آخر 10 مشاركات
الفرصة الأخيرة (95) للكاتبة: ميشيل كوندر ...كاملة... (الكاتـب : سما مصر - )           »          عن الحكيم إذا هوى (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة في الغرام قصاصا (الكاتـب : blue me - )           »          485 - قلب يحتضن الجراح - كارا كولتر ( عدد جديد ) (الكاتـب : Breathless - )           »          29 ـ الغجري الاسمر - مرغريت روم - ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : درة الاحساء - )           »          تناقضاتُ عشقكَ * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : ملاك علي - )           »          031 - تدابير القدر - مارجريت روم - روايات عبير دار الكتاب العربى (الكاتـب : samahss - )           »          بريق نقائك يأسرني *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : rontii - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          حاول أن ترى الحقيقة- أليسون فرايزر-๑•ิ.•ั๑ روايات غادة๑•ิ.•ั๑ (الكاتـب : اسفة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-12-21, 06:19 PM   #5701

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


قبل الفصل هاي خاطرة جميلة بقلم الحلوة هدهد :::

أيا معاذ أندرت ارضنا من مثلك الرجال
فقد تحوجنا من يندنا رجولة و شهامة
مؤيد ما عرفنا اي الطقوس تهوى و تتقمص
لكن بفكرك الخريفي تهاويت للندامة
انشرح البال بك رغم غموضك يا مصعب
تخفي الود للمعشوق و لا تخشى فيه ملامة
هو في اثنان واحد له انتصاف ما شابهه
يظل بالرزانة و الحلم أن يبقى عريس زمانه
آه من مازن شقيق من قبله نصفه الثاني
ما خلا من طيش و عبث دوما يلقى الملامه
من حسب و شأن ازدان ظاهره يا قصي
عشق تملَّك قلبك , بالحبيب رجوت دوامه
طغى و تجبر و ظلم يحسب بتفكيره الوليد
ارتدت افعاله صفائح سود من قتامة
أيا حاج اشتعل الرأس شيبا قد خلف خمسا
بالخير أنت لهم عونا ما بقى من العمر أيامه



الفصل الثامن والثلاثون


بعد مرور أسبوع..
افتتح المأذون المكلف بعقد القران الجلسة بالصلاة على النبي الكريم بينما يسلم يد معاذ في يد خال شيرين نيابة لعدم وجود عصبة لها من جهة الأب، ثم قام بتغطية أيديهما بمنديل أبيض مزين الحواف باسمي العروسين مكملًا حديثه..
استرق مُعاذ النظر لشيرين الجالسة بالجانب المقابل له قرب خالها، وقد تهلل وجهها بفرحة وتورَّد بنظراته التي تأسرها يودّ لو يحملها يهرب بها دون قدرة له لمزيد من الانتظار والترقب..
بدأ يردد من خلف المأذون وهو يعد قلبه الثائر بين ضلوعه أنه لم يبقَ الكثير حتى تكون مُلكه ومَليكته..
بمجرد أن أنهى المأذون عقد القران حتى انطلقت زغاريد النسوة من داخل وخارج المجلس إيذانا بتقييد القلوب وربط الأسماء بالميثاق الغليظ وتعالت عبارات التبريك والتهاني وتمني السعادة لكلا العروسين، وفي أثناء ذلك استقام معاذ متوجها لمن أسرت قلبه وملكت عقله شيرين وقد ازدانت في هذه المناسبة بثوب أبيض تألقت به رغم بساطته، فقامت عند اقترابه ممسكا يدها يسندها في وقفتها فرفع عنها طرحتها مبتهجا بحسنها، مُمرًا عيناه لملامحها السعيدة رغم خجلها وارتعادها لتتذوق احتضانه..
دنا بوجهه يلثم جبينها لثوانٍ قبل أن يتعانقا برقي تغشاهما هالة حب سطعت لهما فقط..
أغمضت شيرين عينيها بقوة.. ذراعاه كانتا قويتين حتى كادت تشعر بقدميها ترتفعان فوق مستوى الأرض..
ابتعد عنها قليلا يهدر لها بصوتٍ يضج رجولة وهو ينظر في عينيها المشعتان بسحر ريفي
((مبارك يا عروسي..))
ولاإراديا رسمت ابتسامة بشفتيها الملتمعة بمرطبٍ ورديٍّ فاتح.. وظل يحدق فيها حتى قاطعه والده الذي اقترب منهما ملقيا السلام ثم تمتم هادرا بصوتٍ وقور
((مبارك يا عروسين))
التفتت شيرين له تمتم بكلمات الشكر المباركة.. ليوصيها الحاج يعقوب وهو يطبطب فوق ظهر معاذ
((اعلمي يا بُنَّيتي، أن مهمتك كزوجة أب تكمن في توطيد علاقة طيبة مع دارين، أعلم أن المهمة ليست بالأمر السهل ولكن مُعاذ سيكون دومًا بجانبك، أنا لا أقول ذلك لأنه ابني ولكني أعرفه أكثر من أي شخص يتميز بموفور الحكمة والصبر ولن يهدر أو يهضم حقوق واحدة منكما))
بابتسامة مهذبة وتأثر ردت شيرين على حماها
((شكرا لك يا عمي، سأبذل جهدي أن أكون عند حسن ظنكم جميعا))
أشار معاذ لابنته الواقفة على الزاوية تطالعهم وهي تبدو جميلة في طلة بهية بثوب فيروزي لتقترب، ففعلت واتجهت نحو شيرين في أول لقاءٍ حقيقي لهما لتميل شيرين معانقة إياها ومتسائلة ببشاشة مُعدية ولطف
((كيف حالك أيتها الجميلة؟))
بادلتها دارين ابتسامتها وردت بود يتجلى بعينيها الصافيتين
((بخير، مبارك يا خالة لك أنتَ وأبي))
بابتسامة راضية ومطمئنة ربت معاذ فوق ظهر ابنته وانشرحت أساريره.. فمالت دارين تقبل وجنة أبيها الذي انخفض لها قليلا وهو يلصقها بجانبه..
تمتم يعقوب في أذن مُعاذ بكلمات ليومئ له الأخير ويخطوا بعيدا عن زوجته وابنته قبل أن يستأذنهما بتركهما ثم ما لبث يعقوب يوصيه
((كنت أرى في زواجك يا معاذ واجبًا في حالتك لأنك فقط من خلاله تستطيع جلب ابنتك لتعيش معك في المدينة.. كنت أرى منك تقصيرًا تجاهها في الماضي ولم أمانع لأني كنت مدركاُ لانشغالك في عملك، لكن الآن فلا عذر لك للتقصير معها ولا بد أن تحتضنها وتغمرها بحنانك وعطفك))
أكد معاذ على أبيه مطمئنًا وهو يناظر شيرين تتحدث بود وبشاشة مع دارين
((أبي لا تقلق أنا أثق بهما ومتأكد انسجامهما فيما بينهما وسيتصادقان سريعا))
لكن أصًّر يعقوب قائلًا
((ومع ذلك استمر بتقريب زوجتك نحو ابنتك بالتدريج، فدارين في عمر لا تقبل بسهولة أن تحتل امرأة مكان أمها، بعدما بلغت قدرًا من البلوغ والنضج، مهما ادعت عكس ذلك وقد تحدث خلافات بينهما، وأنتَ هنا عليك أن تتمتع بقدر كبير من الحكمة والتعقل للفصل فيها))
وضع معاذ يده على كتف والده يطمئنه
((والدي العزيز.. لا تحمل همًّ ذلك سأكون حريص على التوفيق بينهما بإذن الله))
استقرت في أثناء ذلك عينا خال شيرين على الحاج يعقوب ووقفته المهيبة بجوار ابنه فتقدم منهما قائلا
((لقد أعطيناكم دُرتنا وما تبقى لنا من اختنا، وكلنا ثقة أنكم ستقدرون ما أعطينا))
ردًّ معاذ عليه وهو يتبادل معهم النظرات والعهد الرجولي
((شيرين سأحفظها بعيني، فلا تقلق يا عم))
تقدمت شيرين من خالها تقبل ظاهر يده ليقربها منها ويقبل جبينها داعيًا لها بالبركة في زواجها..
وهكذا استمرت هذه المناسبة السعيدة رغم أن الزواج عمليًا صريحًا كان بعيدا عن كل الشكليات في أعراف الزواج المتبعة كما سبق واتفقوا عليه بسبب الظروف غير المناسبة..
لكن زوجة خال شيرين سحبتها لدارهم وهي تشبك ذراعها بذراع شيرين لتخترقا جموع النسوة اللواتي يهزجن ويصفقن ويزغردن ويرقصن فتزغرد معهن لترسم المزيد من الفرح والبهجة على وجه شيرين بينما يتم أطلاق الأعيرة النارية في الخارج لمدة قصيرة..
اقترب الحاج يعقوب ليميل من أذن ابنه حتى يسمعه وسط هذه الضوضاء الاحتفالية الصادرة من داخل البيت
((لم يكن اتفاقنا أن يقام كل هذا، بالكاد مضت ستة أشهر على وفاة ابن عمك رحمه الله))
غمغم معاذ باقتضاب
((أبي يريدون الفرحة بها، مجرد غناء ورقص نساء في الداخل بعيدا عن الأنظار، أما الرجال هنا في الخارج ملتزمون بعدم إقامة أي أهازيج أو دبكات تهز الأرض))
ثم عاد معاذ يناظر ابنته وينخفض ليقبل وجنتها، ورغم كل الابتهاج الذي أظهرته دارين له لكن كانت تقبع هناك في دواخلها العميقة بعيدة عن كل مظاهر الاحتفال فيكتنفها الصمت وتتنازعها الأفكار ولا يشاركها هذه الوحدة والاختلاء مع الذات إلا قلبها.. وعقلها الذي يتذكر أمها.. الذي رحلت من الدنيا دون أن تشبع منها أو حتى تصنع ذكريات تجعلها تذكر وجهها دون الحاجة للصور..
حتى أنها في وقت المغادرة استقلت سيارة أبيها تجلس في الخلف بينما شيرين بجانب والدها وهي لا تزال غارقة في أعماق تفكيرها المعزول عن الجميع..
بدأ مُعاذ يقود سيارته إلى شقته وعندما ركن سيارة أمام البناية التي يقطن فيها ترجلت دارين منها لتستقل سيارة عمها مؤيد الذي كان يقود خلفهم لتعود معه مؤقتا ريثما يعود والدها وعروسه من شهر العسل.. وقبل أن يشغل مؤيد محرك سيارته بعد وصول موكب العرس لشقة العرسان.. يستعد للمغادرة خرجت دارين منها فجأة تهتف لهم وهي تهرول باتجاه البناية
((سأذهب لشقة أبي فهناك أشياء أريد أخذها من غرفتي))
كانت شيرين ترتقي درجات السلم بجانب معاذ وقداماها بالكاد تحملانها من فرط التوتر من قربه ونبضها يرتعش.. بعد قليل سيكونان لوحدهما!
لكن جفلا الاثنين على دارين تندفع من بينهما وتخترقهما هاتفة وهي تهرول باتجاه الشقة
((سأحضر شيئا من غرفتي وأغادر))
تطلع معاذ وشيرين لبعضهما باستغراب قبل أن تسبقه شيرين إلى داخل الشقة لكن توقفت تلتفت تسأله عن مكان غرفة دارين ليوجهها إليها بأن أمسك بيدها نحوها..
خطت للداخل بخطوات هادئة.. لتجدها جالسة على سريرها بينما تمسك بيديها صورة استخرجتها من صندوق عتيق مستقر على حجرها..
لامست شيرين كتفها برقة وتساءلت بذهول
((هل تبكين يا دارين؟))
رفعت دارين يدها تمسح دموعها الخائنة وقالت بتحشرج
((أنا لا ابكي، بل سعيدة بزواج أبي.. لكن هناك شيء دخل في عيني))
رفعت شيرين فستانها بيديها قليلًا ثم جلست بحذر بجانبها وقالت
((اعرف يا دارين أن صورة شخصية زوجة الأب قاتمة وقبيحة من خلال وصفها دائما بالقسوة والأنانية، أتمنى أن تثقي بي))
تسللت ابتسامة شاحبة على وجه دارين، فأبدًا لم يكن سبب بكاؤها وحزنها الآن هو خوفها من قسوة شيرين عليها أو خوفها من أن تستحوذ على أبيها، فهي تثق به ثقة عمياء.. كما أنها تعرف أن بظهرها جديها وأعمامها وعائلتها من جهة أمها جميعهم سيتفقدون حالها من وقت لأخر، ولا يمكن أن يتركوها تحتاج إلى شيء أو تقاسي من أحد..
في حين أمعنت شيرين بنظرها على الصورة التي تحتضنها دارين بيديها وعندما انتبهت الأخرى لنظراتها المشدوهة فسارعت تعقب
((أنا احتفظ بصور أمي فقط في غرفتي، فلا تقلقي لن أزعجك بها))
اتسعت عينا شيرين ثم قالت نافية بلهفة
((تزعجيني!؟ من قال هذا!؟ على العكس.. إن أمك جميلة جدًّا.. يبدو أنك ورثتِ جمالكِ منها))
عضت دارين شفتها تداري غصة بحلقها وقلبها يتذكر الألم لترد بأسى وبصوت متقطع
((لقد توفت أمي بعد سنوات من ولادتي.. فحملها بي فاقم من مرضها))
ضربت الدموع صدرها قبل أن تشهق ببكاء والاشتياق لأمها يكتنفها ويوجعها فسارعت شيرين تمسح دموعها بيديها وتقول
((لا يا دارين، ابعدي عنك هذه الأفكار تمامًا، قدرها الرحيل عن الدنيا في هذا السن وأنتِ لست السبب، وهذا النوع من الأفكار يُريد الشيطان من خلاله أن يُوقعك في جب الأحزان والأكدار، فلا تُعيريها اهتمامًا))
للحظات ظلت دارين تتألم من أعماقها فاسترسلت شيرين بحنو
((أسأل الله تعالى أن يُعظّم لك الأجر في وفاة أُمِّك، وأن يرحمها رحمة واسعة، ويجمعك بها في جنّات عدنٍ.. بر الأم لا ينقطع بالموت، فأكثري من الدعاء والاستغفار لأُمك، وتصدقي عنها ولو بصدقات يسيرة، وصلي أرحامها وصديقاتها ووديهم..))
نظرت لها دارين قائلة بنبرة رقيقة متهدجة
((هذا ما كانت دائما تقوله له رتيل زوجة عمي))
ترفقت ملامح شيرين لها بصمت للحظات ثم انتقت كلماتها بحرص عذب
((لأن هذا هو الصحيح.. نعم أدرك شعور اليتم وفقد الأم أيضًا، فهو مؤلم وموجع ولا يشعر به إلا ما من عايشه.. لذا لا راد لقضاء الله))
أومأت دارين لها وبدأت تعيد صور أمها في الصندوق تستعد لأخذه معها وهي تقول بذنب طافح على ملامحها الطفولية
((انظري لي كيف أشاركك حزني غير المبرر في ليلة زفافك وأفسدها عليك.. أنا آسفه))
أكدت عليها شيرين بحماس وسلاسة وهي تحتضن رأسها
((لا على العكس، هل تعرفين بأني كنت قد جهزت لشهر العسل أنا ومُعاذ بأن تكوني معنا وُصدمت عندما أخبرني بأنك لن تأتي بسبب دراستك، أعنى يمكن أن نقصر مدة السفر إلى ثلاثة أيام بدلًا من أسبوع لأجلكِ))
ابتعدت دارين قليلا تقول بعبوس طفولي
((اذهب معك لشهر العسل أنتِ وأبي!؟ ماذا تظنيني! متطفلة!؟))
حانت نظرة من دارين لجهة الباب لتنتبه لوجود والدها عند عتبته يبتسم لهما بحنو مما جعلها تجري إليه فيتلقاها بين ذراعيه بقوة ثم يهمس لها
((ادعي لها بالرحمة والمغفرة يا حبيبة أبيكِ فقط))
عادت دارين تبكي بنحيبٍ مختنق وشعرت بعدم القدرة على التحرر من عناقه.. وهو كان يحتويها حبًا وتفهمًا ودعمًا في ذات الوقت قبل أن يبعدها عنه قليلا برفق مقترحًا وهو يقول بنبرة أبوية حانية
((ما رأيك أن تأتي معنا إلى شهر العسل؟ شيرين كانت جهزت أغراضا لنا على هذا الأساس))
بدأت دارين تقاوم بشق الأنفس ألا تتبع رغبتها وتوافق وتفسد شهر عسل والدها وزوجته فابتعدت عنه وأخذت صندوقها تلوح له وشيرين قائلة
((هذه أيام خاصة بكما، سأظل عند عمي مؤيد لغاية عودتكما.. رافقتكما السلامة))
ثم هرولت إلى خارج شقة وهبطت درجات السلم..
زفرت تغمض عينيها تحاول طرد تلك الدموع الأخرى بعيدا والتي تتزاحم للخروج من محبسها، تحاول التنفس ببطء عدة مرات ثم خرجت من البناية إلى سيارة عمها مؤيد الذي كان يجلس خلف المقود وبجانبه والده وفي الخلف زوجة عمها رتيل..
استقلت السيارة بجانب زوجة عمها تعلمهم
((لقد أحضرت أغراضي من البيت وودعت أبي وعروسه هيا لنرجع الآن))
شغل مؤيد محرك السيارة في حين قال يعقوب لحفيدته
((لقد فاجأتني بحسن تصرفك الليلة في زواج والدك! فهذا هو الواجب عليك، عوضي ما فاتك من البِرِّ بأُمِّك بسبب موتها ببرِّك بأبيك والإحسان إليه، وحاولي أن تكوني عونًا لزوجة أبيك، مُؤدَّبةً معها، والنفوس مجبولة على حبّ من أحسن إليها، وبذلك تكسبين أُمًّا جديدة))
قالت له دارين بوجهها المتورد
((لن أعتبر أن لي أما غير أمي رحمها الله ولكن سأكسبها كخالة وصديقة))
تمتم الحاج يعقوب بفخر مشيدا
((بارك الله فيك يا حفيدتي ولا تدرين ما تحمله قادم الأيام لكما من خير))
تطلعت دارين لزوجة عمها تصارحها متمتمه بهمس
((أمسكت نفسي بصعوبة ألَّا أوافق على إلحاحهما في القدوم معهما))
قطبت رتيل حاجبيها هامسة لها
((لو كنتُ عروسا وأحضر زوجي أحدًا إلى شهر عسلنا لكنت قتلته))
رفعت دارين حاجبيها متسائلة ببراءة
((وهل ذهبت أساسا إلى شهر العسل مع عمي مؤيد؟))
تبرمت رتيل قائلة بسخط
((لا.. لا تذكريني.. فقد قضيته في بيت عائلته))
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-21, 06:20 PM   #5702

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

داخل شقة معاذ..
ألقت شيرين العباءة فوق ثوبها الأبيض على الأريكة بينما يغلق معاذ باب الشقة وهو يقول
((ها قد صرنا لوحدنا.. أعدت زوجة أخي سلمت يداها بعض الطعام، سنسافر غدا صباحًا في وقت مبكر، أتمنى أن تعجبك الرحلة تعويضا عن إقامة حفل زفاف))
انفرجت منها ابتسامة حلوة وهي تتأمل حلته السوداء لحرصه على الاهتمام بها وتعويضها ولو أنها لم تكن تريد أيَّ حفل زفاف من الأساس.. لم ترد سوى أن تكون معه فقط..
تقدم منها بملامح تائقة لها بعد صبر وبدأت عيناه تتشرب تفاصيلها بعمق وحرية.. تجتاحها دون رادع يواصل رؤية تفاصيلها، فستانها الفضي الذي يحتوي جسدها بأنوثة.. قبل أن يقترب بخفة فجأة ويمد يده ليلامس خصرها وهو يدور من حولها حتى وقف خلفها ثم انحنى بوجهه نحو طرحتها يستنشق عبير العود الذي عطرت نفسها به، قبل أن يهمس لها بعبث
((إذن هل نأكل من الطعام الذي اُعد لنا أم لديك فكرة أخرى؟))
بدأ قلب شيرين يدوي بصخب متأثرة بصوته ورجولته وعاطفته.. تحرك معاذ يزيل عنها طرحتها مقتربا أكثرًا من وجهه عليها ينهال منها بجموح وشغف.. فأخذت صور مختلفة من الماضي تداهمها باضطراب لم تتوقعه ومغاير لما أرادته من حماية في أحضانه..
ظلت أطياف التجربة السابقة في زواجها من وليد تظهر كشريط مصور يوقظ ماضيا دفن بأعماقها الى سطح ذكرياتها في حاضرها..
أرجعت رأسها للخلف تتأوه بصوتٍ بدا كنشيجٍ مضطرب تنتفض بين يديه قليلا قبل أن تمتنع بصوتٍ مختنق وهي تشير إشارة واهية متهربة من عينيه
((سـ.. سأذهب لأبدل.. الثوب أولًا))
اتسعت عينا مُعاذ باستغراب وهو يراها بهذا من الكمّ التوتر وأيضًا.. الخوف.. ملامح وجهها كانت تنطق بعذاب ومقاومة..
تحركت شيرين بحفيف فستانها المطرز باللؤلؤ إلى غرفة النوم المزينة.. التي يحتل فيها السرير الواسع منتصفها وباب جانبي للحمام..
سمعت صوت باب الغرفة يُفتح ثم يغلق بهدوء يناقض الأنفاس اللاهثة منها.. ثم انتبهت لمعاذ يقترب منها ملقيا سترته على سطح السرير..
شعرت بأنها ستترنح تأثرا بفيض مشاعرها من الموقف المحرج الذي حدث قبل قليل دون أن تمعن النظر لنظراته..
زارت ابتسامة شفتا معاذ قائلا بغموض
((شيرين قبل أن نقوم بأي شيء دعينا نبدأ حياتنا بأمر هام))
طالعته ببلاهة وعدم فهم وما إن استوعبت ما يرمي له حتى تنحنحت
((ماذا؟))
اتسعت ابتسامته بضحكة ملكت قلبها ليحتضن يدها ويفردها على وجهه ثم يقبل باطنها مؤكدا بنظرة واثقة
((دعينا نصلي ركعتين ليبارك الله لنا هذا الزواج))
*****


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-21, 06:20 PM   #5703

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في وقت سابق.. وبعد انتهاء عقد القران ومغادرة الجميع كان مالك يجلس داخل سيارته وبجانبه سمية..
تقلصت أصابع مالك بتشنج حول مقود السيارة وهذه هي خلوتهما الأولى سويًا بعد شجارهما الأخير.. بدأ يهز ساقه بعصبية كأنه في طابور طويل يتنظر دوره دون أن يأتي.. فسمعها تكسر الصمت بينهما وتقول له ببشاشتها المعهودة
((عروس أخيك ما شاء الله جميلة! أمك مرضت بوقت غير مناسب جعلها تفوت عقد القران، شافاها الله))
ردَّ مالك بنبرة بدت لها غير راضية عنها
((أبي من ادّعى مرض أمي حتى يُسكت الأفواه ويجنبنا التساؤلات الفضولية فقد أقسمت ألا تحضر زواج أخي لو تزوج من شيرين))
أومأت له بتفهم ومر طيف حزن في عينيها ثم قالت بعد دقائق بتنهيدة شكوى رقيقة معاتبة
((إذن، لماذا لا زلت غاضبا مني؟))
لم يتح له الرد وقد فُتح بغتة في هذه اللحظة باب السيارة الخلفي ليطل منه مازن يقول باندفاع وشكر
((مالك حبيبي ظننت أنك ستغادر من دوننا، شكرا على انتظارنا))
حلّ مالك حزام أمانه ثم قال بوجوم وهو يترجل من السيارة
((مازن أنا متعب جدًّا وأشعر بالنعاس، تولى أنتَ القيادة))
اندهشت سمية من تصرف مالك لكنها خرجت من السيارة هي الأخرى وجلست في الخلف بينما يجلس مازن وزوجته في الأمام.. وطوال الطريق لم تنطق بشيء بل قابلت برود مالك بالصمت متجنبة حتى النظر إليه إلا بعض مرات استرقت النظر فيها له.. قبل أن تنتبه لانتظام تنفسه استغراقه في النوم بينما يميل رأسه للجانب..
يبدو أنه متعب حقا ولم يكن يدعي ذلك!
وجدت نفسها على الفور تبتسم ببراءة وتقترب منه لتسمح لرأسه بالاتكاء على كتفها.. وبدت مستمعة وهي تجذب ذراعه وتضعها حول خصرها بحذر حتى لا ينتبه مازن وياسمين لها..
قامت بتدليك ذراعه كي تمده ببعض الدفء وقد شعرت باحتياجه لها، وبالفعل تسلل الشعور بالدفيء إليه وعبير عطرها يغزو أنفه دافعا عقله للاسترخاء كتأثير مهدئ لغضبه المكبوت.. فروحه كانت تئن شوقًا في قربها، وقلبه رغم تمرده يتوق لها، ونفسه تشعر بالخواء والفراغ..
كأن كل جزء بجسده يتآمر عليه محتاجا لها إلا عقله يصده عن التقرب منها فلم يدعه يذق النوم.. تحركت رأسه قليلا ليدس أنفه بعنقها بينما يشدد من ذراعه حول خصرها فاتسعت عيناها هامسة
((مالك! لقد ظننتك نائما))
همس ببحة المشاعر المتدافعة نحوها غصبًا عن تفكيره المتمنع
((استمري فيما تفعلينه))
لاحت ابتسامتها مرة أخرى على ثغرها على استحياء وكفيها تستمران بتدليك ذراعه قبل أن تدسُّ كفه البارد في دفء يديها الغضتين..
والآن فقط فَقَد أيَّ قدرة على التواصل وغرق بنوم عميق بعد أيام سابقة كان فيها نومه مهزوزا.. ولم يستيقظ إلا عندما ربتت بقوة على كتفه مرارا هامسة بحنو
((مالك لقد وصلنا، هيا استيقظ))
خرج مازن من السيارة ثم فتح باب المقعد الخلفي من جهة مالك يلكزه بعنف هاتفا
((هيا استيقظ، هل تظن أنك في الفراش!))
تململ مالك متأوها من عنف مازن ليرمي الآخر له مفاتيح السيارة التي ركنها في المصف..
ابتعد عنها فحاولت تحريك أطرافها المتيبسة مطلقة بعض التأوهات والتي أدرك من خلالها أنه كان طوال الطريق يتكئ عليها فعقب باقتضاب
((لماذا لم توقظيني أو تبعديني عنك؟))
أبدت ابتسامة ناعمة على شفتيها رغم التعب لتقول
((لقد استمتعت بقربك ولم أكن لأمانع أن تظل نائما على كتفي لساعات أخرى!))
ازداد اقتضابه من إجابتها ووجد نفسه يترجل من السيارة صافقا الباب خلفه بغضب..
طفى حزن كئيب على ملامح سمية فأطلقت تنهيدة عميقة..
دخلا لجناحهما فأغلقت الباب خلفها بالمفتاح خوفا من خروجه بعد أن جلبت من المطبخ بعض الطعام لأنه لم يأكل جيدا قبل الذهاب لعقد القران ووضعت الأطباق على منضدة صغيرة..
في أثناء تغييرها ملابسها في حمام، وضع مالك الذي يتضور جوعا ملعقة ممتلئة عن آخرها في فمه من كل طبق وضعته ثم حاول أن يساوى سطح الوعاء بالملعقة حتى لا تُفضح فعلته، فهو يخاصمها ويجب بالتالي أن يمتنع عن تناول الطعام الشهي الذي تجلبه دائما له.. وذهب ليتوسد الفراش
عند خروجها من الحمام اقتربت لمعاينة الطعام الموضوع على المائدة تلبّسها الإحباط لأنها ظنت أنه لم يأكل شيئا..
بعد وقت أغلقت سمية الإنارة الرئيسية وتمددت على السرير بجانبه بعد أن ارتدت منامة حريرة انتقتها من خزانتها بعناية..
تطلعت لمالك المنزوي في الجانب الآخر من السرير يعطيها ظهره وقالت له محتجة
((أنت لا تتحدث معي منذ آخر شجار، هذه ليست طريقة صحيحة لنتجاوز أي مشكلة، اصرخ.. اغضب لكن لا تصمت هكذا فقط))
ظل صامتًا بل وضع الوسادة فوق رأسه يمنع نفسه من الإصغاء لها..
لكنها لم تعد تتحمل ذلك الصمت والتجاهل الرهيب كأنها غير موجودة تماما.. فلا يدخل جناحها إلا ليلًا.. وكله من أجل ذنب لا تعرفه..
اجتذبت الوسادة عنه وعاودت السؤال بإصرار أنثى وهي تمسك مرفقه
((مالك أرجوك تحدث معي))
سحب ذراعه كأنه لا يطيق لمستها وقال ببرود شديد
((لا أريد التحدث معك في الموضوع حتى لا أفعل ما أندم عليه لاحقًا!))
أطلقت عدة أنفاس كانت تجيش في صدرها شاعرة أنها محمومة بالأفكار.. والشوق.. إنها تشتاق عناقه الغامر.. قبلاته الشغوفة.. نظراته الحارة..
حتى أنها أحيانا تلجأ بعد مغادرته بضم أو ارتداء ملابسه أو أغراضه الشخصية لتستنشق أثر رائحته العبقة..
تطلعت في الظلام من حولها شاعرة أنها تريده أن يضمها في هذه اللحظة، ويلهب روحها بعاصفة من عواصف مشاعره الجياشة..
فقامت بالالتصاق به ولفّ ذراعيها حوله وأغمضت عينيها بقوة تلتمس دفئًا ولو بالإجبار بحضنه..
أغمضت عينيها تاركة نفسها له، فتلبك جسده بفعل حركتها فعقد حاجبيه، وتمطى العبوس على وجهه قائلًا
((اتركيني، أنا متعب وأريد النوم للغد))
رفعت إحدى يديها فقط تغمر أصابعها بشعره المموج كعادة ألِفتها ثم قالت
((ولكني لم أعد أستطيع النوم مبتعدة عنك))
لم يعد قادرا على الاستمرار في ادعاء البرود والغضب يعصف بعقله، فرد بتهكم مرير
((هذه كذبة لا تقنع طفلًا يا سمية، ولكن كحالي كزوج متساهل، سأتغاضى عن الأمر الليلة فقط))
هدرت به وقد ضاق عقلها وقلبها من جفاءه
((الليلة فقط! وماذا عن الغد! ما تفعله هو ظلم مجحف!))
ثم استرسلت والدموع تتجمع بعينيها وصدرها يئن ألما
((ليس من العدل أن تغمرني بكل ما امتلكت من اهتمام حتى أدمن عليك، ثم تنزعه مني بغتة!))
فتح إضاءة المصباح الجانبي ثم استدار لها فسقطت دموعها وانفلتت رغما عنها وهي تكتم شهقاتها فلا تزعجه ولو عليها لصرخت بقهر صاخب.. كان تتألم كوجع المدمن حُرم من إدمانه، مِمَّا جعله ينتفض من تجاهله العميق، ويحتوي وجهها بنظرات عابسة سرعان ما رقت وهو يرى الحالة المنكسرة التي كانت عليها وغارت عميقا بقلبه..
هنا انطمس كل شيء، توقف الوقت، وسكنت النبضات، حتى خلايا جسده وعضلاته انتفضت تحلل الموقف..
سبب تضاعف غضبه هو بؤسه من عدم قدرته على النوم بعمق أو الاسترخاء دون قربها منه واحتياجه لها على عكس عدم معانتها من الأرق لبعده.. لكن الآن اتضح أن الأمر بالنسبة لها عكس ما يظن..
ارتعش قلبه ورفرف ثم بدأ ينظر في عينيها الباهتتين اللتين استمرتا بذرف الدموع فيقرع قلبه بالنداء.. تنحنح وهو يقول بحنق مصطنع كأنما ليس مهتمًا
((حسنا، تعالي))
سحبها ببعض الخشونة بحركة فاجأتها ليجلسها على حجره فتجلس مستندة بكفيها الى صدره بينما يتلفت يمينًا وشمالًا كي يرفع طرفي الغطاء حولها ليغمرهما معًا بالدفء..
هدأت أنفاسها رويدا رويدا كأمواج مضطربة ضربت قارب هائم في عرض البحر.. هي بين ذراعيه.. حيث تنتمي.. أخيرا.. وكأن في قربه ترياق..
رفعت عينيها إلى عينيه تقول ومرارة حزينة تطغى نبرة صوتها
((أنتَ لا زلت غاضبا مني لأني لم أضع أي وسائل منع للحمل، رغم أني كنت متأكدة أنه لن يروق لك وهذا ربما ما جعلني أخطط له دون استشارتك وأضعك تحت الأمر الواقع لكن لم أتوقع أن تكون ردة فعلك بهذه العدوانية))
اغتاظت نظراته واشتعلت عيناه هادرا
((تشعرينني بالسوء من كلامك هذا، رغم أن استيائي من الحبل سببه هو الخشية على صحتك من توالي الحمل ورغبتي في أن ينال عبد الله رعايةً ووقتًا كافيين منك))
ارتعشت شفتاها وهي ترد
((أعرف.. ولكن سبب رغبتي في الحمل المتتابع هو أني كنت أريد أن أنجب طفلًا ثالثًا قبل أن أصل لنهاية الثلاثينات))
بدأت أنمالها تداعب ذقنه حتى تكسر حاجز حمل الطفل الثالث عنده وتحببه
((عبد الله يمتلك نفس لون عيونك ويزيد كلما يكبر تتبين ملامحه يظهر مدى شبهه الرهيب بك، أتمنى من طفلنا الثالث أن يكون أكثرهم شبها بك))
مر شبح ابتسامة على وجهه قبل أن يعلق بعتاب حاني وهو يلامس وجنتها بكفه
((ولكن لماذا ترهقين نفسك وجسدك بالحمل من أجل طفل ثالث؟ هل هناك من زرع أفكار سخيفة برأسك وأخبرك مثلا أن تربطيني بالكثير من الأطفال حتى لا أتركك! رغم أنك تعرفين أن لا خلاص لك مني حتى لو أردتِ أنتِ ذلك))
رفعت كفه لتلثمها ثم قالت له مبتسمة بلمسة حزن
((أعرف أن الرجل لا يربطه ولا عشرة أطفال، لكني أردت أن أحظى على الأقل بأكثر من طفل لأجلك.. ومن.. أجلي أنا.. فقد عشت شبه مقطوعة من شجرة.. لا إخوة ولا أرحام مقربين، وأكثر ما كنت أخشاه على يزيد إذا تزوجتَ من امرأة غيري وأنجبت منها ألا يكون مقربًا من إخوته، بل لا يتم الاعتراف به من قبل والديك فيعيش مثلي بلا قريب أو سند))
انكمشت ملامح سمية بحزن وسوء أكبر، لتعود لذاكرتها لتلك الأيام التي كشفت فيها حقيقة أن يزيد ابن لمالك أمام والديه! وقتها فضلت أن تدع يزيد عند جديه على أن تأخذه معه، بعد موازنة خاطفة قارنت فيها بعيش يزيد معها هي ومالك لوحدهما وبين أن يعيش مع جدية وأولادهم وأحفادهم، العزوة والسند..
كلامها السابق وشحوب التعب البادي على وجهها جعل عينا مالك تتجمدان وتساؤل غير مسبوق يتسلل إليه في وجل.. هل كان متطرفا بردة فعله السابقة؟ فقد اتضح أن للأمر أبعادًا أخرى لم يكن يعرف عنها أو ينظر من خلالها.. كأن يكون حقا موضوع الإنجاب بأكثر من طفل قبل أن تصل لنهاية الثلاثين أو حتى الأربعين يؤرقها جدًّا لامتلاكها عن الموضوع أفكار يصعب إقناعها بالعكس.. خاصة وأنها كامرأة لها غريزة أمومة لا تستطيع الاستغناء عنها وترى أنها حاجة ملحة ولو على حساب صحتها..
غمغم مالك بعد أن اسند رأسها الى كتفه وضمها الى صدره أكثر
((يزيد ستبقى عائلته، جديه، أعمامه، أولاد أعمامه، والديه، إخوته كلهم بقربه وبظهره.. ولكن لا تكرري مجددا أمر الحمل المتتابع، فقد يرتبط حدوثه بعلة شديدة في جسدك))
أومأت برأسها موافقة
((معك حق، كان عليّ الانتظار أكثر قليلا.. سنة أو سنتين.. لكن..))
بادلته الاحتضان بنفس القوة واللهفة ثم تنهدت بقوة هامسةً بلوعة خصامه
((إياك أن تبتعد مجددا عني، فقربك مني يُشكِّل فارقًا عظيمًا، لا في يومي وحسب، بل في قلبي))
شعاع رقيق من الخجل التمع في عينيها وهي تميل مضيفة لنظراته التي تشع بالخضرة
((أنتَ حظي الأعظم في الحياة، وصديقي الأحب))
كان مالك مأخوذا بمبادلتها النظر وكم كانت عينيها حكاية طويلة جدًا من الشوق والوله..
قبل أن يصمت قليلًا مستعدًا لمصارحتها بما صبر عليه ليقول بما يستطيع من الهدوء وضبط النفس
((أحبك أيضًا، وأحب كيف تعتنين بي، وتذكريني بعدم تفويت وجبات الطعام، صبورة أمام الفوضى التي أخلقها وتدعمينني دائما حتى أكون راضيًا، بل وتبذلين كل جهدك للتقرب من عائلتي وخدمتهم وإرضاءهم حتى يتقبلوك تماما كجزء من حياتي.. لكن كل ذلك هذا ليس كافيًا بالنسبة لي..))
رآها كيف تعض شفتيها كأنها تقاوم غصة البكاء لكنه أردف
((لكن رغم ذلك ما زلت أريد المزيد منك، أريدك أن تأتيني راغبة مبادرة لي وتتوددين لي من تلقاء نفسك.. أريدك أن تتخلصي من خجلك الذي يقيدك في أوقاتنا الخاصة فنحن لم نعد عروسين.. أريد أن أشعر بتفاعلك معي واستجابتك، أي أني أريدك حبيبة وعشيقة لا زوجة فقط..))
قبضت بأصابعها النحيلة على قميص منامته.. ثم قالت بحشرجة
((أتقصد أني لا أبادر بتلك الأمور! إذن عليّ من الآن أن.. أن..))
شعرت بخجل فظيع وذراعاها ترتخيان عنه مسترسلة
((أقصد عليّ أن أزيد من.. من..))
تغضن جبين مالك بضيق لا يفهم شيئا من تلعثمها وارتباكها فظلت صامتة ثم أغمضت عينيها فجأة وهي تشعر بفيضٍ من دموع الإحباط تود الانهمار على وجهها ما إن سمعت سؤاله.. فيظهر وجهها الذابل كوردة اندثرت تحت الأقدام..
وقبل أن ينطق بشيء كانت تنتفض تتحرك مبتعدة عنه إلى الحمام..
احتقن وجهه بالغضب من نفسه! ما كان عليه إخبارها بمكنونات قلبه وما يضايقه منها.. كان عليه كتم الأمر في سريرته وتقبلها كما هي..
ظل على حاله منكس الرأس لدقائق طويلة لم يشعر بمرورها حتى سمع صوت باب الحمام يفتح فجأة وتظهر منه..
فغر شفتيه قليلا وهو يراها تتقدم منه بعد أن سرحت شعرها ووضعت مساحيق تجميل خفيفة على وجهها المتورد من أثر البكاء..
رفعت أصابعها المرتجفة لتحل رباط مئزرها فيظهر تحته قميصها الحريري الجذاب..
ضيَّق مالك عينيه بتوجس لما تنوي فعله..
جلست بجانبه مصطنعة نظرات مغوية.. وهي تهمس له
((لو أخبرتني من البداية، لعرفت كيف أغير من نفسي إلى هذا النحو..))
ظل مالك ينظر لها وما زال شعور الغرابة يسيطر عليه لتقترب بوجهها منه كثيرًا مردفه بنفس الهمس
((سأكون حريصة أكثر لأخذ احتياطاتي وأكون أكثر من كافية لك، سأبذل قصارى جهدي لتدليلك..))
تجهمت نظراته لها وقد بدت وكأنها.. وكأنها تمثل دورًا جديدًا عليه.. وعليها هي أيضًا..
ثم فاجأته وهي تفك أزرار قميصه فابتعد عنها يقول مزمجرًا بعبوس شديد وقد أدرك ما تحاول فعله
((لا يا سمية، توقفي))
ابتعدت عنه متفاجئة.. لكن عقدت حاجبيها تحاول حل ما تبقى من أزرار قميصه وهي تهمس بإلحاح يائس مثيرا للشفقة
((أنتَ لا تقصد الرفض حقا..))
بذل مجهودًا مضاعفًا وهو يلجم انفعاله ويقول بحزم شديد
((ما لذي تنوين الآن؟ هل تفكرين بإنشاء موازنة كـ "دعني أزيد واعطيه ثلاث مرات في الأسبوع حتى يشبع ولا يتذمر"؟ هذا ليس مقبولا بالنسبة لي، لو أردت يمكننا ألا نمارس أبدًا أي علاقة، المهم ألا تصطنعي الرغبة بي عندما أقترب منك فلا عيب في أن تكوني صريحة))
عادت تقترب منه قائلة بوهن مرتجف
((أنا لا أدعيها أبدًا..))
لم يستطع كبح غضبه أكثر فأمسك معصميها بخشونة أوجعتها ليوقفها عنوة عما تفعله
((سمية توقفي أرجوكِ، الرغبة لا يمكن ادعاؤها، فلا تجبري نفسك على ادعاء ما لا تحسين به..))
دمعت عيناها وهي تهز رأسها نفيًا هامسة بصدق
((ولكن أنا حقا اللحظة أريدك..))
ظل يمسك معصميها وعيناه الغاضبتان تدرسان صدق إجابتها.. ثم بحركة خشنة بعض الشيء أبعدها هادرًا
((لطالما منذ بداية الزواج تركت لي القيادة والمسؤولية في هذا الأمر إذا ما شعرت أنا بمزاج له.. أما إذا ما أخبرتك برغبتي فلا يخطر الأمر على بالك))
وهمَّ أن يغادر السرير وهو يقول بنبرة خافتة من بين أسنانه
((يكفي! سأنام على الأريكة..))
احتجت قائلة ((وأنا لن أسمح لك.. ليس قبل أن تصدقني على الأقل..))
هتف بها بانفعال غاشم
((وأنا قلت.. اتركيني فقط.. أنا غاضب كثيرًا..))
لم تعرف كيف تهدئ من ثورته أو تثبت صدق كلامها..
فتوهجت عيناها بالعزيمة واقتربت منه وهي ترميه بنظرات عينيها الممتلئة بالدموع.. ثم رفعت يدها إلى وجنته هامسة بتوسل
((لكني أرغبك كما ترغبني..))
لم يهتز بل ازدادت ظلمة عينيه يفسر تلك النظرات منها على أنها محاولة لإيهامه، لأن تفسيرها للأمر ما هو إلا دفاع عن نفسها بأنه قد يتركها إذا لم يجد منها أي تبادل في المشاعر.. رغم أن ذلك من الاستحالة..
عادت تكمل حل باقي أزرار قميصه فوجد نفسه لم يعد يمتلك أدنى قدر من المقاومة وعينيه تخالف أوامر عقله وتتجول بجنون عليها كلها.. فتمتم لها بنبرة غريبة عنها
((أنصحك بالابتعاد عنى والخروج من هذا المكان لأنه لا فكرة لديكِ عما أرغب الآن بفعله بك إذا أصّريت على ما تفعلينه))
ردت عليه بعناد وتحد سافر
((إذا كنت تحاول إخافتي فأنا أود أن أخبرك أنه قد حدث العكس))
ردّد عليها مجددا وعينيه لا تتزحزحان عن مفاتنها وشوقه لها كالنار تستعر بداخله
((أنصحك للمرة الأخيرة بالابتعاد لأني أكاد أفقد لجام سيطرتي))
لم تنحسر ملامح العزم عن وجهها.. فكرر بغضب مكتوم وهو يميل لها فتشعر أنفاسه الخشنة ورائحته المسكية
((حسنا لقد حذرتك وأنتِ من لم تصغِ لتحذيري فلا تلوميني على ما سأفعله))
وبعد صمتٍ حاول من خلاله أن يتحلى بالهدوء استعادة انتظام أنفاسه اللاهثة فقربها منه لم يكن إنصافا مطلقا لعقله الذي لم يعد يفكر بأي شيء سوى باشتهائها.. باغتها يلتهم شفتاها بشراسة وحدة كأنه يريد معاقبتها لأنها تحاول أن تدعي ما ليس فيها، كما يظن هو..
وكل ثانية تمر عليه تزداد قبلته لها قسوة حتى كاد أن يدميها ثم
ألقى بها على الفراش، ووقف مكانه بجسد متشنج وعينيه تمر عليها بغضب أعمى..
عجزت عن منع تلك الرجفة من السريان بجسدها خوفا ورهبة من غضبه غير المألوف والذي تراه منه لأول مرة، لكنها لم تتراجع بل ظلت مستلقية أمامه تتطلع إليه بإقدام، تؤمن كليا أنه لن يفعل شيئا يؤذيها.. لكن توترت أعصابها فجأة عندما قبض على كفيها بيد واحدة بقسوة جعلها تتأوه فكتم تلك التأوهات بابتلاعها بفمه، بقسوة تارة وبرقة تارة أخرى كأنه يصارع نفسه..
وكل هذا دون أن يجد منها أي اعتراض بل كانت متقبلة ومرحبة أن تكون متنفسا عما بداخله من إحباط تجاهها.. وقد اشتاقت خشونته عندما يخترق كيانها كالإعصار..
ما إن أنهى اجتياحه ووعى بنفسه حتى دفن وجهه داخل حنايا شعرها يتنفس بصخب..
رفعت أناملها تغمرهم في خصلات شعره المموجة بلمسات ناعمة مهدئة حتى استرخت أنفاسه المتسارعة تدريجيا..
لا تعرف كم مرّ عليهما هكذا تحديدا حتى شعرت بابتعاده عنها فجأة كمن دبت فيه الحياة.. ثم يضع يده فوق بطنها ويقبلها بحذر..
خاف أن يكون قد أذى الجنين بسبب خشونته، وخشي أن يكون عقابه على تذمره وقت أعلمته بالحمل أن يخسره..
تقطع قلبه واضطرب خشية حدوث أمر سيئٍ من فكرة ما راوده!
فهو لن يتحمل خسارة هذا الجنين الذي لا يزال في رحمها مضغة، بل من الآن يشتاق لأن يأتي لدنياهم، ويتمنى أن يكون بنتا..
رفع رأسه لوجهها المنهك يعود لواقع ما فعله وهمس فيها بصوتٍ متحشرج
((لما جعلتني أتمادى بما سأكره نفسي عليه!))
مدّ أصابعه المرتجفة لوجهها.. لكنه توقف فثمة شعور خانق يتآكله داخليا يمنعه من لمسها! استرسل همسه
((دعينا نغلق هذا الموضوع ولا نفتحه أبدًا، وأنا سأتقبل كل شيء منك بما تستطيعي القدرة عليه، حتى إذا أردتِ أن نعتزل العلاقة الزوجية فلن أمتنع، الحقيقة لا فرق لو اعتزلناها أو لا))
لكن هي قطبت حاجبيها وكان لها رأي آخر.. فمالك هو من صنف الرجال القليلين.. الذين يجيدون ممارسة الحب.. بالقول والفعل.. هو هدية عمرها التي ستحاول الحفاظ عليها دائما بتبادل نفس الحب والمشاعر نحوه.. منذ البداية كان هو من يحمل عبء هذه العلاقة، سذاجتها وجهلها بأبسط الأمور، رغم أنها سبق أن تزوجت قبل أن ترتبط به..
لكن على هذا أن يختلف من الآن.. عليها أن تظل تحاول وتتعلم.. لأجله.. هو..
عليها مواجهة نفسها من خشية ابتعاده عنها بالسعي بما يحول لتغلبها عن شعورها بذلك..
وقبل أن تفتح شفتيها لتنطق كان ينتفض واقفا يتجه نحو الباب فسألته بلهفة قلقة
((إلى أين أنتَ ذاهب؟))
بدأ يبحث عن المكان الذي خبأت فيه المفتاح مُجيبا بعصبية
((فقط اتركيني بحالي..))
اندفعت نحوه تتوسل له برجاء ورقة
((لا، أرجوك.. لا تغادر..))
اضطربت ملامحه وأغمض عينيه مدمدمًا
((سمية أشعر بالاشمئزاز من نفسي.. أرجوكِ لا تضغطي عليّ))
*****


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-21, 06:21 PM   #5704

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

عندما انتهى معاذ وشيرين من العشاء الذي ضمّ كل ما هو شهي.. من الرقاق المحشو باللحم، ورق العنب، أنواع سلطات لذيذة، وحساء ساخن.. جلسا أمام شاشة التلفاز يتابعان أحد الأفلام التي اقترحتها شيرين عليه.. والتي شعرت باسترخاء رهيب يجتاحها بعد الوقت الهادئ الذي قضته معه.. حتى أن قرب معاذ منها أعاد إليها أريحيتها منه.. كانت تضع كل جام تركيزها على الفيلم المعروض على الشاشة والذي لا تعرف كيف تحول من فيلم الأكشن الأفضل لهذا الموسم كما أشيع عنه لفيلم رعب مخيف منع جفنيها أن يرفا قبل أن يأتي فيه مشهد مباغت صادم جعلها تشهق عاليا وتختض مكانها بجزع..
بدأت تتنفس بلهاث خفيف قبل أن تشعر بيديها تمسكان ساعد معاذ باستنجاد غريزي..
حانت منها نظرة له لتراه يحدق بها لكنها لم توقف عند ذلك الحد طويلًا، قبل أن تسند رأسها على صدره القريب تطلب أمنًا منه بكل وضوح وأنفاسها الدافئة تستنشق عطر رجولته.. وهو بالمقابل احتواها بين ذراعيه بحنان داعم صامت، يمسح على شعرها برفق..
انخطفت أنفاسها ويدها على قلبه الصاخب دويًا كقلبها.. وبدون شعور مر شبح ابتسامة على محياها وهي تغرق في رحاب دفئه ليتلاشى ارتجاف الخوف من الفيلم ويتحول لارتجاف دقات قلب حالم..
اشتدت ذراعاه حول جسدها لتشعر أنها بكيانها تذوب فيه كأنما كان على تنتظر تلك اللحظة..
أغمض معاذ عينيه.. إنه يضمها.. يحتضنها لصدره.. يحتويها أمانا واطمئنانا تعبث هي فيه كما شاءت، بعد سنوات حرمان عفّ فيه نفسه عن أي أنثى.. فيصرخ قلبه كأنه عاد شابًا في العشرين..
أخرج أنفاسا مرتجفة ثم انفتحت ذراعاه حولها بصعوبة ليبتعد عنها قليلا هامسا بخشونة وبتعابير تشع رجولة وتطلبًا
((هل الفيلم ممل أم أنا الذي لا أستطيع التركيز إلا بك؟))
كان وجهه مقابل وجهها لا يبعد إلا بضع سنتيمترات، فتوهجت عيناها بخضرتهما وهي تراه يتخذهما بوابة فيعبر منها إلى عمق روحها وقلبها بذاك التوق الصريح!
ظلت مشدوهة بالنظر إليه لم تشعر كيف أطفأ التلفاز ولا كيف حملها الى غرفتهما، فقط أدركت حينما ابتسم فوق بشرتها ينهال منها بتملك.. برقة.. بسيطرة..
انكمش جسدها بين ذراعيه.. ليس بسبب تلك التجربة الأليمة التي مرت بها بل في فورة حياء غريزية للمسة أولى منه.. ومهما حاولت أن تقاوم إحساس عاشقة به، كان ينجح في جعلها تضعف وتستجيب له دون موافقة..
كأنها حقا تود هذه العواطف المثيرة التي يضرمها بقلبها، وترغب في أن يحتل روحها ويصهرها فيه.. تريد أن تشعر أنها هذه المرة حقا مع رجل حقيقي تستند عليه فيدرئ عنها خطر الجميع بشهامته وهيبته..
وكانت كل لمسة منه ما هي إلا سقيا لأنوثتها المشتاقة كانت قد جفت منذ زمن طويل فجاء هو ليمطرها ويروي أرضا عطشى بينابيع حبا ولهفة لها..
بعد مدة من انتظام الأنفاس رفعت كفها لتمرر أطراف أصابعها فوق ذقنه هامسة
((هل أنتَ مستيقظ يا معاذ؟))
استندت على ذراعها ثم بدأت بصمت تطالع ملامحه الرجولية وتنظر إليها مرارا وتكرارا وكأنها ترسخها بعقلها دون ملل.. في حلم بعيد.. حلم يراود يقظتها.. حلم مرّ في خاطرها مرهونا باستحالة تحقيقه فيجلد قلبها تعذيبًا..
لكنها حاولت أن تتناسى كل هذا بتحفيز نفسها بالسعادة التي تحياها اللحظة مع من نبض له القلب، وفي غمرة ذلك لم تقاوم دموعها التي انزلقت على وجنتيه قبل أن تسقط على خده ففتح عينيه فجأة مما جعلها تنذهل هامسة
((لقد ظننتك غارق في النوم))
لكنه ظل يعاينها بجمود ونظرة عيناه تتسلل عميقا جدا بداخلها فتعريها أمامه.. كأنه يعرف كل تفاصيلها وبواطن أفكارها ومكامن ضعفها، ويفهم كافة تخبطاتها وأوجاعها..
صمته الذي كان يحيطها به يقتلها فأخرسته بعض شفتيها كأنها تمرر وجع روحها عبر ألمها الجسدي..
لكنه عاجلها وسحب الى صدره يعانقها بقوة وتدريجيا بدأ يخفت بكاؤها وترتخي عضلاتها.. حتى ضمت شفتيها تسكت نفسها تماما تمنعها من الانزلاق في هوة الذكريات المريرة.. فالمسكين يمتلك من المشاكل ما يكفيه ولا ينقصه الآن أن يدخل بمعضلة التعامل معها هي أيضًا..
أبعد معاذ رأسها عن صدره يغرق في عينيها ويأسره المضي في دربهما هياما.. ورغم سعادته أنها باتت ملكه لكن ألمها يشعره بالاختناق..
لا يعرف كيف دمّر ابن عمه أنوثتها وانتهكها رغم أنه يصر عدم الخوض في ماضيها معه.. لكنه يتألم من أجلها.. بل يغضب وتثور ثورته كلما تخيل أنها كانت ضعيفة ووحيدةٌ بين براثن وليد الوغد، حيثُ لا أحد معها..
هزّ معاذ رأسه يخرج نفسه من جُب هذه الأفكار والمشاعر البغيضة حتى لا ينحدر إليها كما سبق وأكد على نفسه قبل أن يقوم بخطوة الزواج هذه!
ارتمت شيرين بين ذراعيه مرة أخرى تشدد من احتضانه وتصرف بقربه عنها أشباح ماضيها..
معاذ نجح في أن يبث في قلبها شعورا لم تختبره وفي كيانها عشقا لم تُجد فعله وفي عقلها غراما لم تسمعه، غير الذي عرفته واعتقدت بسذاجة أنه الحب بذاته ليتضح لها الآن أنها كانت تعيش في نسيج من أوهام أتقن وليد لفها حولها، وكلما كانت تحاول الفكاك منه يزيد من سُم التفافه..
أخرجها صوت معاذ العابث من بؤرة أفكارها هادرا برفق
((عزيزتي.. إذا بقينا على هذا الحال فلن ننهض من الفراش ونجهز حقائبنا حتى لا يفوتنا موعد السفر))
*****


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-21, 06:22 PM   #5705

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

طرق قصي باب مكتب المهندس صاحب هذا المشروع الذي يعمل فيه، وما إن أذن له الدخول حتى قابله بوجه مكفهر..
ابتعد المهندس عن الحاسوب ودعا قصي أن يرتاح على أحد المقاعد أمام مكتبه، فجلس قصي بعد لحظات تردد.. ليهدر المهندس بعملية وبرود
((قصي.. قصي سامح.. إذن أنتَ عامل البناء والطوبار الذي تعمل هنا وتسببت باستقالة المهندس حديث التخرج بعد إغضابه؟))
ازدرد قصي لعابه بصعوبة متوقعا أن يكون سبب استدعاء المهندس له طرده.. تحامل على نفسه بمشقة لتخرج كلماته بإباء جاهد بإظهاره
((سيدي أنا فقط قمت بتصحيح خطأ في حسابات كُلف بها، وهو من انتابه الكِبر لأن التصحيح صادر فقط من عامل بناء مثلي ثم كتب استقالته، رغم أنه مجرد مهندس حديث تخرج وفي طور تعلمه، لكن يبدو أنه أراد أيّ حجة مهما كانت سخيفة للاستقالة، لا يد لي أنا فيما حدث))
حاول قُصي السيطرة على حالة التوتر التي تتفاقم داخل، صحيح أنه حقا لا يريد ترك عمل براتب عالٍ هنا رغم مشقته.. لكن حث نفسه ألا يتضايق فليس وكأنه آخر مكان عمل في العالم!
ضيَّق المهندس صاحب المكتب الجالس مقابله عينيه يقيّمه، إذ أنه لا ينكر أن عامل البناء والطوبار المبتدئ يستطيع اكتساب الخبرة وتعلم هذه الحرفة الصناعية عن طريق الملاحظة والمشاهدة، بل قد يكتسب مهارة عملية أكثر من أي مهندس قائم في المشروع.. لكن المخطط الذي رسمه قصي على البرنامج الهندسي والحسابات التي أجراها بكل سهولة، تجعله يرتاب من الأمر.. هتف به متسائلا بمباغتة
((يبدو أنك يا قصي سامح سبق وأخذت الكثير من الدورات وخضت المشاغل الهندسية! لكن السؤال هو لماذا حصلت عليها وأنت حاليًا عامل بناء؟))
زفر قصي بحنق بالغ وتشنجت تعابيره حتى أجاب بلامبالاة
((لأني بالفعل مهندس يا سيدي، ومؤخرا كنت استزيد وأطبق معلوماتي بكل ما درسته وتعلمته بالهندسة وأراجع طرق استخدام البرامج الهندسية التي قد تلزمني، لأجد نفسي بالنهاية أفشل في إيجاد عمل في الهندسة لأني لم أمتهنها قط، وأفضل وظيفة كانت متاحة أمامي براتب عالٍ هي عامل بناء هنا))
اندهش المهندس بينما يسأله ببلاهة
((إذن أنتَ مهندس!؟ أنت صادق يا قُصي؟ مهندس حقا؟))
هزَّ قصي رأسه مؤكدا ببساطة، فزاد ذهول المهندس صاحب المكتب واستتبت حيرته، تصفح وجهه باستهجان.. ثم تنحنح إثر ما صَدمَه قصي بحقيقته وصدمه ثم قال بكياسة
((كنت أقصد هل يمكن أن تجلب لي شهاداتك الجامعية والإثباتات!))
استقام قُصي من مكانه هادرًا بهدوء
((لك ذلك.. سأحضرهم في الغد..))
قاطعه المهندس بلهفة وإصرار
((اليوم بل الآن، اجلبهم لي وتعال إلى هنا))
قطب قُصي حاجبيه قائلا
((يمكنني أن أعطيك اسمي ورقمي في نقابة المهندسين، ألن يكون ذلك أسهل؟))
هزَّ المهندس سبابته موافقا
((بل أحسن، نحن في عصر التكنولوجيا كل شيء بإمكاننا الاطلاع عليه على الإنترنت..))
وكانت دقائق حتى فتح الحاسوب المحمول وبدأ يتصفح بالسيرة الذاتية لقصي ثم يقول مشيرًا على اسم الجامعة التي تخرج منها قصي
((لحظة الجامعة المذكورة هنا.. في الخارج صحيح؟))
ولم ينتظر أكثر حتى قام بكتابة اسم الجامعة على محرك البحث ليشهق أيّما ذهول.. كان يتأكد من اسم الجامعة لعديد المرات تجنبا لأي التباس في أن يكون اسمها مشابها لجامعة أخرى وما إن تأكدت له صحة ظنونه حتى هتف به برهبة
((رباه! هل حقا درست بمثل هذه الجامعة المرموقة في الخارج! كيف لم تجد عملا بعد تخرجك مباشرة))
ردَّ عليه قُصي وهو يهز كتفيه
((الجامعة نفسها وفرت أعمالا لخرِيجيها مباشرة لكن كانت ميولي وطموحاتي في وادٍ آخر غير الهندسة، فلم أستغل هذه الفرصة فضاعت مني، خاصة بعد مرور كل هذه السنوات..))
مررّ المهندس يده على ذقنه مفكرا لدقائق.. أما قصي فكان متفهما ذهوله فالتعلم في جامعة رفيعة المقام، تؤهل طلابها لمهارات ومعارف ذات جودة حقيقية، وبالتالي تحقق لهم فرص عمل أفضل ومستوى دخل أعلى ليس متاحا للكثير، إلا لأمثاله، ممن لا يعانون للدراسة في الخارج حيث منذ ولادته يؤهل لهذه اللحظة، ويرتب أهله لها، وذلك بإلحاقه بمدرسة دولية تؤهله لتلك الجامعات خارج البلاد.. أو تتاح للطلاب ممن آباؤهم يحترقون عملًا وسعيًا لتحمل مصروفات إلحاقهم بجامعة دولية، ويتطلب منهم جهد الدراسة الذاتية والدافعية المطلوبة للاستمرار.. انتشل المهندس قصي من أفكاره يقترح عليه بغتة
((قلت بأنك كنت تبحث عن عمل لك كمهندس لا خبرة له، ما رأيك أن تحل منصب المهندس الذي استقال؟))
اتسعت عينا قصي ومال نحوه هاتفا
((أنا؟ هل أنتَ جاد بعرضك؟))
عدل المهندس من نظارته الطبية وقال
((نعم أنا جاد، عد فورا للبيت وتجهز للمقابلة غدا، وإذا نجحت بها سأعينك كمهندس.. ولكن عليك أن تعرف أن راتبك سيقل عما كان عليه عندما كنت تعمل هنا كعامل طوبار وبناء))
تجهمت ملامح قصي فتابع المهندس بابتسامة جانبية
((نعم لا تستغرب، فمن الصعب أن تجد عامل طوبار يتحمل مثل هذه الأعمال الشاقة والمجهدة لذا رواتبهم عالية، أما المهندسين فكثر حتى أن بلدنا يطلق عليها بلد المليون مهندس، ارمي حجرا على مواطن تجده مهندسا..))
لوح قصي بيديه هادرا
((حسنا، لا بأس، لا بأس، لا أهتم بالراتب أريد أن أعمل بشهادتي وأكتسب خبرة))
غمغم المهندس مُشيدا برأيه
((أحسنت يا بني، إذن استعد للمقابلة، لتبدأ إن وُفِقت فيها، عملك كمهندس بشكل رسمي))
قال له قُصي بعرفان وامتنان قلبه الذي كان قبل ساعة واجفًا
((سيدي شكرا لك، سأبذل جهدي لأكون عند حسن ظنك..))
وعلى الفور غادر المكتب منصرفا، وقد تجلت علامات البهجة وجهه، ليعود للمنزل ويستعد للمقابلة وكله عزم في نيل المنصب..
*****


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-21, 06:23 PM   #5706

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

منذ تلك الليلة التي صارح مؤيد فيها رتيل وهو يلتزم الصمت معها، ليس صمت الكلام رغم شحة الحوارات بينهما، وإنما صمت المشاعر، رغم الأحاسيس الكامنة المستعرة بينهما..
يرقبها عن بعد وهي أيضًا بل وتتعمد أن تسترعي انتباهه بحركاتها الملهبة له.. وهو رغم أنه لا يكف عن التهام كل تفصيله من تفاصيلها إلا أنه لا يجرؤ أن يفصح.. يشعر أنه محطم.. يخشى أن ترفضه بطريقة غير مباشرة فقد كان آخر مرة معها مخيبا لظنونها وآمالها..
كسرت الصمت بينهما هادرة
((لقد تأخرت قليلا في العودة من عملك! اليوم موعد زيارتي لعائلتي..))
تنحنح مؤيد وهو يحل أزرار قميصه وعينيه على شفتيها المطليتين بإتقان إذ أضحت لا تتردد بوضع زينة الوجه في البيت أمامه.. ثم رد عليها أخيرا
((لن أستطيع أن أذهب اليوم معك، اذهبي مع الأولاد لوحدك))
أومأت له بهدوء.. مفكرة أنه لم يعد أبدًا يحسب خروجاتها كأنه يريد أن يثبت لها أنه يثق بها وبحسن تعاملها مع الأحداث والمعطيات، وهذا ما يجعلها في المقابل تشعر بالذنب وثقل يقبع فوق قلبها عندما تحاول فتح هاتفه لتفتيشه فتتراجع فورا..
ازدردت ريقها ثم تبعته حيث يقف أمام منضدة الزينة يسوي شعره وقالت له بحنق ظاهري
((مؤيد أنا تعبت من طلب المال منك كلما احتجت له، أشعر أني متسولة، أعطني مصروفا مثلما كنت سابقًا، وإذا لم تزد على المصروف فلا تنقص منه، أدرك أن وضعك المالي ممتاز..))
حانت منه نظرة شك لها ثم قال متسائلا ببطء
((وهل ستقومين..))
قطبت حاجبيها وردت بثبات
((نعم يا مؤيد سأعود وأخبئ جزءً منه في حسابي البنكي، يعني للمستقبل فقط..))
عبست ملامح رتيل ورفرفت بعينيها شاعرة بشيء من الندم لأنها أفصحت له عن الحقيقة.. أما مؤيد فضيق عينيه متفحصا صفحة وجهها قبل أن يزفر ويقول بيقين
((سأعود وأعطيك كما السابق.. هل تعرفين لماذا؟ لأني متأكد من أن رجل مثلي لا يقدر بثمن لو تركتيه فأنتِ الخاسرة..))
اتسعت عيناها ولم تتوقع منه استجابة سريعة فهللت ملامحها وقالت له بتأكيد ولهفة وهي تمد كلتا يديها
((نعم أتوقع أني سأكون خاسرة لو تركتك يا مؤيد، أعطني الآن هيا.. أعطني))
لوى مؤيد فمه ساخرا لوجهها المشرق وأخرج من محفظته بعض المال وناولها إياها بقوة مؤكدا أنه سيكمل مصروفها غدا..
وهي كانت حقا ممتنة له فرغم كل سلبيات مؤيد العديدة بل التي لا تعد ولا تحصى، إلا أنها إطلاقا لا تفكر بتركه، خاصة بعد أن شعرت أن علاقتهما تغيرت وباتت تستطيع أن تكون معه رتيل الحقيقية..
غادرت الغرفة لتخبئ نقودها قبل أن يتراجع هو عن عرضه، لكنها وجدت خطواتها تتباطأ وتتثاقل.. ازدردت غصة مسننة في حلقها كمن تذكرت شيئا ثم استدارت عائدة له تقول بصوتٍ مبحوح
((مؤيد رغم أني لم أتلقَ أي اعتذار منك على خطأك بحقي عندما كنت تخرج مع دموع وعن تلك المحادثة، لكن من جهتي أنا أشعر بحاجة ملحة جدًّا للاعتذار منك على خيانتي لثقتك في الماضي.. كنت لسنوات أخون ثقتك وأخرج إلى أماكن دون علمك..))
رفعت عينيها تضعهما بحدقتيه المهتزتين بينما تكمل بصدق
((شكرا لك لأنك تمنحني ثقة عمياء لأزور عائلتي متى ما أشاء بل ووحيدة كأني لم أذنب، صدقني الآن لو خيرت بين موتي وكسر ثقتك لاخترت موتي))
اضطربت ملامحه فجأة وأشاح بنظره جانبا لكنه قال بصوتٍ متوتر
((شكرا لك لأنك تثقين بي وأينما أدع هاتفي أو أتركه دون كلمة سر، لا تطلعي على خصوصياتي، رغم أنك لو فعلتي ذلك فلن أمانع، أنا تبت لله وعرفت ما تفعله تلك الصداقات البريئة..))
نعم هو حقا ما يزال يشكر الله ليل نهار على انتهاء موضوع دموع بأقل الخسائر، فمهما ينكر إلا أنه هو السبب باتهام دموع لزوجته بعرضها وشرفها فهو من أدخل امرأة كدموع لحياته وأطلعها عن أسراره بزوجته، ولو كانت أذكى قليلا لكانت أوقعته بمصيبة بل مصائب لن يستطيع هو أو أحد أفراد عائلته الخروج سليمين منها..
ثم توجه بعدها يجلس حول مائدة الطعام حيث جهزت له أطباقه المفضلة.. بدأ يأكل ببطء وعلى مهل، فقربت كرسيها منه ثم سألته بدلال تقوم بصنع له لقمة طعام بيدها ترفع نحو فمه وتطعمها له فيلتقمها منها
((مؤيد أخبرني بالمزيد عنك أريد أن تحدثني عن نفسك أكثر))
تجهمت ملامحه متسائلا
((كيف يعني؟ لم أفهم عليك؟))
هزَّت كتفيها قائلة بعفوية
((أريد أن أعرف أكثر عن طفولتك ومراهقتك لكي أفهم شخصيتك وكيف تشكلت وتطورت إلى هذه المرحلة الاستثنائية، فأنت لا تشبه أحدًا من أفراد عائلتك))
ازداد تجهمه وغمغم حانقا
((تشعريني أني رجل مختل يملك شخصية جنونية استثنائية وثرية للدراسة والبحث..))
ثم أبعد يدها التي كانت تناوله بها فلم تعر اهتمامًا وتناولت اللقمة بعفوية، بينما يغير الموضوع هادرًا
((أعتقد أني سأذهب في نهاية الأسبوع للمتكم العائلية فقط لأجلك لأني حقا لا زلت أشعر أني لا أطيق رؤية أخويّك الاثنين أبدًا..))
أطلت من عينيّ رتيل نظرة ضيق خاطفة ثم هدرت باقتضاب
((ولا أنا أيضًا أشعر برغبة في الحضور لتلك اللَّمة، سيكون عمي وزوجته متواجدين لذا كل ما أتمناه أن يمضي الوقت بسلام دون أن أرهق أعصابي))
رفع إحدى حاجبيه بتحفز ثم تساءل بفضول
((وما مشكلتك مع عمك وزوجته؟))
وضعت الأكل من يدها وبدأت تضرب بها بتوتر على المائدة قائلة بعبوس
((لا شيء لكن يمكنك القول بأن مراهقتي كانت قاسية لأني عشت في بيت واحد معهم..))
غامت عيناها وأظلم توهجهما وهي تردف
((أنتَ تعرف أن والدي رحمه الله توفي في صغري، فعرض عمي على أمي الزواج لكنها رفضت بشدة حتى لا ينقطع عنها معاش والدي، ومع إصرار أمي على الرفض أجبرنا أن نعيش في منزله الكبير هو وزوجته وأولاده..))
اتسعت عينا مؤيد لهذه المعلومة التي يعرفها لأول مرة عنها بينما استهجنت ملامحها أكثر لتردف
((رفض عمي أن نعود لبيت أبي قبل أن يكبرا أخويا الاثنين ويصبحا أكثر نضجًا، وحتى ذلك الوقت نجح عمي في نقل طباعه السيئة لهما وجعلهما يكتسبان صفات مقيتة كالتعسف والتزمت والشك ويتصرفا كأنهما الآمران الناهيان في حياتي وحياة أمي وبالتالي يعتبراني أنا خادمة لطلباتهما))
قطب مؤيد حاجبيه بغلظة إذ فهم أن رتيل تُشَّبِه صفات أخويها بصفاتِه قبل أن يحاول أن يغير شيئا منه.. بالماضي عندما كانت تطلب منه أن تسكن عنده من أجل حياة زوجية أكثر انسجاما وتقاربا وتشاركه بعضا من ترف ونمط حياة المدينة بدلا من إبقائها في منزل عائلته وفرض حياة روتينية جافة عليها، كان يصرخ مهددًا إيّاها بالهجر معللا أن سبب زواجه منها لتلعب في حياته دورا واحدا ألا وهو أن ربة بيت تنجب الأطفال وتنشئهم تنشئة صالحة، كأنها خادمة عنده!
تنهد قبل أن يقول وهو يدعوها أن تقترب منه أكثر وتريح رأسها على صدره
((غريب أن أمك لم تستطع كسب أحدا من ولديها إليها وسمحت لعمك بتشكيلهما كنسخة مصغرة منه! فقد بدت لي امرأة قوية وصبورة))
تحركت شفتاها في شبه ابتسامة شاحبة وتشدقت متهكمة
((نعم هي امرأة قوية ولكن قوتها تكمن في التحفظ والتكتم عما تتعرض له من ظلم خاصة من زوجة عمي القاسية))
تساءل مؤيد مستغربا
((ولماذا تسيء لها زوجة عمك؟))
لم تنحسر ملامحها في شرودها وهي تجيب بمرارة
((عَلِمت بشأن عرض عمي الزواج من أمي، فجعلتنا نعيش في جناح صغير منفصل في بيتهم الفسيح حتى لا يحدث أيّ تواصل بين زوجها وأمي حسب زعمها، فلا نأكل ولا نشرب معهم))
حضنت كفه بكلتا يديها وهي تردف
((قبل سنوات كانت قريتنا مثال للقرية النائية الخالية من المحلات التجارية، وأخويّ أصغر من الذهاب للمدينة وحدهما، فكنا نجلس لأيام بثلاجة شبه فارغة أو يشتد بنا المرض لعدم تلقينا العلاج فقط لأن أمي تخشى طلب شيء من عمي فتكيل زوجته لها الاتهامات بأنها تتعمد التقرب من زوجها، وتعاجلها بالضرب والإساءة..))
كان يستمع لها باهتمام دون تعليق، فقط ضغط عدة على مرات على يدها ليشعرها بتواصله معها، وكاعتذار صامت على ما مرت به في الماضي.. أما هي فكانت تفكر أنها لطالما أرادت منذ صغرها أن تعمل عندما تَشب ويكون لديها دخل وكيان حتى لا تصبح نسخة ثانية من أمها أو باقي النساء البائسات اللاتي ينتهي الحال بهن في نهاية المطاف دون قدرة على فرض وجودهن أو حتى الاعتراض أو رفض الظلم الواقع عليهن.. رغمًا عنها كانت تكره الضعف وتبغضه.. قبل أن تكتشف أن المطاف انتهى بها لتعيش مع مؤيد كما عاشت أمها وغيرها من النساء المقهورات وإن اختلفت دروبهن في الحياة..
لكن بحمد الله ورغم كل ما مرت به فها هي الآن تعيش حياة جيدة، مؤيد رغم كل سلبياته فهو كان سخيَّا معها إلى الحد الذي سمح لها أن تمتلك فيه الكثير من المال بحسابها البنكي والمجوهرات ما يخولها لتعيش حياة كريمة لآخر حياتها دون منية أحد، ولا زال يتغير أكثر..
دمدم مؤيد لها بتعاطف صادق
((مسكينة أمك، كانت مضطرة قهرا أن تخضع لها حتى تكبروا!))
قاطعته رتيل بنبرة جافة باردة كالجليد القاسي
((لا لم تكن مضطرة، فهي ليست عاجزة أو ناقصة أو فاقدة للأهلية أو حتى فقيرة، كان بإمكانها الاعتماد على نفسها بدلا من الاتكالية على عمي، كان بإمكانها شراء سيارة وتعلم القيادة وقضاء حوائجنا بنفسها بدل تسول المساعدة منه، والسماح له بالتحكم بنا وجعل حياتنا صعبة))
رفع حاجبيه لجوابها.. وفكر بإن زوجته ليست ماكرة وحسب، بل حادة الذكاء، يصعب التنبؤ بأفعالها أو حتى أفكارها.. تبدو للوهلة الأولى للبعض امرأة ضعيفة ومستكينة وللبعض الآخر متسلطة، لكن في أعماقها هناك سيدة أنيقة فكريا وخلقيا هادئة الطبع ودمثة الخلق، منصفة لا تأتي على حق أحد ما لم يتعرض لها أو يظلمها، أو يستولي على حق من حقوقها.. إنها تثير فضوله المتوقد للحد الذي يجعله يحب التواجد معها أكثر والإنصات منها في التعبير عن رؤيتها للأمور..
*****


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-21, 06:23 PM   #5707

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في المجلس حيث يجلس الحاج يعقوب وزاهية بمفردهما مع مصعب، هتف يعقوب باستنكار للفكرة التي لا يدري كيف خطرت على بال مصعب واستقرت بعقله
((ولماذا تستكمل دراستك في الخارج بدلًا من هنا؟ من أجل الوجاهة الاجتماعية؟))
ردَّ مصعب بهدوء وثبات وهو يبرر موقفه الذي لن يتراجع عنه
((بل فرصة أفضل للتعلم ثم للعمل، وبالنسبة لنورين فلا يوجد تخصصات عُليا لنفس تخصصها هنا لاستكمال دراستها))
عقبت الحاجة زاهية بسخط
((هل هي من حرضتك على فكرة السفر في الخارج من أجل إكمال تعليمها العالي؟))
صوب مصعب نظره لأمه عاقد الحاجبين ثم رد مُصححًا لها
((بل دوامي الطويل المنهك في المشفى الذي أعمل به هو ما حرضني على فكرة الدراسة والعمل في الخارج لفترة، كرهت التمريض كله، أنا أكثر خمولا من أن أواصل عملي على هذا النحو حتى سن التقاعد، أريد أن أكمل دراساتي العليا لعلها تفتح لي أفقًا أخرى في مجالي))
أخذ مصعب نفسا عميقا ثم عاد يقول لوالده بهدوء يكتنفه
((أبي ليس عيبا أن يسعى المرء لزيادة معرفته أو مهاراته "أطلب العلم ولو في الصين"، كما ورد في الأثر))
تحشرج صوت زاهية معترضة مستاءة ومرهقة الملامح من فكرة سفر ابنٍ آخر لها في الخارج
((لا يا مصعب لن نسمح لك أبدًا بالغربة، فعلها مازن مرة ولن أسمح لك أن تعيدها))
كان مصعب حازمًا وهو يرد
((لا يا أمي، الأمور لا تُقيّم هكذا، بل مثلما ذهب مازن في عمر صغير هناك للدراسة، أنا لي الحق أيضًا أن افعل، أنا لست صغيرا لتخافا عليّ من أي شيء))
حافظ يعقوب على هدوئه وهو يعقب محاولا بشدة ثني ابنه
((ليست مسألة خوف من قلة خبرتك، لكن الغربة ليست سهلة لا عليك رفقة عائلتك الصغيرة ولا علينا نحن، فقط اعتدنا زيارتك لنا أسبوعيا فكيف تريد أن نتحمل لسنين ألا نراك، الغربة تقطع صلة الشخص بأرحامه وأهله!))
ازدادت عقدة حاجبيه مصعب وهو يرد
((أبي سيكون السفر غالبا لفترة مؤقتة، أنا بالتأكيد لا أفكر بالتنكر لجذوري وأصْلي والبقاء هناك، كل ما في الأمر أنى أريد طوقًا للنجاة يفتح لي آفاقًا من أجل عمل أكثر مرونة وسهولة بمجال دراستي في أي مكان على وجه البسيطة، فإن أرض الله واسعة.. سعيي لاختبار هذه التجربة تحدي حقيقي بالنسبة لي على المستوى الشخصي))
توقع مصعب أن تعارض أمه، فهي من الأساس كانت رافضة كليا فكرة استقلاله بسكن آخر ومنذ أيام زواجه برشا، وبصعوبة انتهز هو فرصة الانتقال عندما تشاجر مع مؤيد ذات يوم.. لكنه حقا صُدم بردة فعل والده ورفضه التام لأمر سفره.. فوالده بالذات كان من أكثر المصرين على بقاء مازن في الخارج، مدعيَّا أنه أفضل له هناك ليؤسس حياته العلمية والعملية ولو عاد للبلاد فلن يجد عملًا وسيعتمد عليه هو وإخوته ماليا..
ورغم عدم اقتناعه بحجة والده أمامه إلا أنه احترم فيه اهتمامه بمصلحة ابنه الشّقي، والآن لن يقبل فكرة أن يعامله ويهتم بمصلحته أقل من مازن..
فنظر لوالديه الاثنين مواجها إياهما
((أبي، أمي، أريد أن تعدلا بيننا نحن الأخوة جميعًا، ومثلما سمحتما لمازن بالسفر أن تفعلا معي، أنتما تعرفان بأني لن يهون عليّ السفر دون موافقتكما، لذا أرجو أن تتفهما موقفي وأن توافقا لأنه أمر مهم بالنسبة لي))
تغيرت ملامح الوالدين لأخرى يتجلى فيها طيف ذنب، حتى أن زاهية التي كانت تضع مَلك بحجرها شدّدت من احتضانها، أما يعقوب فأدرك بأن عليه الموافقة طالما أن السفر هو ما يريده مصعب وبشّده، من باب العدل بين أبنائه على الأقل كما قال، فهو لا يعرف شيئا عن أسباب وظروف مازن التي مرّ بها، فطالعه يسأله بصوتٍ واهن
((إذن هل حصلت على تأشيرة دراسية؟))
تضايقت ملامح مصعب من نبرة والده التي تشير عن عدم رضاه بالسفر لكن أومأ له مجيبا
((الحصول على التأشيرة سيكون بسيطًا جدًا ولن يأخذ وقتًا فأوراقي جاهزة، ومستوفية لشروط السفر، واعلم تمامًا خطوات التسجيل بالجامعة وكافة الإجراءات..))
سأله باستغراب مرتخي الملامح
((لم تختر الجامعة بعد؟))
نفى مصعب هادرًا بصراحة
((لا، ولا حتى لنورين علم بالأمر، لم أخبرها بعد، لأني أبحث عن إحدى الجامعات التي تقدم منح كاملة، أو على الأقل جزئية، وعمل بدوام جزئي يساهم في سداد المصاريف وتقليل عبئها عليّ))
هدر بعقوب له بخشونة
((مصعب لا تهتم نهائيًا لمسألة المصاريف، تعليمك أنتَ وزوجتك على حسابي تماما، مع مصروف معيشتكم))
اعترض مصعب بتلبك
((أبي لا تقلق، أنا لست محتاج ماديا أبدًا، أعني لقد ادخرت بحمد الله الكثير من راتبي لعدة أشهر، عملي سيكون من باب الاحتياط..))
ولأن والده كان يدرك أن مصعب هو من دون إخوته الحريص دائما على عدم التثقيل عليه أو طلب مساعدته ماليا قاطعه بنبرة قاطعة لا تقبل الاعتراض
((حتى ولو، أنا من سأتولى كليًا مسألة الإنفاق على تعليمك ومعيشتك أنتَ وعائلتك هناك ولتؤمن أيجار بيت لك هناك، لا أريدك أن تعمل البتة، ركز على دراستك فقط))
رفرف مصعب بعينيه هادرًا ببراءة وهو يتظاهر بالتمنع ويزيف الاعتراض
((لا داعي أبي، يمكن أن أؤجر شقتي هنا، سأعتبرها استثمار..))
أضحت نبرة يعقوب أكثر حزما وصرامة وهو يأمره
((لن تؤجرها أبدًا، ستأتي هنا أنتَ وعائلتك سنويا لزيارتنا وستجلس فيها))
وسرعان ما شق ثغر مصعب عن ابتسامة امتنان، كان حقا شاكرا لعرض والده، فلو لم يعرض عليه أي مساعدة ماليّا لم يكن باستطاعته تَحمُل هو ونورين تكاليف على الدراسة في نفس الوقت، وكانت رغبته في إكمال دراسات عليا في التمريض ملحة جدًّا..
شعر بوالده يحتضن بكفيه يده ويوصيه
((سترى ثقافة مغايرة لما اعتدته هنا طوال إجازتك الدراسية في لخارج، لكني متأكد من أنك ستحافظ على جوهر ما ربيناك وأنشأناك عليه ولن تخذلنا))
ابتسم مصعب ببشاشة مطمئنا
((لا تقلق يا أبي، أنا لست شابا ساذجًا، بل رجل لدي عائلة لأتحمل مسؤولياتها))
مسحت زاهية بأناملها دمعات متجمعة بعينيها ورددت على ابنها بطيب خاطر رغم الحزن المشوب بصوتها
((اهتما بملك، سأفتقدها كثيرا))
رفعت زاهية ملك التي تصاعد صوت ضحكاتها تداعبها ليقول مصعب وهو يمشط شعر ابنته الكستنائي بأصابعه
((وهي أيضًا ستفتقدك يا أمي، وستفتقد والدة نورين، لكن لا تقلقي ستتحدثان معها يوميا على الهاتف))
*****


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-21, 06:24 PM   #5708

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

ذات صباح..
همس مالك بصوتٍ أجش قريبا من أُذن سمية مُراعيا ألا يُوقظ عبد الله الرضيع الذي ينام بجانبها
((حبيبتي.. استيقظي.. لقد جلبت لك كأس حليب طازج))
تمطت سمية بفعل إرهاق الاعتناء برضيعهم وحملها أيضا قبل أن تقول بصوتٍ ناعس متعب وهي تستند بذراعيها على ظهر السرير
((مالك! هل استيقظت فعلا؟))
رفع كوب الحليب الدافئ لثغرها برقة فارتشفت منه بتأني قبل أن تمسكه منه وتضعه جانبا متسائلة
((لماذا تتعب نفسك هذه الأيام وتستيقظ باكرا لإعداد
الحليب لي! أنا بخير، فانسَ تلك الليلة لو سمحت..))
انقلبت ملامح مالك لضيق ودمدم
((لا تذكريها إذا أردت أن أنساها))
خرج صوتها مترددا خافتا
((لماذا تبدو غاضبا مني!))
اكتنفت الجدية صوته وهو يرد
((أنا غاضب من نفسي لا منك! ولكن لا بأس، لا أريدك أن تشعري بأي ضغط، ولا أريدك إلا أن تكوني مرتاحة بما تستطيعين حتى لو ترتب على الأمر ألا يكون بيننا وصال جسدي..))
توجع قلبها مما يقوله فقاطعته بعبوس محتج
((ما هذا الهراء يا مالك!))
كان صدره ينتفض بشيء من الانفعال فأشاح بوجهه بعيدا هادرًا
((انسي فقط ما حدث، وركزي في الاهتمام بنفسك جيدا من أجل الجنين، أنتِ تفقدين وزنًا بدلا من أن تكتسبيه وهذا الأمر ليس في صالحكِ..))
ثم مد يده فوق بروز بطنها القليل هادرا بصوتٍ حلو مبحوح
((أتمنى أن تكون بنتا هذه المرة..))
ترققت ملامحها وخفتت حرقة قلبها تدريجيا تطرِب لحديثه وهي تطالع الحب الجارف الممزوج بحنان فطري يطل من عينيه لصغيره عبد الله الذي حول النظر له..
وضعت يدها فوق كفه تستشعر دعمه، قبل أن تعتدل تتحرك عن السرير لتقف هادرة بعجل عاطفي
((ستتأخر على عملك، سأذهب لأعد لك فطورا سريعا))
بارحت السرير فاستشعرت برودة الجو وأحست بقشعريرة سرت على طول جسدها الذي تحسس من برد الغرفة، إلا أنها كانت حقا لا تريد أن تدعه يغادر دون أن يتناول فطوره فعائلته تتأخر في إعداد الفطور حتى بعد ذهابه.. فتركها يهز رأسه بيأس لما تصر على فعله لإرضائه ولو على حساب صحتها محاولا عدم الضغط عليها..
وبالفعل ما أن انتهى من ارتداء ملابسه حتى كانت قد جلبت له صينية الفطور.. فجلسا على الشرفة يأكل إفطاره بتأني وهو يطالع مزروعات سمية الصغيرة التي وضعتها بحب هنا.. كانت عبارة عن حديقة ملونة مصغرة بسيطة تبعث في النفس السعادة.. فيها الكثير من أنواع الورود الخلابة شذّية الرائحة وبعض الخضروات الأخرى التي تحتاجها طازجة صباحا..
سكب لنفسه الشاي الساخن وعندما قطفت له أوراق النعناع سحبهم منها دون كلمة ووضعهم في كأس الشاي بدون غسيل مما جعلها تبتسم له رغم توترها وتعقب
((لا يهم، فالأوراق نظيفة من سقيي الدائم لها))
ارتشف الشاي بجرعة واحدة ووضعه فوق الطاولة.. ثم توجه نحو عبد الله يلثم جبينه ويمشط بأصابعه غرته الصغيرة الناعمة المتدلية على جبينه بلطفٍ بليغ قبل أن يغادر..
صفق الباب خلفه وسرعان ما انحسرت ملامح سمية لأخرى تعيسة وهي تطلق بعض الأنفاس المحبطة التي كانت تجيش في صدرها..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-21, 06:25 PM   #5709

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

بعد ساعات..
مسدت سمية ما بين عينيها تزيل إرهاق الجلوس لساعات خلف شاشة الحاسوب في قراءة كتب ومقالات كثيرة كما كانت تفعل مؤخرا..
حتى أنها حاولت الاشتراك مع مختصة ومستشارة في العلاقة الزوجية تدردش معها عبر احدى منصات التواصل لتقدم لها أهم طرق ومهارات التواصل الفعال في علاقتها مع زوجها لا مجرد نصائح عشوائية والتي لا تمت للخبرة بصلة..
تريد أن تتعلم ثقافة الحياة الزوجية الصحيحة وتريد أن تحصل على إجابات حقيقية عن كل الأسئلة التي تشغل بالها..
مشكلتها مع مالك لن تحتاج إلى وضع مساحيق تجميل على وجهها أو عطور على جسدها بقدر ما تحتاج إلى رغبة في التجربة والجرأة للتغيير.. لذا ها هي تبحث وتقرأ وتسأل.. تريد أن تعرف ما يحب ويكره.. أن تصير خبيرة في شخصيته كما هو كذلك معها.. تريد أن تبادله عطاءه..
ربَّاه كم كانت بحكم تربيتها وثقافتها المحدودة وقلة اطلاعها جاهلة بتفكير الرجال رغم أنها متزوجة للمرة الثانية..
لكن لا بأس.. أهم شيء أنها تداركت خطأها.. وستظل تحاول وتبحث وتتعلم.. لأجل حبيبها!
مالك لا يريدها أن تهتم به بإفراط كأمه فهو مشبع من حبها واهتمامها بالفعل.. حسنا قال بأنه يحب اهتمامها المفرط هذا ودلالها له.. لكنه ليس كافيا وهذا ما يساهم في إبعادهما لا فرق العمر كما أحيانا تحاول إيهام نفسها كطريقة للتنصل من مسؤولياتها في حل المشكلة واجتثاثها من جذورها..
هو يريد منها أن تكون زوجة وحبيبة وعشيقة.. يريد منها أن تكون الأنثى التي ترضي قلبه كعاشق وجسده كرجل..
وعندما يتعلق الأمر في الحياة الزوجية فهناك دائما حاجات متبادلة.. فإنْ تمت تلبية هذه الحاجات نجحت العلاقة مهما كان التفاوت العمري بينهما.. وإذا لم تعطِهِ احتياجاته كما يفعل هو معها وينجح في إزهار أنوثتها قد تخسره خلاف كل تأكيده أنه لا يستطيع أن يحيا في مكان هي ليست فيها..
انكمشت ملامح سمية وشعرت باختناق من فكرة خسارة مالك..
لن تتحمل أبدًا خروجه من حياتها! إذ أنه أفسدها دلالًا حتى ما عادت لها قدرة الابتعاد عنه، ولا تتخيل لها حياة لا تنعم فيها بحنانه ورقته معها عند استيقاظها من النوم..
هزت رأسها تبعد هذه الأفكار عنها.. تناجي الله في سرّها ألا يحدث شيء من هذا وإلا سينال قلبها حتفه..
ثم ابتسمت بمحاولة بعث التفاؤل في نفسها.. بل تشحن عقلها بالحماس..
قريبا ستبدأ في عرض مؤهلاتها الأنثوية لها أمام زوجها اللطيف.. الوسيم.. وستبهره بشلال من الشغف وستغمره حبًا وعشقًا، كما يفعل هو معها..
لقد أخطأت باعتقادها أن مهمة إشعال الشغف تقع على مالك بمفرده.. وهي عليها فقط أن تستكين في الفراش في استسلام تام لمجهوده.. لكن ستتجاوب معه فهي ليست كالدمية.. دون حياة.. حتى لا يستمر في ظنه بعدم رغبتها المتبادلة فيه..
ستشبعه توددا وتثيره كما يرغب بل وأكثر مما يتمنى..
لن تتذمر من أي مبادرة له ولن تأسر أو تكتم رغبتها به أو تتردد في المبادرة وإشعال فتيل العلاقة الحميمية بينهما، لن تضيعه من بين يديها بجهلها أو قلة فهمها أو خجل يعيق مبادرتها الغرامية..
أطلقت سمية آهة مكتومة، آهة أنثى بحرقة قلبها الذي يخفق في اشتياق لبعد زوجها الذي يؤرقها ويحرمها الراحة ليلا ونهارا..
*****
وقف مازن أمام المرآة ببدلته السوداء الرسمية والعصرية يسرح شعره استعدادا للخروج عندما قال فجأة لزوجته المنهمكة بإعداد طلبية القماش التي كلفتها بها المرأة التي تعمل عندها
((ياسو حبيبتي كنت أفكر أن أفرغ غرفتنا الأخرى وأصنع منها بركة سباحة لنا، لكن هل عليّ أن أسأل أولا مختصا إذا كانت هذه الفكرة معقولة هنا؟))
اتسعت عينا ياسمين ذهولا للحظات ثم تمتمت بتفكه على مازن الذي لا يكف أبدًا عن إدهاشها بأفكاره غير المألوفة
((المنطقي يا قمر الدين أن مكانك الصحيح هو مشفى الأمراض العقلية..))
لجم كلامها بنظرة حانقة منه، فتركت ما في يدها وتوجهت إليه.. مدت يداها تساعده في تعديل ربطة عنقه ثم قطبت حاجبيها هادرة
((لا تنظر لي بهذا الشكل، وتوقف عن أفكارك المجنونة التي سيرمينا والدك في الشارع بسببها يوماً ما))
حاوط خصرها بيديه وهو يرمقها بنظرات مستاءة
((أعرف أنك ساخطة على حظك لأنك لم تتزوجي من زوج كئيب يشبهك لذا توقفي عن هذا وتقبلي أسلوب حياتي المفعم بالبهجة والمغامرات الشيقة، وبالنسبة لموضوع بناء بركة هنا فأنا سأفكر فيه بجدية بمجرد أن يتم قبولي بالشركة اليوم))
التفت يدها للخلف تلتقط المشط لتبدأ في تسريح شعره وهي تقول
((أتعرف! متفائلة بأنك ستنجح في المقابلة))
ألقى مازن نظرة أخيرة على المرآة يتأكد أن هيئته تبدو مناسبةً من أجل المقابلة ثم قربها منه بتملك
يهمس لها مبتسمًا
((أكيد سأنجح وكل هذا الاهتمام منك يغمرني))
قاطعته تبتعد عنه فهي تعرف عبثه حتى لا تشتت استعداد
((هيا قمري عليك أن تكون مستعدا وُمركزا في أمر المقابلة))
ثم بدأ يفتح الملخصات التي اجتهد في تدوينها ودراستها مؤخرا استعدادا لمقابلته الأخيرة والنهائية اليوم في تلك الشركة الكبيرة..
تمتمت ياسمين بعاطفة بداخلها تدعو الله أن يوفقه في المقابلة فقد درس بجدية لها وطالع كل شيء يخص تاريخ الشركة التي تقدم للعمل بها ونشاطاتها بعد أن أجرى عملية بحث مكثفة عنها حتى تكون لديه خلفية قوية حولها ومجال عملها وعملائها، والخدمات التي تقدّمها..
*****


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-21, 06:26 PM   #5710

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي






وضعت سهر حقائب السفر التي وضبتها جانبا بينما يصلها صوت قصي حانقا بينما يتحدث على الهاتف مع والدته
((ولكن يا أمي كنا نخطط أنا وسهر في نهاية الأسبوع الذهاب في جولة استكشافية للتسلق، أنتِ تعرفين منذ أن أصبحت مهندسا صرت آخذ إجازة ليومين بدل يوم في الأسبوع!))
استنكرت روزانا كلامه بتوبيخ يشوبه الازدراء
((ستذهب لتسلق الجبال يا قُصي؟ تسلق الجبال؟ متى ستتوقف عن الاهتمام بهذه التوافه؟))
تجهمت ملامح قُصي وناظر زوجته التي حثته على ضبط أعصابه فأخذ نفسًا عميقًا يستعيد رباطة جأشه بينما تتابع أمه بحزم
((انس فكرة تسلق الجبال وجهز نفسك للحضور معي لاحتفال خيري سأقيمه في جمعيتي نهاية الأسبوع كنوع من أنواع التعزيز لي))
تقبضت يد قصي بغضب ثم قال بمحاولة يائسة لتعديل قناعتها الراسخة التي تسيطر على كل تفكيرها
((لا أمي.. لن أذهب لأيّ حفل خيري، وتوقفي عن الإشارة للأنشطة التي أحب ممارستها كأنها أمور سخيفة، خاصة نحن التافهين الذين لا نفكر إلا في المتعة والنزهات، ونترك حل القضايا الاجتماعية العالقة والمزمنة التي ستهتمين بحلها بذاك الحفل الخيري مع صديقاتك من المجتمع الراقي! إنهن يتصرفن كنساء الحواري اللاتي ينقلن ويفشين أخبار وأسرار الحي، واغتياب الأهل والأحباب والأصحاب، مشغولات ليل نهار بالقيل والقال))
التقطت روزانا مجلة عن الموضة موضوعة على المنضدة لتحركها أمام وجهها كمروحة يدوية تخفف من الحرارة المتوهجة فيها ثم تمتمت باحتجاج مغتاظ
((قُصي لا تهن صديقاتي، آخر حفلين حضر أخاك الأصغر، وهذه المرة هو دورك للحضور..))
قاطعها قصي بحزمٍ آبيًا سماع بقية حديثها
((أمي لن أذهب لحفلك الخيري السخيف وأضيع عمري الثمين في سماع أخبار الناس! لأنه ليس لدي أكثر من حياة لأهدرها في مراقبة الناس أو الانشغال بتصرفاتهم أو الحكم عليهم))
أوقفت روزانا حركة المجلة لتنكمش بين أصابعها قبل أن تلقيها بعنف فوق المنضدة أمامها بصوتٍ مسموع لقصي عبر الهاتف، فلم يجد أمامه إلا أن يقول باستسلام يحسم نتيجة هذا النقاش العقيم
((أمي بصراحة كان بودي أن أدعوك للذهاب معي أنا وسهر لتسلق الجبال لكن بالتأكيد صديقات المجتمع الراقي وحفلك الخيري أولى بمجهوداتك الجبارة في الغيبة والنميمة والتدخل في شؤون الآخرين، والنيل من كرامة الأسر والعوائل الذين تتبرعين لهم!))
غمغمت روزانا وهي تستشيط غضبا
((وأنا التي ظننت لو ألزمت عليك أن تتزوج فتاة من نخبة مجتمعنا ستكون عونًا لي ومرافقة في حفلاتي واجتماعاتي الخيرية..))
قاطع قُصي والدته قبل أن تنال بحديثها من سهر ثم قال مواجها ثورة أمه التي لا تنفك عن ترديدها
((سهر فتاة مختلفة يا أمي، عملية جدًا لا وقت لديها للمجاملات والدردشات لذا لن تنخرط فيما تسمينه المجتمع الراقي))
لكن كلماته زادت من غيظها فأغلقت الهاتف في وجهه، رفعت سهر حاجبيها متفهمة مأساة قُصي مع والدته.. ربما ما يمر به أسوء مما تمر به هي مع أمها، التي لا تنفك عن البكاء بحسرة وسخط منذ زواجها أنهم خُدعوا في قصي.. إذ أنها اقتنعت أخيرا أن قُصي حقا لا يملك شيئاُ من ثراء عائلته بل حتى أنه لا يمكن أن يستفيد من اسم عائلته شيئا فهو لا يستخدمه في العمل.. ورغم أن جميع سيدات الجمعية يعرفن أن ابنتها متزوجة من ابن السيدة روزانا وليس سرًا أمام أحد إلا أنهن لا يتحدثن عن الأمر أبدًا كأن روزانا نبهتهن لذلك لأنها تخجل وتتحرج من خلفية انساب ابنها..
أطلقت سهر نفسًا عميقًا ثم جلست بجانب زوجها تقول مؤازرة له
((أمك نسخة عن أمي وصديقاتها تماما، والتحاسد فيما بينهن، كل واحدة منهن تكره الأخرى وتذمها في ظهرها، وفي الوقت نفسه أمام وجهها تحتاج إلى أنْ تتحدث إليها فتدعوها، لأنه التوغل في المظاهر الخادعة والتملق الزائف بأصحاب الشأن والنفوذ متعة لهن أكثر من مصالح شخصية))
تغضّن جبين قُصي بالضيق معقبًا
((كنت في السابق أتظاهر بالإصغاء لها وأجاريها في الذهاب لتلك الحفلات مقابل مصروفي الذي آخذه منها، لكن لكل شيء حد وأنا ارتأيت أن أستمتع بوقتي بدلًا من أن أفسده))
كتفت سهر ذراعيها متفقة معه فابتسم لها بحماس وإثارة وقال بلهفة وهو يحثها على الوقوف
((دعينا ننسى سيرتهم يا باربي ونركز في حزم أغراضنا لرحلة التسلق ونستمتع بحياتنا))
*****
في إحدى الشركات المرموقة في المدينة، داخل قاعتها الفارهة المخصصة للمقابلة النهائية بعد تصفية المرشحين الذين تجاوزوا أول مراحل عملية التوظيف، جلس مازن ومن معه أمام لجنة ممثلي الموارد البشرية وتعيين المديرين الذين بدأوا بالدور يطرحون على جميع المرشحين في هذه المقابلة نفس الأسئلة، ويتم تقييم كل مرشح بناءً على طريقة إجابته..
وكان مازن يحاول الحفاظ على التواصل البصري مع الجميع متأكدا من أن يجيب بأسلوب مهني محترف ودقيق دون توسع في كلامه عن مواضيع غير مترابطة بمحور السؤال.. منتبها إلى لغة جسده وإيماءاته ونبرة صوته.. يظهر صفاء عقله وفكره أمام المسؤولين عن المقابلة فيترك انطباعا بالتميز أمامهم..
كان هادئًا ومركزًا يستعرض ثقته بنفسه وهو يشرح عما حققه من نجاح في أيام الجامعة والذي يرتبط بصورة مباشرة بطبيعة العمل الحالي والمسؤوليات المصاحبة له والمهارات التي يطلبها..
حتى أنه من يعرفه لا يصدق أنه هو مازن الأخرق ثقيل الدم بمزاحه ومقالبه وقلة مسؤوليته!
عند انتهاء المقابلة طلبت اللجنة من المرشحين الانتظار خارجا لساعة قبل أن يعاودوا طلبهم للدخول كل على حدا..
وكان مازن هو أول من طُلب دخوله ورغم توتره من ألا يتم اختياره إلا أنه ظل يتحلى بالثقة أمامهم فدلف للقاعة برأس مرفوع مبتسما بلباقة ملقيًا السلام..
بدأ أحد رجال فريق الموارد البشرية يخبره بإسهاب عن نتيجة مقابلته وما ميزه وجعله مختلفا عن باقي المرشحين وأثار إعجاب كل عضو من أعضاء اللجنة.. قبل أن يكمل وهو يمسك ملفه الذي يتضمن سيرته الذاتية وعلاماته الجامعية
((رغم أن علاماتك ليست عالية ولا تمتلك خبرة عملية.. ولكن لغتك الإنجليزية ممتازة، لقد اكتسبت لكنة أهل اللغة، تحدثت أمامنا كرجل أمريكي المولد والنشأة، سمات شخصيتك ومهاراتك الأساسية مثيرة للدهشة..))
حافظ مازن على ابتسامته اللبقة ليواري خوفه من عدم قبوله في الوظيفة وبالتالي بقائه في عمله الحالي كمندوب توصيل.. لكن أخذ رئيس اللجنة الحديث ليقول له وهو يمد يده
((أستاذ مازن لقد أصبحت عملية العثور على أصحاب أفضل الكفاءات الذين يتمتعون بالالتزام تجاه أعمالهم أمر صعب هذه الأيام، لكن كانت هذه هي المقابلة الأخيرة لك وكلنا ثقة أنك مناسب للمنصب الذي تقدمت له.. يشرفنا أن يعمل شخص مثقف ومجتهد في شركتنا.. أليس كذلك يا أساتذة؟))
ناظر الرجل باقي أعضاء اللجنة وكانوا جميعا مقتنعين بمدى ملائمة مازن للوظيفة وهم يلمسون مدى اطلاعه حول تفاصيل الشركة وموقعها بالنسبة لأقرانها في السوق، إنتاجها وما الدور المطلوب منه ليقدمه لها..
أشرق وجه مازن وتهللت أساريره حتى أنه أراد بشدة أن يقفز من مقعده لكنه تماسك ومد يده بالمقابل لمصافحته بقبضة مشدودة بفرح هاتفا
((شكرا لكم، أتمنى أن أكون عند حسن ظنكم للنهاية))
.
.
كان صدر مازن لا يزال يعلو ويهبط وأنفاسه تتعالى في صخب بعد إطفائه محرك سيارته.. هدوء لا يقطعه إلا صوت مرور السيارات المسرعة على الطريق العام قبل أن يصله صوت ياسمين في الهاتف متسائلة
((ها أبشر؟ هل تم قبولك؟))
أجابها مازن بصوته المفعم بالحماس والبهجة
((لقد تم قبولي في هذه الشركة، سأبدأ فيها براتب خيالي بالنسبة للوظائف التي شغرتها سابقا، أريدك أن تزفي الخبر لوالديّ وأن يعدوا على الغداء وليمة كبيرة لنحتفل بهذه المناسبة))
قالت له ياسمين بعفوية
((لا تقلق، أمك توقعت نجاح مقابلتك فأنتَ لم تجتهد في التحضير لشيء في حياتك كما حضرت لها، وبالفعل طلبت أن يعدوا لك كل ما لذ وطاب، لكن قد يتأخروا قليلا فمنال ليست هنا، قالت بأن ابنتها في المشفى ومريضة!))
اكفهر وجه مازن قليلا من ذكر سيرة نجوم ومنال التي بشق الأنفس يحاول أن يتجاوز فكرة رؤيتها غالبا في القصر والتعامل معها كأن شيئًا لم يحدث بينه وبين ابنتها..
بمجرد أن وصل مازن للقصر حتى كان ينتظره حول مائدة واسعة والديه وزوجته ومصعب ومالك وزوجته، كان كرسيه هذا المرة بجانب والده فجلس بجانبه وسرعان ما ربت يعقوب على ظهره مشيدا عليه بكلمات حملت فخرا غير مسبوق بطياتها
((أخيرا يا مازن حللت النقود التي أنفقتها عليك في جامعة الغرب هناك))
اعترض مصعب بتفكه لكمّ السعادة والفخر في عيني والده
((أبي كل هذا من أجل وظيفة لمازن في الشركة! لم تفرح ولو ثلث فرحة حصول أحدنا على وظيفته!))
لوح يعقوب بيده وقال والفخر يغزو قلبه تجاه أصغر أبنائه
((هذا لأني لم أتوقع أن يعمل مازن يوما بوظيفة محترمة))
قطب مازن حاجبيه لكن سرعان ما قال بشقاوة
((حسنا يا أبي شكرا لك، سأعتبر هذا إطراء))
رمقه يعقوب بنظرة قوية وغمغم
((هو كذلك بالفعل))
لم يعقب مازن وعيون والديه الاثنين التي تطفح منها نظرات الفخر والاعتزاز والسعادة تكفيه.. حتى ياسمين كانت تشعر بفيض من البهجة في داخلها تجاه مازن ووضعت يدها فوق بطنها تفكر باهتمام متى ستخبر مازن أنها حامل!
ما إن مدّ مازن يده بشهية مفتوحة لطبق طعامه حتى صدح صوت ضجيج ناجم عن طرق الباب الخارجي للمنزل..
نظر الأخوة الثلاث إلى بعضهم بتوجس قبل أن يهرولوا باتجاه الباب الذي سبقهم إليه مصعب ووجد ضابط يطل عليه بهيمنته قائلا
((أين هو مازن الكانز؟))
تطلع مصعب ومالك نحو مازن الذي هتف بشيء من الارتباك
((أنا.. أنا هو مازن الكانز..))
وقتها قست ملامح الضابط بشكل وحشي وقال وهو يرفع مذكرة اعتقال
((مازن الكانز أنتَ رهن الاعتقال بجريمة اغتصاب عاملة كانت تعمل عندكم وقتل رضيعها.. يحق لك الالتزام بالصمت))
جحُظت أعين كل من في المكان خاصة يعقوب وزاهية الواقفان في آخر البهو.. وقبل أن يستوعبوا ما يحدث التفت الضابط آمرا بقية رجاله باعتقاله فتقدم مالك نحوهم للحيلولة دون أخذ توأمه لكن أحد الضباط دفعه بقوة نحو الجدار.. فسارع مصعب يكتفه هادرا بحزم
((إن الضابط يحمل مذكرة اعتقال رسمية تمنحه الأذن باعتقاله، إذا قاومتهم ستؤذي مازن))
وعند هذه الكلمات لم يجد مازن المفجوع كما حال الباقي إلا أن يستسلم للضباط الذين قيدوه بالأصفاد..
وما أقساه من مشهد على الجميع وهم يقتادونه نحو سيارة الأمن تحت بكاء والدته وصراخ إخوته..
.
.
وضعوا مازن في غرفة معزولة وبعد فترة طويلة حققوا معه لمدة قاربت الساعتين.. لكنه أصر أن يمتنع عن الإدلاء بأي معلومة حتى يُسمح له بلقاء محاميه.. لكن ما صدمه ولجمه عن الكلام في بعض المرات صدمته عندما وجهوا له تهمة اغتصاب نجوم العاملة التي تعمل في منزلهم ثم قتل رضيعها الذي أنجبته فجر هذا اليوم.. وأُكد له أيضًا هناك شاهدًا رآه يدفن الجنين حيًا تحت التراب..
نعم نجوم حاولت مراودته عن نفسه.. لكن أيصل بها الحال أن تتهمه بالاغتصاب وقتل رضيعها؟ هل كانت حامل؟ وهل كانت الشرطة لتصدر مذكرة اعتقال في حقه دون دليل ملموس؟
*****

انتهى الفصل.
قراءة سعيدة ومتلهفة لتعليقاتكم.. اتمنى لا تحرموني من الريفيوهات حتى اتشجع انزل بمنتصف الاسبوع اقتباسات من الفصل الجاي بحالة لو كان التفاعل موجود..




Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.