آخر 10 مشاركات
1112-الإستسلام - شارلوت لامب ج6 -د.ن (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          الضحية البريئة (24) للكاتبة: Abby Green *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          وَرِيث موريتي(102) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء1 من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          1109 - شىء من الحقيقة - شارلوت لامب جزء 1- د.ن (كتابة فريق الروايات المكتوبة) كامله** (الكاتـب : essaerp - )           »          رواية بدوية الرحيل -[فصحى&عامية مصرية] -الكاتبة //ألاء محمود مكتملة (الكاتـب : Just Faith - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          376 - الزوجة العذراء - ماريون لينوكس (الكاتـب : monaaa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-04-21, 06:38 PM   #671

مهيف ...

? العضوٌ??? » 373083
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 498
?  نُقآطِيْ » مهيف ... is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضوووووووووور

مهيف ... غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:39 PM   #672

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس
أغمضت عينيها ودثرت نفسها هي الأخرى شاعرة بالحسرة لارتدائها ثيابا صيفية رقيقة وقد كانت تمني نفسها بأنه لو عاد ستنام بين ذراعيه بعد هذا الغياب تحظى بدفئه وحنانه..
لو يعلم كم تحتاج لقربه حتى لو فقط لبضعة دقائق إضافية..
لكن لا بد أنه مجهد جدًّا.. فما إن وضع رأسه على الوسادة حتى غطّ في نوم عميق وانتظمت أنفاسه..
تنهدت ببؤس وبسمة مريرة ترتسم على وجهها.. قبل أن تتسع تلك الابتسامة وتزول منها غمامة المرارة..
وبدا أنها تذكرت أمرًا ما..
ذكرى مؤلمة.. وفي نفس الوقت جميلة.. للتقارب الذي حصل بينهما بأول مرة..
بدأت نورين تستعيد تلك الذكريات الخاصة بأول يوم زواج لهما.. قبل أشهر..
عندما كانت جالسة على السرير تدفن وجهها بين كلتا يديها.. وإذا بها فجأة تشعر بدلوف أحدهم لجناحها الزوجي بخطوات هادئة.. فرفعت رأسها الملطخ بالدموع تدريجيا لتتلاقى عينيها بعيني مصعب..
تحفزت هامسة بخوف وتلعثم وهي تراه يحدجها بجمود مريب بينما يغلق الباب خلفه
((أين.. عمـــ.. عمتي؟))
لم يجبها وهو متسمر مكانه فكان الصمت بينهم ثقيل.. وقاتم..
دقق مصعب بنظراته التي لم تفهمها في وجهها الشاحب.. وعينها المنتفختين..
لا بد أنها بكت لساعات طوال دون أن ترحم نفسها..
فتحت نورين عيناها على اتساعهما وهي تراه يسير بخطوات بطيئة بغير اتجاهها نحو الزاوية حيث تتواجد بندقية موضوعة بشكل طولي.. كالتي يستخدمها الناس في صيد الطرائد..
احتشدت الأنفاس في صدرها بضيق وهي تراه يمسكها قبل أن يعيد حشوها بخبرة ومهارة..
ثم توقفت الدماء في عروقها بمجرد أن انتهى ويدير رأسه لها..
ما أن اتجه نحوها حتى انتفض جسدها بحركة غريزية وتراجعت للخلف..
وقف مصعب أمامها يشهر البندقية فتخشب جسدها المرتعش وشهقت مغمضة العينين..
لكنها على الفور شعرت به يمسك كفيها المرتعشتين ويرفعهما ليسد بها أذنيها..
مرت عليها دقيقة كانت فيها تهذي ودموعها تسيل على خدّيها بجزع من القادم..
صرخت بهيستيريا عندما سمعت صوت إطلاق الأعيرة النارية واحدة تلو الأخرى..
لكن عندما لم تكن واحدة منهم قد أصابتها فتحت عينيها تدريجيا وشتت نظرها بتوتر في إرجاء المكان تبحث عنه قبل أن تجده يقف في شرفة جناحهم يطلق بالبندقية عن الطريق الضغط على الزناد.. ليأتيه الرد أخيرا بمزيد من الطلقات من الخارج..
أخفضت يديها إلى حجرها وقد استبدل قلبها الخوف والهلع بالراحة والامتنان لما فعله..
لكنه خيب ظنونها عندما رأته يعود للداخل بوجه خالٍ من التعابير قبل أن يغلق إضاءة الجناح إلا من نور مصباح خافت قرب السرير ثم يقترب منها..
فشحب وجهها وتوسعت حدقتاها ودون أن تعي زمجرت بعصبية
((لماذا تقترب مني؟ ماذا تريد الآن؟))
أجابها بخشونة وشيء من العبوس حل بملامح وجهه
((طلبوا مني أن أسرع لأنهم بانتظار الخبر اليقين في الخارج))
بكت أكثر دون أن تقدر على كبت المزيد من الدموع المرتعبة وهي ترفع يديها بحالة الدفاع وهتفت مستنكر
((لقد أطلقت النار والجميع يظنون الآن بأنك قد فعلتها.. لذا ابتعد عني ولا داعي لما تفكر بفعله.. سيرحلون الآن))
اتسعت عينيه من جراءة وفجاجة طلبها الصريح!
لقد استقدم حدث إطلاق النيران حتى لا يستعجل ويضغط عليها فيما سيفعله وهو يراها في حالٍ بائس تكاد تموت جزعا..
خاصة وانهم في الخارج يتوقعون أن يتم الأمر خلال دقائق..
وخشى لو أسرع في الأمر دون أي مقدمات أن يحدث لها هبوط أو يتوقف قلبها تحت تأثيرا الخوف..
زفر مصعب بإنهاك ثم صعد على السرير ليجلس على ركبتيه قبل أن يمسك ذراعيها بيديه بقوة ضاغطا عليها بما زاد من خوفها..
هدر بها مواجها إياها بصوتٍ قاسي ثابت
((ألم تعرفي من أجل ماذا تم زواجنا؟))
عند هذا السؤال ضربها شعور بالذل لم تختبره قبلا.. لكنها أجابته هامسة وسط تشنجات وبكاء
((بلى اعرف أنه تم اعتباري كأداة ليس لها مشاعر ولا أحاسيس وتم تقديمي حتى تتوقف النزعات بين القبيلتين لهذا تم زواجنا!))
لم يبالي بحالها ولم يبدُ عليه أي شفقة بعد أن ندم عليها في السابق وهدر فيها باحتدام
((إذن اصمتي ولا تجعليني اندم على إطلاق النار قبل أن أتم أي شيء معك))
نظراته المصممة على إتمام الأمر جعلتها تحاول تحرير ذراعيها من قبضته قائلة وأنفاسها تكاد أن تنقطع
((لا لن افعل.. اتركني))
اتسعت حدقتيه مستنكرا ما تفعله فضغط بيديه الممسكتان بها أكثر ليؤلمها مِمَّا جعل مقاومتها تحتد له.. بل وتحاول ضربه بيديها بكل قوتها وهي تبكي بجنون..
إلا أنها لم تهزه قيد أنملة..
بعد أن بدا أنه ملّ من مقاومتها أقبل عليها بجسده أكثر بغضب مِمَّا جعلها تشهق فزعة..
لكنها صمتت واحتدت خفقاتها وثبًا عندما ضرب هسيس أنفاسه أذنها
((توقفي عما تفعلينه.. توقفي))
لم تطعه بل استمرت دموعها تتدفق بجنون ودون اكتفاء وهي تعود لتصرخ به وتقاوم جاهدة لإبعاده عنها..
كانت في حالة دفاع عن نفسها.. عن كيانها.. وهي تهتف له
((أرجوكَ ابتعد.. لم اقبل هذا الوضع بإرادتي.. لقد تم إجباري.. أريد لكل شيء من حولنا التوقف))
توحشت ملامحه من إصرارها على ما تفعله.. خاصة وهو يمر عليه طيف من الماضي.. لوضع مشابه لها..
تملك نفسه بشق الأنفس ثم احتد بها بصوتٍ جهوري نافذ الصبر
((اسكني بين يدي ولا تجبريني على تقييدك.. هل تظنين بأنك في لعبة؟ هل تعرفين خطورة ما تريدينه؟ كيف تتصرفين كطفلة لا تتحمل المسؤولية وتقولين مثل هذا الهراء؟))
اختض جسدها من غضبه وهزّت رأسها بنفي على ما يقوله..
كانت متخبطة بخوفها وذعرها من شخص تراه للمرة الأولى في حياتها.. يُدعى زوجها..
فغمغمت بصوتٍ متذبذب وبرجاء باكٍ يفتت القلب
((أرجوكَ لا تؤذني وابتعد.. أنا لا أريد..))
كانت تهدر بإنهاك نفسي وقد وهنت ضرباتها.. فلم يتبقى بها طاقة تذكر.. أحداث اليوم أرهقت كل خلية نابضة إلى الآن في جسدها..
شعر مصعب بها فتنهد بعمق ثم رد عليها بخشونة
((توقفي عن عبثك واهدئي))
بدت مترددة في إطاعته فصدرت منه زمجرة خشنة قصيرة عديمة الصبر..
أخيرا فعلت كما أمرها وتهالكت يديها للأسفل مغمضة العينين..
استرسل همسه الخشن
((اهدئي.. اهدئي.. سنتم الأمر الآن شئت أم أبيتِ فاسكني حتى لا تتأذي.. أنتِ لا تريدين ذلك.. صحيح؟))
أفلت يديه اللتان كانتا تمسكان ذراعيها ثم بدأ بتمسيد مكان إمساكه الذي ترك أثرا واحمرار طفيفا..
اختنق قلبها وبالكاد خرجت أنفاسها عندما انتهى مِمَّا يفعله ودفع ظهرها برفق للخلف لتتمدد فوق السرير..
لم تكن تصدق بأنها هي نورين الهنادل يصل بها الحال إلى هنا..
هي المتعلمة.. ابنة الأصول وصاحبة الشرف والعفاف يتم تقديمها جسدها أضحية في سبيل السلام بين العشيرتين..
لكنها في نفس الوقت لم تجد بدا من الاستسلام..
لذا خضع كل ما فيها بإنهاك.. بضعف..
لن تعترض أبدًا فلا كرامتها ولا هامتها ولا عزة نفسها عاد لهم وجود..
لينهى ما يريد.. ليفعل بجثتها المرتعشة ما طلبوه منه من عادة اندثرت منذ سنوات طوال وتم أحياها الآن فقط عليها..
شددت على إغلاق عينيها وهي تشعر به يقترب بأنفاسه فيلفح عنقها وكأنها ألسنت لهب..
وبتناقض غريب.. وعلى عكس كلامه الخشن السابق.. بدأ يهمس بصوتٍ أجش يهدهد بها كأنها طفلة مذعورة ويَطلب منها أن تكف عن الخوف بينما يفكك رباط ثوبها..
ورويدًا رويدا بدأ تشنجها وارتعاشاها يخمدان..
مرر سبابته على جبينها وما لبثت أن شعرت بشفتيه تلامسان وجهها بقبلات متوسلة استجابتها..
تغلغلت تعابيرها الواجمة شيئًا من التخبط وقل خوفها أكثر وأكثر..
واندفعت في نفسها لتلقي بتساؤلاتها المستنكرة..
هناك شيء ما لا يبدو طبيعيا أثناء ذبحه إياه..
لماذا يعذبها بهذه الطريقة؟ لماذا همساته حنونة.. ولمساته في غاية النعومة؟
فهي لم تكن تريد أن تبدو له إلا جثة.. فكيف يجبرها رغما عنه على عكس ما قررت أن تفعله الآن!
كان مسيطرًا.. هادئًا.. على خلافها..
أشعرها بثورة عارمة في أنحاء جسدها قبل أن يقرر بأن اللحظة المناسبة قد حانت.. فارتفعت أنامله يلامس شعرها الأشقر كأنه يعطيها إشارة بما يفكر فيه ويختبر استعدادها مرة أخرى قبل أن يخترق روحها رغما عن إرادتها.. بحنيته!
لا تعرف كم استغرق الأمر بالضبط.. لكن بمجرد أن انتهى ما بينهما حتى ابتعد وهي سارعت تواري ما كُشف منها..
استرقت نظرها لعينيه ثم أخفضته إلى حيث يحدق هو.. إلى غطاء السرير ناصع البياض..
وسرعان ما انتفضت عينيها من مكانهما وصارت تتحرك في تساؤلات حارقة..
لم تستطع إيجاد دليل العذرية..
وتاهت الكلمات على لسانها لتسأل ذاهلة بصوتٍ مكتوم
((لماذا.. لا يوجد..))
بتوتر بالغ عادت ترفع بصرها لمصعب الذي كان يطالعها بوجه غير مقروء..
هل تحولت الآن كل شكوكه إلى يقين راسخ؟
هل ذعرها ومقاومتها ودفاعاته جعلته يشك بعفتها؟ وجاء الآن الدليل القاطع ليؤكد هذا الشك؟
لكنها ليست كذلك!
حبست الصدمة أنفاسها بين جنباتها لثوانٍ..
ولوهلة وصل بها جنون الموقف لتشك بنفسها.. وهي التي لم تكن لتخون دينها أو عائلتها أو نفسها!
أطلقت أنفاسها المهتزة وذهولها يبلغ قمته لتستوعب بمنتهى الجنون ما يحدث الآن..
سارعت تهمس له نافية بغير تصديق وهي تراه يقف مشرفا عليها بطوله
((لا تظن بي ذلك.. اقسم.. اقسم أنا..))
رغم ألمها النفسي والجسدي لم تكن مبالية إلا بتلك العلامة.. لماذا لم تنزف؟
ما إن وصلها صوته المحايد بـ ((لا بأس))
حتى ذعرت.. شحب وجهها.. واعتدلت جالسة ترجوه هامسة
((لا تفكر بي السوء.. أنا لست..))
نظر لها عاقد الحاجبين يقول بثبات مقاطعا هذيانها
((اهدئي أنا لا أفكر بأي شيء سيء عنك))
صمتت لدقائق بإيقاع منهك لكن سرعان ما هاج وعلا صوتها بإدراك منهار
((أرجوك لا تشكك بي.. كل امرأة مختلفة عن الأخرى.. دعنا نذهب للطبيبة فربما يكون الغشاء..))
قاطعها بخشونة مجددا
((قلت اهدئي.. أنا أتفهم ما يحدث))
لكنها لم تفعل بل انفلتت أعصابها وهي تجهش بالبكاء وتقول
((لن أهدأ فأنا من المستحيل أن أتحمل أن يشك أحد بعفتي.. أرجوكَ لنذهب عند الطبيبة..))
صمت مصعب يضغط على جبهته بإجهاد.. وصوت بكائها وتمتمها المنهارة تدوي كطنين مريع..
فقط يتمنى ألا يسأله أحد عن أسباب هذه الأصوات العالية والعويل التي خرجت منها منذ أن دلف للداخل!
عاد ينظر لها يغمغم ببطء متأرجح التعثر
((لا بأس.. بغض النظر عن الأسباب.. لا داعي..))
عادت تلح عليه القول برجاء
((أرجوكَ لنذهب للطبيبة.. أرجوك.. أتوسل إليك.. لن يجعلك شيء تصدق أن..))
قاطعها بصرامة وحزم مشوب بالرزانة
((اصمتي.. حرم مصعب الكانز لن تذهب لأي طبيبة لمثل هكذا سبب.. لستِ تجربتي الأولى وهذا لم يكن زواجي الأول.. الرجل الذي أمامك ليس غرا حتى لا يعرف أن المرأة التي كانت بين يديه عذراء))
لكنها كانت موقنة من أن لا شيء يمكن أن يجعله يوقن بعفتها إلا الذهاب لطبيبة..
فطرحت عيناها التوسلات قبل لسانها وهي تطلب بإلحاح
((مع ذلك أرجوكَ استدعيها حتى لا يظل ذرة شك فيك.. أنا لا أريد لأحد أن يشكك..))
أطلق مصعب تنهيدة عميقة وهو يجلس بجانبها ويحيط بذراعه كتفها متوسلا هو هذه المرة
((اهدئي.. أرجوكِ اهدئي.. دعي هذا اليوم الصعب ينتهي على خير))
أغمضت عينيها واستسلمت لقربه منها مدمدمه بلا وعي
((اقسم لك بأني لست فاجرة.. اقسم..))
واستمرت تمتماتها المنهارة على هذا النحو.. لكن من جهته لم يحتقرها ولم يرشقها بعبارات الامتهان..
بل سألها بلطف بعد دقائق وهو يحرر كتفها من ذراعها
((هل شعرت بأي ألم يا نورين؟))
تقوس ثغرها.. وقد شعرت أخيرا الآن بأنها إنسانة لها اسم وكيان..
أول أحد يدعوها باسمها "نورين" منذ أن دخلت قدمها هذا المكان..
أومأت برأسها بوهن تقول رغم أنها شعرت به قبل قليل يحاول ما بوسعه ألا يسبب أي ألم لها
((فقط قليلا))
اختلج شيء بملامحها وقد شعرت بالغثيان لتردف متمتمه بوجه محتقن
((أريد الذهاب للحمام))
عاد يمسك كلتا كتفيها هادرًا وهو يمعن النظر في وجهها
((هل تستطيعين السير وحدك؟))
أومأت له مجددا بوهن.. وحاولت الاعتدال واقفة بمساعدته إلا أن كل ما فيها كان لا زال يرتجف.. وسرعان ما اختل توازنها لتسقط جالسة مكانها متأوهة.. فقالت مغمضة العينين
((اشعر بدوار طفيف))
أخبرها وهو يسير نحو إحدى الغرف الملحقة لهذا الجناح
((ابقِ جالسة هنا قليلا))
فتح ثلاجته الصغيرة الخاصة به والتي تحتوي الكثير من المقبلات.. الأطعمة جاهزة.. والوجبات سريعة..
ثم اخرج منها بعض الفاكهة ووضعها فوق الرخام وهمّ يقوم بتقطيعها بمهارة قبل أن يضعها في طبق مجوف.. ثم سكب بعض العصير الطازج البارد في كأس زجاجي..
عاد لها وهو يحمل على صينيه كل ما أعده ثم وضعها فوق منضدة صغيرة وقرب المنضدة أمامها..
ذهب ليفتح إنارة الغرفة وعندما عاد لها طالعها بعبوس تمسك الشوكة بأنامل مرتجفة وترفعها ببطء لشفتيها المرتعشتين..
فتناول منها الشوكة وحمل الطبق بنفسه وهو يجلس بجانبها.. اتسعت عيناها وهي تراه يرفع الشوكة لفاهها بغية إطعامها..
وبتردد فغرت شفتيها وبدأت تأكل مِمَّا يضعه في ثغرها.. وبين الفنية والأخرى كانت تسترق النظر إلى ملامحه المتجهمة التي بدت مجهدة أكثر منها بكثير.. وخفقات قلبها تطرق بعنف.. قوي..
هل التفهم والعطف فيه حقيقي ومتأصل دائما؟
بعد أن أخذت كفايتها من الطعام تركها مصعب لتأخذ راحتها..
فذهبت لتسحم ثم ارتدت ثيابا مريحة..
استلقت فوق السرير ودثرت نفسها تحاول النوم.. إلا أنها وجدت نفسها عاجزة عنه رغم أنها كانت تحت تأثير الراحة والأمان..
كانت بين الدقيقة والأخرى تطالع بنظرها الشرفة.. إلى حيت هو متواجد ومستلقي على أرضها يحدق بالنجوم وبجانبه ثلاثة أو أربعة علب مشروب غازي قد تجرعها كلها..
عادت نورين لواقعها ونفضت عنها ذكرى الماضي وهي تناظر مصعب النائم بجانبها بينما تسند على ذراعها..
دثرته جيدا بالغطاء ثم ابتسمت بحنو وهي تقترب منه وتطبع قبلة صغيرة على جبينه..
ثم تحولت ابتسامته للمرارة ولمع الحزن من عينيها..
لم يقترب منها بعد تلك الليلة ولم يظهر أي تأثر من أي من مبادراتها الأنثوية كأي رجل طبيعي من لحم ودم..
بل حتى أنها لمحت شيء من النفور يشع من عينيه تجاهها.. وهذا لا تفسير له من وجهة نظرها إلا بأنه في أعماقه لا يزال يشكك بعفتها على عكس ما قاله وفي طبيعة الحال جسده ينفر من اقتراب امرأة غير نقية..
ابتعدت عنه قليلا تأخذ نفسا عميقا وحمدت الله في سرها أنها بين يدي رجل مراعي رغم كل شيء مر بهما.. ينبض في أضلعه قلب حنون ومعطاء..
فهي لن تتنكر بأنها منذ أن خطت قدمها عتبة هذا اليوم كانت تفكر بوعد والدها بشأن تهريبها من هنا والسفر بها مع جميع أفراد عائلتها لخارج البلاد بعد أن تصبر لمدة قصيرة..
لكن بعد ما حدث وبعد معاشرتها له خلال الأشهر السابقة غيرت الكثير من حساباتها وأخبرت والديها أنها بخير ورغم كل المنغصات التي تعيشها معهم إلا أنها يمكن أن تصبر..
وأسعد هذا الأمر والدها فهي لمست في حديثه السابق أن سفرهم للخارج ما هو إلا كلام من ضرب الجنون هدفه منه كان في البداية أن يحثها على الموافقة..
اعتدلت نورين واقفة من مكانها تتجه نحو الشرفة لتسقط عليها أشعة الشمس بينما يتناهى إلى سمعها أصوات العصافير التي تنتقل من شجرة إلى أخرى وصياح الديك الذي ينذر بنهار جديد..
وزعت نظرها على كل ما تطل عينيها عليه من أشجار خضراء وحقول غناء..
كم هي محظوظة لامتلاك شرفة تطل على أكثر المناظر الخلابة..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:40 PM   #673

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

استمر مالك بقيادة سيارته بعد العودة من عمله في المدرسة بعد أن مر على مدرسة الصغار واصطحابهم معهم..
تطلع بجانبه لابن أخيه فهد يمسك مخروط مثلجات مزين بالشكولاتة وألوان الفواكه.. كان يأكله بتلذذ بينما يغمض عينيه وهو يتمتع ببرودتها..
فسأله مالك وهو مستمتع بملائكية الصغار أثناء تناولها وسعادتهم البسيطة والغير معقدة
((هل مذاق المثلجات لذيذ يا فهد؟))
أومأ فهد برأسه وهو يلعق المثلجات بلسانه ثم قال
((نعم إنها منعشة جدًّا))
رد باسم الجالس بالخلف بحماس يوافق أخيه الأكبر
((منعشة جدًّا يا عمي.. اصطحبنا من المدرسة للبيت كل يوم بدلا من السائق))
تطلع مالك في المرآة الأمامية يراقب يزيد الجالس منكس الرأس بالخلف بقرب النافذة.. يأكل بالملعقة البلاستيكية الصغيرة أخر ما تبقى من المثلجات ببطء وبلا شهية فتكاد تذوب المثلجات..
شيء تألم في قلبه وهو يشعر بالحزن الخالص المشع من عينيه الجميلتين..
لا زال حتى الآن يرتعش قلبه كلما تذكر نحيبه وبكائه عندما أخبره بأن سمية تمنعه من الذهاب مع سائق المنزل.. ورغم علمه أن مسألة السائق ليس السبب الوحيد لبكائه إلا أن يزيد يأبى التحدث معه بأكثر من هذا ويكتم.. وسمية لا تساعده بل غالبا هي السبب في جفائه معه..
قال فهد له معقبا برجاء على كلام أخيه باسم
((نعم يا عمي افعل ذلك واصطحبنا.. فالمدرسة الثانوية التي تعمل بها مقابل مدرستنا))
أومأ مالك له قائلًا بحماس منطفأ
((أعدكم بأني سأفعل ذلك كلما سمحت لي الفرصة بان انهي عملي في وقت مبكر كاليوم))
في حين كان يزيد يلتزم الصمت والهدوء مكانه لا يشاركهم الحديث علت أصوات الفرحة من باسم وفهد الذي قال منفجر الأسارير
((هل هذا وعد؟ مرحى إذن))
ضحك مالك بخفوت على سعادتهم ثم أوقف سيارته أمام قصرهم يقول
((هيا وصلنا أمام البوابة.. انزلا))
ثم اتبع كلامه للجالس بالخلف ما إن هم بخلع حزام الأمان عنه
((يزيد ابقَ قليلا هنا.. أريد التحدث معك))
عقد فهد الجالس بجانبه حاجبيه يسأله بتجهم
((لماذا؟ ماذا تريد منه يا عمي؟))
نظر مالك له يخبره بعفوية
((فهد حبيبي أريد يزيد بموضوع صغير بيننا))
لم يستطع فهد الصغر منع ملامح الانزعاج والغير من الظهور على وجهه وهو يقول متسائلا
((أي موضوع بالضبط؟ يمكنك التحدث به أمامنا))
تغير صوت مالك ليحمل معنى الإحراج من استحواذه وهو يحاول محاورته بلغة المنطق
((فهد حبيبي لا يصح أن أقوله أمامك لأنه سر بيني وبينه.. هل تحب أن أقول أسرارنا أمام يزيد أو أحد أخر!))
كتف فهد ذراعيه يقول بتبرم طفولي
((أي أسرار؟ نحن لا نملك أية أسرار مشتركة بيننا يا عمي!))
شعرت مالك بهذه اللحظة بحرارة الإحراج تغزو جسده أكثر ففتح أول زرين من قميصه ثم قال مبتسما بارتباك لفهد
((في المستقبل سنمتلك.. ووقتها بالتأكيد لن أخبر بها أحد))
قال باسم الجالس في الخلف وهو يفتح مقبض باب السيارة
((سأسبقك للمنزل يا فهد.. إلى اللقاء يا عمي مالك))
تطلع مالك له ثم عاد ينظر في وجه فهد يحثه
((هيا بسرعة الحق باسم قبل أن يسبقك للمنزل))
ظل فهد ينظر له للحظات بتعابير جامدة مشوبة بالحنق.. ثم على مضض استدار على عقبيه يفتح مقبض باب السيارة ويرتجل منه مدمدمًا بصوتٍ كئيبٍ
((حسنا.. إلى اللقاء يا عمي))
تنهد مالك وهو يمسح بيده مؤخرة رأسه في إشارة لشعوره بالارتباك مِمَّا حدث.. لحظات ونظر للخلف إلى حيث يجلس يزيد وأخبره برفق صوت الهادئ
((يزيد.. ترجل من السيارة واجلس في المقعد الأمامي بجانبي))
اتسعت عينا يزيد قليلا وتساءل ببراءة طفل
((لكن لماذا؟))
ابتسم مالك ابتسامة صغيرة لعينيه وهو يخبره
((أريد أن أتحدث معك قليلا.. هيا انزل.. بعثت رسالة لأمك بأنك معي وبأننا سنتأخر قليلا))
قال يزيد بتساؤل عقب أن فتح مقبض باب السيارة وجلس في المقعد الأمامي بجانب مالك
((إلى أين سنذهب؟))
شغل مالك محرك السيارة بينما يجيبه بابتسامة رائقة
((إلى أحد مطاعمك المفضلة.. سنتناول طعام الغداء هناك))
قال يزيد ببعض العجب
((هل وافقت أمي على ذهابي للمطعم حقا؟))
أومأ مالك له بإيجاب ثم أعقب بمرح
((قلت لها بأننا سنتأخر قليلا ولم أقل تحديدا السبب.. وهل هذا يهم؟ ثم ألم نتفق يا يزيد بأننا سنكون مثل الأصدقاء؟ ألا يحتاج إذن الأصدقاء لوقت خاص ومنفرد يتشاركون فيه الحكايات والاهتمامات والأحاديث؟ لا يمكن لعلاقة صداقة قوية أن تظل دون تخصيص وقت منفرد لها))
كان مالك يتحدث معبرا عن أفكاره التي لطالما يخبر فيها يزيد.. إلا أن الأخر أنكس رأسه قائلًا بخفوت
((لا أحب أن أتعبك واشغل وقتك))
ناظر مالك ليزيد لثانية في وجل من كلامه وردة فعله.. ثم قال له بوضوح
((أنا افعل ذلك من أجلى.. لقد مضى الكثير منذ أن خرجت معك ألم تلاحظ يا يزيد؟))
شبك يزيد أنامله الصغيرة ببعضها ثم قال بنفس نبرته السابقة
((بلى لاحظت))
ركن مالك سيارته في جانب الطريق أمام المطعم ثم استدار للجانب نصف استدارة يناظر يزيد وهو يسأله بكل جدية راجيا الصراحة
((هل يمكن أن تخبرني سبب ابتعادك وجفائك معي؟ لطالما كنت أنتَ المبادر دائما معي.. لكن مؤخرا لم تعد تأتي لغرفتي ولم تعد تنتظرني في المطبخ ريثما أعود من عملي.. ولم تعد..))
رفع يزيد رأسه له يقاطعه قائلًا بخفوت خائف
((أخبرتك أن أمي منعتني من الدخول لمنزلكم أبدًا وخاصة المطبخ حتى لا أزعج الخالة نعمة ومنال))
توحشت عينا مالك الخضراوين بعنف لا يخرج منه إلا بعد حلم شديد وهو يهتف باستنكار
((وما شأنهم بدخولك أنتَ المنزل؟ أنه منزل أبي.. ولا أحد له حق في التحكم بمن سيدخل ومن سيمنع غيره.. منذ متى والخدم يتحكمون في أمور كهذا! عال العال.. سأتأكد من محاسبتهما عند عودتي.. وصلت لكفايتي بسببهما..))
بدا على يزيد التردد إلا أنه هدر له بحزن ظلل عينيه
((إنهما يطيعان كلام والدتك))
توقف مالك المتجهم الغاضب عما يقوله وهو يمعن نظراته بيزيد..
وفجأة شعر بأن ابن الست سنوات أكبر من عمره وأكثر وعيًا.. فهو ليس غافلا بل يعرف من تلقاء نفسه ودون أن يخبره أحد بهذا صراحة بأن وجوده غير مرغوب به من قبل امه..
أخرج مالك تنهيدة متعبة ثم قال وعيناه تشتد بنظرة عازمة لامعة
((سأتحدث مع أمي بشأن هذا ولكن هذه ليست حجة لجفائك معي يا يزيد))
ثم بدل ملامحه لأخرى بشوشة رغم إجهاد عقله وفكره وقال وهو يخرج هاتفه المحمول
((تعال لنلتقط صورة لنا الاثنين قبل أن نذهب للمطعم))
تطلع يزيد له باستغراب وبراءة ليسترسل مالك وعيناه تشعان بوهج مثير خاص
((أريد أن نأخذ أنا وأنتَ كل يوم صورة وسأصنع في نهاية كل شهر كتابًا مصورًا لنا.. ما رأيك؟))
ظهر الحماس يرقق ملامحه الطفولية عندما امسك مالك رسغه وقربه منه ليشاركه الصورة..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:40 PM   #674

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في غرفة الجلوس حيث كانت دارين جالسة أمام المنضدة تفرد كتبها ودفاترها وتقول بحل واجباتها المدرسة.. وضع فهد حقيبته المدرسية بعنف فوق الطاولة بطريقة إثارة حنقها فقالت معترضة
((انتبه يا فهد!))
جلس فهد مكتفا ذراعيها بقوة فوق الأريكة التي تجلس والدته عليه..
تطلعت رتيل عليه بحيرة متسائلة وهي توزع نظرها بينه وبين أخيه باسم الذي كانت ملامح وجهه المبتسم مختلفة كليا عنه
((لماذا تأخرتما في العودة من المدرسة؟))
ظل فهد محافظا على وجومه لا يجيب ليقول باسم بنشوة البهجة وهو يقف أمام والدته
((كنا مع عمي مالك.. لقد اصطحبنا من المدرسة بسيارته بدلا من السائق.. واشترى لنا المثلجات اللذيذة))
رفعت رتيل حاجبيها وابتسمت تقول برضا وهي ترى شيء من أثار المثلجات على فمه الأحمر
((حقا؟ هذا جيد.. هل استمتعتما بوقتكما؟))
ثم تلاشت ملامحها وهي تعود لتناظر ابنها الكبير وتسأله بفضول
((لماذا لست سعيدا مثل أخيك؟))
نظر فهد لها متكدر الملامح يجيبها
((لقد أنزلنا أمام باب البيت وذهب برفقة يزيد لمكان أخر لوحدهما ورفض إخباري به))
تغضن وجه رتيل بشيء من الضيق..
لوهلة سعدت باصطحاب مالك لولديها وتخصيص وقت لهما خاصة فهد لعله يعزز شيء من ثقته بنفسه فهو خجول لا يندمج بسهولة مع الأطفال الآخرين..
لكن على ما يبدو أن هذا الاهتمام لا يضاهي اهتمامه بيزيد..
حاولت رتيل ألا تظهر ضيقها وهي تقول عاقدة الحاجبين
((لا تحزن يا حبيبي.. عمك يحبك أكثر من يزيد بالطبع فانت من دمه على عكس الأخر.. الأمر فقط أنه يشفق عليه لأن والده يعيش بعيدا عنه ولا يهتم به أما أنتَ..))
قاطعها فهد باندفاع بعيد عن شخصيته
((أما أنا فوالدي أيضًا لا يهتم بي..))
ثم اعتدل واقفا يغادر الغرفة كلها تاركا إياها في حيرة من أمرها ولم تجد أن تقول إلا لدارين التي كانت تطلع للموقف
((عمك مالك هذا غريب في اهتمامه بابن البستانية))
شمخت دارين بذقنها وقالت لها باعتراض
((وما شأنك أنتِ بمن يهتم؟ ألا يكفي تعذيبك لنورين المسكينة والان تسلطين كيدك على عمي؟))
زعقت بها رتيل بصرامة
((تكلمي معي باحترام يا بنت حتى لا أشكوكِ لجدتك))
ضيقت دارين عينيها تقول بغيظ
((افعلي ما تريدين من الأساس امسك عليك ممسك))
مدت رتيل طرف لسانها له بطفولية لا تناسب عمرها ومكانتها ثم تمتمت
((أي ممسك تمسكينه عليّ أيتها المشاكسة!))
ثم خرجت مبتعدة من الغرفة دون أن تعير كلام دارين أي اهتمام..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:41 PM   #675

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

بمجرد أن انتهى مالك ويزيد من تناول وجبات الطعام التي طلبوها حتى خرجا من المطعم وعاد ليستقلا السيارة..
مال مالك يثبت حزام أمان يزيد وهو يسأله بابتسامة
((إذن هل ستذهب لرحلة فصلك للمدرسة الأسبوع القادم؟))
رفع يزيد وجهه له بانتباه تام ثم قال بحماس
((نعم بالتأكيد سأذهب لها.. فكل من الفصل متحمسون لها منذ أسبوع))
لثم مالك جبينه بحنو وعبث بشعره الأسود الناعم وهو يخبره بحماس مماثل لحماسه
((ممتاز.. لنذهب الآن لمراكز التسوق ونشتري لك كل ما ستحتاجه للرحلة))
زادت ابتسامة يزيد لمجرد الفكرة بصوته العذب الحماسي
((حقا هل ستذهب معي لنشتري حاجيات الرحلة؟))
قاطع حوارهما تصاعد صوت رسائل لهاتف مالك ففتحه يقول باستغراب
((أوه إنها أمك المزعجة فجرت هاتفي برسائلها عن سبب تأخرنا.. انتظر قليلا سأخبرها بأن سنذهب لشراء حاجبيات رحلتك))
لكن ما إن همّ أن يكتب شيء حتى علا رنين الهاتف فعقد حاجبيه يرد وكله مستغرب من اتصالها فهي تفضل دائما الرسائل بينهما
((نعم سمية.. ماذا هناك؟))
وصله صوتها الحانق الذي لا يحمل من الرضا شيء
((عد أنتَ ويزيد للبيت لقد تأخر الوقت ولم يتناول غداءه بعد.. وبالنسبة لحاجيات الرحلة فأنا سأشتري له كل ما يحتاجه))
أخبرها مالك وهو ينظر ليزيد الذي أبدت ملامحه توتر وارتباك وقد تناهى صوت والدته المشوب بالغضب إلى أذنيه
((لا داعي للغداء فأنا بالفعل أكلت معه في احدى مطاعمه المفضل.. كما سنذهب بعد قليل لنشتري حاجيات رحلته.. اليوم هو نهاية الأسبوع فما الضير حتى لو وصل للبيت ليلا؟))
خرج من سمية صوت محبط مستاء قبل أن تقول له
((في الأمس اشترينا طعاما جاهزا من المطاعم فلماذا اشتريت له أيضًا اليوم؟ أنه صغير على تناول هذه الكميات من الطعام الجاهز والسريع! لماذا لم يخبرك بأنه فعل؟ أعطني يزيد الآن أريد أن أتحدث معه))
مال يزيد إلى مالك متسائلا بهمس وبراءة
((هل أمي غاضبة جدًّا؟))
فهم مالك ما يفكر فيه فأمسك بكفه الصغيرة يطمانه بينما يتحدث على الهاتف
((حسنًا يا سمية لقد أنهينا الطعام وخرجنا من المطعم فلا تضخمي الأمر من لا شيء))
كان صوت سمية رافضا وقاطعا وهي تأمره
((مالك أريد منكما أن تعودا للبيت الآن.. لا تشتري له شيء.. أنتَ لا تعرف ما يحتاجه بالضبط وستشتري حاجيات تخص رجل مسافر إلى بلد أخر لا طفل صغير سيذهب لرحلة مدرسية لا يتجاوز وقتها نصف النهار))
ضغط مالك على كف يزيد يلا وعي وكل تركيزه مع التي يحادثها ليقول بحزم
((سأشتري ما اشتريه له وأنتِ اختاري ما تريدين منه أن يذهب به للرحلة.. انتهينا))
خرج زفير ضجر من سمية ثم اتبعته بكلامها وهي تقول
((الفكرة هي بأني لا أريدك أن تفسده دلالا ولا أريد منه أن يعتاد على شراء كل ما يريده..))
تململت كف يزيد ألما فانتبه مالك عليها وحررها ثم تابع القول
((ولأفسده دلالا.. وماذا فيها؟ لماذا لا أعوض قلة الوقت الذي أقضيه معه بالماديات وبالكثير من اللُّعَبِ والهدايا؟ إذا كنت غير قادرا على أن أهبه الأمان النفسي ولست قادرا على إخراجه للنوم فلماذا لا أقدر على تدليله بمالي؟))
في منتصف حديث مالك خرج صوته منفعلا غاضبًا وكأنه يلومها على كل شيء.. فردت عليّه سمية عندما انتهى بصلابة
((مالك لا ترفع صوتك عليّ أنا لا اسمح لك..))
اغلق مالك عينيه وهو يشعر تماما بإن رفضها وحنقها منه لا علاقة له بتدخله بأسلوب تربيتها ليزيد بل هو للمعاندة والرفض فقط..
لا تريد منه أن يتقرب من يزيد أو يقوم بواجبه تجاهه لظنها بأن يزيد ما هو إلا وسيلة من أجل الوصول لها..
فتح مالك عينيه يطلق نفسا حارا بالجمر المتطاير منهما دون أن يدرك.. ثم علا صوته عما سبق وهو يقول
((بالتأكيد لن تسمحي لي.. أساسا أنتِ سبب معاناتي.. بل معناتنا جميعا.. على كل حال لا وقت لدينا للمزيد من النقاش.. سأذهب للتسوق مع يزيد وسنحاول أن نعود مبكرا قبل غياب الشمس.. هذا كل ما عندي))
أغلق مالك الخط في وجهها وأراح ظهره بالمقعد وهو يعيد رأسه للخلف لدقائق قبل أن يخرجه من شروده صوت يزيد يقو بحذر طفولي
((إذا كانت أمي لا تريد منا أن نذهب فلا داعي لذهبانا.. لا أريدها أن تغضب منا))
لانت ملامح مالك قليلا متنفسا بهدوء ثم أدار رأسه له يخبره
((لا تقلق يا يزيد فمن يغضب بلا سبب سيرضى بنفسه))
قال يزيد بوجوم
((لكن أنا لا أريد أن أُحزن أمي..))
قاطعه مالك بانفعال لم يظهره
((إذن هل تريد أن أحزن أنا؟))
افترقت شفتا يزيد بضيق قلبه وهو يشعر نفسه منقسم بين أكثر اثنين يحبهما.. إلا أنه قال برجاء
((أرجوكَ يا عمي دعنا نعود للبيت وإلا ستغضب أمي))
هتف مالك له بصوتٍ مثقل بالبرود والخواء
((لا تناديني عمي..))
احتارت ملامح يزيد بلا رد منه قبل أن يقول متوجسا
((ولكن يا عمي مالك أمي أخبرتني..))
انفلتت أعصاب مالك وهو يزعق به
((ناديني بالدنيء.. بالحقير.. بالنذل.. لكن لا تناديني بعمي يا يزيد عندما نكون لوحدنا))
تقوست شفتا يزيد عابسا لينكس من رأسه ويقول مدافعا
((أمي قالت لي أن أناديك هكذا))
مسح مالك على جبهته حتى شعره ثم هز رأسه بقتامة ملامحه وهو يغمغم بغضب مستعر
((أمي.. أمي.. أمي.. وماذا عني؟ هل أهون عليك أنا؟ ألا أعني لك شيء؟))
بدأت شفتاه ترتجفان وتنذران بالبكاء وهو يدمدم بصوتٍ متحشرج
((أريد أن أعود للبيت وحسب))
طالع مالك الصغير أمامه وهو يشعر به يتسرب بسرعة مخيفة من بين أنامله كما فعلت أمه في الماضي..
أرخ التوتر جناحيه مع صمت تغلغل بين ذرات الهواء داخل السيارة.. وقد شقّ كلام يزيد روحه وهشم سعادته في هذا اليوم.. وشعور بالخسارة تضاعف بداخله..
شغل مالك محرك سيارته وقال بينما يرمقه بنظرات تبدو قوية لكنها تحمل توترا خفيا
((حسنًا سنعد للبيت يا يزيد كما تريد.. ولن تذهب لتلك الرحلة))
رفع يزيد حاجبه ليقول بتعجب عفوي
((لماذا؟ لقد وافقت أمي أن اذهب إليها!))
كلامه وإظهاره أن السلطة بيد والدته فقط بين الدقيقة والأخرى زاد من غيظ مالك ليقول وهو يشد على ضروسه
((أنتَ تستهين بي يا يزيد.. وهذا يؤلمني))
أعاد يزيد سؤاله السابق مرة أخرى بصوتٍ مشوب بالقلق من فكرة عدم ذهابه
((ولكن لماذا لن اذهب إليها؟ ألن ستسمح لفهد بالذهاب هو الأخر؟))
أجابه مالك ببرود ونظره مصوب للطريق الذي يسير فيه أمامه
((لا أدري فهو له أبٌ مسؤول عنه.. أما أنتَ فوالدتك ليست الوحيدة المسؤولة عنك بل أنا أيضًا))
قال يزيد وعينيه تتغرغران بالدموع
((لن تحرمني من الرحلة!))
التفت مالك بجانبه لثانيتين يؤكد لنفسه بأن الصغير هو الأخر مصدر ألم له كما أمه.. ثم عاد ينظر للأمام وهو يقول بهدوء أجاده بينما يضمر حقيقة بؤس مشاعره
((بل سأفعل إذا كانت هذه الطريقة الوحيدة لتعترف بحقي ومسؤوليتي في حياتك كما أمك بالضبط.. لم تقبل أن تخبرني في تلك المرة سبب بكائك الحقيقي وتوقفت عن التحدث معي وإخباري كل ما يحدث ويمر معك في يومك.. وتتباعد عني بشكل متعمد))
أغمض يزيد عينيه يمنعهما من ذرف الدموع بينما اهتزاز صدره يُعلم ببكائه.. إلا أن قلب مالك هدر بعزم له بألا يتأثر ببكائه ونفض الألم بجليد قلبه..
بمجرد أن وصل ملك أرضهم في القرية حتى ركن سيارته بمصف عائلته ونظر ليزيد يعطيه منديلا لمسح أثار دموعه.. فك حزام أمانه ثم حمل حقيبة ظهره المدرسية قائلا
((هيا ترجل من السيارة))
خرج يزيد من السيارة وهو يمسح دموعه الصامتة التي لا تتوقف عن الانزلاق على وجنتيه المحمرتين..
أحاط مالك بذراعه كتف الصغير وهو يسير معه ووقفا أمام منزل سمية يطرق الباب بهدوء..
لتسارع الإجابة وفتح الباب.. بتلقائية أخفضت نظرها لابنها لتقول بلهفة وهي تنزل على مستواه
((لماذا تبكي يا يزيد؟))
قال مالك بطوله الذي يشرفه فيه عليهما
((لم اشتري له شيء.. ولكني لن اسمح له بالذهاب للرحلة))
عادت سمية تقف من مكانها وتقول بتوجس
((لماذا لن تسمح له؟ هل يذهبون للرحلة لأماكن خطرة؟))
قال مالك متجمد الملامح لها بنبرة رجولية متجبرة
((لا فقط أنا لن اسمح له بالذهاب.. لأني لا أريد ذلك.. أريد أن اعمله من هو المسؤول عنه ومن يتحكم في خياراته بعمره هذا))
جحظت عيناها ولوهلة شعرت بأنه يمازحها.. لكن لا تعابيره ولا نبرته كانت توحي بذلك..
فعقدت حاجبيها تقول باستهجان
((هل تمازحني يا مالك؟ ما ذنب ابني الصغير لتفرغ به عقدك؟ أية سادية متواجدة بداخلك لتبكيه وتهدده بمنعه ما يحب لترضي نقصك! حتى في مراهقتك يا مالك كنت أكثر رزانة وتعقلا من حالك الآن))
شعر مالك بها كمن توبخ طفلا صغيرا.. إلا أنه حافظ على جمود حاله وهو يخبرها بنبرة متسلطة خافتة
((مهما فعلتُ ومهما تصرفتُ ستبقى معاملتك ونظرتك لي كما هي.. لذا لن آبه الآن لرأيك بعد الآن.. وسأفعل ما أراه مناسبا))
كتفت ذراعيها لتقول بجمود وثبات
((وما هو المناسب بجعل يزيد يحزن بهذا الشكل؟))
احتدت عيناه بشعور ألم غريب إلا أنه عاد يقول
((قلت بأنه لن يذهب للرحلة.. وهذا الأمر سيستمر لو ظل يتعامل معي بهذا الجفاء المتعمد ويغفل عن حقي عليه!))
ردت عليه بنفس النبرة الثابتة التي تحمل حزماً وأمرا
((إياك أن تستقوي عليّ يا مالك.. أنا لست ضعيفة هنا حتى لا تعتبر لي وجود أو حق في تحديد ماذا يفعل وأين يذهب! سيذهب للرحلة ولا علاقة لك أنتَ بالرفض ما دام ذهابه ليس فيه أي خطر عليه))
شتت مالك نظره بينها وبين الصغير.. إنه يدرك بأن يزيد في هذه السن يميز رمز السلطة الذي يمسك بزمام الأمور في محيطه.. وهو يرى هذا الأمر متجمع بوالدته.. لذا عليه أن يثبت له العكس..
فقال بنبرة حاسمة.. باترة.. تحمل تحدٍ سافر
((لن يذهب قبل أن أجده يعاملني كما السابق على الأقل.. أو ستجبرينني على شيء كان عليّ فعله منذ زمن))
ازدردت ريقها وهي تفهم ما يقصده لتقول له بتوتر
((لا تشبك الأمور ببعضها يا مالك.. ولا تتخذ رحلة حجة لتدمر كل شيء))
احتقان وجهها وكتمها لغضبها أعلمه أن أمره وصل لها وبأنها لن تخالف كلماته.. فرشقها بنظرات أخيرة متجهمة قبل أن يغادر مبتعدا..
أغلقت سمية الباب عقب أن أدخلت يزيد للبيت وسألته بحيرة
((ماذا حدث يا يزيد؟ بماذا أغضبته؟))
عادت دموعه للانزلاق على وجنتيه وهو يقول بعتاب
((أنتِ السبب.. ألم تخبريني ألا اقترب من منزل الحاج يعقوب ولا اركض باتجاهه عندما يعود من العمل وألا اذهب معه ليتسوق لي حاجيات الرحلة؟))
رغم أن نظراته لها مزقت قلبها إلا أنها قالت
((نعم طلبت منك ذلك.. عليك أن تستمر بذلك حتى تتجنب سخط وغضب دار الحاج.. ومع الأيام سيتحسن كل شيء وسيختلف تعاملهم معك.. أعدك بذلك))
ازداد انعقاد حاجبي يزيد ضيقًا واستياءً وهو يتساءل
((والرحلة ألن اذهب لها؟))
حدقت سمية بعيني ولدها شديدتي السواد واللمعان من أثر البكاء.. ثم ردت بصوتٍ بائس.. مجهد
((لا أدري.. دعه يهدأ ثم سينسى أمر منعه))
فتهدلت كتفي يزيد وهو يرفع يديه الصغيرتين ليدفن وجهه..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:42 PM   #676

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


تقلب مالك على فراشه بالليل دون قدرة على النوم وهو يتذكر
كل ما حدث بينه من جهة وبين يزيد وسمية من جهة أخرى..
لقد تصرف بغباء بالغ وزاد الفجوة بينهم..
أرخى جفنيه وهو يشعر بنفس الشعور الذي تغلل إلى روحه قبل عقد مضى عندما كانت سمية تنتظر عودته للمنزل لتعطيه على دعوة زواجها من خطيبها الكريه آنذاك كامل..
قبل ما يزيد عن عقد مضى..
كان عائدا من أحد الأماكن هو وشقيقه التؤام مازن ويسير بخطواتٍ بطيئة شارد الذهن والنظر كعادته هذه الأيام..
التفت مازن له يخبره بمرح متأصل به وبنبرة ذات مغزى
((انظر للجميلة التي تنتظر عودتك منذ مدة))
لم يأبه مالك لكلامه وظل يسير بنفس شروده وهو ينظر للأرض حتى استدعى أخيه انتباهه وهو يقول بينما يسارع خطواته للأمام
((أهلا.. أهلا يا سمية.. كيف حالك؟))
رفع مالك رأسه ينظر أمامه ليجد أنها بالفعل سمية تقف عند بابهم الحديدي الضخم تتقدم منهما على استيحاء..
أدرك مالك خطوات مازن وأوقفه مكانه من كتفه بصلابة بينما يتقدم هو للأمام يقول لها بخشونة
((ماذا تفعلين هنا؟ من تنتظرين؟))
أجابته سمية بخفوت وهي تخفض عينيها
((أنا كنت أريد أن أسلمك دعوات زفافي))
كانت تتفهم غضبه وهي تظن بأنه لا زال حانقا وساخطا عليه لجرأتها لصفعه في ذلك اليوم أمام والده ورجال من وجهاء القرية..
لم يتحكم مالك بنفسه وهو يخبرها بتعالي
((لماذا لم تعطيها لامي وحسب؟))
قالت له بشيء من الخجل دون القدرة على أن تنظر لوجهه
((شعرت حقا بأني أريد منحها لك بنفسي))
أطلق مازن الذي كان يتابع المشهد صفيرا مشاكسا جعل من مالك يلف رأسه له بالخلف ويرشقه بنظرات محذرة..
انتبهت سمية على ما قالته بغير وعي وعلى وجود مازن لتسارع بمحاولة إصلاح الموقف وتقول بينما تمد بطاقة أخرى باتجاه مازن
((وهذا الدعوة لك يا مازن أتمنى حقا أن تأتي أنتَ الأخر))
أهداها مازن بسمةً ودودةً ونظر بطرف عينه لأخيه بنظر ذات مغزىً وهو يقول
((شكرا لك يا سمية على تذكري.. أنا ممتن على دعوتك هذه))
كزّ مالك على أسنانه وسارع يأخذ بطاقة الدعوة من سمية بفظاظة ويمزقها لمئة قطعة يفرغ شيء من الغضب الكامن فيه وهو يقول بصوتٍ مخنوق
((أما أنا فلن أحضر لكن شكرا على الدعوة))
أومأت سمية برأسها على مضض وهي تتفهم غضبه ولا تزال تظن أن سببه هو تلك الصفعة..
فليس مالك الهادئ الرزين من يغضب بهذا الشكل بسهولة إلا لو تجاوز أحد خطوطه الحمراء الشحيحة.. تنهدت ببؤس ثم تمتمت بكلمات خافتة قبل أن تبعد عنهم
((أتمنى حقا أن تحضرا لو استطعتما.. إلى اللقاء الآن))
عاد مالك لواقع حاله المرير وهو ينتهي من سرد أول مرة فقدها.. الأولى وحسب قبل أن تتبعها مرة أخرى..
اعتدل مالك جالسا وهو يمسك هاتفه ويكتب لها
"أخبري يزيد أن يذهب للرحلة ولا يلقي بالا لكلامي السخيف قبل ساعات.. وإياك أن تحرضيه عليّ أكثر من ذلك.. فلدي حدود للاحتمال"
ظهرت له علامة وصول الرسالة لها وظهرت له علامة قراءتها لها.. إلا أنه لم يصله أي رد كامتنان منها على تراجع عن قراره المجحف أو وعد منها ألا تضع في قلبه يزيد شيء ضده.. كما توقع منها..
لكن هذا ما كان عليه فعله.. فحب يزيد لوالدته أمر فطري بما أنها أمه.. واحتياجه لها غريزي..
أما هو فحب يزيد له لن يكبر إلا بتعامله معه وبرصيد حبه وحنانه.. ومثل هذه العصبية والشدة معه قد تنفره منه..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:43 PM   #677

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي



أنهت شيرين من تجريب الثوب الفخم التي سترتديه في يوم عقد قرانها على معاذ أمام سهر ثم قامت بحجزه..
قبل أن تخرج من المحل التجاري وصلت لها رسالة ففتحتها على الفور ظنا أنها من الرائد معاذ..
إلا أن تبدل ملامح وجهه للنقيض ولأخرى متكدرة فلا رسالة قادرة على فعلها هكذا إلا رسالة من شخص واحد.. وليد.. الذي كتب لها
"مرحبا يا كحيلة العينين؟"
كتبت له ردا يحمل الغضب المكتوم من بين حروفه
"ما الذي تريده؟"
"طلبت من أحد السماسرة أن يبحث عن شقة مناسبة لنا في المدينة لنسكن فيها بعد الزواج.. ومتاح لي عدة خيارات وكنت أفكر بأخذ رأيك"
جحظت عينا شيرين وهي ترد عليه
"هل أنتَ مجنـــــــــــون؟"
"نعم مجنون فيك يا كحيلة العينين"
بالكاد منعت شيرين أعصابها من الانفلات وهي ترد عليه
"هل تظن أيها المجنون بأني قد أقبل الزواج فيك وأنت متزوج بعيدا عن كل انحطاطك معي في الماضي؟"
"نعم ستقبلين.. فأمر كهذا لن يكون خيارا أمامك.. وصدقيني إذا لم أستطع الحصول عليك كزوجة فلن أمانع اتخاذك كخليلة.. عشيقة.. المهم بأنك ستصبحين ملكي في النهاية"
تشنج كل ما في شيرين وهي تحدق بكلماته المكتوبة وشحب وجهها..
يتحدث معها كمن يتحدث مع امرأة من الشارع بكل استهانة.. بكل استحقار..
يستغل كونها تعيش وحيدة بلا سند أو ظهر بوالد مقطوع من شجرة وأم لم يبقَ لها قرابة إلا أخوة متواضعي الحال يعيشون تحت رحمة عائلته العريقة فهم ليسوا من نفس العشيرة!
ازدردت ريقها تمد نفسها بالقوة ثم حركت أناملها تكتب له
"لقد أخبرني المحامي بأنه لا فائدة مرجوه من الحديث معك بشأن القضية التي رفعها موكلوك ضدي.. لذا لا فائدة من أي تواصل مرجو بيننا.. دع لقائتنا التالي يكون في المحكمة وحسب.. لن أقول إلى اللقاء بل وداعا بما أني لا أجد مناص من حظرك الآن"
وقامت بحظره على الفور ثم أغلقت هاتفها..
خرجت شيرين من ضياع شرودها القاتم على صوت سهر التي قالت لها منبهة
((هيا بنا لنخرج يا شيرين))
كتفت شيرين ذراع سهر بذراعها وهي تقول لها بصوتٍ أجش وبعينين ممتنتين
((شكرا لك يا سهر لمرافقتي للقائي مع معاذ.. كنت محتارة من قد يذهب معي الآن))
اتسعت ابتسامة سهر وهي تخبرها بتقرير بينما تضع كف يدها الأخرة فوق كف شيرين
((لا داعي للشكر.. نحن أختين))
لمع حزن خالص في عيني شيرين وهي تخبرها بينما تسيرا نحو سيارتها
((الحقيقة أني لا أجد أحد في حياتي يمكنني أن أتمنها على أسراري غيرك.. رغم عملي في شركة القاني لسنوات إلا أني حقا لم أكون صداقة متينة مع أحد مثلك يا سهر.. بل أشعر أن كل من في الشركة هناك يكرهوني))
ناغشتها سهر وهي تخبرها موبخه بمرح
((هذا لأنك مديرة متسلطة وصارمة غير رحيمة))
إلا أن شيرين ظلت واقعة تحت تأثير اللحظة وهي تخبرها مجددا بامتنان
((شكرا لك يا سهر لبقائك صديقك لي.. حقا يا سهر))
بمجرد أن وصلا للمكان المنشود حتى ركنت شيرين سيارتها على جانب الطريق وارتجلت هي وسهر من السيارة متجهتين نحو المطعم الذي اتفقت فيه على أن تتقابل مع معاذ..
توجهتا نحو الطاولة التي حجزها معاذ لهم وبمجرد أن وقع بصر شيرين عليه حتى هتفت له بسرور
((مرحبا معاذ كيف حالك؟))
وقف معاذ واجم الملامح من مكانه يناظر سهر لتتلبك شيرين لولهة ثم تسارع التعريف بها أمامه
((إنها صديقتي القديمة سهر الفايد))
أومأ معاذ برأسه وقال بترحيب ولباقة رغم أنه بدا لم يتوقع حضورها بل لم يستسغ وجودها الآن
((مرحبا بك يا أنسة سهر))
أمعنت سهر بعينيها لطوله السامي وجسده القبلي الشديد وملامحه المتجهمة.. ومن ثم ردت عليه بتهذيب بينما تسحب كرسيا وتجلس بجانب شيرين مقابله على الطاولة الدائرية
((مرحبا أيها الرائد))
طلب معاذ له وللمرأتين أمامه وجبات سريعة من النادل وتبادل معهن بعض الكلام العام عن الأجواء والطقس..
وقد لاحظت سهر نطقه للقاف جيمًا قاهرية وبحة صوته المختلطة بكلمات بأصل لهجته تلك اللهجة القروية التي تلاشت من شيرين تدريجيا بمجرد سكنها مع عائلتها في المدينة..
فقالت مبتسمة بانبهار عفوي
((لهجتك جميلة أيها الرائد))
تنحنح معاذ بشيء من الإحراج لإطرائها الذي جاء مفاجئا ثم قال باعتزاز ووقار صوته قبل لهجته
((بالتأكيد فأنا في النهاية من أصل ريفي أصيل.. وافتخر بأني أعلم كل شيء عن الحياة في الريف والزراعة.. رغم أنى اسكن في المدينة منذ خمسة عشر سنة أثناء دراستي وعملي إلا أني لم أستطع أن أغير لهجتي الأم التي عشت وترعرعت بها))
قالت شيرين ممازحة لمعاذ
((إياك أن تلمح على لهجتي أنا.. فأنا لم أغيرها تنكرا أو لأني لا أحبها.. بل استبدلت فقط بعض الكلمات بأخرى اتلفظها بمصطلحات دارجة تتوافق مع لهجة المدينة مجاراة لروح العصر ولزملائي في العمل الذي يعيشون هنا دون أن اخرج من محيط لهجتي الأصلية..))
قال معاذ بتفهم من بين ضحكاته الخافتة
((لاحظت ذلك..))
عندما شعرت شيرين بأن الجو تلطف قليلا بينهم تنحنحت تجلي صوتها قبل أن في الحديث عن شيء يخصها معه لتقول
((لقد أخترت فستانا جميلا ليوم عقد القران وجربته أمام سهر وقالت بأنه كان رائعا عليّ.. لكن صدمني قول الموظفة بأنها قد أخذت فعلا ثمنه منك))
برقت عينا معاذ هامسًا في خشونة رجولية
((وهل توقعت مني بأني سأجعلك تدفعين ثمن الثوب الذي ستردينه في عقد قراننا؟))
ورغم تجهم ملامحه إلا أن كلماته جعلت من نبض قلبها يتسارع.. بشعور جميل.. حاولت كتم ابتسامتها وهي تقول له بعتاب ظاهري
((نعم فأنتَ لست مجبرا على دفع أي شيء فزواجنا سيكون..))
بترت كلماتها وهي ترى تجهمه يزيد بينما يشير بحاجبه لوجود سهر..
ففغرت شيرين شفتيها بعدم فهم ثم سارعت تقول وهي تلوح بكفيها بالنفي
((أوه لا تقلق من وجود سهر فهي تعرف طبيعة زواجنا.. كما كانت شاهدة على كل ما لاقيته من أخوالي))
شيء فظيع اختلج في قلبه معاذ استطاع أن يكتمه داخل.. ولا يظهر في وجهه إلا التجهم..
كان شعور غريب بالضيق لأن صديقتها عرفت بطبيعة الزواج الذي تريده منه هو.. والله اعلم من أخبرت أيضا..
لا يستبعد أن يكون من في الشركة التي تعمل بها وأناس مشتركون بينهم يعرفون بالموضوع أيضًا!
لماذا هي مُصرة على أن يكون زواجا صوريا خاصة وأنه نوى التحدث معها ولكن منفردين حتى يخبرها بأفكاره الحقيقية بشأن هذا الموضوع وما يخطط له؟ إلا إذا..
تابعت سهر معها حبك المسرحية السخيفة وهي تقول بمزاح سامج
((نعم كانوا يطفئون السجائر على جلد بشرتها إذا رفضت لهم طلبا وكانوا..))
لكزتها شيرين بذراعها بما جعلها تتأوه بصمت ثم همست لها بتحذير
((اخرسي ولا تبالغي يا سهر))
تنحنح معاذ مكانه يستدعي انتباه شيرين بينما يقول بنفس ملامحه تجهم الملامح لكن بنبرة هادئة واثقة
((زواج صوري أو لا.. لكنك ما دمت ستصبحين زوجة لي فأنا المخول بدفع كل نفقاتك.. وهذا امر لن أتناقش فيه))
عادت شيرين تقول معترضة بنعومة وحميته عليه تبشرها بنجاح خططتها
((ولكن ما زلت أظن بأنه لم يكن عليك أن تدفع ثمن شيء))
قاطعها معاذ بنبرة باترة
((قلت بأنه أمر لا يقبل النقاش))
تنهدت شيرين وهي تقول بعبوس مختلق
((حسنا كما تريد ولكني أثقل عليّ عليك هكذا فألا يكفي تنازلك والزواج مني لحمايتي من جحيم أخوالي..))
هنا تدخلت سهر وهي تميل لها هامسة وكلماتها قرب أذنها تمر عبر قماش وشاحها الخفيف
((الآن أنتِ عليك أن تتوقفي عن المبالغة.. ألا تريدين أن تفعلي زواجكما؟ إذن لا تخبريه بكل هذه الأمور والا فإنه عند أول مشكلة بينكما سيذكر ما أخبرته به وسيستخدم هذه القصص ضدك ليعايرك.. حتى لو تحسنت علاقتك مع أخوالك لاحقا))
شعر معاذ بالضيق وهو يراهما تتهامسان كل فنية وأخرى فاستقام واقفا من مكانه يقول بصوته الرخيم الخافت
((سأذهب لدورة المياه.. المعذرة))
أومأت شيرين له بينما تراه يبتعد ثم نظرت لسهر تصرح بمنطق كلامها
((حسنا معك حق سأتوقف عن هذه المبالغة السخيفة))
عاد معاذ بعد دقائق ليجلس مكانه ثم قال باستغراب وهو ينظر لمكان سهر الفارغ
((أين ذهبت صديقتك؟))
اجابته شيري معتذرة
((جاءها اتصال طارئ وكان عليه أن تجيب عليه))
كانت سهر قد اقترحت عليها بحكمة أن تتركهما ليتحدثا على راحتهما لبعض الوقت.. فأمسكت شيرين الشوكة والسكين وهي تقول بينما تسترق النظرات لمعاذ
((إذن معاذ.. كيف هو شعورك وقد اقترب موعد عقد القران بيننا؟))
تطلع معاذ له بوجوم متسائلا بخشونة
((وكيف سيكون شعوري؟ لا افهم سؤالك))
شعرت بالارتباك من لجهته الشديدة الذي تبدلت فقالت له بخفوت
((انس الأمر..))
تركت الشوكة التي تمسكها على الطاولة وأمسكت كوب الباب تتجرعه بتوتر قبل أن تسمعه يقول بملامح تدعي المبالاة
((لا افهم لماذا لا نقيم حفل زفاف بسيط..))
اتسعت عينا شيرين لاقتراحه للحظات ثم سارعت تقاطعه
((لا يوجد أمرأه لا تتمنى أن تحظى بحفل زفاف مميز.. ولكن كما تعلم نحن لا نريد من عائلتك أن تعرف..))
عقد معاذ حاجبيه يتساءل بخشونة بينما يرشقها بنظرات مستكشفة غريبة
((وحتى لو عرفوا ما المشكلة؟ نحن لا نقوم بشيء خاطئ.. نتزوج على سنة الله ورسوله.. وسبق وطلبتك من أخوالك))
شتت شيرين نظرها فهو يتصرف كأنه لا يعلم بأنها كانت خطيبة ابن عمه!
عادت تطلع له بعد لحظات وهي تقول
((معك حق.. ولكن أرجوك لنتكتم على زواجنا بشكل مبدئي.. سنكتفي بأخذ الصور أثناء عقد القران لأريها لبعض من صديقاتي وزميلاتي اللاتي أخبرتهن عن زواجي..))
على الأقل هي بحاجة للانتظار حتى تنجب منه وتربطه بها فتضع كل من حوله تحت الأمر الواقع.. حتى وليد نفسه وقتها سيتركها وتعافها نفسه عندما يعرف أنها تزوجت من غيره وأنجبت!
فلن يقبل وليد على نفسه الاستمرار في ملاحقة امرأة متزوجة اختارت غيره!
في حين ضيق معاذ عينيه وقد تأكدت شيء من شكوكه عما يدور في عقلها تجاه هذه المهزلة المتمثلة بالزواج الصوري كما تريد!
لكنه آثر التريث فعاد يقول وهو يمعن النظر بملامحها وكأنه يريد أن يشتف ردة فعلها لما سيقوله
((سبق وأخبرت أبي بأني سأتزوج قريبا دون أن اطلعه عن هويتك.. وتقبل الأمر واحترمي رغبتي.. فأبي لن يعترض بشأن المرأة التي سأختارها..))
ردت عليه ببساطة ولم يبدُ أن الأمر عني لها شيء
((أوه حقا؟ هذا جيد))
ثم قالت له بهدوء يشير لأهمية ما ستقوله
((معاذ أرجوكَ لا تخبر أحد عن زواجنا من أهل القرية بشكل مبدئي))
انهار أي امل أن يكذب شكوكه وقد صارت يقينا.. إلحاحها وإصرارها على عدم إعلانه أصاب اعتزازه بمقتل..
وبين كبرياء رجولته كانت نظرة اشمئزاز يخفيها بعينيه المتحجرة فقال بهيبة وترفع
((لا تقلقي لن يعرف بزواجنا.. إذا ما حدث أساسا))
فتح أول زر من قميصه وقد شعر بانزعاج يضيق الخناق عليه..
بينما قالت شيرين له بامتنان حقيقي ولم تنتبه لجملته الأخيرة
((شكرا لك يا معاذ على موقفك النبيل والشهم في مساعدتي رغم أن الأمر قد يتسبب لك ببعض المشاكل))
مر شبح ابتسامة مريرة على شفتيه قبل أن يرد عليها بتأن
((لا لن يتسبب لي بأي مشاكل.. ثم إن والدك أوصاني كثيرًا بك قبل موته.. وأنتِ أمانة عليّ أن أصونها ولا شيء أكثر))
هذه المرة كان من نصيبها هي أن تشعر بكرامتها تهدر وتنزف ألمًا عندما سمعته يتحدث بهذا الشكل لكن تجاهلت الأمر وتحاملت على روحها وهي ترد بإباء
((شكرا لك))
كانت مضطرة أن تقول ما قالته حتى لا يظن أنها راغبة به..
عليه أن يعتقد أن طلبها للزواج منه كان فقط لأجل أخوالها ولا أكثر من ذلك..
أما بعد زواجهما ستعرف كيف تغير كل شيء..
وقف معاذ من مكانه يقول بصوتٍ واجم
((أمضيت وقتا جميلا ولكن عليّ المغادرة.. هل جئت يا شيرين بسيارتك؟))
اجابته تهز رأسها بهدوء
((نعم لا تقلق))
تنهد ثم قال وهو يخرج مفاتيح سيارته
((حسنا إلى اللقاء))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:44 PM   #678

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أغلقت الحاجة زاهية الهاتف على ابنها مازن الذي كانت تتحدث معه صوتا وصورة برفقة ابنته هدى.. ثم تطلعت للصغيرة تقول بحنان فياض
((هل أعجبتك الأثواب التي اشتريته سابقا لك يا هذى؟ والدك أوصاني أن أفعل من أجلك))
أومأت هدى الصغيرة تقول بصوتها الطفولي العذب الممزوج بالحماس
((نعم يا جدتي.. سأرتدي كل يوم ثوب جديد منها))
طرقت ياسمين باب مجلس النساء الذي تجلس فيه الحاجة زاهية ثم تقدمت منها تلقي السلام لتقول بعدها لابنتها الجالسة بقرب جدتها
((تعالي يا هدى.. علينا أن ننهي فروضك المدرسية الآن))
انقلب وجه الحاجة زاهية لأخر جاد ومقتضب وهي تعاتب ياسمين
((لماذا يا ياسمين لا تتواصلين مع زوجك بشأن أمور ابنتكما؟ أغلقت قبل قليل الهاتف معه لكن أثناء المكالمة كان متفاجئا عندما أخبرته عن زيارة ابنته لإحدى المحميات مع طلاب مدرستها.. لماذا لا تخبرينه بشأن نشاطاتها؟))
تنحنحت ياسمين تجلي صوتها ثم قالت
((لم يخطر ببالي أنه أمر مهم))
قالت الحاجة بنبرة موبخه رغم هدوء صوتها
((من الخطأ يا ياسمين أن تبعديه عن مشاكل ونشاطات ابنتك لأن ذلك سوف يجعله يظن بأنه ليس واجبا عليه أن يحمل أي مسؤولية تجاهكما.. وبالتالي ستجدين نفسك مضطرة للقيام بدور الأب والأم معا لابنتك وهذا ما سينهكك فعله.. لذا حاولي أن يكون هناك تواصل دائم لمازن مع ابنته ومنتظم.. فوجوده في حياتها أمر هام وضروري حتى لو كان مغتربا))
ردت عيني ياسمين بشيء ما والتوت شفتاها بابتسامة ساخرة مريرة إلا أنها هزت رأسها موافقةً
((حسنا يا عمتي..))
لم ترق السخرية للحاجة زاهية فقالت متسائلة بصوتٍ جامد
((إذا كنتما لا تتحدثان عما تفعله هدى فبماذا تتحدثان إذا؟))
قالت لها مختصرة بإيجاز
((بأمور عامة))
بدا شيء من التردد والأحراج ظاهرا على وجه الحاجة زاهية مِمَّا ستقوله للحظات إلا أنها حسمت أمرها أخيرا وقالت عاقدة الحاجبين
((بادري يا ياسمين بإرسال قصائد الشعر والحب إلى زوجك كل يوم.. هذه أمور بسيطة لكنها مؤكد ستعني الكثير له..))
عادت السخرية تسكن وجه ياسمين وهي تقول
((لا أدري.. اشعر بأنها أمور سخيفة.. نحن نعيش في القرن الواحد والعشرون كما تعرفين))
قسمت ملامح زاهية ثم قالت بعد لحظات
((أنا أؤيدك ولهذا عليك ألا تغتري بالحكايات القديمة عن سفر الأزواج في الحروب والتجارة وما شابه.. فالزمن مختلف والاحتياجات مختلفة وحتى تربية الأولاد مختلفة.. والضغوط النفسية الكثيرة تحتاج إلى المساندة والمشاركة الوجدانية والحضور من الطرفين))
حدقت ياسمين النظر بوجه حماتها ثم ما لبثت أن سألتها بصراحة
((هل أنتِ غاضبة مني؟))
رفرفت الحاجة عينيها وهي تقول بصراحة
((أنا فقط مستاءة أن ابني لا يعرف شيئا عن ابنته.. بل ابنته نفسها لا تشعر بأي دور لأبيها.. وهذا التقصير بسببك))
نظرت ياسمين في عينيها بثبات مجيبة بثقة وبرود
((بعيدا عن أي شيء.. فصدقيني أنا ومازن بألف خير))
انفعلت زاهية بينما تقول
((أنا فقط أريد أن اعرف كيف تتحملين يا امرأة ابتعاد زوجك عنك؟))
ردت ياسمين بهدوء وحذر خفي حتى لا تقول أكثر مما يتحمله الموقف الآن مع حماتها
((عمتي من قال يأن القرب بين قلبي الزوجين يقاس بالمسافات؟ فكم من زوج وزوجة يعيشون تحت سقف منزل واحد وهم في الحقيقة أغراب عن بعضهما البعض.. فالعبرة ليست بالمسافات وإنما العبرة بحال القلوب مع بعضها البعض))
لم تشعر زاهية أي شيء من الحب والدفء ينبعث من كلماتها ياسمين.. حتى عينيها لم يسكنهما أثناء حديثها إلا الخواء.. فقالت لها بملامح ممتعضة
((هراء.. لا اقتنع بهذا الكلام فكلما طال اغتراب مازن في الخارج سينتج عن الأمر فجوة في علاقته معك ويتسبب بفتور وبعد وتشتيت بينكما))
قفزت هدى مكانها وهي تتساءل بلهفة
((أمي هل يمكن أن نأكل البسكويت قبل أي شيء أخر؟))
أخفضت ياسمين وجهها تقول مبتسمة لابنتها
((نعم يا هدى يمكنك ذلك))
تطلعت الحاجة زاهية باقتضاب لهن ثم قالت صارفه ياسمين
((يمكنك الذهب.. فكل ما في نيتي هي أن أحذرك من أن تقعي في فخ تحول وضعك الحالي إلى وضع دائم ومستمر قد لا يمكنك تغييره بعدها.. غافلة أن عيش ابنتك معكما سويا لا يضاهيه أي شيء في الدنيا))
أمسكت ياسمين كف هدى واستدارت نحو الباب فأوقفتها الحاجة زاهية تعلمها
((ستأتيني اليوم أم نجلاء في زيارة إذا أحببت يمكنك الجلوس معنا بدلا من البقاء منطوية على نفسك في غرفتك))
نظرت لها ياسمين من فوق كتفها تقول لها
((لست متفرغة فكما تريين هناك الكثير من الفروض والدروس المتكدسة على هدى))
عرفت الحاجة بأنها سترفض مقدما وبأبسط الحجج لكنها لم تناقش مطولا بل أومأت لها برأسها بإشارة أن تذهب..
.
.
بدأت نورين بتوزيع صينية الضيافة للمرأتين والفتاة الجالسين في مجلس الحاجة زاهية بابتسامة عذبة جعلت احدى المرأتين التي يقال لها أم نجلاء تقول مهللة ومشيدة
((ما شاء الله هل هذه هي عروس مصعب؟))
كانت تهم نورين بالخروج عندما أنهت من الضيافة لتعاود أم نجلاء القول
((اجلسي معنا يا عروس دعينا نرى وجهك الحسن))
ناظرت نورين بعفوية حماتها لتبتسم لها هي الأخرى وتقول بصوتٍ رخيم
((اجلسي يا نورين))
فجلست مبتسمة لتعاود أم نجلاء سؤالها
((كيف هو حالك يا عروس؟))
أجابتها نورين بنعومتها ورقتها المألوفة
((أنا بخير الحمدالله))
كانت نورين تشعر بالراحة في الجلوس معهن لولا تلك الفتاة الجالسة بجانب أم نجلاء والتي كانت تتشرب ملامحها بنهم وبطريقة تجعلها غير مرتاحة.. حتى أنها تجاهلت السلام عليها بطفولية عندما مدت يدها..
فبدأ حدس نورين الأنثوي يرسل إشارات تحذيرية من ناحيتها لسبب تجهله.. وتململت مكانها حتى تبين لها ضيقها من تحديقها معدوم الذوق بها..
قالت والدة نجلاء وهي الأخرى تبدأ بمناظرة نورين
((ما شاء الله العروس قمة في النعومة والجمال))
وعلى الفور تدخلت نجلاء تقول لامها بنظرات مشبعة بالغل
((أمي شعرها من الواضح بأنه مصبوغ.. إنه شديد الشقار))
عبست ملامح نورين إلا أنها ردت عليها بثبات
((لا إنه لون شعري الطبيعي))
أطلقت والدة نجلاء ضحكة خافتة تلطف الموقف ثم قالت من باب تغيير الموضوع
((إذن العروس هل هي حامل؟))
أطرقت نورين رأسها تجيب بخفوت وتوتر
((لا ليس بعد))
شعت السخرية من المرأة الأخرى ومالت برأسها لأم نجلاء تقول بهسيس خافت إنما مسموع للحاجة الزاهية الجالسة بجانبهم
((على الأقل وليد سينجب لو تزوج من امرأة أخرى.. أما ابنها فهذا هو زواجه الثاني ولا يبدو بأنه سيصبح أب قريبا))
ردعتها أم نجلاء وهي تلكزها بيدها وتقول هامسة
((ششششش.. يكفي.. صوتك مسموع))
احتدت نظرات الحاجة زاهية وشدت على أناملها الممسكة بفنجان القهوة وهي تسمع ما تقوله عن ابنها..
ولولا خوفها على مظهرها ووقارها والا لكانت ردت عليها كما يجب..
تعرف أن المرأة الأخرى مقربة من وليد ابن عم أولادها.. وهي بتفكيرها المريض تظن بأنهم يعايرونه لعدم إنجاب زوجته رغم أن هذا بعيد عن واقع حالهم.. فانتهزت للآن عدم حمل نورين لتفرغ عقدها وغلها..
سعلت أم نجلاء قليلا ثم قالت وهي ترسم ابتسامة عريضة بشوشة
((إذن يا حاجة زاهية لماذا لا تصحبيني لنمشي في أراضيكم البعيدة ونتنزه بين الخضار.. نحن نأتي من المدينة لهنا كلما تعبنا من الحياة الصناعية والقلق المصاحب لها إلى هنا ليكون متنفسا ومهربا للاسترخاء لنا))
قالت الحاجة زاهية بقدرٍ من الرزانة والتهذيب رغم النار التي تضرم بداخلها مما سمعته
((بالتأكيد يا أم نجلاء سأطلب من ابني مصعب الآن أن يجلب سيارته ويصحبنا إلى إحدى أجمل أراضينا حيث لا يتواجد الكثير من الناس))
قالت أم نجلاء معتذرة
((ولكن نحن لا نريد إزعاجه))
سارعت الحاجة زاهية تقول
((أي إزعاج يا أم نجلاء! على العكس.. ثم هو الوحيد من أولادي المُجاز اليوم))
نظرت نجلاء بملامحها المنزعجة لامها بصوتٍ حانق
((أمي لا تعترضي.. أنا لا أريد إلا من مصعب هو أن يذهب بنا ويرافقنا للأرض))
التفتت زاهية لنورين تطلب منها
((اذهبي يا نورين وايقظي مصعب وأخبريه أن ينزل هنا ليلقي السلام على أم نجلاء ومن ثم يصحبنا بسيارته جميعا لأرضنا البعيدة))
استقامت نورين واقفة من مكانها تقول بلهفة
((حسنا سأخبره أنا متحمسة جدًّا للذهب معكم فأنا لم اذهب لهناك أبدًا))
وسارعت خطواتها لخارج المجلس والحماس يملؤها لزيارة أبعد أراضيهم ومزارعهم..
ابتسمت رتيل بمجاملة ثم قالت وهي تلحق نورين
((عن أذنكم))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:45 PM   #679

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي





أغلقت رتيل باب المجلس خلفها ثم هدرت بخفوت وهي تهرول وتلاحق خطواته الأخرى تحاول إدراكها بينما تناديها
((نورين يا حبيبتي.. انتظري))
التفتت نورين لها عابسة وبشك مما تريده فقالت لها رتيل بنبرة مستمتعة
((ما رأيك بنجلاء؟))
تغضنت ملامح نورين للانزعاج وهي تسألها
((من هي نجلاء؟ آه هل تقصدين تلك الفتاة التي كانت معنا بالداخل..))
أشارت في نهاية حديثها بيدها لباب مجلس النساء لتقول رتيل بنفس نبرة الاستمتاع
((نعم هي نفسها التي علقت على لون شعرك ولم تسلم عليك عندما مددت يدك))
لوت نورين فاهها وقالت باقتضاب
((لا تسيئي الظن يا رتيل ربما لم تنتبه لوجودي فلا تعيري موضوع عدم سلامها أي أهمية))
هزت رتيل كتفيها تقول ببساطة
((من الممكن كل شيء جائز.. لكن على كل حال أردت أن أقول لك بأنها سبق وخطبت لمصعب))
اتسعت عينا نورين وقالت وشيء يختلج في صدرها
((ماذا؟ هل تمازحينني؟ هل هذه احدى مكائدك لتعكر عليّ صفو هدوئي؟))
نظرت لها رتيل ببراءة وهي تقول
((لا والله.. أنا لا اكذب ولا امزح بشيء من هذه الأمور.. بل أقول هذا لمصلحتك))
ازدردت نورين ريقها ثم قالت بصوتٍ مرتجف ومتوتر
((لماذا إذن لم يكملا الزواج؟))
همهمت رتيل تزم شفتيها ثم قالت بهدوء
((زوجك كان يريد الزواج منها بعد أن مر عدة سنوات على طلاقه من ابنة عمه رشا.. لكن والدها رفض حتى تكمل دراستها الجامعية ومصعب كان لا يريد الانتظار.. وبعدها جاءت قصة موت يحيى والثأر وزواجك منه))
ثم رفعت حاجبيها تسترسل كلامها بنبرة ذات مغزى ما
((لكن ما لمسته الآن من تصرفاتها فهي ليست راضية عما فعله والده))
ضاقت عينا نورين بعض الشيء وهي تشعر بتسارع دقات قلبها قلقًا وعدم اطمئنان..
ألا يكفي بأنها تحاول أن تنسى موضوع زواجه السابق الغامض من ابنه عمه؟
والان من أين ظهرت لها الآن؟
لكنها حاولت التحلي بشيء من الصلابة وهي تقول لرتيل ببرود بينما تعطيها ظهرها
((سأذهب لمصعب))
دلفت نورين لداخل جناحها وأغلقت الباب خلفها..
ازدردت لعابها وهي تنظر لمصعب النائم بسكينة فوق السرير..
رفعت أناملها تبعد خصلات من شعرها عن وجهها ثم كتفت ذراعيها..
بدأت تهز احدى ساقيها بحركة متوترة وهي تفكر بضيق وبمحاولة يائسة فكرت بأنه ليس عليها أن تقلق..
فلكل إنسان ماضٍ.. ولا خطأ أو عيب بأن يكون مصعب قد سبق ومرّ بتجربة عاطفية سابقة سواء كان بزواجه من ابنة عمه أو خطبته من تلك النجلاء قبل زواجه منها..
هزت نورين رأسها بنفي.. فلا خوف من ابنة عمه وقد تركته بقرارتها وتعيش بعيدا في بلد أخر بعيد..
لكن المشكلة بتلك النجلاء أنها لا تبدو سهلة وهناك إمكانية للالتقاء بها مرات عدة كلما ستأتي لزيارة أهله..
أغمضت نورين عينيها تتنفس بعمق ثم هدأت نفسها..
لا بأس.. لا بأس.. وجود تلك النجلاء عليه ألا يؤثر بها أبدًا..
جلست على طرف السرير بجانبه وحاوطته بذراعيها بعناق جميل وقد كانت أحضانه الآن أكثر من كافية لتبدد عنها أي مشاعر سلبية..
دست وجهها في صدره وذرات عطره الرجولي المثير الذي يضعه باستمرار تزكم انفها..
تململ مصعب النائم مكانه وهو يشعر بشيء ثقيل يجثم ويطبق فوق صدره يمنعه من التنفس.. رفرف بعينيه يفتحهما ببطء وهو يقول بصوتٍ أجش ناعس
((ما بك نورين! ماذا هناك؟))
أرخت ذراعيها من حوله وابتعدت قليلا تسأله
((بما أنك اليوم في إجازة فلماذا لا نذهب للخارج ونتنزه؟))
ضيق مصعب عينيه بملامح منزعجة وهو يرى وجهها لا يفصل عن وجهه إلا بضع سنتميترات فهدر لها وهو يدفعها عنه برفق
((ابتعدي عني واتركيني أنام في سلام))
قالت له بحرارة ولهفة مشوبة الرجاء
((أنا لا امزح يا مصعب.. أرجوك دعنا نتنزه لاحد أراضيكم.. أرجوك؟))
ابعدها أكثر واعتدل جالسا مكانه يسألها كمن يتحدث مع امرأة مجنونة
((ما الذي حل بعقلك في هذا الوقت؟ ألا ترين أني نائم؟ أنا انتهز الإجازات لأنام كما يحلو لي فلا تفسدي الأمر عليّ))
هتفت به وهي تفتح كفيها باستنكار
((ولكنك مجاز لثلاثة أيام.. أرجوك أعطني من وقتك يوم واحد.. بل لعدة ساعات فقط.. لنذهب لمكان.. طبعا لوحدنا))
ازداد احتقان وجه مصعب إلا أنه تمالك نفسه وأخذ نفسا نافذ الصبر ثم سألها بهدوء
((حسنا.. أين تريدين أن نذهب؟))
لف الذهول وجهها من موافقته السريعة إلا أنها سارعت تقول قبل أن يغير رأيه
((أي مكان تريده))
رشقها مصعب بنظرة قوية ثم قال بصوتٍ واجم بتحذير
((لا تحيريني فلا مزاج لي لذلك.. كوني واضحة أين تريدين الذهاب؟))
تلبستها الحيرة لثوان قبل أن تقول مقترحة بسرعة
((ما رأيك أن تذهب بي إلى ابعد أراضيكم التي يتحدث الجميع عن جمالها وخضارها))
هز رأسه بهدوء ثم قال وهو يقف من مكانه
((حسنا سنذهب.. لنصف ساعة فقط))
قالت بحماس منفرجة الأسارير
((حسنا موافقة))
أخبرها وهو يفتح باب الحمام المرافق لجناحهم
((انتظريني حتى أغتسل وأغير ملابسي))
قالت له بنعومة وهي تفتح خزانتها تستعد الأخرى لارتداء ملابسها
((خد راحتك يا حبيبي))
خرج مصعب من الحمام المرافق ثم أنهى ارتداء ملابس رياضية مريحة..
نبهها أن تتبعه بعد كانت تقف شاردة ومتجهزه بانتظاره..
فجفلت نورين على صوته تتنبه له ثم قالت بشيء من التردد
((مصعب.. مصعب بصراحة أخبرتني أمك أن أوصل لك طلبها ولكن..))
حدجها مصعب بنظرات كمن لا ينقصه الآن تلقى أي صدمة أو مصيبة افتعلها فقال بإحباط
((ماذا فعلتي يا نورين؟))
نكست نظرها بذنب أكد من حدسه وبطريقة زادت من إحباطه..
فردد عليها بحزم
((هيا قولي ماذا فعلتي لتغضبي أمي))
تلكؤ نظراتها وحديثها الغير مفهوم جعل من عيني مصعب تبرقان بنفاد صبره فشعرت بسخافة ما فعلته وتتحدث به من فرط غيرتها عليه..
لكنها قالت له وقد تحلت بالرقة كي تستدر استعطافه وتفهمه الذي نجحت في نيله عدة مرات من قبل
((أنا لم أغضبها بشيء ولكنها طلبت مني أن أخبرك أن توصل ضيوفها للأرض البعيدة.. ولكن أريدك أن تعتذر منها لأنك ستذهب معي))
استدار مصعب على الفور لها وقد تجهمت ملامحه لكنه لم يبدِ أي حركة ولم يتنازل عن هدوئه واتزانه.. رغم أنها لمحت مرور طيف قاتم على وجهه وهو يسألها بصوتٍ خفيض باطنه الغضب مما كانت تفكر به بما قالته
((إذا كانت أمي قد أخبرتك أن أوصل ضيوفها فلماذا طلبت مني بالذات أن اذهب معك لأرضنا البعيدة في هذا الوقت؟ ألا تريدين مني أن اخدم ضيوف أمي؟))
بدت أمامه متوترة كمن تجاهد القول فزمجر لها لتسارع توضيح كلامها دفعة واحدة
((حسنا معك حق لقد أخطأت.. هي كانت تريد منك أن توصلهم لأرضكم البعيدة.. ولكن لا يهم ها قد تجهزت وستوصلهم معي))
ازدردت لعابها ثم استرسلت كلامها وهي تنظر له بحزن بينما تتلمس عفوه على قلة نضجها بمحاولة جعله يخرج معها لوحدها حتى لا يلتقي بخطيبته السابقة
((لا تغضب.. ها قد صححت خطئي.. أرجوك لا تغضب))
كانت تقترب منه وترفع كفيها فوق صدره وهي تتحدث فأمسكها من رسغها ثم أبعدها عنه وهو يسألها بهدوء
((من هم ضيوفها في الأسفل؟))
عادت نورين تزدرد لعابها وهي تخفض بصرها وتجيب بخفوت
((امرأة يقال لها أم نجلاء وابنتها وامرأة أخرى لم نسيت بما تكنى))
رفع حاجبيه يطيل النظر لها بملامحه غير المقروءة.. ثم بهدوء شديد أخرج هاتفه من جيبه يضعه على المنضدة مغمغما
((دعيني اترك هاتفي هنا حتى إذا ما حاول أحد الاتصال بنا ونحن في لا يجد ردًا))
شهقت بذهول أمام ما يفعله
((ماذا؟))
امسكها من رسغها يدفعها معه لخارج الجناح ويغلق خلفه الباب بينما يخبرها
((سيري بخفة خلفي ولنخرج من الباب الخارجي المتصل بالمطبخ))
ظل الذهول وعدم الفهم يسكنان تعابير وجهها إلا أنها إطاعته ولحقت به حتى وصلا للمطبخ وهناك أخبر منال أن تعلم والدته الآن بأنه في الخارج ولتؤجل طلب ذهابها مع الضيوف ليوم لاحق..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:48 PM   #680

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



هذا اخر فصل قبل رمضان ومنوقف.. نعاود لتكملة الفصول باذن الله بعد العيد..
كل عام وانتم بالف خير.. وتقبل الله منا ومنك صالح الاعمال..



Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:33 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.