آخر 10 مشاركات
تحت إيوان النخاس (3) * مميزة ومكتملة * ...سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          339 - على ضفاف الرحيل - آن ويل (الكاتـب : سيرينا - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-05-21, 06:45 PM   #951

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


اللهم انا نستودعك غزة و القدس ارضها وسماءها ،رجالها ونساءها ،شيوخها واطفالها ، ونستودعك اقصاها مسرى حبيبك المصطفى (عليه الصلاة والسلام )يا من لا تضيع عنده الودائع اللهم كن معهم ولا تكن عليهم وانصرهم ولا تنصر عليهم يا ارحم الراحمين اللهم ارسل جندا من جنودك وملائكة من ملائكتك تدافع عن القدس ، والاقصى ،وعن الشيخ جراح وكل مدننا وقرانا ، ربي اننا مسنا الضر وانت ارحم الراحمين يا من امنت يونس في بطن الحوت و يا من نجيت موسى في التابوت و يا من حفظت الحبيب محمد بنسيج العنكبوت احفظ قدسنا واقصانا وكل فلسطين يا ارحم الراحمين...
‏اللهم انصرنا على القوم الظالمين ..اللهم انصر فلسطين واهلها وأرحم شهدائنا 🤲🏻🇵🇸


اللهم امين





لا تنسو الدعاء لاهلنا في فلسطين..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 06:47 PM   #952

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس
وصل مصعب بسيارته عند مزرعتهم البعيدة ليركن السيارة جانب الطريق المعبد ثم يرتجل هو ونورين منها..
مضى يسير ونورين خلفه فوق بساط مزرعتهم الأخضر الممتد على مساحة شاسعة بينما الأشجار الخضراء متباينة الأطوال موزعة في كل مكان..
لامست نسمات الهواء النقية المنعشة بشرة نورين التي كانت توزع نظرها في الأرجاء وعينيها لا تتعبان من التحديق والتمتع بسحر هذه المزرعة..
توقف مصعب عند مسافة بعيدة نسبيا عن خلية نحل كبيرة مثبتة على شجرة بارتفاع ما يقارب خمسة أمتار عن الأرض..
فتساءلت نورين ونظرها مأخوذ للنحل
((هل خليات النحل هناك هي لك؟))
((نعم.. انهم لي))
ثم أشار إلى صندوق من الخشب الرقائقي حوله شبكة وقال
((تلك هي المصيدة التي صنعتها لجذب سرب النحل))
نظرت لوجهه وهي تسأله
((هل ستبيع لاحقا هذا العسل؟))
بادلها النظرات أثناء اجابته
((اهتم بهذه الخلية هنا كشيء يصب في مصلحة الطبيعة والزراعة لا كهواية أو من أجل بيعهم.. تربية النحل من الأساس لا تجلب الكثير من المال لما تحتاجه من الكثير من الوقت والجهد والمساحة))
ساد الصمت للحظات بينهما ثم تساءلت وهي تراه يعود للتحديق في خلية النحل
((العسل الشهي الذي نتناوله عادة مع خبز الفطور يأتي من هنا إذن.. لكن متى سيحين موعد عملية جني العسل مرة أخرى؟))
((بعد أشهر.. سيكون العسل المخزن في الأقراص العسلية ناضج))
أسرعت نورين الخطى خلفه عندما بدأ يسير للأمام..
وكلما سارو أكثر كلما تبين لها في نهاية الطريق معلم عبارة بركاء ماء.. بركة ماء المزرعة..
اقتربت أكثر من البركة بذهول يلفها ثم أخفضت نفسها لتغمر يدها في الماء المنعش..
قالت وفي عينيها بريق خاص
((كان هناك بركة مشابهة لها في مزرعة جيراننا..))
ثم أكملت ساخرة بشيء من المرح
((لكن مساحة تلك البركة لم تكن تتجاوز الأربعة متر مربع وكانت مبنية من الإسمنت وتصب فيها ماسورة ممتدة من أسفل الأرض تلتصق بجدرانها الطحالب الخضراء العالقة في القاع أيضاً))
ابتسم مصعب الواقف خلفها ابتسامة جانبيه لم قالته لكنه لم يعقب..
حدقت نورين ببهجة في بريق الشمس المنعكس على سطح الماء كحبات اللؤلؤ من شدة صفاء الماء بمشهد يذهل العقول..
سألها مصعب وهو يضع يديه بجيبي بنطاله بينما يقترب منها
((هل كنت تنزلين فيها؟))
صمتت قليلاً ثم رفعت حاجبيها وهي تناظره وتخبره مبتسمة بشجون
((نعم.. كنت انزل أنا وإخوتي.. ولا حاجة لأخبرك أن صوت الآلة التي ترفع الماء فيها كان يصل إلى القرى الأخرى من شدة إزعاجه.. لكن لم نكن ننزعج منه بل كنّا نستمتع به كأنّه لحن لموسيقى السعادة))
شيء ما فيما يتجلى على ملامحها جعله يطالعها باهتمام وتركيز أثناء حديثها.. يمعن النظر بعينيها البنيتين ذات البريق الخاص كيف تعود لتحدق بالماء وهي مستمرة بتمرير أناملها المغمورة في الماء..
أنخفض جالسا القرفصاء بجانبها ثم سألها
((هل ترتدين ملابس ساترة تحت عباءتك؟))
تطلعت له عاقدة الحاجبين تجيبه بصوتٍ مستغرب
((نعم ارتدي بنطالا قطنيا وقميصا طويلا))
أنزل سحاب قميص وهو يقول لها
((يمكنك إذن خلع العباءة.. لن يمر أي أحد هنا.. لا تقلقي))
اتسعت عينيها بحيرة تسأله دون كلام فاسترسل بهدوء وهو يخلع حذاءه
((ألا تريدين النزول للماء؟ أرى الرغبة واضحة في عينيك))
مالت شفتاها في ابتسامة غير مصدقة تلقائياً لتقول ببهجة عذبة
((نعم أرغب حقا في السباحة رغم أني لا أجيدها))
وبمجرد أن رأته ينزل للبركة حتى تحررت من عباءتها دون حجابها.. ثم سارعت تغمر ساقيها داخل البركة..
ما إن رست بتوازن مختل على أرضها حتى قالت بسعادة
((كم تمنيت أن أخذ دورة سباحة..))
غمغم مصعب وهو يغمر نفسه أكثر داخل البركة
((لديك أمنيات كثيرة..))
همهمت وهدرت له
((نعم معك حق.. لكن السباحة بالذات حاول أبي بصغري تعليمي إياها عندما كنا نزور البحر.. أعطاني عدد وافر من الدروس بلا فائدة حتى يأس))
قال لها بتلقائية وهدوء
((إذا كتب الله لي في الوقت القريب أن اذهب للبحر.. سأصحبك معي هناك وربما أنجح فيما فشل والدك به))
نظرت له فجأة بتعابير مندهشة غفل عنها لأنه لم يكن ينظر لها..
لم تصدق أنه يقول ذلك من تلقاء نفسه!
عند هذه النقطة تقافزت دقات قلبها بهياجٍ صاخب..
بالكاد تماسكت وازدردت ريقها في محاولة منها لتتماسك والا تعلق على جملته فتستفزه وتجعله يركز فيما يعرضه عليها ويتراجع..
تنهدت براحة وسعادة ثم رفعت وجهها للأعلى لتشعر بالسماء سقفا للبركة مرتكزة على أشجار النخيل المحيطة بها..
حتى تغريد الطيور يرافقهم وكأنهم مصريين على مشاركتهم المتعة والانسجام..
حولت نظرها له تقول بمرح
((كان علينا جلب بعض الوجبات الخفيفة.. بسكويت أو عصائر منعشة))
رفع مصعب أحد حاجبيه ورفع ذقنه يطالع الأشجار قائلا
((لم الوجبات الخفيفة؟ انظري لأشجار النخيل من حولك.. سأجلب لك منها تمرا لذيذا))
زمّت شفتيها بعبوس ثم قالت له محتجة
((تقصد تمراً غير مغسول يحوي آثار مناقير الطيور التي ذاقته قبلنا؟ لا شكرا لست جائعة))
هز كتفيه بهدوء لها ثم جلس على بلاط البركة واتكئ بظهره لجداره..
قالت نورين محاولةً ألا تسمح للصمت أن يعم بينهما
((لو كنت لا زلت أعيش عند والدي لكان الآن قد حان موسم قطف اللوز الأخضر أو الكرز))
((هل تحبين موسم القطف؟))
((نعم استمتع به وكأنه نزهة.. وعلى سيرة النزهة فلماذا لا نذهب بين الحين والأخر إلى هنا كرحلة؟ يتخللها حفلة شواء أو جلسات قراءة؟))
عقد حاجبيه ينظر لها مدمدما
((قراءة؟))
هزت رأسها بعفوية تقول وهي تسرح بشرود جميل
((نعم فما أمتع القراءة وأنت في أحضان الطبيعة.. ليتني جلبت من بيت عائلتي كتاب تاريخ الأندلس لأكمله في وقت فراغي.. الحقيقة معظم وقت هنا هو وقت فراغ))
كان مصعب يغمر نفسه بالماء أكثر فلا يظهر إلا رأسه وهو يخبرها بفتور
((استغلي أوقات فراغك في النوم.. النوم أفضل شيء لتقضي على الملل والفراغ))
رفعت ذقنها له تخبره بشفة مزمومه
((شكرا لاقتراحاتك الثرية.. ولكن أنا أفضل أن امضي وقتي في أمور أفضل من تلك.. لكن لن أقدر لأني لا أستطيع الحضور هنا عندما لا تكون موجودا))
نظر لها يسألها بوجوم
((ماذا كنت ستفعلين لو كنت تستطيعين الحضور؟))
تنهدت نورين وعيناها تجولان في المكان من حولها ثم تجيبه
((سألتقط صورا للطبيعة.. وأتمشى بين أشجار النخيل.. وأقرأ الكتب))
قال لها بنفس ملامحه السابقة
((يمكنك فعل هذه الأمور في حديقة منزلنا..))
نظرت له عاقدة الحاجبين
((أحيانا اشعر بأن والدتك لا تحب أن اخرج إلى بيت سمية فما بالك الجلوس في الحديقة لوحدي!))
اختلج شيء فيه بعدم رضا إلا أنه قال
((لربما تخشى من مرور أحد المزارعين أو العاملين في الحديقة عليك))
قالت نورين ببؤس
((معها حق في ذلك))
عاد الصمت ينتشر بينهما فقالت متسائلة بأي شيء على طرف لسانها لتقطعه
((هل تتذكر ما هي دراستي التي أخبرتك بها؟))
رفع مصعب عينيه للأعلى في محاولة تذكر فشل به قبل أن يعود لينظر لها متسائلا
((ماذا سبق وأخبرتني بأنك درستِ؟))
لم تحزن لنسيانه الأمر كما ينسى معظم الأمور المتعلقة بها بل ابتسمت لقابليته للحوار معها الآن وعدم إظهاره أي صد..
فكم هي دافئة فكرة أن يكسر مصعب إحدى قواعد الصمت لأجلها.. وكأنها يعتاد عليها أكثر مِمَّا سبق..
تنهدت بشيء من السرور ثم قالت له مجيبة
((أنهيت هندسة الجينات.. وحصلت على درجة الماجستير فيها.. كان حلمي أن أصل للدكتوراه.. لكن دراستها غير متاحة إلا في الخارج))
زمّت نورين شفتيها وهي تشرد بعينيها وتذكر بأنه سبق وتقدم ابن صديق والدها لها ووافقت عليه بلهفة بعدما أخبرها بنيته في السفر خارجا لإكمال دراسته..
كان هو فرصتها الذهبية لتكمل تعليمها غير المتاح هنا وقد نشأن في عائلة محافظة جدًّا لا تقبل سفرها وحيدة..
حتى جاء ذاك المشهد المشؤوم الذي أخبرها والدها فيه بشكل صادم ومفاجئ بأنه قرر رفض طلب زواجه منها لأنه سأل عن الشاب واتضح بأنه غير مناسب لها..
استغربت من كلام والدها غير المنطقي وقد كان أكثر من شيد وأثنى على أخلاق ابن صديقه..
لكنها أدركت فورا أن سبب رفضه له بأنه قد وافق على جعلها عروسًا لوقف النزاع بين عشيرتها وعشيرة الكانز..
رمشت بعينيها وهي تحاول التخلص من تلك الغصة المسننة التي اعترضت حلقها بينما سمعته يقول
((لقد أخطئت اختيار التخصص.. فالرغبة وحدها لا تكفي لتقرري ماذا تدرسين.. كان عليك أن تحري سوق عمل التخصص أيضًا))
((لو أكملت الدكتوراه لكنت استطعت التدريس في الجامعة.. وأظنه عمل جيد للمرأة))
((صحيح))
أخفضت نورين جسدها المغمور تحت الماء أكثر مثل مصعب شاعرة بالانتعاش والحيوية أكثر ووجدت نفسها تقول له بنظرات متلكئة
((كانت النساء عند أمك يتحدثن عن زوجتك السابقة.. ابنة عمك.. وبأنكما لم تنجبا خلال فترة زواجكما))
ضاقت عيني مصعي قليلاً دون أن يفقد رباطة جأش
((صحيح.. فرشا لم تكن تريد الإنجاب في بداية سنوات حياتنا وأنا احترمت رغبتها.. ثم حصل الطلاق بيننا بعد سبعة أشهر.. لذلك لم ننجب))
ظهر شيء من الذهول عليها وهي تطلع عليه رغم أنه كان يتجنب تواصل النظر بينهما..
وبدا أمر تسامحه بشأن الإنجاب مع رشا مثيرًا للريبة.. خاصة وأن مسألة زواجه منها برمتها حدثت بالنهوة ورغما عنها!
تحرك حلقها عندما لاحت في عينيه الجميلتين آثار الغبن والقهر.. والغضب أيضا..
وبصوت خافت لا يخلو من اهتمام وفضول شديد لم تنجح في لجمه
((لماذا تزوجت من ابنة عمك بالنهوة رغما عنها ورغما عن الرجل الذي كانت مخطوبة منه؟ هل كنت تهيم بها عشقا؟ أم كانت غايتك الانتقام من والدها كما يرجون في الإشاعات عنك؟))
تصلب وجه مصعب بغضب للموضوع الذي فتحته الآن ليقول صارما بلا تردد
((لا أحب الحديث عن موضوع ابنة عمي.. لقد تطلقنا منذ زمن وهي تعيش بجانب والدتها في احدى الدول الأوروبية.. وصدقي أو لا لكن لم أحبها يوما.. لا قبل الزواج.. ولا أثناءه حتى.. بسببها مررت بالكثير من الأمور لاتي لا أحب تذكرها))
برقت عيناها باستنكار.. ثم قالت بحيادية تواجهه بشجاعة
((بسببها؟ ولكن أنتَ من حجرت عليها وجعلتها تفترق عن خطيبها الذي تحبه ويحبها.. هربها منك لم يكن صحيح ولكنه ردة فعل متوقعة على زواجك منها رغما عنها))
ازدرد مصعب ريقه ببطء..
كان كلامها بمثابة طعنة طائشة فوق صدره.. طعنة غير عادلة.. وكأنها حرفيا شقت صدره وأصابت موضع نزفه وأوغرت فيه..
سمعها تقول بخشية وشيء من التردد
((هل غضبت مني؟ أنا أسفه.. انسَ كل ما تحدثت به))
قال مصعب بهدوء قاتم بوقع الألم به
((أنتِ محقة في كل ما قلتيه.. لقد أخطأت في الزواج منها بهذا الشكل.. ولكن كانت لدي أسبابي.. والا لم أكن لارتكب ذنب عظيم بتفريقها عن رجل مخطوب منها!))
لفها مزيد من الذهول!
رشا ليست امرأة عادية في حياته!
لكنها غمغمت بنعومة وعاطفة صادقة وهي تمد أصابعها ببطء فوق كتفه
((أنا أصدقك..))
جفل عند لمستها وهو يبعد كتفه لكنه التفت ينظر لها بهدوء يشوبه بعض العبوس.. ثم قال برباطة جأش
((حتى لو كنت لا تصدقيني.. فأنا بالفعل دفعت ثمن حجري عليها.. يكفي نظرات احتقار كل من في القرية لي لأني تزوجتها بهذا الشكل.. يكفي شماتتهم بي عندما تسللت هاربة رغم أن الطلاق وقع بيننا قبل ذلك على عكس ما يشاع.. لقد قررت آنذاك ألا أتزوج بعدها ما حييت.. لكن قبل الزواج منك بأشهر غيرت رأيي مع إحاح والدتي التي كانت تخطط لتزويجي من نجلاء..))
بهت وجه نورين قليلا ثم سألته بصوتٍ مضطرب ومختنق
((ولماذا لم يُتمم الزواج؟ بسببي أنا؟))
تنهد ثم قال
((لا ليس بسببك.. لم يكن ليحدث الزواج في أي حال من الأحوال))
تحرك حلقها وهي تحاول التغلب على الغصة المؤلمة التي سدته فجأة..
هزت رأسها وكأنها تحلل ما سمعته منه ثم همست
((قالت رتيل بأن والدها لم يكن موافقا على زواجك منها قبل أن تنهي جامعتها وتعليمها..))
شرد نظره أمامه وهو يرد
((يمكنك اعتبار هذا أحد الأسباب.. المهم بأنه لم يحدث ولن يحدث.. المهم الآن نورين..))
بتر كلامه للحظات يحاول برباطة جأش التحكم في غضبه الذي تأجج في داخله ثم طلب منها بلهجة آمرة ونبرة خافتة
((أحب أن أتجاهل الماضي بكل ما فيه من أمور حدثت لي.. لننهي هذا الموضوع لأني لن أتحمل أن يلاحقني الماضي حتى الآن ويفرض نفسه بمنتهى التسلط عليّ))
قطبت حاجبيها تقول بصوتٍ واجم
((أي ماضي؟ من تقصد؟ ابنة عمك أم نجلاء؟))
قال بصوتٍ أجش غاضب رغم هدوءه
((نورين.. لقد قلت لك بأني لا أحب الحديث بأي شيء متعلق بماضي.. لذا فلنتوقف إلى هنا))
بدأت نورين تشعر بشيء من الضيق.. فهي تكره الغموض الذي يلف مصعب..
لا والأنكى بأن هذا الغموض زاد أكثر بعد حديثهما هذا..
فتمتمت باقتضاب
((حسنًا سنتوقف))
لم تنل ملامحها راحة مصعب فقال بحزم ولهجة شديدة
((أنا جاد.. لا أحب الحديث في أي شيء متعلق بالماضي.. خاصة زواجي السابق بابنة عمي.. لو سمحتي لا تفتحيه أبدًا.. أبدًا.. فكل شيء بيننا انتهى..))
تطلعت له حانقة وقالت له بنزق
((حسنًا لا داعي للغضب.. لقد فهمت..))
استنكر ما قالته فهتف عاليا معترضا
((لست غاضبا))
بالكاد منعت دمعة حارة من الانزلاق على خدها وهي تقول بحاجبين معقودين
((بل أنتَ كذلك))
انفلتت أعصابه بشيء من الانفعال وهو يزجرها
((قلت لك بأني لست غاضبا))
كانت صرخته عليها كفيلة أن تجعلها تزم شفتيها بقهر وتنكس نظرها..
اتسعت عيناه قليلا وهو يدرك ما قاله.. ليغمض عينيه ويزفر نفسا ضائقا..
أما هي فأحتلها صمت حزين واعتراها الشرود وهي تغمر جسدها أكثر تحت ماء البركة..
مرت دقائق عليها قبل أن تجفل على مصعب يمسك يدها ويقول بهدوء واسترخاء نجح في استعادته
((أنا اسف.. لم أقصد الصراخ عليك.. لكن أي شيء يتعلق برشا يثير غضبي رغما عني.. فلا تذكري سيرتها أبدًا أمامي..))
تطلعت بذهول ليده الممسكة بكفها تحت الماء ثم قالت له بتسامح
((حسنًا لن أفكر بالأمر حتى.. أساسا لا يحق لي أبدًا التدخل في علاقتكما السابقة بما أنها انتهت..))
أفلت يدها وهو يقول لها بشيء من العرفان بينما يحرر كفها
((شكرا لك..))
وسرعان ما ابتسمت ببريق خاص..
أنه يهتم ألا يكون سبب حزنها..
ازدادت ابتسامتها وهي تمعن النظر بجانب وجهه..
مصعب.. غامض.. غامض جدًّا.. لغز كبير.. محكم الأغلاق.. يلفه شيء من التناقض..
ورغما عنها يأكلها الفضول بشأن ماضي علاقته مع ابنة عمه..
لماذا تزوجها؟ ومن خلال النهوة؟
ولماذا هربت من البلاد إذا كان قد حررها منه بالفعل؟
لقد عاشرت مصعب أشهر طويلة وهي لا تصدق بأن شخصا يتمتع بشخصية وأخلاق مثله يمكن أن يفعل ما فعله بابنة عمه!
فماذا حدث في الماضي وماذا كان في ابنة العم تلك لتجعله يقدم على ما فعله ويخرج عن رزانته المألوفة عنه!
هل فعل ما فعله لأنه كان يحبها ولا يتحمل أن يمتلك غيرها؟ أم كان فقط يريد الانتقام من عمه فيها كما سبق وسمعت؟
هي لا تنكر أن ما فعله خطا لا يمكن التسامح به.. إلا ولأنها لا تعرف دوافعه التي تحدت عنها بشيء من المقت قررت أن تعذره..
فعلى الأقل استردت ضحية ما فعله بعض من حقوقها في التحرر منه والسفر بعيدا..
كان غروب الشمس قد بدأ فعلا بمشهد خلاب فوقف مصعب من مكانه بحذر.. يخرج نفسه من البركة بثيابه المثقلة بالماء..
عرفت نورين بأنه اكتفى من البقاء هو ويريد أن يعود للبيت..
فخرجت منها هي الأخرى ثم وقفت فوق الأرض الصلبة تعصر طرف قميصها وبنطالها المبللين بالماء بقدر استطاعتا..
التفتت من حولها وسألت بشيء من التوجس
((حسنا.. مصعب.. هل هناك حمامات قريبة؟))
رمقها بنظرات متسليه صامتة ثم قال
((لا.. الحقيقة هي مرات معدودة نزلت لهذه البركة في طفولتي وكنت أسير بثيابي المبللة طوال الطريق مشيا إلى المنزل الذي نقطن به واترك مهمة تجفيفي إلى التيارات الهوائية الآتية من جميع الاتجاهات))
ارتفع حاجباها استخفافا مع ابتسامتها الساخرة وهي تتجاوزه بينما تقول
((تمر غير مغسول.. وتترك نفسك مبللا لساعات؟ لهذا أنتَ معتل الصحة))
ثم التفتت له تقول بحماس ورقة
((لكن فكرة السير للمنزل ستكون جميلة))
مرت عينا مصعب على تفاصيل جسدها والملابس المبللة الملتصقة بها أمامه لتنطبق شفتاه بقوة ثم قال بهدوء
((لا ليست فكرة جيدة.. بالتأكيد لن أسير معك للمنزل هكذا.. لذا ضعي عباءتك فوق مقعدك ومقعدي في سيارتي الغالية ثم لنعد من خلالها للمنزل))
لف العبوس ملامحها فقالت له
((إذن لنجلس هنا أكثر قبل أن نعود))
حدجها بنظرات متجهمة بمعنى الرفض لكنها لم تبالِ به بل استلقت فوق العشب تغمض عينيها وهي تمد ذراعيها في الهواء كما لو كانت تسبح وتضرب العشب الطويل بكلتا يديّها كالسابح في الماء..
أطلق زامور السيارة عدة مرات لها لتأتي ففتحت عينيها تتنهد باستسلام وهي تعتدل واقفة من مكانها متجهة نحو سيارته حافية القدمين فوق العشب الغض.. لا تريد مبارحة المكان وكأنها طفلة..
استقلت السيارة ورغم عدم رغبتها بمبارحته والعودة لذاك القصر الكئيب إلا أنها كانت فرحة ومبتهجة للوقت الذي قضته هنا.. ومعه..
ركن مصعب سيارة عند مصف عائلته وارتجلا من السيارة بخفوت متجهين نحو باب المطبخ..
فتحه مصعب ودلف للداخل مطرق الرأس فتراخى فك منال التي كانت متواجدة في المطبخ للأسفل وهي ترى مصعب ونورين يدلفان للداخل متسللين بمظهر أشعث رث..
تجاوزاها وبمجرد أن وصلا جناح مصعب حتى أغلق الباب خلفهما لتنفجر ضحكات نورين المكتومة وهي تقول
((لا بد أنها كانت مصدومة من شكلنا للآن))
حدجها بنظرات الغيظ وهو يقول
((هل رأيت كيف تسببت لنا أفكارك المجنونة بالإحراج!))
تطلعت له بابتسامة مشرقة على الرغم من الفوضى التي تلطخ وجهها وملابسها
((كان اليوم من أجمل أيامي منذ أن دخلت لحياتك الكئيبة الروتينية المملة))
مال بشفتيه بابتسامة متهكمة قائلا وهو يخلع قميصه
((ارحميني.. ولا تشعريني بأنك كنتي تعيشين مغامرات في كل يوم من حياتك قبل دخلي لها))
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 06:48 PM   #953

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أنهت نورين تجفيف شعرها بعد أن اغتسلت هي الأخرى ثم أطفأت إنارة الغرفة وقفزت فوق السرير ليقول هو على الفور بينما يرشقها بنظرات صارمة
((ظهري حرفيا محطم فلا داعي لثرثرتك الليلية أرجوكِ واسمحي لي بالنوم باكرا))
كانت بالفعل قد قررت ألا تتحدث معه الليلة..
فرجل كمصعب عديم الإحساس بالعاطفة ويتميز بالغموض ويفضل الصمت دائما عن الإفصاح عن مشاعره..
فأفضل مكافأة قد تمحنه له على خروجه معها ألا تتكلم الليلة وتتركه ينعم بالهدوء..
فرفعت يدها بجانب راسها تلقي تحية عسكرية وهي تقول بمرح
((عُلم يا باشا))
رمقها بغيظ ثم أسدل جفنيه..
لكن تناهي لسمعه صوت نورين وهي تقول
((حسنا قبل أن أقول طابت ليلتك.. فأريد أن اطلب منك في الغد أو بعده أو متى ما تجد وقتا أن تشتري لي أحد الكتب التي سبق وقرأتها وأعجبتك))
فتح عينيه يعقد ما بين حاجبيه وهو يقول
((لست مولعا بالقراءة بكل صراحة.. ربما أخر كتاب قراته كان قبل أشهر))
ضحكت بخفوت ثم قالت
((لا بأس.. المهم أن تكون قد قرأته لعلي افهم قليلا عن شخصيتك من الكتب التي تقرأها))
ضيق عينيه يخبرها بغلاظة
((ظريفة جدًّا!))
قالت له بعفوية يشوبها بعض المرح
((لا أنا جادة.. من الأساس أنا أريد كتبا حتى اقرأها وأقلل من الملل الذي أعيشه هنا.. ولا هاتف لدي لأقرأ كتب الكرتونية.. فاشتري لي بعض الكتب))
سألها بصوتٍ باهت وملامح منزعجة
((أحقا لا تجيدين شيء لتفعليه هنا؟))
ارتسم الأسى على ملامحها الجميلة.. وهمست بشحوب رغم ابتسامتها ونظرها شارد في نقطة وهمية على الجدار
((أبدًا.. فزوجات إخوتك لا يحباني.. وسمية مشغولة بعملها في الحديقة واشعر بأني اشغلها عنه))
احتدت مقلتاه بضيق شديد.. وبدا أنه ضيق من نفسه.. ثم قال لها
((أنا مقدر لوضعك وليت بإمكاني فعل أي شيء لك أخر))
أجلت حنجرتها التي حلت بها غصة لتقول له بامتنان صادق
((أنا لا أريد أكثر من هذا منك.. طابت ليلتك))
تنهد بعمق ثم قال لها بهدوء
((وأنتِ أيضًا))
بمجرد أن نام حتى خرجت من سريرها بخفة وذهبت للثلاجة تخرج كل علب مشروبه الغازي الذي يستمر بإحضاره وتركت له علبتين فقط.. ثم خبأت الباقي حتى تتخلص منهم لاحقا..
عادت للسرير وأغمضت عينيها وضلت تتقبل في سريرها لدقائق طويلة بعدم قدرة على النوم من فرط البهجة التي كانت غمرت قلبها اليوم..
تطلعت لجانبها إلى مصعب حيث كان هذه المرة لا يعطيها ظهره أثناء نومه..
تنفسه المنتظم دل على عمق نومه.. فمدت يدها الناعمة تلامس خصلاته البنية تنظر لوجهه عن قرب مبتسمة..
لكن بعد دقائق ابتلعت ريقها بصعوبة وفكره خبيثة تراودها بدفن نفسها في أحضانه كعادتها..
هل سيستيقظ لو فعل؟
وبالفعل اقتربت وأحاطته بأوصالها لتتسلل راحة رهيبة لروحها وتغمض عينيها..
وبعض الرضا يتسلل إليها فيملأ فراغ ورقة مشاعرها..
==========



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 29-05-21 الساعة 12:26 AM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 06:50 PM   #954

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أنهت نورين تجفيف شعرها بعد أن اغتسلت هي الأخرى ثم أطفأت إنارة الغرفة وقفزت فوق السرير ليقول هو على الفور بينما يرشقها بنظرات صارمة
((ظهري حرفيا محطم فلا داعي لثرثرتك الليلية أرجوكِ واسمحي لي بالنوم باكرا))
كانت بالفعل قد قررت ألا تتحدث معه الليلة..
فرجل كمصعب عديم الإحساس بالعاطفة ويتميز بالغموض ويفضل الصمت دائما عن الإفصاح عن مشاعره..
فأفضل مكافأة قد تمحنه له على خروجه معها ألا تتكلم الليلة وتتركه ينعم بالهدوء..
فرفعت يدها بجانب راسها تلقي تحية عسكرية وهي تقول بمرح
((عُلم يا باشا))
رمقها بغيظ ثم أسدل جفنيه..
لكن تناهي لسمعه صوت نورين وهي تقول
((حسنا قبل أن أقول طابت ليلتك.. فأريد أن اطلب منك في الغد أو بعده أو متى ما تجد وقتا أن تشتري لي أحد الكتب التي سبق وقرأتها وأعجبتك))
فتح عينيه يعقد ما بين حاجبيه وهو يقول
((لست مولعا بالقراءة بكل صراحة.. ربما أخر كتاب قراته كان قبل أشهر))
ضحكت بخفوت ثم قالت
((لا بأس.. المهم أن تكون قد قرأته لعلي افهم قليلا عن شخصيتك من الكتب التي تقرأها))
ضيق عينيه يخبرها بغلاظة
((ظريفة جدًّا!))
قالت له بعفوية يشوبها بعض المرح
((لا أنا جادة.. من الأساس أنا أريد كتبا حتى اقرأها وأقلل من الملل الذي أعيشه هنا.. ولا هاتف لدي لأقرأ كتب الكرتونية.. فاشتري لي بعض الكتب))
سألها بصوتٍ باهت وملامح منزعجة
((أحقا لا تجيدين شيء لتفعليه هنا؟))
ارتسم الأسى على ملامحها الجميلة.. وهمست بشحوب رغم ابتسامتها ونظرها شارد في نقطة وهمية على الجدار
((أبدًا.. فزوجات إخوتك لا يحباني.. وسمية مشغولة بعملها في الحديقة واشعر بأني اشغلها عنه))
احتدت مقلتاه بضيق شديد.. وبدا أنه ضيق من نفسه.. ثم قال لها
((أنا مقدر لوضعك وليت بإمكاني فعل أي شيء لك أخر))
أجلت حنجرتها التي حلت بها غصة لتقول له بامتنان صادق
((أنا لا أريد أكثر من هذا منك.. طابت ليلتك))
تنهد بعمق ثم قال لها بهدوء
((وأنتِ أيضًا))
بمجرد أن نام حتى خرجت من سريرها بخفة وذهبت للثلاجة تخرج كل علب مشروبه الغازي الذي يستمر بإحضاره وتركت له علبتين فقط.. ثم خبأت الباقي حتى تتخلص منهم لاحقا..
عادت للسرير وأغمضت عينيها وضلت تتقبل في سريرها لدقائق طويلة بعدم قدرة على النوم من فرط البهجة التي كانت غمرت قلبها اليوم..
تطلعت لجانبها إلى مصعب حيث كان هذه المرة لا يعطيها ظهره أثناء نومه..
تنفسه المنتظم دل على عمق نومه.. فمدت يدها الناعمة تلامس خصلاته البنية تنظر لوجهه عن قرب مبتسمة..
لكن بعد دقائق ابتلعت ريقها بصعوبة وفكره خبيثة تراودها بدفن نفسها في أحضانه كعادتها..
هل سيستيقظ لو فعل؟
وبالفعل اقتربت وأحاطته بأوصالها لتتسلل راحة رهيبة لروحها وتغمض عينيها..
وبعض الرضا يتسلل إليها فيملأ فراغ ورقة مشاعرها..
======




Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 06:51 PM   #955

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أنهت رتيل تصفيف شعرها بأناقة أمام منضدة زينتها ثم عادت تمسك هاتفها وتتمدد على سريرها وهي تسمع غنوة تخبرها بتوق((لقد اشتقت لك يا رتيل.. متى ستأتين لزيارتي؟))
تجلّى الإحباط فوق ملامح وجهها كما نبرة صوتها وهي تقول
((لا أدري يا غنوتي.. عاد مؤيد من الأمس للبيت كما عادته كل أسبوعين.. الآن انتظري فقط حتى أستطيع إقناعه بأني مشتاقة حقا لزيارة أمي حتى يوافق على خروجي))
خرجت تنهيدة فاقدة الصبر من غنوة
((من وجهة نظري يا رتيل.. عليك البدء في العمل.. لديك شهادة.. أقنعيه بحاجتك للعمل.. ووقتها نستطيع الالتقاء ببعضنا دون الحاجة لاختلاق الحجج والانتظار كثيرا في كل مرة))
عبست ملامح رتيل لتجيبها
((مستحيل.. أنا اعرف مؤيد لن يقبل.. وحتى لو قبل فعائلته ستكون له بالمرصاد.. في عائلته غير مسموح للمرأة العمل لأن عليها أن تجلس معززة مكرمة وكل احتياجاتها وما تريده يصلها إلى عقرها))
قالت لها غنوة بإصرار
((اقنعيهم أن حاجتك تكمن في العمل والخروج والتعامل مع البشر بدلا من دفنك داخل الجدران))
لوت رتيل فاهها لتقول
((مستحيل.. فعقلهم راسخ بأن خروج نسائهم للعمل إهانة لها ولهم ويعني أن لا رجال بعائلتها ينفقون عليها.. ألم أخبرك قصة أخيه الأكبر الذي لم توافق عائلته على زواجه من زميلة له في الجامعة إلا بشرط أن تعيش معهم في هذا القصر والا تعمل أبدًا.. أشك بأن سبب وفاتها هو غمها من هذه العائلة لا مضاعفات ما بعد الولادة))
وصلت الصورة كاملة لغنوة فقالت لها بصوتٍ ممتعض مائع
((حياتك هذه تشعرني بالاختناق))
زمّت رتيل شفتيها ثم قالت
((اصبري يا غنوتي عليّ قليلا.. أعدك بأني سأحاول أن اخذ موافقته.. عليك أن تشكري الله بأني عائلتي تسكن في قرية أخرى لا هنا.. حتى أستطيع أثناء زيارتك المكوث عندك دون أن يلاحظ أحد))
همهمت لها غنوة ثم عادت تقول مقترحة بمكر
((برأيي عليك أن تفكري في الطلاق مثلي وكسب حريتك والتخلص من سجنه الذهبي))
شيء من الضيق شعرت به رتيل فقالت على الفور باعتراض وقد تكدرت ملامحها
((لا.. لا أريد..))
سألتها غنوة باستنكار وكأن رتيل تنطق بالعجب
((لماذا؟))
للحظات لم تعرف رتيل ماذا تجيبها ووزعت نظرها في أرجاء غرفة نومها.. حتى قالت أخيرا بصوتٍ لا يحمل شيء من روح كلماته
((أحيانا اشعر باني احبه))
خرجت من غنوة شهقة مستهجنة طويلة ثم قالت
((ماذا قلتي؟ تحبينه؟ "الأستاذ مانع"؟ ولكن أنتِ هكذا تنسفين كل ما سبق وقلتيه عنه!))
تأففت رتيل من سخرية صديقتها فقالت لها باستخفاف
((حسنا أنا لا احبه بل أخاف أن أفقد كل ما حصلت عليه من حريات شحيحة بعد زواجي منه))
لم تفهم غنوة عليها فسألتها
((ماذا تعنين؟))
هدرت رتيل بجدية وهي تتخلل شعرها بأناملها
((نعم يا غنوة أخاف أن اخسر كل ما لدي لو تحررت منه.. ألا تعرفين كيف هي الحياة في عائلتي؟ هل تظنين بأن شقيقي سيتركانني بحالي عندي طلاقي؟ بل سأترحم على الأيام التي كنت أعيشها هنا.. فأفراد عائلتي متخلفين وأصحاب عقليات متحجرة.. أكثر من مؤيد))
بدا الإحباط جليا في نبرة صوت غنوة وهي تخبرها
((إذن ابذلي جهدا في إقناعه بالخروج في أقرب وقت ممكن.. الجئي لتلك الحيل الأنثوية في إقناعه))
قالت رتيل بقنوط وحسرة
((وهل تظنين أن مؤيد قد يتأثر بتلك الحيل الأنثوية مثل باقي الرجال؟ أنه من الأساس يصر دائما على وضع حاجز نفسي بينيي وبينه.. ويبدو دائما متجهما معي ولا يبتسم على عكس ما يظهره من أريحية وضحكات عندما يكون مع عائلته أصدقائه))
صمتت رتيل ومشهد قديم لمؤيد مع شقيقه معاذ عندما كانا في السطح يعود ليحتل بصرها الآن..
اعترف مؤيد فيه بلسانه بأنه لا يسمح لها بتجاوز تلك المسافة أو الحاجز بينما لأنه لا يحبها وليست فتاة أحلامه..
وتزوجها فقط ليثبت للآخرين أنه رجل صالح مطيع لعائلته ومتزوج من أمرأه تليق بإنجاب أبناء لهم..
نفضت رتيل رأسها تخرج تلك الكلمات من عقلها ثم قالت بصوتٍ حزين لغنوة وهي تعتدل جالسة
((سأقفل الآن فقد ينهي مؤيد حمامه ويخرج الآن.. هل تريدين أي شيء مني يا..))
بترت رتيل كلامها وهي تنتفض بذعرٍ للخلف..
التصقت بظهر السرير بتيهٍ بينما تشاهد زوجها بينما يرتدي مئزره يتقدم منها بوجه غير مقروء الملامح..
اقترب مؤيد الذي كانت تتساقط قطرات المياه من شعره المبلل منها أكثر..
بصلابة سحب منها الهاتف الذي تمسكه وضغط على مكبر الصوت ليصله عاليا الصوت الأنثوي
((رتيل.. رتيل.. أين أنتِ يا رتيل؟ حسنا لا أريد شيء يا رتيل إلا سلامتك.. وأعانك الله على أستاذ مانع.. إلى اللقاء))
ما إن أُغلق الخط من الجهة الأخرى.. حتى همس مؤيد بصوتٍ جليدي متشنج
((مع من كنتي تتحدثين ولماذا كنت تريدين أن تقفلي قبل مجيئي؟ ما هو الشيء الذي لا اعرف عنه هنا))
كان مؤيد يغلي من الغضب الكامن بداخله من الظنون التي تكالبت فوق رأسه في هذه اللحظة رغم أن شيء طفيف في داخله هدأ لان الصوت كان لأنثى لا رجل..
سألته رتيل بوجه شاحب
((هل سمعت شيء؟))
أجابها بصوتٍ وملامح غامضة
((نعم سمعت أخر ما قلتيه.))
جفل حلق رتيل إلا أنها قالت بصوتٍ مرتجف خوفا
((إنها صديقتي.. صديقتي اقسم لك))
سألها بصوتٍ أجوف
((من هذا "الأستاذ مانع" الذي تحدثت عنه معك؟))
تمتمت رتيل بصوتٍ خافت لا يكاد يسمع ووجهها يزداد شحوبا
((ما.. ماذا!))
هدر مؤيد بجنونٍ مطبق ووقد اسودت الرؤية أمام عينيه من الاحتمالات في رأسه
((أجيبيني من هو الأستاذ مانع؟))
انكمشت على نفساه وأغمضت عينيها تخبره بخوف
((أنه.. إنه.. أنتَ))
انفرجت ملامحه فجأة لتتبدل بأخرى مصدومة وهو يسألها بلا فهم
((ما.. ماذا! أنا.. لماذا دعتني أنا بـ "الأستاذ مانع"؟))
فتحت رتيل عينيها تسترق النظر لوجهه تجيبه بتلعثم
((لأنه.. لأنه..))
كرر عليها بعصبية
((لأنه ماذا؟ هيا قولي لماذا؟))
ارتعشت شفتا رتيل وهي تجيبه باختناق
((لأنك من وجهة نظرها رجل نكدي و"تمنع" عن عائلتك كل شيء له علاقة بالسعادة))
نظر لها ببلاهة لا يستوعب
((ماذا تقولين؟))
رمقته رتيل بنظرةٍ قوية ثم أجابته بتردد
((نعم يا مؤيد أنتَ "مانع" للسعادة.. واسم مانع مناسب لك أكثر من مؤيد.. حتى أنه يبدأ بنفس الحرف الأول))
ما إن أدرك مقصدها حتى هتف بها بعينين غاضبتين وهو يلوح بالهاتف الذي يمسكه
((ما اسم هذه الصديقة؟ أخبريني اسمها))
ازدردت رتيل لعابها بصعوبةٍ بينما تجيبه
((أنها غنوة..))
نظر مؤيد للهاتف يطالع اسم غنوة على المكالمة ثم قال يرفع إحدى حاجبيه
((غنوة؟ لم اسمه باسمها سابقا أثناء حديثك))
أدارت رتيل وجهها ونظرت بعيداً وهي تهدر له بصوتٍ باهت
((أنا أتحدث معها بشكل يومي يمكنك حتى تفقد سجلات هاتفي))
وضع مؤيد إحدى يديه على خصره بخشونة يرمي لها بوابل أسئلته
((ومنذ متى عندك صديقات؟ أخبريني اسم عائلتها.. أين تسكن؟ ما هو اسم زوجها وعمله واسم عائلته؟))
قالت له بتروي بينما تحبك كذبها
((أنها جارتي في بيت عائلتي.. اعرفها منذ زمن.. عندما تأتي لبيت عائلتي يمكنك التعرف على زوجها والسؤال..))
مال مؤيد ثغره بامتعاض ثم أمرها وهو يرمي هاتفها على السرير
((لا أريد التعرف على شيء متعلق به.. من الآن احذفي رقمها من عندك.. ولا تتحدثي معها مرة أخرى))
هتفت له ساخطة وهي تشعر بالظلم
((ولكن لماذا؟ بماذا أخطأت لك لتطلب مني بكل تعسف أن احذف رقمها؟ أكل هذا لأنها تلقبك بت "أستاذ مانع"؟))
أشاح بيده وهو يقول من بين شفتين غاضبتين متصلبتين
((ليست هي بل أنتِ المخطئة هنا وأنتِ تسمحين لها أن تستهزئ بزوجك بكل بساطة وتجارينها بدلا من أن تزجريها وتتوقفي من تلقاء نفسك عن الحديث معها! كيف سمحتي لها بتسميتي "أستاذ مانع"؟))
قالت رتيل له بنبرة قوية مغلولة
((ليست هي الوحيدة.. بل كل من يعرف حياتي التي أحياها معك يوافق تسميتك ب"مانع" يا مؤيد.. أنتَ تمنع السعادة عنا))
اتسعت عينا مؤيد مصدوما بها..
الناس؟ هل حقا يدعوه هكذا من خلف ظهره؟
زوجته الموقرة تقوم باطلاع الناس على طباعه الصارمة وطريقة معاملته لهم هنا!
هتف بها متوعدا
((إذن أنتِ تخرجين أسرار البيت للخارج ولا تحافظين على ما يحدث هنا.. سأريك من الآن وساعدا وجها أخر وأعلمك كيف تحافظ الزوجة الصالحة على أسرار بيتها وزوجها))
شارت رتيل بيديها وهي تسأله بدهشة
((لا تبالغ يا مؤيد.. أنا لا انشر أي من أسرارنا للناس.. لا تبالغ بغضبك لمجرد دعوة صديقتي لك "أستاذ مانع"))
لكن بدل أن يهدأ همس بها من بين أسنانه وهو يضغط عليها بشراسةٍ
((وترفعين صوتك عليّ ولا تحترميني! ما بوادر التمرد هذه! وضعك لا يُسكت عليه.. أبدًا.. ستتغير معاملتي معك ولن أظل على تساهلي..))
رمقته رتيل بغل.. ولم تشعر بأي خوف من كلامه..
فلطالما ألقى بها بهذه التهديدات الكلامية لإخافتها بدون أن يفعل شيء..
وحتى لو كان حقيقيا فلم قد تخاف من تغيير معاملته!
فليغيرها ولن يختلف شيء معها..
رفع مؤيد سبابته يكمل تهديده
((هيا ألغِ رقمها الآن ولا أريد منك أن تتحدثي معها.. وانا سأظهر من الآن وجهي الأخر معك وسأحرمك من الامتيازات التي كنت اعطيها لك..))
قاطعته رتيل تسأله ببراءة باطنها خبث
((أي امتيازات ستحرمني منها؟))
فتح فمه يهم بالإجابة بغضب إلا أن الأمر انتهى به متلعثما والحيرة تسكن وجهه
((سأحرمك من الكثير منها.. مثل.. مثل.. مثل..))
رفع يده يحك مؤخرة عنقه ببلاهةٍ لا يعرف ما يكمل به تهديده ووعيده.. فأكملت عنه رتيل بسخرية ممزوجة بالحسرة وهي ترفع حاجبيها
((هيا قل من ماذا ستحرمني؟ من السفر؟ من هداياك الثمينة؟ من مبادراتك الرومانسية؟ من كلامك المعسول وغزلك؟ من بثي كلمات العشق والغرام؟ أي حقوق.. اقصد امتيازات من التي سبق وسردتها ستحرمني منها؟))
اتسعت عيناه من تهكمها وقال لها باشمئزاز وكأن فعل هذه الأمور تنقص أو تجرح رجولته وشرقيته
((ما هذه الترهات التي تتحدثين عنها؟ هذاما ينقصني أن أقوم به من أجلك.. كلام عشق وغرام! مبادرات رومانسية! هل نحن مراهقين؟))
تطلعت له بحزن خالص وهي تخبره هاتفة بسخط
((ولماذا لا تفعله؟ بماذا ستنقص منك؟ أليس هذا ما يفعله الرجال لزوجاتهم؟))
رشقها بنظرات حانقة ثم ابتعد عنه يتجه لخزانة الملابس ليخرج منشفة يجفف شعره..
في حين هي تنهدت ببؤس وهي تلتقط هاتفها وتقوم بإلغاء رقم والدتها لتضع عوضا عنه رقم غنوة..
على كل حال أمها لا تعرف كيف تستخدم هاتفها ودائما ما تحدثها من رقم أخيها..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 06:52 PM   #956

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

شركة القاني..
رغم الارتباك الذي كان يلفه إلا أنه أخذ نفسا عميقا يستعيد رباطة جأشه ثم تشجع يطرق بيده المزمومة باب مكتب مشرفة قسمه المفتوح..
أذنت شيرين له في الدخول هاتفة
((تفضل يا قصي ادخل))
ابتسم ابتسامة مهتزة سائلا بخفوت وهو يتقدم للداخل ويجلس على المقعد أمام مكتبها
((كيف حالك يا شيرين؟))
رمقته شيرين بنظرة نقمة مشوبة بالصرامة قبل أن تقول بنبرة مقتضبة
((لقد تأخرت لساعتين كاملتين.. هذا هو تنبيهك الثاني.. بقي لك تبيه أخير قبل أن تحصل على إنذارك الأخير وتفصل من الشركة يا قصي سامح))
عقب قصي على كلامها بطريقة ودودة
((أنتِ يا شيرين تعرفين أننا مضطرون هنا كموظفين خدمات عملاء للتبديل أسبوعيا بين كل المناوبات.. مناوبتي في الأمس كانت مسائية.. ومناوبتي اليوم صباحية.. وكإنسان فمن طبيعي أن أتعرض لاضطرابات في الساعة البيولوجية ويفوتني موعد الاستيقاظ وأتأخر عن العمل.. أحيانا..))
طالعت شيرين وجهه البشوش للحظات بصرامة ثم قالت بواجهة مشرفة حازمة دون أن تبادله الابتسامة أو الود
((أنت لست موظفا جديدا يا قصي في شركة القاني.. بل تعمل هنا منذ سنتين.. ويفترض بأنك تعرف أن عملك هنا في خدمة العملاء والرد على اتصالاتهم لها مشاكلها وعيوبها))
للحظات صفن بها بغير استيعاب ثم رفع احدى جابيه يصحح لها بتردد
((تقصدين مزاياها وعيوبها؟))
أجابته بهدوء دون أن تنحسر ملامح جمودها
((لا.. لقد قلتها بشكل صحيح))
أومأ قصي برأسه يقول متفهما
((نعم فهمت.. المهم أني أريد أسبوع إجازة من إجازاتي السنوية في الأسبوع القادم..))
قاطعته شيرين بنبرة برود تفيد الرفض مسبقا
((يمكنك التقديم إذن لكن لا أتوقع بأنه سيتم الموافقة على أكثر من يومين))
قال محتجا بجدية
((ولكن أنا لدي سفر ملح.. وليس من المنطقي أن أسافر وأعود خلال يومين))
ردت عليه شيرين بمهنية
((قصي سامح هناك الكثير من المآخذ عليك.. أنتَ مستهتر جدًّا في عملك.. كان بإمكاني إخبار قائد فريقك أن يتحدث معك بشأن ما أوله لك الآن.. لكن فضلت أن أنبهك بنفسي.. كن أكثر حذر واقل استهتارا حتى لا تخسر وظيفتك))
لعق قصي شفتيه بتوتر ثم نظر لها مبتسما يقول
((أنتِ مشرفة صارمة جدًّا يا شيرين.. أعرف بأنك انتقلتِ حديثا لمنصب مشرفة في قسمنا هذا.. ولكنك تعملين في شركة القاني منذ سنوات طويلة جدًّا.. وتعرفين بأن العمل فيها في أي قسم كان يتطلب جهدا وطاقة يكافئها رابتا أكثر مِمَّا نستم منهم.. لذا لا بأس أحياننا ببعض التقصير من جهتنا))
أُثار تبريره السخيف لإهماله حنقها.. لكن ظلت ملامحها هادئة تماما دون أي تعبير يعكس ما بداخلها ثم تكلمت بنبرة جليدية شديدة الخفوت
((معظم الذي يعملون في شركة القاني يا قصي هم من طلبة الجامعات الذين يسعون إلى استغلال أوقات الفراغ التي بحوزتهم بالتوجه إلى سوق العمل للانخراط فيه.. لذا راتب الوظيفة التي تقدمها شركة القاني لهم يتناسب مع ظروفهم.. لكن أنتَ كرجل في الثلاثينات من عمرك فلا اعرف سبب بقائك في وظيفة تعطي هذه الرواتب المتدنية.. خاصة وأن من هو في مثل عمرك ينفق على عوائل))
فتح قصي كلتا يديه يعلق
((للأسف لم أجد أي وظيفة اعمل بها إلا في شركة القاني البائسة))
ضرب في عينيها غضب عارم وهي تهتف
((الوظيفة البائسة براتبها المتدني الذي تتحدث عنه بسخط فهو مسعى للكثير من طلاب الجامعات وممن يبحثون على عمل يفي بمصروفاتهم اليومية وظروفهم الطلابية بشكل لا يؤثر على واقعهم الدراسي.. فليس من السهل أن تجد فرصة عمل بساعات متفرقة وأيام متباعدة))
أدركت بأنها تجاوزت حدودها مع الموظف أمامها وأن انفعالها كان مبالغا فيه.. فسعلت بإحراج ثم استطردت كلامها بتوبيخ مغلف بلباقة يمليه عليها موقعها في الشركة
((على كل حال أتمنى منك يا قصي سامح أن تتحدث باحترام عن شركة القاني.. ففضلا عن سماحها لك في العمل هنا أنتَ وأكثر من ألف موظف أخر.. هي أول مزود من نوعه لتقديم خدمات الإسناد والدعم وأحدث شبكة متكاملة من مراكز الاتصال على مستوى المنطقة))
رفع أصابعه يدلك بها مؤخرة عنقه وقد لفه التوتر ليقول
((حسنًا سأفعل يا شيرين.. أنا اعتذر لك ولشركة القاني المبجلة.. لا تغضبي.. لكن سأقدم أيضا اليوم في نهاية الدوام ساعتين مغادرة..))
رفعت حاجبيها بتهكم لتقول مقاطعة إياه بمنتهى العملية
((متأخر ساعتين وتريد مغادرة لساعتين إضافيتين؟ طلبك مرفوض قبل حتى أن تقدمه..))
قال قصي باعتراض مرتبك
((ولكنني مضطرة هناك حالة وفاة..))
قاطعته شيرين بكل ما تظهره من برود يناقض الانفجار داخلها من استهتاره كموظف في الشركة
((هذه المرة إذا كان أحد جديك قد توفي حقيقة وليس اختلاقا كما أنتَ معتاد فعليك أن تقدم أوراقا رسمية تثبت وفاتها ولن نكتفي بمنشور إعلاني تنشره على مواقع التواصل الاجتماعي حتى نتأكد من صدق ادعائك))
استقام من مكانه بضيق عارم وهدر بغيظ قبل أن يغادر المكان
((حسنًا يا شيرين سأذهب لأبدأ عملي واضع السماعة ولن أغادر الشركة قبل انتهاء دوامي المحدد.. وداعا))
أوصد قصي باب مكتب شيرين خلفه ثم ذهب إلى حيث يجلس مئات موظفي خدمة العملاء في قسمة أمام حواسيبهم..
جلس على مقعده خلف الحاسوب واخرج هاتفه من جيبه يخفض رأسه خفية أن يراه أحد..
طلب رقم سهر وعندما ردت عليه قال بصوتٍ خافت حتى لا يتم الإمساك به متلبسا في مخالفة إحدى القوانين
((مرحبا يا باربي حبيبتي كيف حالك؟))
ردت عليه سهر بصوتها الناعم
((أهلا قصي.. لا زال هناك عدة ساعات على موعدنا..))
تنهد قصي ثم قاطعها يقول مبررا
((تواصلت معك بهذا الخصوص.. العمل اليوم المكتظ ولن أستطيع المغادرة))
لف الإحباط وخيبة الأمل صوتها وهي تقول بدلال حزين
((قصي أنا مشتاقة لك لم أراك منذ الأمس.. ألا ينفع أن تؤجل عملك قليلا؟))
تنهد بعمق وهو يمرر أنامله بين خصلاته الناعمة ليقول
((للأسف لن أقدر يا باربي.. أنتِ تعرفين حساسية موقعي وليس من السهل أن أدير شركة العائلة.. سأنتهي من عملي اليوم في وقت متأخر لذا لنتحدث ونلتقي في وقت أخر))
حاولت سهر ألا تبدي الضيق وتتفهم ظرفه وهي تقول له
((حسنا يا حبيبي المُجد.. لا تقلق.. على كل حال سألتقي بشيري بعد أن تنهي عملها اليوم))
اقترح عليها على الفور
((يمكنك أن تجتمعي معها في نفس المطعم الذي كنا سنلتقي به يا باربي))
سألته بدهشة ممزوجة بالسعادة
((أوه حقا يا قصي؟))
ابتسم لاإراديا لسعادتها وأكد عليها
((نعم يا حبيبي فأنا حجزته على كل حال.. اطلبا ما تشاءان هناك وسأسدد من بطاقتي للمطعم فأنا عميل قديم عندهم))
لوهلة عبس قصي وهو يفكر بأنه لن يذهب مع سهر بسبب مشرفة عمله الصارمة التي ستأخذ مكانه معها!
هو ينظم ويتعب في تأكيد حجز ليحظى بوقت دافئ ورومانسي مع سهر لتأتي شيرين في النهاية وتستولي عليه..
في حين قالت سهر له بامتنان شديد
((أوه حبيبي شكرا لك اتعب أنا من لطفك الذي تغمرني فيه دائما.. عليك أن تلتقي بشيري يوما ما فأنتَ لما تتقابلان إلا مرة أو مرتين منذ زمن))
توتر بشدة لا إراديا عند حديث سهر عن حتمية لقائه بصديقتها إلا أنه تمالك نفسه وهو يقول لها
((لا تقلقي يا حبيبتي سنلتقي أنا وصديقتك اللطيفة يوما ما.. لكن ليس اليوم.. لاحقا.. إلى اللقاء الآن))
اغلق الهاتف بسرعة قبل أن يتم إمساكه متلبسا..
أيامه القادمة ستكون عصيبة جدًّا..
منذ عمله في شركة القاني قبل سنتين وهو يعيش في رعب شديد فقط لأن شيرين والتي تكون صديقة سهر المفضلة تعمل في نفس الشركة معه هنا.. رغم أنها كانت موظفة في قسم ومبنى أخر غيره..
فكيف الآن وبعد أن انتقلت شيرين لقسمه بل وصارت مشرفة عليه!
وبينما قصي غارق في دوامات من القلق والضيق لما يعيشه مال زميله الجالس بجانبه له هامسا بتحذير
((اغلق الهاتف يا قصي وخبئه جيدا.. سيراك أحد المسؤولين وستأخذ تنبهيك الأخير ومن ثم الطرد.. لماذا لا تفهم أن الهواتف ممنوع إخراجها في مكان العمل هنا وعليك أن تلتزم بالقوانين!))
وضع قصي هاتفه حالا في حقيبة ظهره ثم التفت لزميله الجالس بجانبه يجيبه بنفس الهمس
((لقد أغلقته وخبأته لا تقلق))
أشار زميله لحاسوب قصي وقال له مستنكرا عدم بدئه بعد في العمل
((حسنا الآن سجل دخول للنظام وابدأ في العمل وتلقي المكالمات.. ماذا تنتظر؟))
امتقعت ملامح قصي ثم قلب عينيه بالسقف وقال بضجر
((لا رغبة لي في العمل.. لقد مللت.. اشعر بالاختناق رغم اني لم أبدا بعد دوامي اليوم))
أومأ زميله برأسه ثم غمغم بتفهم
((الحال من بعضه.. لكن أنا على الأقل طالب جامعي بمجرد أن نهي جامعتي حتى أجد وظيفة بشهادتي لكن أنتَ.. لا اعرف عمرك بالضبط.. تبدو رجل ثلاثيني.. وما زلت تعمل في وظيفة غير دائمة! بدلا من أن تكون قد أسست قدمك في وظيفة محترمة بدخل أكثر احتراما! وضعك صعب.. جدًّا!))
ارخى قصي جلسته على الكرسي وسأله بعبوس
((أنتَ يا هذا لا زلت في الجامعة؟ إذن لماذا تعمل هنا؟ لماذا لا تركز على عيش حياتك الجامعية بين لهو ودراسة بدلا من العمل في مثل هذه الوظيفة التي تقتل في حياتك كل أشكال الآدمية وتجعلك تكره اليوم الذي فكرت أن تلتحق بها!))
أجابه زميله بعفوية
((لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب.. ومع تزايد أعباء المصاريف اليومية والحياتية في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة ككل وببلادنا بشكل خاص يستوجب عليّ مساعدي والدي في تقليص المصاريف المالية))
زمّ قصي شفتيه ثم قال له مشيدا بلا مزاح
((أنتَ ابن صالح يا هذا))
عقب موظف أخر يجلس على الجهة الأخرى من قصي ساخرًا
((بل أنتَ حالم يا هذا.. هل تظن بأنك ستجد وظيفة سريعا بمجرد تخرجك! لقد تخرجت من كلية التجارة قبل شهرين ولم أجد فرصة للعمل إلا هنا.. فمجال خدمة العملاء هي الوظيفة الأشهر والأسهل والأكثر إتاحة لكل الخريجين الشباب ولا تطلب أي خبرة سابقة.. فقط لو تزيد هذه الشركة الخرقاء رواتبها وزيادتها السنوية))
لوح قصي بيديه وهو يقول
((هذا كنت أقوله للمشرفة شيرين قبل قليل..))
برزت عقدة بين حاجبي الموظف الثاني وهو يقول
((وهل هناك شيء بيدها تلك المشرفة الخرقاء الصارمة! إنها موظفة مثلها مثلنا لكن براتب وصلاحيات اعلى بقليل))
التفت قصي له بتحذير مطل من عينيه.. فبعد كل شيء تظل شيرين اعز صديقة لسهر.. ثم قال له بجدية تامة خالية من أي ود أو مزاح
((لا داعي للتحدث عنها بهذا الشكل فكما قلت هي موظفة مثلها مثلنا ولا صلاحية لها في التحكم في مثل هذه الأمور))
ظهر الامتقاع على وجه الموظف الثاني والتفت لجهاز الحاسوب أمامه يضع السماعة فوق رأسه يكمل عمله متجاهلا الرد على قصي.. بينما يقول الأول
((نعم حقا يا قصي هي ليست مذنبة بل الحق كله يطول على أصحاب شركة القاني ومسؤوليها الحقراء فهم يقومون على تنمية أعمال عملائهم من خلال خفض التكلفة عليهم.. من خلال وضع تكاليف تشغيلية متدنية للموظفين))
هز قصي كتفيه لصحة ما يقوله زميله ثم سجل دخول للنظام ووضع السماعة فوق راسه يبدأ عمله..
سجل دخوله المتأخر للنظام وبدأ يأخذ أول مكالمة يبدأ فيها العميل الكلام بما له الاتهامات ويصفه بالمتقاعس عن عمله..
وبعد دقائق من الاستماع لشكوة العميل لم يجد قصي أن يفيده إلا بالنصيحة الشهيرة لموظفي خدمة العملاء
((اعد تشغيل الجهاز يا سيدي وسيعمل))
بدأ العميل يقوم بما أخبره قصي به وبعد أن نجح الأمر سأله بفظاظة
((هل ستتكرر هذه المشكلة في المستقبل؟))
قال قصي من بين أسنانه ببلادة
((لحظة سيدي.. دعني انظر في المستقبل لأتأكد قبل الإجابة))
علا صوت العميل وهو يقول بامتعاض
((أيها الموظف لو كررت مزحة كهذه مجددا فسأرفع شكوى بك))
تأسف قصي منه على مضض قبل أن يغلق العميل المكالمة عليه

((اعتذر منك سيدي))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 06:52 PM   #957

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

جلست شيرين على مقعدها مقابل سهر في المطعم وكل ما فيها مأخوذ بتصميمات المكان الفخم الذي يتناغم برشاقة مع الإضاءة الهادئة والموسيقى المريحة التي تبعث السلام في النفس..
صدح صوت رنين هاتف شيرين لتجد شاشته يعلوها اسم "الرائد معاذ"..
اختلست النظر لسهر أمامها ولوهلة شعرت بالتردد في الإجابة عليه أمامها..
فرغم بروده وجفائه معها إلا أنه في الفترة الأخيرة وعقب لقائها به في المطعم ازدادته معاملته معها بؤسا..
فهي من تبادر في الاتصال به دائما.. ومع ذلك فهو لا يرد عليها في معظم الأحيان وإن رد يتحدث بإيجاز وبرود كمن يتهرب من أي فرصة تتيح لها خلق موضوعا للنقاش معه..
كادت أن تقسم في أيام والدها الأخيرة بأنه يكن لها الكثير من مشاعر الإعجاب ولولا علاقتها في الماضي من وليد والا لكان هو من طلب يدها للزواج في حياة والدها..
لكن معاملته ونظرته الآن مختلفة كليا.. يتصرف وكأن مقدم على موته لا الزواج..
هل من الصحيح لها أن تمضي قدما على هذا الزواج رغم كل ما يبديه ويظهره لها؟
قررت أن تجيب على الاتصال قبل أن ينتهي رنينه قائلة
((مرحبا معاذ.. كيف حالك؟))
رد بجفاء وبرود لها كعادته مؤخرا
((لقد اتصلتِ بي عدة مرات في الصباح.. هل هناك أي شيء؟))
اختلست شيرين مجددا النظر لسهر أمامها والتي كانت تصغي لمكالمتها بكل اهتمام..
ثم عادت لمعاذ تجيب بشيء من التلعثم
((نعم اتصلت بك.. كنت أريد.. أعني كنت بحاجة لأن أسألك إذا ما كان اتصل بك أحد أخوالي واستفسر عن شيء بخصوص عقد القران فقد سبق وتحدثوا..))
قاطعها معاذ بنفاذ صبر
((قلت لك اتركي مسألة أخوالك لي فأنا من سأتحدث لهم.. هل هناك شيء أخر؟))
أغمضت شيرين عينيها بينما لعابها أصبح كغصة مسننة يصعب ابتلاعها..
ثم قالت بعد لحظات بوجه محتقن من شدة الإحراج
((لا احتاج شيء أخر))
وكأنها الكلمة التي كان بانتظارها فما كان منه إلا أن سارع في غلق الهاتف على وجهها دون أن يتفوه بكلمة إضافية..
هتفت سهر على الفور باستياء
((لا يعجبني هذا الرائد.. يتصرف بثقل شديد معك.. لا أريد إحباطك لكني اشعر بأنه ليس هناك امل فيه.. لن يتحول زواجكما الصوري الي طبيعي أبدًا.. فهو لا يبدِ أي رغبة بك))
أطرقت شيرين بعينيها ثم قالت وهي تمسد كفها براحتها الأخرى
((ربما..))
ظلت سهر تنتظر لها باستغراق تتأمل ملامحها البائسة بغير رضا.. ثم سألتها
((هو أرمل صحيح؟))
أومأت شيرين تجيبها بخفوت
((نعم منذ ثمانية سنين.. لديه ابنة في الثانية عشر من عمره اسمها دارين))
قال سهر بعفوية ما خطر على بالها
((ربما لا يزال يعشق زوجته المتوفاة والا فما الذي يجبر زوج مثله على العزوبية طوال هذه المدة!))
تراخت أجفان شيرين مع تراخي رأسها كأنها تتأوه من وجع شوكة جديدة انغرزت فيها إلا أنها قالت بصراحة
((ربما.. وهذا ما يجعلني أحبه.. إخلاصه لزوجته حتى بعد وفاتها شيء مؤثر.. وعاطفي))
قالت سهر مفكرة
((هو شيء مؤثر فعلا.. ولكن أن استمر كثيرًا لن يكون جيدا بالنسبة لك ولن يكون هناك امل لك فيه.. المهم ما أخبار وليد؟ ألا يزال يزعجك؟ أحيانا اشعر بالقلق والخوف عليك.. يبدو بأنه رجل واصل ومتجبر))
انتفضت شيرين فجأة عند ذكر سيرة وليد فتسحبها من دوامة أفكارها من معاذ.. فغمغمت بغل من بين أسنانها
((وهو كذلك.. ولكن الرائد ليس أقل منه.. لن يستطيع وليد مسي إذا ما كان معاذ هو زوجي.. حتى عشيرته التي يتغنى بها لن تفيده بشيء إذا كان خصمه هو واحد منهم))
مطت سهر شفتيها لتقول بنبرة شديدة الوطأة
((حسنا بدأت أتفهم لم اخترت معاذ.. أسبابك ليست عاطفية ولكنها معقولة))
أطلقت شيرين زفرة طويلة ثم قالت
((ستأتي العاطفة بعد الزواج صدقيني.. فكل شيء فيه يشجع على الحب.. وسامته.. مركزه.. اسم عائلته.. شهامته ودماثة خلقه))
هزت سهر كتفيها وقالت
((مع ذلك يا شيرين أنا لا أستطيع أن أخدعك وأقول أني متفائلة بذلك الرائد))
تغضن جبين شيرين بالضيق وقالت
((وماذا قد أفعل الآن؟))
مالت سهر للأمام تنصحها
((أظن بان عليك أن تطلعيه على رغبتك الحقيقية.. اخبريه بانك تشعرين بالأمان معه وأخبريه عن ملاحقة وليد لك.. اخبريه بانك تريدين أن يكون زواجك منه طبيعيا.. وبانك لم تحبينه بعد ولكنك ستقدرينه وستبذلين أم بوسعك من أجله.. المواجهة الصادقة هي حل مشاكلك..))
هزت شيرين رأسها نافية تقول بإصرار
((لا سهر مستحيل.. لو أخبرته كل ذلك فلن يوافق.. كنت اشعر في البداية أنه منجذب ومعجب بي لكن الآن لا أرى منه جاهي إلا الجفاء والبرود.. لذا لو أخبرته عن وليد.. فسيحاول إبعاده عني بدون أن يتزوجني..))
أصرت عليها سهر بإلحاح قائلة
((إذا كنت تشعرين بأن لا رغبة له بك فالأفضل ألا تقدمي على هذه المهزلة من البداية))
قالت شيرين بنفس إصرارها وبعينين زائغتين
((لا يا سهر.. بل سأمضي قدما نحوه.. وبعد ذلك فأنا متأكدة من قدرتي كامرأة أن اسحره بعد زواجنا.. سيحبني وأنا أيضًا سأحبه.. فكما سبق وأخبرتك كل شيء فيه يشجع على الحب.. اشعر بقبول رهيب تجاهه.. وسأنسى وليد.. سأنسى الرجل الوحيد الذي أحببته في الماضي فأنا الآن لا أكن له حاليا إلا كل الشر والكره والحقد))
ضاقت عينا سهر قليلاً ثم قالت بنبرة يشوبها القلق
((الكره هو الوجه الأخر للحب يا شيرين.. عليك أن تلغي وليد من حياتك ولا تشعري باي شيء تجاهه.. لا حب ولا كره حتى تنسيه))
قالت شيرين بقلة الحيلة تغمرها
((لا أستطيع يا سهر أن امحي كل مشاعر المقت تجاه وليد وأتوقف عن كرهه.. فهو من لوث روحي وجعل الكره والحقد يتغلل فيها على مدار السنين بكل ما فعله بي))
ثم سارعت تنفض هذه السيرة وتستطرد
((بعيدا عن سيرة ذلك النذل الذي قمت بحظره.. غير آبهة لكل القضايا التي سيرفعها عليّ.. فأنا سأحاول الآن أن أبيع كل شيء أملكه حتى سيارتي.. وسأدخر كل أموال راتبي وأجمعهم مع ما تبقى من مدخراتي في البنك حتى أستطيع دفع تعويضات لموكله.. وسأبقى في عملي وادخر المزيد من المال إذا ما قرروا أن يرفعوا قضية أخرى ضدي مستقبلا.. فالرائد معاذ سابقا أخبرني بأنه بعد أن يتم عقد القران سأنتقل إلى شقته في المدينة وأعيش معه تحت سقف واحد.. فهو لن يقبل أن أبقى على ذمته وأعيش في بيت ناس أغراب))
بهت وجه سهر قليلا وظلت للحظات طويلة تمعن نظراتها الممزوجة بالصدمة ثم قالت متشككة
((نحن لسن أغراب يا شيري.. لكن أصدقيني القول هل قبلت أن تحطي من قدرك بهذا الشكل وتطلب الزواج منه من اجل المال؟ إذا كان هذا السبب فكل ما املكه من مال ملك لك ولن اقبل أي نقاش..))
قاطعتها شيرين بصلابة رغم صوتها المهزوز
((سهر لا.. الموضوع ليس موضوع مال ولا يمكن أن يكون سبب طمعي في الزواج منه هو ثروته! أنا أيضًا أعمل في وظيفة مرموقة ولدي راتب عالي نسبيا.. وأنتَ تعرفين أني كنت لأملك الآن في حسابي البنكي ثروة صغيرة لولا المبالغ الهائلة التي دفعته ولا زلت ادفعه لعائلة ذاك الصبي بعد القضايا التي رفعوها عليّ.. لذا ثقي بي ودعيني أمضي فيما أخطط له))
أذعنت سهر لرغبتها فازدردت شيرين ريقها بصعوبة..
وبمجرد أن أحضر النادل الطعام لهما حتى تطلعت تسأله بتهذيب
((عفوا.. هل يمكن أن ترشدني لدورة المياه؟))
أجابها النادل وهو يشير للمكان بيده
((نعم بالتأكيد يا سيدتي.. دورة المياه الخاصة بالسيدات من هناك ثم انعطفي يسارا))
‏دلفت شيرين إلى دورة المياه وأغلقت الباب خلفها بملامح صارمة لامبالية.. ثم انهارت باكية خلفه بصوتٍ مكتوم خشية أن تنال من عين أحدهم نظرات الشفقة..
بدا واضحا بالنسبة لها أن الأشفاق والاحتقار كانا يلفان ملامح سهر طوال حديثها عن خططتها المثيرة للشفقة عن الرائد إلا أنها جاهدت ألا تظهر هذه المشاعر جلية حتى لا تحرج من نفسها أكثر..
لقد اتضح بأنها كانت في أخر أيام حياة والدها الأخيرة مجرد متوهمة بائسة عندما ظنت بأن ذلك الرائد يكن لها شيء من الانجذاب أو القبول..
شعت عينا شيرين المحمرتين بالإصرار والعزيمة فهي لن تتراجع...
أبدا لن تتراجع..
هي جميلة وستبذل جهدها لتكون أجمل أمامه..
ستجعله رغما عنه يضعف ويستسلم أمامها..
ستذهب لأفضل صالونات التجميل وسترتدي ثوبا أجمل من الذي سبق وحجزته مع سهر ليوم عقد القران..
ستذهله وتجعله غير قادر على إبعاد ناظريه عنها ويطلب بنفسه ودها من أول ليلة!
.
.
تململت سهر مكانها بانزعاج من تأخر عودة شيرين فقد بدأ يبرد الأكل..
تنهدت بضجر ثم تناولت هاتفها وبدأت تتصفحه..
رفعت حاجبياها بدهشة عندما وردها اتصال لترد عليه بلهفة تقول
((مرحبا قصي كيف حالك؟))
وصلها صوته هادئا
((أنا بخير سهر.. كيف حالك؟))
عبست ملامحها وقالت
((عندما تدعونني بسهر اعرف أن هناك شيء لا يسر ستقوله))
ضحك بخفوت ثم تنهد قبل أن يقول لها بشيء من الاعتذار
((نعم وهذا بالفعل ما سأقوله.. لن أستطيع أخد إجازة لمدة أسبوع لنسافر لذلك المكان الذي وعدتك فيه مع عائلتك بسبب عملي.. تعرفين أن تقع مسؤولية شركة كاملة على عاتقك ليس سهلا وسيكون من الصعب أخذ أي إجازة في الأشهر القادمة))
غمغمت ببؤس متفهمة
((نعم معك حق!))
رد عليها بصوته الدافئ القوي
((على كل حال بما أني اشتريت التذاكر وانتهى الأمر فيمكنك الذهاب لهناك مع عائلتك بدوني))
لفّ إحباط وقنوط صوتها وهي تقول
((ولكن ستكون رحلة تعيسة من دونك.. ثم لمن سأعطي التذكرة الرابعة؟ شيرين أيضًا لن تستطيع الذهاب معنا بسبب عملها))
أخذ نفسا عميقا ثم أخبرها
((اعطيها لأي أحد.. ربما لإحدى صديقات والدتك لتذهب هناك بشكل منفرد عنكم))
قالت له بتلقائية
((حسنا سأخبر أمي أن تعطيها لإحدى صديقاتها فأنتَ تعرف بأن لها مكانتها ورزانتها بين صديقاتها الراقيات..))
لم يستطع قصي بهذه اللحظة إلا أن يقاطعها قائلا بضجر
((يا إلهي كم امقت عالم سيدات المجتمع الراقي التي تتواجد أمي فيه.. إنهن مجموعة من النساء المنافقات اللاتي لا يعرف إلا النميمة والمجاملات الكاذبة في مناسبتهن وحفلاتهن الخيرية..))
شعرت سهر بشيء من الضيق من فكرة بأن هذه المرة هي الأولى تقريبا التي يتحدث فيها عن أمه فهو نادرا ما يجلب سيرتها أمامها بل وحتى هي الآن لم تلتقِ بها..
إلا إنها لم تجلب هذه السيرة له حتى لا يتضايق عندما استرسل
((لكن أنا ممتن أن زوجتي المستقبلية ليست منه))
ابتسمت سهر عند مديحها.. فهو وهي متشابهان إلى أقصى الحدود..
كانت تهم بالرد عليه عندما وصلها من الهاتف صوت رجل أخر يهتف بكلمات غير مفهومة في قصي فسألته باستغراب
((هل هناك أحد عندك يا قصي؟))
من الجهة الأخرى عند قصي الذي كان يجلس عند رواق الشجرة انتبه لقدوم قائد فريقه معتز..
فقرب الهاتف لفمه يقول بخفوت
((انتظري يا سهر قليلا فهناك أحد يريدني في موضوع مهم يخص العمل))
ابعد الهاتف عنه يتنحنح ليجلي صوته ثم قال بنبرة لطيفة لا تخلو من غرور ذكوري يناسب رجل أعمال فاحش الثراء
((مرحبا يا معتز.. ما الذي تريده؟))
استغرب معتز من نبرة قصي في الحديث منه إلا أنه لم يعقب واكتفى القول بتحذير
((اغلق الهاتف يا قصي وعد لعملك.. لقد انتهى وقت راحتك.. تجاوزك وقت الراحة لن يتسبب في خصم راتبك وحسب بل سيجبرني أن أعطيك تنبيهك الأخير.. مشرفة هذا القسم بنفسها متوعدة لك))
كان لا زال قصي يتسم بالحذر لعلمه بأن سهر لا تزال على الخط وتسمع ما يقوله هو.. فرد على معتز بنبرة رجولية لها وزنها
((لا تقلق سأفعل.. يمكنك الذهاب من هنا))
مال معتز فاهه ببلاهة من نبرة صوت وطريقة قصي في التحدث معه..
هذا الصعلوك يخاطبه وكأنه رئيسه في العمل لا العكس!
لكنه مجددا.. تجاوز الأمر وابتعد من الرواق..
في حين قال قصي لسهر مدعيا الإجهاد
((مشاغل العمل لا تنتهي أبدًا حتى بعد انتهاء وقته.. هذه ضريبة أن أتسلم موقعي هذا))
شعرت سهر بالإطراء وهي تراه يوليها جل اهتمام ووقته حتى في أوج انشغاله في العمل.. وقالت له مودعة قبل أن ترسل قبلة شغوفة
((إلى اللقاء يا حبيبي..))
ما إن أغلقت الهاتف حتى انتبهت لشيرين تجلس أمامها مبتسمة لها بعد أن عرفت بأنها تحدث خطيبها..
أمسكت شيرين الشوكة والسكين وبدأت تتناول من الطبق البارد أمامها..
وتمنت في داخلها أن يتم زواج صديقتها عاجلا.. فبكل صدق هي لم تشعر يوما بالغيرة من صديقتها.. بل مجرد "غبطة" لامتلاكها إنسان مثل خطيبها قصي في حياتها يتحدث معها كل يوم بل في كل ساعة بحب واهتمام..
يسهر ويتسامر معها على الهاتف لساعات الصباح الأولى بينما تذوب بكلماته وهي التي لم يسبق وان عرفت للخجل معنى إلا عندما خطبت على قصي..
سهر هي الشيء الوحيد في حياتها الذي اختارته بشكل صحيح.. وجميل..
فهي الكتف الذي يسندها وتميل له.. هي البئر الذي ترمي فيه أسرارها.. هي الضحكة التي تخرج من قلبها.. هي الراحة التي تلقاها بعد التعب..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 06:53 PM   #958

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


تفتت قلب الحاجة زاهية وهي ترى ابنها مالك متمدد على السرير بوجه ذابل ومرض واضح عليه لتقول بصوتٍ متحرش وهي تمرر أناملها بحنية بين خصلات شعره
((لا بد أنك متعب جدًّا يا بني فأنتَ حتى في أيام مرضك لا تبدُ بهذا الذبول والضعف))
أومأ مالك برأسه ثم قال بلا تعبير بصوته الأجش
((نعم أمي حرارتي مرتفعة قليلا))
تناولت زاهية الكمادات الموضوعة على جبينه المتصفد عرقا ثم وضعتها داخل الوعاء هادرا
((سأذهب لأبدل ماء الكمادات وعندما أعود أريد منك أن تكون قد انتهيت من تناول الطعام أمامك))
قال لوالدته بصوتٍ مجهد من إعياءه
((حلقي يؤلمني ولا طاقة لي ببلع أي شيء يا أمي))
قالت له أمه بحزم مشوب بحنان أمومتها وهي تخطو للخارج
((حاول يا مالك لأنه لو تطلب الأمر مني فسأطعمك بيدي.. المهم أن يدخل معدتك شيء من الطعام حتى تستطيع شرب دوائك))
بمجرد أن أوصدت والدته الباب خلفها حتى مد يده يلتقط هاتفه رغم شعوره السليط بالإعياء..
ضغط على عدة خيارات ثم قربه من أذنه..
وما إن فتح الطرف الأخر الخط عليه حتى قال مالك باشتياق نبرة مكتومة فاقدة للسيطرة دون أن يتمالك مشاعره بحضرة صوتها
((مرحبا يا سمية))
سألته سمية باستغراب من بحة صوته
((مرحبا.. هل حدث شيء؟))
ارتسمت ابتسامة باهتة على وجهه وهو يقول
((لا وهل يجب أن يكون قد حدث شيء لأتصل بك))
وصله محاولاتها لأخذ نفس عميق قبل أن تقول بجفاء اعتاد عليها أن تلجأ له لتقطع عليه كل سبله إليها
((مالك كم مرة أخبرتك ألا تتصل بي إلا لو حدث شيء ضروري ليزيد! غير ذلك فلا!))
صمت قليلا وتلك الرسمية التي تتعامل بها معه بالإضافة لمحاولاتها الدائمة في وضع حواجز جديدة بينهما تحرق دمه رغم علمه بأنه الصواب..
قال لها بصوته الأجش
((أنا مريض.. ولا أظن بأني قادر على الخرج من البيت أو حتى سرير في الأيام القادمة.. ولم اسمع صوتك أو صوت يزيد..))
أرخت سمية التي كانت تتحدث معه على الهاتف من الجهة الأخرى أهدابها ونبضها يتصاعد برقبتها حرارة لترد ببرود قاتم
((سلامتك.. عندما تتعافى سترى يزيد.. هل تريد شيء أخر قبل أن اغلق الهاتف؟))
عبس مالك يستنكر طريقة حديثها معه بخشونة حتى بعد معرفته بإعيائه
((لماذا تتحدثين معي بهذا الشكل؟ ما الذي تغير لتصبحي أكثر قسوة وجفاءً معي عن قبل؟))
ردت عليه بثبات غاضب محترق
((بعد أخر موقف حدث بيننا ومحاولتك التدخل في تربية ابني والتحكم به وبأمر بسيط كرحلة مدرسية رأيت بأن عليّ البدء في إعادة النظر لكل من يحيط بي.. ولمن لهم بالغ الأثر في تكوين صورتي عن ذاتي ويتسببون في إشعاري بالنقص))
عقد حاجبيه يسألها
((لا افهم كلامك.. ماذا تعنين؟))
ردت عليه بحزم
((ستصبح لدي حدود صارمة أكثر من قبل معك.. فليس لأني وحيدة ومطلقة ولا ظهر لي سأسمح لك أن تستنقص مني ومن طريقة تربيتي ليزيد رغم عدم إنكاري حقك فيه.. إلى اللقاء))
أغلقت سمية الهاتف في وجهه فصمت مالك وقلبه يُخسَف هاويا كصرخة رجولة موجوعة داخله..
وضع الهاتف على المنضدة الصغيرة بجانبه بقوة ثم أغلق عينيه..
في حين أظهر ذهنه له مشهد من الماضي قبل عقد مضي.. عندما كان عمره يقارب الثامنة عشر..
وتحديدا قبل ثلاثة أيام من موعد زفاف سمية من خطيبها الأخرق كامل..
وقتها كان رافضا للطعام والشراب بشكل تام حتى أن والديه أخذاه للمشفى وهناك وضعوا له محلولاً وفيتامينات وأملاحاً لأنه فقد الكثير من جسمه..
وعندما سأله الطبيب عن السبب النفسي الذي دفعه إلى الإضراب عن الطعام والشراب تحجج بإنه في انتظار نتائج قبول الجامعة والأمر يتسبب بتوتره..
وعندما عاد بقي طوال اليوم مستلقيا فوق السرير منهار القوى وحرارة جسده الذي يسري مرض العشق في أوردته مرتفعة..
آنذاك عندما كان ابن الثامنة عشر فتح عينيه ينظر للسقف الأبيض لدقائق طويلة قبل أن ينتشله من شروده طرقات باب غرفته فأذن للدخال ثم قال وهو على نفس وضيعته
((ضعي يا منال الحساء جانبا.. لا أريد شرب شيء الآن))
وصله صوت مختلف ناعم قلق
((أنا سمية يا مالك))
اعتدل مالك جالسا على الفور بصدمة دون مراعاة لحالته الصحية جعلت منه يغمض احدى عينيه ويشهق ألما وهو يشعر بشيء يفتك رأسه..
حتى أن المنديل البارد الذي كان موضوعا فوق جبينه المتعرق سقط أرضا..
فتح عينه الأخرى وهو يقول دون إدراك إن كانت أمامه فعلا أم أنه يتوهم
((سمية! ماذا تفعلين هنا؟))
ردت عليه وهي تتحاشى النظر في عينيه بصوتها الذي كان كالبلسم عليه بينما لا تزال تحمل صينية الحساء
((سمعت أنك مريض بشدة فأخذت الحساء الذي كانت تعده منال لك وجلبته لأطمئن عليك.. فربما تكون هذه المرة هي الأخير قبل حفل زفافي في الغد من كامل))
همس لها مالك متسائلا بصوتٍ مضطرب كما ذهنه
((المرة الأخيرة للقائنا؟ لماذا!))
صمتت ولم يعرف ما يدور في خلدها تلك اللحظة لتجيبه بصراحة بعد لحظات بحذر شديد
((كامل غضب مني وتشاجر عندما عرف بأني أعطيتك الدعوات وحذرني من التحدث معك أو غيرك أو حتى الدخول لهذا القصر بعد زواجنا))
أظلمت خضرة عينيه المجروحة مسبقا بعذاب الرحيل ليدمدم بخفوت
((حذرك من التحدث معي وأنتِ وافقتِ ببساطة؟))
عقدت سمية حاجبيها تقول مستنكرة
((بالتأكيد سأوافق.. كيف أرفض ما يقوله لي وغدا سيكون زوجا لي!))
رد مالك عليها بعصبية غير طبيعية وعيناه تتقدان بنيرانٍ مضطرمة
((هل تتخلين عني بهذه السهولة؟ ألا أعني لك حقا أي شيء؟ الم تعتبريني سابقا صديقا لك وأخا صغيرا وقلتي بأن ما بيننا علاقة عميقة.. أنتِ مخبأ أسراري وانا أيضًا هكذا بالنسبة لكِ.. أنا من أحب الناس إليك.. اعرف هذا جيدا))
ثم استرسل لها بنفس تعابيره السابقة
((ثم أنا بنظرك وبنظره لست إلا مراهقا يصغرك بسبع سنوات فلماذا قد يمنعني من التواجد بحياتك بعد أن يتزوج منك! إلا أذا لم يكن عنده ثقة بك! أو عندك أنتِ ثقة بنفسك!))
كانت أخر مجلة في حديثه بنبرة ذات مغزى لم تستطع سمية أن تستنبطها وهي تمعن النظر به..
فتنهدت ثم قالت له بصبر دون انفعال
((الأمر ليس هكذا))
هتف مالك بها وكل عصب فيه يرتجف غضبا
((بلى هو هكذا.. ثم أنتِ أليس لديك شخصية؟ كيف تسمحين له أن يملي شروطه عليك؟ لو كان يحبك لما طلب منك أن تقطعي علاقتك بي نهائيا))
اتسعت عيناها لوهلة من طريقة كلامه الهجومية.. ترفض ملامحه هذه وتستنكر كلماته..
لكن تسلل الحزم لملامحها فأخذت نفسا عميقا ثم قالت له بجدية
((مالك.. أنصت لي.. أنتَ تعني لي الكثير.. وعلاقتنا مميزة.. لطالما كنت بجانبي وقت حزني.. ولطالما ساعدتني عندما كنت أقع في المشاكل.. أنتَ ملم بكل شيء يتعلق بي.. ولكن كنت اسمح لك أن تأخذ هذه المساحة في حياتي لأني لم أراك إلا مراهق وفتى يصغرني بالكثير لكن الآن أرى خطأ استمرار هذه الود بيننا.. فأنتَ لم تعد ذاك المراهق الصغير.. انظر لنفسك يا مالك أنتَ تطولني.. ربما بعشرين سنتمترا.. ومن يراك يظن أنك في سني.. لا يصح أن تتواجد تلك الأريحية بيننا.. حتى لو لم يطلب مني كامل ذلك كنت لأقطع علاقتي بك نهائيا))
ازداد وجه مالك الشاحب شحوبا لما سمعه منه.. وهو يدرك في صميمه صحة ما تقوله!
أمام هي تابعت حديثها الصائب وأكملت قائلة
((ثم إن الأمر لا يتعلق بكامل بل أي رجل في العالم مهما كان متفتحا لم يكن ليقبل أن يكون صديق لزوجته رجل ويرافقها في السراء والضراء.. ليس لقصور في عقله بل لأنه لا يجوز وغير مشروح.. لا كبرياء الرجل ولا كرامته ولا دينه يسمح بذلك.. وخاصة أن علاقتنا هذه وطيدة جدا جدًّا.. حتى الحيوانات تتقاتل أن اقترب ذكر من أنثاه فكن حيادي يا مالك أرجوك في هذا الأمر وضع نفسك في مكان كامل فأنتَ رجل وعليك تفهمه))
ساد صمت ثقيل بينهما..
وشعر مالك بالذنب الشديد بعد أن استرد شيء من صوابه وعقله الذي يميز له الصح من الخطأ..
لكنه ورغم كل شيء لا يتمنَ في حياته أكثر من بقائها فيها ورؤيتها من حين لأخر..
فقد زهد بكل شيء وهو قابل أن يكتفي فقط بأنه يحبها ويستمتع بهذا الحب من طرفة لوحده فقط.. ولا يطمع كثيرا أن تبادله فيه..
نعم.. هو راضٍ وسعيد بما يصله منها من مشاعر رقيقة بريئة واهتمام وخوف عليه كاخ صغير..
والان كل هذا سيتلاشى بعد زواجها فهي لن تستطيع حتى رؤيته!
احمر وجه مالك وبدا كأنه يصارع في داخله بين حبه لها وبين ما هو صواب وصحيح..
شعر بالضغط عليه يزداد دون أن يظن بأنه قادر على ترويض مشاعره..
عادت سمية تقول له برجاء
((يا مالك تفهمني أرجوك.. اعرف أن الأمر شائك.. ولكني حتى وضعت نفسي مكان كامل.. ووجدت بأنه لو امتلك صديقة مقربة جدا منه فسأجن.. لن أتحمل هذا وستأكلني الغيرة عليه مهما بدت العلاقة بريئة بينهما))
قست ملامحه بهذه اللحظات إلا أخفض نظره أكثر وأكثر كطفل مذنب في تفكيره من قمة رأسه وحتى أخمص قدميه..
خفق قلبها بقوة تأثرا به لكنها قالت له بعبوس تحاول إقناعه أكثر
((مالك عندما تصبح في عمر الزواج.. هل تعتقد بأن خطيبتك سترضى أن أبقى في حياتك بحجة أني مجرد صديقة وأكبرك في السن؟ بالتأكيد لا.. بل ستعشر بأني أشاركها في زوجها وستراني عدوتها الدودة حتى لو كنت لا أقارن بها بشيء))
ارتفعت عينا مالك لها بحذرٍ شديد.. يمنعه ألف تهديدٍ وتحذير رغم ثوران مشاعره..
حركه التهور والسخف ليقول بصوتٍ هادئ خال من أي مشاعر ظاهرة إلا التردد مندفعا بأنانية
((حسنا إذن.. لن أتزوج من أي امرأة أخرى لأجلك فافعلي أنتِ نفس الشيء ولا تتم زواجك من أجلي))
عقبت سمية على كلامه بفتور وهي تضع الصينية فوق المنضدة
((يا مالك العمر يمر بي بسرعة وعليّ أن أفكر بعقلانية بدلا من سماع ترهاتك.. لست مجنونة لأختار أن أبقى بلا زواج من أجل أي أحد))
أشاح بوجهه عنها بألم هي مصدره.. تذبحه من الوريد للوريد..
اهتزت عضلة فكه وهو يغلق عينيه لثوان قبل أن يقول من بين أنفاسه اللاهثة بفعل انفعاله الآن رغم مرضه
((لن تحتاجي أن تبقي بلا زواج للأبد.. أنا في الثامنة عشر.. انتظري القليل.. القليل فقط وسأتزوجك أنا))
أرخت فكها وهي تنظر له بلا تصديق لتتمتم بخفوت
((تتزوجني؟ هل أنتَ مجنون!))
قال بإصرار وعينيه تقدحان عزيمة
((لماذا مجنون؟ أنا احبك وسأكون مجنونا لو أفلتك من يدي))
اتسعت حدقتيها ملئ جفونها وهي تتمتم بنفس النبرة السابقة
((تحبني؟))
همس بحشرجة مخنوقة.. وكل مشاعره المتألمة وحرارة مرضه تهاجمانه
((نعم احبك.. يقال بأن الروح تشرق برؤية ابتسامة من يحب.. وهذا ما أشعره في كل مرة تبتسمين للي))
راقب مالك ملامحها الساكنة لثوان قبل أن يراها تنفرج لتنفجر ضاحكة حتى أدمعت عيناها..
هنا انسحب الدم منه كالمرض وهو يقول بتحفز
((لماذا تسخرين مني! أنا سأتزوجك حقا لكن أريد منك أن تنتظريني))
رفعت أناملها تمسح عينيها وهي تقول من بين ضحكاتها التي بدأت تخفت بشكل تدريجي
((لطالما شعرت أنك تبادلني مشاعر جميلة من اجل صداقتنا هذه لكن لم أتخيل أنك تحبني.. أو تظن بأن ما تملكه تجاهي هو الحب.. أنا لا أراك إلا أخ صغير.. صحيح أن عقلك يكبر من هم في جيلك لكنك تظل أمامي هكذا وعليك ألا تراني اكتر من أخت كبرى لك))
عاودت النظر لساعة يدها أمام عينيه المحترقتين لتهكمها من مشاعره وهي تقول على عجل
((عليّ الآن أن أعود للبيت.. فغدا سأتزوج وانا لم أحضر كل شيء..))
قاطعها وهو يزعق فيها وقد أطل من عينيه الغضب والقهر
((ولكني لا أراكي أختا كبيرة.. بل حبيبة لا أريد الزواج إلا منها.. أنا احبك.. احبك بكل جوارحي))
رفعت عينيها تناظر وجهه وتنتبه لأنفاسه المتلاحقة المتعبة التي بفعل مرضه.. أو ربما مشاعره الموهومة!
طال حوار الروح وصمت اللسان بينهما.. وشعرت بأنه يصارع بين عقله وقلبه.. بين مشاعره وبين واقعه..
فأغمضت عينيها للحظات تحاول استعادة رباطة جأشه ثم قالت مبتسمة ببهوت
((ثق بي يا مالك بأنك سوف تحب أيضًا عشرات الفتيات غيري وسوف تنساني وتضحك من نفسك على ما قلته قبل قليل.. سأذهب الآن وأتمنى أن تحضر زفافي في الغد))
لم يرد على الفور إلا إنه ما إن رآها تسير نحو عتبة الباب حتى قال
((أبدًا.. لن أفكر بغيرك.. وسأظل أحبك حتى آخر عمري))
التفتت برأسها لها فاغرة الشفتين قليلا دون أن تجد ما تقوله أمام ملامحه التي تضج باختناق نار الغيرة وعتاب القلب وهو يسترسل لها بصوتٍ أجش خافت
((أرجوكِ لا تتركيني أتجرع الموت بفراقك!))
لكنها قاومت ضعفها تجاهه وهي ترد عليه بقسوة
((لقد جئت فقط لأتفقد مرضك وبما أني اطمأننت بأنك بخير.. لذا عليّ المغادرة))
قطب جبينه في استنكار جمّ يقول بصوتٍ حاد وعنفوان رغم إعيائه
((أنا واقع في الحب لست بخير))
زفرت بقوة وهي ترفع يدها إلى جبهتها الباردة محدقة في السقف بعينين مضطربتين.. ثم قالت له بنفاذ صبر
((اعرف أنك تظن بأنك واقع في الحب وهو امر عادي يمر به جميع الأولاد الذين بسنك.. الأمر فقط أنك حساس))
عقد حاجبيه يقول بغضب
((سمية توقفي عن السخرية مني))
حولت نظرها له تقول
((مالك أنا اعشق كامل ومكتوبة له منذ سنوات والآن فقط استطاع أن يكون نفسه لنعقد قراننا ونتزوج.. على كلٍ.. أنا لن أقول لاحد شيئا عن كلامك السخيف.. لأنك ستنسى بعد أسابيع أو أشهر ولن يكون من الجميل أن يذكرك أحد بهذا الأمر.. إلى اللقاء))
كانت قد خرجت من غرفته وهمت في إغلاق الباب خلفها عندما قال لها هاتفا
((أنتِ تتوهمين حبه.. لم أراكِ يوما تتحدين عنه وعن حبك له بل كنت أحيانا تنسين بأنك ستتزوجين منه وكانت تمضي سنة عليك بدون أن تريه أو تبادليه الكلام))
شعرت بالغضب من تشكيكه بحبها لمن سيكون زوجها في الغد.. هي تملك الكثير من المشاعر العميقة لمالك لكنها لا تضاهي حبها تجاه كامل بشيء..
لجمت سمية غصبها منه واكتفت أن تقول
((لا تكثر يا مالك من كلامك السخيف هذا.. لو سمع الحاج يعقوب ما تقوله لقتلك حرفيا.. فليس رجل صالح من يخَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى الرجل الذي سيكون زوجا لها))
صفقت الباب خلفها بقوة وابتعدت.. أما هو فأصابته نوبة من البكاء الهستيري ودفن نفسه تحت غطائه يبكي بدموع مراهق عاشق حبه الذي سيضيع من بين يديه..
شعر بارتجاف أوصاله بينما يفكر بطريقة ليمنع هذا الزواج ويبقيها له لكنه يتوصل إلى نتيجة بالرغم من الأفكار التي كانت تتراكض وتتسارع في رأسه!
فهل يضرب بكل المنطق عرض الحائط ويخطفها بمنتهى الأنانية؟
كادت هذه الفكرة أن تشع حرفيا بعقله وتتداخل حتى تتعمق وينفذها..
لكن لا.. مستحيل..
لقد خيب ظنها وخسر دينه.. احترامه لنفسه.. ولا يجور عليه أن يتجاوز حدوده أكثر من ذلك..
فالرجل الحقيقي لا يخطُبُ على خِطبةِ أخيه.. ولا يخبب أمرأه على من سيبكون زوجها..
وفي يوم زفافها صمت أصوات المفرقعات والزغاريد المنطلقة من منزلهم أذانه فضل لساعات يضع يديه على أذنيه..
لم يستطع أن يفعل شيئاً.. لم يستطع رؤيتها وهي تخرج بفستان الزفاف كما طلبت منه متأملة..
لكن حاول ترويض كل ما يشعر به وهو يخبر نفسه بأن عليه أن يكون في اقصى سعادته من أجلها.. طالما تزوجت من الرجل الذي تريد أن تتزوجه..
ورجى أن تعذره لاحقا على حبه لها وان تقبل اعتذاره الذي لن ينطقه لها لأنه أحبها.. دون أن يقصد..
إلا أنه خاب ظنها وكلامها.. فحتى بعد مرور كل هذه السنوات لم ينقص حبه لها ذرة..




Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 06:55 PM   #959

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

بمجرد أن انتهت صاحبة الصالون من زينة وجه شيرين حتى ابتعدت تنظر لوجهها مشيدة بعملها بكل فخر
((ما شاء الله يا عروس تبدين في غاية الجمال والبهاء.. وعينيك المكحلتين هما ما يزيدانك فتنة وجمالا))
إطراء العاملة في الصالون بعينيها الكحيلتين جعل شيء من الضيق والانزعاج يتجلى على ملامحها لتعبس بتلقائية..
هذه ما يدعوها دائما وليد به!
وافقت سهر على كلام العاملة
((معك حق فعينيّ صديقتي يليق عليهما الكحلة وتكسبهما حجمًا أكبر وجمالا وجاذبية))
تضرجت وجنتي شيرين بالخجل من هذا الكم الكبير من الإطراء من سهر فلكزتها..
لكن سهر هدرت بعتاب بينما تغادر صاحبة الصالون لتنشغل بعميلة أخرى
((لماذا لم تحجزي جلسة تصوري لي ولك؟ ألن أهمك بعد زواجك؟))
نظرت لها شيرين تمط شفتيها بعبوس ثم قالت
((أيتها البلهاء سأقيم الكثير من جلسات التصوير لكن الآن أريد من زواجي أن يتم بدون أي مشاكل))
التفتت شيرين تنظر للمرآة أمامها وهي تستقيم من جلستها فتبتسم فرحا وعيناها تتألقان بالبهجة..
كانت ترتدي فستانا يلف جسدها بنعومة حتى أسفل خصرها ثم يتسع الحرير وينساب حتى الأرض..
شيء فيها كان يشع بالتفاؤل فالرائد معاذ أخبرها بأنه قد حجز فندقا لأسبوع لها..
لم قد يحجز أي رجل أسبوعا كامل في الفندق من أجل زواج صوري إلا إذا كانت عنده خطط أخرى!
سألتها سهر بفضول وهي تراها غارقة في سعادة عارمة
((ماذا لو طلب يا شيرين منك أن تسكني في القرية عند عائلته بعد أن يعرفوا بزواجكم؟ فأنتِ بت تكرهين أجواء القرى ولا نية لك للعودة هناك))
قالت شيرين بعفوية
((لا أدري يا سهر.. لقد حجز لنا بفندق واسع لأسبوع.. باقي الأمور سنتناقش فيها لاحقا))
قالت سهر وهي تكتم ابتسامتها المبتهجة بالسعادة لأجل صديقة عمرها وغمغمت
((هذا أفضل))
تنهدت شيرين ثم قالت بصوتٍ حيادي
((ربما أكون قد بالغت في تشويه صورة قريتي السابقة أمامك لما لاقيته من ظلم مجحف بحقي من قبل معظم أهلها عندما ألغى وليد زفافنا.. ولربما البعض منهم ليسوا أناسا لطيفون ولا يبذلون الكثير من الجهد في التعبير عن سعادتهم ومحبتهم لمن حولهم لكنهم ليسوا بهذا السوء))
تمتمت سهر بتردد وهي لا تعرف ماذا تجيب
((ربما))
شردت عيني شيرين بخضرة الحنين وهي تقول بصوتٍ يغمره دفئ الماضي
((قريتي التي كنت فيها قبل أن ترحل عائلتي كانت على عكس المدينة.. فهناك لم تكن مواعيد زيارة ولا إتيكيت بل كان أهل كل بيت يشربون الشاي وقت الضحى وكل من أراد المشاركة فهو مرحّب به.. الحقيقة ورغما عني اشتاق لها.. واشتاق لأهلها الطيبون.. لن أمانع أن أعود للعيش هناك.. ولكن بالطبع كزوجة للرائد معاذ))
خرجت شيرين من شرود ذهنها وهي تنتبه لرنين هاتفها الموضوع فوق المنضدة بجانبها.. فتناولته وهي ترى اسم معاذ يعلو الشاشة
((أوه أنه معاذ يتصل بي..))
قالت سهر بلهفة وهي تمسك حقيبة شيرين الصغيرة
((هيا.. هيا سارعي في الخروج))
ألقت شيرين السلام على صاحبة الصالون التي كانت منشغلة مع مساعداتها بزينة وجه عروس أخرى في حين هي خطت برزانة نحو خارج الصالون حيث يركن معاذ سيارته..
بمجرد أن لمح معاذ شيرين تخرج من الصالون المتفق عليه حتى ترجل من السيارة يدمدم بخفوت لها
((مرحبا شيرين..))
لا تعرف لماذا قلبها اخذ يدق بسرعة هكذا وهي تتطلع لوجهه عن هذا القرب.. تتعلق نظراتها بلحيته الكثيفة التي يتخلله قليل من الشيب للحظات قبل أن تنكس نظرها خجلا وهي تقول بحياء
((أهلا معاذ))
في حين لم تكن سهر تشعر بالرضا وهي تراه يقف أمامهن بملامحه المتجهمة هذه..
لم يبدُ حتى أنه حاول أنه بذل أي جهد ليبدو مظهره في افضل حال..
بل بدا وكمن هو ذاهب لجنازة مجبرا..
فتنحنحت من مكانها تجلي صوتها قبل أن تقول بنبرة غلفها البرود
((سأذهب معكما للمحكمة.. هل جلبت شهود؟))
التفت معاذ لسهر وقد ازداد انعقاد حاجبيه ثم رد عليها بخشونة مريبة
((بهذا الشأن أريد أن أتحدث معك يا شيرين ولكن ليس هنا))
أومأت سهر له وهي تستقل السيارة في المقعد الخلفي قبلها بجرأة.. شعرت شيرين بوجود خطب ما وريبة إلا أنها لحقت بسهر تجلس بجانبها وصعد معاذ السيارة أخيرا..
عندما شغل المحرك استرقت شيرين النظر للمرأة الأمامية لتطالعه..
بدا وجهه متصلّب وعيناه لا ترفّان.. وكأنه يحمل في داخله كلاما لها سيتسبب بتوترها..
لكنها ارتأت أن تتجاهل الأمر وألا تسمع لشيء في إفساد هذا اليوم
رغم أنه بدا غير مبشرا فهو لم يكلف نفسه ولو لثانية في امتداح مظهرها الفاتن بكلمة أو تأمل جمالها..
ظل الصمت الثقيل يلف الأجواء داخل السيارة حتى أوقفها معاذ أمام إحدى الفنادق بهدوء مريب لا يقطعه إلا صوت مرور السيارات المسرعة على الطريق العام..
تغضنت ملامح سهر بتوجس وهي تسأله بجدية لا تحمل تروي
((لماذا ركنت السيارة أمام الفندق؟ الم يكن يجب أن نذهب للمحكمة أولا؟))
صوت سهر المستفزّ لأعصابه كما وجودها الآن بينهما جعله يستدير نصف استدارة للخلف لهما يقول
((هل يمكن يا سهر أن تتركينا أنا وشيرين نتحدث لدقيقة واحدة هنا منفردين؟))
توترت شيرين أكثر وهي تنصت لكلامه..
لكن قالت سهر بشيء من الانفعال وقد شعرت بشيء خاطئ فيه
((لا أريد.. أنا صديقتها المفضلة والمقربة.. شيرين ستخبرني ما ستقوله لها حرفيا فاختصر على نفسك وتحدث أمامي.. لماذا توقفت هنا؟))
نظر معاذ حوله قليلاً بانضباط انفعالي ثم أغمض عينيه مستعيذاً من الشيطان..
فليتجاهل مسألة وجود سهر المزعجة طالما أن الأمر يريح شيرين..
فتح عينيه يقول بصوتٍ باهت كما ملامحه المجهدة لشيرين
((لا أظن أن علينا أن نمضي قدما في هذا الزواج))
بدأ صدر شيرين يعلو ويهبط بينما تنظر إليه غير مصدقة وكأن ما قاله معضلة صعبة الفهم..


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 08:09 PM   #960

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 65 ( الأعضاء 12 والزوار 53)
‏نوارة البيت, ‏umomar_77, ‏زمرّدة, ‏رباب طلبه, ‏تكاليف الحياة, ‏Amal Almabrouk, ‏مرام مرمرة, ‏Tuta Al3fifi, ‏S.F.MOHAMED, ‏Rere4040, ‏احمد حميد, ‏Mini-2012


نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:07 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.