آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          54-لا ترحلي-ليليان بيك-ع.ق ( تصوير جديد ) (الكاتـب : dalia - )           »          تبكيك أوراق الخريف (4) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          للقلب رأي أخر-قلوب أحلام زائرة-لدرة القلم::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          هل يصفح القلب؟-قلوب شرقية(33)-[حصرياً]للكاتبة:: Asma Ahmed(كاملة)*مميزة* (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          أغلى من الياقوت: الجزء الأول من سلسلة أحجار كريمة. (الكاتـب : سيلينان - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4112Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-01-22, 04:11 PM   #1601

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,964
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي


مسا الورد
واخيرا فتح المنتدى معي
فصل ولا اروع تسلم ايدك يارب
واخيرا المواجهة المنتظرة لمعتصم مع الكل والحقاىق ظهرت اخيرا وشاف معاصم مرسى وبتوقع غربتو انزاحت خصوصا بعد ما عرف انو منة ما تخلت عنو الا رغبة من غالية زكريا لسى نفس التفكير العقيم بشفق عليه فعلا ونعمة هل راح تراجع حساباتها
حليمة والكيل بمكيالين لكن هاي طبيعة الاهل
يسر ويحيى غربة قلب ببعدن عن بعض
مودة وعمرو ولسى المخاوف من مودة لكن عمرو بتةقع قدها وقدود وبانتظار المزيد عانار اخر جمال


Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-22, 11:20 PM   #1602

لامار جودت

? العضوٌ??? » 290879
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,601
?  نُقآطِيْ » لامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل روعة روعة روعة وطويل حاسة انى واكلة خروف عندى تخمة من المشاعر استمتعت جدا جدا جدا بالفصل من أوله لاخره والله تسلم أناملك الرقيقة على ها الابداع

لامار جودت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-22, 09:14 PM   #1603

هدير تركي

? العضوٌ??? » 494889
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » هدير تركي is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميييل جدًا ومريح نفسيًا اطمنت علي معتصم وبإذن الله يعود لحضن يمنه ❤

هدير تركي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-22, 01:02 AM   #1604

منال سلامة

قاصة في قلوب احلام وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 408582
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,077
?  نُقآطِيْ » منال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والف سلامة عليكم ..

غريب الروح ..

فصل ازاحة الستار عن ماضي يمنة التي كانت باحت بما حدث معها وكان زكريا السبب في ظلمها وانقاذها ..
ظلمها عندما كان يسمعها كلام قاسي وحرم عليها الحب وسارع في تزويجها قبل ان تلملم نفسها وتظلم معها والد معتصم ..
انقذها من ابو الوفا قبل أن يفعل مالا يحمد عقباه ..
وعاد وظلمها عندما اجبرها على الزواج من راشد مرة اخرى وطفلها مان يحتاجها في تلك الفترة ..

غيرته من اخوته دفعته لان يكذب وينسب قتل ابو الوفا لنفسه كان يظن أنه اءا قال ذلك يعلى من شأنه في نظرهم ...
اخيرا ارتاح معتصم من تلك المتاهة والهوة المفرغة التي من بداية الاحداث كان يدور فيها ..

مبروك لوصال وطارق ♥️
وعقبال الدكتور والكتكوتة اللي تاكد من مشاعرها ..

الفصل رااائع تسلم ايدك هبة 🌹


منال سلامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-22, 07:21 AM   #1605

ميادة عبدالعزيز

? العضوٌ??? » 378366
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 377
?  نُقآطِيْ » ميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond reputeميادة عبدالعزيز has a reputation beyond repute
افتراضي

خلصت كل الفصول وعاوزه اقولك مشاهد معتصم وعنان فيها سحر رهيب
قصتهم روعه روعه روعه
بقيت انتظر الفصول عشانهم تسلم ايدك الف مره 💖💖💖💖
والروايه حلوه جدا جدا جدة واسلوبك اجمل


ميادة عبدالعزيز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-22, 07:58 AM   #1606

Wafaa mdos

? العضوٌ??? » 451280
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 119
?  نُقآطِيْ » Wafaa mdos is on a distinguished road
افتراضي

مش هتكلم عن جمال الروايه ودقة وصف المشاعر اللى مفيش عليهم خلاف تسلم ايدك حبيبتى ويارب يتم شفاكى انتى واولادك على خير.. انا بتوقع معتصم هيلاقى باباه ويمكن تكون رهف خطيبة صديق عمرو كلمة السر 😉

Wafaa mdos غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-22, 12:37 PM   #1607

Elbayaa

? العضوٌ??? » 399483
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 385
?  نُقآطِيْ » Elbayaa is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله
جميله جدا اسلوبك في السرد رائعه سرد المشاعر والمواقف واقعى لايوجد به مط موفقه دائما استمتعت بقراءة الفصول


Elbayaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-22, 05:44 PM   #1608

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور عالبكير متشووووووقة للاحداث

ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-22, 08:02 PM   #1609

اللؤلؤة الوردية
 
الصورة الرمزية اللؤلؤة الوردية

? العضوٌ??? » 414871
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 722
?  نُقآطِيْ » اللؤلؤة الوردية is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور مبكر
Ektimal yasine and Heba aly g like this.

اللؤلؤة الوردية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-22, 08:15 PM   #1610

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع والثلاثون

بقدمين لا تلامسان الأرض وقلب لم يتوقف عن الخفقان بشدة وعينين لا تصدقان وكأنها في حلم جميل خطت وصال إلى بيتها الجديد يدها في يد طارق ،أمها وزوجات عمها وأم طارق من صعدن معهما والبقية كانوا ينتظروا بالأسفل بعد أن قام عمرو وأحمد وآسر وحاتم بزفة بالسيارات أبهجت قلب العروسين،الزغاريد تحيط بوصال وطارق من كل جهة وزوجات عم وصال يضعن طعام العشاء الذي أرسلته غالية على طاولة السفرة فتمتلىء عن أخرها بينما كل أم تحتضن قرة عينيها تُشبع نظرها من طلة رؤياه في اليوم الذي ظلت طوال العمر تنتظره

أما أسفل البناية فكانت مودة تقف مع هاجر أمام سيارة عمرو والشباب يقفون معا حاتم وعمرو وأحمد وآسر في الوقت الذي لاحظ فيه عمرو أن أحد إخوة طارق الصغار الذي لم يتزوج بعد يختلس النظرات نحو مودة أثناء مروره أمام بوابة البناية مُنتظرا أمه فاحتدت نظرة عمرو ولكن الشاب لم ينتبه له وقد لفتت بالفعل مودة انتباهه فتحرك عمرو تجاه البنات قائلا بغلظة:"لمٓ تقفان هنا ؟تفضلا في السيارة"

لم تجادله هاجر وركبت السيارة أما مودة فناظرته بدهشة وأردفت بعناد :"لنا أكثر من ساعة نجلس بالسيارة ماذا فيها إن تحركنا قليلا!"

جز على أسنانه ولكنه حاول أن يبدو ثابتا فأردف بهدوء مصطنع :"افعلي كما فعلت هاجر ولا تجادلي"

لا تعرف لمٓ تستمتع بمشاكسته
أتقصد استفزازه فقط من أجل الاستفزاز؟
أم تستثيره لتعرف بواطنه؟
أتستجدي منه كلمة وكرامتها تأبى أن يشعر بلهفتها فتلجأ للحيلة علها ترى نظرة خاطفة تُشعرها بما يكنه القلب؟

فأردفت بهدوء مُدعى:"مادمت لا تقول سببا وجيها فلمٓ لا أُجادل؟"

استند بظهره على باب السيارة كما تفعل تماماً ولاذ بالصمت وهو يأخذ نفسا طويلا باردا سرعان ما تحول في صدره إلى مرجل مُشتعل وهو يقف قريب منها بهذا الشكل

رفعت وجهها للأعلى حيث شرفة وصال وامتلئت عيناها رغما عنها بالدموع فأردف بهدوء وهو يتطلع إلى جانب وجهها:"تبدين متأثرة لفراق وصال"

زمت شفتيها قليلاً وهي تعود بعينيها إليه ثم أردفت بنظرة عميقة وهي تُثبت عينيها في عينيه ليسقط قناع التماسك الذي كانت ترتديه:"جدا،سأشتاق لها بشدة ،كنت أذهب إلى الجامعة وأعود لأجدها لا أتخيل أنني سأدخل البيت ولا أجدها فيه"

لم يكن يُركِز في كلماتها بشكل جدي بل كان غارقا في عينيها الواسعتين المُكحلتين بإتقان فتبدوان أمامه كقمرين مضيئين عوضا عن القمر الغائب هذه الليلة عن السماء فظلت تتحدث عن وصال بتأثر وظل هو شاردا في واديها لدقائق اخرى

كانت هاجر تجلس في السيارة من الجهة الأخرى فلم تكن تستمع لكلمات عمرو ومودة ولكنها كانت تستنتج المضمون ففتحت زجاج النافذة عن أخره تتنفس الهواء البارد بينما كان أحمد يقف أمامها على بُعد خطوات،رفع عينيه تجاهها فالتقت العيون في نظرة طويلة صامتة ورغم أنها دائما ما تشيح بوجهها بعيدا عن مرماه وتخفض عينيها إلا أنها في هذه اللحظة لا تعرف لمٓ تسمرت عينيها عليه هكذا وهو كذلك وكأن هناك سهم نفذ من عينيه ثبتها هكذا
فقطع عليهما اللحظة اقتراب آسر منه والذي مال على أذنه قائلا بتهكم:" تحرك يابني ادم اخوها إن التفت ورأك هكذا ماذا سيقول"

فابتسم ثغره ابتسامة عفوية قبل أن يشيح بوجهه بعيدا عنها
**********
كانت وصال تقف في غرفتها أمام المرآة تصفف شعرها بيدين مرتعشتين حين سمعت صوت غلق باب الشقة،ارتفعت ضربات قلبها وهي تسمع وقع خطوات طارق يقترب إلى أن فتح باب الحجرة ودلف بخطوات بطيئة،رأت انعكاس صورته في المرآة فالتفتت ببطء فنزع هو رابطة عنقه وسترته ووضعهما على أقرب مقعد واقترب حتى أصبح أمامها مباشرة فوضع كفيه فوق كتفيها ومال على شعرها بقبلة طويلة وهو يتحسس نعومة ملمسه على وجهه ثم أردف وهو ينظر إلى وجهها الذي يضوي تحت أضواء الغرفة الخافتة:"انتظرت هذه اللحظة طويلا حتى ظننت أنها لن تأتي "

أسبلت أهدابها ووقع لمسته الدافئة لكتفيها مع إيقاع صوته الخارج من أعماق قلبه يسريان في أوردتها كالمُخدر فيُسكرانها لتتمايل في وقفتها فتتمتم بخفوتِ عذب وهي تلامس مرفقيه بكفيها:"وأنا أيضا أشعر أنني في حُلم حتى أنني لا أريد أن أفتح عينيّ حتى لا أفيق منه"

فيحيط بذراعيه خصرها المكتنز ويضمها اليه فتذوب بين ذراعيه ويقول بهمس أجش وهو يتأمل حُسنها من هذا القرب وهي تُغلق عينيها وتنطق سكناتها بالكلام الذي صار مُباحا :"لا تفتحي عينيكِ ليس لأنه حُلما ولكن لأن أجمل الأحاسيس هي ما نشعر بها ونحن مُغمضي العينين"

ابتسمت ابتسامة حلوة وهي تشعر برأسها تدور فقط من الدفء المنبعث من أنفاسه القريبة وأنامله التي تعزف على حدود خصرها أنغاما ناعمة حتى أنها شعرت بموسيقى عذبة تتسلل إلى أذنيها فأردفت بخفوت وهي تستند برأسها على كتفه:"أنا دائما أشعر معك بأجمل الأحاسيس"

انتشى من مشاعرها الطاغية التي غمرته ورفع وجهها إليه، تدعوه عينيها للاقتراب فيُلبي الدعوة بحفاوة ليسافران في رحلة شيقة بعيدة كل البُعد عن حدود الزمان والمكان
********
كان كمن سار بحذر على وتر حساس لسنوات طوال البحر خلفه والعدو أمامه ولم يكن عدوه يوما سوى صراع أفكاره إلى أن وصل إلى نقطة النهاية وبر الأمان وما إن وصل حتى خر جسده تعبا.

حين خرج معتصم من حجرة المكتب خائر القوى بدى كمن كان يحمل على كتفيه الدنيا بما فيها ببسالة وسقط الحمل عنه فجأة ،شعر أن روحه خفيفة رغم ثقل جسده شعر أن عقله أصبح خاويا من أفكار كانت تنهشه نهشا فلا تحتل اللحظة عقله سوى فكرة بسيطة وهي الرغبة في النوم الطويل وحين وجد عنان أمامه كان كمن وجد الماء والزاد بعد ظمأ وجوع
فأردف بتعب شهر مضى من الشك المُميت وعمر مضى من التيه المقيت:"عنان أريد أن أنام لي شهر لم أذق طعم النوم"

لامست كفيه بكفيها وكانت تود لو احتضنته وأسكنته ضلوعها لولا الباب المفتوح وخلفه جدتها وأبيها وأعمامها جميعا فأردفت بصوتِ مختنق بالدموع:"هيا إلى شقتنا"

صعد معها والصمت ثالثهما وشيعته يمنة بدموع عينيها ولو عليها لباتت ليلتها معه وأشبعته من حضنها وحنانها عله ينسى لها ما لم يكن بيديها أن يذقه في هذه الحياة ولكنها أدركت بنظرة واحدة كم يحتاج إلى زوجته في هذه اللحظة فلاذت بالصمت وقلبها يتمزق لما سمعته منه

وهو حين دلف إلى شقته ومنها إلى حجرة نومه ازداد شعوره بالانهاك فوقف ينزع عنه سترته ويلقيها على الأريكة ويتبعها ببنطاله وقميصه فأسرعت عنان إلى الخزانة قائلة:"سأحضر لك ملابس بسرعة"

ولكنه اتجه إلى الفراش مباشرة ودخل تحت الأغطية قائلا وهو يُغلِق عينيه دون إرادة:"لا أريد شيء سوى النوم"

فتركت ما بيدها وأسرعت لتفتح المدفأة حتى لا يصيبه البرد واتجهت نحو الفراش وجلست بجواره دون أن تبدل ملابس الفرح تلامس بأناملها كتفه فجذبها من يدها حتى صارت بالجوار ولف ذراعه حول خصرها وعلى مرفأ صدرها غمر وجهه وألقى بثقل رأسه ونعومة فستانها الحريري ورائحتها العطرة تجعل خُدرا يسري بجسده دون أن ينطق

فضمته إليها وجرت دموعها على وجهها وهي تمسد على شعره وتتخلل بأناملها خصلاته الغزيرة ومشاعر أمومة متدفقة تنساب بنعومة عبر أوردتها وتمتمت بخفوت:"لمٓ أخفيت عني كل هذا وكأنني غريبة؟"

كان بالفعل ما إن لامس وجهه نعومة الحرير في فستانها حتى غرق وبدأت دوامة النوم تجذبه وحين تسلل إليه صوتها كان في منطقة ما بين حدود الوعي واللاوعي فأردف بخفوت:"ليس هناك أقرب منكِ إلى قلبي وروحي"

فغمرت الكلمات قلبها وروحها بالطمأنينة كما غمره حضنها بالسكينة فسلم العقل طواعية إلى النوم الذي عز عليه لشهر كامل

أما هي فكانت غارقة في بحر من المشاعر الغريبة التي تجعل قلبها ينتفض كعصفورِ صغير
فهذا الراقد بجوارها رجل لم ترى مثله من قبل تناقضاته تذهلها فيملك من الغموض والشفافية ما يجعلها تقف أمامه حائرة ،شددت من ضمه اليها بقلب أم يغمر صغيرها بنبع من الحنان الدافق وقبلت رأسه بغريزة أنثى تضع في قبلتها كل ما يحمله قلبها من حب تجاه حبيب ولكنه ليس كأي حبيب إنه حبيب الروح
********
بعد أن اطمأنت يمنة على أمها وأوصلتها إلى فراشها وأعطتها أدويتها أردفت بصوت مختنق :"سأذهب أمي لاطمئن على راشد فكما تعلمين اتركه مع الممرضة التي احضرها عمرو لرعايته "

مسحت غالية على وجه ابنتها التي يظلل الهم سكناتها وأردفت بتأثر:"صدقيني يا ابنتي اخترنا لكِ الأفضل من وجهة نظرنا وقتها لو كان لديكِ يا يمنة ابنة في العشرين هل كنتِ ستتركينها بلا زوج ولا بيت يا ابنتي؟"

قالت يمنة وهي تربت على كف أمها :"ما فات مات أمي لا أريد أن أتحدث في الماضي ثانية كل ما يهمني فقط معتصم سآتي له في الغد بإذن الله لأكمل معه حديثي وحدنا"

تنهدت غالية قائلة:"في حفظ الله يا ابنتي
خرجت يمنة وكان تمام في انتظارها بينما كامل ومالك كلاهما حضر جزء من الزفاف بالتناوب على أن يكون أحدهما مع والدهما والممرضة

أما زكريا فصعد إلى شقته تاركا إخوته في حجرة المكتب يشعر بالحرج بعد أن انكشف المستور عمرا كاملا بفضل معتصم الذي نبش في الماضي باستماتة

وبعد أن اتصل يونس بزوجته وعرف أنهم أمامهم دقائق ليصلوا إلى البيت استقام هو وصالح وهارون ليغادروا المكتب ويصعد كل منهم إلى شقته ليرتاحوا من تعب يوم شديد الطول وعند الباب توقف يونس وانفجر فجأة في الضحك بشكلِ هستيري فناظر كل من صالح وهارون الآخر مستفسرا وأردف هارون:"مالذي يدعوك إلى الضحك؟"

فتمالك يونس نفسه قائلا:"يورط نفسه في قضية قتل فقط لترتفع مكانته ومنذ متى ترتفع مكانة المرء بالقتل!"

فأردف صالح بامتعاض:"طوال عمره جسد ثور وعقل ضفدع وقلب من حجر "

فعلق هارون بعينين متأثرتين:"بعيدا عن كل ما تقولانه ولكني أشفقت عليه، شعور النقص يغمره، نحن لابد أن نمد له يد العون ونساعده لا نتركه صريع أوهامه هذه"

قال صالح بأسف:"بعد هذا العمر هارون ؟ لا أعتقد سيجدي معه شيء"

قال هارون بعزم:"يجدي إن شاء الله"

فقطع حديثهم صوت باب البيت وهو يُفتح وصوت جلبة يأتي من الخارج فأردف يونس وهو يهم بالخروج للاطمئنان على وصال من أمها:"نتحدث في هذا الأمر لاحقا "
*******
في الصباح
كانت يسر في غرفتها بشقة أبيها ببيت عمران تجلس في الفراش كمن تجلس على أشواك وهي تبقى معه في بيت واحد ولا تملك جرأة الذهاب إليه ولا رؤيته

بالأمس حين ذهب الجميع مع وصال وبقت هي مع مريم حتى لا تتركها بمفردها كانت تشعر بالاشتياق اليه وتحن إلى الصعود إلى شقتها ومقابل الاشتياق كان الاستياء يطغى فارضا سطوته وهي تتخيله زوجا لأحلام أو غيرها

مسكت وقتها هاتفها لتتصل به وعند زر الاتصال توقفت أناملها وتسائلت لمٓ لم يفعلها هو ولو لمرة طوال الأسابيع الماضية؟
وفي النهاية ضغطت الزر وحين رن هاتفه أغلقت بسرعة خوفا من مواجهته وظلت طوال الليل تضع الهاتف بجوارها تنتظر اتصاله ولم يفعلها

خرجت من غرفتها بخطواتِ بطيئة تتصارع لهفتها لرؤياه مع حنقها عليه وكان باب غرفة والديها ليس مُحكم الغلق فسمعت أمها تقول لأبيها الذي كان يرتدي ملابسه استعدادا للعودة إلى شقتهم بالمحافظة لمتابعة العمل :"ماذا سنفعل يا صالح مع يسر هل تحدثت مع زكريا أو يحيى في شيء ؟"

مط صالح شفتيه قائلا:"لا لم أتحدث ولم يتحدث أي منهما وبالطبع لن أبادر أنا فتظن نعمة أننا مللنا من البنت ونريد إعادتها، أنتِ تعرفينها ،كنت أنتظر أن يتحدث يحيى ولكنه لم يفعلها "

في هذه اللحظة كان الألم يعتصر قلب يُسر ،المفترض أن يعودوا جميعا مع والدها ولكنها تشعر أنها ممزقة ولأول مرة في حياتها يكون هناك قرارا شديد الصعوبة هكذا البقاء بهذا الوضع صعب والرحيل أصعب

رن هاتفها في جيبها وكانت مريم وما إن ردت حتى أردفت مريم بسرعة:"يسر يحيى سيعود إلى القاهرة للتو أغلق الباب الحقيه على السلم لابد أن تتحدثا "

سرت رجفة في جسدها وأغلقت الهاتف دون كلمة وهي تتجه نحو باب الشقة وبأمر من قلبها الهادر فتحت الباب لتجده ينزل السُلم في اتجاهها فتسمرت مكانها ولم تنطق فقط تنظر إليه وشعور يغمرها بأنهما أصبحا في هذه اللحظة غرباء

فراغ بينهما ليس في الحيز المكاني بل النفسي ،نزل الدرجات القليلة الفاصلة ووقف أمامها البرود ثالثهما وكرامة كل منهما تقف حائلا بينهما تمنعهما من نطق كلمة

ناظرها بنظرةِ جامدة خالية من أي انفعالات أو مشاعر وناظرته بنظرة حائرة تبحث في عينيه عن لمحة للين يحيى الدائم معها فأردفت بحلق جاف وهي تشيح بعينيها عن مرمى عينيه وهي تفرك كفيها معا:"اتصلت بك بالأمس ولم ترد"

تخصر في وقفته وأردف بجدية مصطنعة ممزوجة بسخرية لاذعة:"رنة واحدة وأغلقتِ، ماذا كنتِ تريدين أن اتصل انا؟ ابتسم نصف ابتسامة ساخرة متمتما:حتى عندما تكتشفين خطأك لا تعترفين ،تجادلين وتريدين مني أنا البدء أما أنتِ فلا تبدأين"

اتسعت عينيها وهي تستمع إلى هجومه فأردفت بنظرة جادة:"من هذه التي اكتشفت خطأها ؟ هل ذهبت مثلك لأخطب حتى أكون أخطأت"

قال بنظرة ملولة:"ستظلي ترددي هذه الكلمات إلى متى؟ ألم أقل لكِ وقتها تعالي لنتحدث ورفضتي؟"

قالت بوجه مُحتقن :"رفضت لأنني كنت مصدومة ولم أكن بحالة تسمح لتبرير خيانتك"

"والآن حالتكِ تسمح بالحديث ولن تهربي كعادتك! "

نظرته كانت ساخرة ونبرته هجومية فتمتمت وهي تمنع دموعها من الانهمار أمامه :"انا في كل مرة كنت ابتعد فيها كان لديّ سبب لم افعلها دلال أو تفاهة"

كانت تقف أمامه بمنامة بيتية خفيفة تبرز نحافتها وشعرها معقوص خلف رأسها في عقدة منخفضة، جسدها يرتجف وتفرك كفيها ببعضهما فيشعر بتوترها فشعر بها كريشة قليل من الرياح تجرفها ببساطة وهو لم يكن في حالة تسمح له بالمهادنة وهو يختبر حياة جديدة دونها فأردف بقلة صبر :"ايا كان ما كان يجعلكِ تهربين ولا تواجهين وتجعلين من حياتنا وخصوصياتنا عرضا مسرحيا على مرأى من الجميع ولكن مالذي جد؟ ستتكرمين وتتنازلين وتسامحيني على الخطيئة الكبرى التي اقترفتها في حق ست الحُسن أم ستُقيمين عليّ الحد وتطلبين من عمي أن يُطلقكِ وبالطبع إن طلبتِها وصممتي فهو لن يرفض لكِ طلب وسيرغمني على فعلها؟"

اتسعت عيناها وزاغت نظراتها وارتفعت ضربات قلبها وقد وضعها أمام خيارين ليس لهما ثالث،حين حدثت الأزمة بينهما لم تكن تطيق رؤيته أو سماع صوته وكل مايدور في ذهنها أنه خان حتى لو كانت الخيانة مجرد فكرة ولكنه فكر وسعى أي أنه باستطاعته فعلها في أي وقت وهذا ما جعلها تشعر بانعدام الأمان

ولكن ها هي هدأت وتبحث عن حل للأزمة وعلى قوله ليس هناك سوى خياران فأيهما ستختار؟

حين طال صمتها وازدادت أنفاسها اضطرابا على مرأى عينيه ،اقترب بوجهه منها حتى أصبح لا يفصل بينهما سوى أنفاسها فرفرفت بأهدابها وقد وترها قربه ودفء انفاسه فأردف هو بعينين مستعرتين:"ستسامحين هذه المرة وحين تتكرر أزمة أخرى تعيدين الكرة وتتركين البيت وكأنه استراحة ومادمتِ لا تملكين اطفال به ليس هناك ما يربطك بي؟ أم ستطلبين الطلاق متعللة أمام نفسك بأنني من بدأت والبادي أظلم ووقتها تجدين المبرر أمام نفسك وأمام الجميع لتتزوجي مرة أخرى وقتها تحققين الحُلم الذي لا تستطيعين الحياة دونه؟
اتسعت عينيها من منطقه الغريب ليُكمِل هو ببرود عجيب وعناد حاد :عامة إذا كانت اجابتك الإجابة الثانية فأنا لن اطلقك ولن تكوني لرجل اخر ،رفع حاجبيه ولامس وجنتها بأنامله قائلا ببروده القاسي:وإذا كانت الإجابة الاولى وستعودين وبعدها ترحلين فليس من الرجوع داعٍ وأنا من سأرحل هذه المرة"
قال جملته الأخيرة بنظرة حادة ونبرة أحد ولم يترك لها فرصة الرد، ولاها ظهره نازلا مُكملا طريقه وهي تقف في حالة صدمة فالذي كان يقف أمامها منذ قليل لم يكن يمت بصلة ليحيى

لا الملامح تمت ليحيى بصلة ولا الصوت ولا نظرة العينين والبرود ،كان ظلا ليحيى

استندت بكفها على اطار الباب وهي تنظر في أثره الخالي وفي ثانية واحدة تضاءل حنقها من ميل قلبه لغيرها واضمحل غضبها لعدم سؤاله عنها وكل ما تمثل أمامها هو شبح يحيى الذي مر من أمامها للتو وحل محل الحنق والغضب حُزن ملأ القلب وحسرة غمرت الروح فكورت قبضتها على موضع خافقها الهادر بصخب ونبضاته أضحت كمطارق من حديد يُدمي وتمتمت بصوتِ خافت مرتعش:"هذا ليس يحيى ،لقد ضاع يحيى للأبد"

وقتها فقط أدركت فداحة خطأها حين وقفت أمامه وصممت على الرحيل ،ليتها ظلت معه حتى لو كان في بقاءها جرح لكرامتها ،وقتها كان سيكون هناك احتمال أن يستطع احتوائها ومع الوقت كانت ستنسى وتتجاوز أما الآن فلا يوجد أي احتمالات بهيئته هذه ،لقد خسرته وانتهى الأمر
******
لم يخفى على صالح وليلة حالتها وحين قصت عليهما ما حدث قال صالح محاولا تهدئتها وإن كان هو نفسه قد ساوره القلق :"هو فقط غاضب يسر لا تأخذي عليه انا ساتصرف في هذا الأمر "

أخذها هي وامها ومعهم حاتم وغادروا البيت والبلدة وقد أصابهم جميعا الحزن والوجوم أما يسر فزادت عليها حالة التيه فكانت تجلس في الأريكة الخلفية وكأنها في دنيا غير الدنيا

اما يوسف فحين حاولت ليلة أن توقظه لتعرف هل سيعود معهم أم لا أردف من بين نعاسه أنه سيظل وكان بجواره ينام زياد وجنة ومن حزن ليلة على يسر لم تسأله ماذا سيفعل مع مريم وغادروا جميعا

بعد الظهر بقليلِ
فتح يوسف عينيه وكانت جنة التي تنام بحضنه طوال الليل تتململ وبجوارها زياد فأردف يوسف بعينين نصف مفتوحتين:"كفانا نوما يا شباب"

فتح زياد عينيه قائلا بخمولِ:"أريد النوم بابا فقد سهرنا كثيرا"

قال يوسف وهو يعتدل في الفراش:"الا تريدون العودة إلى البيت ؟"

فتح زياد عينيه واردف بشك:"اي بيت؟"
فتمتم يوسف :"بيتنا حبيبي الذي نعيش فيه مع جدك صالح وجدتك ليلة"

قفزت جنة وجلست على ركبتيها وأردفت بنبرتها الطفولية المحببة:"انا اريد "

وصاح زياد وهو يعتدل بحماس يناقض خموله منذ قليل:"وانا ايضا ثم هم بالقيام قائلا:سأخبر ماما "

فجذبه يوسف من مؤخرة قميصه وأردف بنبرة خبيثة:"لا حبيبي لا تقل لها نحن سنقوم بعمل مفاجأة لها"

بعد قليل
كان زياد وجنة قد ارتديا ملابسهما بمساعدة يوسف وهو أخذ حماما سريعا وارتدى ملابسه وحين خرجوا من باب الشقة قال يوسف لهما بهدوء:"انتظروني بالأسفل"

نزل الصغيران أما هو فصعد إلى شقة عمه زكريا ينفذ ما عزم عليه وكان يريد فعله منذ شهر كامل لولا تأكيد الطبيبة على خطورة وضع مريم ومؤخرا لاذ بالصمت فقط من أجل زفاف وصال وحالة السلم التي فرضتها غالية على الجميع من أجل إتمام فرحة وصال

رن جرس الباب ففتحت له هاجر فأردف وهو ينظر إلى الداخل :"أين مريم ؟"

قالت هاجر ببشاشة :"تصلي الظهر "

قال لها بهدوء شديد:"اريدها حالا هاجر"

دلفت هاجر إلى حجرة مريم فكانت الأخيرة للتو تُسٓلِم فقالت لها هاجر:"يوسف يريدك بالخارج"

أسرعت مريم للخارج في الوقت الذي خرجت فيه نعمة من المطبخ ورغم حزنها على يحيى الذي أصر على الرحيل أردفت ليوسف الذي يقف مُتحفزا على باب الشقة:"حماتك تحبك للتو أنهيت الغداء "

مسح يوسف على جسد زوجته من أعلى لأسفل يتأكد أن الاسدال يغطيها جيدا وفي قدميها خُف خفيف

ثم قال وهو يجذب مريم من معصمها:"وأنا أحب ابنتها ثم أحاط خصر مريم بذراعه ليحملها بخفة وسط دهشة الجميع اولهن مريم التي شهقت قائلة:"ماذا تفعل ؟"

فأردف بحزم وهو يستدير بها :"افعل ما كان يجب عليّ فعله منذ أشهر مضت"

اتسعت ابتسامة هاجر ووضعت قبضتها على شفتيها واتسعت عينيّ نعمة بغير تصديق وأسرعت خلفهما للخارج ولكن كان يوسف اسرع منها وهو ينزل السلم حاملا زوجته التي أخذت تقول له بحرج:"يوسف أنزلني ماذا لو رأنا أحد "

فيقول يوسف ببساطة:"ماذا فيها زوجتي حامل واساعدها في نزول السلم"

فصاحت نعمة بصوتِ عالٍ حانق وهي تتابع نزوله:"ماذا تفعل يا يوسف انزل البنت، انتظر حين يأتي عمك الذي حلف يمينا بألا تعود معك"

كان يوسف قد قطع درجات السلم عن أكمله فأردف بلا اكتراث وهو ينظر إلى الأعلى حيث تقف حماته:"هذه أمور عائلية تحلينها أنتِ وعمي زكريا على انفراد"

فصاحت نعمة بغيظ من أفعاله الصبيانية :"ماذا أقول عليك يا يوسف يا ابن ...ثم تمتمت وهي تجز على أسنانها مُتذكرة يمين زكريا: يا ابن صالح"

وبالأسفل كانت غالية تجلس على اريكتها وبجوارها هارون وأحمد ابنه وعمرو الذي كان يقيس لها ضغطها ليجده عاليا كعادتها مؤخرا ومودة التي كانت قد أعدت لها للتو وجبة طعام

جميعهم ينظرون إلى يوسف بصدمة ومريم تضربه بقبضتها على ظهره قائلة بحرج:"أنزلني"

فلم يُعير لكلماتها اهتماما واردف لغالية:"سلام ماما سأُهاتفك لاطمئن عليكِ"

ابتسمت غالية ابتسامة واهنة شقت طريقها بيسر بين شقوق وجهها وهي تراه وعلامات الهداية تبدو على وجهه وتنبع من نبرة صوته فتشعر بهالة من الحب تحيط حفيديها ومعهما صغارهما

لم ينتظر يوسف ردا وهو يقول لزياد وجنة:"هيا إلى السيارة"

وضعت مريم يدها على وجهها حرجا بينما كان كل من هارون وأحمد وعمرو ينظر كل منهم إلى الآخر ضاحكا وأردف هارون بسخرية:"طوال عمره مجنون "

حين خرج يوسف إلى ساحة البيت الخارجية حيث كان يضع سيارته صاحت فيه مريم :"لمٓ كل هذا الاحراج؟"

فأردف وهو يفتح باب السيارة :"وهل لو كنت قلت كنتِ ستوافقين؟"

قالت بعد أن وضعها في المقعد المجاور لمقعده:"كنا سنحدث ابي اولا"

قال بحزم وهو يغلق باب السيارة عليها :"لن أحدث أحد انا"

كان زياد وجنة قد ركبا وأغلقا بابهما فاستقل مقعده هو الآخر وانطلق بالسيارة وفتح النافذة المجاورة له ليملأ الهواء البارد المنعش السيارة فيشعر أنه للتو يأخذ أنفاسه بعد أشهر مضت أصابه فيها ضيق التنفس

فتح مشغل الاغاني فانسابت منه أغنية شعبية راقصة فأخذت جنة تتمايل على كلمات الأغنية وزياد يردد بينما مريم التي للتو لم تستوعب ما فعله يوسف بعد تنظر إليه بدهشة لم تغادرها بعد فيبادلها بنظرة عابثة ويرفع لها حاجبيه وكأنه لم يفعل أي شيء

********
ارتدت نعمة عباءتها على عجل ونزلت خلف يوسف ولكنه كان قد رحل بزوجته وابناؤه فاندفعت نحو غالية كالعاصفة قائلة بانفعالِ :"أرأيتِ ما يفعله حفيدك؟"

قالت غالية بابتسامة صغيرة وقد راق لها ما فعله يوسف:"وماذا فعل؟ أخذ زوجته وابناؤه أم كنتِ تريدين لابنتك خيبة كالتي أصابت ابنك!"

قالت نعمة وسحابة حزن على يحيى تمر بعينيها :"لا طبعا لا اقصد،ما أقصده أن يتحدث مع أبيها اولا لا يأخذها هكذا من نفسه"

أشارت غالية بيدها قائلة بضجر:"اعرف ما يقلقك اذهبي يا نعمة إلى زوجك واسأليه على نيته حين حلف يمينه فهذه الأمور تكون بالنوايا

تراجعت نعمة والقلق يغمرها ودخلت إلى احدى الغرف الخالية واتصلت بزكريا الذي كان في الأرض منذ الصباح الباكر وحين رد أردفت وهي متوجسة خيفة من رده:"زكريا أنت حين حلفت يمين الطلاق يوم المشكلة الكبرى كان في نيتك عدم إعادة مريم إلى يوسف نهائيا ام في وقت المشكلة فقط ؟"

رفع زكريا حاجبا واحدا وأردف وهو ينظر إلى المزارعين الذين يعملون من حوله:"هل وقت أسالتك هذه وانا بالعمل!"

قالت بسرعة:"أسألك لأن ابن أخيك أخذ ابنتك وعاد بها إلى بيته "

شعر زكريا بالارتياح فبقاء مريم لم يكن يريحه ولام نفسه مائة مرة لانفعاله يوم المشكلة وقسمه عليها فأردف :"حمدا لله"

اتسعت عينيّ نعمة وأردفت بحنق:"ماذا كنت تنوي يا رجل بيمينك؟"

ابتسم وقد راق له قلقها وتمتم:"كنت اقصد الا تغادر لحظتها فقط بعد أن استفزني صالح بأسلوبه ولكن بالطبع كنت سأعيدها فيما بعد"

أخذت نفسها أخيرا وأردفت بحنق:"ولمٓ لم تقل لي هذا حين كنت أسألك وتركتني اظن عكس ذلك؟"

قال لها بضجر :"وهل كل ما يهمك في الأمر اليمين؟ لا تقلقي يبدو انني لا خلاص لي منكِ في هذه الدنيا

ابتسم ثغرها قائلة:"ولا في الآخرة يا ابن عمي"
*******
كانت هاجر قد نزلت خلف أمها لترى تطورات الوضع ،منذ أن رأت يوسف وهو يحمل مريم وهي في دنيا أخرى فعلته هذه لامست قلبها بشدة وشعرت كم أنه من الرائع أن يكون لها نصف اخر يُكملها لا تستقيم حياته دونها وحين تحدث لهما أزمة كالتي حدثت ليوسف ومريم يسعى إليها بكل الطُرق والطريقة الرومانسيه من وجهة نظرها التي أخذ بها يوسف مريم جعلت قلبها يُحلق كفراشة رقيقة فكانت تتنقل بالبيت بخفة وابتسامتها على وجهها وحين خرجت لتسقي أصص الزرع المصفوفة على السور المقابل لباب البيت الداخلي المطل على ساحة البيت خرج خلفها أحمد مُدعيا أنه في طريقه للخارج واردف وهو يقف بجوارها:"كيف حالك ؟"

قالت بابتسامة مُشرقة:"الحمد لله "

لأول مرة يرى وجهها بهذا الارتياح وعينيها تلمعان فأردف ببشاشة:"هل تعرفين أنني احيانا احسدكم لانكم تعيشون ببيت العائلة"

رفعت عينيها اليه قائلة:"لماذا؟"

نظر حوله قائلا :"البيت دائما في حالة شد وجذب فيه حياة مختلفة عن حياتنا المنتظمة الروتينية في أحيان كثيرة"

قهقهت ضاحكة فكان لأول مرة يرى ضحكتها الواسعة شديدة الحلاوة وأردفت:"انت فقط لأنك لا تعيش هنا تشعر بذلك ولكن من يعيش بالطبع يتأثر بالاحداث المتلاحقة"

ناورها متمتما وهو يستند بظهره على السور الرخامي :"أي أنكِ لا تمانعين في الحياة بعيدا عن هنا ؟"

قالت ببراءة دون أن تعي ما يرمي إليه بسؤاله:"لا طبعا أسعد اوقاتي التي اقضيها في شقة عمرو أو عندما كنت اذهب إلى مريم "

"أحمد"
قطع حديثهما خروج ايمان التي كانت تريد ابنها وحين رأتهما يقفان هكذا رأت في عيني ابنها نظرة فهمتها جيدا فأردفت بلباقة:"احمد اريدك"

استأذن من هاجر فأكملت ما كانت تفعله وقد ملأتها الدقائق التي وقف فيها معها بشعور جميل

أما ايمان فأردفت لابنها بخفوت وهي تنتحي به جانبا:"ما قصتك مع هاجر هل ما أراه في عينيك حقيقي؟"

ابتسم قائلا بنفس الخفوت:"تقريبا "

رفعت حاجبيها وبدا الاستنكار عليها قائلة:"حقا!"
ضيق ما بين حاجبيه مستفهما:"ولم الاستنكار هل لديكِ اعتراض عليها ؟
أردفت بنظرة خاصة متهكمة:"لا على امها"
فأردف متهكما:"وما دخل أمها في الأمر؟"
ناظرته بتعجب ثم أردفت وهي تنظر حولها إلى حماتها التي تجلس وبجوارها هارون وباقي أحفادها:"لنا حديث في هذ الأمر حين نعود إلى بيتنا "
********
بعد قليل
بعد أن انضمت حليمة ونعمة وإيمان إلى الجلسة انسحبت مودة بهدوء دون أن يلحظها أحد سوى واحد
ودلفت إلى حديقة البيت تختلي بنفسها قليلاً

تسلل عمرو خلفها وحين رأها وهي تدخل إلى الحديقة هم بالدخول خلفها ولكنه تراجع يشعر بالحرج أن يفعلها فالمكان يُعتبر نائي عن البيت
فوقف في ساحة البيت باب الحديقة أمامه وباب البيت خلفه تتصارع رغبته في الذهاب خلفها مع حرجه من فعلها والجميع بالداخل

يغريه قلبه بدقائق مسروقة في رقعة بعيدة نسبيا فيوخزه ضميره بأنها ابنة عمه والمُفترض أن يحافظ عليها

فينغزه قلبه أٓمرا أن يُنهي حالة الهزل هذه بمصارحتها بما في قلبه فيؤيده عقله عاقدا اتفاقية سلمية بأنه سيفعلها فقط لوضع النقاط على الحروف لا لأي شيء أخر

خطى بخطواتِ سريعة متحفزة نحو الحديقة وحين فتح بابها كانت هي تقطف بعض الثمار في سلة صغيرة،التفتت على صوت فتح الباب وحين وجدته هو ارتفعت دقات قلبها وتسارعت أنفاسها بصدرها وتلون وجهها بالحُمرة من قبل أن يقترب ،وحين اقترب طغى خجلها على كل مشاعرها فهما في أبعد مكان بالبيت بمفردهما ومُغلق عليهما باب واحد

أما هو فطغت مشاعره حتى غمرته فأردف وهو يُطالع وجهها المتورد :"اراكِ حزينة منذ الأمس من بعد مغادرة وصال"

حاولت الانشغال بشيء يداري توترها فأكملت وهي تقطف ثمار الليمون شديد الصفار:"لا اليوم افضل ،بالطبع حزينة لفراقها ولكن سعيدة لسعادتها فوصال منذ أن شبت وهي تتمنى أن تعيش بالمدينة وتتزوج بعيدا عن العائلة"

اقترب قليلا يتشاغل بقطف الليمون معها ويضعه في السلة وأردف وهو يميل بالقرب منها غير عامدا ليقطف ثمرة بعيدة:"وأنتِ ؟ مثلها تفضلين حياة المدينة ام القرى؟"

فمال قلبها مع رائحة عطره التي تسللت عبر أنفها ولكنها أردفت بثبات :"ليس هناك تفضيل لمكان معين المكان الذي سأجد فيه راحتي سيكون هو المفضل لي ثم أردفت بشرود وهي تتذكر حالة يسر ويحيى التي تسببت فيها أمه :المهم أن أخرج خارج إطار زواج الأقارب وتبعاته السلبية"

استفزته بكلماتها فظهر على وجهه الحنق وأردف بحدة:"على أساس أن غير الاقارب لا تخرج العيبة من أفواههم ؟اذهبي إلى محكمة الأسرة وأنتِ تشاهدين بعينيكِ المصائب التي تحدث بين الأزواج ولا تربط بينهما أي صلة قرابة"

تحركت خطوتين حيث شجرة الجوافة ورفعت يدها لقطف ثمرة وأردفت بهدوء:"العاقل من يستفاد من تجارب غيره وتجارب مريم ويسر وعنان تستحق أن اتعلم منها "

تقدم نحوها خطوتين وأردف وهو يقف خلفها يود في هذه اللحظة تكسير رأسها:"أنتِ أخذتِ السيء في تجربة كل منهن ولم تنظري إلى الجانب الايجابي "

تنهدت بأسف وهي توليه ظهرها ومن وراء قلبها تنطق بكلماتها هذه ولكنها تحاول التحكم في مشاعرها خوفا من أن تؤلم قلبها
فأردف وهو يدور حولها ليقف أمامها :"أنا مثلا استفاد بالجانب الإيجابي من هذه التجارب فمثلا لن أسمح لأبي وأمي من البداية بالتدخل في حياتي الخاصة هما لهما علي احترامهما وبرهما ولكن شئوني الخاصة لا تدخل فيها وسأسعى للاستقلال بعيدا عن بيت العائلة لتحقيق هذه الخصوصية فهل إذا تقدمت لإحدى بنات العائلة سترى في عيب ولا توافق؟"

اهتزت شفتيها وارتفعت ضربات قلبها وارتجفت يدها التي تلامس بها ثمرة الجوافة وتوقفت فلا هي قطفتها ولا هي تركتها وأردفت بخفوت :"من أدراني أنا اسألها"

ضيق مابين حاجبيه قائلا وهو يحاول النفاذ إلى عقلها وقلبها :"أسأل من؟ "

قالت بلجلجة:"التي سيقع عليها اختيارك "

قال بعينين لامعتين بالمكر وهو يمسح بجرأة على وجهها الذي تضرج بالحُمرة الشديدة وعينيها الخجلتين:"أقول لها ماذا بالضبط مودة ساعديني أخوكِ لا يفقه في هذه الامور جيدا؟"

نزلت على قلبها كلمة أخوكِ كالمطرقة فأصابتها بالدوار وازداد ضجيج قلبها بصدرها ولا توجد في ذهنها سوى فكرة واحدة أنه يقصد إحدى بنات خالته ورغم أنها من بدأت بالمراوغة وهي تعطيه دروسا عن عيوب زواج الأقارب إلا أنها شعرت بطعنة نافذة في منتصف صدرها ولكنها كعادتها تماسكت وألقت بثمرة الجوافة في السلة واحتضنت السلة بذراعيها تضمها إلى صدرها وأردفت بهدوء مزيف من كثرة إتقانه بدى شديد الصدق:"قل لها مباشرة اريد أن اتزوجكِ واعدك أن نبتعد عن أي شيء يؤثر على علاقتنا"

مط شفتيه ثم أردف مستنكرا:"أقول لها مباشرة أريد أن اتزوجكِ دون أن أقول أنني احبها؟"

لم تعد تستطع المتابعة معه على هذا المنوال وقلبها يعتصره الألم خوفا من أن يكون مقصده على فتاة أخرى وهي التي كانت تسيء الفهم من البداية فأردفت وهي تجز على أسنانها بملامح بدى عليها الانزعاج:" حسنا قل لها أحبك وأريد أن اتزوجكِ واعدك أن نبتعد عن أي شيء يؤثر على علاقتنا"

ملامحه الهزلية شابتها فجأة الجدية ونظرة العبث في عينيه تحولت إلى شغف وترقب ونبرة صوته خرجت دافئة حماسية وهو يقول باندفاع:"أحبك يا مودة وأريد أن اتزوجك وأعدك أن أبتعد بكِ عن أي شيء يؤثر على علاقتنا"

اتسعت عينيها عن آخرهما وارتفع وجيب قلبها وتسمرت في مكانها وعيناها تتعلقان بعينيه رغم الخجل وهو يتعلق بعينيها يبتغي ردا حتى لو كان دون كلمات فأردفت بحشرجة ومحاولاتها للهروب بعينيها عن مرمى عينيه تبؤ بالفشل :"ماذا قلت؟"

ابتسم ابتسامة حلوة اذابتها مرددا :"قلت ما سمعتيه، هذا إن كان اعترافي هذا جديد عليكِ ولم تلاحظي اهتمامي بكِ من قبل"

بدى ارتباكها على وجهها فأردفت بتوتر وصدرها يعلو ويهبط انفعالا :"على فكرة وقوفنا هنا غير لائقا وخاصة مع ما تقوله، عن اذنك"

همت بالرحيل ولكنه استدار ليقف في مواجهتها مانعا إياها من العبور ورفع كفيه أمامه في الهواء قائلا بمهادنة وفي عينيه بدى الترقب جليا :"سأترككِ تغادرين ولكن بعد أن تجيبي ،جديتها ورغبتها بالرحيل أثارا فيه خوف من رفضها وخجلها أن تحرجه فأردف حاسما الأمر حتى لو كان سيسمع رفضها :قولي كلمة واحدة أعرف بها هل تبادليني مشاعري أم لا ولا أحتاج أن أقول لكِ أن الجواب إن كان رفضا فلن أعترض طريقكِ ثانية "

نظرة القلق التي رأتها في عينيه مع نبرة الشك أثارتا فيها مشاعر شديدة الخصوصية تجاهه وهي تراه يقف أمامها يستجدي كلمة وهي التي لم تنطقها لأحد من قبله ولم ترى أحق منه بها رغم عيبه المتمثل في تسلط أمه والذي كانت تقنع نفسها دائما بفداحة هذا العيب

"مودة"
نطقها بنبرة شعرتها مترجية وهالها أن يقف أمامها بهالته الساحرة هذه وترده خائبا وهو العزيز على القلب القريب إلى الروح فأردفت وقد بدأ جبينها في التعرق رغم برودة الجو:"نعم"

كانت أمامه كثمرة شهية لولا حدود الله لقطفها فأردف بنظرة شديدة التطلب:"قولي كلمة واحدة... أتحدث مع عمي يونس واطلبك منه ام اوفر على نفسي حرج الرفض ؟"

حاولت أن تنظم أنفاسها ليخرج صوتها هادئا فأجلت صوتها ووجهها كله تخضب باللون الأحمر :"حدث أبي وانا وقتها افكر وأبلغه ردي"

قالت جملتها بحرج شديد واندفعت للخارج بسرعة تداري خجلها منه،انفاسها العالية تدوي كأعيرة نارية احتفالا بتأكدها من صدق مشاعره فتشعر بأن زهور الربيع أنبتت بين حنايا القلب،حالتها كانت مُربكة فأسرعت إلى شقتها ومنها إلى حجرتها فأغلقت عليها بابها تغمض عينيها وتستعيد كلماته كلمة كلمة لتتأكد أنها لم تكن تهلوس
*******
حين توقف يوسف بسيارته أمام البناية ونزل ليفتح الباب لمريم والأولاد نزلت مريم وهي تنظر إلى نفسها قائلة بامتعاض:"سامحك الله يا يوسف أحضرتني بالإسدال ودون أن أحضر علاجي

مط شفتيه ثم أردف:"وما به الاسدال؟ والعلاج باذن الله سنذهب إلى الطبيبة هنا لنطمئن وتكتب غيره إن احتجتي"

لاذت بالصمت وسارت معه تضع يدها في ذراعه والصغار يسبقونهما نحو المصعد

وحين فتح باب الشقة كان صالح وليلة يجلسان في بهو البيت في استقبالهم بعد أن كتبت هاجر تفاصيل ما حدث على جروب الواتساب الخاص بالبنات وقرأته يسر وأخبرتهما

اندفع الصغيران إلى الداخل نحو جدهما وجدتهما بينما خطت مريم بخجل فمهما كانت صاحبة بيت إلا أن ابتعادها الطويل جعلها تشعر للوهلة الأولى وكأنها غريبة، استقبلتها ليلة وفتحت ذراعيها لها قائلة بنبرة حاولت كبت حزنها على يسر كما اوصاها صالح :"أنرتِ البيت يامريم"

احتضنتها مريم وأردفت هي الأخرى بخجل من وضعها بعد ما حدث مع يسر ويحيى :"شكرا عمتي ثم ابتعدت قائلة وهي تنظر حولها:أين يسر ؟"

قالت ليلة وهي تشير نحو الغرفة:"نائمة"

أما زياد وجنة فكأنهما لم يغادرا البيت يوما واحدا فأسرع كل منهما إلى السكوتر الخاص به والموضوع أسفل السلم وانطلقا يلعبان بحماس

كان يوسف يقف خلف مريم يضع يديه في جيبي بنطاله يشعر بطاقة من النور أضاءت البيت بوجودها والى ابناؤه فيشعر أن البيت عادت فيه الحياة

فأردفت مريم وهي تنظر إلى الأعلى:"سأصعد ابدل ملابسي هذه وأرتاح قليلا أخاف أن تكون حركة السيارة قد أثرت على الجنين"

فقال صالح:"اصعدي وارتاحي بُنيتي"

وقالت ليلة:"الشقة نظيفة نظفتها المرأة التي تساعدني منذ عدة أيام ثم أردفت بابتسامة واهنة:كنت أشعر أنكِ ستعودين قريبا"

قالت بابتسامة صغيرة:"شكرا عمتي"

تركتهم وصعدت للأعلى وبداخلها شعور بأنها عادت إلى وطنها ،فتحت بالمفتاح الموضوع بالباب من الخارج ودلفت للداخل وهي تنظر إلى شقتها باشتياق، تنظر إلى الجدران بحنين وصور خاطفة من أحداث الأشهر الماضية تتوالى أمام عينيها فأغمضتهما وهي تضع يديها على أذنيها قائلة لنفسها بصوت مسموع:"كفى لا اريد تذكر هذه الفترة يكفيني ما عشته ،يوسف تغير بالفعل ولن تعود هذه الأيام ثانية "

كانت الشقة بالفعل نظيفة رائحتها عطرة وكل شيء في مكانه كما تركته فدلفت إلى غرفتها وفتحت الضوء وهي تنظر حولها بنفس الاشتياق وراودتها رغبة مُلِحة في الاستحمام فدلفت إلى حمام غُرفتها الذي اشتاقت إلى خصوصيتها به ونزعت ملابسها ووقفت تحت الماء الذي غمر جسدها كله وغمر نفسها بشعور الارتياح، ذاك الشعور الذي لا تشعر به المرأة سوى في بيتها بعد انفصالها بالحياة بعيدا عن بيت أبيها ،مساحتها الخاصة في مملكتها
اكتشفت انها طوال الأشهر الماضية كانت تأخذ حمامها على عجل سواء الفترة التي قضتها عند عمرو أو عند أبيها فأطالت في الوقوف تحت الماء وقد خلى ذهنها من كل شيء ولا تجد في نفسها رغبة في التفكير في أي شيء على الإطلاق

ترك يوسف زياد وجنة مع أمه وأبوه وصعد إلى الأعلى ففتح باب الشقة وأخرج المفتاح ليضعه بالداخل ،أغلق الباب ونظر حوله إلى الأركان وهو يشعر بأن البيت رُدت به الروح وحين دلف إلى حجرته وسمع صوت انهمار الماء بالداخل ابتسم ابتسامة حانية وجلس ينزع حذائه ومن بعدها ملابسه وفي قرارة نفسه يشعر بالراحة بعد طول اللهاث وحين ارتدى ملابس بيتية مُريحة عاد ليقف أمام باب الحمام ينتظر خروجها

وهي حين انتهت وقد شعرت بالانتعاش دثرت نفسها جيدا بمنشفة طويلة وما إن فتحت الباب حتى وجدته أمامها ففتحت شفتيها لقول شيء ولكنها تراجعت فاقترب هو ولامس أناملها بأنامله ورفع كفها ليُقبله ثم أردف بعينين تواقتين وهو يتأمل ملامحها الجميلة:"أنرتِ بيتك"
فتمتمت بخفوت:"أشكرك"

لامس كتفها براحته واردف مبتسما وهو يلمس السلسلة التي تتدلى من عنقها ومكتوب عليها اسمها التي أحضرها لها يوم أن تشاجرا:"اين كانت لقد بحثت عنها بعد أن رحلتي ولم أجدها"

أسبلت أهدابها وأردفت بخفوت:"أضعها في عنقي أسفل ملابسي من يومها"

طاف بعينيه تأثرا قلما تلمحه فأردف بنظرة عميقة وهو يحيط خصرها بذراعيه يقربها منه :"اشتقت إليكِ مريم اشتقت بشدة، نظر حوله باحثا عن كلمات منمقة فلم يجد فأردف وهو يثبت عينيه في عُمق عينيها:ربما لا استطع ايجاد كلمات رومانسية قوية كالتي تقرأينها في الروايات ولكني سأقول ما بقلبي وأنتِ رتبيه،
اومأت برأسها ايماءة بسيطة فأردف بنظرة شديدة الصدق: أنا كنت ضائع في الأيام التي تركتِ فيها البيت وتركتيني، لا تظني أنني حين ابتعدتي أنتِ أخذت حريتي التي كنت ابحث عنها بالعكس لم أجد لأي شيء طعم في بعدك،مط شفتيه متمتما:خروجي مع اصدقائي سفري سهري كل هذا أصبح بلا قيمة وكأن الاشياء كانت متعتها مُرتبطة بوجودك فوجدت نفسي ازهد كل شيء واريدك أنتِ فقط، تورد وجهها أمام سحر كلماته التي يدعي عدم تنظيمها وهي تصيبها في صميم القلب فأردف بعينين متأثرين وهو يستند بجبهته على جبهتها :عرفت حين بعدتي أنكِ في حياتي كل شيء الحبيبة التي تكفيني عن كل النساء والام التي أهتدي إليها وآوي إلى حضنها بعد التعب وانني بدونك ضائعا "

ارتجفت شفتيها تأثرا وغامت عينيها بالدموع فضمها اليه باشتياق أشهر مضت عليه كالسنوات وذابت بين ذراعيه كقطعة سكر ،شدد من ضمها وقد اشتاق لكل مافيها فأردف بجوار أذنها بصوتِ عميق:"انا لي أشهر كلما دخلت البيت وجدته كئيبا مظلما واليوم حين دخلت وسمعت صوت المياه شعرت أن الروح عادت الى البيت وروحي عادت إلى جسدي
ارتجف جسدها تأثرا فشدد من ضمها اليه حتى تلاقت الضلوع مكملا:كنت دائما أشم رائحة حلوة في البيت ولا أعرف مصدرها ورغم أن أمي كانت حريصة على نظافة الشقة في غيابك ولكني لم اشم الرائحة المألوفة طوال غيابك، اليوم حين دخلت بعدك شممتها ،اقترب بأنفه من شعرها الرطب مستنشقا رائحته مكملا:انها رائحتك التي تختلط برائحة الهواء فتعطي هذا المزيج، ابعدها قليلا حتى يرى وجهها وأكمل بملامح متأثرة:هل تعرفين أن كل شيء تغير احساسي به في بعادك رائحة الشوارع وشكلها لم يعودوا كالسابق كنت أشعر أنني ابدأ حياتي من جديد ولكن حياة باردة خاوية"

ازداد ارتجاف جسدها كله إثر كلماته وشعرت بخدر يسري في أوردتها ،كانت تتنفس ببطء وتغلق عينيها تستمع فقط إلى كلماته المتسارعة التي تخرج من القلب مباشرة دون ترتيب

بلغ تأثره ذروته واشتياقه لها أقصاه فأردف ووجهه شديد القرب من وجهها:"انا يامريم كنت أستطيع أن اعيدك منذ أول يوم وكان بعادك ثقيل على نفسي ولكني حين وجدتك وأنتِ تشعرين بالظفر علي بعد عودة عمرو تركتك تفعلينها حتى تشعرين أنكِ لستِ مجبورة على البقاء معي تركتك حتى تشعري بافتقادي لكِ ولكن الأمور تعقدت ليحدث ما حدث ،أوقات كثيرة انظر الى الجانب الجيد مما حدث لنا وهو أنني تأكدت أنني احبك بشدة وأن أي امرأة دونك لم تكن سوى تمرد غبي ليس إلا "

سالت دموعها ولم تجد كلمات تقولها فكانت الدموع هي ردها فمرر أنامله فوق دموعها قائلا:"كنتِ تظنين أنني في أي وقت سآخذ منكِ زياد وجنة وانا من الأساس كنت أتركهم لكِ حتى يكونا حجتي للقرب منك والاتصال بك والتواجد في محيطك حين كنتِ شديدة الغضب مني"

رفعت أناملها ولامست كتفيه بحميمية ونظرة تواقة وأردفت بخفوت من بين دموعها:"انا اريد أن نُغلِق هذه الصفحة من حياتنا للأبد لا أريد تذكر هذه المرحلة ثانية ولكن قبل أن نُغلقها أريدك أن تسمعني بخصوص كابتن ..."

قاطعها وهو يُغمِض عينيه قائلا بتأثر:"سمعت كل شيء من على هاتفك وقتها وقرأت وعرفت،هرب من مواجهة عينيها قائلا: وانا ايضا لا اريد تذكر هذا الأمر ،استند بجبهته على كتفها قائلا بنبرة يتقاطر منها ندمه واسفه:انا أشك في نفسي مريم ولا أشك بكِ ابدا لأنني لم اجد امرأة في طهرك وشفافيتك، انا حين رفضت أن أتحدث معكِ في هذا الأمر كنت اهرب من مواجهة نفسي بحقيقتها كنت أهرب من جلدي لذاتي لأنني السبب فيما وصلت إليه الأمور "

رفعت أناملها تلامس مؤخرة رأسه بحنان قائلة بخفوت:"لنغلق هذه الصفحة من حياتنا إلى الابد"

رفع وجهه نحوها وهو يشعر بالارتياح لانه أخرج كل ما بداخله وتمتم وهو يلامس وجنتها الناعمة بأنامله:"سنحرق الصفحة لا نغلقها"

ابتسمت ابتسامة عذبة ورفعت إليه عينين تنطقان بلهفة القلب وكعادته كريما يُحسن التعبير فعلا لا قولا أشبع لهف قلبها وقلبه

يتبع





التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 31-01-22 الساعة 10:19 PM
Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:42 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.