آخر 10 مشاركات
ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          عِـشـقٌ في حَضرَةِ الـكِـبريآء *مميزة مكتملة* (الكاتـب : ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          117 - توأم التنين _ فيوليت وينسبير ج2 شهر عسل مر ((حصرياً)) -(كتابة /كاملة بالرابط) (الكاتـب : SHELL - )           »          وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4117Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-08-21, 04:39 PM   #651

دينا هشام محمد

? العضوٌ??? » 379227
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 20
?  نُقآطِيْ » دينا هشام محمد is on a distinguished road
افتراضي


يارب اكون اول واحدة يارب يارب😍😍😍

دينا هشام محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-21, 05:05 PM   #652

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع عشر

***********

بعد أن انتهوا من شراء شبكة عنان أصرت ليلة على أن تدعوهم في بيتها جميعا لتناول الغداء فأخذت هي يمنة وحليمة معها بينما ذهبت مودة إلى الجامعة لأن لديها محاضره هامة على أن تعود إلى بيت عمها صالح بعد انتهائها ومعها ذهبت وصال التي لم تخرج من القرية لها وقت طويل وأرادت أن تشم الهواء بعيدا عن الجميع............

أما الشباب فقد اقترح عليهم معتصم أن يجلسوا جميعا في أحد المقاهي الحديثة

كان يشعر كأن روحه تطير على بساط الريح لا تسكن جسده .....

وقلبه يطفو فوق ماء النهر على متن قارب صغير من ورق .....

وكأنه فجأة فُتِحت شهيته تجاه الحياة وهو الذي كان قد اكتفى منها وكان يعيشها فقط لأن الله أودع روحه أمانة في جسده فهل من اعتراض على أمر الله !!!

وكأنه عاد شابا في العشرين يريد أن يجلس مع حبيبته على ضفاف النيل ،أو ربما شعورا بأنه أصبح مثل يوسف ويحيى ؛ أصبح له نصف آخر يكمله بعد أن كان قد أخذ قراره أنه لن تكمله امرأة أخرى سواها......

ورغم أنها كانت تجلس بصحبة يسر ومريم على طاولة أخرى وهو يجلس مع يحيى ويوسف وتمام على طاولة إلا أنها كانت تواجهه مباشرة ورغم اندماجها في الحديث مع بنات عمها إلا أنه كان يكفيه أن يواجهه هكذا وجه القمر حتى لو لم تكن تعيره انتباها

............

"الوقح هل فعل معكِ كل هذا طوال الفترة الماضية وأنتِ صامتة ؟"

قالتها عنان بغيظ وعينيها تتقدان بعد أن استمعت هي ويسر لكل ما حدث مع مريم طوال الفترة الماضية وكان مٌعتصم يلاحظ بطرف عينه انفعالاتها دون أن يدري السبب...

شعرت يسر بالحرج الشديد من أفعال يوسف ولاحظت عنان حرجها وقد أدركت للتو أنه أخيها وربما تشعر بالحرج أو الضيق فأردفت ببساطة وكأنها لم تفعل شىء

:"معذرة يا يسر ولكنه حقا مستفز ....."

تنحنحت يسر وأدرفت:" لا عليكِ حبيبتي خذي راحتك..."

فأردفت مريم وهي تجز على أسنانها غيظا وهي تستعيد كل ماحدث :"ومن جبروته أظهرني انا كالمجنونة التي تدعي عليه ما ليس فيه وبكل وقاحة يتحدث بأني المخطئة لأنني فتحت هاتفه ،نظرت إلى يسر وأردفت :معذرة يا يسر أعرفك تحبين اخوتك ولا تتحملين عليهم كلمة...."

قالت يسر بضيق من يوسف الذي وضعها في هذا الموقف حيث لا تملك حق الدفاع عنه :"لا حبيبتي خذي راحتك أخي وأعرفه...."

فأكملت مريم بغيظ وحنق :"ترك فعله ومسك في ردة فعلي ويحاسبني عليها أي أنه ليس مخطيء لأنه يتحدث مع امرأة أخرى ولكني المخطئة لأنني أبحث خلفه..."

قالت عنان وهي ترمق يوسف بنظرة نارية لم يلاحظها سوى معتصم الذي يراقبها بطرف عينه

:"يذكرني بالافيه الشهير لهنيدي كيف تتهجمون على الناس في بيوت ال*****..."

رغم الحزن الذي يسكن نفسها والضيق الذي تشعر به إلا أن مريم ما إن سمعت جملة عنان حتى انفجرت ضاحكة بصوتِ عالٕ تبعتها يسر

وابتسمت عنان ابتسامة حلوة وأردفت ضاحكة:" ماذا أقول عنه ؟ وقح ويجاهر بوقاحته؛ لايستحي من أفعاله...."

لم تكد تكمل جملتها حتى وجدت يوسف يقف فوق رؤوسهن جميعا وأردف بنظرة حادة :"هل نسيتن انفسكن؟ الا تلاحظن انكن تجلسن في مكان عام وحولكن الكثير من الرجال ؟...."

لم ترد عليه مريم ولم تعر كلامه اهتماما ولم تنظر إليه وكأنها لم تسمعه فأردفت يسر وهي تكتم ضحكتها :"عذرا يوسف تذكرنا فقط شيء مضحك ولم نتمالك أنفسنا...."

بينما عقدت عنان ذراعيها فوق صدرها وأردفت وهي ترفع حاجبا واحدا وكأنها ترميه بسهام من الحقد بنظرة عينيها :"هو الحقيقة شيء مُضحك ومحزن ومُخزي في ذات الوقت ..."

قال يوسف بتساؤل وهو يضيق عينيه:" كيف؟ لا أفهم....."

قالت له باستهانة:" هل ستترك الشباب وتنضم لمجلس الفتيات حتى تفهم؟...."

قال لها بغيظ وهو يضغط على حروف كلماته:" حسنا يا صاحبة أطول لسان في بنات العائلة ثم أشار بعينيه بنظرة متسلية تجاه معتصم الذي يتابع الحوار من على بعد وأردف متهكما :ولكن جاءكِ من سيقصه لكِ...."

ناظرته عنان بنظرة متحدية وأردفت بثبات وثقة:" لم يحدث من قبل أن فعلها أحد ولن يفعلها بإذن الله ثم أردفت وقد استعادت شخصية عاشت بها لسنوات طويلة ونزعة ثقة تزعزعت قليلا في الأشهر الماضية ولكنها عادت لأن صاحبتها لا تقبل بغيرها: أنا عنان يونس عمران...."

"أهلا ... عدتِ سيدة عنان لامجادك السابقة....." قالها يوسف بسخرية

ابتسمت له بسماجة فغادر عائدا إلى الشباب والتفتت عنان إلى مريم قائلة بصوتِ منخفض ولكنه حاد :"اسمعيني جيدا زوجك هذا لابد أن يأخذ فوق رأسه لينضبط ثم أردفت بامتعاض :أنا لا أعرف حتى الآن سبب بقاءك معه كل هذا الوقت ،هو في النهاية رجل وليس له أمان..."

ابتسمت يسر ابتسامة خبيثة وأردفت قائلة وهي تميل على المنضدة:" انظروا من التي تتحدث ألستِ أنتِ يافتاة من قلتِ منذ بضعة أشهر لن أنظر في وجه رجل طوال العمر وها نحن اشترينا شبكتك منذ قليل...."

قالت لها عنان بابتسامة باردة :"الوضع مختلف يا استاذة الظروف من فرضت علي هذا الوضع والحمد لله تفهم الأمر ووعدني ب...."

توقفت الكلمات على لسانها ،لقد وعدته الا تخبر أحدا باتفاقهما فتنحنحت وهي تمط شفتيها تبحث عن كلمات مناسبة فجذبتها يسر من ذراعها قائلة بشك:" أنا أحفظ هذه الحركات كنتِ ستقولين شيئا وتريدين التراجع..."

فأردفت مريم بعينين مٌتسعتين وهي تؤكد كلام يسر:"فعلا كانت ستقول شيء...."

عضت عنان على شفتها السفلى وصمتت ولكنها لم تستطع الصمت طويلا فأين ستذهب منهما فقصت عليهما ماحدث بينهما يوم العقد القران وما إن انتهت حتى ناظرتها يسر بشك قائلة :"هل معتصم قال لك هذا!!!! "
"نعم"
قالتها عنان بثقة

فأردفت مريم باستنكار:" وهل صدقتيه؟..."

قالت عنان وهي تضيق عينيها:" نعم ولمَ سيكذب لو كان ليس مستعدا لذلك لما قاله"

تبادلت يسر ومريم نظرة قصيرة ثم ضحكت كلتاهما وكل منهما تضرب كفها في كف الأخرى .....

ثم أردفت يسر من بين ضحكاتها :"وهل تتوقعي أن يفعلها معتصم ؟ الرجل في مقتبل العمر مالذي يجبره على ذلك؟...."

ظهر القلق على وجه عنان وأردفت:" هو وعدني بذلك وهذا كان شرطي ووافق عليه"

قالت مريم بشك :"رغم اني لا أثق في هذا الوعد ولكن لماذا تفعلي بنفسك وبه هذا ؟"

قالت عنان بهدوء :" لأنني حقا مريم لا أستطيع ؛انا صارحته بكل شيء؛ انا احتاج وقتا وهم أجبروني بطريقة ملتوية وهو تفهم ذلك ثم أردفت بنظرة شاردة :صدقيني انا أريد أن أنسى واعيش ولكن ليس الان...."

ثم أردفت لتغير الموضوع:" نعود إلى مشكلتك مريم ماذا ستفعلي مع يوسف؟"

"لا أعرف..."

قالتها مريم بجهل وضياع فأردفت عنان وهي تميل على الطاولة في إشارة منها لتقترب منها مريم ويسر وبالفعل اقتربت رؤوسهن من بعضهن :"اسمعيني؛ هذا المتلاعب لا تنفع معه سوى طريقة واحدة ثم نظرت إلى يسر قائلة :عذرا يسر"

فأردفت يسر بضجر:"لا عليكِ حبيبتي أكملي...."

فأكملت عنان كلامها واستمعت إليها مريم باهتمام

...................

أما على طاولة الشباب فكانوا يشربون كل منهم مشروبه الخاص وما إن انشغل يحيى مع تمام في حوار جانبي حتى مال معتصم على أذن يوسف قائلا بفضول:" ماذا كان يحدث على طاولة البنات؟...."

قال يوسف بصوتِ منخفض وهو ينظر إليهن وهن رؤوسهن في رؤوس بعضهن :" أشعر أن زوجتي العزيزة تقص عليهما ما حدث معنا واشعر أن زوجتك المصون تحرضها ضدي خاصة وقد استعادت زوجتك أمجادها القديمة؛ لقد قالت لي بكل صلف انا عنان يونس عمران ....."

ضيق معتصم عينيه وهو ينظر إلى عنان وأردف :"هي قالت هذا؟..."

قال يوسف بغيظ:" نعم وأنت تعرف أن مريم تتأثر بها كثيرا...."

ابتسم معتصم ابتسامة تخص عنان فقط وأردف وهو يرفع حاجبيه معا:" انا زوجتي تقل ما تريد وتفعل مايحلو لها ..."

ناظره يوسف باستنكار ثم أطلق ضحكة قصيره قائلا :"هل بدأنا من الآن ؟...

كان لديها حق حماتي العزيزة...."

قال معتصم بتساؤل وهو يضع ساقا فوق الأخرى :"في ماذا ؟...."

أردف يوسف متهكما وهو يقلد نبرة حماته :"صلاة النبي أحسن..."

**********

في الجامعة

بعد أن دخلت مودة إلى قاعة المحاضرات أخذت وصال تسير داخل أروقة الكلية بلا هدف؛ تسير بين الأشجار التي تظلل جانبي الطريق الضيق والذي يفصل ما بين مبنيين من مباني الكلية ،لاحت من بين شفتيها ابتسامة صغيرة وهي تعود بذكرياتها للخلف ....

وكيف لاتعود وهي في الحرم الجامعي الذي يٌذكرها بكل ذكرياتها معه وخاصة وهي بمفردها هكذا ،شعرت أن ذهنها صافيا جدا مستعدا لاجترار سيل من الذكريات التي ليس لها أخر معه ،وهل تَبَقى لها بعد رحيله سوى الذكريات؟...

ولكن يبدو أن شرود ذهنها جعلها لا تنتبه أن أحدهم يخرج من بوابة المبنى الذي تصادف مرورها بجواره ليتراجع الشاب وهو يرفع يديه للأعلى حتى لا يرتطم بجسد الفتاة التي كانت في عالم غير العالم وما إن انتبهت ورفعت وجهها نحوه وأخفض وجهه نحوها حتى كانت المفاجأة،الصدفة التي تشبه الصدف التي تحدث في الأفلام القديمة ونجزم أنها فقط ضمن حبكة الكاتب ولا مجال لحدوثها على أرض الواقع.....

الصدفة التي تحدث لنا في حياتنا مرات معدودة ، ربما نتمناها في أحلامنا لسنواتِ وحين نغفل عنها ونفقد الأمل في تحققها نجدها مجسدة أمامنا....

اتسعت عينيها عن آخرها وتمتمت بذهول :"طارق...."

في نفس اللحظة التي رأت حروف اسمها تخرج من بين شفتيه حرفا حرفا وهو مثلها لا يصدق أنها هنا أمامه....


لحظات قصيرة تجمد فيها كلاهما وتوقف الزمن ،يراها أمامه وهو الذي يأس أن يلمح طيفها ثانية،وتراه أمامها وهي التي أيقنت انها لن تراه ثانية إلا في أحلامها و صوره التي تراها من خلال مراقبتها لحسابه الخاص على الفيسبوك

كانت الصدمة لا تزال في عينيها أما هو فكان الأسرع حين تمالك نفسه وابتسم لها ابتسامة دافئة وهو يراها أمامه وكأن الزمن لم يمر ،كما هي بوجهها الصبوح وإن كانت عينيها قد انطفأ بريقهما ،طراز ملابسها كما هو ترتدي بنطال جينز داكن وفوقه قميص أزرق طويل بأكمام طويلة يصل حتى ركبتيها بأزرار حتى نهايته تماما كما كان يحب ،جسدها فقط نحف قليلا عن ذي قبل....

خرج صوته مٌهتزا قليلا من المفاجأة والتأثر

"كيف حالك وصال؟...."

ما إن سمعت صوته حتى أيقنت أنه حقا أمامها وأنها لا تهذي فأردفت بصوت خفيض جامد :"مازلت حية ،كيف حالك أنت؟..."

آلمته جملتها لما يعرف ما تحمله من معاني فأردف قائلا وهو يتأمل أناملها الخاوية من أية محابس وهولايزال يقف أمامها لو يملك بساطا للريح لكان أخذها عليه وذهب من حيث أتى :"أنا أيضا مازلت حيا..."

ابتسمت ابتسامة صغيرة بعد أن جالت بعينيها بنظرة سريعة على أنامله الخاوية.....

قال لها بملامح لا تزال الدهشة متمكنة منها وهو ينظر حوله:" لا أصدق أنني رأيتك صدفة ...."

قالت بخفوت :"ولا أنا ..."

"هل نجلس في أي مكان لنتحدث قليلا؟..."قالها برجاء

فنظرت حولها بحرج ولهفة في آن واحد وأردفت :" لن أستطيع أنت تعرف...."

كان أمام المبنى مباشرة وعلى بعد خطوات منهما حوض رخامي به زهور ملونة فأردف بإشارة من عينيه

:"لن تستطيعي الجلوس معي في مكان خاص أما هنا فهو ملك الحكومة وباستطاعة أي اثنين تقابلا بالصدفة الجلوس قليلا في أملاك الحكومة...."

هل يمكن للقلب أن يموت بكلمة ويحيا بكلمة؟

هل يمكن للروح أن تغادر الجسد بغياب شخص واحد وتعود مرة أخرى بعودته؟؟

هل يمكن للعين أن ينطفىء بريقها زهدا في رؤية اي شخص سواه ويعود بريقهما فقط حين رؤيته؟؟؟

هل يمكن لنبتة الحب أن تموت في الجسد لتحيا مرة أخرى حال رؤيته ؟؟؟؟

هذا ما شعرت به وشعر به هو الأخر فوصال ما هي الا كتاب مفتوح أمامه ،لم تسعى يوما لأن تكون غامضة منذ وصلها حبه ....

لم تدري بنفسها إلا وهي تجلس بجواره على الحوض الرخامي وهي لا تزال لا تصدق نفسها ...

تأملت ملامحه التي اشتاقتها طويلا وأضناها الحنين لها كثيرا وأردفت بصوت منخفض متحشرج :"متى أتيت ؟..."

"منذ عدة أسابيع...." قالها ببساطة

فأردفت بعتاب :"بعد ثلاث سنوات غياب تأتي منذ أسابيع دون أن تخبرني؟.."

أغمض عينيه لثانية ثم فتحهما وأردف بعينين عتابهما أشد :"وهل لي أن أحدث امرأة ليست حلالي وأنا حتى لا أعرف هل تزوجت في غيابي أم لا...."
رفعت يديها أمام وجهها وأردفت :"لم أفعلها ولن أفعلها ،ثم أردفت بتوتر : هل .. هل فعلتها أنت؟.."

صمت لثانية هوى فيها قلبها بين قدميها ثم ابتسم ابتسامة صغيرة وهو يرفع يديه أمام وجهه تماما كما فعلت هي وأردف ببساطة : لم أفعلها ولن أفعلها ...."

لن تنكر تأثرها بكلماته البسيطة هذه فأردفت بنفس النبرة اللائمة :"لمَ لم تقل لي أنك اتيت؟...."

كتم أنفاسه بداخل صدره لثواني ثم اطلقهم فلفحت حرارة أنفاسه وجهها ثم أردف بنبرة صادقة :"لأننا لنا فترة كبيرة لم نتحدث وصال،لأنكِ حين كنا نتحدث كنتِ تشعرين بالذنب وكنت مثلك فلست أنا من أحدث فتاة دون علم أهلها ، لأني كما قلت لكِ ظننت أنه ربما ترضخين لرغبتهم وتقبلي أي ممن يتقدمون لكِ ولم أحب أن يكون وجودي في الصورة هو العائق ففضلت الابتعاد قليلا حتى أترك لكِ حرية التفكير والإختيار دون ضغط مني ، ثم ناظرها بنظرة بها مابها من العتاب واردف: ولأنني حين توقفت أنا عن الاتصال توقفتي أنتِ...."

كانت تستمع إليه وهي تتأمل قسمات وجهه الجنوبية المحببة التي تعشقها وهي تمسح بعينيها على كل انش فيه وكان يفعل المثل ،لو استطاع كل منهما احتضان وجه الآخر لفعلها.....

ثم أردفت في النهاية بلا أمل:"كل أسبابك التي قلتها هي ماكانت تجول بنفسي ؛ الفكرة فقط أننا لم نتحدث صراحة في الأمر ، كل منا حين وجد أن الأمر شبه مستحيل انزوى في عالمه ومر ما يقارب العام دون مكالمة واحدة ،كل منا أدرك أن اكتمال القصة مستحيلا فلم المجادلة والحرب ولم نعلق أنفسنا ببعضنا ونحن لن نكن لبعضنا في النهاية ،ثم أردفت بمرارة: ولكن هل تعرف أن عدم حديثي معگ هذا لم يمر علي مرور الكرام ؟

لقد أصابني اكتئابا حادا طوال الأشهر الماضية ،كنت أنام كثيرا وأتحدث قليلا وكأن أبواب الحياة كلها قد أٌغلقت في وجهي ،صدقني كنت أرى الحياة امامي ظلام دامس ،وفي نفس الوقت قررت أن أتوقف عن ملاحقتك ربما تستطيع الارتباط بأخرى ليست لديها كل هذه التعقيدات في حياتها..."

"حاولت ..."

قالها بابتسامة صغيرة ساخرة

فاتسعت عينيها خوفا

فأكمل بسرعة:" وفشلت...."

فانفرجت شفتيها عن ابتسامة لا إرادية لم تستطع التحكم فيها

فرفع حاجبيه قائلا بتهكم

:"سعيدة أنتِ بفشلي؟.."

ابتسمت ابتسامة دافئة غابت عنها منذ زمن وأردفت:" أنا أيضا فشلت إذن نحن متعادلان..."

قال لها بجدية وهو يميل بوجهه نحوها فيميل معه قلبها ويخفق بعدة دقات لا ارادية:" حقا وصال فشلت فشلا ذريعا في فعلها ،ثم أردف بتساؤل :الم يتغير أي شىء في قانون عائلتك هذه؟.."

"قانون عائلتي يحتاج قرن حتى يتغير طارق لا عام "

اغمض عينيه وأردف بيأس:" لا أعرف هل أفرح لأن الصدفة جمعتني بكِ اليوم أم أحزن ؟...."

"أنت بماذا شعرت حين رأيتني وبماذا تشعر وأنت تجلس معي الان؟ "

سألته بفضول

فأردف بصدق:" سعيد للغاية وصال هل تصدقيني إن قلت لكِ أنني بالأمس فقط كنت افكر فيكِ وتمنيت أن اراكِ ولو صدفة لذلك حين رأيتك تسمرت في مكاني لفترة من صدمتي..."

"اصدقك..."

قالتها وهي تشعر باختلاج خافقها ودموع عزيزة لمعت في مقلتيها فبدتا في تلك اللحظة كماستين لامعتين ....

قال لها بفضول شديد ورغبة رجولية تندلع بداخله في ثبر أغوارها ومعرفة خفايا قلبها :"وأنتِ متى كانت آخر مرة زار طيفي خيالك وتمنيتِ رؤيتي؟...."

زمت شفتيها المكتنزتين باغراء قليلا ثم أردفت بصوت به بحة وقد عادت الدماء للتدفق في أوردتها بعد خمول الأشهر الماضية :"هل تصدقني إن قلت لك أنني كنت افكر بك واتمنى رؤيتك في نفس اللحظةالتي رفعت عيني فيها إلى عينيك؟؟.."

فرت منه الكلمات أمام صدق احساسها .... وتجمدت نظرته أمام ماستيها المتلألأتين؛

خفقات صاخبة اطلقها الرابض خلف أضلعه كترانيم عشق ....

كلماتها كانت كينبوع ماء عذب انفجر بداخله روى اشتياقه اليها طوال سنوات غربته

**********

عصرا في بيت صالح

اجتمعوا جميعا على مائدة الغداء وقد أعدت ليلة طعاما شهيا يليق بالمناسبة فمعتصم في معزة أبناءها وفرحتها به لا توصف كما أن حالة عنان الفترة السابقة جعلت الجميع ييأس من عودتها للحياة مرة أخرى ،لم يتوقع أحد أن يكون التعافي سريعا هكذا ولكن في النهاية ارتباطها بمعتصم أسعد الجميع ....

على المائدة الكبيرة كان يجلس صالح وبجواره زوجته وبجوارها يمنة وحليمة وعلى الجهة الأخرى يجلس الشباب كل منهم بجوار زوجته عدا تمام الذي كان بجوار يوسف الذي ابتعدت عنه زوجته وتجلس بجوار أبناءها ولايعلم أحد عما بهما .....

"دائما عامر بوجودك أخي "

قالتها يمنة بعد أن أنهت طعامها بابتسامة حلوة تخص بها أخيها صالح أحن إخوتها عليها.....

فأردف صالح بابتسامة حنون:" بالهناء حبيبتي..."

تبعتها حليمة والشباب تباعا ليجلسوا جميعا في غرفة الصالون الواسعة المطلة على النيل،جلسة عائلية دافئة رغم أنها تضم نصف العائلة فقط.....

أحضرت ليلة الشاي ووضعته على المنضدة في منتصف الحجرة وأخذ كل منهم كوبه ليشربه وهو يفكر في حاله ......

فيمنة تفكر في وصلة النكد التي تنتظرها حال عودتها من راشد الذي يغلي على جمر من نار منذ ما حدث وتتمنى من قلبها أن تبيت ليلتها هنا حتى تتخلص منه....

ومعتصم ينظر إلى عنان بطرف عينه كعادته يلاحظ شرودها ويشعر بحيرتها وهو كفيل بكل ما يؤلمها هي فقط تعطيه الفرصة...

أما عنان فكانت كمن استفاقت من غفلة ،كانت تسأل نفسها كيف وصل الأمر لزواج منه وهي كل ما فعلته أن فتحت باب شقته ،لو كانت تعلم أن خلف ذاك الباب يكمن كل ماحدث لما فعلتها.....

هي التي أخذت قرارا أنها لن تأمن لرجل ولن تقترب من رجل كيف تفعلها؟

هي التي قررت أن تعيش لنفسها وتبحث عما يسعدها هي فقط فكيف تتحمل الان مسئولية زوج وبيت ؟

خاصة بعد أن نبهتها يسر ومريم اليوم أن معتصم لن يتحمل هذا الوضع ....

أغمضت عينيها وهي ترتشف من كوب الشاي ببطء وكانت بالفعل في غفلة عما يدور حولها فلم تنتبه الا على صوت معتصم الذي كان يجلس على المقعد المجاور لها وهو يقول بجوار أذنها :"هيا عنان سنعود إلى البيت ..."

انتبهت على صوته وصوبت نظرها نحوه بنظرة مسحت على ملامحه كلها في ثانية واحدة،ملامحه التي لا تستطيع أن تقرأها او تفهمها أو تفك شفرة غموضها ؛ ثم وضعت الكوب على المنضدة وأردفت:" حسنا...."

بعد أن رحلوا جميعا جلست ليلة بجوار صالح وحاتم وقالت لحاتم بحنان:" العاقبة عندك حبيبي...."

قال لها وهو الأدرى باشتياق قلبها إلى الفرح به:" ادعي لي أمي...."

أما مريم فدلفت إلى حجرتها وتركت الصغار بالخارج يشاهدان التلفاز وما إن فتحت ضوء الحجرة بعد أن أغلقت الباب حتى وجدت يوسف يرقد في الفراش أمامها يلف ساقيه حول بعضهما وينظر لها نظرته المغوية المستفزة فأردفت وهي تعقد ذراعيها فوق صدرها

:"مالذي جاء بك الى هنا ظننتك حين اختفيت فجأة انك صعدت للأعلى...."

مد يده لها وهو لا يزال راقدا وأردف بخفوت:" تعالي ..."

ابتسمت ابتسامة ساخرة وأردفت متهكمة:" إلى أين ؟ اخرج خارج غرفتي يوسف غلطتك هذه المرة لا تٌحل بكلمة حلوة أو بأي شيء مما في ذهنك..."

رفع حاجبا واحدا وأردف بنظرة متسلية:" انا ليس في ذهني شيء ،يبدو أن ذهنك أنتِ هو المليء بالاشياء التي يبدو أنها غير بريئة ويبدو أن هذه الاشياء تسيطر عليكِ فتتخيلين أنني أنا من افكر فيها...."

لاحظت نظرة التسلية في عينيه والسخرية في نبرة صوته ولم تكن في هذا الوقت بالتحديد تتحمل أسلوبه هذا الذي حفظته فهو يعرفها وهي تعرفه، يعرف نقاط ضعفها وتعرف نقاط قوته وهو القادر في أي نزال بينهما أن يربحه بسهولة ورغم أنها لم تكن لتقبل عرضه مهما فعل إلا أنها ربما خافت من ضعفها أمامه ،أو ربما انتهزتها فرصة لتكسر غروره وعنجهيته وترد له ماسمعته بأذنها ومارأته بعينيها وأهانها بشدة كامرأة ...

ففتحت باب الغرفة على آخره وبسطت ذراعها قائلة بهدوء مستفز :"اخرج يوسف ،أنا طلبت الطلاق وإن لم أنله برضاك سأناله رغما عنك ...."

استقام جالسا في الفراش بعد أن فتحت الباب وقالت ما قالته والتوت عضلة فكه بشدة وظهر الغضب على ملامحه وأردف بعينين جامدتين

:"كل محاولات الصلح هذه ولم تلين رأسك؟ لماذا ماذا حدث لكل هذا ؟ ..."

قالت بعناد حديث العهد عليها وإن كان قديما موجودا ولكن بنسبة أقل بكثير:" ولن تلين رأسي وأصمم على ماقلته،والذي حدث أنني اكتشفت انني كنت طوال عمري معك اعيش في كذبة أنا من صنعتها وصدقتها،منذ البداية وأنت لم تكن تريدني وكنت تريد الزواج من أخرى لولا النصيب والان تعيد الكرة مرة أخرى في علاقة لا أعرف اولها من آخرها ولا لأين وصلت...."

كان صوتها قد بدأ يعلو فقامت ليلة مٌسرعة تلاها صالح وخلفهما حاتم والصغيران....

قال لها يوسف وهو يحاول كبح جماح غضبه لأقصى درجة :"لا ترفعي صوتك واصعدي إلى شقتك وانا أوضح لكِ كل شيء رغم إني أوضحت من البداية ولكن يبدو أنكِ تتلككين للمشاكل...."

"ماذا هناك ...."

قالها صالح بتوجس فأردفت مريم بنفس العناد وهي تشعر لأول مرة منذ فترة طويلة بجرأة أفكارها رغم جبن قلبها ولكنها قررت أن تحارب هذا الجبن :"أنا أجلس هنا بعيدا عنه وطلبت منك عمي الطلاق من قبل وهو يصر على تمثيل أنه لا يوجد شيء حتى أعود كما كنت ليعود هو الآخر كما كان....."

"حسنا يوسف أخرج الان واتركنا ...."

قالها صالح وهو ينظر إلى مريم نظرة عاتبة لم يلحظها يوسف ،فقط لاحظ أن والده سيفعل كما يفعل كل مرة ويحامي لها .....

وكأن بركان التمرد الذي انفجر بداخل مريم انتقل أثره بالتبعية ليوسف فما كان منه إلا أن قال لأبيه بنظرة حانقة وصوت قاسٍ :"هل هذا أخر شيء لديك يا حاج صالح ؟...قلت لك اكثر من مرة تدليك لها سيهدم كل شيء ولم تصدقني ...."

قال صالح بحاحبين معقودين وهو يلاحظ انفعال ابنه

"قلت لك أخرج الان يوسف "

"إن خرجت الان فسألبي لها طلبها وأنفذ رغبتها وأخرج من حياتها نهائيا ..." قالها يوسف بجدية شديدة ولمعة عين لا توحي بالخير....

لم يكن الصغار يفهمون شيء مما يحدث ولكن الخوف كان مرتسم على وجوههم فاحتضنت جنة زياد وما إن رأى حاتم ذلك حتى أخذهما إلى حجرته واحتضنهما يهديء روعهما.....

أما ليلة فقالت لابنها موبخة:" ماهذا الهراء الذي تقوله؟.."

قال بحدة وقد وصل انفعاله أقصاه وظهر جليا في نظرته الحارقة لمريم:" لقد زاد الأمر عن حده ثم أشار إلى والديه قائلا :وانتما السبب بالمناسبة ..."

قال له والده باستنكار وهو يشير بسبابته إلى نفسه :"نحن السبب!!!..."

صاح يوسف بغضب:" نعم ،لأن كلما حدثت مشكلة تأتيان في صفها إلى أن اقتنعت انها صاحبة حق وأنني ظالم...."

"وأنت لست ظالم ؟؟.."

قالتها مريم بغضب يماثل غضبه فقد تحول كلاهما لكتلة من الغضب في هذه اللحظة

التفت اليها وهو يقف أمامها متخصرا واردف بعينين جامدتين ونبرة حادة :"متى ظلمتك ؟ تعيشين افضل عيشة؛ تأكلين افضل طعام وتلبسين افضل ملابس؛ لستِ محرومة أنتِ وابناءك من أي شيء، معكِ بطاقة بنكية ما إن ينفذ مابها حتى يتجدد تلقائيا ...."

صاحت في وجهه بعينين تمتلأن بالدموع المحبوسة:"محرومة من أهم شيء وهو أنت ؛محرومة من كلمة حلوة منك وإحساس بالامان ، ثم صاحت فيه وهي تتذكر ما قرأته في المحادثة بينه وبين سندس :رغم أن هذه الكلمات والاحاسيس هي ما وجدتها في حديثك مع من كنت تحدثها، ثم أردفت بمرارة :حتى اليوم حين تسربت من بيننا وظننت أن لا أحد ينتبه لك عند الصائغ أعرف أنك كنت تحضر لها هدية ، امتلئت عينيها بالحقد قائلة :كنت كاللص حين تسللت من بيننا وانا رأيتك حين اشتريتها وحين قمت بدسها في جيبك، ثم أردفت بمقت :هذا بخلاف انك من الأساس تزوجتني وأنت قلبك مشغول بأخرى وهذا منتهى الظلم ..."

كان يناظرها بعيون جامدة فأردف وهو يناظر والديه ويشير بسبابته إليها:" أرأيتما ماتقول هذا أيضا بسببكما ...."

شعر صالح أن يوسف بدأ يهذي فأردف بصوت جامد :"تعال معي للخارج ..."

ولكن ليلة أردفت باستنكار:" لماذا بسببنا ما دخلنا نحن ؟.."

وكأن الإناء ضاق بما فيه فانفجر فكان انفجار يوسف الذي أردف بغضب:" لأنكِ لم تتصرفي بحكمة وقتها ؛ ما إن عرفتي بالأمر حتى هرعتي إلى أبي وقلتي له وتدخلتما في الأمر ولم تعطياني حرية الاختيار؛ وقتها كنت مازلت صغيرا وربما كنت أنا من نفسي لا أكمل الأمر ولكن برضاي لا بضغطكما؛هدر بغضب: ولكن لا لايصح لأبناء صالح عمران أن يخرجون عن الخط الذي رسمه له والدهم منذ أن كانوا صغارا ..."

اتسعت عيني صالح ولم ينطق،ترك يوسف يخرج ما في قلبه ،لم يعد يفرق شيء فمريم عرفت وانتهى الأمر أما أمه فتقدمت منه ولكزته في كتفه بغيظ وأردفت:" لم اتركك لأنني كنت أعرف أنها لا تناسبك ،لأنك ابني الذي حملت به وربيته يوم بيوم وأنا أدرى واحدة بطباعك ،

طوال عمرك ما يعجبك في البداية لايروق لك في النهاية ؛لم تكن نهال هذه مثلك ولا من ثوبك ولم تكن تصلح كزوجة ؛كنت أعرف أنك ستقضي وقتا معها وتأتي في النهاية تقول أمي لا أريدها تماما كما كنت تفعل دائما في أي لعبة تتمسك بها للوهلة الأولى ثم تزهدها فيما بعد؛

ثم صاحت فيه بحدة وكأنه عاد يوسف الصغير العنيد الذي تحاول رده إلى رشده : نهال من هذه التي تتذكرها حتى الآن وأنت أكثر مايثير جنونك المرأة التي تتفوق شخصيتها على شخصية الرجل؟...

أشارت بسبابتها إلى صدرها الذي تغلي بداخله أنفاسها وأردفت بحدة: وقفت أمامك ورفضتها لأنني أم؛ لأنني امك وأعرفك أكثر من أي شخص وأعرف أن سعادتك ستكون مع مريم وأنها المرأة الوحيدة التي تصلح لك والمرأة الوحيدة التي أحببتها بصدق لا بطيش الشباب...."

قال لها بعناد :"كنتِ تتركيني آخذ قراري بنفسي...."

صاحت بصوتِ عالٍ وقد فاض انائها بما يحويه هي الأخرى :"أمر وانتهى منذ زمن مالذي فتحه الان؟...."

فأردف بغضب وملامح متجهمة وهو يشير إلى مريم

:"هي من فتحت كل شيء بعنادها وغيرتها ؛هي التي لا تمرر شيء وأنتما تشجعانها وتأتيان دوما في صفها وأنتما من تشعراني دائما أنني لازلت صغيرا وأنكما الأدرى بمصلحتي رغم أنني أصبحت أب؛ دائما تريدان توجيهي لما يصح وما لا يصح ؛ماذا افعل وماذا لا أفعل .."

"انتهينا ليلة..."

قالها صالح بحزم وهو يرى انفجار ابنه الذي لم يكن يتوقعه ابدا

أما يوسف الذي أخرج كل ما في جوفه وقال كل ما كان يؤرقه منذ سنوات فأردف وقد استٌنزفت كل قوته حين أخرج كل مابداخله منذ سنوات :" كما قال أبي انتهينا؛ ثم التفت إلى مريم قائلا بانهزام : وأنتِ إن كنتِ تصرين على الطلاق ولا تتدللين كما كنت أظن لذلك كنت أتقرب منكِ فستحصلين عليه ؛لست أنا من يمسك امرأة رغما عنها...

ثم أردف بنبرة شديدة الجدية وبصوتِ رغم خفوته إلا أنه يحمل بين طياته أسف ولوم :طوال عمري وأنا أتجنب أن نصل معا إلى هذه النقطة حتى حين مسحت المحادثة ورفضت الحديث في الأمر لم يكن جبن ولا خوف بل كان تقديرا لكِ حتى لا نصل إلى هذه النقطة ولكنكِ أوصلتينا إليها ببراعة...."

كانت مريم لاتزال عينيها متسعتين عن آخرها بلا أي انفعال إلى أن أعطاها ظهره و تجاوز أمه.....

وما إن وصل إلى باب الحجرة حتى استدار إليها مرة أخرى ووضع يده في جيب سترته وأخرج علبة حمراء مخملية صغيرة وألقاها على الفراش فاستقرت في منتصفه قائلا بنظرة لأئمة قاسية:" كانت لكِ، لم تكن لامرأة أخرى سواكِ...."

ثم ابتعد بخطوات سريعة للخارج وفتح باب البيت وأغلقه بحدة فاردف صالح الذي كان في هذه اللحظة يشعر أن زمام الأمور انفلت بالفعل من بين يديه:" يبدو أننا جميعا ضغطنا عليه الفترة السابقة ...."

أردفت مريم بصوت مختنق:" انا أريد أن أبقى بمفردي قليلا ..."

أشار صالح بعينيه لزوجته فخرج كلاهما وليلة تشعر بالحرج من كل كلمة نطقها ابنها وصالح يشعر لأول مرة أنه حقا كان أداة ضغط على ابناؤه وبخاصة يوسف بما انه بكريه ،في هذه اللحظة شعر أنه يريد الاختلاء بنفسه ومراجعتها

يريد محاسبتها على كل لحظة في حياة ابناؤه فدلف إلى الشرفة المطلة على النيل وكان الليل قد بدأ في إسدال أستاره وأغمض عينيه وهو يمسح بكفه على شعره الذي اختلط سواده بالبياض وأخذ يسترجع كل لحظة له مع ابناؤه منذ صغرهم وكيف كان يريدهما رجلين؛وكيف كان حازما صارما

وكيف أخذ قرارات نيابة عنهما فقط لظنه أنها بصالحهما ....

أما ليلة فدلفت إلى حجرة حاتم وأخذت الصغيرين اللذين كان صوت الشجار العالي قد أصابهما بالرعب ،جلست بجوار حاتم على الفراش وضمتهما إلى صدرها قائلة :"لاتخافا أحبائي ...."

فأردف زياد بتساؤل والخوف يشع من عينيه اللتين تشبهان عين أبيه :"ماذا يعني طلاق جدتي ؟..."

اتسعت عينيها ثم ضمته إليها أكثر وأردفت بأسف:"سأقول لك فيما بعد حبيبي.."

أما مريم التي أغلقت الباب عليها بعد خروج الجميع فكان جسدها ينتفض؛ فالشجاعة التي أبدتها أمامهم كانت مزيفة ،والقوة التي ادعتها واهية،وطلبها للطلاق رغم أنها كانت جادة فيه ولكنه حتما لم يكن من قلبها ،جلست على طرف الفراش تحتضن نفسها بذراعيها ثم لاحت منها نظرة للعٌلبة المٌلقاة على الفراش فمدت يدها وتناولتها وفتحتها ببطء واتسعت عينيها وفغرت شفتيها حين وجدت سلسلة ذهبية متوسطة الطول يتدلى منها قلب بداخله مكتوب اسم مريم وترائت أمام عينيها صورته وهو عند الصائغ وتردد في أذنيها صدى صوته وهو يقول

(كانت لكِ ؛ لم تكن لامرأة أخرى سواكِ.....)
**********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-21, 05:07 PM   #653

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

وصل معتصم إلى البلدة وبينما تشاهد غالية الشبكة والزغاريد تدوي في البيت كله بفرح تمنته لسنوات رن هاتفه ووجده يوسف فانتحى جانبا ورد عليه فأردف يوسف بعصبية ما إن سمع صوته :"هل هناك نسخة من مفتاح شقتك مع أمن البناية؟..."
ضيق معتصم عينيه قائلاً:" أي شقة؟..."
"كم شقة عندك يا رجل؟ بالطبع لا أسال عن شقة بيت العائلة....."
قالها يوسف باستخفاف فأردف معتصم:" لا ،لا اترك المفتاح مع أحد هل حدث شيء لمَ تريد مفتاح الشقة؟..."
"حسنا سأذهب إلى أي فندق؛ اغلق..."
أدرك معتصم أنه حدث شيء بينه وبين أحد في المنزل فأردف بسرعة :"لالا انتظر أنا مسافة السكة وأكون عندك لاتذهب إلى أي مكان..."
أغلق معه وعاد إلى الصالون الذي تجلس فيه جميع النساء بما فيهن عنان وأردف لغالية :"سأذهب أمي وغالبا سأبيت بالخارج.."
قالت غالية وهي تمسك قطعة ذهبية بين يديها من قطع الشبكة :"إلى أين الان للتو اتيت..."
"لدي عمل أمي..."
لم يحب أن يقول إنه ذاهب الى يوسف لأن نعمة جالسة وربما تتوقع ما حدث
فقالت غالية:" حسنا حبيبي طمأنني فقط عليك..."
أما يمنة التي تجاهلها ولم يتكلف عناء اخبارها إنه ذاهب فأطرقت بوجهها أرضا بضيق...
عكس عنان التي رفعت عينيها اليه بنظرة خاطفة ثم أشاحت بوجهها بعيدا بعدها
أما عن نظرتها الخاطفة فكانت بها لمحة من غضب أو خوف
فمن خرجت منذ أشهر من تجربة كانت المغدور بها فيها فهل تأمن بسهولة لأي شخص؟..
لن تنكر أن الشك انتابها وحين قال إنه سيبيت بالخارج شعرت بالغضب الشديد يتمكن منها ووجدت ذهنها يقفز رغما عنها لمواقف مشابهة برماح حين كان يفعلها ولم تكن تنتبه وفي النهاية اكتشفت انها نفس الفترة التي تزوج فيها نسرين ....
وهي لاتعرف عن معتصم شيء....
لاتعرف عن حياته وأخلاقه شيء ولن تقبل باي إهانة من اي نوع لكرامتها
لذلك اشاحت بوجهها بعيدا عنه وهي تلوم نفسها أنها رضخت ولم ترفض الزواج منه وهو حين شعر بذلك ما إن خطى خطوتين حتى التفت لها مرة أخرى قائلا :"عنان أريدك دقيقة ...."
تطلعت إليه للحظة فدفعتها حليمة للقيام له فاستقامت وذهبت اليه فأشار بعينيه أن تتبعه حتى باب البيت وما إن توقفت على بعد خطوات أمام باب البيت المفتوح حتى قال لها بخفوت وهو يقف أمامها مباشرة:"حدثني يوسف للتو ويبدو أن هناك شيء فهو يريد مفتاح شقتي هناك لذلك سأعود..."
أخذت نفسا عميقا بارتياح ثم أردفت بتساؤل:" هل حدث شيء مع مريم؟.."
مال نحوها قائلا بمكر:" أعتقد انكِ تستطيعين الإجابة على هذا السؤال ...."
"كيف ؟.."
قالتها بتساؤل
فأردف وهو لايزال يميل نحوها :"هل تحدثتما في شيء اليوم ؟اشتكت مثلا مريم من يوسف امامكما ؟..."
قالت بنظرات بريئة كادت تفتك به:" نعم..."
أردف بنفس نبرته الماكرة:" وأنتِ هل قمتِ بنصيحتها ؟..."
جالت بعينيها الزيتونيتين الساحرتين يمينا ويسارا ثم أردفت وهي تناظره بجرأة:" نعم..."
ضرب كفه الأيسر بكفه الأيمن قائلا بمشاكسة ونظرة متسلية :"ها قد أصبتِ الهدف ويبدو أن نصيحتك أتت بثمارها..."
عقدت ذراعيها فوق صدرها ورفعت حاجبا واحدا فبدت أمامه كعنان ابنة السابعة عشرة التي وقع في بئر حبها ولم يخرج منه حتى الأن وكأن أحزان السنة الماضية مٌسِحت بممحاة فعاد إلى وجهها نضارته وإلى عينيها بريقهما وأردفت بتساؤل :" ماذا تقصد هل أنا مثلا سأعطيها نصيحة سيئة؟...."
قال لها بابتسامة جذابة :"لا طبعا أنتِ فقط دون أن تقصدي ربما تكوني شجعتيها على فعل شيء كانت تجبن من فعله؛ ثم أردف بتنهيدة قصيرة :الفكرة أيضا أننا كبشر لسنا كبعضنا عنان ؛أنا لست كيوسف وهو ليس مثلي؛ هو ليس سيء ولكن يحتاج اسلوب خاص في التعامل ..أنتِ شخصيتك غير شخصيتها ؛أنتِ جريئة طوال عمرك هي هادئة فإن نفذت نصائحك سيكون شيء غريب على شخصيتها هل تفهميني؟...."
ضغطت باسنانها على شفتها السفلى وقد شعرت بالندم ثم أردفت :"هل تظن أن هذا حدث ؟ حسنا سأحدثها..."
قاطعها قائلا :"أنا لا أعرف بالضبط ماذا حدث ؛انتظري حتى أذهب إليه وأعرف منه ثم أردف محذرا: ولا أحتاج أن أؤكد عليكِ ألا تقولي شيء أمام الجميع فنعمة تتابعنا الان وبالطبع ستسألك حين تعودين ..."
نظرت عنان خلفها لتجد نعمة بالفعل تدقق النظر فيهما فأردفت :"حسنا لا تقلق.."
قال لها وهو ينتظر فقط اشارة ليقترب منها :"هل احدثك هاتفيا في المساء ؟...."
أغلقت عينيها لثانية واحدة ثم فتحتهما لتشرق الشمس بعد غروبها وأردفت:" حسنا ،ثم أردفت بحرج: حتى أطمئن عما حدث مع مريم..."
ابتسم قائلا بعينين تشع منهما السكينة:" حسنا حتى تطمئنين على مريم ؛ثم اكتست ملامحه بالجدية قائلا وهو ينتزع نفسه من مكانه أمامها بقوة: سأذهب...."
اومأت له برأسها فخرج هو وعادت هي إلى مجلس النساء فأردفت نعمة بفضول ما إن رأتها :"هل هناك شيء يا ابنتي في عمل زوجك حتى يستدعونه هكذا يوم شراء شبكته؟.."
ابتسمت لها بسماجة قائلة :"لا أعرف؛ لم أكن اتحدث معه عن العمل...."
قالت بنفس الفضول :"عن ماذا إذن؟.."
قالت عنان قبل أن تشيح بوجهها بعيدا عنها:" في شيء آخر...."
**********
حين وصل معتصم إلى شقته وجد يوسف يجلس بالخارج على السٌلم يشرب سيجارة ويبدو من السجائر الملقاة بجواره أنه قد شرب علبة كاملة إلى أن جاءه معتصم ففتح فمه يهم بالكلام إلا أن يوسف قال له بصرامة:" لا أريد الحديث في أي شيء...."
رفع معتصم يديه للأعلى قائلا باستسلام :"لن أتحدث في شيء ثم فتح باب الشقة قائلا :ادخل ...."
فدخل يوسف إلى الشرفة مباشرة وجلس على المقعد واجما فجلس معتصم على المقعد المجاور له دون كلام يحترم صمته
تماما كما كان يجلس حاتم بجوار صالح في الشرفة يحترم صمته
***********
في الصباح
في مدرسة تعليم القران الكريم في قرية الشيخ شعيب الواقعة في شبه الجزيرة العربية جلس الشيخ أبو بكر بين طلاب العلم يعلمهم أمور دينهم ويحفظهم كتاب ربهم وسنة رسولهم فهو من ابلغ وأعلم شيوخ القرية
"عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ"
رتل الشيخ بصوته العذب فردد الطلاب خلفه
"عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ"
"عن النبأ العظيم "
ردد الطلاب خلفه ثم أردف ولد من الصف الأخير متسائلا:" النبأ العظيم هنا شيخنا يعني يوم القيامة مضبوط؟..."
قال الرجل باستفاضة ووجهه تشع منه هالة نورانية :"نعم بني...
يعني القول في تأويل قوله تعالى : عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عن أي شيء يتساءل هؤلاء المشركون بالله ورسوله من قريش يا محمد، وقيل ذلك له صلى الله عليه وسلم، وذلك أن قريشا جعلت فيما ذُكر عنها تختصم وتتجادل في الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإقرار بنبوّته، والتصديق بما جاء به من عند الله، والإيمان بالبعث، فقال الله لنبيه: فيم يتساءل هؤلاء القوم ويختصمون...
أخذ الشيخ يرتل قليلا ويشرح كثيرا وأخذ طلاب العلم ينهلون من بحر علمه الواسع إلى أن انتهى الموعد وهم الشيخ بالرحيل فرن هاتفه وهو يضع عبائته البيضاء فوق كتفيه فنظر فيه ليجدها رهف فابتسم ابتسامة عذبة ثم رد عليها وهو في طريقه لخارج قاعة الدراسة قائلا :"أهلا رهف كيف حالك يا ابنتي ؟..."
قالت له رهف التي كانت تجلس على المقعد المجاور لبهاء في كافيتريا المشفى:" اهلا عمي كيف حالك وكيف حال عمتي نوارة وجدي والجميع ؟...
قال الرجل وهو يقف في الفناء الواسع من المدرسة التي تحيطها المساحات الخضراء من جهة والجبال العالية من جهة أخرى:" بخير حال رهف..."
قالت له على استحياء :"هل تحدثت مع جدي في شيء؟...."
عرف مقصدها فأردف برصانة :"كما قلت لكِ وللطبيب رهف؛ جدك ربما يأتي باللين ولكن لابد أن نمهد له الطريق أولا وهو ارتاح كثيرا للطبيب وأنا اتفائل خيرا ولكني أرى أن ننتظر قليلا؛ أنا أرى أن زيارات بهاء له بدأت تقربهما من بعضهما ..."
"حسنا عمي ابوبكر كما ترى أنت تعرف أنا أثق في رأيك بشدة ..."
"جعلني الله عند حسن ظنك حبيبتي...."
أغلق معها وتمتم بخفوت وهو يتمنى من قلبه أن يفلح في مهمته(اللهم اجعلني خير مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون )
..........
أما هي فأغلقت معه والتفتت إلى بهاء قائلة:" كما سمعت.."
أومأ لها برأسه وهو يتطلع في صفحة وجهها بهدوء شديد يتأمل حسنها وتتأمل شروده الدائم
يريد أن يبني معها بيتا ويكون أسرة ويصنع حياة ويستقر على أرض ثابتة بعد أن اضناه الترحال
وتريد أن تمحي عنه غربة روحه وتكون له سندا ويكون لها حبيب العمر
ظلا على هذا الحال لفترة إلى أن جاء هادم لحظات وصالهما ومفرق اجتماعهما عمرو زكريا عمران ذلك الضلع الذي يكتمل به ثالوثهم
سحب مقعدا وجلس بجوار بهاء دون استئذان كعادته قائلا بسماجة:" ماذا تفعلان؟"
تخضب وجه رهف بالحمرة رغم أنها تعلم أنه يمزح وأردف بهاء :"ماذا تريد ايها الغليظ ؟.."
ابتسم عمرو قائلا :"متى موعد زيارتك للشيخ شعيب..."
قال بهاء:" بعد غد إن شاء الله...."
أردف عمرو وهو يأخذ كوب الشاي من أمام صاحبه والذي لم يكن قد مسه بعد :"وفقك الله يا صديقي..."
كان ثلاثتهم يتحدث كل منهم بلغة بلده الأصلية ولكن اختلاف اللغة والجنسية لم يصنع أي فارق بينهم بالعكس كان يجعل هناك تناغما بينهم وتكامل.....
رن هاتف عمرو الذي أمامه فوجدها مريم فابتسم قائلا وهو يهم بالقيام :"سأرد على أختي؛ استئذنكما..."
قال بهاء ساخرا :"نشكر الهاتف الذي سيكفينا شر تطفلك ..."
رفع عمرو حاجبا واحدا قائلا :"سأنهي المكالمة وأعود لاتفرح هكذا...."
ابتسمت رهف وكذلك بهاء الذي قال لها ما إن ابتعد عمرو:" أين توقفنا بالحديث؟.."
فأردفت بنظرة ساحرة :"لم نكن نتحدث من الأساس ..."
قال لها بصوت دافىء:"نعم ؛نسيت أن أحيانا الصمت بيننا يغني عن أي كلام....."
أما عمرو فما إن ابتعد ووقف أمام الواجهة الزجاجية للكافيتريا حتى رد والابتسامة تعلو وجهه:"مريومة حبيبتي كيف حالك ؟.."
وكأنها غريقة تعلقت بقشة فقد ابتسمت من بين حزنها ابتسامة صغيرة وأردفت بعينين دامعتين:"أهلا أخي ؛ كيف حالك عمرو؟...."
قال عمرو :"بخير حبيبتي ؛كيف حال قرودي الصغار اشتقت اليهما وإليكِ بشدة.."
قالت :"بخير حبيبي..."
"ويوسف كيف حاله؟...."
صمتت ولم ترد فلم يكن يحتاج إلى ذكاء ليعرف أن هناك شيء فتجمدت ملامحه وغابت الابتسامة عن محياه وأردف بعينين قاتمتين :"ماذا فعل مريم ؟..."
حين لاحظت تغير نبرته أردفت بتراجع :"لم يحدث شيء..."
"ستقولين أنتِ أم أحدثه وأعرف بنفسي أو أحدث أمي لأعرف؟..." قالها بتحفز وعينيه تتأججان غضبا قبل أن يسمع منها أي شيء
"لا لا أمي لا تعرف شيء..."
نجح في استدراجها فأردف بسرعة:"حسنا قولي أنتِ..."
اغمضت عينيها قائلة بيأس :"عمرو أنا لم استطع أن أقول لأمي لأنك تعرف ستقول لأبي وتقلب الدنيا ويحيى انت تعرف موقفه حساس لا أريد لأي مشاكل أن تحدث له بسببي ...."
"هل ستنطقين أم أحجز أول طائرة وأنزل أٌشبِع يوسف ضربا إلى أن يموت في يدي ..."
قالها بغضب فاختلج قلبها حين ذكر الموت على لسانه وحكت له كل ما حدث في الفترة الماضية ؛منذ صغرهم وهو الأقرب لها ؛فرق السن بينهما عام واحد ؛ كبرا معا وارتبط كلاهما بالآخر وكان متفاهما كثيرا ربما أكثر من يحيى وذلك نظرا لعدم تشدده ودراسته التي جعلته واسع الأفق مطلع على كل الثقافات......
ما إن انتهت حتى أردف عمرو بجدية:"هل أنتِ جادة في طلبك للطلاق؟..."
"لماذا؟..."
"لماذا ماذا؟ ردي على السؤال..."
"اسمعني عمرو أنا حقا بعد ما حدث غاضبة جدا منه وأشعر بجرح في كرامتي وأريد الابتعاد عنه ولكن لا أريد العودة إلى بيت أبي....."
قال لها بجدية "إن كان هذا فقط هو العائق فلا تحملي هما فكري جيدا وما إن تأخذي قرارك حتى تجديني أمامك ...."
اتسعت عينيها قائلة :"حقا عمرو...."
قال بنبرة حانية غمرت روحها بالسكينة "طبعا يا حبيبة عمرو وقتها سأعود وآخذ شقة لكِ وللأولاد وأقيم معكم..."
امتلئت عينيها بدموع التأثر وأردفت :"وعملك؟..."
"لا يوجد عندي أهم منكِ ؛ولكن كما قلت لكِ هذه الأمور لا تٌأخذ في لحظة ضعف أو غضب أو تهور لابد من التفكير بجدية فيها...."
"حسنا عمرو أعترف أنني حقا مشوشة ولكن لا تعرف كيف أثرت في كلماتك هذه..."
ابتسم قائلا:"أنتِ تعرفين مكانتك عندي مريم ؛ثم أردف باهتمام:خذي قرارك أنتِ فقط والكلمات ستتحول إلى أفعال ...."
أغلقت معه وجملة واحدة تتردد في ذهنها(سنشد عضدك بأخيك)
شعرت بعد مكالمته أنها ليست وحيدة وأن هناك من سيقف معها وأن الحياة لن تتوقف أبدا .....
أما هو فما إن اغلق معها حتى اتصل مباشرة بيوسف الذي كان يجلس بجوار معتصم في غرفة المعيشة يتناولان افطارهما وهو ما إن لمح اسم عمرو حتى أردف لمعتصم باقتضاب:"لا أريد أن أرد إن أردت رد أنت...."
تناول معتصم الهاتف قائلا بمرح:"أهلا بالطيور المهاجرة التي حلقت بعيدا ولا أمل في عودتها....."
امتص معتصم نذرا يسيرا من غضب عمرو فابتسم تلقائيا قائلا:"العريس ؛كيف حالك يا باشا ؟..."
قال معتصم بابتسامة مليحة:"بخير عمور ...."
فأردف عمرو :"أين صاحب الهاتف؟..."
تنحنح معتصم قائلاً:" نائم..."
فأردف عمرو وكانه بجوارهما :"افتح السماعة الخارجية اذن....."
رفع معتصم حاجبيه وقد أدرك أن الكذب لا يفيد وفتح السماعة الخارجية لهاتف يوسف قائلا:"ها قد فعلت..."
فأردف عمرو بحدة:"دون سلام ؛ إن كنت تظن أنك تستطيع فعل ما تريد مع أختي وأنه لن يتصدى لك أحد فاعرف أنني أنا من سيقف لك وإن اختارت مريم بكامل ارادتها الطلاق فسأطلقها منك وستأخذ أبناءها وتعيش معززة لا ينقصها شيء؛لقد ظننتك كبرت وعقلت ؛ أفعال المراهقين التي تقوم بها لا تليق بك اطلاقا وليست اختي من تقبل على نفسها البقاء مع رجل يبحث حوله عن النساء ..."
"هل انهيت محاضرتك؟..."
قالها يوسف بسخرية
فأردف عمرو بسخرية أشد :"ليست محاضرة يا مستر كازانوفا بل تنويه...."
قال يوسف بجدية وقد ترك الطعام واستند على الأريكة من خلفه:"لم لا تٌعقل اختك عوضا عن اشعال الحرائق يا مستر حريقة...."
قال عمرو ساخرا:"لم أرى امرأة في عقل أختي وحين تقول تعبت ولا استطيع التحمل فهي بالفعل وصلت إلى أخرها معك...."
تجهمت ملامح يوسف وهم بالرد ولكن معتصم لم يحب أن يتطور النقاش فأخذ الهاتف بسرعة وابتعد قائلا لعمرو:"أزمة وستمر عمرو أنت تعرف كلاهما لا يستغنى عن الآخر....."
أخذ معتصم في تهدئة عمرو أما الأخير فما إن أغلق مع معتصم حتى عاد بذهن شارد إلى صاحبيه وجلس بينهما بعقل غائب عما حوله وفي داخله صوت يعلو يقول:"يبدو أنه اقترب وقت العودة عمرو ؛لن تظل غريبا في بلاد غريبة طوال العمر وتترك اخوتك وتنسى دورك معهم..."
**********
في بيت محاسن
يجلس يحيى بين الفتاتين يُدرس لهما مالا يفهمانه بأسلوب سلس بسط المادة بالفعل بالنسبة لدينا أما أحلام فقد أحبت المادة أكثر ما إن بدأت تتابعها مع يحيى ؛ نظرت إليه وهو ينظر في الكتاب ويشرح لهما وأردفت بتساؤل:"أستاذ يحيى أريد أن أسأل في شيء...."
رفع عينيه نحوها وأردف بجدية مصطنعة :"اسألي أستاذة أحلام ؛ ثم استدرك قائلاً بنبرة مازحة ونظرة متسلية :المرء منا يأخذ البكالريوس ويواصل الدراسات العليا ليصبح مهندسا زراعيا وفي النهاية يُقال له أستاذ....."
وضعت قبضتها على شفتيها قائلة بجدية:"أعتذر بشدة لساني فقط غير معتاد..."
ابتسم ابتسامة جذابة أذابتها وأردف ببساطة :"أمزح أحلام ...."
هوى قلبها بين قدميها وهي تجاهد لمنع ابتسامة حالمة من الارتسام على وجهها وهي تتأمله وهو جذابا هكذا أمامها؛كل شيء فيه يجذبها....
طريقة كلامه ؛ملابسه المهندمة ؛نظرة عينيه ؛جديته ومزاحه ؛تشعر به طفلا رغم اتزانه....
:"نعود إلى سؤالك أحلام تفضلي...."
ابتلعت لعابها قائلة:"نسيت؛ نسيت السؤال فلنكمل الشرح..."
"كنت أتمرد على دينا من أجل غباءها فأحضرت لي أحلام التي لديها تشتت في التركيز سامحكِ الله أمي...."
قالها في نفسه ثم عاد يشرح لهما فانتبهت له دينا التي تريد بالفعل أن تخلص من هذه المادة أما أحلام فسبحت في بحر من الأحلام...
***********
كفراشة رقيقة كانت تحلق بين الزهور الملونة تمتص رحيقهم
اما عن الفراشة فكانت يسر وأما الزهور الملونة فكانوا صغارها في المدرسة وأما الرحيق فكان رائحتهم التي تشمها مع اقترابهم منها وملمس بشرتهم شديد النعومة الذي يدغدغ مشاعرها ؛
كان اليوم الدراسي قد انقضى وموعد الانصراف قد اتى وبقى القليل منهم وكان مهند الصغير اليتيم الذي يحبها لحنانها ولأنها تشبه أمه الراحلة وتحبه لتعلقه الشديد بها منذ اليوم الأول يجلس فوق ساقيها تتحدث معه وتضحك فمالت عليها نهلة زميلتها قائلة
:"أنتِ تميزين مهند عن الباقين يٌسر وهذا لا يصح...."
قالت يٌسر وهي تحتضن الصغير بشدة وتضمه بحنان دافق:" أنا احبهم جميعا ولكن مهند حالة خاصة ربما تعلقه بي ما يجعل معزته عندي أكبر ..."
كانت تتحدث هي ونهلة ولم تنتبه أن والد مهند له اكثر من دقيقة يقف ينظر إلى ابنه الغارق في حضنها باستسلام تام وعلى وجهه ابتسامة حانية
وجد الرجل أنه أطال في الوقوف فتنحنح قائلا :"مهند ...."
انتبه الصغير لوالده وقال ليسر بنبرته الطفولية المحببة :"أبي جاء اراكِ في الغد .."
ابتسمت له ابتسامة حانية تبعتها بقبلة على وجنته وأومات برأسها بابتسامة صغيرة للرجل الذي أخذ ابنه ورحل وهو يتعجب أن الصغير ارتبط بهذه المُعلمة بهذه الدرجة في فترة قصيرة ......
أما هي فرن هاتفها وكان يحيى قد أتى للتو من بيت خالته وقال لها
:"انا بالخارج هيا ..."
استأذنت من نهلة التي لم يتبقى معها إلا القليل من الأطفال وخرجت له .....
حين هلت عليه من على بعد خطوات كانت أشعة الشمس تسقط على وجهها فتضيئه أما بريق عينيها فكان يصنع هالة حولها فابتسم تلقائيا ابتسامة تخص فقط صغيرته وما إن أغلقت باب السيارة حتى مالت عليه وطبعت قبلة على وجنته قائلة :"اشتقت لك..."
أدار السيارة وأردف متهكما :"بدليل أنكِ لم تتصلي ولو لمرة واحدة..."
قالت له باحراج:"انت تعرف ما أن أدخل القاعة حتى انغمس مع الصغار وانسى نفسي..."
ابتسم وهو يُتابع الطريق أمامه قائلاً :" انغمسي حبيبتي كما يحلو لكِ المهم أن تعودي الى البيت وتتفرغين لي..."
قالت له وهي تستند برأسها للخلف :"لو تراهم يا يحيى وترى براءتهم وجمالهم ستقع في حبهم "
"انا واقع في حب واحدة فقط وليس عندي استعداد للوقوع مرة أخرى..."
قالها ببساطة شديدة فالتفتت تتأمل جانب وجهه و قسماته المليحة المحببة إليها وعينيه العسليتين اللامعتين تحت أشعة الشمس وأردفت بنفس راضية :"أما أنا فأشعر بطاقة حب رهيبة تكفيك وتكفي كل اطفال الكون..."
قال لها ضاحكاً :"وإن كنت طامعا وطلبت كل هذه الطاقة لي وحدي ؟"
قالت له بمكر :"إن تحملتها وحدك فهنيئا لك...."
"وهل انا أقل من أن اتحملها؟..."
قالها باستنكار
فأردفت بنظرة متسلية :"نجرب ...."
قال لها وهو يناظرها بإعجاب وقد استعادت هدوء نفسها وحلاوة روحها وخفة ظلها ومشاكستها
:"حسنا ياميس لنا بيت نقوم فيه باختبار القدرات وتحديد الطاقات هذا..."
قهقهت ضاحكة وظلا هكذا إلى أن وصلت إلى البيت وحين دخلا استقبلتهما غالية كعادتها في توديع الراحل واستقبال العائد ولم تتركهما إلا بعد أن تناولا الغداء مما طهت أم أيمن وهي تغمز ليسر في إشارة منها تعني(حتى لا تقفي وتعدي طعاما وأنتِ للتو عدتِ من العمل)
أما بالأعلى فما إن دلفا معا واغتسل كل منهما وارتدى ملابس النوم للاسترخاء قليلا كعادتهما بعد العمل حتى بسط يحيى ذراعه فنامت هي عليه قائلة :"هل أنهيت أعمال اليوم أم لا زال لديك أعمالا ؟"
قال لها :"سأخرج قبل المغرب ساعتين واعود باذن الله.."
قالت له وهي تسترخي فوق ذراعه :"كيف كان اليوم معك؟..."
"عادي،گكل يوم...."
قالت له وهي تسرح في تفاصيل يومها :"اليوم كان يوم مسرح العرائس لو تراني وأنا أقوم بتقليد الشخصيات الكارتونية ستموت ضحكا"
ابتسم وهو يضمها اليه يسمع لها بانصات ،لم تتحدث كثيرا فقد كانت حقا مٌتعبة ،كلمات بسيطة قالتها قبل أن يخفت صوتها ويسكن جسدها وتنتظم أنفاسها
أبعدها عنه قليلا قائلا بصوت خافت :"يسر هل نمتِ ؟ ..."
وجد عينيها مغمضتين فأردف وهو يمرر أصابعه في خصلات شعرها المتفحمة الناعمة :"يسر ألن نقوم بعمل اختبار القدرات و تحديد الطاقات ؟ يسر...."
لم ترد عليه وقد راحت في سُبات عميق فضمها إليه مرة أخرى وأغمض عينيه هو الآخر والهدوء المحيط بهما يساعدها على النوم العميق فغمغم بخفوت
"حسنا نؤجله لوقت لاحق فالميس مٌتعبة حاليا..."
**********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-21, 05:10 PM   #654

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

حين تُصاب بالحب دون أمل فأول الأعراض ستكون تشتتا وهذيان وهو أضناه التفكير وشتت ذهنه حتى أنه أصبح يقف في المصنع بين العمال بتركيز ضائع وخاصة بعد أن ابتعد يوسف عن البيت والعمل ،يشعر أن نصفه الأخر بعيدا عنه إلى جانب ضيقه على الصغار الذين يسألون عن والدهم ولا أحد يملك إجابة مقنعة لهما
حين انتهى من عمله وجد قدميه تسوقانه إلى مكانها مٌسيرا ليس مٌخير،نسى موقفه منها بسبب حالتها الاجتماعية ،لم يتذكر سوى أنها فقط حبيبته ......
حين خطى بقدميه داخل المطعم من بابه الرئيسي ألقى سلاما ودودا على محمد رده الشاب بمودة وجلس على منضدة بجوار الواجهة الزجاجية ينظر إلى الشارع بلا تركيز حقيقي.....
وحين خرجت رحاب ورأته يجلس هكذا تنبأت بسبب قدومه ولكنها ادعت الجهل حين اقتربت منه قائلة ببشاشة :"أهلا حاتم ...."
رد عليها التحية فأردفت بابتسامة صغيرة :"جئت مورد أم عميل ؟..."
"جائع ،جئت جائعا رحاب أين زهراء ؟ ..."
من كلماته ونظرات عينيه أدركت عظم ما وصلت إليه مشاعره فدق في عقلها جرس انذار فهي تعرف حاتم وتعرف زهراء وتعرف أنه لا يوجد أمل لأي علاقة بينهما
:"حاتم قلت لك من قبل أن زهراء ليست مثل أي فتاة عرفتها...."قالتها بنبرة محذرة
فثبت عينيه في عينيها قائلا ببرود :"وهل ترين أنني اتسلى بها مثلا؟ "
"حاتم انا ...."
قال لها بنبرة قاطعة "أنتِ لا تفهمين شيء رحاب ارسلي لي زهراء من فضلك هي تعرف طلباتي..."
ولته ظهرها ودلفت للداخل وأردفت بهدوء حذر لزهراء التي كانت تجهز طلبا لإحدى الطاولات بالخارج
:"اتركي ما بيدك حاتم بالخارج ويريدك ...."
انتعش قلب زهراء ما إن سمعت اسمه ولمعة الحياة برقت في عينيها بشكل لا ارادي
وحين استدارت لتخرج له وهي تٌعدل وضع ملابسها أردفت رحاب بنبرة محذرة :"انهي الأمر قبل أن يبدأ حبيبتي زهرة الطريق بينكما مؤصد بألف مفتاح...."
ابتلعت الأخيرة ريقها بصعوبة وأخذت نفسا عميقا ثم خرجت له دون رد على صديقتها....
حين اقتربت من منضدته لاحظت شروده وتصلب جسده فأردفت بصوت منخفض وهي تضع قائمة طعام اليوم أمامه :"مساء الخير؛ ماذا تحب أن تطلب ؟..."
"اجلسي زهراء ..."
قالها بنبرة آمرة وهو يرفع عينيه المتطلبتين الجائعتين إلى عينيها ؛كانت تحاول تنظيم أنفاسها لتتحدث بهدوء لا يعكس نذرا يسيرا مما يشتعل بداخلها لمجرد اقترابه الذي ينبئها أن الابتعاد آت لا محالة ووجوده الذي يخبرها أنها ستعدمه حتما؛
نظرت حولها ثم عادت إليه قائلة وهي تٌخفض عينيها عن عينيه :"كما ترى عندي عمل...."
قال لها بنفس النبرة الآمرة وبعينين أكثر جرأة
:"قلت لكِ اجلسي ولتباشر رحاب العمل في الدقائق التي ستجلسينها معي..."
حين لاحظت أن عينيه تحملان الكثير من الكلمات جلست أمامه مباشرة تعطي ظهرها لباب المطعم وأردفت بقلق:"ماذا بك؟..."
:"مٌتعب للغاية زهراء...."
لو بيدها لمسحت الحزن عن عينيه ولكنها لا تستطيع فأردفت بنبرة متعاطفة وقلبها تختلج دقاته:"سلامة قلبك من التعب ..."
مسته جملتها البسيطة بالفعل فقلبه هو المٌتعب بحبها ،المشتاق لوصالها
ثم أردفت بتساؤل وبين حروف كلماتها يشع حنانا اسرا :"مالذي يضايقك ؟...."
زفر زفرة حارة وأردف وهو يثبت عينيه في عينيها بطريقة تجعلها لا تحيد عنه:"هناك بعض المشاكل في البيت لا تخصني بشكل مباشر ولكنها تؤثر بالطبع إلى جانب أمور تخصني انا شخصياً فتؤرق مضجعي ..."
ضيقت ما بين حاجبيها تسأله بعينيها عن سبب الحيرة التي بعينيه وكانت لغة العيون هنا أبلغ من أي لغة أخرى؛ عينين بنيتين فاتحتين وعينين بنيتين داكنتين تشابهتا في نفس النظرة ونفس اللهفة ونفس الاحتياج....
منذ أن دلف إلى المطعم وأغاني هادئة تنساب من السماعات الجانبية في أركان المكان ولم يكن ينتبه لها إلى أن انسابت عبر أذنيه كلمات مٌعبرة بشدة وصوت دافيء يمس وترا في قلبه
كأنه ينطق بلسانه هو ويحكي قصة عشقه التي عششت في قلبه
عارفه.....
مش عارف ليه متونس بيكى وكأنك من دمى....
على راحتى معاكى وكأنك أمى مش عارف ليه

عارفه......
حاسس إنى لأول مره بشوفك.......
وإنى بشوفك من أول لحظه في عمرى....

حاسس إنى يمامه بتشرب فى كفوفك.......
وإنك شجره وضله وميه بتجري مش عارف ليه

مش عارف ليه متونس بيكى وكأنك من دمى....
على راحتى معاكى وكأنك أمى مش عارف ليه



وجد عيونهما هي التي تتحدث وهما يستمعان معا إلى الكلمات التي تجعلهما يُحلقان معا في آفاق رحبة ،غرق في بحر عينيها الدافئتين وسقطت في أسره وهي الغريقة منذ زمن في بحر من الضياع لم تجد من ينتشلها منه
وهاهو بنظرة واحدة طويلة معبرة يسحبها لينتهي بها المطاف أمامه غارقة في بحر من المشاعر الهائجة .....
ولم يكتفي حاتم بهذه المشاعر التي أثارها فيها ولكنه هو الآخر كان لا يتخير عنها.... كلاهما كان صريعا للهوى في هذه اللحظة ،حرب نظرات معبرة انتهت بكلمة واحدة نطقها لسانه بأمر من قلبه دون تفكير أو ارادة ،رددها بشفتيه لتخرج بوضوح شديد وصدق أشد
:"احبك زهراء ...."
حين خرجت الجملة القصيرة من بين شفتيه فعبرت أذنيها ومنها إلى عقلها ليترجمها إلى قلبها الذي اختض اتسعت عينيها وارتجف لا إراديا جسدها كله فسرت رعشة واضحة في يديها لاحظها حاتم الذي تأكد مما كان يشعر به الفترة الماضية من أن مشاعرها مشاعر بكر لا امرأة سبق لها الزواج وأن خلف ارتباطها وانفصالها في سنها الصغير هذا قصة كبيرة مؤلمة....
فمد يده ولامس أناملها بأنامله وردد ثانية بصوت منخفض عميق مؤثر صادق :"احبك...."
أما عن الجملة فقد رفعتها إلى السماء السابعة.....
أما عن اللمسة التي كأنها مست شغاف قلبها وحنايا روحها فسحبت يدها بسرعة كأن أفعى سامة قد لمستها ......
انتفض جسدها واستقامت واقفة وعقلها بدأ في إصدار صفارات الانذار التي تصدر في حالة الطوارئ وفرت من أمامه على المطبخ ومنه على الحمام الصغير الملحق بالمطبخ.....
أغلقت الباب واستندت عليه يظهرها وجسدها كله ينتفض اثر لمسته البسيطة....
يتراقص قلبها بين ضلوعها طربا خفيا وهو الذي حُرِم عليه العشق والهوى.... وتتراقص الدموع في عينيها ويختض جسدها انفعالا....
ترتجف شفتيها ولازالت الرعشة التي بعثها ملمس أنامله على أناملها فيردها عقلها إلى رشدها وهو الدخيل على كل مشاعرها الان وليس له مكان ولكنه يطوقها بطوق من التعقل والحكمة....
عرف أنه فاجأها بما قاله لذلك قدر موقفها حين تركته وما إن وضعت رحاب الطعام على المنضدة البعيدة نسبيا عن حاتم وأتت إليه قائلة باستفسار:"ماذا بها زهراء اندفعت للداخل بقوة ولم ترد علي حين حدثتها...."
استقام واقفا وأردف بابتسامة خفية حاول ألا يظهرها :"ربما نست الطعام على الموقد"
حين رأته قد وقف أردفت متسائلة :"هل طلبت الطعام ؟....."
رفع حاجبيه قائلا بطريقته التي تعرفها في التضليل :"لا رحاب أمي حدثتني وقالت أنها أعدت لي محشو الكرنب الذي أحبه وأنتم اليوم ليس لديكم محشو ثم ولاها ظهره قائلا: اراكِ لاحقا...."
خرج وتركها وهي تشعر أن هناك شيء حدث وأنه يلاوعها في الكلام فدلفت للداخل تطرق باب الحمام فأردفت زهراء بصوت هارب منها وهي لاتزال على نفس وضعها :"دقائق رحاب وأخرج...."
**********
في الصباح
وقفت خلف الشرفة الزجاجية المطلة على النيل في حجرتها تتابع شعاع شمس الصباح المنغمس في ماء النهر الجاري أمامها......
دائما ما يعدنا شٌعاع شمس الصباح وعدا صادقا بيومِ جديد مٌحمل بهدايا ربانية ، يحمل وعدا بيوم أفضل وغد أفضل ومستقبل أفضل ....
كانت تحتسي النسكافيه الدافىء ببطء شديد وبقايا من ماض ليس بالبعيد تفرض نفسها على ذاكرتها رغم رفضها هي لهذه الذكريات السيئة وتمنيها لأن تُمحى هذه السنوات من عمرها بممحاة...
وحاضر ومستقبل غامض وجدت نفسها منساقة اليه دون رغبة أو ادراك ....
حين يريد الله أن يغير اقدارنا يضعها أمامنا مباشره، يجعلنا نخطو تجاهها بلا تفكير، يسبب الأسباب ويسخر العباد ويهيىء الأجواء وكل هذا حدث في الايام القليلة الماضية لتجد نفسها فجأة بعد أن فتحت باب شقة معتصم أصبحت ببساطة زوجته
زوجة معتصم الرحماني الذي رغم أنه ابن عمتها إلا أن الظروف لم تجعلها تعرف عنه الكثير
أغمضت عينيها قليلا وهي تتذكر مكالمته لها من يومين يوم شراء شبكتها وبعد أن حدثه يوسف وذهب اليه .....
كانت عنان تجلس بين أبيها وأمها وأختيها في حجرة المعيشة يتناولوا العشاء في جو هادىء لايخلو من شغب مودة حين رن هاتف عنان لتجده معتصم
قال يونس :"من عنان؟...."
قالت بحرج:" معتصم أبي..."
قالت حليمة بوجه أضاء بعد أن اطمأنت على ابنتها بعقد قرانها واقتراب زواجها وهي التي كانت تحمل همها :"ادخلي حجرتك وردي عليه هنا ضوضاء عالية..."
استقامت عنان وردت عليه وهي في طريقها لحجرتها قائلة بلهجة رسمية
:"أهلا معتصم...."
:"أهلا يا روح معتصم...."
رددها قلبه تلقائيا ثم تمتم لسانه ب:"أهلا عنان ...."
كان يرقد على الأريكة في حجرة المعيشة أمام التلفاز المفتوح بينما يوسف بالداخل نائم بعد أن استٌنزِفت طاقته كلها في مواجهته الصادمة مع الجميع....
أغلقت هي باب غرفتها وجلست على طرف الفراش وأردفت باهتمام :"ماذا حدث بين يوسف ومريم ؟..."
أخذ معتصم نفسا عميقا وقص عليها ما حدث باختصار فشعرت هي بالحنق من يوسف والحزن على مريم وشيء آخر تحرك بداخلها أشعلها رغبة في حرق كل رجل خائن حيا فأردفت بغيظ وهي تجز على أسنانها :"قلت لها أن تطلب الطلاق وتصر عليه ؛امثال يوسف هذا لا يستحقون البقاء على ذمتهم يوم واحد اضافي...."
رفع حاجبيه دهشة من موجة غضبها التي شعر انها انتقلت عبر خط الهاتف المفتوح بينهما،ولكنه في ثانية واحدة تفهم الوضع
لن يجادل ويتجاهل عقدتها التي تكونت من تجربتها
لو يستطيع أن يمحي هذه التجربة من عقلها لمحاها ولكنه كان يعرف من البداية أن النار لا تزال مشتعلة بداخلها وهذا ما كان يلفت نظر غالية له ولكن الظروف هي التي كان لها الكلمة الأخيرة في هذه القصة التي لا يزال يبدأ أو سطر فيها
تجاهل معتصم نبرة الغضب هذه وأدرف بهدوء :"عنان ، مريم ليست صغيرة وتستطيع أخذ قراراتها ،كما أنني لم أتصل لنتحدث عن يوسف ومريم...."
هدأت حدة صوتها دفعة واحدة وأردفت :"لمَ اتصلت إذن ؟...."
قال لها بابتسامة صغيرة وهو يراها هكذا كقطة مشاكسة :"أردت أن اتحدث معكِ قليلا قبل أن أنام...."
اتسعت عينيها ولم تنطق فأردف هو باهتمام :"وأسالكِ عما تريدين قبل الزفاف فالوقت ضيق ،أنا سأعطي مفتاح الشقة لخالي يونس لتصعدي وتشاهديها وأي شيء تريدين تغييره نغيره وأي شيء ناقص بإذن الله سأحضره"
قالت له وهي تشعر بسكون روحها:" حسنا..."
ومن داخلها غير مقتنعة بهذه السرعة التي تسير بها الأحداث
فأردف هو بصوت خرج من أعماق قلبه :"عنان..."
:"نعم ..."
:"سآتي في الغد بإذن الله أريد أن اراكِ...."
أغلق معها ولم يطول بينهما الكلام ؛كان يكتفي منها بالقليل فهو أكثر من يدرك أن أول الغيث قطرة ؛وأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ؛ يعرف أن طريقه طويل ورصيده عندها قليل ؛وأنه ليثبت حبه في حاجة إلى برهان ودليل .....
جاء مساء اليوم التالي ولكنها لم تراه حين طلب من يونس أن يصعدوا إلى شقته؛ لم يرضى يونس لعنان أن تصعد ؛ أخذ حليمة ووصال فقط وقال بالحرف لحليمة مشددا
(عنان لا تصعد للأعلى الا يوم زفافها لا أريد لنعمة أن تجد ما تتفوه به ؛هل تسمعين؟ ....)


انتبهت عنان من شرودها على صوت باب الغرفة الذي فتحته مودة وهي تندفع للداخل قائلة بابتسامة متسلية :"هناك من يريدك بالخارج أختي الحبيبة..."
قالت عنان بتساؤل :"من ؟...."
رفعت مودة حاجبيها قائلة بعينين تلمعان بشقاوة:"حضرة الضابط...."
"معتصم ؟ ..." قالتها عنان بتساؤل
فأردفت مودة بتهكم :"هل يوجد ضابط غيره ؟..."
بعد أن ارتدت عنان إسدال صلاتها ذو اللون الزيتوني المزينة أطرافه بورود صغيرة بلون وردي خرجت إلى غرفة المعيشة ولكنها لم تجده بل وجدت باب الشقة مفتوحا ومودة تخرج من المطبخ تحمل القطة بين يديها فأردفت عنان :" ماذا تفعل بوسي هانم هنا ؟.."
قالت مودة وهي تمسد على شعر القطة بحنان :"نزلت خلف معتصم..."
"وأين معتصم ؟..."
"بالخارج ...."
فتحت عنان باب الشقة الذي لم يكن مغلقا كليا لتجده يقف أمامها يرتدي حلة أنيقة بلون كحلي وتحتها قميص بلا رابطة عنق بنفس درجة لون حلته ويبدو أنه أخذ حماما منعشا للتو من رطوبة شعره ورائحته العطرة التي أصبحت تتعرف عليها بسهولة ؛
قالت له عنان وهي ترفع عينيها إلى عينيه :"لمَ لم تدخل ؟..."
:"صباح الخير ...."
قالها وهو يتأمل كل انش في وجهها الذي هو الخير نفسه.....
ابتسمت ابتسامة حلوة قائلة :"صباح الخير ؛لمَ لم تدخل؟..."
نظر في ساعته قائلا بلهجة عملية:" تأخرت على العمل كنت سأقول لكِ شيء وأرحل مباشرة ..."
انتظرت أن ينطق ولكنه كعادته ما إن ينظر في وجهها يغيب العقل قليلا ويضيع قاموس الكلمات فأردفت متسائلة وهي تدقق النظر فيه بعينيها الواسعتين
:"ماذا كنت تريد أن تقول؟...."
تنحنح قائلا وهو يُخرِج من جيبه بطاقة بنكية:" هذه لكِ وضعت لكِ بها مبلغ لتشتري كل ما ينقصك .."
لم تمد يدها وأردفت وهي تشعر بداخلها بالاحراج :"أبي سيحضر لي ما أريد .."
قال لها بنظرة حازمة ونبرة جادة :"من اليوم أنا من سأحضر لكِ ما تريدين عنان لقد أصبحتِ زوجتي وكل ما تحتاجينه أنا مُلزم به ...."
قالت له وهي لا تزال تشعر بالحرج أن تمد يدها له :"أنا من الأساس لست محتاجة لأشياء كثيرة ابي وامي قالا إن الشقة بها كل شيء عدا أجهزة بسيطة سأذهب مع أبي وأمي في الغد لنشتريها ولدي ملابس كثيرة لن أحتاج أيضا للكثير ..."
تجمدت نظرته قليلا ولاذ بالصمت ثم قال لها وهو يمسك كفها ويضع فيه البطاقة
:"خالي يشتري ما يريد وهذه لاحتياجاتك أنتِ الشخصية وملابسك وكل ما تريدين ،جذبها من يدها التي بها البطاقة برفق وأشار لها لتجلس على أول درجة من درجات السلم وجلس بجوارها مباشرة فشعرت بضربات قلبها قد ازدادت الضعف وهي تجلس في مواجهته هكذا فأكمل هو بنظرة حازمة لا تعرف إن كانت غيرة أم شيء آخر ......
:"عنان كما قلت لكِ يوم شراء الشبكة على ذهبك القديم سأقول عن كل شيء ؛لا أريدك أن تأخذي معكِ أي شيء قديم حتى لو كان جديدا ....
كما قلت لكِ اشتري كل ماتريدين ثم نظر إليها نظرة ثاقبة قائلا :أريدك أن تشتري ملابس جديدة من أكبر قطعة إلى أصغر قطعة هل تفهميني؟ .."
احتقن وجهها وضربت الدماء فيه بشدة ولم ترد عليه فأردف :"ولا تفكري أن تحضري إلى البيت اي شيء من محتوياتك التي بشقة عمرو....."
أومأت له برأسها فهي حقا لم تكن تنوي ذلك ثم قالت له بحيرة:" لا أعرف ماذا سأفعل بكل هذا ؟..."
قال لها بعدم اكتراث :"قومي ببيعه أو تصدقي به أو اتركيه لإحدى اخوتك صمت قليلا ثم أردف : عامة لا تحملي همهم سأقول لخالي أن يتصرف فيهم لأن عمرو بالطبع سيحتاج شقته فارغة ...."
أسبلت أهدابها وهي تشعر بالخوف من حياتها القادمة وفجأة وجدت ما يحتك بظهرها فنظرت خلفها لتجد القطة فابتسمت وهي تحملها بيدها وتضعهاعلى ساقيها قائلة
:"لمَ أنزلتها ؟..."
قال مبتسما ابتسامة جذابة وهو ينظر إلى قطتيه المتشابهتين :"ملت من الجلوس بمفردها إلى جانب أنني لن اتواجد كثيرا في البيت الفترة المقبلة حتى اترك الشقة لعمتي حليمة لترتب ما تريده ثم أردف بتساؤل: ألن تصعدي معها لترتيب اشياءك بنفسك؟..."
مطت شفتيها الجميلتين وأردفت وهي ترفع عينيها للأعلى:" أبي منعني من الصعود نهائيا حتى لا تقول عمتي نعمة أي شيء ،أمي ووصال ستتوليان الأمر ..."
قال لها :"حسنا كما يريدون المهم اهتمي ببوسي في غيابي .."
سألته سؤالا احتارت فيه منذ أن رأتها:" ولمَ أحضرتها ما دمت لا تتفرغ لها ؟ أنت حقا تأتي عليك أيام لا تدخل فيها البيت..."
قال لها وهو يمسد على شعر بوسي التي تجلس بينهما :"بالصدفة كنت عند صديق وكان لدى والدته قططا كثيرة وحين هممت بالرحيل وجدتها تتعلق في ساقي ؛قالت لي والدته أن آخذها مادامت تعلقت بي وعرفت انها جديدة عندهم وقططها القديمة تضربها ولا تنسجم معها ؛شعرت بالشفقة عليها فأخذتها ...."
اتسعت عينيها قليلا وهي تحول نظرها ما بينه وبين القطة ،هل هو قلبه رحيم إلى هذه الدرجة؟
قال لها حين لاحظ الحيرة في عينيها:" ماذا هناك؟..."
قالت له :"أشعر فقط بالحرج من الجلوس هكذا على السلم ماذا سيقول أي أحد يرانا هكذ؟.."
رفع حاجبيه وأردف بابتسامة مشاكسة:"ماذا فيها ؟ اتفق بعض الأئمة على أنه يجوز..."
قالت وهي تعقد حاجبيها بعدم فهم :"ما هو الذي يجوز؟.."
قال بابتسامة متسلية وعينين يشع منهما دفئا غريبا عليها:"جلوس الرجل وزوجته متجاورين على السلم...."
لم تستطع منع ابتسامة حلوة من الارتسام على وجهها كله أذابته حد الانصهار؛ثم
عادت إلى ملامحها سكونها مرة أخرى...
بالطبع يشعر أن بينهما جبلا من الجليد ؛ فلا هي تعتبره حبيبا ولا هو يستطيع البوح بما في قلبه
فليس هو بالرجل الخفيف الذي يجاهر بحبه وهما مازالا في بداية الطريق ويعرف أنها لا تكن له سوى الارتياح والقبول .....
قال لها وقد ظن أن سكونها المفاجيء بسبب اقتراب موعد الزواج
:"الا زلتِ لا تتقبلين أمر الزواج السريع هذا ؟...."
قالت له بصدق وهي تثبت عينيها في عينيه :"قلت لك أنني الان لست في أفضل حالاتي ولن أخفيك سرا قلت لابي وأمي أن نكتفي بعقد القران الان ولكن أبي لم يوافق...."
أغمض عينيه قليلا وأخذ نفسا طويلا وأخرجه ببطء ثم أردف بهدوء عكس ضيق صدره لضيقها :"كما قلت لكِ عنان الوضع العام لا يتحمل تأجيل ثم أردف بعينين متسائلين فشعرت به في هذه اللحظة كطفل صغير :مالذي تخافين منه بالضبط ألم أعدك أنني لن اضغط عليكِ في أي شيء...."
أومأت له برأسها إيجابا
فأردف هو :"مالذي جد؟...."
لم ترد عليه فوجد خاطرا يقفز في ذهنه فجأة اصابه بالرعب فأردف قائلا لها وهو يقترب قليل منها لتصبح المسافة الفاصلة بينهما قليلة للغاية حد تلامس ساقيهما
:"أريد أن أسألك سؤالا وتردين ردا صادقا صريحا عنان...."
اكتست عينيها بالجدية والاهتمام وقالت:" اسأل..."
ابتلع لعابه بصعوبة وأردف بصوت ثابت لا يعكس اضطرابه الداخلي :"هل كنتِ تشعرين بي قديما كأخ لكِ؟..."
ضيقت عينيها الزيتونيتين بتعجب لسؤاله فأكمل بصوت هارب منه ولكنه حافظ على ثباته:"دائما كانت وصال ومودة تقولان لي هذا الأمر ؛هل هذا هو أيضا شعورك تجاهي وهذا ما يقف عائقا أمامك؟.."
تعجبت من سؤاله،وكان يشعر بالخوف من اجابتها فأردف بصوت خشن خرج من حلق جاف:" تكلمي بصراحة..."
قالت له ببساطة شديدة وصراحة أشد وهي تشبك أنامل يدها معا :"صراحة لم أشعر بهذا الشعور من قبل كنت دائما بالنسبة لي ابن عمتي ؛ثم اكتست عينيها بالجدية قائلة:ولكني للحق لم اتعرف عليك جيدا ولكن كان دائما انطباعي عنك بأنك شخص جيد ثم رفعت سبابتها قائلة :رغم غموضك...."
زفر نفسا حارا طويلا لفحت حرارته وجهها فابتعدت قليلا ولكنها لم تجد سوى الحائط خلفها يٌلجم هروبها فأردفت بأنفاس مضطربة لتداري خجلها:غموضك وحدتك لقد كنت حادا كثيرا ونحن صغار وكنت دائما ما تضربني..."
ارتسمت على شفتيه ابتسامة متسلية وأردف بهدوء:"جاءتك فرصتك لتأخذين حقك إذن...."
ازداد خجلها أضعافا ولم تجد ردا مناسب فصمتت فإن كانت هي ملكة قصف الجبهات فعند كلماته تقف عاجزة عن الرد....
أما هو فشعر بالراحة ،فقط الراحة لاغير ولم يحب أن يبدو أمامها مراهقا فلاذ بالصمت ؛يكفي أنهما يجلسان على السٌلم كشابين مراهقين هكذا .....
لا ينكر أن هذه الجلسة رغم حرجه منها إن رأهما أحد تروق له فهذه كانت أمنيته التي تمناها كثيرا كلما مر بجوار باب بيت خاله حين كان شابا .....
شبك أصابع يده ببعضهم وأردف بملامح مسترخية بعد أن كانت متشنجة منذ قليل رغم محاولاته الظهور بعكس ذلك :"حسنا وهذا شيء جيد أي أنكِ كما اتفقنا فقط تريدين مهلة تؤهلين فيها نفسك لحياة جديدة؟.."
أومأت برأسها إيجابا فأردف هو بملامح رغما عنه كانت معبرة عما في قلبه:" أنا معكِ إلى أن نصل معا إلى هذه المرحلة ..."
نظرت إلى عينيه اللتين ترى بهما صدقا وألفة مع الكثير من الغموض،الكثير من الكلمات المبهمة وأردفت بابتسامة صغيرة وإن كانت متوترة:"بإذن الله..."
"ليس لديك وقت للدخول ولديك وقت للجلوس على السلم يا حضرة الضابط؟"
كانا كمن يجلسان بداخل فقاعة وردية ولم يخرجهما الا صوت مودة التي لم ينتبه أحد متى خرجت لتجدها عنان فوق رأسها مباشرة فأردف معتصم وهو يرفع عينيه نحوها :"الكلام أخذنا فقط يا لمضة وأنتِ ألن تذهبي إلى الجامعة ؟.."
قالت له :" سأنزل حالا السيارة تنتظرني ..."
دلفت للداخل فأردف معتصم وقلبه لا يطاوعه لأن يتركها "سأذهب أنا ..."
لم يكد يتم جملته حتى وجدا يحيى ويسر أمامهما وكل منهما على وجهه ابتسامة متسلية فاستقام معتصم واقفا تبعته عنان فأردف يحيى متهكما:"لمَ قمتما كنا سنمر من جواركما دون أن تشعرا..."
شعرت عنان بالخجل من كلمات يحيى أما معتصم فوضع يديه في جيبي بنطاله وقال ليحيى بوجه ملامحه مسترخية :"حسنا تفضلا..."
رمق يحيى عنان بنظرة متسلية ثم مر تلته يسر التي غمزت لعنان بعينها ثم كورت قبضتها في حركة مشتركة بينها وبين معتصم فأخرج يده من جيبه وكور قبضته ليضرب بها قبضتها في نفس اللحظة التي التفت فيها يحيى خلفه ليرى المشهد فصاح فيها بحدة:" هيا تأخرنا ...."
فنزلت خلفه جريا وما إن نزلا للاسفل حتى أردف بنظرة حادة :"كم مرة قلت لكِ أن تلزمي حدودك؟..."
قالت له بمزاح وهي تتعلق بذراعيها في ذراعه فهي ليس لديها أي نية لنزع اليوم من بدايته :"ماذا فيها هذا معتصم ...."
فنظر إليها نظرته الحادة وتركها واسرع الخطى ليصافح غالية قبل خروجه فأسرعت خلفه نحو غرفة جدتها....
أما بالأعلى فأردف معتصم لعنان :"هيا ادخلي؛ ثم نظر إلى البطاقة البنكية التي في يدها قائلا :وكما قلت لكِ اشتري كل ماينقصك الرقم السري للبطاقة**** "
ابتسمت له ابتسامة صغيرة قائلة :"حسنا اشكرك ...."
فأخرج من جيب سترته علبة ورقية مستطيلة بها أربع قوالب من الشوكولاتة التي تحبها وأردف وهو يمد يده لها بملامح عادية :"أحضرتها لكِ...."
مدت يدها وأخذتها منه دون كلام واتسعت ابتسامتها وهي تنظر اليها بوله ....
كانت ابتسامتها جميلة مثلها طالت عينيها حتى أنه رأى الشمس كأنها تشرق من مقلتيها الزيتونيتين اللتين تشعان بطاقة رهيبة وشعاع شمس الصباح( الذي يتسلل من النافذة الموجودة خلفهما والمطلة على باحة البيت الخارجية )
ينعكس على وجهها كله فلم تكن الشمس فقط تشرق من عينيها بل كان وجهها كله الشمس التي أضائت حياته .....


نهاية الفصل



قراءة ممتعة بإذن الله


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-21, 05:45 PM   #655

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 123 ( الأعضاء 18 والزوار 105)
‏Heba aly g, ‏Ghada A zoudeh, ‏Shimaa12312, ‏نهى خيرى, ‏s2020, ‏سيفينا, ‏وفاء غانم, ‏Marwahr, ‏سهام سليمان, ‏Zineb Mb, ‏عبير سعد ام احمد, ‏ادم الصغير, ‏Abcabc, ‏إشراقة الشمس, ‏Nora372, ‏هدى دوش, ‏سلمئ سالم عوض, ‏دينا هشام محمد

جولتا likes this.

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-21, 05:57 PM   #656

jehan

? العضوٌ??? » 74469
?  التسِجيلٌ » Jan 2009
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » jehan is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور في انتظار الفصل

jehan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-21, 06:06 PM   #657

عبير سعد ام احمد
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبير سعد ام احمد

? العضوٌ??? » 351567
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » عبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل روعة برعاية معتصم وعنان
أربع قولب شوكولاتة مروة واحدة
تسلم ايدك هبه


عبير سعد ام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-21, 06:08 PM   #658

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 160 ( الأعضاء 29 والزوار 131)
‏Heba aly g, ‏دينا هشام محمد, ‏نهى خيرى, ‏آية العيسوي, ‏Monya05, ‏Ahom, ‏jehan, ‏remokoko, ‏رسوو1435, ‏علوش البازي, ‏سوهي (زهور الربيع), ‏أميرةالدموع, ‏أمل سند, ‏سيفينا, ‏بوسي موني, ‏ولاء مطاوع, ‏إشراقة الشمس, ‏Ghada A zoudeh, ‏Shimaa12312, ‏s2020, ‏وفاء غانم, ‏Marwahr, ‏سهام سليمان, ‏Zineb Mb, ‏ادم الصغير, ‏Abcabc, ‏Nora372, ‏هدى دوش, ‏سلمئ سالم عوض


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-21, 06:19 PM   #659

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هداية ايمان مشاهدة المشاركة
فصل رائع وقلم مبدع، ماشاء الله عليك. لي زمن لم أجد رواية تناسب ذوقي و اختياراتي والحمدلله وجدتها اخيرا.واصبحت انتظر موعد الفصول بلهفة. دمت مبدعة ومتالقة
سعيدة جدا أن روايتي راقت لكِ حبيبتي 💖
نورتيني ويارب الانطباع يدوم للنهاية ❤️


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-21, 06:20 PM   #660

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احسان مروان مشاهدة المشاركة
ا 💕💕💕💕💕💕
تسلم اديك فصول رائعة واحداث بالرغم من وضوحها ووضوح شخصياتا بس قمة في الاثارة والاحاسيس
الغموض الي ناطرنا من الشخصيات الواضحة مشوق كتير كتير ناطرين شو رح يصير ❤❤
اهلا بيكي حبيبتي نورتيني 🥰 واسعدني جدا انطباعك ويارب يدوم لآخر كلمة في الرواية ❤️


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:53 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.