آخر 10 مشاركات
من أجلكِ حبيبتي (71) للكاتبة: ميشيل ريد ×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          [تحميل] أقدار ، لـ ضاقت انفاسي (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )           »          [تحميل] أشباه الظلال للكاتبة / برد المشاعر ( ليبية فصحى) (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          متوجةلأجل ميراث دراكون(155)للكاتبة:Tara Pammi(ج1من سلسلةآل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          عاطفة مجنونة (27) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          أميرها الفاتن (20) للكاتبة: Julia James *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          زواج الانتقام (3) للكاتبة: Amanda Browning *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree17Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-12-21, 04:40 PM   #1

Nahla kandeel
 
الصورة الرمزية Nahla kandeel

? العضوٌ??? » 394615
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » Nahla kandeel is on a distinguished road
Rewitysmile11 رواية عشق آخر (2) .. من سلسلة أقدار للعشق


بسم اللة الرحمن الرحيم



رواية عشق آخر (2) الجزء الثاني من اعتراف بالحب وسلسلة أقدار للعشق بقلم نهلة قنديل




إن شاء الرحمن هبدأ أنزل فصول الجزء التاني من رواية عشق آخر

الرواية غير حصرية


وأحب أشكر كل القائمات على المنتدى بتشجيعهم ودعمهم وحصولي على وسام التميز في الجزء الاول كان دفعة قوية ليا..

اتمني الجزئ التاني ينال اعجابكم

وده رابط الجزء الاول للي حابب يتابع من البداية..

https://www.rewity.com/forum/t483944.html





روابط الفصول

المقدمة والفصل 1 .. اسفل الصفحة
الفصل 2 .. اسفل الصفحة

الفصل 3





Soy yo and دانه عبد like this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 07-01-22 الساعة 11:08 PM
Nahla kandeel غير متواجد حالياً  
قديم 27-12-21, 05:18 PM   #2

رىرى45

? العضوٌ??? » 285476
?  التسِجيلٌ » Jan 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,197
?  نُقآطِيْ » رىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond reputeرىرى45 has a reputation beyond repute
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

رىرى45 غير متواجد حالياً  
قديم 27-12-21, 06:40 PM   #3

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



يسعد مساءك حبيبتي حقيقي فرحت لما شفت اسمك منور بين الروايات خاصة انا كنت منتظرة الجزء الثاني من اعتراف بالحب

سعيدة بوجودك وهاكون اسعد بالمتابعة معك

كل التوفيق يا عمري❤️❤️❤️❤️


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
قديم 27-12-21, 10:34 PM   #4

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الورد والجوري... مبارك افتتاح روايتك ومرحباً بك من جديد معنا ...

نرجو منك تنزيل المقدمة او الفصل الأول خلال يومين لأن هذه المشاركة تعتبر دعاية للرواية ومكانها قسم شرفة الأعضاء...


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

قديم 29-12-21, 05:58 PM   #5

Nahla kandeel
 
الصورة الرمزية Nahla kandeel

? العضوٌ??? » 394615
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » Nahla kandeel is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رىرى45 مشاهدة المشاركة
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
ولكي مني أجمل تحية حبيبتي


Nahla kandeel غير متواجد حالياً  
قديم 29-12-21, 05:59 PM   #6

Nahla kandeel
 
الصورة الرمزية Nahla kandeel

? العضوٌ??? » 394615
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » Nahla kandeel is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة maryam tamim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



يسعد مساءك حبيبتي حقيقي فرحت لما شفت اسمك منور بين الروايات خاصة انا كنت منتظرة الجزء الثاني من اعتراف بالحب

سعيدة بوجودك وهاكون اسعد بالمتابعة معك

كل التوفيق يا عمري❤️❤️❤️❤️
يا مريم مش عارفة أعبرك عن امتناني ازاي بجد
انا اللي سعيدة اني اخيرا هقدر انزا الجزء التاني علي المنتدي


Nahla kandeel غير متواجد حالياً  
قديم 29-12-21, 06:07 PM   #7

Nahla kandeel
 
الصورة الرمزية Nahla kandeel

? العضوٌ??? » 394615
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » Nahla kandeel is on a distinguished road
افتراضي

مقدمة



طرفة رمش منك
تتبادل بعدها الأدوار بحياة ترفض السكون
بين غائب في دهاليز العشق
وآخر باحث عن الهوى ومعانيه
عن استحواذ مشاعر.. عن نبضة قلب مختلفة..
و بين مكتفي بذاته.. لا يرغب سوى بسقطة يختبئ بداخلها لعل الدنيا تختزله من أية حسبة يدبرها القدر له
وآخر وصل لحد الاكتفاء بماضي لا فرار منه.. بقلب سجين.. يرفض التحرر بكل استماتة
وبين هذا وذاك
لا فرصة للهرب أو النجاة
إن رغبت بالإثارة أو جاهدت تجنُبها
إن بحثت عن معاني الحب.. أو تحريت الالتفاف من حوله خوفاً من فرصة مصادفته..
فهو قدرك..
يطالبك بتسليم قلبك..
اطلاق مشاعرك..
واخضاع عقلك
فاغمض عينيك..
اهزم أي شك يؤرقك واحدا تلو الآخر
وامنح لروحك المجال لتحلق بعيداً عن كل الماضي
ف بانتظارك
عشق آخر





الفصل الأول
موعد مع الماضي
************

الماضي
زمن ولى ومضى عليك
بأفعال و تصرفات
باختيارات وقرارات
بكل تفصيلة تمر بحياتك صدرت بقرار وافق عليه عقلك
يمر الوقت.. فتقف الآن.. تبتعد بمسافهة كافية عن أحداث مضت.. فتنظر إلى ما وصلت إليه.. ما حققته وما انتهت إليه الأمور معك.. تقابل توابع ماضيك التي تترصد بك وحينها يأتي وقت الحساب..
بمراجعة النفس وجلدها لو تملك حصة كافية من الضمير..
الندم و أمنية التراجع عن الكثير والكثير..
ولو،والتي تفتح معها باباً للشيطان..
ولا شيء سيفيد..
فهي حلقة متصلة ، قرارات تسلمك لأخرى، تشبكها معاً بعض الأخطاء والتي لا مفر منها ،وبخطوات ثابتة تمضي بطريق حياتك الممهد باختياراتك أنت.
وهي كانت على موعد مع الماضي يقف قبالتها.. مواجها إياها بنظرات لا تفلت أية شاردة منها..
عيناه تضيقان بإيحاء يبعث على الخوف ولا شيء سواه..
نظرات تعلنها بكل تأكيد هو يتذكرك..
بعد مرور قرب العامين..
بعد لقاء واحد لم يكمل من الزمن ساعة..
وبعد لحظة ضعف وانكسار داهمتها.. فتلقاها هو بين يديه
فكان شاهداً على أكثر لحظات حياتها ضعفًا وانكسارًا وحماقة .
ولا تعلم أعليها أن تخاف بالفعل ،أم تتجاهل فهو لا يملك حق إدانتها أو محاسبتها !.
أم فقط تستجيب لإلحاح عقلها بالهرب، بالفرار بنفسها من أمامه.. والتنازل عن فرصتها بنيل تلك الوظيفة..
فلا شيء يستحق تهديد راحة بالها وآمنها اللاتي جاهدت في غزل خيوطهما من حولها هي وصغيرتُها..
استمر الصمت ولم تجرؤ على قطعه..
وهو لم يتخل عن وقفته المستندة على حافة مكتبه باسترخاء خادع.. فنظراته الحادة أبعد ما يكون عن الهدوء..
تسمرت بمكانها تنتظر منه البدء.. أن ينتهي من تقيمها و يكف عن نظراته المترصدة كأنه يراقب فريسته.. يستمتع بنظراتها الفزعة بعد أن وقعت بشباك فخه الخاص..
وعند تلك الفكرة.. شملتها رجفة أخرى..
فهذا هو شعورها بالفعل.. كأنها سقطت بفخ نُصب جيداً من حولها..
نفضت تلك الأفكار عن بالها وتوسلت بصمت أن ينهي هذا الموقف فإما أن يرحب بها و يعفيها من كل هذا التوتر أو ينهي تلك المقابلة قبل بدأها.
ولم يفت توسلها الصامت عنه ،وهو يقف متحفزاً لكل رفة رمش منها..
انفرجت شفاه عن ابتسامة.. لم تزدها إلا رعباً.. رحب بها وساهم الصمت الذي ضرب بجذوره بينهما من تضخيم نبرته الخشنة بالفعل..
-في معادك مضبوط يا مدام نانسي..
داهمتها حيرة ،أترتاح لعدم إشارته لمعرفة سابقه تمت بينهما ؟
أم تستسلم لإحساس القلق الذي انتابها وهو يشدد على لفظ "مدام" ؟!
أم هي من تتخيل ذلك ؟!
ابتسمت بتردد ،ولم تساعدها نبرة صوتها في إظهار أية ثقة تملكها فخرج حديثها خافت لا يكاد يُسمع..
-أهم حاجة هي الالتزام بالمواعيد ،أنا.. أنا بس متفاجئة بإن أستاذ محفوظ مش موجود النهاردة..
ضاقت عيناه من جديد.. وبرفعه لحاجب واحد.. بدا كأنه يسخر من حديثها..
أخيراً قرر التخلي عن وقفته.. دار حول مكتبه.. واستقر بكرسيه والذي يبدو وكأنه صمم له خصيصاً ،ليس لضخامة جسد يملكها بل هيبة.. طلة خاصة ناسبها بشكل رائع هذا الكرسي الخاص..
و المنظر العام أمامها نجح ببعثرة ضربات قلبها..
جلسته والأمطار التي ازداد هطولها بالخارج تحيط به من خلف حائط زجاجي ليكونا معاً صورة لا تثير بالنفس سوى الارتجاف.
-مين قالك إن أستاذ محفوظ مش موجود.. عموما أنتِ واقفة ليه اتفضلي اقعدي عشان نعرف نتكلم..
بقدم تؤخر أخرى تحركت من مكانها.. استقرت بنعومة على مقعد يقابل مكتبه، وعيناه معها لا تفارقها، سألها بنبرة محايدة :
- تحبي تشربي إيه ؟
رفعت وجهها له ورفضت بهزة بسيطة :
-ولا أي حاجة شكراً.. يا ريت نتكلم في الشغل لو ينفع على طول..
تحرك جانب فمه بابتسامة :
-مابتضيعيش وقت..
لم يكن سؤال، بل إقرار.. أو سخرية .. ارتبكت للحظة وضاعت منها سرعة البديهة التي تنجدها دائماً
-أكيد حضرتك كمان ماعندكش وقت.. عشان كده كنت فاكرة إن أستاذ محفوظ هو اللي هيجري المقابلة معايا..
عاد بظهره للخلف.. وتأرجح بكرسيه بانسيابية ناعمة ..
-مش أي مقابلة محفوظ هو اللي بيعملها.. في ناس لازم أقابلهم أنا بنفسي..
مدح أم ذم ما توحي به كلماته.. لا تعلم..
بثبات تحسد عليه.. فتحت حقيبة عملها.. أخرجت من داخلها ملف يحوي كل تفاصيل البرنامج التي ترغب بتقديمه تحت إنتاج مجموعته..
-أنا كنت كلمته على التليفون وشرحت له الخطوط العريضة للبرنامج.. حضرتك هتلاقي في الملف كل التفاصيل ،وفي مسودة لإعداد أول حلقة ،ممكن حضرتك تطلع عليها و هنتظر ردكم..
مدت يدها بالملف.. انتظرت أن يلتقطه منها.. فلم تتحرك يداه تجاهها فعاد الخوف ينبض بقلبها مجدداً وهي تقابل نظراته الحادة .
تراجعت يدها الممسكة بالملف بضياع ، أترجعه كما كان داخل حقيبتها.. أم تبقيه أمامه على طرْف مكتبه..
ولما لم تهربِ وقت امتلاكك القرار!! ،لامت نفسها بشدة
وجبينها يتجعد بحيرة.. وتلاعب هو بأعصابها قليلا قبل أن يقرر نجدتها..
-مش مهم فكرة البرنامج.. أنا كنت محتاجك في شغل تاني..
تشتت لثانية قبل أن تواجهه بعينين اشتعلا بتركيز..
-شغل ايه ؟
وصمت ،جابتا عيناه على ملامح وجهٍ نجح بجذب انتباهه من أول لمحة ..
-عايزك تبقي المستشارة الإعلامية لمكتبي.. أو بمعنى أوضح.. هتكوني مساعدة شخصية ليا..
احتاجت عدة دقائق لتفهم.. لتجبر عقلها على تحليل ما سمعته
مساعدة شخصية ليونس صديق !.
والفكرة نفسها كادت تصيبها بالغثيان من فرط الرعب
فأن تجبر على التعامل معه ، رؤيته ، التعرض لعذاب عينيه يوميًا
فما هو الرعب إذًا إن لم يكن كل هذا ؟! ملامحها كانت بالغة الشفافية بالنسبة له..
براءة طلت منها دون إذن كطفلة تائهة بعالم شاسع لا تفقه به شيء لتُفضح خوف متأجج بداخلها، ترددها ورغبتها الأكيدة بالفرار من أمامه ،بينما هو كان يرتدي قناعه الساخر، فلا يسمح لأي من كان بالنفاذ لأعماق روحه ليستكشف أي جحيم غاضب يحترق به فيها.
منذ ما يقرب من العامين.. كانت أنثى ، تملك من حيل وألاعيب حواء ما يكفي لخداعه .
لقد خدعته.. تسللت إليه بلحظة ضعف لم يغفرها لقلبه إلى الآن
لا يعلم كيف لمست أوتار روحه المهترئة وقتها..
وكيف نجحت بشغل حيز لا يستهان بعقله..
رفعت وجهها له كي ترفض هذا العرض دون تفكير
احتبست الحروف وبُعثرت الكلمات..
واصطدمت بنظرات منه تحذرها ،تخبرها بشكل قاطع..
إنه لا مجال للرفض أو الفرار منه..
*******
قد يخدعك ماضيك وهو يصور نفسه لك بأنه بريء ساذج
بلا أية أخطاء من الممكن أن تخشى عواقبها.. أو أية أحداث ستترك أثرها عليك بيوم ما ،فقط أيام هادئة تمضي بك ، لا تخلو من بعض المناوشات البسيطة التي تفرضها عليك الحياة لكنها تبقى خدعة ،فأي حدث يمر بك مهما كانت درجة بساطته ما هو إلا أساس لحدث أكبر ستواجهه بالمستقبل وغالبًا ما ستصل لهذا الحدث بسعيك أنت..
فالإثارة دائمًا ما تكون مرغوبة ،والسكون غالبًا ما يرافقه الملل ..
انهت أسماء ساعات عملها بعد أن استنفدت قواها تمامًا وهي تتنقل من مشروع لآخر تتابع سير العمل بمفردها، لقد ازداد ضغط العمل و تضخمت معه مهامها.. خصوصًا بعد تراجع حضور زينب للمكتب في الآونة الأخيرة لظروف حملها والإرهاق الملازم لها على الدوام فانتقل تنفيذ أي مشروع كانت تديره صديقتها تحت إشرافها..
لم ترغب أسما في الذهاب مباشرة لمنزلها.. فضَّلت السير على الأقدام قليلاً لمشاهدة واجهات المحلات المختلفة ؛ لعلها تنجح بشراء أي شيء تحذفه من قائمة طويلة أعدتها لها أمها..
ملابس ،عطور، أحذية وحقائب، باختصار جهاز عروس
عروس تمت قراءة فتحتها منذ ما يقرب من الشهر.. وموعد الزفاف يقترب بصورة مخيفة لا تنجح معها باستيعاب حقيقة أنها وبخلال أشهر قليلة ستقترن برجل سيصبح أقرب إليها من نفسها أو هكذا من المفترض لها أن تشعر.. لكنها ببساطة لا تفعل فالزواج تقليدي للغاية.. حد كل تفصيلة مملة كانت تستمع لها من صديقاتها فتسخر منه ،وعلى هذا هي كانت تملك الحلم الوردي لكل فتاة..
قصة الحب..
لقاء القلوب وحديث الأعين..
ارتجافه تشملها من رأسها حتى أطراف قدميها أمام من ستهديه روحها..
فيأتي هذا الخاطب ،وتأتي معه كل مقومات القبول وتنتفي أسباب الرفض..
ولم الرفض ؟
سألت بوقتها.. بعد نقاش محتدم خاضته مع نفسها.. دون أن يتدخل أي فرد من العائلة ليفرض عليها قرارها الخاص، فهي آخر العنقود المدللة حبيبة أبويها لذا انحصرت الخيارات أمامها
بين رفض لا يحمل سببًا مقنعًا سوى انتظار أحمق لقصة لا متسع لحدوثها سوى بتلك الروايات التي أذابت معها قلبها
وبين قبول يحمل معه مستقبل ذو تفاصيل واضحة المعالم..
و من يدري فقد يحمل لها الاعتيادي قصة غير عادية بيوم ما..
وقفت أمام واجهة لإحدى محلات بيع فساتين الزفاف
تأملت مجموعة ضخمة من الفساتين البيضاء التي تخطف القلوب برونقها وجمالها ،وهنا يتجسد حلمٌ آخر.. فهذا الفستان هو حلمها الأبيض ،تنهدت والشرود يتسلل لوعيها فتنفصل تدريجيًا عن كل الضوضاء المحيطة بها فلا يتبقى سواها هي وخيالها عن يوم تنتظره بتفاصيل تعيد وتزيد بها داخل عقلها فلا تتوقف إلا عند النوم.. شهور عصيبة مرت عليها.. عاشت خلالها وحدة مؤلمة لم تمر بها طوال حياتها بعد زواج كلا من زينب وياسمين.. فخلا عالمها من أقرب اثنتين لقلبها حيث انشغلت كل واحدة منهما ببناء عالمها الخاص.. بحياة جديدة جذبتهما لدوامتها.. بتفاصيل أصبحت لا تشملها معهما.. ليتراجع وجودها بحياتهما ويحدث المثل بالنسبة لها.. وتبقى هي بمفردها.. بوحدة تنهشها ولا مفر منها و وسط كل هذا.. تقابل فرصتها الخاصة أينعم خالية من نبضة القلب المختلفة.. ولكن الأهم أن يبقى القلب نابضًا بالحياة ،أخرجها من شرودها رنين هاتفها..
بحثت عنه داخل حقيبتها لتخرجه منها وتجد اسم خطيبها يضيء الشاشة
-الو
وصل إليها صوته الهادئ بنبرته الجافة قليلاً أو هكذا تظن
-أيوة يا أسما اخبارك إيه؟
-الحمد لله تمام..
صمتت وهي تسمعه يلقي ببعض التعليمات لأحد العمال بموقع عمله.. ثوان وعاد إليها معتذرًا
-معلش.. فيه شوية مشاكل كده ومعرفتش اكلمك الصبح..
التوت شفتاها ببسمة ساخرة لم تحجمها.. فهي مكالمة وحيدة التي تحصل عليها منه طوال اليوم وأيام تأتي لا تنجح خلالها بالوصول إليه من الأصل ، أجابته بصدق وهي تقدر حقًا ظروف عمله الشاقة وهو على الأقل يحاول ويعتذر إن قصر، هذا بحد ذاته شيء يُحسب له..
-ولا يهمك.. المهم يعني الدنيا اتحلت عندك في الموقع؟
-لا والله لسة الحفر شغال وشكل البريمة نزلت بزاوية غلط.. ربنا يستر بقى.. عموما ماتشغليش بالك.. أنتِ روحتي ؟
سألها فجأة مغيرًا دفة حوارهما دون تمهيد..
مطت شفتيها مستسلمة له وهو يبعدها ككل مرة عن دائرة اهتماماته وعمله رُغم أنها تحاول بشتى الطرق إيجاد مواضيع مشتركة بينهما لكنه لا يساعدها..
-لا لسة.. بلف شوية كده على المحلات..
صمت ،وطال فترة صمته بصورة نجحت بتوترها..
-حسن !
نادته لتتأكد من استمرار وجوده معها على الخط
أجاب ندائها بنبرة وصلت إليها حادة قليلاً..
-معاكي..ماقولتليش يعني إنك هتخرجي..
زوت ما بين حاجبيها بتفكير، أتلك مبادرة أولية منه للتحكم وفرض السيطرة ؟!
-عادي يعني.. أنا خلصت شغل ونزلت اتمشيت.. قلت لو لاقيت حاجة عجبتني هشتريها إيه المشكلة؟
-المشكلة أنك ماقولتيش..إن معرفش إنك في الشغل ولا البيت ولا الشارع.. وأظن من حقي إني أعرف!
تصاعد غضبها من نبرته العصبية معها.. من تأنيبها دون أساس خاطئ ارتكبته فسارعت بالرد عليه بنبرة صوت أعلى تحمل معها غضب تمكن منها.. لتضع معها حد لطريقة ترفض أن يعاملها بها..
-لا مش من حقك.. أنا لسه تحت وصاية بابا.. هو اللي أستأذن منه مش أنت.. ولو عرفتك بخط سيري.. فدي حاجة مني أنا مش حق ليك عندي..
تفوهت بتلك الكلمات دون تفكير، ليقابلها هو بصمت تتخلله أصوات أنفاس وصلت إليها متلاحقة ،وبعد لحظات.. أجابها بنبرة تحمل الكثير من الانفعالات المكتومة..
-حقي ولا مش حقي دي نقطه هنتكلم فيها لما أنزل أجازة وأشوفك.. ولحد ده ما يحصل أنا عايز أعرف أنتِ فين ومع مين طول ما أنتِ بره البيت.. ولو مش هتقدري تعملي ده فانا هيبقي ليا كلام تاني مع والدك..
وجمت لثانية ،قبل أن تصيح به .
-أنت بتهددني.. كلم بابا زي ما أنت عايز أنا ماعملتش حاجة غلط.. وبعدين هو حضرتك مش واثق فيا ولا إيه بالضبط؟
بنبرة انخفضت لكنها حوت الكثير من الحزم ووالغضب:
-أسما ،لما تكلميني صوتك يوطى.. أنا لو بشك فيكي مش هرتبط بيكي من الأصل.. ولو عقلك الصغير ده ما وصلوش إني محتاج أطمن عليكي خصوصاً وأنا مسافر بعيد عنك ومش جمبك.. يبقى المشكلة عندك أنتي .. أنا مضطر أقفل السكة دلوقت.. وبعد إذنك هستنى منك رسالة لما تروحي البيت تعرفيني بيها إنك روحتي.. مع السلامة..
حدقت بشاشة هاتفها، وكالعادة يقبض على كل خيوط حديثهما معًا يبدأ المكالمة وينهيها.. يصل إليها بأي وقت يناسبه أو يختفي فلا تتكمن من العثور عليه..
ألقت بهاتفها داخل حقيبتها بغصة تقف بحلقها فتخنقها ودموع تمنعها من الهبوط فتحرق عينيها ،هي غير سعيدة حتى وإن اقنعت نفسها بغير ذلك .
رفعت وجهها لتقابل الثوب الأبيض الذي أثار خيالها قبل قليل ،سرحت به وهي تفكر
هل هي صغيرة العقل حقاً كما وصفها!
فلا تقدر ظروف عمله العصيبة التي تطلب وجوده لأسابيع متصلة بالصحراء كمهندس حفر بإحدى شركات البترول
لقد أثار غضبها بتعليماته المبالغ فيها بوجهة نظرها هي ،لكنها لو اعادة التفكير من الممكن أن تصفها بحرص ،حب ،غيرة.
أو أي وصف تقرأ عنه بأية رواية فيثير رجفة قلبها بشوق..
فلماذا معه هو لا تشعر بهذا؟؟
تنهدت وشعور الحنق والغيظ بداخلها بدأ بالتراجع ليتحكم بها الندم.. مرت ببصرها على تفاصيل الثوب لتستعيد حلمها من جديد ، من العدل أن تعطيه المجال والفرصة ليقترب منها بطريقته الخاصة.. وتعطي نفسها المثل لتراه بصورة محايدة دون أية أحكام مسبقة
فالمنطق يقول ، أن تعطي الواقع فرصته ليريها ما يخبئه لها
لعله ينجح بملئ هذا الفراغ الذي يحتل خافقها بيوم..
******
وكما يرتبط الماضي بتصرفات وقرارات
قد يتخذ سبيله لأناس مروا بحياتك ليتركوا بها بالغ الأثر
ومنهم من ينجح بالوصول لأعماق القلب ،يحفر بصمته، يمتلكه فلا سبيل لاستعادته..
ويفرض سيطرته فلا يترك المجال لآخر..
تقارير لا نهاية لها.. تتطلب منها إنهائها وتزيلها بتوقيع خلف الآخر، لتقف مريم تحصي الثواني المتبقية بوقت دوامها وهي تتذلل لتلك الأوراق أمامها حتى تنتهي..
تسيطر على حركة قدمها العصبية بصعوبة..
ونقرات أصابعها على السطح الرخامي توشي بحجم توترها..
-فيه حاجة تاني يا سمر..
سألت رئيسة الممرضات برجاء لم تكشفه نبرات صوتها الواثقة.
-معلش يا دكتور..أخرناكي..دول آخر حاجة ..
والمزيد من التقارير..
استسلمت.. تناولتهم من يدها واستمرت بوقفتها أمام ركن الاستقبال بقسم جراحات القلب حيث تعمل، تهاجمها بلا شفقة ذرات الهواء المحملة بعطره تنقلها إليها ،تذكرها بما تحاول اقناع نفسها به إنها تجاوزته ،تتغلغل لخلايا قلبها بلا استئذان فتجذبها لماضي يتجاوز الخمس سنوات .
وتأتي رائحة عطر أهدته إياه يوماً ما.. وهمسة صوت خشنة وهو يتحدث لأحدهم على بعد ثلاثة أمتار خلفها ، ليعودوا بها من جديد لآسر ظنت إنها تحررت منه..
-خلاص يا سمر..
والسؤال هذه المرة محمل بنفاد صبر وضيق وصل لمرحلة
الاختناق..
-خلاص يا دكتور..
تحركت من فورها لغرفة الأطباء حيث أبدلت ملابسها، توجهت بعدها مباشرة نحو المصعد ،الملجأ الذي سيبتلعها فيبتعد بها عن مكان وجوده ضغطت زر الاستدعاء ورجته بصمت أن يشفق عليها فيشرع أبوابه أمامها بالحال، واستجاب لها..
استقلته وهي تمني حالها بأن عذابها سينتهي فور خروجها من هنا
عذاب يومه الأول بالعمل بعد عودته من الخارج ويوم غد ستتركه عندما يأتي..
لكن ماذا عن الذي يليه ويليه يا مريم؟
سألت بوجع نهش قلبها.. بدموع لن تجرؤ على التعبير عن نفسها، بضعف تحتويه داخلها مخفية إياه عن الجميع
كادا طرفي الباب أن ينغلقا ليُعلنا انتهاء حصتها اليوم من الألم قبل أن يمنعها أحدهم بقدم اندس بينهما رفعت وجهها بثبات نحو القادم ،لتجده.
يرفض بعناد أن يمنحها راحة القلب التي تنشدها ،فكما سلبها إياها بالماضي ،يضني بها عليها الآن .
دلف للداخل ،وبسرعة تعاندها انغلق باب المصعد عليهما
حدقت به بشجاعة لا تملك سواها كي تمضي بحياة لا مكان بها لجبان .
وخلال ثانية ،سجلت عيناها كل تفاصيله الغائبة.. لمعة الفضة بعينيه ،شعيراته البيضاء التي تفرقت بسواد رأسه لتزينه..
ملامحه المرهقة بخطوط رفيعة أعلنت عن نفسها حول عينيه
وخفق قلبها، لابتسامة أضاءت وجهه .
نعم يبتسم لها ، كأن ما كان لم يكن بيوم .
-إزيك يا مريم؟
وآه من نبرة صوته وما تفعله بها، مجرد دفئ يسعى لسحبها لفخ جاذبيته من جديد ، تمنت لحظتها أن تتحلى ببعض الضعف فتتجاهل سؤاله ،تنزوي على نفسها بأحد الأركان وتنتحب ،فتطلق سراح كل ما تحمله من وجع بوجهه..
ولكنها للأسف، هي ليست تلك الشخصية .
رسمت ابتسامة جامدة خالية من أية عاطفة ،وبهدوء وثبات خادع أجابته :
-أنا كويسة..
وأردفت بهدوء :
-حمدلله على السلامة..
نظر لها كأنه يتوسل أن تكمل ، أن تهديه نطقًا لاسمه من بين شفتيها ،فهو مشتاق لكل لفتة وهمسة منها ، ويعلم أنها ستحرم عليه مجرد القرب ،لكنه سيسعى بكل ما يملك من قوة وإرادة سيفرض حاله على حياتها حتى لو حاربت لمنعه ، انفرجت شفاه يحث نفسه بمعاناة أن يبدأ التحدث عن أي شيء وكل شيء ، إيجاد طرف خيط يتمسك به أمام عينين تجلداه بنظرات لائمة حتى لو أجادت إخفائها.. وانتظرت هي..
أسيقدم على اعتذار ما ؟ أم اعتراف بأشواق تعذبه ؟
لم تهرب من عينيه وهي تفضي بحنينها..
تخبرها عن قصة لم يكتب لها أن تكتمل
ووداع لم تحظ به
هبط المصعد ، انفتحت أبوابه وتجاوزته هي للخارج
توجهت لسيارتها بخطوات تتسابق للهرب ، اندست بمقعدها وأدارت المحرك وللمرة الثانية يثبت لها عدم اكتراثه بما يجلبه معه من ألم بحضوره منعها من التحرك وهو يسد عليها الطريق بوقفته أمام مقدمة سيارتها.
اتجه نحوها وعيناه تحتجزها.. انخفض برأسه ليحدثها من النافذة المجاورة لها..
-أنا عارف إنها ملهاش لازمه عندك.. إنها ممكن توجعك.. وتفكرك بكل اللي فات وغلطي فحقك..بس مش قادر ماقولهاش ومش همنعها.. أنا آسف يا مريم..
أطبقت عينيها على الفور مع آخر جملته
ومخطئ أنت ،فكلماتك لا تحمل الوجع ؛
بل موت ،موت بطيء يغتالني منذ أن أغمدت خنجرك بقلبي وتركته..
فتهاجمني موجات الألم بلا شفقة لسنوات..
ولا سيبل للشفاء من جرح يتجدد بكل صباح يخلو منك .
والآن تأتي تسترد خنجرك من قلبي باعتذار
بكلمة آسف !
فيتعمق الجرح أكثر وينزف بغزارة .
ومع ههذا ،لن أمنع نزيف دمي أمامك ،لعل حبك يغادرني مع دمائي المهدورة لعلني أبرأ من لعنة عشق تطاردني .
نظراتها كانت كافية لتتولى هي الحديث عنها وكأنه يتعمد ذبحها مرة بعد مرة همسها وابتعد .
-واحشتني اوي
تابعته مصدومة إلى أن اختفى تجمدت وقد نست كيف لها أن تتنفس
فكيف انفرد بكل هذا القدر من الأنانية له وحده!
سألت حالها بغضب منه ومن قلبها المريض به .
انطلقت فور استعادتها السيطرة على نفسها بسرعة تعمدتها عالية
تمنت أن يتمكن الهواء البارد الذي يضربها بقوة أن يبرد من نيرانها ولو لقليل إلى حد يتخدر معه الألم لتستطيع التعايش معه كما فعلت لسنوات..
******
والماضي كل الماضي ما هو إلا نصف آخر انفصل عنك
هو روح اقتسمتها مع أحدهم ، فأخذ نصفه الخاص ورحل
فراغ ،نقص ،حجرة خالية بالقلب محجوزة باسم من غادر
هو ذكرى تسجنك
وحلم يعتاد زيارتك بكل ليلة فيأتي معه طيف غائب
تشنُج ملامحه بألم ،اهتزاز جفناه بسرعه مخيفة وظهور حبيبات عرق أعلى جبينه لا تتناسب مع برودة الجو من حوله
دل على حلم أو كابوس يعاني معه هذا الغافي..
أنين مكتوم خرج منه.. وانقباض أصابعه على الغطاء الملتحف به
تبعه شهقة وقفزة من نومته وهو يدور بعينيه في ظلام الغرفة من حوله ،دقيقة وأخرى مرت لتهدأ أنفاسه بعدها لينهض بشكل روتيني ويذهب ليروي ظمأه بكأس ماء..
وبالنهاية أستند بجبينه على جدار المطبخ البارد بهذا الوقت
مر الوقت لتظنه عاد للنوم رغم وقفته ،لينتفض مع رنين هاتفه الذي قطع هذا الصمت الثقيل المحيط به .
توجه لغرفته وبحث عن هاتفه وجده يضيء باسمها
وأخيرًا ابتسم بعد زوال تشنجه وعبوسه ببضع أحرف تشكل اسمها ونغمة خصصها لها وحدها تنبض بذكرى جمعتهما معاً بيوم لا يُنسى .
-حبيبي
همس كعادته :
-صحيتك؟
سألته بهمس مقابل فرضه عليهم هذا الوقت المتأخر من الليل
-كنت مستنيكي تصحيني زي ما أتفقنا .
صمتت لفتره فنداها :
-ياسمين
-أنت كويس؟
سؤالها المعتاد بكل مرة تتحدث معه بها.
لم يكذب عليها ، هو بأفضل حال طالما عالمه يشمل وجودها
-الحمد لله ،أنتِ مابتزهقيش من السؤال ده ؟
ضحكت برقة قبل أن تجيبه بجدية :
-قلبي دايما بيقولي إنك مخبي جواك كتير أوي عني.. ومش قادرة أكدبه.. ومستنياك أنت اللي تحكي يا مصطفي..
وجم لثانية وهرب منه الرد
أحقاً تشعر بما يعانيه ؟
فإن فعلت يكفيه هذا.. يكفيه قلبها المشغول به وبأحواله
ويكفيها هي ما مرت به وتجاوزته ،فهو لن يضيف لرصيدها قلق من نوع آخر.
ومعناته هو لا يملك إلا تركها للوقت كي يذيبها .
-اللي جوايا كتير فعلا..كفاية حبك..
وحان دورها في الصمت بخجل لا يفارقها .
-فاضل شهر و3 أيام و 21 ساعة بالظبط .
انطلقت ضحكاتها التي بددت أي توتر طغى على حديثهم منذ قليل .
-أنت حاسبها!؟
-بالثانية وحياتك .
-أنا خايفه يا مصطفي..
سألها بقلق :
-مني ؟
سارعت بالنفي .
-لا لا لا.. مش كده.. من ساعة ماقولتلي على الحركة الجديدة في شغلك وأنا خايفة وقلقانة مش هستحمل إنك تسافر بعيد
عاد بظهره ليستند إلى وسادته من خلفه وطمأنها بحنان .
-أوعي تقلقي أو تخافي طول مانا هنا.. وبعدين عادي ما أنا كنت الأول في الإسماعلية وبعدين رجعت القاهرة.. وممكن أفضل زي مانا ماتقلقيش..
-أنا كده كده هروح معاك ما طرح ما أنت هتروح.. بس مش عارفة ليه قلقانة .
لم يلتفت لآخر جملتها اكتفى ببدايتها رغبتها في البقاء معه ،مرافقته وطرد أي شبح للفراق أو البعد
ابتسم ،وسرح بخياله ليوم يعد له منذ وعدها له بأن تكون له ليلتها ،في ذكرى يوم لأول عام مر عليهما معًا .
-بحبِك .
وعاد الهمس ،يرافقه صمتها
-مش هسمعها منك بقى .
لم ييأس من طلبها رُغم يقينه من حبه الذي يسكنها ورغم معرفته بأن تلك الكلمة بالأخص لا تطلب لكنه يفعلها معها
-أكيد هقولها.. وأكيد أنت حاسسها صح ؟
سألته برجاء ،وخلف السؤال بقايا خوف وتردد ذيول ماضي يود بترها لو أمكن .
-حاسس يا حبيبي.. وهستناها منِّك..
حنانه الذي يغدقه عليها يطمئنها يقتل كل شعور بالخوف يهاجمها بمفردها
-الأذان بيأذن.. قوم صلي بقى .. وادعيلنا .
-حاضر..تصبحي علي خير
أغلق مكالمته معها..نهض وتوضأ
صلى ركعتي الفجر والفرض
وبالركعة الأخيرة أطال سجوده بدعاء من القلب
كان لهما نصيبًا منه كما طلبت .
والجزء الأكبر كان من نصيب راحل عن دنياه
انهى صلاته وأستمر بجلسته على سجادته يحدق بالفراغ أمامه
يسترجع حلم يزوره كما هو منذ أشهر
كلمات يقذفها صديقه بوجهه فتنغرس بقلبه تتعمد طعنه وتتحرى بث الوجع بروحه
" أنا لست بخائن يا حازم.. ولم أنساك بلحظة"
همسها قلبه وعقله
"بل أنت من خنتني معها فهي كانت لي منذ بداية الخلق
قدري
نهايتي التي أود أن أستكين عندها
أنت من جنيت عليها وعلى حالك .
وانا لا أملك سوى الدعاء لك لعل الله يغفر ذلتك .
ولعلها هي تمنحك الراحة بغفران تقدمه لك"
******










نهاية الفصل



Nahla kandeel غير متواجد حالياً  
قديم 30-12-21, 02:50 PM   #8

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Elk

تسلم ايدك الفصل الاول والمقدمة غاية في الروعة ..

بداية غامضة وتثير الحماس مع امرأة كنانسي التي اعترف اني لم احب شخصيتها جدا في الجزء الاول ولكن وقتها لم يكن الخطأ خطئها وحدها فهي وان كانت قد اخطأت فتصرفاتها كانت رد فعل ومرأة تعكس تصرفات عمر .. اما الان فنانسي تعيش فرصتها الثانية تبدأ بداية قوية وصحيحة مع ابنتها..
مريم الطبيبة صديقة نانسي ومن ساعدتها اثناء الحمل والولادة واثار قصة تعود لسنوات مضت عاد من هجرها ليحي بداخلها الشوق كما الوجع..
اسما صديقة زينب وقريبة ياسمين اعتقد انها في الجزء الاول كانت تتلهف للحب ولعيش قصة حب يبدو انها لم تحصل عليها للان فارتبطت بدافع الخروج من طوق وحدتها ولكن ارتباطها هذا لم يشبع حاجتها للحب بل بالعكس كأنه يستفز فيها وحدتها وحاجتها..

واخيرا مع ثنائي المعاناة ياسمين ومصطفى الذي يبدو انهما وصلا اخيرا لبر الامان رغم كل القلق الذي يسكن قلب ياسمين وكل العذاب الذي يشد مصطفى نحو التفكير بحازم ..اتمنى يجدا العوض والسكينة مع بعض .






Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
قديم 30-12-21, 08:29 PM   #9

Nahla kandeel
 
الصورة الرمزية Nahla kandeel

? العضوٌ??? » 394615
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » Nahla kandeel is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة maryam tamim مشاهدة المشاركة
تسلم ايدك الفصل الاول والمقدمة غاية في الروعة ..

بداية غامضة وتثير الحماس مع امرأة كنانسي التي اعترف اني لم احب شخصيتها جدا في الجزء الاول ولكن وقتها لم يكن الخطأ خطئها وحدها فهي وان كانت قد اخطأت فتصرفاتها كانت رد فعل ومرأة تعكس تصرفات عمر .. اما الان فنانسي تعيش فرصتها الثانية تبدأ بداية قوية وصحيحة مع ابنتها..
مريم الطبيبة صديقة نانسي ومن ساعدتها اثناء الحمل والولادة واثار قصة تعود لسنوات مضت عاد من هجرها ليحي بداخلها الشوق كما الوجع..
اسما صديقة زينب وقريبة ياسمين اعتقد انها في الجزء الاول كانت تتلهف للحب ولعيش قصة حب يبدو انها لم تحصل عليها للان فارتبطت بدافع الخروج من طوق وحدتها ولكن ارتباطها هذا لم يشبع حاجتها للحب بل بالعكس كأنه يستفز فيها وحدتها وحاجتها..

واخيرا مع ثنائي المعاناة ياسمين ومصطفى الذي يبدو انهما وصلا اخيرا لبر الامان رغم كل القلق الذي يسكن قلب ياسمين وكل العذاب الذي يشد مصطفى نحو التفكير بحازم ..اتمنى يجدا العوض والسكينة مع بعض .




:ts_012:
سعيدة جدا بكلامك يا مريم ويسلملي تشجيعك ده يا حبيتي


Nahla kandeel غير متواجد حالياً  
قديم 30-12-21, 08:59 PM   #10

Nahla kandeel
 
الصورة الرمزية Nahla kandeel

? العضوٌ??? » 394615
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » Nahla kandeel is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني

و يأتي الشتاء ومعه حنين لشيء لا تدريه
فيه ترتدي الدنيا عباءة سحر تغلفك
خلف نافذة مغلقة تقف
تنظر وتراقب قطرات تنهمر بوداعة حينًا وبعنف أحيانًا أخرى
تتحس بأناملك كوباً ساخناً تحتويه بين كفيك
فيتسرب دفئه إليك ومعه يعلن القلب عن اشتياق يملئه .





مستيقظة منذ نصف ساعة تقريبا لكنها لم تنهض من فراشها بعد
مستلقية على جانبها مستنده برأسها على ذراعها المثني أسفله تنعم بدفء وكسل لذيذ لا ترغب بنفضه عنها وبجانبها تجلس صغيرة لا تشبهها بشعر أسود ناعم ونظرات تعلن عن شقاوة ومرح لاحد له
حركات مفاجئة تصدر عنها أثناء لعبها مع أصوات مناغاة يطير معها صواب أمها
تشاركها بلعبة جديدة أحضرها والدها أمس وعندما تشتاق لصوت ضحكاتها الطفولية يكفي أن تدغدغها بفمها بجانب عنقها لتطلق نادية عدة ضحكات متتالية والنتيجة بلل يصيب وجنة نانسي تحت مسمى قُبلة منها.
ويتكرر الحدث كل عدة دقائق بكل تفاصيله
دغدغة فضحكة فشبه قُبلة وسعادة تصيب قلبها بذات
المقدار كل مرة.
- أنتي أزاي شبهه كده!
لم يكن سؤال وجهته لصغيرتها التي أتمت شهرها التاسع منذ عدة أيام بل إقرار واعتراف
فهي عمر
نسخته المصغرة
ملامحه، نظرته حركات عفوية تصدر منها مصدرها الأساسي هو
-حلوة اللعبة ؟ عجبتك يا نودي أنا عارفة إن مرات بابي هي اللي جيباها مش هو.. بس انا أمبارح عملت نفسي مش واخدة
بالي وصدقت إن هو اللي جايبها...
حدثتها كما تفعل منذ مولدها كأنها تفهم وتعي ينقصها فقط بضعة أحرف لتشكل كلمة تجيبها بها وتنتظر هي بكل صبر تلك اللحظة التي تنطق بها كلمتها الأولى
مسدت على فروة رأسها وهي تراقبها تحاول جاهدة العض على جزء مطاطي غير قابل للأكل بلعبتها الجديدة ضحكت على صورتها أمامها وتابعت حديثها ذو الجانب الواحد:
- عارفة.. أنا متاكده إنها بتحبك وبتضايق مني أنا..
أردفت بعد هزة كتف منها أثارت ضحكة نادية :
- أنا مش زعلانة إنها بتحبك كدة.. انا نفسي الدنيا كلها تحبك يا نونو..
أهدتها قبلة فوق شفتيها النديتين لتحاوط نادية وجه أمها بين يديها الصغيرتين في محاولة منها لرد القُبلة أو عضها لو أمكن.
استمر لعبهم معا لربع ساعة أخرى قبل أن يقطع خلوتهم
صوت جرس الباب
انتفضت نانسي من نومتها لتستكشف من ساعة الحائط المواجهة لها كم الوقت الآن
وجدتها لاتزال العاشرة وموعدها مع عُمر في الواحدة ظهرًا
بعد اتفاقهما أمس على الذهاب لشراء بعض الأغراض الخاصة بنادية
جعدت جبينها بتساؤل ورسمت على وجهها حيرة زائفة وهي
تشاكس طفلتها:
- هقوم أشوف مين اللي جاي الساعة دي..
توجهت سريعاً لباب شقتها وابتسمت وهي تستكشف من ورائه زائرها بهذا الوقت المبكر
فتحت وهي تباغت باستقبال مرح :
- ياااه دكتورة مريم بذات نفسها جايالنا على الصبح كده.. هو النهاردة إيه؟
تجاوبت مريم مع مزاحها بابتسامة شاحبة، بل كل ملامحها نطقت بإرهاق واضح .
جذبتها نانسي للداخل بقلق وأغلقت الباب خلفها تبعتها مندهشة من حالة صديقتها التي لم تراها بها منذ مدة ! فلا عمل أو دراسة نجحا برسم هذا الكم من التعب والانهاك على
ملامحها لسنوات .
- مالك يا مريم فيه إيه ؟
هزت مريم رأسها بلا معنى واستقرت على أول أريكة قابلتها.
- مافيش يا نانسي واحشتيني إنتي ونادية قلت آجي أشوفكم وأفطر معاكي..
تأملتها نانسي بشك .
- ثواني هجيب نادية من جوة وآجي أفهم فيه إيه.
بالطبع لم تصدقها ابتسمت مريم بحنان صديقتها الوحيدة ،بل أختها غير الشقيقة .
فلسنوات ضمتهم مدرستهما القديمة التي تلازما فيها إلى أن افترقا كل واحدة منهما بكلية مختلفة
لكن صداقتهم كانت من المتانة بحيث صمدت أمام كل ما قابلوه بحياتهم ،يبتعدا ويتفرقا
تأخذهم الحياة قليلاً لتجمعهم عودة يحرصون عليها بذات القدر .
عادت نانسي تحمل نادية التي كالعادة حاولت التملص من أمها للذهاب لمريم .
نهضت سريعًا لتأخذها لتقبلها بحرص فوق وجنتها.
- حبيبتي واحشتيني.. كبرت يا نودي شوية..
- طبعا لازم تكبر بقالك قد إيه ما شوفتيهاش..؟
أبرمت مريم شفتيها بحزن مفتعل وهي تداعب نادية :
- شوفتي مامي الوحشة عايزة توقع ما بنا إزاي !
قوليلها مالكيش دعوة أنا ومريم صحاب.
ردت نانسي بضحك :
- بوظيلي بقى أخلاق البنت.. بقى مامي ملهاش دعوة ؟.
مضت دقائق قضتها مريم باللعب مع نادية نهضت نانسي بعدها لتجذبها من ذراعها لتنهض معها :
- تعالي ندخل المطبخ نشوف هنفطر إيه وتحكيلي بالمرة إيه اللي حصل .
تبعتها مريم مرغمة وبالحقيقة هي من جاءت لتحكي وتتكلم هرباً من حالة الجنون والاختناق التي أصابتها منذ رؤيته وحديثه معها، تحتاج بشدة أن تفرغ شحنات الغضب والقهر بداخلها وتتأمل أن تستمد بعض القوة من صديقتها تدفعها لتصمد أمام هذا
الضعف الذي يزحف على قلبها ليسيطر ويحكم فيخضع لعشق تجمد بداخلها لسنوات.
- هتفطري إيه ؟
- أي حاجة.. شوفي هتعمليلك إيه وأنا زيك .
غمزت نانسي بمرح :
- أنا ماليش غير في الشاي بحليب.. تشربي ؟
- يادي الشاي بحليب اسمه شاي بلبن .
التفت لها نانسي بعد وضعها المياه بالغلاية
وأصرت بعناد طفولي :
- لا اسمه شاي بحليب.. ماما االله يرحمها كانت بتقولي اسمه كده أطيب وأحن .
لم تتمالك مريم نفسها لتضحك على منطق صديقتها العجيب لتجاريها متجنبة إغضابها..
- خلاص يا نانسي.. شاي بحليب وبسكوت لو عندك..
وخلال دقيقتان وضعت نانسي أمامهما كوبين من الشاي
بالحليب الساخن ومعه طبق ممتلئ بالمقرمشات .
- فيه إيه بقى؟
سألتها نانسي بهدوء وجدية . رفعت مريم وجهها لها لتحكي عيناها قصة فصولها معروفة لصديقتها
عن حب صار عشق ، أمل تولد به ودنيا تفتحت بيديه
عن هروب حطمها وألم جمع بقاياها
وطعنات لقلب ظل ينزف لسنوات بلا توقف حتي اعتادت التي أمامها الوجع وتصادقت معه
ولكن ما الذي حدث الآن وما الذي جد لتعود مجددًا لتلك
الحالة ؟
ارتجفت شفاها لتخبرها بهمس :
- سليمان...
صمتت لوهلة ابتلعت بها ريقها قبل أن تتابع .
- سليمان رجع...
عادت نانسي بظهرها للوراء ووضعت كوبها الخاص بها على الطاولة أمامها عجزت عن الإتيان بتعليق مناسب. تتسابق
الأسئلة بعقلها لكنها فضلت الصمت ؛لتعطي
المجال لمريم لتفضي بكل ما بقلبها بحرية وكما تريد .
حاوطت مريم كوبها مراقبة الأبخرة المتصاعدة منه وبطرف إبهامها تحسست حافته بتمهل قبل أن ترفعه لفمها فترتشف منه القليل وارتعش جانب فمها بابتسامة مريرة .
- تصدقي جاتله الجرأة إنه يكلمني..
اتسعت حدقتيها وعبرت عن صدمتها برفعها لحاجبيها .
- بيقولي آسف و واحشتيني..
أسرعت نانسي بإحاطة كفي مريم بيديها ربتت عليها بتعاطف
ومؤازرة .
ومريم صمتت تستعيد بذهنها لقائه الحافل ليلة أمس تتأرجح من وقتها بين قلب أرعن عاد يخفق لمالكه بلا تفكير يستعيد تفاصيله الغائبة عنه ويحصى ما تغير به ، وعقل يجبره بكل لحظة على التذكر يعيد عليه كل ما كان.
يعود به للحظة أخلف بها وعده ولم يحن عليه ولو بكلمة وداع .
- مريم !
انتبهت على نداء نانسي الذي جذبها من هوه ابتلعتها مرغمة عادت ببصرها الشارد لها :
- ما تفكريش كده وما تخليش واحد بجح بالشكل ده يأثر عليكي.. افتكري إنك ماوقفتيش فمكانك من بعده.. كملتي حياتك آه مش عادي وآه قلبك وجعك بس قدرتي تتجاوزيه..
ونفت مريم بهزة من رأسها ما حاولت نانسي مواستها به لتخبرها بضعف :
- مش حقيقي انا ماتجاوزتش حبي ليه.. ولا عمري هقدر..
والمصيبة أنه عارف ومتأكد من كده .
احتارت نانسي ما الذي يجب عليها فعله او قوله من أجل صديقتها ؟ اكتفت بتربيته حانية على سطح كفها كل بضع ثواني تخبرها بها إنها معها دائما وأبدا.
- عملتي إيه صحيح في مقابلة الشغل بتاعة امبارح..
تشتت نانسي بسؤال مريم المفاجئ ومع ذلك لم تنكر إعجابها بقوة صديقتها فهي لحظات تنحني خلالها فقط حتى تمر عاصفة الضعف التي تهاجمها وبعدها تعود بكامل قوتها وثباتها.
رفعت قدمها اليمني لكرسيها وثنتها لتستند بذقنها أعلى ركبتها حاولت السيطرة على جنون نبضها الذي تصاعد بخوف
لا مبرر له منذ لقائها بذلك الرجل .
- ماتفكرنيش ...
زوت مريم حاجبيها بتساؤل.
- ليه كده.. مش قولتي إن مدير المحطة لما كلمتيه كان طاير بفكرة البرنامج ؟
لوت نانسي شفتها بحسرة ليتها قابلت ذلك المدعو محفوظ أو أي كائن آخر بدلا عنه.
- هو أنا شفته حتى !.
- ليه كده أمال مين اللي قابلك؟
تعجبت من هذا التأثير الذي يملكه هذا الرجل عليها فاسمه فقط بعث برجفة بقلبها أثارت ضيقها بشدة .
- تسمعي عن يونس صديق ؟.
كورت ريم شفتيها وأطلقت صفير إعجاب جعل نانسي ترتعد بداخلها أكثر وأكثر
فالرجل معروف معروف بقوة معروف برعب أحكم سيطرته عليها.
- بتهزري !. يونس صديق مرة واحده ؟وده قابلك عشان حتة برنامج هايف من اللي بتقدميهم ؟!
أنزلت نانسي قدمها لتدب بها على الأرض بغيظ مفتعل :
- ماتقوليش على برامجي هايفة ،انا بقدم تسلية للناس ودي حاجة مهمة باردو .
تمالكت مريم نفسها من الضحك بصعوبة لتشير لها بكفها أن تهدأ :
- سيبك من الهبل ده واحكيلي قابلتيه كده عادي..
- آه عادي يعني أمال هاقابله ازاي ؟! .
رفعت مريم حاجبها بعدم تصديق
هربت نانسي بعينيها وهي مترددة هل تبوح بكل التفاصيل أم تكتفي بجزء من الحقيقة ؟.
- أنا اصلًا شفته قبل كده.. وقت ماكنت في لبنان..
آثار حديثها فضول مريم التي اقتربت بوجهها منها وحثتها بنظراتها أن تتابع .
- عادي يعني كانت حفلة وكده.. وبعدين انا ماتخيلتش اصلاً
إنه هيفتكرني...
- هاااا وبعدين..
تهدلا كتفا نانسي وهي تقر أمام صديقتها :
- مرعب يا مريم.. لا مرعب إيه.. عارفه ده مش لازم يتكلم صوته لوحده يخلي اللي قدامه ياخد ديله في سنانه ويهرب .
ضحكت مريم من وصفها الخيالي هذا :
- طبيعي يا بنتي الراجل نص البلد تحت أمره ثورتين جم على البلد وهو زي ما هو و شركاته مش سايبة مجال في السوق إلا وهي داخلة فيها شريك تعرفي إن حتى المستشفى اللي بشتغل فيها جزء من اسهمها تبع مجموعته ؟.
حدقت نانسي بها وكل ما عاشته من رعب أمس عاد ليسيطر عليها الآن ،فأين هي منه ! مجرد ذرة بعالم هذا الرجل .
ستتلاشى من الوجود إن أطلق فقط أنفاسه باتجاهها .
- المهم طيب هو قابلك أكيد عايزك في شغل.
تنهدت نانسي بقله حيلة :
- ده حتى ماشفش السكريبت بتاع البرنامج .
- طيب إيه ؟!.
- عايزني مساعدة شخصية ليه.
وصفير آخر من مريم أغرى نانسي بشدة لضربها بأي شيء ستطوله يدها على رأسها في الحال.
- أنا مش مصدقة .
- لا صدقي ،طب لو قولتلك المرتب اللي عرضه هتعملي إيه !
أوقفتها بإشارة من كفها :
- مش عايزة أعرف ،متخيلة طبعاً الرقم بس أكيد وافقتي ؟.
حدقت نانسي بها وامتنعت عن الرد .
- وافقتي ؟!
أعادت مريم سؤالها بحدة وفكرة غبية هاجمتها من أن ترفض صديقتها هذا العرض الخيالي .
- نانسي ! وافقتي طبعا .
صياح مريم بها أرغمها أخيرا على الرد :
- وطي صوتك ده.. لا ماوفقتش ومارفضتش ، أنا ماليش في الشغل ده وما أفهمش فيه وبعدين بقولك مرعب ، أنا مش هقدر أتعامل معاه كل يوم .
سألتها بغيظ :
- يعني عملتي إيه؟
تذكرت كلمات الرفض التي صاغتها بعقلها أمس والتي علقت بفمها رافضة الخروج أمام نظرات منه تحذرها ،لم تحتاج لكلماته لتعلم أن لامجال لرفض عرضه لم تشعر بحياتها بكم الضعف والعجز كما كانت معه شعرت بنفسها طفلة ترغب
بالهرب والبحث عن أي مخبأ تحتمي به من كل الوحوش الخيالية التي يعج بها عالمها
فلم يكن أمامها سوى المماطلة لعلها تنجح بالخروج من مكتبه بسلام وبعدها ستختفي من الوجود بأكمله هرباً منه .
هزت كتفها بلامبالاة مفتعلة مجيبة مريم :
- قولتله محتاجة وقت أفكر...
*******
جلست زينب بمقعدها المفضل بغرفة المعيشة تلتحف بشال من الصوف تتمسك بأطرافه والتي أحكمتها حول عنقها تحتمي به من برودة تتسلل لأوصالها بهذا الصباح ، وكيف انقلب حال الجو هكذا دون تمهيد فبعد صيف شديد الحرارة أجهد الجميع وخريف غادرهم بلمح البصر أعلن الشتاء عن نفسه وبقوة
وضعت أمامها حاسوبها المحمول تتفحص من خلاله عدة صفح الكترونية تتكلم عن مواضيع شتَّى تخص تربية الأطفال وكيفية التعامل مع حديثي الولادة وأخرى تعرض المئات من الأسماء المتنوعة للجنسين
وهي تتفحص بشوق ولهفة تحن منذ الآن لهذا الصغير الذي تنتظره بصبر نفد لآخر قطرة فمتى يأتي و كيف ستحمله!
ووقت ضمتها الأولى له كيف ستشعر ؟وهل ستملك من القوة وقتها ما يمكنها من وصف مشاعرها !
شعرت به يجاورها في جلستها ليحتل تلك المساحة الضيقة الخالية بجانبها :
- عمر في كراسي تانية على فكرة .
أقتنص منها قُبلته الخاصة والتي طبعها فوق عنقها بسرعة وخبرة :
- بس أنا ليا مزاج أقعد هنا.. الدكتور قالي أقعد في حتة طرواة .
تزحزحت لأقصى حد يمكنها فعله بعد أن حمل حاسوبها ليضعه على الطاولة أمامها وبعدها اعتدل هو بجلسته أكثر قبل أن يحاوط خصرها بذراعه فيجذبها ويرفعها بحركة واحدة لتستقر فوق أردافه:
- أنا قلت لما هتبقي حامل هتتخني شوية.. لسة زي ما أنتي حتة ورقة.
أتبع جملته بقبلات متفرقة أجاد توزيعها بضمير على جميع قسامتها المواجهة له ضمها إليه بشدة وأراح رأسها فوق صدره قبل أن يديرها له فيعيد تقبيلها.
شعلة دفء كان هو مصدرها سارت منه لتنفذ إليها أرخت قبضتها عن شالها ليغادرهم إلى الأرض فأختطفها خلال لحظات نحو عالم يشكل بعاطفته حدودًا له
واستسلمت لكل جنونه الصباحي، كما لم تفعل منذ أشهر فهي افتقدته بشدة بعد ابتعادها عنه لثلاث أشهر ماضية دون إرادتها ، شيء أقوى من رغبتها جعلها ترفض القرب منه وتقلبات عديدة عصفت بها فكانت على حافة جنون مطبق .
والآن هدأت قليلاً ، واشتاقت كثيراً .
وليلة أمس كانت كمراسم صلح ،بليلة حالمة تشبه البدايات معه أغراها حنان بعاطفة لم تتمكن من الصمود أمامها أو رفضها ؛ فاستسلمت وأجادت العطاء كزينب القديمة التي يعشقها
دقائق مرت لم يعتني أي منهما بإحصائها وانتهت على
زينب تتوسط أعلى صدره تصغي لكل نبضة يصرخ بها قلبه.

-عرفتي كنتي واحشاني قد إيه!

حركت رأسها الدافنة إياها بصدره،
وهمست بنعم بصدق لمس قلبه :

وأنت والله.-

رغب بمشاكستها ومعاندتها:

-كدابة دا أنتي ذلتيني ذل.

حاولت رفع رأسها كي تتمكن من الرد عليه فلم يمكنها وهو يضغط عليها بذراعيه فيمنعها من الحركة صاحت بحنق منه :


-يا عُمر كان غصب عني وأنت عارف بطل غلاسة بقى.

نجح بصعوبة في السيطرة عليها وهي تجاهد للنهوض أفلتها بعد تيقنه من أن سحر اللحظات الماضية قد تبدد فهمس بغيظ :

-قومي من هنا دا أنتي هادمة اللذات بصحيح..

تعالت ضحكتها المستمتعة بضيقه :

-سمعتك على فكرة.

قذفها بوسادة صغيرة جذبها من خلفه ونجحت هي بالإفلات منها أسرعت نحو المطبخ مخلفة ورائها عدة ضحكات أنعشت صباحه بحق :

-أعملك شاي بلبن معايا ؟.

استمع لسؤالها المعتاد لحد الملل ،زفر بضيق وهو يبحث على جهاز التحكم عن بعد للتلفاز :

-يادي الشاي بلبن.. لو حللوا دمك هيلاقوه كله شاي بلبن

من كتر ماشربتيه..

صاحت به :

-مش أحسن من الشاي والنسكافيه ولا أنت مش همك ابنك يشرب إيه؟

قلد لهجتها بنبرة ساخرة وبهمس لم يصل لها أسرع بعدها

بالنفي قبل أن تأتي وتنصب له محاكمة عاجلة بتهمة عدم

الاكتراث بولي العهد .

-لا إزاي يا حبيبتي.. طبعا يشرب شاي بلبن و يشرب من دمي لو حابب بس ماتعمليش حسابي في الوليمة دي أنا نازل كمان شوية .

خلال ثانية وجدها أمامه بملامح تهجمت وأنذرت بشجار قادم في الأفق لم يلتقط السبب لكنه أسرع بالشرح والتبرير بغرض النجاة من شرارات الغضب التي تنطلق من حدقتيها.

-فيه إيه يا زينب ما أنتي عارفه يوم الإجازة بقضيه مع نادية.

صمتت للحظات تحاول إحكام سيطرتها على ثورة انفعالات

تجتاحها حتى لا يذل لسانها بما لا يحمد عقباه بخفوت مخادع صححت له:

-أنت اللي نسيت يا ُعمر انا متفقة معاك من يومين على ميعاد الدكتورة وبعديها قولتلك إني عايزة أنزل أشتري حاجات كتير..

تجمد بمكانه وملامحه نطقت بذنب نسيانه دون شك.

-انفرجت شفاها في محاولة واهية لعتاب لا يستحقه بالتأكيد ، وعندما شعرت بدموعها تتجمع بحدقتيها فتُشوش عليها الرؤية

والتفكير معا أسرعت بالانسحاب من أمامه والهرب داخل غرفتهم .

-يا زينب استني رايحة فين بس .

نفض عنه جموده أخيرا لينهض لاحقا بها .

وجدها تجلس على حافة فراشها تنتحب بصمت شق أوردته ألماً من أجلها ،جاورها جذبها دون إعطائها أية فرصة لرفضه. فحاوطها بين ذراعيه ليستقبل كل دموعها على صدره.

-خلاص بقى أكيد يا زينب أنا مش قصدي أنسى امبارح نانسي قالتلي إنها هتنزل تشتري حاجات لنادية قولتلها هنزل معاها عرضت عليها كده من غير تفكير ماتزعليش بقى.

كأنها المرة الأولى وربما ستكون الأخيرة

فتفاصيل تختلف ويبقى الموقف ذاته يتكرر بكل وجع

والمرتبة الثانية دائماً وابداً من نصيبها هي.

وكما أعتاد منها لابد أن تستمر بدور المتفهمة المحتوية ، المعطائة بكل صبر نفد رصيده من لديها.

هتفت به دون وعي وقد فاض بها ،فالوضع تغير وطفلها قادم بالطريق و عمر كما هو سيستمر بالضغط عليها وغالبًا ما سيفعل مع القادم أيضا.

-تفكيرك ده ما فكركش إنك وراك ميعاد مهم باردو معايا ولا أنا وابنك دايماً في آخر الليستة بتاعتك.

صاح بغضب أحكم طوقه عليه خلال لحظات نهض ودفعها عنه بعنف كادت معه تسقط على ظهرها قبل أن تتوازن وهي تستند بكفيها على حافة الفراش .

-هو أنتي النغمة دي مش هتبطليها بقى ؟ مية مرة أقولك أنتي اللي مراتي ، ونادية واللي جاي ده ولادي زيهم زي بعض بالظبط ليه بقى دايما عايزة تحسسيني إني مقصر معاكي.

نهضت بكل هدوء بالتأكيد لا يصف حقيقة ما يجري بداخلها من فوران انفعالات لدرجة الغليان، تحركت لتقف أمامه وتفاصيل شاركها بها وهو يستعد لاستقبال طفلته ببدايتها معه تتذكرها

وبعدة أنفاس منها تحكمت بعدها برجفة قهر وحزن اجتاحتها منه :

-قبل ما نادية تتولد شوف أنت كنت عامل إزاي ماسبتش قشاية إلا واشتريتها عشانها ما خلتش تفصيلة تخصها إلا وفكرت فيها و رتبتها.

أراد الصراخ بها وما منعه هو شحوب وجهها بضعف أشفق قلبه عليها منه. وبغضب كتمه بجهد :

-أنتي مدياني فرصه يا زينب ؟ على طول حطاني في اختبار و مقارناتك ما بتخلصش.. خلاصة الكلام أنا هروح مع نانسي ساعتين وراجع آجي ألاقيكي لابسة عشان ننزل على طول.

عارضته بعناد لا قيمة له.

-مافيش داعي انا هروح مع فريدة .

قبض على ذراعيها بقوة لتتأوه وأظافره تخترق طبقات ثيابها الكثيفة لتنغرس ببشرتها . وبهمس خطير أمرها :

-ماطولهاش يا زينب وهي قصيرة . ساعتين وراجع وحسك عينك رجليكي تخطي باب الشقة عقبال ما أرجع .

لم يفلتها مباشرة وهو يحدق بنظراتها المتحدية له. خفف من قبضته على ذراعيها وقلبه يحن عليها بكل شكوكها و أوهامها التي تترصد له ،ببطء جذبها لأحضانه وهو يقبل مقدمة رأسها باعتذار غير منطوق لعلها بيوم تصدق أن بدايته كانت معها ونهايته ستكون عندها.

ولم تعترض ولم تمنعه ولن تفعل فقط استسلمت له كما أراد .


لكل فعل رد فعل إلى آخر القانون الذي درسه الجميع منذ الصغر كحقيقة مؤكدة.

ولكن هذا القانون للأسف لم يرد بذكر تطبيقاته رد فعل الأنثى لتبقى إلى الآن بلا قانون مسيطر فقط عشوائية مكررة هي ما تجمع بين كل النساء .

وأسما مهما بلغت بساطتها وعفويتها تبقى أنثى تتبع غريزتها وما تحثها عليه عشوائية تصرفاتها

لقد أقسمت علة عدم المبادرة بأي فعل منها.

لن تتصل ولن تتسأل، ولن تصرح بأحلامها معه فقط تتأمل أن يدركها بمفرده.

ترغب أن تكون المصب لنهر مشاعر يشق هذا الجمود الذي يغيظها فيه.

وما العيب بأن تصير الطرف المتلقي لفترة

وسترضى بأقل القليل منه ستسعد وستتحول به لمنبع سيفيض ليغرقهما معا وبعدها سيكشف الستار عن قصة حب عنوانها هي بعد أن عايشتها بخيالها بكل دقيقة مرت بعد لقائها به

لم يمضي على قسمها هذا إلا ساعات الليل فيأتي الصباح لتستيقظ على أمل استقبال أية رسالة منه فيوم أمس مر كله دون أي اتصال كعادته عندما تبتلعه الأرض فلا تدري عنه شيئاً.

تشبثت بهاتفها بكل قوة قاطعة غرفتها مجيئًا وذهابًا وهي تجاهد حالها حتى لا تضعف وتبادر هي بالاتصال .

ألا يزال غاضب منها بسبب حدتها معه في الكلام بآخر مكالمه ؟

وحتى لو ، ألا ينبغي عليه بذل قليل من الجهد للاطمئنان عليها على الأقل ؟.

-"مش هتتصلي"

أمرت نفسها بصوت عالي وكررت لنفسها أكثر من مرة لعلها تلتزم بقسمها الليلي

لحظات وقطع خلوتها دخول أمها الحافل عليها جاذبة خلفها ابنة خالتها ياسمين .

-كويس إنك صاحية يا أسما شوفتي ياسمين أخيرا حنت على خالتها الغلبانة وقالت لما آجي أزورها.

فور وقوع بصرها على ياسمين قفز قلبها بسعادة وفرحة لم تجهد حالها لمدراتها

والحنين لصحبتها طغي على أي لوم وعتاب كنَّه قلبها بلحظة.

أسرعت أسما نحوها وتلقطها ياسمين بأحضانها تشبثت كل منهما بالأخرى دون سلام أو كلمات.

طال الحضن بينهما وخلاله تم الحوار، العتاب، الاعتذار وتقبله وإعلان الاشتياق وفقط

افترقا بالكاد ووالدة أسما واقفة على بعد خطوات تراقبهم بأعين دمعت تأثرا رغما عنها . لقد لاحظت كالجميع معاناة ابنتها بابتعاد أقرب صديقتين لها بالفترة الماضية.

وياسمين بالأخص تملك معزة خاصة بقلبها فهي كأسما

تماما بالنسبة لها .

-أنا هسيبكم براحتكم وهجيبلكم الفطار على هنا..

تراجعت أمها وأغلقت الباب من ورائها .

جذبت أسما ابنة خالتها و اتجهت نحو أريكتها الحبيبة التي تتسع لفردين بالكاد لتوفر لهم منظر رائع من نافذة غرفتها والتي تتمكن منها من رؤية نهر النيل ولو عن بعد .

جلسا سوياً و أعينهم معلقة ببعض دون هرب أو عتاب

والابتسامة فرضت نفسها كطرف ثالث بجلستهم .

-بقالنا قد إيه ما قعدناش القعدة دي.

لم تتقصد أسما اللوم ؛ لكنها أعلنت عن اشتياقها بكلمات مسموعة والخيال حمل ياسمين رغما عنها لماضي غير بعيد لجلسات نميمة ومزاح لا تنتهي جمعتهم لسنوات.

كل أسرارها كانت معها كل أحداث يومها شاركتها إياها

بل كل تفاصيل ياسمين القديمة كانت بين يد أسما

ورغم كل ما مرت به إلا أنها تتلمس العذر لصديقتها إن غضبت أو حزنت لما أصاب علاقتهم من عطب دون قصد.

سألتها ياسمين برجاء :

-مش مهم يا أسما بقالنا قد إيه.. المهم دلوقتي مش عايزاكي تزعلي أو تشيلي في قلبك

فكرت أسما حتى لو أرادت فقلبها لن يستجيب لأي مشاعر سلبية

يكفي سعادتها وهي تستعيد بهذا الصباح فور رؤيتها لابنة خالتها كل لحظاتهم معا.

اتسعت ابتسامتها بصفاء وحب ويدها تمتد لتقبض على كف ياسمين .

-صح مش مهم المهم بقى أنا عايزة تعويض مناسب عن كل يوم بعدتي فيه وعشان أساعدك عايزة كل تفاصيل جوازتك المريبة دي مع سيادة االنقي .

ضحكت ياسمين ولتعجبها لم تتوتر أو تنقبض لوصف أسما العفوي لعلاقتها بمصطفى:

-سيبك من التفاصيل دي أنا عايزاكي في حاجه أهم ...

عقدت أسما حاجبيها وشاكستها :

-أيوة يعني مجيتك النهاردة عشان مصلحه مش بنية خالصة .

تجددت ضحكات ياسمين وتعمدت إغاظتها:

-هو أنا من امتي يعني مش بستغلك في كل مصالحي ؟!.

رسمت أسما ملامح الحزن والاستسلام وأبرمت شفتيها بطفولية .

-أمري لله. قلبي الطيب مش هيهون عليه إنه يرفضلك طلب.

رفرفت ياسمين بأهدابها بكل براءة عادت بها لشخصيتها

المنطلقة والتي نبض بها قلب أسما بشوق وهي تجدها متجسدة أمامها من جديد دون أية حواجز وضعت بينهم.

همست لها ياسمين بحذر :

-أنا و مصطفى هنرجع لبعض يعني بعد شهر وشويه كده .

شهقت أسما رغما عنها باستغراب وسعادة أيضا :

-بجد اخيراً ؟ ده يا عيني خالتو كانت هتتجنن وفقدت الأمل فيكم ،الحمد لله ومبروك يا ياسمينة .

ابتسمت ياسمين بخجل تمكن منها ولم تنجح بمدارته واحمرارها هذا التقطه أسما على الفور فلم تفلت فرصتها بمشاكستها من جديد وأصابعها تمتد لتعتصر وجنتها :

-بتتكسفي يا بيضة .

أزاحت يدها بسهولة، وتجاهلت بكل إصرار أية مشاعر خوف أو تردد تهاجمها بغفلة منها .

-يا بنتي بطلي وخليني أقولك أنا عايزة منك إيه .

زمت أسما شفتيها بصورة مشاغبة ابتسمت معها ياسمين لكنها أخبرتها بهدوء :

-أنا عايزاكي تنزلي معايا عايزة أعمل شوبينج لكل حاجة ،مش هاخد معايا أي حاجة قديمة وعايزة أعمل أي تغيير في شكلي لو تعرفي كوافيير كويس أحجزيلي عنده .

قبل أن تجيبها أسما دخلت عليهم والدتها حاملة معها صينية إفطار صغيرة.

-يلا كملوا كلامكم وأنتم بتفطروا ، أنا عملتلكم الشاي بلبن زي ما بتحبوه وشوية سندوتشات يلا مستنين ايه ؟.

وأمام هذا الإصرار الذي لا يترك أي مجال للهرب

حملت كل واحدة منهما كوبها الساخن بيد و بالأخرى أحدالأرغفة المتنوعة أمامهم ومرت عدة دقائق بين قضمة صغيرة فرشفة من مشروبهم وثرثرة والدة أسما الذي بدأ بترحيب حار بياسمين و انتهى بحديث عن خطيب ابنتها المبجل وهي تعدد من صفاته ومدحه بكل فخر

وبعد رحيلها انهت أسما آخر قضمه بعنف وشراسة وهي تنهمر على ظهر أمها المغادر بنظرات غيظ وغل ،ولم يوقفها سوى ضحكات ياسمين على مظهرها البائس:

-إيه يا بنتي.. كأنها بتتكلم على عدوك مش خطيبك.

عادت أسما بوجهها لها :

-متغاظة متغاظة أوي.. البيه واكل دماغ الكل هنا و أنا الوحيدة اللي بيعاملني كأني بنت أخته الصغيرة .

اقتربت منها باهتمام وأخبرتها برفق :

-أنتم لسه في الأول وبعدين عادي إنك تحسي أنه بعيد شوية وهو على طول مسافر وشغله صعب اصبري وهتقربي منه واحدة واحدة .

هزت أسما رأسها بموافقة وذهنها سافر دون وعي إليه .

أتراه بخير ؟ أم غاضب؟

وقبل أن تراجع نفسها أو تفكر مرتين.. اختطفت هاتفها أمام نظرات ياسمين المتعجبة لتتصل به .

ولا تفسير لحالتها سوى يأس لتبادل الاهتمام ف مشاعرها نحوه لا ترقى لتصفها الآن بالحب أو الشوق لكنها رغبة قاتلة بأن تشعر بوجوده فيجبرها للشعور به .

ضغطت على رقم هاتفه انتظرت وعيناها تتناقل على وجه ياسمين لتُشتت تفكيرها بعيدا عن أي أفكار محبطة وجدت بانتظارها رسالة مسجلة بأن هذا الهاتف خارج نطاق الخدمة.

كعادته وما الجديد! ، هتفت بداخلها وهي ترجع هاتفها لمكانه بعصبية .

-كالعادة موبايله مش متاح أو مشغول ولو رد هما كلمتين
بالعدد وشكرًا لحد دلوقتي مش حاسة إني اتخطبت وفيه شخص دخل حياتي بالعكس حاسة إني مضغوطة ومحبطة دايما عشان قاعدة مستنية حاجة مابتحصلش.

فضفضت أسما بكل ما يؤرقها.. وحركة صدرها تعلو وتهبط بسرعة لتدل على مدى اانفعالها:

-يا أسما يا حبيبتي من الأول و أنتي عارفة ظروف شغله وكون إنه ما بيعرفش يعبر عن اللي جواه دي حاجة ممكن تقدري تدوبيها بالعشرة .

ارتجفت شفاها وهي تصبر حالها ببضع كلمات لا تتغير فلقد أعادتها على مسامعها أكثر من مرة وهي تنفرد بنفسها لتذكرها

أن هذا هو اختيارها الخاص فلتكمل مشوارها معه للنهاية لعلها تصل إلي بر آمن مفترش بدفء أحاسيس تفتش عنها بكل إصرار .

حركت الهواء بكفها أمام وجهها المحتقن في حركة تمثيلية للغاية:

-طول عمري اوڤر صح ؟.

تبادلا الضحكات المرحة بعد أن قررت أسما إزاحة أية أفكار سيئة من ذهنها بالوقت الحالي لتركز مع ياسمين و ما هي مقبلة عليه.

-بصي أنا هعتبرك عروسة جديدة وأخد فيكي ثواب وليكي عليا شوية محلات هتخلي الأستاذ مصطفى يدعيلي مش هتعوضي بيهم السنة اللي فاتت دي وبس دا أنتي هتنطي بيهم لعشر سنين قدام.

كادت ياسمين تنقلب على ظهرها من فرط الضحك تجاهلتها أسما وهي تؤكد بثقة:

-طيب بكرة تشوفي ,ولا بكرة ليه النهاردة ننزل نلف وعشان نكون على ميه بيضة أول حاجة نبتدي بيها الدلع كله .

أخبرتها وهي تهز كتفيها وذراعيها بحركة راقصة فضربتها ياسمين على فخذها المواجه لها.

-إيه ده ،أنتي بقيتي كده أزاي.

جعدت أسما أنفها باستنكار :

-كده ده اللي هو إيه حضرتك؟ دي شوية لانجريهات وشوية شخلعة كده ودلع محسساني إني بقولك حاجات عيب وحرام .

حركت ياسمين رأسها بتردد مفتعل ؛فهي لم تملك من الجرأة ما يمكنها من شراء كل مستلزماتها كعروس جديدة بمفردها.

ولا تريد اللجوء لأمها حتى أن تكتشف مدى جهلها و رعبها أيضا ولا تعلم أهي أنانية أم اشتياق منها هو ما دفعها للتفكير بأسما لتساعدها بما هي مقدمة عليه.

طيب ماشي انا اصلا جايالك عشان تساعديني اختار إيه ،ننزل النهاردة وبكرة أنا كمان أجازة .

اعترضت أسما بإحراج.

-لابكرة مش هينفع ،متفقة مع نانسي هقابلها .

صمتت ياسمين لتستوعب الاسم وكيف و متى حدث الربط بينهم.

-نانسي طليقة عمر !تعرفيها منين دي ؟.

هزت كتفها وقد شعرت بتحفز الجالسة أمامها على الفور :

-عادي يعني.. جات المكتب كذا مرة مع بنت عمر وشفتها وقتها وعزمتني مرة عندها ومن ساعتها واحنا أصحاب.

-أيوه يا أسما بس زينب...


لم تكمل جملتها والتي التقطت أسما بقيتها على الفور. فغضب زينب منها لعلاقتها بطليقة زوجها أمر مفروغ منه .

-أنا ماليش دعوة بزينب الست كويسة معايا ولطيفة جدا وفعلا بتبسط معاها ،أعاديها كده من غير سبب ليه ؟ وبعدين المفروض اللي يزعل هي نانسي مش زينب ،هي اللي أطلقت من جوزها وسابها هي وبنتها عشان خاطر واحدة تانية .

فغر فاه ياسمين بذهول لم تتمكن معه من الرد مباشرة.

-إزاي بتفكري كدة ؟ دا إنتي كنتي مع زينب في كل خطوة من الأول!...

قاطعتها أسما بحدة :

-لا ياياسمين ما تضحكيش على نفسك ،أنا ماكنتش مع حد لا معاها ولا معاكي ولا أعرف عنكم حاجة .

زفرت بضيق قبل أن تتابع :

-بصي بلاش نفتح في القديم أنا واالله ماعايزة أعاتب ولا ألوم بس بليز علاقتي بأي حد دي مسألة تخصني أنا لوحدي ،وده ما يزعلش حد .

وافقتها ياسمين بهزة ضعيفة فهي لن تقدر على الشرح أو التبرير مهما حدث :

-خلاص قومي البسي عشان ننزل.

هجمت أسما عليها بقبلة مباغتة فوق وجنتها قبل أن تقفز نحو صوان ملابسها هاتفة بمرح :

-فوريره .

راقبتها ياسمين بنصف عقل وهي تستعيد طيف طفلة كانت تتلبسها قبل أقل من عامين مضوا

طيف غادر ليحل مكانه وجود وكيان آخر ولد على يده هو

فمصطفى أعاد جمع بقاياها بكل صبر وحب وعشقها له هو من أعاد تكوينها لتكون على صورتها الحالية أكثر نضجاً واستقراراً.

عادت أسما بعد أن أبدلت ثيابها بسرعة قياسية وقفت أمامها لتقاطع شرودها بحركة من كفها أمام وجهها :

-أنا خلصت خلاص .

ناظرتها ياسمين بشرود وهي تنهض لتسبقها وبمنتصف الغرفة توقفت لتستدير نحوها:

-أسما أنا عايزة أقولك على حاجة مهمة .

انتبهت على لهجتها الجادة فانصتت لها باهتمام.

ترددت ياسمين قبل أن تُصرح بما تنوي نصحها به :

-عايزاكي تخلي بالك من نفسك ,يعني علاقتك بحسن دلوقتي حافظي على حدود ليها ما تتجاوزهاش مهما حصل.

اتسعت عينا أسما بفكاهة واستمتاع وهي تتخيل ما تخبرها به ،فكل الحدود ترغب بالقفز من فوقها أو محوها لو أمكن لتصل لنقطة أساس تجمعها به ،لكن تلك الفكرة بالتحديد لم تصل إليها جموح أفكارها العذرية على الأقل بتلك المرحلة ؛فكل ما ترغبه هو تلامس مشاعرهم فقط. رغما عنها انساقت خلف مزاح لن تتخلى عنه :

-إيه خايفة علينا لننجرف ورا مشاعرنا ونغلط ويبقى مجبر يصلح غلطته ؟.

لم تبتسم ياسمين ولم تتجاوب مع مزاحها.

بصعوبة منعت نفسها من إخبارها أنها تخشى على تلك الطفلة التي بداخلها من أن تضيع وتتوه منها تخشى عليها هي لتفقد نفسها بلا رجعة بكل هذا الانطلاق والسعي الدؤوب وراء مشاعر لم تكتسب الثبات بعد.

-اسمعي الكلام من غير مأوحة.
أمرتها وهي تضربها بخفة أعلى رأسها سايرتها أسما بهزة مطيعة من رأسها قبل أن تدفعها بكل حماس أمامها للخروج معاً كما لم يفعلا منذ أشهر طويلة مضت.




نهاية الفصل

Soy yo likes this.

Nahla kandeel غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:55 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.