آخر 10 مشاركات
زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          398 - لن تسامح - داي لوكلير (الكاتـب : سيرينا - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رواية الورده العاشقه " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : sapphire - )           »          أنثى من ضوء القمر **مميزة ** (( كاملة )) (الكاتـب : هالة القمر - )           »          أنات في قلوب مقيدة (1) .. سلسلة قلوب مقيدة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          الآتية من بعيد - مارغريت روم - ع.ج** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          رواية أنت لي للدكتورة منى المرشود النسخة الأصلية الكاملة (الكاتـب : مختلف - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree83Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-04-22, 09:27 PM   #41

بندقة بندقة
 
الصورة الرمزية بندقة بندقة

? العضوٌ??? » 495135
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » بندقة بندقة is on a distinguished road
افتراضي


الفصل العاشــــــــــــــــــر

تمهيد الفصل

وأنا أكتب هذا الفصل .. كنت أصف معاناة فتياة حقيقيات .. تم التحفظ عليهم كسبيايا وأسرى حرب دول أن تقذف رصاصات حقيقية، ولكنها كانت رصاصات نفسية .. تعبر القلب وتمزق الروح وتزهق ، ويعيش الانسان جسد بلا حياة

كنت دائما أشعر بأنني مدينة بالاعتذار لهؤلاء .. الذين يتعرضون للاذلال والعنف ، دون أن يكون في مقدوري مد يد العون

إلى هؤلاء انحني وأعتذر











الفصل العاشــــــــــر

التفت الجميع إلى محمد بيه وحاشيته، كان يضع يديه في جيبه ويمشي منتشيا بخطا حثيثة وكرشة أمامه وكانه كل ثروته.

-" ما شاء الله ، لم أتوقع هذا المشهد، توقعت ودموع وبكاء وعينين غائرتين من الجوع، لكن واضح أن صحتنا عال ، لماذا تولولين اذا يا نصرة لمدة أسبوع أنها ستموت !"

توارت نصرة برأسها وكانت تتعجب ، كان هذا منذ أسبوعا، ءاتتذكر الآن؟ ولكنها بالطبع آثرت السلامة وأجابته:

-" هذا أول يوم تأكل به والله يا محمد بك ، قد أعطاها الدكتور الله يكرمه دواءا جعلها تأكل"
نظر الجميع إلى محمود الذي أسقط رأسه بين كتفيه وضبط من وضع النظارة في توتر، فتقدم صديق لولدها طويل القامة مرتديا بزة بنية وواضعا يده في جيبه ، التف حول محمود لفة دائرية متفحصة بعينين ضيقتين في وجه يشبة السمكة، كانت ذراعه اليسرى في جيب بنطاله، واتجه بيمناه الى جسد مايا بعد ما زاحم الطبيب الشاب وأجبره على التحرك من مكانه بغلظة، وضع يده على شعرها في صمت مطبق من الجميع، وذهول من عيني محمود الذي راقب جسد مايا النائم في ثبات تام وكأنها في غيبوية لسبع سنين

-" القطة نائمة يا محمد بيه "

كان اباها في هذه اللحظة يتابع الايباد المستقر في يده بحرص شديد ثم قال:

-" عبد الحميد سلامة يعرضها على 350 الف جنيها، ليس سيئا"

هدر الرجل بصوت عال:

-" محمج بيه ، لا تتسرع .. قلت لك أترك لي هذا الموضوع وسآتي بعبدالحميد والوفد الى مكتبك يرجوانك أن تشتري"


نظر له محمد بيه غير مكترثا وأعادة نظره إلى الأيباد ، فأعاد كمال بيك يده المتجعدة إلى جسد مايا وأخذ يتحسس خصرها بطريقة مستفزة أشعلت غضب محمود ثم نزل بأصابعة ألى ساقيها فانتقذ محمود ونظر ألى مايا التى كانت في عالم آخر وكأنها قد لقيت مصرعها على هذا الفراش منذ لحظات، نظر إلى دادة نصرة التي كانت تجك يديها في بعضها في توتر وتشير إلى محمدد أن يصمت ، التفت محمود إلى أبيها ليجدة مسحوبا تماما في المؤشرات التي يظرها له جهاز اللعنات، كيف هذا بحق الله ، فصرخ محمود:

-" مممماذا تفعل"

نظر له الرجل بابتسامة صفراء .. أطمئن عليها .. أتأكد أنها مثل سابق عهدها وأن كل شيء على ما يرام ( ثم غرس باصابعه فخذها الصغير وهمس بجانب أذنه) هل لديك اعتراض يا .. يا دكتور ممممحمود!"

كان صوته كأفعى يثير القشعريرة والاشمئزاز في عمودة الفقري، لا يدري محمود لماذا اتسعت عينيه على مصرعيها ولا تريد أن تستجيب للرمش ، وقف أمامه كصخرة متحجرة ، وقد أنقذة صوت محمد بيه الذي ظن أنه في هذة اللحظة رحيم، وأقل شيطانية من هذا الكائن الذي يرمقه بنظرة هي خليط بين الضحك والسخرية والتحدي :

" كمال ، كمال ، ألن تكبر أبدا على تلك الألاعيب ، هيا نذهب ، لدينا أجتماع "

قالها واتجه الي الدرج منصرفا، توقف كمال بيه أمام محمود وقال له:

-" سعيكم مشكور ، بلغ دكتور هشام أنه لا يحق له أن ينتخف أي شخص يرسله إلى مايا هانم دون إذني ، وخصوصا إن كان غير كفء..... والآن انصرف"


تلعثم محمود وقد غرق في عرقة قال:

-" نــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــنـــــــــــــ ــــــــــــــنــــــــــ ــــــــــــــــــعم"


-" أنصرف الآن"

نظر محمود إلى دادة نصرة التي أقتربت منه وجذبته من يده في فظاظة وقالت:

هيا يا أخي .. سبحان الله .. تقول لك انصرف "

جذبته نصرة إلى الخارج وهي تتمتم بعبارات غير قابله للفهم ، واقتادته كالطفل خارجا ، ثم أوقفته في بقعة مخفية وطلبت منه في فظاظة أن ينتظرها هنا... مرت دقائق قدرها محمود بالكثير ، لأنه لم يتمكن من رفع الساعة إلى عينيه حتى يرى الوقت ، لقد كان جسده مخدر، مذهول تماما...
رأي كمال بيك يترجل إلى سيارته مع دادة نصرة ، كان يتحدث معها وقد بدا ودودا للغياية، ذئبا يلبس ثوب الحمل ـ كان يبتسم في وجهها ويمازحها، قم وضع مبلغ ما في يدها ، وقاد سيارته مبتعدا.. تقدمت دادة نصرة إلى محمود في ثقل وكأن قدماها لم تعد تحملاها .. قال محمود بصوت مهزوم :

-" هـــهــــل كــكــكـــنت تعرفين ؟"

طأطأة دادة نصرة رأسها في خجل ولاذت بالصمت، مما أغضب محمود أكثر:

-" هل باعها الجميع يا ولا ال......"


صرخت دادة نصرة في وجهه

-" وما شأني أنا .. هل أنا ولية أمرها .. أذهب إلى محمد بيك الذي رمي لحمة إلى هذا الذئب دون أدنى شعورا بالذنب.. لما تتحدث معي أنا.. لأني عاملة ضعيفة لا حول لي ولا قوة أليس صحيح؟ ( ثم غلظت صوتها كالرجال وقالت) والأن أظهرت الرجل ذو النخوة أمامي أليس كذلك.. وكنت منذ دقائق أرنبا مذلولا خائفا من كمال بيك "

-" أنا لن أسمح لك ، أنا سأنصرف من هذا المستنقع ، ليتيني لم لآت إلى هنا أبدا"

قالها عادل وتكاد تقسم دادة نصرة أنه كان يبكي .. أنصرف أمام عينيها وقد تعثر عدة مرات في طريقه إلى البوابة ووقع على وجهه قام يتخبط طريقة ثانية...


في الصباح شعرت مايا بضوء الشمس يلثم بشرتها الناعمة فاستفاقت، وجدت أن دادة نصرة فكت لها القيود ووضعت بجانبها فطورا على صينية معطاه بقطعة كتان بيضاء ، عدلت من جلستها وأخذت تنظر للغرفة الفارغة كأنها تتمم أن لا شيء قد تحرك، القت نظرة جانبية على الصينية التي أعدت لفطورها فسحبت غطاءها بدافع الفضول، كان كل شيء عاديا إلا نظرتها للطعام ذلك اليوم، هل طان الزيتون أخضرا لامعا هكذا من قبل؟.. والمربي في شدة الحمرة والقشدة في انصع البياض ؟.. هل كانت تنظر إلى تلك الالوان من قبل ؟ كان المشهد جميلا وبديعا بيد أنه لم يثنيها عن قرارها أنها ليست جائعة... بل كان حقا يستحق صورة ، بحثت عن هاتفها فوجدته بلا شحن ، فمطت شفتيها الورديتين اعتراضا وبحثت عن الشاحن في الدرج الملاصق للفراش وتمنت أن يكون قريبا لأنها مقيدة بقدمها اليسرى ولا يسعها التحرك بعد حدود الفراش، مدت يدها في الدرج وظنت أنها وجدته ولكنها أخرجت شيئا أخر.. تليفونا صغيرا بأزار ، يبدو قبيخا للوهلة الأولى ولكنها فتحته بدافع الفضول ، وكان يرتسم على شاشته علامة رساله ، فابتسمت في داخلها ووجدت أنه شيء لطيف أن يفتح شخص ما هاتف شخص أخر ويقرأ رسائله ,, يبدو عملا شيطانيا ولكنه لا بأس من الانفلات من وقت إلى آخر :

" صباح الخير يا آنسة مايا ـ آسف لما حدث ليلة أمس وأعتذر بشدة أنهم أرغموني أن أرحل .. ةلم أنم من ثلاث أيام من أجل هذا .. عندما تستيقذين راسليني"

قطبت مايا حاجباها الشقراوين رفم أنها حاولت تتهجأ بصعوبة العربية ولكنها لم تفلح ف الكتابة ، بعد محاولات فاشلة كتبت بالانجليزية:

"who are you؟"

وجاءها الرد بعد لحظات من التفكير

-" أنا دكتور محمود، أنت حتما تعانين من شيء ما في الذاكرة،

لحظة!

هل يعني هذا أنك لا تتذكرين ليلة أمس؟ "

بعد بضع لحظات كانت تتلعثم بها في القراءة وتحاول الفهم"


"and what happened yesterday?”

بعد عدة لحظات أخرى من التفكير أرسل محمود

" أصلا ؟.. أنت فله "

" what does it mean folla ?”

لم تتلق مايا ردا فصرفت انتباهها عنه واستدارت تبحث عن مذكرتها الحمراء ثم خطت بداخلها – أنت فله" ثم ناوبها الشعور بالفضول وماذا تعني هذة الكلمة .. تمنت أن يمكنها البحث عنها عبر الانترنت فصرفت نظر ولكنها انتبهت مجددا إلى تلك الأجنحة التي خطتها يوما ما ..إنها جميله ..

تشتت عقلها لسماع صوت رسالة ثانية فاستقبلتها

-" انا لدي فكرة أن اخرجك مما ـنت فيه، ولكن عديني ألا تتخلي عني "

تنهدت مايا ولم يبد على وجهها أي تعبير وهي تكتب

-" Wher would I go then?

سمحني انا ل اكتوبو العربيتو بتلاكه"

تلاكه ( أرسل ةحها ضاحكا حتى البكاء)

لا يهم.. وأن كنت تتحدثين الصينية أنا أتقبلك..

لم تعرف ماتجيبه مايا فالتزمت الصمت فعاد محمود يكتب

-" ستذهبين إلى بيتي ، أأأقصد .. بيت أمي، وهناك لك مطلق الحرية كي تفكري ... ف ف ف في حياة جديدة"

خيم الصمت للحظة ، شعرت خلالها مايا أنها دخلت في عالم موازي ، تشتت كل أفكارها وكانت تجاهد نفسها في الرجوع إلى الواقع، يبدوا هناك موضوعا مهما مفتوحا، أخذت نفسها عميقا ثم كتبت:

-"دوكتور ان لستو متأكدتو انني يمكنوني التوصل بشكل طبيعي، روبما كان لديكا فكرتون صغيرتون عن حالتي السحيتو والذهنيه كيفا يومكنني ان اتعيش دخل اوسره، كنتو أتمنا أن اهرب أن اسفر ايلا مارسيل صضيقتي أو اذهب ألا بيت نور ولكنني حتا بعد العثور علا هاتفي لا يومكنني إيجاد أي رقم محفوز عليهي "


-" لم أر في حياتي لغة مسكرة مثل تلك الحروف التي تكتبين.

ولهذا يا أميرتي سألتك، هل اذا أخرجتك من هذا الأسر ، ستتركينني ، ساعتها لن تكوني ملتزمة أمامي باي عقد حقيقي ، غير تصديقك أنني .. وفقط لو اعطيتني الفرصة، سأفعل كل ما في سعتي وأكثر كي انسيك ما حدث واعوضك واعطيك مم روحي لكي اضمن لك السعادة ، واقسم لك لن تندمي ، نحن عائلة بسيطة، وانا دكتور في بداية حياتي ولكنني لم يشعر قلبي في حياتي بهذه السعادة إلا حين رأيت وجهك المليح وعيونك الخلابة، إلى الآن أشعر أنني أحلم .. كنت مترددا، ولكن بعد ما حدث ليلة أمس ـ شعرت أنك تخصينني ، وأنه ربما لا يمكنني أن اعوض لك غناء محمد بيه .. ولكنك لن يشملك أحد بحنانه ورعايته مثلما سأفعل، سأعوضك عن كل شيء ـ ولن أتركك ماحييت "

ساد الصمت بينهما لحظات كثيرة ـ ولم تجد مايا كلمات مناسبة تكتب ، كيف يحمل كل هذه العاطفة نحوها في هذا الزمن القصير

-"دوكتور ، انا لا اكذوب كول هاذهي المشاعر ولكن نحنو نعرف بعضنا منذ.."

-" كنت ارسم هذا الوجه الملائكي واتغزل به منذ كنت طفلا ، وكأني وقعت في
حبك من سنين "

فجأة شردت مايا في لون الأباجورة التي تسكن على المكتب في ركت الغرفة، ان عقلها يشبه مكتب المذاكرة من سنوات، يعج بالمهام والمسئوليات العقلية التي يصعب علي عليه هضمها ويصيبها دائما بالصداع، تتذكر أنها كانت تنام كثيرا وقت الامتحانات، ولا تذاكر شيئا، وكانت تنجح لان المدرسة كانت مملوكة لأباها، رغم أنها حاولت مئات المرات أن تكون مسئوولة مثلما تقول مارسيل، وأن تغير واقعها ، ولكنها كانت اضعف من أن تخطو الخطوة الأولى.
كانت تحلم أن تكون مثل صديقيها مارسيل ونور الأوائل دائما علي المدرسة ، ولكنها كانت أضعف من المثابرة والمجهود، فليحدث ما يحدث ، وأيا ما يحدث ، لن يكون أسوأ مما حدث
تكورت علي نفسها واراحت جسدها الصغير ببطء علي جانبها الأيمن ثم انتبهت لدادة نصرة التي كانت ترتب ملابسها بجانب الفراش ولا تعرف متى دخلت الغرفة:

-" ماذا كان يريد وجه القرد"

-"يريد أن يتزوجني"

لطمت دادة نصرة قفصها الصدري وقالت:

-" يا مصيبتي ، هل جن جنونه، هل يعلم ماذا يمكن أن يفعل محمد بيه او كامل بيه، يا مايا ألا تذكرين ماذا كان يفعل كمال بيه بمارسيل هانم ونور بيه "


ظلت مايا تتابع الشراشف البيضاء التي تنحني بنعومى في يد دادة نصرة وكأنها تريد أن يطويها أحد لتنام :

-"دادة، هل يمكن لشخص أن يحب بهذه السرعة"

توقفت نصرة قليلا لتستوعب ثم قالت:

-" نعم ، أسمع عن جنون وحلاوة البدايات، وأسمع من صديقاتي أن الرجال في بادئ الأمر يكونوا كالاطفال الذين جاءتهم لعبة جديدة يشتعلون حماسا وجنونا ، ثم ، لا شيء وكأن شيئا لم يكن، ولماذا تسألين مائلة البخت مثلي علي أية حال"

-" دادة، هل تؤمنين بالفرص الثانية ، هل تؤمنين أنني يمكنني أن أكون زوجة مخلصة مسئؤوله ومحبه مثلك أنت "

-" ربك يقول أن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، التغيير ممكن، إن كان لديك السبب وجيه ،، ولا تقدمي هذه التضحية لمثل هذا الصرصار ، وتذكري أن كمال بيه يقتله"

-"كمال بيه!"

-" يا ابنتي ، اسمعيني، لا يوجد مفر من هذا، الرجل يريدك ، لا تؤاخذيني ، هو يأخذ ما يريد يكون أفضل بالحلال عن الحرام، ولا تغضبي حين أقول لك هذه المرة لا يوجد مارسيل لتهرب بك من الفيلا، هناك العديد من الفتيات يتزوجون رجالا ضعف عمرهم، ماذا حدث، ليس آخر العالم، إن كنت ستقومين بتضحية كي تنقذي نفسك، هذه هي فرصتك الوحيدة ، ولا يوجد غيرها "

-" لن أتخلى عن نفسي حتى وأن كان الجميع قد تخلى عني"

ثم تلعصمت دادة نصرة وهي تقول :
-" توقفي عن قول ذلك ، هي لم تتركك ، فهي تحادثني للاطمئنان عليك "

وهنا اجهشت مايا بالبكاء

-" أين هي ، أنا أشعر بالوحدة ، أشعر بالوحشة وعدم الأمان، أشعر أني عارية بلا مأوى في ليلة شتاء"

-"حسنا، بالله عليك لا تبكي"
احتضنتها دادة نصرة في حنان وشعرت هي الأخرى أنها تريد البكاء من أجل تلك المسكينة

* * *


في اليوم التالي استيقظت مايا علي شهور غريب ينتابها ، بأن هناك من يحملق بها فانتفضت حين فتحت عيناها ووجدت كمال بيه بذقنه المترهله متعددة الطبقات ونظاراته العاكسة يحدقان بها وهي نائمة :

ارتدت مايا إلى زاوية الفراش واحتضنت ركبتيها بذراعيها فضحك كمال بيه بأسنانه الصغيرة المتفرقة:

-" ماذا هناك يا قطة ، لماذا تنتفضين كل مرة وكأنك رأيت شبح "

خبأت مايا رأسها وتحاشت النظر إليه فاقترب هو أكثر، ثم وضع راحته على ذراعها فارتعشت وقال في هدوء:

-"فقط اريد أن أقول لك أنني لست بهذا السوء ، ويصيبنى العجب، لماذا لا تريدين أن تكوني معي ، ترتفعي عنى وكأنك القديسة ، تغفلين أنني أراقبك في كل وقعاتك وإخفاقاتك ، وكنت أخبر محمد لكي ينقذك ويأتي بك إلى هنا كل مرة ، وأنا من أشرت عليه أن يحبسك في هذا القبو منذ سنوات، حين بدأ جسدك يتحور ككأس خمر معتق منذ مائة عام لا يمل أن يجعلني أشتهيه، غكان يجب أن يكون لنا وكر معا، أنت تهربين ثم تقعي في الخطيئة ثم اسحبك إلى هنا لتنالين عقابك ، أليس هذا عدلا ، أترين .. أنا لست بهذا السوء .. ولكنك غبية ( قالها وهو يهمس كالفحيح في جانب أذها حتى أخذت تغطيها باصابعها الرقيقة حتى تتقي حرارة انفاثة القذرة)، اغبى من الغباء، تصرين على الخطيئة، كان الأجدر بك أن تكفي.. ولكنط حالة مبؤوس منها، لا يمكن إصلاحك أنت لا تكفين عن إهانة نفسك، مثلي أنا تماما، كلانا له نفس المصير ، لقد أظهرت لك وبكل الطرق العاطفية والحسيه أنني أنا الأمل ، والملاذ .. أنا المحب ، أنت خلقت للمتعة ، وأنا خلقت لاتباع الغرائز ، فلماذا لا تتقبلين تلك الحقيقة البسيطة بهذا العقل الضيق، أنت ليس لديك القوة ولا الطاقة ولا الذكاء أن تهربي بعيدا عني ، في كل مرة سآتي بك ، انت لي ، فلم يخلق هذا الجمال لأحد غيري "


قالها وقد أزاح شعرها البرتقالي من فوق وجنتها، وقد شعرت بأنفاسه تقترب من وجنتها فشعرت بالدوار وكأنها دخلت في بعد آخر من الزمن ولمستها الكهرباء وشعرت بشيء ثقيل يهوي علي الأرض، فتحت عينيها لتجد كمال بيه ملقى على الأرض"

-" هل انت بخير ، هل آذاك "

اجهشت مايا بالبكاء أقترب منها محمود وأراد أن يحتضنها ولكنه لم يقوى على ذلك ، ولكنه استطاع أن يحتضن كفيها ويقبلهما وقال لها كلمتين أدفئت قلبها

-" لا تبتأس ، سأخرجك من هنا ، ثقي بي "

نزلت دادة نصرة بقلب فزع وعقبت:

-" انت يا عديم المفهومية ، ألم أقل لك أن تنتظر "

توقفت انتصار للحظة لإدراك الأمر، ثم نظرت إلى تلك المسكينة الغارقة في دموعها ، التي رفعت إليها يديها وقالت:

-" عانقيني يا دادة نصرة"

هرعت اليها انتصار ووكزت محمود وعانقتها وهمست لها

-" ثانية، الم ننتهي من هذا الحوار، قلت لك الوضع منتهي ولا يجب أن يكون بتلك الصورة المهينة ، ماذا سيحدث الآن"

لم يكن ذهن محمود واعية لتلك الكلمات، ولكنه توقف عقله عند جملة عانقيني يا نصرة ، لماذا لم تكن عانقني يا محمود مثلا!




بندقة بندقة غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 25-04-22, 02:27 AM   #42

بندقة بندقة
 
الصورة الرمزية بندقة بندقة

? العضوٌ??? » 495135
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » بندقة بندقة is on a distinguished road
افتراضي شكر وتقدير

اريد أن أعبر عن عميق شكري وامتناني إلي كل من سر قلبي سواء بتعليق أو بالضغط علي زر الاعجاب 🥰🥰🥰🥰🥰🥰

بندقة بندقة غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 28-04-22, 10:27 PM   #43

بندقة بندقة
 
الصورة الرمزية بندقة بندقة

? العضوٌ??? » 495135
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » بندقة بندقة is on a distinguished road
افتراضي الفصل الحادي عشر

الفصل الحــــــــــــــــــــــ ــــــــــــادي عشـــــــــــــــــــــــ ــــــــــر

بعنوان: " واحد من بيننا وجب عليه أن يستقر في هذا الجحيم ، ويجب أن يكون أنا"


تمهيد:
هل يعتبر المحب حبيبه محبا أذا ما افترقا حتى لا يعذبا معا؟

هل يرى الحبيب الذي تم الزج به بعيدا ، لكي يأخذ الأخر صدمة القطار المدوية والتى تغزو بعدها لحظات السكوت العالم , هل رآه هذا الحبيب مضحيا ، أم كان أنانيا .. لأن الأنانية أن يفترقا، أن يعيش أحدهما وحيدا ، تحت مبرر ما .
هل كان هذا حب، أم أنانية مفرطة ..
بحيث يتجرد الحبيب الآخر في لحظة من الزمن ، في من أرادتة في اختبار الفراق .. أو العذاب معا..







جلس محمود مع دادة نصرة ومايا وقد شرح لهم أنه لم ينم لمدة ثلاث أيام، يفكر عميقا فيما يحدث مع مايا وأنه قرر أن تهرب:
نظرة له دادة نظره في رعب وقالت له :
-" هل أنت أبله!.. هل تعتقد أنه بهذه الخطة السخيفة لن يجدك كمال بيه أو محمد بيه ؟"
-" وهل يعرف أحد أنني هو الشخص الذي خبطة من الخلف ؟"
-" وماذا عني أنا ؟! ماذا سيفعل بي الاثنان، هل فكرت ؟"
-“ وهل يعرف كمال بية أنك رأيت ما حدث؟"
أدارت نصرة رأسها في حيرة وهي تفرك كفيها وقالت:
-"سيعرف حتما ، هذا لا يخفى عنه شيئا حتما رآك أحدهم.."
-" لم يرني أحد ، فقط الحاس على ما أظن .."
-" زوجي!"
-" لا مشكلة اذا .. والآن هيا البسيها هذا النقاب لآخذها معي"
هدرت نصرة به :
-" ءانت مجنون يا هذا ، أنا لا أعرفك .. ولا أعرف إلى أين ستأخذها "
-" إلى بيتي"
-" نعم يا روح امك؟"
-" يا ست نصرة .. لدينا حجرة صغيرة فوق السطوج في عمارة أربعة أدوار كانت لوالدي يرحمه الله، ستمكث هناك وسأعطيك العنوان ورقم بطاقتي ، سيقوم على خدمتها اخوتي لا تقلقي "
نظرت له نصرة في شك فتابع :
-" يا ست نصرة .. عشر دفائق وهذا المسخ سيستفيق، وسنلقى في السجن إن لم نسرع"
نظرت نصرة إلى مايا التي كانت تخط شيئا في مذكرتها وكأن الأمر لا يخصها ، فجلست إلى جوارها وتأملت خصلات شعرها البرتقالية التى تتزاحم مع الخصلات الشقراء:
-" ماذا تقولين يا قلب دادة نصرة؟ "
رفعت لها مايا عينين يسكنهما السلام :
-" لا أعرف، لن أفكر .. فليحدث ما يحدث ما يحدث لا أعبئ.. ولكنى ..لا أريد أن أكون له .. أريد أن أعيش في سلام ، بعيدا عنه ، بعيدا عن أبي ، بالقرب من مارسيل ، هل ستأخذني إلى مارسيل ؟"
نظر محمود في ساعته وأخذ استجابة الجسد الملقى على الأرض وقال على عجل
-" بالطبع، بالتوفيق ، بالتأكيد .. هيا بنا "
قالها محمود وهو يعرض عليها النقاب الأسود بالعباية السوداء ، أدار وجهه في أدب حين ألبستها دادة نصرة فوق ملابسها البيضاء ، ثم أخذت بعض الوقت لكي تفهم كيف تحكم لها النقاب حول رأسها وتدخل محمود بهدوء وطلب أن يلبسها إياه فابتعدت نصرة ، وقد ثبت النقاب على رأسها وربطه من الخلف وكان طرفه الأسود حاجبنا تماما وجهها ، وبعد أن أحكم العقدة رفع الطبقة الأولي من على عينيها ليلقيها إلى خلف رأسها حتى برزت عينيها الزرقاوين منيرتين في هذا الليل الحالك فتمتم محمود:
-" هذا ما لم أحاذر ، ( ثم نظر إلى نصرة) عينيها ماركة مسجلة ، ما الحل ؟"
سام الصمت قليلا وأطرق محمود يفكر ثم أخرج نظارة شمس سوداء رديئة من حقيبته وألبسها أياها ، ثم خذب طرف كم العباءة حتى تتبعه على عجل ، أوقفته نصرة بصوت حازم ، وأعطتها شنطة صغيرة بها أهم أشياءها ، وطلبت منه في فظاظة أن يسجل نمرتها الجديدة ونمرته على هاتفها بأسمين وهميين أثناء ما كانت تغمرها بالأحضان والقبلات والوصايا العشر ، والحقيقة أن مايا لم تكن تشعر بالموقف ورهبته ، كانت تتفهم فقط أن دادة نصرة تحبها بدون شروط وتحبها إلى الأبد ، كانت توأ برأسها في كل كلمة تتلقاها منها حتى وأن خيل لها أنها تفوهت فوق المليون كلمة حلال الدقيقتين الماضيتين ..
أعطى محمود الهاتف لنصرة وسحب كم مايا وانصرف في حذر ، وانصرفت خلفه نصرة إلى زوجها لكي يتفقان على ما سيفعلانه وما يقولانه، وما كان من زوجها إلا أنه عنفها بشدة ، هو يرى أن عدم قدرتها على الخلفة جعلت منها انسانة ضعيفة أماما بنت محمد بيه ، وأن هذا الذي حدث سيزج بهما الأثنين إلى السجن ، لأن ببساطة هذة خطة أطفال صغار يلعبون بالحارة ولا يدركون بشكل فعلى ما هو العالم الخارجي ، حلف زوجها بالطلاق أنه أن صارت الأحداث على ما لا يحمد عقباه، سيطلقها ويبلغ عن محمود هذا وسيعترف بكل شيء ، أخذت نصرة تتوسل إليه وتقبل يداه قدمة ألا يفعل ، ذكرته بخمسة وعشرين عاما بينهما لم تخلف له كلمة ولم تخرج عم طاعته قط ، كان زوجها في حيرة من أمرة ولم يعرف ماذا عليه أن يفعل ، وكيف سيتقبل محمد بيه وكمال بيه الأمر !!
* * *
قطع محمود ساحبا مايا من يدها شوارع كثيرا ، كان كل ما يدور في مخيلته أنه في حلم .. لأن هذا هو الجنون بعينة .. في عدة أيام ظهرت له حورية جميلة ، وها هو الآن يخرجها من الماء بهذا النقاب الذي استلفة من أخته شيماء و ---
توقف عندما كان كم مايا عصي عن الحركة ، التفت محمود اليها لاهثا فوجدها ثابتة مثل صخرة نبتت من الأرض .. أقترب منها محمود بعد عدة محاولات ليحثها على الحركة بلا فائة ، فهمس إليها:
-" هانت ، فقط عدة مئات الأمتار إلى المترو"
-" لم تجب مايا ولم تتحرك ولم توكأبرأسها رفضا أو إيجابا "
بعد إلحاح من محمود دون جدو ترك كمها ثم أخرج ما في جيبه وشرع يحسب النقود ثم نظر إلى السماء طالبا معجزة ، إبتعد قليلا عنها باحثا عن أي شيء يقله وتمنى من كل قلبه ألا يكون تاكسي ، مر أمامه عربة كارو يجرها حمار فأوقفه ، لا يوجد لدية خيار آخر ، تناقش بجملتين مع الرجل الطاعن في العمر فأشار له الرجل أن يركب ، لم يدر كيف فعل هذا ولكنه حدث .. حملها محمود من خصرها وأجلسها إلى سطح العربة الخشبي ، فارقت راحتاه ولم تفارق عقلة ، كان يشعر أنه حتما حلم ، لقد كانت بين يديه الآن ، فتاة فوق كل الجميلات ، ألقى إليها نظرة خاطفة بعينين يقفزان منها السعادة ، كانت شاحبة ، واجمه .. هل كان هذا هيئة النقاب ، أو أن شيئا ما يحدث خلف ذالك النقاب.

كانت مايا تختبئ ، تنكمش على نفسها ، داخل هذا الستار الأسود التي ترتدية ، شعرت بالحرية داخله ، لا أحد يراها ، لا أحد يعرف أنها مايا الخاطئة ، سيظن الجميع أنها صالحة ، وهل هذا سيصلح الأمر .. ألقت نظرة خاطفة على وجة محمود المبتسم في حبور ، غير عابئ بقطرات العرق التي تتكتل على جبهته وتتزاحم على البثور السوداء حول انفه الأفطس وذقنه السواء المتناثرة ، ثم فكرت ... من هذا ؟ وألى أين سيأخذني !

بعد بضعة دقائق أوقف الرجل العربة على رأس شارع رئيسي تتزاحم تحت خط السماء الشديد الحرارة، يافطات المكاتب والمحلات والمطاعم وكأنها تختنق ، جذب محمود كم العباءة السوداء ف رفق ولكن بعد عشرة خطوات أحس بخطواتها تتثاقل خلفة ، ثم وقفت وأمسكت قلبها وكأنها تهدئه لأنه سيتوقف قلبها عن الخفقان من قلة الأكسجين الداخل إلى رئتيها عبر مسامات القماش المغطي وجهها، شعرت أنها تنصهر من شدة الحرارة والتعرق، أخيرا أدرك محمود فجذبها مرغمة لتمشي لعدة دقائق أخرى ، أوقفها بجانب ماكينة للصرافة وسحب مبلغا من المال ظهر من خلال ملامحة أنه يؤنب نفسه ولكنه فعل، وضع الأوراق المالية في جيبه وأوقف تاكسيا وذكر مكان ما ثم فتح لها لها الباب في أدب وجلس هو بجانب السائق ليتجاذبا أطراف الحديث في شيء لا تريد أن تنتبه له ، لا تدر مايا كم مر من الوقت ولكن لابد انها غفت كثيرا أو الأحرى أنها اغماءة من قلة الأكسجين ، أوقف السائق السايارة على مهل على جابن الطريق ليترجع جارجها محمود ويفتح لها الباب ثم يعرض بعض المال إلى السائق، في شارع واسع عريض لم تره مايا من قبل لأنها لم تتعود إلن تترجل خارج سيارتها بدا الطقس قاتل .. جذب محمود يدها برفق إلى داخل مطعم وجبات سريعة ذا شهرة معروفة، وحين تلقت الهواء البارد داخل المطعم توقفت وبكت من الإرهاق وشعرت بالدوار، جذبها مرة أخرى حين اختار طاولة في زاوية المطعم وطمئنها أنه أمان ترفع النقاب حتى فعلت فكشف عن وجهها الصغير المضيء وكأنها البدر، ثم ابتسم لها وقال

-" بدر البدور ، أقسم بالله ، حورية من الجنة، ها هنا تنتهي حياة ، وتبدأ حياة جديدة"

بدا لمحمود أن كلامه رومانسيا للغاية ، ولكنها لم يبدو عليها أتعبير على وجهها ، أحيانا يشعر أنها ربما لا تفهم العربية جيدا ، ولكن قدر أيضا أنها تحتاج للاغتسال فأشار بيده:

-"هذه هي دورة مياة السيدات ، اذهبي واغتسلي ، وقومي بتبديل هذا النقاب ، لدي بعض المال ، سنتناول الفطور ، ثم نذهب إلى المنزل "

نهضت مايا مثا الآله غير متحكمة في جسدها متجهة إلى دورة المياه، هناك تخلصت من كل الأسود وغرفت من مياه الصنبور واسبغت علي رأسها وكل ما طالته من جسدها الذي يرهقه الحرارة، لملمت خصلات شعرها المرهق المبلل إلى أقصي مسافة بعيد عن بشرتها، القت نظرة مطولة الي وجهها المتوهج بالمرآة – من أنت ، وإلى أين تذهبين؟-- أرتدت بلوزة بيضاء قطنية ذات أكمان طويلة وبنطال من الجينز ، لملت أشياءها في تؤدة ودستها في حقيبتها وعادت إلى الطاولة وقد هدأت كثيرا لأنها تتنفس هواء بارد يلاطف بشرتها المتعبة، أسرع إليها محمود ليستقبلها وعينيه تقفز منهما السعادة ، قالت مايا وهي تجلس وتخبئ نصف وجهها بطرف كمها الطويل:

-" لا يبدو لي أنيي سأتعثر في هذه الخطوات البسيطة يا دكتور ، لماذا تقبل علي هكذا وكأنني لا يمكنني السير وحدي"

قال محمود والابتسامة لا تفارق وجهه:

-" يا جميلة الجميلات، يا ست البنات، إن هذا القدم الصغير لا يليق به أن يمشي علي الأرض "

اغمضت مايا عينيها المرهقتين وقد أسقط في يدها علها تستفيق، انتبهت إلى صوت النادل يسأل محمود عما يريد أن يأكل والذي نظر إليها يسألها بعينيه فقال النادل وقد حسبها انجليزية

-" what would you like to eat mam ?"

ردت مايا بشكل تلقائي بالإنجليزية:

-" I want a cup of coffee and sweet grilled cheese , please"

نظر إليها محمود في انبهار ثم قال للنادل بعينين زائغتين:

-" مثل الآنسة"

انصرف النادل واقترب محمود من مايا ليأخذ نظرة ألى عينيها الخلابتين وكان أكثر خصلات شهرها تخبئ جابن وجهها الأيمن .. يتأملها مرة أخرى وكأنه طفل لا يمل من تأمل لعبة ابن الجيران الجديدة ثم عن قرب وقال:

-" ولهذا أخبرت أمي إنك دكتورة أمريكية أتت إلى بلدنا من أجل مؤتمر طبي وستقيمين معنا بضعة أيام وتأخذين الحجرة التي فوق السطوح، ويمكنك أن تتخيلي كرم أي بيت في بلدنا يقال له أن هناك أجنبيا يريد البقاء معكم لعدة أيام ، يا سلااام ، هنا"

ابتسمت مايا في مجاملة ، ثم قالت:


-" دكتور أنا اشكر كل هذا الكرم والتعاطف من أجلي ولكن---- "

-" محمود ، أنا محمود .. مع العلم .. أنني أكرس عمرى لهذا اللقب ، ولكن معك أنت أتخلى عن أي شيء، ولا تخافي، لن اناديك باسمك أبدا، اشعر أن هذا شرف لا يمكنني الحصول عليه الآن "

-" حسنا، محمود أنا--- "

سمعها محمود بتلك اللكنة الأجنبية التي تظهر الحروف الهامسة فيها بدلا من "الحاء" فكان يريد أن يقوم ويقبل رأسها وسط هذا الحشد من البشر ولا يبالي:

-" أنا.. حقيقة .. أنا لا أرى أن ما نفعله صوابا ، هناك شيئا ----"

قالتها مايا وأمسكت قلبها وقد شعرت أنها تختنق فانتفض إليها محمود يحاول أن يفهم ماذا حدث وضع محمود يده علي وريد عنقها ليقيس نبضات قلبها ، لم يكن في ضربات قلبها ما يشغل باله ، بل كان تلك الصوت بالاحتكاك أسفل عنقها، وكانها تحشو صدرها بشيء ما يعرف ملمسه جيدا، هذا شريط دواء ، وتيقن أكثر حين برز طرفه من بين فتحة البلوزة التى تلتف حول العنق، فسحبه محمود بحاجبين مندهشين :


-" ما هذا، ولما تحملينه معك "

طأطأت مايا رأسها في صمت ، فجلس محمود في هدوء:

-"من يعطي لك تلك المهدئات، هذا ليس دكتور هشام بالتأكيد"

-" صديق أبي "

-" لماذا ، ومنذ متى وانت تتعاطي هذا ، هذا مهدء قوي يدخل البلد مهربا ولا يمكن وصفه لحالتك"

-" أخذة منذ أعوام كثيرة ، عندما .. أرى .. أن الواقع قد بدا سخيفا وغير قابل للتحمل"

-" هذا مميت لحالتك"

-" أعلم .. وهل أحيا؟"

-" على ما أرى ، نعم "

-" أنت لا تعرف شيئا ، ماذا تعرف عني ، هه !، هل لأنك أخرجتني من هذا الجحر جعلك تظن أنك أيضا لك حق الوصاية علي ؟ وأنك يمكنك أن تقول لي ماذا يجب أن يكون؟"

كانت مايا تصرخ، وفي جزء من الثانية تحولت المجلس الرومانسي والطاولة التي تحمل حورية البحار ، إلى بقعة حرب مشتعلة... نظر محمود حوله وبدأ أعصابه الطرفية ترتعش، عدل من وضعية نظاراته التى انزلقت من فرط قطرات العرق التى ظهرت على وجهه رغم الجو البارد .. فقال في تردد:

-" أ أ أ نسه مممايا، أ أ أنا لم أقققول شيء ، لك الجق طبعا ، أ أ أنا لا أحد " آآآآآسف للتدخل"

قالها محمود وجلس على مقعدة في هدوء وأدب ولاذ كليهما بالصمت ، دقائق وحضر الأكل ووضع النادل أمام محمود شيء لم يتبين كنهه ، إلا أنه مصنوع من الجبن ، كان عبارة عن مثلثين محروقين يكتظ بشئ ما – لعلها الجبن المسكين- يتدلل من بين شقيه ، التقط محمود الشوكة وكأنها سلاح، واخد يوكز هذا المخلوق في يقين أنه سيعاود المبارزة .. انتظر وقتا كثيرا يسمح له بالرد ولكنه لم يفعل ، فقدر حين ذاك انه يصلح للأكل ، فحين قطع جزءا وهم بالتهامة كانت صوت ضحكات مايا مدويا في المطعم ، كانت تضحك بشكل هستري وقدر أنها كانت تتابع معركه مع الشطيرة ، فابسم ف خجل ونظر حوله ، ليجد جميع من على الطاولات ينظر له ويبتسم له في حبور كأنه قد قدم لتوه مشهدا كوميديا جعلها تضخك وقد كان.

بعد عدة دقائق قد أنهيا الشطيرة التى لم يكن لها معنى عند محمود ، وشعر بالبكاء أنه سيدفع هذا المال مقابل نصف الرغيف الذي التهمه للتو .. ولكن كانت ابتسامتها أمامه بقيمة ملايين العملات، ألقى إليها نظرة خجله ، عاد وجهها المتوهج إلى الصفاء وعينيها كالسماء الرائقة وتعجب من تبدل الحال، فكسرت هي الصمت وقالت دون أن تنظر له وهي تتأمل الوردات المحفورة على الفنجال الأبيض ، كم تحب الأبيض:

-"تقول دادة إنه لا يوجد علاقات طويله، وأن هذا الحب المتوهج القلبك سيخبو حتما وسأموت أنا في من البرودة، لأنه لم يكن لي قيمة فعلة من الأساس، أ ن كنت تنظر ألى هيئتي مثلهم ، فلن تدوم إلى الأبد "

أجابها محمود وقد عمد ألا ينظر إليها هو الآخر:

-" لا أقبل أن يلمي علي أحدا نظيرياته، ورأي دادة نظرة لا يلزمني، أنا أعرف ما أشعر به وأن بات جنونا، وسيظل هذا الشعور يتوهج في صدرى إلى قبري ، ولن يخبو إلى أن أموت"

-" أنت لا تعرف عنى شيئ ، ولا أريدك أن تعرف ، أنت توقرني الآن، حينها ستنعتني بالخاطئة"

-" لا يوجد مثل هذا الوصف المعرب في ديننا ولا في ثقافتنا ، لا يحق لأحد مهما كان يصف أحد هذه الصفات المشينة، حقك ألا تثقين بي ولا نواياي، ولكني سأطلب منك أسبوعا، ربما سأغير رأيك وسأغير رأيك بإذن الله، هل أتفقنا؟ "

قالها محمود ولم ينتبه إلى خيانة عينيه، التى خانته و كانت تراقب قسمات وجهها عن كسب، ولم يكن يتحدث فقط ولكنه كان يراقب استقرار نبضات الوريد جانب عنقها ، ثم ابتسم حين استقر


بعد نصف ساعة كانت مايا تتبع محمود لاهثة خلفة في شوارع بالغة الضيق والقدم ، قدرت أنها أكثر من مائة عام، كانت كل الموجودات زحمة زخمة لا يوجد مسافه بين الأبنية بعضها البعض ولا المحلات ، ولا الباعة الذين أفترشوا الأرض ببضاعتهم حلالا لهم ، دلف بها داخل بناية ببوابة حديدة مظلمة رائحتها خانقة كأنها القبو، صعدت على سلالم متهدكة من حمل الأثقال من عشرات الأعوام، ثم التقطت أنفاسها حين وقف عند شقة ما لها باب خشبي عريض من درفتين ، ونقر عليها نقرات ذات نغمة وكأنها رسالة ما ، انتظرا بضع دقائق حتى انفتج الباب ، طنت أنه لم يكن هناك أحد إلى أن كان ما في حكم جرو صغير قد قفذ إلى صدر الدكتور الذي عنفه أنه بلا ملابس ، نظر اليها محمود واعتذر ودعاها إلى الدخول فظهرت في وجهها فتاة بدأت في الثلاثين من عمرها تلبس جلابية كالخردل وتربط رأسها للخلف بمندويل ناصح البياض ويرتسم على وجهها الزعر عندما وجدت الذي بدا ابنها عاريا في يد محمود أمام الزائرة الأجنبية فبادرت بالأعتذار

-" يخيبك يا عمرو، We are so sorry docor – my son --- you know children”

ابتسمت مايا في هدوء وهي تتابها تهمس في أذن شقيقها :

-" يانهارك يا محمود، هل تريد تعقيدنا ، هل يوجد مثل هذا جمال في الأرض "

وكزها محمود لكي تصمت فنتشلت ابنها الباكي من على صدر محمود الذي كان متشبثا به إلى أن أختفت وراء فتاة أخرى سمينة بدت لها تحت العشرين ، أقتربت منها بوججها الذي كان كليئا ببثور المراهقة الحمراء المميزة لهذا العمر وقالت في ابتسامة مرحبة:

-" hello , how are you , I am Nada “

حيتها مايا بحركة من رأسها في أدب فاتجت الفتاة ألى أجيها والتصفت به حاضنة ذراعة في دلال فهمس لها من بين أسنانه:

-" ما خطبك أنت الأخرى؟"

-" بحبك يا ذا العيون الزرقاء يا عسل "

نهرها محمود ودفعها الى الداخل وهي يتميم ببعض السباب وهدر بصوت عال:

-" يا أمي .. يا أم محمود.. أريد أن نلقي السلام قبل أن نصعد ألى السطح"

هدر صوت من الداخل:

-" حاضرة يا بني، أنت دائما جزع هكذا ؟"

وهنا اندفعت مايا ألى داخل الشقة على إثر دفعة من الخلق ، نظرت وراءها لتجد فتاة سمرا ربما في الخامسة عشر لازلت بعيون نصف مفتوحتين ، وانق افطس وكأنها النسخة المصغرة من محمود ولكنها لم تنضج بعد، قالت بشفتين ممتعضتين:

-" اذن هذه هي السنيورة التى حرقتم قلبي وعاقبتوني حتى أنظف لها الحجرة العلوية ؟"
ثم القت إلى مايا نظرة قرف أخيرة وانصرفت، نظرت مايا بدورها الى محمود الذي همس لها محركا شفتيه :

-" المفترض أنك لا تعرفين العربية"

أعادت مايا نظرتها إلى داخل الشثة الذي يعج بالناس ، حتى ظهرت سيدة سمينة سمرات ترتدي جلابية ذات سفرة انيقة وحجاب صغير ورحت بمايا وأصرت أن تمكث حتي تتناول الفطور مهعم فبادرها عادل :

-" لا يا أم يجب أن نصعد بها إلى الغرفة ، وكما أتفقنا ، أنا سأذهب إلى العمل عادي ، وأنت لن تخبرى أحد لأن أن علم أحد أن لدينا أجانب هنا سيطلبون لنا البوليس ، فهمت يا أمي"

-" عيني يا بني"

-"والآن أذهب أنت إلى العمل ، ولا يشغلك شيئ سأخذها على الغرفة العلوية "

قبلها محمود على عجل وانصرف.. ووقفت مايا تائهة لا تعلم ماذا عليها أن تفعل، ما أن أختفى محمود حتى دستها أمه داخل المنزل وشاورت لها
:
-" أنت .. ستمكثين هنا .. ليس بالأعلى "

فالت ألفتاة الكبيرة الأولى التى قابلتها في هذا المنزل :

-" يا أمي ، هذا سيغضب محمود ـ قال لك هذا مناقض للسياحة"

أشاحت لها أمها بيدها غير مكترثة:

-" ياختي!"

ثم جذبت يد مايا إلى الصالة الكبيرة وأجلستها على السجادة الحمراء التي كانت مغطاة بقماشة بيضاء ناصحة البياض حيث الكثير من الأواني المعدنية متراصة فيي حلقة خالية من مكان واحد يكفي للأم التى تربعت به وكأنه العرش الملكي ، كانت الأواني بها الوان كثيرة ميزت مايا خلطة ما على الأرز ، ربما هذا الأخضر هو خضرة ما والأحمر هو الطماطم ، ثم العجيب بالنسبة لمايا ما حدث بعدها ، إلتقطت بأطراف أصابعها كمية صغيرة من هذة الخلطة الملونة ، ثم وضعتها على ورقة شجر تشبه العلم الكندي ، ثم قامت بعمل هدسي لم تستطع أن تتبيه مايا ، ثم خرج من بين أصابعها البيضاء المكتظة شكلا اسطوانيا بارع الجمال، لاحظت والدت محمود انبهار مايا فقالت في زهو:

-" هل يستطيع أحدا في بلدك أن يصنع مثل هذا الجمال ، فقط أم محمود"

علقت مايا فاغرة الفاه

-" c’est magnifique ! “

-" لا يا حبيتي دا محشي ورق عنب "

مدت مايا أنفها إلى الأنية التي كانت تحوي الصفوف المتراصة فd عناية في مشهد خلاب ، فقد جذبتها رائحتة الذكية :

-" wow"



* *


في فيلا محمد بيه


جاء كمال بيه بكل العاملين في الفيلا مقيدين على ركبهم أمام محمد بيه ، إلا غريب زوج نصرة ، كان واقفا يتحرك في توتر ولا يستطيع أن يمنع نفسه من النظر من حين لآخر لنصرة الباكية التي جثت على ركبتها مع البقية أمام كمال بيك ، حتى قال اأخير وهو يسند برأسه قطعة الثلج المغلفة في حافظة بلاستيكية على رأسه مكان الجرح :

-" جميعكم ستعودون إلى البد اليوم ، الميكروباص ينتظر في الخارج ، إلا اثنان ، من يدلني على الحيوان الذي فعل هذا بي ، ومن فعل هذا بي ، الذي سآكله حيا"

صرخت نصرة من بين دموعها :

-" حرام عليك يا بيه ، نحن عشرة أكثر من خمسة عشر عاما ، كيف تجرؤ "
قال كمال بيه بصوت أجش وهو يركلها بقدمة حتى أختل وزنها وانقلبت على جانبها وهي تنتحب :
-" أنت بالذات من أول المتهمين ، أنت الوحيدة التى تملكين مفاتيج كل شيء هما في الفيلا ، والوحيدة المصرح لك أن تنزلى إلى القبو"

هب زوجها يساعد جسدها في التوازن وهو يقول بصوت قوي جرئ:

-" لا يا كمال بيه ، ماذا جرى يا محمد بيه ، لا يجب معاملة الحريم هكذا ، وخاصة زوجتى ، أنت تعرف كيف كانت تعامل مايا هانم أكثر من ابنتها ، تكلم يا محمد بيه!"

نظر محمد بيه في هدوء إلى كمال بيه وقال:

-" لا يا كمال ، يمكنني أن أكذب الجميع إلا غريب وأضمنه برقبتي ـ هذا من رجالي المقربين"
أعترض كمال بيه قائلا :

-" ولكن يا محمد بيه أسمع كلامي ----"

-" أوافقك الرأي يا صديقي أن الطاقم كله يعود إلى بلدهم ، ويبقي غريب وزوجته، أما عن الحمقاء الصغيرة فعليك بالصبر ، فهي ستخطأ قريبا بلا شك ، وسنكتشف أمرها مثل كل مرة"

قام غريب من قرفصته على الأرض بجانب زوجته وقال منتصبا كالجندي الذي على وشك أن يدلي بتصريح هام:

-" وأنا أيضا أطالب بأعادة الست نصرة إلى البلد "

تعجب الجميع ، حين نطق غريب أول مرة اسم زوجته ، فقال في صوت قوي:

-" أنت طالق ، ما رغبة لي في مصاحبتك بعد اليوم .. أنت طالق "

تنقل الجميع بين نصرة التى اتسعت عينيها في ذهول ، و غريب ألذي وقف منتشا رافهعا رأسه إلى الأعلى ينظر في الاشيئ ، ومحمد بيه الذي طأطأ برسه في صمت وكمال بيه الذي تقوص حاجباه كالشيطان وأخذ يحدق به بمقلتين شارفتا على السقوط من محجريهما، ثم هدر في غلظة:

-" مستحيل ، ستبقى هنا حتى .."

فهدر محمد بيه بدوره:

-" كمال ، قضي الأمر فلتذهب ، لا حاجة لنا بها ، ما دام لدينا غريب "

صرخت نصرة وكأنها عثرت على صوتها للتو :

-" لا يا حااااااااج ، لا يا حاج أحب على يديك ، ردني ، هانت عليك العشرة يا حاج ، ( زحفت على ركبتيها إلى حيث يقف غريب في ذات الوضع لا ينظر إليها أبدا ) أحب على قدميك يا حاج ، لا يمكنني أن أعيش من دونك ، ساقول-------"

وهنا جذبها غريب من رأسها حتى كاد أن يسقط المنديل المحكم الربط حول حول رأسها ويبرز جذور شعرها الأسود النائم على الجانبين، وسد فمها الغارق في الدموع بيدة وهدر بها:
-" كفى حديثا كاذبا يا بت ، كل هذا لكي تبقي هنا ، لن تبقي هنا يا ابنة المليجي ولو وقفت على رأسها ، همي قدامي "

قالها غريب وقد سحبها بصعوبة حيث كان معظم جسدها يجر على الأرض وهو يقول من بين أسنانة لبقية العاملين في الفيلا المربوطة أيديهم إلى الخلف :

-" هيا هموا جميعا اتبعوني إلى العربة ، -جاكم خابط- جميعا"

كان صوت نصرة صارخا رغم صراخ السيدات وتوسلات الرجال :

-" ماتسيبنيش با حاج ، أحب على يدك ، سأبيع أي أحد ألا أنت يا حاج ، لا حياة لي بعدك"
جذبها غريب من شعرها بفظاظة ويبدو أنه همس لها بشيئ ما ، قبل أن يلقي بها داخل المكروباص ، حيث سقطت وارتطمت على أرضة ، وسقط عليها العشرات حتى أغلق باب السيارة وانطلقت، استغرق الأمر دقائق حتى أعادة نصرة ما قاله لها بصوت مسموع علها تستوعب:

-" واحد من بيننا وجب عليه أن يستقر في هذا الجحيم ، ويجب أن يكون أنا"

كان كمال بيه يشاهد خذا المشهد في غضب وكان يردد من بين أسنانة كلمة واحد

-" الدكتــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــور"


يتـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــبع


بندقة بندقة غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 06-05-22, 02:09 AM   #44

خديجة العلي علي

? العضوٌ??? » 499190
?  التسِجيلٌ » Feb 2022
? مشَارَ?اتْي » 6
?  نُقآطِيْ » خديجة العلي علي is on a distinguished road
افتراضي

فين الفصل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

خديجة العلي علي غير متواجد حالياً  
قديم 06-05-22, 02:20 PM   #45

بندقة بندقة
 
الصورة الرمزية بندقة بندقة

? العضوٌ??? » 495135
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » بندقة بندقة is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خديجة العلي علي مشاهدة المشاركة
فين الفصل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نزلته امبارح الفجر بس معرفش ف ايه هحاول انزله تاني وكمان الكومنت بتاعي مش موجود


بندقة بندقة غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 06-05-22, 05:49 PM   #46

بندقة بندقة
 
الصورة الرمزية بندقة بندقة

? العضوٌ??? » 495135
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » بندقة بندقة is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثاني عشر

السلام عليكم

أشكركم للانتظار وأعتذر للتأخير يبدو أن هناك عطل في صحتى


الفصل الثاني عشـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــر

دخل كمال إلى المشفى كالثور ويهدر " أين الدكتور هشام" .. خرج من المصعد واتجه إلى مكتب دكتور هشام رأسا ولكنه لم يكن موجودا ، فاتجه إلى حجرة مهندس الكاميرات، الذي كان مستلقيا على المقعد مستسلما للنوم جين دخل ، انتفض واقفا حين اقتحم كمال الحجرة بقسماته الشرسة:
-" نائم؟ .. يا سلام .. نائم؟ ..هل ندفع لك لتنام أيها الحيوان؟"
-" آسف كمال بيه ، اي خدمة، تحت أمرك "
-" أين دكتور هشام؟"
-"لا أعرف"
هدر كمال بيه:
-"نعم؟ وماذا يفعل صندوق القمامة هذا على مكتبك ، وهذة الأكواز المثبتة في كل سقف في المشفى"
-" حاضر "
أخذ المهندس يتصفج عشرات الغرف على جهازه الصغير ، ثم مد يده إلى كمال بيه وزفر زفرة النجاة"
-" في غرفة العمليات سعادتك"
-" وأين مساعدة "
-"أي واحد يا فندم"
-" هذا الأسود الممتلئ بالعرق ويتأتأ "
-" دكتور محمود ..لا أعلم ..أعني .. حاضر"
بدأ المهندس ثانية يتصفع عشرات الغرف ويحني رأية يمينا ويسارا في محاولة التأكد إذا كان هو محمود أم لا ، ثم خطرت له فكرة ، رفع رأسه إلى كمال بيك الذي كان واقفا يتصفح شيئا ما على اللاب توب الخاص بيه ، وبدا لمهندي الكوبيوتر أنها الكاميرات الخاصة بفيلا ما وقدر أنها فيلته ، فقال بصوت خفيض:
-" كمال بيه أستطيع أن أهاتفه وأطلب منه المجيء ، ماذا فعل؟ "
ثم نظر إلى وجهه المليء بالتلال والتضاريس التى قطعا ليس لها أي علاقة بالجمال إو صفاء النفس ، فأخرس نفسة وسلم له الجهاز الذي يحمله في يده في هدوء والذي أظهر جسدا يلبس البالطو الأبيض مسترخيا على مكتب ما في إحدى الغرف ، هدر كمال بيه:
-" لكم كل الحق ، إنها تكية وليست مشفى، أين تلك الغرفة اللعينة؟"
أشار له المهندس أن يتبعه حتى فعل ، بعد دقائق كان واقفا المسلة أمام المكتب الذي يغط عليه محمود في النوم ، تقدم المهندس لكي يوقظة ولكن أوقفه كمال بيه في أشارة فظة ، ثم خبط على سطح المركب بيد بحجم عملاق ، كان الصوت مدويا وكفيلا بأصابة النائم بالصمم ، أو أزمة قلبية أيهما كان الأسرع إليه :
-" ما شاء الله ، نائم "
أخذ محمود بضعة دقائق يحاول السيطرة على ضربات قلبه الفزعة وهو متسع العينين ويسحب أنفاسه بفم مفغور ، ثم قال:
-" أ أ أ أ أنا ..."
-" أين كنت ليلة البارحة"
-" كــــــــــــــ كـــــــــــ كــــــــــــــــــــ كنـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــت ......"
-" انطق "
-" كـــــــــــــ كــــــــ كــــــــــــ كـــــــــــــ كنت ه ه ه هنا.. نباتجي"
-" ولم تترك المشفى لأي سبب "
-" لـ لــــ لــــ لـــــــ لما ك ك ك كل هذة الأســـــــــــــــــــــ ــــــــــــــئلة؟"
-" أجبني"
-" لا "
اقترب منه كمال بيك باللاب توب الخاص به وقام بتشغل فيديو يظهر رجلا من ظهره يرتدي الأحمر ويغطي رأسها بقبعة لنادي معروف، يعبر البوابة الخلفية من الفيلا بجانب سيارة صيانة الحديقة، قم دخل إلى الفيلا ، وهنا توقف الفيديو وانتقل كمال بيه إلى فيديو أخر حيث نزل هذا المدعو إلى القبو وهنا كان اللون الأسود يملئ الشاشة ، عقب كمال بيه بصوت كالفحيح بعد أن صفق بيده متظاهرا بالإعجاب:
-" أحسنت .. خطة محكمة .. ومن ساعدك فيها "
أرتعش محمود وأخذ يتعرق ..
-" أ أ أنا ؟.... أنا لم أرتدي الأحمر في حياتي ، و و و لا أ أ أميل لل لل للكرة"
نظر كمال بيه خلفة إلى هذا المهندس ، الذي هز رأسها نافيا علمه بصدق ما يقول ، قاستطرد كمال بيه بلكنة تهديد بعد أن دفع بمحمود ليجلس على الكرسي في غلظة:
-" أنظر أيها الشاب .. أنا مستعد لأخفف عنك العقوبة ، وأعرف أنها ساحرة ، وأنها يمكنها أن تكون حلم كل شاب ، وقد يكفيه النظر إلى تلك العينين الزرقاوتين إلى الأبد ولكن ... ( قم استدار له وأقترب منه حتى شعر برزاز فمه على وجهه الأسمر) مهما وصلت درجة إتقانك للكذب أعرف أنك تكذب وأنك تخفيها في مكان ما .. وبما أن الوقت قليل ونقودك أقل.. فيوجد أحتمال واحد ( ثم التقط هاتفه من جيبه ) صلاح .. أعطني عنوان دكتور محمود الذي طلبته منك .. جاهز .. حسنا .. سنقوم بزيارة منزلية الآن"

أنفجر محمود ..
-" لا أعرف عممما تتحدث.. ووولا يحق لك زيارة أهلي .."
قالها محمود وقد انتفض وخلع البالطو الخاص به ليهم بالرحيل ولكن كمال بيه دفعه مرة ثانية الى الكرسي في برود وقال:
-" يا حبيبي أنت ضيفنا هنا .. غلى أن تعترف أين مايا .. أو تظهر مايا .. ولو تيقنت أنك لك يد في هذا الأمر .. وأنت من ضربتني على رأٍسي.. سأجعل تعذيبك مفاجئىة للجميع "
قالها وقد أمر الرجال بأن يقومون بتفتيشه وسحب كل أجهزة التواصل منه ثم اتجهو إلى الباب وقد رأي محمود زوج الثيران الذي تركهم على الباب للحراسة من الخارج وقد أمر المهندس أن يبقى هنا بالداخل أيضا ولا يتحرك حتى يعودون.
• * * *

استقل عادل سيارة أوقات ملقيا بجسده على الكرسي المجاور لها في إهمال ، قالت هي محاولة تهدئة دوامة الانسحاب بداخلة:

“الأشياء السيئة تحدث يا عادل .. لديك أم واخت وابن الآن"

-“ فقط، لا اريد العودة إلى المنزل لبعض الوقت"
قالها عادل ولم يهتم بالالتفات اليها فقالت هي موافقة

-“ ومن يريد ، ثق بي ، يمكنني أن أكتب لك كتبا عن مليون سببا لعدم العودة إلى المنزل ، إلى أين إذا"
-" إلى النيل ، إلى حيث كان أبوك يأخذنا حين نتعب أو نغضب أو نحزن ، حين قصدنا عندما رحل ، أريد أن أزيح وجها آخر من على صدري"
تلمست أوقات شعره الأشقر الطويل ، كان حزنه حملا أكبر من استطاعتها على التحمل ، ليتك لم تكبر يا عادل ، ليتك لم تكبر...

كان عادل صامدا صامتا طوال الطريق ، لم يكن ينزف بل كان أجوفا من الداخل ، كادت أن تسمع صوت الرياح ، مقطوعة لبتهوفن على ـأصابع بيانو منكسرة ، صرخات ألم من وقت لأخر ، لكن خارجا ، كان عادل صورة لشقيقها تماما كما الغلاف ، ثابتة لا تتحرك..

وصلت أوقات إلى هناك ، إلى حيث يخفي المصريون مخاوفهم ، افكارهم ،أحزانهم ، واحباءهم..
لم تجد مكان فسيحا للسيارة لكي توقفها فتوقت قليلا ونظرت إلي كل هذا الكم من الشر ، وقالت بصوت ساخر:
“ أنظر إلى هذا.. على الأقل لست وحيدا.."
استغرق الأمر بضع ثوان لكي تدرك أوقات المشهد.. عادل يجري أمامها إلي النيل ، عادل الذي كان يجلس أمامها منذ برهه ... لا لا لا.. دفعت أوقات باب السيارة بعنف وركدت إلى حيث يجري..
عادل.. لا..
ولكن قد فات الأوان.. كان عادل قد وصل ألي السور الذي يحيط بكوبري النيل وبصعوبة صعد إلى هناك.. واختل توازنه طواعية.. وأسقط جسده في الماء...

لا يمكن للمرأ أن يعيد التفكير حين تختبرك الحياة مع من تحب ، إما أن تثبت صحة قولك بأنك تحب ، أو فلا..

كانت أوقات تجري بأقصى سرعة وقفزت خلف شقيها ، كانت تود أن يستحيل سطح الماء الى جحيم ويبتلعهما ، وكأنه يوما مناسبا للعقاب، حين ارتكاب الحماقات في هذه الحياة..
وضرب جسدها الثقيل المياه وابتلعتها كثعبان جائع ، ولكنها لم تكن بالفريسة السهلة ، كانت اشبه بصراع نمر وتمساح ، وكان على النمر أن يفوز.
طفت بصعوبة على وجه الماء لتلتقط أنفاسها وتحدد مكانها ، ثم اتخذت بجسدها شكل السهم المقلوب، ونزت ف العمق لتبحث عن شقيقها ، كان عمق الماء شديد وثقيل ولكن فزعها على شقيقها أكبر مما يمكنها احتواءه ، أخذت تتفرس النطر ف كل شتى الأتجاهات ، حتى بدا لها جسده مستسلما علي بعد عشرة أمتار ، هي تعلم أنه من المستحيل أن يحيا ، ولكن ربما كان عليها أن تؤمن بالمعجزات...
اتجهت اليه كالسهم ، وجذبته من سترته إلى الـأعلى ، وأخذت تجره إلى الجانب حيث بدأ أفراد الإنقاذ الذين اقتربوا ، وانتشلاه إلى القارب حيث قاما بإسعافه ، أمام عين أوقات الغارقة مثل جسدها تماما ، أحاطوا جسدها بقماش ثقيل طلبا للدفء، هل هم حمقى! وكيف يأتي الدفء دون أخي!
سعل عادل وأخذ يقيء الكثير من الماء الذي احتل صدره ، فهرعت له أوقات وصفعته صفعة عظيمة قاسية ، ثم دفنت رأسه في حضنها وأخذت تبكي وكأنها لم تبكي من قبل ، قال عادل من بين بكاءة ولهاثه:
“اتركيني يا أوقات لقد مت حين ماتت بسمة ، أنت لا يمكنك أن تتفهمي حالة انحساب الروح أنا بها . ماذا تريدون من جسدي ، أنا مت "
اعتصرت أوقات رأسه وقالت:
-“ نعم.. لقد جعلتني الآن أفهم ما تعنية"
* * *
كانت مايا تركض بأسرع ما تملك من سرعة ، تحاول طرق الأبواب بلا جواب..
تسمع دوي هطواتها ولهاث صدرها الذي كاد أن يتمزق يعلو ويهبط في تسارع ..
لا مناص .. لا مهرب ..
تفتح أبواب بها عشرات الفتيات يلتفون حول مائدة طعام جماعية في جو غامق كئيب ، يضحكون في هيستيريا ، ثم يلقون الطعام عليها ، و وأكواب المياه المصفوفة بعناية بجانب كل طبق على لاطاولة ، وتصرخ فتاة ممتلئة الجسد ذات شعر أسود ملفوف كل خصلة بذاتها وينتشر النمش على وجهها " حرام علكم ، كفوا عن هذا .. إن رئتيها ضعيفتين ، ستصاب بأزمة"
كررت مايا وراءها ، رئتين ضعيفتين .. التهاب رئوي..
نظرت مايا حولها لتجد نفسها في مشفى ما وممرضة تمسك بلوح محمول وتدون شيئا ما ثم سألتها " هل أنت بخير ؟" وهنا شعرت بيد مارسيل الحانية وهي تضغط على كفها لتحاول طمئنتها ... "لا تجزعي .. أنت بخير "

كانت مايا تغط في نوم عميق في الغرفة العلوية على سطح المبني الذي دخله كمال بيك بحاشيته ، صعد السلم وهو يتقدمهم في حماس وكأنه من فرقة القوات الخاصة وهو على وشك القبض على أخطر خلية إرهابية حتى أنه لم يجيب على اتصال محمد بيه وتجاهل رسائلة التى تحثه على ضرورة وجوده ف الاجتماع اليوم ..

دق على الباب بيمينه في قوة فارتعب من في البيت ، فتحت الأخت الكبرى في هدوء:
-" نعم !؟
دفعها كمال بيه إلى الداخل ودخل منتشيا يتفرس البيت بعينين جاحظتين ، كانت الأم تفترش الأرض بالكثير من الطحين الأبيض حولها حتى امتلئ انفه برائحة الخبر الطازج ثم هدرت بدورها :
-" نعم يا حاج ؟ يلزم خدمة"
-" أنا مدير المشفى الذي يعمل به ابنك "
قالت الأم غير عابئة وهي تفرد قطعة العجين أمامها في حرفية شديدة :
-" دكتور محمود في الشغل ( ثم قطبت حاجبها في شرود ، ماعلاقة شرطة السياحة بمدير المشفى ) لا تؤاخذنا ، وقت الخبز ... اتفضل .. شاي يا شيماء .. ما سبب الزيارة السعيدة "
جلس كمال بيه في تعال على الاريكة البالية التي أشارت اليها ووضع رجل فوق الأخرى وأشعل سيجارا وقال :
-" أين كان محمود البارحة أمس حتى الصباح"
همت الأم بالأجابة إلا أن ابنتها الكبيرة سبقتها
-" كان بالنباتجية .. لما السؤال .. هل حضرتك مكلف نفسك للمجيئ إلى هنا لكي تسأل أين كان ؟"
قام كمال بيك اليها وأقترب منها بشكل أثار القشعريرة في جسدها:
-" لا يا حلوة ، أنا أسأل عن مايا محمد الحديدي، أخوك يا انسة ،( ثم التفت إلى الأم ) أبنك يا مدام .. متهم بخطف مايا محمد الحديدي ، بنت صاحب المشفى الذي يعمل به ، قد حررنا محضرا ، ولكني ..أحب محمود وهو أفذل الأطباء لدينا .. ولهذا قررت .. أن أحل الموضوع بشكل ودي بيني وبينكم ، أين مايا محمد الحديدي ، سأخذها وأرحل .. ويرجع اليكم محمود .. ولن تروني مرة أخرى .. هاه؟.. ما رأيكم فكرمي "
لاذ الجميع بالصمت ، حتى بدده كمال بيك بيصوتة المستفز مرة أخرى:
-: يعلم الله أن محمد بيه لا يعرف أي شيء ، ولا أن محمود متورط في الأمر .. أنا أحاول المساعدة "
-" لا يوجد هنا ما تبحث عنه ، وسألجئ للشرطة إذا لم تخرج الآن من البيت "
قالتها شقيقته وقد بدا على صوتها الرتعاش ، بينما لازالت الأن صامتة تماما تتابع عملها وتتاجل ما يحدث حولها، ابتسم كمال بيك ابتسامة صفراء ثم القي كلمة قبل أن يهم بالانصراف :
-" سأترك لكم رقم هاتفي ، في حال تغير رأيكم ، وسيبقى دكتور محمود محتجزا لدينا ، إلى أن يعترف أحدكم ، أوتظهر مايا "
ثم نظر إلى عيون الجميع المتسعة في فزع خفي ، مما زاد من متعته وهم بالخروج حتى رن هاتفه مرة أخرى فأجاب وهو يهبط درجات السلم التي لم تكن مرتفعة جدا :
-" عويس!"
-" يا كمال بيك لم لا ترد على اتصالتنا ، لا يمكننا احتجاز غريب أكثر من ذلك ، هذا خطر علينا يا كمال بيك ارجوك ، لو اكتشف محمد بيك ستكون نهايتنا"
-" هل بحثتم في هاتفه أو الهاتف التي اخذتموه من زوجتة ، هل وجدتم شيئا؟"
-" حصل ، لا شيء يثير الريبة "
-" يا عويس أن هناك ارتباط بين هروب ابنة محمد بيك ، وبين من ضربني ، والدكتور وغريب ، أليس هو المسئول عن حراسة الفيلا؟ كيف سمح لشخص ما أن يدخل الفيلا ؟.. هل تريد أن تقنعنى أن غريب سيطلق زوجته بكل هذه السهولة؟ هل هذا منطقي ؟"
-" الصراحة لا ، حدث ما حدث وكأنه الكاميرا الخفية ، يتسائل الجميع ، هل تظن أنها متورطة؟ لماذا تركتها تسافر أذا؟"
-" يا غبي ـ كيف لي أن أقف أمام رغبة محمد بيك ، ثانيا .. الفراق يا غبي .. الفراق يجعل المحب أن يلعب برقته الأخيرة، ابقة محتجز وسيظهر كل شيء ، أما عن محمد بيه ، فاتركه لي .. أعرف كيف اقوم بالهائة"

قامت الأم من جلستها حتى تناثر الطحين الأبيض في كل مكان ، وأشارت إلى ابنتها الكبيرة أن تتبعها فاطاعت في هدوء، دلفتا إلى داخل غرفة النوم الكبيرة المرتبة بعناية وجلست الأم على طرف الفراش حتى لا تفسدة وأسندت توازن جسدها بقبطتيها بجانبها:

-" تكلمي"
أشاحت شقيقته بوجهها متفادية نظرات أمها الثاقبة:
-" أرسل لي محمود هذا الصباح من نمرة غريبة ، وقال أنهم يحتجزونه مقابل الفتاة"
-" اذا ما قاله هذا البهيمة حقيقيا "
نظرت لها ابنتها بطرف عينها ولم تجد ما تقول ، فاستطردت الأم
-" هل جن جنونه ؟ ماذا حدث لابنى العاقل ، اذا كذب علي؟"
قالتلها وانتفضت من جلستها واخذت تردد في عدم تصديق " كذب علي محمود ؟ هو لم يفعلها قط .. أنه كاذب .. كاذب"
-" أماه، لا تكبر الأمر ، أرجوك ، سنجد مخرجا ، الحقيقة أنني لا أعرف كيف فعل محمود هذا الجنون ، ولكني أثق انه لم يكن لديه بدل .. أرجوك يا أمي .. فلننتظر"
هدرت الأم :
-" ننتظر وابني محتجز مع ولاد الحرام ، محتجز ولا أعرف عنه شيئ ، أنت تكذبين أنت أيضا .. ياليتني ما ما أنجبتكم ، حسبي الله ونعم الوكيد "
جعلت الأم تجهش بالبكاء ، فتقدمت أليها ابنتها تحتضنها في يأي، رقت لحالها فاقترحت أن تحاول التواصل معه على الرقم الذي اعطاه لها رغم تحذيره لها بألا ترسل له أي شيء عليه
كان عادل جالسا على المكتب وقد شعر باهتزاز الجهاز الصغير المعدني الذي كان يخفيه في درج المكتب حين سلبه رجال كمال بيه كل شيء، نظر الى كم الرسائل ، ونظر الى الكاميرا المثبتة صوبه فوق الباب ، ولم يجد أي بد غير أن يتظاهر بالنوم على سطح المكتب مفترشا ذراعة الايسر ، والتقط الهاتف الصغير وكانت رسالة شقيقته
-" جاء كمال بيه ، وهددما وعرفت أمك كل شيء
- لماذا لاترد يا محمود أمك منهارة وتريد التحدث اليك
- فقط قل لي ماذا تنوى فعله ، هل خططت لكل هذا ؟ هل ستبقي أنت بالحجز وتارك لنا تلك المصيبة فوق سطح البناية"
-" يمكنني التحدث الآن، ولك أخطت لأي من هذا ، اردت فقط أن أنقذ فتاة ضعيفة كان هذا الرجل الفقمة يجبرها على عمل اشياء غير اخلاقية ويبقيها فاقدة للسيطرة عن طريق أدوية مهدئة في منتهى الخطورة "
-" حقا ؟"
-" أخبري أمي أنني آسف ، هي علمتني أن أغير الباطل وأساعد الضعيف ، وهذا أنا ذا بين شقي الرحى ، أشعر بالبكاء"

-"ماذا تفعل!!.."
انتفض جسد محمود من على سطح المكتب ليجد عماد مهندس الكومبيوتر يقف أمامه في غضب، قال محمود لاهثا :
-" عـــ عــــــ عــــ عماد، أرعبـــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــتني "
-" هل لديك هاتف آخر غير الذي أخذوة منك؟"
طأطأ محمود برأسه ولم يجيب :
-" هل فعلت ما يقول أنك فعلت؟ ولهذا طلبت مني أن أضعك حضورا في النباتجية وأن أمسح صور الكاميرا وأنت تخرج وتدخل من المشفى؟ توقعت أنك فقد تردي أن تهرب من الوردية لكي تنام في بيتك ، لم أتوقع أن تقوم بعملية أختطاف ، وهل أنا هنا محتجز معك ، صحيح ، أتق شر من أحسنت أليه "
-" ا جـــ جـــــــ لس يا عــعــعماد ، سأطلعك على كل شيئ ، ولكن أجلس هناك لانه يرى الكاميرات الآن ، وأعطني دقيقة وسأحكي لك "
ثم أرسل إلى شقيقته
-: أرجوك ، لا تخبرى مايا بأي شيء ، ستهرب وسيعرف أنها بالبيت وسنموت جميعا"

كانت شقيقته تجلس بالصاله حين دق الباب وفتح ابنها الصغير ، أطلت مايا بوجهها الباسم الطفولي، ولكن كان نظرات الجميع لها هذه المرة مختلفة تماما ، لم تكن نظرة تملئها الرحابة والسعادة ، لقد انطفء كل شيء ، وسيطر الغمام على البيت ، تقدمت مايا لتجلس إلى جانب الأم التى كانت تقهقه معها منذ ساعات ومسدت ذراعها في حنان ، إلا أن الأم انتفضت وقامت حتى تصفق باب الحجرة الكبيرة خلفها فقطبت مايا حاجبيها ولم تفهم ، ودت شقيقته أن تبوح بكل شيء وأن تصرخ بوجهها وتطلب منها أن يعيد أبيها أخيها إليه ، ولكنها تعقلت ، حين وضعت نفسها في مكانها وودت عندها أن تجد قشه لكي تتعلق بها:

قالت لها بالعربية :
-" هل تريدين أن ندردش قليلا في الشرفة "
أومأت مايا برأسها موافقة ثم اتبعتها إلى هناك:
-" إن محمود شخص طيب للغاية ، وأحيانا يضع نفسه في مآزق لكي يحقق العدالة أتفقهمين! "
ابتسمت مايا في هدوء ، فتنهدت الأخرى وعقبت
-" هل أنت دائما هكذا لا تتحدثين "
-" اعتدت المشاهدة ، لا يهتم أحد لما أقول غير عامل البار "
" بار؟"
نظرت إليها مايا في توتر ، ولاحظت يديها المرتعشتين فقدرت أنه يعتعين عليها أن تكف عن الكلام.

مر عشرة أيام ، لم تكن الأفضل على أي من مايا أو أسرة محمود التى خيم عليها الصمت واليأس، كانت تشعر أنها تشاهد فيلما بتقنية التجسيد السينمائي، هي موجودة وغير موجودة ، تري وتسمع ولا تفهم، أصوات وضجيج، صرخات وضحكات أطفال ، صريخ الكبار، صوت الأبواب ، الكثير من الجيران ، أصوات ، صراخ ، صياح ، أسماء أحداث هي ليست جزء منها، واستقر الحال أنها التزمت الحجرة العلوية طيلة الوقت ، غرفة متواضعة يغطي كل اثاثها قماش أصفر منقوش بورود صغيرة ، كان مزعج ، مزعج، كيف يتحمل الناس هذا الكم من التفاصيل.. تنام ، وتصحو ، تأكل الطعام الذي تركه لها شخص ما، تكتب ..
مرحبا مذكرتي العزيزة ..
اليوم هو احادي عشر منذ مجيئي إلى هنا ، لا أعرف أين هو محمود ، تقول شقيقته أنه مسافرا إلى مدينة قريبة في رحلة عمل ، لا أغرف لماذا لا أصدقها و أشعر أن هناك شيء ما مخفي ..
وأريد أن أسألك سؤال ، هل هذا الوضع أفضل حالا من القبو ، غير أني بلا أصفاد ، فكرت كثيرا أن أترك هذا البيت و ..

-" هل اسمي مكتوب؟"
اندهشت مايا عندما رفعت عينيها إلى مصدر الصوت الرخيم .. كان محمود .. لم تدرك أنها ستشعر بهذا القدر من السعادة يغمرها لرؤيته ، تقدمت والقت بجسدها بين ذراعيه تحتضنه ..
لم يشعر محمود بكم الكدمات الزرقاء على وجهه ، ولم يعبئ بصراخ عضلات جسده المعتله من أثر الضرب ، ولا الجروح النازفة في جانبيه ، فقط كان يشعر أنه بخير .. هذا أول مرة تحتضنه فتاة ، وليست أي فتاة ، هي حورية من الجمال...
يتبــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـع.....


بندقة بندقة غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 08-05-22, 12:24 AM   #47

هند الساعدي

? العضوٌ??? » 482006
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » هند الساعدي is on a distinguished road
افتراضي

لو سمحتي اخر فصل من الروايه صفحه خمسه ومافي نهاية الروايه كيف ممكن احصل على النهاية

هند الساعدي غير متواجد حالياً  
قديم 12-05-22, 08:45 PM   #48

بندقة بندقة
 
الصورة الرمزية بندقة بندقة

? العضوٌ??? » 495135
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » بندقة بندقة is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثالث عشر رواية قلب الياسمين

تمهيد
اصدقائي الاعزاء انا كنت مستمتعة جدا وانا بكتب الفصل دا ، لانه فيه مشاعر اختبرتها شخصيا وحاجات ناس مقربة مني اختبروها فحبيت اصورها.
ربما البعض يكون قلبه تعب من النكد ولكن بأذن الله الشويه اللي جايين فيهم ضحك ومتعة كتييير
ارجو اني اكون قد اصبت في توصيف ما يكون في الفراق المبرر

الفصل الثالث عشر

محطة المترو ..

ما إن دخلت "أوقات" من باب شقة والدتها حتى وجدتها تبكي ، وضعت حقيبتها وجلست امامها على الأريكة وهي تمسح بوجهها علها تفيق من هذا الكابوس:

-- ماذا حدث يا أمي -"


- لا يشعر أحدا بي ، أنا ليس لدي أحد ليهتم بي ، بعد موت "صادق" ، لا أخ ولا أخت ولا خال ولا عم ، لماذا لم تسر الامور على ايسرها ، لماذا لم يقبل أهلي بزواجي من "صادق" ؟

بحثت "أوقات" بمقلتيها عن إجابة تهدئها أو صلة ربط تربط الأفكار ببعضها ولكنها فشلت ، فقدرت أنها قد تريد الفضفضة فقط فلاذت بالصمت المطعم بالهمهمة ، حتى استطردت والدتها :

- اتزوج شخص لا يقبل به اهلى فأعيش مثل الأيتام، أقول عله خير، أرزق بفتاة املئ الدنيا سعادة ، تكون نسخة طبق الاصل من توأم زوجي التي أكرهها وتذكرني كلما كبرت أمام عيني أنني أمام "رقية" الصغيرة، ويزيد الأمر سوءً تعلق زوجي وحبيبي بها كما كان متعلقا بتوأمه فيشتعل قلبي كلما نظرت لتلك العينين الخضراوين .

ما كان "لأوقات" إلا أنها صنعت فقاعة دفاعية كبيرة حولها، وقدرت أن هذه المرأة التي لا تعرفها ، تحكي عن شخص لا تعرفه، لم يكن الأمر سهلا ولكنه كان الملاذ الوحيد ، فأكملت والدتها:

- "دعوت الله أن يربت على قلبي ، فاستجاب وأعطى لي "دودو" الصغير ، سر قلبي ورد روحي وقولت اني به امتلكت الجنة وما فيها ، وقد توقعت له مستقبلا باهرا ،"
-- أين المستقبل الباهر يا أمي وهو فاشل دراسيا ، وكان يقضي معظم وقته مترنحا مع الفتيات!!

- وما شأنك انت، هو رجل ، وهذا ما يكون الرجل عليه ، يحب كل الزهور ويجرب هذه وتلك ....

استفذتها تلك الكلمات الخالية من المنطق

-- وهل يعيش الرجل مثل الحيوان يلهث وراء شهواته، وهل خلقت المرأة للمتعة ؟، وهل خانك "صادق التميمي" وكان له علاقات ، وهل خلقت أنت للمتعة؟

- لم يكن أباك محبا للهو ، كان رجلا طيبا للغاية ، كان استثناء ، وما الضير أن اكون للمتعة ، اليس كل ممتع شهي وذا قيمة ولهذا سميت متعة !!!!

-- يعني هذا أنني يمكنني أن أقارنك بطبق فاكهة أو صينية بشاميل؟!

- المتعة لصينية البشاميل مقرونة بانتهاءها ، ولكن هناك أشياء أكبر وأعظم تعيش متعتها إلى الأبد ، وبدل أن يستمر أخاك في المتعة ، قرب إلينا طبق فول رخيص بدلا من أن يأتي إلينا بتحفة فاخرة ، كنت اتشوق لزوجة ابني من عائلة كريمة، شقراء مخلوقة من لون الورد ، لقد كسر كل أحلامي ، مرة عندما أصر على الزواج منها ، ومرة عندما سمعني ربي وأخذها ، وفتح له ابواب الحديقة مرة أخرى لكي يبدأ من جديد

زفرت "أوقات" في نفاذ صبر ، وقدرت أنها يجب أن تذهب وإلا سيحدث ما لا يحمد عقباه ، ولكنها تذكرت شيئا والتفتت لها
-- أمي ، سأرسل لك بعض المربيات لكي تختاري منهن ، فلا مناص من تربية "يونس" في هذا البيت ، فانا لا يمكنني أن أتحمل كل هذا وحدي..

- ولماذا أنا؟

-- لأنه حفيدك يا أمي مثل ما هو أبن أخي ، وأنت الوحيدة التي لا تغادرين المنزل الآن ، لا يمكنني أن أثق "بعادل" في حالته الذهنية هذه.

- لن أستقبل أحد ، ولن افتح الباب

نظرت لها "أوقات" بضيق صدر ثم انسحبت إلى الشقة المقابلة حيث فتحت الباب لترى "عادل" جالسا على الأريكة يحرك يديه وكأنه يمسد شخص ما ، غير أن هذا الشخص لا وجود فعلي له ، يجب أن تعترف أوقات أنه في كثير من الأحيان يخيفها ما يفعله ، وأحيانا تكاد تصدق ما يحدث .

أقتربت منه وأحاطت رأسه ف حنان ثم قبلته لتشم رائحة شعره وكأنه لم يستحم لفترة طويلة، جلست أمامه بابتسامة متواضعة ثم قالت:

-- رائحتك مثل جرذ سمين محشور في انبوبة مياة لاسبوعين!!

ظل "عادل" صامتا دون أن يبد انتباها لما تقول ، وظل يقوم بتمسيد شيء ما غير مرأي ، فاقتربت منه أوقات ونغزته نغزة طفولية في جانبه وقالت له مازحة :

-- اتذكر حين كنا نستحم سويا عند عمتي "رقية" ف الطشت ، و ما كان اسمها "أحلام" !!، ابتسم "عادل" رغما عنه فتحمست "أوقات"

ذات الشعر الطويل الكستنائي ، هل تتذكر؟ ، كانت تجن عند رؤيتك وتخنقك بالعناق والقبلات ونحن نحاول أن نفصل بينكما طيلة الوقت ، دون جوان انت!، وهذا الطفل القذر هذا الذي كانت تربيه عمتى ، لا أتذكر اسمه ...، "جبروت".. ، "جمال" ..

رد "عادل" مصححا:

- "جابر" ، ولم يكن قذر توقفي عن هذا

-- لا كان قذرا يا "عادل" كان يلعب في انفه ثم يريد أن يشاركنا الطشت المقدس ، بأي عقل هذا!!

ابتسم "عادل" ثانية في هدوء ، فقالت له في مزاح:
-- هل لديكم طشت؟ ، أحن للطفولة ، ونتصل بعمتي لتأتي "بأحلام" وتجعلها تقبلك وتحتضنك هكذا

اخذت "أوقات" تقبل أخاها وتحتضنه في قوة وهو يقهقه ويحاول أن يدفعها عنه في رفق إلى أن كفت بعد برهة لتنظر إلى وجهه المهتم كيف بدأ يضيء داخله مصباح خافت ثم قالت مقررة :

-- تعال معي اغسل لك هذا الشعر المنقوش

- لا اريد

-- تعال معي والا سأرفع منشورا على الفيس بوك يحمل صورتك انت "وأحلام"..

- لا يوجد صورة لي انا و"أحلام"


-- لا.. يوجد في البوم "ليبي" ولكنها تخفيها عنك لانك لا تحب تلك الفتاة

كانت أوقات قد قادته بالفعل إلى الحمام ، وأخفضت رأسه تحت الصنبور وأخذت تفرك خصلات شعره الاشقر المتكتل ، وما أن أفرغت حتى كانت "مارسيل" تتصل بها اتصال فيديو فتركته يجفف شعرة وأجابت الاتصال في الصالة :

- ميرو ، كيف الحال؟

// نحمد الرب جيد ، كل شيء على ما يرام عدا أنني لا أسامح نفسي بشأن "مايا" ، وسأموت من الحيرة ، أين هي وماذا تفعل ، حاولت أن اتواصل مع دادة "نصرة" مؤخرا تليفونها مغلق لعدة أيام!!

-- هذا غريب!، ولكن ربما هناك عطل في الهاتف أو .....
لم تكمل "أوقات" عبارتها لأن لسانها علق حين رأت زجاجة تعرفها جيدا لم يتبق بها الكثير محشورة بين ثنايا الأريكة.. قطبت حاجبيها وتحدثت إلى نفسها ، خمر يا "عادل" !

ثم انتبهت إلى صوت "مارسيل"

// والحقيقة إنني لا اعرف ماذا أفعل ، لا يمكنني ترك "عبد الله" هنا ولا يمكنني السفر به إلى مصر
كان "عبد الله" يظهر في الكاميرا يطوقها بيديه الصغيرتين من الخلف ويردد وراءها بقهقهة
* "عبد الله" ههه "عبد الله" ، مصر ، "أوقات" ههه
كانت له بحة جميلة وطلة طفولية تأخذ القلب ، فابتسمت رغما عنها وقالت له:

-- كيف حالك يا أستاذ ؟

* كيف حالك يا أستاذ ههه

ثم عادت أوقات لجديتها وسألت مارسيل

-- لم لا يمكنك اصطحابه إلى مصر ؟

سكتت مارسيل في تفكير ، وقالت :

// قصة طويلة ، لقد زارنا "نور" هذا الصباح وتحدثنا بشأن "مايا" وقال أنه سيعود ف غضون ايام وسيذهب إلى فيلا أبيها رغم أنني لا أحبذ ذلك ، جرس الباب يا "أوقات" سأتحدث إليك لاحقا ...

اغلقت "مارسيل" الخط ورفعت "أوقات" عينيها باتجاه "عادل" القادم اليها وهو يغطي رأسه بالمنشفة القطنية البيضاء ، ثم كشف عن وجهه أخيرا راضيا بنسبة معقولة عن جفاف شعره ، إلا إنه تسمر في مكانه عندما رأي "أوقات" تحمل الزجاجة في يدها...

قالت "أوقات" في هدوء :

-- ما هذا يا "عادل"؟ ، إلى أين تأخذ نفسك؟؟
- لا شأن لك بحياتي

-- بلي، لي شأن ، أنا شقيقتك الكبرى وأنت كل شأني ، أنت يا "عادل" ، بعد كل هذه الاسفار وكنا نتعاهد ألا نغوص في هذه القذارة ، والأن تغوص بها وحدك !!!
- أنا حر

-- لست حرا أيها الغبي ، ستقضي عليك حتما ، على رئتيك وكليتيك ، لماذا؟!

- لأنني أريد ، وأنا رجل ولا يملى علي أحد ما افعله ، الآن أنت صاحبة المبادئ ؟ ، انتي التى تكفرين بكل ماهو له علاقة بالدين ووجود الله!!

-- لماذا تخلط القضايا ، لماذا تضعون تلك العبارة في كل مناقشة معي ما العلاقة؟!

- العلاقة وطيدة لأن الدين ليس بمنأى عن الحياة وكل الموضوعات المطروحة لها علاقة بالدين

-- هل قال لك دينك أن تسكر وتيأس وتذهب عقلك ، إذا أنا مسرورة لأني لم أتحول الى خنزير مغيب قذر اللسان والقلب ، بالمناسبة ، لو ماتت أمك سيكون بسبب قذارتك من الداخل والخارج ...

- انا حررررررر

استمر "عادل" يهدر بكل ما أوتي من قوة حتى برزت عروق رقبته:

- أنا حرررر ... لا يمكن لأحد أن يتحكم في
قالها "عادل" وهو يقذف كل ما تطوله يده على "أوقات" وهي متجهة إلى باب الشقة حتى إذا ما اغلقت الباب خلفها ، جلست على الدرج المؤدي إلى الطابق الأعلى وأخذت تبكي ، وكان هذا ع مرئى من "ليبي" التي كانت تتابع الموقف من العين السحرية في باب شقتها في صمت .

اخرجت "أوقات" الهاتف ، وفتحت نافذة المحادثة مع "مارسيل"، كانت تود أن تكتب ولكن لم تطاوعها يداها المستسلمتين ، فكبست زر التسجيل الصوتي وقالت :

-- ماذا يريد الناس ، يريدون حائط يتكئون عليه!!، وكتف يتسع رؤوسهم الباكية .. والغريب أن هذا لا يمكن أن يكون جمادا ، يجب أن يكون حيا ، ما رأيت قط شخصا يحتضن الباب الخشبي ويبكي ، ورغم قناعتهم أن هذا الي يستندون إليه بكل أمان هو حي ، يتعب ، يكل ، ييأس ، يبتعد الناس ويرمونه بأبشع الاوصاف، لأن هناك عيب ف صنعة فقد بات مائل الآن ، ولم يفكر أحد اذا مال هذا الحائط هل سأكون له دعامة من الجهة الأخري ؟

جُبل الانسان على النسيان ، جُبل على الكفر بما كان ، والايمان بالآن ، فعندما يزورك صداع الشقيقة ، ويجعلك تخبط رأسك بالحائط وتقدم كل النذور والقرابين لكي تحظي بلحظة سكينة واحدة، واحدة فقط، وأذا ما ذهب البأس عنك ، انتشرت ف الأرض مرحا، ويكأنك لم تختبر الألم قط،.

فقط أردت أن أدون ، أن الانسان في منتهي الحمق....
وأن الأنسان الحائط حين يميل ، يحتاج لمن يدعمه....

أما "عادل"، فقد جر قدميه إلى حجرة النوم ، وجلس على سجادة الصلاة بحانب الفراش ، وفتح الدرج الملاصق للفراش وأخرج منه علبة سجائر، ثم استخلص منها واحدة كان لها شكلا غريبا ، وكأنها محشوة بشكل يدوي ، أشعلها وأخذ نفسا عميقا ، ثم بدأ يسعل بشدة ، لا يهم.. ، المهم أنه شعر بعدها بالهدوووء ، فتقدمت إليه "بسمة" في ثوبها الطويل ذا الحمالات الرفيعة، وجلست على ركبتيها أمامه مطأطأة الرأس فسألها "عادل" في هدوء....

- ماذا بك يا قلبي؟

قالت بصوت حنون:

_ _ أنت أفزعت "أوقات" ، وتركتها تذهب ، والآن اعتدنا أن نصلي على هذه السجادة سويا والآن انظر ماذا تفعل فوقها

نظر "عادل" إلي سجادة الصلاة التي تحمله في هدوء وصبر ثم احتضنت بكاءه.....

* * * *

انفصلت "مايا" عن جسد "محمود" المتلهب الحرارة وكأنه يعاني من شيء ما، ونظرت إلى كم الجروح في وجهه والشروخ في نظارته وقطبت حاجبيها الرفيعين في عجب ، ولكن لم يبد على "محمود" أنه مستعد للتحدث في الأمر

^ كيف حال أميرتي "

^^ ماذا حدث لك ؟

^ لا شيء!

^^ هل آذوك ؟ ( ثم هربت عينيها إلى الفراغ في شرود) هل ستعيدني إليه ؟!

^ لا !!، مستحيل .. أنا وعدتك

انفجرت " مايا" في البكاء واحتضنته ثانية ، فاحمر وجهه في خجل وازداد تعرقا...

^^ أنا .. ممتنة لك .. أنا ... أشعر بالانتماء إليك عرفانا بالجميل .. "محمود" .. أنا أعدك أنني لن أفارقك أبدا .. يمكنني حتى أنا أعيش هنا فوق هذا السطح في هذه الحجرة الصغيرة ، ولن اسبب لك أي متاعب .. صدقني


نظر "محمود" لتلك العينين الزرقاويتين كموج البحر وهي تتواصل إليه ، شعر بانسياب دموعه التي كانت ادفئ من حرارة وجهه وأخذ يجفقها في صمت، كان هناك رسائل تصل اليه في الحاح ، فالتقط هاتفه وقتحه ليجد رسالة :
( هل أخبرتها ؟ )

كتب في بطء وكأن أصابعه تصلبت..
( ليس بعد ) **


وضع الهاتف القديم المعدن في جيبه وأخرج علبة زهرية اللون وكأنها للاطفال وقدمها لها وهو يبتسم من بين دموعه

قالت له وهي تتفحصها من بعيد:

^^ ما هذا!، هدية لي ؟

^ انه هاتف جديد لك ، ليس حديثا و حقيقة أنه للأطفال إلى حد ما .. ثم ابتسم وقال ولكنه سيفي بالغرض ، لقد إشتريته من مدخراتي "

^^ لا اعرف كيف أعبر لك عن امتناني ، "محمود" ، أنت شاب صالح ، وطيب و ..

^ ولكن يجب علينا المغادرة...

صممت "مايا" تحاول أن تستوعب الأمر

^^ المغادرة .. لماذا ؟

اضطرب وجهه قليلا محاولا ترتيب افكاره

^ "كمال بيك" افرج عني بعد كل هذه الأيام لأنه لا يوجد لديه دليل فعلي أنه أنا ، فأطلق سراحي وأنا أعلم أنه سيراقبني وسيأتي إلى هنا عاجلا أم آجلا ، احد أصدقائي لديه شقة ، يمكننا البقاء بها لفترة حتى ادبر الأمر "
^^ كما ترى ، أنا أثق بك بحياتي
قالتها "مايا" وهي تلملم الأشياء وسألته
متى سنرحل ، فاخبرها أنهم سيرحلون بعد أربع ساعات ، حين يؤذن الفجر حتى يتوافر سيارات إلى الخارج ، أخد هاتفه يرن في إلحاح مرة أخرى وكانت والدته ، فقام من مجلسه لينزل إليها فأمسكت "مايا" بيده.

^^ إلى أين ؟!

^ أمي تريدني...

^^ ماذا لو صعد أحد إلى هنا وأخذني ؟

^ لا تخافي يا أميرتي لن يحدث شيء

^^ أرجوك ، لا أريد العودة إلى القبو البائس ، أريد أن أكون جزءا من عائلة "

تأملها "محمود" لبرهة ، ثم هز رأسه في استسلام ، ولملم معها أشياءها في الحقيبة الصغيرة ، وأكد عليها ألا تنسى النقاب.

بعد دقائق دخل إلى باب شقتهم ، كانت تجلس بين كومة من الملابس تقندها ، وما أن دخلت "مايا" ألا وافترش الصمت المكان ، وكأنه توقفت xxxxب الزمن، كل على حاله متسمرا بلا حراك، دقائق وكسرت أمه الصمت ودخلت إلى غرفتها فاتبعها ابنها وهو مطأطأ الرأس ، ظلت "مايا" واقفة لا تعرف ماذا تفعل ، فسمحت لنفسها أن تأخد ركننا تضم فيه ركبتيها إلى صدرها ، متسعة العين مرهفة السمع، ما بال هؤلاء الناس ، كان كل شيء بخير أول يوم ، كان كل شيء على ما يرام ، حتى أنها تمنت أن تعيش في هذا البيت رغم الرطوبة الناشعة إلى نصف الحائط والآواني الداكنة من أثر الايدي التي أمسكت بها ، والمصباح القديم المعلق بسلوك من السقف الذي تقشر معظمه ، لا يهم ، كان الدفء والضحكات ورائحة الاكل الشهية تغني روحها عن باريس بأكملها ، بدا صوت "محمود" يتعالى ، وأمه تصرخ أمامه ولا تفهم أي شيء ، عل لهجتها معقدة أو ريما تتكلم أسرع من استيعاب عقلها، ولكن الأمر كان جليا لا يحتاج لمترجم ، ثم فجأة، سمع الجميع صوت صفعة ، ثم هدأ كل شيء ، وخرج "محمود" بعدها يمسك خده ، وأخذ الجمع ينقل عينيه بين "محمود" الثائر من الغيظ المطأطأ الرأس و"مايا" التي خبئت فمها المفغور بأصابعها الرقيقة ، والأم التي كادت تدخن من الغضب واقفة أمام الفراش الكبير داخل الغرفة .

اقفل "محمود" الباب خلفه و"مايا" وجذب يدها لتتبعه في عنف ، صعدا الدرج إلى الطابق الأخير ، ثم ترك يدها ، واتجه إلى السور الذي يحيط بالسطح ، ووقف يتأمل اللاشيء في صمت ، حقا ، لم يكن أمامه من أراض خضراء شاسعة ، ولا بحر متلاطم الأمواج ،قال في شرود.

^ ءاخبرك سرا ، عندما كنت طفلا لطالما تاقت نفسي لأرى البحر ، اتحدث معه، ولا يمكنني أن أتخيل من يجاور البحر ، كيف حال نفسيته ، يهيأ لي أنه لا يمرض أبدا مع تلك الزرقة اللانهائية ، التي تثبت للانسان أن الجمال ليس له نهاية، وأن أمواجه المتلاطمة ، تداعب بعضها البعض تارة وتلطم بعضها البعض تارة ولكنها تدرك أنها مهما حدث فلن تترك البحر أبدا ، قالها وقد أدار رأسة ليخطف نظرة إلى جانبها ، ثم عاد إلى البيوت المتراصة ، بجانب بعضها البعض وكأنها مجموعة من علب الثقاب في متاهة ، مختلفة الأطوال والاحجام والالوان في عدم تناغم مزعج، ولكنها مهما اختلفت تبقي جزء من الكل ، ومهما صرخت واعنرضت لن يحدث شيئا ، أساسها بينهم، فلا يمكن لعمارة أن تنتقل إلى مكان الأخر إلا إذا قاموا بهدمها، وهنا لن تعود ذات العمارة ، سيكون كيان اخر، وسيكون هدمها سببا ف ميل باقي الابنية بجانبها ، هذا هو الفارق بين الواقع والخيال

^^ لا افهم انت تعرف أنني احيانا لا أفهم..

استدار اليها وقال:

^ لا يهم ، والآن حاولي أن تأخذي قسطا من الراحة ، قبل أن نذهب

^^ وأنت !!

^ لا يبدو لي أنني أستطيع النوم بعد الآن ، فلا فائدة للأحلام ...

^^ إذا ماذا ستفعل؟

^ ربما سألجأ للقراءة ..

كان "محمود" يجلس ساندا ظهره للسور مفترشا الارض، فاقتربت منه "مايا" رغبة منها في المؤازرة، جلست بجواره في صمت ثم قالت محاولة أن تفتح حوار حتى لا يفكر فيما حدث :

^^ ماذا ستقرأ ؟

الحقيقة كان السؤال مفاجئ له، لأنه لم ينوي حرفيا القراءة ولكنه كان يريد أن يقول اي شيء حتى تتركه وتنام هي لانه على قدر هيئتها لا تبدو له من هواة أي شيء .

نظر "محمود" هنا وهناك يحاول أن بجد مخرجا ، فتذكر تلك الخزانة الكبيرة التى تعج بكتبه وقصصه الفديمة في الثانوية العامة ، " رجل المستحيل "، " رفعت إسماعيل" ، "ملف المستقبل" ، "يوسف ادريس" ، "دوستويفسكي" .. ثم توقف عند كتاب يعرفه جيدا ، كتابا عليه صورة مرعبة لكائن قميء ، ما أن وقع نظر "مايا" عليها ، حتى ارتعش جسدها وخبأت وجهها بيدها ، وأخذت تكرر:
^^ رعب ، رعب ، الق به ، ارجوك ، سيسبب لي الكوابيس.
ضحك "محمود" في متعة ، وقال :

^ هذه ليست رواية رعب ، هذه رواية فلسفية

^^ وما هذا الكائن ؟!!

^ انها حشرة

أخفت "مابا" وجهها في رعب وقالت من بين أصابعها:
^^ وما الفلسفة في ذلك ؟

اعتدل محمود في جلسته ، وبدأ الحديث الذي كان يتوق أن يحظى به منذ أن كان صبيا ، يعرف الكثير من الأشياء ويقرأ مئات الكتب ، ولم يهتم أحد وصار التافهين هم المتصدرون دائما

^ هذه أقرب الروايات لقلبي ، أشعر دائما أنه أنا ، الرواية "لفرانز كافكا"، رغم أنه من الظلم أن تُحكي ولا تُقرأ ولكني سأقول لك نبذة عنها ، هي تحكي عن شاب ، استيقظ يوم ، ليجد نفسة قد تحول إلى حشرة...

^^ حشرة !!

فزعت "مايا" كالاطفال

^^ ولماذا تحول إلى حشرة؟!

قال "محمود" في هدوء وهو يحاول افهام عقلها الذي بدا صغيرا:

^ الحشرة هنا رمز ، لا أحد يحب الحشرة ، أنها شيء قذر ومرعب، التحول هنا رمز للوحدة التى لم يلاحظها أحد ، ولا حتى نفسه ،لقد كان الجميع يعتمد عليه في سد حاجتهم من المال ، ورغم ذلك كاد الجميع أن ينسى شكله الاساسي ، حتى نسيه هو نفسه ، وتحول مظهره إلى ما يكره ويكرهون ، أتعلمين ماذا حدث بعد ذلك؟ لم يتقبله أحد ، حتى أنه كان لديه جناحات وحق له أن يطير ويبدأ حياة جديدة ، بعيدا عنهم ، ولكنه ظل امامهم ، بلا حراك ، ولا تفكير في تغيير الواقع ، حتى مات ، وتخلصوا منه كأي حشرة عادية، ليس لها أي تاريخ.


أطرقت "مايا" لبعض الوقت تفكر ، ثم همست له :
^^ انت لست حشرة ، أنا احبك..

ابتسم لها "محمود" ابتسامة يائسة ، ثم استطردت:
^^ احببت فكرة الحكاية ، أعني معنى الحكاية ، ولكني أريد حكاية أخرى بلا حشرات

ابتسم "محمود" في هدوء وقد أمال رأسه إلى الوراء في تعب

^ مثل ماذا ؟

^^ مثل حكاية السيد يونس ..

عقد "محمود" حاجبيه في محاولة لجعل الجملة منطقية
^ هل هي حكاية سيدنا يونس أم هذه حكاية أخرى ؟!
^^ أجل ، سيدنا يونس ، كانت تحكيها لي دادة "نصرة" ، أعتقد أنك لا تعرفها سأحكيها لك

قهقه "محمود" ومسح وجهه بيده غير مصدقا هذا العقل في هذا الجسد فقد بات ابن أخته انضج

فاكملت هي :

^^ كان هناك رسول الله اسمه "يونس" و ---
رن جرس الهاتف الصغير ، اتسعت عينا "محمود" في فزع ثم انتفض من مجلسه المتراخي ، وحثها على الاسراع في ارتداء النقاب


^ “ دق ق ق قية واحدة وتكنونين بك ك ك ك كامل زي النقاب


حاولت "مايا" أن تسرع بيدين مرتعشتين ، وقدر "محمود" أنه لا وقت لأن يهبط إلى شقتهم ويغير ملابسه ، فاخذ يعبث بالاشياء القديمة التي تعج بها الغرفة الصغيرة حتى وجد جلباب قديمة لابوه كان عليها رطوشا من طلاء الحوائط باللون الازرق يفسد لون الجلباب البني ولكنه ليس لدية ميزة الاختبار الأن ، ثم سحب طرحة قديمة ولفها حول وجهه وخلع نظارته وأخفاها في جيبه الرث ، ثم جذب يد "مايا" المرتعشة ألى سور السطح المؤدي إلي سطح الجيران الذي كان مستواه متدنيا بضعة سنتيمترات عن سطح بنايته ، ودعا "مايا" للهبوط أولا فأبت وارتعدت ، وكان البيت متدني بحق ، فلم يجد بدا غير أن يقفز هو أولا ، ثم يتلقف جسدها الصغير ، وما أن قفز هابطا حتى سمع طرقعة مفصل ركبته ، وكان دليلا كافيا على أن هناك فرق شديد بين الحلم والحقيقة ، قام بصعوبة ثم رفع لها يده ليتلقفها بين ذراعيه ، فالقت بحملها إليه مرتعشة ، ثم أخد بيدها إلى أسفل الدرج ، ونقر على حجرة ما كان بابها خشبي عتيق متآكل ، ورائحة المكان الرطبة تقتحم أنفيهما ، فخرج إليهم شاب تحت العشرين ، يكاد جفنيه أن يسقطا من الثقل ، ثم حثه "محمود" على السرعة وهو يقلب وجهه هنا وهناك ،


تحرك الشاب في تؤدة وهو يتثائب ويكرر حاضر .. حاضر.. عشر مرات وهو يرتدي حذاءه المهترئ ، ثم قادهما بتؤدة عبر باب قدرت "مايا" أنه يفصل بين البنايتين المتلاصقتين ، وكانت تصيح داخلها، هل هذا حقيقي؟ أهذا الذي رأيته في الحلم ، تابعا السير خلف الشاب الكسول غريب الاطوار ، وأخذ يهبط بهما في سراديب قديمة وكأنها تحت الارض لا تُعرف ، إلى أن وصلوا إلى سيارة غريبة مكشوفة من كل الاتجاهات ، ولا يصمد بداخلها سوا مقعدين متهالكين قدرت أن عمرها مائة عام على الأقل ، توجه الشاب إلى عجلة القيادة في ثقة ، وأدار المفتاح وأعلنت السيارة البدائية عن التذكرة الابدية للهروب ، سرعان ما استطاع "محمود" أن يجد مكان ما يحشر به جسده تاركا مساحة لا بأس بها لـ"مايا" إلتى بدأت تتسمر في مكانها ، وتسأل نفسها ، أين هذا المكان؟ ، أين أنا؟ ، ومن هؤلاء؟! . جذبها "محمود" من يدها واجلسها في خشونة ، وانطلق الشاب.. .


أخذت السيارة البدائية تشق طريقها ف عتمة الليل ، كان صوت السكون قاتل ، وصوت محرك السيارة يهدر في الاثير ، كان "محمود" متعب ، ظهر هذا على قسمات وجهه المتألمة، عينيه المغمضتين إلى نصفهما تحاول أن تبقي مستيقظة ، وقبضة يده المتشبثة بقائم السيارة المترنحة يمينا ويسارا ، لم يبدوا الامر حلما ولا خيالا بعد الآن ، كان "محمود" يحدث نفسه ، استيقذ يا صديقي.. أهلا بك في الواقع الآن ..

بعد نصف ساعة وصلت السيارة المتعبة إلى موقف مدخل المترو ، نزل "محمود" و ساعد "مايا" كي تنزل هي الأخري ، ثم سلم على الشاب وقال له في امتنان:
^ انت رجل يا "حسن" ، ودائما تحمي ظهري ، كيفما اتفقنا ، هذا سر..

> عيب عليك يا صديقي ، سرك في بئر ، ولكن لا تؤخذني من هذه ؟

نظر "محمود" إلى "مايا" التي لا يظهر منها شيء ثم قال:
^ ابنة خالتي ، ولكن عليهم ثأار في البلد ، انت تعرف الصعيد ، والآن ارسلوا الينا من يبحث عنها ، فانا سأوصلها إلى خالتي الأخرى

هز الشاب رأسه متفهما ومؤكدا..

> انت رجل يا صديقي ، اخدمكما بعيني ،
هل تريد منى شيء آخر؟ ، تريدني أن أوصلكما إلى خالتك؟!

^ مانحرمش يا "حسن" ، طريقك أخضر.

ادار الشاب المحرك ثانية وانطلق بعيدا ، أخذ "محمود" يد "مايا" ليهبطا إلى الأسفل حيث المترو ، انتظرت قليلا حتى قطع التذاكر ، ثم توجه إلى منفذ بيع مشتريات مخبوزات ومشروبات وملئ كيسا كبيرا من المخبوزات والماء والعصائر، ثم جذب يدها ليجلسا على المقعد الرخامي في انتظار المترو ، كان الزحام قليلا ، ولكن هذا لم يكن يشغل بال "محمود" المتجهم ، بقي صامتا للحظات ثم قال:

^ لا أدري ولكن ، أشعر دائما أن المترو مكان مريح ، مكان آمن للغاية، كان من الصعب عليه أن يتوقع تعبير وجهها المختفي خلف النقاب ، ولكنه قدر أنها ابتسمت ، ظلت هي متشبثة بالهاتف الزهري الجديد تنظر اليه وكأنها كانت تبتسم تحن النقاب ، وكان هو يتأملها لمدة ساعة كاملة ، وكأنه يراها بلا حواجز ، ثم كسر القيد أخيرا:

^ اتحبين العلكة ؟، كان الرد من ناحيتها غير واضح تماما ، فنهض "محمود" وقال : لا تتحدثي مع أحد ، ولا تفعلي أي فعل مريب ، أبق أشياءك بجانبك واحذري من السارقين ، سأعود حالا...

قالها "محمود" وهم بالنهوض ولكنها أوقفته بكلماتها ...
^^ "محمود" ، أنت رجل صالح
ابتسم إليها "محمود" ابتسامة معاناه ، ثم ا
نصرف

نظرت "مايا" للهاتف كانت الساعة الخامسة والنصف فجرا ، ظلت تنتظر ، وتنتظر ، لا يمكن لها أن تجزم إن كانت تلك الساعة الغبية صحيحة أم ماذا ، لأنها تشير إلى الساعة ٣ الظهر، بالطبع هناك عطل ما في تلك الساعة ، صحيح أنها تشعر أنها انتظرت كثيرا ، تخلل هذا الانتظار غفوات قصيرة ربما كانت نص ساعة او أكثر ولكن لا يمكن أن يكون هذا صحيحا ، شعرت "مايا" بالعطش ففتحت الكيس الذي أحضره لكي تروى عطشها فرفعت حاجبيها المختبيئن تحت النقاب ...

>> أسف يا أميرتي ......

قلت لك أن هناك فارق بين الحلم والحقيقة ، في الحلم نحيا دائما ونحيا من أجله ، ولكن الحقيقة ، نحن بالفعل بها ميتون.

كما كنت انظر إلى البحر كل يوم وكأنه حلمي الوحيد ، سأقف هناك كل يوم انادي اسمك ، "مايا" ، وأقول لك أنك الحلم ، الذي لا يمكن أن يُكتب لمثلي أبدا ، يمكنني أن أذهب معك إلى نهاية العالم ، ولكن ، كيف أبيت أنا سعيدا ، وأمي تموت من القهر ، وأخواتي يتضورن جوعا ويتكففون الأيدي ، أنا لست ملك نفسي ، وأن كنت أمتلكها فسأهديها إليك طواعية، قولي أني نذل ، قولي أني حيوان ، ولكني لا يمكنني أن أترك أهلى لهذا المصير المشؤوم والفقر المدقع، والآن عرفتي لماذا أشعر أن قصة التحول تمثلني ، لقد قبلت بالواقع المرير ، ولا يوجد لدي خيارات ...

انت بأمان الآن ...

كل ما املك من نقود شخصية تركتها لك في كيس المأكولات ، وهذا التليفون المتواضع ، به عنوان مسجل على خرائط جوجل ، اذهبي إلى هذا العنوان ، وأنا اتابعك على هاتفي ،حتى اتأكد أين أنت ، لأنني يجب أن أكون ف المشفي عند الساعة ٦ حتى لا يشك أحد .


اتابعك على خرائط جوجل ....

انت بأمان ، أنا لم اتخلى عنك ، بل تخلت عنا الحياة وتركتنا نغرق ، ويجب أن نفترق حتى يحيا كلانا.
استغرقت مايا الكثير من الوقت تحاول استيعاب المكتوب، تشير بسبابتها ببطء إلى الكلمات ، توقعت أن تكون هناك عيوب في لغتها العربية ، فلا يمكن أن يتركها محمود ، لقد وعدها، هي تثق به ، سيأتي حتما ،، انه شاب صالح ،،

يتبع،،،،

يسعدني تلقي آراءكم لا تبخلو علي بها ❤️❤️❤️


بندقة بندقة غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 20-05-22, 01:40 AM   #49

بندقة بندقة
 
الصورة الرمزية بندقة بندقة

? العضوٌ??? » 495135
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » بندقة بندقة is on a distinguished road
افتراضي الفصل رابع عشر

الفصل الرابع عشــــــــــــــر

مر الوقت ، لا تعرف مايا كم، ربما دقائق، ربما دهرا كاملا.
كانت صامتة ، لا تشعر أن هذا حقيقي ، وأنها هنا في محطة مترو لا تعرف أين، فقط لأن شخص آخر قرر التخلص منها، التخلص منها ، ثم أجهشت بالبكاء، كانت تحتضن ركبتيها وتبكي بصوت عال كطفل تاه من أمهوتعجبت كيف يكون الطفل العادي الذي لديه أب وأم، هل يبكي مثلها؟ شعرت بجسدها كله يجتاحة الثقل ، ثم الخفة ، كالفراشة .. الريشة ، كيف حدث هذا ، لماذا لا تشعر بشيء ، ربما كان يجب عليها أن تأكل ، نعم ... هي تحتاج للأكل ، فتحت الكيس والتقطت قطعة من المعجنات التي ابتاعها لها محموظ ، وقضمت .. المعجنات.. التى ابتاعها محمود ، الذي تركها ، وهي وحيدة الآن .. لا أحد يعرفها ، لا أحد يكترث لأمرها أحد.. ثم جعلت تبكي بحرقة من جديد، ويختلط طعم السوائل كلها في فمها تصنع مذاقا غريبا مثل وضع مجلسها الان .

لحظة ، هي لا تحب الأكل ، هي تبغضه ولا تفهم لماذا يأكل الناس ، الناس ، الناس منافقين ، يقولون أنهم يحبونك ، ولن يتركونك، وإنهم سيرعونك، ثم يفعلون ، كالحيوان الأليف .. في الشارع .. لأن لا أحد بحاجة إليه ، أنها تكره الناس جميعا، لو كانت تعرف أن يوما كهذا سوف يلمها على وجهها ، كانت قد حفظت رقم مارسيل.. مارسيل! أين أنت! أنا آسفة! فقط انقذيني اليوم فقط ولن أخطأ ماحييت .. أين أنت يا مارسيل ، ثم عادت إلى البكاء.
• * * ** *
كانت أوقات تجلس في حجرة ضيقة ملطخة بلون أحمر رخيص، معلق عليها صورا للكعبة وآلالف الناس يدورون حولها وبعض الايات القرآنية هنا وهناك ، كانت تجلس على أريكة عالية من الخشب رفيعة السمك محشوة بقطن قاس، ظلت تنظر إلى جسد كريمة الممتلئ وهي تتحرك هنا وهناك تحاول أن تلملم بعض الملابس التى ما وجدت بينها اختلافا كبير، فكلها سوداء غير محددت الملامح ، كادت أذنها تعتاد على بكاءها وولولتها وصراخها من حين لأخر ، وأحيانا تأتي إليها معلنة أنها تعتذر لها لأنها أتت بها كل هذه المسافة وما كان لها أن تفعل ذلك ، وتعتقد أنها من الأفضل لها أن تظل بالقرية ، على أحدهم يستسمح زوجها وتذهب إليه معتذرة وهكذا هي الحياة، ثم تجهش بالبكاء ، وتصف لها كيف يصفها ويسبها باقذر الالفاذ لأنها يتيمة ، وكيف طردها في جوف الليل بلا رحمة لكلاب الشوارع ، كانت تنظر لها أوقات من آن لآخر بهدوء دون أن تعقب فقد كانت مشغلولة بما كان بما كان يدور في جروب المحادثة مع مارسيل ونور حين كتبت أوقات
"راسلني طبيب شاب كان يعالج صديقتكم أنه ساعدها على الهرب ولكنه لم يتمكن من أخفاءها في بيته خوفا على أسرته .. فضاق به العالم بأسره وأرسلها إلى بيت أبي "
كتبت مارسيل
"حقا ! وكيف تأتت له هذه الفكرة لماذا لم يرسلها إلى بيتي "
" لا أعرف ربما لم يتصن له إلا عنواني من أرشيف المرضى"
كتب نور
" هل هي بخير ، سأخذ أول طيارة عائدة إلى البلد إن شاء الله ، أين رقم هاتفها، هل هناك طريقة نتواصل معها ، علها جائعة ، أو خائفة ، هي ضعيفة لا يمكنها التعامل مع المواقف الجديدة بمفردها"

قاطعتها صوت كريمة:
"مدام أقات ، هل تسمعيني !"
قامت أوقات من مجلسها في حزم وهدرت:
-" كريمة ! لا رجوع لذلك الخنزير ، لقد استنفذتي كل طاقة صبري ، قلم ارتد ملابسك الآن وكفى مناقشات "
نظرت لها كريمة بطارف عينها في تردد
-" أين سأمكث؟"
-" في بيتي "
-" طيب يا مدام أوقات ولكن ، الطريق طويل ، وأنا أقول الصباح رباح ، فلنسافر بعد صلاة الفجر فقط نبيت الليلة مع سهام"
زفرت أوقات في قلة صبر وعادل إلى جلستها ولكنها سمهتها تهمس إلى نفسها
-" يارب يهديك ، وترسل لي إلى اشارة وأنا آتي لك راكعة "
هدرت بها أوقات
-" كريمااااااااااااا، لا أريد سماع صوتك إلى الفجر "
* **

بعد فترة من الوقت، كانت مايا لازالت تجلس كما هي ، تنظر إلى تلك اللوحات الفسيفساء المعلقة على الحائط تائهة بها، وكانت تفكر كم عدد القطع! ، وقدرت في نفسها ، ربما ألف قطعة صغيرة ، ثم سألت نفسها من أين يحصلون على مثل تلك القطع؟ ، ثم قدرت أنهم يجمعونها من المنازل، ثم يلصقونها بجانب بعضها البعض ، وبالاخير .. تصبح لوحة جديرة بالمشاهدة، مثل هذا، ثم تنهدت،
غريب ما حدث مع تلك القطع ، ربما كان مقدر لها صندوق القمامة ، أو تحت حوض المطبخ، ولكنها بقليل من الاهتمام، أصبحت المعنى وأصبحت الاهتمام ذاته..
جمعت أشياءها المنثورة في فوضى حولها، ونهضت في تؤدة ، وتساءت لماذا تبكي الآن ، هل كانت المرة الأولى ؟ ، لا ، بل تتذكر أنها تاهت في برلين وكانت أول مرة تزورها ، ولم تتمكن من العثور على فندق لأنها لا تتحدث الألمانية ولم يكن هناك الكثير من الاختيارات أمامها لقة النقود ، كانت هناك لزيارة لصديقها و.. لا تتذكر .. ولا يهم.. هو لم يأت يكن مسرورا بزيارتها على أية حال..

خرجت مايا من محطة المترو ، وخروجها كان أشبه بخروج فأر بليدا من متاهه، فقد سألت كل البشر بالمحطة، حتى وجدت شابا خدوما قادها إلى الخارج في هذا اليوم القائظ ، كانت الشمس في سبيلها إلى الغروب ولكنها كانت تشعر أنها ستذوب من شدة الحر ، ثم فتحت الهاتف الذي أعطاه لها محمود ، وأشارت للشاب في رقة أن ينظر في الخريطة وأن يدلها، فابتسم الشاب في أدب وأوقف لها تاكسي، فقد قدر أن مثل هذا الجمال لا يمكنه أن يعاني في المواصلات العامة وخاصة أن الجهة المنشودة لم تكن شديدة البعد.
دخلت مايا إلى التاكسي ، وقد اتخذت المقعد الخلفي وانطلق السائق ..

بعد هنيهة رن الهاتف الجديد، فأجفلت وأوقعته من يدها ، ثم قررت ألا تجيب ، ولكن المتصل كان في شدة الاصرار ، فاستسلمت وففتحت الخط ، ولم تقل شيئا فسمعت صوت
-آنسة مايا !
-نعم
-"أنا أوقات التميمي "
-" لا أعرف من!"
سمعت تنهيدة عميقة على الطرف الآخر ثم سمعتها تقول :
-انظري يا فتاة ، لقد اتصل بي هذا الطبيب الذي يدعى محمود وأخبرني بكل ما حدث، وأخبرني أيضا أنه قد ثبت عنوان بيت أبي على هذا الهاتف اللعين الذي تحملين الآن،
ولا أدري من أين قد حصل عليه ، ربما من سجلات المشفى ، أنا لا أعرف أنا من أقحمني في كل هذه القصص، لا تحزني أنا لا أقول شيئا ولكنني فقط أشعر .. أنه .. لا يهم .. أنا أردت أن أقول أنك متوجهة ألى بيت العائلة.. وأنا للاسف لست هناك .. ذهبت إلى محافظة أخرى أصلح مشكلة ما مع صاحبة بسمة ، لا يهم .. عندما تصلين إلى هناك، في الدور الرابع هناك شقتان ، شقة أخي وشقة أمي ، اطرقي باب أمي على اليمين ولا تطرقي باب أخي أبدا، ربما سيلتهمك حية , لماذا لا تقولين كلمة ، حسنا ، أراك لاحقا "
-لقد تركني "
-"عفوا"
-لقد تركني محمود، أخرجني من السجن الصغير إلى السجن الكبير ، تركني في محطة مترو ، اتفهمين ، مثل القطط المسرية "
وهما أجهشت مايا في البكاء حتى أخد السائق ينظر اليها عبر المرآه، ثم أوقف السيارة :
-ماذا بك يا ست البنات ، من الذي تركك"
أخذت مايا تبكي، فخرج السائق إليها وأصر أن تجلس في المقعد الآخر بجانبه حتى يمكنه تهدئتها فامتثلت للأوامر، دخلت مايا إلى جانبه بالنقاب، ثم من بين دموعها تذكرت علبة المناديل التى وضعتها في جانب بنطالها الجينز الخلفي، فرفعت العباءة السوداء ببراءة وانتشلت العلبة، ثم جلست مجددا ورفعت النقاب وأخذن منديلا كي تتخلص مما في انفها وتمسح دموعها المنهمرة حتى احمر وجهها وزاد جمالا..

لم تلحظ نظرات السائق لها بطارف عينه ، يتأملها في شرود ، جمالها الأخاذ وساقها الأبيض الذي ظهر من بين كل هذة الفتحاج في بنطالها الجينز على الطراز الحديث، موضة السواويل المقطعة التي انتشرت بين الشباب ، بدأ السائق يربت على كتفها ويدرس تعبير وجهها من حيث القبول والرفض، لم تكن مايا تشعر بشء فقد عاد تلك الثقل على قلبها، ولم تكن قادرة على استيعاد أي شيء آخر.
ابتهج السائق وتهللت أساريره، ثم بدا ينزل بكفة الكبير متلمسا من كتفها إلى وجنتها، ثم قبض عليه في خشونه، صرخت مايا حين جذبها اليه ، وأخذت تضربه بحقيبتها وتدفعه بكلتا يديها. كان ثقيلا كشاحنة مملوئة، ثم جعلت تصرخ أن يتركها تذهب، ولكنها لم يفعل ، بل أنه بحث عن زر إغلاق الأبواب .. وما أن لمحت مايا هذا حتى اندفعت فكل قوتها خارج باب السيارة الذي فتحته في جزء من الثانية ، ثم ارتطمت مايا بالأرض وهي تدورت بجسدها حول نفسها عدة مرات قبل أن يفقد جسدها قوة الحركة فتتوقف..
لم تكن تفكر إلا في الهرب ، لم تكن تشعر بالكسور في جسدها فقانت سرعة دقات قلبها تطلق قدميها إلى الريح، التفتت في فزع إلى السائق الذي هدئ من سرعة السيارة ، وكأنه يتفقدها هل ماتت! ، احتضنت مايا الهاتف وأخذت تجري في الطريق .. تبكي .. لا تعرف إلى أين ، ولكنها ستعرف الآن..
فتحت الهاتف وتمنت ألا يصيبه أي أذى ، كانت البطارية بالهاتف تشير إلى الشحن الحرج ، ولكنها تجاهلته ، أخذت تحملق في الخريطة ، ربما الباقي من الطريق ليس بالكثير ، ولكنه ليس بالقليل ، تذللت الدموع خارج عينيها الزرقاء المرهقتين ، ثم نظرت السماء ،
هل أنت موجود يا رب ، يامن ساعدت يونس ، ساعدني
اخذت تبكي بحرقة ، وشعرت أن قلبها سيقف ، ولكنها استطاعت أن تنهض وقد خاطبت نفسها أنها كبيرة ، والكبار يمكنهم أن يتبعو الخريطة ، هذا سهل ..
كانت مايا تبسط كل شيء لنفسها ختى تتمكن من أداء أي مهمة ، فهي صديقة نفسها لأن نفسها طيبة معها ..
استغرق الامر نصف ساعة ، وهي تدور ف الشوارع الجانبية بحثا عن البيت ، إلى أن وجدته، الxxxx رقم ٢٧ ... دخلت من البواية الحديدية المزخرفة ، واستعملت المصعد القديم ذا الباب القطعتين، حتى خطت خارج المصعد في الدور الرابع..
كان النور خافت وكأنه القبو ، ولكن هذا يفوح منه رائحة الطعام ومنظفات المنزل ، والآن ماذا .. أي شقة ؟ لا تتذكر ، ربما قالت الشقة التي كانت على اليسار ، اتجهت إلى اليسار وهمت بالدق على الباب ، ولكنها تشعر أن هناك شيء غريب ، لا ، لم يكن أن يكون اليسار ، فلبها يحدثها، إنه اليمين ، اتجهت إلى شقة ليبي وأخذت تدق على الباب برفق دون جواب ، فقدرت أنها الشقة الخاطئة، فذهبت إلى الشقة المقابلة ، وأخذت تدق أيضا .. دون جواب .
استدارت مايا وقد شعدت لوجود هذا الدرج، الذي بدا لها فسيحا ومرحبا. أحيانا يكون كل طمومك في لحظة ما مكان ضيق يستقبلك على رفض، أراحت رأسها المحاط بالنقاب على الحائط ثم افترشت السلم ، وغطت في النوم عميق.
كانت ليبي تراقب المشهد في صمت من العين السخرية وتقول لنفسها
-احسن لن افتح لك ، من يدريني أنك لست سارقة؟ خاصة وأنت بهذا اللباس، ثم لا يمكنني أن اقبل أن يربى حفيدي منتقبة فوضاوية هوجاء ، إلى أن يصيبك الملل وترحلين.

مر الكثير من الوقت ولم يكن عادل بالبيت ، كان قد بات ليلته في الصالة الترفيهية التى يستطيع أن يشرب ما يتثنى له من الخمر دون أن يعترض أحد ، قد تشاجر مع صاحب الصالة لأنها كان معترضا أن قضى النهار بالصالة في حالة يرثى لها نائما على المقعد كالأموات ، فغضب عادل ، كيف جرؤ أن يتحدث إليه هكذا ، ليس لانه مخمورا ، يسمع للناس أن تذله هكذا ، ثم رفض أن يترك الصالة ، وأصر بعد أن يبقى ، ويشرب ، في أثناء النهار وحيدا في الصالة، طالما أنه يدفع ، لن يخلق من يملى عليه ما يفعل، فظل جالسا بالصالة ست ساعات ، يقاوم الأرهاق والنوم ، فقد ليثبت له أنه يفعل فقط ما يحلو له ، ولكنه بعد أن جاء الليل وبأت الصالة تزدحم ، قدر أن عليه الذهاب ، لأنه يكره الناس فهذا كاف جدا، فليذهب إلى بيته ، وسريره ، وبسمة ، علها منتظراه في غرفتهما لآن ، تمششط شعرها الطوييييل الأسود كجمال رحلة ليلية بطول النيل ..
خرج عادل مترنحا من المصعد، يكاد ألا يتبين شكل باب شقته إلا ببالغ الجهد، ظن انه يهذي حين خيل له شخصا يجلس القرفصاء علي درجات السلم المؤدي للطابق العلوي، ولكنه لم يهتم .. فمن عساه أن يكون!! .. فلكن الشطان نفسه .. لا يهم .. بحث عن المفتاح اللعين في جيبه .. الذي يختفي دائما ف سرداب ما في جيبه اذا ما قرر أن يبحث عنه .. ؟؟.. فتح الباب في تؤدة ودلف إلى الداخل ..يبحث عن بسمة التى أعتاد أن تستقبله بتلك الابتسامة الخلابة ذات النعزتين، تنامى إلى أذنه خطوات خجوله التي تتبعه ثم صوت وهن .. ثم صوت بسمة:
-" عادل"
أخترق الصوت طبلة أذنه ومزق أوتار قلبه .. بسمة ؟.. أنا لا أهذي هذه المرة صحيح؟ .. حقا هي.. أرجوك يا الله .. هل هذا حق .. التفت بقوة إللى مصدر الصوت ففقد توازنه في اللحظة وارتطم جسده بالأرض ..
فعاد الصوت الرقيق ينساب إلى أذنه من جديد .. ثم جسدا أنثويا يحتضنه ..
وهنا بدأ عادل يتبين صوت دقات القلب الذى اعتاد أن ينام علي نبضاته لمدة سبع سنوات.. نبضات يحفظها تنساب إلى داخلة كالترياق..
-" هل أنت بخير .. "
سمعها فبكى بصوت مسموع، ثم تاه في ضمة قوية منها.. أنها هي.... هذه المرة حقيقة.. وهل يحي الله الموتي بعد دفنهم!! .. هل هي معجزتي!!
-" هل يبعثك الله لي مجددا !! ..هل أنت آتية لي .. أنا .."
شعرت مايا أنه كان ينتظر شخصا آخر فهمت بالنهوض، ولكنها احتواها بذراعيه
-"ارجوك لا تذهبي.. فقد سلبت الروح مني لأنك لست معي"
-" ـ أ أ أنا؟ "
-" هل ستتركيني؟"
-" و هل ستتركني؟"
كان عادل يري خيالا ملائكيا لبسمه .. كيفما رسمها في جنة الخلد كيف تكون ... جذبها عادل إليه وأغرقها بالدموع ، لم تكن شفتيها مثلما اعتاد أن يقبلها.. بل كانت صغيرة مكتظة كحبة الفراولة الحلوة، مذاقها مختلفا.. ولكن كان شيئا مألوفا بها . تدفق الأحساس الذي ينتشر في عروقة فينساب إليها غارقا في تفاصيلها ..
فتح عادل عينيه الثملتين .. ونظر داخل روحها ... متي اصتبغت بسمة باللون الأحمر؟ وتلونت عينيها بالأزرق؟ .. هل هذا حلم؟ .. هل يهذي مجددا؟ ؟؟ وخيل إليه أنه في ثنايا مقلتيها كانت بسمه ترقد في خوف تنتظره ..
قبل عينيها بكل الرقة التى يحتويها عقله .. وانسحب مارا بعنقها الأبيض الطويل .. كانت رائحة بشرتها لا تشبهها .. ولكنها طوعت روحه إليها ..فلتأم بها..
جذب رأسها إليه في رفق ليستنشق عطرها.. وقد راق له كيف استللقت في هدوء بين ذراعيه، مرر أنامله فوق ظهرها المرتجف من الأرهاق ..
كانت مايا قد أسلمت روحها المهترئة إليه، بكت عندما قبل عينها التى تعبت من البكاء، عانقها بدفء ، عناق يعمر القلب .... ويحيي الروح التي شرفت على الازهاق.
رغم جمالها الأخاذ، وعلاقتها المتكرر التي كانت تبحث داخلها عن شيئ ما، عن القطعة الناقصة التي ستجعلها تتوهج وتبدأ في الأزدهار، إلا أن هذا الااحتواء الآن، هو أكثر من مطمئن، إنه دافئ، مشمس، ، وكأنه أضاء شمعة صغيرة لتنير العتمة والوحشة والبرود التي دبت جذورها في داخلها كل تلك السنوات، شعرت بقبلته، ربما لم تك قبلتها الاولي ولكن كانت هي القبلة التي قطفتها من غابة الموتى، إلي بساتين الحياه، تزدهر بداخلها الوريقات الخضراء وعناقيد العنب،.... قبلة رقيقة مليئة بالمعاني، تآلف بها القوة والطمأنينة، كانت قبلة تقول كل شيئ، تضاعف جزئيات الدفئ داخلها وتجبرها أن طل شيء سيكون هلى ما يرام
جاءت إليه.. بخطئها وصوابها، بخيرها وشرها، بقلب خفيض، تستسلم على صدره، وقدرت أنه يتسع إلى العالم باكمله.
كان عادل يبكي، نعم كانت تسمعه ، ربما كان ضعيفا، هاربا ـ مثلها تماما، همست إليه بالفرنسية :
"ربما هي معجزة إن تعاد تلك اللحظة مجددا، وربما لن تتذكرني ، لكني وجدتك، اشعر بك ، واعرف إنك مني ولي، وربما فارقت الحياة بعد هذة الليلة، ولكنك لي الآن!"
أجابها عادل بالفرنسية أيضا
_”انا هنا، أنا فاستقبليني"


بندقة بندقة غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 27-05-22, 12:45 AM   #50

بندقة بندقة
 
الصورة الرمزية بندقة بندقة

? العضوٌ??? » 495135
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » بندقة بندقة is on a distinguished road
افتراضي

اصدقائي الاعزاء
اعتذر عن فصل اليوم لظروف صحية


بندقة بندقة غير متواجد حالياً  
التوقيع
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.