29-08-21, 01:22 AM | #1 | ||||
نجم روايتي وكـاتـب فـي قـسـم وحـي الاعـضـاء
| «ليلة الذئب» «ليلة الذئب» ربما تعجلت ولم أتبين حقيقة من أقدمت على الزواج منها قبل الشروع فيه.. ربما كان هو الطمع الذى أعماني.. كيف لا وقد كان شرط الزواج الأول أن أقيم فى هذا القصر الرائع دون أن أتحمل أي نفقات.. ربما كانت لعنة هائمة فى الكون منذ ألف عام قد أصابتني؛ فألقت بي بين براثن تلك الليلة الرهيبة.. ليلة الذئب.. قد يظن البعض أنني أبالغ إن قلت أني لم أحيا معها ليلة تشبه سابقتها.. فكل يومٍ هي امرأة جديدة.. أنثى مختلفة.. نعم لها نفس الملامح.. نفس المعالم.. نفس الجسد.. ولكن فى كل يوم تختلف الروح.. يختلف المذاق.. وكأنني أتزوج امرأة جديدة كل يوم.. أغرقتني فى بئر من العسل الطازج.. فلم أفكر كيف؟ ولا لماذا؟ ولا إلى أين؟ فقط اكتفت بالغرق.. ولم أطلب يوماً طوقاً للنجاة.. كان يجب أن أتنبه إلى أن تلك الليالي الساحرة لا تأتى إلا فى أعقاب تلك الليلة التي يصير فيها القمر بدراً.. والتي يطلق عليها المهتمون بعوالم ما وراء الطبيعة؛ ليلة الذئب.. تلك الليلة التي ينشط فيها الجن؛ والأرواح الهائمة؛ ومصاصو الدماء؛ وكل تلك المسوخ التي تعج بها كتب الأساطير.. كان يجب أن ألاحظ أني فى صبيحة تلك اللية استيقظ من نومى متأخراً على غير عادتي.. مصاباً بألآم شديدةٍ فى رأسي وفى كل جسدي.. كان يجب أن افهم أنه قد تم تخديري بطريقة أو بأخرى فى تلك الليلة.. شعرت برجفةٍ شديدةٍ تسرى فى جسدي عندما أدركت أن الليلة سيكتمل فيها القمر بدراً.. أذن فالليلة هي ليلة الذئب.. أدركت حينها أنه لابد وأن أعرف ما يحدث فى تلك الليلة.. تحوطت حتى لا تستطيع تخديري.. تصنعت النوم الثقيل ليلاً.. ظلت هي إلى جواري بعض الوقت تتقلب دون نوم.. أحسست بلفح أنفاسها فوق وجهى وهى تتأكد أنى قد غرقت فى نوم عميق.. شعرت بها تنهض بهدوء من الفراش.. سارت فى ظلام الغرفة دون أن تتعثر فى شيء.. هبطت إلى الطابق السفلى للقصر.. تريثت قليلاً؛ ثم تسللت خلفها إلى حديقة القصر.. كنت أراها من بعيد كشبح تسير الهويين تحت ضوء القمر الفضي حتى دارت خلف بناء القصر واختفت عن عيني.. مكثت مكاني لدقائق؛ ثم عدت أتعقبها.. درت حول بناء القصر فرأيت أمامي باباً فى سور الحديقة الخلفي.. أراه الأن لأول مرة.. وبرغم أنى تجولت فى كل مكانٍ بالقصر.. وبرغم أنى سرت فى هذا الممر كثيراً.. ألا أنى وللمرة الأولى أرى ذلك الباب.. دلفت من الباب بحذرٍ شديد؛ لأصعق بهذا المشهد الذي أمامي.. يا الهول.. ما هذا الطريق العجيب؟ أيمكن أن يكون مثل هذا المكان فوق كوكب الأرض؟ أم أنى قد مررت لتوي من فجوة زمنية انتقلت بي إلى عالمٍ موازٍ؟ لقد تحول المشهد كله إلى اللون الرمادي الكئيب.. حتى ضوء القمر الفضي أصبح شاحباً يميل إلى الحمرة ويلقى على الأرض بظلال مخيفة لتلك الأشجار الضخمة المتربة والخالية من أي أوراق.. الطريق كله عبارة عن ممر ضيق مترب تماماً.. غاصت قدماي فى تلك الأتربة وأنا أسير خلفها مستتراً بتلك الأشجار الضخمة؛ وبيني وبينها مسافة طويلة نسبية حتى لا تشعر بي.. انتهى الممر المحاط بالأشجار فتراءت لي وهى تسير خلال أرض ترابية مكشوفة تماماً؛ وتمتد على مدى البصر وكأنه لا نهاية لها.. سارت حتى توقفت فى منطقة ما بجوار قطعة من الأرض مرتفعة قليلاً؛ كأنها قبر ولكن بلا شاهد فوقه.. نزعت عن جسدها تلك الغلالة الرقية التي كانت ترتديها.. جثت بجوار ذلك القبر فاردة ذراعيها فوقه.. ثم استقامت على ركبتيها رافعة ذراعيها إلى السماء.. نقل لي الأثير صوتها وهى تصرخ بنداءات لم أفهم لها معناً.. وتترنم بترنيمات - لابد وأن تكون شيطانية - بصوت جهوري كئيب؛ وكأنه يأتي من قاع الجحيم.. لاح لي وجهها للمرة الأولى منذ أن غادرت فراشي.. ما هذا؟ يا له من وجه بشع.. ما كل تلك التجاعيد؟ ما هذا الشعر ناصع البياض.. لقد تحولت خلال دقائق إلى مسخ بشع؛ وكأنها مومياء محنطة منذ ألاف السنين.. مضت دقائق وهى ترتل تراتيلها؛ ثم عادت لتجثو فوق القبر وقد صمتت تماماً؛ وكأنها قد ذهبت فى سبات عميق.. ما هذا الذى أراه؟ أيمكن أن يكون هذا حقيقي؟ أم أنني قد أصابتني لوثة لهول ما رأيت حتى الآن؟ أحقاً هي تنكمش؟ نعم.. إنها تنكمش بالمعنى الحرفي للكلمة.. وكأنها بالوناً منتفخاً يتسرب منه الهواء رويداً رويداً.. بينما هناك سائل ما يتسرب خلال هذا الكيس الجلدي لتمتصه أتربة القبر.. أهذه دماء؟ لا.. إنها ليست دماء.. أنها سائل لزج له لون عجيب.. ولكن تربة القبر تمتصه بسهولة كأنه ماء يتسرب خلال كتلة رملية.. لقد صارت الأن كيساً جلدياً فارغاً تماماً.. نسيت ذعري مما أرى؛ وجريت تجاه هذا القبر؛ بالكاد تحملني ساقىّ؛ وكأنى أريد أن أنقذ ما تبقى من سائل الحياة الذى يتسرب من هذا الكيس الجلدي.. ولكنى قبل أن أصل إلى القبر توقفت مذعوراً.. ولم تعد قدماي تقوى على حملي فتهاويت فوق ركبتي من هول ما رأيت.. لقد برزت فجأة ذراع رهيبة من قلب هذا القبر الترابي.. ذراع سوداء يابسة وكأنها غصن شجرة محترق.. كفها يابس تماماً وله مخالب بشعة المنظر.. امتدت تلك الذراع وجذبت هذا الكيس الجلدي الفارغ من اللحم والعظام.. فردته فوق القبر وكأنه رداء بالٍ.. مرت لحظات وكأنها دهراً.. وكما فرغ الكيس من محتواه أول مرة؛ عاد لينتفخ مرة أخرى وكأنه نفس البالون وهناك من ينفخ فيه الهواء.. لم تمض دقائق إلا وعادت كما كانت منذ أقل من ساعة.. تلك الأنثى رائعة الجمال.. سوداء الشعر.. صافية البشرة لا شية فيها.. متناسقة القوام بلا تجعيده واحدة فى جلدها وكأنها قد ولدت بالأمس.. تمطت بقوة؛ وكأنها استيقظت لتوها من نوم عميق.. وقعت عينها علىّ.. فلم يكن هناك مهرباً من أن تراني.. صرخت من المفاجأة.. نهضت.. تقدمت منى مسرعة؛ وأنا فى مكاني كمن أصيب بالفالج فلم أقوَ على الحراك قيد أنملة.. نظرت إلىّ نظرة شيطانية غاضبة؛ لن أنساها ما حييت.. فقد كانت تلك النظرة هي أخر شيء أراه؛ قبل أن تفقأ مقلتيّ بأصابعها عقاباً لي لآنى رأيت ما كان يجب ألا أراه .. . تمت -أبو مروان المصري | ||||
02-10-21, 06:30 AM | #5 | |||||
نجم روايتي وكـاتـب فـي قـسـم وحـي الاعـضـاء
| اقتباس:
| |||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|