آخر 10 مشاركات
أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )           »          410 - عائد من الضباب - ساندرا فيلد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          قلبي فداك (14) للكاتبة: Maggie Cox *كاملة+روبط* (الكاتـب : monaaa - )           »          عذراء فالينتي (135) للكاتبة:Maisey Yates(الجزء 3 سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          عشيقة ديسانتيس (134) للكاتبة: Maisey Yates (الجزء 2 من سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          طيف الأحلام (18) للكاتبة: Sara Craven *كاملة+روابط* (الكاتـب : nano 2009 - )           »          المتسابقة الأولى بمسابقة قصة من وحى أغنية "همس حائر" وقصتها آه يا حب (الكاتـب : قلوب أحلام - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-10-21, 06:04 PM   #4841

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي




**لا تنسو التصويت اعلى الصفحة على قصتكم المفضلة في الرواية.. رجاء اختيار اكثر من خيار





الفصل الثلاثون



أغلق قُصي الباب خلفه متنفسا بعنف بينما وجهه شاحباً.. تقدم للأمام وكاد يتعثر بأحد الكراسي لولا سهر التي سارعت تدعمه بذراعها وتمسك به للحظة حتى يثبت ويتوازن في وقفته.. لتسأله باقتضاب وهي تنقل عينيها بينه وبين الباب

((ما بك؟ ماذا يفعل نور بالداخل؟))

في هذه اللحظة خرج نور من الغرفة منكس الرأس ليقول بخفوت ووجه مثقل بالذَّنب وقد عاد يرتدي ملابسه القديمة

((أنا آسف يا سهر لم أقصد أن ألبس ما يخصك من ملابس دون أخذ إذنك))

تناولت سهر منه الكيس بعد أن أعاد أغراضها إلى مكانهم داخل الكيس وراقبته بازدراء وهو يسير ببطء نحو خارج المطعم..

لكن توقف مكانه فجأة عندما صدح صوت قًّصي عاليا بغضب

((لحظة يا نور! تعالي هنا وأخبريني لماذا لم تقولي بأنك فتاة من البداية؟))

اتسعت عينا سهر حتى كادت أن تخرج من محجريهما مما تسمعه أما نور فاستدارت على الفور لقصي تقول منتفضة بنفي مضطرب بالغ

((غير صحيح!، غير صحيح!))

عقد قُصي حاجباه وهو يقترب منها ثم قال بخشونة وصلابة

((لقد رأيتك وأنتِ ترتدين قميصا عاري الأكمام ولست أحمقا إلى الحد الذي لا أميز فيه جسد الأنثى عن جسد الذكر))

كانت لا تزال الصدمة تلف سهر فاندفعت بلا وعي منها نحو نور تفتح قميصها مما جعل الأخرى تصرخ وهي تدفعها عنها بقوة

((ابتعدي يا سهر، ماذا تخلعين عني!؟))

قفزت سهر مبتعدة للخلف تشهق وهي ترفرف بعينيها وتناظر نور بطريقة غير منطقية قبل أن تضع يدها على صدرها هاتفة

((لن أقسم لكن كنت أشك بذلك أيضًا، أحيانا تحتلين عقلي بصورة فتاة، لماذا كذبتِ بجنسك!))

عندما رأت نور نظرات الشّك والتوجس موجهة نحوها من الاثنين انتفضت من مكانها تجري تجاه باب المطعم الخارجي لكن قُّصي كان أسرع منها وهو يصد المخرج ويغلق الباب عليها..

ازدردت ريقها ولم يعد هناك بُدا من المواجهة نكست رأسها بذنب وقالت

((أنا لم أكن أنوي الكذب، لقد جئت عند السيدة فريال حتى توظفني بعد أن فشلت في إيجاد عمل آخر، ظنت بسبب شعري القصير وملابسي الفضفاضة وجسدي الهزيل أني فتى، لم أصحح لها هذه المعلومة فقد نوهت أنها ستوظفني عندها رغم أني قاصر لأني ذكر وبالتالي ستكون المساءلة عليها أقل))

قطب قصي حاجبيه بغضب.. ثم هتف بها بسخط

((ولماذا لم تخبرينا من البداية!؟ هل أعجبك أن أدفعك أكثر من مرة وألكز كفتك بقوة وأهينك بكلماتي المزدريه يا نور عن مظهرك!؟))

رفعت عينيها ببطء ثم قالت ببراءة

((لا بأس أنا لا أحمل أي ضغينة فأنت لم تكن تعرف حقيقتي، المهم.. سأرحل الآن لمنزل أمي))

تنهد قصي وهو يتطلع بسهر التي كانت ملامحها محتارة هي الأخرى..

أغلق قصي إنارة المطعم بعد أن أمرهما بالخروج..

وقبل أن تبارح نور المكان إلى طريق آخر هتف قصي بها

((نور تعالي معي أنا وسهر، الفندق الذي أقطن به قريب من هنا لنأخذ سيارتي سأذهب إلى متجر ما وأريد تواجدكما))

عادت سهر لواقع حقيقة علاقتها التي يجب أن تكون وتلتزم بها قصي فتوحشت ملامحها الجميلة وقالت بعدوانية تقطع أمامه أي وسيلة للتقارب

((أنا لن أذهب يا قصي معك))

هزّ قصي كتفه يقول ببساطة

((أريد أن أشترى لها شيئاً ما إذا امتنعت عن مرافقتي لن أستطيع أخذها أو اصطحابها معي))

تقوست شفتا نور للأسفل وطالعت بهما سهر بتوسل صامت مما جعل سهر تشتم نفسها ألف مرة لأنها خرجت من بيت عائلتها قبل أن تأخذ سيارتها هي على الأقل حتى لا تحتاج قصي أبدًا لا أثناء مغادرتها المطعم ولا في هذا الوقت.. ثم تنهدَّت خاضعة لرغبة نور..

قاد قُصي بهم طوال الطريق لتقول نور أثناء ذلك بانبهار وهي تناظر السيارة الرهيبة من الداخل كما الخارج

((هل هذه لك؟ تبدو فخمة جدًّا.. لحظة))

ثم ازداد الانبهار المنبعث من عينيها عندما نظرت للخارج حيث أوقف قُصي السيارة لتردف بتساؤل

((واو.. ما هذا المبنى الضخم الذي أوقفتنا أمامه!؟ هل هو مول تجاري!؟))

خرج قُصي من باب سيارته وهو يقول بمرح

((نعم هيا ترجلا من سيارتي سأدعوكما على حسابي على العشاء الآن))

.

.

في إحدى مطاعم المول الراقية..

رغم الألم المبرح المعتاد الذي كان يشعر به قصي يجتاح معدته إلا أنه ابتسم كلما ناظرت عيناه نور تأكل بنهمٍ محبب..

بدت له سعيدةً وأكثر حياةً من ذي قبل وقد طلب لها الكثير من الحلوى اللذيذة برفقة العشاء الفاخر..

غمغمت له سهر بامتعاض وهي ترشقه بنظرات الازدراء

((لماذا لم تطلب لك شيئا؟ هل انتهت نقودك!؟ لماذا اخترت هذا المكان الباهظ من بين كل المطاعم في هذا المبنى!؟ كفَّ عن لعب دور الشاب الثري فهو لا يليق بك ويتسبب لك بمتاعب أنتَ في غنى عنها))

أغمض قُصي عينيه للحظة من أثر ألم معدته ثم قال بصوتٍ مختنق

((الأمر فقط يا سهر أن ألم معدتي لا يهدأ رغم أني توقفت عن تناول الطعام من مطعم فريال، أنا بحاجة أن أزور الطبيب بشكل مستعجل))

لكزت سهر كتفه بيدها وقالت رادعة

((كفاك التصرف كشاب مدلل، هذه الفترة كل الطعام الذي أتناوله من مطعم الفريال ولم يحدث لي شيئا، يفترض لشاب مثلك مفتول العضلات ألا يتأثر حتى لو دخل إلى معدته طعام مسموم))

شهقت نور عند كلام سهر هذا كمن تذكرت شيئا ثم قالت ببراءة

((عضلات معدتك جميلة، ذات مرة شاهدت السيدة فريال تتلصص عليك عندما كنت تنظف المطعم عاري الصدر وتتساءل كيف قمت بنحتهم، إذن كيف قمت بنحت عضلات معدتك؟ بالسباحة؟ لقد قلت سابقا أنك تشتاق للسباحة!))

رغم الإعياء الذي كان يشعر به قصي إلا أنه أجاب بذكورية مفتخرة

((نعم ساعدتني السباحة فيها قليلا فأنا كنت أقضي الكثير من الوقت أمارسها في مسبح النادي ومسبح فناء منزلنا الخلفي))

اتسعت عينا نور وهي تتساءل بدهشة

((هل عائلتك غنية للحد الذي تتمكن فيه من شراء سيارة فخمة وبناء بركة سباحة في فنائكم الخلفي!؟))

صدر من سهر صوتًا ساخرًا وهي تحرك الثلج في عصيرها ثم قالت متهكمة

((إنه منبع للكذب يا نور فلا تصدقيه! بالكاد يقدر على تحمل نفقات الفندق الرطب القذر الذي يركن سيارته أمامه))

تغضن جبين نور بالحيرة وهي تتساءل

((إذن كيف بنيتها إذا لم يكن بالسباحة يا قصي؟))

رمى قُصي نظرات الامتعاض على سهر ثم ابتسم بتكلف لنور مجيبا

((بنيتها بفعل كثير من الأمور غير السباحة.. أساسا وظفت لدي مدرب رياضي ليساعدني فقط في..))

عضَّ قُصي شفته ثم سارع يقول مصححا حتى لا يكشف أمره

((أقصد كنت أواظب على حضور نادي رياضي مختص بهذه الأمور))

همهمت نور باستدراك وهي تعود لتأكل من طبق الحلوى اللذيذ أمامها وبسرعة مما جعل قصي يناظرها بحنو ويقول منبها

((على مهلك يا نور قد يصيبك عسر بالهضم إذا بقيت تأكلين من الطبق بهذا المقدار))

.

.

بمجرد أن انتهت نور من تناول طعامها حتى غادروا المطعم وتجولوا بأجنحة المول التجاري.. سهر تتقدم قصي بالمشي..

ونور تسير خلفه قبل أن تهرول للأمام وتدركه لتقول له بفضول خالطته غيرة بريئة

((قصي لماذا أحببت سهر وخطبتها؟))

ذهُل قصي في البداية من سؤالها ثم رسم ابتسامة رجولية وقال بصوتٍ مثقل

((الحقيقة في البداية كان مجرد فضول لرؤيتها والتعرف عليها لأنها كانت حديث المجتمع الذي تعيش فيه من شدة جمالها الشبيه بلعبة الباربي والفضائح التي تفتعلها لأمها.. لكن ما جعلني أتمنى قربها أنها لم تكن تهتم كثيرا بكونها جميلة، بل جُل اهتمامها بصحتها واستجمامها، فكانت لا تحب المشاحنات، والمنافسات النسائية الحمقاء الخاصة بالمجتمع الراقي، بل تعرف كيف تحيا حياتها بشكل صحيح.. كانت ملمة عن فن العيش بهدوء وراحة نفسية.. باختصار سهر هي أجمل مثال للأنوثة والاستمتاع بنعم الحياة))

كان قصي يتحدث وهو شارد بالنظر لها وهي تسير أمامه قبل أن يهز رأسه ليتخلص من الحب الجارف المطل من عينيه.. ثم وقف فجأة أمام أحد المتاجر يقول لنور

((الحقيني يا نور إلى الداخل))

استدارت سهر نصف استدارة للخلف لتنتبه أنه دخل هو ونور لإحدى المتاجر.. زفرت باقتضاب ثم لحقتهم لتجد قصي يقول لإحدى موظفات المتجر بصوتٍ رخيم يدل على أهمية صاحبه ونفس النبرة التي كان يتحدث بها على الهاتف أمام من يدعي أنهم موظفون بشركته في الماضي

((أريد ثوبا بأحدث صيحات الموضة بقياسات تناسب الفتاة التي أمامك وأريد حذاء بكعب متوسط لها))

شهقت نور بصدمة قبل أن تقول له بخفوت وقلق

((ما الذي تقوله يا قصي!؟ هل جننت!؟ أنا لا يمكنني قبول مثل هذه الهدية منك!))

رماها قصي بنظرة صارمة تخبرها ألا تناقشه فيما يفعله أما سهر اتسعت عينيها واقتربت منه تقول متذمرة

((من أين لك هذا المال يا منقب الذهب؟))

أخرج قُصي النقود من محفظته ببساطة وأجاب

((إنها أجرتي التي استلمتها اليوم من فريال، وهناك بعض المال الذي كان بحوزتي سابقا من البقشيش الذي حصلت عليه))

عرفت سهر أن معظم هذا المال كان من البقشيش المزعوم الذي يحصل عليه من الرجل أخضر العينين يوسف!

خرجوا جميعا من المتجر ونور تمسك بكلتا يديها العديد من الأكياس وتقول والعبرة تخنقها من السعادة التي تشعر بها في هذه اللحظة

((شكرا لك على كل هذه الهدايا، لكن ماذا سأخبر أمي لو سألتني عن سبب حصولي عليها؟))

هزَّ قصي كتفه بإشارة "أنه لا يعلم" فقالت سهر لها

((بما أنها تعرفني قولي لها أنها مني فأنا وقصي واحد))

أومأت نور رأسها بادراك ثم رسمت ابتسامة وهي تقول لقصي بلهفة

((قصي لقد قالت لي سهر في وقت سابق أنها ستفسخ خطبتها منك أي أنك ستصبح أعزبا بعد أن تتركك))

قطبت سهر حاجبيها بينما قال قصي بتوجس

((حسنًا.. إلى ماذا تريدين أن تصلي؟))

برقت عينا نور البريئتين بتلاعب وهي تقول

((إذن ما رأيك أن تنتظر لأربع سنوات فقط قبل أن تفكر في الزواج والارتباط مجددا؟))

كادت سهر أن تتميز غيظا وكتفت ذراعيها وهي تقول

((ولماذا أربع سنوات بالذات.. أوه الآن فهمت، أنتِ بحاجة لأربعة سنوات قبل أن تصلي للسن القانوني الذي يسمح لك بالزواج منه!))

صدرت من قصي ضحكة فحدجته بنظراتٍ قاسية أسكتته قبل أن تغمغم

((من حق ذكوريتك أن تشعر بالانتشاء ففتاة قاصر بعمر أبنائك لو كنت متزوجا بعمر صغير، وأخرى بعمر والدتك واقعات في غرامك! هذا كله قبل أن يعرفن حقيقتك!))

أما نور شعرت بغضب من سهر وثارت حميتها لأجل قُصي..

وفكرة واحدة حانقة سيطرت عليها وهي أن سهر لا تستحقه..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-21, 06:05 PM   #4842

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

شقة معاذ..

جلس أمام شقيقه مُؤيد الذي لا يكف عن التردد إلى منزله بين الوقت والأخر مؤخرا منذ شفاء قدمه..

نكس مُؤيد رأسه ثم قال بصوتٍ مجهد وهو يشبك أصابع يديه

((أريد يا أخي فقط البوح بما يقبع في قلبي مؤخرا لأرتاح، ولا أحد غيرك أستطيع التحدث معه، فليس من المعقول أن افضح زوجتي أمام أصدقائي أو إخوتنا))

قال له مُعاذ ببشاشة وود

((يمكنك يا مُؤيد القدوم لشقتي بل والمكوث فيها متى ما أردت))

أسدل مُؤيد جفنيه وزفر نفسا عميقا كأنه يحث نفسه على البوح وإفراغ ما يكتمه في قلبه ولو القليل منه.. ثم قال بصوتٍ ميت خالٍ من الحياة

((أنا يا مُعاذ لا زلت مصدوما مما اكتشفته عن زوجتي، خاصة أني كنت أعاملها كما لو كانت امرأة غبية وساذجة لا تعرف شيئا عن صداقاتي في المدينة))

عقب مُعاذ متهكماً

((واتضح الآن أن لا أحد ساذج بينكما سواك أنتَ يا مُؤيد))

نطق مُؤيد بمرارة حنظلية

((نعم لقد اتضح أني من كنت كذلك.. طوال سنوات زواجي بها مغفلا وأخرقا لا أعرف شيئا عنها))

أطلق مُعاذ نفسا طويلا قبل أن يقول

((دعنا من الحديث عنها جانبا ولنتحدث عنك أنتَ، ألا تعتبر حديثك مع نساء أجانب عنك وخروجك معهم حتى لو كان لأماكن عامة هو خيانة لزوجتك التي كنت تحرمها من كل شيء؟))

لم يرد مُؤيد في البداية على سؤال أخيه عن حرمانيه ما استحل.. مما جعل الآخر يكرر عليه مزمجرا بصرامة

((أجبني يا مُؤيد، ألا تعد ذلك خيانة؟ ألا تعد أنتَ خائن يا مثال الشرف؟ قر بحقيقة أنك الخائن والسبب في إنهاء زواجك))

فاضت ملامح مُؤيد بمشاعر ثائرة وارتجف عرق جبينه ليقول من بين أسنانه

((هل أنتَ معي أم ضدي يا معاذ؟))

قال معاذ بحيادية وتأنيب خشن

((لست مع أحد، أنا أوضح لك حقيقتك التي طبعًا يجب أن تزعجك))

أطبق مُؤيد فكيه جازا على أسنانه بعصبية قاتلة من حزم أخيه واتهامه الصريح معه..

في الماضي مهما أخطأ كان يجد من مُعاذ التفهم والهدوء والمجاراة لكن الآن في موضوع زواجه اختلف الوضع معه.. فنطق بعذاب

((حتى لو كنت خائنا هذا لا يبرر ما كانت تفعله هي))

فضل مُعاذ أن يتخلى عن واجهة الرجل العسكري الصارمة والتنازل لعقل أخيه معه والتحدث بروية أكثر لعله ينجح في أن يصل إلى تفكيره.. فقال له بهدوء

((بالتأكيد لا شيء يبرر ما فعلته هي.. لكن عليك أن تعترف يا مُؤيد أنك كنت السبب في جعلها تبحث عن احتياجاتها خارج البيت.. واحمد ربك أنها كانت تبحث عنهم مع امرأة أخرى تظنها صديقة مخلصة لها لا أحد آخر، لذا عليك أن تعرف خطأك كاملا حتى إذا ما تزوجت مرة أخرى لا تكرر نفس الأخطاء مع زوجتك الجديدة))

شددَّ معاذ عند كلامه عن "الزوجة الجديدة" كأنه يريد أن يعرف رأي مُؤيد في هذا الموضوع، فرد الآخر عليه بصوتٍ حانق خيب ظنه

((زوجتي الجديدة لن تختلف معاملتي معها عن أم فهد))

حاول مُعاذ التحلي بصبر جميل قبل أن يعقب

((أقصد أنه ليس عليك أن تفرض حياة جافة عليها كما كنت تفعل مع أم فهد وتسكنها في بيت العائلة وتغيب عنها بالأيام والأسابيع بحجة العمل، فقد يتكرر الأمر))

قال مُؤيد معارضا

((هل تريد مني أن أترك شقتي في المدينة وأعيش في القرية؟ مستحيل، لن أستطيع التخلي عن شقتي في المدينة لأنها المكان الوحيد حيث يتاح لي أن أفعل فيها كل ما أخفيه عن عائلتي وأهل القرية، هي المكان الذي أخفي فيه جوانب شخصيتي التي تتجذر في أعماق ذاتي، هي المكان الذي أتصرف فيه براحتي حتى أستطيع عند ذهابي لبيت العائلة أن أتصرف مع زوجتي بجدية وبرود))

تهكَّم مُعاذ منه ساخرا بلا مرح

((مُؤيد أنتَ تخيفني، هل عندك انفصام أو تعدد شخصيات مثلا؟))

بدا مُؤيد مترددا قبل أن يقول بمنطقه

((أنتَ لا تفهمني يا معاذ! أنا لدي مكانتي بين أهل القرية وأصدقائي وزملائي ولا أحب أن يعرفوا حقيقة ما أحب من اهتمامات وهوايات حتى لا أقلل من هيبتي وواجهتي كرجل جاد ورزين أمامهم، كنت أخشى لو عرفت رتيل عن رغباتي وحياتي أن تلومني أو تتسلط عليّ أو تخبر أحدا ويعرفوا بتناقضي، تخيل أن يعرف أحدهم أني أحب أن أقود دراجتي النارية بشوارع المدينة في الليل، ستختلف نظرتهم بي وسيظنونني رجل عابث أو سطحي يمتلك رغبات تسيء لهيبته أمامهم))

حاول مُعاذ مجاراة أخيه الذي لا يحب أن يظن أحد عنه إلا بأنه رجل راكز جدي.. فهذا هو عقله.. وهكذا هو يفكر.. لذا قال له بهدوء

((إذن أنتَ تخشى نظرة الناس عنك من أصدقاء وأقارب، ولن أعقب على هذا الأمر ولن ألومك فجميع الناس في مجتمعنا يعيشون بأقنعة، لا أحد يوضح تماما ما يريد أو ما هو عليه، لخوفهم من ردة فعل المجتمع والذي يتكون منهم أنفسهم.. لكن لماذا تعتقد بأنك لو أخبرت أم فهد بما تحبه وما تكرهه ستفضح أمرك ولن تبقيه سرا بينكما؟ بل..))

بتر مُعاذ كلماته وتذكر أمر سرقة غنوة لدراجة مصعب وقيادتها مع رتيل في شوارع المدينة! فأردف متسائلا

((ألم تفكر يا مُؤيد ولو لمرة أن رغبات زوجتك مشابهة لرغباتك أنتَ؟ لماذا لم تقترح عليها مرة أن تشاركك بها بدلا من التفكير بفتاة أحلام أخرى تشاركك إياها؟ لا تنكر أنك اخترت زوجتك بكامل إرادتك حتى لو كانت بتزكية من أمك))

شعر مُؤيد أنه تائه ومشتت ولا يعرف كيف يصيغ أجوبته ويشرح نفسه قبل أن يرد بتذبذب

((من المستحيل أن أقول لأم فهد عن حقيقة رغباتي هذه، هي شخصية تقليدية جدًّا وتحب القيل والقال وإصدار الأحكام.. ثم فتاة أحلامي عليها أن تكون من خارج مجتمعي.. وعندما أجدها وأتزوجها لم أكن أفكر بالإنجاب منها بل لم أكن لأسجل زواجنا أو أعلنه! لأني أريدها فقط..))

قاطعه مُعاذ وهو يقول بشفافية

((لأنك تريدها يا مُؤيد فقط من أجل مشاركتك كل ما تحبه في عيش حياة مفعمة بالحرية في المدينة في حين تبقي زوجتك طي الجدران وخلف الكواليس فأم العيال تناسب حياتك في القرية كواجهة أمام الناس عكس فتاة الأحلام التي لن تعلن زواجك منها فهي غير ملائمة كواجهة اجتماعية أو لإنجاب أطفالك!))

لم يعقب مُؤيد شيء على كلامه لكن اضطربت ملامحه فأكمل مُعاذ بحزم

((ولكن يا أخي هذا كله هو عين الخطأ! نعم خطأ أن تتصرف بتخلف وتحجر وتشدد أمام الناس في حين بالسر تقوم بكل ما يلبي احتياجاتك وأهواءك المرضية، ثم تأتي في النهاية وتستنكر ما كانت تفعله زوجتك بالخفاء أيضا لتلبي احتياجاتها وتحصل على حريتها مثلك!))

حاول هنا مُؤيد التبرير والهروب قائلا بوهن

((ولكن أنا رجل ومن الطبيعي أن أبحث عما يلبي احتياجاتي بينما هي امرأة وعليها أن تتحمل كما تفعل باقي النساء في مجتمعنا.. هنَّ يتحملن أكثر منها دون التفوه بأي كلمة تذمر أو فعل ما تفعله..))

قاطعه معاذ الذي كان له بالمرصاد

((ومن قال لك أن كل النساء عليهن تحمل التعاسة والجفاء؟ وحتى لو كان هناك من تتحمل ذلك، فزوجتك ليست مجبرة على أخذها كمقياس لها وتتحمل الحياة الجافة والبعيدة عن المودة والرحمة، التي تفرضها أنتَ عليها.. ثم إذا كنت أنتَ الرجل القوي الصلب لم تتحمل هذا النوع من الحياة الرسمية الباردة وتذهب للمدينة وتتكبد شراء شقة والخروج مع نساء أخريات لتعوض ذلك فكيف بها هي زوجتك المرأة العاطفية المحتاجة للحنان والحب أكثر منك؟))

حاول مُؤيد أن يقاطعه لكن واصل مُعاذ كلامه بحزم

((غير تفكيرك هذا وإيًّاك أن تورثه لأولادك الاثنين))

تسرب احمرار لعيني مُؤيد.. لكنه لم ينطق بشيء وحاول السيطرة على مشاعر لا يريد لها أن تخرج منه.. كان يقاوم تهدج صوته قبل أن يقول أخيرا

((على العكس ولديّ الاثنين شخصيتهما مختلفة تماما عني، خاصة فهد فهو مستعد أن ينقلب كليا عليّ لو أحزنتُ أمه))

قال مُعاذ تعقيبا على كلامه

((هذا لأنه لا زال طفلا ولكن عندما يكبر سيفقد إحساسه بألم والدته وفي المقابل سيصل بمعتقداتك وأفكارك أنتَ ليبرر ما كنت تفعله مع أمه كردة فعل من عقله الباطني للتغلب على الشعور بالألم لأجلها، ومع الوقت ستتحول هذه المبررات إلى قناعات وحجج، ومعتقدات تقود شخصيته.. لذا تغير يا مُؤيد وغير من نفسك في زواجك الثاني، ظلمت أم أولادك فلا تظلم التي ستتزوجها هي الأخرى))

كان لا زال معاذ يتعمد ذكر الزواج لأخيه أكثر من مرة حتى يستشف منه ما يريد أن يقدم عليه فهدر مُؤيد فيه بحنق وانزعاج بالغ

((معاذ لا تظل تفتح لي سيرة الزواج بين اللحظة والأخرى مثل أمي التي لا تنفك عن تزكية النساء لي.. أنا لا أريد الزواج مجددا.. لقد تعقدت من الزواج يا معاذ.. بعد أن كنت أسخر من مصعب الذي أعرض واعتزل الزواج بعد هروب ابنة عمنا منه.. حتى جاء اليوم الذي أقع أنا في نفس العقدة.. تبا لكل شيء))

تهكم معاذ قائلا بسخرية خبيثة

((إذن لن تتزوج وستبقى عازبا للأبد؟))

ازداد انعقاد حاجبي مُؤيد ضيقًا واستياءً وهو يرد بصراحة

((أنا فقط لم أعد أثق بامرأة من جنس حواء إطلاقا.. باستثناء أمي بالطبع..))

قهقه معاذ عاليا وهو يردد ((مجنون))

لكن عينا مُؤيد كانتا حمراوين كجمرة وهو يهتف بانفلات أعصاب

((أنا أتحدث بجدية يا مُعاذ.. لقد تزوجت رتيل ليس تزكية من أمي وحسب بل لأني كنت متأكدا أنها جاءت من بيت عُرف عنه في قريتهم التزمت والتشدد والانغلاق.. فإذا كانت رتيل المعروفة بانغلاقها عن العالم الخارجي وانطوائها على نفسها فعلت ما فعلته من أمور لا تخطر على بال بشر ماذا ستفعل امرأة أخرى غيرها؟))

غمغم معاذ بخفوت

((اهدأ يا مُؤيد..))

انفعل مُؤيد به قائلا بمحاولة صعبة في السيطرة على اختناق صوته

((لا أستطيع.. أشعر أنى حقا أريد الموت..))

صمت معاذ قليلا قبل أن يقول مقترحا

((لماذا لا تفكر يا مُؤيد في العودة لرتيل؟))

نخر مُؤيد ضاحكًا بقهر.. يشبك أنامله بخصل شعره يجذبه بعنف ثم رد بكبرياء مزيف

((مستحيل يا معاذ لا يمكنني مسامحتها بسهولة على خيانتها لثقتي، إذا كنت قد أخطأت في حقها فحقها ألا تسامحني وأنا لن أسامحها.. لكن لن أستطيع ذلك..))

نبهه معاذ بفطنة

((حتى بعد ما عرفت أن ما كنت تبحث عنه وكل ما حلمت بوجوده في المرأة التي تريدها قد كان بين يديك متمثلا بزوجتك؟))

عقد مُؤيد حاجبيه متمتما ((ماذا!))

فكر معاذ للحظات ثم قال في محاولة للتدرج

((نعم يا مُؤيد.. المرأة التي كنت تحلم بها كانت تعيش معك لكن بشكل متخفي رغما عنها وبشكل خارج عن إرادتها، لذلك كانت مضطرة أن تذهب للمدينة وتفعل كل ما كنت تفعله أنتَ بشكل متخفي عنها في المدينة، حتى دراجة مصعب تلك بعد أن سرقتها صديقتها كانت تقوم بالتجوال فيها بالمدينة، مشكلتها هي الأخرى أنها لم تحاول معك وتطلعك على شخصيتها ورغباتها.. لكنها تتمنى وتحلم بل هي فعلا تعيش نفس الحياة التي تحلم بها وتمثل في حياتها في المدينة نموذجًا للمرأة التي تحلم بها))

عقب مُؤيد بخفوت يطفح منه الذنب

((الحقيقة أنها كانت دائما ما تطلعني على هذه الأمور بل تحاول استمالتي ولكن أنا.. أنا.. من كنت أحبط كل محاولاتها لتكسب ودي..))

ازدرد مُؤيد ريقه الجاف وازداد اضطراب وجهه فأخرج معاذ أنفاسا كانت تجيش في صدره قبل أن يقول أخيرا

((عليك أن تعي يا مُؤيد أن الزواج مسؤولية مشتركة وعلى كل طرف أن يشبع احتياجات شريكه.. تعلم أن تتحدث عن رغباتك، تحاور، تتكلم، تصارح.. تعلمْ أن تكون أكثر انفتاحا مع زوجتك، أن تقبل فكرة أنها إنسانة جاءت تحمل ثقافة مصغرة خاصة بها وبكيانها.. لا تضطهدها، فالاضطهاد لن يغيرها ولكنه سيغير طريقة معاملتها لك.. وأنت من سيدفع الثمن لاحقا..))

صمت مُعاذ ليترك أخيه يفكر بكلماته فظل الأخر متسمرا في مكانه لدقائق طويلة يحدق بعينيه في نقطة وهمية في الغرفة قبل أن يودعه ويغادر شقته..

قاد مُؤيد بسيارته الطريق شارد الذهن برتيل..

لم يسبق وأن فكر بأنها كانت تلعب من خلف ظهره وبشكل خفي دور فتاة أحلامه.. وبأنها كانت تمارس مع صديقتها المزيفة غنوة كل النشاطات والهوايات التي كان يحلم بفعلها مع فتاة الأحلام..

حتى الدراجة النارية كانت تتجول فيها راكبة خلف غنوة بالمدينة..

وهو.. ربــــــاه! كم من مرة حلم أن يقود بفتاة تجلس خلفه وتتشبث به بحذر شوارع المدينة!

لف بؤس اشتد على ملامحه المعذبة..

لطالما منعها من أن تضع زينة على وجهها وترتدي ملابس تكشف مفاتنها حتى أمام نفسه..

لكن بالنظر مجددا إلى تلك الصور لها في منزل غنوة في ملابسها الضيقة القصيرة التي تظهر رشاقة قوامها.. لا ينكر أنها كانت تبدو فيها خاطفة للأنفاس..

سحب مُؤيد عدة أنفاس باردة ليخمد البركان الذي يثور في جسده.. وما إن شعر بالسكينة تجتاحه قليلا حتى انتبه في آخر لحظة الى سيارة كادت أن ستصطدم به لو لم يستدير في اللحظة الأخيرة الحاسمة ويرتد جسده للأمام!

أوقف محرك سيارته وبدأ صدره يتنفس بعنف لدقائق طويلة..

أبعد يده المرتجفة عن المقود وارتجل من سيارته نحو إحدى البقالات لشراء مرطبات تهدئ من روعه..

فقطع الطريق العام المزدحم مضطربا دون أن يلتفت يمنة ويسارا وهذه المرة لم يسعفه الحظ بتفادي سيارة مسرعة فوجئ سائقه بمروره وضغط على المكابح بسرعة لم تساعده بتجنب مُؤيد والتوقف كليا دون أن تلامس السيارة ساقه...!


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-21, 06:06 PM   #4843

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في غرفة المعيشة..

حانت نظرة من الحاج يعقوب تجاه مدلل أمه الذي يريح رأسه على حجرها بينما يشاهد معهم إحدى البرامج على التلفاز..

كل إخوته الآن في عملهم إلا هو العاطل الوحيد بينهم..

هو الرجل العجوز ورغم مرض ضغطه لا يتوانى بين اليوم والآخر الذهاب لمزارعه ومتابعة المزارعين بل والعمل معهم أحيانا..

والأمرّ أن والدته لا توجه أي تقريع أو تظهر استياءً على الطريقة الفارغة التي يعيش بها بل تغمر أناملها في شعره في حركة محببة له!

قرر أن يغير الأجواء الهادئة فأغلق بغتة التلفاز من جهاز التحكم عن بعد وتحدث بجفاء

((متى ستبدأ يا مازن بالبحث عن عمل؟ سأمهلك لنهاية الشهر حتى تجد عملا قبل أن أجبرك على العمل في إحدى مزارعي، عيب على رجل مثلك.. أن تصل إلى هذا العمر وتظل تعتمد عليّ ماليا))

انزعجت ملامح زاهية وقد عرفت أن هناك كلام محتدم سيوجهه الآن لمازن.. لكن الآخر رسم ابتسامة عريضة وقال وهو يعتدل جالسا

((لا تقلق يا أبي سأبدأ بالبحث بالفعل عن عمل، لكن ليس عندك، لأني متأكد من أن ما سأفعله سيجعلك تطردني من البيت كله))

تجهمت ملامح الحاج يعقوب وقال بغضب مكتوم

((مازن ما الذي تفكر بفعله وقد يستدعي غضبي إلى الحد الذي أطردك من هنا؟))

تجلت علامات التسلية على تقاسيم وجه مازن وهو يقول

((أفكر بطلاق ياسو والزواج مرة أخرى))

شهقت زاهية بصدمة وازداد تجهم يعقوب ليهتف به بصرامة وانفعال

((مازن توقف عن عبثك هذا! أنا لم أنتهي من مشكلة زوجة مُؤيد لتثقل كاهلي الآن أنتَ وزوجتك!))

تمَطَى مازن بيديه بكسل متثائب ثم قال ببساطة كمن يذيع النشرة الجوية

((أنا لا أعبث، ولكن حقا وصلت معها إلى طريق مسدود ولا سبيل لبقائنا معًا لأنها هي ذاتها لا تريد ذلك، ولأني متأكد مسبقا أنك ستأخذ صفها قررت أن أعتمد على نفسي ماليا حتى لا أسمح لك بالتحكم بي مقابل عدم إلقائي بالشارع مفلسا))

في هذه اللحظة دخلت ياسمين غرفة المعيشة وهي تمسك صينية الشاي الذي جهزته لهم بمحاولة منها لمعرفة ما يتحدث مازن مع والديه بعد أن توقف كليًا عن رؤيتها صباحا أو المبيت معها ليلا..

لكن تفاجأت به ينهض ويتقدم منها بتلك الملامح الشقية قبل أن يميل ويلثم وجنتها ثم يقول متلذذا

((سأشتاق لقبلاتي لك بعد طلاقنا يا ياسو.. كثيرا))

غادر مازن الغرفة تماما تاركا إياها مبهوتة مكانها لا تصدق ما سمعته.. شعرت بساقيها يستحيلان لهلام وبالكاد يحملانها.. نظرت لوالديّ مازن اللذان لا يقلان بهوتا عنها وهتفت بصوتٍ متذبذب وهي ترسم ابتسامة متشنجة

((بالتأكيد مازن ليس جدي بكلامه، نعم إنه يمازحكما، عمي إنه لا يعصي لك كلمة فكيف يطلقني فجأة!))

استعاد الحاج يعقوب رباطة جأشه وأشار بنظراته القوية لياسمين أن تجلس معهم..

ازدردت ياسمين ريقها بصعوبة وبالكاد سارت خطوتين ووضعت الصينية التي تمسكها بارتجاف فوق الطاولة..

جلست مقابل حماها الذي سألها مباشرة بنبرة مبهمة وهو يناظر أثر ذلك الخدش الطفيف على وجهها

((أخبريني يا ياسمين في ذلك اليوم لماذا قام بصفعك؟))

شعرت ياسمين بتبدد أي حنان أو دلال مألوف بصوت حماها عندما يتحدث معها.. وبدلا من ذلك هناك جمود واتهام بعينيه.. تغرغرت مقلتيها بالدموع..

يبدو أن مازن كان صادقا بتهديده السابق في الطلاق وإلا لم يكن ليفتح هكذا موضوع أمام والديّه مهما فعلت..

والله أعلم ماذا باح لهما أكثر عنها.. وجدت نفسها تقول بصوتٍ متهدج مقرّة بالحقيقة

((لأني صفعته..))

اتسعت عينا زاهية ويعقوب الذي قال مستهجنا

((ولماذا صفعتيه؟ ما الذي فعله؟))

نكست رأسها وهي تجيب بنفس النبرة

((لأنه أحرجني أمامك في بيت الإسمنت))

احتقن وجه الحاج يعقوب بالغضب وقال مستنكرا بامتعاض

((هو من أحرجك؟ لو كنت ترين الأمر محرجا لماذا طاوعته من البداية؟))

ثم استطرد ساخطا بضراوة

((أعرف أن الأمور بينكما ليست على خير ما يرام لكن توقعت أن يكون هناك ولو شيء من الاحترام المتبادل بينكما))

أغلق الحاج يعقوب جفنيه.. ها هو أخيرا يواجه نفسه بالحقيقة التي شعر بها منذ لاحظ أن مازن ينام خارج غرفته مجددا ولا يتعامل مع ياسمين أبدًا في الأيام الفائتة..

لوت زاهية فمها ثم غمغمت له

((أي احترام متبادل يا حاج، قبل أيام فقط قامت برفع يدها عليه أمامي وأمام مُؤيد لأنه مازحها ببراءة.. ولا أريد أن أقول لك عن طول لسانها معه.. كل هذا تفعله أمامنا كيف عندما يُغلق الباب عليهما!))

كل كلمة تخرج من فم زاهية كانت ملامح ياسمين أثناءها تزداد خزيا بينما ملامح يعقوب تزداد صدمة! التفت لكنته يقول باستهجان يشوبه خيبة أمل

((كل هذا يا ياسمين يصدر منك أنتِ!؟ خيبتي ظني بك كثيرا! أنا عندما أقف بصفك ضد ابني فهذا لأني أعرفه معدوم المسؤولية وقليل هيبة لكن لم أتوقع منك تصرفات مثل هذه! خيبتي ظني بك كثيرا يا ياسمين.. كثيرا))

لم تعد تتحمل ياسمين الموقف وانهارت باكية وهي تغمر وجهها بين كفيها.. لكن لم تأخذ الحاجة زاهية أي شفقة حيالها وهي تتمتم باقتضاب

((والله يا حاج رجل آخر غير ابنك كان ليكسر رأسها عند أول كلمة سفيهة تهذي بها بحقه))

أطبق الحاج يعقوب شفتيه بغضب بينما ياسمين مستمرة بالبكاء.. حتى مرت دقائق وخفت صوتها تدريجيا ثم رفعت وجهها المبلل بالدموع ورفعت يديها تمسح وجهها بإعياء..

غمغم حماها باسمها بجفاء جعل قلبها يخفق بقوة.. ضمت شفتيها المرتجفتين وتناظره بعينين لامعتين دمعا بينما يقول لها بازدراء

((بدلا من البكاء أخبريني إذا صدق ابني الأهوج تهديده ورمى يمين الطلاق وتزوج من أخرى ولم يجد له مكاناً مع زوجته إلاَّ هنا ماذا أفعل؟ هل أبقيه منبوذا ومُلقى في الخارج أم أجعله يعيش في نفس المكان مع امرأة كانت في يوم ما زوجته!))

اهتزت حدقتا ياسمين وفرت كل ألوان الحياة من وجهها للكلام الذي يقوله حماها وقد يتحول لواقع..

خاصة وأن لسان حال حماها يخبرها بكل وضوح عن ندمه بجعل مازن يتزوجها منذ البداية! لم تجد أمامها إلا أن تنتفض واقفة وتهرب من المكان كله نحو جناحها..

دلفت للداخل وصفقت الباب خلفها بعنف.. وبهستيرية سحبت وصلة البلايستيشن الذي كان يلعب مازن به أمامه بتركيز من المقبس الكهربائي لتنغلق الشاشة فورا وتتحول لسواد تام.. ثم وقفت أمامه تصرخ به باحتدام وجنون

((ما هذا الذي قلته يا مازن أمام والدك؟ هل تعرف شيئا عن التقريع الذي سمعته بسببك؟))

طالعها بهدوء تام ثم استقام واقفا وهو يقول

((لم أقل إلا ما سأفعله بالضبط، سبق وأخبرتك أن الطريق بيننا مسدود.. وأنا بكل صراحة أريد زوجة تريحني وأريحها))

توحشت ملامحها وهي تهتف به

((ألا يمكنك فعل ذلك دون جلب سيرة الطلاق!))

مرّ شبح ابتسامة على شفتيه وهو يجيب

((لا، أبدًا، قطعا، لن أستطيع، لذلك على الطلاق أن يحدث بيننا قبل أن أتزوج غيركِ))

شحب وجهها أكثر وأكثر وهي تستشعر جديته تمتمت ببهوت

((هل يمكن أن أعرف لماذا؟))

رفع حاجبيه وقال متهكما

((هل سؤالك جاد؟ ألا تعرفين لماذا أريد الانفصال عنك حقا؟ السبب ببساطة هو كرهك الشديد لي، مهما أحاول أن ألطف الأجواء بيننا تتصورين هذا ضعفا منى ويزداد عنادك وتسلطك عليّ وتغفلين عن حقيقة أني لا أحبك أيضًا ولولا أنك الخيار الوحيد المتاح أمامي لما اقتربت منك حتى!))

خطت منه متقدمة وقالت بعينين متسعتين

((وهل تريد من ابنتك أن تعيش مشردة مثل أولاد مُؤيد؟ ألهذا تريد الطلاق؟))

هز كتفه ثم رد بهدوء

((أنا لن أفعل مثل أخي.. سأعطيك هدى.. وإذا رفضت عائلتك أن تأخذيها معك يمكنها أن تعيش هنا وتأتيك في الزيارات))

تقبضت يدها وهتفت به بغضب

((وماذا إذا رفضت عائلتي أن أعود لهم؟))

مط شفتيه للحظة تفكير ثم أجاب ببساطة

((لا يهم، اطلبي من أبي أن يستأجر لك منزلا ويخصص لك راتبا شهريا ثم ابحثي عن عمل لك..))

قطبت حاجبيها وعقبت من بين أسنانها المطبقة

((كيف سأجد عملا لي وأنا لم أنهي إلا تعليمي الثانوي؟))

قلب مازن عينيه بالسقف بضجر من هذه المناقشة العقيمة ثم قال بنزق

((ألم تُعلمك أمي كل الأمور المتعلقة بالخياطة والتطريز وتلك المشغولات اليدوية؟ اعملي بها إذًا..))

سكنت ياسمين مصدومة ورغم فجيعتها مِمَّا يقوله بعزم وتوعد، تفوق غضبها وشموخها لتتساءل

((أخبرني بماذا أثقل عليك حتى تصر على الطلاق!؟ هل أطالبك بشيء يثقل كاهلك؟ بل هل طالبتك يوما بشيء ما؟ حتى حقوقك أعطيها لك في كل الأحوال ولم أقل لك "لا" قط مهما كنت كارهة لقربك))

كان هو من اقترب منها خطوتين هذه المرة ومال برأسه نحوها ليقول بحفيف ثعبان يلتف معتصرًا روحها قبل جسدها

((هنا المفارقة! أنا لا أريد من زوجتي أن تكون كارهة لي بل راغبة ومحبة))

كانت عيناه بعينيها عندما سألته بصوتٍ مختنق

((وهل بيد الإنسان التحكم بمشاعر الرغبة والكره!))

لم تنحسر عيناه عن نظرها ولم يظهر أي تعبير على ملامحه وهو يجيب

((قطعا لا يستطيع التحكم بها، لهذا سأختصر الطريق على نفسي وأبحث عن غيرك.. أنتِ يا ياسو طــ..))

بُترت كلماته عندما قامت برفع يديها فوق فمه وكتمت صوته تماما بهلع لتقول لاهثة

((انتظر.. توقف..))

كان صدرها ينتفض بغير تصديق! هل كان حقا سيقولها لو لم توقفه بآخر جزء من الثانية!

لا تصدق ما حدث.. هذا ليس مازن! أبدًا ليس مازن الذي تعرفه ذو الطباع الودودة واللينة!

الرجل الذي تعرفه ما كان يفعل ما قد يتسبب بإلقائها خارج بيته عابثا بالسلام الذي يعم حياتها مع ابنتها مهما أساءت بفعل أو قول له كردة فعل لأفعاله الصبيانية غير الناضجة التي يستفزها بها بلا سبب!

أبعد مازن يديها بفظاظة عن فمه لتشعر بالأرض تميد بها.. قبل أن يقول وهو يرفع إحدى حاجبيه

((ماذا هناك؟ هل تريدين شيئا أخيرا قبل الطلاق؟))

كان يتحدث بجدية جعلتها لا تشك للحظة بصدق تهديده عن الطلاق.. فقالت بخفوت بطيء وقد جفّ حلقها

((إذن.. يمكنني.. أن.. أتحكم بمشاعري.. وأحولها للرغبة بك.. والحب أيضًا إذا أردت))

همهم مازن مفكرا باستمتاع ثم انفرجت زاوية ثغره بابتسامة ماكرة غير مألوفة فيه وهو يقول

((ممممم...ولكن هذا ليس كافيا لأتراجع عن الطلاق، أريد منك أمورا أخرى خارجة عن المعتاد، ولكن بالطبع لن تخرج عن واجباتك كشريكة فراش لي))

ارتجفت أنفاسها بغضب مكتوم وهمست

((ماذا تريد؟))

هنا انتقل مازن إلى الجزء المثير بالنسبة له وقال لها بهمس مغوي

((أمور كثيرة.. لكن لأسهل عليك سأبدأ من الأقل تعقيدا.. أريدك أن ترقصي لي..))

ابتلعت غصة مسننة في حلقها لتدمدم باختناق

((أنا لا.. لا أعرف.. لا أعرف كيف أرقص..))

أسبلت أهدابها بعذاب وقهر وهو يدقق النظر مفترسا ملامحها ليقول بصوت خشن

((ها! أرأيتِ أنك لا تستطيعين أن تكوني ولو ربع ما أريد وأتمنى!))

همّ بالمغادرة لولا أن هرعت تمسك ذراعه وتمنعه هادرة

((لحظة.. سأرقص لك.. سأفعل..))

نكست وجهها بعدما قالته بخضوع فاقترب منها وأعاد شعرها للخلف ثم مال إليها وأنفاسه تحرق وجهها.. ليهمس بصوتٍ خافت جعل قلبها ما بين ضلوعها ينتفض بقوة

((سأنتظرك إذن في الليل..))

كان جسدها يرتجف من فرط الذل والهوان الذي يجتاحها جراء طلبه لكنه أمسك وجهها بكفه بغتة ورفعه ثم قال وهو يحدق بأعماق عينيها الكسيرتين

((أداؤك في الرقص الليلة سيكون الحكم في مسألة طلاقنا))

سرت رجفة على طول ظهرها وهو يردد على مسامعها تلك الكلمات القاتلة.. حتى نظراته لها كانت نظرات خالية من اللين المتأصل فيه والذي يغمره على كل من حوله..

انسابت دمعة من عينها لتصل لإصبعه فمال طرف ثغره بابتسامة غريبة عنه قبل أن يغادر..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-21, 06:06 PM   #4844

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


كان مُؤيد يتكئ على عكازه وهو يتقدم للداخل بقدم مجبسة قبل أن يسمع والده يغمغم باقتضاب

((حسبي الله ونعم الوكيل.. حسبي الله ونعم الوكيل يا مُؤيد))

جلس مُؤيد على أريكة وقالت الحاجة زاهية بصوتٍ مفجوع

((يا حاج قدم ابنك أصيبت مرة أخرى وأنتَ تحسبن!))

كان صدر الحاج يعقوب ينتفض بعنف وهو يقول بصوتٍ مجهد منفعل

((لم يمضِ الكثير قبل أن حل الطبيب جبس قدمه وها قد تسبب بحادث آخر وتم تجبيس نفس قدمه المصابة مرة أخرى ولكن إصابته هذه المرة أشد من السابقة))

تمتم مُؤيد بمرارة حنظلية مستنكرا

((يا أبي أنتَ تتحدث كأني وقفت عمدا أمام تلك السيارة المسرعة وجعلتها تلامس قدمي))

قالت الحاجة زاهية وهي تطبطب فوق ظهر ابنها

((الحمدالله أن السيارة وقفت في اللحظات الأخيرة وحاولت الابتعاد عنها فلم تصب إلا قدمك، قدر الله وما شاء فعل.. الطبيب قال لمصعب أن الوضع ليس خطير حتى لو كانت الإصابة أبلغ من المرة السابقة))

غمغم الحاج يعقوب بصوتٍ خافت وهو يهز رأسه

((الحمدالله دائما وأبدًا، الحمدالله أن الحادث اقتصر فقط على قدمك.. ولكن حادثين على نفس القدم لا يفصل بينهما إلا أسابيع ليس هينا.. الحمدالله ولكن خذ حذرك يا مُؤيد))

ثم أردف باقتضاب وهو يلوح بيده لمُؤيد

((الله أعلم لكن ربما سبب كل تلك المصائب التي تسقط على رأسك يا مُؤيد هو ذنب زوجتك.. متى ستعيدها لك يا ولد؟))

تضايقت ملامح مُؤيد وأشاح بوجهه بعيدا، فتمتم الحاج يعقوب ساخطا

((حسبي الله ونعم الوكيل))

ثم استقام مغادرا المكان لا يتحمل البقاء معه في نفس الغرفة مِمَّا جعل مُؤيد ينظر لوالدته قائلًا بصوتٍ معذب

((أمي أخبري أبي أن يتوقف عن التحسب عليّ.. قلبي يؤلمني كلما سمعته يقولها لي وأنا من كنت أقرب أبنائه إلى قلبه ومن يضرب بي المثل))

تنهدت الحاجة زاهية بضيق ولم تعرف ماذا ترد عليه.. فتناول مُؤيد عكازه وذهب لغرفة ابنه المريض منذ الأمس.. وتبعته والدته بقلة حيلة..

جلس مُؤيد على سرير فهد يساعده على الاعتدال جالسا ففعل الصغير وهو ينهت بتعب قبل أن يضع داخل فمه حبة الدواء ويساعده على تجرع الماء لابتلاعها..

انتبه مُؤيد كيف أن حرارة طفله المرتفعة جعلت شفتيه بيضاوين متشققة..

أغلق فهد عينيه بألم وعاد يتمدد على سريره بجسده المنتفض قليلا..

وضعت زاهية كوب الماء فوق الصينية التي جلبتها ثم قالت بصوتٍ حزين لابنها المهموم

((لقد أخبرت فهد ألا يقترب من أخيه بعد أن ارتفعت حرارته ولكنه لا يرد ولا يسمع الكلام وها قد أصابته العدوى منه، سأنبه على يزيد مرة أخرى ألا يقترب من أولاد عمه حتى ينعموا بالشفاء إن شاء الله))

لعق مُؤيد شفتيه وهو يتنهد ببؤس وإرهاق.. ومواقف كثيرة وأصوات أكثر تتداخل برأسه..

في الماضي.. عندما يمرض أحد ولديه رتيل هي من كانت تسهر عليهم طوال الليل وتبعد الولد عن الآخر حتى لا يصيبه بالعدوى وتجعله ينام في غرفتهما وهو لا يقوم بشيء سوى التذمر منها..

كانت دائما تضع منبهات على الهاتف بحيث لا تنسى مواعيد أدوية المريض حتى لو كانت بأوقات متأخرة في الليل..

قالت الحاجة زاهية بمراوغة انتشلت ابنها من دوامات الشرود

((والله ما تفعله يا مُؤيد بأولادك لا يرضي الله، هل يعقل ألا يأخذك بحالهم أي شفقة أو رحمة! هل يعجبك أن يظلا هكذا كالمنبوذين من مربية لأخرى))

تحفزت ملامح مُؤيد ليتساءل ببطء

((هل تقصدين بكلامك إذن أن أعيد رتيل إلى ذمتي من أجلهما يا أمي؟))

استنكرت زاهية استنتاجه الذي وصل له من كلامها لتهتف به موبخه بمقت

((أيها ا-ل-د-ي-و-ث تريد فقط من يشجعك على إرجاعها لتفعل، لكن على جثتي لن أسمح لها أن تعود لك بل سأزوجك امرأة أخرى ولكن تنازل حضرتك ووافق))

امتعضت ملامح مُؤيد لكلام أمه التي غادرت المكان غاضبة..

وظل صامتا في ذلك التيه الذي يضرب رأسه..

كل ما يسمعه من جهات مختلفة يشوشه ويرسم له ألف تصرف بعقله بمسار متعرج لا يستقيم.. لا يوصله لأي قرار.. فقط ضجيج عنيف يعصف بعقله ليرديه صريع التعثر.. التشوش.. التيه..

ومن دون لحظة تفكير إضافية وجد نفسه ينتشل هاتفه من جيبه ويطلب رقما ما وسرعان ما جاءه الرد بصلف وجفاء

((نعم يا صهري.. أوه أقصد أن أقول نعم يا سيد مُؤيد الكانز بما أنك طلقت أختنا المسكينة من أجل زلة الله أعلم كم هي صغيرة وبسيطة ورفضت أن تعيدها حتى تتزوج من أخرى))

لم يعقب مُؤيد على تهكم صهره واتهامه بتطليق رتيل من أجل امرأة أخرى، ثم قال بصوتٍ واجم

((بعد أيام وبعد أن يتحسن حال ولديّ المريضين سأرسلهما عند والدتهما ليقضيا بعض الوقت معها))

صدرت من شقيق رتيل شهقة مستنكرة ساخرة قبل أن يقول بجلافة

((نعم يا حبيبي نعم! ما أتقاضاه أنا بالكاد يكفي عائلتي وأمي هل تريد مني أن أنفق على أولادك وأربيهم بنفسي!))

صحح له مُؤيد وهو يشدد على كلماته من بين ضروسه

((قلت سأرسلهم لكم ليقضوا بعض الوقت مع أمهم ولم أقل بأني سألقي رعايتهم على عاتقك، إنهما مشتاقين لرتيل وتلك المكالمات بينهم لا تسمن ولا تغني من جوعهما لها شيئا، ثم أنا سأرسلهما مع مصروفهما كاملا حتى لا يضطر أحد أن ينفق فلسا عليهما))

هتف به شقيق رتيل بامتعاض

((حبيبي لا نريد منك مالا ولا غير ذلك، الأولاد بعد الطلاق من واجب أبيهم وهو المسؤول عنهم بكل شيء، وهذا ليس كلامي بل كلام الشرع، بعدما طلقت أختي انسَ أن لها أولاد عندك))

انفلتت أعصاب مُؤيد ليزمجر به بانفعال

((أيها ا-ل-م-ن-ح-ط سأرسلهم لرتيل ليوم واحد بل لساعات، لا أكثر ولا أقل، سأوصلهم لبيت أمهم وأنا بنفسي من سأرحل بهم))

أصدر شقيق رتيل صوتا معترضا قبل أن يقول بمنطقه المثير للاستفزاز

((هي في البداية تكون زيارة لساعات ثم تصبح زيارات ليوم ثم لأسبوع ثم الأولاد يريدون الإقامة عند والدتهم ثم تنسى أولادك وتبلينا نحن فيهم ولكن لا يا حبيبي لم تحزر، لسنا نحن من نربي أطفال رجل غريب عن عائلتنا بل عن قريتنا كلها))

تغضنت ملامح مُؤيد نفورا من دناءة صهره.. وعرق أخضر بجبهته ينبض بشكل بارز بينما يسمعه يكمل

((مُؤيد لآخر مرة سأعرض عليك، يمكنك إرجاع أختي عندك ولو من أجل الأولاد وبالاسم فقط، المهم أن تحويها في بيتك وبعدها تزوج، سافر، افعل ما تشاء لن يسأل أحد عنك أو يحاسبك، لكن طالما ترفض أن تعيدها لذمتك فانسَ أنها كانت زوجة لك وأُماً لأولادك في يوم من الأيام، رتيل ستنساك أيضًا أنتَ وأولادك وستنشغل بالأطفال الذين ستنجبهم من الرجل الذي ستتزوجه بعدك))

انفلتت شتيمة خافتة من شفتي مُؤيد ما إن انتبه أن صهره أغلق الخط في وجهه بعد أن أفضى ما لديه من كلام أجج الدماء المغلية في عروقه.. بالكاد تحكم بأعصابه الفائرة حتى لا يرمي الهاتف أرضا ويحوله إلى قطع متناثرة..

شبك مُؤيد أصابع يديه واتكأ بذقنه فوقهم وهو يفكر ما الذي دهاه!

لم يكن يوما بهذا الضعف وعدم الاتزان وعدم الاكتمال..

ليضحي الآن كأنه حُطام رَجُلٍ لم يعد يقوى حتى على التألم..

هو مُؤيد مَن فؤاده رصّ من صخرٍ جندل ويَكسر ولا يُكسر يتأثر مِمَّا عافر به مؤخرا إلى هذا الحد؟

والأمرُّ أن كل ما حصل له في الحياة ليس لأنه فقد تلك الزوجة الصالحة التي ظنها عليها بل لأنه.. فقد حياة.. حياة لن تعود له كسابق عهدها..

طُرق فجأة باب الغرفة لتدخل والدته منه ولكن بملامح بشوشة أثارت توجسه خاصة وهي تقول له بينما تنظر بتردد لأحد ما يقف في الخارج

((مُؤيد عزيزي غادر من هنا فصبر ابنة جارتنا أم أحمد تريد الاعتناء بالولدين))

اتسعت عينا مُؤيد وهو يناظر فتاة صغيرة في العمر يلحظ توترها وخجلها، غاضّة بصرها عنه، وعندما لاحظ استغراقه في النظر لها سارع هو الآخر يغض البصر عنها بينما تتابع والدته

((صبر ما شاء الله تدرس التمريض وعندها خبرة في التعامل مع الأطفال وتطوعت أن تمرضهم طول الليل وتهتم بهم))

عقد مُؤيد حاجبيه لتقول والدته مكملة

((المربية السابقة التي جلبتها لهما كانت قاسية بعض الشيء ولم يكن عليّ أن أسمح لها أن تصرخ عليهم كيفا تشاء خاصة في فهد فهو طفل حساس))

أومأ مُؤيد بهدوء لوالدته بينما يده تمتد ليتناول عكازه ويتكئ عليه للمغادرة وإحراج قميء يجتاحه من نظرات صبر له المسترقة والمختلسة ولقدمه المجبسة خاصة وأنها بهذا الجمال الملفت الناعم..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-21, 06:07 PM   #4845

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي






في الزنزانة المنفردة..

لم تعرف شيرين أن تنام جيدا على السرير فوضعت المرتبة على الأرض ولفت حول عينيها رباط أبيض..

لكن لم يكن قد جاء وقت النوم فبقيت اللمبة الكهربائية الملتصقة بالجدار الأسود فوق رأسها مشتعلة لتشعر بها كنيران مذابة تنسكب فوق الرباط ثم تتسرب إلى جفنيها قبل أن تصل إلى عينيها..

تململت مكانها وهي تزيل عنها الرباط عندما جاءها طرق على نافذة بابها الفولاذي قبل أن تطل منه حارسة أخرى سمحة الوجه وكبيرة في السن لتخبرها أن الرائد مُعاذ يريد التحدث معها..

حاولت شيرين أن تضع على عجل وشاحها كيفما كان واعتدلت جالسة على السرير..

لفتها الحيرة بماذا قد يريدها مُعاذ الآن..

نهضت بعدها فاستقامت بتوتر ووقفت أمام النافذة حيث وقف هو بشموخ أمامها..

أمعنت النظر بملامحه العادية من خلال النافذة التي تعلو الباب الفولاذي.. قبل أن يسألها بصوته الرخيم

((كيف حالك يا شيرين الآن؟ هل اعتدت على هذا المكان هنا؟))

تلبكت وهي تناظر بعجب الحارسة التي تقف خلف معاذ ليبرر لها الآخر

((لا تقلقي، الحارسة أم محمود سبق وأخبرتها عنك وعما مررت به هنا، أنا أعرفها منذ زمن، إنها امرأة طيبة ولا تتأخر عن تقديم المساعدة لمن يحتاجها))

ابتسمت المرأة الكبيرة في السن لشيرين التي كانت تطالعها لتدعم كلام معاذ مما جعل شيرين تقول بخفوت بعد لحظات

((صحيح أن الغرفة هذه تظل مكان في السجن لكنها أفضل من غيرها حقا، على الأقل يوجد نافذة وهي خالية من أي حشرات))

قهقه معاذ على كلامها ثم عقب

((نعم أعرف كيف هي الحشرات، كابوس لجنس حواء))

لوهلة بقيت شيرين ضائعة في ضحكته الرجولية الجذابة القادرة على غزو قلب أي أنثى وامتلاكه في راحته مكتوف اليدين!

ثم سرعان ما هزت رأسها تجلي تأثيرها عنها قبل أن ترد بخجل

((الحقيقة أنا لم أعد أخاف منها، لقد اتضح أني شجاعة وقد تبدد خوفي والوهم الذي كنت أعيشه من تلك الحشرات الصغيرة التي يجب أن تخاف هي مني لا العكس، لكن من اللطيف عدم رؤيتها))

هز معاذ وجهه لها بتفهم قبل أن يغمغم بصوتٍ أجشٍ عميق

((لا تقلقي لن يطول بقائك هنا في الانفرادي وسرعان ما ستعودين للعنبر الأول الذي كنتي فيه، وبعدها ستظهر براءتك لتخرجي من هنا.. أنا تحدثت مع المحامي الذي تم تعيينه لك))

صمتت شيرين تطالعه بامتنان لكن لم تقدر أن تقول شيء..

شعرت بغصة في حلقها وعضت على شفتها السفلى.. لا تعلم لٍمَ يعاملها مُعاذ هنا كما لم يفعل أحد حتى لو كان متأكدا من براءتها؟

هل يشفق عليها ويتعاطف معها أم يحمل نفسهُ مسؤولية ما فعله وليد بها لأنه لم يفهم ما تعانيه عندما استنجدت به منه!

ابتلعت شيرين ريقها بصعوبة وساد صمت طويل بينهما..

حتى أن الحارسة أم محمود ابتعدت عنهما وذهبت لتجلس في زاوية بعيدة.. كأنها تريد أن تتركهما ليتحدثا على راحتهما مثلا؟

صدح صوت رنين هاتف معاذ فانتشله من جيبه ورفعه ليقول عفوية

((إنه أخي مُؤيد مجددا، أحاول أن آتي عندك والتحدث معك في وقت استراحتي لكنه يعرف هذا الوقت تماما فيتصل بي أثناءه!))

كان يناظرها بتساؤل أثناء حديثه كأنه يأخذ رأيها بالرد عليه! رفرفت شيرين بعينيها ولم تعرف ماذا تجيبه.. فقد ظل يطالعها يريد ردها مما جعلها ترفع يدها تمسح فوق وجنتها المحمرة بحرج وتقول بخفوت

((وهل تسألني حقا؟ بالتأكيد يمكنك الذهاب والرد عليه))

رد مُعاذ على اتصال أخيه لكنه لم يذهب بعيدا بل بقي بالبهو يسير فيه بينما يصل جزء من صوته لشيرين داخل زنزانتها..

تساءل معاذ بهدوء وهو يضع الهاتف على أذنه

((هل حدث شيء يا مُؤيد في البيت أم هو اتصال عادي؟ كيف هي إصابة قدمك؟))

كتفت شيرين ذراعيها وهي لا تزال تصغي وتمعن التفكير بذهن متيقظ بكلام معاذ مع أخيه طوال دقائق المكالمة..

لم تفهم كثيرًا مشكلة أخيه التي جعلته ينفصل عن زوجته إلا أنها بسبب تفكيره المتزمت..

قاطع مُعاذ أفكارها عندما أنتهى من اتصاله وهو يعود ليقف أمام النافذة مبتسما لها ويتحدث بهدوء متأصل فيه

((أخي مُؤيد هذا لا يرى الصواب والخطأ إلا بعينه دائما، كل المبادئ لها معايير مختلطة ومختلفة لديه، قاس المراس وصعب الإرضاء، وحتى بالمهادنة يصعب أن يصل أحد له.. لا يحب أن يخرج بزوجته أو تخرج هي مع الأولاد لتزور أحد أو تتخذ صديقات والى الآن لا يستوعب سبب فشل زواجه هذا))

فهمت شيرين أن مُعاذ يريد التحدث معها بموضوع أخيه دون الدخول بالتفاصيل فبادلته ابتسامة رقيقة وهي تقول

((لم أفهم تحديدا ماذا حصل لكن لو يعلم أخاك مُؤيد قدر الراحة النفسية التي تشعر بها المرأة بعد لقائها بصديقتها لحفز زوجته على لقائها.. فوجود الزوج في حياة زوجته لا يُغنيها عن صداقاتها وجاراتها وأهلها.. هل يستطيع هو الاستغناء عن علاقاته الاجتماعية ولقاءاته بالأصدقاء مكتفيًا بزوجته داخل البيت وخارجه؟))

رفع مُعاذ عينيه يحدق بها بابتسامة مستمتعة بحديثها بينما يعيد هاتفه إلى جيبه..

فتوترت شيرين من ابتسامته تلك بسبب جاذبيته الرجولية.. لا بل ربما بسبب أنها ابتسامة تضج بالاحتواء والحنو وكأنها ابتسامة رجل لامرأة مميزة في حياتها.. عند هذه الفكرة ازداد توترها فسارعت تكمل حديثها مؤكدة في نفس الموضوع

((أنا لا أمزح يا مُعاذ.. سهر مهمة جدًّا في حياتي.. هي بمثابة طبيب نفسي لي ولا أدري لو لم تكن موجودة كيف سيكون حالي، فهي من كانت بمثابة حلقة وصل بيني وبين أخوالي منذ دخولي هنا ولا تتوقف عن زيارتي))

صدرت منه ضحكة مبحوحة قصيرة.. ورغبة شقية أن يكون له في حياتها معنى ووجود مهم.. كتلك الرغبة التي كانت تجتاحه عند رؤيته لها في أيام والدها الأخيرة..

وهي شاركته ضحكة خافتة ملئ قلبها.. رغم الهموم الثقيلة الظاهرة على وجهها المرهق..

اقتربت أم محمود من معاذ تقول بصوتها الوقور تنبهه

((يا سيادة الرائد انتهت نوبتي الآن وسأغادر بينما ستحضر حراسة النوبة المسائية، تعال معي حتى لا تجلب أي انتباه على شيرين، لن يعجب أحد أن يكون هناك تواصل مستمر وطويل بينك وبين إحدى النزيلات))

طالعها مُعاذ بامتنان وعرفان على مساعدتها له ثم قال

((نعم بالتأكيد، هذا هو ما أحرص عليه))

ثم تطلع لشيرين يقول بثبات سرق نبضات قلبها

((إذا احتجت أي شيء يا شيرين لا تتردي بإخباري أو إخبار أم محمود))

غادر المكان ولحقته أم محمود الطيبة بعد أن ألقت السلام على شيرين وأغلقت النافذة عليها..

سمعته يلقي بعض التعليقات على ضابطات النوبة الحالية في الخارج بصوتٍ فيه رنة هيبة فطرية وقوة هائلة تبهر أيا من كان أمامه..

هل لا زالت تلوم نفسها أنها اتخذته من البشر مليئا لنفسها من وليد منذ البداية وكل شيء به ينفض كيانها نفضا ويهز عروش ضعفها هزا..

جلست شيرين على سريرها وهي بالكاد تمنع ابتسامة من أن تشق تغرها..

مُعاذ يثير بداخلها مشاعر جميلة لم تكن تعرف بوجودها في هذه الحياة.. حتى عندما كانت واقعة في الحب مع وليد..

شخصيته لا تقل جاذبية عن مظهره..

فيها تناسب طردي.. تناسب لذيذ..

حينما يتحدث معها برقة ثم تتبدل لهجته بغير لين مع موظفي السجن..

حينما يتعامل معها بحنان.. يتبدل لخشونة وحزم مع الباقي هنا..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-21, 06:08 PM   #4846

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي




ليلا..

وبعد أن تأكدت ياسمين من نوم ابنتها ولجت لجناحها وفتحت خزانتها تخرج منها أقصر قميص ترتديه..

أنهت تجهيز نفسها لتشعر بالتوتر يجتاحها أكثر..

بدأت تدور في الغرفة بغير هدى وهي تفرك يديها بعنف بانتظاره..

وعندما تأخر الوقت أمسكت هاتفها لتتصل عليه لكن غلبها توترها فألقته بعيدا..

عادت تذرع الغرفة ذهابا وإيابا وهي ترتجف من فرط الارتباك قبل أن تقرر أخيرا إمساك هاتفها مجددا وتكتب له باختصار

"هيا يا مازن احضر.. لقد تجهزت"

وصلها أكثر رد مستفز تخيلت أن يكتبه لها

"أنا مشغول ولست متفرغا الآن"

تضرجت حمرة الإهانة بوجهها ووجدت نفسها تتصل به ثم تنفعل هاتفة

((مازن هل جننت!؟ قلت لك أن تحضر هل سيطول هذا الذل قبل أن تفعل!))

تذمر لها باقتضاب

((انظري إلى هذه الفظاظة! كيف تريدين مني مغادرة سهرتي اللطيفة في تنظيف القبو والقدوم لرؤية امرأة مثلك!؟))

اتسعت عيناها عندما أغلق الهاتف في وجهها وبدأت دقات قلبها تخفق ألما وهوانًا..

ازدردت غصة مسننة ثم عادت تطلب رقمه من جديد وما إن جاءها رده حتى قالت بصوتٍ مختنق تصطنع اللطف والدلال بصعوبة

((مازن.. أنا تجهزت.. هل يمكن أن تأتي الآن؟))

جاء رده باردا كالثلج

((ولماذا آتي؟ ماذا هناك عندك؟))

يبدو أن المهانة والإذلال هذه الليلة لن ينتهيا أبدًا..

عضت على شفتها في خزي، ثم نطقت بصعوبة

((مازن لا تراوغ، تعال فورا.. لو سمحت))

تنهد مازن بضجر ثم قال

((أنا لن أجلس طول الليل أسألك، إذا لم تريدي إجابتي سأغلق الهاتف..))

هرعت تقول بلهفة ورجاء

((لحظة.. لحظة.. لحظة يا مازن أرجوكَ لا تغلق.. لقد جهزت لك نفسي))

شاب نبرته المكر والتسلية وهو يقول

((لا تتحدثي بنبرة مبهمة، اشرحي أكثر))

تقبضت يد ياسمين الأخرى التي لا تمسك الهاتف حتى ابيضت ثم قالت بصوتٍ معذب

((أريد أن أرقص لك، هل يمكن أن تأتي يا.. يا..))

حثها أن تكمل بشقاوة

((يا ماذا؟))

بالكاد أجبرت صوتها المحتقن المكتوم أن يتلفظ

((يا حبيبي هل يمكن أن تأتي))

همهم مازن للحظات تفكير أتلف فيها أعصابها ثم قال بعنجهية

((ممممم.. حسنًا سآتي لألقي نظرة لعلي أجد ما يسر الرائي))

ومرت دقائق حتى فتح باب الجناح عليها ثم دلف للداخل وهو يضع يديه في جيبي بنطاله ويقول باستياء وهو يطالعها جالسة على السرير

((ماذا تلبسين! ألم تجدي شيئا عندك يظهر مفاتنك أكثر من هذا! لا بد أن أمي العجوز ترتدي أمام أبي بعد أن يُغلق الباب عليهما ملابس أكثر إغراءً))

تنافرت عروقها وبرزت كأنها تهرب من السعير المتقد في داخلها جراء ما يقوله لكنها غضت بصرها عنه وقالت في حرجٍ مرير

((ليس عندي قمصان نوم تناسب العرائس!))

تنهد بضجر ثم قال وهو يلوح يده لها باستخفاف

((حسنًا هيا ارقصي وخلصينا، لي الجنة إن شاء الله على هذا التقشف الذي أعيشه معك))

بشق الأنفس أجبرت نفسها على الوقوف من مكانها فسمعته يزفر قبل أن يتبرم بضيق ممزوج بالحسرة

((يا إلهي! لقد بدا هذا القميص أقصر عندما كنت جالسة! رباه! حظي تعِس للغاية))

تدحرجت عبرة يتيمة على خدها ومع ذلك حدجته بعينين ناريتين..

أما هو كان يريد أن يمحي بوادر التمرد من عينيها فأشار لها باستخفاف أن تتقدم ثم أمرها بعنجهية

((حلي أول زرين من القميص الذي ترتدينه))

كادت أن ترتجف وتبكي من الطريقة المهينة التي يحدثها بها.. لكنها أطاعته وتحركت أصابعها نحو أزرار قميصها تحلها ببطء كان مقيتا له مِمَّا جعله يهتف باقتضاب ويقول كمن يحدث جارية أو مملوكة له

((لن نخلص هكذا إلا بالغد.. تعالي اقتربي مني أحله لك.. اقتربي..))

برضوخ تقدمت منه فمال لها وقال

((دعيني أحل أول زرين من قميصك.. أو ربما أول عشرة أزرار..))

وقام بحل كل أزرار القميص وحررها منه وعندما أرادت ستر مكامن أنوثتها ثبت ذراعيها إلى جانبي جسدها..

أغمضت عينيها عاجزة عن رؤية نظراته إلى جسدها..

استمر الوضع لدقائق قبل أن تفتح عينيها ببطء وتنتبه أن عينيه لم تنحسرا عن وجهها.. كأنه لا يريد أن يمتع نظره بجسدها بل يريد فقط إذلالها..

أشاحت بنظرها عنه تخفي هزيمتها.. قبل أن تشعر بصدى أنفاسه الحارة وهو يقول

((والآن لأشغل أغنية تناسب الرقص.. له لديك اقتراحات أغاني ستساعدك في عرض إمكانياتك التي قد تجعلني أتراجع عن الطلاق الليلة؟))

لم تجبه فترك يديها وأعاد رأسه للخلف هادرًا

((ابدئي الرقص من الآن ريثما أختار أغنية على ذوقي))

فغرت شفتيها تحدق به.. هل حقًا يريدها أن ترقص له.. هكذا.. شبه عارية لا يسترها إلا القماش القليل..

دمعة أخرى وقفت على حدود عينها..

لحظاتٍ مرت كالدهر عليهما وهي متجمدة مكانها. وهو يمعن النظر إليها عن كثب.. مشيدا بينه وبين نفسه بقدرتها على الجلد والتحمل دون أن تثور أو تنفعل أو تتمرد!

ما إن أجبرت نفسها أن تبتعد عنه لتباشر ما طلبه منها حتى عاد يأمرها ببراءة منقاضة للعبث الذي يتجلى على ملامحه

((أوه مهلا توقفي يا ياسو.. لحظة.. هناك شيء أخر))

ثم أردف لها بما جعل الدماء تفور من وجهها

((تعرفين أني أعشق شعرك يا ياسو.. أطلقيه لي))

ازدادت تسليته وهو يراها تطبق على أسنانها تتميز غيطا قبل أن ترفع يديها وتحرر شعرها من الرباط المطاطي المحكم.. ولكن ببطء بسبب ارتجاف يديها..

تشدق بنزق بعد التنهيدة المئة

((لن ننتهي هكذا.. اقتربي مني مجددا لأفرده لك))

واجتذبها له ليسحب هو الرباط الذي يحتضن شعرها..

شعرت برغبة في الموت للتخلص من هذا الذل وهو يعاملها كجارية بين يدي سيدها الذي اشتراها بأمواله لتلبي رغباته الجسدية..

أغمضت عينيها حتى تمنع دموعها من الانهمار..

بعدما أطلق مازن شعرها الطويل الكثيف صوب بصره إليها متوهجا بالرضا واتسعت ابتسامته ثم عدل جلسته يضع قدما فوق الأخرى وطفق يقول ببسمة لعوب مُستفزا جمودها

((هيا ابدئي الآن..))

صمتٌ أحكم قبضتيه على عنقها فأبى الهواء التزاحم لدخولها!

فظلت متسمرة مكانها كمن شُلَّت حركته.. فعاد يلح عليها قائلًا

((هيا ارقصي.. إلى متى سأنتظر!))

كان ساخرا بحديثه بتهكم مجردٍ من الرفق أو الإنسانية فشعرت ياسمين بتقلصات في معدتها وحتى رجفة جسدها ازدادت.. وشعرت بالبرودة تسري في أجزاء جسدها..

احتشدت المزيد العبرات لتتجمع بعينيها وتلسع مقلتيها بألم من الإذلال الذي تتعرض له..

وهو لا يرحمها وهو يردف بنبرته المتهكمة بحدة راسخة

((كم سأنتظر حتى ترقصي! تحركي وافعلي أي شيء آخر لتغويني.. أريدك أن تزلزلي روحي المتقشفة الجافة أيَّما زلزلة))

تراجعت خطوات للخلف وحانت منها نظرة لانعكاس صورتها على مرآة منضدة الزينة قبل أن ترى نفسها كلها..

ورباه كم شعرت بنفسها محطمة وجدرانها هشة.. وكرامتها المتعرية ممزقة إربا.. إربا..

إنها حرفيا أمامه كجارية سقيمة تحاول إرضاءه.. كل هذا فقط حتى لا يرميها في الخارج ويفسد أمانها مع ابنتها!

تهالكت ركبتيها تحتها وانثنت على الأرض راكعة بضعف يمزقها وملأت السكون بدوي نشيجها وقد سالت دموعها على وجنتيها أنهارا وهي تحتضن نفسها بذراعيها وتشعر بالامتهان وذل يحكم قبضته جيدا على قلبها وعقلها وروحها..

ظل مازن للحظات بلا تعبير واضح عليه ينظر لها باكية.. كالشاة المساقة إلى الذبح..

تقدم منها وأمسك بوجهها بين كفيه يمسح دموعها الجارية تارة بإبهاميه وتارة بشفتيه.. يخفف عنها بصوته المبحوح

((يكفي يا ياسو.. يكفي..))

مال ليغمر شفتيها بقبلة لكنها امتنعت عنه وقالت من بين شهقاتها بارتعاش شعورها العارم

((فقط ابتعد عني وغادر المكان))

في أي مرة اقترب منها قبلا لم تكن تحاول التمنع ظاهريا أو الرفض صراحة لكن بعد دقائق الذل هذه التي أذاقها لها شعرت أنها لن تتحمل قربه أو لمساته أبدًا لذلك نهرته أن يبتعد..

تصلبت ملامح مازن وقال بثبات وكبرياء

((حسنًا سأغادر المكان وأعود للقبو لأكمل تنظيفه، أخاف إن بقيت هنا أن تظن عائلتي أني تراجعت عن طلاقك))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-21, 06:08 PM   #4847

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

بيت مصعب ونورين.. غرفة النوم..

كانا الاثنان متمددان على السرير.. تململت نورين التي لم يغمض لها جفن طوال الليل مكانها.. سارحة تفكر وتشعر بمصعب المتمدد جوارها غارق هو الآخر في التفكير، معتقدًا أن ظلمة الغرفة الدامسة ستخفي قلقه وألمه على حال ابنة عمه..

شعرت أنها تتألم لردة فعله التي تجرحها رغم أنها شعرت بشيء من الألم لأجل رشا.. لا بد أنها عانت حتى تغلبت على المرض الخبيث ولعلها عانت أكثر من نهو مصعب في الماضي عليها وهذا ما دفعها أن تهرب منه ومن البلاد كلها إلى أمها التي تمكث في الخارج..

لكن هل مرضها الذي شفيت منه قد يجعلها تسمح لمصعب أو لرشا التلاعب بحياتها ومصيرها لتدفع ثمن ماضيهما؟

التفتت نورين لمصعب تهمس مناديه إياه في الظلام، لكنه لم يجب كأنه يريد أن يتظاهر بالنوم..

نادته نورين هامسة من جديد وهي تمد يدها له لتلمس وجهه تريد أن تتأكد من أن عينيه لا تدمعان أثناء غرقه في شروده.. لكنه شعر بها فأمسك بيدها قبل أن تصل إلى وجهتها، وقال هامسًا

((أريد النوم يا عفريتة، هيا اخلدي للنوم))

لكنها أحست برغبة ملحة في الاقتراب منه، فعادت تمد يدها إلى عينيه ليردعها وهو يكرر بإصرار حازم

((أريد النوم يا نورين.. لو سمحتي))

همست له بصوتٍ متحشرج

((لكني مشتاقة لحضنك، لا أعرف النوم بعيدًا عنك، أنتَ شارد بعقلك منذ أيام وتهملني))

قال لها بعد لحظات صمت

((أنا متعب، كان اليوم متعبا وطويلا في عملي بالمشفى، نامي وسأعوضكِ لاحقًا، أعدك))

كان صوته الحزين المبحوح واضحًا، وكأنه متألمًا أكثر مما تخيلتْ هي أو توقعتْ..

كل هذا الألم لأجلها هي رشا!

هل عليها أن تعطي نفسها الحق في محاسبته على مشاعره وأشجانه وذكرياته تلك التي يحاول أن يخفيها احتراما لها ويفشل؟

خاصة وأنه تزوج منها بشكل فجائي ولم يعطَ وقت ليتخلص منها قبل الزواج؟

اعتدلت نورين جالسة في مكانها وهي تضع يدها فوق بطنها البارزة قليلا وفتحت إنارة المصباح الخافت قبل أن يختضّ جسدها وتجهش بالبكاء..

اتسعت عيناه من بكائها الفجائي وانتفض جالسا يحاوط كتفيها ويقول بلهفة قلقة وعيناه تتجولان على وجهها المُحمر قبل أن يقربها أكثر اليه يثبط خوفه هو عوضًا عن خوفها

((ماذا هناك يا نورين؟ لماذا تبكين؟))

لم تجبه نورين بل ظلت تبكي وتبكي بانهيار.. ينتفض جسدها كله بالبكاء.. تهز رأسها وهي تقول بحشرجة

((أنا لا أستطيع التحمل، منذ أن عرفت بعودة ابنة عمك هنا ولا يهنأ لي نوم، ألتزمُ الصمت حتى لا أزعجك بأفكاري السخيفة لكني أشعر أنك تغيرت عليّ، تغيرت كثيرا))

ما إن فهم ما ترمي إليه حتى عقد حاجبيه يقول بحزم

((هل هذا سبب بكائك الشديد؟ نورين.. قلت لك ألف مرة أني لم يسبق وأن أحببت رشا لا قبل ولا أثناء ولا بعد زواجنا، لكن من الطبيعي أن ينشغل تفكيري بها قليلا هنا فهي ابنة عمي وكانت مريضة ومع ذلك أحاول جعل هذه المشاعر لا تظهر لك وأن أكون

حليفكِ ضد نفسي وضد ماضيَّ))

عند هذه النقطة ومع هذه الكلمة انفجرت هي بالبكاء أكثر والنحيب لتقول بلوعة

((هل انشغال تفكيرك بها فقط لأنها كانت مريضة؟ لأني في الماضي كنت أقول لنفسي أن كل ما تكنه لرشا هو فضول طبيعي عند أي شخص لتعرف كيف تعيش وماذا لديها لتفضل السفر على البقاء معك فهي من تركتك وربما أنتَ لا تزال تشعر بالإهانة والقليل من الغضب على ما حصل.. لذا قررت قبل هذا ألا افتح لك موضوع رشا أبدًا وأعطيتك مساحتك من الحرية للتفكير فأنتَ إنسان قد مررت بتجربة ربما كانت مؤلمة بالنسبة لك حتى لو كنت أنتَ المخطئ فيها وحاولت أن أعوضك عن تلك التجربة السيئة بالمحبة والتقبل والتفهم ولكن..))

لم تكن ترغب بالبكاء العنيف قدر رغبتها بالصراخ النابض انفعالا..

الصراخ بوجهه هو..

وهو.. حيث حاله ظل.. بلا كلمة.. فاغر الشفتين وقد ترققت ملامحه قليلا..

أما هي فكان جسدها لا يزال يرتعش بقوة وشهقاتها تعلو وترتفع وبلا وعي منها تزيد بالبكاء لعلها تفرغ هذا الاختناق المريع بداخلها..

وما إن هدأت قليلا همست له بتوسل

((مصعب أريد التحدث لك بشفافية وصراحة حتى لا أفترض الأشياء من عندي ولا أتصرف بناء على محض أوهام من نفسي))

أثّر بكاؤها عليه ولوهلة عرف فداحة خطأه لأنه لم يستطع احتوائها الفترة السابقة التي عادت فيها ابنة عمه.. ازدرد ريقه قبل أن يقول لها بحنو وعاطفة

((نورين أنا لا أخدعك، أنا لم أحب امرأة في حياتي غيرك، زواجي برشا لم يكمل السنة ولم أشعر فيها تجاهها بالحب.. لكن يا عفريتتي الحبيبة لا تطالبيني بالبوح أكثر من ذلك، ففتح دفاتر الماضي لن نكسب منه شيء إلا إفساد حاضرنا فلننساه ولنتركه في طي الكتمان..))

قاطعته تقول بإصرار وعناد صلب

((لا مصعب.. عدم صراحتك في إفراطك بالتفكير بابنة عمك لن يحسن من الأمر.. عليك أن تخبرني بكل شيء يتعلق بماضيك معها طالما أنه الشيء الوحيد الذي سيجعلني أثق بك وبحاضري ومستقبلي معك، كل مرة تفتح معي السيرة أغلقها هنا، لكن هذه المرة لن يحدث هذا أبدًا..))

أشاح مصعب بوجهه عنها وقد عرف أنه لا سبيل لإقناعها وإمدادها بشعور الأمان إلا ببوح الحقيقة لها وهذا ما لن يستطيع فعله فقد أعطى لرشا كلمة بعدم إخبار أحد..

هو لا يقبل أن يفضح ولو تلميح من بعيد لأي فتاة فماذا لو كانت الفتاة هي ابنة عمه وشقيقة يحيى!

عندما رأت نورين إصراره على عدم البوح هتفت به بغضب حارق

((لقد أخطأت بحبي لك وحمل طفل في أحشائي.. أخطأت بجعلك تجتاح حياتي بهذا الشكل العميق في حين أنك في المقابل لم تفعل نفس الشيء، لم يكن عليّ أن أشعر بالأمان العاطفي معك أبدًا..))

كانت تهم بالابتعاد عن السرير وهي تسترسل

((لا أصدق أني امرأة بلهاء مغفلة سرعان ما أحست بالأمان والحب معك بعد الزواج..))

أمسك بيدها يجتذبها لصدره معانقا إياها بقوة رغم تعنتها ورفضها في البداية.. وتسرب له بوجدانه ألم مبرر على ما تسبب به لها..

دفنت نورين وجهها في صدره تبكيه وتبكي حبها له.. لدقائق..

خفتت شهقاتها إلا من نشيج خافت لتدرك بصدمة أنه يضمها إليه كأنه يواسيها فتراجعت بملامح منقبضة وعيون زائغة وهو تركها دون مقاومة..

تطلعت له باضطراب..

إنه يريد غمرها بعض الحنان عن قصد حتى يُسكتها وتستلم لهذا الحنو الغادر بخنوع ليعود إلى شروده في ابنة عمه..

هذا بالضبط ما فعله بها في الماضي في كل مرة كانت تفتح له سيرتها..

وهي من الآن وصاعدا لن تسمح لهرمونات ضعفها أن تتحكم في عقلها وتسلبها القدرة على التفكير المنطقي لتتقبل خداعه بكلِ نفسٍ راضية للعودة إلى نعيم حنانه..

فتحت شفتيها قليلا تقول بصوتٍ مختنق

((أتعلم ما هو الحب؟ هو أن تضع نفسك تحت من تحب وأنت تعلم أنه لن يستغل ضعفك وعجزك أبدًا، لكن الآن لا أشعر بذلك معك، لأني أظن أنه في أي لحظة قد تخبرك ابنة عمك أنها تريد العودة لك لن ترفض.. وأنا سبق وأخبرتك حتى لو كنت متأكدة من حبك لي فأنا لن أقبل بك كرجل مشترك تمارس البطولة في حكايتين ومكانين ومنزلين.. قلبي لن يتحمل أن تشاركني بك امرأة لها فيك ما لي أنا))

كان لازال بوجه صلب يمعن النظر فيها بينما هي نشجت بقوة وهي تشهق بهمسها المختنق

((أنا نادمة لأني لم أستغل تلك الفرصة التي خيرتني بها بين البقاء عندك برغبتي أو العودة لعائلتي مع تحملك كامل مسؤولية كل شيء، مع الأسف لم أكن ذكية بما يكفي لأعلم أن عليّ أن أرحل قبل أن يربطني بك طفل..))

قامت من مكانها تنظر حولها بتشتت قبل أن تفتح خزانتها وتخرج ملابس لها وهي تكمل هاتفة

((أنا أساسا لا أشعر معك بسعادة وراحة كلية فأنا هنا أعيش بلا هدف، فلا أكملت دراستي كما كنت أحلم، ولا أعمل بمجال قريب أو بعيد من تخصصي))

هنا فقط استطاعت أن تنجح بجعل ملامحه تضطرب إلا أنه لم يعقب عليها بل قام من مكانه يقف مقابلها هاتفا باستنكار

((لماذا تحزمين أغراضك في الحقيبة؟))

أجابته بانفعال وهي مستمرة بانتشال ملابس تخصها من الخزانة

((سأذهب عند عائلتي ولن أعود الآن))

ولوهلة توقفت يدها عما تفعله خوفا من أن يعايرها بطريقة زواجهم.. بأنها كانت عروس ثأر ولا يحق لها ما يحق لغيرها تزوجت زواجا طبيعيا.. إلا أنها سمعته يقول بصوتٍ واجم قبل أن يبتعد عنها

((حسنا إذن أكملي حزم أغراضك وأنا سأوصلك!))

ما إن غادر الغرفة حتى شعرت بقلبها ينغزها صراخا كأنه استيقظ فجأة فاعتصر نفسه يتضرع الرحمة..

أفرج ثغرها عن شبه ابتسامة تتقاطر منها الأوجاع وهي تتابع بحركات لا حياة فيها ارتداء ملابسها..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-21, 06:10 PM   #4848

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في الطابق الأرضي في القصر حيث القبو الذي كان عبارة عن مخزن كبير حوله مازن إلى مكان صالح للجلوس فيه بعد أيام من سلسلة تنظيف منهك..

دعا مازن جميع أصدقائه إلى هذا القبو لمشاركته في ألعاب الفيديو وبعض الألعاب القديمة بنكهة الطفولة كما كانوا يفعلون في الأيام الخوالي..

تواجدوا عنده من الصباح يلعبون جميعا في منتديات الألعاب ويتنافسون في الدورات الإلكترونية التي يتواجد بها عدد ضخم من اللاعبين.. كانوا جميعا يستمتعون بوقتهم وهم منعزلين بأنفسهم في عالم آخر كليًا..

تكفلت منال بصنع كل وجبات الطعام اللذيذة له ولأصدقائه كما وعدته بعد أن أخبرها برغبته بدعوتهم هذه المرة عنده..

عند حلول الليل غادر أصدقائه المكان ورافقهم مازن للخروج قبل أن يعود أدراجه للمخزن وبطريقه قطع والده عليه السير وهو يسأله بتجهم

((هل غادر جميع أصدقائك؟ ماذا كنت تفعل معهم منذ الصباح؟ ألا زلتم مدمنين على تلك الألعاب الإلكترونية التافهة؟))

رسم مازن ابتسامة عريضة وقال

((أبي ألعاب الفيديو ليست تافهة بل تساعدني في الاندماج مع التطور التكنولوجي الهائل، والذي يعتبر بدوره سمة من سمات العصر الحديث والمستقبلي))

رماه الحاج يعقوب بنظرات الازدراء وهو لا يراه إلا سفيها تافها قبل أن يقول بخشونة

((انظر لمالك كيف نضج بمجرد أن أنهى الثانوية وتوقف عن هذه الألعاب السخيفة.. لماذا لا تصبح مثله؟))

عبست ملامح مازن واعترض قائلا

((مالك يحب كرة القدم وأنا أحب ألعاب الفيديو، نفس الشيء باختلاف نوع الهواية))

أصدر والده صوتا ساخرا محتقرا له قبل أن يستدير مبتعدا.. غير راضيا أبدًا عن طريقة عيشه لحياته..

لم يهتم مازن بنظرات أو أفكار والده عنه السلبية فهي لن تتغير أبدًا مهما فعل..

ذهب لجناحه يخرج من خزانته كيسا فخما يحتوي سوارا ذهبيا كان قد اشتراه لياسمين مع بيت الدمى لابنته هدى بالمال الذي أخذه من مُعاذ بذريعة تحسين علاقته معهما..

أعطى بيت الدمى لهدى وكسب قلبها لكن ياسين فلا امل لهما سويا، ويستحسن منه أن يعطيه لامرأة أخرى لم تتوانَ مؤخرا في بذل جهدها من أجل سعادته..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-21, 06:12 PM   #4849

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أحكم إمساكه بالكيس خاصته ثم توجه نحو المطبخ يهتف عاليا

((منال العزيزة، أين أنتِ؟))

وكانت فعلا منال الوحيدة في هذا الوقت من اليوم لتنظر له بتوتر يتقدم منها..

تساءلت بصمت عن سبب مجيئه وقد كانت تريده أن يبقى في القبو حتى تبدأ خطتها مع ابنتها..

لكن مازن أخرج السوار الذهبي من الكيس وهو يقول لها بصوتٍ مبحوح

((لا تتصورين مقدار امتناني للجهد الذي بذلتيه اليوم في إعداد تلك الولائم والحلوى لأصدقائي، لقد قضينا وقتا لا ينسى بفضلك))

تناولت منال السوار منه متسعة العينين ومخطوفة الأنفاس قبل أن تقول بانبهار وهي تتفحص السوار

((لا تبالغ يا سيد مازن هذا واجبي))

تنحنح مازن قبل أن يقول بجدية وعرفان

((لا ليس واجبك فأنتِ تعملين هنا في المطبخ لإعداد وجبات العائلة والمزارعين ولست ملزمة بأصدقائي خاصة وأنك منذ الصباح لم تتوقفي عن طرق باب القبو وتزويدنا بأطباق الطعام والحلوى والمقرمشات، أنا أقدر لك ذلك جدًّا))

كانت منال لا تزال تتفحص السوار بينما يقول لها مازن بابتسامته الآسرة

((سوار الذهب هذا بسيط، ولكن أتمنى أن ينال إعجابك يا منال فلا بد أنك أرهقت من الاهتمام بمعدتي والأطعمة التي أحبها))

ادّعت منال التأثر وشكرته بامتنان على هديته الغالية.. ثم شهقت بهلع كمن خافت من نسيان أمر مهم.. وبتوتر حاولت إخفاءه ذهبت لتجلب كوبا من الثلاجة وتناوله إياه بلهفة قائلة

((مازن لقد أعددت قمر الدين لك هيا اشربه الآن))

وضع مازن يده فوق معدته واعترض بلطف

((أنتِ تعرفين أني أعشق قمر الدين لكن لن أستطيع أكل أو شرب أي شيء آخر))

ألحت عليه منال برجاء خبيث

((ماذا لو قلت لك أني مصرة أن تشربه كاملا أمامي ولن أسمح لك بالمغادرة قبل أن تفعل ذلك))

إصرار منال المستميت جعل مازن يرضخ لرغبتها ويتجرع كأس العصير المنعش البارد كاملا قبل أن يشكرها عليه ويغادر..

وبمجرد أن غادر المطبخ حتى تتبعته منال من الخلف تتأكد من أنه ذهب فعلا للقبو.. وحينها فقط ارتسمت ابتسامة شيطانية على وجهها..

هرعت نحو غرفتها في نفس الطابق الأرضي حيث تتواجد ابنتها فيها تقول بلهفة

((نجوم.. نجوم انظري ماذا جلب مازن لك!))

كانت نجوم تغمر وجهها بكلتا يديها وتبكي بحرارة لأنها لا تريد تنفيذ خطة أمها الحقيرة لكنها رفعت وجهها المحتقن بألم لترى والدتها تقول بصمت قميء بينما تلوح بالسوار الذهبي بيدها

((لقد قال لي بأنها لنجوم كشكر منه لك وكان يلمع الحب والشغف من عينيه))

طالعت منال ابنتها ترتدي مئزر الاستحمام القصير الشفاف كما أمرتها وحتى أن جسدها الرطب من الاستحمام لا يزال يقطر بالماء..

ثم كالشيطان مالت إليها بمرونةٍ تنفث في أذنها هامسة

((الوقت والمكان مثاليين لخطتنا، علينا تنفيذها الآن، وإلا ستتأجل لمدة أطول وستبرز بطنك، وقتها لن يصدق مازن أو غيره أنه ابنه!))

اضطربت حدقتي نجوم بعذاب لتكمل والدتها

((الآن افعلي ما أمرتك به.. أغلقي باب القبو عليكما.. اقتربي منه أكثر من مرة مهما أبدى اعتراضا.. أخبريه أنك تعرفين أنه يهجر زوجته ويريد طلاقها.. قولي له أن شابا مفعما بالرجولة مثله لا بد أن عنده احتياجات ورغبات ومن حقه أن يسمح لأنثى جميلة ومهتمة مثلك أن تقترب منه وتواسيه وتشبع حاجته.. أخبريه كم أنتِ مجنونة بحبه وبطلته الرجولية المثيرة وشجعيه على التعبير عن مشاعره وأن يعيش حياته ولا يدفن نفسه مع تلك المرأة الكريهة المعقدة التي أتهمته بالاعتداء عليها لتتزوج به طمعا بثروة عائلته.. بمجرد أن تنجحي في أخذ موافقته واستسلامه من جديد جريه للنوم معك.. لن يركز بعذريتك لأن الشراب الذي تجرعه سيكون قد بدأ مفعوله))

كان لا زال جسدها متشنجا تحت يد أمها التي حثتها على السير هناك وهي تردف

((بعد العلاقة بينكما عليك أن تخبريه أنك تريدين تكرار الأمر معه فهو رجل ساحر ولا تستطيعين الاستغناء عنه وإذا أبدى ترددا من تكراره أخبريه أنك أيضًا تخافين الله لذا عليه أن يكلل هذه العلاقة بالزواج حتى لو كان عرفيا المهم أن يقضي الليالي معك.. شهر آخر أو شهرين وستخبرينه بحملك وضرورة إعلان الزواج، وبعدها لكل حادث حديث))

خرج من نجوم أنين خافت إلا أن منال تداركت الأمر ومسحت وجهها وهي تقول

((لا تبكي يا نجوم صدقيني إذا نجحت خطتنا سيكون أمامك أملا كبيرا في حياة جديدة، ومستقبل مختلف))

بمجرد أن اقتربتا من القبو حتى تركتها منال شعرت نجوم بنفسها ترتجف بشدة وأنها في حاجة لشيء يهدئ أعصابها.. فأحكمت ربط مئزرها الأسود الحريري حول خصرها وسارت نحو القبو بخطواتٍ متعثرة.. تحاول الاتكاء على الجدار من فرطِ انفعالها وذعرها مما هي مقدمة عليه..

دخلت بخفة وهدوء للقبو الذي كان يتكون من غرفة صغيرة وأخرى كبيرة في الداخل يربطها ممر صغير..

سمعت صوت جلبة من الداخل فعرفت أن مازن في الغرفة الداخلية الكبيرة وبخفوت شديد أغلقت الباب خلفها بالمفتاح وبدا أن صوت إغلاق المفتاح بالباب كان أكثر من كافٍ ليتناهى إلى سمع مازن ويصدح صوته عاليا

((من هذا الذي أغلق الباب بالمفتاح؟))

انتفض مازن من مكانه نحو الباب خوفا من أن يكون أحد غفل عن وجوده هنا وأغلق الباب عليه لكنه تفاجأ بنجوم تقف أمام الباب دون حجاب بل دون ملابس تغطي كل هذه المفاتن التي يظهرها الروب الحريري..

ورغم فرط التوتر الذي كانت نجوم غارقة به إلا أنها صرخت من مكانها عاليا

((يا إلهي سيد مازن ماذا تفعل هنا!؟ ألم تغادر أنتَ وأصدقاءك القبو!؟))

شحب وجه مازن شحوبا يحاكي الرخام الأبيض وعلى الفور استدار للخلف يعطيها ظهره وصدره يرتفع وينخفض بعنف قوي..

وبالكاد وجد صوتا ليقول باضطراب مبررا موقفه

((لقد عدت قبل قليل لأنظف الجلبة التي أحدثناها.. ألم تسمعي صوتا في الداخل عندما دخلت القبو؟ ماذا تفعلين أنتِ هنا؟))

ازدردت نجوم ريقها وقالت بصوتٍ خافت متذبذب وهي تشير على خزانة داخل القبو

((أنسيت أني أنا وأمي وبعض العاملين نقطن هنا في الطابق الأرضي! وأنا معتادة على وضع بعض الأغراض الخاصة بي هنا في الخزانة هذه))

أخذ الخوف والذعر كل مأخذ بمازن ووجد نفسه يتلعثم وهو يقول مبررا

((أنا لم أكن أعرف بأنك تضعين أشيائك في الخزانة هنا، منال لم تعلمني إذا كان عليّ مغادرة هذا القبو في وقت محدد بعد أن قلت لها أني سأدعو أصدقائي))

اقتربت نجوم بحذر من مازن ترفع يدها له وهي تتساءل بصوتٍ خفيض

(انظر لي يا مازن وأخبرني ماذا سنفعل؟))

لكن ما إن لمست بيدها كتفه حتى انتفض بعيدا عنها وقال بعصبية

((وماذا سنفعل برأيك؟ بسرعة افتحي الباب وغادري قبل أن يأتي هنا أحد ما ويراك بهذه الملابس))

بدأت الدموع تترقرق في مقلتيها وهي تجد أن الأمر أصعب مما تتوقع.. فقد ظنت أنه بعد أن يراها بهذا المئزر الذي يكشف أكثر مما يظهر سيُسلب عقله وهو من سيقترب منها منصاعًا لحركة غريزته.. كما حال ابن خالتها الذي سلبها أعز ما تملك رغم أنها لم يسبق وأن ارتدت أمامه إلا ملابس ساترة وفضفاضة..

للحظة كانت تريد فتح الباب والخروج فعلا لكنها ألقت نظرة على السوار الذهبي حول معصمها الذي ألبسته أمها لها بعد أن أخبرتها أن مازن أحضره لها..

كان مازن لا زال يعطيها ظهره فعقدت حاجبيها بتصميم.. وبخفة بدلت مفتاح الباب بالآخر الذي تخبئه بجيب مئزرها الرقيق..

وضعت المفتاح الأخر في مكانه داخل مقبض الباب وبدأت تحركه وتدعي أنها تحاول فتحه..

وعندما مرت دقائق دون أن ينفتح كان صبر مازن قد نفذ فاستدار ناحيتها ليقول بعصبية

((ساعة لتفتحي الباب!؟ أين المفتاح؟ هاتيه، لأفتحه أنا))

انتبهت نجوم كيف لا يزال يحاول التحدث معها دون أن يضع نظره عليها فابتعدت جانبا عن الباب تترك له المجال للمحاولة..

أمسك مازن المفتاح وبدأ يحاول تحريكه وتدويره داخل مكانه لكن دون فائدة تُرجى.. حتى أنه أخرجه عدة مرات وأعاد إدخاله لكنه لم يدر ولا دورة واحدة حول مكانه

((ما به لا يتحرك أولا يُفتح! رباه إنه لا يفتح، إنه لا يفتح، رباه! كأن هذا المفتاح مختلف تماما ولا يخص الباب!))

أغمض عينيه وهو يخفض رأسه بإنهاكٍ حتى أسند جبهته على الباب وهو يهمس بخشونة متحشرجة

((هل يعقل أن أكون كسرته أنا أو أنتِ قبل قليل من عنف التحريك! ماذا لو لاحظ أحد غيابك أو غيابي وجاء يبحث هنا! لقد انتهى أمري))

تخيل بذعر مجيء والده للقبو ورؤيته يخرج منه مع نجوم التي ترتدي هذا المئزر الفاضح!

لن ينجح هو ولا أحد في العالم بأسره بإقناعه أن الأمر ليس كما يعتقد..

إذا لم يقتله والده أو يتهمه بمحاولة إغرائها بالتأكيد سيطرده خارج القرية ولن يمده بالمال أبدًا..

بينما هو غارق بتلك الأفكار السلبية اقتربت نجوم ببطء وحذر منه ومدت يدها تلامس كفه.. ما إن شعر بملمس جلدها الناعم حتى انتفض مبتعدًا عنها وغض طرفه مما جعلها تقول بصوتٍ مبحوح خافت يتقد بحمرة الخجل

((دعني أحاول فتحه مجددا.. أو أنه حقا لا يفتح))

ابتعد مازن قليلا عن الباب يحاول مجددا تدوير المفتاح بعنف حتى أنه قال بغضب مكتوم

((هل أنتِ متأكدة من أنه نفس المفتاح! إنه حتى لا يتحرك ولا يبدو مكسورا من الداخل.. آه))

تأوه مازن وهو يغمض عينيه بقوة ويدلك جبينه بعنف ويترنح هادرا

((يا إلهي رأسي يؤلمني، لا أشعر بنفسي أبدًا))

عرفت نجوم أن الدواء المخدر والمحفز للاستثارة قد بدأ عمله.. رمش مازن برموشه البنية مرارًا يستوعب قربها هذا منه.. ثم تجولت أنظاره على ملامحها باستنكار ثم هبطت ليرى مئزرها المغري العجيب..

ومع ازدياد الدوار والوهن الذي يجتاحه حاول أن يقنع نفسه أن ما يراه هو محض خيال..

لكن عندما كاد أن يختل توازنه وسارعت نجوم تسنده متسائلة بهمس أبح إذا ما كان بخير عرف أنه واقع..

ضغط بأصابعه على ما بين عينيه هادرًا وهو ينفض يدها عنه

((نجوم ادخلي أحد الخزائن واختبئي بها وأنا سأحاول كسر الباب.. ثم سأتفقد المكان وإذا كان البهو خاليا من أي أحد ستهربين بعيدا من هنا لكن إيّاك أن تخبري أحدا بما جرى))

بمحاولة واهية قام بدفع الباب بكتفه لكنه بدلا من كسره تأوه متألما وقال بصوتٍ متثاقل

((يا إلهي رأسي يؤلمني وأشعر بالدوار، لا أظن أني قادر على كسر باب صلب مثله!))

قالت نجوم مقترحة ببراءة غير نقية

((هل أتصل بأمي لتحاول البحث عن مفتاح بديل؟))

انتفض مازن فجأة يزجرها بذعر

((لا...لا.. لا إياكِ أن تتصلي بأحد، ستفهمنا بشكل خاطئ لو رأتنا بهذا الشكل، أنا سأتصل بأخي مالك ليبحث عن مفتاح بديل، لكن عليك الاختباء داخل الخزانة وعدم الخروج منهما أمامه مهما حدث..))

انتشل مازن هاتفه من جيبة يفكر بتردد إذا كان عليه أن يتصل بمالك أو لا.. فلا خيار أمامه غير ذلك ثم إن مالك لطالما كان حافظ أسراره وأكثر من هو بصفه من إخوته ومن يأخذ اللوم عنه عندما يصنع هو المشاكل..

كان يريد الاتصال به لكنه شعر في هذه اللحظات بألم مضاعف يقصم رأسه لجزأين وتشويش وطنين يحيط به من كل جانب..

وبينما هو غارق في دوامات الألم أعاد الهاتف لجيبه وتأوه وهو يدلك رأسه

((رأسي يؤلمني، أنا غير قادر بالفعل على فتح عيني أكثر من ذلك))

ما هذا الذي يحدث بجسده ورأسه الآن.. لماذا هناك سخونة

تجتاح وجهه!

أصدر أصوات تأوهات خشنة أما نجوم كانت تفكر كيف كان ينظر لها ولجسدها الغض بتوتر قبل قليل..

هل يمكن أن تنجح خطة أمها؟

عادت تقترب منه ومالت بوجهها أكثر منه حتى أنها رفعت نفسها على رؤوس أصابع قدميها وبدأت أنفاسها الحارة تلفح وجهه.. وهي تتساءل

((هل أنتَ بخير يا مازن؟))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-21, 06:16 PM   #4850

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي







مدت نجوم أصابعها الحادة بجرأة لترفع غُرة شعره الحمراء عن

جبينه.. أغمض عينيه مجددا.. قبل أن ينتفض ويتراجع خطوات للخلف حتى أن توازنه اختل وتهالك أرضا..

شهقت نجوم وهي تقترب منه لتتأكد من أنه بخير..

رغم الإعياء وعدم التركيز فتح مازن عينيه بغير استيعاب بينما تهمس له بابتسامة مرتجفة وهي ترفع يدها التي تحيطها بالسوار الذهبي

((أنا لك الليلة كشكر على هديتك يا مازن))

اهتزت عينا مازن الزائغتين بصدمة.. يصوب بصره بحيرة إلى رسغها ثم يهمس بلا تصديق

((أنا لم أجلبه لك.. بل.. لمنال!))

تراجع رأس نجوم للخلف بارتباك ثم قالت

((لا داعي للإنكار فأمي أخبرتني الحقيقة))

اتسعت عينا مازن وتلجم لسانه للحظة ثم قال بخشونةٍ مضطربًا

((يا إلهي، أنا لا أتوهم، عقلي القذر لا يجعلني أتخيل أمورا غير حقيقة أو أظن السوء بك.. أنتِ حقا تحاولين فعل ما أفكر فيه في هذه اللحظة!))

احتشدت الدموع في عينيها لتنزلق على وجنتها ثم شفتيها لتقول بصوتٍ واهن بالكاد خرج مسموعا

((أنا فقط أحبك وأريد أن أكون ملكك))

قصف بها بصوتٍ مرتفع شديد

((ناوليني حالا مفتاح القبو الحقيقي ودعيني أخرج، هذا المفتاح اللعين ليس مخصصا لهذا الباب!))

نظرت له باضطراب.. ولعينيه المتعبتان بلمحة الصرامة ترفضان الانجرار معها للقذارة..

وقبل أن تتراجع حثت نفسها على تذكر حملها الذي لو كشف أمره سينتهي أمرها ظلما! وجدت نفسها تقول بتلقائية منتحبة

((لن أفعل قبل أن تقربني))

ازدرد لعابه بصعوبةٍ والصدمة تتجلى على قسماته ثم قال بصوتٍ مضطرب واهن

((نجوم! هل هذه هي حقيقتك؟ ع-ا-ه-ر-ة مغوية! كيف يمكن أن يقبع شيطان خلف وجهك الملائكي! هاتي المفتاح حالا قبل أن أفعل بك مالا يحمد عقباه))

احتقن وجهها من الكلمات التي يرشقها في وجهها باشمئزاز..

لكن هزت وجهها برفض ألا تنصاع لكلامه أو تتراجع عما أقدمت عليه..

أمها محقة.. عليها أن تفعل كل ما تستطيع لتجبره على النوم معها والاعتقاد أنه والد الطفل وإلا ستخسر كل شيء..

ساد صمت ثقيل بينهما لا يقطعه سوى صوت تنفسهما اللاهث.. حتى قالت أخيرًا منهكة تتوسل له بهذيان وهي تبدأ بإرخاء الحزام حول مئزرها بمحاولة أخيرة

((إذا أردت يمكنك اعتباري عشيقتك.. منفذ طاقتك الثائرة.. رغبة عابرة.. لا أكثر ولا أقل.. ولكن لا ترفضني.. أرجوك))

اتسعت عينا مازن مِمَّا تفعله وتتفوه به وقبل أن يفقد آخر ما تبقى من عقله غمغم فيها مشمئزا

((هات المفتاح قبل أن أبرحك ضربا وأفضحـ..))

ولم يكمل مازن جملته لأن الظلام كان ينتشر من حوله تدريجيا.. فيتهاوى فاقد الوعي ومغمض العينين يفترش الأرض بجسده..



انتهى الفصل.


**فصل اليوم كمان طويل مثل السابق لا يقل عن 12 الف كلمة.. وان شاء الله الفصول كلها تكوون هيك كلها للخاتمة حتى لا تزيد الرواية عن اربعين فصل وتنتهي..
بانتظار انطباعكم عن الفصل على احر من الجمر يا قمرات ♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️..






Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:39 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.