آخر 10 مشاركات
في محراب العشق "مميزة","مكتملة" (الكاتـب : blue me - )           »          حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          وخُلقتِ مِن ضِلعي الأعوجُا=خذني بقايا جروح ارجوك داويني * مميزة * (الكاتـب : قال الزهر آآآه - )           »          62 - قل كلمة واحدة - آن ميثر - ع.ق ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          62 - قل كلمة واحدة - آن ميثر - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          [تحميل] لمحت سهيل في عرض الجنوب للكاتبه : ؛¤ّ,¸مــشـآعلـ¸,ّ¤؛ (جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          411 - سارقة القلوب - جاكلين بيرد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          8 - نداء الدم - آن ميثر (تم تجديد الرابط ) (الكاتـب : pink moon - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree66226Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-06-21, 10:39 AM   #3751

ابتسام عبدالله
 
الصورة الرمزية ابتسام عبدالله

? العضوٌ??? » 378394
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 199
?  نُقآطِيْ » ابتسام عبدالله is on a distinguished road
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اسعد الله صباحكم بكل خير

ابتسام عبدالله غير متواجد حالياً  
قديم 24-06-21, 10:43 AM   #3752

منـال مختار
 
الصورة الرمزية منـال مختار

? العضوٌ??? » 477586
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,015
?  مُ?إني » المملكة العربيه السعودية
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » منـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond repute
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 750 ( الأعضاء 109 والزوار 641)
‏منـال مختار, ‏zsa89, ‏خالد_, ‏ربي اسألك الجنة, ‏امازد نجد, ‏شذاء, ‏اريج شيماء, ‏اللؤلؤة الوردية, ‏خيال السراب, ‏rewerrewe, ‏درة الاحساء, ‏تفاحة فواحة, ‏غرامي الدلوعه, ‏zaina94, ‏تناهيد المحبة, ‏رذاذ الغيم, ‏عز ومهابة, ‏زينبوووو, ‏أصداف_, ‏أفنان محمد., ‏bshoor15x, ‏مكاويه أصيله, ‏بيادر مطرجي, ‏Glories1, ‏ليلوسا, ‏kholod1, ‏آمال موضي, ‏هبه سمير, ‏قلبي اخضر, ‏ام عهد وعلي, ‏طلسومه, ‏عشق القلم, ‏مهيف ..., ‏أم بثينه, ‏queen to00ofy, ‏راء!, ‏الشهيده, ‏عبَق الخُزامى, ‏تجي نلعب, ‏khwlahal, ‏اطلانتس, ‏كاردي, ‏دُجى., ‏امم غنى, ‏بين الوجود والعدم, ‏منظرتي, ‏مريوش, ‏وعدي الابدي, ‏الغيّد, ‏Hohoo, ‏نورسسين, ‏هامة المجد, ‏الحبتورية, ‏safa2018, ‏جواهر 2006, ‏ward77, ‏Electron, ‏ابتسامة تفاؤل, ‏Nassnura, ‏amana 98, ‏396396, ‏فضاءات اليأس والأمل, ‏أم نسيم, ‏Batol210, ‏سوسو1415h, ‏وكان, ‏بينار يلمز, ‏حلا فيفا, ‏Dall, ‏ماادري بعد, ‏عيونُ البنفسج, ‏rasha2001, ‏اميره بوها, ‏Arw2, ‏the dream song, ‏different, ‏fah, ‏حلم و أمل, ‏ديم الدجى, ‏nanash, ‏Tooog, ‏mem. 1957, ‏queen0422, ‏Manal_m7, ‏جووووجوووو, ‏alamal, ‏shmoo5, ‏nadoosh3122, ‏لولوة 22, ‏جمميلة, ‏Besh1992, ‏miss.2020, ‏جنون امراه, ‏فاطمه حدادي, ‏ام آية وهداية, ‏هبوش المحمد, ‏الصفا الشرقي, ‏monaliza1971, ‏#أنفاس_قطر#, ‏aboore36, ‏جنى., ‏nmh, ‏سفره الليل, ‏ليل سوسو, ‏زينب12, ‏أم آرام العصيمي, ‏هنده القلب


منـال مختار غير متواجد حالياً  
قديم 24-06-21, 10:48 AM   #3753

هبوش المحمد
 
الصورة الرمزية هبوش المحمد

? العضوٌ??? » 487308
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 146
?  نُقآطِيْ » هبوش المحمد is on a distinguished road
افتراضي

تسجييل حضوورررر
مين يصدق اني سهرانه و مواصله عشان الجزء اللي حينزل , حقيقي انا مش انا هههههههه


هبوش المحمد غير متواجد حالياً  
قديم 24-06-21, 10:58 AM   #3754

سبيتان

? العضوٌ??? » 428039
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 15
?  نُقآطِيْ » سبيتان is on a distinguished road
افتراضي

بانتظظاركك انفااس🤤😍

سبيتان غير متواجد حالياً  
قديم 24-06-21, 10:58 AM   #3755

الغيّد

? العضوٌ??? » 488488
?  التسِجيلٌ » May 2021
? مشَارَ?اتْي » 5
?  نُقآطِيْ » الغيّد is on a distinguished road
افتراضي

قهوتي بردت😂
انفااااسس🚨🚨🚨🚨🚨🚨🚨🚨🚨


الغيّد غير متواجد حالياً  
قديم 24-06-21, 11:01 AM   #3756

#أنفاس_قطر#

كاتبة الابداع


? العضوٌ??? » 485576
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 121
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Qatar
?  نُقآطِيْ » #أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute#أنفاس_قطر# has a reputation beyond repute
افتراضي الجزء السابع عشر



سامحوني تأخرت عليكم غصبا عني. صار عندي مشكلة في الكوبي والبيست
يا الله انحلت..
أسفة جدا جدا


.
يا صباح الورد والإشراق والسعادة
وكل شيء جميل ومبهج ويشبه طهر قلوبكم
ما أسعدني بكم وبمشاعركم وكل ما تغمروني به مشاعر
وماتغمرون به روايتي من اهتمام
.
ووصلنا للمرحلة الثانية من فضاءاتنا ❤❤
.
وعندي بعض القرقرة الطويلة الله يعينكم
.
فيه وحدة قالت إن أم سعود ماعاد تحل على خالد يعني ماتقدر تكلمه
بس هذا موب صحيح
الرجل إذا عقد قرانه على وحدة ومادخل بها..
يصبح محرم لأمها حتى لو حصل الطلاق..
.
.
بنات سامحوني أنا ما أعرف طريقتكم كيف مع دبلكم 😊😊
يمكن اللي قلته إنه الجازي ماخلعت دبلتها.. بدا صادم للبعض
وانا استغربت ليه صادم
لكن أنا أكتب مما أعرفه وما أعايشه ومما أشعر به
وأنا ما أخلع دبلتي إلا نادرا جدا... ما صدقت أتزوج 😎😜😉
وما يطلع تحتها فطر أسود يا لمارا 😎
لأنه أغسل يدي وأغسلها وأتسبح فيها..
ودام جاتنا الغالية لمارا خل نقول تقرب الخيشة ونعطيها نجمة اليوم
مو عشان توقع..
لكن عشان انتباه لتفصيل خاص أيضا بالدبلة.. يمكن هذا التفصيل أسعد كثير متابعات
عشان كذا تغاضوا عن عدم منطقيته..
يعني واحد مكسرني ولاعن خيري
أطلع من المستشفى وألبس دبلته؟!! يا للهول!!😣😣
كان أقطه هو ودبلته في أقرب زبالة..
لكن الدبلة وللبسها حكاية سنعرف بعضها اليوم والبقية لاحقا جدا..
إذن نجمتنا للمارا لأنها اللي انتبهت إنه مو منطقي ألبس دبلة واحد ضاربني
وفي وقت قريب من الحادثة..
وصاحبة التعليق اللي تكلمتي عنها.. اللي قلتي توقعت سيناريو متعب في مجلس جابر
يا ليت تظهر نفسها وتسامحني لأنه يمكن فاتني.. مع إني أقرأ كل شيء تكتبونه وكل حرف.. بكل حب.. واهتمام..
.
وتأكدوا بنات إن كل مايبدو لكم غريب أو غير منطقي أو غير مفهوم في حينه
سيتكشف لكم لاحقا
تعرفون أنا أحيانا أتعامل معكم بطريقة إنه أجيب لكم حلاوة أم علي..
ثم أعطيكم المكسرات اللي على الوجه.. وأقول لكم هذا شنو؟؟
أنتم طبعا تقولون مكسرات
لكن أنا أقول أم علي..😎
وأنتو تقولون وين أم علي يا شيخة.. تلعبين علينا..؟؟ 😒😒
ما أعرف بنات لو طريقتي هذي تربككم.. لكن أنا جدا أحب هذا اللعب على التوازنات والأسرار
وإخفاء بعض التفاصيل لغرض في نفس يعقوب حتى يأذن يعقوب بإظهاره في حينه
طبعا من هذه التفاصيل.. بشارة اليوم المنتظرة
هل هي شهاب؟؟
البعض رفض هذا جدا.. لسبب منطقي جدا وما ألومهم عليه أبدا بل أأيدهم
إنه فُرات لما شاف أسماء بنات طالب
قال بنات عم تركي.. ومو خوات شهاب..
على فرض إذا كان فعلا شهاب هو البشارة
إذا كان هو البشارة فالنجمة ل صرخات مستغيثة لأنها أول حد قاله
إن شاء الله هو يا صرخات.. قربي كتفك نعلق النجمة يا حضرة الملازم..
المهم لو كان شهاب هو البشارة
الأكيد إنه مارح أخلي فُرات في ذلك الموقف السابق يقول: يوه هذولا خوات رفيقي شهاب يا حليلهم!!

أولا خربنا أم السالفة والأكشن وسبقنا الأحداث..🤦‍♀️🤦‍♀️🤦‍♀️
ثانيا: في حينها كان شهاب غايب عن الساحة وما كنا نعرف تحديدا هو وش يسوي في مصر..
لكن بقول لكم إني عطيتكم إشارتين أو طعمين مبكرة جدا بس ماحد انتبه لها أبدا

أول واحد... خلونا نرجع للجزء الأول... أول ظهور لفرات وتركي مع بعض:

هتف تركي باستغراب: لا حالتك مستعصية صراحة.. يعني على أني تقريبا أعرفك عمري كله.. بس عمرنا ما تكلمنا في ذا الموضوع..

يعرفه عمره كله تقريبا!!!...
ترا الفرق بين تركي وفرات في العمر 7 سنين..
يعني وقت اللي فرات تزوج.. كان عمر تركي 11 سنة .. يعني طفل..
وترا كونهم جماعة يخلينا نستغرب إنه يقول أعرفك عمري كله تقريبا..لأنه دامهم جماعة اكيد يعرفون بعض لأنه تحصيل حاصل..
إذن: هو قصد نوع آخر من المعرفة.. قصد المعرفة المتعمقة..
إذن من هو اللي جمع بين الاثنين واحد منهم كان طفل والثاني كان شاب.. وخلا تركي يشوف فرات بشكل متكرر ويقول له أعرفك عمري كله؟؟
وليش شهاب عمره 38 و فرات 39 تحديدا؟؟
تأكدوا إني ما أحط ولا شيء اعتباطا.. وكل شيء ادرسه بعناية بفائقة.. لأسباب كثيرة
منها الحبكة.. تسلسل الأحداث.. التشويق.. عنصر المفاجأة.. وأشياء أخرى مسكوت عنها
.
بارت اليوم تعبت جدا في ترتيب الاحداث حتى أصل إليه..
أردت تأجيل بعض الأحداث حتى تكون مع بعض..
ليه شهاب يجي وتركي مسافر؟؟
وليه شهاب يوصل وفُرات مشغول؟؟
وليه شهاب يوصل فرات يدرس خواته؟؟
وليه سالفة أميرة تجي مع سالفة فهدة وصيتة تجي مع سالفة سجن شهاب كلها في بارت واحد
لكل شيء هدف..
وعقب ذا القرقرة الطوووووويلة..
استلموا بارت طويل.. يا ويلكم تقولون مو طويل
قراءة ممتعة
.
ولا حول ولا قوة إلا بالله
.
موعدنا القادم الاثنين الساعة 11 صباحا..
.
.
.


فضاءات اليأس والأمل/ الجزء السابع عشر


تنهد تركي بوجع.. وهو يستعيد ماحدث قبل 4 سنوات..
وكان سببا رئيسيا في استعجال صيتة في إرجاع فهدة إلى الدوحة..


واشنطن قبل أربع سنوات..

كانت صيتة لا تترك فهدة إطلاقا.. والوقت الذي تقضيه في المستشفى كانت تحضرها معها..
وكانت تدرسها بنفسها.. علمتها الأحرف والكتابة والقراءة والقرآن..
كانتا تقومان بالكثير من الأنشطة معا.. ترسمان وتلونان وتلعبان..

وكانت لا ترى ضرورة لذهابها للمدرسة لأنها متفرغة لتدريسها..
وكانت تتبع في ذلك نظام كثير من الأمريكيين الذي يمارسون مايسمى
Home Schooling
ويعلمون أولادهم في البيت.. وهو نظام شائع جدا للتعليم في أمريكا..
وهناك حاليا أكثر من مليونين طفل أمريكي يتعلمون في المنزل.. وأعدادهم في تزايد عاما بعد عام..
ويتبعون في ذلك أساليب مدروسة تماما للتعليم اعتمادا على التعليم الفردي واللا مدرسية وتكثيف الأنشطة..

وكان في بال صيتة إلى جوار ذلك أنها ستدرس فهدة المناهج القطرية العام المقبل..
وتعيدها لقطر مع تركي في فترة امتحانات الدور الثاني حتى تمتحن وتعود معه بعد نهاية الصيف..

ولكن ما أفسد كل مخططاتها أن كان هناك من أبلغ مؤسسة الرعاية الاجتماعية الأمريكية
أن في المستشفى طفلة في عمر التمدرس ولكنها لا تذهب للمدرسة.. لا تعيش ظروفا طبيعية..
فهي شبه محجوزة في المستشفى.. ولا تمارس حقوقها المشروعة كطفلة.. كاللعب والاختلاط مع الأطفال الآخرين..
ففوجئت صيتة بل صُعقت بزيارتهم لها في المستشفى..
في البدء كانت الزيارة ودية...
لكنها بعد ذلك بدأت تأخذ صور أكثر جرأة.. وبدأوا يستجوبون فهدة: هل أنتِ سعيدة؟
هل يحسنون معاملتك؟ هل تأكلين طعاما جيدا؟ هل تلعبين مع الأطفال الآخرين؟
هل تذهبين للحديقة والألعاب؟؟

بعدها حاولت صيتة أن تتركها في البيت وترتب لها من يرافقها في الوقت الذي يكون سند في العمل وهي في المستشفى..
ولكن كانت صيتة تعاني من رعب حقيقي وابنتها مع امرأة لا تثق فيها..
فكانت في معظم الأوقات تتصل بتركي وترجوه أن يذهب إلى البيت.. ليطمئن على فهدة..
فيضطر لترك محاضراته والذهاب لفهدة..
وفي إحدى المرات اكتشف أن جليستها تركتها وحيدة وخرجت لتحضر بعض الأشياء..
وجليسة أخرى أخذتها معها لمقابلة صديقها..
رغم أن صيتة كانت تختارهم بعناية شديدة عربيات مسلمات أو مسلمات من جنسيات أخرى..

حينها توقفت صيتة عن إحضار أي أحد.. وعادت لإحضارها معها للمستشفى..
فعادت زيارات الرعاية الاجتماعية تتكثف من جديد.. وبدأت فهدة تخاف كثيرا منهم ومن صرامتهم وأسئلتهم..
وتبكي حينما تراهم..
وهم يظنون أنها تبكي خائفة من أهلها..

حينها اتصلت صيتة بوالديها ورجتهما أن يحضرا فورا..
كانت تعيش في رعب حقيقي أنها قريبا ستفقد حضانة ابنتها.. وخصوصا أن والدها متوفي..
وهم مقيمون في أمريكا..
فقانون الرعاية الاجتماعية في أمريكا صارم جدا.. وكان اسم CPS أو DDS
كفيل بإثارة الرعب في قلوب كثير من الآباء والأمهات.. وخصوصا من كانوا من خلفيات مهاجرة..
خشية انتزاع أطفالهم وتحويلهم لمؤسسات الرعاية ومن بعدها لعائلات التبني..

صيتة أعادت فهدة وهي تظن في داخلها أن حالة عبدالله ستتحسن وأن الوضع سيستمر أشهر فقط..
أو سنة واحدة كأقصى .. وتستطيع العودة به وستعود إلى أهلها وابنتها..
ولكن حالة عبدالله باتت تتأخر أكثر وأكثر..
وأخبرها الأطباء أن محاولة نقله في طائرة في رحلة طويلة كهذه هي عملية إعدام مباشر مقصودة للطفل.. وأنها من تتحمل مسؤوليتها وحدها..
حينها صــــمـــتـــت..
وكتمت في داخلها ثقبا اخترق قلبها بشكل مباشر بلا رحمة..
وفي كل يوم يمر كان يجاوره ثقوب وثقوب.. تتراص في قلبها المدمر..
وتكاد لا تجد لها مكانا لامتلاء ساحات قلبها بالثقوب..
أحد هذه الثقوب وأكبرها ماحدث في وداع والدتها لها..أخر مرة رأتها فيها..
.
.

"اسمعيني زين يا صيتة..
قلتي لنا العام مشتاقة لكم تعالوا..
قلنا إن شاء الله وتم..
قلتي ذا السنة تعالوا أخذوا بنتي..
قلنا إن شاء الله وتم..
لكن ترا ذي أخر سنة بجيش.. تبينا تعالي أنتي"

حينها همست صيتة بصدمة ورعب وهي تجلس جوار والدتها على الأريكة: ولو ماتحسن عبود وطوّل أكثر من سنة..
ما أشوفكم؟!!

أم متعب بصرامة : خليه عند عمه أسبوع وإلا إسبوعين.. وش بيجيه؟؟

حينها انكبت صيتة على كف والدتها تقبلها وهي تهتف برجاء موجوع عميق:
يمه طالبتش لا تحديني على أقصاي..
والله ماعاد وراي شيء تحدوني عليه..
لا تحرموني منكم وأنا محرومة من كل شيء..
محرومة من ديرتي ومن بنتي ومن هلي ومن شغلي.. حتى اتخاذ قرار أنا محرومة منه...
يمه شوفتش لا دخلتي علي ترد لي روحي.. والله إن روحي ترجع لي لا شفتش..
إن شاء الله عبود بيتحسن وبأرجع.. بس أنا ماني متأكدة..
طالبتش ما تحرميني منش..
أحب رجلش يمه..

قالتها وهي تريد الانكباب على قدمها لتقبلها..
أم متعب جزعت وهي تمنعها وتقف وترفعها لتحتضنها بقوة وتهمس في إذنها:
قلت لش يا أمش...
تبينا تعالي...
ترا والله ثم والله ماعاد أعقب ذا السنة..

حينها تصلب جسد صيتة وهي تهمس بانهيار:
يمه طالبتش استغفري.. استغفري.. طالبتش..

أم متعب أبعدتها قليلا وهمست بجمود وهي تشيح بوجهها حتى لا ترى وجه صيتة فتضعف: أنا حلفت وانتهينا..





************************************




لأول مرة يسمع صوتها باسما.. فيه لمحة سعادة..
نبرات صوتها المبتهجة هزت أوتار قلبه وترا وترا..
أهذا تأثير ذلك الطفل الكوع الزرافة المسمى (حزام) ؟!!
يود أن يحتضنه ويقبله ..وفي ذات الوقت يريد أن يصفعه..
يحتضنه ويقبله لأنه أسعدها..
لأنه سمح له أن يسمع صوتها أخيرا سعيدا بعد أن أرهقته بحزنها..
ويصفعه لأن له هذا التأثير عليها.. التأثير الذي تمنى ألا يكون لأحد سواه..

تركي شعر أن وقوفه هكذا طال.. لذا تنحنح كي ينبههم لوجوده..

كان حزام أول من قفز مرحبا.. وهو يرحب به بمرح: يا حيا الله دكتورنا المتشنقط
(الشنقيط: البنطلون، المتشنقط من يلبس بنطلونا )

ابتسم تركي وهو يتلقى سلامه بالأنف على عادة السلام الرجالي:
أنت اصلا لا جيت تلبس شنقيط منت معين شيء قد طول سيقانك..

الهنوف حين سمعت صوته.. قررت الانسحاب من فورها لغرفتها في خضم انشغالهم به ومعه وانشغاله معهم..

هو كان في باله نفس التفكير قبل أن يدخل... ويعرف تماما أن هذا ما ستفعله..
بات يعرف حتى طريقتها في التهرب منه... وهو يرسم خططه الحربية الفاشلة لاقتناصها..

كان لا يعرف أي طريقة يستطيع أن يستبقيها بها حتى ينهي السلام على والديه على الأقل..
لذا ارتجل أول شيء خطر بباله وهتف بشكل مباشر وصوت عالي وابتسامة تمثيلية وهو مازال في سلامه مع حزام:
الهنوف ترا يمكن كتاب حزام الرياضيات عندي في السيارة... يمكن نساه معي يوم وصلته المدرسة قبل أسافر..
حزام هاك مفتاحي دور كتابك..

اتسعت عينا حزام بصدمة... صحيح أن تركي كان هو من يوصله معظم الأيام وهو متوجه للجامعة..
لكنه لم يترك كتابه في سيارته لأنه أخفى الكتاب بنفسه... حتى لا تكتشف الهنوف أنه لم يحل كثير من الواجبات.. وأن المعلم ترك له كثير من الملاحظات ...
لأنها ستجبره أن يحلها كلها في وقت واحد .. ولن تطلق سراحه حتى يحل كل شيء..
بينما هو كان يريد حلها على فترات..
ومع ذلك اضطر أن يأخذ مفتاح سيارة تركي.. وأن يذهب ليبحث فيها عن كتاب غير موجود فيها..

ما يهم تركي أنه نجح في توجيه الانظار للهنوف ومنعها من التحرك.. حتى أنهى سلامه على والديه والبندري..
وأصبح أمامها.. وأخــــيـــــــرا..
أمــــامــــــها..
أمام تاريخه.. ومستقبله.. فوضى مشاعره..
آسرته الأبدية..

(هل أنتِ حقا تقفين أمامي الآن؟
أتنفس عبقك المخفي المنتشر في الجو
هل تعلمين كم اشتقت يا صغيرة؟!!
هل تعلمين؟!!
لا لا تعلمين..
لا تعلمين.. فقلبك خالي..
ليس فيه مافي قلبي من التضخم..
التضخم من كل شيء..
فرط الحب.. وفرط الشوق.. وفرط اللهفة..
فمعك لا أعرف التوسط ولا الحدود..
فوحدك تكسرين كل مناطق الوسط.. وتتجاوزين كل الحدود)

ان كان سابقا يراها الجمهور في خلفية الصورة..
فهاهو الله عز وجل يعذبه على ذلك..
وهو يراها الان وحدها بؤرة الصورة... وكل ماحولها باهت لا لون له ولا قيمة..
وحدها بؤرة كل شيء.. ومستقره..

حتى وهي تقف أمامه كمومياء مغطاة بالبياض من رأسها حتى قدميها..
كانت تشع كشمس كونية.. تستجلب معها كل وعي العالم وانتباهه..

وقف أمامها كتلميذ وجل في حضرة أستاذه ذو الهيبة والسلطة
وقف أمامها وهو يتنفس بعمق.. يتنفس حضورها.. وجودها.. قربها
أهلكه الشوق قبل السفر وبعد السفر..
موبوء بالشوق.. مسكون باللهفة.. مرصود بهذا العطش الأزلي لكل مافيها..

وقف أمامها مثخن بجراح معاركه الخاسرة في حضرتها..
وقف أمامها وفي داخله ألف رغبة وألف وجع وملايين الأشواق..
وقف أمامها ليهديها أكبر صدمة في حياتها..
وقف أمامها وهتف بكل ثقة الكون الباردة المقيتة: اشلونش الهنوف؟؟

وهو يــــمــــد يده لها بالسلام..




*************************************



" أخبارش سيدة ملعقة الأميركية؟وحشتينا
لو تاخرتي يوم واحد عقب.. كان جدش جبران وجدتش فهدة الكبرى
سوو غزو لأمريكا"

همست فهدة بخمول وهي تجلس بقرب الجد جبران: جعلني ما أخلا منهم..

قامت ضي لتجلس جوارها من الناحية الثانية وهي تهمس بقلق: أنتي فيش شي؟؟

هزت فهدة رأسها رفضا...
حينها مدت ضي يدها لجبين فهدة وهي تتحسه بقلق: شكلش يعطي إنش مسخنة.. بس منتي ب حارة..

حينها انتفض الجد جبران بقلق وهو يتحسس جبينها أيضا: قومي يا أبيش أوديش المستشفى.
وجدتها كذلك تقوم من مكانها وهي تتحسسها بقلق: وش فيش يا أمش؟!!
وجهش أصلا مهوب زين من يوم دخلتي..

كان الثلاثة كلهم يحيطون بها وهم يبدون قلقهم عليها.. بينما هي تهز رأسها أنها لا شيء فيها..
وتهمس بذات الخمول: والله مافيني شيء..

حينما ضايقوها باهتمامهم الخانق.. انفجرت بالبكاء وهي تدفن وجهها في حضن الجد جبران..
الجد انتفض بجزع وهو يحتضنها ويمسح على شعرها:
وش قومش يا أبيش؟؟ وش قومش؟؟

ثم تنهد وأردف بحنان لأنه فهم سبب بكائها ..وهو يهمس في إذنها بخفوت : أنتي مشتحنة لأمش؟؟
هزت رأسها وهي تخفي وجهها في حضنه..

همس لها في إذنها بحنو وحمية: أبيش يا فهدة.. تبكين وجدش جبران حي؟!
ابشري بها إن قد تجيش دام خشمي يشم الهوا..






*********************************






"تقبل الله طاعتش يمه ... عسى ما تعبتي؟؟"

أم سعود ببهجة رغم ارهاقها: من يجي هنا يا أمك ويتعب؟!
الواحد يجي هنا ينسى تعبه..

التفت سعود لدانة وهو يهتف بعتب: ليه تخلين الجازي بروحها؟؟
كان علمتيني قعدت معها...

دانة بنبرة مرهقة تخفي ورائها ما تعلمه ولا يعلمونه:
عيت فديتك..
قالت تبي تقعد في الحرم شوي ..
وبتجي عقب ساعة..
كرتها معها...
.
.
.
كانت تلوذ بأحد أعمدة المسجد بعد أن صلت المغرب وأطالت في الدعاء..
ودموعها تنسكب بغزارة..
سكبت بين يديه سبحانه كل الكبت الذي في داخلها من خمس سنوات مضت حتى الآن...
بكت حرقتها.. ويأسها..
بكت سنوات شبابها المسلوبة..
بكت هذه الفوضى التي تعصف بها..
بكت التمزق الذي تشعر به..
أرادت أن تبكي كل شيء.. وتلفظه خارج روحها.. بعيدا عنها..
أرادت بدايتها الجديدة المأمولة..

أرادت عبر فيض دموعها أن تشكر الله .. وأن تخبره جل في علاه كم تحبه!!..
وكم تشعر بالاطمئنان هنا في رحابه.. وهي تشعر بمسحه على وجع قلبها.. مداوته لألم روحها..
وأنه وحده من يعلم حقيقة ماتعانيه.. وأنها أمامه كما هي.. بكل مشاعرها.. كماهي..
بينما الكل أراد أن يفرض عليها مشاعره أو رؤيته أو قناعاته..
أرادوا وضعها داخل قوالبهم الجاهزة..
أرادوا قولبة حزنها ومشاعرها وتناقضاتها.. وهي محض إنسان..إنسان..
لا يخضع للتكييف ولا للمعايير المحددة كإنسان آلي..
لا يريدون الاقتناع أنها سعيدة وغير سعيدة.. لأن الشعورين في عرفهم لا يجتمعان..
ولكنهما في داخلها اجتمعا..
في عرفهم يجب أن تكون أبيض أو أسود... بينما هي رمادية!
يريدونها أن تخوض المعمعة إما خاسرة أو رابحة.. بينما هي تريد أن تركن إلى الحياد..

لا يعلمون أن هذا الحياد يحمي مابقي من روحها الممزقة.. حتى تداويها..
لا يعلمون أنها لا تريد خوض المعارك.. ولا رفع رايات الانتصار..
تريد حيادها فقط.. مساحتها الرمادية الخاصة..

لا يعلمون أنها سعيدة بحريتها.. ولكنها في ذات الوقت حزينة لطلاقها..
لأن هذه هي الطبيعة البشرية المتناقضة..
هي محض صبية في الثالثة والعشرين تحمل لقب مطلقة..
بينما هو أقرب ما يكون إلى لقب (سجينة سابقة) أنهت محكوميتها ظلما..
فهل من قضى خمس سنوات في السجن ظلما.. ثم خرج منه.. سيكون مكتمل السعادة والبهجة؟!!

(كلهم عاجزون عن فهم هذه التناقضات في روحي يا الله
وحدك تعرف الخفايا..
وحدك تمسح على روحي ووجعي
اللهم اجبر كسر روحي.. وقوني.. وأمدني بالجبر والقوة
لأخوض قابل الحياة)

لا يعلمون أن خالد كما كان ظلمها في أسرها خمس سنوات في سجنه.. ظلمها وهو يطلق سراحها..
لأن كل شيء سار كما يريده هو..
ثقب قلبها برصاصة الطلاق التي أسمعها إياها.. بعد فيض طويل من البوح..
كان هو سيده ..
أراد أن يخبرها كم هو شهم ونبيل.. وكم يحبها!!
دون أن يسمح لها أن تخبره كم هو متجبر وقاس وأناني!!
ثقب قلبها بقسوة ومضى دون أن يلتفت..
دون أن يسمح لها بتدوين انتصاراتها الصغيرة.. دون أن يسمح لها بإعلان بهجتها وسعادتها..
لذلك كان الحياد ضروريا..
تحتاج لمرحلتها الانتقالية الرمادية التي ستقذف فيها كل شيء خلفها..

" سأعود أقوى!"

كنت تهمس بذلك لنفسها وهي تفتح حقيبتها.. وتخرج منها دبلة ماسية يتربع اسم خالد محفورا في داخلها..
وتضعها بجوار العمود..
وتهمس بحزم: أتمنى يلقاها واحد محتاج..
ويكون ثمنها تخفيف لبعض ذنوبك في حقي ياخالد..

أنهت مهمتها.. ووقفت بحزم وهي تتوجه للفندق وذاكرتها تعود لخمس سنوات مضت..
بعد خروجها من المستشفى بإسبوع..
.
.

" تعالي يأمش"

دخلت الجازي إلى غرفة أمها وهي تحمل بمعاونة العاملة المنزلية بعض الأكياس التي تحمل اسم محل مجوهرات شهير..

العاملة تركت الأكياس وغادرت.. بينما الجازي جلست جوار والدتها وهي تأن بخفة من ألم صدرها..
وتهمس بضعف: يمه رجعي الأغراض ذي لخالتي أم خالد..

والدتها تنهدت بألم عميق وهي تقبل جبين الجازي.. ثم تتناول أصغر الأكياس حجما...
لتخرج منه العلبة الصغيرة التي تتربع داخله.. وتخرج منها الدبلة..
وتمسك بيد الجازي اليمنى.. الجازي جزعت وهي تهمس بوجع عميق: لا يمه طالبتش.. تكفين

أم خالد تنهدت وهي تدخل الدبلة في بنصرها اليمين وتهمس بأمر حان:
إذا لي خاطر عندش يا أمش.. ما تحطينها من يدش دامش على ذمته...
يا أمش تراه خاتم لا يأكل ولا يشرب..
تلبسونه ياذا الجيل.. يعني إني مخطوبة وإلا متزوجة..
وأنتي يا أمش عادش على ذمته..
عشاني خليه في يدش..

شعرت الجازي يومها بملمس الدبلة كما لو كان شريط من النار يحرق يدها..
ولكنها بقيت في يدها لخمس سنوات.. لا تخلعها إلا نادرا..
ومازالت حتى اليوم تجهل السبب الذي دفع والدتها لأن تطلب منها ذلك الطلب..
لأنها شعرت أن والدتها كان عندها سببا أخفته عليها..
وماعاد يهمها هذا السبب.. لأنها تحررت منهما كليهما من الدبلة ومن السبب..




**********************************




قبل ذلك .. بعد صلاة العصر في الدوحة


الهنوف ذهلت تماما..
هل هذا مجنون؟ بالتأكيد هذا مجنون..
تصرفه كان تصرفا مرفوضا في عاداتهم وتقاليدهم..

كانت الهنوف تذوي خجلا وهي ترى يده المدودة
وكل العيون المصدومة مسلطة عليها..

ووالده وصل غضبه للذروة يتهدده في سره
( استخف من عقب ديار الأميركان.. والله لأوريه الشغل ذا الفاسخ!!)
بينما والدته والبندري اعتراهما خجل من تصرفه الجريء..

هــــــــــو ليس لديه ما يخسره..
فهو سيموت إن لم يحصل على أي شيء منها..
يعلم أنه لن يحصل على كلام ناعم عبر الهاتف.. وهي تهاتفه كأنها تهاتف زميل عمل..
وليس أي زميل.. بل بغيض على قلبها أيضا..
ويعلم أنه قد يموت مئات المرات قبل أن يرى وجهها..

لذلك قرر المغامرة.. سيمد يده..
كان عنده أمل ضعيف أنها لن تحرجه وتترك يده معلقة في الهواء
كان أملا أشبه بأمل أنه قد تخضر صحراء الربع الخالي في دقيقتين اثنتين..
فسلامها عليه مستحيل مثل استحاله أن تخضر تلك الصحراء القاحلة الشاسعة في دقيقتين..
وسلامها عليه سيفعل في روحه ذلك المستحيل.. فروحه الأشبه بتلك الصحراء في بعدها وابتعادها عنه..
ستخضر وتزهر في تلك الثوان التي ستلامس يده يدها..
أما توقعه الأعظم الذي رغم أنه هو الأكبر إلا أنه كان يتمنى ألا يحصل
وهو أنها سترفض أن تمد يدها.. أو ستغادر المكان..
وحينها سيكون مكسبه الوحيد أنها لاريب ستشعر بالذنب لما فعلته بها..
وهذا سيحسن من تعاملها معه..

كل هذا التفكير كان يدور في أعشار الثانية والأعاصير تعصف بهما كليهما..

خــــــــــتــــــــــــا مــــا..
مدت الهنوف يدها..
نــــــعــــــم... مدت يدها!!

فالموقف كان أكبر منها.. وتهذيبها منعها أن تحرج زوجها أمام أهله بهذه الصورة..
لذا قالت لنفسها: يا بنت الحلال هو سلام والسلام
وقدام أمه وإبيه.. يعني مارح يتجاوز حدوده.. ومهوب ماكلش.. ويادوب عطيه أطراف أصابعك.. يسلم وينقلع..
الله يقلعه هو وسلامه.. كنه موذيني.. وهو متجاهلني وهو منتبه لي..

ولكن ماكانت تفكر به..
غير ما كان يشعر به..
أمران مختلفان تماما... تــــماما..

هو كان متأكدا بنسبة تكاد تصل إلى مليون في المئة أنها لن تمد يدها..
لكنها صعقته.. صعقته صاعقة كونية أنها مدت يدها..

"هل تتخيلون أنني كنت أحلم أن ألمس أطراف أناملها فقط
أطرافها فقط..
فإذا بها تعطيني يدها كاملة!!
هل تتخيلون أن من هو مثلي يشعر أنه عطش منذ قرون متطاولة
وكان سيكتفي بقطرات من ماء إجاج.. بل سيسجد شكرا إن حصل عليها
فإذا بهم يمنحونه الماء الأعذب في الكون
ويقولون هاك!!
هل حقا مدت يدها لي؟ هل حقا فعلتها؟؟"

تركي أطبق على يدها المدودة كاملة بكفه..
شعر حينها برمح اخترقه من أقصاه إلى أقصاه وهو يشهق شهقة حاول جاهدا أن يكتمها ولكنها سمعتها..
"أحقا هذه يدها في كفي؟!"

(نعم يدها!! يدها!!..
يدها الصغيرة الغضة الناعمة الآسرة في كفي
يا الله .. ما أبشع هذا الحرمان!!)

تخشبت يدها في كفه.. وهي تحاول انتزاعها..
كانت ستسلم عليه بأطراف أصابعها..
فإذا بكفه تلتهم كفها وتخفيها كاملة في طياتها

أطبق على يدها إطباقا..
وكأن حياته كلها تتعلق بهذه اليد.. وأنها حين تنتزعها ستنزع روحه معها..

حاول أن يتكلم حتى لا يبدو منظره سخيفا.. وحتى يكون مبررا لاستبقاء يدها في يده..
كان يذوي وهو يشعر بمسامات بشرتها تذوب بين أنامله وهو يهتف بحزم يشعر أنه سيغمى عليه خلفه:
اشلونش الهنوف؟؟
أخبار الرسالة؟؟
وأخبار الشغل؟؟

كانت تجيبه باختناق وهي تحاول شد يدها محاولة عدم لفت انتباه البقية الذين اشتعلت أعينهم كرادارات مراقبة..
واستشعروا كل ماحدث أمامهم استشعروه تماما لفرط ماكان واضحا وجليا:
كل شيء زين ..
تسلم..
ماشي..

كانت تجيبه والكلمات تتعثر بين شفتيها.. وتكاد تموت خجلا ووجلا..
وهي تحاول جذب هذه اليد التي يبدو أنه لا يفكر بإطلاق إسرها أبدا..
شعرت أن يدها بدأت تتعرق... وكل ما تفكر فيه أن تستعيد يدها...

بينما ذلك المتيم.. يشعر أن أطراف روحه هي على أطراف أناملها..
كانت كل مشاعره متوهجة للحد الأقصى..
وهو يختبر تأثير قربها الأول..

(أ يعقل أن يكون لملامسة أي إنسان مهما كانت محبتنا له هذا التأثير ؟!!
أشعر أن روحي تتسع..
وأن يدها تبعث الحياة في كل خلية من خلايا روحي
أشعر أنني أكبر وأعظم وأسعد مخلوق في تاريخ البشرية)

ختاما كان أبو متعب من أنهى هذه الفوضى غير المعقولة وهو يهتف بحزم:
تركي إلى متى ذا السلام؟؟
قد فك يد البنية
ماعاد بذا السلام..

حينها أفلت تركي يدها رغما عنه.. أفلتها وهو يشعر أنه يفلت روحه ليسمح لها أن تنتزع من بين جوانبه..

لتهرب الهنوف من فورها راكضة للأعلى والبندري تتبعها..
ووالدته تغادر أيضا لأنها شعرت أن والده سيعاتبه على تصرفه..

وبالفعل فور مغادرتهم.. انفجر أبو متعب غاضبا:
أنت مافي وجهك سحا يا قليل الحيا..

تركي جلس لأنه شعر أن جسده خال من الطاقة تماما
(يا الله !! يا الله يا يدها!!
من يمسكني إياها بكبرها!!)

كان أبو متعب منهمر بغضبه وتأنيبه ليتفاجئ برد تركي المغموس بالبرود الذي يخفي خلفه ذوبانه:
يبه.. أنا سويت شيء حرام في الشرع؟؟

صُعق أبو متعب من رده: عادك مع شينك قوات عينك..

أعاد تركي السؤال بكل برود حازم:
يبه هل أنا سويت شيء حرام في الشرع؟؟

أبو متعب بحزم غاضب: لا غير أنت داري إنه منقود..

تركي وقف وهو يهتف بثقة: إذن ماصار شيء تعاتبني عليه... ولا تحرق أعصابك عشانه
مرتي وسلمت عليهم قدامكم
وش الكفر اللي سويته؟؟

واسمح لي طال عمرك.. لازم أروح لفرات الحين..





**********************************




شهاب بقلق: جليلة تراش روعتيني..
خلاص والله ما أقول لأحد علميني!

تنهدت الجليلة بضيق كبير جدا وهي تتذكر ماحدث قبل 16 عاما..
بعد وفاة والدتها.. وفي عزائها تحديدا..

كانت الجليلة بحد ذاتها محض طفلة في السادسة عشر..
وجدت نفسها وحيدة في مواجهة كل شيء..
وغياب والدتها بعد غياب شهاب بعام واحد ترك هوة عميقة في روحها بحجم الكون..
وجدت نفسها فجأة مسؤولة عن كل شيء.. وهي من كانت مازالت طالبة في الصف الأول الثانوي..
قد تكون سابقة لعمرها.. وكانت من صغرها رفيقة لأمها في كل شيء...
ولكنها ختاما كانت طفلة بدون أمها.. وبين يديها ثلاثة أطفال هي المسؤولة عنهم..
تركت حتى دراستها من أجلهم.. رغم أنها كانت متفوقة جدا..


يومها ..كانت في خضم عزاء والدتها...
وكانت تمنع نفسها من الانهيار.. وهي تقوم بواجب الجميع..
البيت مزدحم بالمعزيات اللاتي لا يسألن الا عن ابنتها الكبيرة ليقدمن لها واجب العزاء..

في اليوم الثاني من العزاء..بعد صلاة العصر كان البيت مزدحما عن أخره..
طلبت الجليلة من بثينة أن تأخذ أميرة للصالة العلوية وأن تنتبه لها جيدا وأن تشغل لها التلفزيون و تبقى معها ولا تتركها تغيب عن عينيها أبدا...

قبل صلاة العشاء بقليل...
ذهبت صيتة بطعام لبثينة وأميرة.. فوجئت أن أميرة غير موجودة مع بثينة...
سألت بثينة عنها فقالت إنها ذهبت لجليلة منذ زمن طويل..

صيتة نزلت للأسفل... نادت الجليلة بخفة وهي تهمس لها: أميرة جاتش؟؟

الجليلة بصدمة حقيقية: لا ماشفتها من عصر..

الفتاتان بدأتا تبحثان في كل البيت..
لم تكونا تريدان إثارة قلق أحد قبل أن تتأكدا إن كانت في البيت أم لا..

وكانت بثينة التي استشعرت الذنب تبكي وهي تتبعهما: والله قالت لي بروح جليلة...
حسبتها جاتش..

بحثتا في كل البيت دون أن تجداها..
تبقى مكان واحد كانت جليلة لا تريد دخوله.. تشعر أنها ستموت لو دخلته..

غرفة والدتها..

ولكنها كانت مضطرة أن تفعلها.. فهي المكان الوحيد المتبقي..
فتحت الباب ودخلت وهي تدفع نفسها دفعا.. كان جناح والديها يبدأ بصالة كبيرة..
كانت الصالة غارقة من الظلام...
ومازالت رائحة أمها تعج في المكان..
كانت الجليلة توشك على الانهيار ولكنها قوّت نفسها من أجل بثينة وأميرة..
أشعلت الاضاءة وهي تبحث في أرجاء المكان مع أنها متأكدة أنها غير موجودة..
ثم دفعت نفسها دفعا إلى داخل الغرفة.. فتحت الباب وكانت الغرفة معتمة تماما.. أشعلت الإضاءة..
ورائحة أمها تصبح أقوى وأقوى..
والجليلة تشعر أنها ستموت فعليا من الوجع.. وهي تحاول ألا تقع عينيها على أي شيء من أغراض أمها..
ولا تعرف أين الأولية ؟
حزنها المرير الغض الذي مزّق روحها
أم قلقها على أختها التي لا تعلم أين اختفت..
همست بقلق وهي تحاول جاهدة ألا تركز في شيء في الغرفة: مهيب هنا بعد... وين بتروح ياربي؟؟

همست صيتة التي كانت في الخامسة عشرة في حينه بذات نبرة القلق:.. خلينا ندور في الحمام..

الجليلة ترفض الفكرة في ذاتها لأنها مرعوبة منها.. وتدعو الله ألا تكون هناك..
فالجناح كاملا كان يغرق في الظلام وكذلك الحمام..
ومع ذلك دفعت نفسها أيضا دفعا نحوه..
حاولت فتحه كان قويا بعض الشيء..
فتحته وأشعلت الإضاءة..
لتجد الصدمة المرعبة بكل المقاييس أمامها..
كانت أميرة ممددة على البلاط ..فاقدة للوعي..

فالصغيرة حين خرجت من عند بثينة مرت غرفة أمها ودخلت..
لأن لها يومان لم ترَ أمها...
وكانت تسأل عنها وتبكي تريدها..
كانت تظن أن أمها في غرفتها مريضة كما تكرر كثيرا في الفترة الماضية..
وهي تصاحبها وتنزوي في حضنها طوال اليوم..

حين دخلت الغرفة كان الوقت مازال عصرا..
وهناك نور يتسرب عبر النوافذ..
لم تجدها في الصالة ولا في الغرفة وهي تدخل وتغلق الباب خلفها حتى لا يمنعها أحد..
لأنها اليومين الماضية كانت تحاول أن تدخل ويمنعونها ..
ثم دخلت الحمام الذي انغلق عليها... وهي تنادي أمها..

ولنا أن نتصور أن الطفلة ذات الأعوام الأربعة بقيت تصرخ وتبكي حتى حل الظلام عليها...
لتزداد صرخاتها وجزعها ورعبها والمكان حولها يغرق في ظلام دامس..
ليرحمها الله أن تفقد الوعي بعد ثلاث ساعات متواصلة من البكاء الهستيري وطرق الباب حتى تمزقت أناملها الصغيرة وتجرحت وأدمت..وتورمت يديها.. إلى درجة أن اثنين من أظافرها سقطا بعد ذلك..
ولم يسمعها أحد.. فكل الأبواب كانت مغلقة.. وكتمت صرخاتها.. خصوصا أن صوتها قد بح وخفت بعد نصف ساعة من الصراخ بكل قوتها..

جليلة حين رأتها قفز قلبها في حلقها.. وانكبت عليها ترفعها..وهي تنشج بصوت مسموع..
كان جسد أميرة متخشبا تماما..
لا ينثني أي عضو فيها.. ولم تستطع رفعها..
حينها عاونتها صيتة لتحملاها معا وتضعانها على السرير..
بثينة بدأت تنتحب بهستيرية: كله مني كله مني... أنا خليتها تروح..
كان لازم أروح معها..

جليلة وصيتة وضعتا أميرة على السرير..
همست جليلة لبثينة بحزم بين دموعها وهي تحاول إيقاظ أميرة: أنتي مالش ذنب في شيء..
هي اللي دخلت هنا بروحها.. وهذا شيء ربي كتبه..

وإن كانت الجليلة أرادت بالفعل أن تنزع من داخل بثينة أي إحساس بالذنب لكنه بقي مع بثينة وقتا طويلا.. طويلا..
بينما الجليلة لم تستطع أبدا نزعه من نفسها.. كانت تشعر أن الذنب ذنبها وحدها.. وأنها كان يحب ألا تترك أميرة لحظة واحدة..

الصغيرة لم تستيقظ ولم تتحرك.. وجسدها مازال متصلبا..
اتصلت الجليلة بوالدها وأخبرته.. ورجته أن يتصل بالإسعاف فورا..

بقيت أميرة في المستشفى لشهر كامل معها الجليلة ووالدها..
تتابعها فيه طبيبة نفسية إلى جانب العلاج الطبي والفيريائي..

بينما بثينة ومساعد بقيا عند أم متعب وفي رعاية صيتة..

خلال هذه الأسابيع في المستشفى كان وضع أميرة سيئا جدا... ودموع الجليلة لا تتوقف على حالها..
في البدء كانت الصغيرة لا تتكلم أبدا ولا تتحرك..
فقط عيناها مفتوحتان..

بعدها بأسبوع كلما فتحت عيناها كانت تصرخ بهستيرية ورعب... دون أن تتكلم او تتحرك..

بعدها بعدة أيام..كانت كلما فتحت عيناها تقفز من السرير صارخة تبحث عن الجليلة حتى تختبئ في حضنها وتخفي وجهها فيه.. دون أن تتكلم..

المرحلة الأخيرة عادت للكلام.. لكنها كانت ملتصقة بالجليلة.. التصاقا جنينيا..
كانت تشعر بالرعب الحقيقي بعيدا عن الجليلة.. وتكره أن تتذكر ماحدث لها.. وترفض الحديث عنه..
ومرت سنوات طويلة وهي لا تدخل الحمام وحدها..
وترفض إغلاق بابه..
وترفض إطفاء الأنوار حتى وهي نائمة..
وتبكي كثيرا.. وتقفز من نومها مرعوبة تصرخ بهستيرية..

وكانت الجليلة تفعل كل شيء معها بالتدريج.. بتأني كبير..
و حاولت الجليلة أن تحل كل شيء بعيدا عن ارتباط أميرة بها.. لأن هذا الارتباط هو مايعطي أميرة القوة لمجابهة مخاوفها..
فهي الآن ماعادت تخاف الظلام.. ولا البقاء وحيدة.. ولا إغلاق الحمام..
لا تخاف إلا من شيء واحد.. هــــــــو فقدان الجليلة..
لأن تلك الحادثة ارتبطت في ذهنها ودواخلها بفقدان أمها وعدم وجود الجليلة لتحميها من الرعب الذي عاشته والذي يفوق سنوات عمرها بكثير.. بكثير..
والذي مازالت ترفض الحديث عنه أو مجرد تذكره..
.
.
.

" وليش ماعلمتوني زين..
إبي جاء زارني عقب وفاة امي
ليه ماعلمني؟؟ ليه؟؟"

تنهدت الجليلة وهي تربت على كتف شهاب بشجن وحزن ومؤازرة كل المشاعر المتناقضة:
شهاب اللي فيك مكفيك..
وش له نزودها عليك..
ثم أردفت بحزن أعمق: بعدين شهاب أنت حتى ما كنت طايق تشوفنا.. عشان نعلمك علومنا..

شهاب عاوده جموده الغريب: لا تلوميني يا أخيش.. كنت أكره نفسي لا جيتوا تزوروني..
أكره تشوفوني في ذا المنظر..
وعقب ما مات إبي وأمي.. حسيت بالقهر يأكلني إنكم أيتام وبروحكم.. وأخيكم الكبير اللي مفروض يكون جنبكم مسجون يدافع عن غيركم..
ثم أردف شهاب بوجع: جليلة لا تشرهين..أنا ارتكبت ذنوب كثيرة في حق الناس اللي أحبهم.. بس غصبا عني.. ياجليلة.. غصبا عني..
أنتي الحين تشرهين علي إني ماكنت أبيكم تجوني..
تدرين وش سويت في أعز رفيق لي يوم جاني؟؟
بلغه إبيه باللي صار.. جاني فورا من أمريكا.. وقبل يجيني إبي وعمي..
كان أول حد جا يزورني.. قبل حتى يجوني هلي.. عادني في التحقيقات وجايب معه اثنين محامين.. تدرين وش سويت فيه؟!!

الجليلة بتساؤل واستغراب وتوجس من طريقته في الكلام: وش سويت؟؟

شهاب بحزم مغموس بالوجع: طردته.. وحلفت عليه ماعاد يوريني وجهه..





************************************




ابتسم تركي وهتف بنبرة مقصودة: شكلك ذا الأيام مشغول جدا؟!!

هتف فُرات بثقة: إي والله جدا.. قاعدين نصب أساسات المشروع الجديد..
وعندي اجتماعات ما تخلص ما أرجع البيت إلا آخر الليل
ويادوب أروح أعطي المحاضرتين اللي أنت ورطتني فيها..
حتى لو أنت ما كلمتني إنك تبيني ضروري وكنت مابعد طلعت من البيت
وإلا ماكان قدرت أواجهك..

تركي بذات الابتسامة المريبة: توقعت كذا..
بس أحسن عشان أخذ البشارة..

فُرات باستغراب:
بــــشــــارة ويـــــــش؟؟

تركي حينها أشرق وجهه واتسعت ابتسامته: أنا كنت متوقع إنك دريت.. بس يوم شفتك كل يوم تكلمني طبيعي ولا كنك دريت بشيء.. توقعت إنك مادريت.. وكنت أتمنى إنك مادريت.. عشان أشوف وجهك لا بشرتك..
يا الله يدك على البشارة يا أبو حمد..
اردف وابتسامته تتسع: شهاب طلع ..وقده في الدوحة من حوالي 4 أيام..

حــــيـــنـــــــها..
همس فُرات بهدوء شديد.. شــــديـــــد.. شــــــــديــــــــــــد.. .
بالكاد تخرج الكلمات من فمه لشدة هدوءه: ممكن تعيد.. وش قلت؟؟


فرات كان خالي الذهن تماما..
حين قال له تركي بشارة.. توقع كثير من الأشياء على رأسها أن دكتور حسني سيستلم المجموعة منه بدءا من المحاضرة القادمة مثلا..
ولكن بشارة مثل هذه لا تستدعي أن تركي بالكاد يسلم على أهله ثم يحضر له مباشرة دون أن يبدل ملابس السفر حتى..
فهو مازال يرتدي البنطلون والقميص التي حضر بها من المطار..

لـــــكــــــــن..
نعم.. نعم.. نــــــــــعــــــــم!!
بشارة مثل هذه تستحق أن يحضر له قبل أن يذهب إلى أهله حتى..
بل كيف هان عليه أن يذهب إلى أهله أولا؟!!
بل كيف هان عليه أن ينتظر أربعة أيام حتى يخبره؟!!
بل كيف هان عليه هو فرات أن ينشغل بأي شيء وشهاب في الدوحة؟!!
وكيف هان على شهاب نفسه يكون في الدوحة من 4 أيام ولا يتواصل معه؟!!
أ ليس هذا وعدهما؟!! أ ليس هذا الوعد؟!!

شهاب في الدوحة..
شهاب في الدوحة..
أ يعقل شهاب في الدوحة؟!! وأخـــــيــــــــرا!!


منذ زمن طويل طويل طويل لم يشعر أنه غير قادر على السيطرة على مشاعره مثل الآن
هتف لتركي بذات الهدوء الملغوم الذي يخفي تحته نارا تستعر: قوم وصلني ..
وحسابك معي بعدين..

ابتسم تركي: بوصلك بس ما أني بداخل معك.. بروح أتسبح وأبدل.. ثم بجيكم..
والحساب يوم الحساب..
أنا أبي بشارتي وبس.. لك أكثر من عشر سنين توعدني فيها..
وشوفة تعابير وجهك تستاهل العنا..

أكمل عبارته ثم تناول هاتفه واتصل برقم عنده.. بعد التحيات المعتادة السريعة هتف بمودة:
مساعد فيه رجال بيجي يسلم على شهاب.. خله ينتظره في المجلس..
وبعدين شهاب عاده ماطلع رقم؟؟
..........................
صار معه تلفون.. ممتاز.. أرسل لي رقمه..




********************************



القاهرة قبل 17 عاما..
في قسم بوليس العجوزة بالدقي/ الجيزة..
صيف عام 1997..

" فرات واللي يرحم والديك ترا مهيب ناقصتك!!"

فرات متفجر بالغضب تماما.. يتآكل غضبا.. يحترق:
أكيد مهيب ناقصتني.. دام هي ودتك في داهية..
وكنت تلومني إني ما أحب نسوان العرب!! نعنبو لايمي عقب اليوم.. نعنبو لايمي..
في كل مكان وفي كل ديرة..
في الخليج وإلا في مصر وإلا في العراق وإلا في أي بلد عربي هم سبب كل المصايب والبلاوي
ليت الله يحصدهم ويخلص العالم منهم.. كان حن الحين في خير..

شهاب متفجر بالغضب كذلك. فما فيه يكفيه.. ولا يحتاج لوما من أحد:
أنت جاي من أمريكا وأنا لي سنتين ماشفتك قاعد فيها عند مرتك الأمريكية.. عشان يوم أشوفك تطلع عقدك عليّ..
كفاية فرات صارت لك 3 أيام وأنت مأكل كبدي وأنا كبدي أصلا محترقة..

اتسعت عينا فرات بصدمة: لا منت ب صاحي.. عادك مع شينك قوات عينك..
أنت داري إن المحامين يقولون موقفك ضعيف جدا..
ويمكن ينحكم عليك إعدام في جريمة أنت ماسويتها..

شهاب بعناد متحسر: ما أبيك ولا أبي محامينك.. أنا ما سويت شيء غلط وربي مارح يخذلني..
أنا دافعت عن أرملة أم أيتام..

فُرات بسخرية موجوعة.. فهو يكاد يموت قهرا بكل معنى الكلمة:
وهي قتلته ولبستك أنت الجريمة.. اشرب الحين.. اشرب..

شهاب بدفاع: هي أبدا ما لبستني الجريمة.. لدرجة انها اعترفت إنها اللي قتلته..مع إني قلت لها ماتقول..
بس هله يبون يطلعون ولدهم شهيد عشان سمعتهم على حسابي..
.
.

قبل ذلك بأسبوع..

كان شهاب قد أنهى فصله الصيفي.. بنجاح.. وأنهى تصديق أوراقه للعودة إلى الدوحة في غضون أسبوع..
كان شهاب طالبا متفوقا في جامعة قطر في تخصص القانون..
وتبقى عليه مادتين فقط للتخرج..
ولم يتم طرحها في الفصل الصيفي..
فقرر أخذها خارج قطر.. حتى لا يتأجل تخرجه للعام المقبل..
حاولت والدته إقناعه ألا يذهب.. ولماذا الاستعجال..
وما المشكلة لو تعطل تخرجه لفصل إضافي؟؟
حاولت إقناعه بكل الطرق..
ولكنه كان مصرا ..
وذهــــــــب..
ذهـــــــــــــــــــــــ ـــب...


كان يسكن في شقة صغيرة في منطقة المهندسين..
وكان بواب العمارة التي سكنها قد توفي قبل عدة أشهر..
وكانت زوجته تقوم بعمله.. بعد أن رجت صاحب العمارة ألا يطردها..
فهي لديها طفلين صغيرين ليس لهما سواها..
فتركها على شرط أن تدبر نفسها في غضون أشهر.. لأن عمل البواب لا يقوم به إلا رجل..

كان شهاب في تلك الليلة قد نام مبكرا.. كعادته..
حتى يلحق بصلاة الفجر مع الجماعة..
وكان عادة يذهب قبل الآذان ويصل مع المؤذن أو قبله في أحيان كثيرة..

وكان يخرج من باب العمارة الخلفي.. باب الخدمات لأنه الأقرب للمسجد..
بينما الباب الأمامي يستغرق أكثر من عشر دقائق اضافية ليدور حول العمارات المتراصة..
باب الخدمات يقع في مستوى أقل من الباب الرئيسي.. ولا يوجد فيه إلا مخازن السكان والخدمات وسكن البواب...
كان شهاب ينزل الدرج المؤدي إلى باب الخدمات.. مازال يغلق أزرار كميه بعد الوضوء..
وماء الوضوء مازال يتقاطر من وجهه...
حينها انتفض بقوة.. سمع اسمه..
متأكد إنه سمع من يناديه..
كان أحدهم يستنجد وينادي باسمه تحديدا..
كان صوت امرأة تصرخ:
الحقني ياسي شهاب..
ياسي شهاب..

كانت تعلم يائسة أن لا أحد ينزل في هذا الوقت المبكر وقبل الآذان إلا شهاب.. وأنه هو من يستخدم باب الخدمات القريب منها..
كانت تصرخ باسمه... وهي تدعو الله أن يرسله لها أو يرسل لها سواه..
كانت تدعو الله من قلبها.. من عمق قلبها..

شهاب توقف للتأكد من أين يأتي الصوت..
كان يأتي من خلف باب سكن البواب المغلق..
اقترب من الباب .. فازداد الصوت علوا..
وتأكد أن المرأة بالداخل تستنجد به تحديدا..
تدفق دم الحمية في عروق شهاب حارا وهو يرفس الباب بقدمه فيخلعه..
ليتفاجأ بالمنظر البشع أمامه..
كان أحد سكان العمارة يحاول الاعتداء عليها..
ومازالت تدافع عن نفسها بشراسة.. وبجوارها صغيراها يبكيان..
كانا طفلين بعمر السنة والسنتين..

شهاب انتزعه من فوقها بقوة..
وهو يصفعه عدة صفعات بكل قوته ثم ألقاه أرضا هو يستدير ليعطيهما ظهره..
وهو يقول للمرأة بأنفاسه المتطايرة وغضبه الذي مازال محتدما:
البسي ملابسش يا أختي..
الحين بكلم الشرطة يجون يأخذونه..

لفت المرأة نفسها بملاءة..
في الوقت الذي استغل الرجل الملقى أرضا أن شهاب أعطاه ظهره...
وتناول سكينه التي كان يهدد المرأة بها..
وكان على وشك طعن شهاب..
فانتبهت المرأة له..وتناولت شمعدانا حديديا بالقرب منها..
وضربت به المعتدي على رأسه..
لتكون إصابة مباشرة وقاتلة..

شهاب نظر بذهول للرجل الغارق في دمه.. وهو يجس نبضه ليجده فارق الحياة فعلا..

توقف للحظات مذهولا.. ثم هتف للمرأة بحزم:
اسمعيني يا أختي.. الناس بيطلعون للصلاة الان..
خلينا نتفق ..
أنا اللي قتلته.. الحين بأمسح بصماتك من الشمعدان وأحط بصماتي..
انتي عيالك صغار وماعندهم حد غيرك..
إذا شهدتي معي إني كنت أدافع عنك..
مارح أخذ إلا سنة أو سنتين بالكثير..
بس أنتي عيالك ذا السنة وإلا ذا السنتين وين بيروحون...
.
.
.
فرات مازال متفجرا بكل الغضب: واحنا وش نستفيد من اعترافها..
مرة غبية..غبية.. حتى كلامها كله جاء متناقض..
وعرفوا أنها تكذب عشان تحميك..
وزادت الطين بلة.. ورطتك أكثر..
وعقب اعترفت أنها اللي قتلته.. وورطتك أكثر وأكثر..ولا عاد فاد..
بصماتك أنت اللي على سلاح الجريمة..
وقالوا إنك أنت وإياها اللي استدرجتوه..
يعني حتى تضحيتك عشانها وعشان عيالها مالها قيمة..
رح تنسجن على كل حال..

شهاب بحزم وإصرار: عندي.. التضحية لها كل القيمة ولا أنا بندمان أبدا..

فرات مازال غضبه يسيره: أنت منت ب راضي تفهمني.. أنا لو في مكانك سويت نفسك بالضبط.. مستحيل أتجاهل مرة تستنجد.. كيف لو هي تستنجد فيني أنا..
بس الغلط اللي أنت سويته... ذا الفيلم البايخ.. كان خليت الأمور تمشي صح.. هي دافعت عن نفسها.. وقتلته.. أمر بسيط ومنطقي..
ليه تمسح بصماتها وتحط بصماتك؟؟

شهاب جلس وجسده كله ينهار وهو يهتف بإرهاق: فرات اعتقني الله يعتقك..
تراني والله ما عاد فيني أتحمل.. وصلت أخري يا أخيك..
واللي فيني مكفيني.. لا تأكل كبدي وهي محترقة..

فرات بذات الغضب المدمر الذي لا يتزحزح:
وش تبيني أسوي؟!!
انتظر لين أشوفك معلق على حبل المشنقة؟!!

ثم أردف بغضب أكبر و مرارة أكبر واكبر:
كله منك.. ومن تعاملك مع الأمور..
كل تصرفاتك غلط.. وردات فعلك غلط..
كل شيء سويته وتسويه غلط..

حينها وقف شهاب كان بالفعل فيه مايكفيه.. وكان لا يريد أن يراه أحد وفي هذا الموقف..
وكان في حينها متيقنا أنه سيخرج قريبا.. وآخر ما يحتاجه هو تأنيب هذا اللي لم يتوقف عن تأنيبه من ثلاثة أيام حتى اليوم..
هتف بحزم غاضب: وأنا ما طلبت منك تجي وتتحمل معي نتيجة أغلاطي..
أنا أتحمل أغلاطي بروحي..
اطلع من عندي يافرات..اطلع .. ماعاد أبي أشوف وجهك إلا في الدوحة..
فكني من شرك يا ولد آل سطام..

فرات بإصرار: أنا ماني بطالع من ذا الديرة إلا رجلي على رجلك..
إذا أنت مجنون ما تعرف مصلحتك أنا أعرفها..

حينها هتف شهاب بغضب كبير: أنت تفهم وإلا ماتفهم...
انا ما أبيك.. وماني محتاجك.. ولا رح أحتاجك في يوم..
ومهوب كل شيء لازم يمشي على كيفك..
والحين والله ثم والله إن تطلع من عندي على المطار.. ولا لك شغل فيني..
ووالله ثم والله ماعاد تشوف وجهي إلا في الدوحة..
والله لا تفجرني إني ماعاد أعرفك عمري كله..

فرات كان مصدوم.. مصدوما.. لا يتفهم حتى ردة فعل شهاب الغريبة: طالبك يا أخيك تستغفر.. أنت تبي تذبحني..

شهاب كان غاضبا من كل شيء.. كان مقهورا..وكانت حمية الشباب وحماسهم ونزقهم تأخذه إلى أبعد حد..
كان يشعر بالحرقة والظلم والضياع.. ونفّس عن غضبه في وجه أول وجه قريب منه يراه في محنته:
كلها سنة وإلا سنتين..ونتواجه..
ارجع فيها عند مرتك وديرتها..
وحتى لو صارت عشرين سنة.. ما أبي أشوف وجهك عندي..
حلفت ماعاد نتواجه ولا تشوفني إلا في الدوحة..
والله إن تطلع الحين.. اطلع أقول لك.. برا يا الله..

فرات بغضب: ماني ب طالع ولا رايح مكان.. اطعم لك عشرة مساكين عن حلفك وإلا صوم ثلاث أيام..
أنا قاعد لين أشوف آخر سالفتك يا سوبرمان.. يا نصير النساء..

حينها انفجر شهاب انفجر تماما: أنت جاي تبي تطلع عقدك علي؟؟.. تبي تخلي ذا المرة المسكينة اللي أنا أنقذتها مثال لصورتك المريضة عن المرأة العربية وبس
وتبي تقعد تنظّر فوق رأسي نظرياتك المريضة.. يا أخي أنا ماني بطايقك.. ولا طايق أفكارك المريضة..
اطلع برا.. فكني من شرك.. ما أبي أشوف وجهك.. برا.. برا..

حينها أشاح فرات بوجهه.. وانسحب دون أن يودعه.. وهتف بحزم:
أنا طالع المطار ..
ووالله ماعاد تشوف وجهي إلا في الدوحة على حلوفتك..
بس المحامين بيقعدون معك لين ينحكم في قضيتك..

كلاهما جرح الآخر جرحا غائرا.. تماما..
وغـــــــــادر..
كان جرحا ماكنا.. ترك أثرا عميقا في نفس كل منهما..
وكانت تلك المرة هي المرة الأخيرة التي يرى فيها شهاب فرات..
وهو يغادره مُهانا مطرودا..
ولم يعرف بعدها أي شيء عنه.. فهو لم يسأل عنه أبدا في استمرار غريب لردات فعله الغريبة في السجن... وتصرفاته الاغرب مع الجميع..
تصرفاته الجامدة غير المفهومة وهو يبعد الجميع عنه..

ولكن فُرات كان يسأل تركي عنه دائما ..
وكان دائما يقول له: اليوم اللي تبشرني فيه بطلعة شهاب..
لك فيه أكبر بشارة ممكن تتخيلها..

وبالتأكيد حين بشره تركي.. لم يكن يريد هذه البشارة..
لكنه أراد بالفعل أن يسعد فُرات وهو يعلم جيدا كم انتظر هذا الخبر..
كم انتظره طويلا!!




*******************************



" غريبة إني ما أعرف ذا الصديق!!"

ابتسم شهاب: ليه أنتي تعرفين أساسا أحد من ربعي؟؟.. وإلا قد علمتش باسم واحد منهم؟؟

ابتسمت الجليلة: لا والله عمرك ماقلت.. بس تقول: طالع مع ربعي وبس.. وإلا طالع مع رفيقي وبس..
بس ذا الرفيق اللي ترك أمريكا عشان يجي لك ويجيب لك محامين..
لازم أعرفه..

شهاب بابتسامة بشجن وحزن: ودي أنشد منه وينه وإلا وين راح.. بس مستحي.. مالي وجه..
ما طاوعني لساني أنشد منه..
ومن يوم جيت وأنا أفكر فيه..
ورحت لبيتهم القديم.. ماعاد عينته.. أو مادليته.. ما أعرف..
وأقول لو هو في الدوحة كان جاني.. مستحيل يدري إني هنا ولا يجي..والجماعة كلهم دارين إني هنا.. أكيد إنه عنده خبر..
وأرجع أقول يمكن إنه نساني.. هذي 17 سنة مرت.. وإلا عاده زعلان علي؟؟
وأقول يمكن إنه عاده في أمريكا ما رجع؟؟

قاطعه رنين هاتفه.. تناوله وهو يهتف بمودة حازمة: هلا مساعد
.................
في البيت داخل..
.................
إن شاء الله بأروح الحين..

شهاب أنهى الاتصال .. والتفت لجليلة وهتف بمودته الجامدة:
أنا رايح المجلس.. بيجي رجال يبي يسلم علي..
وعادنا ما خلصنا كلام في موضوع أميرة..
بس لازم تداومين.. بكرة
بكرة الأحد اسبوع جديد.. وانتي غبتي بما يكفي

حينها ابتسمت الجليلة: أبشر..
اصلا لازم أروح... عقب اسبوعين امتحان الامبريالي.. أبي ألحق اخذ المحاضرات..

شهاب يستعد للخروج وهو يبتسم: من الإمبريالي ذا؟؟..

الجليلة تستعد كذلك للصعود لأعلى وهي تبتسم: بعلمك بعدين..




**********************************



"خالد ... ممكن أدخل وإلا بزعجك؟؟"

خالد بمودة: تعالي غلوي..
أنا اصلا جاي بس ببدل واطلع أركض..
موب بس رجالش اللي رياضي ويركض..

كان بالفعل يرتدي لباسه الرياضي ويبدو مستعدا للخروج

ضحكت غالية: لو على رجالي عاجز ووده ينبطح وبس..
غير ربي بلاه برجال اختك ورجال بنت عمك..

غالية جلست جوار خالد الذي كان ينهي استعداده بلبس حذائه الرياضي وعقد خيوطه..
مدت كفها لتربت على فخذه بحنان: أنت زين فديتك؟؟ عسى منت متضايق؟؟ ولا عاد في خاطرك شيء؟؟

حينها تنهد خالد بغضب قلب حاله بشكل مفاجئ ونبرته الحازمة المتجبرة تحضر بكل قوة:
أنا أبي أعرف أنتو شايفيني بزر عمره خمس سنين.. أمه راحت وخلته؟
ولازم تطبطون عليه..
ياناس أنا رجال.. رجال.. أنهيت مرحلة من حياتي باقتناع تام مني..
وانتهينا.. انتهينا..
ولا عاد حد يفتح معي أي موضوع يخص طلاقي بأي شكل من الأشكال..

غالية انكمشت قليلا وهمست باختناق: كنت أبي أتطمن عليك بس..
ثم اردفت بحنان: حالك مهوب عاجبني فديتك..
حتى وزنك نازل... وش له تركض؟!!

خالد اغتصب ابتسامة وهو يقف ثم يميل ليقبل رأسها ويهتف بحنو مازال مطعما بنبرته الغاضبة:
مانقصت حتى كيلو واحد..
ولا تشغلين بالش يا أخيش.. مافيني إلا العافية..

خالد أنهى عبارته وتركها جالسة في غرفته ونزل ليركض..
خرج خارج المنزل.. وركض بسرعة حتى تجاوز منزلهم بشارعين..
بعدها توقف وهو يستند إلى جدار مسجد..
زفر بقوة وهو يشد بقبضته على أعلى صدره من اليسار..
كان يشعر بتصاعد الألم في قفصه الصدري..
وهو عاجز عن سحب أنفاسه وأضلاعه تنطبق على رئتيه بعنف..
وكأن المكان حوله خال تماما من الهواء..
. مع انه أواخر أكتوبر والجو كان منعشا ..
لكن تبدو له الدوحة كلها وكأنها خلت من الأكسجين..
وأن كل ما فيه يستنجد من الاختناق ولا يستطيع أن يفعل شيئا..
كان يحسب للطائرة حتى غادرت.. وهو يدعو الله ألا يخذله..
أن يمده بالقوة... أن يمنحه العزيمة لبدء طريقه من جديد..

فور تيقنه بمغادرتها هذا الصباح هاجمه هذا الإحساس المفاجئ المر بالاختناق..
الإحساس أنه يتنفس داخل صندوق أغلق عليه...
وأن رئتيه تيبستا من قلة الهواء..
تنهد بعمق.. وشعر أن حتى التنهيدة تؤلمه..
(إذا ماكنت قادر أنسى..لازم أتعود!)

عاود شد جسده.. ليحاول أن يعود للركض..
ولكنه لم يستطع أن يكمل جولته..
فالركض مع العجز عن التنفس الذي يشعر به كان تعذيبا حقيقيا.. نفسيا وجسديا..
لذا قرر أن يعود للبيت ليرتاح.. وأن يقرأ ورده و يصلي قيامه كي ينام مبكرا..




************************************




"أبوفرات تدري وين ولدك المزيون
بنته المزيونة تدق عليه ما يرد
موب عوايده أبد يسفهني"

حين دخلت غرفة جدها كان يقرأ في مصحفه.. لذا هتفت بتراجع وخجل: آسفة يبه قاطعتك؟؟

هتف أبو فرات بحنان وهو يضع مصحفه في مكانه: تعالي أنا أصلا خلصت..
وفرات أكيد مشغول جدا وإلا في اجتماع عشان كذا مارد على بنته المزيونة..
الله يعينه ذا الأيام.. يا الله أشوفه خمس دقايق في اليوم..
ثم تنهد بحزن: ما أعرف لمتى وهو هالك نفسه في الشغل كذا؟!

حينها زفرت مي بضيق وهي تجلس جواره: كنت أبي أشوف لو هو بيتعشى معنا.. حمد وحامد موجودين في البيت.. قلت نتعشى سوا...

ابتسم الجد وهو وهو يحتضن كتفيها ويقبل قمة رأسها: ماعليه إبيش دايما موجود حزة العشاء..
بس الاثنين ذولا دايما واحد منهم غير موجود.. خصوصا حامد..

" وأنا كل مادخلت عليكم إلا لازم أسمع اسمي..
ما تخافون الله من كثر ما تغتابوني.."

أبوفرات ابتسم بمودة وهو يتلقى حامد الذي قبل رأسه ويده: وأنت ماتخاف الله من كثر ما تنصت..

ضحك حامد: بابك مفتوح وصوتك عالي..الصوت هو اللي جاني..

ثم أردف بمودة عميقة وهو يجلس جوار حمد الكبير من الناحية الأخرى ويمسك بيده ويشد عليها:
اشلونك جعلني فداك..

ابتسم أبوفرات بشفافيته المعتادة: أنا طيب يا أبيك.. أنت اللي اشلونك.. وأخبار تدريباتك؟؟

حامد بمودة: كل شيء زين .. وعندي سفرة قريبة.. عندنا بطولة برا..
ثم أردف بتذكر: ترا مساعد ولد طالب آل حزام كلمني.. يعزم على عشاء كبير على سلامة أخيه عقب بكرة..
وطلب رقمك أنت وفرات.. قلت أنا بقول لهم..

حينها استدار أبوفرات نحو حامد وهو يهتف بصدمة وعيناه تتسعان: من إخيه؟؟ شهاب؟؟ متى طلع؟؟ وفُرات درى إنه رجع؟؟ فُرات درى؟؟

حامد هز كتفيه: ما أعرف.. أنا أصلا تغديت عندهم قبل كم يوم.. بس لهيت ونسيت أقول لكم..

حينها ابتسم أبوفرات ابتسامة واسعة: تبي لك بشارة أكبر من رأسك؟؟.. دق على فرات وعلمه إن شهاب طلع..

حينها ضحك حامد وهو يتصل بفرات عدة مرات دون رد: ماحد يعيف البشارة بس ليه بيعطيني بشارة؟؟
ثم أردف بنبرة مقصودة: مع إنه عندي خبر ثاني أظن بيعطيني بشارة عليه بعد..



********************************



قبل ذلك.. الوقت قبل المغرب..

لا يعلم أي عواصف كانت تهب عاتية عنيفة في روحه..
وهو يجلس صامتا بجوار تركي في سيارته..
بعد أن وضع هاتفه على الصامت.. وطلب من سكرتيره إلغاء كل أعماله واجتماعاته..
لم يكن يريد أي مقاطعة لما هو مقبل عليه..
لما انتظره سبعة عشر عاما عاما بعام..
لما يستحق منه أن يعايشه بكل التركيز والتفاصيل..
(وأخيرا يا شهاب في الدوحة عقب 17 سنة.. وأخيرا!!)

نزل من سيارة تركي دون أن يتكلم.. وهو يحث الخطا إلى المجلس الذي لم يدخله سابقا
وإن كان دخل المجلس المجاور له كثيرا..
كان دوما ينظر له في كل مرة يزور تركي مشغولا به ويترقب.. إلى درجة أنه سأل تركي ذات مرة: ليه مجلسكم أنتو وعمكم موب واحد؟؟
كيف أخين جنب بعض وكل واحد له مجلس..

كان يتمنى بكل لهفة الكون اللحظة التي سيدخل فيها ذلك المجلس الآخر.. اللحظة التي تأخرت كثيرا.. كثيرا..
وكان يظن أنه سيبقى لثمان سنوات متطاولة أخرى حتى يدخله..
ارتبط ذلك المجلس في ذهنه بعودة شهاب..
وهاهو شهاب يعود..
وهاهو يخطو خطواته الأولى إلى داخل المجلس..



#أنفاس_قطر#
.
.
.





Noruh 96, anvas, nour66 and 9 others like this.


التعديل الأخير تم بواسطة #أنفاس_قطر# ; 24-06-21 الساعة 11:55 AM
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً  
التوقيع

.
فتحتُ لك (بعد الغياب) بابا ، ففتحت لي (أسى الهجران) أبوابا، وهأنا أقف حائرة (بين الأمس واليوم ) ، مصلوبة في (فضاءات اليأس والأمل)
.
.
قديم 24-06-21, 11:02 AM   #3757

1207

? العضوٌ??? » 353128
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 256
?  نُقآطِيْ » 1207 is on a distinguished road
افتراضي

وا حر قلبي عليك يامها، وإلا تعوبي يستاهل عقاب سعود
هل ستظهر شخصية شيبو النارية مقابل عقدة أميرة وجليلة


1207 غير متواجد حالياً  
قديم 24-06-21, 11:16 AM   #3758

منـال مختار
 
الصورة الرمزية منـال مختار

? العضوٌ??? » 477586
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,015
?  مُ?إني » المملكة العربيه السعودية
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » منـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond reputeمنـال مختار has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1250 ( الأعضاء 155 والزوار 1095)

‏منـال مختار, ‏شيخهه, ‏الصفا الشرقي, ‏Razan14, ‏وكان, ‏Manal_m7, ‏Nassnura, ‏طلع القمر, ‏دغر, ‏..هناك أمل .., ‏فوفو روز, ‏تكشوو, ‏#أنفاس_قطر#, ‏جنون امراه, ‏Ombuti, ‏Besh1992, ‏Msamo, ‏رزانمن, ‏fah, ‏ارض اللبان, ‏ابتسام عبدالله, ‏منظرتي, ‏عبَق الخُزامى, ‏حلا فيفا, ‏وعدي الابدي, ‏_زاي, ‏khwlahal, ‏غصـون, ‏ward77, ‏ليلو لولا, ‏ميكب, ‏اطلانتس, ‏بلاكو, ‏zaina94, ‏amana 98, ‏Monya05, ‏تفاحة فواحة, ‏ستلا, ‏فضاءات اليأس والأمل, ‏miss.2020, ‏لولوة 22, ‏dodo19, ‏ليل الفراق33, ‏موضى و راكان, ‏حووووووور, ‏Glories1, ‏عوووق, ‏مومو_, ‏اميره بوها, ‏جواهر 2006, ‏Elafksh, ‏اللؤلؤة الوردية, ‏هجره, ‏الاميرهه, ‏ديم الدجى, ‏ايما حسين, ‏Mona2020, ‏زموردة, ‏نآرو, ‏جمميلة, ‏kholod1, ‏الشهيده, ‏خيال السراب, ‏ميمي2, ‏رذاذ الغيم, ‏rasha2001, ‏تجي نلعب, ‏جـيجي, ‏monaliza1971, ‏النعيميه الاردنيه, ‏همس البدر, ‏"جوري", ‏أم نسيم, ‏اريج شيماء, ‏1207, ‏أفنان محمد., ‏safa2018, ‏امازد نجد, ‏غرامي الدلوعه, ‏وراقة, ‏احلام 2, ‏شذاء, ‏الغجرية السمراء, ‏آمال موضي, ‏درة الاحساء, ‏هبوش المحمد, ‏ام عهد وعلي, ‏نفحات النسيم, ‏جلاديوس, ‏زيـنـبٌ, ‏HA14, ‏عشق القلم, ‏مكاويه أصيله, ‏أبها, ‏ليلوسا, ‏عز ومهابة, ‏نورسسين, ‏أصداف_, ‏هامة المجد, ‏طلسومه, ‏خالد_, ‏مريوش, ‏strom, ‏جنى., ‏الغيّد, ‏آلجآزي, ‏الئ متئ, ‏بيادر مطرجي, ‏zsa89, ‏سما وقمر, ‏Dall, ‏أم الكيكات, ‏نوره العج, ‏^راسية^, ‏كاردي, ‏هبه سمير, ‏الزمن القديم, ‏أروى1986, ‏بين الوجود والعدم, ‏bshoor15x, ‏ربي اسألك الجنة, ‏تناهيد المحبة, ‏قلبي اخضر, ‏مهيف ..., ‏أم بثينه, ‏queen to00ofy, ‏راء!, ‏دُجى., ‏امم غنى, ‏الحبتورية, ‏Electron, ‏ابتسامة تفاؤل, ‏396396, ‏Batol210, ‏سوسو1415h, ‏بينار يلمز, ‏ماادري بعد, ‏عيونُ البنفسج, ‏Arw2, ‏the dream song, ‏different, ‏Tooog, ‏mem. 1957, ‏queen0422, ‏جووووجوووو, ‏alamal, ‏shmoo5, ‏nadoosh3122, ‏فاطمه حدادي, ‏ام آية وهداية, ‏aboore36


منـال مختار غير متواجد حالياً  
قديم 24-06-21, 11:20 AM   #3759

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1311 ( الأعضاء 164 والزوار 1147)
‏فيتامين سي*, ‏nmh, ‏حقول الياسمين, ‏ام آية وهداية, ‏منـال مختار, ‏S-6, ‏أروى1986, ‏زموردة, ‏الئ متئ, ‏أم صبا, ‏سحاب الغيم, ‏فوفو روز, ‏امل الفقيه, ‏رندالقرشي, ‏noura26, ‏الغيّد, ‏نوره ام عبدالمجيد, ‏شيخهه, ‏الصفا الشرقي, ‏Razan14, ‏وكان, ‏Manal_m7, ‏Nassnura, ‏طلع القمر, ‏دغر, ‏..هناك أمل .., ‏تكشوو, ‏#أنفاس_قطر#, ‏جنون امراه, ‏Ombuti, ‏Besh1992, ‏Msamo, ‏رزانمن, ‏ranayla*, ‏fah, ‏ارض اللبان, ‏ابتسام عبدالله, ‏منظرتي, ‏عبَق الخُزامى, ‏حلا فيفا, ‏وعدي الابدي, ‏_زاي, ‏khwlahal, ‏غصـون, ‏ward77, ‏ليلو لولا, ‏ميكب, ‏اطلانتس, ‏بلاكو, ‏zaina94+, ‏amana 98, ‏Monya05, ‏تفاحة فواحة+, ‏ستلا, ‏فضاءات اليأس والأمل, ‏miss.2020, ‏لولوة 22, ‏dodo19, ‏ليل الفراق33, ‏موضى و راكان, ‏حووووووور, ‏Glories1, ‏عوووق, ‏مومو_, ‏اميره بوها, ‏جواهر 2006, ‏Elafksh, ‏اللؤلؤة الوردية, ‏هجره, ‏الاميرهه, ‏ديم الدجى, ‏ايما حسين, ‏Mona2020, ‏نآرو, ‏جمميلة, ‏kholod1, ‏~sẳrẳh*+, ‏الشهيده, ‏خيال السراب, ‏ميمي2, ‏رذاذ الغيم, ‏rasha2001, ‏تجي نلعب, ‏جـيجي, ‏monaliza1971, ‏النعيميه الاردنيه, ‏همس البدر, ‏"جوري", ‏أم نسيم, ‏لامارا*+, ‏اريج شيماء, ‏1207, ‏أفنان محمد., ‏safa2018, ‏امازد نجد, ‏غرامي الدلوعه, ‏وراقة, ‏احلام 2, ‏شذاء, ‏الغجرية السمراء, ‏آمال موضي, ‏درة الاحساء, ‏هبوش المحمد, ‏ام عهد وعلي, ‏نفحات النسيم, ‏جلاديوس, ‏زيـنـبٌ, ‏HA14, ‏عشق القلم, ‏مكاويه أصيله, ‏أبها, ‏ليلوسا, ‏عز ومهابة, ‏نورسسين, ‏أصداف_, ‏هامة المجد, ‏طلسومه, ‏خالد_, ‏مريوش, ‏strom, ‏جنى., ‏آلجآزي, ‏بيادر مطرجي, ‏zsa89, ‏سما وقمر, ‏Dall, ‏أم الكيكات, ‏نوره العج, ‏^راسية^, ‏كاردي, ‏هبه سمير, ‏الزمن القديم, ‏بين الوجود والعدم, ‏bshoor15x, ‏ربي اسألك الجنة, ‏تناهيد المحبة, ‏قلبي اخضر, ‏مهيف ..., ‏أم بثينه, ‏queen to00ofy, ‏راء!, ‏دُجى., ‏امم غنى, ‏الحبتورية, ‏Electron, ‏ابتسامة تفاؤل, ‏396396, ‏Batol210, ‏سوسو1415h, ‏بينار يلمز, ‏ماادري بعد, ‏عيونُ البنفسج, ‏Arw2, ‏the dream song, ‏different, ‏Tooog, ‏mem. 1957, ‏queen0422, ‏جووووجوووو, ‏alamal, ‏shmoo5, ‏nadoosh3122, ‏فاطمه حدادي, ‏aboore36


قراءة ممتعة لكم ....... وردود ممتعة لنا ............. وللغاليه أنفاسنا .........


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


قديم 24-06-21, 11:35 AM   #3760

اللؤلؤة الوردية
 
الصورة الرمزية اللؤلؤة الوردية

? العضوٌ??? » 414871
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 722
?  نُقآطِيْ » اللؤلؤة الوردية is on a distinguished road
افتراضي

الفصل روعة روعة روعة ما ينوصف

تسلم ايديك الحلوة نفوسة وربي يسعدك ويبارك بيك


اللؤلؤة الوردية غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:35 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.