية.. كانت تتهرب بعينيها من كل زاوية شاهدت على أقسى لحظاتها.. أما غرفتهما فلم تجد القوة حتى تطئها قدميها..

أغمضت عينيها بقوة حالما أخبرها محمد ان تدخل لترتب ملابسها في الدولاب.. إرتشعت شفتيها وهي تنظر الى السرير.. على الرغم من كون محمد قد غيّر أثاث الشقة برمته ولكن تبقى الذكرى القاسية.. في هذه الغرفة تألمت وبكت.. وبسبب هذه الغرفة تم التشفي بها والإستهزاء من انكسارها.. وبسبب هذه الغرفة تألمت لأشهر وهي تعتقد انه خانها حتى شمت بها الكثير.. آه كم تألمت في هذه الشقة..

جلست على الأرض بجانب حقيبتها المفتوحة لترتعش شفتيها بألم..
ولج محمد الى الغرفة راغبًا بالإطمئنان عليها لمعرفته صعوبة الأمر عليها ولكنه مجبرًا ان يفعل ذلك لآجلها.. يريدها ان تتجاوز الماضي.. يريد ان يحذف كل الذكريات السيئة من عقلها في كل مكان ويبدلها بأخرى جميلة..
- آلاء.. هل انتِ بخير؟
تساءل محمد بقلق.. وكأن سؤاله شجعها لتجهش ببكاء عنيف طال كبته.. تطلعت إليه بلوم وهمست بإنكسار:
- لماذا محمد؟

أنهضها محمد سريعًا عن الأرض وأخبرها ان تبدل ثيابها ليخرجا وبالفعل خرجا وأخذها محمد الى العاصمة بروكسل، وتحديدًا الى مدينة الملاهي لأن هذا هو المكان الوحيد الذي يسعدها وينسيها أوجاعها..
بعد ان عادا الى الشقة رفضت آلاء النوم في الغرفة ورغم حنق محمد من عنادها وإصرارها الا انه وافقها على النوم في الصالة الى ان تتقبل وجودها في الشقة شيئًا فشيئًا..

تململت على صدره وهي تفكر بالذي مضى.. تشعر ان كل الماضي قد حدث البارحة وهي اليوم عادت الى هذا المكان ولكن العجيب ان هناك إحساس مطمئن في ثناياها يخبرها ان ما مضى قد غادر الى الأبد.. او شعورها الأقرب والأدق انها تحس ان الذي مضى وكأنه لم يكن!! مشاعرها غريبة جدًا ومتفاوتة.. تارةً تشعر ان هذا المكان بمثابة سجنها وتارةً أخرى تشعر بالإنتماء اليه وكأنه مكانها منذ الأزل.. واحيانًا تشعر به مكان جديد تمامًا عليها..

***********************
بعد مرور اربعة ايام على عودتهما الى الشقة..
قرر محمد ان ينهي خوف آلاء من هذا المكان.. أخبرها ان ترتدي قميصًا أبيض اللون وان تجهز نفسها ريثما ينتهي من تحضير الصالة..
إرتدت قميصًا ابيض اللون كما طلب ووضعت أحمر شفاه صارخ مع القليل من الكحل واكتفت بوضع بعض العطر أما شعرها فقد تركته حرًّا طليقًا..
خرجت من الغرفة لتبتسم وهي ترى الجلسة الأرضية التي أعدها محمد.. بطانية رمادية تفترش الأرض والكثير من الوسائد عليها بينما العديد من الأطباق المختلقة التي قام بتحضيرها بنفسه تفترش الأرض أمام الوسائد.. مكسرات، حلويات، بطيخ وعصائر... والكثير من الشموع منتشرة بين كل هذه الأطباق والوسائد..

أطلق محمد صفيرًا عاليًا وغمغم:
- ستدمرين مخططاتي بجمالك هذا.
- لم أفعل شيئًا.
همست آلاء برقة ليتنهد بهيام:
- هذه هي المصيبة.. كلما تحاولين ان تفعلي اشياءًا بسيطة تفقدينني صوابي أكثر.. انت ترينها اشياء عادية ولا معنى لها ولكنها ليس كذلك بالنسبة لي.

إبتسمت آلاء وعلقت:
- الجلسة جميلة.
- أليست أجمل من الجلسات في الخارج؟ انتظري لحظة.
وضع محمد موسيقى هادئة وأردف برقة وهو يمد يده لها:
- نحن لم نرقص على موسيقى كهذه منذ حفل زفافنا.. والليلة انت عروس وأجمل عروس.

تحركت بتناغم مع حركاته الراقصة التي تحركها كما تشاء.. تساءل محمد بلهفة:
- ما هو رأيك حبيبتي؟
- كل شيء جميل وأكثر من رائع.. شكرًا حبيبي.
همست بنعومة ليقول بحنق بينما يتطلع الى شفتيها الممتلئتين:
- لا اريد ان أدمر احمر شفاهك.. اللون جميل جدًا.

- اذًا لا تدمرها.
ضحكت آلاء قائلة فهتف بمرح:
- تعلمت السخافة منك في مواقف كهذه.
ثم أضاف بجدية:
- اليوم أريد ان ابدأ معك بالشكل الصحيح.

حدقت آلاء به بإستغراب ليجذبها برفق حتى تجلس بجواره واسترسل:
- لماذا انت مستغربة؟ أنا اريد ان ابدأ معك بشكل صحيح في هذا المكان الذي دخلنا إليه منذ البداية بصورة خاطئة.. بدأنا بشكل خطأ ثم المزيد والمزيد من الأخطاء لدرجة انك اصبحت رافضة التواجد في هذا المكان وما عدتِ تتقبلينه.. بل وأصبحت تخافين من البقاء معي لوحدك في هذا المكان.

تطلع محمد الى أمواج العسل الهائجة في عينيها لتعكس نظرته صدق نبرته..
- أما بالنسبة إلي فأنا احب هذا المكان جدًا لأنني رأيتك به بكل حالاتك.. حينما كرهتيني.. حينما أحببتيني.. بإستعطافك معي.. وانت كذلك رأيتيني في كل حالاتي.. ورأيتِ كل شيء مني هنا.. نحن الإثنان تجردنا من مظهرنا الخارجي وكشفنا دواخلنا من شر وطيبة وهدوء وجنون.. احيانًا بشكل خاطئ واحيانًا بشكل صحيح.. الأشياء السيئة لا أريد ان انساها بقدر ما أريد التعلم منها.. وكذلك انت تعلمي منها بدلًا من هروبك منها.

هتف محمد بهدوء:
- انا لماذا احضرتك الى هناك؟ ليس فقط لآجل خصوصيتنا وراحتنا بل كي نغلق المواضيع القديمة نهائيًا.. انا لا زلت لا اعتبر نفسي تصالحت معك بعودتنا الى منزل أهلي.. بقي شيء ما مكسور في أعماقي الى أن عدنا الى هنا.. ونفورك ليلة البارحة مني حينما أخذت حقي أثبت لي ان الخطوة التي إتخذتها صحيحة وصائبة.. كان يجب ان ننهي كل شيء بيننا بعيدًا عن أهلنا وقائمة الشروط السخيفة والقواعد التافهة.. أعلم انني أذيتك كثيرًا وأي امرأة غيرك كانت هجرتني وما بقيت معي ولو دقيقة واحدة ولكن في المقابل انت لم تقصري معي.. كنت تقطعين الخيط الرفيع الموجود في عقلي وتفقدينني رشدي لأنك تعلمين كم أحبك.. كنت تستغلين هذا الشيء وتضغطين علي به.

أحاط محمد خدّها الناعم بكفه وقال بجدية:
- أنا لا ألومك يا آلاء ولا ألوم نفسي لأن كلانا كنا مجانين ولا نعرف أطباع بعضنا في البداية.. انا فقط كنت أود السيطرة عليك وانت من المستحيل ان يسيطر عليك أحد.. كنت كلما أعتقد انني سيطرت عليك تأتين لي بشيء جديد الى ان حفظتك وعرفتك كما أعرف نفسي وأسمي.. تعذبنا كثيرًا لأنك كنت مثلي لا تعرفينني ولا تفهمينني بشكل جيد.. لم تكوني تعرفي أطباعي ورأسك كان يابسًا ولا تقبلين ان يفرض أحد سيطرته عليك الا اذا حاول بأسلوب مختلف لين.. المهم الآن يا لولتي إننا يجب ان نفتح صفحة جديدة في هذا المكان بعيدًا عن المشاكل ووجع الرأس.

وافقته آلاء القول:
- أوافقك الرأي بكل كلمة قلتها واعلم كل ذلك مسبقًا.
إبتسم محمد وهمس بصوت حنون:
- حسنًا اذًا يا قلبي.. أعدك ان اجعلك تنسين كل ذكرى سيئة حدثت في هذه الشقة واتمنى ان تساعديني بذلك.
اومأت آلاء ليدنو بوجهه من وجهها ويأسر بشفتيه شفتيها اللتين سحرتاه بلونهما الجميل.. أسند جبينه على جبينها لتتحد أنفاسهما اللاهثة بينما يهمس:
- مع ان يعجبني شكلها ولكن مذاقها طيب.. كنت سأموت حتى أتذوقها.

- ما هي؟
تساءلت آلاء ليرد ضاحكًا:
- أحمر الشفاه حبيبتي.
ثم قبلها مرة أخرى وأخرى وقبلات محمد لا تنتهي ابدًا.. في كل مكان وكل زمان.. عاطفة متقدة لا تخمد الا في بعدها عنه.. وتهوج وتثور في قربه منها..

**************************
تنهدت آلاء وهي تقرأ رسالة كريس التي وصلتها صباح اليوم.. لقد تفاجأت من الأساس من صمته طيلة فترة وجودها في الشقة وشكرت الله اعتقادًا انه ما عاد يفكر بها او يهتم لوجودها في الشقة المجاورة له..
"لا تعلمين كم هو صعب الصراع الذي بداخلي.. أريدك قريبة مني وبنفس الوقت أريد بعيدة جدًا"

لم يكتفي كريس بهذه الرسالة.. بل أرسل لها المزيد..
"أريدك فقط ان تعلمي انني سأبقى أحبك الى الأبد.. ومشاعري تجاهك لن تتغير في يوم من الأيام.. و لكنني أعلم انك تحبين محمد ولن ألومك وبالمقابل لا تلوميني.. فكما قلبك ملكك ولا تستطيعين التحكم بمشاعرك، قلبي ملكي ولا سيطرة لي على مشاعري تجاهك"

أغمضت عينيها بتعب.. حب كريس لها عجيب نادر.. تمنت سابقًا اكثر من مرة ان يكون مسلمًا لتتمكن من مبادلته حبه (في فترة طلاقها من محمد).. ولكنه رجل أجنبي وسبيل وصوله اليها مسدود وهي تعشق محمد ومحال ان تتخيل نفسها مع غيره..
وصلتها رسالة ثالثة منه..
"رغم غيرتي من محمد لأنه سرق قلبك ونال على حبك الا انني أتمنى لكما السعادة.. ولكن أريدك ان تعرفي ان ابنتي في المستقبل ستتزوج من ابنك.. الشاب العربي أسهل عليه الزواج من فتاة أجنبية.. سأدع ابنتي تحقق حلمي بك"

تألم قلبها على حاله.. كريس يحبها جدًا.. يحبها بطريقة مميزة للغاية.. وحبه مليء بالمغريات التي تجعل كل فتاة غيرها تتمناه.. ولكن هذا هو النصيب وهذا اهو القدر.. محمد قدرها وهي قدره..
لم يهن على قلبها تجاهله وعدم الرد عليه فهي لم ولن تنسى ابدًا عدد المرات التي سندها لها ودعمها بأشد لحظاتها ضعفًا وإنهيارًا..

كتبت له بمشاعر صادقة..
"كريس.. اتمنى ان تجد فتاة تجعلك تنساني بأسرع وقت وتحبها وتحبك.. تأكد انك تستحق الأفضل.. وستجد من هي أفضل مني.. انا واثقة.. اما بالنسبة لكلامك عن الأولاد فدعهم يأتون اولًا وبعد ذلك سنرى ما سيحدث.. وطلب أخير أرجوك لا ترسل لي المزيد من الرسائل..
دمتَ بخير صديقي"

تنهدت آلاء بقوة وهي تتمنى ان ينفذ كلامها بالفعل فلا تريد لقلبه ان يبقى مربوطًا بأسم امرأة من المستحيل ان تكون له.. هذا الحب لن يجلب له سوى الألم وهي لا تريده ان يتأذى بسببها..
تطلعت الى ساعة يدها.. عليها الذهاب الآن الى موعدها مع الطبيب يوسف لمتابعة حالة صدرها.. كم تمقت كريم الذي بسببه تعاني هكذا من رئتيها.. فبعد فراقهما تأثرت صحتها بسبب حالتها النفسية.. ومرضت حينها لتنزل الحرارة الى رئتيها وتسبب لها كل هذه المشاكل التي تعاني منها حتى هذه اللحظة..

انتظرت دورها حتى تدخل اليه.. كانت تود ان يرافقها محمد ولكن ديه محكمة وأخويها في عملهما.. فلا بد ان تواجه هذه المرة يوسف لوحدها..
دلفت الى غرفته الطبية الخاصة ليتطلع اليها بنظرة مختلفة.. ليست خبث وقسوة كما كانت تعتاد منه.. بل نظرة هادئة..
- مرحبا.
غمغمت آلاء بهدوء ليرد السلام ثم يسألها بطريقة عملية عن حالها ووضعها الصحي قبل ان يباشر بفحصها ويقول:
- جيد أفضل.. هناك تحسن بعض الشيء.. استمري هكذا.

اومأت آلاء تخفي ضيقها من تواجدها معه في نفس المكان لوحدهما لينظر اليها للحظات ويقول بهدوء:
- لا داعي لهذا التوتر والضيق.. نحن في النهاية عائلة واصدقاء كما قلت لك مسبقًا.
تجاهلت آلاء الرد عليه ليردف:
- انا فكرت بكلامك.
عقدت حاجبيها بعدم فهم ليتابع بدعابة غريب بالنسبة لشخصيته الجادة الهادئة معظم الوقت:
- وفي المقابل اذا وجدتِ فتاة جميلة مثلك اخبريني عنها لأحاول معها لعلّها تكون لي.

إبتسمت آلاء براحة وهي تفكر ان هذا اليوم كل المعجبين يرفعون ايديهم بإستسلام ويذهبون في حال سبيلهم:
- ان شاء الله.. سأفعل.
ثم نهضت ليقول بجدية:
- سأغير لك الآن الدواء وفي حال شعرتِ بالتعب وانك لست بخير اتصلي بي.
اومأت بطاعة ثم اخذت الوصفة الطبية منه والقت تحية السلام وغادرت وهي تبتسم.. هذا اليوم يبدو صدقًا جميلًا ومريحًا للأعصاب..

************************
استهلت تجهيزات محمد وآلاء للإنتقال الى بيتهما الجديد الذي إكتمل تمامًا بعد قضاءهما الشهر السابق في شقتهما التي كانت ذات مرة تحمل أقسى الذكريات وأصعبها ليقلب محمد تلك الذكريات الى أحلاها وأسعدها.. شهر مفعم بالأحداث الرومانسية..
أما بالنسبة لغياث فبؤرة ضياعه إزدادت.. والمتاهة العميقة غاص بها أكثر وأكثر.. ما عاد غياث نفسه صاحب الإبتسامة الصادقة.. تمكنت زهراء من تشويه روحه المرحة اللطيفة..

قرر غياث دون ان يهتم لإعتراض أمه وقلقها عليه ان ينتقل الى شقة بعيدة عنهم بعض الشيء في المدينة ليعيش لوحده.. مهما حاول محمد وآلاء وغيرهما التحدث معه الألم ما كان يخف.. ما كان يترك له نفسًا..
أغمض عينيه بقوة.. لا يريد تذكر المزيد.. عليه مساعدة شقيقه بالإنتقال الى بيته الجديد..
إبتسمت آلاء بسعادة رغم التعب الواضح على ملامح وجهها فالمنزل كبير جدًا مكون من ثلاثة طوابق وحديقة وموقف للسيارات.. وتنظيفه وترتيب الأغراض به ليس بالأمر الهين.. رغم مساعدة أمها ونساء شقيقيها ومحمد لها الا ان تنظيف المنزل مع ترتيب الأغراض إستغرق خمسة أيام..

تذكرت آلاء عيد ميلاد محمد الذي قضياه في الشقة.. لقد إحتفلت بعيد ميلاده وإشترت له هدية عبارة عن ساعة يدوثية وبدلة كاملة باللون الأسود يستطيع الذهاب بها الى المحكمة.. حينها شكرها محمد كثيرًا على الهدية وعلى الأجواء الرومانسية التي أعدتها لآجله وقال لها بحب
"انا سعيد فقط بكل هذه الأشياء لأنها منك.. كل يوم اكون به معك انا أولد من جديد.. انت أجمل هدية أعطاها لي ربي.. ولو كان هناك كلمة تصف حبي لك غير اعشقك لقلتها.. أحبك كثيرًا يا آلاء"

**********************
بعد ان اقتربت ذكرى عيد زواجهما.. كانت تنتظر بترقب ماذا سيحضر محمد لها ليخبرها بتجهم ان تنسى تاريخ زواجهما ذلك.. بالنسبة له حفل زفافهما كان بعد ان غفرت له حماقته ورضت ان تكون له بإرادتها.. هذا هو تاريخ يوم حفل زفافهما الذي يجب ان يكون له ولها..

حديقة المنزل مليئة بالعمال وشباب العائلة.. جميعهم يعملون منذ الصباح الباكر بإشراف محمد بينما هي في الأعلى مع النساء يتطلعن الى خبيرة التجميل التي أحضرها محمد لآجل آلاء حتى تهتم بها وتقوم بتجهيزها للحفل..
قامت شقيقته ميار بلف الحجاب لآلاء بطريقة ناعمة جميلة.. وبعد ان انتهت آلاء من تجهيز نفسها وقفت قبالة المرآة تتأمل نفسها ببهجة..

انتظرت ان يدخل محمد اليها ليراها بلهفة.. ربما فور ان تراه ستقفز الى حضنه وتقبله بجنون..
مرت عدة دقائق قبل ان يدخل محمد وتسبقه اليها نظراته العاشقة وعطره الذي ينعش دقات قلبها ويجعلها تخفق بجنون..
تأملته بإنبهار لا يقتل عن إنبهاره بطلتها الملائكية.. بدت كحورية من الجنة.. ملتفة بالأبيض من أخمص قدميها حتى أشهق رأسها.. وتلك الإبتسامة التي تهبها له بكل سخاء وحب تفاقم من جمال طلتها الملائكية..
فستان الزفاف كان ناعمًا وبسيطًا في الوقت عينه.. يحدد مفاتن جسدها وينتهي بذيل طويل.. بينما أكمام الفستان كانت من الدانتيل ولحجابها كان حكاية مختلفة.. هالة ملائكية تشع نورًا فوق نورها..

إقترب منها مأخوذًا بجمالها وبراءتها السائلة من عينيها الكحيلتين واللامعتين كالعسل..
قبل رأسها وقال ضاحكًا:
- سأتصرف كأي عريس وأقبل رأسك اولًا ثم يدك.
أنهى كلامه بجذبه ليدها ليقبل باطنها.. وغمغم بحب:
- مبروك يا عروس.

إبتسمت آلاء بخجل ثم وقفت على أطراف قدميها رغم إرتداء الكعب العال وعانقته بقوة هامسة:
- شكرًا حبيبي.. أحبك كثيرًا كثيرًا.
ضمها محمد اليه بقوة أكبر وكأنه يود دفنها في قلبه ليضخها مع دمائه فتنتشر في كل جسده..
أبعدها عنها برفق دون ان يحررها ليتوسم النظر بوجهها المليح فتردف:
- تبدو وسيمًا جدًا.

بدلته كانت كلها سوداء.. حتى رابطة العنق خاصته كانت سوداء لتمنحه طلّة رجولية ساحرة..
- عينيك الجميلتين أجمل بكثير مما تراه.
رد محمد بإبتسامة قبل ان يحني رأسه ليقبلها قبلة طويلة بادلته إياها بقوة مشاعرها التي تحملها له وحده..
قال محمد بعبث بعد ان ابتعد عنها حتى تلتقط أنفاسها:
- ما رأيك ان ندعهم لوحدهم في الأسفل ونتابع نحن حفل زفافنا هنا؟

ضربته آلاء بخفة على صدره زاجرة:
- محمد!!!! هيّا لننزل.
- امري لله.. سأصبر واتحمل عدة ساعات.
قال ضاحكًا ثم دس أصابعه بين أصابعها الصغيرة الرقيقة وأضاف:
- هيّا حبيبتي.

نزلت آلاء برفقته الى الأسفل تجول بنظراتها حولها بإبتسامة جميلة ليتعالى التصفير والتصفيق الحار إستقبالًا لهما..
الحديقة كانت مزينة بطريقة جميلة كلاسيكية وكأنه حفل زفاف غربي.. البالونات البيضاء والفضية تملأ أرضية الحديقة بطريقة عشوائية والأزهار البيضاء والحمراء المزينة لهما بشكل خاص سرقت قلبها.. الطاولات كانت مزخرفة بالشراشف البيضاء الناعمة بينما تحمل أشهى أطباق الطعام.. وعلى زاوية جانبية كانت تقف فرقة موسيقية تعزف الألحان الرومانسية..
العائلة كلها كانت موجودة بالإضافة الى بعض الأصدقاء..

سلّمت آلاء على بعض الحضور قبل ان يحيط محمد خصرها بذراعه ويتوجه الى المكان الذي تمّ إعداده خصيصًا لهما..
غمغمت آلاء دون ان تعرف كيف تعبر عن المشاعر الهائجة بأعماقها:
- محمد.. انا لا أعرف كيف أشكرك.. ولكنني سعيدة جدًا.

إبتسم محمد لها وغمز لها بوقاحة قائلًا:
- ستشكرينني بعد عدة ساعات بالطريقة التي أحبها.
إحمرت وجنتاها وإبتسمت دون ان تعلق ليستأنف:
- لم أنسى جلسة التصوير التي صدعتِ رأسي بها فيما سبق لأنني مزقت ألبوم الصور.. لنتصور الآن يا قلبي كما تريدين.

أشار محمد بيده الى شقيقه غياث الذي إقترب منه هاتفًا بإبتسامة صادقة:
- ها يا عريس ماذا تريد؟
- المصور.. اين هو؟
تساءل محمد ليضحك غياث مجيبًا:
- يلتقط الصور لإيلام وعبير وابنتهما.

هتف محمد بغيظ:
- أيدلل زوجته وابنته على حسابي؟.. أحضر لي المصور وليذهب ويتصور مع عائلته في مكان آخر.
ضحك غياث وآلاء ثم خلال عدة دقائق كان المصور يلتقط لهما العديد من الصور أمام نظرات الجميع.. فمنذ متى يهتم محمد لنظرات الذين حوله بتعبير عن مشاعره العاشقة لزوجته؟
تبرطمت عبير وهي تطالع العروسين لتهتف بغيظ لإيلام:
- تعلم من شقيقي.. لقد إقترب عيد زواجنا على أي حال واذا لم تفعل لي كما فعل محمد لآلاء لا تريني وجهك اطلاقًا.

ضحك إيلام مثيرًا إستفزازها:
- أختي عروس طيلة الوقت بينما انتِ...
حدجته بنظرة عصبية جعلته يصمت ويردف ضاحكًا:
- بينما انتِ عروس كل ثانية.

- فقط بالعين الحمراء تمشي.
علق محمود بمرح وهو يضم زوجته من كتفيها اليه ليقول ايلام:
- ما باليد حيلة وإلا أعلم مصيري الليلة أين سيكون.
ضحكت محمود بينما نكزت عبير زوجها بغضب وحملت ابنتها وسارت تجاه امها التي تجلس مع الكبار.. قالت صفاء لسميرة التي تجلس بجوارها:
- ألا ترين ان ابنك يبالغ قليلًا فيما فعله لآلاء؟ عسى ولعل يفيد كل ذلك معها وتكون تستحق حب ابنك.

تنهدت سميرة رغم غيرتها الأمومية من عشق ابنها لإبنة أختها الى هذا الحد:
- ليوفقهما الله ويرزقهما بالذرية الصالحة.. هذا ما اتمناه.. طالما هي تسعد إبني وحياتهما جيدة فليفعل لها ماذا تريد.
زمت صفاء شفتيها من رد سميرة الغير متوقع وإكتفت بالمشاهدة..

بعد ان انتهت جلسة التصور الخاصة بمحمد وآلاء جذب محمد زوجته الى منتصف الحديقة ليرقص معها رقصة رومانسية خاصة لهما بينما المصور يستمر بإلتقاط المزيد من الصور لهم وللحفل كله..
حدق ضرغام بهما.. يرى انسجامهما وعشقهما الواضح بعينيهما.. كم يحسد محمد وكم يتمنى ان يكون مكانه!! هو سرقها منه ولكنها راضية ولا تريد احدًا غير محمد.. يعلم ان محمد لن يتخلى عنها وبالتالي لن تكون له اطلاقًا.. عليه ان يحاول نسيانها بصديقته الهولندية التي صارت تشغل معظم وقته وتلهيه عن التفكير بآلاء..

أخيرًا..
بعد عدة ساعات كان حفل عيد الزواج ينتهي ليبدأ الجميع بالمغادرة وتبقى العائلة التي بقيت لآجل التنظيفات والترتيبات بإشراف غياث كما طلب منه محمد..
دخل محمد برفقة آلاء الى منزلهما ليتوقف لثانية قبل ان تتفاجأ آلاء به يحملها..
شهقت آلاء بتفاجؤ وغمغمت بعتاب بينما تحيط عنقه بذراعيها:
- لقد أرعبتني.. أخبرني انك ستحملني.

صعد محمد الى غرفتهما حاملًا إياها..
- أردتك ان تدخلي كأي عروس الى غرفة نومها.
- أحبك.
همست آلاء بحب ليرد بعشق:
- وانا أكثر.. هيّا يا روحي دعيني أساعدك بنزع الفستان حتى تستحمين.
ساعدها بفتح سحاب الفستان ثم ناولها كيسًا يبدو من مكان غالٍ واسترسل:
- ارتدي ما يوجد داخله.

اومأت آلاء بإبتسامة وإنسحبت من أمامه..
زمجرت دقات قلبها بثوران وهي تتأمل قميص النوم الذي إشتراه محمد لها.. كان ابيض اللون ناعمًا كالحرير لا يستر الا القليل جدًا من مفاتن جسدها..
رباه هي تشعر بالتوتر وكأن حقًا هذه هي ليلة زفافها.. تضرجت وجنتيها بحمرة قانية وهي تعود الى الغرفة حافية القدمين مرتدية قميص النوم الأبيض الساحر..

كان محمد يقف في الغرفة يدخن بالقرب من الشباك.. عاري الصدر ولا يرتدي الا شورت قصير بينما شعره مبلل ببعض قطرات الماء لتدرك انه إستحم في الحمام الموجود في الطابق الثالث..
إستدار محمد ليتطلع اليها حالما شعر بوجودها ليكتم أنفاسه من شدة جمالها في عينيه..
دنى منها وكأنها مغناطيس تجذبه اليها بكل سهولة.. وعيناه تلتهمانها قبل ان يلمسها حتى..
غمغم بصوت أجش وهو يرفع وجهها الأحمر من شدة الخجل اليه:
- أخبريني فقط متى سترحمين قلبي؟ لا أستطيع ان أحبك أكثر!

اختبأت آلاء من نظراته التي تود إفتراسها بحضنه لتهمس بصوت مبحوح:
- أحبك!
ابتسم محمد برضى.. بشعور أشبه بالتخمة.. ها هي الآن تعشقه بعد ان كانت تبغضه وتنفر منه.. تعشقه بعد ان حاولت مرارًا وتكرارًا ابعاده عنها بشتى الطرق..
قال محمد بوقاحته المعهودة:
- الليلة ليلتك يا عروس لن تنامي منذ الآن على صدري.. عليك واجبات يجب ان تقومي بها وتردي لي الدين وبعد ذلك صدره سيكون وسادة لك.

تبرمت آلاء بيأس فوقاحة زوجها لا حد لها.. لن تقل ابدًا في يوم من الأيام.. متى سيتأدب لا تعلم!!
بإستمتاع بقيت واضعة رأسها على صدره تستمع الى دقات قلبه الصاخبة التي تشابه بجنونها دقات قلبها..
إبتعدت لتحيط عنقه بذراعيها ورفعت جسدها لتقبله بعاطفة تعلمتها على يده هو.. ثم همست بنعومة:
- انا كلّي لك حبيبي.. الليلة وكل ليلة!
وهنا غادر العقل جسد محمد ليقوده جنون العشق وهو يبثها مشاعره وغرامه..

************************
لقد تزوجت.. تزوجت زهراء فور انتهاء عدّة الطلاق! بهذه السهولة تزوجت ودلفت الى حياة جديدة وكأنها لم تدمر حياته.. أحس بجمر يكوي أحشاءه من الغضب والإختناق.. لم يغار فإنسانة رخيصة مثلها حسب نظره لا تستحق ان يغار عليها أحد.. لا تستحق أي مشاعر حب أو تقدير..
اللعينة.. رباه كم يكرهها! يكرهها بجنون.. ولو رآها ميتة تحت قدميه لن تهتز شعرة بجسده..

ما يثير استغرابه انها تزوجت من ابن عمها لا من ذلك الوضيع التي خانته معه..
لقد عرف صدفة انها تزوجت.. لا هو كاذب.. كان يلاحق أخبارها لا يعرف لماذا؟ بكل غباء كان يود معرفة المزيد من أخبارها.. ربما لتلقي ضربة أخرى من ضرباتها القاضية..
سينساها.. ولو كلفه الأمر إقتلاع قلبه من جذوره سيفعل.. هي مجرد نكرة.. وضيعة.. استغلالية..

خرج من شقته يدور بسيارته دون واجهة محددة.. وتلقائيًا فكّر بالفتاة العربية الجديدة التي تعرف عليها.. مجرد فتاة رخيصة مستعدة ان تفعل اي شيء لآجله مقابل القليل من الأموال والبقاء بجانبه لبعض المتعة..
تهرب أكثر من مرة محاولاتها في اغراءه لتحصل على ليلة صاخبة حلمت بها معه.. والليلة هو سيفقد أعصابه ويحتاج تلك الوضيعة التي تذكره بطليقته الخائنة..
اتصل بها لتعرض عليه المجيء الى شقتها.. وذهب اليها والشيطان يقوده.. وقهره يعميه عن الحرام وعن الخوف من الله..

كان يتخيلها هي.. الفتاة التي تدعى بمنال صارت بنظره زهراء.. بين لحظاتهما على الفراش كان يقسو عليها ويسبها ويشتمها..
ابتعد عنها كالمسلوع وهو يحدق بها بقرف بينما تبتسم هي بإنتشاء ودون اهتمام لعنفه الذي أحبته ورحبت به.. فهذا هو ما تاقت اليه طويلًا مع هذا الوسيم صاحب أجمل عينين حزينتين!
إرتدى ثيابه وغادر شقتها وهو يستغفر الله..

- كله بسببها.. بسببها هي!
صاح بعنف ودموع القهر تتجمهر بمآقيه بعد ان صعد الى سيارته.. الى أي هاوية تلقيه زهراء!!!! لقد دمرته.. دمرته حرفيًا..
ضرب بعنف على صدره موضع قلبه تحديدًا وهو يزمجر دون ان يبالي للغصة قاسية التي تستحكم حلقه..

- ليلعنها الله.. ليلعنها الله.. يا الله!
أسند جبينه على مقود السيارة بدمعة ضائعة انهمرت لا تعرف اين تبرح.. أين هو؟ ماذا يفعل بنفسه بسبب تلك الحقيرة؟
في أي مستنقع هو يقف بسبب واحدة لا تستحق!!! تبّا لها.. عساها لا تهنأ بحياتها ابدًا..

***********************
بعد شهرين..
استغربت آلاء الرسالة التي وصلتها بل انصدمت إذا صح التعبير..
"مرحبا آلاء.. انا زهراء، هل بإمكانك الإتصال بي؟"
ترددت آلاء كثيرًا قبل ان تتصل بها..
- مرحبا.
- مرحبا آلاء شكرًا لأنك اتصلتِ بي.. بالتأكيد انت مستغربة مراسلتي لك بعد كل هذه الأشهر.

أجابت آلاء بصراحة وخوف في الوقت عينه:
- الصراحة آجل.. ما الذي جعلك تتذكريني بعد ما فعلتيه بغياث؟
إبتلعت زهراء ريقها بتوتر وغمغمت:
- انا حامل.
- مبروك.
غمغمت زهراء ودموعها تتصبب على وجهها:
- أتصلت بك لأعتذر منك على كل ما فعلته.. انا نادمة يا آلاء.. لم أعد استطيع النوم.. طيف غياث يلاحقني في كل مكان.. انا لست مرتاحة.. أخبريه ان يسامحني.. سعيد ينتقم له مني.. اخبريه ان حياتي معه كانت عبارة عن جنة.

زوجها سعيد يكون ابن عمها وأكبر منها بثلاثة عشر عامًا.. مطلق منذ ستة سنوات وليس لديه أولاد.. تزوجها بناءًا على رغبة أهلها ليطمسوا عارها وحتى يعيد تربيتها.. قلبه قاسي كالحجر.. حرف واحد لا تستطيع ان تتكلم بوجوده وكأنه ينتقم من طليقته بها.. كان أكثر ابن عم لها تخشى الإحتكاك به والآن صار زوجها.. تخاف منه بجنون.. حتى الجامعة بعد زواجه منها منعها عنها.. خروج من المنزل ممنوع والا ستتحمل العواقب ولا يحق لها ان تشكو لأهلها لأنهم هم من رموها عليه.. ورضي هو ان يتحمل الوساخة والقذارة التي تحملها غيره علّها تتوب ويكسب بها ثواب..
ومنذ شهر ونصف عرفت انها حامل ليقتلها كلامه المهين
"أهو من صلبي أم من صلب غيري؟ فعدد الرجال التي لمستك واستمتعت بجسدك تحيرني"

ابتلعت الإهانة الذي هو محق بها ولكنها كانت قاسية.. قاسية بحق.. تصرفاته القاسية مع حملها وخوفها على طفلها من كره والده لها واشمئزازه منها ناهيك عن الكوابيس التي تلاحقها.. كل ذلك جعلها تفكر بالإعتذار من آلاء والأهم غياث لعله يسامحها..
تنهدت آلاء محتارة أتصدق دموعها أم تكذبها ولكنها في نهاية الأمر قالت بجدية:
- انا سامحتك يا زهراء.. لا أريد منك شيئًا ولكن غياث لا اعتقد انه سيسامحك بسهولة.. الشرخ الذي سببتيه له كبيرًا جدًا.

تأوهت زهراء بعذاب ودموعها لا زالت تسيل على وجهها:
- والله انا نادمة.. اشهر العدة التي قضيتها في منزل أهلي كان جحيمًا.. خادمة محرومة من الطعام ولا أحد من اخوتي رحمني.. طيلة الوقت يضربون بي.. جسدي كله تشوه بفعل الضرب.. أما سعيد يا آلاء قاسي.. انا لا اتنفس بوجوده.. أعلم انني استحق كل ذلك.. واعلم ان المزيد من العقاب في انتظاري.. انا مضطرة ان اغلق الهاتف الآن لأن زوجي سيصل في أي لحظة واذا رأني اتحدث في الهاتف سنموت انا وطفلي.. اعتذري من غياث واخبريه ان يسامحني اتوسل اليك.. وادعي لي ان يغفر لي ربي.

حدقت آلاء بهاتفها بضياع بعد ان انهت زهراء المكالمة.. هي تبدو صادقة.. بكائها والألم الذي في صوتها.. ولكن بعد ماذا؟ غياث تدمر تمامًا.. ومن الصعب جدًا ان يعيد ترميم حطامه بسهولة..
اتصلت آلاء بغياث لتخبره عن محادثة زهراء ليقول بقلب متخم بالوجع والقهر:
- بعد ماذا تعتذر؟ بعد ان دمرت حياتي؟ لتذهب.. حينما يحين موعد الغفران سأغفر.. بعد ان يطيب وجعي اخبريها انني قد أغفر أما الآن لا تطلب أكثر لأنني لو رأيتها تموت امامي لن أسامحها في الوقت الحالي.

"أرحل واترك مكانك بجواري..
لقد تخليت عنك
وتدثرت بأوجاعي..
لا حق ولا قانون
ينص بهذه الأوجاع...
ارحل فليتك لم تكن
ولم تمر بخيالي..
انت سبب اوجاعي
ومصدر اهاتي..
ليت اللقاء ما صار
والقلب ما تاق..
ليت الحب ما كان
والصدر ما ضاق..
وكم من ليت وليت
ما سمع صداها
وما كانت الا سراب!
ارحل فلا مكان ولا زمان
يرضى بالبقاء.."

************************
بمكر إرتدت آلاء قميص أحمر دموي اللون..
الليلة هي عازمة على جعل زوجها يفقد جنونه أكثر.. ألقت نظرة أخيرة على نفسها ثم نزلت اليه..
كان يشاهد فيلما علميًا ويبدو منسجمًا بأحداثه.. وصله رائحة عطرها المغري الذي نفذ الى انفه ليرفع نظره اليها وتتلألأ النظرات العابثة في عينيه الجميلتين..
- ليلتنا حمراء الليلة.

إبتسمت آلاء وهي تسير بغنج لتجلس في حضنه ثم بخفة القطت جهاز التحكم عن بعد عن الأريكة واغلقت التلفاز مغمغمة بدلال:
- سأرقص لك الليلة يا قلبي.
- هل تصرين أن أُصاب بنوبة قلبية حبيبتي ام ماذا؟
ضحكت آلاء وهزت حاجبيها بشقاوة..
- لا سمح الله يا عمري.

وضعت أغنية عربية شرقية على هاتفها وأخذت تتمايل بدلال أنثوي ساحر على صوت الموسيقى بينما محمد يتابع حركاتها بنفاذ صبر.. رغبة وحشية تحثه على جذبها قسرًا الى ذراعيه ليوقف تلك الحركات التي تثير جنون مشاعره.. وسيكون أحمق اذا لم يطاوع هذه الرغبة..
جذبها الى حضنه قائلًا بخشونة عاطفية:
- كفى.. لقد إكتفيت صبرًا.
إبتسمت آلاء وهي تسير منصاعة راضية تباعًا مع عاطفته وغرامه..
بعد ساعات قليلة كانت تتوسد صدره وتتساءل بحيرة:
- حبيبي.. متى أعجبت بي وقررت انك تريد الزواج بي؟

أجاب محمد مبتسمًا بشرود:
- حينما كنتِ في المدرسة الإعدادية في العراق.. المرة الأخيرة التي زرتُ بها العراق قبل ان تنتقلوا للإقامة في بلجيكا.. ولكن بعد ان عدت الى بلجيكا نسيتك والتهيت في تخبطاتي الخرقاء الى ان استقريت أخيرًا على رأي واحد وعشقتك انتِ.
ابتسمت آلاء بحب:
- أحبك هل تعلم؟
اتسعت ابتسامة محمد ليقبل رأسها بحنو ويهمس:
- أعلم.. ولكنني أحبك أكثر.

*
*
*

تمت بحمد الله

----------------------
الرواية القادمة ستكون بإذن الله الجزء الرابع والأخير من سلسلة هوس العشق بعنوان "سحابة العشق الأسود"
سأعلن فيما بعد عن موعد نشرها..

قراءة ممتعة..
يهمني جدًا رأيكم في الرواية..

واخيرًا أشكر صاحبة الرواية الجميلة "ملك-آلاء" على موافقتها ان انشر قصة حياتها الحقيقية.. واتمنى من الله ان يرزقها بالذرية الصالحة وان يديم حبها هي ومحمد الى الأبد..
دعواتكم لها..

مع كل حبي:
أسيل الباش


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 27-11-20, 04:26 PM   #63

Topaz.

مشرفة منتدى الروايات والقصص المنقولةومنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوعضو مميزفي القسم الطبي وفراشة الروايات المنقولةومشاركة بمسابقة الرد الأول ومحررة بالجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Topaz.

? العضوٌ??? » 379889
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 7,036
?  مُ?إني » العِرَاقْ
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Topaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهّم خِفَافًا لا لنا ولا علينا ، لا نُؤذِي ولا نُؤذَى ، لا نَجرَحُ ولا نُجرَح ، لا نَهينُ ولا نُهان ، اللهم عبورًا خفيفًا ؛ لا نشقى بأحدٍ ولا يشقى بنا أحد .
افتراضي



Topaz. غير متواجد حالياً  
التوقيع

‏نسأله ألَّا تتُوه الأفئدةُ بعد هُداها ، وألا نضلَّ الطريقَ بعدَ عَناء المشَقَّةِ .


رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 08:20 PM   #64

سمني هجران

? العضوٌ??? » 343275
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 706
?  نُقآطِيْ » سمني هجران is on a distinguished road
افتراضي

عزيزتي اسيل تسلمي على الروايه الشيقه

سمني هجران غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 08:24 PM   #65

سمني هجران

? العضوٌ??? » 343275
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 706
?  نُقآطِيْ » سمني هجران is on a distinguished road
افتراضي

اتمنى ان يتسع صدرك لبعض ملاحظاتي
اولا لعن الساعه واليوم فهذه الالفاظ لاتجوز عزيزتي
ثانيا قولك غدرات القدر لان القدر من الله واي شي ياتي من الله فهو خير ولا يجوز الاعتراض عليه بل التسليم والرضى به ودمتي عزيزتي


سمني هجران غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-20, 01:12 PM   #66

ghada ghanem

? العضوٌ??? » 171658
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 548
?  نُقآطِيْ » ghada ghanem is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر

ghada ghanem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-04-21, 03:50 PM   #67

اضطراب

? العضوٌ??? » 486857
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 2
?  نُقآطِيْ » اضطراب is on a distinguished road
Rewitysmile15

جمممممميييل
🥰جدااااااااا


اضطراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-05-21, 12:59 AM   #68

داليا عثمان

? العضوٌ??? » 424000
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » داليا عثمان is on a distinguished road
افتراضي

رووووووعه بكل معنى الكلمه

داليا عثمان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-11-21, 12:56 AM   #69

ماروووو جود

? العضوٌ??? » 477234
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » ماروووو جود is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكورين على للمجهود والقصص المميزه

ماروووو جود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-22, 02:12 AM   #70

ايه حمدى

? العضوٌ??? » 475714
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 144
?  نُقآطِيْ » ايه حمدى is on a distinguished road
059

♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️ ♥️♥️♥️

ايه حمدى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:41 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.