آخر 10 مشاركات
ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قصر لا أنساه - مارغريت مايلز- عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4112Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-11-21, 07:45 PM   #1141

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 54 ( الأعضاء 11 والزوار 43)
‏ميمو٧٧, ‏إشراقة الشمس, ‏Heba aly g, ‏رحمه المغربي, ‏Rasha.r.h, ‏Maryam Tamim, ‏فديت الشامة, ‏سويلم سويلم, ‏Nora372, ‏عاشقة الحرف, ‏عطر الاحساس


ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:48 PM   #1142

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث والعشرون


في رحلتنا في الحياة نخسر الكثير من الأشخاص تحت مُسمى أنه لا أحد مُجبر على تحمل سخافات أو أخطاء أحد مادام لا يوجد ما يدعونا إلى ذلك

أما الاب والام فالوضع معهما مختلف ...

الأب والأم هما من يتحملان أخطائنا وسخافاتنا ومجوننا منذ صغرنا حتى كبرنا

الأب والأم هما من نستطيع أن نخطئ أمامهما بل ونتعرى دون خوف من أن يكشفا سترنا لأننا بمنتهى البساطة نُسخا مٌصغرة منهما وجزء لا يتجزأ من كيانهم ...

هم من نستطيع أن نقول في وجوهم حقيقتنا كاملة لأننا نكون على يقين تام انهم سيتقبلوننا بكل ما فينا بعيوبنا قبل مميزاتنا واخطائنا قبل مثالياتنا وثوب الملائكية الذي نضفيه على شخصياتنا أمام الآخرين

وصالح وليلة كانا يعرفان أن ابنهما ليس على حق وكانا ينتظران اليوم الذي يعود اليه فيه صوابه ورشده

أما يوسف فمهما تمرد وعصى ومهما حاول التحليق عاليا بعيداً عن السرب إلا أنه كان يدرك جيدا أنه حين يقع في أي مأزق فليس له سواهما لذلك وجد نفسه تلقائيا بعد ما حدث مع سندس يذهب إلى مكتب أبيه ويحكي له كل ما حدث بالتفصيل

فتح قلبه لأبيه وكان صالح على استعداد للسماع أو كان ينتظر هذه اللحظه بالفعل فاستمع إلى ابنه بهدوء شديد وتحفز أشد

وكما تقول غالية دائما

من أعطى ولدي ثمرة نزلت حلاوتها في ريقي ومن أذاه فإنه آذاني

وسندس بكل ما فعلته كانت تتعمد هدم بيت ابنه فلم يجد صالح أمامه سوى المواجهه فاتصل بالسيد عبد المنعم و بلهجة جادة حازمة حاسمة أخبره بكل ما حدث من ابنته ورغم أنه لا يٌحمِل البنت فقط الخطأ ويٌحمِل ابنه المسؤولية معها بالمناصفة الا أنه كان لابد أن يفعل شيء

استمع الرجل إليه بوجه مُحتقن وخجل وخزي ولحفظ ماء وجهه أردف باستنكار :"في هذه الأمور لابد للاستماع للطرفين ولن أصدق حرف في ابنتي مادمت لم أسمع منها ولابد أن اطمئن عليها أن ابنك لم يتجاوز معها "

فأردف صالح بحزم :"اطمئن على ابنتك كما يحلو لك سيد عبدالمنعم ولكن من اليوم التعامل التجاري بيننا قد توقف "

أغلق صالح مع عبدالمنعم ونظر في وجه ابنه الذي يجلس أمامه بوجه جاد ولم يحب أن يوبخه أو أن يذكره بخطأه فيوسف بالفعل يعرف أنه مُخطيء فيكفيه شعوره ويكفيه ما فيه

فأردف صالح متسائلا:"أين مريم الان ؟"

قال يوسف بضيق :"اتصلت بحاتم حتى يوصلها إلى البلدة ثانية ولم توافق على الاطلاق أن أكون معها "

أخذ صالح نفسا طويلا وأخرجه ببطء وصمت فأغمض يوسف عينيه واستند على ظهر المقعد وهو يسب سندس في سره سُبة وقحة ولا يعرف لمٓ لم يٌفضل الانعزال وفضل البقاء بصحبة والده حتى لو كان لا يريد الحديث

...........

أما مريم فكانت تجلس في السيارة بجوار حاتم ودموعها مُنهمرة على وجهها....

لقد أصابتها سُندس بسهم نافذ في منتصف قلبها وهاهي تنزف

قال حاتم وهو يسير بالسيارة ببطء في شوارع المحافظة:"لن أستطيع أن أعيدك إلى البلدة بحالتك هذه ولا أحتاج لتنبيهك أن بشكلك هذا ربما يرتكب عمرو أو يحيى جناية..."

قالت من بين دموعها :"أنا لا أريد الذهاب إلى البلدة ولا إلى أي مكان أنا أريد أن أموت حتى ارتاح "

شعر حاتم بالضيق الشديد لحالتها هذه فأردف بنبرة متعاطفة :"تعالي نجلس في مكان حتى تهدأي ونتحدث قليلا بالعقل والمنطق لأنكِ واضح أن فوق عينيكِ غشاوة..."

التفتت له وقد توقفت دموعها وأردفت :"كيف ؟.. "

قال بهدوء وهو يركز في الطريق أمامه :"سأقول لكِ ولكن نجلس وتشربين مشروبا دافئا أولاً..."

وحين قال لها ذلك كانت نيته بالفعل خيرا أن يجلس مع زوجة أخيه التي هي في مقام أخته في مكان عام ليهديء من حالتها هذه ويضع أمام عينيها حقائق هي غافلة عنها

ولكن هل القلب والعقل ليس لهما دور في هذا ؟...

بالطبع لهما

وكان دورهما تلقائيا والقلب يتنحى بجبن فيجعل الفكرة كأنها فكرة العقل وحده وأن اختيار المكان فقط لقربه الجغرافي لا لقربه من القلب فانتهى بهما الحال في مطعم بسيط ورغم بساطته مميزا وله رائحة بعبق الزهور

.............

حين دخل حاتم من باب المطعم بصحبة مريم التي كان وجهها كله متجهما وجد محمد كالعادة في الاستقبال فأردف بمودة :"السلام عليكم ،كيف حالك محمد؟ "

فأردف محمد بابتسامة مرحبة:"بخير تفضل يا بشمهندس "

دخل حاتم ومريم وكان المطعم به العديد من الشباب والبنات يبدو من هيئتهم أنهم من طُلاب الجامعة فنظر حاتم بحنين خفي إلى المنضدة التي كان يجلس فيها دائما ودعى مريم للجلوس وحين جلس كلاهما كان محمد قد ضغط على الجرس الداخلي بالمطبخ فخرجت زهراء لتأخذ طلبات الزبائن ولكنها ذُهِلت حين وجدت حاتم يجلس وأمامه فتاة جميلة

وبعد أن كانت خطواتها معتدلة واثقة أصبحت بطيئة مهزوزة والغضب بداخلها كحُمم سائلة تغلي برأسها ،جزت على أسنانها بغيظ شديد ولكنها أقنعت نفسها بضرورة ضبط النفس واستدعاء برودا مصطنعا لمواجهة الموقف

ثواني قليلة استدعت فيهم هدوءا مصطنعا لتتقدم من المنضدة وهو حين رأها لم يستطع أن يرفع عينيه عنها

بعيدا عن أنها جميلة ومتألقة كالعادة رقيقة كوردة جوري إلا أن فستانها الأزرق الذي كانت تطل به كان شديد الجمال أو هي أضفت عليه من جمالها

يبدو جديدا بتصميمه الحديث المختلف عن فساتينها التي كان يراهم عليها وإن كانت تحتفظ بنفس الذوق الكلاسيكي الذي يبدو أنه يروق لها

ولكن أزعجه كعب حذائها الذي تطرق به فيعكس عصبيتها التي تكبتها

وحين توقفت أمام المنضدة رسمت ابتسامة بلاستيكية على شفتيها وأردفت بنبرة روتينية:"مساء الخير،ماذا تطلبان ؟.."

لم ترد مريم لا السلام ولا السؤال تاركة لحاتم الأمر فهي بها ما بها فجزت زهراء

على أسنانها تكبت غيظها فإلى جانب وقاحته وأنه أحضر فتاة معه إلى المطعم ليكيدها ويوصل لها رسالة بأنها أصبحت من الماضي فهي فتاة متعجرفة لا تتنازل بالرد

أردف حاتم وهو ينظر إلى مريم :"ماذا تطلبين ؟.."

قالت بشرود في الشارع الواسع الممتد أمامها من خلف النافذة الزجاجية :"لا أريد شيء حاتم "

فرفع عينيه إلى زهراء قائلاً بهدوء:"حسنا نريد اثنين نسكافيه مع بعض المعجنات بالجبن "

دون أن تتنازل بالرد عليه ولته ظهرها متجهة إلى المطبخ وحين دخلت أردفت للفتاة التي تساعدها بانفعال مكبوت:" سامية قومي بعمل اثنين نسكافيه "

قالت الفتاة ذات السادسة عشرة :"الا تقولين دائما ألا أعد مشروبات لأنكِ وأبلة رحاب تعرفان طريقة ضبطهم وتخافين أن يكون المذاق سيء ؟"

قالت زهراء باصرار انثى لا تريد سوى أخذ ثأرها:"وهذه المرة أريدك أن تعديه،تعلمي سامية وسواء كان حلو المذاق أو سيء لا يهم حتى لو كان كالذي أعددتيه منذ فترة وسكبته في الحوض"

لم تفهم الفتاة الأمر ولكنها شرعت في تنفيذ ما طلبته منها زهراء التي كانت تتفتت غيظا وقلبها يكاد أن ينفطر حزنا

.........

"إن نظرتي إلى الموضوع بالعقل والمنطق وبعيدا عن غيرة المرأة التي تجعلها لا تُدرِك الأمور بشكل متكامل فستجدي أن الأمر كله مدبر وأن هذه الفتاة جاءت حتى عندك لتخرب حياتك أنتِ ويوسف وهاهي قد نجحت "

قال حاتم كلماته بهدوء شديد يتنافى مع النيران المشتعلة بداخل مريم وهو يجلس أمامها ويستند بظهره إلى ظهر المقعد باسترخاء

فأردفت من بين أسنانها وهي تشبك أنامل يديها معا بعصبية:"ومن الذي ادخلها حياتنا من البداية أنا أم هو؟..."

قال بنزق:" غباءه بالطبع ولكني أؤكد لكِ أن يوسف لم يخطر في باله أن يتطور الأمر إلى هذا الحد "

قالت بحدة وهي تناظره بنظرة مشتعلة:"لماذا أنتم كرجال أغبياء ! لماذا تضيعون ما بين أيديكم وتلهثون خلف ما يخص غيركم ؟..."

قال باستنكار:"ومادخلي أنا ! أنا أوضح لكِ الأمر ليس أكثر لأنني أعرف هذه الفتاة وأعرف كم هي متلاعبة "

سألته بجدية "وكيف عرفت انها متلاعبة؟"

قال ببساطة:"هذه النوعيات مريم رأينا مثلهم الكثير ،من لا يفرق معها إذا كان الرجل متزوجا أو غير متزوج وتسعى إلى الوصول إليه بأي طريقة وإن لم تصل تفعل ما فعلته، تدمر حياته ، فهل ستعطيها الفرصة ؟.."

فجأة وجد كلاهما طبق المُعجنات يوضع بحدة فيما بينهما بشكل أجفلهما فانتفضت مريم للخلف قائلة بانزعاج:"ماهذا ؟"

فلم ترد عليها زهراء لتضع أمام كل منهما كوب النسكافيه الساخن بحدة حتى كاد السائل أن ينسكب منه

رفع حاتم عينيه إلى عينيها ليصطدم بنظرة مشتعلة تحاول اخمادها ولأول مرة ينتبه أن زهراء لا تعرف مريم وكطفل صغير مشاكس انشق ثغره عن ابتسامة صغيرة مشاغبة وقد أدرك لمَ هذه العصبية والحدة في التعامل

قال بهدوء يقارب البرود:"أشكرك "

ابتسمت له ابتسامة سمجة وولته ظهرها عائدة إلى المطبخ بقلب مكسور تحاول جمع أجزاءه، لقد رأته يتحدث مع الفتاة بحميمية، كانا يتهامسان ،متى عرفها ومتى وصلا معا إلى هذه الدرجة من القرب ؟

أفكارها تتصارع ودموع عينيها أبية رغم نزف قلبها ولكن ما جعلها تُنحي آلامها جانبا هو صوت مريم الذي رغم انخفاضه إلا أنه وصلها حين قالت :"هل كل العاملين بهذا المكان غريبي الأطوار هكذا!"

تحفزت كل حواسها مع سماع كلمات مريم

ماذا تظن نفسها صديقته هذه ؟؟..

التفتت إليها ورفعت وجهها وأردفت بنبرة واثقة حاولت أن تضفيها على صوتها :"أنا لست عاملة هنا ، أنا صاحبة المكان "

قال حاتم وهو يكتم ضحكاته :"لم تقصد شيء زهراء"

لم ترد عليه ثم ولتهما ظهرها وأسرعت للداخل فانفجر حاتم ضاحكا أما مريم فكانت تتبع أثرها بذهول وأردفت بجهل :"ماذا بها هذه ومن أين تعرفها ؟.."

قال حاتم ضاحكا بمكر :"حسنا سأخبركِ من هذه ،ثم أردف بابتسامة ساخرة: عامة تقريبا نصف شباب العائلة عرفوا بالأمر "

قص عليها باختصار شديد حكاية زهراء معه ،ربما فعلها ليهون على مريم قليلا بالتفاعل مع أمر آخر غير مشكلتها وربما لأنه هو الذي يريد أن يتحدث في سيرتها

وبعد أن انتهى أردفت مريم بحنق فوق حنقها الأساسي:"وأنا التي كنت اتسائل لمٓ تتعامل بحدة !"

قال بنظرة خبيثة:"إذا عُرِف السبب بَطُل العجب"

قالت بعينين لائمتين:"أنت تماما كأخيك ،لمَ تكيد البنت هكذا وماذنبها أنها مطلقة ؟.."

تجهمت ملامحه وأردف باقتضاب مفاجىء عكس حالة الانتشاء التي كان عليها منذ قليل :"دعكِ من هذا الأمر الآن ،ثم أردف وهو يتناول كوب النسكافيه خاصته :اشربي المشروب الساخن حتى تهدأي قليلا"

تناولت كوبها وهو ما إن وضع الكوب على شفتيه وتذوقه حتى أبعده في وقتها قائلا لها مع إشارة من يده :"لا لا ،لا تشربي "

ولكنها كانت قد تذوقته بالفعل فأبعدته قائلة بقرف :"ماهذا المذاق؟ ثم أردفت بغيظ : هل هذه التي تقول عنها أنها تعد أشهى الأكلات!"

قال وهو ينظر جهة المطبخ:"كانت كذلك لا أعرف مالذي حدث اليوم "

قالت باستهزاء:"الذي حدث أنت تعرفه وكأنني كان ينقصني هذا الموقف فوق ما أنا فيه "

قال بجدية محاولا وضع الأمور في حجمها الطبيعي نصب عينيها :"ما أنتِ فيه يجب أن تتجاوزيه بسرعة حتى لا تعطي هذه البنت الفرصة لهدم حياتك "

قالت باقتضاب:"انا حياتي منذ زمن كبناء متصدع ،هي فقط مرت بجواره ودفعته بيدها ليهوى بسهولة "

دلفت رحاب من باب المطعم وحين وقعت عينيها على حاتم ومريم اقتربت منهما وأردفت بترحيب:"اهلا حاتم ،اهلا مريم "

استقامت مريم وصافحتها بحرارة وقبلتها وهي تحاول أن تبدو بشكل طبيعي قائلة:"كيف حالك رحاب انتي والاولاد ؟.."

قالت رحاب ببشاشة:"بخير حبيبتي وأنتِ والاولاد ؟"

وبعد السلام والتحية تركتهما رحاب وحين دلفت إلى المطبخ وجدت زهراء تقطع المطبخ ذهابا وعودة بتوتر وعيناها تقدحان شررا فأردفت بتساؤل وهي تضع ما بيدها فوق المنضدة :"ماذا بكِ؟.."

قالت زهراء بنبرة مٌتهكمة يتقاطر من بين حروفها الغيظ والقهر :"ألم تمري على منضدة البشمهندس ؟ هل من اللائق أن يحضر فتاة معه إلى هنا فقط ليكيدني؟.."

أغمضت رحاب عين واحدة وصمتت قليلا مُفكرة ثم أردفت:"أنا لا أجد معه أي فتيات ،معه فقط مريم ابنة عمه وزوجة يوسف أخوه "

اتسعت عيني زهراء عن آخرهما وأردفت :"حقا ؟.."

ضحكت رحاب قائلة وهي تغمز لها بعينها:"حقا ثم غمغمت بصوت غير مسموع :ولكن لا أستبعد أن يكون بالفعل يقصد ذلك "

لم تكد تتم جملتها حتى ارتفع صوت هاتف زهراء بالرنين، تناولته الأخيرة بأعصاب متوترة من ضغط الدقائق الماضية وردت على أمها ولكن سرعان ما تغير لون بشرتها وأصابها الشحوب حين استمعت إلى كلمات أمها ثم هتفت بانفعال :"حسنا أمي أنا دقائق وأكون عندك لا تتحدثي مع أحد "

وحين أغلقت سألتها رحاب بقلق:"ماذا هناك زهراء ؟.."

أردفت الأخيرة بوجه شديد البياض ليس به نقطة دماء واحدة وهي تجذب حقيبة يدها :"امي تقول إن سعد بالبيت ومعه لجنة هندسية من الحي يعاينون البيت ويقولون إنه غير صالح للسكن "

اتسعت عيني رحاب زعرا وهرولت زهراء للخارج بخطوات مسرعة حتى كادت أن تتعثر أكثر من مرة أما حاتم فما إن رأى حالتها هذه حتى انتبه وتحفز وهو يشعر برائحة الخطر تحاوطها من هرولتها وشحوب بشرتها

انتابته مشاعر متناقضة وهو يراها تخرج من باب المطعم مثل أن يلحقها ليعرف ماذا بها ربما تحتاج إلى مساعدة

فينهره عقله ويرده إلى رشده مُستعيدا كلام مُعتصم بأن يبتعد عنها مادام لا يتقبل ظروفها وألا يقف في منطقة البين بين

حسنا يتصل بها ليطمئن ليس أكثر ربما أصاب الفتاة الصغيرة مكروه

فيعود عقله ويزجره فالبنت وأمها لا يتجزأن عن بعضهما والقرب من واحدة يعني القرب من الأخرى

انتزعه من شروده ومعركة العقل والقلب صوت مريم التي أردفت بضجر:"حاتم هل ستوصلني إلى البيت أم آخذ أي مواصلة ؟..."

أردف بشرود وهو يلتفت إليها دون تركيز :"حسنا هيا أعتقد أنكِ هدأتي قليلا "

بعد أقل من ساعة

كان قد أوصلها بالفعل إلى البلدة وفي محاولة منه لإلهاء عقله بعيدا عن زهراء دلف معها فوجد عمرو ويحيى في المندرة يجلسان بمفردهما وحين رأى عمرو وجه مريم أدرك أن هناك شيء قد حدث فقال لها بنظرة متحفزة :"مالذي حدث؟.."

شعر حاتم في هذا الوقت بالضيق فقد توقع أن ينقلب يحيى وعمرو على يوسف بعد أن يعرفا فعلة سندس لذلك دلف مع مريم إلى المندرة واغلقوا جميعا الباب من الداخل وقصت مريم على أخويها ما حدث بصوت مختنق

ولكن ما تعجب منه حاتم هو رد فعلهما حيث أردف عمرو بعد سماعه لكل ما قالته مريم:"هذه الفتاة تقصد أن تخرب عليكما ،أنا كنت ضد يوسف في كل ما مضى ولكن هذا الموقف على وجه التحديد يوضح أنها بالفعل هي من تسعى للخراب "

أردفت مريم بحنق:"ومن الذي أعطاها الفرصة عمرو؟.."

قال الاخير:"هو بالطبع ولكني أوضح لكِ الأمور ليس إلا .."

أردف حاتم بارتياح :"نفس ما قلته لها.."

وأردف يحيى بعد أن استمع إلى الجميع:"هو بالطبع المُخطىء الأول ولكن لو كان شعر بخطئه ويريد الاصلاح فلا تٌعطي هذه الفتاة الفرصة حبيبتي ،أعرف أن هناك شرخ قد حدث في العلاقة ما بينك وبين زوجك ولكن كل شيء قابل للإصلاح مادام الطرفان على استعداد لذلك "

لاذت مريم بالصمت واحترم الجميع صمتها ففضل حاتم الانسحاب ليترك الإخوة يتحدثون بحرية ودلف هو عند أمه غالية

............

وكانت غالية تجلس في المطبخ على كرسي مُريح ومعها وصال التي تجهز لها طعام الغداء لأن أم أيمن مريضة اليوم ولن تأتي

كانت وصال تقف أمام الموقد تُقلب الطعام وعقلها شارد فيمن خطفه منذ سنوات حين دلف حاتم إلى المطبخ قائلا بلهجته المميزة بإخراج الحروف بطريقة أنيقة تدخل قلب غالية:"السلام عليكم أمي الحبيبة "

التفتت إليه قائلة بنبرة حنونة وهي تفتتح له ذراعيها:"حبيب قلب أمك هل شعر قلبك أنني أريدك لذلك أتيت "

اقترب منها واحتضنها وقبل رأسها وكان هو الأحوج في هذه اللحظة لهذا الحضن وأردف بخفوت:"في ماذا كنتِ تريدينني؟.."

قالها وهو يبتعد قليلا فأردفت هي بنبرة غير بريئة :"وصال اذهبي إلى الحديقة اقطفي عدة ثمار من الليمون "

انتبه حاتم إلى وصال وأردف وهو لايزال منخفضا بجسده أمام غالية:"أهلا وصال كيف حالك اعذريني لم انتبه "

ابتسمت له ابتسامة ودودة وأردفت:"لايهم كيف حالك أنت "

وبعد تبادل تحية روتينية ذهبت لتحضر الليمون فقالت غالية له وهي تشير على الكرسي المجاور:"اجلس حبيبي أريدك "

وحين جلس أردفت بلا مواربة:"هل تهون عليك ابنة عمك أن تظل هكذا يمر بها العمر وتكبر دون زواج ؟.."

اتسعت عينيه دهشة فهما تحدثا في هذا الأمر من قبل فأكملت هي:"أنت لا توجد فتاة في حياتك اليس كذلك ؟.."

تلقائيا قفزت صورة زهراء إلى رأسه ولكنه أردف بصوت متحشرج:"نعم "

قالت له بسرعة :"لمَ لا تعطي نفسك الفرصة،لمَ تقول لا دون أن تجرب وتحاول؟ البنت لا يوجد في جمالها وأدبها وأخلاقها ،اجلس معها وانظر إليها بعين مختلفة ربما تغير رأيك ثم أردفت بنبرة خاصة: أنا أرى أنها خسارة وأردت أن أعطيك فرصة أخيرة قبل أن أعرض الأمر على غيرك..."

عادت وصال بعد أن قطفت ببراءة ثمار الليمون فلم تعطي غالية الفرصة لأحدهما وأردفت وهي تستقيم واقفة:"انتظرني هنا حاتم سأعود حالا ثم حولت نظرها الى وصال قائلة: وأنتِ تعالي لتقطعي السلطة "

انصاعت وصال لأوامر جدتها دون علم بنيتها وانصرفت غالية وبقت وصال مع حاتم يجلسان متقاربين الفرق بينهما المنضدة ورغم أن هذا الانفراد لا يحدث كثيرا بين بنات وشباب العائلة إلا أن وصال لم تأبه وظنت أن جدتها ستحضر شيء وتعود مباشرة وبالفعل بدأت في تقطيع السلطة

أما حاتم فكانت كلمات غالية تعاد مرارا وتكرارا في أذنيه

هل عليه حقا أن يعطي نفسه فرصة مادام لن يستطيع أن يسامح زهراء ولن تكون له؟..

ارتسمت الجدية على ملامح وجهه وازدادت عينيه قتامة

ربما عليه فعلا أن يحاول نسيان زهراء التي استعمرت قلبه لايعرف متى وكيف في هذه الفترة القصيرة ورغم ما فعلته ورغم حنقه منها وعليها فلم يستطع نسيانها

رفع عينيه إلى وصال المنهمكة في تقطيع السلطة يتأمل وجهها الخمري المستدير المائل إلى البياض ووجنتيها الحمراوين بشكل طبيعي

ملامحها كلها جميلة، أردف بصوتِ متحشرج وهو يحاول أن يختبر إحساسه ومشاعره تجاه انثى أخرى غير زهراء:"كيف حالك وصال ؟.."

رفعت عينيها إليه بابتسامة حلوة وأردفت :"أنا بخير وأنت ؟.."

"بخير "

قالها وعيناه معلقتان بوجهها ثم أخذ يسألها عن أحوالها وماذا تفعل وكيف تقضي وقت فراغها

كلها أسئلة عادية بين أبناء العم وخاصة حين يكونان قد تربيا في بيت واحد وقضايا طفولتهما معا

ولكن وصال بدأ الشك يدخل قلبها حين تأخرت غالية وكانت قد انتهت بالفعل من اعداد السلطة

كان حاتم يتحدث في مواضيع غير مترابطة بتشتت عكس طبيعته وحين لاحظت ذلك ما كان منها إلا أن تناولت هاتفها من جيبها وأرسلت لمعتصم رسالة على الواتساب ومن حسن حظها رآها مباشرة

"معتصم أين أنت "

"في العمل هل هناك شيء ؟"

"هل تحدثت مع ماما غالية في موضوع طارق ؟"

"لا وصال كنت أنتظر انتهاء مراسم الاحتفال بعودة عمرو " وأتبع جملته بوجه يغمز

زمت شفتيها حتى لا يظهر عليها شيء وكان لحسن حظها حاتم قد توقف عن الكلام فكتبت هي

"حاتم يجلس معي الان وأشعر أن هذه الجلسة غير بريئة "

"أين تجلسان؟.."

"في المطبخ "

"في المطبخ " اتبعها بوجه بحاجب مرفوع

"ألم أقل لك أني أشعر أنها جلسة غير بريئة لقد تركتنا ماما منذ فترة معا"

"لا مادامت تركتكما فليست بريئة " اتبعها بوجه ممتعض

ثم كتب "حسنا اغلقي الان وصال"

أغلق معها وبعدها مباشرة رن هاتف حاتم الذي تناوله ورد مباشرة على معتصم فقال له الاخير :"أين أنت؟.."

قال حاتم وهو يعتدل واقفا ويشير بعينيه لوصال أنه سينصرف وبالفعل خرج للخارج :"في البيت الكبير معتصم حدثت عدة أشياء سأقول لك عليها لاحقا "

فأردف معتصم :"وحاليا بالضبط ماذا كنت تفعل؟.."

قال حاتم بسخرية وهو يتجه نحو أريكة غالية في منتصف البيت بخطوات بطيئة :"كانت ماما تحاول توفيق رأسين في الحلال فكنت أجلس مع وصال"

زفر معتصم الذي يجلس خلف مكتبه وأردف مٌتهكما:"وماذا كانت نتيجة الجلسة يا حبيبي؟.."

مط شفتيه وهو يجلس قائلا بضيق :"لا أشعر بها إلا كأخت لي ،مثلها مثل يسر"

قال معتصم بعدم فهم :"وما الذي يضايق في هذا؟..."

قال حاتم بزفرة حارة :"أنني كنت أريد بالفعل اقتلاع زهراء من رأسي، في كل الأحوال أنا لم أقابل من تلفت انتباهي والعمر يمر ،لو كنت أشعر تجاه أي من بنات عمي حتى بالقبول كنت فعلتها حتى أقطع على نفسي الطريق مع زهراء "

قال معتصم بنبرة محذرة:" اياك ،اياك أن تحاول نسيان امرأة بامرأة، ستدمر الاثنين وقبلهما ستخسر احترامك لنفسك، ثم أردف لينهي معه الأمر:إلى جانب أن وصال بالفعل تحب شخص ونحاول هذه الفترة إقناع أمي وخالي به فياليتك تنهي الموضوع مع أمي وتقول لها أنك أنت الذي لا تريد وصال"

"حسنا معتصم "

قالها وأغلق معه دون أن يٌحمِل نفسه عناء السؤال عمن هو الذي تحبه ابنة عمه ففي هذا الوقت بالفعل كان هناك زخم أفكار تتصارع في عقله تحمل كلها توقيع فاطمة الزهراء

الكاذبة المخادعة ،المعذورة في رواية أخرى، التي دق قلبه لها ولا يستطيع نسيانها بسهولة
.........

يتبع



التعديل الأخير تم بواسطة Heba aly g ; 01-11-21 الساعة 08:06 PM
Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:50 PM   #1143

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

خرجت غالية من حجرتها وأردفت بهمس وهي تقترب منه :"ماذا فعلت حبيبي ؟ تحدثت معها"
قال بفتور:"نعم"
قالت بلهفة:"ومالنتيجة؟"
قال ببرود:"ابحثي عن غيري، لا أشعر بالارتياح لها كزوجة "
قالت بغيظ :"لماذا يا ابن صالح ماذا بها ؟..."
"لا أراها سوى أخت لي ماما"
قالها قاطعة بنبرة حاسمة وهو بالفعل لا يراها غير ذلك .......
في بداية الجلسة حقيقة حاول أن ينظر إليها بعين مختلفة وفي نهايتها اكتشف فشله الذريع
وصال وكل بنات أعمامه لا يراهم إلا كما يرى يسر
وجميع البنات اللاتي عرفهن طوال حياته لم يَكٌن سوى تسالي شباب
واحدة فقط هي من شعر معها بمشاعر رجل تجاه امرأة ،استئذن من غالية المتذمرة وحين ركب سيارته وجد عقله لا يستطيع تجاوز منظرها وهي تجري أمامه تاركة المطعم فتناول هاتفه واتصل برحاب وحين ردت أردف بنبرة سعى أن تكون محايدة باضفاء عدم الاكتراث عليها:"رحاب ،هل كان هناك شيء يحدث مع زهراء اليوم وجدتها تهرول بطريقة غريبة خارج المطعم ؟"
*********
وزهراء كانت تقف عند مدخل شقتها بحنق وغضب وهي تتابع سعد والمهندسون الذين كانوا معه يعاينون المنزل وما إن خرج أخر فرد فيهم وكان خلفهم سعد حتى أردفت بصوت صلب:"سعد ،انتظر "
توقف قليلا في مكانه وهو يوليها ظهره ثم استدار وأردف بفتور:"نعم فاطمة "
ظلت في نفس المكان تقف أمام باب الشقة وتستند براحتها على اطار الباب الخشبي وأردفت بوجه متحجر :"مالذي تفعله ؟ هل فكرت إن انهار هذا المنزل أين سنجلس ثم أشارت بسبابتها للداخل قائلة بصوت مختنق:هذه الصغيرة ،ابنتك ألا تفكر فيها ؟.."
تقدم منها خطوتين فكان يقف في منتصف مدخل البناية الضيق وأردف بهدوء:"البيت بالفعل مُتهالك وإن عشتم فيه يوم لن يصلح لليوم التالي ثم اكتست نبرته بالجدية قائلا بنظرة متحمسة:اسمعيني، سأعرض عليكِ عرضا جيدا أنتِ ستتركين البيت لمدة شهرين أو ثلاثة ، في هذه الأشهر القليلة سنهدم البيت وعلى الأرض سنشيد بناية كبيرة أول شقة ستنتهي ستكون من نصيبك تعيشين فيها أنتِ والبنت طوال العمر معززات مكرمات"
نظرت إليه بصدمة وأردفت بصوت مبحوح:" استحالة أن تهدم البيت وتستخرج التراخيص وتبني وتشطب في شهرين ،الأمر سيطول عن هذا بكثير أين سنعيش طوال هذا الوقت ؟.."
قال بهدؤه المستفز:"تؤجرين شقة صغيرة حتى ننتهي"
أردفت :"وهل ستدفع أنت ثمن ايجارها ؟ بل هل تعرف ايجار شقة صغيرة يكلف كم هذه الأيام ؟."
زمجر قائلا بنظرة صارمة:"فاطمة ،ما أعرفه عنكِ أنكِ ولله الحمد تملكين مطعم ولا تحتاجين إلى المال بالطريقة التي تصدرينها لي وللجميع حتى تستدري عطفهم"
اتسعت عيني فاطمة واشتعلتا بالغضب وكانت أمها تقف قبالتها من الداخل تحمل فرح فهمت المرأة بالخروج لسعد ولكن فاطمة نظرت لها نظرة واحدة وهي ترفع يدها أمامها بما يعني أنها به كفيلة وأردفت وهي تحدق فيه بشكل أربكه :"أي مطعم هذا الذي أملكه؟ المطعم البسيط الذي نتشارك فيه انا واثنان آخران؟
هل تصدق نفسك أن العائد يكفي لحياة كريمة كالتي تحياها أنت وابناءك ؟
ثم أردفت وهي تقطب ما بين حاجبيها :وأي عطف هذا الذي استدره؟
لمَ تشعرني أنني اتسول منك رغم أن أي قرش كنت ترسله كان يُصرف بالكامل على ابنتك وأزيد أنا عليه الضعفين أليست مسئولة هي الأخرى منك كأخوتها؟..
اشتعلت عينيها بالغضب وهي تكمل: لقد تنازلت لك عن كل حقوقي وحقوق ابنتي حتى أتخلص منك ومن البقاء على اسمك وفي النهاية تقول هذا؟.."
كان يستمع لها بغيظ والغضب يلمع في عينيه وملامحه قد تشرست فأردف بامتعاض وهو يضع يده في جيبه ويخرج عدة ورقات مالية:"البيت بالفعل باسمي وفي كل الأحوال سأفعل ما أراه مناسبا لذلك ابحثي من الآن عن مكانا مناسبا حتى ننتهي كما قلت لكِ"
أتبع كلماته الأخيرة وهو يمد يده لها بورقات قليلة من النقود فنظرت إليه بذهول وسحبت النقود من بين يديه ونظرت فيها قائلة بصدمة:"هل هذه النقود لايجار شقة؟ أنت تمزح ؟ أنا اليوم قدمت لفرح في حضانة بضعف هذا المبلغ "
جز على أسنانه والتمعت عينيه بخطورة وأردف بصوت عال :"أي حضانة التي تهدرين فيها أموالك ياغبية ! البنت لديها إعاقة ذهنية ولن تتقدم قيد أنملة، لن تتعلم ولن تستوعب"
صاحت فيها مقاطعة بحدة:"من قال لك هذا ؟ كثيرون مثلها ويتعلمون وينجزون ويتزوجون وينجبون "
"ينحبون أطفالا مثلهم "صرخ فيها بصوت حاد أجفلها وبنبرة عنيفة جعلت جسدها كله يرتج
وحين شعر بصدمتها ورأى هزيمتها في نظرة عينيها القى قنبلته وضرب ضربته القاضية قائلا :"ليس هناك امل لا في تعليم ولا في حياة عادية كبقية الاطفال وهذا ما كنت أحاول تنبيهك له ولم تنصاعي ولم تستوعبي وقتها،جز على أسنانه قائلا بغضب: اي زواج وإنجاب الذي تحلمين لها به ؟
ثم أردف بكل حقد الدنيا:هل تعرفين لمٓ لم أكمل معكِ ؟
هل تعرفين لم توقفت بيننا الحياة ؟ ارتفع صوته الحانق قائلا:سأقولها لكِ لأول مرة ،لاني خفت أن أنجب منكِ طفل آخر مثلها ، وفي النهاية كلانا سليم ما بالك بها وهي تحمل الإعاقة بالتأكيد ستورثها لمن ستنجبهم،وهذا طبعا في حال حدثت المعجزة وتعلمت وتطورت وصارت مثل الأشخاص العاديين
انخفضت نبرة صوته قليلا وهو يقول بتأنيب: هل عرفتي الان المصيبة التي أوقعتي نفسك فيها ؟
ثم صاح بشكل أجفل الصغيرة وجعلها تحتمي في حضن جدتها :هل عرفتي أنني كنت على حق حين قلت لكِ أن تجهضيها ؟..."
كانت عيني زهراء مفتوحتين بصدمة وملامح وجهها كلها قد تجمدت وحين انتهى من صفعها بكلماته أردف أخيرا وهو ينهت انفعالا:"اخرجيها من هذه الحضانة ولا ترهقي نفسك وترهقيني وبالنقود كما قلت لكِ أجري شقة صغيرة أو غرفة والأشهر ستمر بسرعة وكما قلت لكِ تأخذين الشقة التي وعدتك بها "
فوجدت نفسها بعد أن أهان صغيرتها التي هي لها كل الحياة تمزق الأوراق المالية التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع مٌتحدية له تحت نظراته المجنونة وأردفت بعناد وهي تلقيهم في وجهه دون خوف:"لا أريد منك شيء، اغرب عن وجهي بوجهك القميء هذا وقلبك الاسود وأموالك المسمومة، وابنتي أنا كفيلة بها.."
كانت أم مبروك التي تتابع الأمر من البدايه تتابع الموقف هي و بعض نساء الحي وحين أدرك سعد أنه محط انظارهن نظر إلى الأموال الملقاة أرضا وأردف باحتقار بنظرة شملتها من أعلى لأسفل:"كان عليّ أن أعرف من البداية أنكِ لستِ وجه نعمة"
كانت فرح تتشبث في ملابس جدتها خوفا من الصوت العالي فنظرت إليها فاطمة بنظرة متعاطفة ثم أردفت بصوت عال وقد ولاها سعد ظهره مغادرا :"النعمة التي تأتي من ميراث أرملة استولى زوجها الثاني على أموال زوجها الراحل أنا في غنى عنها فأنا امرأة كرامتي فوق كل شيء لست كبعضهم أبيع نفسي مقابل المال "
توقف لثانية واحدة وهو يجز على أسنانه ويرغب في إلقاء أي شيء في وجهها ولكن رؤيته للنسوة المجتمعات أمام بوابة البيت جعلته يبتلع غضبه في حلقه ويغادر ومن داخله لا يشعر بذرة ندم تجاه تلك الوقحة الواقفة خلفه
********
بعد أن حدث معتصم حاتم حتى ينبهه إلى أن يخبر غالية برفضه لوصال لحاجة في نفسه لم يفته أن يفعل المثل مع عمرو الذي قال له بالنص:"بالطبع سأرفض إن فاتحتني في الأمر أنت تعرف مبدأي"
فأردف معتصم مؤكدا عليه :"حسنا المهم إن حدث وفاتحتك أن تشدد عليها بانك ترفضها على وجه التحديد لأسباب عدة، مط معتصم شفتيه قائلا :لا أعرف هذه الأسباب، اختارها أنت كما يروق لك "
فأردف عمرو بلا اكتراث:"لا تحمل هم الأسباب يا باشا فلدي الكثير ثم ضيق عينيه قائلا بتساؤل :المهم لم تفعل كل هذا أخبرني ؟.."
فاردف معتصم بسرعة:"في وقت لاحق فلدي الان عمل"
ولم يمر وقت طويل حتى كان ما توقعه معتصم يتحقق ويجد عمرو غالية تطلبه وحين جلس بجواها أردفت بهمس كمن تقول له سرا لأن وصال بداخل غرفتها ترتبها لها :"بما انك ولله الحمد هداك الله وستستقر معنا لم لا تفرح قلب جدتك قبل أن تموت وتتزوج لأرى أبناءك ؟"
مال عليها قليلا وأردف بنفس الهمس بتهكم خفي:"بارك الله في عمرك حبيبتي ولكن أخبريني أتوجد فتاة معينة في ذهنك ؟.."
قالت بملامح جادة :"وهل ستجد أفضل من وصال؟.."
اتسعت عينيه وغمغم بصوت غير مسموع :"هل تقرأ الطالع يا معتصم؟.."
فقالت غالية :"ماذا تقول ؟.."
فاعتدل في جلسته وأردف بنزق :"اقول لا تناسبني ماما "
قالت باستنكار:"لماذا ماهو الغير مناسب فيها؟.."
يعرف أنها لن ترى في أي من احفادها أي عيب ولكنه كان يريد أن يخرج من هذه الورطة من أجله ومن أجل وصال نفسها فهي آخر من يفكر فيها فأردف وهو يرفع حاجبا واحدا :"لا أشعر بها كزوجة هي كأختي تماما "
تمتمت من بين أسنانها بغيظ:"ما بالهم جميعا يرونها هي على وجه الخصوص كاختهم "
فأكمل عمرو :"كما انني لي مواصفات فيمن سأختارها أولهم، اخذ ينظر حوله يبحث عن أي سبب فأردف بأول سبب جاء أمامه:أولهم أن تكون صغيرة "
قالت غالية باستنكار وهي تضيق ما بين حاجبيها:"ماذا بك يا ابن نعمة وهل وصال كبيرة ؟..."
مط شفتيه قائلا بملامح طفل مشاكس :"بالنسبة لي نعم فأنا أريدها تحت العشرين حتى يكون هناك فرق سن معقول بيننا "
شعرت غالية أن هذا الولد يماطل فأردفت بحيرة :"وفي ماذا ستفرق معك تحت العشرين أو فوقها بقليل ؟..."
قال بنظرة شقية ونبرة مرحة ليشتت ذهن غالية :"تحت العشرين أمي تكن كتكوتة صغيرة "
وما إن نطق جملته حتى تصادف دخول مودة من بوابة البيت مٌلقية السلام عليهما وهي تحمل كتبها على يد والمعطف الابيض على اليد الأخرى ويبدو الإرهاق جليا على كل قسماتها
فنظرت غالية إليها ثم أعادت النظر إلى عمرو الذي يجلس بثقة أمامها ملامحه كلها تنبض بالشباب والحيوية وذقنه النابتة حديثا تعطيه جاذبية فوق جاذبيته وأردفت بنزق :"كتكوووتة... فهمت يا ابن نعمة لمَ لم تقل ذلك من البداية؟..."
ضيق ما بين حاجبيه وأردف بجهل :"أقول ماذا؟..."
قالت لتغلق الأمر مع اقتراب مودة :"نتحدث لاحقا في هذا الأمر على رواق ..."
وحين اقتربت مودة قبلت رأس جدتها فأردف عمرو مشاكسا :"كيف حالك يا دكتورة ؟..."
ومن نبرته عرفت أنه يتهكم عليها كالعادة ولم تكن على استعداد للمزاح فمحاضرات اليوم أنهكتها فأردفت:"بخير ثم قالت لغالية :سأصعد ماما هل تريدين شيء؟.."
فأردفت غالية بذهن مشغول:"سلامتك يا كتكو.. ثم استدركت بسرعة:سلامتك يا دكتورة..."
********
مساءا في غرفة غالية
بعد أن سكن البيت الذي كان يَعُم بالضجيج طوال اليوم وآوى كل منهم إلى بيته كان معتصم يجلس بجوار غالية في فراشها وهي تجلس في منتصفه متربعة بهيبتها وحضورها تستمع له بانصات شديد فأردف بهدوء:"ماذا فيها إن تزوجت من خارج العائلة هل فرض على الجميع الزواج من داخلها ؟.."
قالت غالية بجدية :"ليس فرض ولكن الافضل "
قال معتصم مٌقارعا:"ومادامت لم تتوافق مع أحد شباب العائلة أنا أرى أن تفتحي المجال للاختيار من خارجها مادام الشخص لا يوجد عليه غبار"
قالت وهي تضيق عينيها:"وكيف وصل إليك لم تخبرني؟.."
قال مُراوغا :"سأل أمي حتى وصل ،المهم الان مادمتِ تأكدتي أنها لا تريد أحد من شباب العائلة ولا أحد يريدها أن تقنعي خالي يونس والبقية بهذا وتعطوا الفرصة للشاب ثم أردف محذرا بخبث :أم أنكِ تريدينها أن تبقى حتى يكبر سنها أكثر من ذلك ولا يرضى بها أحد وقتها ،أول كلمة قالها لكِ عمرو كما قلتِ انها كبيرة وهي لم تتجاوز الرابعة والعشرين بعد ما بالك إن بقت لسنوات أخرى..."
انقبض قلبها من كلماته وأردفت:"بعيد الشر عنها، ابنتي ليس هناك مثلها"
قال مٌشددا على حروف كلماته :"ابعدي الشر أنتِ أمي وقربي الخير بيديكِ هذه قالها وهو يميل على يديها مٌقبلا بحنان جعل قلبها يلين ،ما به هذا الولد ؟ كيف يأسرها ويسحرها بكلماته فتمشي خلفه كالمٌغيبة ،كيف أن كلماته تلقى صدى بداخلها؟"
أردفت غالية بنبرة محايدة :"دعني أفكر وأستخير الله وأسأل أباك عمران "
قالتها وهي ترفع عينيها إلى صورة عمران الضخمة التي تزين منتصف الحائط فعرف أنها بذلك تريد خلوة مع نفسها فأردف وهو يستقيم واقفا:"حسنا أمي خذي وقتك ولكن أريدك وأنتِ تفكري أن تتذكري قول رسول الله( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) "
غمغمت بصوت مُنخفض :"عليه أفضل الصلاة والسلام"
********
بعد أن أخذت حمامها وجففت شعرها وصففته بعناية ارتدت منامة قطنية بكم طويل ورغم أنها محتشمة إلا أنها كانت عليها في غاية الرقة والجاذبية ،وضعت عطرها وأسدلت شعرها الطويل على ظهرها وكتفيها فانسدل كليل حالك باغراء شديد
كانت طوال الوقت الماضي تحرص على جمعه في عقدة في منتصف رأسها أو في ذيل حصان ولكنها اليوم شعرت برغبتها في إطلاق سراحه ففعلتها ربما رغبة منها في الشعور بأنوثتها
وربما رغبة في جذب انتباهه وهو كأبي الهول لا ينطق إلا بألغاز رغم تصرفاته التي تخونه أحيانا فتشعر به كرجل يحتاج إلى أنثى وأحيانا كحبيب يحتاج إلى حبيبة
لو ينطق فقط فتفك شفرة غموضه سترتاح فأكثر ما يؤرقها هذه الفترة هو غموضه وثقله ورغم أنه يروق لها كرجل ثقيل ولكنها تنتظر بشدة بوحه
كانت قد طبقت ملابسه التي غسلتها فهمت بوضعها في الخزانة وترتيبها فتناولتهم ودلفت إلى غرفة تبديل الملابس المٌلحقة بغرفة النوم ،أضاءت ضوءاً خافتا ووقفت أمام الارفف تضع الملابس في مكانها فوجدت أسفل رف من الارفف طرف ملون فجذبته ببطء فكان لحقيبة ورقية تبدو من لونها أنها بها هدية ما
دفعها فضولها لفتحها فوجدت في المقدمة زجاجة عطر ففتحتها وما إن فتحتها حتى تسسلت رائحة عطر شديد الرقة في المكان ،قربتها من أنفها ومن جمال رائحتها أسبلت أهدابها لثانية واحدة وهي تبتسم ثم فرقت أجفانها ثانية ووضعت يدها في الحقيبة فأخرجت جراب من القطيفة الحمراء وحين فتحته بحذر وجدت به خلخال ذهبي شديد الرقة تتدلى منه فراشات ملونة شديدة الصغر
اتسعت عينيها اعجابا به وفي القاع كان هناك بطاقة صغيرة يبدو أن مكتوب بها اهداء همت بمد يدها وتناوله
أما معتصم فكان بالفعل فتح باب الشقة بمفتاحه ودلف للداخل ،وضع سترته ورابطة عنقه فوق الفراش وحين لم يجدها دلف بخفة إلى غرفة تغيير الملابس وحين وجدها توليه ظهرها ويبدو عليها الانهماك في شيء ما ابتسم وهو يتسلل ببطء كعادته وحين اقترب أحاط خصرها بذراعيه بقوة
بقوة حبه واشتياقه وجموح مشاعره وطبع قبلة طويلة فوق شعرها المتناثر حول وجهها ،وهي حين اقترب منها أجفلت للوهلة الأولى ولكنها لم تختض ككل مرة لأن رائحة عطره سبقته ،حين طالت قبلته ابتسم ثغرها بسمة لم يراها هو وشعرت بدوار خفيف ولكنه كان يدعمها بذراعيه وتستند برأسها على صدره فغمغم بصوت مبحوح بجوار أذنها :"ماذا تفعلي؟..."
لم تجد صوتها أمام قربه المُهلِك هذا فتمتمت بكلمات لم يفهمها وهي تشعر بمشاعر متناقضة
السعادة والارتياح لقربه والغيظ منه لأنه يتبع معها سياسة الاقتراب المُهلِك يعقبه الابتعاد البارد ،هكذا منذ زواجهما، يوترها بمشاعر مختلطة متضاربة والمشكلة إنه لا يتكلم
اتسعت عينيها فجأة وهي لا تزال تتنعم بقربه وفي نفس الوقت تتذكر ليلة زفافهما حين اقترب منها وذكرته هي بوعد الرجال ،أيكون هذا السبب ؟
هل يفي بوعده معها رغم احتراقه الذي تشعر به من لهيب أنفاسه حين قربه وضجيج نبض قلبه الذي تكاد تسمعه
أينتظرها مثلا أن تحله من الوعد ؟....
ازدادت ضربات قلبها وتحفزت حواسها فرغم كل شيء ستخجل أن تقولها....
ستخجل أن تبوح له انها أصبحت تشتاق لقربه وتنتظره
لم لا يفعلها من نفسه وهي وقتها لن تقول لا ؟
هكذا كانت تفكر وهي بين ذراعيه
أما هو فحين شم رائحة العطر الذي يحفظه ابتعد قليلا وأردف :"ما الذي معكِ؟"
التفتت بجسدها كله حتى واجهته وكان وجهها كله متخضب بالحمرة وأردفت وهي تمسك الحقيبة الورقية بما تحويها :"انا وجدت هذه ،ثم أردفت بحيرة:لمن هذه الأشياء؟.."
اتسعت حدقتيه قليلا وهو ينظر لما بين يديها ثم أسبل أهدابه لثانية ،ثانية واحدة كانت كفيلة لاسترجاع ذكرى تعود لثمانية أعوام ماضية يوم أن عاد إلى البلدة بعد رحلة عمل استمرت لعدة أشهر دون إجازة
وكان يصادف يوم ميلادها السابع عشر، وقتها قرر أن يصارحها بحبه فأحضر لها زجاجة عطر شعر أنها تليق بها ومعها خلخال ذهبي فقد كان أكثر ما يميزها الخلخال الذي لايفارق قدمها
وفي بطاقة رقيقة كتب كلمات خرجت من القلب وحين عاد إلى البلدة سمع الخبر الاقسى على قلبه وهو أن راشد طلبها لابنه ووافق الجميع وهي أولهم
:"معتصم ماذا بك ؟"
انتزعته من شروده ففرق أجفانه ببطء وسحب منها الحقيبة بخفة قائلا :"هذه لها قصة سأحكيها لكِ فيما بعد ولكني الآن جائع "
شعرت بالضيق لأنه لم يرد على سؤالها،حسنا إن كانت لها لمَ لم يعطيها لها ولمَ أخذها منها ثانية؟..
لم تجد إجابة لتساؤلاتها فأردف هو مُشتتا انتباهها عن التفكير:"منذ أن تذوقت طعامك وأنا لا أشتهي أي طعام خارج البيت لذلك أظل طوال اليوم بلا طعام "
تنحنحت بخجل وهي تبتعد عنه وعن المساحة الضيقة التي كانا فيها وأردفت :"حالا سأعد لك الطعام "
خرجت وتركته وهو تأكد أنها لم ترى البطاقة المكتوب فيها الإهداء لأنها كانت كما هي في قاع الحقيبة فأحكم لف الحقيبة ووضعها في مكان آخر ،فهذه الهدية مميزة للغاية عنده
كان قد أحضرها لحبيبته ليصارحها بحبه وسيظل يحملها لحبيبته حتى يصارحها بعد أن يتأكد أن المشاعر متبادلة
خرج هو الآخر ودلف إلى حمام غرفته مباشرة ليأخذ حماما مُنعشا أما هي فكانت تقف في المطبخ تضع الطعام على الموقد لتسخنه وهي تغلي فوق صفيح ساخن ،أفكارها تصارعها حتى تكاد تصرعها
هذه الهدية لمن إن لم تكن لها ؟
شردت بعينيها قليلا وهي تتذكر حين قال لها أنه لا يوجد رجل لم يحب ،الحقيبة بما فيها لا تبدو حديثة بل تبدو قديمة نوعا ما وكان يدسها بحرص خلف ملابسه
هل يمكن أن تكون تخص امرأة أخرى ؟
انتبهت من شرودها على رائحة الطعام فأغلقت الموقد بسرعة وتزامن ذلك مع رنين هاتفه الموضوع على الطاولة الرخامية أمامها
نظرت فيه لتجد رسالة واردة ولأن هاتفه مٌغلق ببصمة الاصبع ورمز مرور لم تجد سوى جزء من الرسالة يظهر أعلى الشاشة مضمونها :"كيف حالك معتصم طمأنني عليك حبيبي"
وحين نظرت إلى الاسم كان مسجلا باسم امرأة
غلت الدماء الساخنة في أوردتها واندفعت إلى رأسها واحتقن وجهها ولم تدري بنفسها الا وهي تدخل الغرفة تبحث عنه فطرقت على باب الحمام بعنف تعجب منه ففتح لها وهو يرتدي بنطال قطني فقط ويجفف رأسه بالمنشفة أما هي فتجاهلت هيئته تماما وهي تضع الهاتف أمام وجهه قائلة بحدة :"افتح لي هذا الهاتف "
رفع حاجبا واحدا متعجبا من حالتها وأردف :"لماذا؟"
قالت بنفس الحدة :"افتحه بعدها أقل لك لماذا"
فتناوله منها وفتحه فسحبته منه ودخلت على الواتساب وأردفت :"من هذه التي تراسلك وتقول لك ياحبيبي ؟"
مال عليها ونظر في الهاتف وأردف بهدوء مستفز بعد أن قرأ الاسم:"وماذا بها إن قالت ياحبيبي ؟"
قالت بغيظ:"رد على السؤال من هذه ؟ضغطت شفتها السفلى بأسنانها ثم أردفت بنظرة مشتعلة:هل هذه حبيبتك التي قلت لي من قبل عنها؟"
أشار إلى نفسه بسبابته قائلا باستنكار:"هل قلت لكِ من قبل عن حبيبة سابقة دون أن أدري!"
قالت :"نعم قلت لا يوجد رجل لم يحب في شبابه "
قال بابتسامة مستفزة:"نعم قلت هذا مالمشكلة الان؟"
صاحت فيه بحدة :"من هذه التي أرسلت لك الرسالة ولمَ تراسلك؟"
وضع المنشفة المبللة على الحوض بجواره وأردف بهدوءه المستفز:"هذه الدكتورة روحية والدة اشرف صديقي تعتبرني مثل ابنها وتطمئن علي كل فترة"
غصت الكلمات في حلقها وأردفت وهي تنظر في الاسم المسجل أمامها:"حقا والدة صديقك؟"
أخذ الهاتف ودخل منه على تطبيق الفيسبوك ومنه على صفحة الدكتورة روحية وأردف وهو يضع الهاتف أمام وجهها:"هذه صفحتها على الفيسبوك انها استشارية نفسية في مجال الإرشاد النفسي والأسري ستجدين على صفحتها معلومات رائعة عن العلاقات الزوجية والمشاكل بين الطرفين وكيفية علاجها ،بامكانك متابعتها من على صفحتي أو الاشتراك على صفحتها من عندك "
أصابها الخرس وهي تنظر في الصورة الشخصية للدكتورة روحية فهي امرأة كبيرة في السن فعلا وعلى وجهها بشاشة
أردفت اخيرا بصوت متحشرج :"ظننتها حبيبتك السابقة"
قال بابتسامة حلوة ونظرة ثاقبة إلى عمق عينيها :"وإن كانت حبيبتي السابقة هل سأسمح لها أن تراسلني وأنا متزوج؟"
قالت بفضول :"هل أعرفها؟"
ابتسم ابتسامة صغيرة وهو يرى فضولها في عينيها ولم يكن يشبعه في هذه اللحظة فضولها فقط فأردف وهو يدخل إلى الحمام ليأخذ التيشيرت ويرتديه :"عنان رمز دخول هاتفي **** احفظيه ربما تحتاجين فتح الهاتف في أي وقت "
قالت بحرج:"لا طبعا ولمَ سأفتحه أنا فقط "
قاطعها قائلا وهو يقترب منها مرة أخرى عند الباب المفتوح بينهما :"جوعي قد اشتد"
فقالت بتلعثم:"هيا بنا لقد اعددت الطعام بالفعل"
خرجا معا وبالفعل بدأ بتناول الطعام بشهية مفتوحة أما هي فكانت غارقة في متاهة من الافكار والحيرة تفتك برأسها فأكثر ما يثيرها شخصية كشخصيته الغامضة
وهو كان يعرف ذلك ،كان يتعامل مع عنان بالطريقة التي تصلح مع عنان ،وبالطريقة التي تليق به ،كان يريد الوصول إلى أبعد نقطة في قلبها ليرضي لهف قلبه طوال السنوات الماضية
ومن توترها شعر أنه يضع قدمه معها على أول الطريق
*********
يتبع


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:54 PM   #1144

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

في اليوم التالي بعد الظهر

كان موعد انصراف طلاب الروضة قد حان وكانت يسر تجلس على مقعدها وبجوارها مباشرة الصغير مهند الذي توطدت علاقتها به كثيرا الفترة الماضية وكانت صديقتها نهلة تباشر الصغار الذين يأتي ذويهم لاستلامهم

كان مهند ينظر إلى أصدقاؤه الذين تأتي أمهاتهم لاستلامهم نظرة شغوفة وكانت يسر تلتقط هذه النظرة فلم تدعه كثيرا للتأمل وأخذت تداعبه وتشاكسه فيضحك وفي النهاية ضمته إليها بحنان دافق وقبلت رأسه وهي لا تزال تضمه إليها فاقتربت منها نهلة قائلة بهمس:"يُسر ألم أقل لكِ من قبل أن اقترابك الشديد من مُهند يلفت أنظار باقي الاطفال وهذا ليس مهنيا ،لابد من معاملة الجميع على حد سواء"

رفعت إليها يسر عينيها وأردفت بصوت منخفض:"أنتِ تعرفين السبب نهلة"

اقتربت منها الأخيرة أكثر وأردفت بمودة:"حبيبتي أنا أعرف السبب ولكني انبهك فقط "

قالت لها يسر بهمس وبنظرة معبرة :"شيء خارج عن إرادتي ثم أنه بالفعل يحتاج إلىّ أكثر منهم "

صمتت نهلة لا تدري ماذا تقول ولم تستطع يسر أن تكمل كلامها لتقول لها أنه يحتاجها وهي أيضا تحتاجه

أما والد مهند الذي كان يقف عند باب القاعة منذ أكثر من دقيقة ولم ينتبه له أحد فكان ينظر إلى صغيره الذي تغمره يسر في حضنها وعلى وجهه ابتسامة راضية وحين انتبهت له نهلة أولا تقدم للداخل واقترب منهما وحين انتبهت يسر استقامت واقفة وابتسمت له بمودة فأردف بابتسامة شملت وجهه كله:"أشكرك على كل ما تفعليه مع مهند لا أستطيع وصف تأثيرك عليه في كل الامور"

أردفت يسر بخجل:"لا شكر على واجب هذا واجبي"

فأردف الرجل بنظرة عميقة ممتنة:" ليس واجبا بل فضل منكِ أن تعامليه كابنك"

فأردفت يسر بقليل من الارتباك :"هو بالفعل كابني"

كان يحيى له أكثر من عشر دقائق ينتظرها بالخارج ويتصل بها ولا ترد فلم يجد سوى الدخول إليها وحين دخل ووجدها تقف قبالة هذا الرجل تجهم وجهه فجأة خاصة حين رآها تبتسم بخجل وهو يعرفها حين تخجل ويحفظ سكناتها

وحين انتبهت له يسر وكان مهند للتو يستعد للذهاب مع والده أردفت متفاجأة:"يحيى!"

فنظر هو للرجل الثلاثيني الذي يقف معها نظرة شملته من أعلى لأسفل وأردف باقتضاب وحاجبين معقودين وهو يعاود النظر لها:"هيا "

شعرت بتجمد ملامحه وانفعاله فابتسمت لمهند ووالده دون كلمة واحدة وأخذت حقيبتها بسرعة قائلة لنهلة:"اراكِ غدا حبيبتي"

فبسط يحيى ذراعه أمامها لتتقدمه وسار بجوارها بخطوات سريعة كانت تُسرِع الخُطى حتى تلحقه

قاد يحيى بوجه مقلوب ثم أردف بتساؤل يحمل بين طياته توبيخ:"من هذا الذي كنتِ تقفين معه؟."

قالت بهدوء حذر وهي تنظر إلى ملامح وجهه المتجهمة:"هذا والد مهند كان يستلمه مني"

مط شفتيه دون أن ينظر لها وأردف بازدراء:"ولأنه والد مهند تقفي معه وتضحكين هكذا ؟"

قالت باستنكار وحاجبين مرفوعين:"أنا كنت أضحك معه؟"

قال ببرود مستفز :"نعم كنتِ تضحكين ولم يصيبني العمى لتكذبيني"

جزت على أسنانها تكظم غيظها وتٌلجم غضبها ثم أردفت :"أنا كنت ابتسم ،ابتسامة فقط ردا على شكر الرجل لي لاهتمامي بالولد"

قال بنبرة تفوح منها رائحة الغيرة جلية:"نعم ،لابد أن يشكرك فأنتِ تهتمين بالولد داخل المدرسة وبالبيت أيضا"

ضيقت عينيها قائلة:"ماذا تقصد؟"

كان يسير على طريق يحيطه الزرع من الجانبين فتوقف بالسيارة على جانب الطريق ونظر لها قائلا بحاجب مرفوع ونبرة محذرة:"توقفي عن مكالمات الفيديو مع هذا الولد ،هذا لا يصح ففي النهاية كما قلتِ والدته متوفاة ولا توجد امرأة في البيت لتتحدثي معه بالساعات هكذا"

شعرت بنغز في قلبها فأردفت بصوت منخفض:"ماذا تقول يحيى؟"

صاح فيها بحدة :"أقول ما يجب أن تفعليه،أقول الصواب واسألي أمك أو أمي غالية ستقولان لكِ أنني على حق"

قالت بقلب منقبض :"أنا لن أسأل أحد ولن أترك الآخرين يتحكمون في تصرفاتي ما دمت لا أفعل شيء خاطيء"

صاح فيها بانفعال:"بل خاطيء يا يسر وانا أقول إنه خاطيء ، يكفيكِ الساعات التي تقضينها مع الاطفال في العمل ،لسنا مجبران على أن تمتد ساعات العمل داخل المنزل "

قالت بلين لتقنعه:"أنا لا أعتبره عمل مفروض علي أنا بالفعل أحب الولد"

قال بغضب :"ولانكِ تحبيه يجب ألا يتعلق بكِ يسر ويحدثك في أي وقت، من ادراني أنكِ حين تحدثينه لا يكون أبوه هذا بجواره يرى وجهك ويستمع إلى صوتك"

بٌهِتت من منطقه وأردفت باستنكار:"هكذا الحكاية إذن ؟أنت تغار من طفل صغير"

صاح فيها بانفعال:"أغار من خيالي ،انتهى الأمر يسر ولا تجعليني أندم أنني سمحت لكِ بالعمل"

قالت باستنكار :"سمحت لي!"

قال بحاحبين معقودين:"انتهى الأمر كما قلت" قالها وهو يدير محرك السيارة وينطلق بها إلى البيت
********
بعد العصر بساعة في شقة معتصم في مركز المحافظة

كان يجلس الأخير ومعه يوسف في الشرفة يدخنان في الوقت الذي كان يقص فيه يوسف على معتصم بغل وندم في آن واحد ما حدث من سندس وأردف في النهاية باستياء:" هل تعرف سندس هذه نموذج للمرأة التي تستحق الضرب في ميدان عام ،المهم أننا مأمورون بالرفق بالقوارير! أشعر أنني أريد أن أكسر فوق رأسها مائة قارورة حتى يشفى غليلي"

أردف معتصم بسخرية لاذعة:"الحديث الشريف عن قارورتك أنت يا حبيبي ما دخلك أنت بقوارير الآخرين؟ لو ركزت من البداية في قارورتك لما حدث كل هذا "

قال يوسف وهو يتناول سيجارة أخرى ويشعلها :"سبق السيف العزل ثم أردف بحاجب مرفوع بشر:لم أحاسبك بعد على فعلتك"

قال معتصم بتساؤل:"أي فعلة؟"

قال يوسف بعتاب :"ترتب مع عمرو كل هذا دون أن تخبرني ؟"

قال معتصم بهدوء:"لم أرتب شيء هو طلب مني طلبات وأنا قمت بواجبي معه ولا علاقة لي بما بينكما في النهاية هو ابن خالي"

قال يوسف ساخرا :"تقصد في النهاية ابن نعمة ،ثم أردف بنظرة خاصة :التي أسدت لك خدمة جليلة"

ضحك معتصم قائلا:"من هذه الجهة فهي بالفعل أسدت لي خدمة العمر"

قال يوسف مغيرا مجرى الحديث:"بالمناسبة ما أخبارك مع حبيبة العمر؟"

قال معتصم بنبرة محايدة:"بخير الحمد لله "

سأله يوسف:"هل أموركما معا جيدة؟"

قال معتصم :"نخطو خطوة خطوة وهذا أفضل لكلانا"

ضيق يوسف عينيه قائلا بخبث:"لا أعرف لمَ أشم في الأجواء رائحة غير مريحة ،إن كنت تحتاج إلى دروس تقوية أنا موجود"

قهقه معتصم ضاحكا وأردف بسخرية:"وأنا إن احتجت لن آخذ دروس إلا منك؟ ثم أردف بنبرة مستخفة:لا تشغل بالك بي اهتم أنت فقط بخيبتك"

قال يوسف وهو يستقيم واقفا:"حسنا يا رئيس قسم العلاقات الزوجية اعطني نسخة من مفتاح شقتك هذه "

قال معتصم بتساؤل :"لماذا ؟"

قال يوسف باستياء:"زوجتي وأبنائي سيكونان هنا في الشقة المقابلة الأيام القادمة فبالطبع سآتي إلى هنا كثيرا"

أخرج مُعتصم من جيبه سلسلة مفاتيحه وأخرج منها المفتاح الإضافي وألقاه في وجه يوسف الذي التقطه قائلا :"الفترة الأخيرة أشياء كثيرة تُقذف في وجهي"

أردف معتصم بتهكم :"من أعمالك "

لم يرد عليه يوسف وولاه ظهره ليرحل أما معتصم الذي كان لديه اليوم نوباتجية ولن يعود إلى البيت ما إن سمع صوت باب الشقة يُغلق حتى فتح هاتفه وهو يتذكر مشاكساته مع عنان الايام الماضية

يشعر بها وقد بدأت تتجاوب وتتفاعل معه ،زيتونيتها تشتعلان بعاطفة ولا يبوح لسانها بشيء وهو أكثر ما يخشاه لحظة البوح هذه لو كانت لا تطابق توقعاته

دخل على الفيسبوك ووجد نفسه يمارس هواية قديمة في ترتيب مشاعره بطريقة منظمة تناسب طبيعته الحساسة رغم صلابته الخارجية

فكتب
سألتني يوما من تحب ؟

ما اسمها،ما وصفها ؟

أراك هائما بشرودِ في ملكوتِ سماءها

والصمت مني كان جواب سؤالها

ماذا أقول؟ أأقول أنتِ التي أحببتها

والقلب لم يعرف يوما عشقا إلا لها

إن قلت إني عاشقُ سأهدر حقها

فالعشق والهوى خٌلقا من أجلها

وقصائد العاشقين سُطِرت في حُسنها

قضيت العمر مٌشتاقا لا يرجو إلا قلبها

وعلى أبواب مملكتها وقفت طويلا أرجو وصالها

أيا مالكة قلب أضناه الهوى قولي أحبك

قولي أحبك وقتها سأعلنها صريحة

وأقول أن حبي يعود لليوم الذي يشهد تاريخ ميلادها
حين ضغط على زر النشر وصلها تنبيها،كانت تجلس في الفراش تشاهد التلفاز بعد أن بحثت كثيرا عن الهدية التي لم تعرف حتى الآن لمن وأخذها منها وأخفاها

لا تعرف أين...

كانت تشعر بالغيظ منه وفي نفس الوقت لا تلومه فإن كان أحب من قبل فليس من حقها أن تحاسبه ولكن لا يجب أن يحتفظ بشيء يخصها

فتحت الهاتف لتجد اشعارا بنزول منشور له وهو نادرا ما يفعلها وحين قرأت الكلمات التي كتبها شعرت بالدماء تغلي في جسدها

لمن كتب هذه الكلمات ولمَ ينشرها على الملأ هكذا ،أخذت تراجع الكلمات مرارا وتكرارا وساورها الشك في النهاية

هي التي سألته عمن يحب أيكون كتبها لها؟

ثم تراجعت في التفكير لم يكتب لها وبإمكانه قولها ؟

استقامت من الفراش تقطع الغرفة ذهابا وإيابا والتفكير يقتلها ،لا تريد أن تسأله حتى لا تكون لحوحة ولأنه فعلا أمر ليس لها أن تسأله فيه أو تفتح معه ماض ولى،

مسكت رأسها من الجانبين، لم هذه الحيرة ؟الكلمات لها أم لغيرها ؟

ثم أردفت لنفسها بتوبيخ "لو لم تتشرطي من البداية وتضعين شرطك بالخطبة البلهاء التي ليس لها معنى هذه لما حدث كل ذلك وكان تقرب منكِ وفتح قلبه منذ وقت طويل"
********
كانت يسر تعرف أن يحيى وصل إلى مرحلة صعب معها المناقشة لذلك لاذت بالصمت ولم تجادل معه منذ ما حدث ولكن كعادتها في الخصام تأخذ منه جانبا

كانت تجلس مساءا أمام التلفاز في غرفة المعيشة بينما كان هو يُصلي العشاء بعد أن عاد من عمله المسائي حين وصل هاتفه اشعارا بوصول رسالة

كان الهاتف بجوارها ففتحته لتجد رسالة من رقم غير مُسجل ففتحتها لتجد نصها "السلام عليكم ،أنا أحلام أعتذر عن إرسال رسالة ولكني كنت أحتاج للسؤال عن شيء هام في شرح الدرس السابق"

تحفزت غريزة الأنثى بداخل يُسر وكان هو قد انتهى من الصلاة فدخل الى المطبخ ليعد كوب شاي فدلفت خلفه قائلة بعصبية:"من أحلام هذه التي تراسلك؟"

توقف في منتصف المطبخ وأردف بجهل حقيقي:"من أحلام التي تراسلني؟"

قالت بغيظ:"أنا من أسأل "

تقدم منها فوضعت الهاتف في وجهه وحين قرأ الرسالة أردف مستدركا:"نعم أحلام التي تحضر الشرح مع دينا ابنة خالتي محاسن"

تمتمت من بين أسنانها:"مساويء ،تماما كما يقول معتصم ولا يأتي من خلفها الا الشر"

قال وهو يعود ليعد كوب الشاي:"بماذا تغمغمين؟"

قالت بابتسامة سمجة:"أقول لمَ تحدثك أحلام هذه؟"

قال وهو يضع السكر في الكوب :"كما ترين تسأل في شيء ،عامة ردي أنتِ عليها وقولي لها حين آتي بعد غد سأجيب على كل الأسئلة لأنني الان غير متفرغ"

فكتبت لها يسر وهي تستند بظهرها على الثلاجة :"لست متفرغ الان حين آتي بعد غد أجيب عن اسئلتكما"

ثم أغلقت التطبيق والهاتف كله أما أحلام التي كانت تجلس بجوار دينا فاحتقن وجهها خجلا وأردفت وهي تنظر إلى دينا:"هل يجيب باقتضاب أم يُهيأ لي؟"

قالت دينا وهي تنظر في الهاتف :"ربما زوجته بجواره لذلك لا يستطيع الرد"

شعرت أحلام في هذه اللحظة بالتراجع وأردفت :"صدقيني لن ينضبط الوضع مع زواجه هذا"

قالت دينا بعدم اكتراث:"يا ابنتي في كل الأحوال سيتزوج، خالتي نعمة لن تترك الأمر هكذا أنا أسمعها كل يوم وهي تتحدث مع أمي فإن لم تكوني أنتِ ستكون غيرك"

صمتت أحلام مفكرة فنغزتها دينا في ذراعها قائلة :"ردي عليه واشكريه"

فكتبت أحلام "أشكرك بشمهندس "

ولكن دينا صاحت فيها قبل أن تضغط زر الارسال :"انتظري ،امسحي بشمهندس واكتبي استاذ يحيى"

قالت احلام بجهل:"لماذا؟"

غمزت لها دينا بعينها قائلة:"استاذ تعصبه ألم تلاحظي؟"

قالت بحيرة:"نعم ولكن لمَ أعصبه وانا أريد كسب وده؟"

قالت دينا :"تشاكسيه فقط ببعض الكلمات التي تزعجه فينزعج وتبررين له بعدها فيخلق هذا حوارا بينكما وهكذا"

انصاعت أحلام لما تقوله دينا وكتبت ما قالته لها بالفعل وضغطت زر الارسال ولكنها لم ترى سوى علامة واحدة مما يعني أن الرسالة لم تصله فألقت الهاتف بجوارها بإحباط
*********
أما عند يسر ويحيى فكان قد أعد كوب شاي له ولها أعد مشروب الشيكولاتة الساخنة، وبعد أن احتسته كان يتحدث معها وترد عليه باقتضاب فأردف بانزعاج:"وجهك هذا الن يلين قليلا ؟"

قالت بسماجة:"وماذا به الآن؟"

قال بتأفف :"يشبه وجه اخاكِ حاتم وهو متجهم "

اتسعت عينيها وأردفت بحنق :"أصبح وجهي لا يروق لك الآن"

قال بلين وهو يمد يده ويقرصها من وجنتها :"من قال ؟ أنا أقول فقط ابسطيه حتى يبسطها الله علينا"

أدركت أنه يشاكسها فأردفت بعتاب:"أنت السبب بتحكماتك وأوامرك التي "

"شششششس لا أريد كلام في هذا الموضوع ثانية الأمر انتهى بما قلته وبما ستنفذيه"

اتسعت عينيها من تسلطه الذي يطغى في بعض المواقف وأردفت في نفسها"نفس جبروت عمي وعمتي سبحان الله الدماء في النهاية تحن لبعضها والجينات تطغى"

لم ترد عليه وتناولت هاتفها تقلب فيه بعصبية فقال لها بهدوء مستفز:"اتركي الهاتف حين أكون موجودا "

فناظرته بنظرة مغتاظة ورمت الهاتف بجوارها فبسط ذراعه في اتجاهها فلانت قليلا واقتربت منه وإن كانت لا تشعر بالرغبة في الاقتراب منه وهو بهذا التسلط والتشدد في الرأي ولكن حين اقتربت ضمها إليه بقوة فأخذت نفسا عميقا وهي تريح جانب وجهها فوق صدره ومر الوقت وهما هكذا يشاهدان فيلما كوميديا طويلا وإن كانت لا تنتبه هي كليا له ولكن سكونها فوق صدره واستماعها لنبضات قلبه المنتظمة أعاد إليها هدوءها

تعجبت من نفسها وهي تشعر بنفسها كطفل صغير يضربه أحد أبويه أو يزجره فيغضب منهما وفي نفس الوقت لا يجد الامان الا بوجودهما ولا يأوى في عز غضبه منهما الا إليهما

علاقة غريبة،معقدة،متشابكة لن يفهمها الا من عاشها فقط
*********
بعد مرور عشرة أيام

مرت الأيام التالية في بيت عمران في حالة شد وجذب بين الجميع بشأن عريس وصال

غالية أقنعت يونس بمقابلة الشاب وأهله والتعرف عليهم ويونس مادامت أمه قد اقتنعت فاقناعه سهل

وصالح وهارون رحبا بالأمر خاصة بعد أن عرف صالح أن ابنه رفض الزيجة فلن يكون منطقيا أن يرفضها ابنه ويرفض هو الغريب

وهارون بالطبع عقليته لا تتمسك بفكرة الزواج من داخل العائلة فرحب بالأمر

الوحيد الذي اعترض كان زكريا رغم معرفته أن عمرو هو الآخر رفضها

ولكن غالية صممت أن يعطوا الشاب فرصة وبالفعل تم تحديد الموعد

............

كانت الشمس على وشك الرحيل وكانت يسر وعنان تقفان معا في السطح تودعان قرص الشمس وقد أصبحت هذه عادتهما منذ زواج عنان

لقد أصبح المكان المٌفضل لهما، تودعان قرص الشمس وهما تقفان بين الحمائم البيضاء وكل واحدة تقص على الأخرى أحداث يومها

قالت عنان ليسر بصوت مبحوح من أثر نزلة البرد التي أصابتها:"لا تكبري الأمر يسر أي رجل مكان يحيى كان ليفعل ما فعله"

قالت يسر بقهر:"وما ذنب الطفل عنان؟"

قالت عنان:"مادمتِ تعوضيه في المدرسة فلا بأس ليس فرض عليكِ أن تفعلي هذا في المدرسة والبيت مادام هذا الأمر يضايق زوجك"

قالت يسر متهكمة:"ما هذا العقل الذي نزل عليكِ فجأة يا بنت !"

مطت عنان شفتيها وأردفت بتشتت:"وهل أصبح بي عقل؟"

قالت يسر بجدية:"وأين ذهب عقلك يا مسكينة"

قالت عنان بزفرة حارة تحمل حرارة جسدها التي ارتفعت قليلا أثر نزلة البرد :"معتصم بيه هل يوجد غيره"

ابتسمت يسر فأردفت عنان بضياع:"لا أعرف له أول من أخر يسر تصرفاته مزدوجة وكلماته غير مباشرة وأنا تعبت"

قالت يسر ضاحكة:"عنان ،هو فقط يلتزم بما طلبتيه أنتِ منه وينتظر أن تعطيه الضوء الأخضر ليقترب ويهدم كل الحواجز بينكما ثم أردفت متهكمة :حتى تقولي له مرة ثانية وعد الرجال ثم صاحت بمزاح:ما به وعد النساء خاصتنا نعد ونخلف في نفس اللحظة "

رفعت عنان حاجبيها وأردفت :"وأنا أخجل أن أفعلها ، لا أملك الجرأة لأقولها ،أنا بالفعل كنت في البداية أريد وقتا للتعرف عليه أكثر ولكن لا أعرف بعد زواجنا مالذي حدث ، في خلال الشهر الماضي كان اقترابه مني مكثفا ،اليوم فرق معي وأنا معه بل الساعة ،هل تتخيلين أن كل ساعة لي معه اكتشف فيه اشياء رائعه لم أكن أعرف بوجودها "

ضحكت يسر قائلة:"شهر واحد فعل بك كل هذا؟"

قالت عنان بخجل:"انا كما قلت لكِ من البداية كنت منجذبة له وشهر الزواج هذا حقا غير في مشاعري تجاهه الكثير"

قالت يسر وهي تربت على كتفها بحنان:"اللهم لك الحمد أنا سعيده جدا بهذه المشاعر"

قالت عنان بعاطفة مذبذبة :"ولكني أخشى أن يكون متعلقا بحب قديم ،الكلمات التي قرأتها على الفيسبوك شتتتني لا أعرف يقصد بها من أنا أم امرأة أخرى؟"

قالت يسر:"لمَ لم تسأليه؟"

قالت وهي تنظر إلى الأفق بشرود :"الأيام الماضية كان منشغلا ما بين عمله الذي كان يبيت فيه كثيرا وما بين موضوع وصال فلم تأتي الفرصة "

رن هاتفها مقاطعا لهما وكان هو فردت بصوت مُتعب قائلة:"اهلا معتصم"

قال وهو يخرج من باب القسم متجها إلى سيارته:"أهلا عنان كيف حالك،انا قادم باذن الله هل تريدين شيء؟"

اندفعت قائلة :"نعم ،ثم تراجعت بنفس السرعة قائلة: لاشيء "

توقف قليلا وأردف باهتمام :"بل تريدين "

تنحنحت بخجل فأردف :"اكتبي لي على الواتساب ما تريدين لأحضره معي"

أغلق معها فكتبت له أنها تحتاج فوطا صحية وكانت في قمة الخجل من طلبها هذا
********
بعد ساعة

كانت تقف تحت رذاذ الماء بداخل كابينة الاستحمام بحمام غرفتها يتناثر الماء الساخن على جسدها كله وذهنها يعمل في أكثر من جهة فهي كعنان يثيرها الغموض ويزعجها الإهمال وهو رغم أنه لا يهملها بل يعاملها بمنتهى الرقة ولكنها تشعر هذه الفترة انها تحتاج إلى المزيد

ابتسم ثغرها وهي تتذكر الروتين الذي اتبعه معها الفترة الماضية ...

قبلة بين عينيها قبل أن يذهب إلى العمل وحين عودته يطبع قبلة طويلة فوق وجنتها حتى وجدت نفسها تتسائل عن مذاق قبلته هذه إن كانت فوق شفتيها ؟؟؟

يجلسان معا على السطح في الضوء الخافت يثرثران في أي شيء وكل شيء حتى عرفت الكثير عن حياته وطباعه وعاداته أما النوم فقد تخلى مؤخرا عن النوم بجوارها لا تعرف لماذا

أحيانا يبيت في العمل وأحيانا يدخل غرفة الرياضة يتدرب طويلا ثم ينام على الأريكة بداخلها ولا يأتي إلى الفراش الا بعد الفجر مما جعلها تفتقد وجوده

.........

انتهت من الاستحمام وهي تشعر بتقلصات بطنها تزداد فاليوم هو أول أيام عادتها وحين دلفت إلى غرفتها وجدت نفسها تٌنحي المنامات الطويلة المحتشمة جانبا ورغم برودة الجو ولكن حرارة جسدها جعلتها لا تطيق الملابس فارتدت فستان قطني رقيق بلون زيتوني بنصف كم وكميه يتدليان قليلا عن كتفيها ويصل حتى أسفل ركبتيها ،جففت شعرها بمجفف الشعر وكانت تقف أمام المرآة تتأمل وجهها وشعرها وقدها في هذا الفستان الناعم وتسأل نفسها سؤالا"هل يراني جميلة؟"

وبينما هي هائمة هكذا وجدت باب الغرفة يُفتح ويظهر هو من خلفه وفي يده لفافة وحين رأى هيئتها هذه توقف في مكانه يتطلع إليها قليلا فالتفتت له وكان وجهها شديد الاحمرار فوضع اللفافة التي بها الفوط الصحيه التي طلبتها على أقرب مقعد وتقدم منها خطوتين حتى وقف أمامها مباشرة وأردف بصوت خشن :"لمَ تقفي شاردة هكذا؟"

مطت شفتيها وقد وصلت بالفعل معه إلى مرحلة عدم القدرة على كبت مشاعرها أكثر من ذلك وأردفت وهي تستند بيديها على طاولة الزينة من خلفها :"أحيانا أقف أمام المرآة لأبحث عن أي شيء جميل بي؟"

رفع حاجبا واحد وأردف باستنكار:"شيء واحد فقط؟"

أردفت بنظرة ضائعة بفعل حيرتها من تصرفاته وبضغط الفترة الماضية وتغير هرموناتها الذي يجعلها حساسة عاطفية متطلبة بشكل أكبر :"نعم "

شعر أن بها شيء ليس طبيعي فاقترب أكثر حتى أصبح يواجهها عن قرب شديد وأردف بلين:"أنتِ كل شيء بكِ جميل عنان"

تعلقت عينيها بعينيه بنظرة متطلبة وأردفت:"حقا؟"

أحاط جانب وجهها براحته وأردف بجدية:"طبعا،لماذا تسألين هذه الأسئلة الا تنظرين إلى المرآة وترين كم أنتِ جميلة؟"

قالت بيأس :"أحيانا انظر إلى نفسي وأراني لست جميلة"

قال باندهاش:"لم كل هذا؟"

قالت دون مواربة:"حين تتباعد عني أشعر بهذه المشاعر"

اتسعت عينيه دهشة وهو يستمع إلى كلماتها وأردف وهو يضغط براحته على جانب وجهها ويحيط الجانب الآخر براحته الأخرى :"أنا لا أتباعد عنكِ، أنا فقط أحترم رغبتك ولا أريد أن افرض نفسي عليكِ"

قالت وهي تشعر بسيل متدفق من المشاعر يسري في أوردتها من لمسته :"كيف تفرض نفسك وأنا اخترتك بمحض ارادتي"

انتفض قلبه برجفة خفيفة حين أردفت ( بمحض إرادتي ) كان يريد أن يضحك من قلبه ويضمها ويُقبلها ويفعل اشياء كثيره ولكنه أراد أولا أن يُريح قلبها فأردف مذكرا إياها:"الم تطلبي مني قبل الزواج فترة خطبة ووعدتك بها؟ الم تطلبي الا اقربك حتى تكوني مستعدة؟ ألم تقولي لي في أول ليلة لنا معا أن التزم بوعد الرجال الذي وعدتك به ؟"

ضغطت شفتيها ببعضهما وصمتت فأردف هو بابتسامة جذابة :"المهم أنني أرى أجمل امرأة على وجه الارض أمامي فلا تدعي أي شيء أو شخص يهز ثقتك في نفسك"

امتلأت عينيها بالدموع فجأة دون أن يعرف سر هذه الانفعالات الزائدة وأردفت بانفعال :"الكلمات التي كتبتها منذ أيام على الفيسبوك كنت تقصد من بها ؟هل لك حبيبة قديمة ولا تستطيع نسيانها حتى الآن؟"

اتسعت عينيه دهشة من انفعالاتها الزائدة رغم أنها راقت له وهي مشتعلة بالمشاعر هكذا وعند هذه النقطة لم يستطع أن يتحكم في أي شيء فلامس بكفه خصرها وضمها اليه حتى أصبحت المسافة بينهما منعدمة وأردف بلهاث :"الكلمات كانت لكِ وأنتِ المقصودة بكل حرف فيها ،أنتِ حبيبتي ،ولم أحب سواكِ

واحترق شوقا لوصالك ولكني أريدك راضية لا مغصوبة بشعور بالواجب تجاه زوجك"

اتسعت عينيها وارتجفت شفتيها وانتفض قلبها الساكن ضلوعها وأردفت وهي تحيط جذعه بذراعيها من أسفل سترته :"ماذا قلت؟ تحبني انا ؟ كتبت هذه الكلمات لي أنا؟"

قال بمشاعر مكبوتة منذ سنوات وبصوت مبحوح ونظرة عميقة صادقة :"الحب كلمة قليلة على مشاعري تجاهك ،أنا أعشقك"

انتفض قلبها كعصفور صغير،أيحبها حقا وكان فقط ينتظر منها إشارة؟

أحاطت جذعه بذراعيها بوهن واستندت بجانب وجهها على موضع قلبه تستمع إلى صوت نبضه الصاخب فشدد من ضمه لها لتشعر في هذه اللحظة بمشاعر مختلفة،

مشاعر أجمل بكثير من مشاعر رجل يضم امرأة، شعرت أن روحه تعانق روحها

أبعدها قليلا عنه وأردف بنظرة صادقة ونبرة بها حرارة شمس حارقة :"احبك عنان وكل الوقت الماضي أمنع نفسي عنكِ بأعجوبة حتى لا أترك عندك انطباع همجي عني"

فغرت شفتيها وهي تلمح نظرة الاحتياج والعشق في عينيه جلية فأحاطت جانب وجهه براحتها وأخذت تمسد بابهامها على وجهه

كانت ترجوه بعينيها أن يقترب فإن لم يفعلها هو فليس لديها شجاعة فعلها وحين لمح توقها في عينيها الذي لا يأتي بقطرة في بحر توقه إليها هم بالاقتراب منها كالمسحور

فانتفض قلبها بعاطفة في مهدها واختلج قلبه بعاطفة في أوجها

اقترب قربا مُهلكا ليس بعده رجوع وهي لم تمانع فلم يكن أمام غزوه دروع ،كان كقبطان ظل عمرا يطوف البحار وعلى شطآن شفتيها كان مرساه

كانت له كوطن عاد إليه بعد غربة وليس هناك أروع من دفء الأوطان

كان وصالها كقطرة ماء روت ظمأ قلبه الخاوي الذي كانت شرايينه كصحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء

وكان وصاله كوصال روح لروح

انصهرا معا ولم يشعر أي منهما بالزمان ولا المكان

وحين ابتعد عنها قليلا شعر بقلبه يتراقص بين ضلوعه ورغم قسوة الأيام الماضية وهو يٌرغم قلبه على الصبر عليها

إلا أنه في هذه اللحظة أدرك كما كان لديه كل الحق في ذلك حين شعر بمشاعرها وهي بين يديه ،أهكذا تكون الطواعية والرضا ؟

أما هي فأخفضت عينيها عن عينيه بخجل بعد أن اختبرت معه أرقى وأرق مشاعر يمكن لأنثى أن تشعر بها

رفع وجهها إلى وجهه وهو يغرز أنامله بين خصلات شعرها وأردف بنظرة حارقة:"هل تأكدتي الان أنكِ حبيبتي الوحيدة ؟"

قالت بحيرة:"لمَ لم تقل لي ذلك من قبل؟"

قال بجدية تتنافى مع أنامله التي يمررها ببطء بين خصلات شعرها:"كنت أتركك تتجاوزين بهدوء كل ما مر، لم أكن أريد الاقتراب وهناك أي شوائب تشوب روحك ،ثم أردف بنظرة نفذت إلى أعماق قلبها كنصل سيف حاد:انا في الحب متطلب بشدة عنان واريد حبيبتي أن تكون لي بكل جوارحها"

قالت بسرعة وبعينين متأثرتين:"انا بالفعل تجاوزت كل شيء معتصم"

قال بنظرة محذرة :"متأكدة؟"

قالت وهي تشعر أن الأرض كلها تميد بها وسقف الحجرة وحوائطها تدوران من حولها :"أنا بالفعل بدأت أشعر معك بمشاعر حلوة "

قال ضاغطا على حروف كلماته:"وانا كما قلت رجل متطلب بشدة في الحب وأريدك بكليتك ،أريد مشاعر أضعاف مشاعري"

أسبلت جفنيها رغما عنها وأردفت والدوار يشتد بها:"أنت مشاعرك رائعة وصادقة ،كل شيء بك مٌميز ،فرقت أجفانها بصعوبة وقد اشتد عليها دور البرد وأردفت:هل يمكن أن أسمع الكلمات التي كتبتها لي بصوتك؟"

ابتسم ابتسامته الجذابة وضمها إليه بحنو بالغ وألقى بجوار أذنها الكلمات التي تود سماعها بصوته الأجش الذي يخرج من أعماق قلبه وكانت كترنيمة عشق تٌلقى على مسامعها ،انسابت عبر أذنيها كسيمفونية حب من عصور سحيقة

وحين انتهى كانت بالفعل لا تشعر بقدميها وكانت حرارة جسدها قد ارتفعت وأدرك هو أخيرا أنها محمومة فحملها فتذكرت وهي مرفوعة في الهواء يوم حملها في الفندق ،وضعها في الفراش وأردف باهتمام:"حرارتك عالية هكذا منذ متى؟"

قالت وهي تفتح عينيها وتٌسبلهما لا اراديا:"منذ الأمس ،منذ أن تحممت وخرجت في الهواء"

قال بضيق:"ألم أنبهكِ من قبل أن الجو هنا بارد وأن تنتبهي"

لم تستطع الرد وقد كانت في عالم آخر تحلق في السماء بمشاعر حديثة العهد

أما هو فجلب لها من الثلاجة دواءا خافضا للحرارة وآخر لنزلات البرد فتناولتهم منه وجلس بجوارها حتى انخفضت حرارتها قليلاً

وحين تحسنت واستعادت كل ما حدث بينهما منذ قليل اعتدلت في الفراش وكان يجاورها وقد بدل ملابسه ،نظر إليها وإلى شعرها الفوضوي وابتسم ابتسامة حانية ورغم خجلها ولكنها نظرت في عمق عينيه بجرأة وأردفت:"بعد ما قلته لي أنا أشعر بالخجل من نفسي"

قال باهتمام وهو يستند بمرفقه على الوسادة ويميل بجسده نحوها:"لماذا؟"

قالت بخفوت:"لأني اشترطت شرطا أرهقك كثيرا حتى تنفذه "

قال وهو يمسد براحته على شعرها:"قلت لكِ من قبل عنان أنا لا أريد جسدك بل أريد الوصول إلى أبعد منطقة في قلبك ،قلت لكِ أنه مثلث من ثلاث أضلاع حين تكتمل أضلاعه أكون قد ربحت نفسي، ثم أردف بصوت يأتي من أعماق القلب:وأنتِ نفسي "

أغمضت عينيها لثوان تتذوق الكلمات وتستمتع بسحرها فضمها إليه وأردف :"هل تحسنتِ الآن؟"

قالت وهي تستكين بين ذراعيه:"أفضل ولكن آلام بطني تتعبني "

أخذ يمسد بأنامله ببطء على بطنها حتى غفت اما هو فدثرها جيدا بغطاءه وظل لفترة طويلة يتذكر كل كلماتها ويبتسم ابتسامة رضا

في الصباح

استيقظ هو وكانت لا تزال نائمة فطبع قبلة سريعة ما بين عينيها وخرج إلى المطبخ ليعد لها طعام الافطار بحماس شديد بعد ليلة كانت فيها المشاعر في قمتها وحبيبته أرضته بشكل لم يكن يحلم به ،وضع البيض في الماء على الموقد وتركه حتى ينضج وفتح باب السطح فتسلل ضوء الصباح الى الصالة الواسعة وغمرتها شمس الشتاء الدافئة

خرج إلى السطح وفتح للحمام ووضع الحبوب والماء وهو يشعر أن الهواء قد أصبح نقيا وله رائحة كرائحة المسك

وصله اشعارا بوصول رسالة فتجاهله فوصل اشعارا ثان وثالث فتناول هاتفه من جيبه فكانت الرسائل جميعها على الماسنجر

فتحها وكانت لآخر شخص راسله منذ عدة أيام ...

منذ أن تحدث مع الجدة حسنة ومنذ أن لمعت في ذهنه فكرة البحث على الفيسبوك عن أسماء تتشابه مع اسم عائلته وهو يبحث وأحيانا كان يجد تطابقا في الاسم الأخير اما الباقي فلا

أو تطابق في الأسماء الأولى ولكنهم لا يحملون لقب الرحماني وعندما كان يراسلهم يتأكد من انه مجرد تشابه إلى أن عثر بالفعل على شخص يُدعى نزار عبد الملك الرحماني فراسله وقال له "هل أنت من عائلة الرحماني بقرية **** ؟"

وأخبره أنه يبحث عن رجل اسمه عبدالملك من عائلة أبيه وله أخ ولكن معتصم لم يذكر له اسمه أخبره ببعض المعلومات فكانت المفاجأة في الرسائل التي قرأها معتصم تباعا

"نعم أبي هو عبدالملك هلال منصور الرحماني من قرية**** مركز ***** "

"وعمي عبد الغني الرحماني "

"من الاسم المشترك أنت تكون ابن عمي محمود الرحماني أليس كذلك؟"

نهاية الفصل

أتمنى يكون نال اعجابكم وفي انتظار آرائكم



التعديل الأخير تم بواسطة Heba aly g ; 01-11-21 الساعة 08:09 PM
Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 08:14 PM   #1145

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرةالدموع مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الف مبروك التميز وقلم مبدع خلاب يستحق التميز بجدارة
تسلميلي حبيبتي ربنا يعزك ويبارك فيك ❤️❤️

جولتا likes this.

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 08:14 PM   #1146

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة ميونخ مشاهدة المشاركة
الف مبروك التميز.الروايه تستحق هذا التقدير وأكثر.اسلوبك شيق والأحداث تتتابع سلسه.اتمني لك مزيدا من النجاح
ربنا يسعد قلبك ويباركلك حبيبتي 💞 تسلميلي 🥰

جولتا likes this.

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 08:15 PM   #1147

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
:jded:

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منال فايز حمودى مشاهدة المشاركة
ألف ألف مبروك بالتوفيق إن شالله
ربنا يباركلك حبيبتي تسلميلي يارب 💖

جولتا likes this.

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 08:17 PM   #1148

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام جواد مشاهدة المشاركة
content://com.android.chrome.fileprovider/images/screenshot/16351625813941277937609.gif

الف مبروك هبوووش التميز تستاهليه يا قلبي على جهدك وتعبك

اتمنالك النجاح والتوفيق المستمر ان شاء الله

فصل تحفة عجبني كثيير خاصتا لقاء عمرو ويوسف برد قلبي الله يا يعطيه العافية

مريم واخيرا رح يكون لها موقف جاد ماحبيت تساهلها مع يوسف قلبها ابيض وتسامح بسرعة

يوسف يستاهل ويستاهل ويستاهل ما جاه

عنان ومعتصم طيور الحب دائما مميزين

مودة وعمرو شو هالتجانس بيناتهم هل في قصة حب في الافق ولا بس مجرد اخت وبنت عم بالنسبة له

يحيى يسر مرة تطمنت انهم ما تأثروا بمشكلة يوسف ومريم مع اني متأكدة انه بمجرد ما تسمع نعمة رح تقلب كل قهرها من يوسف على اخته

زهراء حبيبتي شو رح يصير فيها وهي بعد ما تنازلت على كل حقوقها من اجل الانفصال

تسلمي يا قلبي على الابداع منتضرينك اليوم اليل على ناااااااار
الله يبارك فيكي حبيبتي تسلمي من كل شر❤️❤️❤️

جولتا likes this.

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 08:18 PM   #1149

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لامار جودت مشاهدة المشاركة
ألف مبروك التميز حبيبتي والله تستاهل كل خير أنت فعلا قلم يستحق التميز تهانينا
ربنا يباركلك حبيبتي تسلميلي يارب 🥰

جولتا likes this.

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 08:19 PM   #1150

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير الباز مشاهدة المشاركة
مبارك حبيبتى ❤❤❤❤
بارك الله فيكِ حبيبتي 💞

Wafaa mdos and جولتا like this.

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:51 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.