آخر 10 مشاركات
زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدائلكِ في حلمي (3) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          52 - عودة الغائب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4117Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-21, 07:47 PM   #1191

ميسون ام يوسف

? العضوٌ??? » 389153
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 15
?  نُقآطِيْ » ميسون ام يوسف is on a distinguished road
افتراضي


ناطرينك يا حلووووو

ميسون ام يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-21, 08:02 PM   #1192

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 56 ( الأعضاء 10 والزوار 46)

‏موضى و راكان, ‏أمل النصر, ‏بريق امل, ‏ميسون ام يوسف, ‏Ahom, ‏الق الزمرد, ‏همس البدر, ‏متريوشكا, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏حبيبيه



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فى إنتظار الأحداث الجديدة بشغف


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-21, 08:08 PM   #1193

Moony204

? العضوٌ??? » 444990
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » Moony204 is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور .. ❣️

Moony204 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-21, 08:08 PM   #1194

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 60 ( الأعضاء 14 والزوار 46)


‏موضى و راكان, ‏Moony204, ‏أيليزم, ‏ونتلاقى م, ‏إشراقة الشمس, ‏nour el houda 98, ‏أمل النصر, ‏بريق امل, ‏ميسون ام يوسف, ‏الق الزمرد, ‏همس البدر, ‏متريوشكا, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏حبيبيه


:heeheeh::heeheeh:


فى أنتظارك يا هبة

Elbayaa likes this.

موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-21, 08:11 PM   #1195

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته جاري تنزيل الفصل باذن الله ،اتمنى أنه يعجبكم ❤️

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-21, 08:13 PM   #1196

سيفينا

? العضوٌ??? » 486825
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 24
?  نُقآطِيْ » سيفينا is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظار الفصل الجديد رواية مشوقة جدا تسلم ايدك

سيفينا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-21, 08:18 PM   #1197

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع والعشرين


طلّ وسألني إذا نيسان دقّ الباب
خبّيت وجّي وطار البيت فيّي وغاب
حبّيت إفتحلو وعالحب إشرحلو
طلّيت ما لقيت غير الورد عند الباب


فتحت عينيها بعد ليلة طويلة من أجمل ليالي عمرها برغم مرضها على صوت فيروز ينساب برقة في أرجاء البيت فابتسمت ابتسامة ناعمة ونفضت عنها الغطاء ودلفت إلى الحمام مباشرة
اغتسلت وبدلت فستان الأمس وارتدت فستان ناعم بأكمام قصيرة ولون وردي يلائم مزاجها
خطت بقدمين حافيتين على الأرضية الرخامية الباردة ولكنها لم تشعر ببرودتها فحرارة جسدها لم تستقر بعد فانساب صوت فيروز عبر أذنيها شجيا


بعدك على بالي يا قمر الحلوين

يا زهرة بتشرين يا ذهبي الغالي

بعدك على بالي يا حلو يا مغرور

يا حبق ومنتور على سطح العالي

كانت تسير ببطء وهي تشعر أن صباح اليوم مختلف عن أي صباح مضى، حتى الهواء شعرت برائحة مختلفة به

حين وصلت إلى المطبخ كان معتصم يقف يعد الافطار ويدندن بصوت خشن مع جارة القمر ورغم خشونة صوته إلا أنه كان ينفذ إلى أعماق القلب مباشرة

انتبه لها قائلا بابتسامة حلوة وهو يتفحصها بعينيه :"صباح الخير عنان ،كيف حالك الان؟"

قالت بخجل وهي تفرك أناملها في بعضهم وتطرق بوجهها أرضا:"بخير"

جفف يده في المنشفة القريبة منه وتقدم منها وبسط راحته فوق جبهتها وراحته الأخرى على جانب عنقها فأسبلت أجفانها تلقائيا وأردف هو بحاجبين معقودين:"مازالت حرارتك مرتفعة ،تناولي افطارك لتأخذي الدواء"

رفرفرت بأهدابها لتُشرق الشمس بعينيها الصافيتين ،لم يلاحظ صفاء زيتونيتها من قبل كما لاحظ صفاءهما الان، وأمام نظراتها التواقة ابتسم وهو يتذكر أحداث الأمس فابتسمت بخجل ثم دفنت وجهها في صدره خجلا فضمها إليه بحنو بالغ وهو يٌمسد بأنامله على خصلات شعرها مرورا بظهرها واستقرارا على مرفأ خصرها الذي أحكم تملكه بقوة ولين في آن واحد.

كفاها اللذان يتشبثان بكتفيه يغنيان الان عن سماع كلمة حب منطوقة فأحيانا الأفعال العفوية تحكي مالا نستطع قوله فيغمر وجهه بين خصلات شعرها ويزفر أنفاسا تحمل اشتياقا ما عاد باستطاعته كتمانه أكثر من ذلك.

حين شعرت أنها تريد المزيد ولن تكتفي وأن توقها له يزداد ابتعدت وأردفت وهي تنظر حولها بابتسامة عذبة :"صوت فيروز يملأ المكان دفئا"

قال بابتسامته الحلوة:"صوت فيروز أجمل شيء في الصباح ،يملأ المكان دفئا وسكينة وتفاؤل وطاقة تكفي لباقي اليوم "

"هل تحبها إلى هذه الدرجة ؟"

فأردف بنظرة غير بريئة وهو يضغط على ذقنها المحدد بدقة بسبابته وابهامه:"أحبك أكثر"

اختلج قلبها وكأن عصفورا صغيرا يسكن بداخله ويرفرف بجناحين صغيرين كلما سمعت منه كلمة حلوة

أما هو فعاد إلى المطبخ قائلا بهدوء:"اجلسي دقائق فقط والافطار يكون انتهى "

قالت :"سأعده معك "

قال بجدية:"لا اجلسي أنتِ مريضة "

فجلست على الكرسي المرتفع المقابل وهي تدقق النظر فيه وتسأل نفسها سؤالا واحدا أين كان معتصم منذ زمن؟

وضع الأطباق أمامها وبجوارها كوب من الينسون الساخن وأردف :"اشربي الينسون دافئا بعد الإفطار حتى يساعد على زوال حشرجة صوتك"

أومأت له برأسها وتناولا الطعام معا وبعده تناولت مشروبها وتناول هو قهوته وهما يثرثران معا في أمور عادية تكسر اشتعال الأجواء المحيط بهما ويٌشعِر كل منهما أنه أسير كبسولة شفافة متقدة تجمعهما سويا

بعد أن أخذت دوائها واطمئن أنها بخير وصعدت إليها أمها ووصال ومودة للاطمئنان عليها ذهب هو إلى عمله وكانت معه مودة التي لم تجد من يوصلها إلى الجامعة اليوم، كانت تثرثر معه وهو لا ينتبه إلى نصف كلامها

يسترجع رسائله مع الشاب الذي تواصل معه صباحا ،الأسماء كلها تدل أنه ابن الشخص الذي يبحث عنه ،كل المعلومات صحيحة ،ركز في الطريق أمامه وهو ينوي أن يبحث بنفسه عن تاريخ هذه العائلة في البلد العربي المقيمين بها،

كانت أخر جملة قالها له الشاب أن عمه عبدالغني مريض في المشفى وعبدالملك (والد الشاب) يلازمه وأنه حين يذهب إلى اباه سيوصل له رسالة معتصم وتبادلا أرقام الهاتف معا

وصل معتصم العمل بذهن شارد وهو لا يفكر في أي شيء سوى من أين يبدأ رحلة جمع المعلومات عن هذه الأسرة القريبة الغريبة
*********
ولأنه تعود على الحياة العملية السريعة فلم يكن ليضيع الوقت هباءا

كان عمرو يقف في إحدى الشقق الواسعة في بناية حديثة تطل على نيل المُحافظة مع صديق دراسته مهدي،شاب من سنه يبدأ حياته العملية مع مجموعة من أصدقاءه بتأجير شقة واسعة وكل منهم يأخذ بها غرفة لتكون عيادة طبية شاملة مختلفة التخصصات

أردف عمرو وهو يتأمل الصالة الواسعة للشقة ذات الخمس غرف :"الشقة جيدة جدا والموقع أيضا، حمدا لله أنني وجدت مكان بينكم "

قال مهدي وهو يربت على كتف صاحبه :"سبحان الله حين تحدثنا قبل أن تنزل مصر مباشرة كانت للتو طبيبة زميلة معتذرة بعد اتفاقها معنا بسبب حملها الحديث ،لك نصيب فعلا بيننا بعد الغيبة يا صاحبي"

ابتسم عمرو قائلا :"ولكن لم تقل لي من معنا غيري أنا وأنت وسامي؟"

قال مهدي :"هل تتذكر أنوار وأشجان اللتان كانتا معنا في الجامعة ؟"

قال عمرو بذهن حاضر :"نعم التوامتان"

أومأ له برأسه إيجابا وأردف:" نعم هما"

قال عمرو بحماس:"جميل ، سنحتاج بالطبع لدعاية جيدة "

قال مهدي مكملا وهو يتلفت للشقة الخاوية من حوله:"سنحتاج دعاية واسعة وسنحتاج طاقم سكرتارية يدير المكان جيدا"

لمعت في عيني عمرو فكرة فأردف دون مواربة:"لي أختي نزلت مجال العمل حديثا ولديها خبرة جيدة إلى حد ما في السكرتارية ،مارأيك لو تعمل معنا؟"

قال مهدي بجدية:"طبعا وهل هذا يحتاج إلى سؤال تنير المكان بالطبع ،نحن في كل الأحوال سنحتاج إلى عدد لا بأس به لتنظيم المركز وترتيب المواعيد ولا تنسى أن في المركز خمس عيادات ولابد من أن يكون هناك انضباط في المكان"

أخذ عمرو نفسا طويلا وهو يتقدم من النافذة يتطلع إلى المياه الجارية أمامه ويدعو الله أن يوفقه في أولى خطواته في أرض الوطن
********
أما في شقة عمرو فكانت مريم ومعها أولادها ومعهم هاجر التي صمم عمرو أن تأتي معهم متحججا أمام والديه أنه يحتاجها هي ومريم لتفرشان له الشقة التي سيمكث فيها أثناء تواجده في المحافظة

كانت هاجر تقف أمام النافذة تتطلع في السيارات التي تقطع الشارع في الاتجاهين وصوت ضجيجها يصل إلى الأعلى

أحيانا تشعر باحتياج لهذا الضجيج حتى يهدأ الضجيج بداخلها هي....

وقفت مريم بجوارها بعد أن وضعت للأولاد لعبهم في غرفتهما وجلسا يلعبان سويا ووضعت يدها على كتفها قائلة:"في ماذا تشردين؟"

قالت هاجر وهي تلتفت لها وتواجهها :"لماذا أحضرتموني معكما إلى هنا؟"

قالت مريم باستنكار :"وماذا فيها يا بنت الا تريدين البقاء معنا؟"

قالت هاجر برقة:"بل أريد ولكنني سمعتك أنتِ وعمرو حين كنتما تتحدثان عن موضوع الاستشارية النفسية"

قالت مريم بجدية:"وماذا فيها هاجر؟ بالفعل أنتِ تحتاجين لذلك ،أنتِ منذ ما حدث وحالتك لا تروق للجميع ،وعمرو حين سأل رشح له معتصم استشارية نفسية هو يعرفها سنذهب إليها"

وضعت هاجر يدها على فمها واتسعت عينيها قائلة برعب:"وهل عرف معتصم لماذا؟"

قالت مريم بسرعة:"لا طبعا حين سأله عمرو لم يقل له لمن ولا السبب أخذ منه فقط العنوان"

ابتلعت هاجر لُعابها وأردفت:"ولكني أخجل من الحديث في هذا الأمر مع أحد"

قالت لها مريم بنظرة جادة:"لا تخجلي ،هي وظيفتها أن تساعد من هن مثلك، ويجب أن تعرفي أنها مرحلة وستتجاوزينها بإذن الله كما تجاوزناها جميعا"

قالت هاجر بتساؤل :"بمن تقصدين جميعا؟"

قالت مريم بحاجبين معقودين وقلب منقبض:"كل من مرت بمثل تجربتك هاجر تركت فيها التجربة أثرا سيئا لم تنساه طوال عمرها ،ولكن لأن ما حدث معكِ كانت نهايته كارثية تأزمت حالتك النفسية فلا تحسبي أننا جميعا نسينا هذه التجربة خاصة وقد خضنا التجربة بطريقة بدائية"

اقشعر جسد هاجر فوضعت كلتا يديها على ذراعيها ومسدتهما فأردفت مريم بحنان:"المهم أنا سأنزل بعد أن أُنهي الغداء المول القريب واشتري لكِ بعض الملابس حتى ترتدين منها حين تذهبين إلى الطبيبة"

قالت هاجر بحيرة :"ولمَ لا أذهب معكِ؟"

قالت مريم بنظرة متحدية:"حتى إذا حاول أبي أن يوبخك تقولين له أنكِ لم تختاريها وانني وعمرو من احضرناها لكِ"

ضيقت هاجر عينيها العسليتين الصافيتين وأردفت بلا فهم:"ولم تضعين نفسك أنتِ في مواجهة معه؟"

قالت مريم بعدم اكتراث:"لأن أبي فقد السيطرة عليّ، منذ زواجي لم يعد متحكما كالسابق فلا يجد غيرك يمارس عليه سيطرته"

قالت هاجر بفهم:"لذلك لا تريدين العودة إلى البيت غاضبة من يوسف حتى لا يعود أبي إلى سياسته القديمة"

أومأت لها برأسها إيجابا دون رد وتركتها لتعد طعام الغداء بسرعة وحين قالت لها هاجر :"سأساعدك"

قالت مريم بصوت عالٍ من المطبخ:"لا أريد مساعدة بل ادخلي واجلسي مع زياد وجنة"

وفي أثناء إعدادها للطعام رن هاتفها برقم غريب فردت مُلقية السلام فرد الآخر :"مساء الخير مدام مريم"

ردت مريم بتحفظ:"مساء الخير"

"ألا تتذكري صوتي؟"

"لا من معي؟"

"انا كابتن شادي"

قالت مريم بنفس التحفظ:"اهلا كابتن ،خير ،هل هناك شيء؟"

تنحنح شادي وهو يبتعد قليلا عن صديقه قائلا :"اطمئن فقط على الأولاد لهما فترة لم يأتيا إلى التمرين"

أردفت مريم بهدوء:"الفترة الماضية فعلا كان لدينا ظروف ولم نستطع الانتظام"

أردف بلهفة:"نفس الموضوع الذي تحدثنا فيه أخر مرة؟"

صمتت قليلا مفكرة فتذكرت أن أخر مرة جلس معها وكان زياد قد قال له عن أمر انفصالها

وحين لاحظ صمتها أردف بسرعة :"عامة أنا كنت اطمئن على الأولاد فقط"

قالت بنبرة حاسمة:"اشكرك ،عامة تدريب الأولاد لا آخذه على محمل الجد في سنهم هذا هو مجرد ترفيه"

حين لاحظ جمود ردها أردف وقد شعر بالاحراج:"وقلت لكِ من قبل أنهما يبليان بلاءا حسنا فأتمنى حين تٌتاح الفرصة أن يعودا"

قالت له باقتضاب:"بإذن الله مع السلامه"

أغلق معها وهو يطرد نفسا طويلا فاقترب منه صديقه ووضع يده على كتفه قائلا :"نفس المرأة؟"

قال شادي بحاجبين مرفوعين تعجبا من نفسه:"لا أستطيع أن أخرجها من رأسي"

قال له :"لا تنسى أن لديها أولاد صغار"

قال شادي ببساطة:"وهل قلت لك سأتزوجها!"

غمز له صاحبه قائلا :"ولكن لا تبدو من هذا النوع الذي يرافق"

قال شادي بنبرة متمنية :"هي فقط تفتح لي قلبها وتسمح لي بالحديث معها وأنا سأعرف أخرها ثم أردف بعينين مشتعلتين :ولكن ما أنا متأكد منه أنها مُهرة،مٌهرة جامحة"
********
منذ أن تلقى مٌعتصم الرسالة من الشاب الذي يٌدعى نزار وهو في حاله تحفز وتوتر، حيرة وخوف

مشاعر متضاربه حتى أنه لم يكن منتبها بشكل جيد في العمل إلى أن رن هاتفه برقم دولي وحين رأى مٌعتصم الرقم شعر برجفة خفيفة تسري في جسده

تحفزت حواسه كلها ومد يده ليجيب الاتصال ليقطع على نفسه حبل الحيره الذي يطوق عنقه منذ مولده

رد معتصم قائلا :"السلام عليكم "

فجائه صوت رجولي يتحدث بلهجه خليجيه وأردف:" وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته ،الاستاذ معتصم الرحماني معي؟"

قال مٌعتصم بقلب خافق :"نعم "

قال الرجل :"معك عمك عبد الملك الرحماني"

وحين نطق الرجل بكلمة عمك ارتج جسد معتصم وشعر أن أعضاءه الداخلية ليست في مكانها ،قلبه كان بين قدميه وعقله كأنه يرتج فالكلمة جديدة عليه

أردف بصوت هارب منه :"أهلا بك ،أنا لي سنوات أبحث عنكم"

رد الرجل بنبرة أبوية خالصة بنفس لهجته الغريبة على أذن معتصم :"نحن مقصرون يا بني ،مقصرون بشدة وأنا أعترف بهذا ولكن حين تعرف الظروف سوف تعذرنا"

قال معتصم بلهفة وقد عجز عن التحكم في انفعالاته وأخذ يقطع غرفة مكتبه ذهابا وأيابا:"هل أبي معكم أو تعرفون أي شيء عنه؟"

قال الرجل بنبرة صدمت معتصم:"لا بني لا نعرف شيء عنه"

اتسعت عينيه دهشة وصدمة وإحباط وأردف بصوت مختنق محتقن:"جميعكم تركتم البلدة في أوقات متقاربة كيف لا تعرفون عنه شيء وكيف تنقطعون نهائيا عن زيارة البلدة طوال السنوات الماضية؟"

رد الرجل قائلا بنبرة بدى بها الحزن:"هو سافر قبل سفرنا نحن وبعدها قامت حرب الخليج وانقطعت أخباره عنا ،ولكل منا بُني ظروفه التي منعتنا من التواصل ،عامة لن ينفع الحديث على الهاتف بعد الغيبة الطويلة هذه"

تحدثا قليلا معا وعبد الملك يحكي له عن شقيقه المريض والذي حين سمع بظهور ابن محمود الرحماني حتى طلب رؤيته وطلب منه عبد الملك لو يزورهم في الامارات ليروه ويراهم ويتحدثون معه وجها لوجه فوعده معتصم بفعلها في أقرب وقت وأغلق معه وبداخله غير مقتنع بمبررات الرجل.
*******
كان يجلس خلف مكتبه يٌغمِض عينيه مفكرا بجدية وتركيز في الخطوة التي عليه أن يخطوها

لم يكن يوسف يوما من الشخصيات الضعيفة الذي يقبل أن يفرض عليه أحدهم رأيه

ولم يكن بالخضوع الذي يجعل أحد غيره يقرر مصيره

ولم يعترف يوما بخطأه وإن اعترف سيعترف فقط أمام نفسه ولكن لن يعطي لأحد شعور الانتصار عليه مهما كان.

تأزمت الأحوال به الفترة الماضية؟ نعم

تخبط في مشاعره وصدرت منه تصرفات يعرف أنه لا توجد امرأة تقبل بها؟ نعم

أخذ قلما محترما من سندس؟ نعم

ولكن من هي سندس ؟

في النهاية مجرد فتاة مثلها مثل أي فتاة رخيصة تٌصاحِب رجلا وتتمادى معه وبالطبع بعد التمادي ستلتصق به كالعٓلٓقْة حتى يُصلِح غلطته..

مبدأ رخيص تسير به الفتيات الرخيصات وليس لهذا السلوك علاقة بغنى أو فقر والدليل سندس التي كانت تبدو من عائلة محترمة ووالدها تاجر كبير، ولكن له علاقة بالأصل والنشأة والتربية والأخلاق المنعدمة

عند هذه النقطة أغمض عينيه بشدة حتى ازدادت الخطوط المجعدة حول عينيه ،ها هو يعود مرة أخرى إلى جملة أمه التي كان غافلا عنها

وها هو يدرك الفرق بين زوجته وبين أي امرأة أخرى

زوجته .....

حسنا لابد من التفكير الجيد ،هي من السهل أن تعود ولكن بأسلوب مختلف عن أسلوبه الفترة الماضية،مريم ستأتي باللين

تناول هاتفه الثاني الذي يستخدمه في العمل ودخل على تطبيق الواتساب وأدخل رقم سندس بعد أن نقله من على هاتفه وأرسل لها رسالة واحدة

(حقيقة لا أعرف كيف أشكركِ على الخدمة الجليلة التي أسديتيها لي ،كنت أظنك فتاة من بنات العائلات الراقية ،كنت أظن رٌقي أخلاقك ك-رٌقي ملابسك وهيئتك، كنت أظن أنكِ نظيفة من الداخل كنظافتك الخارجية ولكنكِ اثبتتي لي أنني كنت خاطىء وأن كل ما ظننته أنتِ على نقيضه تماما ،والأهم أنني تأكدت كم أن المرأة التي معي لا توجد امرأة على وجه الارض تضاهي جمالها وطهرها ونقاءها ومعدنها ولا تنافسها في قلبي امرأة أخرى

لا تحاولي أن تراسليني ثانية أو تقتربي من عائلتي وإلا وجدتي وجها آخر غير الوجه الذي عرفتيه فقد حظرت رقمك من كافة وسائل التواصل عندي)

ضغط زر الارسال وانتظر قليلا وحين تأكد من وصول الرسالة قام بحظر الرقم بالفعل من كل وسائل التواصل وحذف الرقم من ذاكرة الهاتف وأنهى الأمر للابد

فنحن في عصر أصبح أفراده يتعرفون عن طريق ضغطة زر وينهون علاقات كاملة أيضا عن طريق ضغطة زر

............

أما سندس فما إن وصلتها الرسالة وقرأت حروفها بشفتين مفتوحتين ونظرة مبهوتة حتى جزت على أسنانها غيظا وقد كانت في عملها ولا تستطع الصراخ الذي كان يلح عليها في هذه اللحظة

ألا يكفيه أن أباه قال لأبيها وسمعت كلمتين ليس لهما داعٍ منه؟

أيملك الجرأة لارسال تلك الرسالة ؟ لا ليست جرأة منه بل وقاحة

انتحت جانبا بعيدا عن العمال في المتجر الخاص بوالدها في العاصمة وهي تغلي على صفيح ساخن واتصلت بشقيقتها همت وحكت لها ما حدث بانفعال شديد رغم صوتها المنخفض ولكنه كان يحمل حنق الدنيا

فأردفت همت بجدية وصرامة :"سندس كفى، كفى ،ابتعدي عن يوسف هذا ،يبدو أنهم عائلة ليست سهلة، أبوه أول شيء فعله أخبر أبي وفض معه الشراكة والان أرسل لكِ كلمات ليست هينة ويبدو أنه يملك فعلا فعل الكثير

ولا تنسي أنهم معنا في نفس المحافظة هنا وأي شوشرة على اسمنا نحن من سنتضرر سواء في سمعتنا أو العمل ارتفع صوتها قائلة بتحذير :لا تحدثيه ثانية، في كل الأحوال لم يكن يصلح لكِ، متزوج وعنده أولاد ولن يأتي من خلفه الا المشاكل التي نحن في غنى عنها "

شعرت سندس انها ستموت كمدا فلم ترد على أختها وأغلقت الخط فهي دائما ما تفعل ذلك حين يُخالف الكلام هواها

ظلت تجوب أركان المتجر كحيوان جريح يتألم ولا يتكلم وسبب قهرها أن همت لديها حق ، واضح أنها لن تأخذ مع يوسف حق ولا باطل

كانت تريد أن تلقنه درسا ففعلت ما فعلت ولكن يبدو أن كل ما حدث لم يؤثر فيه ...

أغمضت عينيها على دموع القهر ولكن من داخلها كان هناك صوت يعلو يجعلها تتماسك فقد مر عليها الاصعب من ذلك

أفلن يمر هذا؟
********
وفي رحلة العودة إلى النفس نحتاج إلى الأعزاء على أنفسنا الأقرباء إلى القلب وهو لم يكن يوما خاسرا ليفقد في ليلة وضحاها زوجته وأبناؤه و استقرار بيته

ولن يُرغمه أحد على فعلها حتى لو كانت مريم نفسها ،هو يتركها فقط تلعب أمام عينيه

تريد أن تشعر بالحرية والاستقلالية فلتشعر لبرهة قبل أن يعيدها إلى بيتها مادامت موجودة في محيطه

اتصل يوسف بزياد الذي رد عليه مباشرة فأردف الأول باشتياق:"كيف حالك حبيبي اشتقت اليك"

قال زياد الذي يجلس فوق الفراش يلعب مع أخته:"بخير بابا متى ستأتي؟"

قال يوسف:"سأمر عليكم لاراكم حبيبي وآخذكم أيضا لتتنزهوا"

لمعت عيني زياد بالفرحة فأردف يوسف متسائلا:"أين ماما؟"

قال زياد :"ذهبت لشراء ملابس"

ضيق عينيه قائلا:"ذهبت مع من؟"

قال زياد:"وحدها"

"ومع من تجلس أنت وأختك؟"

"مع خالتو هاجر"

"واين هي؟ "

أعطى زياد الهاتف لهاجر التي قالت ببشاشة:"اهلا يوسف كيف حالك؟"

قال :"بخير حبيبتي، اين مريم ؟"

قالت هاجر"ذهبت إلى المول القريب لشراء بعض الأغراض"

قال يوسف وهو يستقيم واقفا:"وحدها؟"

قالت هاجر:"نعم "

قال لها بحاجبين معقودين:"منذ متى؟"

"للتو نزلت"

قال لها بسرعة:"حسنا هاجر اهتمي بالاولاد من فضلك"

أغلق معها وترك مكتبه واستقل سيارته وعند المول القريب من شقة معتصم صف سيارته ودلف إلى المول يتفقد أثرها ،مر بكل متاجر الطابق الاول وهو يسير ببطء واضعا يديه في جيبي بنطال حلته الأنيقة وحين لم يجدها انتقل إلى الطابق الثاني يتفقدها بعينيه إلى أن لمحها في أحد محلات الملابس النسائية فلم يتقدم منها بل ظل واقفا بالخارج يستند على السور الحديدي الذي يطل على بهو المول وأخذ يدخن سيجارة ببطء شديد وحين خرجت من المحل وكانت قد اشترت لهاجر كل ما تحتاجه وجدته أمامها كعفريت العٌلبة فاتسعت عينيها من المفاجأة ليس أكثر


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-21, 08:20 PM   #1198

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

وحين استوعبت وجوده المستفز تقدمت نحوه ببرود وأردفت بهدوء:"ماذا تفعل هنا؟"
تجاهل سؤالها وأردف ببروده المستفز:"الزوجة المؤدبة قبل أن تخرج لابد أن تخبر زوجها"
نجح في استفزازها فأردفت بغيظ:"هذا حين يكون الزوج زوجا بحق ويقوم بدوره على أكمل وجه"
مط شفتيه وأردف بنظرة متسلية:"وهل قصرت في مهامي كزوج ! غمزها بعينه بوقاحة قائلا:عودي معي إلى البيت لأثبت لكِ بشكل عملي انني زوج بحق وبكفاءة أربعة وعشرون حصانا"
ضغطت على شفتها السفلى بأسنانها وناظرته بنظرة خطرة وكان يناظرها بنظرة مشتاقة تعرف مغزاها
فأردفت مقاطعة أفكاره الوقحة بنفس نظرتها الخطرة:"هل كنت تتحدث بهذه الوقاحة مع قطة الشوارع التي كنت تعرفها أوغيرها ؟"
كانت سيجارته المشتعلة والتي كانت بين سبابته ووسطاه قد تساقط رمادها ارضا أثناء حديثه معها فألقى ما تبقى منها في صندوق المخلفات المجاور له وأردف بنظرة عميقة متطلبة:"لم أتواقح يوما الا معكِ"
نظرته مع نبرته أضعفتا حصونها ولمح هو ذلك في نظرة عينيها فأردف بهدوء ونبرة آمرة في آن واحد وكأنه ملكها بنظرة وكلمة وهو ينظر إلى الاكياس :"اعطني الاكياس أحملهم عنكِ ،وهيا لنحضر أبناءنا ونعود إلى بيتنا"
حين لمحت في نبرة صوته هذه النبرة الآمرة التي ذكرتها بصلفه وتجبره في بعض الأوقات الماضية تراجعت النظرة اللينة من عينيها وأردفت بحنق:"ومن قال لك أنني سأتبعك بمجرد أن تقول لي هيا ؟وأخي الذي نزل خصيصا وترك عمله من اجلي يأتي في المساء ولا يجدني ،وكرامتي التي أهدرتها وجعلت القطط الضالة تتشفى بي هل سأنسى كل هذا لمجرد انك اتيت خلفي ،صدقني أنت لن تتغير"
قال بحاحبين معقودين وهو يواجهها :"لكِ سنوات تقولين أنني لن أتغير وكنتِ تعيشين وتتقبلين قبل أن يلعب أخوكِ هذا في رأسك فمالذي جد؟"
قالت بحاجب مرفوع ونبرة حانقة:"الذي جد أنني مللت"
قالتها وهي تدير ظهرها له وتخطو عدة خطوات في اتجاه السُلم الكهربائي وحين وضعت قدمها على أول درجة كان خلفها وأردف بضيق من كثرة الحاحه عليها واستخفافها في الحديث معه :"هل تظنين أنني عاجز عن اعادتك إلى البيت رغما عنكِ إن أردت!"
رفعت وجهها اليه وأردفت بنظرة قاتمة:"وكيف ستعيدني رغما عني ؟"
كانا قد وصلا للطابق الارضي وتقدمت هي صوب باب المول للخروج وهو لايزال خلفها فأردف بنفاذ صبر:"أستطيع حملك واعادتك وغلق باب بيتي عليكِ حتى يعود اليكِ رشدك"
اتسعت عينيها غضبا من كلماته فاستدارت له بجسدها كله لتواجهه وأردفت بطاقة غضب هائلة كفيلة ببعثرة غروره على أرضية المكان:"هكذا إذن؟"
قال بجدية :"هكذا يا مريم ،قلت لكِ الف مرة موقف وانتهى ولابد أن يمر ولا تقف حياتنا وحياة أبناءنا عليه،وكما عرفت من حاتم أن اخوتك كانا من الذكاء بحيث فهما عقلية قطة الشوارع كما تصفينها واخبراكِ أن الموقف مقصود رغم أنني كنت أتمنى أن تفهمي من نفسك وتتمسكي بي أكثر من ذلك"
كانت لهجته مستفزة لها إلى أبعد الحدود فأردفت لتستفزه كما يستفزها :"أنا فقط أريد أن أسألك سؤالا واحدا ،لو الأدوار تبدلت وأنت من جاءك من معه غرض يخصني ماذا كنت ستفعل؟"
قال بنظرة شديدة الخطورة حد الاجرام ونبرة شديدة الانخفاض حد الفحيح:" كنت ذبحتك ،ولا تكرري هذه الجملة طوال حياتك مرة أخرى"
أومأت برأسها باستهزاء وأردفت :"أنت تذبحني ولكن حين تنقلب الأدوار لابد أن أكون ذكية وأفهم اللعبة وأتمسك بك"
قال بنفس النبرة المستفزة الباردة والنظرة الثاقبة وهو يوميء بوجهه:"بالضبط "
إن ظلت في حديثها هذا معه إما ستموت غيظا أو ستقذفه بأي شيء أمام الناس فقررت الابتعاد عنه وحين همت بتركه وجدت فردين من أفراد أمن المول يقتربان منهما وقد لاحظا أنه يتبعها ولاحظا حالة الشد والجذب بينهما وأردف أحدهما باهتمام :"هل هناك شيء يا آنسة هل نساعدك بشيء؟"
همت بالرد على الرجل ولكن يوسف سبقها قائلا له بنظرة مشتعلة ونبرة مٌستخفة:"لا تتدخل فيما لا يخصك فالانسة تخصني"
ناظره الرجلان بنظرة مستنكرة ثم أردف الرجل الثاني وهو ينظر إليها:"هل تعرفين الاستاذ ؟"
نظرت مريم إلى يوسف وإلى تعاليه مع الرجل وشعرت بالغيظ لمحاولته فرض سيطرته مرة أخرى عليها ثم أردفت ببرود :"لا، لا أعرفه"
قالتها مريم على سبيل الكيد فيه ليس أكثر وولته ظهرها وخرجت من الباب وهي تنتظر أن يخرج خلفها بعواصفه التي أصبحت تتشفى فيه حين يصل إلى أعلى درجاتها جزاء له عما فعله بها طوال الفترة الماضية
سارت مريم خطوات ولم تنظر خلفها حتى لا يشعر أنها مٌتلهفة عليه ولكنها لم تشعر بأي حركة خلفها وبعد أن قطعت نصف الطريق وكانت قد اقتربت من البيت نظرت خلفها فلم تجده فشعرت بالقلق وتساءلت هل خرج خلفها ورحل مباشرة أم لم يخرج من الأساس؟..
********
كان عمرو قد انتهى بالفعل من معاينة الشقة التي وقع عليها الاختيار لتكون مركزا طبيا له ولزملاءه وبدأ في حصر الأجهزة التي سيحتاجها في عيادته وبدأ بالفعل في تصفح بعض صفحات بيع الأجهزة مع مهدي حين رن هاتفه ليجده معتصم وحين رد أردف معتصم بجدية واختصار :"عمرو أريدك في خدمة إن أمكن"
قال عمرو باهتمام:"تفضل"
أردف معتصم:"كان من المفترض أن أقل مودة من الجامعة في طريقي ولكن جد جديد في العمل وسأتأخر فأمامك حل من الاثنين إما تقلها أنت إلى البيت أو تأخذها عند مريم وهاجر هنا وأنا حين أنتهي أمر وآخذها"
قال عمرو بنظرة متسلية:"وهي تعرف أنني من سأقلها؟"
قال معتصم باقتضاب:"لا لا تعرف كنت سأتصل بها وأخبرها في حال انك وافقت"
قال عمرو مدعيا الجدية:"لا تتعب نفسك وتتصل بها اهتم أنت بعملك يا رجل وأنا سأتولى الأمر ثم أردف متهكما مقلدا طريقة معتصم :الا يكفي أن الشرطة تعمل بجد واجتهاد لخدمة الشعب ! لابد أن يكون لنا دور"
لم يكن معتصم في مزاج يسمح بالمزاح بعد أن حدثه يوسف وأخبره أنه في طريقه إلى القسم في مشاجرة فأردف بجدية:"حسنا عمرو شكرا "
أردف عمرو ممازحا:"حمدا لله أنني عدت، لا أعرف ماذا كنتم ستفعلون بدوني في موقف كهذا "
بدى الامتعاض على وجه معتصم وأردف بسماجة :"أنا أيضا لا أعرف ماذا كنا سنفعل دونك "
وأغلق معه بعد أن أخبره بالمكان الذي تنتظره فيه وأكد عليه أن يتصل بها ويخبرها
********
بعد العصر عند الجامعة
كانت مودة للتو أنهت محاضراتها وخرجت بصحبة صديقاتها لتنتظر معتصم أمام باب جانبي من أبواب الجامعة في الوقت الذي وجدت سيارة يحيى تقترب منها وحين دققت النظر وجدت عمرو هو الذي يخرج منها فناظرته بدهشة وأردفت لصديقاتها :"أستأذنكم أنا فابن عمي هنا "
قالت لها فتاة من الفتيات بنظرة شغوفة وهي تدقق في وجه عمرو الذي يقترب منهم وفي هيئته الشبابية العصرية وملامحه الرجولية الجذابة:"أنتِ يوم ابن عمتك ويوم ابن عمك مالقصة ؟هل نساء عائلتكم يلدن شبابها في المنحل ليأتوا هكذا ؟"
اتسعت عيني مودة وهي تستدير بجسدها كله لصديقتها وأردفت بغيظ وهي تبسط أصابعها الخمسة في وجهها:"قل أعوذ برب الفلق "
قهقن جميعا عدا مودة التي استدارت ما إن سمعت صوت عمرو يُلقي السلام على الجميع واقتربت منه قائلة بابتسامة بلاستيكية :"هيا "
قالتها وهي تسير بخطوات سريعة بعيدا عن البنات اللاتي رددن السلام عليه بصوت عالي وابتسامة واسعة من الأذن للأذن
وحين ابتعدا قليلاً وقفت أمامه قائلة بتساؤل:"مالذي أتى بك إلى هنا؟"
وقف ينظر إليها قليلا لا يستطيع ترجمة تصرفاتها فحين رأته تبدلت ملامحها ولم ترد السلام كصديقاتها وابتعدت به بعيدا عنهن ولكنه في النهاية أردف ببساطة:"الذي جاء بي أن الشوفير الخاص بكِ لديه عمل مفاجيء واستعان بي لأوصلك بدلا منه"
رفعت حاجبيها قائلة:"معتصم؟"
قال باباتسامة ودودة:"نعم "
قالت باحراج :"ولمَ لم يقل لي كنت أخذت أي مواصلة ؟"
تحولت ملامحه من قمة الهزل إلى قمة الجدية وأردف:"وتركبين مع سائق غريب وحدك!"
أردفت مستدركة بوجه متورد حين لاحظت انفعاله:"أنا لم أكن أريد تعبك ليس أكثر"
فأردف بجدية مصطنعة وهو يبسط راحته فوق صدره:"دائما أنا شمعة تحترق من أجل الآخرين فلا تٌبالي "
ابتسمت ابتسامة رائقة وهي ترى انفعالاته تتبدل ما بين الثانية والأخرى من النقيض للنقيض وبذلك لا تستطع التنبؤ برد فعله تجاه المواقف إلا باختباره الفعلي ومراقبة انفعالاته عن قرب
مد يديه لها بلباقة يحمل عنها كتبها فمدت يديها بكل الكتب التي كانت معها وحملهم عنها وبعد بضع خطوات وصلا إلى السيارة ففتح الباب الخلفي ووضع فيه الكتب وأغلقه ثم فتح الباب المجاور لباب السائق وأردف بذوق:"تفضلي"
تنحنحت بحرج واحمر وجهها وأردفت :"بامكاني أن أجلس بجوار الكتب بالخلف "
رفع حاجبا مستنكرا وأردف بسرعة وبملامح جدية:"وتزاحمين الكتب في المكان؟"
حركت مقلتيها يمينا ويسارا ثم التقطت مزحته فابتسمت ليبتسم هو الآخر قائلا:"هل تركبين مع معتصم في الخلف؟"
قالت ببراءة:"لا ، أجلس بجواره "
قال مشاكسا وهو يستند بيده على باب السيارة :"حسنا اعتبريني ك-معتصم أم أنني ابن البطة السوداء ..."
أطلقت ضحكة عالية ثم أردفت بمزاح:"لا ابن عمتي نعمة"
تبدلت ملامحه الساخرة واكتست بالجدية وهو يسألها بحذر:"وما معنى ابن عمتك نعمة؟ "
قالت بعد تفكير قصير:"وماذا فيها؟"
قال :"في العادة ستقولين ابن عمك زكريا فهل لذكر اسم الأم في هذه الحالة أي مغزى؟"
جاهدت لمنع ضحكة عالية تريد الخروج وأردفت بقدر عال من الثبات:"أقصد أنك ابن عمتي نعمة حبيبتي فلا تقل عليها بطة سوداء"
ثم أتبعت قولها بفتح باب السيارة لتجلس قبل أن تنفلت منها ضحكاتها فاستقل هو الاخر بجوارها وانطلق بالسيارة أما هي فنظرت خلفها إلى صديقاتها اللاتي كن يتابعنها وأخرجت لهن لسانها ثم جلست في المقعد بوقار فأردف عمرو وهو يركز في الطريق أمامه :"معتصم قال لي إما أوصلك البيت وإما آخذك عند مريم وهاجر هنا حتى يٌنهي هو عمله ويمر ليأخذك فماذا تفضلين؟"
قالت وهي تستند برأسها على ظهر المقعد بارهاق:"لو لم يكن بها تعب أوصلني إلى البيت لأن لدي اختبار هام غدا وأريد المذاكرة"
قال بهدوء شديد:"لا أبدا تعبك راحة "
تبسم ثغرها بسمة صغيرة جدا وحين بدأ عمرو في الابتعاد قليلا عن زحام المدينة وصخبها ودلف بالسيارة إلى الطريق المؤدي إلى القرية فكان النهر على يمينها والجبال الشاهقة على يسارها فأردفت وهي تتأمل نهر النيل كعادتها:"جميل أنك أخذت هاجر معك لترفه عن نفسها قليلا "
مط شفتيه ثم أردف وهو يركز في الطريق أمامه:"جميل "
قالت له لتقطع الصمت بينهما فهي لا تحب الصمت بل تحب الصخب يحاوطها:"ومريم ماذا ستفعل معها أنا أعرف أن هناك مشكلة وأنتم متكتمون بشدة عليها"
نظر إليها نظرة سريعة وأردف بابتسامة صغيرة:"حمدا لله أنكِ تعرفين أننا متكتمون"
قالت وهي تلتفت بجسدها كله لتواجهه وهو على وضعه مركزا في الطريق:"لا تقلق ،أنا أي سر معي تأكد أنه في بئر عميق "
قال بسخرية لا يعرف لم أصبحت مرتبطة بها منذ عودته :"بئر عميق مثقوب"
تجهمت ملامحها فجأة وأردفت بحنق:"لمَ تقل هذا ؟"
قال:"لانكِ كنتِ وكالة أنباء متنقلة في صغرك "
قالت بجدية شديدة لتنفي عنها التهمة:"هذا قديما ياعمرو حين كنت صغيرة ألا تلاحظ أنني كبرت وتغيرت كثيرا؟"
ناظرها بنظرة جانبية ولكنها شاملة وأردف بنبرة عادية:"نعم تغيرتي كثيرا"
قالت :"المهم ماذا ستفعل مع مريم؟"
زفر زفرة حارة طويلة فبدى الهم على ملامحه كلها فدققت النظر في جانب وجهه الذي يسقط عليه مباشرة شعاع شمس العصاري الدافئة ،لقد تغيرت ملامحه وأصبح أكثر نضجا مما مضى وأكثر وسامة أيضا عليها أن تعترف بذلك ،رغم أنها أحيانا تجد فيها خبث ودهاء أمه ولكن في النهاية بصمة جدتها غالية هي التي تصنع الفارق في الشخصيات ولكن أكثر ما يلفت الانتباه لها كفتاة عينيه العسليتين الصافيتين ،العيون العسلية هي ما تميز أبناء عمها زكريا ولكن لون العسل في عيني عمرو مميزا بشدة وذقنه التي تركها منذ عاد إلى البلدة ويكتفي فقط بتهذيبها تعطيه شكلا جذابا
حين وجدت أنه لم يرد سؤالها وأن أفكارها جرفتها في منطقة خطرة شعرت بالحرج من نفسها فاعتدلت في جلستها وقد تخضب وجهها بلون أحمر قاني وركزت في الطريق ولاحظ هو تبدل حالها وأرجعه لأنه لم يرد على سؤالها بشأن مريم
فأردف أخيرا حتى لا يحرجها:"أمر مريم محير يا مودة ،الموضوع متشابك من جميع الجهات أشعر أنه عٌقد إن انفرطت منه حبة ستتناثر باقي الحبات تباعا "
نظرت إليه وقد تسلل الخوف إليها من نظرته ونبرته فأردفت :"تقصد لارتباط زواجهما بزواج يحيى ويسر؟"
قال باقتضاب:"من كل الجهات مودة ،العائلة كلها مرتبطة ببعضها وإن تأثر اثنين تأثيرهما سيطول باقي الأسرة ،كبنيان إن تصدع طابق فيه تأثرت باقي الطوابق ،ثم أردف بشرود:لذلك كنت أرى طوال عمري أن أفشل زواج هو زواج الأقارب"
انقبض قلبها الصغير فجأة وتغضنت ملامح وجهها ونظرة عينيها التي كانت تشع بالحياة أصابها الوجوم ثم أردفت أخيرا وهي تنظر إلى النهر الجاري على يمينها ككل شيء يجري بقدر ولا يتوقف :"فعلا عندك حق،أفشل زواج هو زواج الأقارب "
*******
كان يوسف يجلس في حجرة مكتب معتصم في القسم يحتسي الشاي الساخن ببرود أو هكذا يدعي وهو يستند بأريحية على ظهر المقعد في الوقت الذي طرق فيه سامح مساعد معتصم على الباب طرقة واحدة ثم دلف قائلا لمعتصم بجدية :"كل شيء تمام الأمر انتهى "
قال معتصم باهتمام :"راضيتموهم؟"
قال سامح مؤكدا:"طبعا يا معتصم باشا كما طلبت بالضبط ورحلوا جميعا "
قال معتصم بابتسامة لم تتخطى حدود عينيه:"أشكرك يا سامح"
وما إن خرج الأخير حتى نظر معتصم إلى يوسف وأردف باستياء:"تتشاجر مع أمن المول ! أ وصل بك الحال إلى ذلك؟"
قال يوسف بحاجبين معقودين:"أ لم أقص عليك القصة كاملة؟ انتهينا "
فجأة تبدلت ملامح معتصم من قمة الجدية إلى قمة الهزل وأردف بعد ضحكة قصيرة عالية:"هل تعرف يا يوسف أنت ابن حلال، كنت تمل من الحياة الروتينية فأكرمك الله بالمغامرات ثم رفع سبابته قائلا :وكله بما يرضي الله زوجتك هي من تعيش معها في النهاية المغامرات الشيقة "
ابتسم يوسف أخيرا وتعجب من نفسه أنه في ظل هذه الظروف ويبتسم ،لا يعرف لمَ لم يغضب منها بعد فعلتها التي تسببت في شجاره مع أفراد الأمن وانتهى به الحال في قسم الشرطة بعد أن اتهموه أنه يٌعاكس فتيات المول ورد عليهم بمنتهى الوقاحة
المٌفترض أن يكون غاضبا منها ولكنه يبتسم حين يتذكر ملامح وجهها الغاضبة التي تتنافى مع نظرة عينيها اللتين يبدو بهما حبه جليا
قال معتصم قاطعا عليه حبل أفكاره :"بدون الدخول في تفاصيل ولكنك تحتاج إلى تغيير طريقتك معها كليا، ثم أردف بازدراء: يوسف أنت مستفز وهي لم تعد تطيق هذه الطريقة ولا تنسى انها الان شبه تحررت وليس الوضع كالسابق"
قال بغلظة:"إن أردت الذهاب وتلقين الدكتور درس عمره وأخذ زوجتي وابنائي سأفعلها فلا تقل تحررت هذه وهي لا تزال على ذمتي ولا توجد قوة على وجه الأرض ستجبرني على تركها"
حرك معتصم وجهه يمينا ويسارا بيأس وأردف :"هذه هي المشكلة يوسف أنت تظن انك تملك كل شيء وأن الجميع تحت أمرتك وتتعمد أن تُشعر من أمامك أنه لابد أن يقبل بالوضع ،صاح محذرا بصوتِ أعلى قليلا :قلت لك لابد أن تغير طريقتك ،أنت قلت أنك أدركت أنها تأتي باللين وذهبت لها المول على هذا الأساس مالذي جعل الحوار يأخذ مسارا اخر؟"
قال يوسف وهو يضع كوب الشاي أمامه وهو يدرك أنه بالفعل في مأزق:"لا أعرف كلما شعرت أنني أفقد السيطرة عليها اتوتر فاتصرف بلا تفكير"
وضع معتصم راحتيه على سطح المكتب وأردف بجدية:"غير هذه الطريقة فورا"
قال يوسف بنبرة فشل في أن تكون ساخرة :"منكم نستفيد،ماهي نصائح سيادتك "
قال معتصم بجدية :"اقترب منه برقة لا بهمجية ،كن لينا لا فظا ،اجعلها تشعر باحتياجها اليك واشتياقها لوجودك ومن ثم تراجع لتجعلها تشعر بافتقادك وأهميتك في حياتها ،اجعلها تلمس تغيرك بنفسها ،اجعلها تشعر باشتياقك إليها فتتقدم هي وتقترب، لا أريد أن أقول أكثر من ذلك لعلك تكون فهمت ما أقصده ثم أردف بجدية:كم مرة صرت أقولها أنت في نعمة ولابد أن تقدرها ، لو كنت تعمل في مهنة مثل مهنتنا وحياتك دائما معرضة للخطر وقتها كنت ستدرك ما أقوله"
زفر يوسف نفسا حارا عميقا وهو ينظر إلى ملامح معتصم الجادة المتأثرة وأردف :"فليحفظك الله ويبارك لنا في عمرك"
رن هاتف معتصم مقاطعا وكان عمرو المتصل فرد مباشرة فأتاه صوت عمرو يسأله بتحفز:"معتصم هناك شيء حدث اليوم نهارا ومريم قصته عليّ للتو بعد أن عدت من توصيل مودة"
ظهرت ابتسامة متسلية على ملامح معتصم وأردف بتهكم:"ماذا قالت لك أختك يا دكتور ،احكي لي فالقسم أصبح ملكا لاحفاد عمران ومشاكلهم"
********
كانت مريم تجلس بجوار عمرو من جهة وهاجر من جهة بعد أن قصت لهما على استحياء ما حدث وليطمئن عمرو اتصل بمعتصم
وبعد أن قص عليه معتصم اختصار ما حدث أغلق عمرو معه ونظر إلى مريم نظرة غامضة وأردف :" أنتِ اختي وحبيبتي لن أنكر ولكن فعلا إن كيدكن عظيم"
اتسعت عينيها قائلة:"ماذا حدث؟"
أردف وهو ينظر إلى ملامح وجهها البريئة وشعرها الناعم المنسدل فوق كتفيها ولا يصدق أن هذه يخرج من تحت يديها ما حدث ليوسف :"لا بسيطة انتهى به الحال في قسم الشرطة"
وضعت كفها فوق فمها واتسعت عينيها بنظرة منزعجة وأردفت بصوت هارب منها :"حقا؟"
أومأ برأسه قائلا :"حقا"
أما هاجر فلم تستطع منع نفسها من الضحك فأردفت مريم :"صدقني لم أكن أقصد"
قال عمرو بجدية :"أعرف ،ولكن هذا الأمر لابد له أن ينتهي مريم لابد أن تحددي موقفك"
قالت بضيق :"أنا كلما حاولت يفعل هو شيء مستفز يجعلني أتراجع ،صدقني أنا أريد بالفعل للوضع أن ينحل ولكنه لا يعطيني الفرصة"
قال لها باهتمام وهو يربت على كتفها:"عامة أنتِ في كل الأحوال ستجلسين معي فترة اعتبريها فترة نقاهة وبعدها تفعلين الصالح لكِ أنتِ والاولاد وكما قلت لكِ أنا ويحيى هذه الفتاة كانت تقصد بالفعل الايقاع بينكما، فقط أريدك في المستقبل أن تستخدمي ذكاءك تجاه تلك النوعيات"
أومأت له برأسها بصمت فأردف أخيرا :"حجزت لكما غدا عند الدكتورة روحية ستذهبين انتِ معها وانا سأبقى بالاولاد"
قالت له :"حسنا "
بينما تخضب وجه هاجر بالحمرة وشعرت انها تريد للأرض أن تنشق وتبتلعها من خجلها وأدرك عمرو ذلك فأردف وهو يستقيم واقفا :"سأنام انا تصبحان على خير"
تركهما معا فابتسمت مريم لأختها وأردفت لتخفف حرجها:"هناك فيلما أجنبيا جديدا سيعرض اليوم مارأيك نستغل نوم الاولاد مبكرا ونشاهده معا"
أومأت لها هاجر برأسها وبالفعل قاما معا رتبا الصالة وحضرت مريم الفيشار وبعض المقرمشات وفتحا التلفاز انتظارا للفيلم
********
حين دلف معتصم إلى البيت في المساء بعد أن ظل في القسم حتى انتهت مشكلة يوسف أغلق الباب خلفه بهدوء وكانت عنان بالمطبخ ترتب بعض الأغراض وحين سمعت صوت الباب يُفتح ويُغلق شعرت بخفقة زائدة في قلبها فابتسمت تلقائيا وهي تتجه نحوه وهو حين رآها تخرج من المطبخ وضع الطعام الذي أحضره معه على الطاولة الرخامية وأردف :"أ لم أقل لكِ لا تعدي طعام اليوم أنا سأحضر معي؟"
قالت له بصوت رقيق:"كنت أرتب فقط بعض الأغراض وأمي أيضا أرسلت لنا طعاما"
اقترب منها فاتحا ذراعيه فألقت نفسها بين ذراعيه وكأنها مشتاقة منذ سنوات
وكأنها لم تكن في نفس المكان فقط في الصباح ، ضمها إليه بحنو وشوق وهو يمسد على ظهرها بيد وعلى شعرها بالأخرى
أما هي فكانت تتعلق في كتفيه بكفيها بشكل أرضاه بشدة ،أجمل ما في مصارحة الامس انها هدمت الحاجز الذي كان بينهما
حاجز كرامته العزيزة التي لم تكن لتسمح له بفرض نفسه عليها
وحاجز خجلها وخوفها من المستقبل
طال عناقهما ولم يشعرا بالوقت فأردف بجوار أذنها بهمس أجش:"كيف حالك الان أفضل ؟"
قالت بهمس رقيق وهي لا تزال تستند على موضع قلبه :"أفضل الحمد لله"
ليردف باهتمام:"ولكن جسدك لازال دافئا"
قالت:"ربما لأني لم آخذ الدواء منذ أخذته صباحا"
أبعدها عنه قليلا وأردف بحاجبين معقودين وهو يتطلع في وجهها :"لماذا؟"
قالت بملامح مستكينة هادئة وعينين صافيتين :"وجدت نفسي أفضل فلم آخذه"
قال وهو يضع كفه فوق جبهتها:"لذلك لم تنخفض الحرارة كليا عامة هيا سأبدل ملابسي بسرعة ونتناول الطعام بعدها تأخذين دواءك"
تركها على مضض ودلف ليبدل ملابسه وبعد أن خطى خطوتين التفت لها وهي تفتح أكياس الطعام الجاهز لتضعه على السطح الرخامي ومسح بعينيه مسحة متفحصة على جسدها من قمة رأسها حتى قدميها الحافيتين والخلخال يلتف حول يمناها فيمنيه بتحقيق حلمه
كانت ترتدي فستان قطني بلون رمادي فاتح بكم طويل ، مفتوح من عند الصدر قليلا ويصل بالكاد حتى ركبتيها ،يلتصق على جسدها بإغراء واغواء
فأردف ببؤس وهو يقف في منتصف الرواق:"عنان"
التفتت له قائلة :"نعم"
فأردف وهو يشير بسبابته عليها:"اين كانت هذه الملابس من قبل؟"
استغربت سؤاله ونظرت إلى نفسها ثم عادت بعينيها اليه قائلة:"كانت في الخزانة لماذا؟"
قال بإحباط خفي :"لا ترتدي منامات مرة أخرى إلا للضرورة القصوى"
اضطربت أنفاسها من تحديقه فيها ومن كلماته فتركها ليبدل ملابسه أما هي فتوقفت عما كانت تفعله وتمتمت في سرها :"إلى متى سنظل نلعب لعبة القط والفأر هذه ؟ ثم أردفت وهي تبسط كفها أمام عينيها :لابد لهذا الأمر أن ينتهي الحمد لله مر اليوم الأول وباقي .."
صمتت قليلا وهي تفكر كم يوم استغرقته عادتها في الشهر الماضي
...........
بعد أن تناولا الطعام في جو ملبد بالمشاعر الطاغية التي جعلت الأجواء حولهما كأن بها مسا كهربيا خفيفا لذيذا أحضر لها معتصم الأدوية فأخذتهم ثم دلفا معا الى غرفة النوم ففتحت هي التلفاز قائلة له :"هناك فيلما أجنبيا جديدا لبطلي المفضل سيأتي اليوم هل تشاهده معي؟"
قال لها بنظرة داكنة :"بغض النظر عن بطلك المفضل هذا ولكن نعم أشاهده"
ابتسمت له ابتسامة حلوة وهي تبحث عن القناة التي سيٌذاع عليها الفيلم أما هو فخرج إلى المطبخ وعاد ومعه صينية مليئة بالمقرمشات ،فستق وبندق وكاجو وعين جمل وشيكولاتة من النوع الذي تحبه فالتمعت عينيها بالسعادة وهي تقول :"متى أحضرت كل هذا؟"
قال لها وهو يجاورها في الفراش ويضع الصينية بينهما:"أثناء عودتي"
ابتسمت له ابتسامتها الحلوة وبدأ الفيلم وجلسا متجاورين في الفراش يشاهدانه معا وهما يتناولان المقرمشات وهي تلتهم الشيكولاته التي تعشقها بنهم وتضع له في فمه قطعة بين الحين والآخر وظلت تتحدث معه طوال الوقت مٌعلقة على الأحداث وهو يستمع لها ويرد عليها إلى أن انتهى الفيلم
حمل الصينية ووضعها على الكومود المجاور له وأغلق التلفاز بجهاز التحكم عن بعد وأغلق الضوء المجاور لفراشه وبقى فقط الضوء الخافت المجاور لفراشها واستلقى مستندا بظهره على ظهر الفراش فوجدها تقترب منه تحيط جذعه بذراعها وتضع رأسها على صدره فاختلج قلبه بشعور غريب وجميل
شعور رضاها ورغبتها فأحاط ظهرها بذراعه وبالأخر أزاح خصلات شعرها من على وجهها واستدار قليلا وهو يواجهها ويمرر أنامله بين خصلات شعرها وأردف بنبرة تبدو بها عاطفة جلية ونظرة شديدة التطلب:"متى تنتهي عادتك في الغالب؟"
شعرت بالخجل وأخفت وجهها في صدره فأعاد وجهها إلى مرمى عينيه مرة أخرى قائلا بنظرة نافذة :"انتهى زمن الدلال والخجل"
رأى في عينيها خجلها وشعر باضطراب أنفاسها فأردف مبتسما:"كم يوم عنان طمأنيني على مستقبلي؟"
رفعت عينيها إلى عينيه وأردفت وهي تحارب خجلها:"أحيانا خمس أيام"
رفع حاجبا واحدا وأردف:"ماذا تعني أحيانا هذه؟"
تنحنحت قائلة بخجل:"أحيانا تكون ستة أيام"
ظل على وضعه يرفع حاجبا واحدا ثم أردف بنظرة متسائلة:"وفي أسوء الظروف؟"
هربت بعينيها عن عينيه وأردفت:"سبعة"
قال ببؤس :"حقا؟"
تنحنحت قائلة باحراج ووجوم :"أنا لدي مشكلة في هذا الأمر، أعاني احيانا من اضطراب"
قال بجدية حين لاحظ حرجها:"نذهب إلى طبيب متمكن وكل شيء له علاج"
صمتت قليلا وهي تناظره نظرة صامتة ثم أردفت أخيرا:"إذا كنت تريد فعلها من أجل الانجاب فأعتقد أن الأمر معقد قليلا وأنا قلت لك هذا الأمر من قبل"
قال مستغربا :"من أتى بسيرة الإنجاب ؟ انا اتحدث من أجلك أنتِ ،إن كان هناك أي شيء يتعبك نذهب إلى الطبيب يعالجه ليس أكثر"
قالت بحرج وأناملها ترتخي عن محاوطة جذعه:"حقك أن تسعى أن يكون لك طفل وقلت لك هذا من البداية"
قال بنبرة جدية آمرة :" لا تتحدثي في هذا الأمر مرة أخرى ،أنا لا أفكر في أمر الانجاب هذا على الاطلاق ،لا يشغل حياتي سوى أمر واحد وهو أنتِ فقط ثم أردف بنظرة خاصة:ألم تتأكدي بالأمس كم أحبك "
لمعت عينيها بنظرة ماكرة وأردفت:"ومالذي حدث بالأمس ويجعلني أتأكد؟"
أردف وهو يتطلع إلى نظرتها والشقاوة التي تتقافز من كل سكناتها:"ألم يحدث شيء ولم أقل لكِ اي شيء؟"
قالت بجدية مصطنعة:"أنا كنت محمومة بالأمس مٌعتصم ونسيت كل ما حدث قل ما قلته مرة أخرى من فضلك؟"
انشق ثغره عن ابتسامة حلوة بحلاوة شعورها الحديث وهي بين يديه أما عينيه فكانتا تحكيان بصمت قصة حب بطلتها كانت حلما مستحيلا وبكلمة كن من رب العباد كانت ببيته كما تمناها والان بين أحضانه كما اشتهاها راضية طائعة مشتاقة
تناول كفها وطبع قبلة طويلة على باطنه وأردف بنظرة شغوفة واشتياق لن يطفأه الا وصالا مكتملا :"نعيد ما قلته بالأمس كاملا (أحبك ) ومال على شفتيها بقبلة طويلة تحكي كل شيء دون كلمة واحدة أخرى تقطع عليه خلوته ،وزادته من الشوق درجة حين طوقت عنقه بيدين بملمس الحرير تقربه منها حتى لا يبتعد عنها
********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-21, 08:21 PM   #1199

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

منذ أن عاد يوسف إلى المنزل بعد أن ترك معتصم وهو يدور في شقته الخالية بلا هدي
لم يستطع تناول الطعام مع أمه وأبيه بالاسفل فصعد إلى شقته وهو يشعر بالملل ،البيت خاوي من ضجيج الصغار ومن صوت التلفاز العالي ومن الطاقة التي تبعثها مريم في المكان بوجودها وصوتها العالي حين تصيح في الصغار أو توبخه هو حين يتأخر
حتى تسلله الى البيت بعد منتصف الليل وضبطها له كاللصوص اشتاق له أيضا وهو يلمح غضبها منه في عينيها فيراضيها بطريقته فتستجيب مرة ويقتنصها كصياد ماهر وتتمرد مرة وتقلب وجهها في وجهه لأيام حتى يعتذر تجنبا لمزاجها السيء
دلف إلى الحمام وهو متذمر وحين شعر بتشنج في عضلات كتفيه وحكة في ظهره وفشل في الوصول لمكانها تذكر حين كانت تدلك له ظهره فيشعر بالاسترخاء فتناول زجاجة الزيت العطري الذي تستخدمه هي معه وحاول تدليك ظهره ولكن محاولته كانت فاشلة فأغلق الصنبور بعصبية وسحب المنشفة وجفف جسده وحين خرج من الحمام رن هاتفه فالتقطه ورد فكان مؤمن صديقه الذي قال:"اهلا جو لك فترة يارجل مبتعدا عنا"
قال يوسف:"ضغط عمل فقط اعذروني"
فأردف مؤمن:"سنجتمع اليوم معا لم لا تأتي؟"
قال يوسف وقد وجد ما يشغله عن التفكير السلبي :"حسنا أين ستتقابلون؟"
وبعد أن عرف المكان ارتدى بنطال جينز انيق وتيشيرت شبابي بكم ولم يشعر برغبة في ارتداء معطف رغم برودة الجو في المساء
وفي سيارته ظلت كلمات معتصم ترن في أذنيه مرارا ووجد نفسه لا يعرف لماذا لا يشعر بالحقد عليها لما فعلته اليوم بل يشعر برغبته بها تشتد خاصة بعد لقاءهما الحميمي الاخير حين كانت في العاصمة ، من يومها وشعور مختلف يشعر به تجاهها، شعور لا يستطيع وصفه
ليجد نفسه عوضا عن الذهاب لأصدقائه يذهب إليها دون تفكير أو ترتيب
********
بعد أن انتهى الفيلم الأجنبي دلفت هاجر إلى غرفتها بينما كان زياد وجنة نائمان بالغرفة التي تنام بها مريم وعمرو كان قد ذهب في سبات عميق منذ أكثر من ساعتين
وبعد أن رتبت مريم المطبخ قبل نومها أغلقت أضواء الشقة كلها عدا الضوء الجانبي بمدخل الشقة ودلفت إلى الحمام اغتسلت وفَرَشت أسنانها ثم ارتدت منامة قطنية نظيفة وجمعت شعرها في ذيل حصان مٌنخفض وحين همت بالاستلقاء بجوار أبناءها سمعت طرقات خافتة على باب الشقة فأرهفت السمع لتجد أن الطرق مستمر
استقامت وخرجت لترى من فنظرت من العين السحرية فترائى يوسف بهيئته أمامها ولكنها كذبت عينيها فمالذي سيأتي به قرب منتصف الليل هكذا فقالت بصوت منخفض:"من؟"
ارتفع صوته قائلا :"يوسف"
اضطربت أنفاسها وعلمت أنه أتى ليحاسبها عما حدث اليوم فأردفت بصوت متوتر :"ماذا تريد؟"
"افتحي الباب" قالها بنبرة آمرة
ففتحت الباب الخشبي وكان من خلفه بابا حديديا وأردفت بصوت منخفض:"ماذا تريد؟"
كان يضع يديه في جيبي بنطاله الجينز فأردف بنظرة لم تروق لها:"أريد أن أرى الاولاد"
رفعت حاجبا متعجبا وهي تناظره من بين السياج الحديدي وأردفت:"ترى أبناءك منتصف الليل؟"
"وماذا فيها اشتقت لهما"
تنهدت قائلة بتعب :"بالله عليك يوسف امشي الآن وفي الغد سأرسلهم يقضون معك اليوم كاملا فالجميع نائم الان"
قال بأسلوبه المستفز :"بالطبع تخافين من فتح الباب بعدما فعلتيه اليوم"
كما نجحت في ازدياد إثارته بأنوثتها وشراستها معا نجح هو الآخر في استفزازها بأسلوبه ففتحت الباب متحدية له وأردفت بحاجب مرفوع:"أنا لا أخاف"
لم يعطيها الفرصة لقول شيء وهو يدخل ويٌغلق الباب الحديدي خلفه ثم طوق خصرها بذراعيه فحملها بسهولة وسط ذهولها ودلف إلى المطبخ المجاور لباب الشقة والذي كان ضؤه مٌغلقا وحين شعرت بقدميها تلامسان الأرضية البارده كان قد ضمها بقوة وتملك وحين خرج صوتها وهمت بتأنيبه لم يترك لها الفرصة فأخرس كلماتها بقبلة عاصفة ممزوجة باشتياق الايام الماضية
مجنون ...
مجنون وسيصيبها الجنون بسببه
كيف يكون بكل هذه التناقضات ؟
كيف يضايقها ويغضبها ويستفزها وفي نفس الوقت يحبها ويشتاقها وتعيش معه هذه المشاعر
مشاعره معها كانت صادقة ووصلها صدقه
وهي ليست سوى امرأة عاشقة تهدر بشعارات كاذبة عن رغبتها في الابتعاد عنه وحين يجتاحها كما يحدث الان لا تستطيع منه الفرار ولا تملك القوة لدفعه بعيدا
أما حين ابتعد عنها هو قيد أنملة شعرت بسيطرته وسطوته وضعفها وخنوعها فضربته في كتفه قائلة باختناق وهي تحمد الله أن الضوء مغلق :"ابتعد عني، ماذا تريد؟ ماذا لو رأنا عمرو أو هاجر؟"
ابتعد عنها قليلا وأردف بأنفاس لفحت حرارتها وجهها :"لا أريد شيء، اشتقت فقط إليكِ فأتيت لآخذ قبلة وسأرحل مباشرة"
أصابها الذهول من كلماته فأردفت بغيظ وهي تنتفض بين يديه:"اتيت فقط من أجل هذا؟"
أردف بهدوء وصوته يتخلل الفراغ المحيط:"نعم"
ثم انسحب ببطء مبتعدا تاركها مذهولة ولم تستفيق إلاعلى صوت الباب الذي أغلقه خلفه وبعدها دلف إلى شقة معتصم المقابلة لشقة عمرو وأرسل رسالة لأمه أنه سيبيت هنا حتى لا تنتظره ،تمدد على أريكة غرفة المعيشة بعد أن فتح الضوء الجانبي الخافت
دقائق قليلة وكان قد استسلم للنوم بملابسه
أما التي في الشقة المجاورة ويفصل بينهما فقط حائط فقد جافاها النوم وهي متكورة بجوار أبناءها لا تفكر سوى في الدوامة التي تعيش بها
لا تستطيع العيش به ولا بدونه وإن كانت تعاند نفسها في البداية وتطلب الطلاق ولو من وراء قلبها فالان لا تستطيع فعلها وقد ازدادت القيود التي تقيدهما معا
********
في اليوم التالي
كانت هاجر تقف أمام المرآة تتطلع إلى هيئتها بعد أن ارتدت الملابس الجديدة التي أحضرتها لها مريم بابتسامة حلوة
كانت ترتدي بنطال جينز أنيق وبلوزة قطنية طويلة حتى ركبتيها بلون وردي وحجاب بنفس لون البلوزة وعلى قدها النحيف كانت الملابس رائعه ورقيقة
دلفت مريم إلى الحجرة وحين رأتها ابتسمت قائلة بحنان:"تبدين كالقمر حبيبتي"
قالت هاجر بعدم ثقة:"حقا!"
مسدت مريم على كتفيها قائلة :"طبعا"
حين خرجا معا لغرفة المعيشة كان عمرو بالفعل قد ارتدى هو الآخر ملابسه وزياد وجنة كل منهما يقف بجواره فأردف بابتسامة حلوة وهو يتفحص هاجر دو أن يبدي تعليقا على هيئتها :"كما اتفقنا سأوصلكما عند الدكتورة روحية واذهب بالاولاد إلى التمرين ثم أعود اليكما "
قالت مريم :"حسنا اتفقنا ادر بالك على الأولاد "
مسك زياد من مؤخرة ملابسه قائلا بتأفف :"قولي لابنك هذا الذي يشبه أبيه أن يدير باله عليّ يا أم زياد"
قهقهت ضاحكة بينما قال زياد :"وماذا فيها أنني شبه ابي ماما دائما تقل لي أنني وسيم كأبي"
خجلت مريم من كلمات زياد بينما أردف عمرو متهكما:"وهل وصلت أمك لما وصلت له إلا بسبب وسامة أبوك "
أدار زياد عينيه يمينا ويسارا بصمت فأردفت مريم بغيظ:"عمرو لا تقل هذا الكلام أمام الاولاد"
ابتسم قائلا :"حسنا هيا بنا"
*******
في العيادة الهادئة كانت مريم وهاجر تجلسان تنتظرنا دورهما وسط توتر هاجر الذي يصل ذروته وحين أتى الدور دلفت مريم معها إلى الداخل فاستقبلتهما الدكتورة روحية بابتسامة ودودة مرحبة خاصة وهي تعرف أنهما من طرف معتصم
أردفت روحية وهي تدعوهما للجلوس :"اهلا بكما تفضلا "
قالت مريم بتساؤل:"هل من الأفضل أن أكون معها ام انتظر بالخارج ؟"
قالت روحية التي تجلس على المقعد خلف مكتبها وهي تنظر إلى هاجر بابتسامة مشجعة :"أنتِ ماذا تفضلين؟"
في البداية كانت هاجر تريد مريم معها ولكن حين رأت وجه الدكتورة روحية وبشاشتها وشعرت بالراحة النفسية لها شعرت أنها تريد أن تكون بمفردها حتى لا تقل كلمة تخجل منها أمام مريم
فأردفت هاجر وهي ترفع وجهها إلى أختها :"حسنا يمكنك الانتظار بالخارج وانا حين أخرج سأقص عليكِ كل شيء"
قدرت مريم موقفها فأردفت بنبرة مرحة :"حسنا حبيبتي انا في انتظارك"
ثم خرجت من الغرفة تاركة هاجر تجلس أمام الطبيبة
قالت روحية بمودة:"هل تحبين الجلوس هنا كما نحن أم نجلس في الصالون؟"
قالتها وهي تشير إلى صالون صغير مُلحق بالمكتب في الجهة الأخرى
فأردفت هاجر وهي تفرك كفيها معا :"لا هنا افضل"
قالت ذلك لأنها لا تريد أن تجلس أمامها وجها لوجه ، هنا وهي تجلس بزاوية تستطيع أن تتهرب بعينيها عن مواجهتها
أردفت روحية وهي تنظر إلى الفتاة الصغيرة التي في مقتبل العمر :"من اين تريدين البدء؟ثم أردفت ببساطة شديدة :مارايك لو تعرفيني عن نفسك اولا اسمك سنك هواياتك دراستك"
رفعت هاجر عينين عسليتين خجولتين إليها وأردفت :"اسمي هاجر عمران في التاسعة عشرة ليس لدي هوايات وتوقفت بالتعليم عند الثانوية العامة"
أردفت روحية بأول ملاحظة لاحظتها :"عمران لقب العائلة مضبوط؟"
قالت هاجر :"نعم "
"تعتزين جدا بلقب العائلة" قالتها على سبيل الدردشة
فقالت هاجر في أول بادرة منها لفتح قلبها لاحد غريب بغرض المساعدة:"لا أحب أن أذكر هاجر زكريا يذكرني الاسم بذكريات سيئة "
بدت الجدية على وجه روحية وأردفت باهتمام:"لماذا هاجر؟"
قالت هاجر بعينين دامعتين:"انا لا أشعر أنني فتاة كباقي الفتيات بسبب أشياء كثيرة سيئة تسبب لي هو فيها"
"مثل ماذا ؟"قالتها روحية بتساؤل
فأردفت هاجر بانفعال مكبوت:"مثل أنني لم أكمل تعليمي،مثل أنني لا توجد لدي رغبة في الزواج كباقي البنات،لم أشعر يوما بإعجاب بأي شاب ،كما أنني لا أشعر أنني أنثى"
*******
كان شادي قد لاحظ عدم حضور مريم وحضور شخص آخر مع الاولاد وطوال الوقت وهو يشغله من هذا إلى أن انتهى التمرين وأردف وهو ينزل لمستوى طول زياد وقال له وهو يهندم له بدلة الكاراتيه التي تجعدت من كثرة حركته:"حبيبي هل والدك هو من أحضركما اليوم؟"
قال زياد وهو ينظر إلى عمرو ويشاور له بيده :"بل خالو عمرو"
ابتسم له شادي قائلا :"هو أتى معكما لأن ماما غير متفرغة؟"
قال زياد:"لا نحن نجلس عنده في البيت وقال إنه هو من سيأتي بنا الفترة القادمة"
التمعت عيني شادي حين ربط سبب بقاءهم عند خالهم بوقوع طلاق أمهم وأردف أخيرا :"حسنا حبيبي هيا لتذهب مع أختك التي تنتظرك "
كان عمرو ينتظرهما وحين خرجا يمسكان يدي بعضهما استقبلهما بابتسامة حلوة ورن هاتفه في نفس الوقت وكانت مريم فرد عليها قائلا :"نحن للتو انتهينا هل انتهيتما؟.."
قالت مريم :"نعم ولكني أتصل لأقول لك أن يوسف بالخارج أمام النادي يريد أن يأخذ الأولاد "
انعقد حاجباه وأردف:"لماذا؟"
قالت بجدية:"لماذا ماذا عمرو هو والدهم ويريد أن يراهم وحتى لو بيني وبينه أي خلاف لا أريد أن يؤثر على نفسية الأولاد "
رفع حاجبا واحدا من دفاعها وأردف:"وهل قلت شيء؟ أنا أسأل فقط لأنني تفاجأت بالأمر وكنا معا منذ قليل ولم تقولي "
قالت بصوت منخفض :"هو أتى مساءا ليراهما وكانا نائمان فقلت له أن يراهما اليوم فاتصل بي وحين علم أنهما بالنادي قال سيمر ويأخذهما "
تجاهل كل ما قالته وأردف بخبث:"وحين جاء بالأمس ماذا فعل حين وجدهما نائمان؟"
شعرت كأن دلوا من الماء البارد قد انسكب فوقها وهي تجلس بالعيادة بجوار هاجر التي خرجت للتو من عند الطبيبة وأردفت بنبرة جاهدت لتخرج طبيعية:"ماذا سيفعل! انصرف بالطبع "
قال لها بهدوء:"حسنا "
أغلق معها وخرج بالأولاد وأمام بوابة النادي كان يوسف يصف سيارته وحين رأى صغاره نزل من السيارة وجرى عليه كلاهما فاحتضنهما معا ،اقترب منه عمرو قائلا:"اعتني بهما إلى أن تعيدهما إلى أمهما "
قهقه يوسف ضاحكا وأردف وهو يمسك كل منهما في يد:"توصيني على أبنائي؟ثم أكمل متهكما:صدق من قال الخال والد "
ابتسم عمرو ابتسامة واسعة ،يعرف أن يوسف رغم كل شيء طيب القلب ويعرف أن مريم لن تستغنى عنه ولكنه كان لابد أن يفعل ما فعله معه نصرة لاخته وحتى لا يظن أنه امتلكها وأنها ليس لديها ظهرا فأردف عمرو بهدوء شديد وهو يٌربت على كتف يوسف قبل أن يمشي:"الخال والد فعلا ولكنه لا يغني عن الوالد "
استقل عمرو هو الآخر سيارته ذاهبا إلى أختيه في العيادة وأخذ يوسف أبناؤه إلى بيت جدهما صالح ليقضيا اليوم ويبيتان معه
********
في اليوم التالي عصرا
وقف طارق أمام مرآة غرفته يتأكد من هيئته بعد أن ارتدى حلة أنيقة بلون كحلي وقميص أبيض دون رابطة عنق ،أنفاسه مضطربة قليلا فلأول مرة يوضع في موقف كهذا وليس موقف التقدم لفتاة وحده هو المُربك ولكن لأنه تم رفضه سابقا ولأن هناك احتمالية للرفض حاليا
ولكنه كان يقنع نفسه أنهم لو كانت لديهم نية الرفض كالمرة السابقة لما حددوا له موعدا هو وأسرته
منذ أن حدثه معتصم منذ عدة أيام وأخبره بالموعد وهو أفكاره تحيره هكذا
انتزعه من شروده رنين هاتفه وكانت وصال فرد عليها بسرعة قائلا:"أهلا وصال كيف حالك؟"
كانت للمصادفة هي الأخرى تقف أمام المرآة تزين وجهها بزينة خفيفة فقالت بتوتر:"لن أكذب عليك متوترة بشدة "
ابتسم قائلا بنبرة لينة امتصت بعض من توترها:"لا تتوتري حبيبتي هذه المرة أنا متفائل خير "
صمتت قليلا ثم أردفت بتردد:"طارق نحن لدينا في العائلة يطلبون للبنات مهرا وشبكة مرتفعة إن حدث هذا لا أريدك أن تظن أن الأمر مقصود ولكن هذا يحدث مع جميع بنات العائلة أقسم لك "
ابتسم قائلا:"وماذا فيها؟"
قالت بتوتر:"أنا فقط أخاف أن يحدث شيء يؤثر على "
قاطعها قائلا بنبرة دافئة:"هل تتخيلين بعد هذه السنوات أن تؤثر أي ماديات لتفرق بيننا؟"
شعرت بالارتياح فأردفت :"حسنا أراك على خير "
أغلق معها وخرج إلى غرفة المعيشة فكان أبوه وأمه ينتظرانه وحين رأته أمه أردفت بابتسامة حلوة:"بسم الله ماشاء الله العاقبة يوم زفافك حبيبي "
أردف طارق وهو يرفع عينيه للسماء:"دعواتك أمي "
أردفت أمه وهي تضع يدها فوق صدرها:"وهل سيجدون من هو أفضل منك ؟ يحمدون الله أننا سنرضى بهم بعد أن رفضوك المرة السابقة "
أردف طارق مهادنا:"لم يرفضوني لشخصي أمي المرة السابقة كانوا يرفضون المبدأ "
وضعت يدها اليمنى فوق بطنها وفوقها وضعت اليسرى قائلة بتهكم:"وأين ذهب المبدأ الآن ؟أم لأنها تقدمت في العمر ولم يأتيها أحد ؟"
رفع طارق حاجبيه قائلا :"من هذه التي تقدمت بالعمر؟ ثم أردف بهدوء:أمي حين تري وصال ستعرفين أنها لا زالت صغيرة وجميلة "
أردف أخيرا والد طارق بعد أن استمع إلى كلمات زوجته:"تحية انسي أمر رفضه قديما لأنني أعرف أن حبك الشديد لابنك هو الذي يجعلكِ لا تتقبلين فكرة أنه تم رفضه من قبل لأي سبب "
قالت بحنق:"صراحة نعم "
ابتسم طارق وهو يقبل يديها معا قائلا:"اسمعيني أمي وصال هي البنت الوحيدة التي أتمناها زوجة لي فادعي الله أن يتم الأمر اليوم على خير ،ثم أردف منبها لها :وهناك أمر أريدك أن تنتبهي له جيدا لا تتحدثي في أي ماديات مهما طلبوا سنوافق "
ضيقت عينيها قائلة:"ماذا تعني بمهما طلبوا؟ "
قال طارق موضحا:"أنتِ تعرفين أن في العائلات الكبيرة مثل عائلتهم المهر والشبكة يكونان أكثر من المعتاد "
قالت بجدية:"ولمَ التبذير بني هل تجد أموالك في الطريق؟"
أردف والده ليغلق الأمر:"تحية هو يوافق وأي شيء سيحضره اليوم سيكون ببيته في الغد فلا تقلقي "
ناظر طارق والده بنظرة خاصة وأردف:"كما قال أبي ،ثم أردف بملامح جادة:اسمعيني ،أنتِ لا تتحدثي في أي شيء لا تتعبي نفسك وحين يوجه لكِ أي شخص أي كلام ابتسمي ابتسامة حلوة من ابتساماتك الرائعة وقولي :بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير،ثم شدد عليها بنظرة مؤكدة :ماذا ستقولين أمي؟"
**********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-21, 08:23 PM   #1200

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

"أنرتينا يا حاجة تحية "
قالتها غالية مٌرحبة بتحية التي تجاورها في الجلسة الجماعية ببيت عمران الذي كانت الأجواء فيه كأنه يوم عيد
فأردفت تحية بابتسامة ودودة بعد أن حدجها طارق الجالس أمامها بنظرة خاصة يٌذكرها بما اتفقا عليه:"البيت مضيء بوجودك ياست الكل ،بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير "
ناظرتها غالية بابتسامة حلوة وهي تتوسم في هيئتها وكلامها الطيبة
أما يونس الذي كان يحيط به اخوته جميعا صالح وزكريا وهارون وجميع أبنائهم الذكور فكان يرحب بالسيد السباعي والد طارق و مازن شقيق طارق الأكبر ويتحدثون جميعا حديثا عاما عن أحوال البلاد والأحوال الاقتصادية المتردية في الفترة الأخيرة
أما طارق فكان يجلس بجواره معتصم الذي كان في استقبالهم من أول لحظة وقد تولدت بالفعل بوادر صداقة بينهما وبدأ معتصم بتعريف شباب العائلة به
............
وفي حجرة غالية كانت جميع بنات العائلة متجمعات معا
هاجر ومودة تجلسان في فراش جدتهما بلا اكتراث للأمر تتفحص كل منهما هاتفها أما وصال فكانت تقف خلف الباب المفتوح منه جزء صغير تحاول الاستماع إلى أي شيء يرضي فضولها خاصة أن توترها قد وصل إلى أقصاه وخلفها يسر وعنان ومريم كالعادة
وحين وجدن أنهن لا ينصتن جيدا لأي شيء جذبت يسر عنان من ذراعها واستندت على الحائط المجاور لباب الغرفة وأردفت :"لمَ أشعر أنكِ تخفين شيء منذ أخر يوم كنا فيه معا فوق السطح ؟"
قالت عنان بصوت مسترخي:"وماذا سأخفي؟"
انضمت لهما مريم فأكملت يسر بشك:"لا أعرف ،يومها كنتِ تندبين حظك وبعدها حالك تبدل كلما رأيتك شعرت أنكِ لا تمشين على الأرض ،ضيقت عينيها قائلة: هل وقع المحظور يا بنت؟"
قالت عنان باستنكار:"وكيف سيقع وأنا بحالتي هذه أنسيتِ؟"
مطت يسر شفتيها مفكرة فأردفت مريم بضحكة خبيثة:"مادامت يسر تقول أنها تشعر بتغيير اذن هناك تغيير "
قالت عنان مبتسمة:"بدأت أقتنع بالفعل أن هذه البنت أكثرنا خبرة لأن فعلا هناك تغيير "
قالت مريم بابتسامة ساخرة ونبرة ممازحة:"أخت يوسف لابد أن تكون خبرة مثله "
لم تلتفت يسر إلى مزاحها وضغطت على ذراع عنان قائلة:"كان عندي حق احكي كل شيء بالتفصيل "
تملصت عنان منها وابتعدت قائلة بتذمر:"لن أحكي شيء "
فجرت يسر خلفها في الحجرة الواسعة ومريم تحاول الفصل بينهما وأصوات ضحكهن بدأت ترتفع في مزاح طفولي كأنهن رجعن بنات في العاشرة
صاحت فيهن وصال بضجر:"لا استطيع سماع شيء من صوتكن "
فأشارت لهما مريم ليصمتا وبعدها مباشرة أتى يونس ليصطحب وصال لترى العريس وأهله
********
دخلت وصال على استحياء إلى المجلس الذي يجمع طارق وأهله بكل أفراد عائلتها بلا استثناء وبعد أن ألقت السلام قالت لها غالية:"تعالي حبيبتي بجواري "
وحين اقتربت قالت لها:"صافحي الحاجة تحية "
صافحت وصال أم طارق بخجل أما تحية فاستقامت مصافحة لوصال وضمتها اليها وهي تتحسس بيديها عظام ظهرها وأردفت بمودة:"ماشاء الله كالقمر ليلة تمامه "
ثم أفسحت لها لتجلس بجوارها وحين لاحظ طارق وجه أمه البشوش شعر بالارتياح وكان يتفحص وصال بطرف خفي وهي كما قالت أمه كالقمر هكذا
بعد قليل
أردف صالح أخيرا حين وجد القبول من كل النواحي فالشاب فعلا سألوا عنه وعن أهله وتأكدوا أنهم من أسرة محترمة:"حسنا مادام القبول قد حدث ندخل في التفاصيل "
قال السيد سباعي والد طارق:"طلباتكم ؟"
قالت غالية :"شبكتها ستكون مثل شبكة كل بنات العائلة "
قال طارق بسرعة حتى لا يدع مجالا لرد أحد:"الشبكة التي تختارها بإذن الله "
أكملت غالية وهي كالملكة في مجلسها:"وبالنسبة للسكن نحن لا نريدها أن تبتعد عنا؟"
قال طارق بسرعة أذهلت وصال نفسها التي كانت تنظر إليه بطرف خفي:"بإذن الله سأشتري لها الشقة التي تختارها في مركز المحافظة "
قالت أمه مقاطعة وهي توجه نظرها وحديثها إلى غالية وحليمة:"ولدينا بيتنا في محافظتنا به شقة لكل ولد من أولادي كلهم متزوجون في البيت وطارق له شقة "
تغير وجه غالية وهمت بالرد فانقبض قلب وصال فضغطت أمها التي تجاورها على يدها مطمئنة ولكن طارق كان الأسرع بالرد حين أردف بجدية:"شقتي في بيت أبي موجودة بأذن الله حتى عندما ننزل زيارة ننزل بها ولكن الأساس ستكون الشقة التي سأحضرها بجوار مقر عملي بالجامعة ثم نظر إلى صالح قائلا :غالبا ستكون في محيط سكن حضرتك لأنها أفضل منطقة بالمحافظة وبإذن الله سأفرشها بالفرش الذي تختاره الآنسة وصال "
فأردف والد طارق بمودة:"مادمنا اتفقنا مارأيكم لو نقرأ الفاتحة وخير البر عاجله "
تبادل صالح مع يونس وهارون نظرة خاصة ومن ثم نظر إلى أمه التي أومأت له بالايجاب بعد أن التمست في طارق وعائلته خيرا أما زكريا فكان متفرجا لم يشارك في الحوار بكثرة ،دقائق قيلة وكانت جميع الأيدي مفتوحة والجميع يقرأ فاتحة الكتاب
مر الوقت بعد قراءة الفاتحة ما بين واجب الضيافة مع الضيوف الذي شمل مائدة عامرة بأشهى الاكلات ومن بعدها الاتفاق على موعد شراء الشبكة وخلافه وحين جاء وقت الاتفاق على موعد للخطبة أردف طارق بنبرة حاول أن تبدو بسيطة عادية:"أنا أرى لا داعي للخطبة نعقد قران مباشرة "
قالها بقلب مشتاق له سنوات وخفق قلبها حين سمعت نبرته التي تعرف ماذا تُخفي خلفها
فأردف هارون :"فليتمم الله عليكما بالخير"
********
في المساء بعد أن سكن البيت وصعد كل منهم إلى شقته كانت غالية تجلس في غرفتها وبجوارها قرة عينيها فأردفت بنظرة حانية:"هل ارتحت الآن بعد أن تمت خطبتها؟"
قهقه معتصم ضاحكا وأردف:"نعم ارتحت ثم أردف بنظرة دافئة:ألم ترتاحي أنتِ أيضا ؟ ماذا به الرجل ؟"
قالت بوجه مرتاح:"صراحة شاب كالورد يشبه أحفادي ،لم أشعر أنه غريب عنا "
قال لها براحة :"الحمد لله ، ثم أردف وهو ينظر في عمق عينيها:أنا وجدت أبناء عم أبي عبدالملك وعبدالغني"
اكتست نظرة عينيها وملامحها كلها بالجدية وأردفت:"أين ومتى؟"
قص عليها باختصار ما حدث وأعقب كلامه بقول جعل قلبها ينقبض:"سأسافر لهما"
قالت بوجوم:"ولمَ تذهب أنت ؟ لمَ لا يأتوا هم لك ألا يكفي أنهم لم يفعلوها مرة واحدة؟"
قال بعدم اكتراث :"أنا لا يهمني أمي لمَ لم يفعلوها ولا يهمني أذهب أنا أم يأتوا هم مايهمني أن أصل إلى الحقيقة "
قالت بذهول:"أي حقيقة معتصم؟"
قال بجدية:"حقيقة أبي "
وضعت يديها على جانبي رأسها قائلة :"سنعيده من جديد"
قال باصرار وعناد متأصل في طبعه:"سأعيده حتى أقتنع وهم يبدو أن لديهم ما أريد معرفته ،عبدالملك هذا كلما سألته عن شيء قال حين أراك وواضح أنه مرتبك نظرا للحالة الصحية لأخيه ولا أخفيكِ سرا أنا أريد مقابلة أخاه هذا ايضا ويقول أنه أيضا يريد أن يراني والأعمار بيد الله "
قالت غالية بقلق:"أنا لا أوافق على سفرك هذا "
قال وهو يقبل يديها:"اعتبريها سفرة عمل أمي "
تعرفه عنيد ولن يتراجع ويعرفها تحبه وتخاف عليه ولكن قلبه هو لا يعرف الخوف
********
حين خرج معتصم من حجرة غالية ارتفع رنين هاتفه ليجده تمام فانعقد حاجباه مفكرا لمَ سيتصل به تمام في هذا الوقت ؟
رد عليه وهو يقف عند أول درجة من درجات السلم قائلا:"أهلا تمام "
قال تمام الذي كان يجلس مباشرة على حجر أمام النهر :"أهلا معتصم أرجو ألا أكون قد ازعجتك "
قال باهتمام:"لا ابدا هل يوجد شيء؟"
زفر تمام قائلا :"لا شيء ،كنت فقط أريد أن أتحدث معك في شيء يخصني"
قال معتصم وقد شعر أنه خارج البيت :"أين أنت ؟"
قال تمام :"أجلس امام النهر"
قال معتصم :"تعال اذن يبدو أن الأمر هام "
قال تمام:"لا أريد أن آتي أريد البقاء في البراح"
بعد أقل من ربع ساعة
أردف معتصم وهو يجلس على حجر كبير بجوار تمام:"تقصد تريد البقاء في الثلج لا في البراح "
قال تمام باقتضاب:"لا أشعر بالبرودة "
ابتسم معتصم قائلا وهو يغلق سحاب سترته الجلدية:"تحب اذن؟"
قالها بمزاح فأردف تمام بجدية:"بالضبط ،أحب "
كانت الاضاءة ضعيفة جدا إلا من عمود انارة بعيد نسبيا عنهما فنظر معتصم إلى وجه تمام الجاد ليتأكد من جديته فأردف وهو يتعجب في نفسه أن يصل الحديث بينهما إلى هذه الدرجة من الخصوصية :"الحب نفسه ليس مشكلة ولكن يبدو أن هناك مشكلة متعلقة بالأمر"
مط تماما شفتيه وأردف دون مواربة:"أحب نسرين أرملة رماح"
انقبضت عضلات وجه معتصم حين سمع الاسم واللقلب ثم تمتم باقتضاب:"ثم ؟"
قال تمام :"بالطبع أبي لن يوافق "
قال معتصم وهو يضطر للانجراف في الكلام معه وقد قصده ولا يستطع رده:"هل حدثته في الأمر؟"
قال تمام وهو يحول نظره إلى النهر الذي لا تبدو له أي معالم في هذا الوقت من الليل :"لا حدثت أمي،قالت أن ابي سيرفض ورفضت هي الاخرى "
قال معتصم بحيرة :"ولم رفضت؟"
أطلق تمام ضحكة ساخرة وأردف :"لأنها أرملة كانت تريدني أن أتزوج بنت بنوت "
قال معتصم بازدراء:"ومادخلها هي ؟ هل هي التي ستتزوج أم أنت؟"
قال تمام بتردد:"هل حاولت أن تقول لك هذا حين زواجك"
قال معتصم بجدية:"لا طبعا لا تستطيع أن تفعلها معي "
زفر تمام زفرة حارة وأردف:"أنا أعرف أن أبي بالفعل لن يوافق وفي نفس الوقت أنا متمسك بها بشدة وأمي لا تساندني ونسرين نفسها لا تستطيع الوقوف أمام أبي وأنا أخاف عليها؟"
تقابلت الوجوه وشعر معتصم في هذه اللحظة بأن تمام أخ له بالفعل ،شعر بمشاعر مختلفة عن مشاعره مع يوسف أو أي من ابناء خاله
هنا هما يتشاركان دماء واحدة ،بصمة وراثية واحدة ، وأم واحدة حتى لو كانت أم على الورق فقط
رق قلبه لأخيه فاستقام واقفا وتقدم منه الخطوتين الفاصلتين بينهما وأردف :"إن كنت واثق أنك تحبها بالفعل فواجه الجميع "
قال تمام:"لا أستطيع توقع رد فعل أبي ،أنا أخاف عليها هي هل تفهمني؟"
قال معتصم وهو يضع يده فوق كتف تمام:"أفهمك "
استقام تمام ليقف أمام أخيه فأكمل معتصم:"أبوك يريد أن تكون قويا لتستطيع مواجهته وأمك تحتاج أن تكون حازما معها هما لن يعيشا الحياة بدلا منك ،قف بقوة أمامهما واخبرهما باقرار لا بتساؤل أو استشارة ، قف أمامه وقل له بنبرة حازمة أنا أريد أن أتزوج ،توقف قليلا يحاول تذكر اسمها وحين فشل أردف مضيقا عينيه:ماذا كان اسمها ؟"
فأردف تمام بنظرة قاتمة وهو يعرف أن القادم كله لن يكون خير:"اسمها نسرين"
فأردف معتصم :"قل له بلا تردد أنا أريد أن أتزوج نسرين "
*********

"انا أريد أن أتزوج نسرين .."
في الصباح الباكر وحين كان راشد يجلس في المندرة يتناول افطاره وينتظر نزول عمار له ليبدأ يومه برؤية وجهه الصبوح تفاجأ بدخول تمام عليه ملقيا في وجهه هذه الكلمات قبل حتى أن يٌلقي عليه تحية الصباح
رفع راشد عينيه إلى ابنه يتطلع في ملامح وجهه ،لم يطلب منه اعادة جملته مرة أخرى فقد نطقها تمام واضحة واخترقت طبلة أذن راشد الذي تنزل المصائب فوق رأسه تباعا بعد وفاة ابنه البكري
حين طال صمت راشد وتحديقه في ابنه أردف تمام وهو يتقدم منه بثبات:"لمَ لم ترد عليّ؟"
قال راشد وهو يستند بظهره إلى ظهر مقعده:"وهل عدمت البلدة بناتها لتتزوج من ليس لها أصل أو فصل وكانت زوجة أخيك الراحل ؟"
حاول تمام أن يسير في طريق الاقناع أولا حتى لا يكون صدامي من البداية فأردف بهدوء وهو يجلس بجوار أبيه:"من جهة الأصل والفصل فجميعنا أبناء آدم وأعتقد أنك لم تقف عند هذه النقطة حين ذهبت مع رماح وزوجته اياها ،ومن جهة انها أرملة أخي فأنت كنت تقاتل بشراسة لأتزوج أرملته الأولى فمالفرق؟"
اتسعت عيني راشد وظهرت بهما الشراسة وجز على أسنانه فعلم تمام ما يجول بداخله فأردف راشد أخيرا:"من البداية وهي لها دور واحد أن تأتي بالولد ،اخترناها بهذه المواصفات لغرض وأخذنا غرضنا فلا مكان لها بيننا ،أنا كنت سأنتظر حتى يتم عمار العام وتفطمه ولكن يبدو أنه آن أوان رحيلها"
*********

بعد مرور عدة أيام
الانسان عدو ما يجهل وإذا كان جهله هذا فيما يخص نفسه ،أصله ،كينونته ، نسبه يصبح الجهل علة يعتل بها طوال العمر وهو لم يؤرق مضجعه يوما سوى هذا الأمر
أكثر من أزمته مع أمه فأمه هو يعلم خلفيتها
أما أبوه فلا يعرف عنه شيء والجهل هذا والغموض يشتتانه حتى اليوم
لذلك ما إن ظهر أول خيط ربما يكون سببا في معرفة المزيد حتى تشبث به
وسبحان من يحجب عنا المعرفة لسنوات وسنوات ويفتح لنا الباب فجأة وييسر السبل في أيام
لم يصدق معتصم نفسه وهو يمسك بيده تذكرة الطائرة المتجهة إلى الامارات بعد عدة ساعات تمتلئ نفسه بالحماس والترقب والقلق والخوف ،مشاعر مٌتضاربة ولكن الرغبة في المعرفة كانت أقوى
قرب المغرب
دلف إلى شقته ولم يجد عنان فقد كانت طوال اليوم مع وصال وأبوها وأمها بالخارج يشترون بعض الاغراض الخاصة بوصال وحاليا هي معهم بالأسفل
حمدا لله أنها بالاسفل حتى لا تمزق قلبه بملامحها التي كانت تبتأس الأيام الماضية حين علمت أنه مٌقبل على السفر
دلف إلى الحمام وأخذ حماما سريعا وارتدى بعدها بنطال جينز وتيشيرت خفيف وفوقه سترة ،ملابس خفيفة ومريحة تناسب الانتقال من بلد إلى أخرى
وأخذ حقيبة صغيرة كان قد أعدها بالأمس وحين مر بغرفته شعر بالاشتياق قبل أن يغادر وعز عليه أن يتركها بعد أن تعلقت هكذا به حتى قبل أن يتم بينهما شيء فعلي يوثق علاقتهما ولكنه حقا لا يستطع الانتظار وحين وجد مكانا فارغا على الطائرة لم يتردد في فعلها
دق باب بيت خاله يونس ففتحت له مودة فقال بابتسامة صغيرة :"أين عنان؟"
خرجت له عنان وحين نظرت إلى هيئته وانحدرت عينيها إلى يده ووجدت الحقيبة انقبض قلبها وأردفت بذهول:"هل ستسافر؟"
قال مدعيا الهدوء:"وجدت مكانا بالفعل على طائرة اليوم وخير البر عاجله "
لم تسمع كلمات بعدها وقد شعرت بطنين في أذنيها ،كلمات وداع لأمها وأبوها واخوتها لم تعي منها شيء وحين تركهما الجميع عند باب الشقة بمفردهما اقترب منها قائلا:"أستودعكِ الله حبيبتي"
قالها وهو يطبع قبلة طويلة بين عينيها فأردفت بقلب منقبض:"متى ستعود؟"
قال وهو يتناول كفها بكفه ويضغط عليه ضغطة خفيفة:"لا أعرف "
قالت بصوت مختنق وهي تقترب منه:"لمَ لم تأخذني معك؟"
قال بضيق وقد عز عليه حزنها :"كنت سأفعلها ولكني تراجعت فأنا في النهاية لا أعرف ماذا سأفعل وأين سأبقى ولكن بإذن الله سأحاول ألا أتأخر "
رن هاتفه وكان يحيى الذي اتفقا معا على أن يوصله إلى المطار فرد عليه قائلا:"أنا أنتظرك بالأسفل"
أغلق معه وقال لها وهو يضمها إليه :"لا تبقي بمفردك بالأعلى ابقي هنا معهم"
لم ترد وهي تنظر إليه بدموع متحجرة في عينيها فقد كانت تٌمني نفسها بأيام جميلة معه لا سفر وفراق
تركها رغما عنه ونزل للأسفل يحمل حقيبته وهي لا تزال تقف أمام الباب وحين اختفى بالفعل عن ناظريها وبقت رائحته فقط تغلف المكان استوعبت الأمر فوجدت نفسها باندفاع تنزل جريا على درجات السٌلم حافية القدمين وبملابس البيت دون أن تضع على رأسها وشاحا
كان هو عند الدرجة الاولى من السُلم حين شعر بهرولة وحين رفع عينيه ووجدها هي التي تقطع درجات السلم جريا اتسعت عينيه وحين وصلت اليه أردفت بأنفاس لاهثة وهي تٌملي عينيها من النظر إلى وجهه باشتياق حقيقي:"سأشتاق إليك "
وكأن المشاعر الكامنة بداخله قد انفجرت من كلمتها
وكأن قصة حبهما بدأت من عند هذه الجملة القصيرة
انفلتت يديه عن الحقيبة التي يحملها وسقطت أرضا وقبض على معصمها بأنامله وهو يسحبها خلفه دون كلام نحو غرفته المجاورة لغرفة غالية وهي كانت تسير خلفه دون كلام أو ارادة تسير فقط بقوة الجذب وما إن دلف بها إلى الحجرة حتى أغلق الباب عليهما من الداخل بالمفتاح ودون أن يفتح الضوء ضمها إليه بقوة وهو يغرز أنامله في خصلات شعرها المموج ولم يحتاج أي منهما إلى شعاع ضوء يهدي كل منهما إلى صاحبه فشعاع الضوء كان يضيء بداخلهما فعرف طريقه إلى ثغرها وكانت هي في الانتظار بشوق وشغف يضاهيان شوقه وشغفه أو يزيد
.........
حين نزل يحيى من شقته تعجب حين رأى البيت هادئا وحقيبة معتصم مٌلقاة بجوار السٌلم وهو ليس موجودا فتوقع أنه دلف ليصافح غالية فدخل إلى غرفة جدته ليجدها تصلي ومعتصم ليس بالغرفة وحين مر بجوار غرفته وقف قليلا يفكر هل هو هنا أم عاد إلى شقته ربما نسى شيء
طرق باب الغرفة فلم يجيبه أحد ففتحه فوجده مغلقا من الداخل فاتصل على معتصم فسمع صوت رنين هاتفه يأتي من داخل الغرفة فطرق مرة أخرى باصرار
أما معتصم الذي كان يقف خلف باب الغرفة مع عنان فاضطر إلى الابتعاد قليلا جدا عنها مع اصرار يحيي
ثم أردف بصوت خشن خفيض:"نعم "
قال يحيى بصوت عال:"هيا ستتأخر على الطائرة "
قال له باستسلام:"حسنا ثم أردف بجوار أذنها بهمس أجش:لابد أن أرحل "
كانت تتعلق به بشكل أربكه وأسعده في نفس الوقت فأردف مرة أخرى:"أعذريني "
لم ترد عليه وقد امتلئت عينيها بالدموع وكان عليه أن يبتعد فقبل رأسها وهو يسحب نفسه سحبا بعيدا عنها
فتح باب الغرفة وأغلقه عليها وحين رأى يحيى وجهه تكهن بالأمر فلم ينطق ولكن عينيه كانتا تبتسمان بخبث
تجاهله معتصم ودلف إلى حجرة غالية التي كانت قد أتمت صلاتها فانحنى وجلس بجوارها وقبل رأسها قائلا :"ادعي لي أمي "
قالت ودموعها تغالبها:"لا تذهب بني ليس له داع السفر"
قال باصرار:"إن كنتِ تريدين راحة قلبي لابد أن أذهب "
قال يحيى وهو ينظر في ساعته:"هيا معتصم "
فاستقام معتصم قبل أن تغلبه دموعه وأردف لأمه :"أراكِ على خير"
خرج بخطوات سريعة وألقى نظرة على الباب المغلق ويعرف أن عنان لازالت بالداخل أما هي فغلبتها دموع غزيرة بمشاعر مختلطة خوف عليه وقلق واشتياق ففتحت الباب ودلفت إلى حجرة غالية التي كانت تبكي بالفعل فنظرت كل منهما إلى الأخرى وإلى الدموع المنهمرة على صفحة وجهها ثم انتبهت عنان إلى انه رحل بالفعل فجذبت وشاح طويل من أوشحة جدتها والقته فوق رأسها وخرجت مسرعة للخارج وحين وصلت إلى فناء البيت الخارجي وجدت البوابة مغلقة وصوت محرك السيارة يعلو ومن ثم صوت انطلاقها فشعرت بقبضة تعتصر قلبها
في بداية العلاقات نشعر بالارتياح والألفة والاعجاب حتى يستقر الحب تدريجيا في القلب ،كلها مقدمات للحب ولكن هناك لحظة واحدة التي تتبدل فيها المشاعر
لحظة تشتعل فيها المشاعر بشعور آخر،شعور مختلف ،شعور جديد
وهي بالفعل شعرت بالارتياح له منذ زمن تلاه فضول أعقبه اعجاب وانجذاب شديد له كرجل ومن بعدها رغبة به كزوج وشريك للحياة أما الان فقد شعرت باشتعال فتيل عشق بداخل صدرها الذي تتسارع بداخله انفاسها
شعرت أن في قربه كانت الحياة بشكل وفي بعده الذي لا تعرف مدته شكل آخر كئيب
وقفت في منتصف الفناء تنظر حولها إلى البيت الخالي رغم أن ساكنيه ليسوا قليلين وإلى السماء التي بدأ سواد الليل يطغى على بياضها ووضعت يدها فوق موضع قلبها وقد شعرت في هذه اللحظة أن قلبها غادر جسدها وحل محله جمرة من نار


نهاية الفصل


قراءة ممتعة باذن الله


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.